موسوعة قانون المرافعات

شرح خبراء القانون

دعوى عدم الاعتداد بالحجز التحفظي:

الحجز التنفيذي، هو طريق من طرق التنفيذ الجبري على أموال المدين يتطلب وجود سند تنفيذي متضمناً الحق المراد التنفيذ به والمعين المقدار. أما الحجز التحفظي، فهو طريق من طرق التحفظ على أموال المدين لايتطلب توقيعه وجود سند تنفيذي ويكفي وجود حق غير معين المقدار.

وكان قانون المرافعات السابق يقصر الحجز التحفظي على المنقول علي حالات محددة أوردها على سبيل الحصر منها الحجز التحفظي على منقولات المستأجر والحجز التحفظي التجاري والحجز التحفظي الاستحقاقي، ولم يأخذ القانون الحالي بهذا النهج فنص في المادة (316) منه على توقيع الحجز التحفظي في كل حالة يخشى فيها فقد الدائن لضمان حقه، وبذلك يكون قد أجاز للقاضي وفقاً للظروف أن يأذن للدائن بتوقيع الحجز التحفظي إذا كان هناك ما يبرر خشيته من إضعاف المدين للضمان العام وبالتالي فقد الدائن ضمان حقه. وظل القانون الحالي محتفظاً بحق الدائن في توقيع الحجز التحفظي التجاري إذا كان حاملاً لكمبيالة أو سند تحت الإذن وكان المدين تاجراً له توقيع على كمبيالة أو سند يلزمه بالوفاء بحسب قانون التجارة كما لو كان مظهراً، كما احتفظ للمؤجر بالحق في الحجز التحفظي ضماناً لامتيازه الناشئ عن عقد الإيجار، كما احتفظ لمالك المنقول في أن يوقع الحجز التحفظي الاستحقاقي، حسبما تضمنته المواد (316) وما بعدها من قانون المرافعات.

ويجب لتوقيع الحجز التحفظي التجاري أن يكون الدين أصبح حال الأداء ومع ذلك توقف المدين عن الوفاء به. ويثبت ذلك من بروتستو عدم الدفع. كما يجب التوقيع الحجز التحفظي علي المستأجر أن يكون قد امتنع عن سداد الأجرة التي حلت دون أن يكون له حق في حبسها، ويكفي أن ينقضي الميعاد المحدد في قانون إيجار الأماكن للوفاء بها إذ يعتبر ممتنعاً بمجرد انقضائه دون حاجة إلى التنبيه عليه بالوفاء لأن مناط هذا التنبيه أن يكون المؤجر قد عزم علي رفع دعوى بالإخلاء.

وكما ترد منازعات التنفيذ المستعجلة على الحجز التنفيذي. فإنها ترد أيضاً علي الحجز التحفظي، وتستند المنازعة بالنسبة للحجز التحفظي إلي كافة الأوجه التي تضمنها المبحث الخاص بأوجه منازعات التنفيذ والذي تناولناه فيما بعد، مع اختلاف يتعلق بالسند الذي يتوقع الحجز بموجبه والحق الذي تضمنه فيما يتعلق بتعيين مقداره. ذلك أن الحجز التنفيذي يتطلب سنداً تنفيذياً متضمناً حقاً معين المقدار، أما الحجز التحفظي فيكفي فيه مجرد الدليل العرفي الموقع عليه من المدين ولو لم يكن الحق الوارد به معين المقدار طالما كان حال الأداء ومحقق الوجود إذ يتولى القاضي تقديره مؤقتاً ثم يأذن بتوقيع الحجز عملاً بالمادة (319) من قانون المرافعات.

فإذا عرض عند التنفيذ بتوقيع الحجز التحفظي، منازعة قبل إتمامه، وكان المطلوب فيها إجراء وقتياً، كانت المنازعة إشكالاً في التنفيذ، يوجب على معاون التنفيذ أن يوقف التنفيذ فلا يوقع الحجز التحفظي أو أن يمضي فيه علي سبيل الاحتياط مع تكليف الخصوم في الحالين الحضور أمام قاضي التنفيذ، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم بالبحث المتعلق بإشكالات التنفيذ.

أما إذا كان التنفيذ قد تم بتوقيع الحجز التحفظي، فإن المنازعة التي تثار في شأنه لا تعتبر إشكالاً وإنما دعوى تنفيذ مستعجلة إذا كان المطلوب فيها إتخاذ إجراء وقتي، كما لو طلب عدم الاعتداد بهذا الحجز استناداً لبطلانه بطلاناً جوهرياً يكشف عنه ظاهر المستندات وبمجرد الاطلاع عليها، كما لو كان المستند الذي توقع الحجز بموجبه غير موقع عليه من المحجوز عليه أو كان الحق الوارد به غير حال الأداء وقت توقيع الحجز حتي لو أصبح حالاً بعد ذلك. أما إن كان البطلان غير جوهري. بأن لم يكن واضحاً جلياً يدل عليه مجرد الاطلاع علي المستندات، مما يحتاج إلى استجواب أو تحقيق، أو كان محل خلاف في الفقه أو القضاء، فإنه التصدي له في هذه الحالات يمس الموضوع وبالتالي يتصدى قاضي التنفيذ للدعوى باعتبارها دعوى تنفيذ موضوعية إذا توافرت عناصرها، وإلا قضي برفض الدعوي، ولا يقضي بعدم اختصاصه بنظرها، لأنه مختص بها، سواء باعتبارها دعوي تنفيذ مستعجلة أو موضوعية.

وإذا تطلبت دعوى عدم الاعتداد بالحجز إجراء بعض العمليات الحسابية البسيطة، تصدى لها قاضي التنفيذ وأصدر فيها قضاء وقتياً، أما إن تطلب ذلك إجراء عمليات حسابية معقدة توجب ندب خبير حسابي لإجرائها، وهو ما يتطلب تحقيقاً موضوعياً، فإن قاضي التنفيذ لا يقضي بعدم اختصاصه ولكن ينظر الدعوى باعتبارها منازعة تنفيذ موضوعية مما يختص به، ويقضي فيها علي هذا الأساس، فقد توافرت في المنازعة التي رفعت إليه عناصر دعوى التنفيذ الموضوعية.

ولا تتوافر مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية إذا رفعت باعتبارها دعوى عدم اعتداد بالحجز، وكان من شأن الفصل فيها كدعوى تنفيذ موضوعية المساس بحجية الحكم أو الأمر الذي توقع الحجز التحفظي بموجبه، کاستناد المدعي إلي انقضاء الدين المنفذ به قبل صدور الحكم أو الأمر بالمقاصة القانونية مما يحتاج إلى عمليات حسابية تتطلب ندب خبير، أو تتحول الدعوي بذلك إلى دعوى تنفيذ موضوعية ولكن يترتب علي الفصل فيها المساس بحجية الحكم أو الأمر وهو ما لا يجوز، وحينئذ يقضي برفض الدعوى، لأنها لم تستوف مقومات دعوي التنفيذ الموضوعية، خلافاً لما إذا تمسك المحجوز عليه بانقضاء الدين بسبب لاحق علي صدور الحكم أو الأمر، إذ تستوفي بذلك الدعوي مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية. وذلك بفرض توقيع الحجز التحفظي بموجب حكم أو أمر بالأداء.

ويجب على قاضي التنفيذ عند نظر دعوى عدم الاعتداد بالحجز أن يتحقق من توافر الاستعجال وعدم المساس بالموضوع، ولا يعتبر الاستناد إلى سبب موضوعي ماساً بالموضوع. ومن ثم يجوز للمحجوز عليه أن يرفع دعوى عدم الاعتداد بالحجز التحفظي الذي توقع علي أمواله وأن يستند فيها إلى انقضاء الدين المنفذ به بأي سبب من أسباب الانقضاء، كالوفاء أو الأداء أو المقاصة أو التجديد أو التقادم، وفي هذه الحالة يتصدى قاضي التنفيذ للدعوى من ظاهر المستندات، لا ليقضي بانقضاء الدين لتعلق ذلك بالموضوع، وإنما ليقضي بعدم الاعتداد بالحجز إذا تبين له من ظاهر المستندات انقضاء هذا الدين، وله أن يدلل على ذلك بمدونات حكمه استناداً إلى ظاهر المستندات المطروحة عليه، دون أن يلجأ في ذلك إلى أي إجراء من إجراءات التحقيق، کالاستجواب، لمساس ذلك بالموضوع.

وإذا لم يتوافر في الدعوى شرط للاستعجال، ولم تتوافر فيها مقومات دعوى التنفيذ الموضوعية، تعين القضاء برفضها دون القضاء بعدم الاختصاص باعتبار أن المطلوب فيها إتخاذ إجراء وقتي مما يختص به قاضي التنفيذ، وإذ ينظرها بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة، فإنها تكون واجبة الرفض بتخلف شرط الاستعجال.

ويجوز للغير رفع الدعوى بعدم الاعتداد بالحجز استناداً إلى ملكيته هو للمحجوزات ولا يحول ذلك دون رفع دعوى الاسترداد.

وإذا ادعى الغير وجود حق له على منقولات في حيازة الغير، جاز له أن يوقع عليها حجزاً تحفظياً استحقاقياً، كبائع المنقول الذي يحتفظ بحق ملكيته حتى تمام الوفاء بالثمن، والمؤجر إذا أخرج المستأجر منقولاته من العين المؤجرة إذا أصبحت باقي المنقولات الموجودة بها لا تكفي للوفاء باجرة سنتين وإلا جاز للمستأجر رفع دعوى عدم اعتداد بهذا الحجز إذا كان ظاهر الأوراق يدل على أن المنقولات الباقية تكفي للوفاء بتلك الأجرة. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء التاسع، الصفحة : 341)

القواعد المتعلقة بالحجز على منقولات المستأجر، والمستأجر من الباطن، وقد نصت المادة (323) من قانون المرافعات على أنه إذا وقع مؤجر العقار الحجز على منقولات المستأجر من الباطن امتد الحجز إلي ما يستحق في ذمته من أجرة للمستأجر الأصلي إذا كان الأخير ممنوعاً من التأجير من الباطن، فإن لم يكن ممنوعاً، جاز للمستأجر من الباطن أن يطلب من قاضي التنفيذ رفع الحجز التحفظي على منقولاته مع بقائه على ما تحت يده من الأجرة.

ولا يعتبر المستأجر من الباطن في هذه الحالة من طبقة الغير وإنما تابعاً للمستأجر الأصلي، ولذلك لا يلتزم بالتقرير بما في ذمته، ويسري الحجز على ما يستحق من الأجرة بعد توقيعه، فإذا أدعى المؤجر وجود أجرة سابقة، تحمل عبء إثبات ذلك. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة :   8)

التعليقات معطلة.