موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق: «لم يجعل القانون الجديد عنوان هذا الفصل في التنفيذ بطريق حجز ما للمدين لدى الغير من المنقولات وفي الحجز على ذلك تحفظاً» كما فعل القانون القديم،  لأنه لم ير محلاً للتمييز بين حجز على ما للمدين لدى الغير يوصف بأنه تنفيذي وبين حجز يوصف بأنه تحفظي فإن هذا التمييز الذي ابتدعه القانون القديم - متأثراً باعتبار نظری بحث - مقتضاه أن الحجز على المال لا يكون إلا طريقاً من طرق التنفيذ أو طريقاً من طرق التحفظ، قد أنشأ بعض الصعوبات منها إثارة الجدل فيما يجب أن يتصف به الدين المحجوز من أجله في مختلف الأحوال، وفيما إذا كان الحجز بسند تنفيذى يجب أن يسبقه إعلان السند إلى المدين والتنبيه عليه بالوفاء. ولعل الصواب أن حجز ما للمدين لدى الغير يبدأ دائماً كإجراء تحفظي بحت مقصود به مجرد حبس أمواله وديونه في يد الغير ومنع المحجوز لديه من تسليمها أو الوفاء بها، وأن مرحلة التنفيذ إنما تكون حين يطلب الحاجز قبض حقه بالفعل ويتخذ الإجراء الذي يؤدي إلى استيفائه عن المال المحجوز عليه.

رأى المشروع هذا فقرب بين مايسمى الآن حجزاً تنفيذياً وبين ما سمي حجزاً تحفظياً فلم يجعل المناط في وجوب رفع الدعوى بطلب صحة الحجز کونه حاصلاً بغیر سند تنفيذی بل جعل المناط في ذلك وفي وجوب استئذان القاضي في توقيع الحجز، ألا يكون بيد الحاجز سند تنفيذى ولا حكم مطلق، فإن كان بيده حكم غير صالح للتنفيذ جاز له توقيع الحجز والمضي في إجراءاته بنفس الأوضاع التي توقع بها الحجوز بسندات مستكملة قوة التنفيذ. وليكن وصف هذا الحجز ما يكون، فحبس المحجوز عليه أن الحاجز حين يستوفي حقه يجب أن يكون بيده سند تنفيذى بدین متوافرة فيه الشروط اللازمة للتنفيذ بمقتضاه، وأن يكون فضلاً عن ذلك قد اتخذ الإجراءات الخاصة لتنفيذ سندات التنفيذ على غير المدين بها، وقد أوجب المشرع على المحجوز لديه أن يقر بما في ذمته بعد إعلانه بالحجز، مهما يكن السند الذي أوقع به الحاجز حجزه... وكذلك عني بالنص على أنه يجب أن يكون دين الحاجز حال الأداء ومحقق الوجود (المادة 543 ) قاصداً بهذا الوصف الأخير ألا يكون الدين احتمالياً بحتاً أو معلقاً على شرط موقف، فإن كان متنازعاً في وجوده فلا مانع من اعتباره محقق الوجود ومن توقيع الحجز بموجبه متى كان ثابتاً بسبب ظاهر وانتفي النزاع الجدي. أما إذا كان الدين غير محقق الوجود بالمعنى المتقدم فلا يجوز الحجز بموجبه حتى ولا بإذن من القاضي. وقد بين القانون ما يصح حجزه تحت يد الغير وما يتناوله الحجز، فنص في المادة 543 على أن الحجز يكون على المبالغ والديون ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط وعلى الأعيان المنقولة ونص في المادة 563 على أن الحجز يتناول كل دين ينشأ للمدين في ذمة المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما في ذمته ما لم يكن الحجز على دين بعينه فقط ومعنى هذا أن الحجز لا يجوز إلا على دين كان قد نشأ بأساسه - أي بسببه. وقت الحجز، وتم بذلك تكوينه ولو كان مؤجلاً أو كان غير مستقر في الذمة لقيام النزاع عليه أو لتعليقه على شرط موقف أو حادث احتمالی بحت، وبذلك حسم المشروع خلافاً أثارته المادتان 410 و 429 من القانون القديم وأقر الرأي المتبع في فرنسا على أنه إذا  لم يكن الحجز قد وقع على دين بعينه فقط (بأن كان بعبارة تامة شاملة لكل ما يكون في ذمة المحجوز لديه في الحال وفي المستقبل) فإنه يتناول، فضلاً عن الديون القائمة وقت الحجز، كل دين جديد ينشأ في ذمة المحجوز لديه إلى وقت تقريره بما في ذمته.

الأحكام

1 ـ نصت المادة 12 من القانون 462 لسنة 1955 على أن " تنفذ الأحكام الصادرة فى مسائل الأحوال الشخصية وفقاً لما هو مقرر فى لائحة الإجراءات الواجب إتباعها فى تنفيذ أحكام المحاكم الشرعية الصادرة فى 14 أبريل سنة 1907 " . و قد جاء بمذكرته الإيضاحية أن الطريق الإدارى الذى تجيز اللائحة تنفيذ الأحكام به أيسر للمتقاضين و يكفل سرعة التنفيذ مما يتلاءم مع طبيعة الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصية . و قد نظمت اللائحة المشار إليها فى المادة 19 منها الإجراءات التى تتبع فى تنفيذ الأحكام الشرعية إذا كان المحكوم عليه مستخدماً فى الحكومة فنصت على أنه " إذا كان المدين المحكوم عليه مستخدماً فى الحكومة أو من أرباب المعاشات يجوز توقيع الحجز على الجزء الجائز حجزه من ماهيته أو معاشه فى الأحوال المنصوص عليها فى القانون و يجب على الدائن فى هذه الحالة أن يقدم للمصلحة التابع لها المستخدم طلباً على الإستمارة الخاصة بذلك و يشتمل الطلب على إسم و لقب و صناعة و محل إقامة كل من الطالب و المدين و كذلك مقدار المبالغ المستحقة بالضبط إلى تاريخ الطلب و يرفق بالطلب نسخة الحكم المقتضى التنفيذ بموجبها و صورة منه " إذا كان لم يسبق إعلانه " و يعلن الحكم للمستخدم بإفادة من المصلحة يبين فيها فى الوقت نفسه الحجز الذى وقع و المبلغ الذى إنبنى عليه الحجز و كذلك مقدار المبلغ المحجوز عليه و تدفع المبالغ المحجوزة عند حلول مواعيد إستحقاقها للدائن بموجب إيصال يحرر على ظهر السند " ، و تختلف إجراءات هذا الحجز عن إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير المنصوص عليها فى المواد من 325 من قانون المرافعات المدنية و التجارية و التى تقابلها المواد من 543 إلى 576 من قانون المرافعات السابق التى تم الأجراء فى ظله ، و التى يحصل الحجز وفقاً لها بموجب ورقة من أوراق المحضرين تعلن إلى المحجوز لديه و يتم الوفاء فيه بالإيداع فى خزانة المحكمة . و إذ كانت المادة 574 من قانون المرافعات السابق - التى وردت بين المواد المنظمة لإجراءات حجز ما للمدين لدى الغير - قد جعلت مبدأ الثلاث سنوات المقررة لسقوط الحجز الواقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية هو تاريخ إعلان الحجز لها أو تاريخ إيداع المبالغ المحجوز عليها خزانة المحكمة و كان أى من هذين الإجراءين لا وجود له فى إجراءات الحجز المنصوص عليها فى المادة 19 من اللائحة ، كما أن هذا الحجز بحسب الدين الذى يوقع عليه و طبيعته الدورية المتجددة - بإعتباره مرتباً شهرياً - و ما يقتضيه نظام الوفاء فيه من أن يتقدم الدائن الحاجز شهرياً للجهة الحكومية المحجوز لديها لقبض النفقة المحجوز من أجلها و هو ما تحقق معه الغاية التى توخاها المشرع فى المادة 574 من إشتراطه تجديد الحجز أو إعلان المحجوز لديه بإستيفاء الحجز كتعبير عن رغبته فى التمسك بإستمراره ، فإنه يتجافى بحسب طبيعته و إجراءاته و ما توخاه الشارع فيه من التيسر على المتقاضين مع تطبيق حكم المادة 574 من قانون المرافعات السابق و التى تقابلها المادة 360 من قانون المرافعات المدنية و التجارية المعمول به .

(الطعن رقم 378 لسنة 43 جلسة 1978/03/01 س 29 ع 1 ص 639 ق 126)

2 ـ إذا كان الأمر قد صدر بتوقيع الحجز التحفظى حجز ما للمدين لدى الغير على ما يوجد تحت يد المطعون عليهم الأربعة الأول من مبالغ الإيجار وفاء للدين المحجوز من أجله ، وكان إستعمال عبارة " ما يوجد" فى هذا الخصوص تفيد مبالغ الإيجار المستحقة فعلاً وما يستجد منها لاسيما وأن دين الإيجار مما يتجدد دورياً وأن الحجز طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 325 من قانون المرافعات يتناول كل دين ينشأ للمدين فى ذمة المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما فى الذمة ما لم يكن موقعاً على دين بذاته .

(الطعن رقم 460 لسنة 42 جلسة 1977/01/05 س 28 ع 1 ص 174 ق 44)

3 ـ لئن كان الأصل أن يعد طلباً جديداً الطلب الذى يستند إلى سبب قانونى غير السبب الذى بنى عليه الطلب أمام محكمة الدرجة الأولى و كانت الطلبات الجديدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 325 من قانون المرافعات غير مقبولة فى الإستئناف و تحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها إلا أن المشرع أورد على هذا الأصل إستثناء بما نصت عليه الفقرة الثالثة من ذات المادة من أنه " يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلى على حاله تغيير سببه و الإضافة إليه " مراعاة منه لدقة الفرق بين سبب الدعوى و مجرد وسائل الدفاع فيها و ما تقتضيه مصلحة الخصوم من حسم النزاع القائم بينهم عن موضوع واحد فى خصومة واحدة على ما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية للمادة 411 من قانون المرافعات السابق التى إستحدثت هذا الإستثناء ، لما كان ذلك و كان موضوع الخصومة المرددة بين أطرافها أنفسهم و الذى طرح على درجتى التقاضى موضوعاً واحداً و هو المطالبة برسوم جمركية فرضها القانون على التهريب الجمركى المدعى به فقد كان على محكمة الدرجة الثانية أن تقول كلمتها و تحسم النزاع فى الخصومة على الرغم من أن الطاعنة - مصلحة الجمارك - تمسكت بتطبيق قرار مدير عام مصلحة الجمارك رقم 4 لسنة 1963 الذى سرى بنشره فى الجريدة الرسمية أثناء نظرها فى الدعوى و ليس فى ذلك إخلال بنظام التقاضى على درجتين إذا إستنفدت محكمة الدرجة الأولى بقضائها برفض الدعوى بحالتها ولايتها فى الفصل فى موضوع الدعوى و أضحى الإستئناف المرفوع عن حكمها طارحاً للدعوى بما إحتوته من طلبات و أوجه دفاع على محكمة الدرجة الثانية .

(الطعن رقم 507 لسنة 39 جلسة 1974/06/24 س 25 ع 1 ص 1111 ق 185)

شرح خبراء القانون

دعوى عدم الاعتداد بحجز ما للمدين لدى الغير:

تناولت المواد (325) - (300) القواعد المتعلقة بحجز ما للمدين لدي الغير والشروط اللازم توافرها لصحة هذا الحجز الذي يتم بمجرد إعلانه إلى المحجوز لديه، ويترتب البطلان على الإخلال بها، مما يجوز معه للمحجوز عليه رفع دعوى تنفيذ مستعجلة بعدم الاعتداد به استناداً إلى هذا البطلان، فضلاً عن جواز استناده إلي أي من الحالات التي تضمنتها المادة (351) من قانون المرافعات التي لم ترد بها على سبيل الحصر وإنما علي سبيل التمثيل، ومن ثم يجوز للمحجوز عليه إقامة دعواه على أي وجه من الأوجه التي تضمنها المبحث المتعلق بأوجه منازعات التنفيذ والتي أوردناها فيما بعد.

وباعتبار دعوى عدم الاعتداد بحجز ما للمدين لدي الغير، دعوى تنفيذ مستعجلة، وينظرها قاضي التنفيذ بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة، فإنه يتعين عليه التحقق من شرطي الاستعجال وعدم المساس بالموضوع عندما يقضي بعدم الاعتداد بالحجز والإذن للمحجوز عليه في تسلم أمواله من المحجوز لديه، سواء كانت نقوداً أو منقولات إذ يتسع لفظ «الدين» لكل ذلك. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء التاسع، الصفحة : 345)

شروط الدين المحجوز من أجله:

تنص المادة (325) من قانون المرافعات على أنه يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء أن يحجز ما يكون لمدينه لدى الغير ويبين من ذلك أن الدين الذي يجوز توقيع حجز ما للمدين لدي الغير لاقتضائه يجب أن يكون محقق الوجود حال الأداء، وذلك على نحو ما أوضحناه ببند «الحق الذي يوقع الحجز التحفظي لاقتضائه» فيما تقدم، فنحيل إليه وإلى مبادئ النقض المتعلقة به، ولم تشترط المادة (325) سالفة البيان أن يكون الدين معين المقدار إذ في هذه الحالة، لا يجوز توقيع حجز ما للمدين لدى الغير إلا بأمر من قاضي التنفيذ يأذن فيه بالحجز ويقدر دين الحاجز تقديراً موقتاً عملاً بالمادة (327) من قانون المرافعات.

فإن كان الدين المحجوز من أجله غير محقق الوجود بأن كان دیناً احتمالياً قد يتحقق وقد لا يتحقق، كما لو كان معلقاً على شرط واقف لم يتحقق عند توقيع الحجز، أو كان الدين غير حال الأداء بأن كان أجل الوفاء به لم يحل بعد، أو كان الدين غير معين المقدار ولم يصدر أمر من قاضي التنفيذ بتقديره وانحصر الأمر في توقيع الحجز، فإن الحجز في هذه الحالات يكون باطلاً، مما يجيز للمدين المنازعة فيه ، إما بدعوى تنفيذ مستعجلة يطلب فيها عدم الاعتداد بالحجز متى توافر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق المتمثل في بطلان الحجز، ويتوافر الاستعجال بالخشية من فوات الوقت وعدم انتفاع المحجوز عليه بأمواله المحجوزة، كما يتوافر شرط عدم المساس بأصل الحق عندما يبين البطلان من ظاهر المستندات وبمجرد الاطلاع عليها دون حاجة إلى تحقيق موضوعي، كما لو تبين أن الدين معلق علي شرط واقف لم يتحقق عند توقيع الحجز، أو أن الدين مضاف إلي أجل لم يحل عند توقيع الحجز، أو أن الدين غير معين المقدار وأمر قاضي التنفيذ بتوقيع الحجز دون تقدير الدين، ويكون الحكم الذي يصدر حكماً وقتياً.

كما يجوز للمدين رفع دعوى تنفيذ موضوعية ببطلان الحجز وحينئذ يكون الحكم الصادر في المنازعة حكماً موضوعياً وليس وقتاً يترتب عليه حسم المنازعة متى أصبح نهائياً.

شروط الدين المحجوز عليه:

تنص المادة (325) من قانون المرافعات على أنه يجوز للدائن أن يحجز ما يكون لمدينه لدى الغير من المنقولات أو الديون ولو كانت مؤجلة أو معلقة علي شرط. ولما كان الدين الذي في الذمة يعتبر منقولاً، فقد أجاز المشرع الحجز عليه لدى الغير شأنه في ذلك شأن المنقول المادي.

ويجب لصحة حجز ما للمدين لدى الغير، أن يكون المنقول المحجوز عليه مملوكا للمدين وقت توقيع الحجز، فإن لم يكن مملوكاً له في هذا الوقت كان الحجز باطلاً حتى لو أصبح المدين مالكاً للمنقول بعد الحجز، ويعتبر المنقول مملوكاً للمدين إذا توافر له بالنسبة لهذا المنقول سبب من أسباب كسب الملكية کالعقد أو الحيازة متى توافر السبب الصحيح وحسن النية، ومن ثم يجوز توقيع الحجز عليه لدى مستأجره أو مستعيره باعتبار أن حيازة أي منهما حيازة عارضة لا تتعارض مع ملكية المدين، فإذا انتفت تلك الحيازة فلا يجوز حجز المنقول لدى الغير وإنما يتعين علي الدائن اللجوء لإجراءات حجز المنقول لدى المدين وإلا كان الحجز باطلاً، مثال ذلك أن السيارة إذا لم تكن مؤجرة أو معارة، فلا يجوز حجزها إلا وفقاً لإجراءات حجز المنقول لدى الدين، أما إن كانت مؤجرة أو معارة، فإن حجزها يتم وفقاً لإجراءات حجز ما للمدين لدي الغير، ويترتب على ذلك بطلان الحجز عليها لدى إدارة المرور لانتفاء حيازتها للسيارة ولا تعد من طبقة الغير في معني المادة (325) من قانون المرافعات فلا ينتج الحجز آثاره ولا تلزم إدارة المرور بالتقرير بما في ذمتها.

فإن كان المدين قد اشترى منقولاً لم يتسلمه بعد من بائعه، وأوقع الدائن حجراً عليه لدى البائع ، فإن الحجز يكون صحيحاً إذا كانت ملكية المنقول قد انتقلت للمدين قبل التسليم، ويكون الحجز باطلاً إن كانت الملكية لم تنتقل بعد إليه، فإن كان المنقول معيناً بذاته كسيارة أو آلة، فإن ملكيته تنتقل فور إبرام العقد وقبل التسليم، ومن ثم يكون الحجز صحيحاً ولو لم يدفع الثمن. أما إن كان المنقول معيناً بنوعه أو مقداره، فإن الملكية لا تنتقل إلا بإفرازه ولو لم يتم التسليم، فإذا توقع الحجز بعد الإفراز كان صحيحاً، وإن توقع قبل ذلك كان باطلاً.  

وأيضاً إذا كان المنقول مملوكاً للمدين، وكان معيناً بذاته وباعه المدين قبل توقيع الحجز عليه لدى مستأجره أو مستعيره، فإن الملكية تكون قد انتقلت إلى المشتري فور البيع، فيرد الحجز على منقول غير مملوك للمدين فيكون باطلاً رغم أن التسليم لم يتم عند توقيع الحجز، فإن كان المدين يحتفظ بمنقولات لدى الغير، وكانت معينة بنوعها وتصرف في بعضها ولم يتم إفرازها عند توقيع الحجز، ظلت على ملك المدين، ويكون الحجز صحيحاً، أما إذا تم إفرازها، انتقلت بهذا الإفراز إلى المشتري ولو قبل التسليم، فيكون الحجز الذي توقع عليها باطلاً لوروده على ملك الغير، وإن تم بيع المنقولات جميعها مما يعد إفرازاً لها، انتقلت ملكيتها فور البيع للمشتري ويكون الحجز باطلاً فقد انتقلت الملكية للمشتري.

وإذا ورد الحجز على دین للمدين في ذمة الغير، تعين أن يكون موجوداً ويحق للمدين المطالبة به ، فإذا كان قد انقضى بأي سبب من أسباب الانقضاء قبل توقيع الحجز، كان الحجز باطلاً، كقيام المحجوز لديه بالوفاء بما في ذمته أو أن المقاصة القانونية أو الاتفاقية قد قضت الدين قبل توقيع الحجز أو أن الدين قد انقضى بالتقادم فلم يصبح المحجوز لديه ملزماً به أمام المحجوز عليه وبالتالي لا يجوز للدائن الأخير الرجوع به، أو أن يكون المحجوز عليه قد خول حقه إلي الغير وأن تلك الحوالة قد نفذت في حق المحجوز لديه قبل توقيع الحجز مما يحول دون الأخير والوفاء لغير المحال له وحينئذ يقرر المحجوز لديه ببراءة ذمته، وتنفذ الحوالة وفقاً للمادة (305) من القانون المدني بإعلانها للمدين علي يد محضر أو بقبوله لها قبولاً ثابت التاريخ بوجه رسمي، أما إذا توقع الحجز قبل نفاذ الجوالة، كان صحيحاً .

ومتي توقع الحجز ونازع المحجوز عليه أو الغير وتمسك ببطلان الحجز السبب يرجع إلي الدين أو المنقول المحجوز عليه، فإن قاضي التنفيذ يتصدى للمنازعة من ظاهر المستندات إن تمثلت المنازعة في دعوى تنفيذ مستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز، وله في ذلك أن يستند في قضائه الوقتي لعناصر موضوعية کبطلان الحجز لانقضاء الدين المحجوز عليه لدى الغير لأي سبب من أسباب الانقضاء أو لحوالته، كما يجوز له أن يتصدى لأوجه الدفاع الموضوعية التي يثيرها الحاجز کصورية الحوالة أو عدم نفاذها إذ المقرر أن قاضي التنفيذ غير محظور عليه أن يستند في قضائه الوقتي إلي عناصر موضوعياً طالما يتحسسها من ظاهر الأوراق لا ليقطع فيها برأي أو يصدر قضاء موضوعياً فيها. وإنما ليتخذ اجراءً وقتاً متى توافر شرط الاستعجال، ومتى توافرت هذه العناصر، فإنه يقضي بعدم الاعتداد بالحجز.

أما إن تمثلت المنازعة في دعوى تنفيذ موضوعية، بطلب بطلان الحجز، أو كانت مرفوعة من المحجوز لديه بطلب بطلان الحجز وبراءة ذمته من الدين في حالة انقضائه بالتقادم، فإن قاضي التنفيذ ينظرها كدعوى موضوعية بكافة صلاحيات محكمة الموضوع من اتخاذ كافة إجراءات الإثبات من تحقيق واستجواب وتوجيه اليمين وندب الخبراء، ويصدر قضاء موضوعياً يحسم به المنازعة.

فإن كان المحجوز لديه قد استشكل في التنفيذ ولما رفض إشكاله اضطر إلى دفع الدين، وكانت تتوافر لديه عناصر دعوى التنفيذ الموضوعية كبطلان التقرير بما في الذمة والذي لم يعتد به قاضي الإشكال، ومن ثم يجوز له رفع هذه الدعوى ببطلان الحجز واسترداد المبلغ الذي نفذ عليه به إذ يحل قاضي التنفيذ محل المحكمة المختصة بنظر الموضوع عندما يقترن ذلك بالتنفيذ المنوط به وحده التصدي لكافة منازعاته.

نطاق حجز ما للمدين لدى الغير:

يتناول حجز ما للمدين لدى الغير، كل دين يتوافر سببه وقت توقيع هذا الحجز، يستوي أن يكون ديناً حالاً أو مؤجلاً أو متنازعاً فيه أو معلقاً علي شرط واقف، ولو لم يحل الأجل أو يتحقق الشرط وقت التقرير بما في الذمة، فدين الأجرة عندما يحجز عليه تحت يد المستأجر، يكون سببه، وهو عقد الإيجار، قد نشأ وقت توقيع الحجز، ومن ثم يرد الحجز علي كل أجرة تستحق سواء قبل التقرير بما في الذمة أو بعد ذلك، فيمتنع علي المستأجر الوفاء للمؤجر إلا إذا قضي بعدم الاعتداد بالحجز أو برفعه. ومبلغ التأمين الذي قد يستحق للمدين، هو دين معلق على شرط واقف يتمثل في وقوع الخطر المؤمن منه، فهو دین احتمالي، قد يتحقق إذا وقع الخطر وقد لا يتحقق إن لم يقع، ومع ذلك يجب علي المحجوز لديه أن يضمنه تقريره حتي إن كان الخطر لم يقع وقت التقرير ما في الذمة، ويظل الحجز قائماً ويحول دون المحجوز لديه والوفاء به المدين إذا تحقق الخطر ولو بعد التقرير بما في الذمة حتى يقضي بعدم الاعتداد بالحجز أو برفعه.

ومثل ذلك، كل دین متجدد يلتزم به المحجوز لديه للمدين، كأرباح الأسهم والسندات، والأرباح المستحقة للشريك، والفوائد على القروض وأيضاً الأجور والمرتبات، ويكفي في هذه الحالات أن يتضمن التقرير الأسس التي تحسب الأرباح على أساسها.

فإن توقع الحجز علي دين معين، فلا يمتد إلي سواه من الديون، كما لو توقع الحجز علي الثمن تحت يد المشتري، فإنه لا يمتد إلي قرض كان للمدين في ذمة المشتري قبل البيع، ووفقاً للمادة (338) من قانون المرافعات لا يمتد الحجز إلى ما لا يجوز حجزه.

وسبب الدين، هو مصدر التزام المدين، سواء كان عقدا أو عمل غیر مشروع أو إثراء بل سبب أو إرادة منفردة أو نص في القانون، فكل دين ينشأ سبيه في ذمة المحجوز لديه إلي وقت التقرير بما في الذمة، يجب أن يتضمنه هذا التقرير، أما إذا نشأ دين بعد ذلك، فلا يلتزم المحجوز لديه بالتقرير به ولا يمتد إليه الحجز، فإذا تلقي المحجوز لديه قرضاً من المدين بعد التقرير بما في الذمة، فلا يمتد إليه الحجز ولكن للحاجز أن يوقع عليه حجزاً جديداً.

الغير في معني المادة (325) مرافعات:

تختلف الإجراءات بالنسبة للطريق الذي يسلكه الدائن لتوقيع الحجز، بحيث إذا اتخذ طريقاً غير الذي يوجبه القانون، كان الحجز باطلاً، ولذلك يتعين تحديد الغير الذي تنص عليه المادة (325) من قانون المرافعات حتى يتخذ الدائن الإجراءات التي يتطلبها القانون في حجز ما للمدين لدى الغير. حتى لا يقع الحجز باطلاً إذا ما اتخذ إجراءات حجز المنقول لدى المدين أو العكس.

والغير في معنى هذه المادة، هو كل من تنشأ بينه وبين المدين علاقة دائنية يلتزم بموجبها بالوفاء بما في حيازته للأخير، فيعتبر من الغير، الولي والوصي والقيم بالنسبة لناقصي الأهلية، إذ يلتزم هؤلاء بالوفاء له بما في حيازتهم، وأيضاً الوكيل والحارس والناقل والمودع لديه والمستأجر ورب العمل والبنك بالنسبة للودائع والحساب الجاري، إذ يلتزم هؤلاء بالوفاء لدائنهم بما في حيازتهم. ويخضع الحجز لدى هؤلاء لإجراءات حجز ما للمدين لدى الغير.

فإذا انتفى هذا المعيار، وجب اتباع إجراءات حجز المنقول لدى المدين مثال ذلك، الحجز على محتويات الخزانة المؤجرة من البنك للعميل، فلا يتوافر في هذه الحالة علاقة دائنية بين البنك والعميل يلتزم بموجبها البنك بالوفاء بما في حيازته للعميل لانتفاء سيطرة البنك على محتويات الخزانة وبالتالي لا يلتزم بالوفاء بها. فإذا توقع الحجز عليها بإجراءات حجز ما للمدين لدي الغير، كان باطلاً ولا يلتزم البنك بالتقرير بما في الذمة «انظر بهذا المعنى رمزي سيف بند 245 ووالي بند 151 وقارن أبو الوفا بند 203 ويري أن الحجز على الخزينة لدى البنك يتم بإجراءات حجز ما للمدين لدي الغير إذ يعتد بمن له الحيازة الفعلية للشئ فالحائز الفعلي هو البنك وبإعلان الحجز يجب عليه منع المدين من الوصول إلي الخزانة وأن يقرر بما في ذمته ببيان رقم الخزانة التي استأجرها المدين».

ولا يحول هذا الخلف دون قاضي التنفيذ والتصدي لدعوي عدم الاعتداد بالحجز، إذ يترتب على الحجز، ولو كان باطلاً، وضع الشيء المحجوز تحت يد القضاء، ومتي تم تعيين البنك حارساً على الخزانة التزم بمنع العميل عنها حتى يقضي بعدم الاعتداد بالحجز أو برفعه، ويري أبو الوفا أنه إذا باشر الدائن حجز ما للمدين لدي الغير تحت يد من لا يعتبر من الغير بالنسبة إلى المدين، فإن الحجز لا ينتج أثره ويكون للمدين تسلم الأشياء والتصرف فيها ولا تقع علي من حجز تحت يده المسئوليات التي رتبها القانون کالتقرير بما في الذمة، بند 204. ويقرر راتب أن الخلاف الفقهي حول تفسير نصوص القانون لا يحول دون قاضي التنفيذ وإصدار حكم وقتي في المنازعة المطروحة عليه إذ يتعين عليه أن يجتهد في إنزال حكم القانون الصحيح، ويضيف أن القضاء قد جرى على أن القاضي المذكور لا يفصل في دعوى عدم الاعتداد بالحجز إذا كان قضاؤه يتوقف على إبداء الرأي القانوني في مسألة مثار جدل فقهي . (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة : 10)

وحجز ما للمدين لدى الغير هو الحجز الذي يوقعه الدائن على ما يكون لمدينه من حقوق في ذمة الغير أو في حيازته سواء أكانت منقولات أو ديون وذلك بقصد منع الغير من الوفاء للمدين أو تسليمه ما في حيازته من منقولات وذلك تمهيداً لاقتضاء حق الحاجز من المال المحجوز أو من ثمنه بعد بيعه. وحق الدائن في الحجز على ما لمدينه لدى الغير هو حق قائم بذاته ومستقل عن حق استعمال حقوق المدين ويتفرع مباشرة عن حق الضمان العام على إعتبار أن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بدينه سواء أكانت هذه الأموال في يده أم في يد غيره  والمحجوز لديه غير المحجوز عليه ويشترط أن يكون مديناً له ومن ثم لا يجوز الحجز على الشيك تحت يد مديني الشركة ذات الشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية أعضائها ولا الحجز على مرتب المستخدم في المحل التجاري تحت يد صراف المحل لأن مدين المدين هو صاحب المحل فيجب أن يوقع الحجز تحت يده هو ولا يجوز لدائن الوصي أن يحجز عليه تحت يد محكمة الأحوال الشخصية ولاية على المال باعتبار القاصر مديناً لوصيه وأن أمواله مودعة خزانة المحكمة لأن هذه المحكمة لا تمثل القاصر وليست أمينة على أمواله وإنما هي رقيبة على أعمال الأوصياء ولكن يصح الحجز في هذه الحالة تحت يد القاصر ممثلاً في شخص وصي يعين خاصة للخصومة. ولا يعد من الغير بالنسبة للمدين من ليست له حيازة مستقلة عن حيازة المدين فمن يكون خاضعاً للمدين خضوع التابع للمتبوع كالخادم والساعي والبواب والصراف والسائق لا تعد له حيازة مستقلة ولذلك يجب توقيع حجز الأعيان المنقولة على أموال المدين في يده. وقد اختلف الرأي بالنسبة للأموال التي يضعها المدين في خزانة يستأجرها في أحد البنوك فذهب رأي إلي عدم جواز توقيع حجز عليها إلا عن طريق حجز الأعيان المنقولة بواسطة المحضر لأن العقد المبرم بين البنك والعميل هو عقد إيجار للخزينة لا عقد وديعة وذهب الرأي الآخر أن الحجز يجب أن يتم هو حجز ما للمدين لدي الغير تحت يد البنك إذ الحائز الفعلي للخزانة هو البنك.

وإذا أخطأ الدائن وباشر حجز المنقول وهو في حيازة غير المدين كان الحجز باطلاً في حق الحائز وجاز له التمسك ببطلانه بغير الحاجة إلى رفع دعوى إسترداد أما إذا باشر الدائن حجز ما للمدين لدي الغير تحت يد من لا يعتبر من الغير بالنسبة إلى المدين فإن الحجز لا ينتج أثره المقصود ويكون للمدين تسلم الأشياء والتصرف فيها (التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص 517 وما بعدها).

والقواعد المنصوص عليها في هذه المادة ليست معلقة بالنظام العام بمعنى أنه إذا أوقع حجز المنقول مباشرة على الدائن وكان المحجوز عليه تحت يد غيره ولم يتمسك الحائز بحقه بأن قدم المنقولات للمحضر دون إعتراض فلا يجوز بعد ذلك المنازعة في صحة الحجز.

وقواعد حجز ما للمدين لدي الغير تتميز عن باقي قواعد الحجز المنقول ومن ثم يجب إعمالها دون غيرها ولا يجوز الرجوع إلي أي قواعد أخري.

ويشترط أن يكون المحجوز لديه مديناً مباشراً للمدين فإن لم يكن كذلك لا يصح الحجز ومن ثم فلا يجوز توقيع الحجز تحت يد البنك على إذن صرف صادر لصالح المدين من شخص آخر لأن البنك لا يعتبر مديناً للمدين ولكنه مدينه هو الشخص الآخر الذي أصدر أمر الصرف.

وإذا كان الدين المحجوز من أجله قد انقضى قبل توقيع الحجز بأي سبب من أسباب الانقضاء فإن الحجز يكون باطلاً لأنه ورد على غير محل.

وإذا توقع الحجز على دين معين فلا ينصرف أثره إلي غيره من الديون التي قد تكون للمحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه ولا يلزم الأخير بالتقرير عنها في مواجهة الحاجز.

ويكفي لينصب الحجز على ديون المحجوز لديه أن تكون قد نشأت بسببها قبل توقيع الحجز ولو كانت مؤجلة أو غير مستقرة في الذمة لقيام النزاع عليها أو لتعليقها على شرط موقف أو حادث احتمالي بحت .

ويري الدكتور أبو الوفا أنه إذا نشأ دين على المحجوز لديه بعد التقرير بما في الذمة فإن الحجز لا يشمله ولو حصل نزاع في التقرير بما في الذمة. وفي تقديرنا أنه ينبغي أن يكون المحجوز لديه مديناً وقت توقيع الحجز.

وإذا تم توقيع الحجز على المنقولات فيفترض بداهة أن تكون وقت الحجز مملوكة للمدين المحجوز عليه وأن تكون حيازة المحجوز لديه ولا يعتد بالحجز إذا انتقلت ملكيتها للغير قبل توقيعه أو إذا انتقلت حيازتها قبل توقيع الحجز إلي غير المحجوز لديه (الدكتور أبو الوفا في التعليق الطبعة الخامسة ص 1250). (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع، الصفحة : 371)

التعريف بحجز ما للمدين لدى الغير وصورته وأمثلة عملية له:

حجز ما للمدين لدى الغير هو الحجز الذي يوقع تحت يد غير المدين على حق للمدين في ذمته أو عين منقولة مملوكة للمدين في حيازته والهدف منه منع هذا الغير من الوفاء بما في يده أو تسليمه للمدين، وذلك تمهيداً لاقتضاء الحاجز حقه من المال المحجوز أو من ثمنه بعد بيعه .

فصورة هذا الحجز أن يكون (زيد) دائناً ويكون مدينة (بكر) دائناً من ناحيته (لعمرو) بمبلغ من النقود أو مالكاً لعين منقولة في حيازة (عمرو)، فيحمل (زيد) بالحجز تحت يد (عمرو) على منعه من وفاء الدين أو تسلیم العين (لبكر) ثم يستوفي حقه من حق مدينه أو من ثمن العين المملوكة له إذن هذا الحجز يفترض وجود ثلاثة أطراف، الأول هو الحاجز الذي يتخذ إجراءات الحجز، والطرف الثاني هو المحجوز عليه وهو المدين مباشرة للحاجز، أما الطرف الثالث فهو المحجوز لديه ويطلق عليه لفظ الغير وهو الذي يتم الحجز تحت يده على الأموال والحقوق التي يدين بها مباشرة إلى المحجوز عليه.

ومن الأمثلة العملية لهذا الحجز أن يكون المدين مالكاً لعقار يؤجره فيحجز الدائن على الإيجار المستحق له لدى المستأجر أو أن يقوم الدائن بالحجز على أموال مدينه المودعة في أحد البنوك، ومن ذلك أيضاً أن تكون للمدين منقولات في حيازة شخص آخر فيقوم الدائن بالحجز عليها لدى هذا الشخص.

ولايقصد الدائن بهذا الحجز ابتداء التنفيذ على أموال المدين واقتضاء حقه منها، وإنما يتحقق ذلك في مرحلة لاحقة، إذ إن حجز ما للمدين لدى الغير يبدأ حجزاً تحفظياً، ثم يتحول بعد ذلك إلى حجز تنفيذي، وذلك عندما يتخن الدائن الإجراءات اللازمة لاستیفاء حقه، ونتيجة لذلك فإن هذا الحجز له خصائص وصفات كل من الحجز التحفظي والحجز التنفيذي .

ونتيجة للطابع التحفظي لحجز ما للمدين لدى الغير فقد نظم المشرع المصرى قواعد هذا الحجز وأحكامه في الباب الخاص بالحجوز التحفظية كما تجاوز عن بعض الشروط اللازم توافرها لإجراء الحجز التنفيذي، إذ يجوز للدائن أن يتخذ إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير دون حاجة إلي اتخاذ مقدمات التنفيذ من إعلان السند التنفيذي والتكليف بالوفاء، وقد نصت على ذلك صراحة المادة 328 بقولها أن هذا الحجز يحصل بدون حاجة إلى إعلان سابق إلى المدين، كما يجوز للدائن إجراء هذا الحجز ولو لم يكن بيده سند تنفيذي بحقه أو كان المدين المحجوز من أجله غير معين المقدار، ولكن يتعين على الدائن في هذه الحالة أن يحصل على إذن بتوقيع الحجز من قاضي التنفيذ، كما سنوضح ذلك بعد قليل، كما يجوز للدائن توقيع الحجز على أموال المدين لدى الغير ولو كان الحكم الذي بيده غير واجب النفاذ متى كان الدين الثابت به معين المقدار، ولا يلزم في هذه الحالة الحصول على إذن من قاضي التنفيذ لتوقيع الحجز.

ولكن إذا بدأ الدائن في اتخاذ الإجراءات لاستيفاء حقه فإن حجز ما للمدين لدى النير يصبح حجزاً تنفيذياً يلزم لإجرائه توافر الشروط والإجراءات التي يستلزمها القانون لتوقيع أي حجز تنفيذي، فيجب اتخاذ مقدمات التنفيذ، كما يجب أن يكون سند الدائن قد أصبح قابلاً للتنفيذ، وأن يكون حقه معين المقدار وغير ذلك من الشروط والإجراءات اللازمة في هذا الشأن.

محل حجز ما للمدين لدى الغير:  

يتضح لنا من نص المادة 325 مرافعات سالف الذكر - محل التعليق - أن محل حجز ما للمدين لدى الغير قد يكون منقولاً مادياً في حيازة الغير أو حق دائنيه.

أولاً - المنقول المادي الذي في حيازة الغير :

إذا كان المنقول في حيازة الغير فإن القانون يوجب للحجز على هذا المنقول اتباع إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، والمقصود بالغير هنا من له سلطة على الشيء تمنع المحجوز عليه من الاتصال به إلا عن طريقه، بحيث تكون له حيازة مستقلة عن حيازة المدين، مثل المودع لديه أو الحارس القضائي أو الوكيل أو الوصي والدولي والقيم بالنسبة لأموال القاصر أو البنك بالنسبة إلى الخزائن الحديدية المؤجرة به أو المحضر بالنسبة إلى الثمن المتحصل من البيع، أما إذا كان الشخص خاضعاً للمدين فإنه لا تكون له حيازة مستقلة على المنقول ومن ثم لا يعتبر من الغير في هذا الصدد، كالخادم أو البواب أو صراف خزينة المدين.

وكقاعدة لا يجوز اتباع إجراءات حجز المنقول لدى المدين للحجز على المنقول لدى الغير، بل يجب اتباع الإجراءات الخاصة. بحجز ما للمدين لدى الغير، والحكمة في ذلك تكمن في عدم الإضرار بالغير الذي يوجد المنقول لديه، إذ قد يؤدي أتباع إجراءات حجز المنقول لدى المدين إلي قيام المحضر بالحجز على مال مملوك لهذا الغير، كما أن سمعة الغير قد تتأثر من دخول المحضر المكان الذي توجد فيه المنقولات حيث أن إجراءات حجز المنقول لدى المدين تقتضي انتقال المحضر لتحرير محضر الحجز، ولذلك حتى لو كان المنقول المادي الذي تم توقيع الحجز عليه متميزاً عن أموال المحجوز لديه الشخصية فإنه يجب أيضاً اتباع إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير.

ويلاحظ أنه يشترط أن يكون المنقول مملوكاً للمدين وقت الحجز، وهذا شرط عام بالنسبة لجميع ما يحجز، وقد أثار البعض في الفقه الشك حول ضرورة هذا الشرط في حجز ما للمدين لدى الغير بالقول بأنه يكفي أن تكون الملكية قد آلت إلى المدين قبل التقرير بما في الذمة ولو بعد الحجز، وذلك قياساً على المادة 2/325 الخاصة بالحجز على ما للمدين لدى الغير (أحمد أبو الوفا - التنفيذ - بند 259 ص 600 ، محمد عبد الخالق عمر بند 390 ص 383) ولكن الراجح أنه ينبغي أن يتوافر هذا الشرط، ذلك أن المادة 2/325 تورد استثناء على القاعدة العامة التي توجب أن يكون ما يحجز مملوكاً للمدين وقت الحجز والاستثناء لا يقاس عليه (فتحى والى التنفيذ - بند 148 ص 289 و ص 290 ).

وينبغي أن يوجد المنقول المادي. في حيازة الغير، ومثال ذلك المنقولات المودعة في مخزن للودائع، أو الطرود اثناء نقلها لدى السكة الحديد أو شركة النقل، أو منقول اشتراه المدين وانتقلت ملكيته إليه ومازال في حيازة البائع، أو منقول أعطاه مالكه لدائنه كرهن حيازی (سولیس: 89 ، جارسونيه: جزء 4  بند 189 ص 412 ،  فتحی والی - بند 148 ص 290 ) .

ثانياً- حق الدائنية:

كل حق للمدين لدى الغير محله مبلغ من النقود يتم الحجز عليه بطريق إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، ولا يشترط أن يكون هذا الحق معين المقدار او حال الأداء، ومن ثم يجوز الحجز على الإيجار الذي يستحقه المؤجر تحت يد المستأجر ولو قبل حول ميعاد استحقاقه، كما يجوز أيضاً الحجز على مرتب الموظف أو أجر العامل ولو قبل استحقاقه.

ويجوز للدائن أن يحجز لدى الغير على دين معين لمدينة كالحجز على الأجرة لدى المستأجر كما يجوز له أن يحجز على كل ما يكون الغير مديناً به للمحجوز عليه وفي هذه الحالة يكون الحجز عاماً لا يرد على مال معين بذاته، كما يشمل الحجز كل دين ينشأ للمدين المحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما في الذمة ولو نشأ الدين بعد إعلان الحجز وذلك دون حاجة إلى إجراء آخر من جانب الحاجز، ولكن يشترط في جميع الأحوال أن ينصب الحجز على ما لا يمنع المشرع الحجز عليه كما يجب - بطبيعة الحال - ألا يكون الدين قد انقضى قبل الحجز بالوفاء أو بالمقاصة أو بغير ذلك، لأنه في هذا الحالة لن يصادف الحجز محلاً.

عدم تعلق المادة 325 بالنظام العام:

يلاحظ أن القواعد الواردة في المادة 325 - محل التعليق - ليست متعلقة بالنظام العام، ولذلك إذا أوقع حجز المنقول مباشرة على الدائن وكان المحجوز عليه تحت يد غيره ولم يتمسك الحائز بحقه بأن قدم المنقولات للمحضر دون اعتراض فلا يجوز بعد ذلك المنازعة في صحة الحجز.

إذ يمكن بالنسبة للمنقول المادي الذي في حيازة الغير، اتباع طريق حجز المنقول لدى المدين، إذا رضى الغير بدخول المحضر عنده لأن الأمر متوقف على إرادة الغير، وأساس ذلك أنه إذا كان حق الدائنية لا يقبل بطبيعته أن يحجز بطريق حجز المنقول لدى المدين وهو يقتضي انتقال المحضر إلى المكان الذي يوجد فيه المنقول ووصفه وذكره في محضر الحجز، ولهذا نظم المشرع بالنسبة له طريق حجز ما للمدين لدى الغير إجراءات مختلفة تناسب طبيعته، فإن المنقول المادي الذي في حيازة الغير لا يستعصى بطبيعته على إجراءات حجز المنقول كما يحدث لدى المدين، ولكن المشرع أخضع المنقول المادي في حيازة الغير لإجراءات حجز حقوق الدائنية مراعاة للغير حائز المنقول حتى لا يدخل المحضر منزله أو محله وفي هذا إساءة لسمعته كما أن المحضر قد يخطيء فيحجز على منقولات مملوكة للغير وليست للمدين، فإذا رضي الغير دخول المحضر وقدم له منقولات المدين لحجزها، كان الحجز بطریق حجز المنقول لدى المدين على هذه المنقولات حجزاً صحيحاً (فتحى والي - التنفيذ الجبري- بند 148- ص 293). (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / السادس ، الصفحة : 167)

 

 

التعليقات معطلة.