موسوعة قانون المرافعات
محل التنفيذ
يجوز في أية حالة كانت عليها الإجراءات قبل إيقاع البيع إيداع مبلغ من النقود مساوٍ للديون المحجوز من أجلها والفوائد والمصاريف يٌخصص للوفاء بها دون غيرها، ويترتب علي هذا الإيداع زوال الحجز عن الأموال المحجوزة وإنتقاله إلى المبلغ المودع. وإذا وقعت بعد ذلك حجوز جديدة على الملبغ المودع فلا يكون لها أثر في حق من خصص لهم المبلغ.
محل التنفيذ :
يجيز القانون للمدين في حجز ما للمدين لدى الغير في المادة 559 منه إيداع مبلغ يخصص للوفاء بحقوق الحاجزين فيرتفع قيد الحجز وقد رأى المشروع توحيداً للإجراءات تعميم فائدة هذا الحكم فأجاز هذا الإيداع لكل ذي شأن وفي كافة صور الحجز سواء كان حجز المنقول لدى المدين أو حجز ما للمدين لدى الغير أو حجز العقار أو سواء كان الحجز تحفظياً أو تنفيذياً (المادة 301 من المشروع).
واستحدث المشروع حكماً يجيز للمدين أن يطلب من قاضي التنفيذ بصفة مستعجلة قصر الحجز على بعض الأموال المحجوز عليها إذا كانت قيمتها لا تتناسب مع قيمة الحق المحجوز من أجله حتى يتفادى الحجز على أموال كثيرة مقابل دين ضئيل ويترتب على الحكم بقصر الحجز زوال أثر الحجز عن الأموال التي رفع عنها الحجز واستعادة المدين حرية التصرف فيها (المادة 302 من المشروع) .
وفي تحديد الأموال التي لا يجوز الحجز عليها نص المشروع على عدم جواز الحجز على ما يلزم المدين وعائلته من الغذاء لمدة شهر في حين يخصص القانون القائم هذا الغذاء بالحبوب والدقيق ويجيز الحجز عليه لاقتضاء ثمنه أو مصاريف صيانته أو نفقة مقررة (المادة 303 من المشروع) .
عمم المشروع في المادة 301 منه فكرة الإيداع والتخصيص التي أخذ بها القانون القائم بالنسبة لحجز مال المدين لدى الغير في المادة 559 وبهذا التعميم أصبح من الجائز أن يلجأ الى هذا النظام سواء في حجز المنقول لدى المدين أو في حجز مال للمدين لدى الغير أو في حجز العقار وسواء كان الحجز تحفظياً أو تنفيذياً وفي هذا مصلحة للمدين أن تخلص أمواله من الحجز فيستطيع التصرف فيها تصرفاً نافذاً ولا ضرر منه على الدائنين الحاجزين ما دام قد أودع ما يكفي للوفاء بحقوقهم وخصص المبلغ المودع لهم ويلاحظ أن الإيداع والتخصيص يترتب عليه انتقال الحجز من المال المحجوز إلى المبلغ المودع ويمكن بعد هذا الإنتقال الاعتراض على الحجز لأي سبب يتعلق بصحة إجراءاته كما أنه يلاحظ أنه إذا حدث الإيداع والتخصيص بالنسبة لحجز تحفظي فإن الحجز الذي ينتقل إلى المبلغ المودع تكون له هو الآخر صفة الحجز التحفظي
إيداع المشترى لباقى الثمن - بعد عرضة - خزانه المحكمة على ذمة الفصل فى دعواه بصحة ونفاذ العقد هو فى جوهره نوع من الإيداع مع التخصيص يتم لصالح البائع وحده فلا يجوز لغيره من دائنى المشترى الآخرين أن يوقعوا الحجز على المبلغ المودع أو يشاركونه فيه مشاركة الغرماء ولو كان هذا الحجز قبل قبوله العرض وقبل صدور الحكم بصحته طالما أن المشترى ظل متمسكا بما عرضه ولم يكن قد رجع فيه أو إسترده فإذا أوقع أحد من هؤلاء الدائنين حجزا بالرغم من ذلك كان الحجز باطلا ولا أثر له على صحة هذا الإيداع.
(الطعن رقم 2068 لسنة 60 جلسة 1994/12/28 س 45 ع 2 ص 1723 ق 322)
مؤدى هذا النص أنه يجوز للمدين أن يتفادى التنفيذ على أمواله المحجوزة - أياً كان نوع الحجز أو محله - فيخلصها من الحجز ويستعيد سلطانه عليها، وذلك إذا أودع خزانة المحكمة مبلغاً من النقود مساوياً للديون المحجوز من أجلها بالإضافة إلى ما يكفي للوفاء بفوائد هذه الديون والمصاريف ويصبح المبلغ مخصصاً للوفاء بالديون التي تم توقيع الحجز لإستيفائها دون غيرها من العيون، ولا يترتب على إيداع هذا المبلغ وتخصيصه منع توقيع الحجز عليه من دائنين آخرين، فلا تكون باطلة الحجوز التي توقع عليه منهم، غير أنها لا تؤثر على حقوق الحاجزين الذين خصص المبلغ للوفاء بديونهم إلا فيما زاد على المبلغ المخصص لهم .
ويترتب على الإيداع والتخصيص على النحو المتقدم زوال الحجز عن الأموال المحجوزة فيجوز للمدين أن يستوفيها من الغير إذا كانت حقاً له في ذمته كما يجوز لذات الدائن أن يوقع حجزاً جديداً على ذات المال الذي كان محجوزاً اقتضاء لحق آخر وانتقل إلى المبلغ المودع والمخصص للوفاء بحقوق الدائنين الحاجزين وفي هذه الحالة ينتقل الحجز إلى المبلغ المودع بذات الصفة التي كان قد تم بها على أموال المدين فإذا كان الحجز قد اتخذ كإجراء تحفظي فإنه يظل كذلك على المبلغ المودع ويجوز أن يقوم بالإيداع مع التخصيص المحجوز عليه أو يقوم به غيره كالمحجوز لديه بشرط إتباع الإجراءات المقررة في القانون والمنصوص عليها في المادة 285 مرافعات .
ويلاحظ أن الفوائد المنصوص عليها في المدة 302 والتي يتعين على المحجوز عليه إيداعها مع مبلغ النقود مساو للحين المحجوز من أجله هي الفوائد حتی تاريخ الإيداع فإذا أراد المحجوز عليه أن يزيل الحجز عن الأموال المحجوزة يستطيع التصرف فيها كان عليه أن يرد المبالغ المنصوص عليها في المادة ويترتب على الرد الأثر المنصوص عليه في المادة وهو زوال الحجز عن الأموال المحجوزة وانتقاله للمبلغ المودع بقوة القانون دون الحاجة إلي استصدار حكم أو أمر من قاضي التنفيذ.
ويتم الإيداع من المحجوز عليه أو من المحجوز لديه أو من الغير الذي قد تكون له مصلحة في رفع الحجز إذ أن الوفاء من غير المدين جائز .
وإذ كان يترتب على الإيداع إنتقال الحجز إلى المال المودع بصفته التي وقع بها إلا أن هذا لا يمنع من جواز المنازعة فيه سواء فيما يتعلق بالمحل الذي تم استبداله أو بإجراءاته ويكون للحاجز أولوية في استيفاء حقه من المال الذي خصص للوفاء بدينه وإن كان استيفاؤه لهذا الحق معلقاً على شرط الحكم لصالحه في المنازعة فإن أخفق الحاجز في دعواه عادت الحجوز التالية قوتها.
وللحاجز الذي حصل التخصيص لصالحه أن يتمسك به في مواجهة جميع الدائنين حتى لو حكم بعد التخصيص بشهر إفلاس المدين المحجوز عليه إلا إذا كان الإيداع والتخصيص تما بإرادة المحجوز عليه في فترة الريبة ( كمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص 581 والتعليق لأبو الوفا الطبعة الخامسة ص 1172 ) . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع ، الصفحة : 199)
المقصود بمحل التنفيذ :
يقصد بمحل التنفيذ الشيء أي المال الذي يجري التنفيذ عليه ويختلف المحل في التنفيذ المباشر عنه في التنفیذ بنزع الملكية (فتحی والی - بند 92 . ص 165 وجدي راغب ص - 373 ، محمد عبد الخالق عمر - بند 236 ص 325) .إذ محل التنفيذ في التنفيذ المباشر هو ذاته محل الحق الموضوعي الذي يجري التنفيذ لاستيلائه فمثلاً هى العقار أو المنقول الذي يلتزم المدين بتسليمه أصلاً بمقتضى علاقة المديونية ويتم تسليمه جبراً بالتنفيذ المباشر ولذلك لا يثير محل التنفيذ المباشر أي صعوبة ، أما محل التنفيذ في التنفيذ بالحجز ونزع الملكية فإنه يثير صعوبة في تحديده لأن محل التنفيذ، لا يحدده محل الحق الموضوعي إذ يكون محل الحق الموضوعي في هذه الحالة مبلغاً من النقود بينما يجري التنفيذ على أي مال من أموال الدين سواء كان عقاراً أو منقولاً أو حقاً للمدين لدى الغير.
والأصل أن المدين يسأل عن التزامه في ذمته المالية لا في جسمه ، فلا يجوز التنفيذ بطريق الإكراه على جسم المدين بل يجب التنفيذ فقط على الأموال المملوكة له ، ورغم ذلك هناك بعض الحالات الإستثنائية في التشريع المصري يجوز فيها التنفيذ بطريق الإكراه البدني - سبق لنا توضيحها فيما مضى عند دراستنا لنظام حبس المدين، ومثال ذلك ما تنص عليه المادة 247 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بأنه إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم الصادر في النفقات او أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن يرفع ذلك إلى المحكمة الجزئية التي أصدرت الحكم أو التي في دائرتها محل التنفيذ ومتى ثبت لديها أن الحكم عليه نادر على القيام بما حكم به وأمرته ولم يمتثل حكمت بحبسه ويلاحظ أن الحبس في هذه الحالة لا يعتبر وفاء للدين وإنما هو وسيلة إكراه فقط بحيث يظل المدين مديناً بالدين بعد حبسه ويظل للدائن الحق في مطالبته بالوفاء به والتنفيذ عليه بالطرق المعتادة في التنفيذ على المال، ومثال ذلك أيضاً جواز حبس المدين لإكراهه على الوفاء بالمبالغ الناشئة عن الجريمة والتقى بها للحكومة في مواجهة مرتكب الجريمة الغرامية والمصروفات والتعويضات ولا يبرئ الحبس ذمة المدين ولكن بالنسبة للغرامة تستهلك بمقدار معين عن كل يوم يحبس فيه المحكوم عليه ، ومن ذلك أيضاً جواز حبس المحكوم عليه في التعويضات المحكوم بها لغير الحكومة وتلك بحكم من محكمة الجنح التي بدائرتها محله بعد أن يثبت لديها قدرته علي الوفاء وبعد أن تأمره المحكمة بالدفع ولم يمتثل لأسرها ولاتزيد مدة الحبس في هذه الحالة على ثلاثة أشهر ولا يخصم شئ من التعويض نظير الحبس مادة 510 من قانون الإجراءات الجنائية ومن أمثلة ذلك أيضاً الحكم الصادر بالطباعة وحكم التفريق الجسمانی بین الزوجين غير المسلمين وحكم تسليم الصغير لمن له الحق في طلبه ففي هذه الحالات يكون محل التنفيذ هو الشخص ذاته أي الزوجة المحكوم عليها بالطاعة أو الولد المحكوم بتسليمه إلى من له الحق في طلبه.
القواعد الأساسية التي تحكم محل التنفيذ :
2- القاعدة الأولى : أن كل أموال المدين يجوز حجزها :
فالأصل أن جميع أموال المدين يجوز التنفيذ عليها اللهم إلا إذا منع المشرع التنفيذ عليها بنص خاص، وأساس ذلك ما تنص عليه المادة 1/234 مدني من أن جميع أموال المدين ضامنة لكل ديونه : إذ إن مسئولية المدين عن دين معين لا تعطى حقاً مباشراً للدائن على مال معين من أموال المدين وإنما هي فقط تعطى للدائن إمكانية إخضاع أموال المدين التنفيذ (فتحی والی - بند 96 ص 170 ) وهذه الإمكانية لأنها لا تقع على مال معين يمكن أن يكون محلها أي مال من أموال المدين موجوداً وقت التنفيذ، كما يمكن من ناحية أخرى أن تكون لكل دائن لأن نفس المال يكون ضامناً لكل إلتزام على المدين ، فالضمان العام لا يخص دائناً بعينه بل يخص جميع الدائنين ، ولذلك فالضمان العام من حيث حماية حقوق الدائنين لا يميز بين أنواع الدائنين ومعنى ذلك أن أي دائن ولو كان عادياً أي غير مزود بتأمين خاص فإنه يستطيع توقيع الحجز على أی مال للمدين داخلاً في ضمانة العام ولو كان هذا المال مثقلاً برهن أو امتياز لدائن آخر ممتاز ، إذ يجب التمييز بين جواز الحجز على أي مال للمدين من ناحية وتوزيع حصيلة التنفيذ من ناحية أخرى فالدائن الممتاز و الدائن العادي يكونان على قدم المساواة فيما يتعلق بتوقيع الحجز بينما عند توزيع حصيلة التنفيذ فإن الدائن الممتاز بتقدم على الدائن العادي في استيفاء حقه ( جارسونيه وسيزار بری - ج 4 بند 41 ص 119 فنسان - بند 12 ص22، جلاسون وتيسيه وموريل - ج 4 بند 1032 ص 90 محمد حامد فهمي - بند 145 ص 108 ، فتحی والي - بند 80 ص 148 وص 149 ، أحمد أبو الوفا - بند 113 ص 268 ): كما أنه إذا كان أحد الدائنين العاديين حق الحبس على مال من أموال مدینه فإن ممارسة هذا الحق لايمنع غيره من الدائنين من توقيع الحجز على المال المحبوس باعتباره عنصراً من عناصر الضمان العام الخاص بالمدين.
ويلاحظ أن الدائن بما له من حق الضمان العام على جميع أموال المدين فإنه يكون غير ملزم بإثبات أن الأموال الحاصل التنفيذ عليها مما يجوز حجزها، وإنما على من يتمسك ببطلان الحجز الحاصل على أموال لا يجوز التنفيذ عليها أن يثبت ذلك (جلاسون وتيسيه وموريل - ج - بند 1041 ص 108 ، رمزي سيف . بند 123 ص 129، فتحي والي - بند 95 ص 167 ، وجدي راغب - ص 247 ، احمد ابوالوفا بند 113 ص 268 ).
كذلك فإن المال المملوك للمدين يكون محلاً للتنفيذ بنزع الملكية سواء كانت ملكيته مفرزه أو شائعة لأن القانون لم يشترط أن يكون المال محل التنفيذ مملوكاً للمدين ملكية مفرزه ، بل يجوز الحجز على حصة شائعة للمدين وبيعها ويصبح المشتري بالمزاد مالكاً على الشيوع، ولكن أجاز المشرع في المادة 423 مرافعات في حالة الحجز على حصة شائعة في عقار مفرزه أن يطلب الدائن ذو الحق المقيد على هذا العقار وقت التقليد على الحصة الشائعة للتنفيذ على العقار المفرز بأكمله وذلك حتي يتفادى تجزئة ضمانه وبيع الحصة الشائعة بثمن بخس، ويقدم الدائن هنا الطلب إلى قاضي التنفيذ عن طريق الاعتراض على قائمة شروط البيع ويحدد حكم القاضي بوقف الإجراءات المدة التي يجب أن تبدأ خلالها إجراءات التنفيذ على العقار المفرز وإلا جاز التنفيذ على الحصة الشائعة .
3- القاعدة الثانية: يجب أن يكون محل التنفيذ مملوكاً للمدين في السند التنفيذي:
فيجب أن يكون محل التنفيذ مالاً مملوكاً للمسئول شخصياً عن الدين أي المدين أو الكفيل الشخصي وعلة ذلك أن المدين يضمن تنفيذ التزاماته بأمواله هو وليس بأموال الغير، كما أن التنفيذ الذي يتم على أموال مملوكة للغير يعتبر اعتداء على حقوق هذا الغير ولذلك يكون تنفيذاً باطلاً (جلاسون وتيسيه وموريل - ج 4 بند 1041 ص 108، فتحی والی بند 95 ص 167 ، وجدي راغب - ص 267) وأساس بطلانه انتفاء المحل تطبيقاً لذلك يكون باطلاً التنفيذ على مال تصرف فيه المدين تصرفاً نافذاً قبل الحجز عليه، كما يكون باطلاً أيضاً التنفيذ على مال الشركة استيفاء الدين على الشريك لأن للشركة شخصية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها.
ونتيجة لهذه القاعدة فإن حق الدائن في التنفيذ على أموال مدينه يتأثر بما تتأثر به ملكية المدين لهذه الأموال، فلا يجوز للدائن أن يحجز على مال كان مملوكاً للمدين ثم زالت ملكيته بسبب إبطال أو فسخ التصرف الذي تملك به المدين حتى ولو كانت جميع الإجراءات التي اتخذها الحاجز صحيحة.
ولكن هناك بعض الاستثناءات من هذه القاعدة يجوز فيها توقيع الحجز على مال غير مملوك للمدين وأساس هذه الاستثناءات هو وجود حق للدائن على المال المملوك للغير بحيث يكون للدائن بمقتضى هذا الحق أن يوقع حجزاً على مال غير مملوك للمدين، ومن أمثلة ذلك توقيع الدائن المرتهن حجزاً على عقار الكفيل العيني الذي يقدم عقاراً مملوكاً له لضمان دين المدين، ومن ذلك تنفيذ الدائن على العقار في يد الحائز وهو الشخص الذي انتقلت إليه ملكية العقار بتصرف مسجل بعد قيد الرهن، ومن أمثلة ذلك أيضاً أنه يجوز لمالك العقار الحجز على المنقولات الموجودة في العقار بفعل المستأجر حتى ولو لم تكن مملوكة لهذا المستأجر ما دام المالك لا يعلم وقت وضع هذه المنقولات في العقار بحق الغير فيها وذلك وفقاً للمادة 2/1143 مدني، كذلك يجوز لصاحب الفندق الحجز على الأمتعة التي يحضرها النزيل في الفندق وملحقاته بناء على وماله من امتیاز عليها ولو كانت مملوكة للغير ما دام لم يعلم وقت إدخالها عنده بحق الغير عليها وذلك طبقاً للمادة 2/1144 مدني أيضاً.
ويرى الفقه أنه يجب أن تثبت ملكية المدين عند البدء في التنفيذ فتحي والي - بند 95 ص 167)، فيكون التنفيذ باطلاً إذا دخل في ذمة المدين بعده بدء إجراءات التنفيذ وتطبيقاً لذلك إذا حجز على عقار اشتراه المدين بعقد غير مسجل فإن إجراءات التنفيذ تكون باطلة ولا يصححها تسجيل عقد البيع بجد بدء الإجراءات إنه ليس التسجيل أثر رجعي.
كذلك لا يقع عبء إثبات الملكية على عاتق طالب التنفيذ (فتحي والي وبند 95 ص 167) إنه يكفي لكي يقوم عامل التنفيذ بواجبه مجرد تأکید الدائن، لهذه الملكية وينظر المحضر الى ما يبدو له من مركز واقعي يفترض معه ملكية المدين للمال على أن يبقى للمالك الحقيقي أو من بعض حقاً على الشئ يتعارض مع التنفيذ عليه إثبات حقه والاعتراض على التنفيذ بالطريق الذي رسمه القانون، فإذا ثبتت ملكية الغير الشيء المحجوز كان التنفيذ باطلاً وأنتج البطلان أحكامه بأثر رجعي أي أن إجراءات التنفيذ تعتبر باطلة منذ بدئها.
4 - القاعدة الثالثة: يجب أن يكون محل التنفيذ مالاً:
فلا يجوز التنفيذ على جسم المدين بطريق الإكراه البدني إلا في حالات استثنائية نادرة كما سبق أن ذكرناه بل يجب أن ينصب التنفيذ على مال المدين، والمقصود بالمال الحقوق المالية سواء كانت حقوقاً عينية أو شخصية مادة 83 مدنی، ولذلك يجب استبعاد الشقوق غير المالية كما يتعذر الحجز على الحقوق المتعلقة بشخص المدين أيضاً، وتطبيقاً لذلك لا يجوز التنفيذ على حق المؤلف إذ تنص المادة العاشرة من القانون رقم 354 لسنة 1954، الخاص بحماية حقوق المؤلف على أنه لا يجوز الحجز على حق المؤلف ويشمل هذا الحظر الجانب الأدبي لحق المؤلف كما يشمل حق استغلال المالي وذلك لأنه لا يمكن إلزام المؤلف بنشر مؤلفه أو استمرار أو إعادة نشره لأن ذلك حق أدبي يكفله القانون المؤلف وحدة حماية لشخصيته التي تجلت في نتاج فكره، ولكن يرى الفقه أنه يجوز التنفيذ على النسخ التي تم نشرها كما يجوز التنفيذ على حق الاستغلال المالي للمؤلف بعد وفاته إذا كان قد قرر نشر مؤلفه قبل الوفاة .
كذلك لا يجوز الحجز على الرسائل الخاصة لأن الخطاب وإن كان يعتبر ملكاً للمرسل إليه بمجرد وصوله إلا أنه يظل للراسل حق أدبي على مضمونه وحق في سريته ولذلك لا يجوز الحجز عليه لما يقتضيه بيعه جبراً من إنشاء ما يتضمنه من أسرار كما لا يجوز الحجز أيضاً على الأوراق الخاصة للمدين ولا الشهادات أو الأوسمة أو التذكارات العائلية المتعلقة به أيضاً (جلاسون وتيسيه وموريل - بند 1044 ص 113) .
5- القاعدة الرابعة: أن الدائن حر في اختيار ما يشاء من أموال للمدين لإجراء التنفيذ عليها:
فيكون للدائن مطلق الحرية في التنفيذ على أي مال من أموال المدين، إذ يقتضي مبدأ الضمان العام أن يباح للدائن التنفيذ على ما يشتهي من أموال المدين باعتبارها جميعاً ضامنة لحقوقه، فالدائن له أن يحجز على العقار قبل المنقول أو على المنقول قبل العقار، وله أن يحجز على عقار معين دون عقار آخر أو يحجز على منقول دون آخر.
فالقانون لا يفرض على الدائن مالاً معيناً للتنفيذ عليه سواء كان دائناً عادياً أو ممتازاً (محمد حامد فهمي - بند 145 - ص 108، رمزی سیف بند 125-130 وجدي راغب - ص 278)، ولذلك يجوز للدائن المرتهن أن يحجز على مال آخر للمدين غير المال المرهون له وقد تكون له مصلحة في هذا نظراً لتأخر مرتبته في الرهن، كذلك يجوز للدائن العادي أن يطلب العجز على مال مرهون. كذلك لا يشترط البدء بالتنفيذ على مال معين، فللدائن أن يبدأ الحجز على أي مال ولو كان التنفيذ عليه أكثر كلفة على المدين من التنفيذ على غيره أو كانت لهذا المال قيمة خاصة لدى أحمد أبو الوفا - بند 114 - ص 269)، فيكون للدائن أن يحجز أولاً على المنقول أو العقار وأن يحجز على المال ذي القيمة القليلة أو يبدأ بالحجز على مال كبير القيمة، فلا يلتزم الدائن بترتيب معين إلا إذا نص القانون على ذلك وقد كان قانون المرافعات السابق ينص في المادة 489 منه على أنه إذا كان هناك مال مخصص للوفاء بحق الدائن فليس له أن ينفذ على غير هذا المال إلا إذا حصل على إذن من القضاء ولا يصدر هذا الإذن إلا بعد إثبات عدم كفاية المال المخصص للوفاء بحقه، ولكن لم يأخذ المشرع في قانون المرافعات الحالي بهذا النص ، وقد استحسن الفقه ذلك (فتحي والی - بند 97 ص 171) لأن هذا النص وإن كان يحمي الدائنين العاديين من مزاحمة دائن ممتاز وينظم من الناحية الإجرائية التنفيذ على أموال المدين فإنه لا يستقيم مع ما هو مقرر من أن الجاني الممتاز كالدائن العادي حق الضمان العادي على جميع أموال المدين وإذا كان للدائن العادي الحق في التنفيذ على أي مال المدين ولو كان مخصصاً للوفاء بدين آخر فإن تقييد حق الدائن الممتاز في التنفيذ على أي مال الدين وضع له في مركز أقل من مركز الدائن العادي من هذه الناحية ، وعلى ذلك فإنه وفقاً لقانون المرافعات الحالي للدائن ولو خصم مال معين للوفاء بحقه أن یبدأ بالتنفيذ على غير هذا المال دون حاجة إلى إذن من القضاء .
ولكن يرد على هذه القاعدة استثناء بالنسبة لتنفيذ الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية إذ تنص المادة الأولى من لائحة الإجراءات الشرعية على أن يبدأ التنفيذ على النقود الموجودة عيناً ثم على المنقولات ثم على العقار في حالة عدم وجود منقولات، والحكمة من هذا الاستثناء هي أن يبدأ التنفيذ على المال الأقل كلفة على المدين وهو ما ينطوي على التيسير على المدين والرأفة به وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية التي اقتبست منها هذه اللائحة.
وينتقد البعض (فتحي والي - ص 172 هامش رقم 4 بها ) بحق هذه القاعدة على أساس أن الضمان العام للدائن لا يحول دون قيام المشرع بواجبه في التوفيق بين مصلحة الدائن ومصلحة المدين وأنه يجب في تنظيم إجراءات التنفيذ فضلاً عن ضمان استيفاء الدائن لحقه التيسير على المدين وعدم إرهاقه ولن يضار الدائن من البدء بالتنفيذ علنی مال دون آخر كما أنه من الناحية العملية يمكن أن تترك مهمة اختيار الأموال التي يبدأ التنفيذ عليها إلى المدين فإذا لم يفعل قام المحضر بهذه المهمة وفقاً لما يقرره القانون، ويجب ملاحظة أنه ينبغي على الدائن أن يعين مالاً أو أموالاً يطلب الحجز عليها فلا يجوز الحجز على جميع أموال المدين وجدي راغب - ص 278)، وذلك لأن التنفيذ القضائي لا يجري كالإفلاس تصفية شاملة لذمة المدين لمصلحة جماعة الدائنين إنما هو نظام فردي يقتصر على التنفيذ على مال معين تحقيقاً لجزاء يفرضه القانون لصالح دائن معين أو أكثر من دائن .
6- القاعدة الخامسة : أنه لا يشترط توافر تناسب بین مقدار دین الحاجز وقيمة المال الحاصل التنفيذ عليه :
فيجوز للدائن بمبلغ بسيط أن يحجز على ما يشاء من أموال مدينه ، والحكمة من عدم اشتراط التناسب بين دين الحاجز والأموال المحجوزة تكمن في أن جميع أموال المدين تعتبر ضماناً عاماً لدائنيه ، كما أن حجز الدائن على المال لا يمنع غيره من الدائنين من توقيع حجوز أخرى على نفس المال وبالتالي مشاركة الجميع في اقتسام الثمن ، ولذلك فإن من مصلحة الدائن ألا يكتفي بتوقيع الحجز على ما يوازي قيمة دينه احتياطياً لمزاحمة دائنين آخرين.
ويلاحظ أنه إذا كان للدائن أن يحجز على ما يشاء من أموال مدينه دون مراعاة للتناسب بين قيمة حقه و المال المحجوز عليه فإن هذا لايعني أن يحصل الدائن على ثمن كل ما يحجز وإلا أثرى على حساب المدين بغير حق (وجدي راغب - ص 278)، ولذلك لا يحصل الدائن من ثمن المال المحجوز إلا على ما يوازي حقه فقط .
كذلك أنه تخفيفاً من قسوة هذه القاعدة المقررة لمصلحة الدائن ورعاية لمصلحة الدين ، فقد نص المشرع على عديد من الوسائل التي بمقتضاها يمكن الحد من أثر الحجز ، ومن هذه الوسائل:
(1) الإيداع والتخصيص : ويقصد به إيداع مبلغ من المال خزانة المحكمة يخصص للوفاء بالديون المحجوز من أجلها فينتقل الحجز إلى المبلغ المودع ويزول عن الأموال المحجوزة ابتداء، وقد يكون الإبداع والتخصيص بدون حكم وقد نصت عليه المادة 302 مرافعات ، وقد يكون بناء على حكم وقد نصت عليه المادة 303 مرافعات وسوف نعلق على هاتين المادتين بعد قليل.
(ب) قصر الحجز : وإذا لم يكن مع المدين مبالغ نقدية سائلة يمكن إيداعها خزانة المحكمة وتخصيصها للوفاء بدين الحاجز وكانت قيمة الدين المحجوز من أجله لا تتناسب مع قيمة الأموال المحجوز عليها ، فقد أجاز له المشرع المادة 304 مرافعات أن يطلب من قاضي التنفيذ الحكم بصفة مستعجلة بقصر الحجز على بعض هذه الأموال ، وسوف نعلق على هذه المادة بعد قليل.
وفضلاً عن وسائل الحد من أثر الحجز فقد هيأ المشرع وسائل أخرى للحد من البيع لتحقيق التناسب بين الدين المحجوز من أجله والأموال التي يتم بيعها حتى لا يحرم المدين من أمواله إلا بالقدر الذي يقتضيه الوفاء بديونه وهذه الوسائل في:
(أ) الكف عن بيع المنقولات : فوفقاً للمادة 390 يجب على المحضر أن يكف عن المضي في البيع إذا تنتج عنه مبلغ كاف لوفاء الديون المحجوز من أجلها هي والمصاريف، وما يوقع بعد ذلك من الحجوز تحت بين المحضر أو غيره ممن يكون تحت يده الثمن لا يتناول إلا ما زاده على وفاء ما ذكر .
(ب) وقف بيع بعض العقارات المحجوزة : فطبقاً للمادة 1/424 مرافعات يجوز لكل من المدين أو الحائز أو الكفيل العيني أن يطلب بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع وقف إجراءات التنفيذ على عقار أو أكثر من العقارات المبينة في التنبيه إذا أثبت أن قيمة العقار الذي تظل الإجراءات مستمرة بالنسبة إليه تكفي للوفاء بحقوق الدائنين الحاجزين وجميع الدائنين الذين صاروا طرفا فيها وفقاً للمادة 417.
(ج) تأجيل بيع العقار المحجوز : طبقاً للمادة 2/424 يجوز للمدين أن يطلب تأجيل إجراءات بيع العقار إذا أثبت أن صافي ما تقله أمواله في سنة واحدة يكفي لوفاء حقوق الدائنين الحاجزين وكذلك المتدخلين في الحجز . هذا وسوف نعود لمعالجة هذه الوسائل بالتفصيل عند تعليقاً على المواد المنظمة لها.
القاعدة السادسة : يجب ألا يكون محل التنفيذ مما منع القانون الحجز عليه :
إذا كان الأصل كما ذكرنا أن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه، فإنه استثناء من هذا الأصل هناك بعض الأموال لا يجوز الحجز عليها، وهذه الأموال قد تكون غير قابلة للحجز عليها بسبب عدم قابليتها للتصرف فيها الى أن المشرع قرر عدم جواز الحجز عليها أو أقر إرادة لأطرافه في منع الحجز عليها، وإذا وقع الحجز على مال غیر قابل للحجز يكون باطلاً عملاً بالمادة 20 مرافعات ، ولكن لا يتعلق البطلان في هذه الحالة بالنظام العام فيجب على صاحب المصلحة فيه أن يتمسك به في الوقت الملائم ، فإذا لم يتمسك المدين ببطلان الحجز لوقوعه على أموال غير قابلة للحجز عليها فلا يبطل الحجز كما لا يكون له أيضاً أن يطالب بتعويض عن الضرر الذي أصابه من التنفيذ على أموال تخرج من الضمان العام للدائنين ، ويلاحظ أن الأموال التي لا يجوز الحجز عليها بعضها نص عليه قانون المرافعات والبعض الآخر منصوص عليها في قوانين أخرى.
8- الإيداع والتخصيص بدون حكم: وفقاً للمادة 302 مرافعات - محل التعليق - يجوز في أية حالة كانت عليها الإجراءات قبل إيقاع البيع إيداع مبلغ من النقود مساو للديون المحجوز من أجلها والفوائد والمصاريف يخصص للوفاء بها دون غيرها ويترتب على هذا الإيداع زوال الحجز عن الأموال المحجوزة وانتقاله إلى المبلغ المودع وإذا وقعت بعد ذلك حجوز جديدة على المبلغ المودع فلا يكون لها أثر في حقي، من خصص لهم المبلغ، ويشترط لإعمال هذا النص شرطان: الأول إيداع خزانة المحكمة مبلغ من النقود مساو للديون المحجوز من أجلها والفوائد والمصاريف ويشمل المبالغ المستحقة لمن اعتبروا طرفاً إيجابياً للتنفيذ وقت الإبداع والتخصيص سواء كانوا حاجزين أو أدخلوا في الإجراءات » والشرط الثاني هو تخصيص المبلغ المودع للوفاء بهذه الديون دون غيرها وذلك بتقرير في قلم كتاب المحكمة، ولم يحدد المشرع من له صفة القيام بهذه الإجراءات ولذلك يجوز أن يقوم بها كل ذي مصلحة في التخلص من الحجز على المال المحجوز أصلاً (رمزی سبق - بند 209 ص 216 ، أحمد أبو الوفا - بند 116 ، ص 270 ، وجدي راغب - ص 281 و 282 فتحى والي - بند 223 ص 400 ) كالمحجوز عليه أو المحجوز لديه في حجز ما للمدين لدى الغير أو مشتري المال المحجوز، ويجيز المشرع القيام بهذه الإجراءات في أية حالة تكون عليها الإجراءات قبل إيقاع البيع ويمتاز هذا الطريق للحد من أثر الحجز بالسهولة - (وجدي راغب - ص حيث يزيل الحجز عن الأموال المحجوزة أصلاً، ولكن يعيبه (المرجع السابق ) أنه يلزم المودع بإيداع مبلغ مساو للديون المحجوز من أجلها والفوائد والمصاريف رغم أن هذه الديون قد تكون متنازعاً في وجودها أو مقدارها مما قد يؤدي إلى إيداع مبالغ لا تتناسب مع حقيقة الديون .
لا يجوز توقيع الحجز على مال مملوك للنائب استيفاء الدين نشأ عن تصرف أجراه لحساب الأصيل(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / السادس ، الصفحة : 8)