نقل المشروع ما تضمنته المادة 498 من القانون القائم في شأن ایجاب مضي يوم كامل على الاقل بین إعلان السند التنفيذي والتكليف بالوفاء وبين توقيع الحجز من الباب الخاص بالحجز التنفيذي للمنقول لدى المدين الى موضعها المناسب في الفصل الخاص بالسند التنفيذي تعميما لحكمها .
1- التقادم وفقاً لنص المادة 383 من القانون المدنى إنما ينقطع بالمطالبة القضائية أو التنبيه أو بالحجز ، وأن التكليف بالوفاء السابق على رفع الدعوى لا يعتبر تنبيهاً قاطعاً للتقادم وإنما هو مجرد إنذار بالدفع لا يكفى لترتيب هذا الأثر ، إذ المقصود بالتنبيه الذى يقطع التقادم هو التنبيه المنصوص عليه فى المادة 281 من قانون المرافعات والذى يوجب المشرع اشتماله على إعلان المدين بالسند التنفيذى مع تكليفه بالوفاء بالدين وحسب محكمة الموضوع أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين عليها أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من انقطاع .
(الطعن رقم 3536 لسنة 67 جلسة 2010/02/01 س 61 ص 154 ق 25)
2- إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 6 من فبراير سنة 1999 فى القضية رقم 81 لسنة 19 ق دستورية بعدم دستورية عجز الفقرة الثانية من البند (ب) من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما نص عليه من أنه ويشترط أن يتم التنفيذ فى مواجهة المستأجر. تأسيسا على أن الحق فى التقاضي المنصوص عليه فى المادة 168 من الدستور لا تكتمل حلقاته إذا أعاق هذا التنفيذ من خلال تعليق صحته على مثول المستأجر بشخصه أثناء إجرائه وأن النص المطعون فيه بما يؤدي إليه من بطلان كل تنفيذ تم فى غيبة مستأجر العين - وقد عطل إعمال الآثار القانونية لحكم الطرد، جاعلاً تنفيذه رهناً بإرادة المستأجر فإنه بذلك يكون قد نقض أصل الحق فى التقاضي وعطل الأغراض التي يتوخاها وأعاق وصول الترضية القضائية التي كفلها حكم الطرد لأصحابها ومايز فى مجال تنفيذ الأحكام القضائية دون مسوغ مشروع بين المستأجرين وغيرهم الذين يصح التنفيذ قبلهم بمجرد إعلان سند التنفيذ لشخص المدين أو فى موطنه على ما تنص عليه المادة 281 من قانون المرافعات، ومما مؤداه أنه يجوز أن تتم إجراءات تنفيذ الحكم المستعجل بالطرد فى غير مواجهة المستأجر وينتج التنفيذ الحاصل فى غيبته أثره متى استوفي باقي الشروط التي يتطلبها القانون لصحته وإذ قضي الحكم المطعون فيه بتأييد حكم محكمة أول درجة - فى مادة تنفيذ موضوعية - بتمكين المطعون ضده من الشقة محل النزاع على سند من أن المشرع أوجب بنص المادة 18/ب سالفة البيان تنفيذ الحكم المستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة فى مواجهته وهو نص لا يجوز تطبيقه على الدعوى الراهنة إذ أدركها الحكم بعدم دستوريته أمام محكمة النقض فإنه يكون قد افتقد الأساس القانوني لقضائه بما يعيبه.
(الطعن رقم 6516 لسنة 63 جلسة 1999/11/18 س 50 ع 2 ص 1109 ق 219)
3- مفاد المواد 181, 280 /1 - 3 ، 281 /1 ، 3 من قانون المرافعات انه قد نهى القانون عن تسليم صورة الحكم المزيلة بالصيغة التنفيذية إلا للخصم الذي تضمن الحكم عودة منفعة من تنفيذه ونهى عن تسليمها إليه إلا إذا كان الحكم جائزاً تنفيذه فان وضع صيغة التنفيذ على الحكم المراد تنفيذه الذي بيد الخصم يكون شاهدا على انه هو صاحب الحق فى إجراء التنفيذ وانه لم يسبق له إجراؤه وان هذا الحكم جائز تنفيذه جبرا.
(الطعن رقم 1278 لسنة 67 جلسة 1998/07/11 س 49 ع 2 ص 600 ق 146)
4- متى كان تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية شرطا لصحة إجراء التنفيذ الجبري - فانه أن يتم إعلان المدين به فلا يكفى إعلانه بصورة غير رسمية منه أو رسمية غير مزيلة بالصيغة التنفيذية مراعاة للحكمة التي قصدها الشارع من اشتراط تذييل الحكم بصيغة التنفيذ - و إلا كان التنفيذ باطلا حابط الأثر - إذ القول بغير ذلك من شأنه تمكين الدائن من اقتضاء حقه الواحد أكثر من مرة ، وتضحي قاعدة حظر إعطاء الدائن صورة تنفيذية ثانية فى حالة ضياع الأصل الأول إلا بموجب حكم قضائي عديم الجدوى ، هذا وان كان البطلان المقرر جزاء تخلف هذا الإعلان على ذلك النحو أو تعيينه هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة المدين المنفذ ضده إلا أن الأمر يختلف إذا كان التنفيذ يجرى فى مواجهة الغير الذي لا تتعلق له مصلحة شخصية بموضوع الحق المراد اقتضاؤه، ولكن يوجب عليه القانون أو الحكم أن يشترك مع المدين فى تيسير إجراءات الوفاء بالحق بسبب ما له من وظيفة أو صفة تخول له سلطة اتخاذ أي إجراء معين كالحارس القضائي على الأموال المتنازع عليها ، فان لصاحب الحق فى إجراء التنفيذ مصلحة فى التمسك ببطلان التنفيذ الذي يتم دون إعلان هذا الغير بالحكم المزيل بالصيغة التنفيذية باعتبار أن من حقه متابعة صحة إجراءات تنفيذ هذا الغير لذلك الحكم.
(الطعن رقم 1278 لسنة 67 جلسة 1998/07/11 س 49 ع 2 ص 600 ق 146)
5- أحكام المحكمين لدى تنفيذها لا تخرج فى جوهرها عن القواعد العامة فى تنفيذ الأحكام سوى أن الأمر بوضع الصيغة التنفيذية عليها إنما يكون بأمر من قاضى التنفيذ وفقا لحكم المادة 509 من قانون المرافعات المنطبقة على واقعة الدعوى.
(الطعن رقم 1278 لسنة 67 جلسة 1998/07/11 س 49 ع 2 ص 600 ق 146)
6- تضع المادة 13 من قانون الإثبات قرينة قانونية مفادها اعتبار الصورة الرسمية من الحكم - خطية كانت أو ضوئية - حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل متى تبين عدم وجوده والتي يختلف مفهومها ونطاق تطبيقها عن الإجراءات التي استنها الشارع فى شأن الأحكام المزيلة بصيغة التنفيذ الجائز تنفيذها جبرا ذلك أن هذا الحكم لا يقدم للتنفيذ باعتباره دليلا كتابيا على وجود الحق المطلوب اقتضاؤه ، وإنما كشرط ضروري للتنفيذ يكتمل به مقومات وجود السند التنفيذي وصحة إجراءات التنفيذ.
(الطعن رقم 1278 لسنة 67 جلسة 1998/07/11 س 49 ع 2 ص 600 ق 146)
7- مفاد نص المادتين58،59من القانون49لسنة1977 وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن الأصل هو إعلان قرار اللجنة لذوى الشأن، وأن اللصق على العقار وبلوحة الإعلانات فى مقر الشرطة أو مقر المجلس المحلى أو مقر عمدة الناحية لا يكون إلا فى حالة عدم تيسير إعلانه بسبب غيبتهم غيبة منقطعة أو لعدم الاستدلال على محال إقامتهم أو الإمتناع عن تسلم الإعلان.
(الطعن رقم 2883 لسنة 65 جلسة 1996/04/01 س 47 ع 1 ص 625 ق 116)
8- القضاء برد وبطلان إعلان السند التنفيذى المطعون عليه بالتزوير يعنى إهدار هذا الإعلان والتقدير ببطلانه واعتباره كأن لم يكن فيزول وتزول معه بالتالى الآثار القانونية المترتبة عليه ويبطل التنفيذ تبعاً لذلك لأن بطلان الإجراء يستتبع بطلان الإجراءات اللاحقة عليه متى كان هو أساساً لها وترتب هى عليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان ما ترتب على إعلان الصورة التنفيذية للحكم رقم 328لسنة 1977مستأنف مستعجل القاهرة من آثار،تبعاً لقضائه برد وبطلان هذا الإعلان، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو الخطأ فى تطبيقه، ولا يغير من ذلك القول بأن الغاية من إعلان السند التنفيذى قد تحققت بعلم المطعون ضده الأول بالسند الجارى التنفيذ بمقتضاه وبمضمونه إذ الغاية من هذا الإجراء لا تتحقق إلا بالطريق الذى رسمه القانون فى المادة 281من قانون المرافعات.
(الطعن رقم 236 لسنة 54 جلسة 1995/07/12 س 46 ع 2 ص 981 ق 190)
9- لما كانت المادة 281من قانون المرافعات قد أوجبت أن تسبق إجراءات التنفيذ إعلان السند التنفيذى لشخص المدين أو فى موطنه الأصلى ورتبت بطلان هذه الإجراءات جزاءً على إغفاله وذلك لحكمه استهدافا الشارع إعلام المدين بوجود السند وإخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتخويله مراقبة استيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية والموضوعية التى يكون بتوافرها صالحاً للتنفيذ بمقتضاه .
(الطعن رقم 236 لسنة 54 جلسة 1995/07/12 س 46 ع 2 ص 981 ق 190)
10- النص فى المادة 26 من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر على أنه " فى الأحوال التى يستحق فيها رسوم تكميلية يصدر أمين المكتب المختص أمر تقدير بتلك الرسوم ويعلن هذا الأمر إلى ذوى الشأن بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول أو على يد أحد محضرى المحكمة ويجوز لذوى الشأن-فى غير حالة تقدير القيمة بمعرفة أهل الخبرة المنصوص عليها فى المادة "21 "-التظلم من أمر التقدير خلال ثمانية أيام من تاريخ الإعلان وإلا أصبح الأمر نهائيا _"-يدل على أنه إذا أعلن أمر التقدير لذوى الشان ولم يتم التظلم منه فى خلال الميعاد المنصوص عليه فى القانون اصبح أمر التقدير نهائيا، وأن قيام مصلحة الشهر العقارى بإعلان أمر التقدير مرة ثانية للصادر ضده الأمر بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه كمقدمة من مقدمات التنفيذ-أو لأى أمر آخر-لا ينفتح به باب التظلم من جديد.
(الطعن رقم 307 لسنة 60 جلسة 1994/04/14 س 45 ع 1 ص 706 ق 135)
11- أوجبت المادة 281 من قانون المرافعات أن يسبق إجراءات التنفيذ إعلان السند التنفيذى لشخص المدين أو فى موطنه الأصلى و رتبت بطلان هذه الإجراءات جزاءً على إغفاله . و ذلك لحكمة إستهدفها الشارع هى إعلام المدين بوجود هذا السند و إخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين ، و تخويله إمكان مراقبة إستيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية و الموضوعية التى يكون بتوافرها صالحاً للتنفيذ بمقتضاه ، حتى إذا ما سارع المدين بالوفاء بما هو ملزم بأدائه وفقاً له لم يعد لطالب التنفيذ مصلحة فى الإستمرار فى إجراءات التنفيذ .
(الطعن رقم 1586 لسنة 54 جلسة 1990/04/12 س 41 ع 1 ص 991 ق 162)
12- لئن كان الشكل أو البيان وسيلة لتحقيق غاية معينة فى الخصومة و كان لا يقضى بالبطلان و لو كان منصوصاً عليه إذا أثبت المتمسك ضده به تحقق الغاية عملاً بالفقرة الثانية من المادة 20 مرافعات ، إلا أن التعرف على الغاية من الشكل أو البيان و تحديد أهمية هذه الغاية مسألة قانونية يتعين على محكمة الموضوع إلتزام حكم القانون بشأنها فإذا جنحت عنها إلى غاية أخرى و إنتهت فى حكمها إلى ثبوت تحقق الغاية الأخرى و رتبت على ذلك رفض القضاء بالبطلان لتحقق الغاية فإن حكمها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون لما كان ذلك و كانت الغاية من ذكر بيان تاريخ إعلان السند التنفيذى فى تنبيه نزع الملكية لا يعنى مجرد ثبوت إعلان السند التنفيذى للمدين قبل البدء فى إجراءات التنفيذ و أن ذلك يستقى من ورقة أخرى غير التنبيه تكون مرفقة به و إنما تعنى إعلام ذوى الشأن مما جاء فى التنبيه نفسه بأن السند التنفيذى أعلن من قبل إلى المدين المنفذ ضده و أن المدة المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة منالمادة 281 من قانون المرافعات قد مضت قبل إجراء التنفيذ و ذلك لأن تنبيه نزع الملكية دون غيره الذى يسجل فى الشهر العقارى عملاً بالمادة 402 من قانون المرافعات و هو الذى بذلك يكون حجة على الكافة فى هذا الصدد فلا يغنى عنه وجود البيان فى غيره . و لما كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى فى قضائه إلى ثبوت أن تنبيه نزع الملكية قد خلا من بيان تاريخ إعلان السند التنفيذى للمطعون ضده ثم ذهب بعد ذلك إلى أن الغاية من إشتمال تنبيه نزع الملكية على هذا البيان هو أن القانون أوجب على الدائن إعلان السند التنفيذى قبل البدء فى إجراءات التنفيذ و أن هذه الغاية قد تحققت بإعلان أمر الأداء المنفذ به للمعترض و رتب ذلك القضاء رفض القضاء بالبطلان فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه .
(الطعن رقم 1728 لسنة 49 جلسة 1983/04/10 س 34 ع 1 ص 921 ق 187)
13- المقصود بالعقود الرسمية المشار إليها فى المادة 2/357 من قانون المرافعات السابق المقابلة للمادة 2/280 من قانون المرافعات الحالى الأعمال القانونية التى تتم أمام مكاتب التوثيق للشهر العقارى و المتضمنة إلتزاماً بشئ يمكن إقتضاؤه جبراً مما يجعل له بهذه المثابة قوة تنفيذية تجيز لصاحب الحق الثابت فيها أن ينفذ بها دون حاجة للإلتجاء إلى القضاء . و إذ كان مؤدى المادتين 459 ، 460 من القانون القديم المقابلتين للمادتين 1/280 ، 281 من القانون الحالى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه و أن كان يجب أن يكون الحق الموضوعى المراد إقتضاؤه بالتنفيذ الجبرى محقق الوجود و معين المقدار و حال الأداء وأن يكون السند التنفيذى دالاً بذاته على توافر هذه الشروط فيه ، إلا أن المشرع تقديراً منه للإعتبارات العملية المتصلة بتشجيع الإئتمان أجاز إستثناء من الأصل التنفيذ بعقود فتح الإعتماد الرسمية و لو لم تتضمن الإقرار بقبض شيء و أوجب فى ذات الوقت ضماناً لمصلحة المدين الحاصل التنفيذ ضده أن يعلن عند الشروع فى التنفيذ ، مع عقد فتح الإعتماد مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية و إذ كان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن العقود سندات التنفيذ رسمية بالمقصود سالف البيان مذيله بالصيغة التنفيذية و معلنة إلى الطاعن قبل البدء فى التنفيذ مع مستخرج من حساب المدين من واقع دفاتر البنك التجارية ، و أن الحق المراد إقتضاؤه يتمثل فى الأرصدة الناشئة عن عقد فتح الإعتماد و عقدى قرض أقر الطاعن بقبض قيمته أمام الموثق فيجوز التنفيذ بمقتضاها طبقاً لأحكام المادتين 457 ، 460 من قانون المرافعات السابق و ما يقابلهما من القانون الحالى .
(الطعن رقم 370 لسنة 40 جلسة 1977/01/05 س 28 ع 1 ص 159 ق 42)
مقدمات التنفيذ :
أوضحنا فيما تقدم أن السندات التنفيذية وردت في القانون على سبيل الحصر وتتمثل في كل سند رسمي أجاز القانون لمن صدر لصالحه أن ينفذ بموجبه علي أموال مدینه تنفيذاً جبرياً ، سواء كان التنفيذ بطريق الحجز التنفيذي والبيع أو بالطريق المباشر کتسليم عين أو إخلائها أو هدمها أو تثبیت ملكيتها أو عدم التعرض في حيازتها أو قسمتها.
وأوجب القانون على طالب التنفيذ أن يلتزم بمقدمات التنفيذ التي نصت عليها المادة (281) من قانون المرافعات قبل البدء فيه وذلك بإعلان السند التنفيذي للمنفذ ضده وتكليفه بالوفاء وألا يبدأ في التنفيذ إلا بعد مضي يوم على الأقل من هذا الإعلان، وإلا كان التنفيذ باطلاً .
وخطاب المادة (281) المشار إليه موجه إلي طالب التنفيذ وحده ، ومن ثم لا يتقيد به المنفذ ضده إذا أراد أن ينازع في التنفيذ المزمع اتخاذه، وذلك برفع إشكال في التنفيذ قبل إجراء التنفيذ على التفصيل الذي أوضحناه بصد إشكالات التنفيذ .
ووفقاً للمادة (286) من قانون المرافعات يجوز للمحكمة في المواد المستعجلة أو في الأحوال التي يكون فيها التأخير ضاراً أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلانه وفي هذه الحالة يسلم قلم الكتاب المسودة للمحضر وعليه ردها بمجرد الإنتهاء من التنفيذ.
ولما كان الحجز التحفظي لا يعد تنفيذاً وإنما هو مجرد إجراء تحفظي بوضع المحجوزات تحت يد القضاء لحين إعداد السند التنفيذي ، ومن ثم فلا تتخذ في شأنه مقدمات التنفيذ حتى لو تم بموجب سند تنفيذي. كما نصت المادة (328) من قانون المرافعات علي أن يحصل الحجز التنفيذي على أموال المدين لدي الغير بدون حاجة إلى إعلان سابق إلى المدين وإنما بموجب ورقة من أوراق المحضرين تعلن إلى المحجوز لديه وتشتمل علي صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه.
وإن كان تنفيذ الحكم لا يتطلب تنفيذاً جبرياً ، كتعيين حارس ، أو إشهار إفلاس المدين ، فلا حاجة لمقدمات التنفيذ .
ونتناول فيما يلي مقدمات التنفيذ وأوجه المنازعة في كل منها.
إعلان السند التنفيذي :
قد يتمثل السند التنفيذي في حكم قضائي صادر من المحكمة الإبتدائية أو من المحكمة الإستئنافية ، وقد يجمع الحكمين معا عندما تقضي المحكمة الأخيرة بإلغاء شق من الحكم الابتدائي تم تنفيذه وتأييده فيما عدا ذلك، أو عندما تقضي بتعديل الحكم الابتدائي في شق منه وتأييده فيما عدا ذلك، وحينئذ يكون الحكم الاستئنافي سنداً تنفيذياً لإزالة التنفيذ الذي تم بموجب الحكم الابتدائي أو فيما تناوله من تعديل له، بينما يكون الحكم الابتدائي سندا تنفيذا بالنسبة للشق الذي قضي فيه بالتأييد ، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم بند شروط تنفيذ الحكم القضائي. كما يتمثل السند التنفيذي في أحكام المحكمين والأحكام والأوامر والسندات الأجنبية والأوامر والمحررات الموثقة على التفصيل السابق .
ومتى تسلم المحكوم له سنده التنفيذي، تعين عليه عمل صور عرفية منه ، ضوئية أو بخط اليد أو بغير ذلك من طرق النسخ، بقدر عدد المحكوم عليهم، وذلك لتسليم الصورة مع صورة ورقة الإعلان عند قيام المحضر بإعلان السند التنفيذي. وإذ يعتبر السند التنفيذي هو المراد إعلانه، فإنه يتعين علي المحكوم له تسليمه وصوره، مع أصل وصور ورقة الإعلان للمحضر الإجراء الإعلان والتأشير على أصل ورقة الإعلان بإجرائه وتسليم المعلن إليه صورة من ورقة الإعلان وصورة من السند التنفيذي. ويجب تطابق الصورة للأصل وإلا بطل الإعلان.
ويجوز للمعلن إليه الاطلاع علي الأصل الذي نقلت منه صورة السند التنفيذي ، ومتي تم الإعلان. قام المحضر بالتنفيذ بعد مضي يوم على الأقل من هذا الإعلان.
وقد يصدر حكم مستوف شروط السند التنفيذي، بأن يكون مشمولاً بالنفاذ المعجل ومذيل بالصيغة التنفيذية ، ومع ذلك يكون مما ينفتح به ميعاد الإستئناف بالإعلان عملا بالمادة (213) من قانون المرافعات، والمقرر أن مثل هذا الحكم يجوز تنفيذه جبراً بالرغم من الطعن فيه، فإذا اتخذ المحكوم له مقدمات تنفيذه بإعلانه إلي المحكوم عليه ، لشخصه أو في موطنه ، ترتب على ذلك إنفتاح ميعاد إستئنافه فضلاً عن إستيفائه مقدمات التنفيذ، إذ لم تتطلب المادة (213) سالفة البيان لبدء ميعاد الطعن إلا إعلان صورة رسمية من الحكم الشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي، ومن باب أولي يتحقق ذلك إذا كانت صورة الحكم رسمية ومذيلة بالصيغة التنفيذية وتم إعلانها لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي ولا ينال من صحة الإعلان أن يتضمن تكليفاً بالوفاء وبياناً بالمطلوب ، إذ المقرر أن البطلان يترتب على إغفال بیان جوهري ولا يترتب على إضافة بيان لم يتطلبه القانون.
فإن كان الحكم غير مذيل بالصيغة التنفيذية وقت إعلانه، فلا يجوز التنفيذ بموجبه حتى لو ذیل بها بعد ذلك، إذ يلزم إعلانه مرة أخري بعد أن يستوفي مقومات السند التنفيذي ، وإلا كان التنفيذ باطلاً .
أما إن أعلن المحكوم له صورة الحكم الرسمية قبل تذييلها بالصيغة التنفيذية بقصد فتح مواعيد الطعن، فإذا انقضت دون رفعه سقط الحق فيه ولا ينفتح الميعاد مرة أخري عند إعلان الصورة التنفيذية .
وكانت المادة (404) من قانون المرافعات السابق تجيز الإعلان في الموطن المختار استثناء من القاعدة العامة التي تضمنتها المادة (384) منه : إلا أن القانون الحالي أسقط هذا الإستثناء وأوجب إعلان السند التنفيذي لشخص المدين أو في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً .
والبطلان المترتب على عدم إعلان السند التنفيذي غير متعلق بالنظام العام.
بيانات ورقة إعلان السند التنفيذي :
يرفق السند التنفيذي وصوره بورقة الإعلان وصورها ، وهي من أوراق المحضرين ، ومن ثم وجب أن تتضمن البيانات التالية :
(1) تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان، ويقع باطلا الإعلان الذي يتم خلال العطلة الرسمية أو قبل الساعة السابعة صباحاً أو بعد الخامسة مساء ما لم يوجد إذن كتابي من قاضي الأمور الوقتية، كما يبطل الإعلان إذا جاء خلوا من الساعة وتمسك المعلن إليه بإجرائه في ساعة لا يجوز إجراؤه فيها ، أو إذا جاء خلوا من تاريخه بإعتبار هذا البيان جوهرياً حتى لا يتم التنفيذ دون المهلة التي قررتها الفقرة الأخيرة من المادة (281) من قانون المرافعات.
ويجوز للمنفذ ضده رفع إشكال وقتي بالإجراءات المعتادة بإيداع صحيفته قلم كتاب محكمة التنفيذ أو أمام المحضر قبل تمام التنفيذ إستناداً لبطلان إعلان السند التنفيذي موضحاً وجه هذا البطلان تمكيناً لقاضي التنفيذ من التصدي له فإن لم يوضحه أمام قاضي التنفيذ، حكم برفض الإشكال.
ولا يعتبر إقامة الإشكال علي هذا البطلان مساساً بأصل الحق المتنازع فيه، وإنما استناداً إلى عناصر موضوعية، يتناولها قاضي التنفيذ من ظاهر المستندات ليصدر قضاء وقتاً بوقف التنفيذ أو الإستمرار فيه.
كما يجوز للمنفذ ضده ، قبل تمام التنفيذ رفع دعوى تنفيذ موضوعية ببطلان ورقة إعلان السند التنفيذي ، وهي دعوى لا توقف التنفيذي، يتصدى فيها قاضي التنفيذ لأصل الحق المتنازع فيه والمتمثل في هذا البطلان، فإن توافرت مقوماته ، أصدر قضاء موضوعياً ببطلان هذا الإعلان، وأدي ذلك إلي بطلان كافة الإجراءات التي ترتبت عليه إن كانت هناك إجراءات قد اتخذت كما لو كان المحضر قد إستمر في التنفيذ وأوقع حجزاً .
فإن كان التنفيذ قد تم، سواء كان بتوقيع الحجز أو كان تنفيذاً مباشراً کتسليم عين أو إخلائها، جاز للمنفذ ضده رفع دعوى تنفيذ مستعجلة أمام قاضي التنفيذ بالإجراءات المعتادة ، بعدم الإعتداد بهذا التنفيذ إستناداً إلي ما شاب إعلان السند التنفيذي من بطلان، وحينئذ يصدر قضاء وقتا بعدم الاعتداد بالتنفيذ استناداً لظاهر المستندات، ولا يمس بذلك أصل الحق، كما يجوز للمنفذ ضده رفع دعوى تنفيذ موضوعية، بعد تمام التنفيذ، ببطلانه ويتصدي قاضي التنفيذ لأصل الحق المتنازع فيه والمتمثل في بطلان إعلان السند التنفيذي ليقضي بهذا البطلان متى توافرت مقوماته.
(2) أسم الطالب ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ومهنته أو وظيفته وموطنه كذلك إن كان يعمل لغيره. ويقصد بهذا البيان إحاطة المنفذ ضده بطالب التنفيذ على نحو ينفي التجهيل به ، فإذا ما وجد نقص أو خطأ في هذا البيان، توقف القضاء بالبطلان على ما إذا كان هذا النقص أو الخطأ من شأنه التجهيل بشخص طالب التنفيذ أم لا يؤدي إلي ذلك، ففي الحالة الأولي يقضي ببطلان إعلان السند التنفيذي ، ولا يقضي به في الحالة الثانية ، ويجوز للمنفذ ضده رفع إشكال في التنفيذ أو دعوى تنفيذ على التفصيل المتعلق بالبيان السابق.
(3) الموطن المختار الذي اتخذه طالب التنفيذ في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ التي يجري التنفيذ بدائرتها، ولا يترتب البطلان على مخالفة هذا البيان وإنما يجوز للمنفذ ضده إعلان طالب التنفيذ بكافة الإشكالات والدعاوى المتعلقة بالتنفيذ بقلم کتاب المحكمة سالفة البيان باعتباره قلم كتاب المحكمة التي باشر الطالب الإجراء أمامها وإلا كان الإعلان باطلاً كما لو تم الإعلان بقلم كتاب المحكمة الإبتدائية. وكذلك الحال إذا كان بيان هذا الموطن ناقصاً أو غير صحيح، وإذا ألغي طالب التنفيذ موطنه المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه. ومن ثم لا يجوز للمنفذ إقامة منازعة علي خلو ورقة إعلان السند التنفيذي من الموطن المختار أو كان بيانه ناقصاً أو غير صحيح.
(4) أسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها، فقد أوجب القانون أن يكون كل إعلان أو تنفيذ قضائي - خلافاً للتنفيذ الإداري - بواسطة المحضرين.
ويقوم مقام هذا البيان توقيع المحضر ولو كان غير مقروء، فإن جاءت ورقة الإعلان خالية من اسم المحضر ومن توقيعه، كان الإعلان باطلاً وهو بطلان متعلق بالنظام العام ومن ثم يتصدى له قاضي التنفيذ من تلقاء نفسه، كما يجوز للمنفذ ضده رفع إشكال في التنفيذ أو دعوي تنفيذ علي التفصيل المتعلق بالبيان الأول.
(5) أسم المنفذ ضده ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه، فإن لم يكن موطنه معلوماً وقت الإعلان، فآخر موطن كان له، ويرمي هذا البيان إلي تعيين المنفذ ضده تعييناً نافياً للتجهيل بشخصه أو الشك فيه، ولا يترتب علي الخطأ أو النقص في هذا البيان بطلان الإعلان إلا إذا أدي إلي هذا التجهيل وحينئذ يجوز للمنفذ ضده رفع إشكال في التنفيذ أو دعوى تنفيذ على التفصيل المتعلق بالبيان الأول.
(6) أسم وصفة من خاطبه المحضر بالموطن الأصلي للمنفذ ضده وتوقيعه على أصل ورقة الإعلان بما يفيد الإستلام، وذلك لتحديد علاقته بالمنفذ ضده ومعرفة ما إذا كان من بين الأشخاص الذين يجوز لهم إستلام أوراق المحضرين فيصح الإعلان أم ليس منهم فيبطل عملاً بالفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون المرافعات.
فإذا امتنع المخاطب معه عن تسلم الصورة أو عن التوقيع، فلا نسلم له، وحينئذ يجب على المحضر أن يسلمها في اليوم ذاته إلى مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الذي يقع موطن المنفذ ضده في دائرته، وعلى المحضر خلال أربع وعشرين ساعة أن يوجه إلي المنفذ ضده في موطنه الأصلي كتاباً مسجلاً يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة، ويتحقق بذلك العلم الظني وهو ما يكفي لصحة إعلان السند التنفيذي، ويعتبر الإعلان منتجاً آثاره من وقت تسليم الصورة للمخاطب معه أو لجهة الإدارة.
أما إن لم يجد المحضر بموطن المنفذ ضده من يصح تسليم الصورة إليه أو وجد المسكن مغلقاً ، تعين تأجيل الإعلان حتي يعلن الشخص المنفذ ضده أو موطنه الأصلي علي نحو ما تقدم، فإن تم الإعلان في هذه الحالة لجهة الإدارة ، كان باطلاً ، إذ يتحقق به العلم الحكمي الذي لا يكفي في إعلان السند التنفيذي، كما يبطل هذا الإعلان إذا تم في الموطن المختار حتى لو تضمنه السند التنفيذي إذ جرى نص المادة (281) من قانون المرافعات على أنه يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي لشخص المدين أو في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً ، مما يدل على أن الإعلان لا يكون صحيحا إلا بتحقق العلم اليقيني أو الظني دون العلم الحكمي، ولا يعتد في هذا الصدد بما تضمنته المادة (43) من القانون المدني التي أجازت إعلان السند التنفيذي في الموطن المختار باعتبار أن قانون المرافعات لاحقاً والواجب الإعتداد به في المسائل الإجرائية.
فإذا تم الإعلان على خلاف ما تقدم، كان باطلا وجاز للمنفذ ضده رفع إشكال في التنفيذ أو دعوي تنفيذ علي التفصيل الذي أوضحناه بالبيان الأول.
(7) الموضوع ويتضمن مديونية المنفذ ضده لطالب، التنفيذ مع التنويه إلي السند التنفيذي وجهة إصداره و صيرورته واجب التنفيذ، ويكفي في ذلك أية عبارة تدل على المديونية أو الإشارة للسند المعلن.
(8) وينتهي الإعلان بيان المطلوب وفقا لما تضمنه السند التنفيذي وتكليف المنفذ ضده بأدائه وإنذاره باتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري في حالة الامتناع عن ذلك، ويترتب على مخالفة أي من البيانين بطلان الإعلان مالم تتحقق الغاية من البيان الأخير بأن يتضمن الإعلان العزم علي اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري بأي عبارة تدل عليه، وقد يغني ما تضمنه السند التنفيذي عن البيان الأول بإعتبار أن هذا السند بما تضمنه هو محل الإعلان. فإن لم يتحقق ذلك ، جاز للمنفذ ضده رفع إشكال في التنفيذ أو دعوى تنفيذ إستناداً لذلك ، على ما أوضحناه بالبيان الأول.
(9) توقيع المحضر، وهذا بیان جوهري إذ هو الذي يضفي على الإعلان حجيته ويترتب علي خلو الإعلان منه بطلانه بطلاناً مطلقاً، ومن ثم يجوز للمنفذ ضده الإستناد إليه في منازعته على نحو ما أوضحناه بالبيان الأول.
ومتى استوفى إعلان السند التنفيذي البيانات سالفة البيان، فإن التنفيذ الذي يتم بعد ذلك يكون صحيحاً ويتعين رفض ما يرفع في شأنه من منازعات، أما إذا شاب أي من هذه البيانات البطلان، وتقرر ذلك بموجب حكم من قاضي التنفيذ بناء على منازعة المنفذ ضده ، ترتب على ذلك بطلان مقدمات التنفيذ وامتد هذا البطلان إلي كافة إجراءات التنفيذ اللاحقة علي هذه المقدمات ويرتد البطلان إلي وقت إعلان السند التنفيذي، وينحصر في مقدمات التنفيذ وحدها دون أن يمتد إلى السند التنفيذي، ويتعين على طالب التنفيذ اتخاذ إجراءات جديدة يتدارك بها هذا البطلان.
وبطلان إعلان السند التنفيذي لا يتعلق بالنظام العام ومن ثم لا يتصدى له قاضي التنفيذ من تلقاء نفسه ، وإذا أقيمت المنازعة إستناداً إلى وجه معين كإتمام الإعلان في الموطن المختار، فليس لقاضي التنفيذ التصدي إلى وجه آخر كالتجهيل بشخص المنفذ ضده ، ولكن إذا فعل ذلك وكان حكمه يقوم علي الوجه الذي إستندت إليه المنازعة، فإن النعي عليه بالنسبة للوجه الآخر يكون غير مقبول إذ لم يحقق إلا مصلحة نظرية بحته. ولما كان البيان المتعلق بتوقيع المحضر متعلقاً بالنظام العام، ومن ثم تعين على قاضي التنفيذ أن يتصدى له من تلقاء نفسه، فإن تبين له خلو ورقة الإعلان منه ، قضي علي هدي ذلك ، إما بوقف التنفيذ إن كانت المنازعة متمثلة في إشكال وقتي أو بعدم الاعتداد بالحجز إن تمثلت المنازعة في دعوى تنفيذ مستعجلة أو ببطلان التنفيذ إن تمثلت المنازعة في دعوى تنفيذ موضوعية لاحقة علي تمام التنفيذ، فإن كانت سابقة على ذلك قضي ببطلان إعلان السند التنفيذي، وهو يقضي بذلك حتى لو كان الوجه الذي أقيمت عليه المنازعة لا يؤدي إلي بطلان الإعلان.
وإن كان التنفيذ جائزاً بدون إتخاذ مقدماته، ومع ذلك قام طالب التنفيذ باتخاذها وكانت مشوبة بالبطلان، فإن التنفيذ يكون صحيحاً رغم هذا البطلان الذي شاب إجراء لم يتطلبه القانون، ولا يعتبر عدم تمسك المنفذ ضده بهذا البطلان نزولاً منه عن التمسك به في حالة وجوبه في إجراءات لاحقة، مثال ذلك أن يقوم طالب التنفيذ بإعلان السند التنفيذي للمدين في موطنه المختار عند توقيع حجز ما للمدين لدى الغير، أو عند توقيع الحجز التحفظي ، ولا يتمسك المدين ببطلان إعلانه لعدم إتمامه لشخصه أو في موطنه وهو دفاع خليق بالرفض لأن القانون لم يتطلب إعلانه بالسند التنفيذي في هاتين الحالتين، فإذا باشر طالب التنفيذ بعد ذلك تنفيذاً بذات السند لدى المدين وأعلنه بالسند التنفيذي بالمحل المختار، وحينئذ يجوز للمنفذ ضده المنازعة في التنفيذ لبطلان إعلان السند التنفيذي لعدم إتمامه لشخصه أو في موطنه، ولا يجوز لطالب التنفيذ أن يتمسك بسقوط حق المنفذ ضده في التمسك بهذا البطلان قولاً يسبق تنازله عنه في التنفيذ السابق، ذلك لأن النزول عن الحق لا ينشأ إلا بوجود الحق، ولم يكن الحق في التمسك بالبطلان موجوداً في التنفيذ السابق فلا يساغ القول بالتنازل عنه، ومن ثم يجوز التمسك بالبطلان سواء برفع إشكال في التنفيذ أو دعوى تنفيذ مستعجلة أو موضوعية.
إجراء التنفيذ بعد إعلان السند التنفيذي:
يقوم المحضر بناء على الطلب المقدم له، بإعلان السند التنفيذي علي نحو ما تقدم، تمهيداً للتنفيذ الجبري بموجبه علي أموال المدين، ويلتزم بعدم إجراء هذا التنفيذ إلا في النطاق الذي حدده القانون، ومنه أن يكون التنفيذ بعد مضي يوم على الأقل من إعلان السند التنفيذي عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة (281) من قانون المرافعات. وهو ميعاد كامل يتعين انقضاؤه كاملاً ، ومن ثم لا يحتسب اليوم الذي تم فيه الإعلان ويكون اليوم التالي هو الذي عنته الفقرة سالفة البيان ويجب إنقضاؤه کاملاً ثم يجري التنفيذ بعد ذلك وفي أي يوم إذ لم يحدد المشرع حداً أقصي لإجرائه ومن ثم يظل الحق فيه قائما حتى يسقط السند التنفيذي بالتقادم الطويل.
ويضاف لهذا اليوم میعاد مسافة وفقاً للمادة (19) من قانون المرافعات يقدر بإحتساب المسافة بين المكان الذي أعلن فيه السند التنفيذي والمكان الواجب فيه الوفاء (أبو الوفا بند 148).
وإذا تعدد المدينون في السند التنفيذي، فيعتبر كل منهم منفذ ضده حتى لو كان التزامهم تضامنياً أو غير قابل للإنقسام، ومن ثم يجوز التنفيذ على أي منهم بعد انقضاء يوم علي إعلانه حتى لو كان الإعلان لم يتم بالنسبة لغيره.
فإذا إتخذت إجراءات التنفيذ قبل إنقضاء الميعاد سالف البيان، كان التنفيذ باطلاً ، وجاز للمنفذ ضده رفع إشكال أو دعوي تنفيذ إستناداً إلي ذلك على ما أوضحناه فيما تقدم.
تنفيذ عقد رسمي بفتح اعتماد:
يجب عند الشروع في تنفيذ عقد رسمي بفتح اعتماد، أن يعلن مع العقد مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم متعلقاً بالمحررات الموثقة.
وليس لهذا العقد حجية رغم توثيقه ومن ثم يجوز للمين رفع إشكال في تنفيذه أو دعوي تنفيذ إستناداً إلي أي وجه ينال من هذا العقد. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : التاسع ، الصفحة : 544)
لما كان التنفيذ لا يجري إلا بسند عليه الصيغة التنفيذية فإن الإعلان يجب أن يكون بصورة من السند عليها الصيغة التنفيذية ولا يغني عن ذلك إعلان الحكم قبل أن يصبح قابلاً للتنفيذ كما إذا كان إعلانه بقصد سريان مواعيد الطعن فيه والمقصود بالتنبيه بالوفاء تكليف المدين بأداء ما هو مطلوب منه وإنذاره بإجراء التنفيذ الجبري إن لم يقم بأدائه.
وإعلان السند التنفيذي والتكاليف بالوفاء هما من مقدمات التنفيذ وليس عملا من أعمال التنفيذ ويترتب على إغفال تلك المقدمات بطلان إجراءات التنفيذ وهو بطلان مقرر لمصلحة المدين فلا يقضي به إلا إذا تمسك به هو ويجوز له التنازل عنه فيصبح التنفيذ الحاصل بغير اتخاذ مقدماته صحيحاً (التنفيذ للدكتور رمزي سيف من ص 122 إلى ص 135)
ويجوز للمدين إذا ما شرع في التنفيذ ضده دون إعلان السند التنفيذي أو دون التنبيه عليه بالوفاء في إعلان السند التنفيذي أن يستشكل في التنفيذ طالباً وقفة كذلك الأمر إذا كان إعلان السند التنفيذي قد وقع باطلا كأن يكون قد أعلن للمدين في محله المختار أو في غير موطنه إلا إذا كانت الغاية من الإجراء قد تحققت عملاً بالمادة 20 مرافعات ولكن لا يجوز للغير أن يؤسس إشكاله على أن المدين لم يعلن بالسند التنفيذي أو أن الإعلان به لم يتضمن التكليف بالوفاء أو أنه باطل لأن التمسك به قاصر علي المدين الصادر ضده الحكم.
وإستثناء من القاعدة المنصوص عليها في المادة 281 أجاز المشرع للمحكمة في المواد المستعجلة أو في الحالات التي يكون فيها التأخير ضاراً أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان (مادة 286 مرافعات) كما أجاز توقيع حجز ما للمدين لدي الغير قبل إعلان الصورة التنفيذية من الحكم المنفذ به (مادة 328 مرافعات).
هذا ويلاحظ أن إعلان السند التنفيذي يعتبر ورقة من أوراق المحضرين ومن ثم يتعين أن تشتمل ورقة الإعلان على البيانات التي يتطلبها القانون في المادة 4 من قانون المرافعات وهي :
1- تاريخ اليوم والشهر والسنة التي حصل فيها الإعلان.
2- أسم الطالب ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه كذلك إن كان يعمل لغيره.
3- أسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها.
4 - اسم المعلن إليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه فإن لم يكن موطنه معلوماً وقت الإعلان فآخر موطن كان فيه.
5- اسم وصفة من سلمت إليه صورة الورقة وتوقيعه علي الأصل أو إثبات امتناعه وسببه.
6 - توقيع المحضر علي كل من الأصل والصورة.
هذا فضلاً عن أنه ينبغي أن يتضمن إعلان السند التنفيذي بيان المطلوب وهو محل التنفيذ فإذا كان مبلغاً من النقود وجب تحديده وإن كان منقولاً معيناً بذاته وجب بيانه وبيان أوصافه وإن كان منقولاً معيناً وجب بيان مقداره ونوعه وإن كان عقاراً وجب بيان وصفه وحدوده حتى يعلم المدين علي وجه التحديد الواجب أداؤه ليتفادى اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري.
كذلك فقد نصت الفقرة الرابعة من المادة 281 علي أنه يجب أن يعين طالب التنفيذ موطناً مختاراً في البلدة التي بها مقر المحكمة المختصة وذلك حتى يستطيع المدين أن يعلن به الدائن بالأوراق المتعلقة بالتنفيذ.
وإن كان موطن الطالب من بين البيانات اللازمة في أوراق المحضرين بصفة عامة لكن المشرع استلزم تعيين موطن مختار عند إعلان السند التنفيذي في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة ، ولا يترتب البطلان على إغفال بيان موطن مختار لطالب التنفيذ في السند التنفيذي وإنما يجوز للمدين في هذه الحالة أن يعلنه بالأوراق الخاصة بالتنفيذ في قلم كتاب محكمة التنفيذ عملاً بالمادة 12 مرافعات . ولا يلزم الدائن عند إعلان السند التنفيذي ببيان الميعاد الذي سيوقع فيه الحجز أو مكانه أو المال الذي سيحجز عليه أو نوع هذا الحجز وإذا وضع أي بيان من البيانات المتقدمة فإنه لا يلزم بها بعدئذ .
ولما كان المقصود من مقدمات التنفيذ تكليف المدين بالوفاء بمقتضى سند تنفيذي معين فإن هذه المقدمات تتعدد بتعدد المدينين أو السندات التنفيذية ، ولكنها لا تتكرر بتعدد الحجوز أو بتنوعها وبناء عليه يجوز للدائن بسند تنفيذي واحد أن يجري عدة حجوز على عقارات مدينة أو منقولاته بعد مقدمة تنفيذ واحدة.
ووفقاً لنص المادة 20/2 مرافعات يبطل الإعلان إذا لم يرد به بيان من البيانات المنصوص عليها في القانون وترتب عليه عدم تحقق الغاية من الإجراء وتبطل بالتالي إجراءات التنفيذ التي تبنى علي هذا الإعلان إلا إذا إستكمل الدائن الإجراء أو صححه.
وإذا طعن المدين على إعلان السند التنفيذي بالتزوير وقضت المحكمة برده وبطلانه فإنه يترتب على ذلك إهدار الإعلان وإعتباره كأن لم يكن فيزول وتزول معه بالتالي الأثار القانونية المترتبة عليه ويبطل التنفيذ تبعاً لذلك لأن بطلان الإجراء يستتبع بطلان الإجراءات اللاحقة عليه متى كان هو أساساً لها وترتبت هي عليه.
ويجوز للدائن أن يتفادى الحكم ببطلان الإعلان وبطلان إجراءات التنفيذ إذا أثبت تحقق الغاية من الشكل أو من البيان المطلوب في الإعلان على الرغم من إثبات المدين عدم تحقق الغاية من الإجراء وذلك كله طبقاً لنص المادتين 20 ، 23 من قانون المرافعات ومثال ذلك أن يخلو إعلان السند التنفيذي من بیان إسم المحضر إلا أنه وقع عليه بإسمه فتكون الغاية من الإجراء قد تحققت وبذلك يتفادى الدائن الحكم بالبطلان إلا أن هناك أمور استوجبها المشرع لا يستطيع الدائن عند مخالفتها أن يثبت تحقق الغاية كما هو الشأن في الوقت المحدد الإجراء الإعلان أو التنفيذ فيه وفقاً لنص المادة السابعة من قانون المرافعات وعلى ذلك إذا تم الإعلان أو التنفيذ قبل الساعة السابعة صباحاً أو بعد الخامسة مساء فإنه يكون باطلاً إذا تمسك به المدين وليس للدائن في هذه الحالة أن يثبت تحقق الغاية من الإجراء. ويبطل التنفيذ أيضاً إذا لم يتم إعلان المدين بالصورة التنفيذية للسند التنفيذي ولا يغني عن هذا الإعلان سبق إعلان المدين بالسند قبل أن توضع عليه الصيغة التنفيذية أو قبل أن يصبح السند قابلاً للتنفيذ بفوات ميعاد الإستئناف إن كان الحكم غير مشمول بالنفاذ أما إذا لم يتم تكليف المدين بالوفاء عند إعلانه بالسند التنفيذي فإنه يجوز للمدين التمسك ببطلانه إذا أثبت عدم تحقق الغاية من الإجراء لأن البطلان لم ينص عليه جزاء تلك المخالفة ومع ذلك إذا أثبت المدين عدم تحقق الغاية فإن الدائن يستطيع تفادي البطلان بأن يكلف المدين بالوفاء علي يد محضر بإعلان مستقل وبشرط أن يتم ذلك قبل التنفيذ. وإذا لم يذكر المبلغ المطلوب في إعلان السند التنفيذي فإنه يغني عنه ما ورد بالسند التنفيذي من بيان للمبلغ المطلوب وإذا أغفل الدائن في إعلان السند التنفيذي تفويض المحضر بقبض الدين المحكوم به فإن ذلك لا يترتب عليه البطلان لأن المحضر أصبح مفوضاً بالقبض بنص القانون. وإذا اتخذت إجراءات التنفيذ قبل مضي يوم كامل من تاريخ إعلان المدين بالسند التنفيذي عملا بالفقرة الرابعة من المادة (281) فإن التنفيذ يكون باطلاً ولا يجوز للدائن أن يثبت تحقق الغاية من الإجراء في هذه الحالة كما لا يجوز إجراء البيع إلا بعد مضي ثمانية أيام على الأقل من تاريخ تسليم صورة محضر الحجز للمدين أو إعلانه به ولا يجوز إجراؤه إلا بعد مضي يوم على الأقل من تاريخ إجراءات اللصق والنشر عملاً بالمادة 276 مرافعات ويتحقق البطلان جزاء مخالفة أي من الإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة ولا يجوز الدائن في هذه الحالة أن يثبت أن الغاية من الإجراء قد تحققت رغم المخالفة .
وبطلان إعلان السند التنفيذي وما يترتب عليه من إجراءات كتوقيع الحجز مقرر لمصلحة المدين فلا يجوز للغير أن يتمسك به كذلك فإنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإذا صدر من المدين ما يدل علي أن قبل الإجراء الباطل سواء كان هذا القبول صريحاً أو ضمنياً فإنه لا يجوز له بعد ذلك أن يتمسك بالبطلان .
ومؤدى ما سبق أنه يجوز للمدين الإستشكال في تنفيذ الحكم إذا لم تراع الإجراءات السابق بيانها ويكون على قاضي التنفيذ أن يأمر بوقف التنفيذ إلي أن تستوفي الإجراءات التي نص عليها المشرع مادام أنه قد تمسك بالبطلان علي النحو السالف بيانه.
والتنفيذ إما أن يكون مباشراً كتسليم عين أو منقول معين بذاته وإما أن يكون بطريق الحجز إقتضاء لمبلغ معين فإذا كان التنفيذ بطريق الحجز فإنه يكون بطريق حجز المنقول لدى المدين أو حجز ما للمدين لدي الغير أو التنفيذ علي العقار وقد بين المشرع طريقا لكل منهم فإذا أوجب القانون إتباع طريق معين عند التنفيذ علي مال المدين وسلك الدائن طريقاً آخر غير الذي رسمه القانون جاز للمدين طلب وقف التنفيذ، وعلي ذلك إذا سلك الدائن طريق حجز المنقول لدى المدين على عقار بالتخصيص كمنقول مخصص لخدمة العقار (ماكينة ري مثلاً) فإن هذا الحجز يعتبر باطلا إذ يجب أن تتبع في شأنه إجراءات التنفيذ العقاري ويجوز للمدين في هذه الحالة أن يستشكل في التنفيذ طالباً وقف البيع تأسيساً على أن الحجز أصاب عقاراً بالتخصيص ولم يتم بالطريق الذي رسمه القانون التنفيذ على العقار وفي هذه الحالة يبحث قاضي التنفيذ مسن ظاهر الأوراق مدى جدية المنازعة ليتخذ الإجراء الوقتي إما بوقف التنفيذ أو بالإستمرار فيه.
وإذا كان الجزاء على تخلف إعلان السند التنفيذي هو البطلان النسبي ومقرر المصلحة المدين - كما سلف القول - إلا أنه يرد علي هذه القاعدة إستثناء في حالة ما إذا كان التنفيذ يجري في مواجهة الغير الذي لا تتعلق له مصلحة شخصية بموضوع الحق المراد إقتضاءه ، ولكن يوجب عليه القانون في الحكم أن يشترط مع المدين في تيسير إجراءات الوفاء بالحق بسبب ماله من وظيفة أو صفة تخول له سلطة إتخاذ أي إجراء معين كالحارس القضائي على الأموال المتنازع عليها ، فإن للمدين بإعتباره هو المنفذ ضده مصلحة في التمسك ببطلان التنفيذ الذي يتم دون إعلان هذا الغير بالحكم المنيل بالصيغة التنفيذية بإعتبار أن من حقه متابعة صحة إجراءات تنفيذ هذا الغير لذلك الحكم. (حكم النقض رقم 10).
وإذا كان المنقول المملوك للمدين في حيازة شخص آخر وأوقع علیه طالبها التنفيذ حجز المنقول لدى المدين بدلاً من إتباع طريق حجز ما للمدين لدى الغير على النحو الذي يقضي به القانون فإن الحجز يكون باطلاً ويجوز لكل من المدين والحائز أن يستشكل في التنفيذ فإذا إستبان لقاضي التنفيذ من ظاهر الأوراق جدية المنازعة قضي بوقف التنفيذ .
وقد نص المشرع في القانون التجاري البحري على إجراءات معينة تتبع عند التنفيذ على السفن فإذا سلك الدائن عند التنفيذ عليها طريق حجز المنقول لدى المدين تعين علي قاضي التنفيذ أن يأمر بوقف التنفيذ متى طلب منه المدين ذلك.
وقد نص المشرع في المادة 399 من قانون المرافعات علي أن الإيرادات المرتبة والأسهم الاسمية وحصص الأرباح المستحقة في ذمة الأشخاص المعنوية وحقوق المواطنين تحجز بالأوضاع المقررة لحجز ما للمدين لدى الغير وعلى هذا إذا سلك طالب التنفيذ طريقاً آخر غير هذا الطريق كما إذا سلك طريق حجز المنقول لدى المدين جاز للمنفذ ضده أن يلجأ لقاضي التنفيذ بطلب وقف التنفيذ.
الإستثناء الذي أورده المشرع بشأن تنفيذ الحكم المستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة وقضاء المحكمة الدستورية بعدم دستوريته :
وقد نصت المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن " لا ينفذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير في سداد الأجرة إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح إذا ما سدد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم و بشرط أن يتم التنفيذ في مواجهة المستأجر " وإتمام التنفيذ في مواجهة المستأجر يقتضي أن يكون إعلان الصورة التنفيذية لحكم الطرد مع شخصه فلا يكفي إعلانها في مواجهة وكيل المستأجر أو من يعمل في خدمته أو الساكنين معه من الأقارب والأزواج والأصهار على النحو الذي بينته المادة 10 من قانون المرافعات.
ولا يشترط لإعتبار أن التنفيذ قد تم في مواجهة المستأجر أن يقوم الأخير بالتوقيع علي أصل الإعلان واستلام الصورة فقد يمتنع عن ذلك رغم أن المحضر قد خاطبه شخصياً وفي هذه الحالة يكفي أن يثبت المحضر إمتناعه وأن يسلم الصورة في نفس اليوم إلي جهة الإدارة وأن يوجه إليه خلال أربع وعشرين ساعة في موطنه الأصلي خطاباً مسجلاً يخطره فيه أنه سلم الصورة الجهة الإدارة وفقاً لنص المادة 11 من قانون المرافعات أما إذا لم يسلم المحضر الصورة لجهة الإدارة في نفس اليوم أو لم يخطره بكتاب مسجل كان جزاء ذلك البطلان وهو بطلان مقرر لمصلحة المستأجر فقط فلا يجوز لغيره التمسك به.
والمبدأ الذي قررته المادة 18/ب هو إستثناء من القواعد العامة المقررة في المادة 281/1 مرافعات بشأن إعلان السند التنفيذي والحكمة التي تغياها المشرع بهذا النص حماية المستأجرين من تحايل الملاك على طردهم بإستصدار أحكام بإجراءات باطلة وتنفيذها في غيبتهم.
ويشترط لإعمال هذا النص أن يكون الحكم صادراً من قاضي الأمور المستعجلة وأن يكون قضاؤه بطرد المستأجر من العين المؤجرة بسبب تأخره في سداد الأجرة إعمالاً للشرط الصریح الفاسخ المنصوص عليه في العقد أما إذا كان الحكم الصادر من القضاء المستعجل بطرد المستأجر لسبب آخر خلاف التلخير في سداد الأجرة أو كان الحكم بالطرد صادراً من المحكمة الموضوعية فلا يطبق هذا النص وإنما تسري القواعد العامة في التنفيذ التي نصت عليها المادة ( 1 / 28 مرافعات ) .
وكان المؤجر في معظم الحالات يصادف صعوبة في إعلان المستأجر بحكم الطرد المستعجل مع شخصه كما لو كان لا يقيم بالعين المؤجرة وعجز عن الاهتداء لمحل إقامته أو قد يكون مقيما في الخارج وحينئذ لا يكون أمام المؤجر إلا أن يلجأ القضاء الموضوعي ليستصدر منه حكماً بالطرد وهو ما يستغرق وقتا طويلا تظل فيه العين المؤجرة محبوسة على ذمة المستأجر في الوقت الذي تتراكم فيه الأجرة في ذمته وقد لا تكون هناك بارقة أمل في إستيفائها وهو ما دعا المحكمة الدستورية إلي إن تقضي بعدم دستورية هذا الإستثناء مناقضته الأحكام الدستور .
وتأسيساً على ما تقدم أصبح تنفيذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير في سداد الأجرة يتم طبقاً للقواعد العامة في التنفيذ ويسري ذلك أيضا على الأحكام التي صدرت قبل حكم المحكمة الدستورية ولم تنفذ بعد .
أثر القضاء برد وبطلان إعلان السند التنفيذي :
في حالة ما إذا طعن المدين بالتزوير على إعلان السند التنفيذي وقضت المحكمة برده و بطلانه فإنه يترتب علي ذلك إهدار هذا الإعلان والتقرير ببطلانه وإعتباره كأن لم يكن فيزول وتزول معه الآثار القانونية المترتبة عليه ويبطل التنفيذ تبعاً لذلك وتأسيساً علي ذلك إذا وقع الدائن حجزت بمقتضى هذا الإعلان فإن هذا الحجز يضحي باطلاً لأن بطلان الإجراء يستتبع بطلان الإجراءات اللاحقة عليه متى كان هو أساساً لها وترتبت عليه ولا يصح القول بأن الغاية من إعلان السند التنفيذي وقد تحققت بعلم المدين أو المحجوز لديه بالسند التنفيذي وبمضمونه إذ الغاية من هذا الإجراء لا تحقق إلا بالطريق الذي رسمه القانون في المادة 281 مرافعات .
دعاوى عدم الإعتداد بالحجز
نظراً للأهمية البالغة لدعاوى عدم الاعتداد بالحجز و لكثرتها وشمولها جميع أنواع الحجز ولتزايدها المستمر كان من الضروري أن تتناولها بالشرح التالي :
المبدأ العام أن قاضي التنفيذ بصفته قاضي الأمور المستعجلة لا يختص بالحكم ببطلان الحجز أو إلغائه لأن ذلك مما يمس حق الحاجز وهو حق موضوعي ممنوع على القاضي المستعجل أن يتعرض له إلا أن ذلك لا يكون إلا إذا كان الحجز صحيحاً شكلاً وأن تتوافر فيه الأركان الأساسية والأوضاع والإجراءات التي نص عليها القانون فإذا لم تتوافر فلا يقع الحجز ولا يتعلق به حق الحاجز بحبس المال من صاحبه وبذلك لا يكون في رفعة مساس بالموضوع بل إزالة عقبة مادية لذلك استقر الفقه والقضاء علي إختصاص قاضي التنفيذ بنظر دعوى علم الاعتداد بالحجز بصفته قاضياً للأمور المستعجلة إذا توقع الحجز باطلاً بطلاناً جوهرياً لعدم إستيفائه الأركان الجوهرية اللازمة لصحته أو الأوضاع الشكلية الضرورية الواجبة لقيامه وتفريعاً على ذلك يتعين على قاضي التنفيذ أن يقضي بعدم الاعتداد بالحجز الباطل بطلاناً أصلياً والذي لا يحتمل شكاً ولا تأويلاً كما إذا ترفع الحجز بدون إعلان السند التنفيذي أو لعدم التنبيه على المدين بالوفاء قبل إجراء الحجز أو إذا كان قد توقع بحكم لم يصبح نهائياً بعد وليس مشمولاً بالنفاذ المعجل أو بأمر أداء سقط لعدم إعلانه خلال ثلاثة شهور أو لأن الحجز توقع على أشياء لا يجوز توقيع الحجز عليها أو علي عقار بالتخصيص دون إتباع إجراءات التنفيذ علي العقار او بغير إذن من القاضي في الحالات التي يوجب فيها إستصدار هذا الأمر أو لأن الحجز قد توقع قبل مضي يوم من تاريخ إعلان السند التنفيذي أو كان الحجز قد توقع بناء على أمر على عريضة أو أمر أداء وألغي بناء على التظلم منه أو توقع بغير سند تنفيذي أو إذا لم يبلغ الحجز إلي المحجوز عليه خلال ثمانية أيام من إعلان الحجز في حالة حجز ما للمدين لدى الغير أو إذا لم ترفع الدعوي بصحة الحجز في هذا الميعاد أو إذ كان قد حصل الإبداع والتخصيص وفقاً للمادة 302 مرافعات ففي هذه الحالات الثلاثة الأخيرة يستطيع قاضي التنفيذ ان باذن للمحجوز عليه بقبض دينه من الغير دون إعتداد بالحجز ويجوز له ذلك في أيه حالة تكون عليها الإجراءات سواء كان الحاجز قد رفع دعوي صحة الحجز أم لا وذلك طبقاً لنص المادة 351 مرافعات ، ويختص قاضي التنفيذ بالإذن للمحجوز عليه بقبض الحين رغم الحجز ولو لم يتوافر فيها شرط الإستعجال كما لا يلزم أن يتحقق من أن الطلب وقتي لأن المشرع إستقل بهذا التقدير حينما نص صراحة على إختصاصه في هذه الحالات. واختصاص قاضي التنفيذ بإعتبار الحجز كأن لم يكن في الحالات المتقدمة على سند من اعتباره عقبة مادية تعترض سبيل الحق وعدواناً بادياً للوهلة الأولى أنه غير مشروع بسبب حبس المال المحجوز عن صاحبه بدون مقتض مما يتعين معه إزالة أثر هذا العدوان.
وفي حالة ما إذا كان بطلان الحجز محل خلاف فقهي لم يستقر فلا يجوز لقاضي التنفيذ في هذه الحالة أن يقضي بعدم الإعتداد به إستناداً إلي أحد الآراء وأساس ذلك أن الدعوى المستعجلة بعدم الاعتداد إنما تقبل عندما يكون الحجز ظاهر البطلان لا يحتمل بطلانه شكاً ولا تأويلاً أما إذا كانت مسألة البطلان مثار جدل فقهي فإنه يعتبر بطلاناً غير ظاهر يحتمل الجدل مما يجعل الدعوى المستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز المشوب به غير مقبولة. (التنفيذ الجبري لفتحي والي 648 والقضاء المستعجل لمحمد عبد اللطيف الطبعة الرابعة ص 613). وهذا إستثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأن قاضي التنفيذ يجوز له عند نظر الإشكال الوقتي أن يعرض للمسائل القانونية التي تثار أمامه وأن ينتهي فيها إلى رأي ولو كانت محل نزاع.
ومن المقرر أن الحكم الصادر بعدم الاعتداد بالحجز لا يكون له حجية أمام قاضي التنفيذ عند نظره موضوع النزاع ولا أمام قاضي الموضوع عند الفصل في أصل الحق وما تفرع عنه من إجراء الحجز.
وقد ذهب الرأي الراجح في الفقه إلي أنه إذا كانت دعوى عدم الاعتداد بالحجز لا يتوافر فيها ركن الإستعجال وتكاملت فيها العناصر القانونية التي يصح معها إعتبار منازعة تنفيذ موضوعية كدعوى بطلان الحجز فعندئذ ينظرها قاضي التنفيذ باعتبارها منازعة تنفيذ موضوعية وله أن يقضي بصحة أو بطلان الحجز لأن ذلك مما يدخل في سلطته الموضوعية ويعتبر الحكم الذي يصدره في هذه الحالة حاسماً للنزاع (القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف الطبعة الرابعة ص 614 وقاضي الأمور المستعجلة للمستشارين راتب ونصر الدين كامل (الطبعة السابعة س 939 وما بعدها) وفي تقديرنا أن هذا الرأي يفتقر إلي سنده القانوني لأنه إذا طلب رافع الدعوى عدم الإعتداد بالحجز بصفة مستعجلة فلا يجوز لقاضي التنفيذ أن يغير طلبه المؤقت المؤسس على ركن الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق إلى طلب موضوعي ببطلان الحجز أو إلغائه إذ لا يجوز للمحكمة أن تقضي بما لم يطلبه الخصوم ولا يجوز الإستناد إلى أن القاضي المستعجل له حق تحرير طلبات الخصوم إذ أن إستعمال هذا الحق مشروط بألا يغير به القاضي الطلب المستعجل إلي طلب موضوعي ولا يجوز الإسترشاد بحكم النقض الصادر بجلسة 25 / 12 / 1952 والمشار إليها بنهاية هذا الشرح لأنه وإن كانت الطلبات المشار إليها في حكم النقض طلبات موضوعية إلا أن طالبها طلب الحكم فيها بصفة مستعجلة أي أن المطلوب كان إجراءً وقتياً بالرغم من أنه في حقيقته طلب موضوعي وكذلك أجازت محكمة النقض لقاضي الأمور المستعجلة تحوير الطلبات لتصبح طلبات وقتية وليست طلبات موضوعية أما بالنسبة لدعوي عدم الإعتداد بالحجز المطلوب فيها إجراء وقتي فإنه لا يجوز لقاضي التنفيذ إذا تكاملت فيها عناصر طلب موضوعي - أن يفصل فيه بصفة موضوعية ما دام رافع الدعوى لم يطلب الفصل فيه بصفة موضوعية وإنما طلب الفصل فيه بصفة وقتية وفي هذه الحالة يتعين على قاضي التنفيذ أن يقضي بعدم الإختصاص وهذا بخلاف ما إذا كانت الطلب موضوعياً بحتاً فيختص قاضي التنفيذ في هذه الحالة بالفصل فيه بعد إتباع الإجراءات التي شرحناها في إختصاص قاضي التنفيذ بالفصل في القلب الموضوعي الذي كيفه الخصم بأنه وقتي ، غير أنه يجوز لرافع الدعوى قبل الفصل فيها أن يتنازل عن صفة الإستعجال ويطلب الحكم في الدعوي بصفة موضوعية .
إستلزم المشرع عند إجراء التنفيذ اتخاذ مقدمات التنفيذ بإعلان المدين بالسند التنفيذي لشخص المدين أو في موطنه قبل اتخاذ إجراءات الحجز التنفيذي علي أمواله وأن يشمل الإعلان بيان المبلغ المطلوب من المدين وتكليفه بالوفاء كما استلزم مضي يوم على الأقل من تاريخ هذا الإعلان قبل توقيع الحجز (مادة 281 مرافعات) فإذا لم تتبع هذه الإجراءات كان الحجز باطلاً بطلاناً جوهرياً لا يحتمل شكاً ولا تأويلا ويجوز للمدين أن يلجأ لقاضي التنفيذ طالباً الحكم بعدم الإعتداد بالحجز ويتعين عليه أن يجيبه لطلبه إذا إستبان له من ظاهر الأوراق وقوع المخالفة. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السابع ، الصفحة : 110)
التعريف بمقدمات التنفيذ وتحديدها:
يعرف الفقه مقدمات التنفيذ بأنها الوقائع القانونية التي يتطلب القانون أن تتحقق قبل البدء في التنفيذ القضائي ، فهي وقائع سابقة على التنفيذ لا تدخل في تكوينه ولا تعد جزءا منه ومع ذلك تعتبر لازمة قانونا المباشرته وصحته (وجدي راغب - النظرية العامة للتنفيذ القضائي - ص 33 )، والهدف من هذه المقدمات يكمن في عدم مباغتة المدين ومفاجأته بالتنفيذ ، إذ يجب إخطاره بالعزم على التنفيذ ومجابهته بالإجراءات التي تتخذ في مواجهته حتى يكون على بينة من هذه الإجراءات بحيث يستطيع الرد عليها وإبداء أوجه الدفاع المختلفة التي يريد التمسك بها .
وكقاعدة يوجب القانون اتخاذ هذه المقدمات قبل الشروع في التنفيذ الجبرى بحيث يبطل التنفيذ إن لم تتخذ هذه المقدمات ، ولكن هناك بعض الحالات الاستثنائية يجوز فيها التنفيذ مباشرة بدون تحقق هذه المقدمات سوف نوضحها بعد قليل، ونظراً لعدم اعتبار هذه المقدمات جزءاً من التنفيذ وعدم دخولها في تكوينه فإنها لا تخضع للنظام القانوني للتنفيذ ولا تترتب عليها الآثار القانونية لإجراءات التنفيذ ويرتب الفقه (وجدي راغب به ص 24 - ص 35) على ذلك نتائج معينة أهمها ما یلی :
(أ) أن قاضي التنفيذ لايختص كقاعدة بالفصل في المنازعات التي تتطور بشأن هذه المقدمات ، رغم أن اختصاص قاضي التنفيذ يشمل جميع منازعات التنفيذ موضوعية كانت أم وقتية ولكن المقدمات ليست جزءاً من التنقية ولذلك لايختص قاضي التنفيذ بها، فمثلاً لايختص قاضي التنفيذ بالمسائل المتعلقة بالقوة التنفيذية للأحكام كالنفاذ المعجل ووصف الحكم سواء من ناحية الأمر بها أو التظلم منها أو وقفها إذ ينعقد الإختصاص بهذه المسائل المحكمة الموضوع، كما لا يختص بالمسائل التي تثور بصدد تسليم الموظف المختص الصورة التنفيذية للدائن ليشرع في التنفيذ بمقتضاها وإنما ينعقد الاختصاص بها لقاضي الأمور الوقتية وفقاً للمادة 182 أو للمحكمة التي أصدرت الحكم وفقاً للمادة 183 أو لقاضى الأمور المستعجلة وفقاً للمادة التاسعة من قانون التوثيق، كذلك فرغم اختصاص قاضي التنفيذ بالنظر في إمتناع المحضر عن القيام بأي إجراء من إجراءات التنفيذ وفقاً للمادة 279 مرافعات فإنه لا يختص بالنظر في امتناعه عن إعلان السند التنفيذي وهو أحد مقدمات التنفيذ بل يعرض ذلك على قاضى الأمور الوقتية وفقاً للمادة الثامنة من قانون المرافعات.
(ب) أن مقدمات التنفيذ تكون واحدة بالنسبة لجميع أنواع التنفيذ، فلا تختلف هذه المقدمات باختلاف نوع التنفيذ ولا بإختلاف الأموال التي يراد التنفيذ عليها عقارات كانت أم منقولات.
(ج) أن التنفيذ يبدأ كقاعدة بإتخاذ إجراءات الحجز على المال، فلا يعتبر التنفيذ قد بدأ بما يرتبة القانون على ذلك من آثار لمجرد استيفاء مقدمات التنفيذ ، ولذلك فإن الدائن الذي يحجز أولا على المال بغد هو الحاجز الأول ويباشر بقية إجراءات التنفيذ وفقاً للمادة 402 وذلك حتى لو سبقه دائن آخر إلى استيفاء مقدمات التنفيذ إذ يجب على هذا الدائن أن يتدخل في الحجز الأول ويتابع الإجراءات التي يباشرها الحاجز الأول .
(د) أنه لايلزم تکرار مقدمات التنفيذ، فإذا كان بيد الدائن سند تنفيذي واحد وقام بإعلانه مرة واحدة فإنه يستطيع أن يباشر التنفيذ عدة مرات معاصرة أو متتابعة على منقولات المدين وعقاراته وذلك حتى يستوفي الدين الوارد في السند التنفيذي بأكمله، فلا يلزم الدائن بتكرار مقدمات التنفيذ بمناسبة قيامه بكل تنفيذ على المدين، لأن المقدمات ليست جزءاً من التنفيذ، ولو كانت المقدمات جزءاً من التنفيذ لوجب تكرارها مع كل تنفيذ جديد ولكنها ليست كذلك.
وقد حدد المشرع مقدمات التنفيذ في المواد 279 - 281 مرافعات ، فتنص المادة 1/279 على أن يجري التنفيذ بوساطة المحضرين وهم - ملزمون بإجرائه بناء على طلب ذى الشأن متى سلمهم السند التنفيذي كما تنص المادة 281 على أنه يجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذي لشخص المدين او في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً ويجب أن يشتمل هذا الإعلان على تكليف المدين بالوفاء وبيان المطلوب وتعيين موطن مختار لطالب التنفيذ في البلدة، التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة، ويجب عند الشروع في تنفيذ عقد رسمی بفتح إعتماد أن يعلن معه مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، ولا يجوز إجراء التنفيذ إلا بعد مضي يوم على الأقل من إعلان السند التنفيذي»، ويتضح من ذلك أن مقدمات التنفيذ تنحصر في ثلاث وهي :
(أ) إعلان السند التنفيذى إلى المدين وتكليفه بالوفاء .
(ب) انقضاء المدة المحددة قبل البدء في التنفيذ أي انقضاء ميعاد التنفيذ.
(ج) طلب الدائن للتنفيذ، وسوف نوضح هذه المقدمات بالتفصيل فيما يلي :
إعلان السند التنفيذي والتكليف بالوفاء :
يوجب المشرع قيام الدائن بإعلان المدين بالسند التنفيذي وتكليفه بالوفاء بالدين وذلك وفقاً للمادة 281 السالفة الذكر، وذلك قبل البدء في التنفيذ أياً كانت طريقة هذا التنفيذ(فتحی والی - بند 110 ص 210 ، احمد ابوالوفا - بند 114 ص 320 ، أمينة النمر - بند 237 ص 305)، أي سواء كان تنفيذا مباشراً أو تنفيذاً بطريق الحجز وأيا ً كانت الأموال التي يتم توقيع الحجز عليها أي سواء كانت عقارات أو منقولات.
ويجب أن يقوم الدائن بالإعلان قبل الشروع في التنفيذ، ومعنى ذلك أن المحضر لايبدأ إجراءات إلا بعد أن يتحقق من سبق إعلان السند التنفيذي للمدين وتكليفه بالوفاء فإذا بدأ التنفيذ دون القيام به كان التنفيذ باطلا، بيد أن هذا البطلان غير متعلق بالنظام العام (محمد حامد فهمي - بند 110 ص 78 ، وجدي راغب ص 138) بل هو مقرر لمصلحة المدين ولذلك يجب عليه التمسك به، وفي حالة تعدد المدينين بسند تنفيذي واحد فإنه يجب على الدائن أن يعلن كلاً منهم (وجدي راغب - ص 138 ، فتحی والی - بند 117 ص 218) وإذا لم يقم الدائن بذلك جاز لمن لم يعلن من المدينين أن يتمسك ببطلان التنفيذ .
ويتم الإعلان بورقة من أوراق المحضرين ولذلك يجب أن يتضمن الإعلان كافة البيانات الواردة في المادة التاسعة والتي يستوجب المشرع توافرها في أوراق المحضرين، وهی تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان، وإسم الطالب ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه وإسم من يمثله ولقبه ومهنته وموطنه كذلك إن كان يعمل لغيره، واسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها، واسم المعلن إليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه فإن لم يكن موطنه معلوماً وقت الإعلان فآخر موطن كان له، وإسم وصفة من سلمت إليه صورة الورقة وتوقيعه علي الأصل بالإستلام، وتوقيع المحضر على كل من الأصل والصورة.
وفضلاً عن هذه البيانات فإن المشرع استلزم في المادة 281 أن يتضمن الإعلان البيانات الثلاثة الآتية :
(أ) تكليف الدين بالوفاء : ويقصد به تنبيه المدين بضرورة الوفاء بالإلتزام الثابت في السند التنفيذي وإنذاره بأنه إذا لم يف به إختياراً أجرى التنفيذ عليه جبراً ، ولا يشترط أن يبين التكليف بالوفاء طريق التنفيذ الذي يعتزم الدائن سلوكه ولا أن يعين المال الذي سيرد الحجز عليه، كما أنه لا يشترط أن يتم التكليف بالوفاء بعبارات خاصة بل تكفي أية عبارة للدلالة عليه بحيث تحقق الغاية منه.
ورغم أنه يتضح من نص المادة 2/281 أن التكليف بالوفاء ما هو إلا بيان من بيانات إعلان السند التنفيذى إلا أن الفقه يرى أن هذا التكيف بالوفاء هو إجراء مستقل عن ورقة إعلان السند التنفيذي ونتيجة لذلك يجوز إتخاذه إستقلالاً عن إعلان السند ذاته بشرط أن يكون تالياً على إعلان هذا السند إذ لا معنى ولا فائدة لهذا الإجراء إذا اتخذ قبل إعلان السند التنفيذي ويكون مثل هذا التكليف باطلاً.
(ب) بيان المطلوب من المدين : أي بيان نوع ومقدار الشيء المراد إقتضاؤه من المدين، وذلك حتى بعلم الدين على وجه التحديد الدين الواجب أداؤه ليتفادى اتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري، ويجب أن يكون المطلوب من المدين مطابقاً لما يرد في مضمون السند التنفيذي ذاته، ولكن إذا كان المطلوب يختلف في مقداره عما يرد في السند التنفيذي فإن الفقه يرى أن الإعلان لا يكون في هذه الحالة وإنما يجوز التنفيذ إقتضاء لأقل المقدارين وذلك بإعتبار أنه القدر الذي استوفى مقدمات التنفيذ المختلفة. فإذا زاد المطلوب في الإعلان عما يتضمنه السند التنفيذي فلا يجوز التنفيذ إلا لإستيفاء القدر الثابت في السند، وإذا كان المطلوب أقل فإن التنفيذ يجري لإقتضاء ماهو مطلوب في الإعلان وفي هذه الحالة يلزم للتنفيذ بالباقي إعلان المدين به، ويلاحظ أنه يكفي في بيان المطلوب من المدين الإحالة إلى مضمون السند التنفيذي إذا كان هذا السند يحدد هذا المطلوب تحديداً نافياً للجهالة.
(ج) تعيين موطن مختار لطالب التنفيذ في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة: والهدف من ذلك تمكين المدين من إعلان . الأوراق المتعلقة بالتنفيذ في هذا الموطن ، ويلاحظ أن موطن الطالب من بين البيانات اللازمة في أوراق المحضرين بصفة عامة ولكن المشرع إستوجب في الموطن المختار هنا أن يكون في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة لأجل التيسير على المدين .
ويلاحظ أنه تطبيقاً للقواعد العامة فإن الإعلان يكون باطلا إذا شابه ما يبطل أوراق المحضرين كان يتم الإعلان مثلا في يوم عطلة رسمية أو بعد الخامسة مساء كما يكون الإعلان باطلاً إذا تم بمقتضى صورة غير تنفيذية للسند التنفيذي وفقا للراي الراجح في الفقه، أما بالنسبة للبيانات الثلاثة المنصوص عليها في المادة 281 السابق ذكرها فإنه ينطبق بشأنها القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 20مرافعات ولذا فإن الإعلان لا يبطل إلا إذا شابه عيب جوهرى لاتتحقق بسببه الغاية منه، فإذا لم يتضمن الإعلان التكليف بالوفاء فإن الإعلان لا يبطل بل يجوز حصول التكليف بإجراء لاحق بشار فيه بوضوح إلى سبق إعلان السند التنفيذي كذلك إذا لم يذكر في الإعلان المطلوب من المدين فإن الإعلان لا يبطل إذا ثبت أن الغاية من هذا البيان قد تحققت بأن أثبت الدائن أنه يمكن استخلاص هذا البيان من ذات بيانات السند التنفيذي المعلن صورته إلى المدين، كما لا يبطل الإعلان أيضاً إذا لم يتضمن تعيين موطن مختار لطالب التنفيذ في البلدة التي بها مقر محكمة التنفيذ المختصة لأنه وفقاً للمادة 12 مرافعات يجوز للمدين في هذه الحالة إعلان الدائن بأوراق التنفيذ في قلم كتاب المحكمة.
ونظراً لخطورة ما يترتب على الإعلان ولضمان وصوله للمدين فقد أوجب المشرع أن يكون الإعلان لشخص المدين أو في موطنه الأصلي وإلا كان باطلاً ولذلك لايجوز إعلان المدين في الموطن المختار في الخصومة ، التي انتهت بالحكم المراد تنفيذه، كذلك فإنه لما كان الغرض من إعلان السند التنفيذي والتكليف بالوفاء إلى المدين هو منحه الفرصة للوفاء الإختياري تفادياً لإجراءات التنفيذ فإنه تحقيقاً لهذا الغرض فقد ألزم المشرع المحضر بقبض الدين لو عرضه المدين عند تسلمه للإعلان مع إعطائه المخالصة ولو لم يكن مفوضاً بالقبض ومادة 282 مرافعات ، ويجب على المحضر أن يقبض ما بعرض عليه سواء كان وفاء كليا أو جزئيا، بيد أنه في حالة الوفاء الجزئي تتخذ إجراءات التنفيذ الجبري لاستيفاء الجزء الباقي من دين الدائن .
ويجب على المحضر إذا ما قبض الدين كله لن يمتنع عن القيام بأي إجراء لاحق من إجراءات التنفيذ، ويرى البعض (فتحی والی - بند 119 ص 226 ) أنه يجب أن يكون الوفاء نقداً فإذا عرض المدين الوفاء بشيك فليس للمحضر قبوله، وإذا أمتنع المحضر عن قبض الدين رغم عرضه عليه فإنه يلتزم بمصاريف العرض والإيداع الذي قد يضطر المدين إلى القيام به للوفاء بدينه بالإضافة إلى تحمله مصاريف ما قد يقوم به من إجراءات التنفيذ كما أن للمدين أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر على أساس المسئولية التقصيرية.
ويلاحظ أن المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد نصت على أنه لا ينفذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير في سداد الأجرة إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح إذا ما سدد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عندم تنفيذ الحكم وبشرط أن يتم التنفيذ في مواجهة المستأجر»، وإتمام التنفيذ في مواجهة المستأجر يقتضي أن يكون إعلان الصورة. التنفيذية لحكم الطرد لشخصه فلا يكفي إعلانها في مواجهة وكيل المستاجر أو من يعمل في خدمته أو الساكنين معه من الأقارب والأزواج والأصهار على النحو الذي بينته المادة 10 من قانون المرافعات .
ولا يشترط لإعتبار أن التنفيذ قد تم في مواجهة المستأجر أن يقوم الأخير بالتوقيع على أصل الإعلان وإستلام الصورة فقد يمتنع عن ذلك رغم أن المحضر قد خاطبه شخصياً ، وفي هذه الحالة يكفي أن يثبت المحضر امتناعه، وأن يسلم الصورة في نفس اليوم إلى جهة الإدارة وان يوجه إليه خلال أربع وعشرين ساعة في موطنه الأصلى خطاباً مسجلاً يخطره فيه أنه سلم الصورة لجهة الإدارة وفقاً لنص المادة 11 من قانون المرافعات أما إذا لم يسلم المحضر الصورة لجهة الإدارة في نفس اليوم أو لم يخطوه بكتاب مسجل كان جزاء ذلك البطلان وهو بطلان مقرر لمصلحة المستأجر فقط فلا يجوز لغيره التمسك به (عز الدين الديناصوری وحامد عكاز - التعليق ص 1261 و ص 1262 ).
والمبدأ الذي قررته المادة 18/ب هو إستثناء من القواعد المقررة في المادة 1/281 مرافعات بشأن إعلان السند التنفيذي والحكمة التي تغياها المشرع بهذا النص حماية المستأجرين من تحايل الملاك على طردهم بإستصدار أحكام بإجراءات باطلة وتنفيذها في غيبتهم .
ويشترط لإعمال هذا النص أن يكون الحكم صادراً من قاضي الأمور المستعجلة وأن يكون قضاءه بطرد المستأجر من العين المؤجرة بسبب تأخره في سداد الأجرة إعمالاً للشرط الصریح الفاسخ المنصوص عليه في العقد، أما إذا كان الحكم الصادر من القضاء المستعجل بطرد المستأجر السبب آخر خلاف التأخير في سداد الأجرة أو كان الحكم بالطرد صادراً من المحكمة الموضوعية فلا يطبق هذا النص ، وإنما تسرى القواعد العامة في التنفيذ التي نصت عليها المادة 281/1 مرافعات .
غير أن المالك قد يصادف صعوبة في إعلان المستاجر بحكم الطرد المستعجل مع شخصه كما لو كان لا يقيم بالعين المؤجرة وعجز عن الاعتداء المحل إقامته أو قد يكون مقيما في الخارج، وحينئذ لا يكون أمام الملك إلا أن يلجأ للقضاء الموضوعي ليستصدر منه حكماً بالطرد فإذا أجيب لطلبه فإنه لا يشترط في هذه الحالة إعلان الحكم في مواجهة المستأجر (عز الدين الديناصوری و حامد عكاز - التعليق ص 1261 ، 1262 ).
ويلاحظ أنه في حالة ما إذا طعن المدين بالتزوير على إعلان السند التنفيذي وقضت المحكمة برده و بطلانه، فإنه يترتب على ذلك إهدار هذا الإعلان والتقرير ببطلانه واعتباره كأن لم يكن فيزول وتزول معه الآثار القانونية المترتبة عليه ويبطل التنفيذ تبعاً لذلك وتأسيساً على ذلك إذا وقع الدائن حجزاً بمقتضى هذا الإعلان، فإن هذا الحجز يضحی باطلاً لأن بطلان الإجراء يستتبع بطلان الإجراءات اللاحقة عليه متى كان هو أساساً لها وترتبت عليه ولا يصح القول بأن الغاية من إعلان السند التنفيذي قد تحققت بعلم المدين أو المحجوز لديه بالسند التنفيذي بمضمونه، إذ الغاية من هذا الإجراء لا تتحقق إلا بالطريق الذي رسمه القانون في المادة 281 مرافعات (عز الدين الديناصوری وحامد عكاز - المرجع السابق - ص 1015 ).
ثانياً : انقضاء المدة المحددة قبل البدء في التنفيذ :
لم يحدد المشرع ميعاداً معيناً لإعلان المدين وتكليفه بالوفاء لأن ذلك يرجع لظروف الدائن ورغبته في الحصول على حقه، ولذلك يجوز للدائن . أن يعلن الدين ويكلفه بالوفاء في أي وقت مادام السند التنفيذي لا يزال قائما وصالحا لإجراء التنفيذ الجبرى بمقتضياه ، ولكن إذا أعلن الدائن المدين وكلفه بالوفاء، فإنه لا يجوز إجراء التنفيذ إلا بعد مضي يوم على الأقل من الإعلان وفقاً للمادة 281/4 ، وإذا كان التنفيذ يتم قبل ورقة المدين أو من يقوم مقامه فلا يكون التنفيذ جائزاً إلا بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم بالسند التنفيذي وفقاً للمادة 287.
وبدأ ميعاد اليوم أو الثمانية أيام من تاريخ إعلان السند التنفيذي والتكليف بالوفاء، فإذا تم هذا الأخير بورقة مستقلة لاحقة لإعلان السند التنفيذي فإن الميعاد لا يبدأ إلا بتمام إعلان ورقة التكليف بالوفاء (وجدي راغب - ص 144)، وهذا الميعاد هو ميعاد كامل يجب أن ينقضي كله قبل البدء في اتخاذ إجراءات التنفيذ ويمتد هذا الميعاد بسبب العطلة الرسمية ويسبب المسافة ويضاف معايير المسافة على أساس المسافة بين موطن المدين والمكان الذي يجب فيه الوفاء بإعتبار أن الوفاء هو الإجراء الذي يقوم به المدين خلال هذا الميعاد ليتفادى التنفيذ الجبري
وإذا بدأت إجراءات التنفيذ خلال هذا الميعاد كانت باطلة (أحمد أبو الوفا - بند 148 ص 333 وجدي راغب ص 45، وقارن فتحی والی - بند 115 ص 215 )، وهذا البطلان مقرر لمصلحة المدين، وإذا إنقضى هذا الميعاد كاملاً فإنه بصح البدء في التنفيذ في أي وقت بعد ذلك لأن المشرع لم ينص على ميعاد لبدء التنفيذ خلاله وإلا سقط الإعلان (أحمد وعبد الفتاح السيد - التنفيذ علماً وعملاً - الطبعة الثانية - بند 113 ص 92 . أحمد أبو الوفا - بند 148 ص 333 ، فتحى والی - بند 115 ص 215 وجدى راغب . ص 145 أمينة النمر -بند 245 ص 314 ) إذ يظل الحق في التنفيذ قائماً ما لم يسقط الحق فيه بالقادم.
ويلاحظ أن هذا الميعاد الكامل يحتسب بأعمال القواعد العامة، فلا يعتد باليوم الذي حصل فيه الإعلان، ولا يجوز الحجز في اليوم التالي له، فمثلاً إذا حصل الإعلان في اليوم الخامس من الشهر فلا يحتسب هذا ۔ اليوم ويمتنع الحجز في اليوم السادس ويجوز الحجز في اليوم السابع من الشهر.
والحكمة من هذا الميعاد هي عدم مباغتة المدين بالإعلان والتنفيذ فوراً إذ منحة المشرع هذه المهلة لإتاحة الفرصة له حتى يبادر إلى الوفاء بالدين، ويتجنب بذلك إجراءات الحجز او ينازع في هذه الإجراءات إن كان لديه وجه للمنازعة، ويلاحظ أن المشرع منح المدين يوما واحدا فقط لأنه على علم بالدين المراد إقتضاؤه منذ نشأته بينما لم يجد المشرع هذا الميعاد كافياً بالنسبة للورثة أو من يقوم مقام المدين (وجدي راغب - ص 145) لأنهم لا علم لهم بالدين ولذلك منحهم مهلة ثمانية أيام منذ إعلان السند التنفيذى إليهم، وتكليفهم بالوفاء حتى يتمكنوا من تحديد موقفهم بالنسبة لهذا الدين سواء المنازعة في التنفيذ أو الوفاء به.
ثالثاً : طلب الدائن التنفيذ :
وفقاً للمادة 279 التي سبق لنا التعليق عليها يلتزم المحضر بإجراء التنفيذ بناء على طلب ذى الشأن متی سلبه السند التنفيذي، فلا يستطيع المحضر أن يبدا التنفيذ من تلقاء نفسه، بل يجب أن يطلب الدائن ذلك، وهذا الطلب يعتبر مقدمة من مقدمات التنفيذ لأنه إجراء سابق عليه ولازم له، وإذا بدأ التنفيذ دون أن يطلبه الدائن كان باطلاً إلا في الحالات الاستثنائية التي يجيز فيها القانون التنفيذ بدون مقدمات.
ويرى الفقه أن الحكمة من ضرورة طلب التنفيذ ترجع للإعتبارات التي تفرض مبدأ المطالبة القضائية، وهي تتركز في إعتبارين مهمين :
الإعتبار الأول يتعلق بفكرة الحق الذي يحميه التنفيذ، فهو مركز ذاتی يقوم على حماية مصلحة خاصة ولذا توقفت هذه الحماية على إرادة صاحبه ويتنافى مع فكرة الحق إرغام صاحبه على إقتضائه جبراً والإعتبار الثاني إعتبار فني يتعلق بحيدة القضاء، إذ إن من مظاهر هذه الحيدة أن يكون النشاط القضائي مطلوباً وليس تلقائيا (وجدي راغب - ص 146 - ص 147 ).
ونظرا لكون طلب التنفيذ مقدمة من مقدماته وليس إجراء من إجراءاته فإنه يمكن تقديم هذا الطلب فور إعلان السند التنفيذي للمدين ولو لم ينقض ميعاد اليوم من إعلان السند التنفيذي، والذي يجب أن يسبق إجراء التنفيذ (فتحي والی - بند 121 ص 229)، كذلك يجوز تقديم هذا . الطلب بعد إعلان السند التنفيذي في أي وقت إذا لم يتطلب المشرع ضرورة تقديمه في ميعاد محدد، ويترتب على تقديم هذا الطلب إلزام المحضر بالقيام بالتنفيذ بعد التحقق من استيفاء مقدمات التنفيذ الأخرى، وإذا رأى المحضر عدم توافر إحدى هذه المقدمات، أو أن المطلوب منه القيام بتنفيذ غير صحيح في ظاهره كالتنفيذ خارج دائرة اختصاصه أو على مال يجوز التنفيذ عليه، فإنه يمتنع عن التنفيذ (وجدي راغب به ص 148 فتحى والى - بند 122 - ص 229)، ويجوز لطالب التنفيذ في هذه الحالة أن يتظلم إلى قاضي التنفيذ بعريضة ويصدر القاضي أمراً على العريضة بإجراء التنفيذ أو بعدم إجرائه أو بإجرائه بعد تحقق شروط معينة.
ولم يتطلب المشرع شكلاً معيناً لطلب التنفيذ (فتحي والى - بند 121 ص 229 ، وجدي راغب - ص 147 )، ولذلك من الممكن أن يتم الطلب في صورة عريضة مبيناً بها اسم طالب التنفيذ ولقبه ومحل إقامته، وكذلك إنضم المدين المزاد التنفيذ ضده والمبلغ المراد إقتضاؤه، ولكن إستلزم المشرع حتى يرتب الطلب أثره في التزام المحضر بالقيام بالتنفيذ أن يقوم طالب التنفيذ بتسليم المحضر السند التنفيذي وهذا ينبنی ضرورة إرفاق الصورة التنفيذية بطلب التنفيذ وتسليمها للمحضر .
وقد كان المشرع في قانون المرافعات السابق يتطلب إشتمال الطلب على تفويض الخصم بقبض الدين وإعطاء الخالصة إلا إذا كان المطلوب واجب الأداء بحسب نص السند التنفيذي في محل غير المحل الذي يحصل فيه الإعلان أو التنفيذ، ولكن لم يتطلب المشرع ذلك في قانون المرافعات , والحالي بالمادة 282 من هذا القانون تخول للمحضر سلطة قبض الدين وإعطاء المخالصة دون حاجة إلى تقويض خاص.
ويلاحظ أنه إذا كان مقدم الطلب هو خلف الدائن سواء كان خلفاً عاماً أو خاصاً وبالتالي فإن السند التنفيذي لا يحمل إسمه فإنه يجب عليه أن ينتقل بطلبه ما يثبت خلافته إذ بغير هذا لا تثبت له صفة في التنفيذ (فتحي والي - بند 121 ص 220)، كذلك فإنه عند تقديم طلب التنفيذ سواء من الدائن أو من خلفه، فإنه يقية فوراً في جدول خاص بمحكمة التنفيذ معد لقيد طلبات التنفيذ، كما ينشأ ملف خاص بهذا الطلب تودع به جميع الأوراق المتعلقة به، وذلك طبقاً لنص المادة 278 مرافعات .
الحالات الإستثنائية التي يجوز فيها التنفيذ بدون مقدمات:
إذا كانت القاعدة هي ضرورة القيام باتخاذ مقدمات التنفيذ قبل البدء في التنقيب، فإن هناك بعض الحالات الإستثنائية يجوز فيها البدء في التنفيذ دون إتخاذ هذه المقدمات وهذه الحالات هی :
ما تنص عليه المادة 286 مرافعات من أنه يجوز للمحكمة في المواد المستعجلة أو في الأحوال التي يكون فيها التأخير ضارا أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلانه، وفي هذه الحالة يسلم الكاتب السودة للمحضر وعلى المحضر أن يردها بمجرد الانتهاء من التنفيذ ،، فطبقاً لهذا النص يجوز تنفيذ الحكم الصادر في مادة مستعجلة أو في الحالة التي يكون فيها التأخير ضاراً بدون إتخاذ مقدمات التنفيذ، ولكن يشترط لذلك أن تأمر المحكمة في حكمها بتنفيذه بموجب مسودته بناء على طلب المحكوم له، إذ لا تستطيع المحكمة أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته من تلقاء نفسها بل يجب أن يطلب المحكوم له من المحكمة التنفيذ بموجب مسودة الحكم، وإذا لم يتقدم بهذا الطلب فإنه لا تحكم المحكمة به، ومن ثم لا يجوز تنفيذ الحكم بموجب مسودته حتى ولو كان صادراً في مادة مستعجلة أو في حالة يكون التأخير فيها ضاراً.
وفضلاً عن ضرورة أن تأمر الحكمة في حكمها بتنفيذه بموجب مسودته بناء على طلب المحكوم له، فإنه يجب أن يكون الحكم صادراً في مادة مستعجلة سواء كان صادراً من قاضي الأمور المستعجلة أو من قاضي الموضوع في طلب وقتي رفع إليه بالتبعية للدعوى الموضوعية المرفوعة من قبل أمامه، أو أن يكون الحكم صادراً في حالة يكون فيها التأخير صادراً بمصلحة المحكوم له وللمحكمة في ذلك مطلق السلطة: التقديرية (أحمد أبو الوفا - بند 145 ص 335 )، فيكون لها أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته إذا كان التأخير سواء كان هذا الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل أو غير مشمول به، وإذا أمرت المحكمة بذلك فإن التنفيذ يتم فوراً بدون مقدمات .
(ب) كذلك لا يتصور اتخاذ مقدمات التنفيذ بالنسبة للحجوز التحفظية لأن المقدمات الأزمة فقط للحجوز التنفيذية، لأن الحجز التحفظي قد يتم دون وجود أي سند تنفيذي كما أنه يوقع لتفادي تهريب الدين لأمواله مما يتطلب مفاجأته، فهو يهدف فقط إلى المحافظة على الضمان العام للدائن ون بيع الأموال المحجوزة، ولذلك يجب توقيع هذا الحجز دون إتخاذ مقدمات التنفيذ حتى تتحقق الغاية منه، ولو إفترضنا ضرورة إتخاذ هذه المقدمات قبل اتخاذ الحجز التحفظي، فإن المدين. سوف يتمكن من تهريب أمواله، وبذلك لن يحقق الحجز التحفظي هدفه، ولذلك لا يجب إتخاذ هذه المقدمات. ويلاحظ أنه يدخل في الحجوز التحفظية حجز ما للمدين لدى الغير لأن المشرع لا يتطلب لتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير سبق إعلان المدين بالسند التنفيذي لأن هذا الحجز يبدأ تحفظياً ، ثم يتحول إلى حجز تنفيذي بعد ذلك .
(ج) كما لا يلزم إتخاذ مقدمات التنفيذ بالنسبة للأحكام التي لا تتطلب تنفيذاً جبرياً، فإذا كان التنفيذ لا يقتضي استعمال القوة الجبرية لقهر المدين أو المحكوم عليه، فإنه لا يلزم اتخاذ مقدمات التنفيذ لأن هذه المقدمات يجب اتخاذها فقط قبل البدء في التنفيذ الجبري، ومن أمثلة الأحكام التي لا تتطلب تنفيذاً جبرياً الأحكام الفرعية المتصلة بسير إجراءات الخصومة أو إثباتها كالحكم باختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو الحكم بتأجيلها أو باتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات أو عدم اتخاذه كالحكم الصادر بعدم جواز الإثبات بالشهادة، فإنه ينفذ بعدم الاعتداد بشهادة الشهود، ومن ذلك أيضاً الحكم الصادر بتعيين حارس، فإنه ينفذ ويرتب أثره في ثبوت صفة الحارس بمجرد صدوره دون حاجة إلى إعلانه المحكوم عليه، وإنما يلزم إعلانه إذا أريد تنفيذه جبراً بتسليم الأعيان محل الحراسة إليه.
وبذلك يتضح لنا مما سبق أنه لا يلزم إتخاذ مقدمات التنفيذ بالنسبة التنفيذ الجبرى إذا نص القانون على ذلك صراحة بصفة استثنائية، كما إنه لا يلزم اتخاذ هذه المقدمات بالنسبة للتنفيذ غير الجبري .
حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الإستثناء و الذي أورده المشرع بشأن تنفيذ الحكم المستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة وكان مقتضاه أن يتم التنفيذ في مواجهة المستأجر وان تعلن الصورة التنفيذية لشخصه :
لقد كانت المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أن لا ينفذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير في سداد الأجرة إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح إذا ما سدد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم وبشرط أن يتم التنفيذ في مواجهة المستأجر، وإتمام التنفيذ في مواجهة المستأجر يقتضي أن يكون إعلان الصورة التنفيذية لحكم الطرد مع شخصة فلا يكفي إعلانها في مواجهة وكيل المستأجر أو من يعمل في خدمته أو الساكنين معه من الأقارب والأزواج و الأصهار على النحو الذي بينته المادة 10 من قانون المرافعات.
ولا يشترط لإعتبار أن التنفيذ قد تم في مواجهة المستأجر أن يقوم الأخير بالتوقيع علي أصل الإعلان وإستلام الصورة فقد يمتنع عن ذلك رغم أن المحضر قد خاطبه شخصياً ، وفي هذه الحالة يكفي أن يثبت المحضر إمتناعه، وأن سلم الصورة في نفس اليوم إلى جهة الإدارة وان توجه إليه خلال أربع وعشرين ساعة في موطنه الأصلي خطاباً مسجلاً يخطره فيه أنه سلم الصورة لجهة الإدارة وفقاً لنص المادة 11 من قانون المرافعات أما إذا لم يسلم الحضر الصورة لجهة الإدارة في نفس اليوم او لم يخطره بكتاب بمسجل كان جزاء ذلك البطلان وهو بطلان مقرر المصلحة المستأجر فقط فلا يجوز لغيره التمسك به.
وقد كان المبدأ الذي قررته المادة 18 / ب إستثناء من القواعد العامة المقررة في المادة 1/281 مرافعات بشأن إعلان السند التنفيذي والحكمة التي تغياها المشرع بهذا النص حماية المستأجرين من تحايل الملاك على طردهم بإستصدار أحكام بإجراءات باطلة وتنفيذها في غيبتهم.
وكان يشترط لإعمال هذا النص أن يكون الحكم صادراً من قاضي الأمور المستعجلة وأن يكون قضاؤه يطرد المستأجر من العين المؤجرة بسبب تأخره في سداد الأجرة. إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ المنصوص
عليه في العقد أما إذا كان الحكم الصادر من القضاء المستعجل بطرد المستأجر لسبب آخر خلاق التأخير في سداد الأجرة أو كان الحكم بالطرد صادراً من المحكمة الموضوعية فلا يطبق هذا النص وإنما تسري القواعد العامة في التنفيذ التي نصت عليها المادة (28/1 المرافعات).
وكان المؤجر في معظم الحالات يصادف صعوبة في إعلان المستأجر بحكم الطرد المستعجل مع شخصه كما لو كان لا يقيم بالعين المؤجرة . وعجز عن الإهتداء لمحل إقامته أو قد يكون مقيما في الخارج وحينئذ لا يكون أمام المؤجر إلا أن يلجأ للقضاء الموضوعي ليستصدر منه حكما بالطرد، وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً تظل فيه العين المؤجرة محبوسة على ذمة المستأجر في الوقت الذي تتراكم فيه الأجرة في ذمته وقد لا تكون هناك بارقة أمل في إستيفائها وهو ما يما الحكمة الدستورية إلى أن تقضي بعدم دستورية من الإستثناء لمناقضته لأحكام الدستور .
وبناء على ما تقدم أصبح تنفيذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير في سداد الأجرة يم طبقاً للقواعد العامة في التنفيذ ويسرى ذلك أيضاً على الأحكام التي صدرت قبل حكم المحكمة الدستورية ولم تنفذ بعد، وقد جاء في حكم المحكمة الدستورية العليا : ما يلي :
1- حق التقاضي لا تكتمل مقوماته ما لم توفر الدولة للخصومة في نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل التسوية التي بعمل من بطلبها إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التي يسعى إليها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها ، وكانت هذه الترضية - وبإفتراض مشروعيتها وإتساقها مع أحكام الدستور - تندمج في الحق في التقاضي باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه، ولإرتباطها بالغاية النهائية المقصودة منه برابطة وثيقة. ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية لا تتمخض عنها فائدة عملية، وإنما غايتها إقتضاء منفعة يقرها القانون، وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها بين أطرافها وحكم القانون بشأنها. إندماج هذه الترضية في الحق في التقاضي، مؤداه أنها تعتبر من مكوناته. ولا سبيل لفصلها عنه، وإلا فقد هذا الحق مغزاه ولا سراباً .
إن إنكار الحق في الترضية القضائية سواء بمنعها ابتداء، أو بإقامة العراقيل في وجه اقتضائها، بتقديمها متباطئة متراخية دون مسوغ ، أو بإحاطتها بقواعد إجرائية فعلية ، لا يعدو أن يكون إهداراً للحماية التي يفرضها الدستور والقانون للحقوق التي وقع العدوان عليها، و إنكاراً للعدالة في جوهر خصائصها وأدق توجهاتها، وبوجه خاص لما كان طريق الطعن القضائي لرد الأمور إلى نصابها ممتنعاً أو غير منتج وكان من المقرر أنه ليس لازما لإنكار العدالة وإهدار متطلباتها أن يقع العدوان على موجباتها من جهة القضاء ذاتها. ذلك أن السلطة التشريعية أو التنفيذية قد تفرض من العوائق ما يحول دون بلوغ الترضية القضائية، سواء عن طريق حرمان الشخص من إقامة دعوى او من نظرها في إطار من القواعد الموضوعية، وفق الوسائل القانونية السليمة ومن ثم لا يعتبر إنكار العدالة قائماً في محتواه علي الخطأ في تطبيق القانون، وإنما هو الإخفاق في تقديم الترضية القضائية الملائمة، وهو ما يتحقق بوجه خاص إذا كانت الوسائل القضائية المتاحة لا توفر لمن إستنفذها الحماية اللازمة لصون حقوقه، أو كانت ملاحقته لخصمه للحصول على الترضية القضائية التي يأملها، لا طائل من ورائها. وبغير اقتران الترضية القضائية بوسائل تنفيذها، وحمل الملزمين بها على الرضوخ لها، فإن هذه الترضية تغدو هباء منثوراً ، وتفقد قيمتها من الناحية العملية، وهو ما يفيد بالضرورة إهدار الحماية التي فرضها الدستور والمشرع . كلاهما - للحقوق على إختلافها، وتكريس العدوان عليها وتعطيل دور القضاء المنصوص عليه في المادة 65 من الدستور في مجال صونها والدفاع عنها وإفراغ حق اللجوء إليه من كل مضمون، وهو حق على الدستور بتأكيده في المادة 68. كذلك فإن الترضية القضائية التي لا يقهر المدين بها على تنفيذها مباشرة إذا ماطل فيها، هي في واقعها خروج على مبدأ خضوع الدولة للقانون، ونكول عن تأسيس العدالة وتثبيتها من خلال السلطة القضائية بأفرعها المختلفة وتنظيماتها المتعددة، وهي السلطة التي تصدر أحكامها وفق القانون على ما تنص عليه المادة 165 من الدستور، ولا بعدو الامتناع عن تنفيذها أو عرقلة هذا التنفيذ أو تعطيله بعمل تشریعی، أن يكون عدواناً من السلطة التشريعية على الولاية الثابتة للسلطة القضائية، واقتحاماً للحدود الفاصلة بين السلطتين ، وهو كذلك تدخل مباشر في شئون العدالة، بما يقلص من دورها، ويناقض دلالة المادة 72 من الدستور من أن الحماية القضائية للحق أو الحرية على أساس من سيادة القانون وخضوع الدولة لإحكامه لازمها التمكين من اقتضائها والمعاونة في تنفيذها ولو بإستعمال القوة عند الضرورة.
3- إن المحكوم لهم من الفضاء المستعجل بطرد مستأجر من العين المؤجرة ذوو حق ظاهر يحميه المشرع، ويمنحه عناية خاصة، فيجيز اقتضاءه قبل أن يستقر بصورة نهائية. وتعليق تنفيذ الحكم الصادر في مادة مستعجلة - ولو كان نهائياً - على إجراء هذا التنفيذ في مواجهة المستأجر، مؤداه أن يظل هذا الحكم عصياً على التنفيذ دائماً كلما عن المستأجر العين المحكوم بطرده منها بحكم نهائي ، ألا يمثل بشخصه عند إجراء التنفيذ، فلا يكون إتمامه إلا معلقاً على محض إرادته إن شاء مضى بالتنفيذ إلى نهايته من خلال حضوره لإجراءاته، وإن شاء أعاق التنفيذ بالتغيب عنه. وكذلك شأن الأحكام القضائية التي لا يجوز أن يكون إنفاذ آثارها معلقاً على محض إرادة من صدر الحكم ضده.
4 - متى كان الحكم الصادر بالطرد من القضاء المستعجل مشمولاً بالنفاذ المعجل، وكان المؤجر يعتبر بمقتضى هذا الحكم متمتعاً بحق ظاهر أضفى عليه المشرع حماية خاصة تبيح له إقتضاءه قبل أن يستقر بصفة نهائية ، وكان الحق في التقاضي المنصوص عليه في المادة 68 من الدستور لا تكتمل حلقاته إذا أعاق المشرع هذا التنفيذ من خلال تعليق صحته على مثول المستاجر بشخصه أثناء إجرائه، مثلما هو الأمر في النزاع الراهن، وكان النص المطعون فيه بما يؤدي إليه من بطلان كل تنفيذ تم في غيبة مستأجر العين، وقد عطل إعمال الآثار القانونية لحكم الطرد، جاعلاً تنفيذه رهناً بإرادة المستأجر فإنه بذلك يكون قد نقض أصل الحق في التقاضي وعطل الأغراض التي يتوخاها، وأعناق وصول الترضية القضائية التي كفلها حكم الطرد لأصحابها، وما يجيز في مجال تنفيذ الأحكام القضائية - دون مسوغ مشروع بين المستأجرين وغيرهم الذين يصح التنفيذ قبلهم بمجرد إعلان سند التنفيذ الشخص المدين أو في موطنه على ما تنص عليه المادة 281 من قانون المرافعات، ومن ثم فإن النص المطعون فيه يكون مناقضاً لأحكام المواد 34 و 40 و 65 و 68 و 72 . و 165 من الدستور .
الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا بجلسة 1999/2/6 في الدعوى رقم 81 لسنة 19 قضائية) (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : الخامس ، الصفحة : 974)