موسوعة قانون المرافعات
هذه المادة لم يكن لها مقابل في القانون القديم وبعد أن أوردها القانون الحالي عدلها المشرع مرتين أولاهما بالقانون 23 لسنة 1992 إذ كانت الغرامة المنصوص عليها في المادة قبل تعديلها لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد عن عشرين جنيهاً فضاعفها المشرع في حديها الأدنى والأقصى إلي عشرة أمثالها أصبحت لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد على مائتي جنيه.
ثم عاد المشرع وعدل المادة بالقانون رقم 18 لسنة 1999 بأن زاد هذه الغرامة في حديها الأدنى والأقصى بمقدار المثل (المادة الرابعة منه) فأصبح حدها الأدني لا يقل عن مائة جنيه عن مائة جنيه وحدها الأقصي لا يزيد على أربعمائة جنيه ، وقد برر المشرع هذه الزيادة بأنها ما تزال تمليها الحاجة على جدية استعمال الحق في التقاضي والسرعة في إبلاغ العدالة إلي مستحقيها.
ثم عاد وضاعف هذه الغرامة بالقانون 76 سنة 2007 .
وتسري الغرامة الجديدة على الإشكالات التي يقضي فيها إبتداء من 1 / 10 / 2007 وهو تاريخ سريان القانون الأخير ولو كانت قد رفعت قبل العمل به وذلك عملا بالأثر الفوري لسريان قانون المرافعات المنصوص عليها في المادة الأولي منه. ويجوز للمحكمة الإستئنافية أن تقضي بالغرامة إذا كانت قد ألغت الحكم الصادر من محكمة أول درجة والذي كان قد أجاب المستشكل إلي طلبه.
وقد أورد القانون هذا الحكم قياساً على الحكم الذي أورده القانون القديم بالنسبة لمن يخسر دعوى الإسترداد في المادة 542 منه وذلك للحد من المماطلة والكيد. (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات عند صدوره).
تقرير اللجنة التشريعية :
واستبدلت اللجنة بكلمة ووجب ، الواردة في المادة كلمة «جاز، وذلك حتى يكون الحكم علي المستشكل بالغرامة جوازياً للقاضي فيقدر مدى تعنت المستشكل أو حسن نيته» .
تغريم المستشكل إذا خسر إشكاله :
المقرر أن حق التقاضي من الحقوق العامة الذي يكفل لصاحب الحق ولوج ساحات القضاء طلباً له ممن اعتدي عليه أو ذوا عنه ضد من تسول له نفسه المساس به ، دون أن يكون مسئولاً عما يترتب علي استعماله هذا الحق من أضرار تلحق بخصمه، طالما كان هذا الإستعمال مشروعاً ، فإذا تجاوز هذا النطاق وقصد به إعنات الخصم وتحول إلى لدد في الخصومة ، انقلب إلي عمل غير مشروع يتوافر فيه ركن الخطأ التقصيري الموجب لمسئولية المستشكل عن تعویض خصمه عن كافة الأضرار التي لحقت به سواء كانت متوقعة عند رفع الإشكال أو غير متوقعة، وبإعتبار هذه الأضرار ناشئة بمناسبة التنفيذ، فقد عقد المشرع الإختصاص النوعي بدعوى المسئولية عنها لقاضي التنفيذ عملا بنص المادة (315) من قانون المرافعات التي أجازت لقاضي التنفيذ الحكم بتغريم المستشكل إذا خسر إشكاله فضلاً عن التعويضات إن كان لها وجه ، وقد نهج المشرع ذات النهج في كل إدعاء کیدي إذ جعل الإختصاص بدعوى المسئولية الناشئة عنه للمحكمة التي وقع الادعاء أمامها حتى لو كانت المحكمة التي تنظر الإستئناف عملاً بالفقرة الرابعة من المادة (235) من قانون المرافعات، أو المحكمة التي تنظر التماس إعادة النظر عملاً بالمادة (246) منه، أو كانت هي محكمة النقض عملاً بالفقرة الثانية من المادة (270) من ذات القانون.
وترفع دعوى المسئولية عن الإشكال الكيدي بطلب عارض يثبت في محضر جلسة الإشكال ويصدر فيها قاضي التنفيذ حكماً موضوعياً بعد أن يحكم في الطلب الوقتي برفض الإشكال ، وينعقد الإختصاص له أيا كانت قيمة الطلب العارض ، ويخضع الحكم الصادر فيه للقواعد المتعلقة بمنازعات التنفيذ .
ومناط اختصاص قاضي التنفيذ بدعوى التعويض عن الإشكال الكيدي، أن ترفع أمامه كطلب عارض، فإن رفعت كدعوي أصلية، خضع الإختصاص بها للقواعد العامة، إذ لا تعتبر منازعة تنفيذ ولم ترفع تبعاً لمنازعة التنفيذ المطروحة علي قاضي التنفيذ وهو مناط اختصاصه بها، فإن رفعت أمامه كدعوي مبتدأة، تعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه بنظرها وإحالتها إلى محكمة الموضوع عملاً بالمادتين (109)، (110) من قانون المرافعات، ولا يوجد ما يحول دون طرح الإشكال الوقتي علي قاضي التنفيذ وفي ذات الوقت طرح دعوى التعويض عن هذا الإشكال على محكمة الموضوع ، وحينئذ تمتنع إحالة الدعوي الأخيرة إليه أو الدفع بذلك لانتفاء اختصاصه بها إذ يعتبر اختصاصه بها كطلب عارض استثناء على الأصل ما لا يجوز التوسع فيه.
فإن لم ترفع دعوى المسئولية عن الإشكال الكيدي، ورأي قاضي التنفيذ أن الإشكال ما قصد به إلا عرقلة إجراءات التنفيذ لعدم قيامه على أسباب معقولة ، جاز له الحكم بتغريم المستشكل بغرامة لا تقل عن مائة جنيهاً ولا تزيد على أربعمائة جنيه، تحصل بمعرفة قلم الكتاب لصالح الخزانة العامة، وإذا طعن في الحكم الصادر برفض الإشكال بالإستئناف، جاز للمحكمة الإستئنافية العدول عن الغرامة حتى لو قضت بتأييد حكم الرفض. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء التاسع، الصفحة : 255)
1- الغرامة المنصوص عليها في هذه المادة جوازيه فللقاضي أن يقضي بها أو لا يقضي بها كما أنه يجوز القضاء بها سواء كان الإشكال وقتياً أو موضوعياً وهي جزاء رتبه القانون ولا يتوقف الحكم بها على طلب الخصم وقد ذهب رأي إلي أن الغرامة لا يقضي بها إلا عند رفض الإشكال الوقتي دون الموضوعي (والي بند 392 وكمال عبد العزيز الطبعة الثانية ص600) إلا أن هذا الرأي مردود بأن النص ورد عاما وأنه وإن كان المشرع قد أشار في عجز المادة إلي أن الحكم بالغرامة لا يخل بحق المضرور من الإشكال في طلب التعويض فإن ذلك ليس معناه أن قاضي التنفيذ يختص بنظر التعويض وإنما الذي تختص بنظره هي محكمة الموضوع طبقاً للقواعد المنصوص عليها في الإختصاص.
هل يقضى بالغرامة في حالة صدور حکم بعد قبول الإشكال المرفوع عن الحكم الصادر في الإشكال:
سبق أن ذكرنا في شرح المادة 312 أن إشكالات التنفيذ لا يجوز رفعها إلا في السندات التنفيذية القابلة للتنفيذ الجبري بالشروط التي سبق أن بيناها بتفصيل وإسهاب نظراً لأن الحكم الصادر في الإشكال لا يعد سنداً تنفيذياً سواء قضي برفض الإشكال وبالإستمرار في التنفيذ أو بقبوله ووقف التنفيذ وبالتالي لا يجوز الإستشكال فيه وما ذلك إلا تطبيق القاعدة القانونية التي تقرر بأنه لا يجوز أن يرد إشكال على إشكال، فإذا رفع شخص إشكالاً في الحكم الصادر في الإشكال فإن مصيره الحتمي هو الحكم بعدم القبول ، إلا أن البحث بيدق فيما إذا كان يحكم بالغرامة على المستشكل في هذه الحالة أم لا .
في تقديرنا أنه يتعين الحكم بالغرامة في هذه الحالة أيضاً لأن الحكم بعدم القبول هو بمثابة حكم بالرفض. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع ، الصفحة : 346)
جواز الحكم بالغرامة على المستشكل الخاسر :
استهدف المشرع من نص المادة 315 سالفة الذكر ، والذي أجاز فيه تغريم المستشكل الخاسر، وضع حد للإشكالات الكيدية ، وهذا النص يشبه نص المشرع في المادة 542 مرافعات على تغريم من يخسر دعوى الإسترداد ، وفضلاً عن الغرامة يجوز الحكم على المستشكل الخاسر بالتعويض بناء على طلب المستشكل ضده وفقاً للقواعد العامة ، وبديهي أنه لا ينعقد الإختصاص بنظر التعويض لقاضي التنفيذ وإنما المحكمة الموضوع وفقاً للقواعد العامة في الاختصاص القضائي .
وقد ذهب رأي (رمزي سيف - قواعد تنفيذ الأحكام - بند 195 ص ۱۹۹، 200) إلى أن نص المادة 315 ينطبق على جميع منازعات التنفيذ سواء أكانت وقتية أم موضوعية ، فيجوز الحكم بالغرامة عند رفض الإشكال الوقتي أو المنازعة الموضوعية ، وأساس هذا الرأي أن النص جاء عاماً غير مقصور على الإشكالات الوقتية ، وأنه لا يغير من ذلك أن نص المادة 315 جاء في الفصل السادس من الأحكام العامة وكل نصوصه الأخرى خاصة بالإشكالات الوقتية . كما أنه فضلاً عن عموم النص فإن المذكرة الإيضاحية ذكرت أن هذا الحكم قرر قياساً على ما هو مقرر بالنسبة لمن يخسر دعوى الإسترداد ، ومعلوم أن دعوى الاسترداد منازعة موضوعية في التنفيذ ، كما أن الحكمة من هذا الحكم، وهي الحد من المماطلة والتسويق ، متوفرة في الإشكال الموضوعی توافرها بالنسبة للإشكال الوقتي (رمزی سیف ، الإشارة السابقة ) .
بيد أن الراجح هو أن الحكم بالغرامة على من يرفض إشكاله يقتصر على الإشكال الوقتي دون المنازعة الموضوعية (فتحی قالی - التنفيذ الجبري - بند 392 ص 701 ) وأساس ذلك أن القانون ينص صراحة على أنه إذا خسر المستشكل .. وهو ما يعني رافع الإشكال أي المنازعة الوقتية ، ومن ناحية أخرى ، فإن الكيدية إنما تظهر بالنسبة للإشكال الوقت الذي يرتب مجرد رفعه وقف التنفيذ كما هو الحال بالنسبة لدعوى الإسترداد ، على خلاف المنازعة الموضوعية التي لا ترتب هذا الأثر ، وكما أنه لو كان المشرع يرمی . بنص المادة 315 وضع قاعدة عامة. تسري على جميع المنازعات شكلية وموضوعية ، لحذف النص الخاص بدعوى الإسترداد إذ لا يكون له ما يبرره فتحي والي ، الإشارة السابقة وهو ما لم يفعله المشرع ، إذن وفقاً للراجح في الفقه فإن الغرامة المنصوص عليها في المادة 315 - محل التعليق - لا يقضي بها إلا عند رفض الإشكال الوقتي فقط دون المنازعة الموضوعية .
وتنبغي ملاحظة أنه إذا قضت المحكمة بعدم قبول الإشكال المرفوع عن الحكم الصادر في الإشكال فإنها تقضي أيضاً بالغرامة لأن الحكم بعدم القبول هو بمثابة حكم بالرفض .
كما أنه يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تقضى بالغرامة إذا كانت قد ألغت الحكم الصادر من محكمة أول درجة والذي كان قد أجاب المستشكل إلى طلبه الديناصوری وعكاز - التعليق على القانون رقم 18 لسنة 1999 - ص 94). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / السادس ، الصفحة : 128)