موسوعة قانون المرافعات
1 - صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه أو إذن القاضي بالحجز أو أمره بتقدير الدين.
2 - بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله وفوائده والمصاريف.
3 - نهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه أو تسليمه إياه مع تعيين المحجوزعليه تعييناً نافياً لكل جهالة.
4 - تعيين موطن مختار للحاجز في البلدة التي بها مقر محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز عليه.
5 - تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في ذمته خلال خمسة عشر يوماً.
وإذا لم تشتمل الورقة على البيانات الواردة في البنود (1) (2)(3) كان الحجز باطلاً.
ولا يجوز لقلم معاوني التنفيذ إعلان ورقة الحجز إلا إذا أودع الحاجز خزانة محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه أو لحسابها مبلغاً كافياً لأداء رسم محضر التقرير بما في الذمة ويؤشر بالإيداع على أصل الإعلان وصورته.
لم يترك المشرع بیان الإجراءات الواجب اتخاذها قبل الحجز ولا بيان الشروط الواجب توافرها في الدين المطلوب من أجله للقواعد العامة في التنفيذ بل عنى بالنص على أن حجز ما للمدين لدى الغير يجوز في جميع الأحوال - أجزاؤه بغير حاجة إلى إعلان سابق إلى المدين أي بغير حاجة إلى إعلانه بسند التنفيذ إن كان بيد الدائن سند من هذا القبيل وبغير حاجة إلى التنبيه عليه بالوفاء. (المادة 547) .
1 ـ النص فى الفقرة الأولى من المادة 328 من قانون المرافعات على أن يحصل حجز ما للمدين لدى الغير "بدون حاجة إلى إعلان سابق إلى المدين، بموجب ورقة من أوراق المحضرين تعلن إلى المحجوز لديه" يدل على أن المشرع لم يتطلب إعلان المدين بسند التنفيذ, باعتبار أن هذا الحجز - وعلى ما جاء فى المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات السابق - يبدأ دائما كإجراء تحفظي بحت مقصود به مجرد حبس أموال المدين وديونه فى يد الغير, ومنع المحجوز لديه من تسليمها أو الوفاء بها, وعلى هذا الأساس فإن المشرع لم يترك الإجراءات الواجب اتخاذها قبل الحجز للقواعد العامة فى التنفيذ, بل عنى بالنص على أن ذلك الحجز يجوز فى جميع الأحوال بغير حاجة إلى سابقة إعلان المدين المحجوز عليه بالسند الذي يتم التنفيذ عليه بمقتضاه - إن كان هناك سند تنفيذي - أو إلى ضرورة التنبيه عليه بالوفاء.
(الطعن رقم 3213 لسنة 70 جلسة 2001/05/29 س 52 ع 2 ص 791 ق 159)
2 ـ مقتضى الحجز أياً كان نوعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضع المال المحجوز تحت أمر القضاء بما يمتنع معه على المحجوز لديه الوفاء به لدائنه أو تسليمه إليه، كما يمتنع على المحجوز عليه التصرف فيه بما يؤثر فى ضمان الحاجز، وحجز ما للمدين لدى الغير يتم وينتج آثاره بمجرد إعلان الحجز إلى المحجوز لديه، وإذ كانت المادة 383 من التقنين المدني تقضي بأن التقادم الساري ينقطع بالحجز وهي عبارة عامة تسري على حجز ما للمدين لدى الغير، فإنه يترتب على إعلان ورقة الحجز للمحجوز لديه قطع التقادم الساري لمصلحته فى مواجهة المحجوز عليه اعتباراً بأن الحجز من أسباب قطع التقادم وكذلك قطع التقادم الساري لمصلحة المحجوز عليه فى مواجهة الحاجز، لأن الحجز وإن كان يعلن إلى المحجوز لديه إلا أنه يقصد توجيهه فعلاً إلى المحجوز عليه وينصب على ماله.
(الطعن رقم 383 لسنة 39 جلسة 1975/04/30 س 26 ع 1 ص 873 ق 169)
3 ـ مفاد نصوص المواد 29،31،33 من القانون رقم 308 لسنة 1955فى شأن الحجز الإداري أن حجز ما للمدين لدى الغير يتم بموجب محضر يعلن من الحاجز للمحجوز لديه يتضمن بيان المبالغ المطلوبة ونهى المحجوز لديه عن الوفاء للمحجوز عليه بما فى يده وتكليفه بالتقرير بما فى ذمته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بمحضر الحجز فإذا كان حق الحاجز قد حل ميعاد أدائه فعلى المحجوز لديه خلال أربعين يوما من تاريخ توقيع الحجز أن يوفيه إليه أو يودعه خزانة الجهة الإدارية لذمتها أو بما أقربه إن كان أقل من دين الحاجز أما إذا كان ميعاد أدائه لم يحل ولم توقع آية حجوزات أخرى لدى المحجوز لديه فيختص الحاجز مما لدى المحجوز لديه بما يفي بدينه والمصرفات فقط . ويزول قيد الحجز بالنسبة لما زاد عن القدر المحجوز به لانتفاء الحكمة من تقرير الأثر الشامل للحجز ويصير المحجوز لدية مدين شخصياً بهذا القدر فى مواجهة الحاجز ولا يغير من هذا النظر ما قد يترتب على رفع المحجوز علية لدعوى عدم الاعتداد بالحجز من أثر يمنع المحجوز لديه من الوفاء للحاجز أو الإيداع خزانه الجهة الإدارية بما يفي بدينه إذ لا أثر لهذه الدعوى على حق المحجوز عليه فى استرداد ما جاوز القدر الذي اختص به الحاجز من الأموال المحجوزة لدى المحجوز لديه فإذا إمتنع الأخير عن الوفاء بما جاوز هذا القدر يكون مخطئاً .
(الطعن رقم 1438 لسنة 60 جلسة 1995/03/15 س 46 ع 1 ص 483 ق 96)
4 ـ إذ يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة إستخلصت تنازل الطاعنة - المحجوز عليها - الضمنى عن التمسك ببطلان إعلانها بالحجز الموقع تحت يد مدينها إستخلاصاً سائغاً ، من إجراء من جانب الطاعنة دالاً بذاته على ترك الحق ، فإنه لا معقب عليها فى ذلك لتعلقه بتقدير موضوعى من سلطتها المطلقة و إذ كان هذا التنازل يعتبر ملزماً للمتنازل ( الطاعنة ) بما يمنعها من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوى على إنكار لهذا التنازل فإنه لا على المحكمة و قد إعتدت به أن تطرح باقى الأسباب الذى بنى عليها الإستئناف و التى تتضمن إنكاراً منها لهذا التنازل الصادر من جانبها .
(الطعن رقم 99 لسنة 39 جلسة 1975/04/16 س 26 ع 1 ص 800 ق 156)
توقيع حجز ما للمدين لدى الغير:
يتم توقيع حجز ما للمدين لدي الغير فور إعلان المحجوز لديه بورقة الحجز، دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر أو تحرير محضر حجز، وورقة الحجز، ورقة من أوراق المحضرين، ومن ثم يجب أن تستوفي البيانات المتعلقة بهذه الأوراق والتي تضمنتها المادة التاسعة من قانون المرافعات، فضلاً عن البيانات التي أوردها المشرع بالمادة (328) من ذات القانون.
وإذ نصت المادة الأخيرة على أن يحصل الحجز بموجب ورقة من أوراق المحضرين تعلن إلي المحجز لديه، فقد دلت على أن الإعلان يتم وفقاً للقواعد العامة المقررة في المادة العاشرة وما بعدها من قانون المرافعات، إذ لو كان المشرع يقصد أن يتم الإعلان لشخص المحجوز لديه أو في موطنه، لنص على ذلك في المادة (328) كما فعل في مواد عديدة منها المادة (213)، (329)، (330) ومن ثم إذا توجه المحضر لإعلان ورقة الحجز في موطن المحجوز لديه ووجده مغلقاً، تعين تسليم الصورة لجهة الإدارة، وينتج الإعلان أثره في هذه الحالة من تاريخ تسليم الصورة لتلك الجهة، ومتى توافرت الشروط اللازمة لصحة الإعلان، قامت قرينة قانونية قاطعة على تحقق علم المحجوز لديه بالحجز وترتبت آثاره في حقه ولا يستطيع التحلل منها إلا إذا أثبت بطلان إعلانه بورقة الحجز «يرى أبو الوفا أنه يجب حصول الإعلان لشخص المحجوز لديه أو في موطنه وإلا كان الإعلان باطلاً نظراً لما يترتب علي الإعلان من آثار أهمها إلزامه بالامتناع عن الوفاء للمحجوز عليه (بند 215).
لا يلزم إعلان السند التنفيذي :
إذا كان بيد الدائن الحاجز سند تنفيذي، فلم يتطلب القانون إعلانه مع ورقة الحجز إلى المحجوز لديه، فقد اكتفى المشرع في توقيع حجز ما للمدين لدى الغير بإعلان ورقة الحجز متضمنة البيانات التي تضمنتها المادة (328) من قانون المرافعات ومنها صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه أو إذن القاضي بالحجز أو أمره بتقدير الدين. ويعتبر الحجز في هذه المرحلة حجزاً تحفظياً مما لا يتطلب إعلان السند التنفيذي. ولا يصبح حجزاً تنفيذياً إلا إذا أقر المحجوز لديه بما في ذمته أو لم يقر خلال الميعاد المحدد للإقرار، وكان بيد الدائن الحاجز سند تنفيذي، أو حكم بثبوت الحق وصحة الحجز إن لم يكن بيده سند تنفيذي عند توقيع الحجز.
بيانات ورقة حجز ما للمدين لدى الغير:
ورقة حجز ما للمدين لدي الغير، هي ورقة من أوراق المحضرين، ولذلك يجب أن تتضمن البيانات التي أوردتها المادة التاسعة من قانون المرافعات، ويترتب على مخالفة الجوهري منها أو النقص فيه بطلان الإعلان وبالتالي الحجز، وذلك على النحو التالي:
البيان الأول: تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيه الإعلان، وذلك للوقوف على ما إذا كان الإعلان قد تم في يوم عمل وفي ساعة يجوز فيها إجراؤه إذ يبطل إذا تم في يوم عطلة رسمية أو قبل الساعة السابعة صباحاً وبعد الخامسة مساءً بغير إذن من قاضي الأمور الوقتية، وطالما أن الإعلان في حجز ما للمدين لدي الغير لا يقصد به الحضور وإنما حصول هذا الحجز، فإن البطلان الذي يشوبه لا تتحقق به الغاية من الإعلان. وإذا تضمن الإعلان تاریخ إجرائه دون ساعته ولم يتمسك المحجوز لديه بأن الإعلان تم في ساعة لا يجوز فيها الإعلان، صح الإعلان، أما إن تمسك بذلك، تحمل عبء إثباته بكافة الطرق باعتبار أن إجراء الإعلان واقعة مادية.
البيان الثاني: اسم الحاجز ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من يمثله ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه كذلك إن كان يعمل لغيره. ويقصد بهذا البيان إحاطة المحجوز لديه بالحاجز علي نحو ينفي أي تجهيل بالنسبة له، فإذا وجد نقص أو خطأ في هذا البيان وكان من شأن التجهيل بالحاجز، أن يترتب علي ذلك بطلان الحجز، فإن لم يترتب عليه ذلك، كان الحجز صحيحاً، فقد يكفي ذكر الاسم الثنائي للحاجز وعنوانه وتلك مسألة واقع يفصل فيها قاضي الموضوع عند رفع الدعوى بالحق وصحة الحجز سواء أمام المحكمة أو قاضي الأداء.
البيان الثالث: اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها، إذ أوجب القانون أن يكون كل إعلان أو تنفيذ بواسطة المحضرين حتي تترتب عليه آثاره القانونية، ومن ثم تطلب أن تتضمن أوراق المحضرين ما يدل علي ذلك فخص اسم المحضر ببيان مستقل في تلك الأوراق، ويقوم مقام هذا البيان توقيع المحضر بحيث إن خلت هذه الورقة من اسم المحضر ولكن قام بالتوقيع عليها، صحة الورقة حتى لو كان التوقيع غير مقروء ولا يمكن بموجبه معرفة اسم المحضر الذي قام بالإعلان، ولا يمكن جحد هذا التوقيع إلا بالطعن عليه بالتزوير.
البيان الرابع: اسم المحجوز لديه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه وقصد بذلك تعين المحجوز لديه تعييناً كافياً نافياً للتجهيل به أو الشك في شخصيته، ومتى تحقق هذا التعيين، كان الإعلان صحيحاً .
البيان الخامس: اسم وصفة من سلمت إليه صورة الورقة وتوقيعه علي الأصل بالاستلام، فإذا امتنع عن التوقيع، فلا تسلم إليه الورقة وإنما يتعين علي المحضر أن يسلمها في اليوم ذاته إلي مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الذي يقع موطن المحجوز لديه في دائرته، وينتج الإعلان أثره من وقت تسليم الصورة لجهة الإدارة، ويظل هذا الأثر حتى لو تم التسليم بعد الساعة الخامسة مساء لأن مناط البطلان المتعلق بتسليم الصورة بعد هذه الساعة، أن يتم الإعلان الشخص المحجوز لديه أو في موطنه لخلود المخاطب معه إلي السكينة في هذا الوقت، فلا يسري ذلك علي رجال الإدارة، فقد يتوجه المحضر إلي موطن المحجوز لديه قبل الخامسة بقليل ويمتنع المخاطب معه عن تسلم الصورة، وقد أوجب القانون تسليمها في ذات اليوم لجهة الإدارة، وقد يصل إليها بعد الخامسة.
البيان السادس: توقيع المحضر علي كل من الأصل والصورة، وهذا البيان هو الذي يضفي الرسمية على ورقة الحجز وبدونه تخرج عن نطاق أوراق المحضرين فلا تكون لها أية حجية فيما تضمنته ويتحتم القضاء ببطلانها وهو بطلان مطلق تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، ويجوز لقاضي التنفيذ عند نظر المنازعة الوقتية بعدم الاعتداء بالحجز أن يتصدى لهذا الوجه من ظاهر الأوراق، لا ليقضي ببطلان الحجز وإنما ليصدر حكماً وقتياً بعدم الاعتداد به، إذ له أن يقيم هذا القضاء علي عناصر موضوعية دون أن يكون بذلك قد تعرض لأصل الحق، وله أن يتصدى لهذا الوجه من تلقاء نفسه ولو لم يتمسك به الخصوم.
كما يجب أن تتضمن ورقة الحجز البيانات التي نصت عليها المادة (328) من قانون المرافعات على نحو ما يلي:
(1) صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه أو إذن القاضي أو أمره بتقدير الدين. وأوضحنا فيما تقدم أن حجز ما للمدين لدي الغير يجوز توقيعه بسند تنفيذي أو حكم سواء كان واجب النفاذ أو غير واجب النفاذ، فإذا كان السند أو الحكم لم يتضمن تقديراً للدين فلا يجوز توقيع الحجز إلا بعد استصدار أمر بتقديره من قاضي التنفيذ، وحينئذ يتوقع الحجز بموجب السند التنفيذي أو الحكم مكملاً بأمر تقدير الدين. وهو ما يوجب إرفاق صورة كل من السند التنفيذي أو الحكم وصورة أمر التقدير.
فإن لم يكن بيد الدائن سند تنفيذي أو حكم، فلا يجوز توقيع الحجز إلا بموجب أمر من قاضي التنفيذ يأذن فيه بالحجز ويقدر به الدين، ويتعين أن يتضمن إعلان الحجز صورة هذا الأمر.
ولما كان أمر الحجز وتقدير الدين يصدر على عريضة تسلم نسختها للدائن، فإنه يتعين إرفاقها وصورة منها بورقة الإعلان، لتسلم الصورة وصورة الإعلان للمحجوز لديه عند إعلانه، فإن كان الحجز قد توقع بسند تنفيذي أو حكم لم يتضمن تقديراً للدين، فإن هذا السند أو الحكم يرفق وصورته بورقة الإعلان فضلاً عن أمر تقدير الدين وصورته، حتى تسلم صورة من كل من السند أو الحكم وأمر التقدير وورقة الإعلان للمحجوز لديه.
فإن كان السند التنفيذي أو الحكم قد تضمن تقديراً للدين، فيوقع الحجز بموجبه دون حاجة لاستصدار أمر بتقدير الدين، وتتضمن ورقة الحجز صورة منه.
(2) بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله وفوائده ومصاريف الحجز، والفوائد المشار إليها هي الفوائد التي استحقت عند إعلان ورقة الحجز وما يستحق منها عن سنة واحدة على ما أوضحناه فيما تقدم، وليس للحاجز إضافة الفوائد القانونية إذا كان القانون يرتبها علي المطالبة القضائية، أما إن كان يرتبها علي الإنذار كما في الوديعة النقدية، جاز للدائن إضافتها من وقت الإنذار ولمدة لا تجاوز سنة من تاريخ الحجز، ويجب أن يتضمن الإعلان هذا البيان حتى لو كان الدين مقدراً في السند الذي تم توقيع الحجز بموجبه.
(3) نهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلي المحجوز عليه أو تسليمه إياه مع تعيين المال المحجوز عليه تعييناً نافياً لكل جهالة، فإن كان الحجز علي دين في الذمة، اقتصر النهي علي الوفاء به، أما إن كان على منقول معين بذاته تعيين تعيينه على نحو ينفي كل تجهيل به، وإذا توقع الحجز على أموال المحجوز عليه جميعها، شمل النهي للمدين في الذمة وكل منقول لدى المحجوز لديه دون حاجة إلي تعيينه في هذه الحالة.
(4) تعيين موطن مختار للحاجز فى البلدة التى بها مقر محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه، وذلك حتي يعلنه به المحجوز لديه بالأوراق التي تتعلق بهذا الحجز وبصحف الدعاوى ومنازعات التنفيذ.
(5) تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في ذمته خلال خمسة عشر يوماً، تبدأ اعتباراً من اليوم التالي للإعلان، فإن صادف عطلة رسمية امتد لأول يوم عمل بعدها.
ومتى تم الإعلان على نحو ما تقدم، ترتب على ذلك اعتبار حجز ما للمدين لدي الغير قد توقع، دون حاجة لإعلان المدين المحجوز عليه بأية ورقة ولو كان الحجز قد توقع بسند تنفيذي، إذ لم يتطلب القانون اتخاذ مقدمات التنفيذ في هذا الحجز. بطلان حجز ما للمدين لدي الغير تتضمن ورقة الحجز بيانات متعلقة بأوراق المحضرين وأخرى متعلقة بحجز ما للمدين لدي الغير على نحو ما تقدم، ويتعين لصحة الحجز أن تتوافر في كل من هذه البيانات مقومات صحته، فإن شاب أحدها البطلان، كان الحجز باطلاً وبالتالي كان محلاً للمنازعة الوقتية أو الموضوعية، وتنحصر المنازعة الوقتية في دعوى التنفيذ المستعجلة بعدم الاعتداد محلاً بالحجز، ويختص بها قاضي التنفيذ دون غيره حتى لو كانت دعوى الحق وصحة الحجز قد رفعت إلى المحكمة المختصة، ويتعين عليه أن يتحقق من توافر شرط الاستعجال بأن يخشى من فوات الوقت مما يترتب عليه الإضرار بالمحجوز عليه، وعدم المساس بأصل الحق كما يجوز رفع دعوى تنفيذ موضوعية ببطلان الحجز ويغني عنها التمسك ببطلان الحجز في الدعوى التي يرفعها الحاجز بالحق وصحة الحجز عندما يكون أمر الحجز الذي توقع الحجز بموجبه صادراً من قاضي التنفيذ، أو عند نظر دعوى صحة الحجز أمام المحكمة التي تنظر دعوى الحق، فإن كان أمر الحجز صادراً من قاضي الأداء، جاز تقديم عريضة إليه قبل أن يصدر أمره تتضمن البطلان الذي شاب ورقة الحجز، وحينئذ تعرض عليه مع أوراق استصدار أمر الأداء وصحة إجراءات الحجز، ومتى تحقق من بطلان الحجز، فإنه يقصر أمره على الأداء ويرفض الأمر بصحة إجراءات الحجز (راجع أوامر الأداء للمؤلف).
ولما كان حجز ما للمدين يمر بمرحلتين، تتعلق الأولي بتوقيع الحجز ويتم ذلك بمجرد إعلان المحجوز لديه، مما يحول دون رفع إشكال وقتي في الحجز إذ يشترط لقبول الإشكال أن يرفع قبل توقيع الحجز ومن ثم تقتصر المنازعة الوقتية في دعوى التنفيذ المستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز بينما تتعلق الثانية بالتنفيذ، سواء بدفع المبلغ للدائن إن كان كافياً للوفاء بدينه، أو بإيداعه خزانة المحكمة إن لم يكن كافياً لذلك، ويبيع المنقولات إن وجدت، وتخضع هذه المرحلة لجميع منازعات التنفيذ كالإشكال الوقتي ودعوى التنفيذ المستعجلة ودعوي التنفيذ الموضوعية سواء رفعت قبل التنفيذ أو بعده، والمقرر أن الوفاء للدائن الحاجز والإيداع طريقان من طرق التنفيذ الجبري يخضعان لمنازعاته.
ويترتب البطلان علي خلو ورقة الحجز من تاريخ إعلانها أو الخطأ فيه، إذ تترتب آثار الإعلان من تاريخ إجرائه، من حيث رفع دعوى الحق وصحة الحجز، أو تقديم عريضة أمر الأداء وصحة إجراءات الحجز، ومن حيث التقرير بما في الذمة، إذ تحتسب مواعيد تلك الإجراءات من تاريخ الإعلان. أما خلو ورقة الحجز من ساعة اجراء الإعلان، فلا يؤدي إلى البطلان طالما لم يقدم الدليل على أن الإعلان قد تم قبل السابعة صباحاً أو بعد الخامسة مساءً بدون إذن من قاضي الأمور الوقتية.
وإذا خلت ورقة الحجز من اسم الحاجز أو المحجوز لديه، كان الحجز باطلاً، أما إذا تضمنت الاسم ولكنه كان ناقصاً أو به خطأ، فإن الحجز لا يكون باطلاً إلا إذا أدي ذلك إلى التجهيل أو التشكيك في أي منهما.
وإذا خلت ورقة الحجز من اسم المحضر، فلا يترتب على ذلك بطلان الحجز متى كان يوجد توقيع عليها منسوب صدوره للمحضر ولو لم يكن مقروءاً، أما إذا تضمنت الورقة اسم المحضر وخلت من توقيعه كان الحجز باطلاً بطلاناً مطلقاً على نحو ما أوضحناه فيما تقدم بصدد هذا البيان.
وإذا خلت ورقة الحجز من اسم وصفة من سلمت إليه الصورة وتوقيعه علي الأصل بالاستلام حتى يمكن معرفة ما إذا كان من الأشخاص الذين يجوز تسليمهم الصورة من عدمه، ترتب البطلان على مخالفة ذلك أو كان الاسم غير مقروء ولا يلتزم المحضر بالتحقق من صحة من سلمت إليه الصورة.
وتنص المادة (328) من قانون المرافعات على أن يكون الحجز باطلاً إن لم تشتمل ورقته على البيانات 1، 2، 3 الواردة بها، وهي المتعلقة باشتمال ورقة الحجز على صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه أو إذن القاضي بالحجز أو أمره بتقدير الدين، وبيان أصل المبلغ المحجوز من أجله وفوائده والمصاريف ونهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلي المحجوز عليه أو تسليمه إياه مع تعيين الشيء المحجوز تعييناً نافياً لكل جهالة.
أما البيان الرابع المتعلق بتعيين موطن مختار للحاجز، فلا يترتب على إغفاله البطلان إذ يجوز في هذه الحالة إعلان الحاجز بالمنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء رفعت من المحجوز عليه أو المحجوز لديه أو الغير، وذلك في قلم كتاب محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه.
ويكون الحجز باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام في حالة واحدة فقط عندما تكون ورقة إعلان الحجز خالية من توقيع المحضر، وحينئذ يجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان، كالمحجوز عليه والمحجوز لديه والمحال له بعد الحجز والحاجز اللاحق، كما يجوز للمحكمة ولقاضي الأداء ولقاضي التنفيذ التصدي لهذا البطلان ولو لم يتمسك به الخصوم، أما ما عدا ذلك من أوجه البطلان، فلا شأن له بالمصلحة العامة وإنما هو مقرر لكل ذي مصلحة کالمحجوز عليه والمحجوز لديه والمحال له بحوالة نافذة بعد الحجز حتي لا يحتج عليه به وتخلص له ملكية المحجوزات مما يحول دون إعادة الحجز عليها لخروجها من ملكية المدين بالحوالة ونفاذها بالنسبة للغير، كما يجوز للحاجز اللاحق التمسك بالبطلان حتى لا يزاحمه الحاجز السابق عندما يقضي ببطلان حجزه.
فإن كان المحجوز لديه قد قام بالوفاء بالدين الذي في ذمته بإيداعه خزانة المحكمة بعد التقرير بما في ذمته، ولم ينازعه الحاجز أو المحجوز عليه، فلا تكون له مصلحة في التمسك ببطلان الحجز إذا اختصم في دعوى ثبوت الحق وصحة الحجز، إذ المقرر أن المصلحة مناط قبول الدعوي أو الدفع، لكن إذا نازعه أي منهما رغم هذا الوفاء كانت له مصلحة في التمسك ببطلان الحجز ليتحلل من الواجبات التي يفرضها عليه قيامه والتي قد تؤدي إلى إلزامه بالدين، فإن لم يكن قد اختصم في الدعوى، جاز له التدخل فيها وفقاً للقواعد العامة.
حوالة الحق وحجز ما للمدين لدى الغير:
أن المحال له بالحق المحجوز عليه يجوز له التمسك ببطلان حجز ما للمدين لدي الغير لتخلص له ملكيته التي حال الحجز دونها لأسبقيته عليها، ويجوز للمحال له التدخل في دعوى الحق وصحة الحجز للتمسك ببطلان الحجز في الحالة التي يكون فيها أمر الحجز صادراً من قاضي التنفيذ، وتتوافر له الصفة والمصلحة مما يوجب قبول تدخله للدفاع عن حقه، فإن كان أمر الحجز صادراً من قاضي الأداء، جاز للمحال له أن يتقدم بعريضة إلي قاضي الأداء ببطلان الحجز، وحينئذ يأمر بالأداء ويرفض الأمر بصحة إجراءات الحجز علي نحو ما تقدم، فإن كان أمر الحجز صادراً من جهة إدارية، جاز له المنازعة فيه أمام قاضي التنفيذ استناداً لهذا البطلان، بمنازعة وقتية بعدم الاعتداد بالحجز أو بمنازعة موضوعية.
توقيع حجز قبل نفاذ حوالة الحق :
تضمنت المادة (313) من القانون المدني مناط نفاذ الحوالة قبل الغير، فاذا أوقع دائن المحيل حجزاً علي الحق محل الحوالة تحت يد المحال عليه قبل نفاذ الحوالة قبل الغير، فان الحجز يكون صحيحاً عملاً بالمادة 314 من القانون المدني رغم أنه وفقاً لقواعد حوالة الحق ينتقل الحق إلى المحال له فور إبرام الحوالة، ولكن إذا إراد المحال له الاحتجاج بالحوالة في مواجهة غير المحيل، وجب أن تكون نافذة بالنسبة للغير. ومتى تم توقيع الحجز قبل نفاذ الحوالة قبل الغير، كانت الحوالة بمثابة حجز ثان، فإن كان الحق الذي ورد عليه الحجز الحوالة يكفي، استوفي كل من الحاجز والمحال له حقه، أما إن لم يكن كافياً، وجب علي المحجوز لديه وهو المحال عليه، إيداع مبلغ الدين خزانة محكمة التنفيذ لتولي قاضي التنفيذ بمحكمة موطن المحجوز لديه توزيع حصيلة التنفيذ وفقاً لقسمة الغرماء أي بنسبة كل من دين الحاجز ومبلغ الحوالة منسوباً إلى جملة حصيلة التنفيذ.
ويجب التوزيع حصيلة التنفيذ وفقاً لقسمة الغرماء، أن يكون الحجز صحيحاً، سواء كان قضائياً أو إدارياً، فان شابه البطلان أو اعتبر كأن لم يكن، وتمسك المحال له بذلك بموجب دعوي تنفيذ موضوعية يرفعها أمام قاضي التنفيذ بموطن المحال عليه، وقضي له بذلك، زال الحجز وزال التزاحم الذي كان قائماً بين المحال له وبين الحاجز وترتب على ذلك أن يتقدم المحال له علي الحاجز في استيفاء الحق محل الحوالة.
فإذا كان الحجز تحفظياً، ورفع الدائن الحاجز الدعوى بالحق وصحة الحجز، جاز للمحال له التدخل فيها للتمسك ببطلان الحجز في الحالة التي يكون أمر الحجز صادراً من قاضي التنفيذ، وتتوافر للمحال له الصفة والمصلحة في طلباته مما يوجب قبول تدخله للدفاع عن حقه، فإن كان أمر الحجز صادراً من قاضي الأداء، جاز للمحال له أن يتقدم بعريضة إلى قاضي الأداء ببطلان الحجز، وحينئذ يأمر بالأداء ويرفض صحة الحجز أو يحدد جلسة لنظر الدعوى فيتدخل فيها المجال له على نحو ما تقدم، فان صدر الأمر بالأداء وصحة الحجز أو قضي بذلك في أمر الرفض، قسمت حصيلة التنفيذ قسمة غرماء.
ولما كان يترتب على عقد البيع الابتدائي أن يكون للمشتري ثمر المبيع من وقت تمام البيع على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، وبالتالي يكون للمشتري الحق في الأجرة التي تستحق في ذمة المستأجر، ومناط التزام المستأجر بالوفاء بالأجرة للمشتري بعقد ابتدائي أن يكون البائع قد حول للمشتري عقود الإيجار وأن تكون هذه الحوالة قد نفذت في حق المستأجر باعلانه بها بوجه رسمي أو بقبوله لها صراحة أو ضمناً، ويتحقق القبول الضمني بالوفاء بالأجرة للمشتري كمحال له، وحتي ينفذ هذا القبول في مواجهة الغير، وجب أن يكون ثابت التاريخ، وإلا فلا يحاج به الغير، ولما كان دائن المحيل، يعتبر من طبقة الغير بالنسبة لحوالة الحق، وبالتالي فإن حوالة عقود الإيجار من البائع إلى المشتري لا تنفذ في حقه إلا إذا أعلن بها المستأجر بوجه رسمي أو قبلها متى كان هذا القبول ثابت التاريخ وفقاً لما يتطلبه قانون الإثبات، فإن لم تنفذ تلك الحوالة على هذا النحو، وأوقع دائن المحيل حجزاً على الأجرة تحت يد المستأجر، كان لهذا الدائن التنفيذ على الأجرة لعدم وجود من يزاحم الدائن الحاجز في استحقاقها، إذ لا يكفي إبرام عقد بيع ابتدائي حتى يستحق المشتري الأجرة وإنما يلزم حوالة عقد الإيجار إليه وتكون تلك الحوالة نافذة قبل الغير. فاذا نفذت الحوالة قبل الغير بعد توقيع الحجز، كانت بمثابة حجز ثان واقتسم الحاجز والمحال له المشتري الأجرة قسمة غرماء. مما مفادة أن الدائن الحاجز في هذه الحالة يكون مستحقاً لجزء من الأجرة بنسبة دينه طالما زاحمه المحال اليه فيها، فان لم يزاحمه بسبب عدم نفاذ الحوالة، اختص الدائن الحاجز وحده بالأجرة وانفرد بالتنفيذ عليها.
توقيع حجز بعد نفاذ حوالة الحق :
يترتب على نفاذ حوالة الحق في مواجهة الغير بإعلان المحال عليه بها أو قبوله لها قبولاً ثابت التاريخ، أن الغير يحاج بالحوالة، وبالتالي يحتج عليه المحال له بأن الحق قد إنتقل إليه قبل توقيع الحجز، ويكون الحجز قد ورد على مال غير مملوك للمدين الحاجز فيكون باطلاً، لأن ملكية المال المحجوز عليه للمدين المحيل شرط لصحة الحجز فإن لم يكن مملوكاً للمدين، كان الحجز باطلاً، مما يحول دون الحاجز واقتسام حصيلة التنفيذ مع المحال له، وطالما تم توقيع الحجز، وجب علي المحجوز لديه وهو المحال عليه، عدم الوفاء بالدين رغم بطلان الحجز إلا بعد رفع الحجز رضاء أو بحكم من قاضي التنفيذ في دعوي تنفيذ موضوعية يرفعها المحال له بطلب بطلان الحجز مع استحقاقه لمبلغ الحوالة وإلزام المحال عليه بالوفاء له به.
فإن كان المبلغ الثابت في ذمة المحال عليه يجاوز المبلغ محل الحجز، فإن بطلان الحجز ينحصر في مبلغ الحوالة، تمكيناً للمحال له من استيفاء حقه، أما ما جاوز هذا المبلغ، فيظل للمحيل ويكون الحجز الوارد عليه صحيحاً.
توقيع حجزين قبل وبعد نفاذ الحوالة :
إذا أوقع دائن حجز قبل نفاذ الحوالة، ثم أوقع دائن آخر حجز بعد نفاذها، فلا تسري القواعد المتقدمة على إطلاقها بالنسبة للحجز الذي توقع بعد نفاذ الحوالة وإنما يتعين الاعتداد في الحدود التي لا تضر بالمحال له، وبالتالي فإن حصيلة التنفيذ تقسم بين الثلاثة، الحاجز الأول والمحال له والحاجز المتأخر، فان كانت الحصيلة كافية، استوفي كل من هؤلاء حقه، أما إن لم تكن كافية، قسمت حصيلة التنفيذ بينهم قسمة غرماء، فان أسفرت عن عدم استيفاء المحال له حقه كاملاً، وجب تكملة حقه من حصة الحاجز المتأخر.
رسوم محضر التقرير بما في الذمة:
يجب على الحاجز قبل تقديم إعلان الحجز إلي قلم المحضرين أن يودع بقلم کتاب محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه مبلغاً كافياً لأداء رسم التقرير بما في الذمة وحينئذ يؤشر قلم الكتاب بهذا الإيداع علي أصل الإعلان وصورته التي تسلم للمحجوز لديه عند إعلانه بالحجز، فإن لم يتم الإيداع علي هذا النحو تعين على قلم المحضرين أن يمتنع عن إعلان الحجز، فإن لم يتنبه لذلك وقام بالإعلان رغم عدم سداد الرسم، فلا يؤدي ذلك إلى بطلان الحجز وإنما يجيز للمحجوز لديه ألا يقرر بما في ذمته خلال الأجل المقرر، وللحاجز تدارك ذلك بأن يودع الرسم ويعلن به المحجوز لديه فيبدأ میعاد التقرير بما في الذمة من وقت هذا الإعلان.
ولما كان مناط سداد الرسم هو التقرير بما في الذمة، فلا يلتزم الحاجز بهذا الرسم إذا أوقع الحجز تحت يد إحدى الجهات المنصوص عليها بالمادة (340) من قانون المرافعات والتي لا تقرر بما في ذمتها وإنما تعطي للحاجز شهادة إذا طلب منها ذلك.
حجز ما للمدين لدي الغير الإداري
توقيع الحجز الإداري لما للمدين لدى الغير:
للجهة الإدارية، كمصلحة الضرائب أو هيئة التأمينات الاجتماعية أو غيرها أن توقع حجزاً إدارياً على ما لمدينها لدى الغير من المبالغ والديون ولو كانت مؤجلة أو معلقة علي شرط وما يكون له من منقولات في يد الغير، ويتم توقيع الحجز بموجب محضر حجز يعلن إلي المحجوز لديه بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول يتضمن قيمة المبالغ المطلوبة وأنواعها وتاريخ واستحقاقها ونهي المحجوز لديه عن الوفاء للمحجوز عليه أو تسليمه ما في يده وتكليفه التقرير بما في ذمته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإعلان.
والسبيل الوحيد لإثبات حصول إعلان المحجوز لديه بمحضر الحجز هو تقديم علم الوصول الدال عليه، ولا يكون الحجز صحيحاً إلا إذا سلم الكتاب الموصى عليه المتضمن محضر الحجز إلي شخص المحجوز لديه أو إلي من تكون له صفة النيابة عنه في استلامه بناء علي توكيل خاص بذلك وإلا كان الحجز باطلاً، فلا يكفي تسليم الكتاب لأحد المقيمين مع المحجوز لديه أو زوجه أو أقربائه أو تابعيه، فإن كان الحجز موقفاً من مصلحة الضرائب فيسلم الكتاب الذي تضمنه إلى المحجوز لديه نفسه أو إلي نائبه أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره بعد تحقق عامل البريد من صفة من يتسلم الكتاب والتوقيع منه ، فإن لم يسلم علي هذا النحو كان الحجز باطلاً .
وإن لم يتضمن محضر الحجز قيمة المبالغ المطلوبة أو نهي المحجوز لديه عن الوفاء، كان الحجز باطلاً، ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك بهذا البطلان کالمحجوز لديه والمحجوز عليه والمحال له بالحق المحجوز عليه والحاجز اللاحق .
تقرير المحجوز لديه إداريا بما في ذمته :
علي المحجوز لديه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بمحضر الحجز أن يخطر مندوب الحاجز بكل ما لديه للمدين وبياناته ولا يعفى من هذا الإخطار إن كان غير مدين للمحجوز عليه وحينئذ يتضمن الإخطار براءة ذمته من أي شيء للأخير، ويكون الإخطار بكتاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول أو بتسليمه لمندوب الحاجز مقابل إيصال، وعلى المحجوز لديه خلال أربعين يوماً من تاريخ إعلانه بمحضر الحجز أن يؤدي للحاجز ما أقر به أو ما يفي منه بحق الحاجز والمصروفات أو يودعه خزانة الجهة الإدارية إذا كان قد حل ميعاد الأداء وإلا جاز التنفيذ علي أمواله إدارياً بموجب محضر الحجز. فإن لم يؤد المبلغ المحجوز من أجله والمصروفات المندوب الحاجز أو يودعه خزانة الجهة الإدارية خلال أربعين يوماً سالفة البيان، جاز الاستمرار في إجراءات البيع، وذلك عملاً بالمادتين (31)، (33) من قانون الحجز الإداري.
وكانت المادة (27) من ذات القانون تنص على أن المنازعات في التنفيذ الإداري الذي يباشره مندوب الحاجز على المنقولات لدي المدين لا يترتب عليها وقف اجراءات الحجز والبيع، سواء تعلقت بأصل المطلوبات أو بصحة الحجز أو بالاسترداد، وتم تعديل تلك المادة بالقانون رقم 30 لسنة 1972، وأصبح يترتب على رفع الدعوى بالمنازعة في أصل المبالغ المطلوبة أو في صحة إجراءات الحجز أو باسترداد الأشياء المحجوزة وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين إلي أن يفصل نهائياً في النزاع.
وإذ ظلت نصوص حجز ما للمدين لدي الغير الإداري على ما كانت عليه، فإن المنازعة التي ترفع في شأنه لا يترتب عليها وقف البيع على نحو ما تقدم ويجوز للجهة الحاجزة مطالبة المحجوز لديه شخصياً بأداء المبلغ المحجوز من أجله مع المصروفات إذا لم يقدم التقرير في الميعاد أو كان مخالفاً للحقيقة أو أخفي الأوراق الواجب عليه تقرير الحقيقة عنها، وتكون المطالبة بموجب دعوى ترفع إلى المحكمة المختصة قيماً، وللجهة الإدارية تنفيذ الحكم بالطريق الإداري.
تعدد الحجوز:
إذا تعددت الحجوز لدى الغير خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان محضر الحجز. وكان المبلغ المحجوز لا يكفي للوفاء بها، تعين على المحجوز لديه إيداعه خزانة المحكمة. فإن وقعت حجوز بعد هذا الميعاد، فلا يكون لها أثر إلا فيما زاد على دين الحاجز إدارياً والمصروفات، ولو كنت ديوناً ممتازة.
ويتولى قاضي التنفيذ بمحكمة موطن المحجوز لديه، توزيع حصيلة التنفيذ وفقاً لقسمة الغرماء في حالة عدم كفاية تلك الحصيلة للوفاء بكل الديون. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء العاشر، الصفحة :30)
يجب أن يشتمل إعلان الحجز إلى المحجوز لديه فضلاً عن البيانات المنصوص عليها في المادة البيانات العامة المنصوص عليها في أوراق المحضرين وعملاً بنص المادة يكون الحجز باطلاً إذا لم يشتمل الإعلان على بيان من البيانات الثلاثة الأولي أما إذا اغفل البيانين الآخرين فلا يترتب أي بطلان ففي حالة عدم اتخاذ موطن مختار للحاجز يجوز للمحجوز لديه إعلان الحاجز في قلم كتاب المحكمة المختصة بالأوراق التي تتعلق بالحجز عملاً بالمادة 12 وعدم تكليف الحاجز المحجوز لديه في إعلان الحجز بالتقرير بما في ذمته يعفيه من هذا التقرير ولا يكون ملزماً إلا بعد تكليفه بذلك في إعلان مستقل. والملاحظ أن البطلان المنصوص عليه في المادة لا يتعلق بالنظام العام ويزول الحق في التمسك به إذا تنازل عنه من شرع لمصلحته صراحة أو ضمناً وقد ذهب رأي إلي أنه يجوز لكل ذي شأن أن يتمسك بالبطلان المنصوص عليه في هذه الحالة كالمحجوز عليه والمحجوز لديه والمحال إليه وذهب رأي آخر إلى أنه لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع لمصلحته وهو المحجوز لديه (التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص549 وما بعدها وهو من أنصار الرأي الأخير والتنفيذ للدكتور رمزي سيف ص 303 وهو من أنصار الرأي الأول).
وذهب رأي ثالث إلي أن البطلان مقرر لمصلحة المحجوز لديه والمحجوز عليه كليهما فيجوز لهما وحدهما التمسك به الدكتور فتحي والي بند 164).
ونرى أن الرأي الأول هو الذي يتفق وأحكام القانون وقد أخذت به محكمة النقض.
وإذا قام المحجوز لديه بالوفاء للمحجوز عليه على الرغم من إعلانه بالحجز فإنه لا يحتج به على الحاجز، وله أن يلزم المحجوز لديه بالوفاء مرة أخري، ويعد الوفاء في ذاته صحيحا بين المحجوز عليه والمحجوز لديه.
أثر الحجز بالنسبة للمحجوز لديه:
أولا: قطع التقادم إذ ينقطع بإعلان ورقة الحجز التقادم الساري لمصلحة المحجوز لديه في مواجهة المحجوز عليه في مواجهة المحجوز عليه وذلك عملاً بالمادة 383 مدني والتي تقضى بانقطاع التقادم بالحجز، وذلك على سند من أن الحاجز بتوقيع الحجز تحت يد المحجوز لديه إنما يستعمل حق مدينه المحجوز عليه قبل المحجوز لديه في مطالبة الأخير بما في ذمته.
ثانيا: منع المحجوز لديه من الوفاء لدائنه المحجوز عليه وامتناع المقاصة التي تتوافر شروطها بعد الحجز، ذلك أن المادة أوجبت أن تشتمل ورقة الحجز على نهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلي المحجوز عليه أو تسليمه إياه وبالنسبة للمقاصة فقد نصت المادة 367 من القانون المدني على أنه لا يجوز أن تقع المقاصة إضراراً بحقوق کسبها للغير. فإذا أوقع الغير حجزاً تحت يد المدين ثم أصبح المدين دائن لدائنه فلا يجوز له أن يتمسك بالمقاصة إضراراً بالحاجز، وعلى ذلك فالمقاصة التي تتوافر شروطها قبل الحجز تنفذ وقسري ويترتب عليها انقضاء دين المحجوز لديه كله أو بعضه، ويشترط أن تكون المقاصة في هذه الحالة مقاصة قانونية تقع بقوة القانون عند توافر شروطها المبينة في القانون المدني، أما المقاصة القضائية فلا تقع إلا بعد صدور الحكم بها ومن ثم يجب أن يكون الحكم بالمقاصة قد صدر قبل توقيع الحجز لأن المقاصة القضائية لا تقع إلا بحكم.
أثر الحجز بالنسبة للمحجوز عليه:
يمتنع على المحجوز عليه التصرف في المال المحجوز عليه بما يؤثر على حقوق الحاجز وإن تصرف فأن لا يسري في حق الحاجز، على أن الحجز لا يخرج المال المحجوز من ملك المدين، ويترتب على هذا ذلك النتائج الآتية:
1- أن المحجوز عليه أن يتخذ ما يراه من الإجراءات التحفظية في مواجهة مدينة المحجوز لديه وذلك للمحافظة على ماله.
2- إن للمحجوز عليه مطالبة المحجوز لديه بالوفاء وذلك بالإيداع في خزانة المحكمة.
3- إن الحجز لا يحرم المحجوز عليه من إنهاء العلاقة القانونية بينه وبين المحجوز لديه إذا جد ما يبرر ذلك فله فسخ عقد الإيجار المنشئ لمديونية المحجوز لديه بالأجرة أو إنهاء عقد العمل المنشئ لدين الأجرة.
4. يترتب على أن الحجز لا يخرج المال من ملك المحجوز عليه أنه يجوز الحجز على ذات المال من قبل أي دائن آخر للمحجوز عليه وهو ما يسمي أنه لا يوجد موانع من توقيع حجز على حجز. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء السابع ، الصفحة : 381)
إعلان الحجز إلى المحجوز لديه:
يتم توقيع حجز ما للمدين لدى الغير بمجرد قيام الحاجز بإعلان المحجوز لديه بورقة تسمى ورقة الحجز، إذ بتمام إعلان هذه الورقة إعلاناً صحيحاً يكون قد تم توقيع هذا الحجز، إذ لا يشترط القانون في هذا الصدد اتخاذ مقدمات التنفيذ من إعلان للسند التنفيذي، وتكليف بالوفاء وغير ذلك من المقدمات، لأنها غير مطلوبة عند توقيع أي حجز تحفظى، وورقة الحجز التي تعلن إلى المحجوز لديه هي ورقة من أوراق المحضرين، ولذلك يجب أن يتوافر فيها جميع بيانات أوراق المحضرين المنصوص عليها في المادة التاسعة من قانون المرافعات، ولكن بالإضافة إلى هذه البيانات العامة هناك بيانات خاصة نصت عليها المادة 328 من قانون المرافعات محل التعليق يجب أن تشتمل عليها هذه الورقة وهي:
1- صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه او إذن القاضي بالحجز أو أمره بتقدير الدين.
2- بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله وفوائده والمصاريف.
3- نهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه أو تسليمه إياه مع تعيين المحجوز عليه تعييناً نافياً لكل جهالة.
4- تعيين موطن مختار للحاجز فى البلدة التى بها مقر محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه.
5- تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في ذمته خلال خمسة عشر يوماً.
6- التأشير بما يدل على قيام الحاجز بإيداع مبلغ كاف لأداء رسم محضر التقرير بما في الذمة، إذ يستوجب المشرع لإعلان ورقة الحجز قيام الحاجز بإيداع رسم التقرير بما في الذمة الذي يكلف المحجوز لدية بإجرائه ويتم هذا الإيداع في خزانة محكمة المواد الجزئية التابع لها موطن المحجوز لديه أو لحسابها، ويجب أن يؤشر بالإيداع على اصل الإعلان وصورته وإذا لم يودع الحاجز. هذا الرسم فإنه لا يجوز لقلم المحضرين إعلان ورقة الحجز، هذا ويتم إعلان ورقة الحجز لشخص المحجوز لديه او في موطنه.
ويلاحظ أن البطلان المنصوص عليه في المادة 328 لا يتعلق بالنظام العام، ويزول الحق في التمسك به إذا تنازل عنه من شرع لمصلحته صراحة أو ضمناً. والراجح أنه يجوز لكل ذي شأن أن يتمسك بالبطلان المنصوص عليه في هذه الحالة كالمحجوز عليه والمحجوز لديه و المحال إليه (رمزي سیف - بند 297 ، محمد حامد فهمي - بند 341 ) ومع ذلك، ذهب البعض إلى أنه لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع لمصلحته وهو المحجوز لدية (أحمد أبو الوفا - التنفيذ - بند 314).
وذهب رأي إلى أن هذا البطلان مقرر لمصلحة المحجوز لدية والمحجوز عليه كليهما فيجوز لهما وحدهما التمسك به (فتحى والي - التنفيذ الجبري - بند 164 ).
ترتيب آثار الحجز منذ لحظة إعلانه للمحجوز لديه:
لما كان حجز ما للمدين لدى الغير يتم توقيعة بمجرد إعلان المحجوز لديه بورقة الحجز إعلاناً صحيحاً، فإن آثار هذا الحجز تترتب منذ ذلك التاريخ، سواء بالنسبة إلى المحجوز لديه أو بالنسبة إلى المحجوز عليه، ولكن هذه الآثار تكون معلقة على شرط فاسخ، فإذا لم يتم إبلاغ المحجوز عليه بتوقيع الحجز خلال الثمانية أيام التالية لإعلان المحجوز لديه أو لم ترفع دعوى صحة الحجز حيث يجب رفعها في خلال هذا الميعاد أيضاَ، فإن الحجز يعتبر كأن لم يكن وتزول آثاره .
فالعبرة في ترتيب حجز ما للمدين لدى الغير لآثاره هي تاريخ إعلان المحجوز لديه بورقة الحجز، لا بتاريخ إبلاغ المحجوز عليه أو رفع دعوى صحة الحجز حيث يجب رفعها، وأهم الآثار التي تترتب على هذا الحجز ما يلي:
آثار حجز ما للمدين لدى الغير: ترتب آثار حجز ما للمدين لدى الغير منذ إعلان الحجز للمحجوز لديه، وأهم هذه الآثار ما يلي :
- أولاً- قطع التقادم :
يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير انقطاع التقادم، والواقع أن هذا الأثر يترتب على الحجز أياً كان نوعه أی سواء كان حجزاً على ما للمدين لدى الغير أو حجزاً على المنقول لدى المدين أو حجزاً على عقارات المدين وسواء أكان الحجز حجزاً تحفظياً أو حجزاً تنفيذياً، وقد نصت علي ذلك. المادة 383 من القانون المدني بقولها ينقطع التقادم ... بالحجز وحكمة هذا النص أن الحجز ينطوي في حقيقته على معنى المطالبة بالحق والتمسك به .
وقد ذهب جانب من الفقه (فنسان - التنفيذ- بند 135 - ص 194 محمد حامد فهمي - بند 260 ص 223 رمزی سیف بند 325 ص 345) إلى أن تقادم حق الدائن الحاجز قبل مدينه لا ينقطع بمجرد الحجز أي بمجرد إعلان ورقة الحجز إلى المحجوز لديه بل ينقطع بإجراء لاحق هو إبلاغ الحجز إلى المدين، وعلة ذلك تكمن في أن قطع التقادم إنما يكون بعمل موجه إلى المدين، بينما إعلان حجز ما للمدين لدى الغير لا يوجه إلى المدين، وإنما يوجه إلى الغير أي المحجوز لديه.
ولكننا نرى مع البعض (عبد الرزاق السنهورى - الوسيط - ج 3 بند 631 ص 113 ، أحمد أبو الوفا - التنفيذ - بند 265 ص 607 ، فتحی والی - بند، 203 ص 397 ، وأيضا نقض مدني 1975/4/30 - لسنة 26 ص 873 ) أن إعلان الحجز إلى المحجوز لديه بقطع تقادم حق الدائن الحاجز، لأن الحجز يوقع بهذا الإعلان والمادة 383 تنص على أن الحجز يقطع التقادم، وهذا النص عبارته عامة تسري على كل أنواع الحجوز بما فيها حجز ما للمدين لدى الغير، كما أنه ليس في طبيعة التقادم أو قطعه أو نصوص القانون ما يستلزم لانقطاع التقادم أن يكون العمل موجها إلى المدين بل كل ما يلزم هو أن يدل العمل على حرص الدائن على حقه ولاشك أن إعلان الحجز يدل على هذا الحرص.
ويلاحظ أنه يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير فضلاً عن قطع تقادم حق الدائن الحاجز في ذمة المدين المحجوز عليه، قطع تقادم حق المدين المحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه، وذلك لأن الدائن الحاجز يستعمل حق المحجوز عليه في مواجهة مدينه المحجوز لديه، ويحافظ عليه، ومن ثم يترتب على توقيع الحجز قطع مدة تقادم الحق السارية لمصلحة المحجوز لديه في مواجهة المحجوز عليه، وأيضاً قطع مدة تقادم الحق السارية لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الدائن الحاجز.
ثانياً - منع المحجوز لديه من الوفاء للمحجوز عليه :
فقد أوجبت المادة 328 مرافعات محل التعليق - أن تشتمل ورقة الحجز على نهى المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه أو تسليمه إياه، وذلك لأن الهدف من الحجر هو وضع المال تحت يد القضاء تمهيداً لاقتضاء الدائن حقه وهذا يقضي بمنع المحجوز لديه من الوفاء إلى المحجوز عليه.
ومنع المحجوز لديه من الوفاء للمحجوز عليه يعنى حبس المال لدى المحجوز لديه وهذا الحبس هو حبس کلى لأنه لا يقتصر على ما يكون مقابلاً للدين المحجوز من أجله، وإنما يشمل كل ما شمله الحجز، بحيث يمتنع المحجوز لديه عن الوفاء بأي مبلغ في ذمته حتى ولو كان دين الحاجز ضئيلاً، إذ لا يشترط التناسب بين دين الحاجز، وما يمتنع على المحجوز لديه الوفاء به للمحجوز عليه نتيجة لتوقيع حجز ما للمدين لدى الغير.
وأساس اعتبار الحبس الذي يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير حبساً كلياً، هو أن الحجز لا يؤدى إلى اختصاص الدائن الحاجز بالمال محل التنفيذ، بل يجوز لغيره من الدائنين أن يوقعوا حجوزات جديدة على المال وهذه الحجوز قد تستغرق ما في ذمة المحجوز لديه، ولذلك إذا سمح للمحجوز لديه بالوفاء للمحجوز عليه بما يزيد على دين الحاجز فإن هذا الحاجز قد لا يحصل على حقه إذا حصل حجز آخر على المال، وكان الحاجز المتأخر متقدماً في المرتبة عليه.
إذن الحبس يشمل كل ما شمله الحجز، فإذا كان محل الحجز ديناً معيناً فإن المحجوز لديه لا يستطيع الوفاء به للمحجوز عليه حتى ولو كانت قيمته تتجاوز قيمة الدين المحجوز من أجله وإذا كان الحجز عاماً أي شاملاً لجميع ما يكون المحجوز لديه مديناً به للمحجوز عليه فإن المحجوز لديه لا يستطيع الوفاء بأي دين للمحجوز عليه حتى ولو كان الدين قد نشأ في ذمته بعد توقيع الحجز، لأن حجز ما للمدين لدى الغير إذا كان عاماً فإنه يشمل كل دين ينشأ للمحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه إلى وقت التقرير بما في الذمة، وإذا كان محل الحجز عيناً فإن الحبس لا يتناول إلا ما يكون مملوكاً للمدين وقت الحجز و موجوداً في حيازة المحجوز لديه في ذلك الوقت أي أن المحجوز لديه يمتنع عن تسليم المنقولات الموجودة في حيازته والمملوكة للمحجوز عليه له، حتى ولو كانت قيمة هذه المنقولات تجاوز قيمة الدين المحجوز من أجله .
ولاشك في أن الحبس الكلى يؤدي إلى الإضرار بالمحجوز عليه، ولذلك فقد هيأ له المشرع الوسيلة لقصر أثر الحجز، وذلك بما نص عليه في المادتين 302 ، 303 من جواز إيداع مبلغ في خزينة المحكمة يخصص للوفاء بدين الحاجز، ومن ثم يقتصر الحجز على هذا المبلغ وحده ويزول قيد الحجز عما سواه، ففي حالة تعيين دين الحاجز فإنه وفقاً للمادة 302 يودع مبلغ مساو لدين الحاجز، ويخصص الوفاء بهذا الدين، ويتم الإيداع والتخصيص بمعرفة المحجوز عليه أو المحجوز لديه أو أي شخص آخر یری القيام بهذا الإيداع والتخصيص إذ إن عبارة هذه المادة قد جاءت بصيغة المبني للمجهول فلم تقصر القيام بالإيداع والتخصيص على شخص معين ويتم التخصيص بتقرير في قلم الكتاب يحرره المودع ويقرر فيه تخصيص ما اودعه للوفاء بدين الدائن الحاجز، أما إذا كان دين الحاجز غیر معين فإنه وفقاً للمادة 303 يتم هذا التعيين برفع دعوى أمام قاضي التنفيذ بتقدير مبلغ يودع ويعتبر مخصصاً للحاجز دون حاجة إلى تقدير ذلك إذ إن التخصيص يتم في هذه الحالة بمجرد الإيداع.
ويلاحظ أنه إذا كان توقيع حجز ما للمدين لدى الغير يمنع المحجوز لديه من الوفاء إلى المحجوز عليه، فإنه يترتب عليه أيضاً منع حدوث المقاصة بين الدينين ای بین دين المحجوز عليه، وأي دين ينشأ للمحجوز لديه في ذمة المحجوز عليه بعد الحجز، لأن المقاصة بطريق من طرق الوفاء بالدين، كما أن المادة 367 من القانون التي تنص على أنه لا يجوز أن توقع المقاصة إضراراً بحقوق کسبها الغير، فإذا وقع الغير حجزاً تحت يد المدين، ثم أصبح المدين دائناً لدائنه، فلا يجوز له أن يتمسك بالمقاصة إضراراً بالحاجز.
ولكن ما جزاء الوفاء رغم الحجز ؟ إذا قام المحجوز لديه بالوفاء للمحجوز عليه على الرغم من إعلانه بالحجز، فإن هذا الوفاء لا يحتج به في مواجهة الحاجز، ولا يحول دون التنفيذ جبراً على أموال المحجوز لديه لاقتضاء الحاجز حقه، إذ للحاجز أن يلزم المحجوز لديه بالوفاء مرة أخرى له .
ورغم ذلك فإن هناك بعض الحالات الاستثنائية يحتج فيها بالوفاء على الحاجز، من ذلك حالة ما إذا كان الوفاء لا يسبب ضرراً للحاجز كما لو كان الحاجز دائناً عادياً، وتم الوفاء لدائن أخر ممتاز متقدم عليه في المرتبة، ومن ذلك أيضاً حالة ما إذا كان الحجز باطلاً لأي سبب من الأسباب المتعلقة. بشكل الإجراءات أو إذا اعتبره المشرع كأن لم يكن عملاً بالنصوص الخاصة بحجز ما للمدين لدى الغير فيجوز للمحجوز لديه إلا يعتد بأثر الحجز، ويفي للمحجوز عليه ولكن هذا الوفاء يكون على مسؤليته بحيث إذا فرض أن القضاء أصدر حكماً فيما بعد بصحة الحجز وجب عليه الوفاء من جديد لصالح الدائن الحاجز.
ثالثاً - اعتبار المحجوز لديه حارساً على المال المحجوز:
بمجرد إعلان ورقة الحجز إلى المحجوز لديه يصبح المال المحجوز تحت يد القضاء، ويعتبر المحجوز لديه بقوة القانون حارساً عليه إن كان من الأعيان أو الأسهم أو السندات، فيلتزم بالمحافظة عليها إلى حين تقديمها للبيع، فإذا بدد المحجوز لديه الأسهم والسندات وغيرها من المنقولات المحجوز عليها تحت يده إضراراً بالدائن الحاجز، فإنه يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 341 من قانون العقوبات وهي عقوبة التبديد .
رابعاً: عدم نفاذ تصرفات المحجوز عليه في المال المحجوز:
لا يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير خروج المال من ملك صاحبه وهذه قاعدة عامة تنطبق على كل أنواع الحجوز، ونتيجة لذلك فإنه يجوز الحجز على ذات المال المحجوز من جانب أي دائن آخر للمحجوز عليه، لأن المال لا يخرج بالحجز من ملك المدين بل يظل رغم الحجز مملوكاً له مما يتيح الفرصة لباقي الدائنين في القيام بتوقيع حجوز أخرى على ذات المال، كما أن الحجز لا ينشيء للحاجز الأول امتيازاً يتقدم به على غيره من الحاجزين الأخرين في استيفاء حقه من المال المحجوز ولا يخصه بهذا المال دونهم .
كذلك فإنه من نتائج عدم خروج المال بالحجز من ملك المدين، أنه يجوز له التصرف في المال بعد توقيع الحجز، وهذا التصرف يكون صحيحاً فيما بين المتعاقدين، ولكنه لا ينفذ في مواجهة الدائن الحاجز، ولذلك إذا أبطل الحجز أو اعتبر كأن لم يكن لأي سبب من الأسباب فزال أثره فإن التصرف في هذه الحالة يصبح صحيحاً نافذاً، كما أنه إذا قام المحجوز عليه بالتصرف في المال بعد توقيع الحجز ثم حصل حجز جديد على ذات المال الذي كان قد سبق حجزه فإن تصرف المحجوز عليه لا ينفذ في مواجهة الحاجز الأول لأن توقيع الحجز يمنعه من التصرف إضراراً به ولكنه يكون تصرفاً صحيحاً نافذاً في مواجهة الحاجز المتأخر الذي أوقع الحجز بعد هذا التصرف.
ولكن إذا تصرف المدين تصرفاً سابقاً على الحجز، فإن هذا التصرف يسرى في مواجهة الدائن الحاجز، لأن المال يخرج بهذا التصرف من ملك المدين، ومن ثم يكون الحجز واقعاً على غير محل .
كذلك فإنه إذا لم يحدث تصرف في المال من المدين، وتعددت الحجوز على ذات المال ولم يكن كافياً للوفاء بحقوق جميع الدائنين فإن الدائنين الحاجزين يتقاسمون هذا المال فيما بينهم قسمة غرماء.
ويهمنا في هذا الصدد توضيح مسألتين هما: التصرف في المنقول المادي بين حجزين، والحوالة بين حجزين:
(1) حالة التصرف في المنقول المادي بين حجزين:
إذا أوقع دائن حجزاً على منقول مادي مملوك للملین و موجود في حيازة الغير ثم تصرف المدين المحجوز عليه في هذا المنقول تصرفاً ناقلاً للملكية بعوض أو بدون مقابل، ثم أوقع دائن آخر حجزاً جديداً على ذات المنقول الذي كان قد سبق توقيع الحجز عليه، فإن تصرف المدين المحجوز عليه يعتبر تصرفاً صحيحاً ولكن هذا التصرف لايكون نافذاً في مواجهة الحاجز الأول، ولا يحتج به عليه لأنه لاحق لتوقيع حجزه، بينما يكون هذا التصرف، نافذاً في مواجهة الحاجز الثاني، ويحتج به عليه لأنه سابق لتوقيع هذا الحجز، ومن ثم يخرج هذا التصرف المنقول من ملك المدين فيكون الحجز الثاني قد وقع على غير محل.
ولذلك إذا تنازل الحاجز الأول عن حجزه أو زال هذا الحجز لأي سبب فإن المنقول يصبح من حق المتصرف إليه ولا يباع المنقول لمصلحة الحاجز الثاني لأنه يكون مملوكاً لغير المدين، أما إذا اتخذت الإجراءات وبيع المنقوله لمصلحة الحاجز الأول فإنه يقتضي حقه دون مشاركة من الحاجز الثاني، وإذا تبقى من ثمن المنقول شيئاً بعدم استيفاء الحاجز الأول لحقه فإن هذا الباقي يكون في حق المتصرف إليه دون الحاجز الثاني لأنه لا أثر لحجزه كما ذكرناه .
(ب) حالة الحوالة بين حجزين :
إذا وقع دائن حجزاَ على دين للمدين في ذمة الغير، ثم قام المدين المحجوز عليه بحواله حقه الذي في ذمة الغير إلى شخص آخر، وبعد أن أصبحت الحوالة نافذة. أوقع دائن آخر حجزاً جديداً على ذات الدين الذي كان قد سبق توقيع الحجز عليه.
ففي هذه الحالة تعتبر الحوالة حجزاً بالنسبة للحاجز الأول، ولكنها تعتبر حوالة نافذة ناقلة للحق بالنسبة للحاجز الثاني، وذلك وفقاً للرأي الفقهي الذي قننه المشرع المصري في المادة 2/314 من القانون المدني بقوله «إذا وقع حجز آخر بعد أن أصبحت الحوالة نافذة في حق الغير، فإن الدين يقسم بين الحاجز المتقدم، والمحال له والحاجز المتأخر قسمة غرماء، على أن يؤخذ من حصة الحاجز المتأخر ما يستكمل به المحال له قيمة الحوالة» .
وبموجب هذا النص يقسم الدين بين الحاجز الأول والمحال إليه والحاجز الثاني بحسب مقدار حق كل منهما، وبعد هذه القسمة يأخذ المحال إليه من نصيب الحاجز الثاني ما يستكمل به قيمة حوالته لأن الحوالة بالنسبة للحاجز الثاني تعتبر تصرفاً نافذاً، بينما بالنسبة الحاجز الأول تعامل الحوالة معاملة بحجز ثان على الحق بحيث يشارك المحال إليه الحاجز الأول في الحق المحجوز باعتباره حاجزاً ثانياً، وعلة اعتبار الحوالة حجزاً تكمن في أن المحال إليه يعتبر بالحوالة دائناً للمحيل (المدين المحجوز عليه)، وأساس هذه الدائنية أن المحيل يضمن للمحال إليه وجود الحق المحال، ولا يحول الحجز الأول دون نشأة هذا الدين لان الحجز لا يؤثر في أهلية المحجوز عليه، ومن ثم لا يمنعه من إنشاء التزامات جديدة في ذمته وباعتبار المحال إليه دائناً للمحجوز عليه فإن له أن يوقع حجزاً على ما لمدينه لدى الغير ويزاحم الحاجز الأول، ويتم هذه الحجز بإعلان ورقة حجز إلى الغير، ولكن لما كانت الحوالة تنفذ في مواجهة الغير بإعلانها أو قبوله إياها، فإنه منعاً لتكرار الإجراءات يعتبر إعلان الحوالة إلى الغير بمثابة إعلان حجز تحت يده، ويقاس على الإعلان قبوله الحوالة، كما أنه لا حاجة بالنسبة للحوالة إلى حكم بصحة الحجز لأن الحوالة تقتضي بطبيعتها التزام المحال عليه (الغير المحجوز لديه) بالوفاء للمحال إليه، وسوف نوضح الحل السالف الذكر بالمثال الآتي :
لو افترضنا أن مقدار الدين 3000 جنيه، دين الحاجز الأول 3000 ، قيمة الحوالة 2000 ، دين الحاجز الثاني 2000، فإنه بتقسيم المال المحجوز قسمة غرماء عملا بالمادة 2/314 من القانون المدني يكون نصيب كل خصم كالآتي:
نسبة الديون إلى بعضها 2000 :2000 : 2000 = 1 : 1 .
فيكون الحاجز الأول ⅓ مبلغ الدين، ويكون للمحال له ⅓ مبلغ الدين، ويكون للحاجز الثانی ⅓ مبلغ الدين أيضا أي أن:
حصة الحاجز الأول = 1000 جنيه، حصة المحال له = 1000 جنيه وحصة الحاجز الثانی = 1000 جنيه، ثم يؤخذ من حصة الحاجز الثاني ما يستكمل به المحال له قيمة الحوالة عملا بالمادة المتقدمة، ويبقى نصيب الحاجز الأول كما هو فيكون نصيب كل خصم بصفة نهائية كالتالي:
حصة الحاجز الأول = 1000 جنيه، حصة المحال له = 2000 جنيه ولا ينال الحاجز الثاني شيئاً.
وواضح في هذا المثال كيف أن الحوالة قد سرت في مواجهة الحاجز الأول لا باعتبارها حوالة.وإنفا باعتبارها حجراً، وكيف أن هذه الحوالة قد سرت في مواجهة الحاجز المتأخر الثاني، باعتبارها كذلك أي باعتبارها تصرفاً ناقلاً للحق. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / السادس ، الصفحة : 179 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن ، الصفحة / 116
الْبَاطِلُ لاَ يَصِيرُ صَحِيحًا بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ:
التَّصَرُّفَاتُ الْبَاطِلَةُ لاَ تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ وَعَوْدَتِهِ يُعْتَبَرُ قَائِمًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، وَلاَ يَحِلُّ لأَِحَدٍ الاِنْتِفَاعُ بِحَقِّ غَيْرِهِ نَتِيجَةَ تَصَرُّفٍ بَاطِلٍ مَا دَامَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً.
هَذَا هُوَ الأَْصْلُ، وَالْقُضَاةُ إِنَّمَا يَقْضُونَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ أَدِلَّةٍ وَحُجَجٍ يَبْنُونَ عَلَيْهَا أَحْكَامَهُمْ، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ.
وَلِذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْهُ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِمَا أَسْمَعُ، وَأَظُنُّهُ صَادِقًا، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
وَمُضِيِّ فَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ عَلَى أَيِّ تَصَرُّفٍ، مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ أَحَدٍ إِلَى الْقَضَاءِ بِدَعْوَى بُطْلاَنِ هَذَا التَّصَرُّفِ، رُبَّمَا يَعْنِي صِحَّةَ هَذَا التَّصَرُّفِ أَوْ رِضَى صَاحِبِ الْحَقِّ بِهِ. وَمِنْ هُنَا نَشَأَ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِهَا بِحَسَبِ الأَْحْوَالِ، وَبِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَبِحَسَبِ الْقَرَابَةِ وَعَدَمِهَا، وَمُدَّةِ الْحِيَازَةِ، لَكِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ سَمَاعَ الدَّعْوَى لاَ أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ، إِنْ كَانَ بَاطِلاً. يَقُولُ ابْنُ نُجَيْمٍ الْحَقُّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ.
وَيَقُولُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، إِلاَّ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: لَوْ قَضَى بِبُطْلاَنِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ.
وَفِي التَّكْمِلَةِ لاِبْنِ عَابِدِينَ: مِنَ الْقَضَاءِ الْبَاطِلِ: الْقَضَاءُ بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ سِنِينَ. ثُمَّ يَقُولُ. عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلاَثِينَ سَنَةً، أَوْ بَعْدَ الاِطِّلاَعِ عَلَى التَّصَرُّفِ، لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلاَنِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقَضَاءِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى، مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ.
وَفِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لأَِنَّهَا شَهَادَةٌ بِحَقٍّ، فَجَازَتْ مَعَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ - وَإِنْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى حِيَازَةَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةً تَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ - إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْمُدَّعِي حَاضِرًا مُدَّةَ حِيَازَةِ الْغَيْرِ، وَيَرَاهُ يَقُومُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَهُوَ سَاكِتٌ. أَمَّا إِذَا كَانَ يُنَازِعُهُ فَإِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُفِيدُ شَيْئًا مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَفِي فَتْحِ الْعَلِيِّ لِمَالِكٍ رَجُلٌ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضٍ بَعْدَ مَوْتِ أَهْلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، مَعَ وُجُودِ وَرَثَتِهِمْ، وَبَنَاهَا وَنَازَعَهُ الْوَرَثَةُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مَنْعِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ بَلْدَتِهِمْ، فَهَلْ لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا؟ أُجِيبَ: نَعَمْ. لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا... سَمِعَ يَحْيَى مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ عُرِفَ بِغَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ لاَ يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ، فَلاَ يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، وَإِنْ طَالَ بِيَدِهِ أَعْوَامًا إِنْ أَقَرَّ بِأَصْلِ الْمِلْكِ لِمُدَّعِيهِ، أَوْ قَامَتْ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لاَ خِلاَفَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُوجِبُ الْمِلْكَ، وَإِنَّمَا هِيَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ تُوجِبُ تَصْدِيقَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِيمَا ادَّعَاهُ مَنْ تَصِيرُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ، وَهُوَ حَاضِرٌ لاَ يَطْلُبُهُ وَلاَ يَدَّعِيهِ، إِلاَّ وَقَدْ صَارَ إِلَى حَائِزَةٍ إِذَا حَازَهُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا.