1- مناط الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية المنصوص عليها في المادة 59 من قانون الإثبات ألا يكون قد احتج بالورقة المدعى بتزويرها في دعوى ينظرها القضاء، أما عند الاحتجاج بالورقة في دعوى منظورة فيتعين للادعاء بتزويرها إتباع الطريق الذي رسمه القانون في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 اعتبارًا بأن الادعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في موضوع الدعوى، فلا يكون لغير المحكمة التي تنظر الموضوع أن تفصل فيه مما يشكل قاعدة آمرة، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون المحكمة قد فصلت في أمر صحة الورقة بالقبول أو الرفض وكان حكمها مبنياً على الورقة، أما إذا كان المحرر المُدّعى بتزويره قد قُدم للمحكمة إلا أنها لم تفصل في أمر صحته أو تزويره لتنازل المتمسك به عن الاحتجاج به في مواجهه المنسوب إليه المحرر أو لعدم تقديم أصل المحرر رغم الطعن عليه بالتزوير وتكليف المحكمة له بتقديمه أو ادعائه فقده أو حصول عارض من عوارض الخصومة يمنع من الحكم في الدعوى، فإن ذلك لا يمنع من قبول دعوى التزوير الأصلية طالما لم يفصل في التزوير في الدعوى السابقة صراحًة أو ضمناً .
( الطعن رقم 9839 لسنة 90 ق - جلسة 16 / 2 / 2025 )
2- إذا احتج بالورقة المدعى بتزويرها فى نزاع مرفوع بشأنه دعوى وسلك من أحتج عليه بتلك الورقة طريق الادعاء بالتزوير الذى رسمة القانون فى المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات لكونه وسيلة دفاع فى ذات موضوع الدعوى وجب إبداؤه أمام المحكمة التى تنظر هذا الموضوع ولا يكون لغيرها أن تنظره فإن قضاء المحكمة فى الادعاء بالتزوير بأنه غير منتج فى النزاع لا يمنع من يخشى الاحتجاج عليه فى المستقبل بالورقة المدعى بتزويرها أن يلجأ إلى دعوى التزوير الأصلية .
(الطعن رقم 2507 لسنة 60 جلسة 1995/05/16 س 46 ع 1 ص 781 ق 153)
3- قبول محكمة الموضوع لشاهد من شواهد التزوير لتحقيقه سواء بالشهود أو بالخبرة لا يعنى أنها رفضت دلائل التزوير الأخرى التى أوردها مدعى التزوير بتقرير الطعن أو بمذكرة الشواهد ما دام من حقها أن تحققها لتصل إلى الإقتناع بصحة الورقة أو تزويرها .
(الطعن رقم 421 لسنة 37 جلسة 1974/01/22 س 25 ع 1 ص 200 ق 35)
4- ما نصت عليه المادة 274 من قانون المرافعات السابق من أنه لا تسمع شهادة الشهود إلا فيما يتعلق بإثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على الورقة المقتضى تحقيقها ممن نسبت إليه ، إنما هو خاص بإنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع ، ولا مجال لتطبيقه عند الإدعاء بالتزوير ، والمقصود منه هو إحترام القاعدة العامة فى الإثبات بعدم تمكين من يتمسك بورقة إنكرها خصمه من أن يثبت بشهادة الشهود - فى غير الأحوال التى يجوز فيها ذلك قانوناً - الإلتزام المدون بها ، ولذلك جاء النص مقصورا على أن الشهود لا يسمعون إلا عند إثبات واقعه الكتابة أو التوقيع دون إلتزام ذاته ، بخلاف الحال فى الإدعاء بالتزوير فإن الأمر فيه إذا ما قبلت شواهد التزوير يكون متعلقا بجريمة أو غش مما يجوز قانوناً إثباته بجميع الطرق ومنها قرائن الأحوال ، وذلك يستتبع أن يكون لخصم مدعى التزوير الحق فى أن يثبت بجميع الطرق أيضاً عدم صحة إدعائه عملاً بالمادة 192 من قانون المرافعات . ولما كان التحقيق الذى أجرته محكمة أول درجة قد تناول غير التوقيع وقائع أخرى وإعتمدت عليها المحكمة فلا تثريب عليها فى ذلك .
(الطعن رقم 101 لسنة 36 جلسة 1970/04/28 س 21 ع 2 ص 714 ق 116)
5- متى كان خبير مصلحة تحقيق الشخصية قد ذكر فى تقريره أن البصمة الموقع بها على العقد المطعون عليه بالتزوير لا تصلح للمضاهاة لأنها مطموسة مما مفاده أن تحقيق صحة هذه البصمة بطريق المضاهاة غير ممكن بمعرفة مصلحة تحقيق الشخصية ، وإذ يبقى على ذلك - أمر تحقيق صحتها متروكاً لقواعد الإثبات الأخرى ، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يجوز إثبات حصول التوقيع على الورقة المطعون فيها بإعتبار أنه واقعة مادية وذلك بجميع طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود فإذا أهدر الحكم العقد المطعون فيه لمجرد أن البصمة المنسوبة إلى المطعون ضدها مطموسة دون أن يحقق صحتها ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .
(الطعن رقم 378 لسنة 34 جلسة 1968/10/22 س 19 ع 3 ص 1263 ق 190)
6- حكم محكمة الموضوع بقبول شاهدين من شواهد التزوير ، وبندب قسم أبحاث التزييف والتزوير للتحقيقها دون باقى الشواهد ، مؤداه - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - إرجاء الفصل فى موضوع الإدعاء بالتزوير إلى ما بعد إنتهاء تحقيق صحة الورقة على أساس جميع الشواهد القائمة فى الدعوى التى ساقها الطاعن بالتزوير بإعتبارها من القرائن المؤيدة لمدعاه وعلى أساس ما يتجد نتيجة للتحقيق .
(الطعن رقم 157 لسنة 33 جلسة 1967/01/31 س 18 ع 1 ص 273 ق 41)
7- لمحكمة الموضوع أن تقضى بتزوير المحرر على غير شواهد التزوير التى أمرت بتحقيقها .
(الطعن رقم 271 لسنة 21 جلسة 1954/12/02 س 6 ع 1 ص 235 ق 30)
وإذا أمرت المحكمة بإجراء التحقيق ، فإن حكمها بالتحقيق يجب أن يتضمن بيان الوقائع (أى شواهد التزوير) التي قبلت المحكمة تحقيقها، والإجراءات التي رأت إثباتها بها سواء كانت بالمضاهاة أو بشهادة الشهود ، وغيرها من البيانات التي تنص عليها المادة 32 بالنسبة لتحقيق الخطوط (مادة 53 إثبات) . ومن المقرر أن قبول المحكمة الشاهد من شواهد التزوير لتحقيقه لا يعني أنها رفضت دلائل التزوير الأخرى التي أوردها مدعى التزوير بتقريره أو بمذكرة الشواهد . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 179 )
أولاً : يشتمل الحكم الصادر بالتحقيق على بيان الوقائع التي قبلت المحكمة تحقيقها والإجراءات التي رأت إثباتها بها كما يشتمل أيضاً على سائر البيانات المذكورة في المادة (32) إثبات وهي :
أ) ندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة التحقيق .
ب) تعيين خبير أو ثلاثة خبراء .
ج) تحديد اليوم والساعة الذين يكون فيهما التحقيق .
د) الأمر بإيداع المحرر المقتضى تحقيقه قلم الكتاب بعد بيان حالته على الوجه المبين بالمادة (31) من ذات القانون .
ثانياً : ويبين من ذلك أن الحكم بالتحقيق يتضمن قبول بعض شواهد التزوير على الأقل ويجب أن يشتمل على بيان ما قبلته المحكمة من هذه الشواهد ( فيما عدا القرائن لأنها لا تحتاج إلى تحقيق ومتروك تقديرها للمحكمة عند النظر في نتيجة التحقيق ) وطريقة ردها وإلا اعتبرت قائمة وكان للمحكمة عند الفصل في التزوير أن تأخذها في إعتبارها. وإذا وجدت كفايتها فيما حققته واستغنت به عن باقي الشواهد التي لم ترفضها ثم خالفتها في ذلك المحكمة الإستئنافية تعين على هذه أن تفحص الشواهد الأخرى لأنها تعتبر قائمة أمامها وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الأول ، الصفحة : 486 )
يقصد بالوقائع التي قبلتها المحكمة والتي يتعين بيانها في الحكم بالتحقيق شواهد التزوير التي قبلتها المحكمة مما يحتاج إلى تحقيق، أما الشواهد التي لا تحتاج بطبيعتها إلى تحقيق كالقرائن المستفادة من وقائع الدعوى الثابتة فلا تتعرض لها المحكمة في الحكم الصادر بالتحقيق ، وإنما تتركها لتقديرها عند الحكم في صحة الورقة . ( الوسيط لرمزي سيف ، الطبعة الثامنة ص 632) .
إثبات الإدعاء بالتزوير :
من المقرر أن الإثبات بكل الطرق جائز في الإدعاء بالتزوير وفي إنكار التوقيع دون التقيد بقواعد الإثبات المنصوص عليها في قانون الإثبات الخاصة بإثبات الالتزام ، فإن للمحكمة السلطة في تقدير الأدلة التي تأخذ بها في ثبوت التزوير ، فلا ضير على المحكمة أن عجز مدعى التزوير عن إثباته بالبينة إذا قضت بالتزوير لإطمئنانها إلى ثبوته من القرائن ما دامت مؤدية إلى ما استخلصته المحكمة منها ولو زادت قيمة المحرر على مائتي جنيه . ( المرجع السابق ص 634).
والتزوير نوعان مادي ومعنوي . والمادي هو الذي يلحق صلب المحرر ، بالإضافة أو الكشط أو اصطناع توقيع مزور ، والمعنوي هو الذي يقع بتغيير ما اتفق عليه طرفي العقد أثناء تحريره بأن يتفق الطرفان على إبرام عقد إيجار إلا أن المستأجر يتفق مع كاتب العقد على أن يضمنه شروط عقد بيع دون أن يدري المؤجر عن ذلك شيئاً ويوقع المحرر بإعتباره مثبتاً لعلاقة إيجارية .
والتزوير المادي قد يكون معاصراً لتحرير المحرر أو لاحقاً عليه ، أما المعنوي فيقع أثناء تحرير العقد .
ومن المقرر أن إثبات التزوير المادي والمعنوي يتم - كما سبق أن أوضحنا - بكافة طرق الإثبات ولو بواقعة غير مباشرة ، كما إذا صرح الدائن على ملأ من الناس بأنه لا يداين المنسوب إليه العقد المزور بشيء وكان هذا التصريح تالياً على تاريخ المحرر . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 411 )
فحص شواهد التزوير :
تقتصر محكمة الموضوع في فحصها لشواهد التزوير، والتي عبرت عنها المادة بلفظ «الوقائع» على تناول أمرين :
الأول : هل الشواهد المقدمة متعلقة بدعوى التزوير بحيث يكون من وراء تحقيقها فائدة في إاحتمال إثبات التزوير المدعى به .
والشواهد هي المقصود بكلمة (الوقائع الواردة بالمادة) .
الثاني : هل هذه الشواهد جائزة القبول بالنظر لإثباتها .
ودور المحكمة في ذلك يختلف عن دورها في الفصل في موضوع التزوير، إذ هي في مرحلة فحص الشواهد تكون بمثابة رقيب يمنع الوقائع البعيدة التصديق أو غير المتعلقة بالموضوع أو غير المقبولة قانوناً من أن تدخل في نطاق القضية فتوسعه من غير مقتض وتعطل الفصل في الدعوى بما تستلزمه من تحقيق أو مرافعة .
والحكم الذي يصدر بعد فحص شواهد التزوير، إما أن يكون بعدم قبولها لعدم تعلقها بوقائع التزوير أو لأنها غير جائزة القبول بالنظر لإثباتها، وإما أن يكون بقبول كل شواهد التزوير أو بعضها والأمر بتحقيقها .
والأصل أن تقتصر المحكمة في فحصها للشواهد على ما أعلنه مدعى التزوير لخصمه، فلا تقبل شاهداً جديداً يقدم بالجلسة، ولكن إذا لوحظ أن القاضي بنص القانون سلطة مطلقة في الحكم برد أي محرر وبطلانه إذا ظهر له تزويره ولو لم يدع أمامه بالتزوير (م 58 من قانون الإثبات) وأنه بمباشرته لسلطته هذه يعتمد على أسباب إرتآها وجيهة ولو لم يذكرها الخصوم أمامه، فإنه يكون من المعقول أن يباح للمحكمة أن تأمر - وبعد فحصها الشواهد - بتحقيق بعض الوقائع تراها مؤيده لإثبات التزوير ولو لم يبدها المدعي بالتزوير .
إشتمال حكم التحقيق على سائر البيانات المذكورة في المادة (32) من قانون الإثبات :
يجب أن يشتمل منطوق الحكم الصادر بالتحقيق على سائر البيانات المذكورة في المادة 32 من قانون الإثبات الواردة بالفصل الرابع - الفرع الأول الخاص بإنكار الخط والإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع وتحقيق الخطوط وهي :
أ) ندب أحد قضاة المحكمة لمباشرة التحقيق .
ب) تعيين خبير أو ثلاثة خبراء .
ج) تحديد اليوم والساعة الذين يكون فيهما التحقيق .
د) الأمر بإيداع المحرر المقتضى تحقيقه قلم الكتاب بعد بيان حالته على النحو المبين بالمادة 31 .
ويتبع في تحقيق شواهد التزوير نفس القواعد والإجراءات والطرق التي تتبع في تحقيق الخطوط التي ذكرناها سلفاً فإذا كان التحقيق بالمضاهاة ، جرى طبقاً للأحكام المنصوص عليها بالنسبة لتحقيق الخطوط في المواد (30 - 47 من قانون الإثبات) .
وإذا كان التحقيق بشهادة الشهود جری وفقاً للقواعد المقررة لذلك .
الأمارات والقرائن التي لا تحتاج بطبيعتها إلى تحقيق :
قد ترد بمذكرة شواهد التزوير بعض الأمارات والقرائن التي لا تقوم على وقائع يتدافعها الخصوم إثباتاً ونفياً فهي إن كانت تصلح حجة على التزوير إلا أنها لا تعتبر أدلة بالمعنى السالف بيانه، فما يرد منها بين أدلة التزوير لا يجرى عليه ما يجري على هذه الأدلة، ولا يجوز أن يكون محلاً لحكم من القاضي بقبول أو رفض بل يجب أن يرجأ النظر فيها إلى حين الفصل في موضوع التزوير، وللمحكمة أن تعول عليها مع أدلة التزوير الأخرى وبعد أن تفرغ من التحقيق الذي تأمر به .
إثبات التزوير بكافة طرق الإثبات القانونية :
إذا قبلت المحكمة شواهد التزوير في الادعاء بالتزوير، فإن الأمر فيه يكون متعلقاً بجريمة أو غش مما يجوز إثباته بجميع الطرق ومنها قرائن الأحوال، وذلك عكس الطعن بالإنكار، فلا تجوز شهادة الشهود إلا في إثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع على الورقة المطعون عليها .
وتقدير أدلة وقرائن التزوير مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
التنازل عن الطعن بالإنكار لا يحول دون الإستناد إلى إجراءات تحقيقه عند القضاء في الإدعاء بالتزوير :
الطعن بإنكار هو دفاع يبديه الخصم، فإذا تنازل الخصم عن طعنه، ثم إدعى بالتزوير بعد ذلك، فإنه يجوز الإستناد إلى الأدلة المستمدة من إجراء التحقيق الذي أمر به في الطعن بالإنكار للفصل في الإدعاء بالتزوير . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 865 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة : 143
(مادة 124) :
يشتمل الحكم الصادر بالتحقيق على بيان الوقائع التي قبلت المحكمة تحقيقها، والإجراءات التي رأت إثباتها بها، وعلى سائر البيانات المذكورة في المادة (104) من هذا القانون .
(م (53) إثبات مصري، و(165) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، و م (44) بینات سوري).
المذكرة الإيضاحية :
متى حصلت المرافعة على أساس المذكرة المبين بها شواهد التزوير - نظرت المحكمة فيما إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً في النزاع. فإن وجدته منتجاً ، ولم تجد في وقائع الدعوى وأوراقها ما يكفيها في تكوين اقتناعها بصحة الورقة أو تزويرها، ورأت أنه لا بد لذلك من إجراء التحقيق الذي طلبه مدعي التزوير في مذكرته - أمرت بالتحقيق م (124)، وكان عليها أن تبين في حكمها الصادر بالتحقيق الوقائع التي قبلت تحقيقها والإجراءات التي رأت إثباتها بها، إلى غير ذلك من البيانات الوارد ذكرها في هذه المادة والمادة (104) من هذا القانون .
وليس مما يحتاج إلى بيان أن المحكمة متى أمرت بالتحقيق لا يكون لها أن تتعرض التقدير سائر القرائن التي ساقها مدعي التزوير لتأييد مدعاه، فإن ذلك لا يكون له محل إلا بعد الفراغ من التحقيق، وعند الفصل في صحة الورقة على أساس جميع الأدلة القائمة في الدعوى ما استجد منها نتيجة التحقيق، وما كان مقدماً من قبل .
ولما كانت الوقائع التي قد ترى المحكمة إثباتها بالتحقيق لا يدخل أفرادها تحت حصر وكثيراً ما تخرج عن مجرد كون الخط المنسوب إلى مدعي التزوير هو خطه فإن القانون لم يجد موجباً للنص على تعيين الطريقة التي يجري بها التحقيق، كما فعل في تحقيق الخطوط بل ترك الأمر في ذلك إلى القواعد الخاصة بكل طريقة من طرق التحقيق، لكنه مع ذلك لم يجد بدا من النص على أنه إذا اقتضت الحال أن يؤمر بالتحقيق بالمضاهاة فإن التحقيق يكون وفق الأوضاع والقواعد المقررة للتحقيق بالمضاهاة في الفرع الخاص بتحقيق الخطوط .
ولم يجد هذا القانون داعياً للنص على وقف الدعوى لسبب الادعاء بالتزوير، كما نص في المادة (155) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ونصها : «يترتب على الطعن بتزوير الورقة إيقاف السير في الدعوى إذا لم يكن للمدعي دليل آخر لإثباتها». ذلك لأن هذا الادعاء لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى. فالسير في تحقيقه لا يكون إلا من قبيل المضي في إجراءات الخصومة الأصلية، شأنه في ذلك شأن أية منازعة عارضة كدفع مانع من قبول الدعوى، أو كأية منازعة في واقعة من وقائعها يحتاج إثباتها إلى تحقيق ويتوقف عليها الحكم. والحق أنه كلما كان الادعاء بالتزوير منتجاً في أصل النزاع فلا يتصور إمكان الحكم في الدعوى قبل الفصل في أمر التزوير .
والواقع أن المبرر لعقد فرع خاص بالادعاء بالتزوير هو الاعتراف لبعض الأوراق بحجية خاصة، لا يكفي لدفعها مجرد إنكار الورقة، إلا أن رعاية هذه الحجية لا تقتضي تعطيل الدعوى، ولا غل يد قاضيها بترك تسيير إجراءات التحقيق والعودة إلى الموضوع لمشيئة الخصوم، وإنما يكفي فيها بعض أوضاع تكفل ألا يقدم على الادعاء بالتزوير إلا خصم جاد مثابر مستعد على الإثبات .

