دعوى التحقيق الأصلية (صحة التوقيع ) :
ترفع دعوى التحقيق الأصلية من الشخص الذي بيده المحرر العرفى على من يعتقد أن المحرر بخطه أو بتوقيعه (45 إثبات) . فإذا حضر المدعي عليه وأقر به ، أثبتت المحكمة إقراره وألزمت المدعى بالمصروفات ، وبهذا تنتهي الخصومة، ويعتبر مجرد سكوت المدعى عليه أو عدم إنكاره للمحرر أو عدم نسبته إلى غيره إقراراً ضمنياً به (46 إثبات). فإذا لم يحضر المدعى عليه ، فإن المحكمة تحكم - في غيبته - بصحة الخط أو الإمضاء . على أنه حماية للخصم الغائب ، أجاز القانون له استئناف هذا الحكم في جميع الأحوال (47 إثبات) . وليس لهذا النص مقابل في حالة ما إذا تمسك الخصم بمحرر أثناء خصومة قائمة ، وهي مفارقة بالنسبة لأثر الغياب ليس لها ما يبررها . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 169 )
المحكمة المختصة بدعوى تحقيق الخطوط الأصلية :
ذهب رأي في الفقه أن دعوى تحقيق الخطوط الأصلية تعتبر غير مقدرة القيمة فترفع إلى المحكمة الإبتدائية أياً كانت قيمة الالتزام الوارد بالورقة المطلوب تحقيقها. (الدكتور محمد حامد فهمي في المرافعات المدنية التجارية طبعة 1938 ص 599) ولكن الرأي الغالب في الفقه يذهب إلى أن دعوى تحقيق الخطوط الأصلية ترفع إلى المحكمة الإبتدائية أو الجزئية بحسب قيمة الحق المثبت في الورقة المطلوب الحكم بصحة التوقيع عليها. (العشماوي في قواعد المرافعات الجزء الثاني هامش ص497) ومن ثم فإن تحقيق الخطوط الأصلية ترفع بالإجراءات المعتادة أي بورقة تكليف بالحضور تعلن للخصم طبقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات وتقدر بقيمة الحق المثبت في الورقة المطلوب الحكم بصحة التوقيع عليها بالمادة 37/ 10 مرافعات فإذا كانت قيمة الحق تزيد على خمسة آلاف جنيه ترفع إلى المحكمة الإبتدائية أما إذا قلت قيمتها عن ذلك فترفع إلى المحكمة الجزئية ونظراً لأنها دعوی شخصية فإنها طبقاً لقواعد الاختصاص المحلي ترفع أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه عملاَ بالمادة 49 مرافعات .
(المستشار الدناصوري والأستاذ عكاز في التعليق على قانون الإثبات طبعة 1989 ص 137. وفي هذا المعنى الدكتور سليمان مرقص في أصول الإثبات وإجراءاته ص 333 وما بعدها)
وتقتصر مهمة المحكمة على التحقق فقط من نسبة صدور الورقة إلى المدعي عليه أو عدم نسبته إليه دون أن تتعرض لأصل الحق الوارد بها. (الدكتور أحمد أبو الوفا في التعليق على نصوص قانون الإثبات الطبعة الثانية ص 160) وإذا حضر المدعي وأقر بما يطلبه المدعى تثبت المحكمة إقراره وتكون جميع المصاريف على المدعى لأن المدعى عليه لم ينازعه في طلبه ويعتبر المحرر معترفاً به أيضاً إذا سكت المدعي عليه أو لم ينكره أو لم ينسبه إلى سواه «م 46» لأن هذا الموقف يعتبر بمثابة إقرار ضمني بصحة الورقة أو الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع .
أما إذا لم يحضر المدعي عليه حكمت المحكمة في غيبته بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع ويجوز استئناف هذا الحكم في جميع الأحوال «م 47 إثبات» ويعتبر وجوب الحكم بصحة الورقة عند غياب المدعى عليه استثناء من القواعد العامة التي تقرر أن غياب المدعى عليه لا يعتبر تسليماً بطلبات المدعي وأنه يتعين تحقيق الموضوع للحكم فيه عند غيابه. (الدكتور أحمد أبو الوفا المرجع السابق ص 161).
وعملاً بنص المادة 47 المشار إليها فإنه يجوز استئناف هذا الحكم في جميع الأحوال ومن ثم فإنه في حالة غياب الخصم يجوز استثناء استئناف الحكم الصادر في جميع الأحوال وأياً كانت قيمة الحق المثبت في الورقة أي حتى ولو كان الحكم صادرة من المحكمة الجزئية في حدود نصابها إلا نهائي بمعنى أنه يجوز استئناف الحكم الصادر في هذه عليه أما إذا كان حاضراً فإن إستئناف الحكم يخضع للقواعد العامة في الإستئناف المنصوص عليها في قانون المرافعات .
وأخيراً فإن حضر المدعي عليه وأنكر الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع فإنه يجري التحقيق طبقاً للقواعد التي وضعها المشرع فإذا قضت المحكمة بعد ذلك بصحة الورقة طبقت الأحكام الخاصة بدعوى تحقيق الخطوط الفرعية أي وجوب الحكم بالغرامة استحقاق التعويض أن كان له مقتضى ولكن يلاحظ أنه في هذه الحالة يتعين أن تقتصر المحكمة على الحكم بصحة الورقة ويمتنع عليها الحكم بصحة الإلتزام أو أمر المدين بالوفاء لأن ذلك كله يعتبر خارجاً عن موضوع دعوى تحقيق الخطوط الأصلية وإذا قضت بعدم صحة الورقة فقدت هذه حجيتها نهائياً وجاز المدعي عليه إبلاغ النيابة عن تزويرها أو رفع جنحة مباشرة بذلك .
(الدكتور سليمان مرقص المرجع السابق ص 334 وما بعدها) . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الأول ، الصفحة : 437 )
خالف المشرع في هذه المادة القواعد العامة المنصوص عليها في باب الإستئناف في قانون المرافعات فأجاز استئناف الحكم الصادر في هذه الدعوى في حالة غياب الخصم وذلك أياً كانت قيمة الحق المثبت في الورقة وهذا استثناء من القواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات ( م/ 27/ 10 ، 219 ، 223) لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره وعلى ذلك لا يجوز قياس إستئناف دعوى التزوير الأصلية أو الفرعية أو دعوى الإنكار الفرعية على هذه الحالة وطبقاً لما هو ظاهر من نص المادة فإن الإستئناف الاستثنائي المشار إليه بها قاصر على حالة غياب المدعى عليه، أما في حالة حضور المدعى عليه بالجلسة فلا يجوز استئناف الحكم إلا إذا كان قابلاً للإستئناف وفقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المرافعات .
وطبقاً لهذا النص فإنه يتعين علي المحكمة أن تحكم بصحة الخط أو التوقيع المنسوب إلى الخصم علي المحرر بغير إجراء تحقيق وفي هذا خروج على المبادئ العامة التي تقضي بأن عدم حضور المدعى عليه أمام المحكمة لا يمنع من الحكم لصالحه إذا ثبت لها عدم أحقية المدعي في دعواه . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الأول ، الصفحة : 344 )
تخلف المدعى عليه عن الحضور :
إذا تخلف المدعى عليه عن الحضور أمام المحكمة حكمت المحكمة في غيبته بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع .
فالمشرع يعتبر غياب المدعى عليه في هذه الحالة قرينة على إقراره بطلبات خصمه، وذلك خروجاً على القواعد العامة التي لا تعتبر غياب المدعى عليه إقراراً بالدعوى .
وإنما على المحكمة أن تراعى تطبيق الأحكام الخاصة بغياب الخصوم، ومقتضاها أنه إذا تغيب المدعى عليه في الجلسة الأولى ولم تكن صحيفة الدعوى قد أعلنت بشخصه كان على المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة تالية يعلن المدعي الخصم الغائب عملاً بنص المادة 84 من قانون المرافعات .
وفي هذه الحالة يلزم المدعى عليه مصاريف الدعوى عملاً بالمادة 184 مرافعات إذ يعتبر أنه قد خسرها، لأن المدعي وقد رفع دعواه قبل حلول أجل الدين أو الحق فإنه استعمل رخصة خولها له القانون فكان يتعين على المدعى عليه أن يحضر أمام المحكمة حتى لا يلزم مصاريفها، أما ولم يحضر فإنه يجب إلزامه المصاريف .
استئناف الحكم الصادر في الدعوى في جميع الأحوال :
أجازت المادة استئناف الحكم الصادر في دعوى صحة التوقيع في جميع الأحوال. والمقصود بذلك إجازة الاستئناف أياً كانت قيمة الحق الثابت في المحرر ولو كان غير قابل للاستئناف طبقاً للقواعد العامة .
وقد حدا الشارع إلى هذا الاستثناء خروجه أيضاً على القواعد العامة التي لا تجعل في غياب المدعى عليه عن الحضور بالجلسة إقراراً بالدعوى، وللتخفيف من حدته بفتح باب الاستئناف أمام المدعى عليه .
وهذا الحكم استثنائي لا يتوسع في تفسيره ولا يجوز قياس أية حالة أخرى عليه وهذا الحكم قاصر على الأحكام التي تصدر طبقاً للمنصوص عليه في هذه المادة ، أي في حالة ما إذا كان المدعى عليه لم يحضر أمام المحكمة فحكمت المحكمة في غيبته بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع ، أما في حالة حضور المدعى عليه فإن الطعن بالاستئناف في الحكم يخضع للقاعدة العامة التي أوردناها سلفاً .
ولما كان الحكم الوارد بالمادة استثنائياً فإنه لا يجوز القياس عليه أو التوسع في تفسيره، وعلى ذلك لا يجوز قياس استئناف دعوى التزوير الأصلية أو الفرعية أو دعوى الإنكار الفرعية على هذه الحالة . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 826 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 141
(مادة 118) :
إذا لم يحضر المدعى عليه حكمت المحكمة في غيبته بصحة الخط، أو الإمضاء، أو الختم، أو بصمة الأصبع ويجوز استئناف هذا الحكم في جميع الأحوال .
(م (47) إثبات مصري، و(39) - (3) بینات سوري، إلا أن في هذه: «ويجوز الاعتراض على هذا الحكم في جميع الأحوال».

