موسوعة قانون المرافعات
1 ـ إن جريمة اختلاس المحجوزات - وهي جريمة من نوع خاص ليست بطبيعتها سرقة وإنما صارت فى حكمها بإرادة الشارع وما أفصح عنه، فيكون معنى السرقة فيها حكمياً لا يتجاوز دائرة الغرض الذي فرض من أجله، وترتيباً على ذلك فإنه لا محل لتطبيق ما نصت عليه المادة 323 عقوبات بطريق القياس على الظرف المشدد المنصوص عليه فى المادة 26/3 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954 والخاص بإحراز السلاح .
(الطعن رقم 20 لسنة 28 جلسة 1958/05/12 س 9 ع 2 ص 483 ق 130)
2 ـ وقيع الحجز يقتضى إحترامه قانوناً و يظل منتجاً لآثاره و لو كان مشوباً بالبطلان ، ما دام لم يصدر حكم ببطلانه من جهة الإختصاص . كما أن من المقرر أن السداد الذى يحصل فى تاريخ لاحق لوقوع جريمة إختلاس الأشياء المحجوزة لا يؤثر فى قيامها .
(الطعن رقم 2789 لسنة 32 جلسة 1963/01/08 س 14 ع 1 ص 16 ق 2)
يعاقب المحجوز لديه بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (341) من قانون العقوبات إذا إختلس الأسهم والسندات وغيرها من المنقولات المحجوز عليها تحت يده إضراراً بالحاجز.
إذ يترتب على إعلانه بورقة الحجز إعتبار المنقولات التي تحت يده محجوزاً عليها ومسئولاً بالتالي عنها دون حاجة إلي تعيينه حارساً بإعتبار أن حجز ما للمدين لدى الغير لا يقوم به المحضر أو مندوب الحاجز وإنما يتم بمجرد الإعلان الذي يتضمن نهيه عن الوفاء للمحجوز عليه، ولا يحول هذا الوفاء دون معاقبة المحجوز لديه رغم تسليم المال لمالكه إذ يترتب علي ذلك إخلال الأخير بإلتزام قانوني إضراراً بالحاجز.
ومتى بدد المحجوز لديه المنقولات المحجوزة إضراراً بالحاجز تحققت جريمة التبديد عملاً بالمادة (352) من قانون المرافعات ولو كانت لم تسلم له موجب عقد من عقود الأمانة كما لو كانت مؤجرة له. أما إن كان الإضرار بالمحجوز عليه فلا تقوم الجريمة إلا إذا كان المحجوز لديه قد تسلم المنقولات بموجب عقد من عقود الأمانة، فقد يقرر الأخير بعدم وجود منقولات تحت يده فلا ينازع الحاجز في ذلك، وإنما يقوم المحجوز عليه بتحرير محضر تبديد عن ذلك أو يرفع جنحة مباشرة ضد المحجوز لديه، وحينئذ لا تقوم الجريمة إلا إذا كان تسلیم المنقولات قد تم بموجب عقد من عقود الأمانة.
فإذا نازع المحجوز عليه في التقرير وأقيمت في نفس الوقت الدعوى الجنائية، تعين على قاضي التنفيذ وقف دعوى المنازعة حتى يقضي نهائياً بحكم بات في الدعوى الجنائية ويتقيد قاضي التنفيذ بالحكم الجنائي بحيث إذا قضي ببراءة المحجوز لديه لعدم توافر أركان الجريمة، وجب الحكم برفض دعوى المنازعة.
فإن كانت المنازعة مرفوعة من الحاجز، وأقيمت الدعوى الجنائية، سواء من النيابة أو بالطريق المباشر، وإمتدت المنازعة إلي منقولات مدعي بوجودها تحت يد المحجوز لديه. تعين على قاضي التنفيذ وقف دعوى المنازعة على نحو ما تقدم. وإذا صدر الحكم أولاً في المنازعة قبل رفع الدعوى الجنائية فإن القاضي الجنائي لا يتقيد به . (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 170)
وفقاً للمادة 341 من قانون العقوبات فإن العقوبة في الحبس ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصرى .(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : السادس ، الصفحة : 261)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثلاثون ، الصفحة / 269
عُقُوبَة
التَّعْرِيفُ :
الْعُقُوبَةُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ مِنَ الْعِقَابِ، وَالْعِقَابُ بِالْكَسْرِ وَالْمُعَاقَبَةُ: أَنْ تُجْزِيَ الرَّجُلَ بِمَا فَعَلَ مِنَ السُّوءِ. يُقَالُ عَاقَبَهُ بِذَنْبِهِ مُعَاقَبَةً وَعِقَابًا: أَخَذَهُ بِهِكَمَا فِي قوله تعالى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) وَالْعُقُوبَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ الأْلَمُ الَّذِي يَلْحَقُ الإْنْسَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَى الْجِنَايَةِ، كَمَا عَرَّفَهَا الطَّحْطَاوِيّ وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِالضَّرْبِ أَوِ الْقَطْعِ وَنَحْوِهِمَا، سُمِّيَ بِهَا؛ لأِنَّهَا تَتْلُو الذَّنْبَ، مِنْ تَعَقَّبَهُ: إِذَا تَبِعَهُ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْعُقُوبَةِ وَبَيْنَ الْعِقَابِ: بِأَنَّ مَا يَلْحَقُ الإْنْسَانَ إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا يُقَالُ لَهُ الْعُقُوبَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي الآْخِرَةِ يُقَالُ لَهُ الْعِقَابُ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْجَزَاءُ :
مِنْ مَعَانِي الْجَزَاءِ: الْغَنَاءُ وَالْكِفَايَةُ، قَالَ تَعَالَى: ( وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا) أَيْ: لاَ تُغْنِي. وَالْجَزَاءُ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ مِنَ الْمُقَابَلَةِ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى) وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)
وَعَلَى ذَلِكَ فَالْجَزَاءُ أَعَمُّ مِنَ الْعُقُوبَةِ، حَيْثُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْعُقُوبَةُ خَاصَّةٌ بِالأْخْذِ بِالسُّوءِ.
ب - الْعَذَابُ :
أَصْلُ الْعَذَابِ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ: الضَّرْبُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ عُقُوبَةٍ مُؤْلِمَةٍ، وَاسْتُعِيرَ فِي الأْمُورِ الشَّاقَّةِ، فَقِيلَ: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ.
وَفِي الْفُرُوقِ لأِبِي هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيِّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَذَابِ وَالْعِقَابِ: هُوَ أَنَّ الْعِقَابَ يُنْبِئُ عَنِ الاِسْتِحْقَاقِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأِنَّ الْفَاعِلَ يَسْتَحِقُّهُ عَقِيبَ فِعْلِهِ، أَمَّا الْعَذَابُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَقًّا وَغَيْرَ مُسْتَحَقٍّ.
أَقْسَامُ الْعُقُوبَةِ :
تَنْقَسِمُ الْعُقُوبَةُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:
فَتَنْقَسِمُ أَوَّلاً: بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ رَئِيسِيَّةٍ، هِيَ الْقِصَاصُ وَالْحَدُّ وَالتَّعْزِيرُ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَيْ: (قِصَاص، وَتَعْزِير ف 5).
وَتَنْقَسِمُ ثَانِيًا: بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ إِلَى:
أ - عُقُوبَةٍ هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، كَحَدِّ الزِّنَى وَحَدِّ السَّرِقَةِ وَحَدِّ الشُّرْبِ.
ب - وَعُقُوبَةٍ هِيَ حَقٌّ لِلْعِبَادِ كَالْقِصَاصِ.
ج - وَعُقُوبَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْحَقَّيْنِ، كَحَدِّ الْقَذْفِ.
ر: مُصْطَلَحَ (حَقّ ف 13، 15).
وَتَنْقَسِمُ ثَالِثًا، بِاعْتِبَارِ هَذَيْنِ الْحَقَّيْنِ إِلَى:
أ - عُقُوبَةٍ كَامِلَةٍ، كَحَدِّ الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ.
ب - وَعُقُوبَةٍ قَاصِرَةٍ، كَحِرْمَانِ الْقَاتِلِ إِرْثَ الْمَقْتُولِ.
ج - وَعُقُوبَةٍ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَجِهَةُ الْعِبَادَةِ غَالِبَةٌ فِيهَا كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالْقَتْلِ.
د - عُقُوبَةٍ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ، وَجِهَةُ الْعُقُوبَةِ
فِيهَا غَالِبَةٌ كَكَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ كُلِّ نَوْعٍ فِي مُصْطَلَحِهِ.
وَهُنَاكَ عُقُوبَاتٌ أُخْرَى بَحَثَهَا الْفُقَهَاءُ هِيَ:
أ - الْغُرَّةُ :
الْغُرَّةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: أَوَّلُهُ. وَمِنْ مَعَانِيهَا فِي الشَّرْعِ: ضَمَانٌ يَجِبُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ، وَتَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَهِيَ خَمْسٌ مِنَ الإْبِلِ، أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (غُرَّة).
ب - الأْرْشُ :
الأْرْشُ يُطْلَقُ غَالِبًا عَلَى: الْمَالِ الْوَاجِبِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى بَدَلِ النَّفْسِ، فَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الدِّيَةِ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَرْش ف 1).
ج - الْحِرْمَانُ مِنَ الإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ:
الْحِرْمَانُ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ عُقُوبَةٌ لِجَرِيمَةِ الْقَتْلِ بِصُورَةٍ تَبَعِيَّةٍ فَإِذَا ثَبَتَتِ الْجَرِيمَةُ بِأَدِلَّتِهَا الْخَاصَّةِ، وَحُكِمَ عَلَى الْقَاتِلِ بِعُقُوبَةِ الْقَتْلِ، يُحْرَمُ مِنْ إِرْثِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَوَصِيَّتِهِ كَذَلِكَ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ مِنَ الْمِيرَاثِ» وَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لاَ وَصِيَّةَ لِقَاتِلٍ» وَهَلْ يُحْرَمُ الْقَاتِلُ مِنَ الْمِيرَاثِ إِذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ مُطْلَقًا ؟
لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (إِرْث ف 17 وَوَصِيَّة).
أَقْسَامُ عُقُوبَةِ الْحَدِّ :
الْحَدُّ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ شَرْعًا تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ مُحَدَّدَةٌ لاَ تَقْبَلُ التَّعْدِيلَ وَالتَّغْيِيرَ، وَلِكُلِّ جَرِيمَةٍ حَدِّيَّةٍ عُقُوبَةٌ مَعْلُومَةٌ، لَكِنَّهَا تَخْتَلِفُ حَسْبُ اخْتِلاَفِ مُوجِبِهَا مِنْ جَرَائِمِ الْحُدُودِ، وَهَذِهِ الْجَرَائِمُ هِيَ: الزِّنَا وَالْقَذْفُ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةُ، وَقَطْعُ الطَّرِيقِ: (الْحِرَابَةُ) بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ الرِّدَّةُ وَالْبَغْيُ مَعَ اخْتِلاَفٍ فِيهِمَا.
وَتَفْصِيلُ عُقُوبَاتِ هَذِهِ الْحُدُودِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا.
الْعُقُوبَاتُ التَّعْزِيرِيَّةُ :
التَّعْزِيرُ عُقُوبَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ. شُرِعَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلأْفْرَادِ.
وَالْغَرَضُ مِنْ مَشْرُوعِيَّتِهَا رَدْعُ الْجَانِي وَزَجْرُهُ وَإِصْلاَحُهُ وَتَأْدِيبُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ
وَقَدْ شُرِعَ التَّعْزِيرُ فِي الْمَعَاصِي الَّتِي لاَ يَكُونُ فِيهَا حُدُودٌ وَلاَ كَفَّارَةٌ
وَعَدَمُ التَّقْدِيرِ فِي الْعُقُوبَاتِ التَّعْزِيرِيَّةِ لاَ يَعْنِي جَوَازَ وَمَشْرُوعِيَّةَ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ فِي التَّعْزِيرِ، فَهُنَاكَ عُقُوبَاتٌ لاَ يَجُوزُ إِيقَاعُهَا كَعُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّةٍ، مِثْلِ الضَّرْبِ الْمُتْلِفِ، وَصَفْعِ الْوَجْهِ، وَالْحَرْقِ، وَالْكَيِّ، وَحَلْقِ اللِّحْيَةِ وَأَمْثَالِهَا
وَهُنَاكَ عُقُوبَاتٌ تَعْزِيرِيَّةٌ مَشْرُوعَةٌ يَخْتَارُ مِنْهَا الْقَاضِي مَا يَرَاهُ مُنَاسِبًا لِحَالَةِ الْمُجْرِمِ تَحْقِيقًا لأِغْرَاضِ التَّعْزِيرِ مِنَ الإْصْلاَحِ وَالتَّأْدِيبِ، كَعُقُوبَةِ الْجَلْدِ وَالْحَبْسِ وَالتَّوْبِيخِ وَالْهَجْرِ وَالتَّعْزِيرِ بِالْمَالِ وَنَحْوِهَا.
وَتَفْصِيلُ أَحْكَامِ التَّعْزِيرِ، وَأَنْوَاعُ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ وَمُوجِبَاتُهَا يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَعْزِير ف 11 وَمَا بَعْدَهَا)
تَعَدُّدُ الْعُقُوبَاتِ :
أَجَازَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ اجْتِمَاعَ الْعُقُوبَاتِ وَتَعَدُّدَهَا فِي جَرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكِنْ بِصِفَةٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّعْزِيرُ مَعَ الْحَدِّ، فَالْحَنَفِيَّةُ لاَ يَرَوْنَ تَغْرِيبَ الزَّانِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ فِي حَدِّ الزِّنَى، وَلَكِنْ يُجِيزُونَ تَغْرِيبَهُ تَعْزِيرًا بَعْدَ الْجَلْدِ حَدًّا وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْجَارِحَ عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُؤَدَّبُ تَعْزِيرًا، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ يُجِيزُونَ اجْتِمَاعَ التَّعْزِيرِ مَعَ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْقَتْلَ الَّذِي عُفِيَ عَنِ الْقِصَاصِ فِيهِ تَجِبُ فِيهِ عَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ، وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً تَعْزِيرًا.
تَدَاخُلُ الْعُقُوبَاتِ.
الْمُرَادُ بِتَدَاخُلِ الْعُقُوبَاتِ هُوَ دُخُولُ عُقُوبَةٍ فِي أُخْرَى بِلاَ زِيَادَةِ حَجْمٍ وَمِقْدَارٍ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ إِذَا اتَّفَقَتْ فِي الْجِنْسِ وَالْمُوجِبِ فَإِنَّهَا تَتَدَاخَلُ، فَمَنْ زَنَى مِرَارًا، أَوْ سَرَقَ مِرَارًا مَثَلاً أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ لِلزِّنَى الْمُتَكَرِّرِ، وَآخَرُ لِلسَّرِقَةِ الْمُتَكَرِّرَةِ
وَاخْتَلَفُوا فِي تَدَاخُلِ عُقُوبَاتِ الْقِصَاصِ مَعَ تَفْصِيلٍ وَبَيَانٍ وَخِلاَفٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَدَاخُل ف 18)