موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

توزيع حصيلة التنفيذ :

 لم يجد المشروع مبرراً للتفرقة التي يقيمها القانون القائم بين حقوق الحاجزين عند كفاية حصيلة التنفيذ وعدم كفايتها فخصصهم بهذه الحصيلة في الحالتين (المادة 470 من المشروع).

وقد أدت هذه الفكرة إلى تنظيم جدید مبسط لإجراءات التوزيع عند عدم كفاية حصيلة التنفيذ بحقوق الحاجزين الذين يجري التوزيع بينهم وحدهم فأفسح المشروع لهم مدة خمسة عشر يوماً للاتفاق على توزيعها بينهم فإن لم يصلوا إلى اتفاق في هذه المدة وجب على قلم الكتاب خلال ثلاثة أيام عرض الأمر على قاضي التنفيذ (المادة 474 من المشروع) وعلى هذا القاضي أن يعد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليه قائمة مؤقتة يودعها قلم الكتاب الذي يقوم بإعلان المدين والحائز والدائنين الحاجزين ومن اعتبر طرفاً في الاجراءات وحدهم الى جلسة يحدد تاريخها بحيث لا يجاوز ثلاثين يوماً من إيداع القائمة المؤقتة بقصد الوصول الى تسوية ودية المادة 475 من المشروع) فإذا حضر أولئك بالجلسة المذكورة ووصلوا الى تسوية ودية أثبت القاضي اتفاقهم الذي تكون لهم قوة السند التنفيذي المادة 477 من المشروع) ولا يمنع من إجراء هذه التسوية تخلف البعض على ألا يخل ذلك بما أثبت لهم في القائمة المؤقتة ومع عدم جواز طعن المتخلف في التسوية الودية التي أثبتها القاضي بناء على اتفاق الخصوم (المادة 478 من المشروع ) وإذا تخلف ذوو الشأن جميعاً اعتبر القاضي القائمة المؤقتة قائمة نهائية (المادة 479 من المشروع) .

أما إذا لم تتيسر التسوية الودية أثبت القاضی مناقضات ذوي الشأن في قائمته المؤقتة وفصل فيها بحكم يقدر نصاب استئنافه بقيمة المناقضة دون اعتداد بقيمة حق الحاجز المناقض أو بقيمة حصيلة التنفيذ (المادتان 480 ، 481 من المشروع) فإذا صار الحكم في المناقضات نهائياً أعد القاضي القائمة النهائية على أساس قائمته المؤقتة وما انتهى إليه الحكم في المناقضات (المادة 483 من المشروع) ولم ير المشروع محلاً لما يفتحه القانون القائم من باب المعارضة في القائمة النهائية اكتفاء بقابلية الحكم في المناقضات للاستئناف مع قابلية الأمر الصادر بالقائمة النهائية للتصحيح إذا حدثت فيه أخطاء مادية بحتة .

ورأی المشروع كذلك أن يبقى على نظام التسوية الودية لما له من فوائد عملية كثيرة أذ يؤدي إلى تسوية معظم التوزيعات وتصفية المنازعات المواد 475 الى 479 من المشروع) .

وأخيراً رأی المشروع أنه لا محل لفتح باب المعارضة في القائمة النهائية ذلك أن الحكم الصادر في المناقضات والذي تكتب على أساسه القائمة النهائية لا يعدو أن يكون حكماً من الأحكام يجب أن يترك الطعن فيه للقواعد العامة كما انه يمكن دائماً طلب تصحيحه إذا حدثت فيه أخطاء مادية بحتة.

المذكرة الإيضاحية للقانون 76 لسنة 2007 المعدل للمادة .

 جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه اتساقاً مع نهج المشروع تم النص على استبدال عبارة إدارة التنفيذ بعبارة قاضي التنفيذ أو القاضي، وذلك في عنوان الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الثاني وفي قانون المرافعات المدنية والتجارية، وكذا في المواد 356 ، 358 ، 365 ، 367 ، 376 ، 379 ، 474 ، 475 ، 478 ، 482 ، 483  وكلها تعلق بإجراءات أوامر وقرارات متعلقة بالتنفيذ وتخرج عن نطاق الأحكام وهو ما استتبع أيضاً تعديل المادة 479 والمتعلقة بعلم الوصول لتسوية ودياً بشأن توزيع حصيلة التنفيذ فبعد أن جعلت المواد السابقة أمر توزيع الحصيلة لمدير إدارة التنفيذ أو من يقوم مقامه، أوجبت المادة 479 على مدير الإدارة إثبات اعتراضات ذوي الشأن بحسبان ذلك متصفاً بالطبيعة الإدارية، إلا أن الفصل في هذه الاعتراضات، لكونه عملاً قضائياً، أنيط يقضي التنفيذ، الذي يجب أن يفصل في هذه الاعتراضات على الفور .

الأحكام

1- للمدين المنزوعة ملكيته المناقضة فى قائمة التوزيع المؤقته منازعاً فى وجود الدين أو مقداره .

(الطعن رقم 592 لسنة 40 جلسة 1976/03/30 س 27 ع 1 ص 792 ق 154)

شرح خبراء القانون

فإن كان أحد ذوي الشأن من يختصون بالتوزيع لم يعلن وحضر جلسة التسوية الودية ، وجب علي القاضي إثبات حضوره وقبول تدخله، ويكفي إثبات حضوره للمشاركة في التسوية إذ تتم بذلك المواجهة دون حاجة لقرار بقبول تدخله، ومتى حضر ذوو الشأن وانتهوا إلى اتفاق على التوزيع بتسوية ودية في تلك الجلسة، أثبت القاضي ذلك في محضرها، ووقعه وكاتب الجلسة والحاضرون وتكون له قوة السند التنفيذي، أما إن تخلف أحد من ذوي الشأن عن حضور جلسة التسوية، وتحقق القاضي من صحة إعلانه، فإن عدم حضوره لا يمنع من إجراء التسوية الودية باعتبارها منازعة تنفيذ يكفي لاجرائها إعلان الخصوم فيها، وتقوم قرينة قضائية على رضاء من لم يحضر بالتسوية المؤقتة التي أعلن بإيداعها وبجلسة التسوية الودية، ومن ثم يجب عدم المساس بما أثبت للدائن المتخلف في القائمة المؤقتة التي تضمنت التسوية وذلك عند إعداد القائمة النهائية، وطالما قامت تلك القرينة ، فإنه لا يجوز لمن نسبت إليه وشهدت عليه أن يطعن في التسوية الودية التي أثبتها القاضي بناء علي اتفاق باقي الخصوم إذ يفترض قبوله الضمني لما تضمنته القائمة المؤقتة بالنسبة له، وتعد تلك القائمة بالنظر إلى الديون ومرتبتها على نحو ما تتضمنه القائمة النهائية وفقاً لما يلي.

وباتمام التسوية الودية يعد القاضي خلال خمسة الأيام التالية قائمة التوزيع النهائية بما يستحقه كل دائن من أصل الدين وفوائده والمصاريف، وتنصرف المصاريف إلى ما أنفقه كل دائن في إجراءات الحجز والبيع، وهي مصاريف قضائية ممتازة تقدم على سائر الحقوق، ثم يوزع الحصيلة بعد ذلك وفقاً لقواعد القانون المدني، فإن كان الدائنون كلهم عاديين، قسمت الحصيلة قسمة غرماء ، فيستحق كل منهم مبلغاً بنسبة دينه إلى حصيلة التنفيذ المتبقية بعد إخراج المصاريف القضائية ، فإن كان كل الدائنين أصحاب حقوق عينية تبعية تم التوزيع باعطاء صاحب القيد الأسبق في المرتبة كل دینه إذا سمحت الحصيلة بذلك ثم إعطاء من يليه في المرتبة حقه كاملاً إذا سمحت الحصيلة بذلك وإلا يعطي ما تبقى منها، ولا يأخذ من يليه شيئاً.

فإن وجد دائنون عاديون ودائنون من أصحاب القيود، سدد لكل منهم أولاً المصاريف القضائية التي أنفقها، وما تبقى يسدد به أولاً الديون المقيدة علي نحو ما تقدم، فإذا بقى شيء من الحصيلة تم توزيعه بقسمة الغرماء، وتضم الفوائد إلى أصل الدين عند التوزيع، ولا تضم إلا الفوائد التي تضمنها السند الذي تم التنفيذ بموجبه سواء كان محرراً موثقاً أو حكماً، فإن لم يتضمنها فلا يجوز لقاضي التنفيذ ضمها حتى لو تضمنها العقد سند الدعوى لأن العبرة بالسند التنفيذي، وتعتبر الفوائد التي لم يتضمنها هذا السند دیناً خارجاً عن نطاق التنفيذ يتعين خلو القائمة المؤقتة منه وإلا كان وجهاً للمناقضة.

وإذا تخلف جميع ذوي الشأن عن حضور جلسة التسوية الودية، فإن القاضي يتحقق أولاً من صحة إعلان كل منهم، فإن تبين له صحته، اعتبر القائمة المؤقتة قائمة نهائية، وسواء أعدت القائمة النهائية بعد حضور ذوي الشأن بجلسة التسوية الودية أو تخلفهم عن الحضور بها واعتبار القائمة المؤقتة في الحالة الأخيرة قائمة نهائية، فإن هذه القائمة النهائية بما تضمنته من تسوية ودية يصدرها قاضي التنفيذ بموجب سلطته القضائية وليست الولائية، ومن ثم فإن الحكم الذي يصدره بالقائمة النهائية بناء على اتفاق الخصوم بالتسوية الودية، لا يعتبر عملاً ولائياً وإنما عملاً قضائياً (انظر بهذا المعنى والي بند 317 وقارن أبو الوفا بند 414 ويري أنه عملا ولائيا).

ومتي تمت التسوية الودية باتفاق جميع ذوي الشأن أو بتخلفهم جميعاً عن حضور جلسة التسوية أو تخلف بعضهم، أصدر القاضي حكمه بتلك التسوية متضمناً قائمة التوزيع النهائي وتكليف قلم الكتاب بتسليم أوامر الصرف على الخزانة ، كما يقضي بشطب جميع القيود سواء تعلقت بديون أدرجت في القائمة أو بديون لم يدركها التوزيع. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء العاشر، الصفحة : 542)

نقد تعديل المادة بالقانون 76 سنة 2007  لأنه يؤدي إلى تعقيد الإجراءات :

فطبقاً للنص قبل التعديل كان قاضي التنفيذ إذا قدمت به اعتراضات على التسوية ينظر فيها على الفور أنه بعد التعديل في الاعتراض يقدم لمدير إدارة التنفيذ الذي يحيل الاعتراض إلى قاضي التنفيذ الذي ينظر فيه فوراً.

وهذا يؤدي إلى تعقيد الإجراءات، بدلاً من تبسيطها، فضلاً عن إضاعة وقت المتقاضين بلا طائل.

المناقضة في القائمة المؤقتة:

تعرف المناقضة بأنها الاعتراض الذي يثيره  أحد ذوي الشأن على ما أثبته قاضي التنفيذ في القائمة المؤقتة (فتحي والي - بند 320 ص 580 ).

وتحصل المناقضة في القائمة المؤقتة بإبدائها في الجلسة المحددة للتسوية الودية وإثباتها في المقتضي، وينص القانون على أنه لا يجوز إبداء مناقصات جديدة بند هذه الجلسة، فالحق في المناقضة يسقط بفوات الجلسة المحددة للتسوية الودية.

 والمناقضة جائزة من جميع ذوي الشأن الذين يوجب القانون منهم بجلسة التسوية الودية (رمزي سيف سنه 576 – 577) سواء من أعلن منهم أو من أغفل إعلانه، فلمن لم يعلن ممن كان يجب إعلانه أن يتدخل في الجلسة ، وأن يثبت مناقضته في القائمة (مادة 484).

ويترتب علي إبداء مناقضات في القائمة وقف إعداد القائمة النهائية ووقف تسليم أوامر الصرف وإنما إذا كان هناك دائنون غیر متنازع في ديونهم متقدمون في الدرجة على الدائنين المتنازع في ديونهم فإن المناقضة في القائمة المؤقتة لا تمنع القاضي من الأمر بصرف أوامر صرف لهؤلاء الدائنين المتقدمين في الدرجة غير المتنازع في ديونهم (مادة 482 ).

ويلاحظ أنه يمكن أن يكون محلاً للمناقضة استبعاد دين من القائمة أو إدراجه فيها أو مقداره أو صحة الرهن أو درجته وباختصار تتعلق المناقضة بالاعتراض على عمل القاضي بالنسبة للقائمة المؤقتة، فإذا لم تكن كذلك، فإنها لا تعتبر مناقضة ولا تخضع لأحكام المناقضات (جلاسون: ج 4 بند 1489 م 898 وبند 1492 م 902 جارسونيه: ج5 بند 707 ص 572 عبد الحميد أبو هيف: بند 1224 - 1235 م 818. فتحي والي : 220 ص 580). ولهذا لا يعتبر مناقضة في التوزيع (جارسونيه: ج-5 بند 709 ص 577  وما بعدها، فتحي والي: الإشارة السابقة) : الادعاء بأن الدين قد انقض لأي سبب من أسباب الانقضاء سواء حدث الانقضاء قبل إعداد القائمة أو بعد إعدادها، إذ قاضي التنفيذ لا يمكنه معرفة هذا الانقضاء من ملف التنفيذ، الإعتراض المتعلق بحصيلة التنفيذ كما لو تعلق بالمبلغ المودع وأنه أقل من الثمن أو الإدعاء بأن الثمن ليس ملكاً للمدين التي تجري ضده إجراءات التوزيع بل من حق شخص آخر يملك المال المبيع، التمسك ببطلان القائمة لتحريرها نتيجة غش أحد الدائنين أو تواطؤه مع المدين إذ القاضي يكون هو الآخر ضحية هذا الغش، ادعاء خطأ مادي في القائمة إذ طلب التصحيح لا يعتبر نقداً لعمل القاضي، ولهذا فإن أياً من هذه الاعتراضات يمكن التمسك بها بعد الميعاد الذي حدده القانون لإبداء المناقضات.

ويثبت الحق في المناقضة للدائن الطرق في خصومة التنفيذ الذي مدرج في القائمة بكامل حقه الذي حجز من أجله أو الذي اعتبر بسببه طرفاً في الإجراءات، ولهذا للدائن حق المناقضة سواء كان دائناً عادياً أو دائناً ذا أولوية، فإن كان دائناً عادياً فله المناقضة إذا استبعد حقه أو لم يدرج كاملاً، ويكون له عندئذ أن ينازع في إدراج حقوق الدائنين الآخرين أو في مقدارها أو في عدم صحة مصدر الحق العيني التبعي الذي يخول أولوية لغيره أو عدم صحة قيده (فتحي والي بند 320 ص 581 حكم محكمة استئناف مختلط 13 أبريل 1937 بيلتان 49 - 187)، ولكن ليس له أن ينازع في المرتبة التي أدرج بها دين له أولوية (جوسران - بند 422 ص 311 فتحي- الإشارة السابقة)، إذ أياً كانت درجة هذا الدين، فإن الدائن العادي يستوفي حقه بعد استيفاء جميع الحقوق ذوات الأولوية، أما إذا كان دائناَ ذا أولوية، فإن له الحق في المناقضة إذا أستبعد دينه أو أنقض أو وضع في  مرتبة أقل (عبد الحميد أبو هيف - بند 1225 ص 809) ، ويكون له عندئذٍ أن ينازع في ديون الآخرين أو أولويتهم أو في مراتب هذه الأولوية .

ومن ناحية أخري، يثبت الحق في المناقضة للمدين أو الحائز المنزوعة ملكيته  حقه الإشراف على توزيع الحصيلة على أن حق المدين ينحصر في المنازعة في وجود دين أو في مقداره، دون المنازعة في درجته ( جلاسون ج 4  بند 1490 ص  901 جوسرن - بند 442 ص 312  عبد الحميد آبوهيف بندہ 1225 ص 810 ، فتحي والي بند 320 ص 581  ، عكس هذا جارسونيه جزء خامس بند 695 صف 542 هامش 1) .

ويلاحظ أن المناقشة تبدي أمام قاضي التنفيذ في جلسة التسوية الودية، وفقاً للمادة 479 إذا  لم تتيسر التسوية الودية لاعتراض بعض ذوي الشأن يأمر القاضي بإثبات مناقضاتهم في المحضر.....، وهو ما يعني أنه إذا لم يحضر أحد ذوي الشأن جلسة  التسوية  الودية، فليس له إبداء مناقضة في القائمة المؤقتة،ويؤكد هذا ما هو مسلم من أن من لا يحضر جلسة التسوية يعتبر موافقاً عليها، وهو ما يعني نزوله عن حقه في المناقضة، ومن ناحية أخرى، ليس لمن حضر الجلسة وقدم مناقضة في القائمة أن يبدي مناقضة جديدة غير التي أبداها أمام القاضي في جلسة التسوية، وأثبتها القاضي في محضر، (مادة 479 )، أو يبدي - بعد هذه الجلسة - مناقضة بعد حضوره الجلسة دون إبداء أية مناقضة (فتحي والي -التنفيذ الجبري - بند 320 ص 582) .

فإذا قدم أحد ذوي الشأن مناقضة بعد هذه الجلسة قضت المحكمة بعدم قبولها من تلقاء نفسها، وليس لذي الشأن الذي فوت هذه الجلسة أن يناقض بعدها بزعم أنه كان واقعاٍ في خطأ في القانون، كما أنه ليس له بعدها إبداء مناقضة في صورة دعوى أصلية باسترداد ما دفع بغير حق أو الإثراء بلا سبب بقصد المنازعة في استحقاق دائن في التوزيع (فتحي والي - الإشارة السابقة).

سقوط الحق في المناقضات:

يجب على ذوي الشأن إبداء مناقضاتهم في الجلسة المحددة للتسوية الودية، وينص القانون في المادة 479 - محل التعليق - على أنه لا يجوز إبداء مناقضات جديدة بعد هذه الجلسة، ولا صعوبة في تطبيق هذه القاعدة إذا فصل القاضي في المناقضات في جلسة التسوية وإنما تثور الصعوبة  إذا أجل الفصل فيها إلى جلسة ثانية (رمزی سیف - بند 577 - ص 577 مه 579 )

والأصل أنه لا يجوز في الجلسة الثانية إبداء مناقضات جديدة، وإنما من المقرر أنه يرد على هذه القاعدة الاستثناءان الآتیان (رمز سيف - بند 577 - ص 578 و 579):

(أ) الاستثناء الأول:

 يجوز لأي دائن طرف في التوزيع أن ينضم إلى دائن آخر في مناقضته التي أبداها في الميعاد، ويذهب الرأي الغالب في الفقه والقضاء إلى القول بأن للدائن أن يتمسك بمناقضة أبداها زميله ولو نزل مقدم المناقضة عن مناقضته.

ويعلل البعض (فتحي والي - البحث السابق الإشارة إليه - ص 788) ذلك بأنه تدخل انضمامي يجوز لأن كل ذي شأن  في التوزيع تتعلق مصلحته بالمناقضة فيجوز تدخله عملاً بنص القانون على أن لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى (مادة 126)، ويعلله البعض الآخر بأن الدائن الذي لم يبد مناقضته في الميعاد إنما اعتمد في ذلك على ما أبداه غيره من مناقضات فله أن يتمسك بمناقضات غيره (عبدالحميد أبوهيف طرق التنفيذ والتحفظ - بند 1169) والراجح أنه لا محل لاعتبار تمسك دائن بطلب الحكم في مناقضة أبداها زميل له في التوزيع تدخلاً انضمامياً ( رمزي سيف - بند 577 ج 578) لأن كل ذی شأن فی التوزيع يعتبر طرفاً في المناقضة، ولو لم يقدم مناقضة في دين غيره، ولو لم يقدم غیره مناقضة في دينه، ولذلك يكون الحكم الصادر في المناقضة حجية بالنسبة لجميع ذوي الشأن في التوزيع، كما أن القانون يوجب اختصام جميع ذوي الشأن في التوزيع كما يوجب اختصام جميع ذوي الشأن في الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر في المناقضة (مادة 481 مرافعات). 

(ب) الاستثناء الثاني :

من المقرر أيضاً أن للدائن الذي حصلت مناقضة في دينه أن يقدم مناقضة في دين الدائن المناقض له فيكون له فضلاً عن طلب رفض المناقضة الأولى أن بيدى مناقضة في دين الدائن المناقض، ويبني الفقه هذا القول على أنه من مقتضيات حق الدفاع (جلاسون وتيسيه - بند 1489) على أساس أن الدائن الذي فوت فرصة إبداء المناقضة في الميعاد (جلسة التسوية) إنما فعل ذلك لقبوله للقائمة المؤقتة ولظنه أن الدائنين الأخرين سيقبلون القائمة وسوف لايقدمون مناقضات، فإذا تبين أن بعضهم قدم مناقضة في دينه كان له أن يناقض في دين هنا البعض، وفي ذات الفكرة التي يبنى عليها الاستئناف الفرعي (عبدالحميد أبو هيف - طرق التنفيذ والتحفظ - بند 1169 ص 869).

ويترتب على ما تقدم ما يأتي.

أولاً: إذا كان الدائن حاضراً في الجلسة التي أبديت فيها المناقضة ولم يقدم مناقضة فلا يجوز له في جلسة تالية أن ييدي مناقضة، لأنه لا يصدق في حقه القول بأنه لم يبد مناقضة في الجلسة الأولى لاعتقاده بأن غيره لايناقض، وإنما يعتبر في هذه الحالة نازلاً عن حقه في إبداء مناقضات في القائمة.

ثانياً: يجب أن يكون الغرض من المناقضة إقرار ما جاء في القائمة المؤقتة بالنسبة لدينه فلا يجوز للدائن أن يتخذ من المناقضة الجديدة وسيلة لتعديل ما أدرج في القائمة المؤقتة التي ارتضاها بعدم مناقضته في الجلسة المحددة للتسوية الودية  (رمزي سيف بند 557 ص 578 و ص 579). 

الحكم في تناقضات وحجيته:

ينظر قاضي التنفيذ على الفور في المناقضات ويفصل فيها في الجلسة إن أمكن ذلك فإذا أجل الفصل إلى جلسة تالية فلا يجوز إبداء مناقضات جديدة على نحو ما سبق أن أوضحنا.

ولتمكين قاضي التنفيذ من الفصل في المناقضات على الفور منحه المشرع سلطة واسعة فله السلطة التامة في تحقيق صحة الإعلانات والتوكيلات وقبول التدخل من كل ذي شأن لم يعلن بالجلسة وضم توزيع إلى آخر وتعيين خبراء لتقدير آحاد ما بيع من العقارات جملة، وله فضلاً عن كل ذلك اتخاذ أي تدبير آخر يراه مما يقتضيه حسن سير الإجراءات ( رمزي سيف - بند 578 ص 580 )

ويلاحظ أن توزيع حصيلة التنفيذ يعتبر من الموضوعات التي لا تقبل التجزئة لأن الحكم في أية مناقضة لا يؤثر في مركز الدائن المناقض فحسب ، وإنما يؤثر في مركز غيره من الدائنين في التوزيع ولو لم يكونوا دائنين مناقضين ماداموا جميعاً أطرافاً في توزيع واحد، ولهذا استقر الفقه والقضاء على القول بأن الحكم في المناقشات له ججية الأمر المقضي بالنسبة لجميع أطراف التوزيع، ولو لم يقدموا مناقضات، ولو لم توجه المناقضات إلى دیونهم (فنسان - التنفيذ - بند 269 ص 469 جوسران - بند 456 ص 219 ، جارسونیه ج 5 بند 710 ص 580 ، حكم محكمة الاستئناف المختلطة في 10 / 5 / 1938 منشور في مجلة التشريع والقضاء البلتان، سنة 50 ص 295 ، وفتحى والي بحثه المنشور في مجلة القانون والاقتصاد سنة 25 العدد الثالث ص 830 . رمزی سیف بند 579  ص 580 ، احمد قمحة وعبدالفتاح السيد - التنفيذ علماً و عملاً سنة 1927 بند 843 ص 661 ، نقض فرنسي 20 / 1 / 1980 - سیری 1908 -1 -408)، وتعتبر هذه الحجية الشاملة نتيجة طبيعية لمبدأ عدم قابلية التوزيع للتجزئة (فتحى والي - التنفيذ الجبري - بند 321 ص 584 وص 585 ، ذلك أنه ما دام الأمر يتعلق بتوزيع واحد فإن مركز الدائنين غير المناقضين لابد أن يتأثر بنتيجة الحكم في المناقضة. ولهذا فإن الحكم في المناقضة قد يفيد أو يضر جميع الدائنين في التوزيع ( فتحي والي - الإشارة السابقة).

 ولا خلاف في حجية الحكم الصادر في المناقضة بالنسبة لجميع الدائنين في توزيع واحد، وإنما هل لهذا الحكم حجية في توزيع آخر؟

هذه المسألة تختلف عليها (انظر: رمزي سيف بند 795 - ص 580 و 581) فمن رأى البعض أن الحكم الصادر في مناقضة في توزيع معين لا حجية له في توزيع آخر ولو اتحد الخصوم في المناقضة في كل منهما وأساس هذا الرأي القول اختلاف الموضوع في كل منهما إذ أن موضوع کل مناقضة هو حصيلة التنفيذ.

ومن رأى البعض الآخر أن الحكم الصادر في مناقضة أبديت في توزيع معين تكون له الحجية في توزيع آخر بشرط وحدة الموضوع والسبب والخصوم في كل من المناقضتين، والموضوع عند القائلين بهذا الرأي اليمن حصيلة التنفيذ، وإنما هي الدين المتنازع فيه أو في مقداره أو مرتبته، والسبب هو السبب الذي بنيت عليه هذه المنازعة فإذا اتحد الموضوع، والسبب بهذا المعنى، وكان الخصوم في کل من المناقضتين متحدين كان الحكم الصادر في المناقضة التي حصلت في التوزيع الأول حجية في التوزيع الثاني (جلاسون وتيسيه ج 4 بند 1499 ).

والراجح هو الرأي الثاني ويؤيده نص المادة  480 من قانون المرافعات المصري على أن الحكم في المناقضة لا يقبل الطعن بالاستئناف إلا إذا كان المبلغ المتنازع فيه يزيد على خمسمائة جنية مهما كانت قيمة حصيلة التنفيذ، إذ يستفاد من هذا النص أن موضوع المناقضة ليس حصيلة التنفيذ، وإنما المبلغ المتنازع فيه أي الدين المتنازع فيه إذا توزع في الدين كله أو جزئه المتنازع فيه إذا اقتصر النزاع على جزء منه، و مرتبته إذا انصب النزاع على مرتبة الدين (رمزی سیف - بند 579 ص 581 ).(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / السادس ،  الصفحة :  657 )

التعليقات معطلة.