موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

عدل المشروع في المادة 349 منه من حكم المادة 573 من القانون القديم بما يتفق وما ذهب إليه من طريق لرفع الدعاوى فلم يستلزم أن يتضمن إعلان محضر الحجز تحت يد النفس تكليف المعلن إليه الحضور لسماع الحكم بصحة الحجز وإنما اكتفى بأن ترفع الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز في مدى ثمانية أيام من إعلان الحجز وهو ما يكون بإيداع صحيفتها قلم الكتاب على النحو المعتاد.

 

الأحكام

1 ـ للمتعاقد فى العقود الملزمة للجانبين الحق فى الامتناع عن تنفيذ التزامة إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به إعمالا لنص المادة 161 من القانون المدنى ، إلا أن هذا الحق لا يحرمه - إن كان دائنا للمتعاقد الآخر - من استصدار أمر من القاضى المختص بتوقيع الحجز التحفظى تحت يد نفسه على ما يكون مدينا به لمدينه إعمالا لنص المادتين 316 و349 من قانون المرافعات ، وتقدير مدى تحقق وجود هذا الدين وتوافر الخشية من فقد الدائن لضمان حقه أمر متروك لسلطة محكمة الموضوع التقديرية بعيدا عن رقابة محكمة النقض .

(الطعن رقم 440 لسنة 45 جلسة 1979/06/25 س 30 ع 2 ص 746 ق 327)

2 ـ لئن كان القانون 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى المعدل بالقانون 181 لسنة 1959 قد نص فى المادة 31 منه على أنه " يجب على المحجوز لديه خلال أربعين يوماً من تاريخ إعلانه بالحجز أن يؤدى إلى الحاجز ما أقر به ، أو ما بقى منه بحق الحاجز و المصرفات ، أو يودعه خزانة الجهة الإدارية الحاجزه لذمتها ...... و إلا جاز التنفيذ على أمواله إدارياً بموجب محضر الحجز ذاته .... , و فى المادة 33 على أن " يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير حبس كل ما يستحق للمحجوز عليه " و فى المادة 35 على أن " إداء المبالغ أو تسليمه الأشياء المحجوزه يبرىء ذمة المحجوز لديه منها قبل الدائن . و يعتبر الإيصال المسلم من الحاجز للمحجوز لديه بمثابة إيصال من الدائن نفسه ، و كان مناط إعتبار ما يودعه المشترى خزانة المحكمة من مبالغ للوفاء بباقى الثمن مبرئاً لذمته ألا يعلق صرف هذه المبالغ للبائع على شرط لا يحق له فرضه ، لما كان ذلك ، و كان الثابت بالأوراق أن الطاعنين تمسكاً أمام محكمة الموضوع بأنهما قاما بالوفاء بكامل الثمن المتفق عليه بأن دفع أولهما الى مصلحة الضرائب و هيئة التأمينات الاجتماعية مبلغ 7345 جنيه تنفيذاً للحجزين الإداريين الموقعين منهما على ما للمطعون ضده الأول تحت يد هذا الطاعن ، و أودعا مبلغ 7655 جنية خزانة المحكمة على ذمة صرفه للمطعون ضده بشرط رفع هذين للحجزين - و هو شرط يحق لهما فرضه - و كان الحكم المطعون فيه قد إعتبر هذا الإيداع و ذلك الوفاء غير مبرئين لذمتى الطاعنين فى مواجهة المطعون ضده تأسيساً على أن الإيداع مشروط و أن الوفاء تم لغير الدائن و دون أن يعرض لأثر توقيع الحجزين الإداريين المشار إليهما - فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه و شابه قصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 2699 لسنة 56 جلسة 1988/03/22 س 39 ع 1 ص 455 ق 92)

شرح خبراء القانون

إذا وجدت علاقة دائنية بين شخصين، ثم أصبح المدين فيها دائناً للطرف الآخر مع بقاء العلاقة السابقة، فإن كل طرف يصبح دائناً ومديناً في ذات الوقت، فإذا توافرت بين الدينين شروط المقاصة القانونية انقضي الدينان بقدر الأقل منهما دون حاجة لاتخاذ أي إجراء، فإن امتنعت تلك المقاصة بأن توقع حجز على أحد الدينين أو كان الدينان غير متقابلين. كما لو كان المشتري مديناً بباقي الثمن والبائع مديناً بتسليم المبيع، وحينئذ ينشأ للمشتري الحق في حبس باقي الثمن إذا أخل البائع بأي من التزاماته بحيث إذا طالبه البائع بباقي الثمن دفع بعدم التنفيذ حتى يقوم البائع بتنفيذ التزامه، وبذلك يظل باقي الثمن في ذمة المشتري. ومتى توافرت لديه الخشية بسبب ظروف البائع، جاز له أن يحجز تحت يد نفسه على باقي الثمن فيتقدم بعريضة إلى قاضي التنفيذ لاستصدار أمر بالحجز التحفظي دون حاجة إلى تقدير الدين المحجوز من أجله لوروده على الباقي من الثمن.

ويحصل الحجز بموجب ورقة من أوراق المحضرين تعلن إلي البائع باعتباره مديناً، تشتمل علي بيانات أوراق المحضرين، فضلاً عن بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله متمثلاً في باقي الثمن وتعيين موطن مختار للحاجز فى البلدة التى بها مقر محكمة المواد الجزئية التابع هو لها ليعلن به بمنازعات التنفيذ، ويرفق بالإعلان صورة إذن القاضي بتوقيع الحجز، ولا يلزم أن تتضمن البيانات الأخري التي نصت عليها المادة (328) من قانون المرافعات والمتعلقة بالنهي عن الوفاء أو تعيين المحجوز عليه، إذ يوجه الإعلان للأخير مستوفياً ما يكفي في تعيينه ، وأيضاً لا يلزم التقرير بما في الذمة إذ يعلم الحاجز بالدين الذي في ذمته للمحجوز عليه ويتبع ذلك عدم إيداع رسم محضر التقرير بما في الذمة ويتم إعلان ورقة الحجز دون سداد هذا الرسم، لكن إذا أوقع الغير حجوزاً بعد الحجز تحت يد النفس، وجب على الحاجز الأول - المشتري وقد أصبح محجوزاً لديه بعد توقيع الحجوز الأخيرة والتزم تبعاً لذلك بكافة القواعد المقررة في حجز ما للمدين لدى الغير على التفصيل المتقدم وتعين عليه أن يقرر بما في ذمته، مبيناً المحجوز التي وقعت تحت يده ومنها الحجز الذي أوقعه هو تحت يد نفسه.

ولما كان المحجوز لديه قد أوقع الحجز تحت يد نفسه علي كامل باقي الثمن، ثم أوقع الغير حجوزاً أخري علي باقي الثمن أيضاً، فإن المبلغ المحجوز يصبح غير كاف للوفاء بجميع الديون المحجوز من أجلها، مما يوجب على المحجوز لديه إيداعه خزانة المحكمة، سواء كانت الحجوز اللاحقة إدارية أو قضائية، عملاً بالمادة (31) من قانون الحجز الإداري والمادة (336) من قانون المرافعات إيداعاً مشروطاً بتنفيذ المحجوز عليه البائع التزاماته التي تضمنها عقد البيع ورفع المحجوز المتوقعة وتنتقل إلى المبلغ المودع الحجوز الموقعة والحق في حبسه المقرر للمشتري، ويترتب على هذا الإيداع براءة ذمة المشتري من باقي الثمن، ولما كان إيداع المبلغ المحجوز خزانة محكمة المواد الجزئية مقرر المصلحة المحجوز لديه مما يجيز له إيداعه خزانة المحكمة التي تنظر دعوى صحة التعاقد.

فإذا قضى بصحة العقد مع التسليم وتبين خلو العين من بعض المواصفات التي تضمنها العقد مما يؤدي إلى استمرار المحجوز عليه في الإخلال بالتزامه، كان المبلغ اللازم لتنفيذ هذا الشق هو الذي ينحصر فيه الحجز الموقع من المشتري، ومتي تم تقديره رضاء أو قضاء بموجب دعوى مستعجلة بإثبات الحالة وتقدير المبلغ اللازم لتنفيذ التزام البائع، قام قاضي التنفيذ بتوزيع المبلغ المودع وقسمته بين الحاجزين قسمة غرماء.

ذلك أن المشتري عندما يودع باقي الثمن ويقيد حق البائع في صرفه بقيام الأخير بتنفيذ التزاماته محل التقييد، كتقديم المستندات اللازمة للتسجيل أو تطهير المبيع من الرهن أو تسليمه وفقاً للتشطيبات الواردة بالعقد، فإنه لا يجوز للبائع صرف المبلغ المودع إلا بعد تقديم الدليل على تنفيذ التزاماته التي تضمنها محضر الإيداع، أما قبل ذلك فلا يكون المبلغ مستحقاً له باعتباره حقاً معلقاً علي شرط واقف لا يثبت إلا إذا تحقق الشرط، ولما كانت المادة 325 من قانون المرافعات تجيز توقيع الحجز على الديون المودعة لدى غير المدين ولو كانت معلقة على شرط، فإن لدائني البائع الحق في توقيع الحجز على باقي الثمن المودع خزانة المحكمة، ولكن لا يجوز لهم التنفيذ عليه إلا إذا تحقق شرط استحقاق المدين له بقيامه بتنفيذ التزاماته التي تضمنها محضر الإبداع، وبالتالي يتعين على قلم كتاب المحكمة أن يحرر الشهادة المنصوص عليها بالمادة 340 من قانون المرافعات وتسليمها للحاجز إن طلبها وأن تضمن تلك الشهادة أن المبلغ المودع معلق علي شرط قيام البائع بتنفيذ التزاماته التي تضمنها محضر الايداع وأن التنفيذ عليه معلق على ذلك.

فإن امتنع البائع عن التنفيذ، جاز للمشتري استصدار حكم بالقيام بتنفيذ التزام البائع عيناً على نفقة البائع عملاً بالمادة ( 2/209) من القانون المدني مع التصريح له بصرف النفقات من المبلغ المودع، ويتطلب ذلك، أن يستصدر المشتري في حالة عدم إتمام أعمال تشطيب المبيع حكماً بإثبات حالة المبيع وتقدير التكاليف اللازمة لذلك، لتوافق عليه المحكمة في دعوى التنفيذ العيني، وحينئذ لا يتحقق الشرط اللازم لصرف المبلغ المودع إلا بعد إتمام هذا التنفيذ، ولا يكون للحاجز حق في التنفيذ إلا على ما يتبقى من المبلغ المودع بعد تلك النفقات.

أما إن لم يكن المشتري قد أوقع حجزاً تحت يد نفسه على نحو ما تقدم، أو أوقعه بعد انقضاء خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه بالحجز الإداري، فلا ينفذ حجزه في مواجهة الجهة الإدارية إن وجد حجز إداري، ولا يكون له أثر إلا فيما زاد على دين الحاجز إدارياً عملاً بالمادة (31) من قانون الحجز الإداري، ويلتزم المشتري بأن يؤدي إلي الحاجز إدارياً ما أقر به أو ما يفي منه بحق هذا الحاجز والمصروفات أو يودعه خزانة الجهة الإدارية الحاجزة، ويعتبر هذا وفاء مبرئاً لذمة المشتري المحجوز لديه في مواجهة البائع المحجوز عليه مما يجيز للمشتري رفع دعوى صحة التعاقد استناداً للوفاء بكامل الثمن، متى استغرق هذا الوفاء كل الباقي من الثمن، فإن لم يستغرقه، وجب على المشتري أن يودع ما تبقى في ذمته خزانة المحكمة إيداعاً مشروطاً بقيام البائع بتنفيذ التزاماته على نحو ما تقدم. فإن قضى بصحة العقد والتسليم وتبين أن المبلغ المودع لا يكفي لتنفيذ ما أخل به البائع، جاز الرجوع عليه بعد إثبات حالة المبيع.

وفي الحالة التي يستصدر فيها المشتري أمراً بالحجز التحفظي، من قاضي التنفيذ، يتعين عليه أن يرفع الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز أمام المحكمة المختصة خلال ثمانية الأيام التالية لإعلان المدين (البائع) بهذا الحجز، وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن، وتتمثل دعوى الحق في هذه الحالة، في دعوي صحة ونفاذ عقد البيع والتسليم، وهو ما يتطلب إيداع باقي الثمن على نحو ما تقدم.

ومثل المشتري في المثال المتقدم، المحال له بحق معين لقاء تحريره سندات إذنية بمبلغ مقسط كمقابل لهذا الحق، بحيث إذا أخل المحيل بالتزامه كما لو تعرض للمحال له، جاز للأخير، متى توافرت الخشية اللازمة لتوقيع الحجز التحفظي، أن يوقع حجزاً تحفظياً تحت يد نفسه على المبالغ التي تضمنتها السندات التي لم يتم الوفاء بقيمتها بعد، ثم يرفع دعوى الحق وصحة الحجز متمثلة في دعوى الفسخ وصحة الحجز.

ولا يقتصر الحجز تحت يد النفس علي الديون، وإنما يمتد إلى المنقولات التي تكون تحت يد الحاجز، سواء كانت معارة أو وديعة لحفظها أو إصلاحها، وحينئذ يتعين أن يتضمن الإذن بالحجز، تقديراً للدين المحجوز من أجله تقديراً مؤقتاً متمثلاً في نفقات الحفظ والصيانة والإصلاح، ثم يرفع الحاجز دعوى ثبوت الحق وصحة الحجز أمام المحكمة المختصة قيمياً ومحلياً، وذلك خلال ثمانية أيام من تاريخ إعلان الحجز إلي المحجوز عليه وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن.

فإن كان إيداع المشتري للثمن غیر مشروط، اعتبر وفاء لدائنه، مما يحول دون دائني المشتري وتوقيع الحجز على الثمن المودع إذ يكون الإيداع هنا مخصصاً للوفاء بدين البائع والمقرر أنه يجوز للمدين أن يودع الدين مع تخصيصه للوفاء لدائن معين، فيختص الأخير وحده به مما يحول دون توقيع الحجز عليه من دائن آخر.

أما دائنو البائع ، فيجوز لهم توقيع الحجز علي الثمن المودع طالما كان الإيداع غير مقيد، فإن كان مقيداً بشروط يجوز للمشتري فرضها، فلا يجوز الحجز. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة : 154)

يطبق على الحجز تحت يد النفس قواعد حجز ما للمدين لدى الغير من حيث الآثار التي تترتب عليه فالحجز تحت يد النفس لا يمنح الحاجز أي امتياز به على أي حاجز آخر يحجز علي الدين كما أنه لا يعفي الحاجز باعتباره محجوزاً لديه من واجب إيداع المبلغ المحجوز في خزانة المحكمة إذا ما طلب منه ذلك المحجوز عليه وفي الجملة يعامل الحاجز تحت يد نفسه باعتباره كسائر الحاجزين بطريق حجز ما للمدين لدى الغير ويعامل باعتباره محجوزاً لديه كسائر المحجوز لديهم (التنفيذ للدكتور رمزي سيف ص 274).

غير أنه هناك إجراءات تتخذ في حجز ما للمدين لدى الغير وتتنافر طبيعتها مع قواعد الحجز تحت يد النفس فلا موجب لا تباعها ومثال ذلك أن الحاجز وهو في نفس الوقت محجوز تحت يده غير ملزم أن ينهى نفسه عن الوفاء للمحجوز لديه أو أن يقرر بما في الذمة إلا أنه إذا وقعت حجوز أخرى من دائنين آخرين تحت يد الحاجز تحت يد نفسه تعين عليه في هذه الحالة أن يقرر بما في ذمته وأن يبين في تقريره الحجوز التي وقعت ومنها حجزه.

وذهب رأي إلى أنه لا يجوز الحجز تحت يد النفس إلا في الحالات التي تجوز فيها المقاصة ومن ثم لا يجوز توقيعه إذا كان المال معاراً أو مودعاً إلا أن هذا الرأي يفتقر إلي سنده القانوني ذلك أن نص المادة عام ولم يخصص مالاً معيناً بذاته يضاف إلي ذلك أن هذا حجز يعدل الحجز تحت يد الغير والحجز تحت يد الغير جائز على الأموال التي يجوز حجزها قانوناً ومن بينها المال المعار والمودع (راجع في تفصيل هذا الخلاف فتحي والي بند 180 ورمزي سيف بند 370 وأبو الوفا بند 205 و حامد فهمي بند 225) .

وإذا كان محل الحجز منقولاً مادياً كان الحاجز بالخيار بين أن يحجز تحت يد نفسه أو يحجز حجز المنقول لدى الدين لأن الدفع بعدم جواز الحجز إلا بطريق حجز ما للمدين لدي الغير مقرر لمصلحة المحجوز لديه الذي أفصح عن نيته عندما أوقع الحجز. (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء السابع ، الصفحة : 426 )

إجراءات بعض الصور الخاصة لحجز ما للمدين لدى الغير:

سوف نوضح الآن إجراءات بعض الصور الخاصة لحجز ما للمدين لدى الغير، وأهم هذه الصور في الحجر تحت يد النفس والحجز بموجب دین ثابت بالكتابة والحجز تحت يد الحكومة .

الحجز تحت يد النفس: أجاز القانون في المادة 349 - محل التعليق - للدائن أن يحجز تحت يد نفسه ما يكون مديناً به مدينه، فإذا كان هناك شخصان كل منهما دائن ومدين للأخر، ولم ينقض أي الدينين بالمقاصة فإن لكل منهما- مصلحة أكيدة في توقيع الحجز تحت يد نفسه على ما يكون في ذمته للآخر، لكي يفتح غريمه بهذا الحجز من تحويل الدين للغير فلا يمكن المقاصة بين الدينين بعد ذلك، ويبقى هو ملزماً بالوفاء للمحال له، وقد لا يمكنه فيما بعد استيفاء حقه من خصمه بسبب إعساره، وتظهر هذه المصلحة في صورة أجلي إذا كان دين طالب الحجز غير معين المقدار ودين خصمه معيناً، إذ لولا جواز الحجز لكان هذا الطالب ملزماً بأن يفى ما عليه فوراً، وأن ينتظر تعيين مقدار المطلوب له وقد يعسر مدينه أثناء مدة الانتظار، وكذلك إذا أوقع شخص ثالث حجزاً على أحد الدينين المتقابلين فإن هذا الحجز يمنه بينهما المقاصة التي تتوافر شروطها بعد الحجز فيكون لمن وقع الحجز تحت يده مصلحة ظاهرة في أن يوقع بموجب حقه حجزاً آخر تحت يد نفسه ليزاحم به الحاجز الأول. 

وقد ذهب رأي إلى أنه لا يجوز الحجز تحت يد النفس إلا في الحالات التي تجوز فيها المقاصة. ومن ثم لايجوز توقيعه إذا كان المال معاراً أو مودعاً إلا أن هذا الرأي يفتقر إلى سنده القانوني ذلك أن نص المادة عام ولم يخصم مالاً معيناً بذاته، يضاف إلى ذلك أن هذا حجز يعدل الحجز تحت يد الغير، والحجز تحت يد الغير جائز على الأموال التي يجوز حجزها قانوناً ومن بينها المال العار والمودع (انظر في عرض هذا الخلاف :رمزى سيف - بند 370، أحمد أبو الوفا - بند 205 ، محمد حامد فهمی - بند 225 ، فتحی والی - بند 180).

والحجز تحت يد النفس تطبق عليه القواعد الخاصة بحجز ما للمدين لدى الغير، ولذلك فإنه إذا لم يكن في يد الحاجز سند تنفيذي أو كان معه حكم غير واجب التنفيذ فإنه يكون بحاجة إلى الحصول على إذن القضاء بتوقيع الحجز، وكذلك إذا كان حقه غير معين المقدار فإنه يجب أن يحصل - على إذن من القضاء بتقدير الدين تقديراً مؤقتاً وتوقيع الحجز.

ولكن يلاحظ أنه لما كان الحاجز هنا هو نفسه المحجوز لديه فإنه لا توجد حاجة إلا إعلان الحجز إلى المحجوز لديه، إن هذا الإجراء لا فائدة منه، ويبدأ هذا النوع من الحجز بإبلاغ المحجوز عليه بأن الحاجز قد حجز تحت يد نفسه على ما هو مدين به للمحجوز عليه، وينبغي أن يشتمل هذا الإعلان على جميع البيانات الواجب ذكرها في ورقة إبلاغ الحجز، ومن ناحية أخرى يجب أن يبادر في خلال الثمانية أيام التالية لإعلان المدين بالحجز برفع دعوى صحة الحجز وثبوت الدين أمام المحكمة، وذلك إذا كان الحجز قد تم بناء على أمر من القاضي، وإلا كان الحجز باطلاً.

الحجز بموجب دین ثابت بالكتابة: إذا توافرت في حق الدائن شروط استصدار أمر بالأداء فإنه يجب على الدائن لتوقيع الحجز على مدينه أن يحصل على أمر بتوقيع هذا الحجز وفقاً للقواعد التي أوضحناها آنفاً، والقاضي المختص بإصدار هذا الأمر هو قاضي الأداء وليس قاضي التنفيذ، وقاضي الأداء المختص بإصدار هذا الأمر هو قاضي المحكمة الجزئية أو رئيس الدائرة بالمحكمة الابتدائية وفقاً لقيمة الدين، والقاضي المختص محلياً هنا هو القاضي الذي يقع في دائرته موطن المدين المحجوز عليه وأمر الحجز هو أمر على عريضة تسري عليه جميع القواعد الخاصة بالأوامر على العرائض.

وعقب استصدار الأمر بتوقيع الحجز يعلن إلى المحجوز لديه أي يعلن بورقة الحجز مشتملة جميع البيانات التي نصت عليها المادة 328 مرافعات، والتي سبق لنا الإشارة إليها، وينبغي أن يقدم طلب الأداء وصحة الحجز في خلال الثمانية أيام التالية لتوقيع الحجز، ويلاحظ هنا أنه لا توجد دعوی ثبوت الحق وصحة الحجز لأنها لا تتفق مع نظام أوامر الأداء، وللقاضي الذي يطلب منه إصدار الأمر بالأداء وصحة الحجز كل ما لقاضي الأداء من سلطة فله الأمر بأداء كل الدين وبصحة إجراءات الحجز فإن لم ير إجابة الطالب لكل طلباته فإنه يمتنع عن إصدار الأمر، ولكن يلاحظ أنه إذا حدث تظلم من أمر الحجز لسبب متصل بأصل الحق فإنه يمتنع على القاضى إصدار الأمر بالأداء لأن أصل الحق في هذه الحالة لن يكون خالياً من النزاع، ومن ثم يتخلف شرط أساسي من شروط إصدار أمر الأداء، ولذلك يمتنع القاضي عن إصداره، وإذا لم يتم تقديم عريضة الأمر بالاداء وصحة الحجز خلال ثمانية أيام من توقيع الحجز فإن الحجز يعتبر كأن لم يكن، والجزاء المقرر في هذه الحالة يقع بقوة القانون دون حاجة إلى صدور حكم به ويجب على الدائن الحاجز إبلاغ المحجوز عليه بالحجز خلال الثمانية أيام التالية لإعلان الحجز، والحكم الصادر بمنح الدائن أمراً بالأداء وبصحة إجراءات الحجز يعتبر حجة على المدين المحجوز عليه، أما المحجوز لديه فإنه إذا كان قد اختصم في خصومة الأداء يكون هذا الحكم حجة عليه أيضاً وبالتالي لا يستطيع أن ينازع بعد صدور الأمر في صحة الحجز.

الحجز تحت يد الحكومة: يتم هذا الحجز بنفس إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير العادية، مع مراعاة ما سبقت لنا الإشارة إليه من وجوب توجيه إعلان ورقة الحجز إلى شخص المحجوز لديه إذا كان من محصلي الأموال العامة أو المديرين لها أو الأمناء عليها، ومن إعفاء الحكومة من واجب التقرير بما في الذمة اكتفاء بإعطاء شهادة تحتوى على بيانات التقرير وتقوم مقامه.

كذلك فإنه وفقاً للمادة 350 مرافعات التي سوف نشير إليها بعد قليل هناك ميعاد سقوط خاص لمثل هذا النوع من الحجز، فلا يكون لهذا الحجز من أثر إلا لمدة ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه ما لم يبادر الحاجز ويعلن المحجوز لديه في هذه المدة باستيفاء الحجز، ويعتبر الحجز كأن لم يكن إذا لم يحصل هذا الإعلان أو لم يحصل تجديده كل ثلاث سنوات. (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء / السادس، الصفحة :  250)

 

 

التعليقات معطلة.