موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

استحدث المشروع حكم المادة 302 منه حتى يتفادى الحجز على أموال كثيرة للمدين وتعطيلها مقابل الديون الصغيرة وإذا كان نظام الإيداع والتخصيص بعد تعميمه يفيد في هذا الخصوص فإن المدين قد لا تكون لديه من النقود ما يستطيع إيداعه فيكون من مصلحته قصر الحجز على بعض أمواله المحجوزة.

ويترتب على قصر الحجز زوال أثر الحجز عن الأموال التي رفع الحجز عنها واستعادة المدين حرية التصرف فيها.

الأحكام

1 ـ لئن وردت الفقرة الثالثة من نص المادة 136 مرافعات خالية من العبارة الأخيرة من المادة 303 من قانون المرافعاتالسابق التى كانت تنص على أنه "وإذا قدمه أحد الخصوم إستفاد منه الباقون" وهى تفيد أن الخصومة فيما يتعلق بسقوطها أو إنقضاؤها تعتبر وحده لاتتجزء ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته، مما مؤداه أن الخصومة بالنسبة لإسقاطها أو إنقضاؤها أصبحت بمقتضى النص الحالى قابلة للتجزئة عند تعدد المدعى عليهم غير أن ذلك لايتصور إلا إذا كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة، أما إذا كان الموضوع غير قابل للتجزئة فإن سقوط أو إنقضاء الخصومة بالنسبة لبعض المدعى عليهم يستتبع سقوطها أو إنقضاؤها بالنسبة للباقين.

(الطعن رقم 1678 لسنة 53 جلسة 1991/10/28 س 42 ع 2 ص 1535 ق 240)

2 ـ جعلت المادة 2/277 من قانون المرافعات إستئناف أحكام قاضى التنفيذ فى المنازعات الوقتية إلى المحكمة الإبتدائية و إذ يبين من صحيفة الدعوى ... تنفيذ عابدين أن الطاعن إبتغى بها الحكم بصفة مستعجلة بإجراء وقتى هو تقدير مبلغ يودعه خزانة المحكمة على ذمة الوفاء للمطعون ضدها - الحاجزة - ، و يترتب على إيداعه زوال الحجز عن الأموال المحجوزة و إنتقاله إلى المبلغ المودع الذى يصبح مخصصاً للوفاء بمطلوب الحاجزة عند الإقرار لها به أو الحكم لها بثبوته طبقاً لحكم المادة 303 من قانون المرافعات ، فأجابته المحكمة لطلبه ، و كان التكييف القانونى لهذه الدعوى أنها منازعة وقتية فى التنفيذ ، فإن الحكم الصادر فيها يستأنف أمام المحكمة الإبتدائية بهيئة إستئنافية ، و إذ رفع لمحكمة الأستئناف فأنها لا تختص بالفصل فيه , فأنها تكون قد خالفت قواعد القانون الآمرة المنظمة للتقاضى بما يعيب حكمها بالخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 670 لسنة 42 جلسة 1978/12/28 س 29 ع 2 ص 2065 ق 402)

شرح خبراء القانون

مفاد ذلك أنه إذا توقع حجز على أموال المحجوز عليه، سواء كان تحفظياً أو تنفيذياً أو إدارياً، جاز له رفع دعوى تنفيذ مستعجلة أمام قاضي التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة بطلب وقتي يتمثل في تقدير مبلغ من النقود يودعه خزانة محكمة التنفيذ على ذمة الوفاء للحاجز، وذلك في أية حالة تكون عليها الإجراءات ولو بعد رفع دعوى التنفيذ الموضوعية المتعلقة ببطلان الحجز إذا رفعت أمام قاضي التنفيذ، أو إذا كان الحجز تحفظياً ورفعت الدعوى بأصل الحق أمام محكمة الموضوع متضمنة طلباً بتثبيته.

ولقاضي التنفيذ السلطة المطلقة في تقدير المبلغ سواء كان مساوياً للمبلغ المحجوز من أجله أو أقل منه أو كان تقديراً رمزياً عندما يستظهر قاضي التنفيذ توافر الأسباب المؤدية إلى بطلان إجراءات الحجز إذا ما رفعت بشأنه دعوى تنفيذ موضوعية أو رفعت الدعوى بأصل الحق مع تثبيت الحجز، أو يستظهر عدم مديونية المحجوز عليه للحاجز، ويتعين على قاضي التنفيذ أن يقدر الدين بالمبلغ الذي يراه مناسباً على نحو ما سلف، وليس له أن يقضي برفض الدعوى إذ يترتب على ذلك بقاء الحجز و عدم زواله ومن ثم جاز له تقدير المبلغ بما يساوي المبلغ المحجوز من أجله.

وحدد المشرع الطريق الذي يقدم به طلب التقدير والإيداع وحصره في دعوى التنفيذ المستعجلة التي ترفع بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي ، ولذلك لا يجوز تقديم هذا الطلب بعريضة لاستصدار أمر عليها.

ومتى أصدر قاضي التنفيذ حكمه بتقدير المبلغ، وهو حكم واجب النفاذ فور صدوره بقوة القانون، جاز للمحجوز عليه إيداعه علي الفور خزانة المحكمة ويترتب على هذا الإيداع زوال الحجز عن الأموال المحجوزة وانتقال الحجز إلى المبلغ المودع. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء التاسع، الصفحة :   326)

إذا لم يتمكن المدين من إتباع الإجراءات المنصوص عليه في المادة 302 جاز له أن يسلك الطريق الذي رسمته المادة 303 ومؤداه أن المحجوز عليه يستطيع رفع دعوى مستعجلة أمام قاضي التنفيذ يطلب فيها تقدير مبلغ كاف للوفاء للحاجزين وفي هذه الحالة يقوم المحجوز عليه بإيداع خزينة المحكمة المبلغ الذي قدر قاضي التنفيذ أنه يكفي للوفاء للحاجز ويترتب على هذا الإيداع زوال أثر الحجز على الأموال المحجوزة وانتقاله إلى المبلغ المودع كما هو الشأن في الإيداع مع التخصيص الاختياري، غير أن المشرع اشترط لكي يصبح المبلغ المودع مخصصا للوفاء بدين الحاجز الحكم له بثبوته أو الإقرار له به، فالتخصيص في هذه الحالة لا يتقرر بحكم القاضي لأن قاضي التنفيذ يقدر مبلغاً يراه كافياً للوفاء بديون الحاجزين، والمدين يقوم بإيداعه خزانة المحكمة على ذمة الوفاء لهم ولكن تخصيصه لحقوق هؤلاء الحاجزين لا يتقرر إلا عند الإقرار بحق الدائن أو صدور حكم بثبوت الدين.

وإذا وقع الحجز على الأموال المودعة خزانة المحكمة على ذمة الوفاء للحاجزين طبقاً لنص المادة 303 مرافعات فإن هذا الحجز قد يؤثر على حقوق الحاجزين الذين أودع المبلغ على ذمة الوفاء بحقوقهم طبقاً للفقرة الثانية من المادة الأخيرة أما إذا أصبح المبلغ مخصصاً للوفاء فلا تتأثر حقوقهم بالحجوز التي قد تقع على هذا التخصيص.

والإيداع مع التخصيص كوسيلة لتخليص أموال المدين من الحجز الموقع عليها يجوز الالتجاء إليه في أية حالة تكون عليها الإجراءات قبل إيقاع البيع.

وتقدير القاضي للمبلغ الذي يخصص للحاجز هو قضاء وقتي لا يمس أصل الحق المتنازع عليه بين الحاجز والمحجوز عليه الذي تخصص بالفصل فيه محكمة الموضوع، وحتى إذا كان بيد الدائن سند تنفيذي فإن قاضي التنفيذ له السلطة في تقدير المبلغ الذي يخصص للوفاء بالدين ولو كان لا يتناسب مع المبلغ المحدد في السند.

ترفع دعوى الإيداع مع التخصيص من المدين المحجوز عليه وحده لأنها شرعت لصالحه حتى يرفع عنه حبس المال المحجوز ويؤيد هذا مقارنة نص المادة 302 مرافعات بنص المادة 303 إذ أن المادة الأولي لم تنص علي أن الإيداع والتخصيص يقوم بهما المحجوز عليه بينما نصت المادة 303 على أن رفع الدعوى بتقدير المبلغ يودع ويخصص إنما يكون من المحجوز عليه.

وتوجه هذه الدعوى ضد الحاجز لسماع دفاعه في شأن تقدير المبلغ الذي سيحكم بإيداعه وإذا تعدد الحاجزون فيجب اختصام جميع الحاجزين ويطلب تخصيص مبلغ لكل منهم، كما يجب في حجز ما للمدين لدي الغير اختصام المحجوز لديه في الدعوى حتى يبدي دفاعه في أثر رفع الحجز كأن يقرر توقيع حجوز أخرى تحت يده من حاجزين آخرين وفي هذه الحالة يتعين إدخالهم في الدعوى حتى يصدر الحكم بتقدير المبلغ الذي يودعه المحجوز لديه خزانة المحكمة على ذمة الوفاء لكل منهم، ويترتب على إدخالهم أن يختلف تقدير القاضي للمبلغ الذي سيحكم بإيداعه فيما لو كانت الدعوى وجهت إلى أحد الحاجزين دون إختصام الباقين، هذا فضلاً عن أن مصلحة المحجوز عليه إختصام الحاجزين جميعاً في الدعوى لأنه إذا لم يختصم أحداً منهم وصدر الحكم بالإيداع والتخصيص فإن هذا الحكم لا يكون حجة على من لم يختصم ومؤدي ذلك أن الحجز لا يزول بالإبداع والتخصيص ويظل المال المحجوز محبوساً على ذمة الحاجزين الذي لم يختصموا في الدعوى.

ولم يحدد القانون ميعاداً لرفع هذه الدعوى فقد صرحت المادة أنه يجوز رفعها في أية حالة تكون عليها الإجراءات وعلى ذلك يختص قاضي التنفيذ بنظرها حتى ولو رفعت بعد رفع دعوى الموضوع أما إذا صدر حكم في الموضوع فلا تكون مقبولة كذلك لا محل لرفعها إذا تمت إجراءات التنفيذ بالبيع.

والحكم الصادر بالإبداع والتخصيص ملزم للمحجوز لديه بالوفاء للمحجوز عليه بغير حاجة إلى إجراء أخر ضده .

ويترتب على انتقال الحجز من المال المحجوز إلى المبلغ المودع أنه يمكن الاعتراض على الحجز لأي سبب يتعلق بصحة إجراءاته .

وإذا حدث الإيداع والتخصيص عن حجز تحفظي فإن الحجز الذي ينتقل إلى المبلغ المودع يظل هو الآخر حجزاً تحفظياً (القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف الطبعة الرابعة ص 678 وما بعدها وأحكام التنفيذ الجبري للدكتور أمينة النمر ص 230 والتنفيذ للدكتور رمزي سیف الطبعة الثانية ص 716 وما بعدها).

ويجب أن يكون المودع مبلغاً من النقود فلا يجوز تخصيص جزء من المنقولات إعمالاً لصريح نص المادة وهذا لا يمنع من إعمال نص المادة 304 إذا توافرت شروطها، وتقدير القاضي المبلغ الذي يودع هو تقدير مؤقت لا يمس الحق المتنازع عليه. (كمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص 584).

ويملك قاضي التنفيذ تعديل تقديره إذا تغيرت الظروف التي بني عليها حكمها الأول (أبو الوفا في التعليق الطبعة الخامسة ص 1174) .

ويري بعض الشراح أنه ليس هناك ما يمنع من يأمر القاضي بإيداع المبلغ المخصص للوفاء بدين الحاجز لدى أي شخص يعين لهذا الغرض بدلاً من إيداعه خزانة المحكمة كأن يكتفي بإيداع خطاب ضمان صادر من أحد البنوك وحجتهم في ذلك أن المادة لم تقصد قصر الإيداع علي خزانة المحكمة وإنما ذكرت الحالة الغالبة (أبو الوفا في التعليق ص 1174 وكمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص 304 وراتب ونصر الدين بند 553) إلا أننا نرى هذا الرأي ذلك أن صریح نص المادة يقضي بإيداع ما يقدره القاضي من نقود خزانة المحكمة ويؤيد هذا الرأي ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمادة 304 مرافعات (راجع في تأييد هذا الرأي راغب ص 383 ووالي بند 223) . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء السابع ، الصفحة : 202)

الإيداع والتخصيص بناء على حكم :

قد يكون الإبداع والتخصيص بناء علي حكم وقد نصت عليه المادة 303- محل التعليق - فإذا لم يتمكن المدين من تقدير مبلغ مساو للديون المحجوزة والفوائد والمصاريف على النحو الوارد في المادة 302 فقد أجاز له القانون في المادة 303 أن يتعين بالقضاء في هذا التقدير عن طريق رفع دعوى مستعجلة أمام قاضي التنفسية بطلب فيها تقدير مبلغ كاف للوفاء للحاجزين وترفع هذه الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى المستعجلة ويجب أن يختصم فيها الحاجز فإن تعدد الحاجزون وجب اختصاصهم جميعاً وإلا كان الحكم الصادر غير ذي أثر في مواجهة من لم يختصم من الحاجزين، والذي له صفة في رفع هذه الدعوى هو المحجوز عليه وحده فلا يجوز للحاجز أن يرفع هذه الدعوى ولا يجوز للمحجوز لديه كذلك رفعها كما لا يجوز للقاضي التنفيذ أن يحكم بالإيداع والشخصية من تلقاء نفسه، ويجوز رفع هذه الدعوى في أية حالة كانت عليها إجراءاته ولكن يجب أن ترفع هذه الدعوى ويفصل فيها قبل إيقاع البيع الجبرى للمال المحجوز عليه لإنه بعد إيقاع البيع، تنعدم مصلحة رافعها فيها إن بالبيع الجبري ينتقل المال المحجوز إلى المشتري بالمزاد وينتقل الحجز إلى ثمن البيع، ولقاضي التنفيذ سلطة مطلقة في تقدير المبلغ الذي سوف يودع خزانة المحكمة ويخصص للوفاء بالدين المحجوز من أجله ولكن يرى وجدي راغب ص 284) أنه يحد من سلطة القاضي التقديرية في تحديد المبلغ الواجب إيداعه حالة ما إذا كان هذا المبلغ ثابتاً ومقدراً بحكم قضائي قطعي وانتهائي ففي هذه الحالة يجب على قاضي التنفيذ أن يتقيد بالمقدار الوارد في هذا الحكم احتراماً لحجته وصدر حكم قاضي التنفيذ بتقدير مبلغ معين يودع خزانة المحكمة ويخصص للوفاء بالدين المحجوز من أجله ، وقد ذهب رأی مهجور في الفقه إلى أنه يجوز إيداع جزء من المنقولات المحجوزة وتخصيصها للوفاء بالدين المحجوز من أجله (رمزی سيف - الطبعة الخامسة . بند 371ص 396 ) ولكن هذا الرأي منتقد لأنه يتعارض مع نص المادة 303 الذي يقضي صراحة بوجوب تقدير وإيداع مبلغ نقدي.

وقد ذهب رأي إلى أنه ليس هناك ما يمنع من أن يأمر القاضي بإيداع المبلغ المخصص للوفاء بدين الحاجز لدى أي شخص بعين لهذا الغرض بدلاً من إيداعه خزانة المحكمة كان يكتفي بإيداع خطاب ضمان صادر من أحد البنوك، وحجتهم في ذلك أن المادة لم تقصد قصر الإيداع على خزانة المحكمة، وإنما ذكرت الحالة الغالبة أحمد أبو الوفا التعليق - ص 1174 ، كمال عبد العزيز ص 304 ، راتب ونصر الدين كامل - بند 553).

بيد أن هذا الرأي منتقد (انظر : فتحی والی - بند  223، الديناصوری وعكاز - ص 1293، وجدي راغب ص 383) لأنه يتعارض وصريح نص المادة 303 والذي يقضي بإيداع ما يقدره القاضي من نقود خزانة الحكمة، ويتعارض مع ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمادة 304 التي سوف نشير إليها بعد قليل، والتي أوضحت أنه في حالة عدم وجود نقود لدى المدين لإيداعها فإن من مصلحته طلب قصر الحجز.

 13- أثر الإيداع والتخصيص: سواء تم الإيداع والتخصيص بناء على حكم أو تم بغير حكم فإنه يترتب عليه زوال الحجز عن الأموال المحجوزة أصلاً بحيث يستعيد المحجوز علية سلطانه عليها، وانتقال الحجز إلى المبلغ المودع، وتخصيص المبلغ المودع للوفاء بدين الحاجز وفي ذلك حماية للدائن الحاجز من مزاحمة الدائنين الآخرين، بحيث إذا وقعت حجوز جديدة على المبلغ المودع تحت يد خزانة الحكمة فإنها تكون صحيحة لأنه مازال مملوكاً للمودع، ولكن يكون للدائن الحاجز على المال قبل الإيداع والتخصيص أولوية في الحصول على حقه من هذا المبلغ، ولا يستوفي الحاجزون على المبلغ المودع حقهم إلا مما قد يتبقى منه بعد الوفاء لهذا الحاجز . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / السادس  ،  الصفحة :  22)

التعليقات معطلة.