موسوعة قانون المرافعات
الحجوز التحفظية
الفصل الأول
الحجز التحفظى على المنقول
للدائن أن يوقع الحجز التحفظي على منقولات مدينه في الأحوال الآتية:
1-إذا كان حاملاً لكمبيالة أو سند تحت الإذن وكان المدين تاجراً له توقيع على الكمبيالة أو السند يلزمه بالوفاء بحسب قانون التجارة.
2- في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه.
حالات الحجز التحفظي :
لاحظ المشروع أن تنظيم القانون الحالى للحجز التحفظي يقصر الامر به على حالات محددة أو ردها على سبيل الحصر نقصر عن مواجهة جميع الحالات التي قد تعرض في العمل ويكون هناك ضرورة فيها للتحفظ على أموال المدين فاجاز المشروع الأمر بالحجز التحفظي في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه (المادة 315 من المشروع) .
لاحظ المشروع أن مسلك القانون القائم الذي ينصر الحجز لا يواجه جميع الحالات التي قد تعرض في العمل ويكون هناك ضرورة للتحفظ فيها على أموال المدين وهو ما دعا التشريعات المختلفة إلى التخلي عن هذا المسلك فتدخل المشرع الايطالي بقانون المرافعات الجديد هنا ونظم الحجز التحفظي فلم يقصره على حالات محدودة بل أورد قاعدة عامة مقتضاها أنه يجوز للقاضي أن يأذن للدائن بتوقيع الحجز التحفظي إذا كان لديه خوف حقيقي في أن يفقد ضمان حقه (مادة 671 ايطالي).
كذلك تدخل المشرع الفرنسي فعدل عن مذهبه التقليدي وكان هذا التدخل بقانون 12 نوفمبر سنة 1955 وفيه اجاز توقيع الحجز التحفظي على المنقولات إذا كان هناك اشتعجال وخطر يهددان ضمان الدائن دون التقيد بحالات واردة على سبيل الحصر .
وقد عمد المشروع ايضا الى العدول عن مسلك القانون القائم فنص في المادة 315 منه على الحجز التحفظي دون التقيد بحالات معينة بل اجاز للقاضي وفقا للظروف ان باذن للدائن بتوقيع الحجز التحفظي إذا كان هناك ما يبرر خشيته من فقد ضمان حقه .
ولا يقصد بالضمان هنا الضمان الخاص ولكن الضمان العام .
وأورد المشرع في المادة 316 من القانون الجديد الفقرة الرابعة من المادة 601 " من القانون القديم ثم استعاض عن باقي فقرات المادة 601 من القانون القديم بمبدأ عام قرره في الفقرة الثانية أجاز بمقتضاه الحجز في كل حالة يخشى منها فقد الدائن لضمان حقه وقد أوردت المذكرة الإيضاحية في هذا الصدد ما يلي ((لاحظ القانون الجديد أن تنظيم القانون القديم للحجز التحفظي يقصر الأمر به على الحالات التي قد تعرض في العمل ويكون فيها ضرورة للتحفظ على أموال المدين فأجاز القانون الجيد الأمر بالحجز التحفظي في كل حالة يخشى فيها فقدان الدائن لضمان حقه. لا يقصد بالضمان هذا الضمان الخاص ولكن الضمان العام.
وراي المشرع مع أخذه بقاعدة عامة بالنسبة لحالات الحجز التحفظي أن يحتفظ للدائن بحق توقيع الحجز التحفظي إذا كان حاملا لكمبيالة أو سند تحت الإذن وكان المدين تاجر له توقيع على الكمبيالة أو سند يلزمه بالوفاء بحسب قانون التجارة وأن يحتفظ للمؤجر بالحق في الحجز التحفظي ضمانا لإمتيازه الفاشي عن عقد الإيجار.
تنص المادة 316 مرافعات على " أن للدائن أن يوقع الحجز التحفظى على منقولات مدينة فى الأحوال الآتية 1 - ... ...2 - فى كل حالة يخشى فيها فقدان الدائن لضمان حقه " و المقصود بالضمان هو ضمان العام الذى للدائن على أموال مدينة أما الخشية فهى الخوف من فقدان الدائن لهذا الضمان بسبب ظروف محددة و عبء إثبات ذلك يقع علىعاتق الدائن .
(الطعن رقم 806 لسنة 45 جلسة 1978/04/06 س 29 ع 1 ص 972 ق 190)
دعوى عدم الاعتداد بالحجز التحفظي:
الحجز التنفيذي، هو طريق من طرق التنفيذ الجبري على أموال المدين يتطلب وجود سند تنفيذي متضمناً الحق المراد التنفيذ به والمعين المقدار. أما الحجز التحفظي، فهو طريق من طرق التحفظ على أموال المدين لايتطلب توقيعه وجود سند تنفيذي ويكفي وجود حق غير معين المقدار.
وكان قانون المرافعات السابق يقصر الحجز التحفظي على المنقول علي حالات محددة أوردها على سبيل الحصر منها الحجز التحفظي على منقولات المستأجر والحجز التحفظي التجاري والحجز التحفظي الاستحقاقي، ولم يأخذ القانون الحالي بهذا النهج فنص في المادة (316) منه على توقيع الحجز التحفظي في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه، وبذلك يكون قد أجاز للقاضي وفقاً للظروف أن يأذن للدائن بتوقيع الحجز التحفظي إذا كان هناك ما يبرر خشيته من إضعاف المدين للضمان العام وبالتالي فقد الدائن ضمان حقه. وظل القانون الحالي محتفظاً بحق الدائن في توقيع الحجز التحفظي التجاري إذا كان حاملاً لكمبيالة أو سند تحت الإذن وكان المدين تاجراً له توقيع على كمبيالة أو سند يلزمه بالوفاء بحسب قانون التجارة كما لو كان مظهراً، كما احتفظ للمؤجر بالحق في الحجز التحفظي ضماناً لامتيازه الناشئ عن عقد الإيجار، كما احتفظ لمالك المنقول في أن يوقع الحجز التحفظي الاستحقاقي، حسبما تضمنته المواد (316) وما بعدها من قانون المرافعات.
ويجب لتوقيع الحجز التحفظي التجاري أن يكون الدين أصبح حال الأداء ومع ذلك توقف المدين عن الوفاء به. ويثبت ذلك من بروتستو عدم الدفع. كما يجب التوقيع الحجز التحفظي علي المستأجر أن يكون قد امتنع عن سداد الأجرة التي حلت دون أن يكون له حق في حبسها، ويكفي أن ينقضي الميعاد المحدد في قانون إيجار الأماكن للوفاء بها إذ يعتبر ممتنعاً بمجرد انقضائه دون حاجة إلى التنبيه عليه بالوفاء لأن مناط هذا التنبيه أن يكون المؤجر قد عزم علي رفع دعوى بالإخلاء.
وكما ترد منازعات التنفيذ المستعجلة على الحجز التنفيذي. فإنها ترد أيضاً علي الحجز التحفظي، وتستند المنازعة بالنسبة للحجز التحفظي إلي كافة الأوجه التي تضمنها المبحث الخاص بأوجه منازعات التنفيذ والذي تناولناه فيما بعد، مع اختلاف يتعلق بالسند الذي يتوقع الحجز بموجبه والحق الذي تضمنه فيما يتعلق بتعيين مقداره. ذلك أن الحجز التنفيذي يتطلب سنداً تنفيذياً متضمناً حقاً معين المقدار، أما الحجز التحفظي فيكفي فيه مجرد الدليل العرفي الموقع عليه من المدين ولو لم يكن الحق الوارد به معين المقدار طالما كان حال الأداء ومحقق الوجود إذ يتولى القاضي تقديره مؤقتاً ثم يأذن بتوقيع الحجز عملاً بالمادة (319) من قانون المرافعات.
فإذا عرض عند التنفيذ بتوقيع الحجز التحفظي، منازعة قبل إتمامه، وكان المطلوب فيها إجراء وقتياً، كانت المنازعة إشكالاً في التنفيذ، يوجب على معاون التنفيذ أن يوقف التنفيذ فلا يوقع الحجز التحفظي أو أن يمضي فيه علي سبيل الاحتياط مع تكليف الخصوم في الحالين الحضور أمام قاضي التنفيذ، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم بالبحث المتعلق بإشكالات التنفيذ.
أما إذا كان التنفيذ قد تم بتوقيع الحجز التحفظي، فإن المنازعة التي تثار في شأنه لا تعتبر إشكالاً وإنما دعوى تنفيذ مستعجلة إذا كان المطلوب فيها إتخاذ إجراء وقتي، كما لو طلب عدم الاعتداد بهذا الحجز استناداً لبطلانه بطلاناً جوهرياً يكشف عنه ظاهر المستندات وبمجرد الاطلاع عليها، كما لو كان المستند الذي توقع الحجز بموجبه غير موقع عليه من المحجوز عليه أو كان الحق الوارد به غير حال الأداء وقت توقيع الحجز حتي لو أصبح حالاً بعد ذلك. أما إن كان البطلان غير جوهري. بأن لم يكن واضحاً جلياً يدل عليه مجرد الاطلاع علي المستندات، مما يحتاج إلى استجواب أو تحقيق، أو كان محل خلاف في الفقه أو القضاء، فإنه التصدي له في هذه الحالات يمس الموضوع وبالتالي يتصدى قاضي التنفيذ للدعوى باعتبارها دعوى تنفيذ موضوعية إذا توافرت عناصرها، وإلا قضي برفض الدعوي، ولا يقضي بعدم اختصاصه بنظرها، لأنه مختص بها، سواء باعتبارها دعوي تنفيذ مستعجلة أو موضوعية.
وإذا تطلبت دعوى عدم الاعتداد بالحجز إجراء بعض العمليات الحسابية البسيطة، تصدى لها قاضي التنفيذ وأصدر فيها قضاء وقتياً، أما إن تطلب ذلك إجراء عمليات حسابية معقدة توجب ندب خبير حسابي لإجرائها، وهو ما يتطلب تحقيقاً موضوعياً، فإن قاضي التنفيذ لا يقضي بعدم اختصاصه ولكن ينظر الدعوى باعتبارها منازعة تنفيذ موضوعية مما يختص به، ويقضي فيها علي هذا الأساس، فقد توافرت في المنازعة التي رفعت إليه عناصر دعوى التنفيذ الموضوعية.
ولا تتوافر مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية إذا رفعت باعتبارها دعوى عدم اعتداد بالحجز، وكان من شأن الفصل فيها كدعوى تنفيذ موضوعية المساس بحجية الحكم أو الأمر الذي توقع الحجز التحفظي بموجبه، کاستناد المدعي إلي انقضاء الدين المنفذ به قبل صدور الحكم أو الأمر بالمقاصة القانونية مما يحتاج إلى عمليات حسابية تتطلب ندب خبير، أو تتحول الدعوي بذلك إلى دعوى تنفيذ موضوعية ولكن يترتب علي الفصل فيها المساس بحجية الحكم أو الأمر وهو ما لا يجوز، وحينئذ يقضي برفض الدعوى، لأنها لم تستوف مقومات دعوي التنفيذ الموضوعية، خلافاً لما إذا تمسك المحجوز عليه بانقضاء الدين بسبب لاحق علي صدور الحكم أو الأمر، إذ تستوفي بذلك الدعوي مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية. وذلك بفرض توقيع الحجز التحفظي بموجب حكم أو أمر بالأداء.
ويجب على قاضي التنفيذ عند نظر دعوى عدم الاعتداد بالحجز أن يتحقق من توافر الاستعجال وعدم المساس بالموضوع، ولا يعتبر الاستناد إلى سبب موضوعي ماساً بالموضوع. ومن ثم يجوز للمحجوز عليه أن يرفع دعوى عدم الاعتداد بالحجز التحفظي الذي توقع علي أمواله وأن يستند فيها إلى انقضاء الدين المنفذ به بأي سبب من أسباب الانقضاء، كالوفاء أو الأداء أو المقاصة أو التجديد أو التقادم، وفي هذه الحالة يتصدى قاضي التنفيذ للدعوى من ظاهر المستندات، لا ليقضي بانقضاء الدين لتعلق ذلك بالموضوع، وإنما ليقضي بعدم الاعتداد بالحجز إذا تبين له من ظاهر المستندات انقضاء هذا الدين، وله أن يدلل على ذلك بمدونات حكمه استناداً إلى ظاهر المستندات المطروحة عليه، دون أن يلجأ في ذلك إلى أي إجراء من إجراءات التحقيق، کالاستجواب، لمساس ذلك بالموضوع.
وإذا لم يتوافر في الدعوى شرط للاستعجال، ولم تتوافر فيها مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية، تعين القضاء برفضها دون القضاء بعدم الاختصاص باعتبار أن المطلوب فيها إتخاذ إجراء وقتي مما يختص به قاضي التنفيذ، وإذ ينظرها بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة، فإنها تكون واجبة الرفض بتخلف شرط الاستعجال.
ويجوز للغير رفع الدعوى بعدم الاعتداد بالحجز استناداً إلى ملكيته هو للمحجوزات ولا يحول ذلك دون رفع دعوى الاسترداد.
وإذا ادعى الغير وجود حق له على منقولات في حيازة الغير، جاز له أن يوقع عليها حجزاً تحفظياً استحقاقياً، كبائع المنقول الذي يحتفظ بحق ملكيته حتى تمام الوفاء بالثمن، والمؤجر إذا أخرج المستأجر منقولاته من العين المؤجرة إذا أصبحت باقي المنقولات الموجودة بها لا تكفي للوفاء باجرة سنتين وإلا جاز للمستأجر رفع دعوى عدم اعتداد بهذا الحجز إذا كان ظاهر الأوراق يدل على أن المنقولات الباقية تكفي للوفاء بتلك الأجرة.
حالات الحجز التحفظي:
كانت المادة (601) من قانون المرافعات السابق تورد حالات الحجز التحفظي على المنقول علي سبيل الحصر، وكثيراً ما كان ينال ذلك من حق الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدینه رغم توافر الخشية وقيام الضرورة التي كانت تبرر توقيع الحجز التحفظي، وكان هذا الحصر يتعلق بالنظام العام لمساسه بعناصر الملكية مما حال دون الاتفاق على ما يخالفه.
وعند وضع قانون المرافعات الحالي، رأي المشرع أن النص على حصر حالات الحجز التحفظي على المنقول ليس من شأنه مواجهة جميع الحالات التي قد تعرض في العمل عندما تكون هناك ضرورة للتحفظ فيها على المنقولات المملوكة للمدين، مما أدي به إلي وضع قاعدة عامة تقرر للدائن الحق في توقيع الحجز التحفظي إذا كان حاملاً لكمبيالة أو سند تحت الإذن وكان المدين تاجراً له توقيع علي أي منهما يلزمه بالوفاء وفقاً لقانون التجارة، كما أجاز للقاضي أن يأذن للدائن بتوقيع الحجز التحفظي إذا كان هناك ما يبرر خشيته من فقد الضمان العام المقرر له علي أموال مدینه، وذلك على النحو التالي:
أولاً- نصت المادة (316) من قانون المرافعات على أنه للدائن أن يوقع الحجز التحفظي على منقولات مدينه إذا كان حاملاً لكمبيالة أو سند تحت الإذن وكان المدين تاجراً له توقيع علي الكمبيالة أو السند يلزمه بالوفاء بحسب قانون التجارة، ومفاد ذلك. إن الإحالة إلى قانون التجارة قاصرة على القواعد التي تجعل التاجر الذي له توقيع علي الكمبيالة أو السند ملزماً بالوفاء بالقيمة، وفيما عدا ذلك يخضع الحجز التحفظي لقواعد قانون المرافعات التي تتطلب أن يكون الدائن حاملاً كمبيالة أو سند تحت الإذن، وأن يكون الدين تاجراً ملزماً بالوفاء بموجب توقيعه.
وإذ نصت المادة (173) من قانون التجارة على أنه يجوز لحامل الكمبيالة المعمول عنها بروتستو عدم الدفع زيادة عماله من حق، المطالبة علي وجه الرجوع أن يحجز مقولات الساحب أو القابل أو المحيل، حجراً تحفظياً بشرط مراعاة الإجراءات المقررة لدي قانون المرافعات» ويبين من هذا النص أن قانون التجارة اشترط لتوقيع الحجز التحفظي، فضلاً عن الشروط التي حددها قانون المرافعات، أن يكون الدائن قد عمل بروتستو عدم الدفع.
ولما كان قانون المرافعات هو القانون العام بالنسبة لكافة إجراءات التقاضي وما يتبعها من إجراءات الحجز والتنفيذ، ومن ثم يجب الالتزام بها إن لم يتضمن قانون سابق تنظيماً مخالفاً لأحد الإجراءات، أو كان القانون السابق قد أحال في شأن إجراء معين إلي قانون المرافعات إحالة مطلقة، أما إذا كان القانون السابق قد نظم هذا الإجراء بما يتعارض مع التنظيم الذي جاء به قانون المرافعات، فإن القانون السابق يعتبر قانوناً خاصاً فيما يتعلق بهذا الإجراء، فلا نسخه قانون المرافعات وإنما يتعين إعمالهما معاً، ويتعين تبعاً لذلك إضافة الشرط الذي تضمنته المادة (173) من قانون التجارة إلى الشروط التي تتطلبها المادة (316) من قانون المرافعات، وذلك على النحو التالي:
1- أن يكون الدائن حاملاً لكمبيالة أو سند تحت الإذن مما يعتبر عملاً تجارياً، ويقصد بالكمبيالة الورقة التي توافرت فيها الشروط التي تطلبها قانون التجارة، بأن يحررها الساحب، علي المسحوب عليه، لصالح المستفيد، وهذا يقتضي وجود ثلاثة أطراف فيها، وتبدأ بتوقيع الساحب، فيكون ملزماً بالوفاء بقيمتها، ثم توقيع المسحوب عليه إذا عرضت عليه وقبلها، فيصبح بدوره ملزماً بالوفاء بقيمتها. أما السند الإذني، فهو الورقة التي يحررها المدين ويلتزم بموجبها بالوفاء بقيمتها إلى الدائن في تاريخ معين.
وقد يوقع مع المدين ضامنه الاحتياطي، فيصبح ملزماً معه بالوفاء التزاماً تضامنياً وإذا انتقلت الورقة إلي مستفيد آخر، فإن ذلك يتم بقيام المستفيد الأول بتظهيرها والتوقيع عليها، فيصبح من الملزمين بالوفاء، وقد يوقع مع المظهر ضامنه الاحتياطي، فيصبح بدوره من الملزمين بالوفاء، ويعتبر حامل الورقة، سواء كان هو الدائن الأصلي أو المظهر إليه، هو صاحب الحق في توقيع الحجز التحفظي.
فإذا انتفت الشروط اللازمة لتوافر عناصر الكمبيالة مما يخرجها عن طبيعتها التجارية، أو تبين أن السند تحت الإذن غير تجاري لصدوره عن عملية مدنية، كما لو كان ثمناً لعقار، فلا يجوز توقيع الحجز التحفظي بموجبه، ويكفي أن يكون طالب الحجز حاملاً للورقة التجارية ولو كانت مظهرة تظهریاً ناقصاً، إذ طالما كان حاملاً لها، جاز له توقيع الحجز متي كان هو الدائن الأصلي فيها بأن يكون هو المستفيد منها، أو كان حاملاً لها وكانت مظهرة إذ يعتبر محالاً إليه أو وكيلاً إن كان التظهير ناقصاً وهو ما يجيز له توقيع الحجز، فإن لم يكن هو المستفيد في الورقة ولم تكن الورقة مظهرة ولم تكن لحاملها، فإن الطالب لا يكون حاملاً لها في معني المادة (316) من قانون المرافعات، وهو ما يحول دون إصدار الأمر بالحجز التحفظي لانتفاء صفته في استصدار أمر الحجز التحفظي.
2- ويجب أن يكون المطلوب الحجز عليه تاجراً وقت توقيع الحجز التحفظي علي أمواله وأن يكون له توقيع علي الورقة يلزم بموجبه بالوفاء بقيمتها للحامل، فإن لم يكن المطلوب الحجز عليه تاجراً في ذلك الوقت، بأن زالت هذه الصفة عنه بتصفية تجارته، أو لم يكن أصلا تاجراً، فلا يجوز توقيع الحجز حتي لو كان له توقيع على الكمبيالة التي تعتبر عملاً تجارياً بطبيعته، إذ لا يكفي توافر الكمبيالة بل يلزم أن يكون المحجوز عليه تاجراً، وله توقيع عليها يلزمه بالوفاء بقيمتها على التفصيل المتقدم. فإن لم يكن للمطلوب الحجز عليه توقيع، فلا يجوز الحجز عليه حتى لو كان من أطراف الكمبيالة کالمسحوب عليه الذي لم يقبلها.
3- يجب لتوقيع الحجز التحفظي على المنقولات المملوكة للمدين التاجر، عمل بروتستو عدم الدفع، وهو ورقة من أوراق المحضرين. يعلن إلي المدين في الورقة التجارية المطلوب الحجز عليه متى كان هو محررها أو ضامنه الاحتياطي الذي يلتزم بالوفاء بقيمتها التزاماً تضامنياً، ومن ثم يجوز توقيع الحجز التحفظي على منقولات أي منهما بشرط إعلانه ببروتستو عدم الدفع. أما غيرهما من له توقيع على الورقة والملزم بالوفاء بقيمتها، فلا يعلن بالبروتستو وإنما يبلغ إليه بعد عمله، كالمظهر وضامنه الاحتياطي، وبعد هذا الإبلاغ المتمثل في ورقة من أوراق المحضرين متضمنة عمل البروتستو ضد المدين وتسليم المعلن إليه صورة منه ، يستصدر الحامل أمراً بالحجز التحفظي ضد المظهر أو ضامنه الاحتياطي.
ويجب أن يكون البروتستو صحيحاً وفقاً للمادتين (349)، (440) من قانون التجارة وإلا كان الحجز باطلاً، إذ يجب لتوقيعه إقامة الدليل على توقف المدين عن الدفع وأقام المشرع من عمل البروتستو قرينة على ذلك، فإن كان باطلاً انتفت القرينة مما يحول دون توقيع الحجز، ولا يعفي الدائن من عمل البروتستو حتى مع توافر شرط الرجوع بلا مصاريف (انظر بهذا المعنى محسن شفيق في الأوراق التجارية بندي 447، 450 وقارن راتب صفحة 263 ويرى أن هذا الشرط يعفي الدائن من عمل البروتستو عند توقيعه الحجز التحفظي).
فإذا تخلف شرط من هذه الشروط، وكان أمر الحجز قد صدر من القاضي المختص، وهو في هذه الحالة القاضي المختص بإصدار الأمر بالأداء عملاً بالمادة (210) من قانون المرافعات، فلا يجوز للمحضر أن يمتنع عن تنفيذه، ومتى شرع في التنفيذ وقدم إليه المدين أو الغير إشكالاً وقتياً استناداً إلي تخلف الشروط التي تطلبتها المادة (316) من قانون المرافعات لتوقيع الحجز التحفظي، تعين عليه وقف التنفيذ وتحديد جلسة أمام قاضي التنفيذ النظر الإشكال، فإن خلص من ظاهر المستندات إلي تخلف شرط أو أكثر من هذه الشروط، أمر بوقف التنفيذ، كما لوتبين له أن الورقة التي صدر أمر الحجز التحفظي بموجبها لم تتوافر فيها مقومات الكمبيالة أو السند الإذني التجاري، كما لو كانت غير موقع عليها من الساحب أو خلت من بيان تطلبه القانون في الكمبيالة، أو أن الحجز توقع على المسحوب عليه رغم عدم وجود توقيع له بسبب عدم قبوله لها، أو كان السند الإذني محرراً عن عملية مدينه أو كانت الورقة عبارة عن فواتير تجارية، أو أن المطلوب الحجز عليه ليس تاجراً أو أنه فقد صفة التاجر وقت الشروع في توقيع الحجز، أو أن الدائن لم يعمل بروتستو عدم الدفع وفقاً لما تقدم.
فإن كان الحجز التحفظي قد توقع، فلا يجوز رفع إشكال، وإنما يرفع المحجوز عليه دعوى تنفيذ مستعجلة بعدم الاعتداد بهذا الحجز، يستند فيها إلي أي من الأوجه سالفة البيان، وينظرها قاضي التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة ويجب أن يتوافر فيها شرط الاستعجال وأن يلتزم بعدم المساس بأصل الحق، فإن تبين له من ظاهر المستندات صحة أوجه المنازعة، قضى بعدم الاعتداد بالحجز، حتى لو كان الحاجز تقدم بطلب لاستصدار الأمر بالأداء وصحة الحجز، طالما أن هذا الأمر لم يصدر بعد، بأن كان قد رفض وتحددت جلسة لنظره. أما إن كان الأمر قد صدر بالأداء وصحة الحجز، التزم قاضي التنفيذ بحجية هذا الأمر وتعين عليه القضاء بعدم قبول الدعوى .
وقد يري المحجوز عليه حسم النزاع، فيرفع دعوى تنفيذ موضوعية ببطلان الحجز التحفظي استناداً إلى انتفاء الشروط اللازمة لذلك علي نحو ما تقدم، فيصدر قاضي التنفيذ حكماً موضوعياً تتقيد به المحكمة التي تنظر دعوى صحة الحجز لوحدة الخصوم والموضوع والسبب، وقد يتقيد قاضي التنفيذ بالحكم الذي تصدره هذه المحكمة إذا صدر قبل الفصل في الدعوى المطروحة عليه.
ثانياً - نصت المادة (316) من قانون المرافعات على أنه للدائن أن يوقع الحجز التحفظي على منقولات مدينه في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه، وتتمثل الخشية في الخوف من فقدان الضمان العام بسبب ظروف محددة يتحمل الدائن عبء إثباتها بكافة الطرق المقررة ومنها البينة والقرائن الورود الإثبات علي وقائع مادية.
ووضع المشرع بذلك قاعدة عامة يجوز وفقاً لها توقيع الحجز التحفظي كلما توافرت القرائن علي أن الدائن أصبح مهدداً بفقد الضمان المقرر له على أموال مدینه، ومتى توافرت تلك القرائن أمام القاضي الأمر، أمر بتوقيع الحجز التحفظي، وله قبل إصدار أمره أن يجري تحقيقاً مختصراً إذا لم تكفه المستندات المؤيدة للطلب دون حاجة لإصدار حكم تمهيدي بذلك، وله مناقشة الطالب وإثبات أقواله في محضر. ولا معقب على القاضي الأمر في تقديره للوقائع التي استخلص منها توافر الخشية من فقد الدائن للضمان المقرر على أموال مدينه.
وقد تتوافر الخشية إذا قامت أسباب جدية يتوقع معها قيام المدين بتهريب أمواله أو تبديدها أو التفريط فيها لأي سبب مما يوجب على الدائن أن يتخذ إجراءً تحفظياً سريعاً قبل انهيار الضمان العام.
وقد تصبح التأمينات الضامنة للدين مهددة بالضياع عندما يهمل المدين في المحافظة على المنقولات المملوكة له مما قد يؤدي إلي هلاكها أو الحط من قيمتها مما يؤثر في الضمان العام.
وقد يعد المدين العدة للفرار بالبدء في تصفية أعماله وتهريب أمواله مما تتوافر به الخشية من فقد الدائن لضمان حقه.
يدل ذلك على أن الحالات التي تجيز توقيع الحجز التحفظي على منقولات المدين بسبب الخشية من فقد الضمان العام، لا تقع تحت حصر، ويكفي فيها توافر القرائن عليها حتى يأمر القاضي بتوقيع الحجز التحفظي.
تظلم المدين من الحجز التحفظي:
يستصدر الدائن أمر الحجز التحفظي من قاضي التنفيذ أو من قاضي الأداء بموجب عريضة يقدمها له، سواء أراد توقيع الحجز على المدين أو علي ما للمدين لدي الغير، فإذا أصدر القاضي أمره بالحجز وأذن في توقيعه، تعين علي الدائن أن يحصل على نسخة العريضة الثانية بعد أن يكتب عليها قلم الكتاب صورة من أمر الحجز، وحينئذ يقدمها الدائن إلي قلم المحضرين لتوقيع الحجز بموجبها على المنقولات الموجودة لدي المدين متى أراد الدائن الحجز عليها، دون أية إجراءات سابقة على توقيع الحجز طالما أنه ليس حجزاً تجارياً، ويعتبر الحجز قد توقع في هذه الحالة اعتباراً من يوم تحرير محضره، أما إن أراد توقيع حجز ما للمدين لدى الغير، فإنه يقوم بإعلان المحجوز لديه بهذا الحجز بموجب ورقة من أوراق المحضرين متضمنة البيانات التي تطلبتها المادة (328) من قانون المرافعات يرفق بها أصل العريضة المسلم له من قلم الكتاب وصورة منه تسلم للمحجوز لديه عند إعلانه بالحجز، ويعتبر الحجز قد توقع في هذه الحالة من اليوم الذي يتم فيه الإعلان.
ولما كان أمر الحجز التحفظي يصدر على عريضة على نحو ما تقدم، فإنه يخضع للقواعد المقررة في شأن الأوامر علي العرائض، ومن ثم يجوز التظلم منه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى وذلك بإيداع صحيفة التظلم قلم کتاب المحكمة المختصة وهي التي يتبعها القاضي الآمر سواء كانت جزئية أو ابتدائية. كما يجوز رفع التظلم النفس القاضي الأمر بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى بإيداع صحيفة التظلم قلم کتاب المحكمة التي يعمل بها.
ويحكم في التظلم بتأييد أمر الحجز التحفظي أو تعديله أو إلغائه، ويجب أن يكون التظلم مسبباً وإلا كان باطلاً، فإذا قضي ببطلانه استتبع ذلك القضاء بتأييد أمر الحجز، وهو قضاء وقتي يحوز حجية مؤقتة فلا يقيد القاضي الأمر عند إصدار أمر الأداء وصحة اجراءات الحجز كما لا يقيد المحكمة عند نظر الدعوى بثبوت الحق.
ولما كان الأمر بالأداء وصحة إجراءات الحجز يعد بمثابة حكم بأداء الحق وتثبيت الحجز، ومن ثم يجوز للقاضي أن يأمر بالأداء ويرفض تثبيت الحجز التحفظي (انظر بهذا المعنى نقض 1971/6/24 فيما يلي) ولا يقيده في ذلك الحكم الوقتي الصادر في التظلم إن كان قد صدر. وتقديري صحة إجراءات الحجز فيأمر بتثبيته مع الأمر بالأداء، لكن إذا امتنع عن إصدار الأمر بالأداء، وجب عليه الامتناع أيضاً عن تثبيت الحجز، وحينئذ يلتزم بتحديد جلسة أمام المحكمة التابع لها لنظر الدعوى، ولها القضاء برفضها بما تضمنته من طلبات، أو إجابة الدائن لطلباته، أو إجابة طلب الأداء ورفض طلب تثبيت الحجز كما يسري ذلك على المحكمة عند نظر دعوى ثبوت الحق.
وإذا قضي في التظلم من أمر الحجز ببطلانه، فلا يترتب على ذلك الامتناع عن إصدار الأمر بالأداء إن لم يكن قد صدر استناداً إلى قيام التظلم على أسباب تتصل بأصل الحق، إذ يعتبر التظلم في هذه الحالة كان لم يكن ويرتد هذا الأثر إلى يوم رفعه عملاً بالأثر الرجعي للحكم ببطلان الإجراء ، فإن لم يكن قد قضي ببطلان التظلم وكان قد تضمن سبباً يتصل بأصل الحق، امتنع القاضي عن إصدار الأمر بالأداء وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة التابع لها، إذ يتحقق هذا الامتناع لمجرد رفع التظلم من أمر الحجز استناداً إلى سبب يتصل بأصل الحق ولو كان ظاهر البطلان لما يتطلبه ذلك من الرد على هذا السبب وبالتالي بيان الأسباب التي تبرر هذا الرد وهو ما يتحقق بإصدار حكم وليس أمر بالأداء ولا تخضع لهذا القيد المحكمة التي تنظر دعوى ثبوت الحق وصحة الحجز.
وإذ يحدد قاضي الأداء جلسة أمام المحكمة لنظر الدعوى على نحو ما تقدم، فإن التظلم من أمر الحجز إذا كان قد رفع إلي المحكمة، فإنها تكون نفس المحكمة التي تنظر الدعوى، وحينئذ تقرر ضم التظلم للدعوي المتعلقة بأمر الرفض للارتباط و ليصدر فيهما حكم واحد إذا تعلق التظلم بالحجز المطلوب القضاء بصحته في الدعوى.
أما إن كان التظلم قد رفع إلي نفس القاضي الأمر، فإنه يستمر في نظره، وتستمر المحكمة في نظر الدعوى، فإذا قضت للدائن بطلباته، وهو قضاء قطعي يحسم النزاع في الدعوى الموضوعية ويحول دون إصدار حكم في التظلم مما يتعين معه القضاء باعتبار التظلم منتهياً، فإن لم يتنبه القاضي إلي صدور الحكم الموضوعي وبالتالي أصدر حكماً في التظلم بتأييد أمر الحجز أو تعديله أو إلغائه، فلا يجوز تنفيذه يما يتعارض مع الحكم الموضوعي القطعي، إذ بصدور الحكم الأخير تزول الحجية المؤقتة التي كانت للحكم الوقتي الصادر في التظلم، ولا يحتج بالحكم الأخير إذا صدر بعد الحكم القطعي.
ويسري ما تقدم إذا كان الحكم في التظلم قد صدر قبل الحكم الموضوعي، ولا تتقيد محكمة الموضوع بالحكم الأول باعتباره وقتياً معلقاً علي صدور الحكم القطعي، ومن ثم يجوز للمحكمة الموضوع القضاء بما يخالف الحكم الصادر في التظلم، فإن كان الحكم الأخير قد قضي بإلغاء أمر الحجز، كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالإلزام وبصحة إجراءات الحجز أو العكس.
ولما كان المشرع لم يحدد ميعاداً للتظلم من أمر الحجز التحفظي، وكانت المادة (210) من قانون المرافعات تلزم الدائن خلال ثمانية الأيام التالية لتوقيع الحجز أن يقدم طلب الأداء وصحة الحجز وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن ومتى قدم الطلب وجب علي القاضي إصدار الأمر بالإدلاء وبصحة إجراءات الحجز خلال ثلاثة أيام على الأكثر، ويقوم الدائن بإعلان المدين بالعريضة والأمر الصادر عليها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الأمر، وحينئذ فإنه يجوز للمدين التظلم من الأمر الصادر بالأداء وبصحة إجراءات الحجز خلال عشرة أيام من تاريخ إعلانه، ويبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ فوات ميعاد التظلم أو من تاريخ اعتبار التظلم كأن لم يكن.
ولما كان الحكم الذي يصدر في التظلم من أمر الأداء وصحة الحجز أو الحكم الذي يصدر في الاستئناف قضاء قطعي يترتب عليه عدم قبول التظلم الذي قد يرفع عن الحجز لانتفاء مصلحة المدين من استصدار حكم وقتي بعد حسم الموضوع بقضاء قطعي، ومن ثم يكون المدين مقيداً برفع التظلم من أمر الحجز في الوقت المناسب وقبل صدور قضاء قطعي من شأنه حسم النزاع بالنسبة للأمر بالأداء وأمر الحجز التحفظي إذ يمتد القضاء بصحة إجراءات الحجز إلي الأسباب التي استند إليها المدين في تظلمه من أمر الحجز.
فإن كان الحجز بأمر من قاضي التنفيذ رفع إليه التظلم.
أسباب التظلم من الحجز:
التظلم من أمر الحجز التحفظي هو طعن موجه إليه يسعى به الدين إلي استصدار حكم بإلغاء الأمر أو تعديله، ولذلك يجب أن يكون التظلم مسبباً وإلا كان باطلاً، وتقضي المحكمة ببطلانه من تلقاء نفسها وفي أية حالة كانت عليها الدعوى ولا يحول دون ذلك إبداء المدين تلك الأسباب بجلسة المرافعة ، إذ له أن يضيف أسباباً جديدة للأسباب التي تضمنتها عريضة التظلم دون إبداء أسباب التظلم بعد رفعه.
وتنصرف هذه الأسباب إلي تخلف الشروط الواجب توافرها لإصدار أمر الحجز التحفظي وصلاحية هذا الأمر بعد صدوره لتوقيع الحجز، فإن كان القصد من الحجز ضبط أموال المدين حفاظاً على الضمان العام، تعين توافر الشروط اللازمة لذلك، أما إذا انصرف إلى حجز خاص، كالحجز التحفظي التجاري أو الحجز على المستأجر أو غير ذلك من الحجوز التي تضمنتها نصوص خاصة، تعين توافر الشروط التي أوجبتها هذه النصوص فضلاً عن الشروط التي يقتضيها الحجز الذي يتوقع حفاظاً علي الضمان العام، فإذا توافرت هذه الشروط كان الحجز صحيحاً، أما إذا تخلفت أو تخلف بعضها أو أحدها، كان الحجز باطلاً، وحينئذ تنصرف أسباب التظلم إلي ما تخلف من الشروط، وقد تناولنا فيما بعد الشروط الخاصة اللازمة لصحة الحجز التحفظي على المستأجر وحتي يقضي بصحتها يجب أن تتوافر أيضاً الشروط العامة اللازمة للحفاظ على الضمان العام.
ولما كان نص المادة (210) من قانون المرافعات، قد أجاز للدائن في حكم المادة (201) توقيع الحجز التحفظي على المدين بموجب أمر يستصدره من قاضي الأداء ، فقد دل على أنه يشترط لصحة هذا الحجز أن يكون حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الآداء ومعين المقدار أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره، وأن يصدر أمر الحجز من قاضي الأداء، فإن صدر من قاضي التنفيذ، رغم توافر هذه الشروط، كان الحجز باطلاً، وهو بطلان متعلق بالنظام العام مما تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها، كما يبطل الحجز إذا صدر أمر الحجز من قاضي الأداء رغم عدم توافر تلك الشروط أو كان قد توقع بدون إذن من قاضي الأداء أو إذا شاب الإذن بطلان جوهري كما لو أذن قاضي الأداء في توقيع الحجز دون أن يوقع علي هذا الإذن، أو كان الأمر قد ألغي بموجب التظلم المرفوع عنه.
وإذ يخضع أمر الحجز التحفظي للقواعد المعمول بها في الأوامر علي العرائض، مما يوجب تقديمه للتنفيذ خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره، ويترتب على مخالفة ذلك سقوطه وعدم صلاحيته لتوقيع الحجز وكان هذا الجزاء مقرراً لمصلحة المدين وحده، ومن ثم لا يجوز للمحضر الامتناع عن تنفيذ أمر الحجز قولاً بسقوطه إذ للمدين عدم التمسك بذلك بعد توقيعه، كما يكون له التظلم منه والتمسك بسقوطه.
ولا يستفاد التنازل الضمني من عدم رفع التظلم، مما يجوز معه للمدين أن يتمسك بسقوط أمر الحجز في عريضة التظلم من أمر الأداء وصحة اجراءات الحجز أو بصحيفة الاستئناف المرفوع عن أمر الأداء وصحة اجراءات الحجز باعتبار أن الدفع بسقوط أمر الحجز دفع شكلي. وتتصدي محكمة التظلم أو المحكمة الاستئنافية للموضوع، ولها أن تقضي بتأييد الأمر الصادر بالأداء وبسقوط أمر الحجز التحفظي إذا توافرت الشروط اللازمة لذلك.
وكانت الفقرة الثانية من المادة (210) من قانون المرافعات توجب على الدائن إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه في حجز ما للمدين لدى الغير على أن يتضمن الإبلاغ إخطاره بتقديم طلب الأداء وصحة إجراءات الحجز، وكان يترتب على مخالفة ذلك اعتبار الحجز كأن لم يكن، وقد عدل المشرع عن هذا الإبلاغ عندما أغفل النص عليه عند تعديل الفقرة سالفة البيان، ومن ثم تقتصر إجراءات الحجز التحفظي على تحرير محضر الحجز وفقاً لما تتطلبه المادة (353) من قانون المرافعات، كما تسري. عليه أحكام المواد التالية لها، ويقع الحجز باطلاً لإغفال أو نقص بيان أو إجراء جوهري مما تتضمنه تلك المواد.
ومتى توقع الحجز صحيحاً، وجب على الدائن خلال ثمانية الأيام التالية التوقيعه أن يقدم طلب الأداء وصحة إجراءات الحجز إلي قاضي الأداء أو يرفع أمام المحكمة المختصة. الدعوي بثبوت الحق وصحة الحجز وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن عملا بالمادتين (210)، (320) من قانون المرافعات.
ويجب أن يتوقع الحجز من له صفة الدائن وقت توقيعه ولو انتفت بعد ذلك، فإن قام الدائن بتوزيع الحجز وبعد توقيعه أحال حقه إلي آخر، فإن الحجز يكون صحيحاً طالما توافرت في الحاجز وقت توقيعه صفة الدائن دون اعتداد بتخلفها بعد ذلك، ومن تاريخ نفاذ الحوالة يحل المحال له محل الدائن في مباشرة الإجراءات وتنتفي بالنسبة لها صفة المحيل، فإن كانت الحوالة قد نفذت خلال الثمانية أيام التالية لتوقيع الحجز، وجب تقديم طلب الأداء وصحة اجراءات الحجز من المحال له إذ أصبح هو الدائن بموجب الحوالة ، فإن تقدم به المحيل، وقد انتفت صفته في مباشرة الاجراءات، وكانت تلك المدة قد انقضت، جاز للمحجوز عليه التمسك باعتبار الحجز كأن لم يكن لعدم تقديم طلب الأداء وصحة إجراءات الحجز من صاحب الصفة في ذلك وهو المحال له الذي أصبح هو وحده الدائن المنوط به مباشرة الإجراءات من وقت نفاذ الحوالة.
ويكون الحجز باطلاً إذا أوقعه المحال له قبل نفاذ الحوالة، والعبرة في البطلان بتوقيع الحجز وليس باستصدار أمر الحجز، بحيث إذا استصدر المحال له أمر الحجز قبل نفاذ الحوالة ولكنه لم يوقع الحجز إلا بعد نفاذها، فإن الحجز يكون صحيحاً. ومتي أوقع المحال له الحجز قبل نفاذ الحوالة ثم قدم طلب الأداء وصحة إجراءات الحجز بعد نفاذها وفي خلال المدة المقررة، تعين علي قاضي الأداء إصدار أمر الأداء ورفض الطلب المتعلق بصحة إجراءات الحجز البطلان الحجز (انظر بهذا المعنى نقض 1971/6/24 فيما يلي).
ولما كان توقيع الحجز من أعمال الإدارة، فإنه يجب أن تتوافر في الحاجز الأهلية اللازمة لذلك، ويجوز توقيعه من النائب عن الدائن سواء كانت النيابة اتفاقية كالوکیل وكالة عامة أو خاصة، أو نيابة قضائية كالحارس القضائي، أو نيابة قانونية كالولي .
ومتى توافرت علاقة الدائنية قبل توقيع الحجز، فإنه يجب استمرارها حتى توقيعه، ومن ثم إذا كانت قد انقضت قبل توقيع الحجز بانقضاء الدين، لأي سبب من أسباب الانقضاء كالمقاصة أو الإبراء أو التجديد أو التقادم أو الوفاء بمقابل أو العرض والإيداع المبرئ للذمة، فإن الحجز يكون باطلاً لانتفاء صفة الدائن عن الحاجز وقت توقيع الحجز.
كما يجب في المحجوز عليه أن يكون مديناً شخصياً للدائن، فيقع باطلاً الحجز الذي يتوقع على من لا تتوافر فيه هذه الصفة كالولي أو الوصي أو الوكيل أو غيرهم من النواب، كما يجب ألا يكون المحجوز عليه من أشخاص القانون العام.
وألا يجوز توقيع الحجز إلا على الأموال التي لم يرد نص بحظر توقيع الحجز عليها، وإلا كان الحجز باطلاً.
ومتى توافر سبب أو أكثر من أسباب بطلان الحجز، وجب علي المدين أن يضمنه عريضة التظلم، وإن توافر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، جاز للمدين رفع دعوى مستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز أمام قاضي التنفيذ وليس أمام قاضي الأداء.
تظلم الدائن من رفض الحجز:
أوضحنا فيما تقدم الشروط الواجب توافرها لصحة الحجز، بحيث إذا توافرت كان علي قاضي التنفيذ أو قاضي الأداء إصدار أمر بتوقيع الحجز، فإن رفض إصداره رغم ذلك، جاز للدائن التظلم من رفض الحجز، أمام المحكمة التي يتبعها القاضي أو أمام نفس القاضي، وذلك بالاجراءات المعتادة لرفع الدعوى بإيداع صحيفة التظلم قلم الكتاب.
ويجب أن يكون التظلم مسبباً وإلا كان باطلاً. وإذ ينصرف التسبيب الذي يقيم المدين تظلمه عليه إلي عدم توافر الشروط اللازمة لإصدار أمر الحجز، فإن التسبيب الذي يستند إليه الدائن يجب أن يتضمن الشروط اللازمة الإصدار أمر الحجز وبیان توافر هذه الشروط جميعاً، ومتى تبين صحة هذه الأسباب كان الرفض في غير محله.
فإذا لم يكن التظلم مسبباً على نحو ما تقدم، كان باطلاً، ومتي قضي ببطلانه ، استقر أمر الرفض وتعين على الدائن اتخاذ إجراءات استصدار أمر الأداء غير مقيد في ذلك بميعاد معين بالنظر إلي أمر الرفض المتعلق بالحجز، ومن ثم يجوز للدائن البدء في هذه الاجراءات في أي وقت وذلك بتكليف المدين بالوفاء ثم استكمال باقي الاجراءات، كما يجوز له تقديم عريضة جديدة لاستصدار أمر بالحجز إذا كانت قد توافرت الشروط اللازمة لذلك، سواء كان قد تظلم من رفض الحجز وقضى بتأييد الأمر أو لم يكن قد تظلم، باعتبار أن الحكم الصادر في التظلم أو الأمر الصادر برفض الحجز، لكل منهما حجية وقتية تزول بتغير الظروف التي صدر فيها الحكم أو الأمر. ويسري ذلك في حالة رفض قاضي التنفيذ إصدار أمر الحجز، ويكون للدائن رفع دعواه إلى المحكمة المختصة.
فإن استوفي التظلم مقومات صحته، أو رغب الدائن في استصدار أمر أداء قبل صدور الحكم في التظلم، فإنه يتقدم بعريضة لاستصدار أمر أداء مباشرة لقاضي الأداء دون تكليف المدين بالوفاء إذ يغني عن هذا التكليف البدء في إجراءات الحجز طالما لم يصدر حكم ببطلانه، فإذا رفض القاضي إصدار أمر الأداء وحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة التي يتبعها، وكان التظلم من رفض الحجز مرفوعاً إليها، ضمت التظلم إلي الدعوى، فإن قضت بإلزام الدين بالدين، فإنها تقضي في نفس الحكم بعدم قبول التظلم الانتفاء المصلحة فيه إذ يجوز للدائن توقيع الحجز التحفظي بموجب الحكم الصادر في الدعوى ولو لم يكن مشمولاً بالنفاذ المعجل، وإن كان مشمولاً. بذلك، كان للدائن التنفيذ بموجبه.
فإن قضت برفض الدعوى، فإنها تقضي في نفس الحكم برفض التظلم وتأييد الأمر الصادر برفض الحجز، وإن لم تكن قد ضمت التظلم للدعوي، فإن الحكم الذي تصدره في التظلم يكون وقتياً لا يقيدها عند إصدار الحكم في الدعوى، فإن كانت قد قضت في التظلم بإلغاء الأمر، كان لها أن تقضي برفض الدعوى، وإن كانت قد قضت فيه بتأييد الأمر كان لها أن تقضي بإلزام المدين بالدين.
وإذا قضت في التظلم بإلغاء أمر الرفض ثم قضت في الدعوى بالرفض اعتبر أمر الحجز الذي ترتب على إلغاء الأمر المتظلم منه كأن لم يكن سواء كان قد نفذ بتوقيع الحجز أو لم يكن قد نفذ، إذ يتعلق مصير الحكم الوقتي الصادر في التظلم بالحكم القطعي الصادر في الدعوى الموضوعية.
ويسري ما تقدم إذا كان الدائن قد رفع تظلمه إلي نفس القاضي، إذ يعتبر الحكم الذي يصدره وقتياً لا يقيد المحكمة التي تنظر الدعوى الموضوعية.
الاختصاص بالاستئناف المرفوع عن الحكم في التظلم :
يصدر أمر الحجز التحفظي من قاضي التنفيذ أو من القاضي المختص بإصدار أمر الأداء ، فإذا صدر من قاضي التنفيذ، فإن الحكم الذي يصدره في التظلم يكون وقتياً يخضع للفقرة الثانية من المادة (277) من قانون المرافعات، ومن ثم يستأنف أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية أياً كانت قيمة الدعوى.
وقاضي الأداء، قد يكون هو القاضي الجزئي إذا كانت قيمة الأمر لا تجاوز خمسة آلاف جنيه ، فإن جاوزت قيمته هذا المبلغ اختص بإصداره رئیس إحدى دوائر المحكمة الابتدائية، وتبعا لهذا الاختصاص، بصدد أمر الحجز التحفظي، ويكون التظلم منه أمام القاضي الجزئي أو المحكمة الجزئية في حالة صدور الأمر من القاضي الجزئي، أو أمام رئيس المحكمة الابتدائية الآمر أو المحكمة الابتدائية التابع لها، وبالتالي يستأنف الحكم الصادر في التظلم أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية إن كان صادراً من القاضي الجزئي أو المحكمة الجزئية، وأمام محكمة الاستئناف إن كان صادراً من رئيس المحكمة الابتدائية أو من هذه المحكمة. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء التاسع، الصفحة : 341)
1-الحجز التحفظي يقصد به ضبط المال ووضعه تحت يد القضاء لمجرد منع المحجوز عليه من التصرف فيه تصرفاً يضر بحق الحاجز ولا يلزم لاتخاذ إجراءاته أن يكون بيد الحاجز سند تنفيذي لأنه ليس من مقتضاه في ذاته بيع الأموال المحجوزة بعكس الحال بالنسبة للحجز التنفيذي. ويكفي أن يكون دین الحاجز في الحجز التحفظي حال الأداء ومحقق الوجود ولا يلزم أن يكون معين المقدار وعلى أن يقدر يحكم القضاء بعد إجراء الحجز ولا يشترط فيه المشرع إتخاذ مقدمات التنفيذ (التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص 467).
2- علة النص في البند الأول هو استكمال الائتمان اللازم لتشجيع المعاملات التجارية ومؤداه أنه يشترط لصحة الحجز أربعة شروط أولها أن يكون الدائن الحاجز حاملاً كمبيالة أو سند أذني وثانيهما أن يكون المدين المحجوز عليه تاجراً وثالثهما أن يكون للمدين توقيع على السند الأذني يلزمه بالوفاء بحسب القانون التجاري سواء باعتباره ساحباً أو قابلاً أو مظهراً أو ضامناً إحتياطياً أو قابلاً بالواسطة أما إذا لم يكن له توقيع على الكمبيالة أو السند الأذني فلا يجوز توقيع الحجز على منقولاته ولول كان قد تلقى مقابل الوفاء بالكمبيالة إذ أن التزامه برد المقابل لا يكون ناشئاً عن الكمبيالة بل عن علاقته الأصلية بالسحب أو الأمر بالسحب ورابعهما أن يتخذ الحاجز الإجراءات التي يستلزمها قانون التجارة فيتعين أن يكون الملتزم المحجوز عليه قد أعلن ببروتستو عدم الدفع إن كان هو المحرر عليه الورقة التجارية أو ضامنه الإحتياطي أما إذا كان الملتزم المحجوز عليه هو أحد المظهرين في الورقة التجارية أو الضامن الإحتياطي للمظهر فإن البروتستو يحرر ضد المدين ساحب الكمبيالة أو المحرر عليه السند الأنني وضامنه الإحتياطي ويبلغ بعد ذلك إلي الملتزم (المظهر أو الضامن الإحتياطي للمظهر) الذي يراد توقيع الحجز ضده، فلا يصح الأمر بتوقيع الحجز التحفظي إلا بعد إعلان البرنستو للمدين ثم تبليغه المظهر أو ضامنه الاحتياطي، كما يتعين أن يكون البروتستو مشتملاً على البيانات التي أوجبها قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 في المادتين 540، 541 منه وهي - فضلاً عن البيانات الواجب ذكرها في أوراق المحضرين - صورة حرفية للورقة التجارية وكل ما ورد بها خاصاً بقبولها وتظهيرها وضمانها إحتياطياً ووفاء قيمتها عند الاقتضاء، كما يجب أن يشمل البرتسيتو على التنبيه بقبول الورقة أو وفائها وإثبات حضور أو غياب من عليه القبول أو الوفاء وسبب الإمتناع عنهما والعجز عن وضع الإمضاء أو الإمتناع عنه ومقدار ما دفع من قيمة الورقة في حالة الوفاء الجزئي، ويترتب على إغفال أي بيان جوهري من هذه البيانات إعتبار البرتستو باطلاً ومن ثم يعتبر الحجز التحفظي بدوره باطلاً .
وقد إستبدل قانون التجارة الجديد عبارة عبارة ((احتجاج عدم القبول أو عدم الوفاء)) بعبارة ((بروتستو عدم الدفع) التي وردت في القانون الملغي.
وإذا كان الاحتجاج ورقة من أوراق المحضرين فإنه يبطل إذا نقضه بيان من البيانات التي تتطلبها المادة التاسعة من قانون المرافعات الواردة بها، أما في المواضع التي لا ينص فيها قانون المرافعات على البطلان إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء، ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء عملاً بالمادة 20 مرافعات (قانون التجارة الجديد للمستشار محمد خليل ص 872 والدكتور أمين يدر ص 253 من مؤلفه).
وفي حالة ما إذا كان مشترطاً في الكمبيالة أو في السند الأذني الرجوع بلا مصاريف فإن هذا يغني حامل الورقة عن تحرير بروتستو عدم الدفع وبالتالي يجوز لحامل الورقة التجارية في هذه الحالة توقيع الحجز التحفظي التجاري ضد الملتزم بغير حاجة لإجراء بروتستو عدم الدفع (القضاء المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف الطبعة الرابع ص 671).
وعلى ذلك إذا توقع حجز على المدين التاجر بموجب سند إذني غير تجاري كما إذا اشترى أحد التجار عقاراً وحرر بثمنه سندات أذنية ذكر فيها أن القيمة ثمن عقار اشتراه فلا يجوز في هذه الحالة توقيع الحجز التحفظي على منقولات التاجر المشتري بموجب هذه السندات كما لا يجوز توقيع الحجز التحفظي استناداً إلى فاتورة موقع عليها من تاجر لأنها لا تعتبر ورقة تجارية أو استناداً إلى كمبيالة لم يتقبلها المحجوز عليه أو سند إذني لم تتوافر فيه البيانات الضرورية التي أوجبها القانون في السندات الأذنية أو بموجب عقد شراء أحد التجار بضائع من أخر للإتجار فيها أو بموجب الدفتر التجارية أو المكتبات المتبادلة بين التجار وبعضهم بشأن معاملة تجارية معينة او سندات الشحن أو قوائم حساب أو ورقة تتضمن جملة مواعيد إستحقاق، ولا يصحح الحجز في هذه الحالات أن يحرر الدائن طالب الحجز بروتستو عدم الدفع لمدينة التاجر بموجب هذه الأوراق التي لا تعتبر كمبيالة ولا تعتبر سنداً أذنياً.
ولا يجوز توقيع الحجز التحفظي قبل إعلان البروتستو للمدين ثم تبليغه للمظهر أو ضامنه الإحتياطي أو إذا كان البروتستو قد جاء خالياً من بيان من البيانات المنصوص عليها في المادتين 540 ، 541 من قانون التجارة الجديد كذلك لا يجوز توقيع الحجز التحفظي على شخص ليس بتاجر أو شخص كان يعمل بالتجارة ثم تركها قبل توقيع الحجز (قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل الطبعة السابعة ص 954 وما بعدها والأوراق التجارية للدكتور محسن شفيق بند 495 وما بعده).
وإذا شرع المحضر في توقيع الحجز التحفظي في الأمثلة السابقة فإنه يجوز للمحجوز عليه أو للغير أن يستشكل في التنفيذ قبل إتمامه أما إذا تم توقيع الحجز فإنه لا يجوز للمحجوز عليه أو للغير أن يستشكل في التنفيذ وإنما يجوز له أن يرفع دعوى عدم الاعتداد بالحجز على النحو الذي سنوضحه.
3- لا يقصد بالضمان الذي يخشى فقده وفقاً للبند الثاني من نص المادة الضمان الخاص بل يمتد كذلك الضمان العام .
4- وإن كان المشرع قد استعاض عن باقي فقرات المادة 601 من القانون القديم بمبدأ عام قرره في الفقرة الثانية إلا أن هذا لا يعني أن المشرع ألغي الحالات المنصوص عليها في القانون السابق بل أنها تعتبر أهم الأمثلة لتطبيق الفقرة الآتية ويجمعها جميعاً خشية فقد الدائن لضمان حقه وترك المشرع التقدير للقاضي مصدر الأمر ومن ثم يجوز القاضي إصدار الأمر لم يكن للمدين وطن مستقر في مصر أو إذا خشي الدائن فرار مدينه وكان لذلك أسباب جدية تفصح عنها الأوراق أو إذا كانت تأمينات الدين مهددة بالضياع أو إذا كان المدين تاجراً وقامت أسباب جدية يتوقع معها تهريب أمواله أو إخفائها بالإضافة إلي الحالات المماثلة التي لا تقع تحت حصر.
وقد ينص تشريع خاص بالقانون التجاري أو البحري على حالات يجوز بها توقيع الحجز التحفظي أو على بعض الإجراءات الخاصة التي تغاير ما ورد في قانون المرافعات وفي هذه الحالة تطبق النصوص الخاصة. (التعليق الدكتور أبو الوفا الطبعة الخامسة ص 1217).
والأصل أن قاضي التنفيذ هو المختص بإصدار الأمر بالحجز إلا أنه يستثنى من ذلك حالة ما إذا كان الدين المنفذ بمقتضاه من الديون التي تخضع لنظام أوامر الأداء فإن القاضي المختص بإصدار أمر الأداء هو المختص بإصدار أمر. الحجز وذلك عملاً بالمادة 210 مرافعات فإذا صدر أمر الحجز من قاضي التنفيذ في هذه الحالة كان باطلاً كذلك إذا أصدر قاضي الأداء أمراً بالحجز مع أن الدين المنفذ بمقتضاه ليس من الديون الخاضعة لنظام أمر الأداء فإن الحجز يكون باطلاً.
وبالنسبة للأمر الصادر بتقدير الدين فإن قاضي التنفيذ وحده هو المختص بإصداره لأنه لا يجوز إستصدار أمر أداء إذا لم يكن الدين معين المقدار. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع ، الصفحة : 349)
التعريف بالحجز وطبيعته:
الحجز هو وضع المال تحت يد القضاء سواء كان هذا المال عقاراً أو منقولاً، وذلك بقصد منع صاحبه من التصرف فيه تصرفاً يضر بحقوق من أوقع الحجز عليه من الدائنين .
وهو طريق رئيسي من طرق التنفيذ القهري، ولكنه ليس الطريق الوحيد لهذا التنفيذ، إذ قد يتم التنفيذ القهري مباشرة بتحقيق عين ما أمر به الحكم، کتنفيذ الحكم الصادر بطرف مستأجر أو تسليم عين معينة أو إقامة بناء أو إزالته، فهذه الأحكام تنفذ تنفيذاً عينياً بدون اللجوء لطريق العجز، أما مجال التنفيذ بطريق الحجز فإنه ينحصر في الأحكام التي تصدر بإلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من النقود، سواء كان محل التزام المحكوم عليه في الأصل مبلغاً من النقود أو تحول التزامه إلى التزام بمقابل أي إلى تعويض يحدده القضاء.
ورغم أن الحجز بأنواعه ليس طريقاً وحيداً للتنفيذ إلا أن المشرع قد عني بتنظيمه ورسم الإجراءات والقواعد الخاصة بكل نوع من أنواعه، بل إن الفقة يطلق على هذه الأنواع وحدها اسم طرق التنفيذ، أما التنفيذ المباشر فلم يضع له المشرع قواعد خاصة به، لأنه لا يحتاج إلى إجراءات مفصلة تتبع، ولكنه يشترك مع التنفيذ بطريق الحجز في الخضوع للقواعد العامة للتنفيذ القضائي .
وقد أثارت طبيعة الحجز جدلاً في الفقه، ولم يتفق الشراح في تحديد هذه الطبيعة بل تعددت آراؤهم (انظر في ذلك : فتحى والى - التنفيذ الجبري - سنة 1989 - بند 199 ص 392 وما بعدها، وجدى راغب - النظرية العامة للتنفيذ القضائي ص 152 وما بعدها)، فذهب البعض إلى أن الحجز على مال معين يؤدي إلى اعتبار المحجوز عليه عديم الأهلية بالنسبة لهذا المال، ومن ثم يفقد المحجوز عليه القدرة على التصرف في هذا المال أو إدارته ويحل القضاء محله في ذلك.
بيد أن هذا الرأي غير سديد، لأنه لا علاقة بين الحجز والاهلية، ولا يوجد توافق بين آثار الحجز وآثار انعدام أهلية الشخص، فالقانون برتب أثراً نسبياً على الحجز وهو عدم نفاذ تصرفات المحجوز عليه في مواجهة الدائنين الذين اشتركوا في الحجز، وهذا الأثر ينحصر فقط في المال المحجوز دون غيره من أموال المحجوز عليه، فإذا تصرف الدين المحجوز عليه في المال المحجوز فإن هذا التصرف ليس باطلاً بل يعتبر تصرفاً صحيحاً ولكنه لا ينفذ في مواجهة الدائن الحاجز، ولذلك فإنه إنما زال الحجز لأي سبب من الأسباب فإن تصرف المدين يعتبر نافذاً بأثر رجعي، بينما يترتب على انعدام اهلية الشخص آثار في مواجهة الكافة وبالنسبة لجميع أمواله، فعديم الأهلية إذا تصرف في ماله فإن هذا التصرف يعتبر باطلاً وغير صحيح، وهذا التفاوت في الآثار بين الحجز وانعدام الأهلية يؤكد أنه لا صلة بين الحجز والأهلية .
(وهذه الحقيقة يقررها فقهاء الشريعة الإسلامية رغم أنهم يستعملون الحجر للدلالة على الحجز، فالدين المحجوز عليه تبقى له أهليته كاملة، ولا ينال الحجز من أهليته لأن الدين لا يعد عارضاً من عوارض الأهلية، وينبغي ملاحظة أن الحجز على المدين ليس محل إجماع فقهاء المسلمين، بل قد أباحه بعضهم كوسيلة لإلزام المدين بالوفاء لدائنيه والحيلولة بينه وبين الإضرار بهم، ويفرض الحجز عندهم بواسطة القاضي بناء على طلب من أي من الدائنين، ولكن أثره لا يقتصر على من طلبه وإنما يستفيد منه جميع الدائنين إذ للحجز أثر اجتماعي، وهو في ذلك يشبه شهر الإفلاس في القانون التجاري، ويختلف في ذلك عن الحجز الذي ليس له سوى أثر فردی، ورغم أن مال المدين بالحجز عليه يبقى في ذمته وعلى ملكه إلى أن ينتزعه القاضي ويبيعه جبراً عليه، فإن الحجز يؤدي إلي غل يده في التصرف فيه بما يضر دائنيه - انظر: عبد العزيز بديوي الوجيز في قواعد وإجراءات التنفيذ الجبري والتحفظ - الطبعة الأولى سنة 1974 - ص 28، 29 و 30 .
وقد منع الإمام أبي حنيفة الحجر على الدين فقال لا أحجر في الدين وإذا وجبت ديون على رجل وطلب غرماؤه حبسه والحسين عليه لم أحجر عليه، - انظر: الهداية شرح البداية للمرغینانی ج 3 ص 208، وقد منعه أيضاً الفقيه ابن حزم من الظاهرية - انظر المحلى جـ 2 ص 278، وسبب عدم جواز الحجر في رأيهم هو ما ينتج عنه من أضرار تصيب المدين المحجور عليه.
ومما هو جدير بالذكر أن تنفيذ الأحكام في فجر الإسلام كان يقوم به الخصوم من تلقاء أنفسهم، لأن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم كان يباشر القضاء بنفسه، وطاعة الرسول واجبة بل لا يكون الإنسان مؤمناً حتى يرضى بما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )- الآية 65 من سورة النساء - ومعنى هذه الآية أن الله عز وجل (يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً» - انظر تفسير القرآن العظيم - الفقيه ابن كثير - الجزء الأول ص 520 ، ولذلك كان المتقاضون يسارعون إلى تنفيذ الحكم الذي يصدره الرسول صلي الله عليه وسلم من تلقاء أنفسهم).
وذهب البعض الآخر إلى أن الحجز يخول الحاجز حقاً عينياً (كبش وفنسان - طرق التنفيذ - بند 222 ص 272، عبد الباسط جمیعی - طرق وإشكالات التنفيذ سنة 1947 ص 20 ) على المال المحجوز، ويعتقدون أن هذا الحق يخول الحاجز ما تخوله الحقوق العينية التبعية من تقدم وتتبع وتبدو ميزة التقدم أو الأولوية في أن الدائن الحاجة يستأثر بحصيلة التنفيذ على المال المحجوز دون غيره من الدائنين، وتبدو ميزة التتبع في أنه يستطيع الاستمرار في التنفيذ على المال المحجوز رغم التصرف فيه ويدعمون رأيهم بخضوع الحجز على العقار لنظام الشهر العقاري كالحقوق العينية، فحجز العقار يتم بتسجيل تنبيه نزع الملكية، وأي تصرف في العقار يتم شهره بعد هذا التسجيل يصبح غير نافذ في مواجهة الحاجز، وهذا يدل على أن الحجز يخول الحاجز حقاً عينياً على المال المحجوز.
- وهذا الرأي منتقد أيضاً لأن الحجز ليست له خصيصتا الحق العيني في الأولوية والتتبع، فالحجز لا يعطى للحاجز أولوية في استيفاء حقه على غيره من الدائنين، إذ يجوز لأي دائن عادي أن يتدخل في الحجز ويقتسم حصيلة التنفيذ بالمساواة مع الحاجز السابق ولا يترتب على الأسبقية في الحجز أولوية في اقتضاء الحق.
واستئثار الدائن الحاجز بحصيلة التنفيذ علي المال المحجوز دون غيره من الدائنين غير الحاجزين ليس نتيجة لكون الحجز يخوله حقاً عينياً علي المال المحجوز، وإنما ذلك نتيجة لكونه هو وحده الطرف الإيجابي في التنفيذ، إذ للحجز أثر فردي، فلا يستفد منه إلا الدائن الحاجز وحده، أما غيره من الدائنين غير الحاجزين فلا يستفيدون من الحجز، لأن إجراءات التنفيذ لها أثر نسبي فهي لا تفيد ولا تضر إلا من يكون طرفاً فيها.
كذلك فإن الحجز لا يرتب ميزة التتبع إلى إن هذه الميزة تخول صاحبها التنفيذ على المال في أي يد يكون، ولا ينتج عن الحجز علاقة مباشرة بين الحاجز والمال المحجوز تمكنه من تتبعه، وإنما يؤدي الحجز فقط إلى عدم نفاذ تصرف المدين في مواجهة الحاجز، فلا يستطيع الحاجز التنفيذ في مواجهة التصرف إليه، ولكنه يتجاهل تماماً حدوث التصرف ويستمر في إجراءات التنفيذ في مواجهة المدين المحجوز عليه، ولو كان الحجز يخول له ميزة التتبع لكان من الممكن أن ينقذ على المال في مواجهة المتصرف إليه.
ولا يعتبر خضوع الحجز على العقار لنظام الشهر العقارى دليلاً على أن الحجز يخول الحاجز حقاً عينياً على المال المحجوز، لأن الحجز على غير العقار لا يخضع لهذا النظام، والحجز على العقار نوع من أنواع الحجز، فلا ينبغى أن يتخذ خضوعه لنظام. معين أساساً لتحديد طبيعة الحجز بصفة عامة.
وذهب رأي ثالث (مشار إليه في: لانسيلان - المركز القانوني للأموال المحجوزة - رسالة الدكتوراه - باريس سنة 1901 - ص 7- ص 10)۔. في الفقه إلى أن الحجز على مال معين هو إنشاء حيازة قانونية للدائنين على هذا المال، وإن وردت هذه الحيازة على منقول فإنها تعطي للحائز أولوية على هذا المال تطبيقاً لقاعدة الحيازة في المنقول سند الحق، ولذلك فإن الحجز يمنع المدين من التصرف في المال بما يضر حق الدائن الحاجز، فهو يفضل بمقتضى حيازته القانونية على المتصرف إليه، كما أنه ليس للمدين أن يتلف الشي أو أن يقوم بأي عمل من شأنه الإضرار بحق الحائز القانوني الذي اكتسب حقاً في الأولوية على هذا المال نتيجة لحيازته له.
هذا الرأي معيب أيضاً، لأنه حتى لو افترضنا جدلاً وجود ما يسمى بحق أولوية كنتيجة للحيازة القانونية، فإن هذا الرأي لا يقدم أي حل بالنسبة للحجز على العقار (فتحى والي - التنفيذ الجبري - بند 199 ص 392 )، إذ لا تسري قاعدة الحيازة في المنقول سند الحق على العقارات وإنما تقتصر على المنقولات فقط.
والراجح هو ما ذهب إليه البعض بأن الحجز هو وصف إجرائي يلحق بالمال المحجوز فيجعله محلاً للتنفيذ (وجدي راغب - ص 158 )، فإجراء الحجز يحقق دورين: دور مادي هو تعيين المال محل التنفيذ، ودور قانوني هو ترتيب مركز قانوني جديد بالنسبة لهذا المال إذ يجعل منه محلاً للتنفيذ.
إذ إن المال قبل الحجز عليه يدخل مع سائر أموال المدين ضمن الضمان العام للدائنين، ويكون بهذا قابلاً للتنفيذ عليه، أما بعد الحجز فإن المال يصير محلاً للتنفيذ فعلاً، وهذا وصف إجرائي بنسبة قانون المرافعات إلى المال، فيجعل منه عنصراً من عناصر نشاط إجرائي هو التنفيذ، وبهذا الوصف يكفل المحافظة على المال المحجوز من أجل بلوغ التنفيذ غايته، أي أنه بالحجز يصبح المال المحجوز مخصصاً لغرض معين وهو أن يكون محلاً للتنفيذ لإشباع حق الدائن المنفذ» ومعنى ذلك ارتباط المال المحجوز بالمصير الذي تقوده إليه إجراءات التنفيذ مما يؤدي إلى التأثير في مراكز أطراف التنفيذ والغير بالنسبة لهذا المال.
فبالنسبة للمحجوز عليه يؤدى الحجز إلى تقييد سلطته على المال في الحدود التي تتطلبها إجراءات التنفيذ لإشباع حق الدائن المنفذ، ورغم أن المحجوز عليه يظل مالكاً للمال المحجوز فإنه لا تنفذ تصرفاته القانونية في هذا المال في حق الدائن المنفذ بعد قيامه بالحجز عليه، كما يؤدي الحجز إلى منع المحجوز عليه من التصرف مادياً في المال على نحو يضر بحق الدائن الحاجز.
أما بالنسبة للدائن الحاجز فإن الحجز يخوله سلطات إجرائية جديدة تتمثل في تحريك إجراءات نزع الملكية بالنسبة للمال المحجوز، كما يخوله أيضاً سلطة التمسك بعدم نفاذ التصرفات التي تجري في المال المحجوز دون التقيد بشروط الدعوى البوليصية.
وبالنسبة للغير الذي يتلقى حقاً على المال المحجوز فإن المال ينتقل إليه موصوفاً، فالمحجوز عليه لا يستطيع أن ينقل إليه أكثر مما يملك، ومن شان هذا الوصف أن تستمر إجراءات التنفيذ على المال رغم انتقال المال إليه، ويتجاهل الدائن الحاجز حدوث هذا الانتقال تجاهلاً تاماً.
أنواع الحجز و المقصود بالحجز التحفظي والتفرقة بينه وبين الحجز التنفيذي:
وثمة نوعان للحجز: حجز تنفيذي وحجز تحفظى، ويقصد بالحجز التنفيذي - فضلاً عن وضع أموال المدين تحت يد القضاء - استيفاء الدائن الحاجز لحقه من هذه الأموال او من ثمنها بعد بيعها بواسطة السلطة العامة.
أما الحجز التحفظي فلا يقصد به إلا منع المدين من التصرف في المال المحجوز إضراراً بحقوق الدائنين، فلا يهدف مباشرة إلى بيع أموال المدين واقتضاء الدائن حقه من ثمنها، كما هو الحال في الحجز التنفيذي، وإنما يقصد به اتخاذ إجراءات تحفظية تحمي حق الدائن وتحافظ على أموال المدين عن طريق وضعها تحت يد القضاء، فقد يخشى الدائن تهريب المدين لأمواله بالتصرف فيها أو بإخفائها. ولذلك فإن الحجز التحفظي يتيح له مباغتة المدين والحجز على مال أو أكثر من أمواله قبل تهريبها فهو إجراء تحفظي بحت، ولذلك فإن المشرع لا يتشدد في الشروط اللازمة لتوقيعه ولا في إجراءاته.
ونتيجة لذلك فإن الحجز التحفظي يختلف عن الحجز التنفيذي في أوجه كثيرة أهمها أنه لا يشترط لإجراء الحجز التحفظي أن يكون بيد طالب الحجز سند تنفيذي لأن الغاية منه هي مجرد التحفظ على المال فقط، أما الحجز التنفيذي فإنه يشترط لإجرائه أن يكون بيد الدائن طالب التنفيذ سند تنفيذى مستوفي ما يتطلبه القانون فيه من شروط.
كذلك فإن الحجز التحفظي لا تسبقه مقدمات التنفيذ لأنه يقتضي مفاجاة المدين و مباغتته، فلا يلزم لتوقيع هذا الحجز تكليف المدين بالوفاء وإعلانه بالسند التنفيذى حتى لا يلجأ إلى تهريب أمواله قبل الحجز، فمقدمات التنفيذ تؤدي إلى تنبيه المدين ومن ثم قد لا تتحقق الغاية من الحجز التحفظي، ولذلك لا يلزم اتخاذ هذه المقدمات أياً كان نوعها، وهذا بعكس الحال في الحجز التنفيذي الذي يجب أن تسبقه مقدمات التنفيذ.
كما أن الحجز التحفظي يرد فقط على المنقولات ولا يرد على العقارات أما الحجز التنفيذي فإنه يرد على المنقولات وعلى العقارات أيضاً، لأنه غاية الحجز التحفظي هي ضبط الأموال المحجوزة مؤقتاً ومنع تهريبها ومن غير المتصور أن يقوم المدين بتهريب العقارات من الناحية المادية ولذلك لا يرد عليها الحجز التحفظي، وينتقد البعض ذلك على أساس أن العقارات رغم أنه يتعذر تهريبها مادياً بالإخفاء لثباتها في مواقعها إلا أنه يمكن تهريبها قانوناً بالتصرف فيها، إذ يستطيع المدين أن يكبل العقار بحقوق عينية مختلفة صحيحة ونافذة في مواجهة المدين مما يؤدي إلى إخراج العقار من الضمان العام لدائنيه، ولذلك نجد بعض التشريعات الأجنبية تخول الدائن الحجز التحفظي على العقار.
كذلك لا يشترط في الحجز التحفظي أن يكون حق الدائن ابتداء معين المقدار بل يكفي أن يكون حقه محقق الوجود وحال الأداء، أما في الحجز التنفيذي فيجب أن يكون حق الدائن معين المقدار وحال الأداء ومحقق الوجود.
وبينما تخضع مسئولية الحاجز في الحجز التنفيذي إذا حكم ببطلانه أو إلغائه للقواعد العامة، فلا يعاقب ولا يسأل عن تعويضات إلا إذا ثبت خطاه وسوء نيته، فإن الحاجز في الحجز التحفظي إذا حكم ببطلانه أو بإلغائه لانعدام أساسه يجوز الحكم عليه بغرامة لا تجاوز اربعمائة جنيه فضلاً عن التعويضات للمحجوز عليه مادة 324 مرافعات، وحكمة ذلك. أن الحجز التحفظي إجراء وقتي يتخذه الحاجز على مسئوليته. ولذلك يتحمل التعويضات عند إلغائه دائماً، ولو لم يكن سيئ النية، ولمنع الحجوز الكيدية فقد أجاز القانون الحكم بالغرامة على الحاجز في هذا الحجز، وذلك بعكس الحال في الحجز التنفيذى حيث تخضع مسئولية الحاجز للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية كما ذكرنا.
حرية الدائن في اختيار نوع الحجز والالتزام بإجراءاته:
ولا شك في أن الدائن الحرية في اختيار نوع الحجز الذي يجريه ولكن يجب عليه أن يلتزم باتباع إجراءات الحجز المقررة في القانون بالنسبة لنوع الحجز الذي يرى إجراءه، وهذه الإجراءات تختلف بحسب نوع المال المراد حجزه وما إذا كان منقولاً مادياً أو حقاً شخصياً إي ديناً من الديون أو عقاراً، كما أنها تختلف أيضاً بحسب ما إذا كان المال المراد الحجز عليه في حيازة المدين أو في حيازة الغير، فإذا كان المال منقولاً مادياً في حيازة المدين تعين التنفيذ عليه بطريق حجز المنقول لدى المدين وإذا كان المال المراد التنفيذ عليه حقاً في ذمة الغير أو منقولاً مادياً في حيازة الغير تعين سلوك طريق حجز ما للمدين لدى الغير، وإذا كان عقاراً فيتم الحجز علية بإجراءات التنفيذ على العقار.
علة وشروط توقيع الحجز التحفظي وفقاً للفقرة الأولى من المادة 316 مرافعات - محل التعليق:
علة نص الفقرة الأولى من المادة 316 هي استكمال الائتمان اللازم لتشجيع المعاملات التجارية، ويشترط لإجراء الحجز التحفظي وفقاً لهذه الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى، توافر شروط أربعة:
أولها: أن يكون الحاجز حاملاً لكمبيالة أو سند إذني، فجواز الحجز التحفظي ضمان من الضمانات التي خولها المشرع للدائن بدين ثابت بكمبيالة أو سند إذني.
وثانيها: أن يكون المحجوز عليه تاجراً.
وثالثها: أن يكون المحجوز عليه ملتزما بالوفاء بمقتضى الكمبيالة أو السند الإذني، ويقتضي هذا أن يكون له توقيع على الكمبيالة أو السند الإذني كالمسحوب عليه القابل للكمبيالة أو الساحب أو أحد المظهرين
ورابعها: أن يتخذ الحاجز الإجراءات التي يستلزمها قانون التجارة لإمكان الرجوع على المحجوز عليه، كعمل بروتستو عدم الدفع في الأحوال التي يوجب قانون التجارة عمله فيها، كما إذا أريد الرجوع على أحد الضمان فإذا أهمل حامل الكمبيالة أو السند الإذني في اتخاذ الإجراءات التي يستلزمها قانون التجارة فسقط حقه في الرجوع امتنع توقيع الحجز التحفظي. ولا يستلزم القانون عمل بروتستو عدم الدفع وإعلانه للمحجوز عليه أو إخباره به، وإنما يكتفي فقط بشرط أن يكون المحجوز عليه ملزماً بالوفاء بحسب قواعد القانون التجاري، وسبب ذلك أن عمل بروتستو عدم الدفع وإعلانه للمحجوز عليه أو إخباره به ليس لازماً في جميع الحالات للرجوع على الموقعين على الكمبيالة أو السند تحت الإذن فهو لا يلزم للرجوع مثلاً على المسحوب عليه القابل للكمبيالة أو للرجوع حتی على الضمان إذا كان مشترطاً في الكمبيالة أو السند الإذنى الرجوع بلا مصاريف (رمزي سيف - بند 539 ص 548 وص 549 ).
توقيع الحجز التحفظي في كل حالة يخشى فيها فقدان الدائن لضمان حقه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 316 محل التعليق:
لم يعد الحجز التحفظي محصوراً في حالات محدودة وإنما يجوز في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه، ولا يقصد بالضمان في هذا الصدد ما يكون للدائن من ضمان خاص على بعض أموال مدینه وإنما يقصد بذلك الضمان العام ونص الفقرة الثانية من المادة 316 نص عام يشمل كل حالة تكون للدائن فيها أسباب معقولة يخشى معها أن يفقد حقه في الضمان على أموال مدینه إذا تربص حتى يستوفي شروط التنفيذ، ليوقع حجزاً تنفيذياً على منقولات مدينه .
ويلاحظ أنه قد ينص القانون التجاري أو البحري أو أی قانون خاص على حالات يجوز فيها توقيع الحجز التحفظي، أو على بعض الإجراءات الخاصة وفي هذه الحالة تطبق النصوص الواردة في هذه القوانين (أحمد أبو الوفا - التعليق ص 1243 و ص 1244)
وينص الفقرة الثانية من المادة 316 - محل التعليق - أستغنى القانون عن النص على الحالات المتعددة التي أوردها القانون الملغى كحالة ما إذا لم يكن للمدين موطن مستقر، وحالة خشية الدائن فرار مدينه، وحالة ما إذا كانت تأمينات الدين مهددة بالضياع، وحالة المدين التاجر الذي تقوم أسباب جدية يتوقع معها تهريب أمواله أو إخفاؤها. ولا شبهة في جواز الحجز التحفظي في الحالات المتقدمة لأنها تندرج تحت عموم نص المادة 316 وإنما يتسع نص القانون الحالى لكل حالة أخرى يخشى فيها الدائن فقد ضمان حقه في استيفاء دينه، كحالة المدين الذي تقوم دلائل على تهريبه لأمواله أو إخفائه إياها ولو لم يكن تاجراً. وتقدير ما إذا كانت هناك خشية أن يفقد الدائن ضمان حقه تبرر توقيع الحجز التحفظي متروك لقاضي التنفيذ الذي يطلب منه الأمر بتوقيع. الحجز، في الحالات التي يقتضي توقيع الحجز فيها إذن القاضي، وللمحكمة التي يقوم النزاع أمامها حول صحة الحجز (رمزي سيف - بند 527 ، ص 550 ) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / السادس ، الصفحة : 131 )