موسوعة قانون المرافعات
النفاذ المعجل
لا يجوز تنفيذ الأحكام جبراً مادام الطعن فيها بالإستئناف جائزاً إلا إذا كان النفاذ المعجل منصوصاً عليه في القانون أو مأموراً به في الحكم.
ومع ذلك يجوز بمقتضاه إتخاذ الإجراءات التحفظية.
تقرير اللجنة التشريعية:
رأت اللجنة أن تصدر عن تقسيم مختلف لحالات النفاذ المعجل وهو تقسيمها إلى نفاذ معجل بقوة القانون ويكون ذلك بالنسبة للأوامر على العرائض والمواد المستعجل والمواد التجارية ونفاذ معجل قضائی جوازی للمحكمة في غيرها من الحالات التي أوردها المشرع.
وقد رأت اللجنة أيضاً العدول عما يقضي به المشروع من جعل الكفالة في المواد التجارية جوازية، وجعلتها واجبة بقوة القانون كما يقضي القانون القائم، وذلك نظراً لأهمية الضمان في المواد التجارية .
وقد إستتبع هذا التعديل تعديلاً أخر في المادة 178 من المشروع التي تنص على بيانات الحكم فيضيف بعد كلمة «ومكانه» عبارة «وما إذا كان صادراً في مادة تجارية أو مسألة مستعجلة».
كما استتبع التعديل الذي أدخلته اللجنة على نظام النفاذ المعجل وإلغاء النفاذ المعجل القضائي وجوباً ، تعديل نص المادة 290. (أصبحت 291) من المشروع التي تتعلق بالنظام من الوصف بحذف الإشارة إلى حالة الأمر بالنفاذ أو عدم الأمر به .
1- الحكم الإستئنافى الصادر بإلغاء الحكم الإبتدائى المشمول بالنفاذ المعجل ورفض الدعوى يكون بدورة قابلا للتنفيذ الجبرى لإزالة آثار تنفيذ الحكم الإبتدائى فيكون للمحكوم عليه فيه أن يسترد من المحكوم له ما يكون قد استوفاه بذلك الحكم وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل إجراء التنفيذ المعجل وأن الأحكام الحائزة لقوة الشىء المحكوم فيه تقبل التنفيذ ولا يمنع من تنفيذها قابليتها للطعن بالنقض أو الطعن عليها فعلا بهذا الطريق ولم تأمر محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم عملاً بنص المادة 251/2مرافعات .
(الطعن رقم 2632 لسنة 60 جلسة 1994/11/20 س 45 ع 2 ص 1423 ق 269)
2- الأحكام والقرارات الجائز تنفيذها ومؤقتا يكون - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على مسئولية طالب التنفيذ وحدوه - إذ يعد إجراء التنفيذ مجرد رخصة للمحكوم له إن شاء انتفع بها وإن شاء تربص حتى يحوز الحكم قوة الشىء المحكوم فيه - فإذا لم يتريث المحكوم له وأقدم على تنفيذ الحكم وهو يعلم أنه معرض للإلغاء عند الطعن فيه فإنه يكون قد قام بالتنفيذ على مسئوليته بغير تبصر فيتحمل مخاطره إذا ما ألغى الحكم ويصبح التنفيذ بغير سند من القانون بما يلزم طالب التنفيذ بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه وتعويض الضرر الذى قد ينشأ عن التنفيذ - ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم الذى جرى التنفيذ بمقتضاه صادرا من القضاء المستعجل إذ يقع على عاتق من بادر بتنفيذه، مسئولية هذا التنفيذ إذا ما ألغى هذا الحكم فى الاستئناف شأنه فى ذلك شأن الأحكام الصادرة فى الموضوع والمشموله بالنفاذ المعجل .
(الطعن رقم 482 لسنة 58 جلسة 1994/11/17 س 45 ع 2 ص 1395 ق 264)
3- تنفيذ الأحكام الجائز تنفيذها مؤقتا يكون على مسئولية طالب التنفيذ وحده ، إذ يعد إجراء التنفيذ مجرد رخصة للمحكوم له أن شاء إنتفع بها و إن شاء تربص حتى يحوز الحكم قوة الشى المحكوم فيه ، فإذا لم يتريث المحكوم له و أقدم على تنفيذ الحكم و هو يعلم أنه معرض للإلغاء عند الطعن فيه ، فإنه يكون قد قام بالتنفيذ على مسئوليته فيتحمل مخاطره إذا ما الغى الحكم ، فإن الحكم الصادر من محكمة جنح المنشية فى 1972/3/27 برفض الإشكال و الإستمرار فى التنفيذ ليس من شأنه وهو لم يصبح نهائياً للطعن فيه - أن يوجب على طالب التنفيذ الإستمرار فيه بل له أن يتريث حتى يصبح الحكم إنتهائياً إستعمالاً للرخصة المخولة له فى هذا الخصوص .
(الطعن رقم 597 لسنة 44 جلسة 1980/01/08 س 31 ع 1 ص 98 ق 22)
4- متى كان الحكم المستأنف قد قضى برفض طلب وقف إجراءات البيع بعد الحكم فى دعوى الإستحقاق الفرعية برفضها و الإستمرار فى التنفيذ ، و هو بهذه المثابة حكم مشمول بالنفاذ المعجل ، و يجوز تنفيذه جبراً رغم إستئنافه عملاً بالمادة 465 من قانون المرافعات السابق - المقابلة للمادة 287 من قانون المرافعات القائم - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن الإجراءات فى هذا الخصوص سليمة يكون قد إلتزم صحيح القانون .
(الطعن رقم 595 لسنة 39 جلسة 1975/03/26 س 26 ع 1 ص 675 ق 134)
النفاذ المعجل، وصف يلحق الحكم الذي تصدره محكمة الدرجة الأولي بموجب طلب من المدعي عندما يكون الأمر بالنفاذ المعجل جوازياً للمحكمة وقد يلحق هذا الوصف الحكم بقوة القانون في الحالات التي يتقرر فيها بنص خاص وفي هذه الحالة لا يلزم أن يطلبه المدعي أو ينص عليه في الحكم.
ويترتب على توافر هذا الوصف أن يكون الحكم سنداً تنفيذياً فور صدوره ويجوز بالتالي تنفيذه جبراً رغم عدم صيرورته حائزاً قوة الأمر المقضي فيكون تنفيذه معجلاً، وتظل له القوة التنفيذية ولو طعن فيه بطريق من طرق الطعن العادية كالإستئناف إلا إذا قضت محكمة الطعن بإلغاء وصف النفاذ المشمول به الحكم أو بإلغاء هذا الحكم، وحينئذ يفقد قوته التنفيذية إعتباراً من تاريخ صدوره ويتعين تبعاً لذلك إلغاء جميع إجراءات التنفيذ التي تمت باعتبارها إجراءات مؤقتة رهينة بقاء الحكم أو إلغائه، ويكون الحكم الصادر في الطعن هو السند التنفيذي لإعادة الحال إلي ما كان عليه دون حاجة لاستصدار حكم جديد، وتتخذ في شأن تنفيذه مقدمات التنفيذ ومن ثم يجب إعلانه لشخص من قام بالتنفيذ أو في موطنه الأصلي وتكليفه بإعادة الحال إلي ما كان عليه قبل التنفيذ الذي تم مع إيضاح هذا التنفيذ حسبما تضمنه محضر التنفيذ الذي يتعين إرفاقه بالسند التنفيذي عند تقديم طلب التنفيذ لقلم المحضرين ودون حاجة لإعلان هذا المحضر لوجود أصله بمستندات ملف التنفيذ.
النفاذ المعجل بقوة القانون :
الإعتبارات قدرها المشرع، أضفي وصف النفاذ المعجل على بعض الأحكام، وحينئذ تصبح هذه الأحكام نافذة نفاذاً معجلاً بقوة النص الذي أضفي عليها تلك الصفة، ويترتب على ذلك، أن تلتزم به المحكمة، فلا تعلق هذا النفاذ علي طلب المدعي له أو أن تقضي برفضه وإلا كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون، ولكن إن فعلت ذلك بأن رفضت شمول الحكم بالنفاذ المعجل رغم نفاذه بقوة القانون، فإن الحكم لا يصلح سنداً تنفيذياً حتى لو قضت بصدوره في مسألة مستعجلة أو في مادة تجارية طالما رفضت شموله بالنفاذ المعجل.
وإذا نصت المحكمة على شمول الحكم بالنفاذ المعجل، رغم نفاذه بقوة القانون فإن تنفيذ الحكم يتم بموجب النص الذي تضمنه ويكون نفاذه حينئذ بقوة القانون إذا كان المنطوق قد تضمن صدور الحكم في مادة مستعجلة أو في مسألة تجارية، فإن لم يتضمن المنطوق ذلك، فإن نفاذ الحكم يظل نافذاً بقوة القانون وحينئذ يلتزم كاتب المحكمة بوضع الصيغة التنفيذية إعمالاً لأمر المحكمة بتنفيذ الحكم معجلاً، كما يلتزم المحضر بالقيام بالتنفيذ، خلافاً للحالة التي لم يتضمن المنطوق البيان المتقدم ولم ينص فيه علي النفاذ المعجل، إذ يمتنع حينئذ وضع الصيغة التنفيذية، وإذا وضعت في هذه الحالة، تعين على المحضر أن يمتنع عن التنفيذ عند تقديم طلب التنفيذ إليه، إذ لم يتوافر في المنطوق أن الحكم واجب النفاذ بقوة القانون ولم ينص فيه على شموله بالنفاذ المعجل.
النفاذ المعجل بأمر المحكمة :
الأصل أنه لا يجوز تنفيذ الأحكام جبراً ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزاً لتجاوز قيمة الدعوى النصاب الانتهائي للمحكمة، فإن صدر الحكم في حدود هذا النصاب، فإنه يكون نافذاً بقوة القانون حتى لو طعن فيه بالاستئناف لوقوع بطلان فى الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم عملاً بالمادة (221) من قانون المرافعات.
فإن صدر في نطاق النصاب الإبتدائي، فإنه يجوز الطعن فيه بالإستئناف وبالتالي لا يجوز تنفيذه جبراً إلا إذا أمرت المحكمة بشموله بالنفاذ المعجل متى توافرت إحدى الحالات التي نصت عليها المادة (290) من قانون المرافعات ، وحينئذ يجوز تنفيذ الحكم جبراً تنفيذاً معجلاً حتى لو طعن فيه بالاستئناف ما لم تأمر المحكمة الاستئنافية بوقف النفاذ المعجل.
وحتي يعتبر الحكم المشمول بالنفاذ المعجل سنداً تنفيذياً، يتعين تذييله بالصيغة التنفيذية وإلا جاز للمحضر أن يمتنع عن تنفيذه عند تقديم طلب التنفيذ إليه ، وإن شرع في التنفيذ وقدم إليه إشكالاً، وجب عليه وقف التنفيذ وتحديد جلسة لنظره أمام قاضي التنفيذ. وإذا ذيل الحكم بالصيغة التنفيذية، وتبين للمحضر أنه غير مشمول بالنفاذ المعجل بأمر من المحكمة ولم تتوافر الشروط اللازمة لاعتباره نافذاً بقوة القانون بخلوه من البيان الذي يفيد صدوره في مادة مستعجلة أو مسألة تجارية، تعين عليه أن يمتنع عن تنفيذه أو يوقف التنفيذ على نحو ما تقدم.
ولا يجوز للمحكمة أن تشمل حكمها بالنفاذ المعجل إلا إذا طلب المدعي ذلك، فإن لم يطلبه فلا تتصدى له، لكن إذا أمرت به رغم عدم طلبه، فإن حكمها يحوز حجية في شأنه ويوجب على كاتب المحكمة وضع الصيغة التنفيذية عليه، كما يوجب على المحضر القيام بتنفيذه طالما استوفى مقومات السند التنفيذي، وإذا رفع إشكال إستناداً لهذا الوجه، تعين رفضه لمسار بحجية الحكم وبالتالي بأصل الحق المحظور على قاضي التنفيذ، ولا يكون أمام المحكوم عليه إلا الطعن فيه بالإستئناف ويضمنه طلباً بوقف النفاذ المعجل.
وإذا طلب المدعي شمول الحكم بالنفاذ المعجل، فيجوز لها إجابته إليه أو رفضه، وإن أغفلت الرد عليه كان ذلك رفضاً ضمنياً له يحول دون المدعي وإعادة طلبه لخروجه عن طريق الطلبات الموضوعية التي نصت عليها المادة (193) من قانون المرافعات، وفي حالة الرفض الضمني لا تلتزم المحكمة بتسبيب هذا الرفض، خلافاً للرفض الصريح فيتعين عليها تسبيبه، وتكتفي في هذا الصدد بأن تضمن حكمها أنها لا تري موجباً لإجابة هذا الطلب، أما إن إجابته وجب عليها أن تبين في أسباب حكمها الوجه الذي استندت إليه في ذلك حسبما تضمنته المادة (290) من قانون المرافعات.
فإذا تعددت الطلبات، وقضت بها، فإنه يتعين عليها أن تتناول كلا منها من حيث شموله بالنفاذ المعجل أو رفضه، إلا إذا إذا رأت رفضه بالنسبة لها جميعاً، فإنها تكتفي برفض شمول الحكم به ولا تثريب عليها في ذلك باعتبار أن الأمر بالنفاذ المعجل أصبح جوازياً للمحكمة في جميع الأحوال خلافاً للقانون القديم الذي كان يجعله وجوبياً في بعض الحالات وجوازياً في البعض الآخر.
وتأخذ ملحقات الطلب حكمه من حيث نفاذه معجلاً كالفوائد والتسليم والمصاريف متى قدرت في الحكم.
وإذا أمرت المحكمة بالنفاذ المعجل في الأسباب دون النص عليه في المنطوق فلا يعتبر ذلك إغفالاً وبالتالي رفضاً ضمنياً ، وإنما يعتبر قضاء به تضمنته الأسباب، مما يحول دون كاتب المحكمة والامتناع عن وضع الصيغة التنفيذية، كما يحول دون المحضر والامتناع عن التنفيذ. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : التاسع ، الصفحة : 584)
مؤدى هذا النص وكأصل عام أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة لا يكون أداة تنفيذ جبري علي المدين إلا إذا كان الطعن عليه بالإستئناف غير جائز كأن يكون صادراً في حدود النصاب الإنتهائي لمحكمة أول درجة أو يكون قد أصبح نهائياً لإنقضاء ميعاد الاستئناف أو بقبول المحكوم عليه له صراحة أو ضمناً أو يكون قد طعن عليه بالإستئناف وتأييد الحكم أو عدل أو حكم بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد أو بسقوط الخصومة في الاستئناف وكان ميعاد الاستئناف قد إنتهى ففي هذه الحالات التي يعتبر فيها الإستئناف غير جائز يصبح الحكم نهائياً واجب التنفيذ بقوة القانون ، ولا يمنع من قابلية الحكم التنفيذ جبراً أن يكون قابلاً للطعن فيه بأحد طرق الطعن الغير عادية وهما النقض والتماس إعادة النظر سواء رفع الطعن أو لم يرفع.
وإستثناء من هذا الأصل العام يجوز التنفيذ الجبري بموجب حكم صادر من محكمة أول درجة ولو لم يصبح نهائياً في حالتين الأولى إذا كان النفاذ المعجل واجباً بقوة القانون سواء كان ذلك بغير كفالة كالحكم الصادر في المواد المستعجلة أو بشرط تقديمها كالحكم الصادر في مادة تجارية والثانية أن ينص عليها الحكم الصادر من محكمة أول درجة بأن تأمر فيه المحكمة بالنفاذ المعجل في الأحوال التي يجوز الأمر فيها بالنفاذ المعجل بكفالة أو بغير كفالة والمبينة بالمادة 290 مرافعات .
وقد يكون الحكم نهائياً بنص ورد في قانون آخر غير قانون المرافعات يمنع الطعن عليه بالإستئناف كما هو الشأن فيما نصت المادة 567 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 من أنه لا يجوز الطعن بأي طريق في :
أ- الأحكام أو القرارات الخاصة بتعيين أو إستبدال قاضي التفليسة أو أمينها أو مراقبها .
ب- الأوامر الصادرة بإلغاء إجراءات المحافظة على شخص المفلس.
د- الأحكام الصادرة بوقف إجراءات التفليسة إلي حين الفصل في الطعن في قرار قاضي التفليسة بشأن قبول الديون أو رفضها.
هـ- الأحكام الصادرة بشأن قبول الديون المتنازع فيها مؤقتاً.
فالأحكام الصادرة في هذه الحالات الخمس تكون أداة للتنفيذ الجبري بمجرد صدورها حتي لو تنكب المحكوم عليه الطريق وطعن على الحكم بأي طريق من طرق الطعن سواء أكان طريقاً عادياً أم إستثنائياً .
وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 8 من القانون رقم (1) لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية علي أنه إذا حكم بعزل ناظر الوقف أو ضم ناظر آخر إليه، تعين المحكمة في الحالتين بحكم واجب النفاذ ناظراً بصفة مؤقتة إلى أن يفصل في الدعوى بحكم نهائي .
ومؤدي هذه الفقرة أن المحكمة تقوم بتعيين ناظر مؤقت للوقف في الحالتين الآتيتين :
الأولي أن يحكم بعزل الناظر الأصلي .
الثانية أن يحكم بضم ناظر آخر إلى الناظر الأصلي.
والحكم الصادر بتعيين الناظر المؤقت - على ما صرحت به نفس الفقرة - يكون واجب النفاذ بمجرد صدوره دون انتظار صيرورته نهائياً تقديراً من المشرع للضرر الذي يصيب المستحقين لو ترك أمر نفاذه القواعد العامة .
كذلك فإن مؤدي ما نصت عليه المادة 54 من نفس القانون رقم (1) لسنة 2000 أن القرارات الصادرة من محكمة أول درجة بصفة ابتدائية في مسائل الولاية علي المال واجبة النفاذ ولو مع حصول استئنافها عدا تلك الصادرة في مسائل شبه عددتها المادة وأجازت الفقرة الأخيرة من المادة للمحكمة المنظور أمامها الاستئناف أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يفصل في الطعن .
مسئولية إجراء التنفيذ المعجل :
التنفيذ المعجل - كما سبق أن ذكرنا - هو تنفيذ الحكم قبل الوقت المحدد لإجرائه وفقاً للقواعد العامة ولذلك فإن التنفيذ المعجل يكون تتفيذاً مؤقتاً قلق يرتبط مصيره بمصير الحكم ذاته فإذا تأيد الحكم من محكمة الطعن أو إذا صدر حكم موضوعي مؤيد الحكم المستعجل الذي نفذ معجلاً فإن إجراء التنفيذ التي إتخذت تستقر وتبقي صحيحة وتكون قد إتخذت بناء على سند يبرر إتخاذها أما إذا ألغي الحكم من محكمة الطعن فإن البحث يثور حول مسئولية طالب التنفيذ في التنفيذ المعجل الذي أجراه وذلك إذا كان قد استوفى حقه من المدين ، لا جدال في أن المحكوم عليه يسترد من المحكوم له ما يكون قد استوفاه منه وذلك لأن الواجب في هذه الحالة هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل إجراء التنفيذ المعجل فالحكم الصادر من محكمة الطعن بإلغاء الحكم المنفذ به يكون سنداً تنفيذياً بإلغاء ما تم من إجراءات ويجوز التنفيذ بمقتضاه لرد ما إستوفي أو قبض على الرغم من أنه لا يتضمن حكماً بالإلزام، كذلك فإنه من المستقر عليه فقهاً وقضاء أن المحكوم له في الحكم الذي نفذ معجلاً يكون مسئولاً عن التنفيذ الذي تم وملزماً بتعويض الضرر الذي أصاب المنفذ ضده من جراء هذا التنفيذ متى كان سيئ النية مبطلاً في دعواه وتأسيساً على ذلك إذا صدر حكم بنفقة مؤقتة في الحكم المستعجل وصدر الحكم في الاستئناف بإلغائه فإن هذه النفقة التي استوفيت يجب ردها فالمحكوم له يلزم برد ما إستوفي منها من أصل وفوائد وملحقات من تاريخ قبضتها عن إلتزامه بالتعويض عن الضرر الذي يلحق المنفذ ضده وذلك بشرط أن يثبت أنه كان سئ النية أما إذا كان طالب التنفيذ حسن النية فقد إختلف الفقه في هذا الصدد فذهب الرأي الأول إلي أنه يسأل بتعويض الضرر الذي لحق خصمه علي سند من أن تنفيذ حكم غير نهائي تنفيذاً مؤقتاً عمل لا يخلو من عدم التبصير الموجب لمسئولية المحكوم له لعلمه أن هذا الحكم قد يطعن فيه وقد يلغي من محكمة الطعن إذ كان من الممكن أن يكتفي بتوقيع حجز ما لمدينة على مسئوليته فكأنه يضمن ثبات الحكم وإستقراره هذا بالإضافة إلى أن إجراء التنفيذ ليس حقاً للمحكوم له وإنما هو رخصة إن شاء إستعملها وإن شاء إنتظر وتريث إلي أن يستقر الحكم ، وحتي بفرض أن التنفيذ ليس رخصة بل هو حق فإن هذا الحق يزول بزوال الحكم ويصبح التنفيذ الذي تم غیر مستند إلي أساس من الحق ورتبوا علي ذلك أنه يجوز إلزام من باشر التنفيذ المعجل بفوائد المبالغ التي قبضها من تاريخ القبض حتى تاريخ الرد التنفيذ (لحامد فهمي ص 39 وما بعدها وأبو هيف رقم 83) ونادي الرأي الأخر بأن المحكوم له لا يعتبر مسئولاً عن النفاذ المعجل فلا يلزم بالتعويض أو الفوائد على سند من أنه كان يجري التنفيذ المؤقت في وقت كان له الحق في إجرائه بمقتضى حق لا رخصة – أو حكم المحكمة - ولا مسئولية حيث لا يتوافر الخطأ و علي إعتبار أن فشل الشخص في التجائه إلى القضاء لا يعتبر في ذاته دليلاً على خطئه موجباً لمسئوليته وإنما هو يسأل إذا كان سيء النية فمن باب أولي فإن الذي يقوم بإجراء معين معتمداً علي حق ظاهر منحه إياه حكم لم يستقر بعد لا يكون مسئولاً إذا فشل في النهاية لأنه أولي بالرعاية من الأول الذي لم يستند إلي حق ظاهر أو إلي حكم غير مستقر وأضاف أصحاب هذا الرأي قائلين أنه لو سلمنا بمسئولية المحكوم له في هذه الحالة لتعين سريان نفس المبدأ على من ينفذ بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم به لقيامه بتنفيذه إذا ألغي الحكم بعدئذ من محكمة الطعن لأن كليهما قاما بالتنفيذ على أساس سند صحيح أبطل فيما بعد، فالتنفيذ الذي تم فيه في الحالتين أصبح غير مستند إلى أساس من الحق إذ يتعين أن يخضع التنفيذ في الحالتين لقاعدة واحدة فإما أن يكون المحكوم له مسئولاً في الحالتين وإما أن تنتفي المسئولية فيهما ، ولم يقل أحد أن المحكوم له بحكم حائز لقوة الشيء المحكوم به يعتبر مسئولاً إذا ألغي الحكم من محكمة الطعن وبالتالي فلا محل للقول بالمسئولية في حالة النفاذ المعجل وأردفوا أن القول بأن المحكوم له كان عليه ليتفادي المسئولية أن يتريث حتي يصبح الحكم حائزاً لقوة الشيء المحكوم به غير سديد إذ يترتب علي ذلك في كثير من الأحيان إهدار الحق المحكوم له به فضلاً عن عدم الإفادة من الميزة التي قصدها المشرع من تقرير حالات النفاذ المعجل كما هو الحال بالنسبة للأحكام الصادرة في المواد المستعجلة . ( أبو الوفا في التنفيذ الطبعة الثامنة ص 58 وما بعدها ورمزي سيف في التنفيذ بند رقم 71 وأحكام التنفيذ الجبري الأمينة النمر ص 168) وهذا الرأي الأخير وإن كان هو الراجح في الفقه وهو الذي نؤيده للأسانيد الصحيحة التي بني عليها إلا أن المحكمة النقض قد ناهضته وتبنت الرأي الأول وإضطردت أحكامها على الأخذ به .
ومما هو جدير بالذكر أن موضوع مسئولية إجراء التنفيذ المعجل لا يثور إلا بالنسبة للتنفيذ الذي يجوز أن يتم بمقتضى حكم مشمول بالتنفيذ المعجل أما حيث قدر المشرع أن المحكوم عليه قد يصاب من جراء تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ المعجل بضرر لا يمكن إزالته إذا ما ألغي الحكم نتيجة الطعن فيه بالاستئناف بحيث يستوجب الأمر إرجاء التنفيذ إلي أن يصبح الحكم حائزاً لقوة الشيء المحكوم به ومثال ذلك ما قرره المشرع في المادة 426 مرافعات من إنه إذا شرع في التنفيذ علي العقار بمقتضى حكم معجل النفاذ فلا تجري المزايدة إلا بعد أن يصبح الحكم نهائياً، وما نصت عليه المادة 426 من قانون تنظيم الشهر العقاري من أنه لا يجوز محو القيد إلا بمقتضى حكم نهائي أو برضاء الدائن، ففي هاتين الحالتين وأمثالها فإنه إذا ألغي الحكم الذي أجري التنفيذ بمقتضاه تبطل إجراءات التنفيذ التي إتخذت لزوال السند بناء عليه ولكن دون أن تثار مسألة رد ما استوفي أو مسألة الإلتزام بالتعويض عن الضرر الذي قد يلحق بالمنفذ ضده . ( رمزي سيف ص 41 وفتحي والي ص 89).
ومسئولية طالب التنفيذ عن التعويض على النحو المتقدم سواء كان سيء النية أم حسنها على النحو الذي استقر عليه قضاء النقض ، مقررة سواء كان الحكم المنفذ به صادرا من قضاء الموضوع ومشمولاً بالنفاذ المعجل بحكم المحكمة أو كان صادراً من القضاء المستعجل وواجب النفاذ بقوة القانون فإذا بادر المحكوم الصالحه ونفذ الحكم المستعجل إلا أنه ألغي في الاستئناف فإنه يجوز للمنفذ ضده أن يرجع عليه بالتعويض على النحو آنف البيان ، كذلك الشأن إذا تنفذ الحكم المستعجل وتأيد في الاستئناف إلا أن قضاء الموضوع قضى بخلافه كما إذا حكمت محكمة الأمور المستعجلة بطرد المدعى عليه من العقار وظاهرها في ذلك المحكمة الاستئنافية إلا أن محكمة الموضوع قضت برد حيازة المدعى عليه للعقار بحكم نهائي ففي هذه الحالة أيضاً تتحقق مسئولية طالب التنفيذ عن التعويض. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السابع ، الصفحة : 138)
القاعدة العامة في تنفيذ الأحكام والاستثناءات منها:
القاعدة العامة في تنفيذ أحكام الإلزام هي أن هذه الأحكام لا يجوز تنفيذها تنفيذاً جبرياً إلا إذا كانت أحكاماً نهائية أي لا تقبل الطعن فيها لا بالاستئناف، سواء كانت صادرة من محكمة الاستئناف أو فات ميعاد الطعن فيها بالإستئناف دون أن يطعن فيها فعلاً، حتى لو كانت قابلة للطعن بطريق غير عادي من طرق الطعن (النقض والتماس إعادة النظر) أو تم الطعن فيها فعلاً بإحدى هذه الطرق غير العادية.
وهذه القاعدة تستفاد من نص المادة 2/287 - محل التعليق - على عدم جواز تنفيذ الأحكام جبراً ما دام الطعن فيها بالاستئناف جائزاً ، ومن نص المادة 244 على أنه لا يترتب على رفع الالتماس وقف تنفيذ الحكم، ومن نص المادة 251 على أنه لا يترتب على الطين بطريق النقض وقف تنفيذ الحكم.
وعلة هذه القاعدة هي أن الحكم النهائي أي الذي لا يقبل الطعن بالطرق العادية يتضمن تأكيداً للحق الثابت به بدرجة يرجع معها احتمال تأييده إذا ما تم الطعن فيه بطريق غير عادي، كما أن الطعن بالطرق غير العادية لا يجوز إلا في أحوال معينة ولأسباب محددة نص عليها المشرع، وذلك بعكس الحال بالنسبة لطرق الطعن العادية التي يجوز الإلتجاء إليها دون التقيد بأسباب معينة.
وإذا كانت القاعدة هي أن الأحكام النهائية أي التي لا يجوز الطعن فيها بالاستئناف هي التي يجوز تنفيذها بينما الأحكام غير النهائية أي التي تكون قابلة للطعن فيها بالاستئناف لا يجوز تنفيذها لإحتمال إلغائها، إلا أن المشرع قد أورد على هذه القاعدة إستثناء مؤداه جواز تنفيذ الأحكام غير النهائية في الحالات التي ينص فيها القانون على ذلك أو إذا قررت المحكمة عند إصدار الحكم غير النهائي على أنه يجوز تنفيذه، وهذا هو ما يعرف بالنفاذ المعجل للأحكام غير الانتهائية.
كذلك فإنه إذا كانت القاعدة السابقة تعني عدم تأثر تنفيذ الحكم النهائي بالطعن فيه أمام محكمة النقض أو أمام محكمة الالتماس، فإن المشرع أورد استثناء من ذلك أيضاً مؤداه أنه يجوز للمحكمة النقض والحكمة الالتماس وقف تنفيذ الحكم النهائي إذا ما توافرت شروط معينة بل إن المشرع أجاز وقف النفاذ المعجل للأحكام غير النهائية أمام محكمة الإستئناف، وسوف نوضح ذلك بالتفصيل بعد قليل.
التعريف بالنفاذ المعجل للأحكام غير النهائية ومبرراته وأنواعه:
إستثناء من القاعدة العامة في تنفيذ الأحكام يجيز المشرع تنفيذ الحكم الابتدائي تنفيذاً معجلاً كما فالنفاذ المعجل هو صلاحية الحكم غير النهائي للتنفيذ الجبري، ويسمى هذا النفاذ معجلاً لأنه تنفيذ الحكم قبل الأوان أي قبل أن يعتبر إنتهائياً (وجدي راغب - ص 70)، وهذا التنفيذ هو تنفيذ قلق غير مستقر لأن مصيره يتعلق بمصير الحكم ذاته (أحمد أبو الوفا - بند 24 ص 55 ) ، فهو يبقى إذا بقي الحكم وأيدته محكمة الطعن، ويزول ويسقط وتسقط إجراءاته إذا ألغت محكمة الطعن الحكم، ولذلك يوصف بأنه نفاذ مؤقت أي غير نهائی (فتحى والى - بند 29 ص 55 ) نظراً لكونه يتوقف على نتيجة الفصل في الطعن.
وقد أجاز المشرع تنفيذ هذه الأحكام غير النهائية على سبيل الإستثناء الاعتبارات معينة رآها جديرة بتقرير هذا الإستثناء (أمينة النمر - أحكام التنفيذ الجبري - بند 125 ص 166 أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة)، فقد لاحظ المشرع أن هناك حالات يكون فيها سند المحكوم له قوياً بحيث يرجح معه إحتمال تأييد الحكم إذا طعن فيه، وحالات يكون فيها موضوع الدعوى مستعجلاً مما يتعين تنفيذ الحكم الصادر فيه فوراً وإلا فات الغرض الذي قصده المشرع من طرح الموضوع بصفته المستعجلة على القضاء، وحالات يكون فيها المحكوم له ممن رعاهم المشرع برعاية خاصة مما يتطلب التعجيل بحصولهم على حقهم تحقيقاً لهذه الرعاية.
الهدف من النفاذ المعجل (رمزی سيف بند 26 ص 31)، هو التوفيق بين مصلحة المحكوم له في إجازة تنفيذ الحكم الصادر لمصلحته دون تربص حتى يصبح الحكم حائزاً لقوة الأمر المقضي به أی يصبح نهائياً وبين مصلحة المحكوم عليه في ألا ينفذ ضده من الأحكام إلا ما أستقر وأصبح غير قابل للطعن فيه وغير محتمل إلغاؤه من محكمة الطعن ولذلك حرص المشرع على تحديد حالات التنفيذ المعجل وتنظيمها.
وقد كان قانون المرافعات المصري السابق بنص على العديد من حالات النفاذ المعجل، ويقسمها تقسيمات معقدة، فكان هناك النفاذ المعجل بقوة القانون ثم النفاذ المعجل بحكم القاضي أي النفاذ المعجل القضائي، وكان هذا الأخير ينقسم قسمين نفاذ معجل قضائي وجوبي أي لا يوجد للقاضي أي سلطة تقديرية بصدده فهو ملزم بالحكم به متى توافرت حالات، ونفاذ معجل قضائی جوازی أي يخضع للسلطة التقديرية القاضي في الحكم أو عدم الحكم به، ولكن أعاد المشرع المصري في قانون المرافعات الحالى تنظيم النفاذ المعجل ولم يعد لأنواع النفاذ المعجل إلا نوعين: نفاذ معجل بقوة القانون ونفاذ معجل قضائي أی يترك للقاضي عند توافر حالات سلطة تقديرية مطلقة في الحكم أو عدم الحكم به.
وفي حالات النفاذ المعجل بقوة القانون وهو ما يطلق عليه أيضاً النفاذ المعجل القانوني أو النفاذ المعجل الحتمي أو النفاذ المعجل الوجوبی، يكون الحكم قابلاً للتنفيذ الجبري لمجرد صدوره في إحدى هذه الحالات، فالحكم في هذه الحالات يستمد صلاحيته للتنفيذ من نص القانون مباشرة دون حاجة لأن تصرح المحكمة به في حكمها ودون حاجة أيضاً لأن بطلبه الخصم من المحكمة (عبد الباسط جمیعی - المبادىء العامة في التنفيذ - ص 77 - ص 79)، وإذا طلب الخصم شمول الحكم بالنفاذ في هذه الحالات ولم تتعرض المحكمة لهذا الطلب فلا يعتبر ذلك خطأ منها، كذلك لا يعتبر سكوت المحكمة وإغفالها التحدث عن هذا الطلب بمثابة رفض له، فلا تملك المحكمة أي سلطة تقديرية بالنسبة لحالات النفاذ المعجل بقوة القانون فإذا ما توافرت إحدى هذه الحالات يكون على المحكمة أن تعمل قواعده، وإذا رفضت المحكمة إجازة تنفيذ الحكم معجلاً وقضت بذلك صراحة في الحكم على الرغم من صدوره في إحدى حالات النفاذ المعجل القانوني فإنها تكون قد أخطأت (عبدالباسط جمیعی - المبادىء العامة في التنفيذ- ص 77 - ص 79)، ويكون للمحكوم له أن يطعن في الحكم بسبب الخطأ في الوصف عملاً بالمادة 291 مرافعات الوجود خطأ في الوصف من شأنه منع تنفيذ الحكم إذا تظلم الخصم طبقاً المادة 291 مرافعات وصدر حكم في التظلم بالنفاذ فإنه يجب على المحضر أن يقوم بتنفيذ الحكم بناء على الحكم الصادر في التظلم، وليس للمحضر قبل صدور الحكم في التظلم أن ينفذ الحكم الصادر في إحدى حالات النفاذ المعجل القانوني والتي نصت المحكمة على رفض تنفيذه خطا منها، فرغم أن النفاذ هنا حاصل بقوة القانون. وأمر المشرع أجدر بالإحترام من خطأ المحكمة، فإن المحضر ليست له سلطة تقدير ما إذا كانت المحكمة مخطئة أم أنها على صواب بل هو يمتثل لما تحكم به المحكمة وعلى الخصم أن يتظلم من الحكم الخاطئ ثم يأتي بعد ذلك دور المحضر في تنفيذ الحكم الأصلي بناء على الحكم الصادر في التظلم بالنفاذ كما أوضحنا.
كذلك يلاحظ أن الحكم يكون مشمولاً بالنفاذ المعجل بقوة القانون إذا صدر في إحدى حالاته، ولو لم ينص في الحكم على ذلك، لأنها حالات واضحة يستطيع المحضر أن يتبينها بمجرد الإطلاع عليه.
أما في حالات النفاذ المعجل القضائي فإنه يجب على الخصم أن يتقدم إلى المحكمة بطلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل، فإذا لم يطلبه من الحكمة فإنه لا يجوز لها أن تقضى به من تلقاء نفسها ولو توافرت إحدى حالاته وإلا كان الحكم قابلاً للتظلم من الوصف من المحكوم عليه عملاً بالمادة 291، وإذا تقدم الخصم بطلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل فإنه يجب على المحكمة أن تتأكد من توافر إحدى الحالات الواردة في المادة 290 وهي حالات النفاذ المعجل القضائي، ويكون لها في ذلك سلطة تقديرية في الحكم بجواز التنفيذ أو رفضه لأن الأمر جوازي بالنسبة لها، ويجب على المحكمة إذا رأت تنفيذ الحكم تنفيذاً معجلاً أن تنص على ذلك في الحكم، وإذا لم تنص المحكمة في الحكم على شموله بالنفاذ المعجل فإن ذلك يعتبر رفضاً ضمنياً للنفاذ المعجل ومن ثم لا يجوز تنفيذ هذا الحكم تنفيذاً معجلاً لأن النفاذ المعجل القضائي إنما يستمد من الحكم ذاته، أي من النص عليه في الحكم، وذلك بعكس الحال في النفاذ المعجل القانوني الذي يستمد من نص القانون مباشرة، ولذلك فإن من واجب الحضر أن يمتنع عن تنفيذ الحكم نفاذاً معجلاً إذا صدر في حالة من حالات النفاذ المعجل القضائي ولم تنص المحكمة فيه على شموله بالنفاذ المعجل، بينما يجب على المحضر أن ينفذ الحكم نفاذاً معجلاً إذا صدر في حالة من حالات النفاذ المعجل القانوني حتى ولو لم تنص المحكمة في الحكم على شموله بالنفاذ المعجل كما ذكرنا، لأن الخضر في النفاذ المعجل القضائي إنما يمتثل لأمر المحكمة به بينما في النفاذ المعجل القانوني يمتثل لأمر المشرع مباشرة.
وسواء كان الحكم المشمول بالنفاذ المعجل صادراً في حالة من حالات النفاذ المعجل الوجوبي او النفاذ المعجل القضائي، فإن المشرع قد وازن بين مصلحة المحكوم له في النفاذ المعجل لهذا الحكم الإبتدائي غير النهائي ومصلحة المحكوم عليه في ضمان إزالة آثار هذا النفاذ عند إلغاء الحكم، فالحكم الذي ينفذ نفاذاً معجلاً من المحتمل أن يلغي سواء من محكمة الطعن أو من المحكمة الموضوعية بصدور الحكم القطعي مخالفاً للحكم. الوقت الذي نفذ معجلاً، ولذلك رأى المشرع أنه من الأفضل تقرير ضمانات معينة للمحكوم عليه لتعويضه عن الأضرار التي تلحق به إذا تعذرت ان إستحالت إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ المعجل، ومن هذه الضمانات. نظام الكفالة، ووفقاً له يتعلق تنفيذ الحكم نفاذاً معجلاً على تقديم الكفالة، ولكن لم يتطلب المشرع تقديم كفالة من المحكوم له في كل حالة ينفذ فيها الحكم معجلاً بل في بعض الحالات فقط كما سيتضح لنا بعد قليل.
مسئولية المحكوم له عن تنفيذ الحكم الابتدائى تنفيذاً معجلاً :
التنفيذ المعجل هو تنفيذ قلق يتعلق مصيره بالحكم ذاته كما ذكرنا، ولاشك أنه إذا أيدت محكمة الطعن الحكم الإبتدائي النافذ نفاذاً معجلاً فإن إجراءات التنفيذ المعجل التي اتخذت تستقر وتبقي صحيحة نظراً لإقترانها بما يسوغها وإرتكازها على سند تنفيذي يبررها (أحمد فتحي وعبد الفتاح السيد - التنفيذ علما وعملا- الطبعة الثانية - بند 265 ص 223 أمينة النمر - أحكام التنفيذ الجبري - بند 127 ص 168 )، ولكن إذا ما النبي الحكم النافذ نفاذاً معجلاً من محكمة الطعن، فإن إستقرار إجراءات التنفيذ التي اتخذت سوف يتزعزع والقاعدة المسلم بها هنا أنه يجب إعادة الحال إلى ما كان عليه (محمد حامد فهمي - بند 65 ص 47 رمزي سيف - بند 58 ص 85 ، فتحی والی بند 43 ص 82 ، أحمد أبو الوفا - بند 25 ص 56 أمينة النمر - الإشارة السابقة، نبيل عمر- بند 91 ص 204 )، فيسترد المحكوم عليه من المحكوم له ما يكون قد استوفاه منه، ولا خلاف في هذا لأنه الأثر الحتمي لإبطال السند الذي أجرى التنفيذ بمقتضاه (محمد حامد فهمي - الإشارة السابقة).
ولكن فضلاً عن إعادة الحال إلى ما كان عليه هل يلتزم المحكوم له بتعويض الضرر الذي يلحق بالمحكوم عليه نتيجة لتنفيذ حكم إبتدائي تنفيذاً معجلاً الغي من المحكمة الاستئنافية؟.
يجب التفرقة بين ما إذا كان المحكوم له سيئ النية أم لا، فإذا كان سيئ النية أي كان عالماً بأنه مبطل في دعواه أو كان الحكم الإبتدائي مبنياً على غش أو تزوير، فإنه يلتزم بتعويض الضرر الذي لحق المحكوم عليه من جراء هذا التنفيذ، ولا جدال في ذلك (أحمد أبو الوفا ۔ بند 25 ص 56 محمد حامد فهمي - بند 66 ص 48 - أحكام التنفيذ - بند 127 ص 168 ).
أما إذا كان المحكوم له حسن النية، فقد ثار جدل في الفقه حول مدى التزامه بتعويض المحكوم عليه، فذهب إلى أنه يلتزم بتعويض الضرر حتى ولو كان حسن النية (من هذا الرأی: جارسونيه - الجزء السادس - بند 115 ص 213 ، عبد الحميد أبو هيف طرق التنفيذ والتحفظ بند 83 ص 63 فتحی والی - بند 43 ج 83 ، محمد عبدالخالق عمر بند 227 ص 230 محمد حامد فهمي بند 66 ص 48، و نقض 1988/11/2 - الطعن رقم 93 لسنة 55 قضائية نقض 1967/5/22 ، السنة 18 ص 1084 نقض 1969/3/27 ، السنة 20 ص 508 نقض 1980/1/8 ، السنة 31 ص 98)، على أساس أن المحكوم له بحكم واجب النفاذ مؤقتاً إنما يجري التنفيذ على مسئوليته لأن الحكم الذي ينفذ به ليس نهائياً وإنما هو معرض للإلغاء عندما يطعن الخصم فيه فيجب عليه ألا يقدم على التنفيذ إلا إذا كان متأكداً من أن الحكم سيؤيد وإلا امتنع عن التنفيذ حتى يصبح الحكم نهائياً أو يفضل المخاطرة بالتنفيذ ويحتمل المسئولية في حالة إلغاء الحكم، خاصة أن تنفيذ الحكم الإبتدائى تنفيذاً مؤقتاً مع إحتمال إلغائه بالطعن فيه لا يخلو من عدم التبصر الموجب المسئولية المحكوم له لعلمه أن الحكم جائز الطعن فيه ويحتمل إلغاؤه، كما يستند أنصار هذا الرأي إلى أن التنفيذ المعجل ليس حقاً للمحكوم له وإنما رخصة يستعملها المحكوم له إن شاء على مسئوليته وإن شاء أنتظر وتريث إلى أن يصبح الحكم نهائياً وحتى يفرض أن التنفيذ المعجل ليس رخصة بل حق للمحكوم له فإن هذا الحق يزول بزوال الحكم الإبتدائي نتيجة للطعن فيه ويصبح التنفيذ الذي تم غیر مستند إلى أساس من الحق.
بينما ذهب رأي آخر نؤيده إلى أن المحكوم له بحكم مشمول بالنفاذ المعجل لا يعتبر مسئولاً عن الضرر الذي لحق بالمحكوم عليه إذا كان حسن النية (من القائلين بهذا الرأي رمزي سيف - بند 60 ص 60 - ص 62 أحمد أبو الوفا - بند 25 ص 56 - ص 59، أمينة النمر - أحكام. التنفيذ - بند 127 ص 198 - ص 171 ، نبيل عمن - بند 91 ص 20)، وأساس هذا الرأي الراجح أن المحكوم له بالنفاذ العجل إنما يستعمل حقاً خوله إياه القانون، ومن استعمل حقه لا يسأل إلا إذا أساء هذا الاستعمال أو كان سيئ النية، فالمحكوم له يجرى النفاذ المؤقت بمقتضى حق لا رخصة، وذلك . لأن الرخصة وفقاً لأسلم المعايير في التفرقة بينها وبين الحق في مكنة يعترف بها القانون لجميع الأشخاص، ومن ثم لا يعتبر إجراء النفاذ المؤقت من قبيل الرخص التي منحها القانون الجميع كالمرور في الطريق العام مثلاً وإنما هو حق بالمعنى الخاص للكلمة، فمن صدر له حكم مشمول بالنفاذ يعتبر صاحب حق ظاهر بحمية المشرع ويمنحه رعاية خاصة فيبيح له اقتضاء هذا الحق قبل أن يستقر الحكم نهائياً، ويجب أن يكون شأنه شأن أي صاحب حق ظاهر بحمية القانون لا يسأل إذا باشر هذا الحق، فمثلاً الخصم الذي يطالب بتعيين حارس قضائي على عين متنازع على ملكيتها ويحكم له بذلك لا يسال بالتعويض إذا حكم عليه في دعوى الملكية بحجة أنه سار في إجراءات ثبت أنه لم يكن على حق في إجرائها.
كما أنه إذا كان القانون لا يعتبر فشل أي خصم في الإلتجاء إلى القضاء دليلاً على خطئه موجباً لمسئوليته وإنما هو بسأل إذا كان سيئ النية، فمن باب أولى ذلك الشخص الذي يقوم بإجراء معين معتمداً على حق ظاهر منحه إياه حكم لم يستقر بعد، لا يكون مسئولاً إذا فشل في النهاية لأنه أولى بالرعاية من الأول الذي لم يستند إلى حق ظاهر أو إلى حكم غير مستقر يحتمل إلغاؤه.
كما أنه ليس صحيحاً القول بأن حق المحكوم له في إجراء التنفيذ يزول بإلغاء الحكم فيصير التنفيذ الذي تم غير مستند إلى أساس من الحق، والدليل على عدم صحته أن من مقتضى هذا القول أيضاً أن يسال المحكوم له بحكم نهائي حائز لقوة الشئ المحكوم فيه إذا نفذه ثم بعد ذلك نتيجة للطعن فيه بطريق طعن غير عادي لأن التنفيذ بصبح بعد إلغاء الحكم غیر مستند إلى أساس من الحق، مع أنه من المسلم به أن المحكوم له بحكم حائز لقوة الشئ المحكوم فيه لا يسأل عن تنفيذه إذا ما ألغى الحكم بعد الطعن فيه بطريق غير عادي إلا إذا كان سيئ النية.
فلا محل للتفرقة بين تنفيذ الحكم تنفيذاً معجلاً وبين تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المحكوم فيه إذا ما الغي كل منهما بعد الطعن فيه بطريق الطعن المناسب، وإذا كان تنفيذ الحكم تنفيذاً معجلاً لا يخلو من عدم التبصر لعلم المحكوم له أن الحكم قد يلغي بعد الطعن فيه بالمعارضة أو الإستئناف كما يدعي أنصار الرأي الأول، فإن تنفيذ الحكم الحائز لقوة الشيء المحكوم فيه القابل للطعن فيه بطرق الطعن غير العادية لا يخلو كذلك من عدم التبصر فقد يلغي الحكم بعد الطعن فيه بطرق الطعن غير العادية، كما أن القول بأن المحكوم له كان عليه ليتفادى مسئوليته أن يتريث حتى يصبح الحكم حائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه يؤدي إلى إهدار الحق المحكوم له وإلى عدم الإفادة من المنفعة التي قصدها المشرع من تقرير حالات النفاذ المعجل.
والواقع أن تقرير مسئولية المحكوم له بالنفاذ المعجل رغم حسن نيته، سوف يؤدي في اعتقادنا إلى انهزام الغرض الذي ابتغاه المشرع من إيجاد نظام النقاد المعجل، وستصبح القواعد المنظمة للنفاذ المعجل مجرة نصوص غير قابلة للتطبيق في الحياة العملية، إذ يخشى المتقاضون محاولة تطبيقها تفادياً للمسئولية، ولذلك فإنه من الأفضل عدم القول بمسئولية المحكوم له بحكم مشمول بالنفاذ المعجل إذا كان حسن النية وإلزامه فقط بإعادة الحال إلى ما كان عليه إذا ما ألغي هذا الحكم فيما بعد. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء : الخامس، الصفحة : 1023)