التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الثاني ،
لما كان المراد من نص المادة 96 هو المحافظة فقط علي الدليل من الضياع، فإن المشرع لم يجز الإحتجاج بشهادة الشاهد إلا حين يرفع الموضوع إلي القضاء، وترى محكمة الموضوع أن الواقعة المشهود عليها يجوز إثباتها بشهادة الشهود حينئذٍ يجوز تسلیم صورة من محضر التحقيق وتقديمه للمحكمة . ( المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات القديم ) .
ومن ناحية أخرى ، فإن قرار القاضي المستعجل بسماع الشاهد ، وسماعه ، لا يقيد محكمة الموضوع عند نظر الدعوى الموضوعية . فلها أن تقرر عدم جواز إثبات الواقعة بشهادة الشهود، ولها تقدير الشهادة التي سمعت كما تقدر أي دليل، وليس للخصم تسلم صورة من محضر التحقيق الذي تم أمام القضاء المستعجل ، أو تقديم هذا المحضر أمام محكمة الموضوع إلا إذا قررت هذه الأخيرة جواز الإثبات بشهادة الشهود . وللخصم الآخر أن يطلب - عندئذٍ - سماع شهود نفي لمصلحته (97 إثبات).(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 209)
المستفاد من النصوص السابقة أنه يلزم لإجابة الطالب إلى دعواه بسماع - شاهد أمام القضاء المستعجل ضرورة توافر شروط أربعة هي:
أولاً: أن يكون الموضوع المراد الإستشهاد فيه بشاهد لم يعرض بعد أمام القضاء ولكن يحتمل عرضه عليه وعلى ذلك فإذا كان النزاع معروض فعلاً على القضاء في أي من درجاته وأنواعه كانت المحكمة المختصة بنظر الموضوع هي وحدها صاحبة الحق في الفصل في طلب سماع الشاهد فإذا ما أقيمت الدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة في هذه الحالة بطلب سماع ذلك الشاهد تعين عليه القضاء بعدم قبول الدعوى وقد ذهب رأي إلى أنه يتعين على القاضي المستعجل في هذه الحالة أن يقضي بعدم الإختصاص لأن ولايته بالحكم تنتفي بمجرد رفع النزاع أمام محكمة الموضوع «المستشار محمد عبد اللطيف في القضاء المستعجل الطبعة الرابعة (ص109)» إلا أن الرأي المتفق وصحيح القانون هو القضاء بعدم القبول إذ أن شرط قبول الدعوى أمام القاضي المستعجل هو أن الموضوع لم يعرض بعد أمام القضاء فإذا سبق عرضه فقد تخلف شرط قبول هذه الدعوى.
ثانياً: أن يتحقق قاضي الأمور المستعجلة من توافر حالة الضرورة من ظاهر المستندات المقدمة وأن خشية الخصم من فوات فرصة الإستشهاد بالشاهد جدية وفي محلها لإحتمال أن يطرأ مستقبلاً ما يستحيل معه سماع شهادته، كما لو تعلق الأمر بشاهد إستدعي للتجنيد أثناء الحرب أو شاهد على وشك الهجرة ولأن أجل الدين لم يحن بعد)، ومن ثم فلا يكفي مجرد كون الشاهد مسناً أو محتملاً سفره وإنما يتعين أن يكون الشاهد مريضاً مرضاً يخشى فيه على حياته قبل إقامته الدعوى الموضوعية أو مزمعاً السفر بلا عودة ولقاضي الأمور المستعجلة سلطة في تقدير توافر تلك الحالة من عدمها.
ثالثاً: أن يتحقق قاضي الأمور المستعجلة من ظاهر المستندات من جدية القول - بتعلق شهادة الشاهد بموضوع يحتمل عرضه على القضاء الموضوعي دون أن يتعرض الموضوع ذلك النزاع أما إذا كان الموضوع لا يحتمل عرضه مستقبلاً على القضاء الموضوعي فإنه لا يكون هناك ثمة حاجة لسماع شاهد في أمر يتصل بذلك الموضوع ومع ذلك فإنه لا يجوز له التعرض لما إذا كانت تلك الشهادة منتجة في الدعوى من عدمه.
رابعاً: أن تكون الواقعة المراد الإستشهاد عليها مما يجوز إثباتها بشهادة الشهود وفقاً للقواعد العامة في قانون الإثبات وإلا إنتفت الحكمة من طلب سماع هذا الشاهد.
وإذا ما تحقق قاضي الأمور المستعجلة من توافر سائر شروط الدعوى سالفة الذكر فإنه يقضي بإجابة طلب المدعي سماع الشاهد وذلك بإصدار حكم تمهيدي بسماع الشاهد وتحديد جلسة لسماعه أو الإنتقال معه لسماعه إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك.
وعند إنتهاء قاضي الأمور المستعجلة من سماع الشاهد أو الشهود فإنه يصدر حكماً بإنتهاء الدعوى وبتحميل المدعي مصروفاتها عملاً بنص المادة 2/96 إثبات.
وحكم قاضي الأمور المستعجلة في هذا الشأن هو حكم وقتي لا يجوز حجية الأمر المقضي أمام محكمة الموضوع شأن سائر الأحكام وتخضع شهادة ذلك الشاهد للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع فله عدم الأخذ بها إذا لم يطمئن إليها وفقاً للقواعد العامة..
وإعمالاً لنص المادة 97 من قانون الإثبات إستثني المشرع من إجراءات التحقيق تطبيق القواعد المنصوص عليها بالمواد 69 ، 72، 73، 74 ، 94 من ذات القانون وعلى ذلك لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يسمح للخصم بنفي ما يثبته المدعي بشهادة الشاهد لأن مجال ذلك هو قضاء الموضوع إلا أن للخصم أن يقيم دعوى جديدة يطلب سماع شاهد أيضاً يراعي فيها ذات الإجراءات المتقدمة، وترفع الدعوى بالطرق المعتادة لرفع الدعاوى المستعجلة ونصت المادة 97 من ذات القانون على أنه لا يجوز في هذه الحالة تسليم صورة من محضر التحقيق ولا تقديمه إلى القضاء إلا إذا رأت محكمة الموضوع عند نظره جواز إثبات الواقعة بشهادة الشهود ويكون للخصم الإعتراض أمامها على قبول هذا الدليل كما يكون له طلب سماع شهود نفي لمصلحته، وعلى ذلك فإن المشرع لم يجز الإحتجاج بشهادة الشاهد إلا حين يرفع الموضوع إلى القضاء وتری محكمة الموضوع أن الواقعة المشهود عليها يجوز إثباتها بشهادة الشهود فعندئذٍ يجوز تسليم صورة من محضر التحقيق وتقديمه للمحكمة.
وقد ذهب رأي إلى أنه يتحدد إختصاص قاضي الأمور المستعجلة محلياً بنظر هذه الدعوى بموطن المدعي عليه طبقاً للمادة 59 من قانون المرافعات ولا شأن لموطن الشاهد الذي يطلب سماع شهادته في تحديد الإختصاص إذ أن هذا الأخير ليس خصماً في الدعوى «المرافعات للعشماوي جزء ثاني (ص 562 ) هامش رقم 2 والقضاء المستعجل لمحمد عبد اللطيف، الطبعة الرابعة عام 1977 (ص 11)»، إلا أن هذا الرأي محل نظر إذ أن هذه الدعوى من الدعاوي الوقتية وقد نصت المادة 59 من قانون المرافعات في فقرتها الأولى على أنه «في الدعاوي المتضمنة طلب إتخاذ إجراء وقتي يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه أو المحكمة المطلوب حصول الإجراء في دائرتها» وعلى ذلك يمكن اعتبار المكان الذي به الشاهد هو محل حصول الإجراء المطلوب ويجوز لذلك إقامة هذه الدعوى سواء في موطن المدعي عليه أو أمام المحكمة التي يقيم في دائرتها الشاهد المطلوب سماعه وفي ذلك ما يتسق مع طبيعة تلك الدعوى إذ قد يكون الشاهد مريضاً أو مقعداً ولا يستطيع حراكاً وعلى شفى الموت ومن ثم يكون القاضي المستعجل الخاص بموطنه هو المختص فضلاً عن أن ذلك تطبيقاً للقواعد العامة بالمادة سالفة الذكر.
تحقيق النفي:
هل يملك الخصم الآخر طلب سماع شاهد لنفي الواقعة على الفور أمام القاضي المستعجل عملاً بالأصل العام المقرر في المادة 69 من قانون الإثبات؟
ذهب رأي إلى أنه مما لا شك فيه أن سماع الشاهد بناء على طلب المدعي ينشئ للمدعي عليه حالة قلق شديد يؤثر في نفسيته مما يقتضي حتماً لحسن سير العدالة أن يكون له على الفور الحق في سماع شهوده لنفي ذات الواقعة عملاً بالمادة 69 من قانون الإثبات ولو لم تتوافر بالنسبة لشاهده الشروط المقررة في المادة 96، أما ما تقرره المادة 97 من جواز سماع شهود النفي أمام محكمة الموضوع فذلك محله عند عدم الإستماع إلى هؤلاء أمام القاضي المستعجل.
(الدكتور أحمد أبو الوفا في التعليق على نصوص قانون الإثبات الطبعة الثانية ص 237).
والرأي وكما سلف في البند السابق هو أن المشرع لم يجز للخصم الآخر طلب سماع شهود نفي رداً على شهود المدعي أمام القاضي المستعجل، وإنما مجال ذلك أمام محكمة الموضوع طبقاً لنص المادة 97 من قانون الإثبات، إلا إذا أقام هو الآخر دعوى جديدة بطلب سماع شاهد بذات الشروط والإجراءات المقررة في المادة 96 إثبات.
وقيل في ذلك بأن المادة 98 إثبات عندما تكلمت عن القواعد التي تحكم هذه الحالة الخاصة وأحالت على الأحكام الخاصة بشهادة الشهود قد استثنت فيما استثنته حكم المادة 96إثبات المشار إليه، يؤيد ذلك أن المادة 97 إثبات عندما حفظت للخصم الآخر الحق في الإعتراض أمام محكمة الموضوع على قبول الدليل جعلت له الحق في طلب سماع شهود نفي لمصلحته، ولأن القاضي المستعجل هنا ليس قاضي التحقق وإنما هو قاضي ضرورة إن صح التعبير.
وعلى ذلك إذا أراد الخصم سماع شهود نفي وجب عليه أن يثبت أن حالة الضرورة تقتضي ذلك أي أنه يخشى أن تفوت عليه فرصة الإستشهاد بشاهد النفي تطبيقاً لنص المادة 96 فقرة أولي إثبات ويكون طلبه في هذه الحالة سماع شاهد النفي بمثابة دعوى تحقيق أصلية يقدم بالطرق المعتادة إلى قاضي الأمور المستعجلة «مادة 96 فقرة ثانية إثبات».
(الدكتور عبد الوهاب العشماوي في إجراءات الإثبات في المواد المدنية والتجارية الطبعة الأولى 1985 ص 146 وما بعدها) .(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 157)
تسليم صورة من محضر التحقيق:
لما كان المراد هو المحافظة فقط على الدليل من الضياع، فإن المشرع لم يجز الإحتجاج بشهادة الشاهد إلا حين يرفع الموضوع إلى القضاء وترى محكمة الموضوع أن الواقعة المشهود عليها يجوز إثباتها بشهادة الشهود، فعندئذٍ يجوز تسلیم صورة من محضر التحقيق وتقديمها للمحكمة ويكون للخصم الآخر الإعتراض أمامها على قبول الدليل، كما يكون له طلب شهود نفي لمصلحته . (موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الثالث ، الصفحة : 1334)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 106
(مادة 79) :
لا يجوز في هذه الحالة تسليم صورة من محضر التحقيق ولا تقديمه إلى القضاء إلا إذا رأت محكمة الموضوع عند نظره جواز إثبات الواقعة بشهادة الشهود ويكون للخصم الإعتراض أمامها على قبول هذا الدليل ، كما يكون له طلب سماع شهود نفي لمصلحته .
( م (97) إثبات مصري ، و (87) بینات سوري ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والعشرون ، الصفحة / 245
سَمَاعُ الشَّهَادَةِ:
الشَّهَادَةُ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ بِمَا عَلِمَهُ الشَّاهِدُ لقوله تعالي وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً(. وَقَوْلِهِ - جَلَّ ذِكْرُهُ ( إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ إِخْوَةِ يُوسُفَ( وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا) وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم «إِذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلاَّ فَدَعْ.(
وَالْعِلْمُ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَةُ يَحْصُلُ بِطَرِيقَتَيْنِ:
أ - الرُّؤْيَةُ:
وَتَكُونُ فِي الأَْفْعَالِ كَالْغَصْبِ وَالإِْتْلاَفِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ وَالإِْكْرَاهِ وَنَحْوِهَا، كَمَا تَكُونُ فِي الصِّفَاتِ الْمَرْئِيَّةِ مِثْلِ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُؤَجَّرِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ.
ب - السَّمَاعُ: وَهُوَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: سَمَاعُ الصَّوْتِ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الأَْقْوَالِ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّامِعُ مُبْصِرًا أَمْ غَيْرَ مُبْصِرٍ مِثْلُ مَا يَقَعُ بِهِ إِبْرَامُ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالسَّلَمِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى سَمَاعِ كَلاَمِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، إِذَا عَرَفَهَا السَّامِعُ وَتَيَقَّنَ أَنَّهَا مَصْدَرُ مَا سَمِعَ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهَادَة).

