موسوعة قانون المرافعات

شرح خبراء القانون

تنفيذ الحكم بموجب مسودته:

الأصل في تنفيذ الحكم، أن يتم بموجب صورته التنفيذية وهي التي يحررها الموظف المختص متضمنة البيانات التي أوجبتها المادتان (178)، (179) من قانون المرافعات، وذلك بعد تذییله بالصيغة التنفيذية وإعلانه الشخص المحكوم عليه أو في موطنه ، ورتب المشرع البطلان على مخالفة ذلك، ولكنه استثنى من ذلك التنفيذ في المواد المستعجلة والأحكام الصادرة في الموضوع عندما يترتب على التأخير في التنفيذ الإضرار بالمحكوم له، فقد أجاز للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته، وحينئذ يقوم كاتب الجلسة بتسليم مسودة الحكم في ذات اليوم الذي صدر فيه لقلم المحضرين المختص لتنفيذه دون حاجة لوضع الصيغة التنفيذية على المسودة إذ يتطلب وضعها وجود صورة من نسخة الحكم الأصلية وهي لم تعد بعد ولأن ظروف المنازعة تتطلب أن يتم التنفيذ قبل إعداد تلك النسخة ولا تتخذ مقدمات التنفيذ في هذه الحالة، ومن ثم يصح التنفيذ دون حاجة إلي إعلان مسودة الحكم.

ويشترط للقضاء بالتنفيذ بموجب مسودة الحكم الشروط التالية :

1- أن يطلب المدعي الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وأن تأمر المحكمة بذلك في ذات المسودة. فإذا رفضت هذا الطلب صراحة أو ضمناً بإغفال النص عليه، امتنع التنفيذ بموجب مسودة الحكم، ولا يعتبر إغفال طلب التنفيذ بموجب المسودة من الطلبات الموضوعية التي عنتها المادة (193) من قانون المرافعات ، إذ ينحصر نطاق هذه المادة في الطلبات التي يجوز رفع دعوى مبتدأ بها، وليس من هذا القبيل طلب تنفيذ الحكم بموجب مسودته.

فإن لم يطلب المدعي ذلك، فلا يجوز للمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها، ولكن يجوز للمدعي في أية حالة تكون عليها الدعوى أن يطلب ذلك حتى في خلال فترة حجزها للحكم طالما كان مصرحا له بتقديم مذكرات.

2- أن يكون الحكم جائزاً تنفيذه فور صدوره، سواء بقوة القانون أو بحكم القواعد العامة كما لو كان مشمولاً بالنفاذ المعجل بأمر القاضي أو كان صادراً في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة، وتلك المسائل تقدرها المحكمة عندما تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وتندرج في نطاق حجية الحكم ويفترض أن المحكمة تحققت من توافرها عندما أمرت بتنفيذه بموجب مسودته ، مما يحول دون المحضر أن يمتنع عن التنفيذ بحجة أن الحكم خلوا من البيان المتعلق بصدوره في مادة مستعجلة أو أنه غير واجب النفاذ وفقاً للقواعد العامة ولم تشمله المحكمة بالنفاذ المعجل، كما لا يجوز لقاضي التنفيذ أن يحكم بوقف تنفيذه لأي من هذه الأوجه حتي لا يمس حجية الحكم وبالتالي أصل الحق.

ولا يحول الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته من المنازعة في تنفيذه ، سواء بإشكال وقتي أو بدعوى تنفيذ مستعجلة أو موضوعية، ومع مراعاة ما تقدم، يجوز إقامة الإشكال علي سبب لاحق لصدور الحكم، في حالة التراخي في تنفيذه، كما لو أقيم الإشكال على الوفاء أو الإبراء أو المقاصة.

وإذا خلت المسودة من بيان أطراف التنفيذ وبياناتهم، يتعين أن يتضمن ذلك الكتاب الذي يرافقه کاتب الجلسة بالمسودة والذي يوقع قلم المحضرين علي صورته بالإستلام ، ولا يشترط أن يتقدم طالب التنفيذ بطلب للتنفيذ لسبق تقديمه للمحكمة التي أصدرت حكمها بناء عليه. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء : التاسع ، الصفحة : 582)

قصدت هذه المادة مخالفة القواعد العامة في أمرين أولهما أنها تجيز التنفيذ بمقتضى مسودة الحكم وثانيهما تجيز تنفيذ الحكم بغير حاجة إلي إعلانه ويشترط لإعمال هذه المادة تحقق أحد أمرين أولهما أن يكون الحكم صادراً في مادة مستعجلة سواء كان صادرا من قاضي الأمور المستعجلة أو من قاضي التنفيذ في حالة ما إذا صدر الحكم في مادة مستعجلة كالإشكال الوقتي أم من قاضي الموضوع في طلب وقتي وسواء أكان الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل أم جائز التنفيذ وفقاً للقواعد العامة والأمر الثاني أن يترتب على التأخير في تنفيذ ما قضي به الحكم وقوع ضرر بمصلحة المحكوم له وللمحكمة مطلق تقدير الأمر . غير أنه يشترط في كلا الأمرين أن تأمر المحكمة في حكمها بتنفيذه بموجب مسودته وهذا يقتضي أن يطلب المحكوم له التنفيذ بموجب مسودة الحكم فإذا لم يعد هذا الطلب امتنع علي المحكمة القضاء به ( التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص 355 ، 356) . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : السابع ، الصفحة : 137)

إستثناءان من القواعد العامة في التنفيذ: تنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلانه:

إستهدف المشرع من هذه المادة مخالفة القواعد العامة في أمرين أولهما أنها تجيز التنفيذ بمقتضى مسودة الحكم وثانيهما أنها تجيز تنفيذ الحكم بغير حاجة إلى إعلانه ، ويشترط لإعمال هذه المادة تحقق اجد أمرين أولهما أن يكون الحكم صادرة في مادة مستعجلة سواء كان صادراً من قاضي الأمور المستعجلة أو من قاضي التنفيذ في حالة ما إذا صدر الحكم في مادة مستعجلة كالإشكال الوقتي أم من قاضي الموضوع في طلب وقتي وسواء أكان الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل أم جائز التنفيذ وفقا للقواعد العامة ، والأمر الثاني أن يكون الحكم صادراً في طلب موضوعی تأخير تنفيذ الحكم الصادر فيه يضر بمصلحة المحكوم له .

وللمحكمة مطلق تقدير الأمر، غير أنه يشترط في كلا الأمرين أن تأمر المحكمة في حكمها بتنفيذه بموجب مسودته، وهذا يقتضي أن يطلب المحكوم له التنفيذ بموجب مسودة الحكم فإذا لم ييد هذا الطلب أمتنع على المحكمة القضاء به ( أحمد أبو الوفا ص 325 وص 256 ، الديناصوري وعكاز - التعليق - ص 1268 )، وسوف تلقي الضوء على هذين الاستثناءين فيما يلي :

الاستثناء الأولية التنفيذ بغير صورة تنفيذية:

 الأصل أنه لا يجوز التنفيذ إلا بموجب صورة تنفيذية من السند التنفيذي أي بموجب صورة من ذلك السند مذيلة بصيغة التنفيذ ، وإستثناء من هذا الأصل يجوز التنفيذ في بعض الحالات غير الصورة التنفيذية للسند، بشرط أن يرد النص على ذلك صراحة في القانون، ويتضح هذا الإستثناء من المادة 280 مرافعات التي تنص على أنه لا يجوز التنفيذ في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ .

والنموذج لهذا الإستثناء هو ما تنص عليه المادة 286 مرافعات - محل التعليق - فوفقاً لهذا النص يجوز على سبيل الاستثناء تنفيذ الحكم المستعجل أو الحكم الموضوعي في الأحوال التي يكون فيها التأخير ضاراً دون حاجة إلى صورة تنفيذية بناء على أمر المحكمة، وتأمر المحكمة بهذا التنفيذ مني نذرت أن ظروف المحكوم له تستدعي السرعة في التنفيذ وعدم الإنتظار حتى يتم إعداد الصورة وإعلانها (وجدي راغب - مص 59)، إذ رأى المشرع في هذه الحالات أن تأجيل التنفيذ إلى حين حصول المحكوم له على صورة تنفيذية قد يؤدي إلى تفويت الغرض المقصود من إستصدار الحكم أو الإضرار الشديد بمصلحة المحكوم له امينة النمر - أحكام التنفيذ - بند 169 ص 216 ).

وفي هذه الحالات  تأمر المحكمة بأن يتم التنفيذ بموجب مسودة الحكم ويقوم الكاتب بتسليم السودة إلى المحضر مباشرة لا إلى المحكوم له، وينفذ المحضر بمقتضاها دون إعلانها إلى الخصم ثم يردها إلى الكاتب بمجرد الإنتهاء من تنفيذ الحكم، ووفقاً للرأي الراجح في الفقه (محمد حامد فهمي - ص 67 عبد الباسط جميعي - التنفيذ - بند 323 ص 355، أمينة النمر - ص 217) لا يلزم لإجراء التنفيذ في هذه الحالات وضع الصيغة التنفيذية على المسودة، لأن هذه الصيغة لا توضع إلا على صورة من السند عملا بالمادة 280 . والمسودة ليست صورة للحكم، كما أن الحكمة التي من أجلها أوجب المشرع وضع الصيغة التنفيذية وهي الدلالة على أن من بيده الصورة له الحق في إجراء التنفيذ لا تتحقق في هذه الحالات لأن مسودة الحكم لا تسلم للمحكوم له وإنما تسلم للمحضر وقد ثار خلاف في الفقه حول ما إذا كان القضاء بتنفيذ الحكم بموجب مسودته يجب أن يصدر بناء على طلب المحكوم له أن المحكمة يمكن أن تقضي به من تلقاء نفسها ، فذهب رأي إلى أنه يجوز للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها في المسائل المستعجلة والأحوال التي يكون التأخير فيها ضاراً ، لأن تنفيذ الحكم بالمسودة يعتبر مطلوباً بصفة ضمنية في مثل هذه الدعاوى ، إذ في الحالات المستعجلة أو في الحالات التي يكون التأخير فيها ضاراً يفترض أن الخصم قد نقدم بالطلب ، وهو ذو مصلحة أكيدة في ذلك ، بينما الرأي الراجح هو أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بتنفيذ الحكم بالسودة إلا بناء على طلب بقدم إليها بهذا المعنى، لأن نص المادة 286 لا يتضمن ما يمكن أن يستند الرأي الأول إليه (عبدالباسط جميعی - المباديء - ص 206 )، كما أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بأمر لم يطلبه الخصوم.

ويلاحظ أنه لا يوجد إستثناء من قاعدة التنفيذ بصورة تنفيذية إلا نص المادة 286 السالف الذكر، وإن كان هناك رأي في الفقه (محمد حامد فهمى - ص 286 أحمد أبو الوفا - بند 106 ص 245 ) يذهب أنصاره إلى أن هناك طائفة أخرى من الأحكام تنفذ بصورة تنفيذية، وهي الأحكام التي تصدرها المحاكم بغير الخصم جزاء تخلفه عن إيداع مستنداته عن القيام بالإجراءات المكلف بها أو عن تسببه  تأجيل الدعوى (مادة 99 مرافعات) ، ويستند أيضاً أنصار هذا الرأي إلى حجتين، الأولى هي أن هذه الأحكام لا تتخذ شكل الأحكام بل تصدر بقرارات يكتفي بإثباتها في محضر الجلسة ولا تكتب في محرر مستقل، والثانية أن هذه الأحكام تنفذ على المحكوم عليه بعد إخباره بكتاب موصى عليه من قلم الكتاب.

بيد أن هذا الرأي غير سديد وينتقده البعض (عبدالباسط جمیعی - المباديء - ص 207 - ص 209) . يحق - على أساس أن إثبات. هذه الأحكام في محضر الجلسة وعدم كتابتها في محرر مستقل لا يمنع من استخراج صورة منها أو تذييلها بالصيغة التنفيذية، أسوة بالاتفاق او الصلح الذي يثبت في محضر الجلسة أو يلحق بمحضر الجلسة وقد جعل منه المشرع سنداً تنفيذياً، كما أن كون تنفيذ هذه الأحكام يتم بعد إخبار المحكوم عليه بكتاب مسجل بعلم الوصول من قلم الكتاب فإنه لا يدل إلا على أمر واحد هو إعفاء هذه الأحكام من الإعلان على يد محضر وأن يكتفي في إعلانها بإرسال قلم الكتاب لخطاب مسجل بعلم الوصول فالإعفاء الخاص بالإعلان لا يعني الإعفاء عن التنفيذ من وضع الصيغة التنفيذية على الحكم، إنه بدون هذه الصبغة التي يأتمر بها القائم بالتنفيذ لن يكون هناك أساس لسلطته في تنفيذ هذه الأحكام، كما أنه يجب للقول بجواز التنفيذ بغير صورة تنفيذية من السند أن يكون لدينا نص واضح وصريح بذلك، وكون المشرع قد أشار في المادة 280 إلى وجود أحوال مستثناة من حكم تلك المادة لا يعني ذلك حتماً وبالضرورة وجود جملة حالات، وإنما هو تحفظ أورده المشرع الإحتمال وجود نصوص تقرر جواز التنفيذ بسند غیر مذيل بالصيغة التنفيذية، ولا يوجد استثناء الآن سوى حالة واحدة فقط وهي المنصوص عليها في المادة 286 مرافعات السالفة الذكر.

الإستثناء الثاني : التنفيذ بدون مقدمات:  

وفقاً للمادة 283 - محل التعليق - يجوز تنفيذ الحكم الصادر في مادة مستعجلة أو في الحالة التي يكون فيها التأخير ضاراً بدون اتخاذ مقدمات التنفيذ، ولكن يشترط لذلك أن تأمر المحكمة في حكمها بتنفيذه بموجب مسودته بناء على طلب المحكوم له إذ لا تستطيع المحكمة أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته من تلقاء نفسها بل يجب أن يطلب المحكوم له من المحكمة التنفيذ بموجب مسودة الحكم ، وإذا لم يتقدم بهذا الطلب فإنه لا تحكم المحكمة به ومن ثم لا يجوز تنفيذ الحكم بموجب مسودته حتى ولو كان صادراً في مادة مستعجلة أو في حالة يكون التأخير فيها ضاراً.

وفضلاً عن ضرورة أن تأمر المحكمة في حكمها بتنفيذه بموجب مسودته بناء على طلب المحكوم له، فإنه يجب أن يكون الحكم صادراً في مادة مستعجلة سواء كان صادراً من قاضي الأمور المستعجلة أو من قاضي الموضوع في طلب وقتی رفع إليه بإتباع الدعوى الموضوعية المرفوعة من قبل أمامه ، أو أن يكون الحكم صادراً في حالة يكون فيها التأخير ضاراً بمصلحة المحكوم له، وللمحكمة في ذلك مطلق السلطة التقديرية أحمد أبو الوفا - بند 145 ص 335 ) فيكون لها أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته إذا كان التأخير ضاراً سواء كان هذا الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل أو غير مشمول به، وإذا أمرت المحكمة بذلك فإن التنفيذ يتم فوراً بدون مقدمات. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء : الخامس،  الصفحة : 1017)

التعليقات معطلة.