loading

موسوعة قانون المرافعات

شرح خبراء القانون

يقع على عاتق الشاهد واجب الشهادة باعتباره من الواجبات العامة، وهو واجب يقتضي منه الحضور أمام القضاء في الوقت والمكان المحدد له، فإذا لم يحضر رغم تكليفه بالحضور تكليفاً صحيحاً ، حكمت عليه المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق بغرامة مقدارها أربعون جنيهاً بحكم غير قابل للطعن، ويكلف الشاهد مرة أخرى بالحضور ، فإذا أصر على عدم الحضور حكم عليه بضعف هذه الغرامة . وللمحكمة أو القاضي إصدار أمر بإحضاره جبراً، ويمكن إصدار هذا الأمر عند الاستعجال الشديد دون أن يسبقه إعادة تكليف الشاهد بالحضور (مادة 78 إثبات) . على أنه يحق للمحكمة أو القاضي إعفاء الشاهد من الغرامة إذا حضر وأبدى عذراً مقبولاً يبرر غيابه (مادة 79 إثبات) . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 198 )

عدلت الفقرة الأولى من المادة 78 بموجب القانون رقم 23 لسنة 1992 ، ثم عدلت الغرامة بالقانون رقم 18 لسنة 1999 .

إذا كلف الشاهد بالحضور تكليفاً صحيحاً وبالرغم من ذلك تخلف عن الحضور حكمت المحكمة أو القاضي المنتدب عليه بغرامة مقدارها أربعون جنيهاً وهذه الغرامة محددة بنص القانون فلا يجوز الحكم بأقل منها أو بأزيد منها، وفي حالة الاستعجال الشديد يجوز للمحكمة أو القاضي المنتدب أن يأمر بإحضار الشاهد حيث تقوم الجهة الإدارية بتنفيذ ذلك الأمر، ونرى أن مفاد النص أنه عند تخلف الشاهد عن الحضور بالجلسة الأولى رغم إعلانه إعلاناً قانونياً صحيحاً فإنه يتعين وجوب الحكم عليه بالغرامة المحددة، ولا خيار لها في توقيعها من عدمه إذ أن النص يقول: «حكمت عليه» بما يفيد انتفاء السلطة الجوازية للمحكمة، وإنما السلطة الأولى فلها أن تأمر بإحضاره عند الاستعجال الشديد أي أن مبرر الأمر بإحضار الشاهد عند تخلفه عن الجلسة الأولى هو توافر حالة الاستعجال الشديد وذلك أمر تقديري للمحكمة أو القاضي المنتدب إذا لم تأمر المحكمة بإحضار الشاهد عند تخلفه في الجلسة الأولى فإنها تأمر بإعادة تكليفه بالحضور إذا رأت لذلك مقتضى تكون عليه مصروفات ذلك التكليف، فإذا تخلف أيضاً عن الحضور حكمت عليه بضعف الغرامة الأولى أي يتعين على المحكمة أو القاضي المنتدب الحكم بتغريمه أربعون جنيه، ويجوز للمحكمة أو القاضي المنتدب في هذه الحالة علاوة على الحكم بالغرامة سالفة الذكر أن يأمر بإحضاره، ولا يشترط هناك توافر حالة الاستعجال ويكفي تخلف الشاهد عن الحضور للمرة الثانية كمبرر لكي تأمر بإحضاره .

وإذا لم تأمر المحكمة بإحضار الشاهد عند تخلفه في الجلسة فإن الأمر جوازي لها حسبما تراه من جدية عذره من عدمه . ( الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه،  طبعة 2014، 2015 دار محمود،  المجلد :  الثاني ، الصفحة : 109 )

هذه المادة عدلت بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إذ كانت الغرامة المحددة بالفقرة الأولي من النص مائتي قرش فزادهما المشرع إلى عشرة أمثالها ، وبذلك أصبحت ألفا قرش ( عشرين جنيه ).

وإذا كان المشرع لم يتعرض الفقرة الثانية بالتعديل إلا أنه ترتب على تعديل الفقرة الأولي أصبحت الفقرة الثانية في حكم المعدلة لأن الغرامة المنصوص عليها في حالة مخالفتها ضعف الغرامة المنصوص في الفقرة الأولى وبذلك أصبحت أربعة آلاف قرش ( أربعين جنيهاً ) بعد أن كانت أربعة جنيهات .

 والغرامة المبينة بهذه المادة سواء في فقرتها الأولي أو الثانية محددة بالنص وبالتالي فليس لها حد أدني أو حد أقصي .

 وفي حالة تخلف الشاهد عن الحضور لأول مرة بعد إعلانه فإن المحكمة لا تأمر بإحضاره إلا في حالة الاستعجال الشديد إما إذا ما تخلف عن الحضور بعد إعلانه مرة ثانية فإنه يكون من إطلاقات المحكمة أن تأمر بإحضاره دون ما اشتراط للاستعجال الشديد . ( التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية،  الجزء الثاني ،  الصفحة : 753 )

تغريم الشاهد والأمر بإحضاره عند تخلفه عن الحضور :

إذا تخلف الشاهد عن الحضور بعد تكليفه بالحضور تكليفاً صحيحاً حكمت عليه المحكمة أو القاضي المنتدب بغرامة مقدارها أربعون جنيهاً، ويثبت الحكم في المحضر ولا يكون قابلاً للطعن .  

وهذه الغرامة محددة بالنص فلا يجوز القضاء بغرامة تزيد عليها أو تقل عنها .

والقضاء بهذه الغرامة جوازي للمحكمة، ومما يخضع لتقديرها .

وفي أحوال الاستعجال الشديد يجوز أن تصدر المحكمة أو القاضي أمراً بإحضار الشاهد .

 إعادة تكليف الشاهد الحضور :

إذا تخلف الشاهد عن الحضور بعد تكليفه بالحضور تكليفاً صحيحاً، ولم تقم المحكمة أو القاضي المنتدب بإصدار أمر بإحضاره في حالة الاستعجال الشديد .

فإن المحكمة أو القاضي المنتدب للتحقيق يأمر بإعادة تكليف الشاهد بالحضور إذا كان لذلك مقتض وتكون عليه مصروفات ذلك التكليف، فإذا تخلف حكم عليه بضعف الغرامة المذكورة أي بثمانين جنيهاً، ويجوز للمحكمة أو القاضى إصدار أمر بإحضاره، ويصدر هذا الأمر ولو لم يكن هناك حالة استعجال شديد .

ويعزى ذلك كله إلى أن أداء الشهادة واجب على الشاهد عليه أن يؤديه تمكيناً للقضاء من إرساء العدل بين المتقاضين . ( موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود،  المجلد : الثالث  ،  الصفحة  :  1258 )

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 98 

 

(مادة 59) : 

إذا كلف الشاهد الحضور تكليفاً صحيحاً ولم يحضر - حکمت عليه المحكمة أو القاضي المنتدب بغرامة مقدارها مائتا قرش، ويثبت الحكم في المحضر ، ولا يكون قابلاً للطعن وفي أحوال الإستعجال الشديد يجوز أن تصدر المحكمة أو القاضي أمراً بإحضار الشاهد . 

وفي غير هذه الأحوال يؤمر بإعادة تكليف الشاهد الحضور إذا كان لذلك مقتضى وتكون عليه مصروفات ذلك التكليف فإذا تخلف حكم عليه بضعف الغرامة المذكورة ، ويجوز للمحكمة أو القاضي إصدار أمر آخر بإحضاره . 

 

 ( م (78) إثبات مصري ، وانظر م (173) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، وقد سبق إيراد نصها تحت المادة السابقة ، و م (74) بینات سوري ) . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثامن والعشرون ، الصفحة /304

تَرْكُ الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعُ عَنْهَا:

ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنْ يَتْرُكُ الشَّهَادَةَ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ وَعِلْمِهِ أَنَّ تَرْكَهَا يُؤَدِّي إِلَى ضَيَاعِ الْحَقِّ الَّذِي طُلِبَتْ مِنْ أَجَلِهِ آثِمٌ، لقوله تعالى ( وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ).

وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الشَّهَادَةَ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ وَعِلْمِهِ أَنَّ تَرْكَهَا يُؤَدِّي إِلَى ضَيَاعِ الْحَقِّ يَضْمَنُ.

وَفِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ أَدَائِهَا وَضَمَانِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (رُجُوع ف 36، 37)

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة / 235

الشَّهَادَةُ:

مِنْ مَعَانِي الشَّهَادَةِ فِي اللُّغَةِ الْبَيَانُ وَالإْظْهَارُ لِمَا يَعْلَمُهُ، وَأَنَّهَا خَبَرٌ قَاطِعٌ. وَشَرْعًا: إِخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ. وَقَدِ اخْتَلَفَتْ صِيَغُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ تَبَعًا لِتَضَمُّنِهَا شُرُوطًا فِي قَبُولِهَا كَلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَمَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ. 

حُكْمُهَا:

لِلشَّهَادَةِ حَالَتَانِ: حَالَةُ تَحَمُّلٍ، وَحَالَةُ أَدَاءٍ.

فَأَمَّا التَّحَمُّلُ، وَهُوَ أَنْ يُدْعَى الشَّخْصُ لِيَشْهَدَ وَيَحْفَظَ الشَّهَادَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ. فَإِنْ تَعَيَّنَ بِحَيْثُ لاَ يُوجَدُ غَيْرُهُ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ. وَأَمَّا الأْدَاءُ، وَهُوَ أَنْ يُدْعَى الشَّخْصُ لِيَشْهَدَ بِمَا عَلِمَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، لقوله تعالي  وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وقوله تعالى  وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ  

دَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ جَمِيعًا عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ طُرُقِ الْقَضَاءِ، لقوله تعالى  وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ.

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ». وَقَدْ أَجْمَعَتِ الأْمَّةُ عَلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ يُبْنَى عَلَيْهَا الْحُكْمُ.

مَدَى حُجِّيَّتِهَا:

الشَّهَادَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، أَيْ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ غَيْرُ مُقْتَصِرَةٍ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ حُجَّةً بِنَفْسِهَا إِذْ لاَ تَكُونُ مُلْزِمَةً إِلاَّ إِذَا اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ. وَتَفْصِيلُ أَحْكَامِ الشَّهَادَةِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مَوْطِنِهِ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني ، الصفحة / 340

أَدَاءُ الشَّهَادَةِ

حُكْمُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ:

أَدَاءُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ.  وَقَوْلِهِ: وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا فَإِذَا تَحَمَّلَهَا جَمَاعَةٌ وَقَامَ بِأَدَائِهَا مِنْهُمْ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ الأْدَاءُ عَنِ الْبَاقِينَ، لأِنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا حِفْظُ الْحُقُوقِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِهِمْ، وَإِنِ امْتَنَعَ الْكُلُّ أَثِمُوا جَمِيعًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ( وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ) وَلأِنَّ الشَّهَادَةَ أَمَانَةٌ فَلَزِمَ الأْدَاءُ عِنْدَ الطَّلَبِ.

 وَقَدْ يَكُونُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ فَرْضَ عَيْنٍ إِذَا كَانَ لاَ يُوجَدُ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَقَعُ بِهِ الْكِفَايَةُ، وَتَوَقَّفَ الْحَقُّ عَلَى شَهَادَتِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الأْدَاءُ؛ لأِنَّهُ لاَ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ إِلاَّ بِهِ.

إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ مُتَعَلِّقَةً بِحُقُوقِ الْعِبَادِ وَأَسْبَابِهَا أَيْ فِي مَحْضِ حَقِّ الآْدَمِيِّ، وَهُوَ مَا لَهُ إِسْقَاطُهُ كَالدَّيْنِ وَالْقِصَاصِ فَلاَ بُدَّ مِنْ طَلَبِ الْمَشْهُودِ لَهُ لِوُجُوبِ الأْدَاءِ، فَإِذَا طُلِبَ وَجَبَ عَلَيْهِ الأْدَاءُ، حَتَّى لَوِ امْتَنَعَ بَعْدَ الطَّلَبِ يَأْثَمُ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ طَلَبِ الْمَشْهُودِ لَهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم :  «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» وَلأِنَّ أَدَاءَهَا حَقٌّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، فَلاَ يُسْتَوْفَى إِلاَّ بِرِضَاهُ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الشَّهَادَةِ بِأَنَّ الشَّاهِدَ تَحَمَّلَهَا اسْتُحِبَّ لِمَنْ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ إِعْلاَمُ رَبِّ الشَّهَادَةِ بِهَا.

وَإِذَا كَانَتِ الشَّهَادَةُ مُتَعَلِّقَةً بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا سِوَى الْحُدُودِ، كَالطَّلاَقِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَسْبَابِ الْحُرُمَاتِ فَيَلْزَمُهُ الأْدَاءُ حِسْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الأَْدَاءِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ.

وَأَمَّا فِي أَسْبَابِ الْحُدُودِ مِنَ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَالسَّتْرُ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم : «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ» وَلأِنَّهُ مَأْمُورٌ بِدَرْءِ الْحَدِّ. وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الأْوْلَى السَّتْرُ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْجَانِي مُتَهَتِّكًا، وَبِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ الْمَالِكِيَّةُ.

- وَإِذَا وَجَبَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى إِنْسَانٍ وَلَكِنَّهُ عَجَزَ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ، كَأَنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ كَانَ سَيَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَلاَ يَلْزَمُهُ الأْدَاءُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ . وَقَوْلِ النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم :  «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ». وَلأِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَضُرَّ نَفْسَهُ لِنَفْعِ غَيْرِهِ.

كَذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: لاَ يَجِبُ الأْدَاءُ إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ غَيْرَ عَدْلٍ، قَالَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ: كَيْفَ أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ لَيْسَ عَدْلاً، لاَ أَشْهَدُ.

كَيْفِيَّةُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ:

يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي أَدَائِهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِكَذَا وَنَحْوَهُ؛ لأِنَّ الشَّهَادَةَ مَصْدَرُ شَهِدَ يَشْهَدُ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الإْتْيَانِ بِفِعْلِهَا الْمُشْتَقِّ مِنْهَا؛ وَلأِنَّ فِيهَا مَعْنًى لاَ يَحْصُلُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الأْلْفَاظِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْلَمُ أَوْ أَتَيَقَّنُ أَوْ أَعْرِفُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَلاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، إِلاَّ أَنَّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لأِدَاءِ الشَّهَادَةِ صِيغَةً مَخْصُوصَةً بَلْ قَالُوا: الْمَدَارُ فِيهَا عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِمَا شَهِدَ بِهِ كَرَأَيْتُ كَذَا أَوْ سَمِعْتُ كَذَا وَهُوَ الأْظْهَرُ عِنْدَهُمْ. وَلِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا شُرُوطٌ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَةٌ).

mobile-nav تواصل
⁦+201002430310⁩