موسوعة قانون المرافعات
ولقاضي التنفيذ أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً مع إيداع المعروض أو مبلغ أكثر منه يعينه.
كان الأشكال الثاني الذي لا يقف التنفيذ وفقاً للمادة 480 من التشريع القائم هو كل إشكال يرفع بعد الحكم في الإشكال الأول بالإستمرار في التنفيذ .
ولذلك كان النص سبباً في فتح باب التحايل بقصد عرقلة التنفيذ برفع عدة اشکالات قبل أن يفصل في الأشكال المرفوع اولاً بالإستمرار في التنفيذ وبذلك يكون من أثر هذه الإشكالات جميعاً ان يقف التنفيذ وقد عالج المشروع هذا الأمر بالنص على الا يترتب على تقديم أي إشكال آخر وقف التنفيذ ما لم يحكم قاضى التنفيذ بوقفه (المادة 311 من المشروع) .
كما عدل المشروع من حكم المادة 480 مکرراً من القانون القائم التي توجب على المحكمة الفصل في اشكالات التنفيذ الوقتية حضر الخصوم او لم يحضروا بأن أجاز للمحكمة الفصل في هذه الإشكالات أو الحكم بالشطب مع جعل هذا الحكم الاخير سبباً للإستمرار في التنفيذ حتى لا يظل التنفيذ موقوفاً بسبب اشكال لم يعلن الخصوم بالحضور فيه (المادة 313 من المشروع).
وسداً لباب الأشكالات الكيدية أوجب المشروع الحكم بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد على عشرين جنيهاً على المستشكل الذي يخسر أشكاله (المادة 314 من المشروع) .
مناط وقف التنفيذ بالعرض الحقيقي:
يحصل العرض الحقيقي بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه ، ويحصل عرض ما لا يمكن تسليمه من الأعيان في موطن الدائن بمجرد تكليفه على يد محضر بتسلمه ، فإذا رفض العرض وكان المعروض نقوداً قام معاون التنفيذ بإيداعها خزانة المحكمة ، وإذا كان المعروض شيئاً غير النقود جاز للمدين أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص بإيداعه في مكان يعينه القاضي إذا كان الشيء مما يمكن نقله ، فإن كان معداً للبقاء حيث وجد جاز طلب وضعه تحت الحراسة ، وذلك عملاً بالمادتين (487)، (488) من قانون المرافعات .
وإذ تنص الفقرة الأولى من المادة (313) من قانون المرافعات على أنه لا يترتب على العرض الحقيقي وقف التنفيذ إذا كان العرض محل نزاع ، ويعتبر العرض محل نزاع إذا كان الدائن قد رفض قبوله ، لأنه إن لم يكن كذلك لقبله الدائن .
فإن اتخذ المحكوم له إجراءات التنفيذ اقتضاء للدين محل السند التنفيذي ، فاستشكل المحكوم عليه واستند إلي محضر العرض، فإذا تبين منه قبول الدائن له ، كان ذلك وفاء قد تم بعد صدور الحكم يترتب عليه انقضاء الدين، وحينئذ يوقف معاون التنفيذ التنفيذ ويحدد جلسة لنظر الإشكال. أما إذا تبين له أن الدائن قد رفض العرض ، دل ذلك علي منازعته فيه وبالتالي لا يؤدي هذا العرض إلي وقف التنفيذ فيمضي معاون التنفيذ فيه عملا بالفقرة الأولي من المادة (313) سالفة البيان حتى لو كان هذا الإشكال هو الإشكال الأول، لأن المنازعة في العرض تدل على عدم قبول الدائن للوفاء وهو ما يكفي لعدم وقف التنفيذ طالما لم يستصدر الدين حكماً في مواجهة الدائن بصحة العرض والإيداع ، إذ يترتب على صدور حکم بذلك بعد رفض العرض. أن يلتزم به قاضي التنفيذ ولو كان ابتدائياً ، لأن مثل هذا الحكم يحوز حجية الأمر المقضي فور صدوره ولو لم يصبح نهائياً بعد ، وتتقيد كافة المحاكم بحجيته فيما عدا المحكمة التي تنظر الطعن المرفوع عنه، وبالتالي لا يجوز لقاضي التنفيذ التصدي المدي جدية هذا العرض، وإنما يقضي في الإشكال ملتزماً بتلك الحجية ومقتضاها عدم المنازعة في العرض الذي كان قد رفضه الدائن ، ومن ثم يوقف التنفيذ .
وليس لمعاون التنفيذ سلطة تقديرية عندما يتمسك المدين بمحضر العرض الذي رفضه الدائن ، إذ تتحقق المنازعة التي غنتها الفقرة الأولي من المادة (313) من قانون المرافعات بمجرد هذا الرفض حتى لو كان المبلغ المودع معادلا للدين الذي تضمنه السند التنفيذي أو كان الشيء المعروض هو ذاته الذي قضي بتسليمه، إذ تعتبر المنازعة خصومة يتعين طرحها علي قاضي التنفيذ ليفصل فيها من ظاهر الأوراق ، فإن خلص إلي أن العرض يقضي التزام المدين من حيث الأصل والفوائد والمصاريف التي تكبدها الدائن حسبما تضمنه السند التنفيذي ، فإنه لا يقضي بهذا الانقضاء وببراءة ذمة المدين لمساس ذلك بأصل الحق، وإنما يقضي بوقف التنفيذ مؤقتاً تاركاً التصدي لأصل الحق للقضاء الموضوعي ، سواء تعلق ذلك بإنقضاء الدين وبراءة الذمة، أم تعلق بصحة العرض والإيداع. وتنقضي ولاية قاضي التنفيذ بالتصدي للإشكال ، فلا يكلف المستشكل برفع الدعوى الموضوعية سواء ببراءة الذمة أو بصحة العرض والإيداع، ويري راتب صفحة 220 أنه يتعين علي قاضي التنفيذ عند الحكم بالإيقاف أن يكلف المدين برفع دعوى بصحة العرض أمام محكمة الموضوع المختصة في مدة يحددها له إن لم يكن قد رفعها.
أما إذا خلص قاضي التنفيذ إلي أن العرض المتنازع فيه لا يقضي التزام المدين من حيث المقدار إن كان نقوداً ، أو من حيث النوع والجودة إن كان من غير النقود كالمثليات المقضي بتسليمها. أو لوروده علي غير ما التزم به المدين کالمنقولات القيمية وهي التي لا يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء. فإنه يقضي برفض الإشكال والإستمرار في التنفيذ طالما لم يصدر حكم بصحة العرض والإيداع على نحو ما تقدم ، فلا يكفي لوقف التنفيذ في حالة المنازعة في العرض أن يكون المدين قام بالعرض والإيداع ورفع دعوى موضوعية بصحته طالما لم يصدر حكم فيها.
وينظر قاضي التنفيذ للعرض المتنازع فيه من كافة أوجهه ، نظرة عابرة ولكنها لا تختلف عن نظرة قاضي الموضوع من حيث التحقق من استيفاء العرض للشروط التي يتطلبها القانون لإعتباره صحيحاً مبرئاً لذمة المدين من التزامه ، فإن خلص إلي تخلفها، قضي برفض الإشكال والإستمرار في التنفيذ، فقد يخلص إلي أن المدين أودع الدين بما يكفي لبراءة ذمته منه دون عرضه على الدائن عرضا حقيقيا وقيد صرفه له بقيود لا يقره القانون عليها ، وحينئذ تعتبر المنازعة قائمة على أساس صحيح ، فيقضي برفض الإشكال والاستمرار في التنفيذ ، ويستند في كل ذلك إلي ظاهر الأوراق بعد أن يورد نصوصها واستخلاصه للبادي منها وهو تسبیب جائز قانوناً له تمكيناً له من التصدي للإشكال ، خلافاً لمحكمة الموضوع التي تقطع في دلالة المستندات وما تستخلصه منها من أدلة وقرائن ، كما يجوز لقاضي التنفيذ أن يورد النصوص القانونية وما يتعلق بها من تقریرات قانونية ، فتلك لا تحوز حجية ولا تعد مساساً بالموضوع أو أصل الحق.
وإذا قام المدين بإيداع الدین خزانة المحكمة مباشرة دون عرضه علي الدائن عرضاً حقيقياً ، وشمل الإيداع مصاريفه والفوائد وصرح بصرف المبلغ المودع للدائن دون قيد أو شرط ودون نعي من الأخير علي هذا الإيداع ، جاز لقاضي التنفيذ في هذه الحالة أن يوقف التنفيذ استناداً إلي وفاء المدين بالتزامه ، وحينئذ يجوز للدائن تسلم المبلغ المودع على ذمته دون حاجة للتصريح له بذلك من قاضي التنفيذ لخلو نصوص القانون من هذا القيد متى كان الدائن قد قبل العرض إذ يحول ذلك دون الدين واسترداد المبلغ، أما إن لم يكن الدائن قد قبل العرض ، فلا يعتبر الإيداع مبرئاً لذمة المستشكل. ومتى حكم قاضي التنفيذ بوقف التنفيذ استنادا لعرض المدين ما ألزمه الحكم به، فإن ذلك وحده يكفي لصرف المبلغ المودع للدائن وامتناع استرداد المدين له وفقاً لحجية الحكم بوقف التنفيذ ودلالته.
وإذا قام المدين بعرض الدين علي الدائن أثناء نظر الإشكال، جاز القاضي التنفيذ أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً مع إيداع المبلغ المعروض أو مبلغ أكبر منه يحدده خزانة المحكمة على ذمة الدائن، وحينئذ يتسلمه كاتب الجلسة بعد إثباته في محضرها ويودعه تلك الخزانة بمحضر إيداع ينقل من محضر الجلسة. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء التاسع، الصفحة : 251)
أثر العرض الحقيقي على إجراءات التنفيذ : إذا قام المدين بعرض الدين - الذي يجري التنفيذ لإقتضائه - عرضاً حقيقياً ، فإن مجرد هذا العرض لا يؤدي إلى انقضاء الدين مادام لم يقبله الدائن أو صدر حكم بصحة العرض والإبداع، وبالتالي لا يؤثر في إجراءات التنفيذ . ولكن لأن هذا العرض ، إذا لم ينازع فيه الدائن ، ينتهي بحكم بصحة العرض والإبداع ، وبالتالي بإبراء ذمة المدين ، فقد رأى المشرع أنه لا موجب في هذه الحالة لإستمرار إجراءات التنفيذ الجبري ، ولذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 212 مرافعات - محل التعليق - على أنه لا يترتب على العرض الحقيقي وقف التنفيذ إذا كان العرض محل نزاع ،، وهو ما يبني - بمفهوم المخالفة - أنه إذا كان العرض الحقيقي ليس محلا لنزاع فإنه يترتب عليه وقف التنفيذ، ويترتب هذا الأثر بقوة القانون دون الحاجة لحكم به (فتحي وإلى - التنفيذ الجبري - بند 389 م ص 694، 695) .
وإذا قام نزاع" بشأن العرض الحقيقي، وبالتالى لم يترتب هذا الأثر فإن لقاضي التنفيذ - رغم ذلك - بناء على إشكال من المدين أن يحكم بوقف التنفيذ (فتحى والى ، الإشارة السابقة )، ووفقاً للفقرة الثانية من المادة 313 - محل التعليق - فإن لقاضي التنفيذ أن يأمر - عند حكمه بالوقف - بإيداع المبلغ المعروض أو مبلغ أكبر منه يعينه . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / السادس ، الصفحة : 123)