loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

مذكرة المشروع التمهيدي تعليقاً على نص المادة 390 من القانون المدني الملغاة والمقابلة لنص المادة 10 من قانون الإثبات محل التعليق .

1) تصرف عبارة السند تارة إلى الواقعة القانونية أي العمل القانوني وطوراً إلى " أداة الإثبات" أي إلى الورقة التي يجري الإثبات بمقتضاها وقد رأی استعمال عبارة الورقة الرسمية للتمييز بين مصدر الحق أو الإلتزام وبين أداة إثباته ويراعى أن الورقة الرسمية لا تكون على الدوام من صنع المتعاقدين أنفسهم فقد يتولى الموظف العام تحريرها "وتوثيقها" ودون أن يقتصر عمله على "تلقيها" .

وقد عرضت المادة 1905 من التقنين الهولندي والمادة 2422 من التقنين البرتغالي والمادة 1207 من التقنين الكندى لهذا التفصيل بيد أن المشروع لم يرد محلاً لإيراده وتتناول الفقرة الأولى من المادة 27 بيان الشرطين الواجب توافرها في الورقة الرسمية ويراعى أن هذين الشرطين هما قوام ما شرع القانون من ضمانات هي مرجع ما يتوافر لتلك الورقة من حجية بالغة في الإثبات وعلة إيصال أمرها إلى موظف عام يثبت له القانون سلطة واختصاصاً في هذا الشأن سواء من الناحية النوعية أم من الناحية المكانية .

2) والواقع أن ما يولى القانون من سلطة خاصة للموظف العام هو عماد ما يتوافر للورقة الرسمية من قوة في الإثبات وهو بذاته مناط العلة من هذه القوة بيد أنه لم ير من العدل حرمان المتعاقدين من الإستناد إلى الورقة إذا كانوا قد عهدوا بأمرها إلى موظف ليست له سلطة توثيقها بالنسبة للمكان متى كانوا قد اعتقدوا خلاف ذلك بناء على سبب مشروع على أنه مثل هذه الورقة لا يكون لها إلا قيمة ورقة عرفية وفقاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 527 من المشروع .

ويشترط لتطبيق هذه الفقرة :

أ) أن تكون ثمة ورقة تلقاها موظف عام له سلطة توثيقها بالنسبة لطبيعتها (الإختصاص النوعي) .

ب) وأن يكون ذوو الشأن جميعاً قد وقعوا على هذه الورقة بإمضاءاتهم أو ببصمات أصابعهم .

على أن هذا الحكم ليس إلا إستثناء من نطاق القواعد العامة ولذلك ينبغي تحامي التوسع في تفسيره فهو لا ينطبق حيث يكون الموظف العام غير مختص بالنسبة لطبيعة الورقة (كما لو تلقى أحد المحضرين عقد بيع) أو حيث يكون هذا الموظف قد أغفل التوقيع على الورقة لأنها تكون خلواً من هذه الحالة مما يثبت أنه تلقاها أو حيث يكون أحد المتعاقدين قد أغفل التوقيع على الورقة بإمضائه أو ختمه أو خصمه وهو لا ينطبق كذلك إذا كان الموظف العام قد تدخل بوصفه طرفاً في التعاقد إذ ليس من المتصور أن يتولى الموظف العام ضبط ورقة رسمية لنفسه وليس للمتعاقدين في هذه الحالة أن يعتقدوا اعتقاداً مشروعاً في رسمية هذه الورقة .

ولما كانت صحة الدليل غير منفكة عن صحة التصرف نفسه إن اشتراط للرضا فيه شكل خاص فغني عن البيان أن هذه الفقرة لا تنطبق على التصرفات التي تشترط فيها الرسمية بوصفها ركناً من أركان الشكل .

الأحكام

1- النص فى المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 مؤداه أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضى طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليه بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فى موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه ، والمشرع وإن تطلب فى النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات فى محضر الجلسة وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذى تنفذ فى أسباب الحكم إلا أنه لم يرتب جزءاً معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص فى هذا الشأن تنظيمياً . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها لحسم النزاع دون أن تأخذ بنتيجة التحقيق الذى أجرته وكان هذا منها عدولاً ضمنياً عن الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذى نفذته فلا يعيب الحكم عدم الإفصاح صراحة فى مدوناته عن أسباب هذا العدول .

( الطعن رقم 182 لسنة 63 - جلسة 1997/06/24 - س 48 ع 2 ص 982 ق 187 ) 

2- الحكم الصادر - قبل الفصل فى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يقيد المحكمة عند الفصل فى الموضوع إلا أن يكون قد فصل لازماً فى شق من النزاع تستنفذ به المحكمة ولايتها و لا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو إفتراضات موضوعية ما دام لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم ويجوز العدول عنه والإلتفات عما تضمنه من أراء قانونية أو إفتراضات واقعية بقصد إثارة الطريق أمامه لتحقيق المأمورية حتى تتهيأ الدعوى للفصل فى موضوعها .

( الطعن رقم 1193 لسنة 54 - جلسة 1990/02/05 - س 41 ع 1 ص 436 ق 77 )

3- لاسبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة فى القانون واستثناء من هذا الأصل إذا شاب الحكم خطأ مادى بحت فقد ارتأى المشرع الرجوع إلى المحكمة التى أصدرت الحكم طبقا لإجراءات خاصة نظمتها المادة 191 من قانون المرافعات التى نصت على أنه : " تتولى المحكمة تصحيح ما يقع فى حكمها من أخطاء مادية بحته كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجرى كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة ، ويجوز الطعن فى القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليه فى الفقرة السابقة بطرق الطعن الجائزة فى الحكم موضوع التصحيح ، أما القرار الذى يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على إستقلال " . ويتضح من المفهوم المخالف للنص القانون سالف الإشارة أنه قاطع فى أن الأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع فى شأنها إلى ذات المحكمة التى أصدرت الحكم ، والقول بعكس ذلك فيه إبتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع - كما أنه إستثناء من هذا الأصل المقرر أباح الشارع للمحكمة العدول عن حكمها فى أحوال معينة نص عليها على وجه الحصر - لحكمة إرتأها فى تلك الحالات - منها ما نصت عليه المادة 242 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه : " إذا حضر الخصم قبل إنتهاء الجلسة التى صدر فيها الحكم عليه فى غيبته ، وجب إعادة نظر الدعوى فى حضوره " وما نصت عليه المادة 86 من قانون المرافعات من أنه : " إذا حضر الخصم الغائب قبل إنتهاء الجلسة إعتبر كل حكم صدر عليه فيها كأن لم يكن " وما نصت عليه المادة 99 منه من حق المحكمة بتوقيع غرامة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن تنفيذ قرارات المحكمة ثم أجاز المشرع للمحكمة إقالة المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذرا مقبولا ، وما نصت عليه المادة 104 من ذات القانون على حق المحكمة فى الحكم بعقوبات عينتها المادة على من يخل بنظام الجلسة و حقها إلى ما قبل إنتهاء الجلسة فى الرجوع عن الحكم ، وما نصت عليه المادة التاسعة من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من حق المحكمة فى العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر .

( الطعن رقم 5736 لسنة 58 - جلسة 1989/01/05 - س 40 ص 5 ق 1 ) 

4- يدل نص المادة التاسعة من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية والصادر برقم 25 لسنة 1968 على أن حكم الإثبات لا يحوز حجية الأمر المقضى طالما قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها للفصل فى موضوع النزاع ، كما أن لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه ، والمشرع وأن تطلب فى النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات فى محضر الجلسة . وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات الذى تنفذ فى أسباب الحكم إلا أنه لم يرتب جزءاً معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص فى هذا الشأن تنظيمياً .

( الطعن رقم 1706 لسنة 52 - جلسة 1986/05/15 - س 37 ع 1 ص 561 ق 117 ) 

5- الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعتبر أحكاماً قطعية ولا تحوز حجية الأمر المقضى فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها وقبل تنفيذها وذلك ما لم تتضمن تلك الأحكام فصلاً فى حق من الحقوق إذ تكون بذلك حجة فيما فصلت فيه منها ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية .

( الطعن رقم 1568 لسنة 51 - جلسة 1985/04/29 - س 36 ع 1 ص 703 ق 146 )

6- لما كان مؤدى ما تقضى به المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 1968/25 من أنه يجوز للمحكمة ألا تأخذ بنتيجة إجراء الإثبات بشرط أن تبين أسباب ذلك فى حكمها وعلى ما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة أن القاضى غير مقيد بما يكون قد شف عنه حكم الإثبات من إتجاه فى الرأى ومن ثم فلا يحوز قوة الأمر المقضى بحيث يجوز للمحكمة ألا تأخذ بما أسفر عنه تنفيذ ما أمرت به من إجراءات الإثبات على أن يتضمن الحكم الصادر فى الموضوع أسباب العدول .

( الطعن رقم 698 لسنة 49 - جلسة 1984/12/17 - س 35 ع 2 ص 2135 ق 405 ) 

7- النص فى المادة 9 من قانون الإثبات على أن للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين ذلك فى حكمها " يدل على أن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات لا تعتبر أحكاماً قطعية ولا تجوز حجية الأمر المقضى فيجوز للمحكمة العدول عنها بعد إصدارها قبل تنفيذها وإذا هى نفذتها بالنتيجة التى أدت إليها وذلك ما لم تتضمن تلك الأحكام فصلاً فى حق من الحقوق ، إذ تكون بذلك حجية فيما فصلت فيه منها ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية .

( الطعن رقم 18 لسنة 45 - جلسة 1980/01/26 - س 31 ع 1 ص 286 ق 60 )

8- الحكم الصادر قبل الفصل فى الموضوع لا يقيد المحكمة عند الفصل فى الموضوع إلا أن يكون قد فصل فصلاً لازماً فى شق من النزاع تستنفذ به المحكمة ولايتها وفيما عدا ذلك فإن المحكمة تكون عقيدتها من مجموع الوقائع والأدلة وأوجه الدفاع المقدمة إليها تقديماً صحيحاً. وإذ يبين من الحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق أن المحكمة لم تفصل فى الموضوع أو فى شق منه أو قالت كلمتها قاطعة فى شأن عدم كفاية الأدلة المقدمة للإثبات بعد استعراض تلك الأدلة أو مناقشتها فلا تكون قد استنفدت ولايتها فى هذا الشأن ويكون لها أن تحكم فى الموضوع من مجموعة الأدلة التي طرحت عليها طرحاً صحيحاً، وإذ كانت المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر وذلك حتى لا يلزم القاضي بتنفيذ إجراء لم يعد يرى ضرورة له ما دام غير مقيد فى حكمه فى الموضوع بما يسفر عنه هذا الإجراء وكان المطعون عليهم كما ورد بالحكم قد تنازلوا عن حكم التحقيق، فإن النعي على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والتناقض يكون على غير أساس.

( الطعن رقم 895 لسنة 44 - جلسة 1978/06/22 - س 29 ع 1 ص 1520 ق 293 ) 

9- الحكم بتحقيق الدعوى سواء أكان بندب خبير أو بأى طريق آخر لا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو إفتراضات موضوعية ما دام لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم و يجوز العدول عنه والإلتفات عما تضمنه من أراء قانونية أو إفتراضات واقعية بقصد إنارة الطريق أمام التحقيق المأمور به حتى تتهيأ الدعوى للفصل فى موضوعها .

( الطعن رقم 754 لسنة 40 - جلسة 1978/01/25 - س 29 ع 1 ص 309 ق 63 )

شرح خبراء القانون

المحررات الرسمية :

تعرف المادة 10 من قانون الإثبات المحررات الرسمية بأنها «هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوى الشأن، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه». 

فلكي يوجد محرر رسمى يجب :

1- أن يصدر المحرر عن موظف عام. ويستفاد صدوره منه من توقيعه عليه ولو لم يكن مكتوباً بخطه . ويعتبر المحرر رسمياً ولو لم يصدر من موظف عمومي إذا صدر من شخص مكلف بخدمة عامة ، ولو كان هذا الأخير مختاراً بواسطة الأفراد ، ما دام القانون ينظم قيامه بالخدمة العامة ، كما هو الحال بالنسبة للحكم التحكيمي الصادر عن محكم. ويستوي أن يكون الشخص قائماً بعمله بأجر أو بغير أجر .

2 ـ أن يكون من أصدر العمل صالحاً لإصداره والمقصود بالصلاحية هنا الولاية، بألا يكون قد أوقف عن عمله؛ والصلاحية الشخصية بألا يقوم مانع شخصی لديه من إصدار المحرر كما لو كان طرفاً في العقد الذي يراد تحريره فی الورقة، وأن يدخل تحرير الورقة في سلطة من في مثل وظيفته؛ والصلاحية المكانية بأن يكون تحريرها يدخل في اختصاصه المكاني إن وجد .

3 ـ أن يتم تحرير الورقة وفقاً للقواعد التي ينص عليها القانون وهذه تختلف بالنسبة لأنواع المحررات المختلفة .

أما إذا لم تتوافر عناصر المحرر الرسمي جميعاً، فيجب التفرقة بين فرضين :

الأول - ألا يكون للمحرر مظهر المحررات الرسمية، وعندئذ يكون التزوير واضحاً وللمحكمة - المتمسك أمامها بالمحرر - أن تحكم برده دون حاجة للإدعاء بالتزوير ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها ذلك. (مادة 58/ 2 قانون الإثبات) .

الثاني - أن يكون للمحرر مظهر المحررات الرسمية، ولكن ينقصه أحد عناصرها. وعندئذ يكون المحرر باطل، ويحكم القاضي - في الإدعاء بالتزوير - ببطلانه، إلا إذا تعلق الأمر ببعض العيوب التي لا تؤدى إلى بطلانه مثل عدم دفع الرسم المالى. وإذا حكم بالبطلان، وتضمن المحرر الرسمي العناصر الكافية لتكوين محرر عرفي وبصفة خاصة توقيع ذوى الشأن، فإنه يعتبر كذلك وبعبارة أخرى، يتحول إلى محرر عرفي ويكون له قوة المحرر العرفي في الإثبات. (مادة 10/ 2 قانون الإثبات) .

وأصل المحرر الرسمي يحتفظ به لدى الموظف الذي حرره، ويعطى منه فور تحريره صورة لذى الشأن تسمى الصورة الأصلية. وإذا احتاج ذو مصلحة بعد ذلك صورة من المحرر أعطيت له. وهذه أيضاً صورة أصلية، إذ هي مأخوذة عن الأصل. وقد تودع الصورة الأصلية لدى إحدى الجهات الرسمية، ويطلب ذو شأن إعطاءه صورة منها وعندئذ لا نكون بصدد صورة أصلية وإنما صورة من الصورة ويمكن تصور إيداع هذه الأخيرة لدى إحدى الجهات الرسمية، وطلب صورة منها فتعتبر هذه صورة صورة الصورة الأصلية. وهكذا... فهل لهذه الصور - على اختلافها - حجية الأصل في الإثبات ؟

يجب ملاحظة أن الأمر - في جميع هذه الفروض - يتعلق بصورة رسمية، أي صور صادرة إما من الجهة التي حررت الأصل أو من جهة رسمية لها سلطة إعطاء صورة من المستند المودع لديها؛ فالصورة الخطية أو الفوتوغرافية التي ينقلها ذو الشأن بنفسه من صورة رسمية لا حجية لها. أما بالنسبة إلى الصور الرسمية فيجب أن نفرق بالنسبة لها بين فرضين :

الأول - أن يكون الأصل محفوظاً لدى من أصدره وهذا هو الفرض الغالب وعندئذ تكون الصورة الرسمية أياً كانت درجتها - خطية أو فوتوغرافية - حجية المحرر الرسمي على أن هذه الحجية تكون لها بفرض أنها مطابقة للأصول هذا لمن يحتج عليه بها أن يطلب من المحكمة مطابقتها بالأصل، فتأمر المحكمة بضم الأصل إلى ملف القضية ولا يكون للصورة حجية الأصل إلا بقدر مطابقتها له، إذ الحجية في الواقع مستمدة من الأصل (12 ق. الإثبات).

الثاني - إذا لم يكن الأصل موجوداً، بسبب سرقة أو إهمال أو حريق أو غير ذلك، فقد فرق القانون المصرى بين الصور الرسمية حسب درجاتها على النحو التالي :

أ- الصورة الأصلية ، لها حجية الأصل بشرط أن يكون مظهرها الخارجي سليمة لا يشكك في مطابقتها للأصل .

ب- صورة الصورة الأصلية. لها حجية الأصل، ولكن إذا كانت الصورة الأصلية موجودة فإن لمن يحتج بها عليه طلب مطابقتها على الصورة الأصلية. فتضم هذه الأخيرة. وتكون الحجية لها أما صورتها فإنها تكون حجة بقدر مطابقتها لها فإذا لم تكن الصورة الأصلية موجودة، فقد ذهب رأي إلى أن صورة الصورة الأصلية لا حجية لها. فهي في هذا الشأن كصورة صورة الصورة وعلة هذا أنه لا يمكن مضاهاتها بالصورة الأصلية  على أننا نميل إلى رأي آخر مؤداه أنه في هذه الحالة تكون الصورة الصورة الأصلية نفس حجية الصورة الأصلية يؤيد هذا عبارة المادة 13/ب من قانون الإثبات إذ تقضي بأنه «ويكون للصورة الرسمية المأخوذة من الصورة الأصلية الحجية ذاتها» (أي حجية الصورة الأصلية المشار إليها في الفقرة أ).

جـ - صورة الصورة : ليس لها حجية المحرر الرسمى، ولو كانت الصورة الأصلية أو صورتها موجودة، وإنما يكون للقاضی مجرد الإستئناس بها حسب ظروف القضية. (13/ جـ ق. الإثبات ).(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني، الصفحة :  136)

ويتبين من نص المادة 10 من قانون الإثبات أن هناك شروطاً ثلاثة يجب توافرها لتكون الورقة الرسمية صحيحة .

أولاً // أن يقوم بكتابة الورقة أو بتلقيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة .

ثانياً // أن يكون هذا الموظف أو الشخص مختصاً من حيث الموضوع  في حـدود سلطته  ومن حيث المكان  في اختصاصه .

ثالثاً //  أن يراعى في توثيق الورقة الأوضاع التى قررها القانون .

ونتناول بالبحث كلاً من هذه الشروط الثلاثة، ثم نبحث جزاء الإخلال بأى منها.

صدور الورقة الرسمية من موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة .

كيف تصدر الورقة الرسمية ونوعا البيانات التي تتضمنها :

تقول المادة 10 من قانون الإثبات أن الورقة الرسمية هى التى يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوى الشأن .

فالورقة الرسمية يكون صدورها إذن من الموظف العام بأن يكون هو الذي يحررها. وليس من الضرورى أن تكون مكتوبة بخطه، بل يكفى أن يكون تحريرها صادراً بإسمه. ويجب على كل حال أن يوقعها بإمضائه .

ويثبت فيها نوعين من البيانات :

1- ما تم على يديه . أي أنه يثبت في الورقة الرسمية جميع الوقائع التي وقعت تحت نظره وبمشهد منه خاصة بالتصرف الذي يوثقه. فيثبت حضور ذوى الشأن، وما قام به كل منهم كأن يكون المشترى مثلاً سلم الثمن كله أو بعضه للبائع أمام الموثق، وحضور الشهود أمامه مع ذكرهم بأسمائهم، وتاريخ تحرير الورقة الرسمية، وتلاوته الصيغة الكاملة للورقة ومرفقاتها مع بيان الأثر القانونى المترتب عليها، وقيام ذوى الشأن والشهود بتوقيعها، وغير ذلك من الوقائع التى تمت بمحضر منه وتحت بصره .

2- ما تلقاه من ذوى الشأن من أقوال وبيانات وتقريرات فى شأن التصرف القانوني الذي تشهد به الورقة، أى ما وقع تحت سمعه. فالبائع مثلاً قرر أنه باع عيناً بحدود معينة بثمن معين وتعهد بالتزامات معينة، وقرر المشترى أنه قبل شراء هذه العين بهذا الثمن وأنه من جهته تعهد بالتزامات معينة، وهكذا .

3ـ موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة : والموظف العام هو شخص عينته الدولة للقيام بعمل من أعمالها، سواء أجرته على هذا العمل كالموثق، أو لم تؤجره كالعمدة .

ويتنوع الموظفون العامون بتنوع الأوراق الرسمية فالموظف الذي يقوم بتحرير التصرفات هو المأمور الرسمى أو الموثق، والموظف الذى يقوم بكتابة الأحكام هو القاضى، والموظف الذى يثبت ما يدور في جلسة القضاء من إجراءات ومرافعات هو كاتب الجلسة، والموظف الذى يقوم بإعلان أوراق المرافعات المختلفة وتنفيذ الأحكام والأوراق الرسمية هو المحضر .

ويبقى الموظف عاماً حتى لو كان يعمل في إدارة حكومية يقوم عادة بعملها الشركات في البلاد الأخرى. كمصلحة السكك الحديدية ومصلحة البريد. ويترتب على ذلك أن أوراق النقل الخاصة بمصلحة السكك الحديدية وحوالات البريد تعتبر أوراقاً رسمية، ويكون التزوير فيها جناية لا جنحة. وكذلك حال الموظفين الذين يعملون في إدارة الأموال الخاصة لدولة مصلحة الأملاك، فتعتبر الأوراق التي يكتبونها أوراقاً رسمية. وموظفوا وزارة الأوقاف والأشخاص المعنوية العامة الأخرى كالجامعات ودار الكتب ومجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية، كل هؤلاء يعتبرون موظفين عامين .

وليس من الضرورى أن يكون من تصدر منه الورقة الرسمية موظفاً عاماً، بل يكفى أن يكون مكلفاً بخدمة عامة، وهذا تعديل في المشروع التمهيدى للتقنين المدني الجديد أجرته لجنة المراجعة. فالمأذون يقوم بتحرير عقود الزواج وشهادات الطلاق. والخبير يقوم بتحرير محضر بأعماله وتقرير يقدمه عن المهمة التي انتدب لها، وكذلك القسيس فيما يتعلق بزواج المسيحيين، وقضاة المجالس الملية وكتبتها فيما يتعلق بأحكام هذه المجالس وبمحاضر جلساتها. وهؤلاء ليسو موظفين عامين، ولكنهم أشخاص مكلفون بخدمة عامة .

الموظفون العامون الذين يقومون بالتوثيق فى النظام الحالى : ظهر في العمل عيوب تعدد جهات التوثيق على النحو الذي أسلفناه. فصدر قانون رقم 68 لسنة 1947، بتاريخ 29 يونية سنة 1947  الوقائع المصرية عدد 3 يوليه سنة 1947، والمعمول به من أول يناير سنة 1948، يوحد جهات التوثيق ويعيد تنظيمه. وتقول المذكرة الإيضاحية لهذا القانون :  ( وإذا كانت هذه الحالة  لم تعد موافقة لظروف العصر، فقد اتجه الرأي من زمن إلى وضع نظام ثابت للتوثيق تتوحد به جهاته وتنتظم شؤونه على وجه يكفل تحقيق الطمأنينة التامة على الحقوق واستقرار المعاملات ) .

وقد قضى قانون التوثيق ولائحته التنفيذية بتوحيد جميع جهات التوثيق فى جهة واحدة، ليست هى أياً من المحاكم المتقدمة الذكر، بل هى مكاتب مستقلة  تتولى توثيق المحررات التى يقضى القانون بأن يطلب المتعاقدون توثيقها. وتتولى توثيق جميع هذه المحررات، عدا ما كان مها متعلقاً بالوقف والأحوال الشخصية للمسلمين فيبقى توثيقها كما كان للمحاكم الشرعية. أن ألغيت تلك المحاكم بالقانون رقم 462 لسنة 1955 أما التوثيق من إختصاص هذه المكاتب الموحدة. ولكن غير المسلمين من الأجانب يكون لهم الخيار فى توثيق أوراقهم المتعلقة بالأحوال الشخصية بين مكاتب التوثيق أو جهاتهم القنصلية، إذ الشكل فى قواعد القانون الدولى الخاص قد يخضع للقانون الوطنى المشترك م 20 مدنى  كما يخضع لقانون البلد الذى تمت فيه أو قانون الموضوع أو قانون موطن المتعاقدين . 

وقد صدر القانون رقم 462 لسنة  1955 بإلغاء المحاكم الشرعية فأحليت أعمال التوثيق التي كانت تباشرها هذه المحاكم إلى مكاتب التوثيق العامة . وصدر بعد ذلك القانون رقم 629 لسنة 1955 بتعديل المادة 3 من قانون التوثيق وجعل إختصاص مكاتب التوثيق يتناول جميع المحررات عدا عقود الزواج وشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك بالنسبة إلى المصريين المسلمين فهذه الامور ظلت من إختصاص المأذونين يباشرون توثيقها وبالنسبة لتوثيق عقود الزواج والطلاق فيما يتعلق بالمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة فيقوم به موثقون يختارون عادة من رجال الدين ينتدبهم لذلك وزير العدل وإعمالاً لهذا القانون صدر منشور التوثيق رقم 6 لسنة 1956 ونص على أن تتولى مكاتب التوثيق توثيق عقود الزواج وشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك الخاصة بالمسلمين إذا كان طرفا العقد أجنبيين أو كان أحد الطرفين فيه أجنبياً وكذلك العقود الخاصة بغير المسلمين إذا كان طرفاً العقد مصريين مختلفى الطائفة والملة أو كان أحدهما أو كلاهما أجنبياً ولو اتحدا طائفة أو ملة كما تختص مكاتب التوثيق بجميع أنواع الشهادات الأخرى - ولو كانت متعلقة بمسائل الأحوال الشخصية خلاف الزواج والطلاق - كالوقف والرجوع فيه وإشهار الإسلام وباقي المسائل المتعلقة بأمور الزوجية كالإقرار بالنفقة أو بقبضها والإقرار بالبنوة أما الموظفون العامون الذين يقومون بالتوثيق فى النظام الجديد فهم ـ عدا قضاة المحاكم الشرعية وكتبتها والمأذونين الشرعيين فيما يتعلق بالوقف والأحوال الشخصية للمسلمين، وعدا القنصليات الأجنبية عند اختيارهما فيما يتعلق بالأحوال الشخصية لغير المسلمين الأجانب ـ موظفون معينون لهذا الغرض، إذ تنص المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق على أن  يقوم بالتوثيق موثقون وموثقون مساعدون يعينون بقرار من وزير العدل .

وفي سنة 1954 صدر القانون رقم 166 بإصدار قانون نظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي وأعطى للقناصل سلطة توثيق محررات في البلاد التى يمثلون فيها مصر تكون لها ذات القوة الرسمية للمحررات التي توثق في مصر .   

ويتبين مما تقدم أن الذين يقومون بالتوثيق فى مصر هم ، كقاعدة عامة ، موظفون عامون يعينهم وزير العدل. وكانوا قبل ذلك أيضاً موظفين عامين يعينهم وزير العدل فى المحاكم المختلطة وفى المحاكم الشرعية. أما فى فرنسا فيقوم بالتوثيق طائفة تسمى بالموثقين، ولهم نظم خاصة، وماض بعيد، وتقاليد قوية. وهم ليسو بالموظفين الذين يتقاضون أجراً من الدولة، بل يؤجرون على أعمالهم من أصحاب الشأن، شأنهم فى ذلك شأن المحامين ومحضرى القضايا وسائر أصحاب المهن المنظمة رسمياً، ويوجد لهم نظير فى بعض البلاد العربية يسمى بالكاتب العدل. وأقرب نظير لهم فى مصر هم المأذونون الشرعيون، إذ لا يتقاضى هؤلاء أجراً من الدولة، وإن كان اختصاصهم محصوراً في دائرة الأحوال الشخصية للمسلمين وفى بعض نواحيها، فيضيق إختصاصهم كثيراً بل ويختلف عن اختصاص الموثقين فى فرنسا .

اختصاص الموظف من حيث الموضوع ومن حيث المكان :

اختصاص الموظف من حيث الموضوع

المقصود  بالسلطة  فى نص المادة 10 من قانون الإثبات :

لا يكفى لصحة الورقة الرسمية أن يقوم بتحريرها موظف عام، بل يجب أيضاً أن يكون هذا  الموظف مختصاً بكتابتها من حيث الموضوع. وتشترط المادة 10 من قانون الإثبات السابق إيرادها أن يكون الموظف العام قد عمل  فى حدود سلطته واختصاصه. وفى رأينا أن المقصود  بالسلطة  فى هذا النص جملة أمور :

1- ولاية الموظف العام من حيث قيامها .

2- أهلية الموظف العام من حيث عدم قيام مانع شخصى به يجعله غير صالح لتوثيق ورقة بالذات .

3- الإختصاص الموضوعي للموظف العام من حيث نوع الأوراق الرسمية التى يجوز له أن يقوم بتوثيقها . 

وهذا كله يدخل فى  سلطة  الموظف العام . أما  الإختصاص  فنرى قصره على الإختصاص المكانى الذى سننتقل إليه فيما يلى  :

ونستعرض هذه الأمور الثلاثة متعاقبة : الولاية والأهلية والاختصاص الموضوعى .

الولاية : يجب أن تكون ولاية الموظف المختص قائمة  وقت تحرير الورقة الرسمية . فإذا كان قد عزل من وظيفته ، أو وقف عن عمله ، أو نقل منه ، أو حل غيره محله على أى وجه آخر ، فإن ولايته تزول ، ولا يجوز له مباشرة علمه ، وتكون الورقة التى يحررها عندئذ باطلة للإخلال بشرط من شروط صحتها .

وعلى أنه إذا كان الموظف لم يعلم بالعزل أو الوقف أو النقل أو إنتهاء الولاية ، وكان ذوو الشأن هم أيضاً حسنى النية لا يعلمون بشئ من ذلك ، فإن الورقة الرسمية التي يحررها الموظف فى هذه الظروف تكون صحيحة رعاية للوضع الظاهر المصحوب بحسن النية .

وتطبيقاً لحماية الوضع الظاهر يكفى أيضاً أن يكون الموظف قد ولى وظيفته ولو فى الظاهر ، حتى لو كان تعيينه في هذه الوظيفة قد وقع مخالفاً للقانون ، فانه فى هذه الحالة يعتبر موظفاً فعلياً، أى موظفاً من حيث الواقع. ويعتبر أيضاً موظفاً فعلياً الموظف الذى عينته سلطة غير شرعية قد استقر سلطانها، كحكومة الثورة أو حكومة دولة أجنبية غازية. ففي جميع هذه الأحوال يكون توثيق الموظف المعين تعييناً باطلاً أو المولى من قبل سلطة غير شرعية توثيقاً صحيحاً، تطبيقاً لنظرية الموظف الفعلى وهى نظرية معروفة فى القانون الإدارى .

الأهلية : متى ثبت للموثق الولاية على النحو المتقدم، وجب أن يكون، بالنسبة إلى كل ورقة رسمية يوثقها، أهلاً لتوثيقها. وهو فى الأصل أهل لتوثيق جميع الأوراق الرسمية التى تدخل فى اختصاصه. غير أن اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق سلبته الأهلية فى أية ورقة رسمية بالذات تكون له فيها مصلحة شخصية أو تربطه بأصحاب الشأن فيها صلة معينة من قرابة أو مصاهرة. فنصت المادة الرابعة من هذه اللائحة على أنه  لايجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر يخصه شخصياً أو تربطه وأصحاب الشأن فيه صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة .

فلا يجوز إذن أن يكون الموثق نفسه طرفاً فى الورقة الرسمية التى يوثقها، بائعاً أو مشترياً فى عقد بيع مثلاً، أو وكيلاً أو موكلاً فى عقد وكالة، أو نحو ذلك. ولا يجوز له ذلك لا بنفسه ولا بشخص مسخر عنه، كأن يكون البائع أو المشترى يبيع أو يشترى لحسابه ولو بغير توكيل ظاهر. ولا يجوز بوجه عام أن تكون له مصلحة شخصية مباشرة فى الورقة التى يوثقها، كأن يكون شريكاً لذوى الشأن فى الصفقة التى تثبتها الورقة الموثقة، فإن المادة الرابعـة من اللائحة التنفيذية، عند ما سلبته الأهلية فى الحالات التى نصت عليها، كان ذلك  لرفع مظنة المحاباة أو التأثير فى إرادة أحد المتعاقدين  كما تقول المذكرة الإيضاحية لهذه اللائحة، ومظنة المحاباة أو التأثير قائمة إذا وجدت للموثق فى الورقة التى يوثقها مصلحة شخصية مباشرة. وجزاء ذلك بطلان الورقة الرسمية، حتى فى الأجزاء التى لا مصلحة للموثق فيها .

كذلك لا يجوز أن يكون بين الموثق وأصحاب الشأن صلة قرابة أو مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة، دفعاً لمظنة المحاباة أو التأثير. فلا يجوز للموثق أن يوثق بيعاً مثلاً يكون فيه البائع أو المشترى فرعاً أو أصلاً له لغاية الدرجة الرابعة، بدخول الغاية، أو يكون أخاً أو أختاً أو فرعاً لأيهما كذلك. ومثل القرابة المصاهرة. فلا يجوز أولاً ـ ولو من غير نص صريح في المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق ـ أن يوثق الموثق لزوجته أو لزوجه. ثم لا يجوز له بعد ذلك أن يوثق لأحد من أقارب زوجته أو زوجه لغاية الدرجة الرابعة على النحو الذى قدمناه، لقيام صلة المصاهرة بين الموثق وهؤلاء .

وتنص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق على أنه  لا يجوز توثيق محرر إلا بحضور شاهدين كاملى الأهلية مقيمين بالمملكة المصرية ولهما إلمام بالقراءة والكتابة ولا صالح لهما فى المحرر المطلوب توثيقه ولا تربطهما بالمتعاقدين أو بالموثق صلة مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة. فيجب إذن ألا يكون بين الموثق وشاهدى الورقة الرسمية صلة قرابة أو مصاهرة لغاية الدرجة على النحو الذى قدمناه فيما يتعلق بأصحاب الشأن فى الورقة الرسمية، فهم والشاهدان من هذه الناحية بمنزلة سواء. ولكن لا يشترط انتفاء صلة القرابة أو المصاهرة لغاية الدرجة الرابعة فيما بين الشاهدين نفسيهما .

الإختصاص الموضوعى : ويجب أن يكون الموثق مختصاً من الناحية الموضوعية بنوع الورقة الرسمية التي يقوم بتوثيقها. والموثق، طبقاً للمادة الأولى من قانون التوثيق، مختص بتوثيق جميع المحررات التى يقضى القانون أو يطلب المتعاقدون توثيقها. فتلك تصرف قانوني يشترط القانون فيه ورقة رسمية، كالهبة والرهن الرسمي، يختص الموثق بتوثيقه. وكذلك جميع التصرفات القانونية التى لا يشترط فيها القانون ورقة رسمية، بل تكون تصرفات رضائية ويجوز إثباتها فى ورقة عرفية، كالبيع والإيجار والوكالة والقسمة والصلح، يجوز لأصحاب الشأن إثباتها فى ورقة رسمية، وعندئذ يكون الموثق مختصاً بتوثيقها. ولا يخرج من الإختصاص الموضوعي للموثق إلا الوقف والأحوال الشخصية للمسلمين فهذه يكون التوثيق فيها من اختصاص المحاكم الشرعية قضاة وكتبة ومن إختصاص المأذونين كما سبق القول، وإلا الأحوال الشخصية للأجانب غير المسلمين فهذه يكون التوثيق فيها جوزاً لا وجوباً من إختصاص القنصليات الأجنبية، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك. ويترتب على ما تقدم أنه لا يجوز، وفقاً لقواعد الإختصاص الموضوعي، أن يوثق القاضى الشرعى عقد بيع، ولا المأذون عقد هبة .

وفى الحدود المتقدمة الذكر يقوم الموثق، فيما يتعلق بتوثيق الأوراق الرسمية، بما يأتي :

 1- تلقي المحررات وتوثيقها .

 2- إثباتها في الدفاتر المعدة لذلك .

 3- حفظ أصولها وموافاة المكتب الرئيسى بصور منها، وإعطاء ذوى الشأن صورها، وإعداد فهارس لها .

4- وضع الصيغة التنفيذية على صور المحررات الرسمية الواجبة التنفيذ .

اختصاص الموظف من حيث المكان :

الإختصاص المكانى : ولا يكفى أن يكون الموثق مختصاً من حيث الموضوع، بل يجب أيضاً أن يكون مختصاً من حيث المكان. وقد نصت المادة الرابعة من قانون التوثيق على أنه  لا يجوز للموثق أن يباشر عمله إلا فى دائرة اختصاصه. فلكل مكتب للتوثيق دائرة معينة يقوم فى حدودها الموثقون ومساعدوهم المعينون فى هذا المكتب بتوثيق الأوراق الرسمية التى يطلب إليهم توثيقها .

ونبادر إلى القول بأن هذا الاختصاص المكانى إنما يفيد مكتب التوثيق وحده، أى أن الموثقين ومساعديهم الملحقين بمكتب معين لا يجوز لهم مباشرة عملهم خارج دائرة اختصاصهم. ولكن أصحاب الشأن من يطلبون توثيق  أوراقهم غير مقيدن بدائرة اختصاص معينة، فيجوز لشخص مقيم بأسوان أن يطلب إلى مكتب للشهر فى القاهرة أو فى طنطا أو فى أية جهة أخرى توثيق أية ورقة رسمية يريد توثيقها. فالقيد المكانى يرد إذن على مكاتب التوثيق ولا يرد على أصحاب الشأن. فلا يجوز لموظفي مكتب التوثيق أن يوثقوا ورقة رسمية إلا في الدائرة المكانية لاختصاصهم. بل يجب أن يكون التوثيق فى مكتب التوثيق بالذات، وفى مواعيد العمل الرسمية، إلا إذا كان أحد أصحاب الشأن فى حالة لا تسمح له بالحضور إلى الكتب، فيجوز عندئذ للموثق أن ينتقل إلى محل إقامته لإجراء التوثيق وذلك بعد دفـع الرسـم المقرر للإنتقال، وعليه إثبات هذا الإنتقال فى الدفاتر المعدة لذلك .

إنتشار مكاتب التوثيق فى أنحاء البلاد : ومكاتب التوثيق، وفقاً للنظام الجديد، منتشرة فى جميع أنحاء الدولة. ولكل مكتب منها دائرة معينة لاختصاصه المكاني. ويعين عدد هذه المكاتب ومقر كل منها واختصاصه المكانى بقرار من وزير العدل .

وقد صدر فعلاً قرار من وزير العدل فى 21 من شهر أكتوبر سنة 1947 ـ عمل به من أول يناير سنة 1948 تاريخ تنفيذ قانون الشهر ـ يقضى بإنشاء مكاتب للتوثيق فى جميع عواصم المديريات والمحافظات، ويتناول اختصاص كل مكتب منها المديرية أو المحافظة التى تقع فى دائرتها .

ثم أنشئ لكل مكتب منها فروع فى مختلف الجهات التى بها محاكم جزئية أو مأموريات للشهر العقارى .

فأصبح الإختصاص المكانى لكل مكتب للتوثيق، بفضل هذا التنظيم، محدداً معروفاً. وأصبحت هذه المكاتب وفروعها منتشرة فى كل مكان وجد فيه سابقاً قلم للتوثيق  حتى لا يتكبد جمهور المتعاملين مشقة فى الإنتقال إلى المكتب الواقع في عاصمة المديرية لإجراء ما كان يتم فى المحاكم الجزئية أو الشرعية في المراكز وامتنع عليها إجراؤه إعتباراً من تاريخ تنفيذ النظام الجديد .

مراعاة الأوضاع التي قررها القانون :

الأوضاع والإجراءات التى قررها قانون التوثيق ولائحته التنفيذية : لما كان التوثيق فى مصر، فى الكثرة الغالبة منه، تقوم به مكاتب التوثيق، ونقصد هنا الأوضاع والإجراءات التى قررها قانون التوثيق ولائحته التنفيذية فى توثيق الأوراق الرسمية .

 ويمكن تقسيم هذه الأوضاع والإجراءات إلى مراحل ثلاث :

 المرحلة الأولى  مرحلة ما قل التوثيق : دفع الرسم والتثبت من أهلية المتعاقدين ورضائهم .

 المرحلة الثانية  مرحلة التوثيق : ما يراعى فى كتابة الورقة الرسمية والشهود وتلاوة الورقة وتوقعها .

 المرحلة الثالثة  مرحلة ما بعد التوثيق : حفظ الأصول وتسليم الصور .

مرحلة ما قبل التوثيق : لا يقوم الموثق بتوثيق ورقة رسمية إلا إذا دفع الرسم المستحق عنها  (م 3) لائحة تنفيذية. فإذا ما دفع الرسم وجب على الموثق قبل إجراء التوثيق أن يتأكد من شخصية المتعاقدين بشهادة شاهدين بالغين عاقلين معروفين له، أو أن تكون شخصيتهما ثابتة بمستند رسمى (م 7) لائحة تنفيذية، وذلك تحاشياً للتلاعب وتفادياً من وقوع التزوير ما أمكن  المذكرة الإيضاحية للائحة التنفيذية. ثم يجب بعد ذلك أن يتثبت من أهلية المتعاقدين ورضائهم .

وله أن يطلب إثباتاً لأهلية المتعاقدين ـ تقديم ما يؤيد تلك الأهلية من مستندات كشهادة ميلاد أو شهادة طبية أو أى مستند آخر (م 5) لائحة تنفيذية. والمقصود بالأهلية هنا البلوغ والعقل وعدم وجود مانع قانونى لدى أحد المتعاقدين، كأن يباشر وصى أو قيم التعاقد على مال قاصر أو محجور عليه بدون إذن فى ذلك من الجهة المختصة  المذكرة الإيضاحية للائحة التنفيذية. وإذا تم التعاقد بوكيل، فعلى الموثق أن يتأكد من أن مضمون الورقة المطلوب توثيقها لا يجاوز حدود الوكالة (م 6)  لائحة تنفيذية .

فإذا إتضح للموثق عدم توافر الأهلية أو الرضاء لدى المتعاقدين، أو إذا كانت الورقة الرسمية المطلوب توثيقها ظاهرة البطلان كما إذا كانت تثبت بيعاً على أرض موقوفة وقفاً خيرياً، كان للموثق أن يرفض التوثيق وأن يعيد الورقة إلى ذوى الشأن بكتاب موصى عليه مع إبداء الأسباب  (م )6  قانون التوثيق. ولا شك أن منح الموثق هذه السلطة من مقتضيات ما توخاه قانون التوثيق من ضبط المحررات ومراعاة صحتها والدقة فيها، لما تتمتع به من خصائص ومميزات. ولا يتحقق ذلك إذا كانت وظيفة الموثق تنحصر فى تلقى إرادة ذوى الشأن، دون التأكد منها  أو مراجعتهم فيها  المذكرة الإيضاحية لقانون التوثيق. ولمن رفض توثيق ورقته أن يتظلم إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى يقع مكتب التوثيق فى دائراتها فى خلال عشرة أيام من إبلاغ الرفض إليه. ويكون التظلم بعريضة يبين فيها أوجه تظلمه. وله أن يطعن فى القرار الذى يصدره قاضى الأمور الوقتية أمام غرفة المشورة بالمحكمة الإبتدائية. وقرار القاضى بإجراء التوثيق أو رفضه وكذلك قرار غرفة المشورة فى هذا الشأن لايجوز حجية الأمر المقضى فى موضوع المحرر (م 7) قانون التوثيق .

مرحلة التوثيق : فإذا تم التثبت من أهلية ذوى الشأن ورضائهم على الوجه المبين فيما تقدم، إنتقل الموثق إلى توثيق الورقة الرسمية ذاتها. ويجب أن تكون مكتوبة بخط واضح غير مشتمل على إضافة أو تحشير أو كشط، وذلك لإبعاد كل شبهة عن المحرر، وإذا إقتضى الأمر إضافة أو حذفاً فيجب ذكر ذلك فى آخر المحرر موقعاً عليه من ذوى الشأن أو وكلائهم من المحامين، ويكتفى الموثق بمراجعتها وتلاوتها والإستيقاع والتوقيع عليها كما سيأتى .

أما البيانات التي تتضمنها الورقة فهى نوعان : 

أولاً - البيانات الخاصة بموضوع الورقة، أى البيانات الخاصة بالبيع أو الرهن أو الوكالة أو غير ذلك من التصرفات التى قصد إثباتها فى الورقة .  

ثانياً - البيانات العامة التي يجب ذكرها في كل ورقة رسمية أياً كان موضوعها، وهذه هى :

1- ذكر السنة والشهر واليوم والساعة التي تم فيها التوثيق ويكـون ذلـك بالأحرف .

2- إسـم الموثق ولقبه ووظيفته .

3- بيان ما إذا كان التوثيق قد تم فـى المكتب أو فى أى مكان آخر .

4- أسماء الشهود . 

5- أسماء أصحاب الشأن وأسماء آبائهم وأجدادهم لآبائهم وصناعاتهم ومحال ميلادهم وإقامتهم، وأسماء وكلائهم، ومن تقضى الحال بوجودهم للمعاونة فيما إذا كان أحد ذوى الشأن ضريراً أو ضعيف البصر أو أبكم أو أصم إذ يجب فى هذه الحالة على الموثق أن يتأكد من استعانته بمعين يوقع المحرر معه .

ويجب أن تكون الورقة مكتوبة باللغة العربية. فإذا كان أحد المتعاقدين يجهل هذه اللغة أو لا يعرفها معرفة كافية، استعان الموثق بمترجم يقدمه المتعاقدون ويكون محل ثقتهم. ويجب أن يوقع المترجم الورقة مع المتعاقدين والشهود والموثق، ويجب ذكر إسمه من بين من تقضى الحال بوجودهم للمعاونة .

فإذا تم كل ذلك، وجب على الموثق قبل توقيع ذوى الشأن على الورقة التى توثق أن يتلو عليهم الصيغة الكاملة للورقة ومرفقاتها، وأن يبين لهم الأثر القانوني المترتب عليها دون أن يؤثر فى إرادتهم. فإذا كانت الورقة مكونة من عدة صفحات، وجب عليه أن يرقم صفحاتها .

فإذا تمت التلاوة على هذا النحو، وقع الموثق هو وأصحاب الشأن والشهود ـ وكذلك عند الإقتضاء المترجم ومن استعان به ذو الشأن إذا كان ضريراً أو ضعيف البصر أو أبكم أو أصم ـ الورقة صفحة صفحة وكذلك المرفقات .

مرحلة ما بعد التوثيق : وأهم ما فى هذه المرحلة هو حفظ الأصول وتسليم الصور. فيحفظ بمكتب التوثيق أصول الأوراق الرسمية التى توثق على حسب أرقامها فى ملفات خاصة بكل سنة  (م 18)  اللائحة التنفيذية . 

ولا يجوز أن تنقل من مكاتب التوثيق هذه الأصول ولا الدفاتر أو الوثائق المتعلقة بها. على أنه يجوز للسلطات القضائية الاطلاع عليها. فإذا أصدرت سلطة قضائية قراراً بضم أصل ورقة رسمية موثقة إلى دعوى منظورة أمامها، وجب أن ينتقل القاضى المنتدب إلى المكتب ويحرر بحضوره صورة مطابقة لأصل الورقة الرسمية، ويعمل بذيلها محضر يوقعه القاضى والموثق وكاتب المحكمة، ثم يضم الأصل إلى ملف النزاع، وتقوم الصورة مقام الأصل لحين رده  (م10)  اللائحة التنفيذية. ويتولى المكتب إرسال صورة من كل ورقة رسمية تم توثيقها إلى المكتب الرئيسى بالقاهرة لحفظنا فيه (م20)  اللائحة التنفيذية والمادة 2 بند 4 من قانون التوثيق .

ولا تسلم صورة الورقة الرسمية التى تم توثيقها إلا لأصحاب الشأن. ولا تنسخ الصورة لتسليمها لأصحاب الشأن إلا بعد دفع الرسم. ويوضع على هذه الصورة رقم التوثيق وتاريخه وصيغة التسليم وتاريخها، ويوقعها الموثق، ويوضع عليها خاتم المكتب، ويؤشر الموثق على أصل الورقة بالتسليم ويوقع هذا التأشير (م 8) فقرة أولى من قانون التوثيق (وم 19) اللائحة التنفيذية. ويجوز تسليم صورة من الورقة الرسمية للغير بعد الحصول على إذن من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التى يقع مكتب التوثيق فى دائرتها  (م 8) فقرة 2 من قانون التوثيق .

وإذا كانت الورقة الرسمية واجبة التنفيذ، وسلمت منها الصورة التنفيذية، وضع مكتب التوثيق عليها الصيغة التنفيذية  (م 2) بند 3 قانون التوثيق. ثم لا يجوز تسليم صورة تنفيذية ثانية إلا بقرار من قاضى الأمور المستعجلة  (م 9)  قانون التوثيق .

جزاء الإخلال بشرط من هذه الشروط :

الجزاء هو البطلان : بينا فيما تقدم الشروط الواجب توافرها لصحة الورقة الرسمية. فإذا اختل شرط من هذه الشروط، كانت الورقة الرسمية باطلة كورقة رسمية .

ويترتب على ذلك أنه إذا كان الذى قام بتوثيق الورقة ليس موظفاً عاماً، أو كان موظفاً عاماً ولكنه عند توثيقه للورقة كان قد عزل أو وقف عن عمله أو نقل أو حل محله أحد آخر لأى سبب، فإن الورقة التي وثقها في جميع هذه الأحوال تكون باطلة. وقد قدمنا أن الموظف الفعلى إذا وثق ورقة رسمية كان توثيقه صحيحاً وفقاً لنظرية معروفة في القانون الإداري .

وقدمنا كذلك أن الموظف العام إذا كان قد عزل أو وقف أو نقل ولم يكن يعلم بانقطاع ولايته وقت توثيق الورقة الرسمية، وكان أصحاب الشأن غير عالمين أيضاً بذلك أى كانوا حسنى النية، فإن الورقة تكون صحيحة .

ويترتب على ذلك أيضاً أن الموظف العام إذا لم تكن له سلطة فى التوثيق، بأن كانت له مصلحة شخصية مباشرة فى الورقة الموثقة، أو ربطته بأصحاب الشأن أو بالشهود قرابة أو مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة، أو وثق ورقة من نوع لا اختصاص له فيه، فوثق مثلاً حجة وقف كان الواجب أن يكون موثقها هو القاضي الشرعى أو كاتبه، ووثق القاضى الشرعى عقد بيع أو نحو ذلك، فإن الورقة تكون باطلة في جميع هذه الأحوال. وقد رأينا فيما يتعلق برابطة القرابة أو المصاهرة أن الشهرة العامة قد يكون من شأنها تصحيح الورقة .

ويترتب على ذلك أيضاً أن الموثق إذا قام بتوثيق الورقة في غير دائرة اختصاصه المكاني، أو فى غير مكتب التوثيق أو فى غير مواعيد العمل إلا لمانع يبرر انتقاله، كانت الورقة باطلة .

ويترتب على ذلك أخيراً أن الأوضاع والإجراءات الواجب مراعاتها فى توثيق الورقة إذا لم تراع كانت الورقة باطلة. ولكن هنا يجب التمييز بين الأوضاع والإجراءات الجوهرية وتكون هى التى جزاؤها البطلان، وبين الأوضاع والإجراءات غير الجوهرية ولا يترتب البطلان عليها. ويعتبر من الأوضاع والإجراءات الجوهرية البيانات العامة الواجب ذكرها فى الورقة الرسمية ـ تاريخ التوثيق وإسم الموثق وأسماء أصحاب الشأن والشهود  ـ وكذلك حضور الشاهدين وقت توثيق الورقة، وحضور المترجم عند الاقتضاء وحضور المعين بالنسبة إلى المصاب بإحدى العاهات الثلاث، وكون التوثيق باللغة العربية، وإثبات أن الورقة الرسمية قد تليت وأن الأثر القانونى للورقة قد بين لأصحاب الشأن، والتوقيعات التى نص عليها. ولا يعتبر جوهرياً، فلا يترتب عليه البطلان، عدم دفع الرسم، وعدم تثبت الموثق من شخصية المتعاقدين عن طريق شاهدين أو عن طريق مستند رسمى  ومجاوزة الورقة لحدود الوكالة إذا كان التعاقد بوكيل، وترقيم الصفحات صفحة صفحة، والإضافة والتحشير والكشط .

ما يترتب على البطلان : قلنا إذا اختل شرط من شروط صحة الورقة الرسمية ترتب على ذلك بطلان الورقة، فما الذي يترتب على هذا البطلان ؟

الأصـل أن الورقة الرسمية إذا كانـت باطلة تكـون جميع أجزائها باطلة، فلا يبطل جزء ويصح جزء. فإذا كان للموثق مصلحة شخصية مباشرة في الورقة مثلاً، فإن الورقة تكون كلها باطلة ولا يقتصر البطلان على الجزء الذي يثبت للموثق فيه هذه المصلحة الشخصية المباشرة. وإذا لم يوقع أحد الشهود على الورقة، أو لم يوقع المترجم أو المعين، ومن باب أولى إذا لم يوقع الموثق أو أحد أصحاب الشأن، كانت الورقة كلها باطلة حى تاريخها، مع أن التاريخ لم يقع فيه بطلان. ومن ثم لا يعتبر التاريخ ثابتاً، بل يكون تاريخاً عرفياً لا حجية فيه على الغير .

على أنه يجب التمييز بين الورقة التى تثبت التصرف القانونى والتصرف القانوني ذاته. فإذا كانت الورقة باطلة، فلا يستدعى ذلك حتماً أن يكون التصرف القانونى باطلاً، بل يبقى هذا التصرف قائماً وإن كان إثباته عن طريق الورقة الرسمية قد انعدم، وقد يصح إثباته عن طريق آخر غير الكتابة، بل قد يصح إثباته بالورقة الرسمية الباطلة ذاتها إذا صحت كورقة عرفية على النحو الذي سنبينه فيما يلي، ويستثنى مما قدمناه الفرض الذى يكون فيه التصرف القانوني شكلياً، أى يجب لانعقاده أن يكتب في ورقة رسمية كالهبة والرهن الرسمي، فعندئذ تصبح الورقة الرسمية ركناً فى التصرف، فإذا كانت باطلة بطل التصرف ذاته .

وكذلك الأمر فيما إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون تعاقدهما بورقة رسمية إذا ما قد قصدا أن تكون الرسمية ركناً فى العقد .

وقد يقع أن الورقة الرسمية يكون ظاهرها الصحة، ثم يطعن بالتزوير فى جزء من أجزائها، ويتبين من إجراءات الطعن أن هذا الجزء مزور، فهل ينبنى على ذلك أن تصبح الورقة الرسمية كلها باطلة كورقة رسمية؟ مثل ذلك أن يذكر الموثق فى الورقة الرسمية أن المشترى دفع الثمن أمامه للبائع، ويتبين بعد الطعن بالتزوير فى هذه العبارة أن المشترى لم يدفع شيئاً أمام الموثق. ومثل ذلك أيضاً  أن يطعن بالتزوير فى تاريخ الورقة أو فى توقيعات بعض الشهود أو بعض ذوى الشأن، ويتبين من إجراءات الطعن بالتزوير أن هذه الاجزاء فعلاً مزورة. نرى في مثل هذه الأحوال التمييز بين ما إذا كان الجزء من الورقة الذى ثبت تزويره جوهرياً لصحة الورقة الرسمية فتكون الورقة باطلة فى جميع أجزائها، وبين ما إذا كان هذا الجزء غير جوهرى فتبقى الأجزاء الأخرى للورقة الرسمية صحيحة، ففي المثلين المتقدمين، إذا ثبت تزوير العبارة التى تثبت أن المشترى دفع الثمن للبائع فإن هذا الجزء وحده هو الذى يفقد قوته فى الإثبات وتبقى سائر أجزاء الورقة الرسمية صحيحة محتفظة بقوتها فى الإثبات، أما إذا ثبت أن تاريخ الورقة أو توقيع أحد الشهود أو أحد أصحاب الشأن مزور فإن هذا الجزء الذى ثبت تزويره جوهرى لصحة الورقة الرسمية ومن ثم يكون الورقة باطلة فى جميع أجزائها .

قيمة الورقة الرسمية الباطلة : قدمنا أن الفقرة الثانية من المادة 10 من قانون الإثبات تقضى بأن الورقة إذا لم تكسب صفة الرسمية فلا يكون لها إلا قيمة الورقة العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعهوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم .

والورقة لا تكسب صفة الرسمية إذا كانت باطلة لسبب من الأسباب التى قدمناها. يستوى فى ذلك ورقة لم يوقعها الموثق، وورقة وقعها موثق مسلوب الولاية، وورقة وقعها موثق غير مختص موضوعاً بتوثيقها، وهذه حالات يمكن القول أن الورقة فيها تكون منعدمة كورقة رسمية. ويستوى فى ذلك أيضاً ورقة وثقها موثق ثبتت له الولاية والاختصاص الموضوعي ولكن نقصه الإختصاص المكانى، وورقة اختل فيها إجراء جوهرى كما إذا شهد عليها شاهد واحد لا شاهدان، وهذه حالات لا يمكن القول أن الورقة فيها تكون منعدمة ولكنها تكون قطعاً باطلة كورقة رسمية. لم يفرق التقنين المصرى الجديد بين هذين الفرضين ـ فرض إنعدام الورقة كورقة رسمية وفرض بطلانها ـ ففيهما معاً لا تكسب الورقة صفة الرسمية، ومن ثم لا يكون لها إلا قيمة الورقة العرفية إذا كانت موقعة من أصحاب الشأن. وهذا حكم بديهي في القانون المصري، فان الورقة فى الأحوال التى قدمناها، إذا كانت قد فقدت شرطاً من شروط الصحة لقيامها كورقة رسمية، فإنها مع ذلك قد استوفت شروط الورقة العرفية. فهى ورقة مكتوبة وقعها من صدرت منه، والتوقيع وحده كاف لصحة الورقة العرفية فى التقنين المصرى ومن ثم تكون لها حجية الورقة العرفية، فتعتبر صادرة ممن وقعها ما لم يطعن فيها بالإنكار م 14 اثبات .

وهذا ضرب من ضروب التحول شبيه بتحول التصرف الباطل إلى تصرف آخر صحيح توافرت فيه أركانه وشروط صحته  م 144 مدنى، فالورقة الرسمية الباطلة قد تحولت هنا إلى ورقة عرفية صحيحة لتوافر شروط صحة الورقة العرفية فيها. ولكن لا يكون تاريخها تاريخاً ثابتاُ كما قدمنا .

هذا الحكم البديهي لم يكن فى حاجة إلى نص، فما هو إلا تطبيق للقواعد العامة. ويقطع فى ذلك أن التقنيـن القديـم لم يكـن يتضمـن نصاً فـى هـذا المعـنى، ومـع ذلك فقـد كـان الحكـم فيـه هـو عيـن الحكـم الذي قدمناه. ومـا كنـا لنسهـب فى هذه المسألة لولا أن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المدنى الجديد أوردت عبارات يفهم منها وجوب إعمال نوع من التمييز بين الورقة الرسمية المنعدمة ـ حيث يكون الموظف العام غير مختص موضوعاً أو حيث تكون له مصلحة شخصية مباشرة أوحيث يكون قد أغفل التوقيع على الورقة أو نحو ذلك ـ وفى هذه الحال تبطل كورقة رسمية ثم لا تكون لها قيمة الورقة العرفية، وبين الورقة الرسمية الباطلة ـ إذا لم يكن للموثق مثلاً إختصاص فى توثيقها من حيث المكان ـ وفي هذه الحالة تبطل الورقة كذلك كورقة رسمية ولكن تكون لها قيمة الورقة العرفية .

الواقع من الأمر أنه هذا تمييز لا يستقيم في التقنين المصري. والمذكرة الإيضاحية في القول به جد خاطئة. والسبب في هذا الخطأ أن مشروعاً أولياً للتقنين المصري في الإثبات كان يحوى شروطاً للورقة العرفية هى نفس شروط التقنين الفرنسي. ومن ثم كان التمييز مستساغاً في هذا المشروع الأولى كما هو مستساغ في التقنين الفرنسي وقد كتبت المذكرة الإيضاحية للمشروع الأولى على هذا الأساس. ثم عدل المشروع الأولى، ورجع المشروع التمهيدى للتقنين المصرى إلى الاكتفاء بتوقيع المدين لصحة الورقة العرفية وأغفل الشرط الآخر، فلم يعد التمييز مستساغاً في هذا الوضع. ولكنه بقي مع ذلك بارزاً في المذكرة الإيضاحية التي أدمجت كما هي في مجموعة الأعمال التحضيرية، وكان ذلك سهواً، إذ كان من الواجب حذف هذا التمييز بعد تعديل المشروع الأولى على الوجه الذي أشرنا إليه . ( الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني  المجلد الأول، الصفحة :  151 ) 

يبين من نص المادة أن هناك شروطاً ثلاثة يجب توافرها لتكون الورقة الرسمية صحيحة، أولها : أن يقوم بكتابة الورقة أو بتلقيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة والموظف العام هو شخص عينته الدولة للقيام بعمل من أعمالها سواء أجرته علي هذا العمل كالموثق أو لم تؤجر كالمأذون، ولا يشترط في إعتبار الشخص موظفاً عاماً أن يكون من موظفي الدولة بالذات، بل يكفي ليكون موظفاً بإحدى الهيئات التابعة لها كالمجالس المحلية والجامعات وموظفي القطاع العام، والموظفون العموميون الذين يقومون بكتابة الأوراق الرسمية متنوعون ولكل منهم إختصاص بالنسبة إلى نوع معين من هذه الأوراق وليس من الضروري أن يكون من تصدر منه الورقة الرسمية موظفاً عاماً بل يكفي أن يكون مكلفاً بخدمة عامة، فالمأذون يقوم بتحرير عقود الزواج وشهادات الطلاق والخبير يقوم بتحرير محضر بأعماله وتقرير يقدمه عن المهمة التي انتدب لها وكذلك القسيس فيما يتعلق بزواج المسيحيين، والشرط الثاني : أن يكون هذا الموظف أو الشخص الذي يتولى كتابة الورقة مختصاً من حيث الموضوع في حدود سلطته ومن حيث المكان في اختصاصه، ومقتضى ذلك أنه ينبغي أن تكون للموظف ولاية قائمة وقت قيامه بتحرير الورقة الرسمية فإذا كان قد عزل من وظيفته أو أوقف عن عمله أو نقل منه فإن ولايته تزول وينبغي كذلك أن يكون أهلاً لتوثيق الورقة، فلا يجوز للموثق أن يباشر توثيق محرر يخصه شخصياً ويجب أن يكون الموثق مختصاً من الناحية الموضوعية بنوع الورقة الرسمية التي يقوم بتوثيقها ولا يكفي أن يكون الموظف مختصاً من ناحية الموضوع بل يجب أيضاًَ أن يكون مختصاً من حيث المكان والإختصاص المكاني إنما يقيد الموظف ولا يقيد ذوي الشأن. ولا يكفي أن تكون الورقة منسوبة إلي الموظف وإنما يجب أن يجري تحريرها بيده أو بحضوره وتحت إشرافه وأن تحمل توقيعه بإعتبار أنه حررها فإذا ثبت أنها لم تصدر من الموظف المنسوبة إليه لم تكن لها قيمة الورقة وإن كان اصطناعها يكون جريمة التزوير في أوراق رسمية. والشرط الثالث أن يراعي في توثيق الورقة الأوضاع التي قررها القانون، ذلك أن القانون قرر لكل نوع من الأوراق الرسمية أوضاعاً وقواعد يلتزم بها الموظف العمومي المختص في كتابة الورقة الرسمية ولابد من مراعاة هذه الأوضاع والقواعد حتي تعتبر الورقة ورقة رسمية صحيحة وقد تبدأ الورقة عرفية ثم تقدم لموظف عام ليتخذ بشأنها إجراءات معينة كصحيفة الدعوى التي تقدم لقلم كتاب المحكمة ومشروع الإنذار الذي يقدم لقلم المحضرين فتعتبر ورقة عرفية إلي أن يتدخل فيها الموظف العام في حدود وظيفته، وعندئذ تكتسب الورقة الصفة الرسمية .

وجزاء مخالفة أحد هذه الشروط الثلاثة هو بطلان الورقة باعتبارها ورقة رسمية ويكون لها إلا قيمة الورقة العرفية عملاً بعجز المادة متى كان ذوي الشأن قد وقعوها، أما إذا وقع العقد الرسمي الباطل بعض أطرافه دون البعض فلا قيمة له لأنه ليس من العدل أن نترك الموقع تحت رحمة غير الموقع إن شاء تمسك بالعقد وإن شاء لم يتمسك .

وإذا إلتزم جماعة معاً بأمر واحد ولو بالتضامن، فإن إمضاء البعض دون البعض لا يكفي لأن من وقع لم يفعل إلا إتكالاً على إشتراك الباقين معه في الإلتزام حتى ولو أعفي المتعهد له من لم يوقعه. ولا قيمة للعقد ولا قيمة للعقد الرسمي الباطل إذا لم يوقع عليه بسبب جهل الكتابة ولو أثبت المحرر ذلك في العقد ولا قيمة له أيضاً إذا كان تبادلياً موقعاً عليه من طرف دون الآخر. ( الوسيط للدكتور السنهوري، الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 148 وما بعدها، وأصول الإثبات في المواد المدنية للدكتور سليمان مرقس، الطبعة الخامسة، الجزء الأول ص 166 وما بعدها، ورسالة الإثبات للأستاذ نشأت، الجزء : الأول، ص : 104 )

ولا يعتبر تاريخ المحرر الرسمي الباطل تاريخاً ثابتاً، لأن البطلان يزيل صفة الرسمية عن المحرر، ولا يجعل التاريخ الذي ذكره الموثق في المحرر أية قيمة ولأنه ما دام أن المشرع قد اعتبر المحرر الرسمي الباطل في مرتبة المحرر العرفي في الإثبات، فلا يكون حجة علي الغير إلا إذا أثبت تاريخه بوجه رسمي بإحدي الطرق المقررة في المادة 15 من قانون الإثبات، كما أن المحرر الرسمي الباطل لا تكون له قيمة المحرر العرفي في الإثبات إذا كانت الرسمية شرطاً أساسياً لانعقاد التصرف بحكم القانون أو الاتفاق، ففي الحالات التي يوجد فيها القانون انعقاد التصرف في محرر رسمي كما هو الحال في العقود الشكلية كالهبة المنصوص عليها في المادة 488 مدنى والرهن الرسمي المنصوص عليه في المادة 1031 مدني فإنه يترتب على بطلان المحرر الرسمي بطلان التصرف القانوني ذاته، كذلك فإنه في الحالات التي يتفق فيها المتعاقدان في العقود الرسمية علي أن لا ينعقد التصرف بينهما إلا بمحرر رسمي وهو شرط جائز قانوناً ولا مخالفة فيه للنظام العام فإنه يترتب على بطلان المحرر الرسمي، بطلان التصرف ذاته متى ثبت أن المتعاقدين قصداً أن يجعلاً الرسمية شرطاً أساسياً في الإنعقاد . ( قانون الإثبات للمستشار محمد عبد اللطيف ص 116، 117 ).

وبالنسبة للمحررات التي يقوم الموثق بالتصديق على توقيعات المتعاقدين على العقود العرفية التي يحررونها فإن هذا التصديق لا يكسب المحرر صفة الرسمية، لأن المحرر الرسمي كما سبق أن بيننا يقوم بتحريره الموظف الرسمي أو تحت إشرافه وطبقاً لأوضاع معينة، أما تصديق الموثق علي توقيعات الورقة العرفية فمعناه أن المتعاقدين وقعوا أمامه على تلك الورقة التي حرروها بأنفسهم دون أن يتدخل الموثق في ذلك ومن ثم فتظل ورقة عرفية .

وإذا تم شهر المحرر المصدق على التوقيعات التي وردت به فإن ذلك لا يكسب الورقة الصبغة الرسمية ولا يجعل لها في الإثبات قوة أكثر من الورقة العرفية، اللهم إلا فيما يتعلق بمحضر التصديق على التوقيع الذي يحرر في نهاية الورقة العرفية فإنه وحده يعتبر كتابة رسمية ولا يجوز المجادلة في حجيتها إلا عن طريق الطعن بالتزوير. (الدكتور سليمان مرقس ص 192).

وإستيفاء الورقة للشروط السابق بيانها يجعل منها ورقة رسمية دون حاجة إلي أي بيان أخر فعدم ختم الورقة الرسمية بخاتم الدولة لا ينفي عنه الرسمية ما دام أنها قد حررت بمعرفة موظف مكلف بتحريرها أو بتلقي ما فيها من بيانات، وكان مختصاً بذلك،كان أن تصديق الموظف على توقيعات الموقعين على الورقة لا يجعل لها حجية الورقة الرسمية إلا بالنسبة لصحة توقيع الموقعين عليها دون التطرق لصحة البيانات الواردة بها .

وإذا كانت الورقة الرسمية تثبت تصرفاً قانونياً فإن رسمتها لا تمنع من التمسك ببطلان هذا التصرف دون حاجة إلى الطعن بتزويرها متي كان التمسك بالبطلان لا يمس ما أثبته العمومي فيها ويشهد فيها على صحتها، وعلى ذلك يجوز التمسك ببطلان عقد بيع رسمي بسبب أنه يخفي وصية أو بسبب التدليس أو الغبن أو الغلط .

والأحكام وإن كانت أوراقاً رسمية إلا أن ذلك لا يمنع من الطعن عليها بالبطلان بطرق الطعن المقررة أو بدعوي مبتدأة إذا كان الحكم معدوماً غير أن الوقائع التي حدثت أمام المحكمة وأثبتتها فإنه لا يجوز الطعن عليها إلا بالتزوير . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية،  الجزء : الأول،  الصفحة : 94 )

 تعريف المحررات الرسمية:

عرفت المادة العاشرة المحررات الرسمية بأنها «التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوى الشأن، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته وإختصاصه».

وهذا التعريف هو الذي أورده المادة (390) من التقنين المدني الجديد (الملغاة، وقد حددت المادة العاشرة من قانون الإثبات حذو المادة (390) من التقنين المدني الجديد والمادة ( 226 / 291) من التقنين المدني القديم، ذلك أنهما لم تقولا (العقود الرسمية) كالشارع الفرنسي .

فلفظ (المحررات الرسمية أو الأوراق الرسمية) عام يشمل العقود، كما يشمل الأوراق الأخرى .

وقد جرى العمل على تسمية الورقة المثبتة لعمل قانونی عقداً (acte) فيقال إن هذا عقد عرفي وذالك عقد رسمي. وقد خرجت بذلك كلمة العقد عن معناها الأصلي الذي يقصد به كل عمل قانونی يتم بتوافق إرادتين بقطع النظر عن وسيلة إثباته، فوجب التنبيه إلى ضرورة التمييز بين العمل القانوني في ذاته وبين أداة إثباته أي الورقة المكتوبة التي يكون فيها ذوو الشأن ما تم الاتفاق عليه بينهم إذ أن بطلان أداة الإثبات أو الورقة لا يؤثر في صحة العمل القانوني، وكذلك لا تمنع صحة الورقة من بطلان العمل القانوني الثابت بها. لذلك ينبغي بقدر الإمكان عدم تسمية أداة الإثبات الكتابي عقداً، وتسميتها ورقة أو محرراً (ecrit)، وقصر لفظ (العقد) على العمل القانوني الذي يصدر من جانبين .

كذلك جرى العمل على تسمية أداة الإثبات الكتابي (سنداً) غير أن هذه التسمية معيبة لأن السند يطلق كذلك على سبب الحق أو مصدره كما في عبارة (الحيازة في المنقول سند الملكية) ولذلك ينبغي منعاً للبس قصر لفظ السند على هذا المعنى الأخير والتعبير عن أداة الإثبات الكتابي بالورقة أو المحرر .

وقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد أنه :

تصرف عبارة السند تارة إلى الواقعة القانونية، أي العمل أو التصرف القانوني، وطوراً إلى «أدلة الإثبات» أي إلى الورقة التي يجري الإثبات بمقتضاها، وقد رأى استعمال عبارة الورقة الرسمية التمييز بين مصدر الحق أو الالتزام وبين أداة إثباته».

ولا يشترط لإسباغ صفة الرسمية على الورقة أن تكون محررة على نموذج خاص .

والتصديق على توقيعات ذوي الشأن في المحررات العرفية لا يكسبها صفة الرسمية. فإذا طلب ذوو الشأن في المحررات العرفية التصديق على توقيعاتهم أمام الموثق فإن هذا التصديق لا يكسب المحرر صفة الرسمية لأنه يشترط لاكتساب المحرر صفة الرسمية، أن يتبع في توثيقه الأوضاع والإجراءات المقررة. أما المحررات التي يصدق الموثق على توقيعات ذوى الشأن فيها فيتم تحريرها بمعرفتهم دون تدخل الموثق وفي غير حضوره وأن مهمة الموثق فيها مجرد التصديق على توقيعاتهم التي تمت أمامه على المحرر العرفي .

كما أن تسجيل العقد العرفي لا يكسبه صفة المحرر الرسمي بل يظل العقد عرفياً رغم تسجيله .

ولا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل يكفى لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام .

والمحررات الرسمية تشمل عدة أنواع هي :

1) المحررات الرسمية التشريعية : كمحاضر المجالس التشريعية .

2) المحررات الرسمية الإدارية : كالمحررات المثبتة للقرارات الإدارية والعقود الإدارية وكذلك السجلات الإدارية المثبتة لبعض الوقائع القانونية كالميلاد والوفاة .

3) المحررات الرسمية القضائية والولائية : كمحاضر جلسات والمحاكم والمحررات المثبتة للأحكام والأوامر على عرائض والإعلانات القضائية .

4) المحررات الرسمية التوثيقية : وهي المحررات التي تثبت التصرفات المدنية والتجارية والعائلية .

أثر بطلان المحرر الرسمي على التصرف الثابت به :

إذا كان المحرر الرسمي باطلاً، فذلك لا يعني بطلان التصرف الثابت به في كل الأحوال .

فإذا كان التصرف الثابت بالمحرر الباطل تصرفاً شكلياً فإن الورقة الرسمية تصبح ركناً في التصرف، وبالتالي إذا كانت الورقة باطلة كان التصرف باطلاً مثل عقد الهبة والرهن الرسمي، وكذلك إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون تعاقدهما بورقة رسمية إذا ما كانا قد قصدا أن تكون الرسمية ركناً في العقد.

أما في غير ذلك من الأحوال فلا يترتب على بطلان المحرر بطلان التصرف، وإنما يجوز إثبات التصرف بدليل آخر غير الكتابة إذا كان ذلك جائزاً، بل قد يصح إثباته بالورقة الرسمية الباطلة ذاتها إذا صحت كورقة عرفية كما سنرى .

وقد جاء المشروع التمهيدي للتقنين المدني أنه :

ولما كانت صحة الدليل غير منفكة عن صحة التصرف نفسه إن اشترط للرضا فيه شكل خاص، فغنى عن البيان أن هذه الفقرة لا تنطبق على التصرفات التي تشترط فيها الرسمية، بوصفها ركنا من أركان الشكل».

قيمة المحرر الرسمي الباطل :

تقضى الفقرة الثانية من المادة بأنه : «فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة رسمية، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاء اتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم».

ومعنى هذا أن المحرر الرسمي الباطل لأي سبب من الأسباب السالفة الذكر، لا يتجرد من كل قيمة، وإنما يكون له قوة المحررات العرفية في الإثبات، إذا كان ذوو الشأن قد وقعوه بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم، ويقال في هذه الحالة إن المحرر يتحول من محرر رسمی باطل إلى محرر عرفي صحيح .

إلا أنه يستثنى من ذلك التصرفات التي تشترط فيها الشكلية کالهبة والرهن الرسمي، إذ يترتب على بطلان المحرر إنعدام التصرف الثابت به فلا يكون للمحرر ثمة قيمة، وكذلك يكون الحكم إذا اتفق ذوو الشأن على ألا ينعقد التصرف إلا بتحرير الورقة الرسمية . 

الكشط والمحو والتحشير وغيرها من العيوب المادية في المحررات الموثقة :

تنص المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق الواردة في الباب الثاني الخاص بإجراءات التوثيق على أنه: «يجب أن يكون المحرر مكتوباً بخط واضح غير مشتمل على إضافة أو تحشير أو كشط.... الخ».

ونصت المادة (41) من تعليمات مصلحة الشهر العقارى والتوثيق الطبعة الثالثة سنة 2001 على أنه : «يجب أن يكون المحرر مكتوباً بخط واضح على أفرخ من الورق المسطر ذی الهامش العريض أو على ورقة واحدة ذي هامش " غير مشتمل على إضافة أو تحشير أو كشط أو ترك فراغ بين الكلمات.... وإذا بقي من السطر ما لا يكفي للكلمة التالية أو ترك منه جزء للبدء بسطر جديد فيجب أن يملأ ذلك الفراغ بشرطة منعاً من إضافة شئ فيما بعد .

وإذا أريد حذف بعض الكلمات أو تغييرها قبل إمضاء العقد فتوضع شرطات تحت هذه الكلمات وينص في آخر العقد على أن الكلمات التي تحتها شرطات وعددها كذا وأولها كذا وآخرها كذا تعتبر لاغيه وتكتب الكلمات المراد استبدالها به وإذا أريد زيادة كلمات فتكتب في آخر العقد أيضاً بشرط أن يتم كل ذلك بنفس المداد الذي حرر به العقد، وفي حالة إختلاف المداد. يذكر ذلك ويعتمد من الرئيس المباشر وقبل انفضاض مجلس العقد لكي يتسنى للجميع من أطراف وشهود التوقيع عليها مع الموثق .

أما إذا استدعت الحال إجراء شئ مما تقدم بعد انفضاض مجلس العقد فيجب تحرير عقد تصحيح جديد يشار فيه إلى أنه قد حرر تصحيحاً للمحرر الأول. وفي هذه الحالة يقوم مكتب التوثيق المختص بالتأشير في خانة الملاحظات بدفتر المحررات الموثقة أمام بيانات هذا المحرر المصحح بالعبارة الآتية : (وثق عقد تصحيح لهذا المحرر بتاريخ....... برقم....... وأمام بيانات عقد التصحيح بأنه (وثق تصحيحاً للعقد رقم........ الموثق بتاريخ …………).

ونصت المادة 43 على أنه: «التغييرات التي تطرأ على المحررات الموثقة يتم الإشارة إليها بالمداد الأحمر في صدر المحررات الموثقة، على أن يتم التأشير بالتغيير بمداد مغاير خلف المحرر حتى يمكن الإستدلال عليها بسهولة ويسر.

ويسأل الموثق عن مدى الإلتزام بتدوين المحرر بمداد واضح وخط مقروء وكذا عن سلامة البيانات المثبتة به».

ويمكن الإستئناس بالطرق السابقة بالنسبة للمحررات الرسمية أخرى ربما يتفق مع طبيعتها وظروف تحريرها . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود،  المجلد : الأول،  الصفحة  :  341 )

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 109 ، 110 ، 111 ، 112     

أجاز المشروع الإثبات بالكتابة إستناداً إلى الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والمعقول . 

أما الكتاب : فقوله تعالى في سورة البقرة (الآية 282) : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ)...(وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) ) .

وأما السنة : فأمره صلى الله عليه وسلم بكتب المصالحة بينه وبين قريش ، ومنها كتب الأمانات ، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». فلو لم يجر الإعتماد على الخط لم يكن لكتابة الوصية فائدة . 

وأما الإجماع : فقد حكى الإمام الرازي في «المحصول» إجماع الصحابة على العمل بالخط . وأما بعد الصحابة فيدل عليه إجماعهم العقلي على الإحتجاج بذلك والعمل به في معاملاتهم . 

 ( انظر المادة (1606) وما بعدها من المجلة ) . 

وأما المعقول : فلأن الكتابة تحمل في الغالب إما الإقرار أو الشهادة أو هما معاً ، وثابت أن كلا منهما طريق شرعي من طرق القضاء . 

( انظر المادة (1606) وما بعدها من المجلة ) . 

2- وقد اعتبرت المجلة الكتابة طريقاً من طرق الإثبات ( راجع فيها المواد (1606) - (1612) و (1736) - (1739) )، وكذا لائحة ترتيب المحاكم الشرعية في مصر الصادر بها المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 1931 ( راجع فيها المواد من (130) إلى (171))، ورغم أن هذه اللائحة لم تذكر الكتابة من ضمن الأدلة الواردة في المادة (123) منها ، وصدرت كلامها في الأدلة الخطية على أن الإقرار بالكتابة كالإقرار باللسان مما يفيد إعتبار الكتابة نوعاً من الإقرار ، إلا أنها في المادة (134) منها إعتبرت الأوراق الرسمية حجة على أي شخص كان، أي سواء كان موقعاً عليها أو غير موقع عليها مما لا يلزم معه دائماً إعتبارها إقراراً بل طريقاً مستقلاً في بعض الأحيان . 

3- وقد إستعمل ولي الأمر سلطته الشرعية في تنظيم هذا الطريق من طرق الإثبات ، وجعل الأوراق تنقسم من حيث قوتها في الإثبات إلى قسمين : الأوراق الرسمية، والأوراق غير الرسمية . وتستند هذه التفرقة وأحكام كل إلى سلطة ولي الأمر في تقدير ما يوحي به كل من النوعين من ثقة . 

 

4- والمواد التالية ومذكراتها الإيضاحية منقولة عن القانون المدني المصري وقانون الإثبات المصري . ولم تخرج أحكام هذه المواد في الجملة عما ورد في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، والمجلة ، والقوانين العربية الأخرى في شأن الإثبات بالكتابة وإن كانت أكثر تفصيلاً وقد اختير هذا المسلك حرصاً على إستقرار التعامل فيها يوافق الشريعة الإسلامية. 

 

(مادة 81) :

 1- المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة - ما تم على يديه ، أو ما تلقاه من ذوي الشأن ، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته وإختصاصه . 

2- فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة الرسمية ، فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم ، أو بأختامهم ، أو ببصمات أصابعهم . 

 ( م (390) مدني مصري ، و(10) إثبات مصري ، و(14) إثبات سوداني ، و(5) سوري ، و(1737) و(1738) و(1739) من المجلة، و م (131) و (132) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ) . 

المذكرة الإيضاحية : 

تتناول الفقرة الأولى من المادة بيان الشرطين الواجب توافرهما في المحرر الرسمي ويراعى أن هذين الشرطين هما قوام ما شرع القانون من ضمانات ، هي مرجع ما يتوافر لذلك المحرر من حجية بالغة في الإثبات ، وعلة إيكال أمرها إلى موظف عام ، يثبت له القانون سلطة وإختصاصاً في هذا الشأن ، سواء من الناحية النوعية أو من الناحية المكانية. 

والواقع أن ما يولي القانون من سلطة خاصة للموظف العام - هو عماد ما يتوافر للمحرر الرسمي من قوة في الإثبات ، وهو بذاته مناط العلة من هذه القوة ، بيد أنه لم ير من العدل حرمان المتعاقدين من الإستناد إلى الورقة ، إذا كانوا قد عهدوا بأمرها إلى موظف ليست له سلطة توثيقها بالنسبة إلى المكان ، متى كانوا قد إعتقدوا خلاف ذلك ، بناء على سبب مشروع . على أن مثل هذه الورقة لا يكون لها إلا قيمة ورقة عرفية . 

ويشترط لتطبيق هذه الفقرة : 

(أ) أن تكون ثمة ورقة تلقاها موظف عام له سلطة توثيقها بالنسبة إلى طبيعتها ( الإختصاص النوعي ) . 

(ب) وأن يكون ذوو الشأن جميعاً قد وقعوا على هذه الورقة بإمضاءاتهم ، أو بأختامهم ، أو ببصمات أصابعهم على أن هذا الحكم ليس إلا إستثناء من القواعد العامة ولذلك ينبغي تفادي التوسع في تفسيره . فهو لا ينطبق حيث يكون الموظف العام غير مختص بالنسبة إلى طبيعة المحرر ، كما لو وثق أحد المأذونين عقد بيع ، أو حيث يكون هذا الموظف قد أغفل التوقيع على المحرر لأنه يكون خلواً - في هذه الحالة - مما يثبت أنه تلقاه ، أو حيث يكون أحد المتعاقدين قد أغفل التوقيع على المحرر بإمضائه ، أو ختمه ، أو بصمته. وهو لا ينطبق كذلك إذا كان الموظف العام قد تدخل بوصفه طرفاً في التعاقد ؛ إذ ليس من المقبول أن يتولى الموظف العام ضبط محرر رسمي لنفسه وليس للمتعاقدين في هذه الحالة أن يعتقدوا إعتقاداً مشروعاً في رسمية هذا المحرر . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة / 360

وَثِيقَةٌ

التَّعْرِيفُ:

الْوَثِيقَةُ فِي اللُّغَةِ: الإْحْكَامُ فِي الأْمْرِ، يُقَالُ: أَخَذَ بِالْوَثِيقَةِ فِي أَمْرِهِ أَيْ بِالثِّقَةِ، وَتَوَثَّقَ فِي أَمْرِهِ مِثْلَهُ، وَالْجَمْعُ وَثَائِقُ.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: «وَاخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ»مِنْ وَثُقَ الشَّيْءُ وَثَاقَةً: قَوِيَ وَثَبُتَ فَهُوَ وَثِيقٌ ثَابِتٌ مُحْكَمٌ، وَالأْنْثَى وَثِيقَةٌ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُتَّخَذُ لِتَأْمِينِ الْحُقُوقِ عَنِ الْفَوَاتِ عَلَى أَصْحَابِهَا بِجَحْدٍ، أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إِفْلاَسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَخَاطِرِ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْحُجَّةُ:

الْحُجَّةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ - لُغَةً الدَّلِيلُ وَالْبُرْهَانُ، وَالْجَمْعُ حُجَجٌ.

وَاصْطِلاَحًا: مَا دَلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوِ الإْقْرَارِ.

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحُجَّةِ وَالْوَثِيقَةِ: هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ.

مَشْرُوعِيَّةُ الْوَثِيقَةِ:

الأْصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَاقوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ).

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «الزَّعِيمُ غَارِمٌ».

أَنْوَاعُ الْوَثَائِقِ:

الْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الآْيَتَيْنِ ثَلاَثَةٌ:

شَهَادَةٌ، وَرَهْنٌ، وَكِتَابَةٌ.

وَالضَّمَانُ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ.

فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ، وَالضَّمَانُ وَالرَّهْنُ لِخَوْفِ الإْفْلاَسِ، وَالْكِتَابَةُ لِخَوْفِ النِّسْيَانِ.

مَا تَدْخُلُهُ الْوَثَائِقُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ:

نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْعُقُودِ مَا يَدْخُلُهُ الرَّهْنُ وَالضَّمَانُ وَالشَّهَادَةُ، كَالْبَيْعِ، وَالسَّلَمِ، وَالْقَرْضِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ الْمُسْتَقِرَّةِ.

وَمِنْهُ مَا يُسْتَوْثَقُ مِنْهُ بِالشَّهَادَةِ لاَ بِالرَّهْنِ: وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ، لأِنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ. وَنُجُومُ الْكِتَابَةِ لاَ رَهْنَ فِيهَا وَلاَ ضَمِينَ، لأِنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ، وَكَذَا الْجَعَالَةُ، وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُهَا الضَّمِينُ.

وَمِنْهُ الْمُسَابَقَةُ إِذَا اسْتَحَقَّ رَهْنُهَا جَازَ الرَّهْنُ وَالضَّمِينُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلاَفِ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ أَوْ لاَزِمٌ.

وَمِنْهُ مَا يَدْخُلُهُ الضَّمِينُ دُونَ الرَّهْنِ، وَهُوَ ضَمَانُ الدَّرْكِ.

وَقَدِ اسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى حَصْرِ الْوَثَائِقِ فِيمَا سَبَقَ بِأُمُورٍ مِنْهَا:

الْحَبْسُ عَلَى الْحُقُوقِ إِلَى الْوَفَاءِ أَوْ حُضُورِ الْغَائِبِ، وَإِفَاقَةِ الْمَجَانِينِ، وَبُلُوغِ الصِّبْيَانِ.

وَمِنْهَا حَبْسُ الْمَبِيعِ، حَتَّى يُقْبَضَ الثَّمَنُ، وَمِنْهَا: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا، حَتَّى تَقْبِضَ الْمَهْرَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

حُكْمُ الْوَثَائِقِ:

الشَّهَادَةُ:

الشَّهَادَةُ مِنْ أَهَمِّ الْوَثَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الإْشْهَادِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُودِ النِّكَاحِ أَمْ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلاَتِ.

وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة ف 30، تَوْثِيق ف 7)

ب - الْكِتَابَةُ:

كِتَابَةُ الْمُعَامَلاَتِ الَّتِي تُجْرَى بَيْنَ النَّاسِ وَسِيلَةٌ لِتَوْثِيقِهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الأْمْرُ بِهَا فِي قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَاتَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ).

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْكِتَابَةِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الأْمْرَ بِالْكِتَابَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ. وَقَالُوا: إِنَّنَا نَرَى جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ دِيَارِ الإْسلاَمِ يَبِيعُونَ بِالأْثْمَانِ الْمُؤَجَّلَةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَلاَ إِشْهَادٍ، وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا، وَالأْمْرُ نَدْبٌ إِلَى حِفْظِ الأْمْوَالِ وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ كَتْبَ الدُّيُونِ وَاجِبٌ عَلَى أَرْبَابِهَا فَرْضٌ بِهَذِهِ الآْيَةِ بَيْعًا كَانَ أَوْ قَرْضًا لِئَلاَّ يَقَعَ جَحْدٌ أَوْ نِسْيَانٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ.

(ر: تَوْثِيقٌ ف 12).

حِكْمَةُ الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ:

أَمَرَ اللَّهُ فِي آيَةِ الْمُدَايَنَةِ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْكِتَابَةُ بِقَوْلِهِ (فَاكْتُبُوهُ)، وَالثَّانِي: الاِسْتِشْهَادُ، بِقَوْلِهِ(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) وَفَائِدَةُ الْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ أَنَّ مَا يَدْخُلُ فِيهِ الأْجَلُ وَتَتَأَخَّرُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ يَتَخَلَّلُهُ النِّسْيَانُ، وَيَدْخُلُهُ الْجَحْدُ، فَصَارَتِ الْكِتَابَةُ كَالسَّبَبِ لِحِفْظِ الْمَالِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، لأِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَقَّهُ قَدْ قُيِّدَ بِالْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ عَلَيْهَا تَحَرَّزَ عَنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَمِنْ تَقْدِيمِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى حُلُولِ الأْجَلِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ تَحَرَّزَ مِنَ الْجُحُودِ، وَأَخَذَ قَبْلَ حُلُولِ الأْجَلِ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ وَقْتَ حُلُولِ الأْجَلِ، فَلَمَّا حَصَلَ فِي الْكِتَابَةِ وَالإْشْهَادِ هَذِهِ الْفَوَائِدُ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ.

ج - الرَّهْنُ:

الرَّهْنُ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يُجْعَلُ وَثِيقَةً بِالدَّيْنِ لِيُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ.

وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (رَهْن ف 4، تَوْثِيق ف 14)

د - الضَّمَانُ:

الضَّمَانُ: هُوَ مِنْ وَسَائِلِ التَّوْثِيقِ، وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الاِلْتِزَامِ بِالْحَقِّ فَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمَا جَمِيعًا.

وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَلاَ جَرَمَ أَنَّ هَذَا يَزِيدُ الثِّقَةَ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (ضَمَان ف 28، تَوْثِيق ف 15)

mobile-nav تواصل
⁦+201002430310⁩