loading

موسوعة قانون المرافعات

الأحكام

1- اذا نصت المادة 113 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 على إنه " إذا تخلف الخصم عن الحضور للإستجواب بغير عذر مقبول أو إمتنع عن الإجابة بغير مبرر جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود و القرائن فى الأحوال التى ما كان يجوز فيها ذلك " . فإن مجال إعمال النص يكون مقصوراً على بقاء حكم الإستجواب قائماً ، و إذ عدلت محكمة الإستئناف عن حكم الإستجواب فلا محل لإعمال حكم النص و لا عليها إن هى لم تحل الدعوى إلى التحقيق من جديد على سند منه .

(الطعن رقم 77 لسنة 55  ق - جلسة 1988/11/22 س 39 ع 2 ص 1188 ق 200)

2-  وإن كان يشترط فى الإستجواب - بإعتباره تصرفاً قانونياً - أن يكون صادراً ممن له أهلية التصرف فى الحق محل الإستجواب ، إلا أن تحصيل الأركان اللازمة له هو من الأمور التى يخالطها واقع مما يترك تحصيله لمحكمة الموضوع و من ثم لا يقبل التحدى بعدم توافر هذه الأركان - و منها أهلية التصرف فى الحق - لأول مرة أمام محكمة النقض ، لما كان ذلك و كانت الأوراق قد خلت مما يفيد سبق تمسك الطاعن بهذا النعى أمام محكمة الموضوع و من ثم فإنه يعد سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض

(الطعن رقم 1880 لسنة 49 ق - جلسة 1983/03/29 س 34 ع 1 ص 851 ق 175)

3- من المقرر و إعمالاً للمادة التاسعة من القانون المدنى ما يبين الأدلة التى تعد مقدماً لإثبات النظريات القانونية ، تخضع فى إثباتها للقانون السارى وقت إعداد الدليل أو فى الوقت الذى كان ينبغى فيه إعداده ، و لما كانت العلاقة الإيجارية المدعى بها قد نشأت فى سنة 1945 ، 1946 أى فى ظل القانون المدنى الملغى فإنها تخضع فى إثباتها لحكم المادة 263 منه التى تنص على أن عقد الإيجار الحاصل بغير الكتابة لا يجوز إثباته إلا بإقرار المدعى عليه أو إمتناعه عن اليمين ، فلا يجوز الإعتماد فى إثباته على البينة أو القرائن ، و كانت محكمة الإستئناف قد أجازت رغم إعتراض الطاعن - إثبات العلاقة الإيجارية بكافة الطرق بما فيها البينة ، و أقامت قضاءها المطعون فيه على ما إستخلصه من أقوال الشهود و من القرائن ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه ، و لا يصح هذا الخطأ إستناد الحكم إلى المادة 113 من قانون الإثبات التى تجيز للمحكمة أن تقبل الإثبات بالبينة و القرائن فى الأحوال التى ما كان يجوز فيها ذلك متى تخلف الخصم عن حضور جلسة الإستجواب بغير عذر مقبول أو إمتنع عن الإجابة ذلك أن الإحالة إلى التحقيق جاءت سابقة على حكم الإستجواب الموجه للمطعون ضده الأول دون الطاعن

(الطعن رقم 1826 لسنة 49 ق - جلسة 1982/06/10 س 33 ع 2 ص 721 ق 129) 

4- إستجوب الخصوم طريق من طرق تحقيق الدعوى شرع لاستجلاء بعض عناصر ووقائع المنازعة المرددة فى الخصومة توصلاً إلى معرفة وجه الحق فيها و ليس وسيلة للتحقق من صحة الإدعاء بوفاة أحد الخصوم ، و لما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله ، فإنه لا يترتب على تلك المحكمة إن هى أعرضت عن طلب إستجواب الخصوم المتدخلين بغية التحقق من أمر وفاتهم ، و إذ كانت الطاعنتان لم تطرحا على المحكمة دليلاً يؤيد القول بأن هؤلاء الخصوم و قد توقفوا قبل إنعقاد الخصومة فلا على الحكم المطعون فيه من إن إلتفت عن هذا الدفاع العارى من الدليل .

(الطعن رقم 880 لسنة 46 ق - جلسة 1979/11/15 س 30 ع 3 ص 37 ق 344)

5- مفاد المادة 106 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن لمحكمة الموضوع أن تأمر بحضور الخصم لإستجوابه سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم بإعتبار أن الإستجواب طريق من طرق تحقيق الدعوى تستهدف به المحكمة تمكينها من تلمس الحقيقة الموصلة لإثبات الحق فى الدعوى ، دون أن يتم ذلك عن إهدار أية وسيلة أخرى من وسائل الإثبات طالما لم تفصح عن ذلك صراحة ، و مؤدى المادة 113 من ذات القانون أنه إذا تخلف الخصم عن الحضور للإستجواب بغير عذر مقبول أو إمتنع عن الإجابة بغير مبرر قانونى جاز للمحكمة أن تقضى فى الدعوى دون ما حاجة أن يطلب الخصوم العدول عن حكم الإستجواب ، و أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود بالقرائن فى غير الأحوال الجائزة .

(الطعن رقم 1111 لسنة 48 ق - جلسة 1979/02/14 س 30 ع 1 ص 527 ق 101)

6- إذ كان القانون لا يلزم المحكمة و هى بسبيل تكوين عقيدتها إتباع طريق معين للإثبات ، و حسبها أن تقيم قضائها على ما يكفى لحمله ، فانه لا على المحكمة إذا هى لم تستجب لطلب الاستجواب .

(الطعن رقم 206 لسنة 43 ق - جلسة 1977/05/04 س 28 ع 1 ص 1135 ق 195)

7- إجابة طلب استجواب الخصم أو تعيين خبير أو أكثر فى الدعوى ، من الرخص المخولة لقاضى الموضوع الذى له أن يلتفت عنه ، إن وجد فى الدعوى من العناصر ما يكفى لتكوين عقيدته بغير حاجة لاتخاذه ، و كان رفضه إجابته قائما على أسباب مبررة له .

(الطعن رقم 19 لسنة 37 جلسة 1971/05/20 س 22 ع 2 ص 669 ق 109)

8- إذا كان ما رتبه القانون فى المادة 173 من قانون المرافعات جزاء على تخلف الخصم عن الحضور للأستجواب بغير عذر مقبول هو جواز قبول الإثبات بشهادة الشهود و القرائن فى الأحوال التى ما كان يجوز فيها ذلك ، و كانت محكمة الموضوع قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات و نفى الوقائع التى أرادت أستجواب المطعون ضده فيها فإنه لا يكون فيما فعلته المحكمة ما يشوب إجراءاتها بأى بطلان .

(الطعن رقم 1 لسنة 35 ق - جلسة 1969/01/23 س 20 ع 1 ص 170 ق 28)

شرح خبراء القانون

فإذا لم يحضر الخصم المطلوب استجوابه ولم يقدم عذراً عن عدم حضوره يقبله القاضي، كذلك إذا رفض الخصم الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه ، فإن الأمر يترك لتقدير المحكمة، فيجوز لها أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود أو القرائن حيث يجوز لها هذا، ومؤدي هذا أن مجرد الغياب أو عدم الإجابة لا يعتبر إقراراً من المستجوب، وحسناً فعل المشرع المصرى، ذلك أنه إذا كان يمكن القول بوجود إقرار في نظام للاستجواب يتم على أساس أسئلة محددة تعلن مقدماً للمطلوب استجوابه فيعتبر عدم حضوره أو عدم إجابته كأنه إقرار، فإن هذا القول غير مقبول في القانون المصري حيث لا تبلغ الأسئلة مقدماً إلى الخصم ، فلا يمكن اعتبار غيابه إقراراً . ونفس الأمر إذا حضر الخصم واقتصر في إجابته على ادعاء الجهل أو النسيان دون أن يصل موقفه إلى حد رفض الإجابة ، إذ إدعاء الجهل والنسيان يعتبر في حكم الامتناع عن الإجابة، على أنه يلاحظ أن هذا جائز فقط بالنسبة للأمور التي تكون أساساً للأسئلة التي ادعى الخصم الجهل أو النسيان بالنسبة للإجابة عليها وذلك دون غيرها من وقائع القضية .

فإذا حضر الخصم وأجاب على الأسئلة، فإن القاضي يرتب على إجابته الأثر القانوني وفقاً لقواعد الإثبات، فإذا تضمنت الإجابة إقراراً صريحاً أو ضمنياً اعتبرت كذلك ، وإن لم تتضمن إقرارا فإنها يمكن أن تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ، ذلك أنها تدون في محضر الجلسة. وعندئذٍ يجيز القانون تكملة الإثبات بشهادة الشهود أو القرائن . وقد يستمد القاضي هذه القرائن من التعارض بين الإجابات أو من طريقة الخصم في الإجابة وتردده فيها.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء الثاني ،  الصفحة : 227)

جاء بالمذكرة التفسيرية لقانون المرافعات السابقة أنه لا يجازي الخصم الذي لا يحضر لاستجوابه بأن تعتبر الواقعة ثابتة في حقه لأن المفروض أنه لا يعلم مقدماً بتفصيل ما سيوجه إليه من الأسئلة حتى يقدر نتيجة حضوره على هذا الأساس ولهذا رأي من الأوفق أن يكون الجزاء على تخلفه هو فتح باب الإثبات في حقه بشهادة الشهود والقرائن كعقوبة له على سد باب الإثبات بالاستجواب.

ثانياً- في حالة امتناع المستجوب عن الإجابة فإن الأمر لا يخلو من أحد أمرين:

أن يكون الامتناع راجعاً لمعارضة الخصم في جواز الاستجواب وتعلق الوقائع بالدعوى وفي هذه الحالة تحكم المحكمة في هذه المنازعة فإن أقرتها امتنع الاستجواب وإن رفضها وجب على الخصم الإجابة وإلا تحمل نتائج امتناعه.

أن يكون الامتناع لغير سبب أو مبرر قانوني وعند ذلك يجوز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن حتى في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك (العشماوي في قواعد المرافعات الجزء الثاني ص 619 ).

ماذا لو حضر الخصم المراد استجوابه وأجاب على الأسئلة بإنكار الوقائع التي تضمنتها. وفي هذه الحالة لا تخطو القضية فيما يتعلق بالإثبات أية خطوة ولكن لطالب الاستجواب الحق في أن يقدم أي دليل آخر وأن يطلب الإثبات في الأحوال التي تجيزه وله أن يعمد إلى طلب استجواب جديد بشرط أن يتناول وقائع لم يتناولها الاستجواب الأول وله أن يوجه اليمين الحاسمة أما إذا أجاب بإقرار صريح فإنه يكون للإجابة في هذه الحالة قوة الإقرار القضائي في الإثبات وتخضع لشروطه وقواعد عدم تجزئته. أما الإجابة الغامضة وإنكار بعض الوقائع والإقرار بالبعض الآخر فإنه يكون للمحكمة السلطة في استنتاج ما تراه مستفادة منه ولها أن تعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة يبيح الإحالة على التحقيق أو تعتبره إنكار الوقائع موضوع الاستجواب وفي حالة إنكار بعض الوقائع والإقرار بالبعض الآخر يعتبر ما حصل الإعتراف به ثابتاً وما حصل إنكاره غير ثابت وللمحكمة عند ذلك أن تبحث في تأثير هذا الموقف في إثبات مزاعم أو دفاع طالب الاستجواب في تفصيل ذلك العشماوي في قواعد المرافعات الجزء الثاني ص69 ».(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه،  طبعة 2014، 2015 دار محمود،  المجلد :  الثاني ، الصفحة :301)


لا يخلو الحال من أن يتخذ الخصم إزاء طلب الاستجواب المواقف الآتية:

أولاً: يتخلف عن الحضور بعذر، وفي هذه الحالة تؤجل الدعوى أو تنتقل المحكمة لاستجواب الخصم، أما إذا كان تخلفه بغير عذر مقبول جاز للمحكمة أن تقبل لإثبات الواقعة الشهادة والقرائن فيما لم يكن جائزاً إثباته بهما.

ثانياً: أن يحضر الخصم ويمتنع عن الإجابة فإن كان امتناعه راجعاً لمنازعته في جواز الاستجواب وتعلق الوقائع بالدعوى فصلت المحكمة في ذلك، فإن رفضت منازعته كان عليه أن يجيب عن الأسئلة وإذا امتنع لغير سبب أو مبرر عن الإجابة جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن.

ثالثاً: أن يحضر الخصم ويجيب بالانكار على الاستجواب، وعندئذٍ لا يكون أمام الخصم الآخر إلا أن يقيم الدليل على ما يدعيه وفقاً لقواعد الإثبات العامة .

رابعاً: أن يجيب الخصم على الاستجواب بإقرار صريح ويعتبر إقراره في هذه الحالة إقراراً قضائياً.

خامساً: أن يجيب الخصم إجابة غامضة أو ينكر بعض الوقائع ويقر بالبعض الآخر، ففي حالة الغموض يكون للمحكمة السلطة في استنتاج ما تراه مستفاداً منه ولها أن تعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة يبيح الإحالة إلى التحقيق أو تعتبره إنكاراً للوقائع موضوع الاستجواب. وفي حالة إنكار بعض الوقائع والإقرار بالبعض الآخر يعتبر ما حصل الاعتراف به ثابتاً وما حصل إنكاره غير ثابت. (مرافعات العشماوي، الجزء الثاني، ص 617).

سادساً: أن يتذرع بالجهل أو النسيان دون أن يكون قصده من ذلك رفض الإجابة، ففي هذه الحالة لا يكون منه ذلك إقرار أو إنكار، ويرى الدكتور سليمان مرقص أنه في هذه الحالة يجوز إثبات الأمور موضوع الاستجواب بالبينة والقرائن فيما لم يكن يجوز إثباته بهذه الطرق لأن عدم نفي الخصم المستوجب الأمور موضوع الاستجواب يقرب احتمال صحتها وأن تدوين ذلك في محضر الجلسة يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز الإثبات بالبينة فيما لم يكن يجوز إثباته بها. (مؤلفه في الإثبات، الطبعة الخامسة، المجلد الأول ص 736).

وفي تقديرنا أن هذا الرأي يفتقر إلى سنده القانوني لأن مبدأ ثبوت الكتابة حدد القانون حالاته وبين شروطه قيامه وهو ما لا ينطبق على هذه الحالة إذ لا يمكن اعتبار السكوت دليلاً ضد المستجوب وهذا هو ما استقر عليه قضاء النقض (الحكم رقم 2)، وعلى أي حال لا يجوز أن تتخذ أقوال المستجوب في محضر استجوابه دليلاً ضد خصمه ما لم تتأيد بدليل.

ومجال إعمال النص يكون مقصوراً على بقاء حكم الاستجواب قائماً، فإذا عدلت المحكمة عن حكم الاستجواب فلا محل لإعمال حكم النص.(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية،  الجزء الرابع ،  الصفحة : 1379)

تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول أو امتناعه عن الإجابة بغير مبرر قانونی:

إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغیر عذر مقبول كمرض أو سفر فإنه يوقع عليه الجزاء الذي نصت عليه المادة كما سيأتي، أما إذا حضر الخصم وامتنع عن الإجابة عن الأسئلة التي توجه إليه، وكان هذا الامتناع راجعاً لمعارضة الخصم في جواز الاستجواب وتعلق الوقائع بالدعوى، فإن المحكمة عليها أن تحكم في هذه المنازعة، فإن أقرتها امتنع الاستجواب، وإن رفضتها وجب على الخصم أن يجيب وإلا وقع عليه الجزاء الذي فرضته المادة.

وأما إذا كان امتناع الخصم عن الإجابة بغير سبب أو مبرر قانوني، فإن المحكمة توقع عليه الجزاء الوارد بالمادة.

والجزاء المنصوص عليه بالمادة للحالات السابقة، هو إجازة المشرع للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود أو القرائن حيث ما كان يجوز لها هذا.

وقد ترك المشرع توقيع هذا الجزاء لتقدير المحكمة.

ومؤدى هذا الاتجاه أن مجرد الغياب أو عدم الإجابة لا يعتبر إقراراً من المستجوب، لاسيما أن المفروض أن الخصم الغائب لا يعلم مقدماً بتفصيل ما سيوجه إليه من الأسئلة حتى يقرر نتيجة حضوره على هذا الأساس.

حالة إنكار المستجوب:

إذا حضر المستجوب في الجلسة المحددة لاستجوابه ولكنه أنكر كل ما يدعيه خصمه، فإن محضر الاستجواب لا يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة. .

وفي هذه الحالة لا تخطو الدعوى فيما يتعلق بالإثبات أية خطوة، ولكن لطالب الاستجواب الحق في أن يقدم أي دليل آخر وأن يطلب الإثبات بشهادة الشهود في الأحوال التي تجيزه، وله أن يعمد إلى طلب استجواب جديد بشرط أن يتناول وقائع لم يتناولها الاستجواب الأول، وله أن يوجه إلى خصمه اليمين الحاسمة.(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود،  المجلد : الرابع  ،  الصفحة  : 1869)

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 69 ، 70    

(مادة 34) :

 إذا تخلف الخصم عن الحضور للإستجواب بغير عذر مقبول ، أو امتنع من الإجابة بغير مبرر قانوني - جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود ، والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك . 

 ( م (113) إثبات مصري ، و(122) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، ونصها : « إذا امتنع المسئول عن الإجابة ، أو تخلف عن الحضور لإستجوابه ، فللمحكمة النظر في ذلك من حيث كونه يورث شبهة أم لا ، وعليها أن تقرر ما تراه بعد ذلك » . 

وم (111) بینات سوري ، وفيها زيادة هي : «... بغير مبرر قانوني جاز للمحكمة أن تتخذ من هذا النكول أو التخلف مسوغاً لإعتبار الوقائع التي تقرر إستجوابه عنها ثابتة ، أو أن تقبل الإثبات بشهادة... إلخ » . 

وم (74) - (3) إثبات سوداني ، ونصها :  « إذا رفض الخصم الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه بغير مبرر قانوني ، أو لم يحضر لإستجوابه بغير عذر مقبول - جاز للمحكمة أن تستخلص من ذلك قرينة تساعدها على الفصل في الدعوى » . 

المذكرة الإيضاحية :

 لا يخلو الحال من أن يتخذ الخصم إزاء طلب الإستجواب أحد المواقف الآتية : 

أولاً : أن يتخلف عن الحضور بعذر ، وفي هذه الحالة تؤجل الدعوى أو تنتقل المحكمة لإستجواب الخصم ، أما إذا كان تخلفه بغير عذر مقبول جاز للمحكمة أن تقبل لإثبات الواقعة الشهادة والقرائن فيما لم يكن جائزاً إثباته بهما .

ثانياً : أن يحضر الخصم ويمتنع عن الإجابة ، فإن كان إمتناعه راجعاً لمنازعته في جواز الإستجواب وتعلق الوقائع بالدعوى - فصلت المحكمة في ذلك ، فإن رفضت منازعته كان عليه أن يجيب على الأسئلة ، وإذا إمتنع لغير سبب أو مبرر عن الإجابة جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن . 

ثالثاً : أن يحضر الخصم ويجيب بالإنكار على الإستجواب، وعندئذ لا يكون أمام الخصم الآخر إلا أن يقيم الدليل على ما يدعيه وفقاً لقواعد الإثبات العامة . 

رابعاً : أن يجيب الخصم على الإستجواب بإقرار صريح ، ويعتبر إقراره في هذه الحالة إقراراً قضائياً . 

خامساً : أن يجيب الخصم إجابة غامضة ، أو ينكر بعض الوقائع ويقر بالبعض الآخر ، ففي حالة الغموض يكون للمحكمة السلطة في إستنتاج ما تراه مستفاداً منه ، ولها أن تعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة يبيح الإحالة إلى التحقيق ، أو تعتبره إنكاراً للوقائع موضوع الإستجواب. وفي حالة إنكار بعض الوقائع والإقرار بالبعض الآخر يعتبر ما حصل الإعتراف به ثابتاً ، وما حصل إنكاره غير ثابت. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السادس والعشرون ، الصفحة / 214

شَهَادَةٌ

التَّعْرِيفُ:

مِنْ مَعَانِي الشَّهَادَةِ فِي اللُّغَةِ: الْخَبَرُ الْقَاطِعُ، وَالْحُضُورُ وَالْمُعَايَنَةُ وَالْعَلاَنِيَةُ، وَالْقَسَمُ، وَالإِْقْرَارُ، وَكَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَالْمَوْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. يُقَالُ: شَهِدَ بِكَذَا إِذَا أَخْبَرَ بِهِ وَشَهِدَ كَذَا إِذَا حَضَرَهُ، أَوْ عَايَنَهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَقَدْ يُعَدَّى الْفِعْلُ (شَهِدَ) بِالْهَمْزَةِ، فَيُقَالُ: أَشْهَدْتُهُ الشَّيْءَ إِشْهَادًا، أَوْ بِالأَْلِفِ، فَقَالَ: شَاهَدْتُهُ مُشَاهَدَةً، مِثْلُ عَايَنْتُهُ وَزْنًا وَمَعْنًى.

وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْحُضُورِقوله تعالي فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: «وَشَهِدَ بِمَعْنَى حَضَرَ.

 

وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْمُعَايَنَةِقوله تعالي وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)  

قَالَ الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ مَعْنَاهَا: «وَقَوْلُهُ( أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) ، يَعْنِي مُشَاهَدَةَ الْبَصَرِ.

وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْقَسَمِ أَوِ الْيَمِينِقوله تعالي فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).

قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: «الشَّهَادَةُ مَعْنَاهَا الْيَمِينُ هَاهُنَا.

وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْخَبَرِ الْقَاطِعِقوله تعالي وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا.

وَاسْتِعْمَالُهَا بِهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ.

وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الإِْقْرَارِقوله  تعالي شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ).

 

أَيْ مُقِرِّينَ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْسِ هِيَ الإِْقْرَارُ.

وَتُطْلَقُ الشَّهَادَةُ أَيْضًا عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ. (وَهِيَ قَوْلُنَا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) وَتُسَمَّى الْعِبَارَةُ (أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) بِالشَّهَادَتَيْنِ.

وَمَعْنَاهُمَا هُنَا مُتَفَرِّعٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ (الإِْخْبَارُ وَالإِْقْرَارُ)، فَإِنْ مَعْنَى الشَّهَادَةِ هُنَا هُوَ الإِْعْلاَمُ وَالْبَيَانُ لأَِمْرٍ قَدْ عُلِمَ وَالإِْقْرَارُ الاِعْتِرَافُ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الأَْنْبَارِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ: «أَعْلَمُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَأُبَيِّنُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَعْلَمُ وَأُبَيِّنُ أَنَّ مُحَمَّدًا مُبَلِّغٌ لِلأَْخْبَارِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ  وَسُمِّيَ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالتَّشَهُّدِ، وَهُوَ صِيغَةُ (تَفَعَّلَ) مِنَ الشَّهَادَةِ.

وَقَدْ يُطْلَقُ (التَّشَهُّدُ) عَلَى (التَّحِيَّاتِ) الَّتِي تُقْرَأُ فِي آخِرِ الصَّلاَةِ.

جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ النَّبِيَّصلي الله عليه وسلم  كَانَ يُعَلِّمُهُمُ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ.

وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْعَلاَنِيَةِقوله تعالي عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ). أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآْيَةِ: «السِّرُّ وَالْعَلاَنِيَةُ.

وَمِنَ الشَّهَادَةِ بِمَعْنَى الْمَوْتِ فِي سَبِيلِ اللَّهِقوله تعالي فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ).

فَهُوَ شَهِيدٌ قَدْ رَزَقَهُ اللَّهُ الشَّهَادَةَ، جَمْعُهُ شُهَدَاءُ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ: اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ فِي الإِْخْبَارِ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى النَّفْسِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِقْرَارٌ).

وَاسْتَعْمَلُوا اللَّفْظَ فِي الْمَوْتِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَبَيَانُهُ فِي مُصْطَلَحِ (شَهِيدٌ).

وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي الْقَسَمِ كَمَا فِي اللِّعَانِ، (وَبَيَانُهُ فِي اللِّعَانِ).

كَمَا اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ فِي الإِْخْبَارِ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ فِي مَجْلِسِ

 

الْقَضَاءِ، وَهُوَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي هَذَا الْمُصْطَلَحِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْرِيفِ الشَّهَادَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى.

فَعَرَّفَهَا الْكَمَالُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهَا: إِخْبَارُ صِدْقٍ لإِِثْبَاتِ حَقٍّ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ.

وَعَرَّفَهَا الدَّرْدِيرُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: بِأَنَّهَا إِخْبَارُ حَاكِمٍ مِنْ عِلْمٍ لِيَقْضِيَ بِمُقْتَضَاهُ.

وَعَرَّفَهَا الْجَمَلُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهَا: إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ.

وَعَرَّفَهَا الشَّيْبَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنَّهَا: الإِْخْبَارُ بِمَا عَلِمَهُ بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَوْ شَهِدْتُ.

وَتَسْمِيَتُهَا بِالشَّهَادَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ الْمُتَيَقَّنَةِ، لأَِنَّ الشَّاهِدَ يُخْبِرُ عَنْ مَا شَاهَدَهُ وَالإِْشَارَةُ إِلَيْهَا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما  - قَالَ: «ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  الرَّجُلُ يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ لاَ تَشْهَدْ إِلاَّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ وَأَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ.

وَتُسَمَّى «بَيِّنَةً» أَيْضًا؛ لأَِنَّهَا تُبَيِّنُ مَا الْتَبَسَ وَتَكْشِفُ الْحَقَّ فِي مَا اخْتُلِفَ فِيهِ.

وَهِيَ إِحْدَى الْحُجَجِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الدَّعْوَى.

أَلْفَاظٌ ذَاتُ صِلَةٍ:

الإِْقْرَارُ:

الإِْقْرَارُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الإِْخْبَارُ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْمُخْبِرِ.

الدَّعْوَى:

الدَّعْوَى: قَوْلٌ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي يُقْصَدُ بِهِ طَلَبُ حَقٍّ قِبَلِ الْغَيْرِ أَوْ دُفْعُ الْخَصْمِ عَنْ حَقِّ نَفْسِهِ.

فَيَجْمَعُ كُلًّا مِنَ الإِْقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، أَنَّهَا إِخْبَارَاتٌ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا: أَنَّ الإِْخْبَارَ إِنْ كَانَ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ عَلَى الْمُخْبِرِ، وَيَقْتَصِرُ حُكْمُهُ عَلَيْهِ فَإِقْرَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ، فَإِمَّا أَنْ لاَ يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ فِيهِ نَفْعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ الشَّهَادَةُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ نَفْعٌ فِيهِ لأَِنَّهُ إِخْبَارٌ بِحَقٍّ لَهُ فَهُوَ الدَّعْوَى، انْظُرْ: الْمَوْسُوعَةَ الْفِقْهِيَّةَ مُصْطَلَحَ (إِقْرَارٌ) (6 67.

الْبَيِّنَةُ:

الْبَيِّنَةُ: عَرَّفَهَا الرَّاغِبُ بِأَنَّهَا: الدَّلاَلَةُ الْوَاضِحَةُ عَقْلِيَّةً أَوْ مَحْسُوسَةً. وَعَرَّفَهَا الْمَجْدَوِيُّ الْبَرَكَتِيُّ بِأَنَّهَا: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ وَالدَّلِيلُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: الْبَيِّنَةُ فِي الشَّرْعِ: اسْمٌ لِمَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ وَيُظْهِرُهُ. وَهِيَ تَارَةً تَكُونُ أَرْبَعَةَ شُهُودٍ، وَتَارَةً ثَلاَثَةً بِالنَّصِّ فِي بَيِّنَةِ الْمُفَلِّسِ، وَتَارَةً شَاهِدَيْنِ وَشَاهِدًا وَاحِدًا وَامْرَأَةً وَاحِدَةً وَنُكُولاً وَيَمِينًا أَوْ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ أَرْبَعَةَ أَيْمَانٍ، وَتَكُونُ شَاهِدَ الْحَالِ (أَيِ الْقَرَائِنَ) فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ.

وَبِذَلِكَ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَذَا أَعَمَّ مِنَ الشَّهَادَةِ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ.

تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، لقوله تعالي وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا). ). وقوله تعالي ).وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ). وَقَوْلُهُ (وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ).

وَلأَِنَّ الشَّهَادَةَ أَمَانَةٌ فَلَزِمَ أَدَاؤُهَا كَسَائِرِ الأَْمَانَاتِ. فَإِذَا قَامَ بِهَا الْعَدَدُ الْكَافِي (كَمَا سَيَأْتِي) سَقَطَ الإِْثْمُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنِ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ أَثِمُوا كُلُّهُمْ.

وَإِنَّمَا يَأْثَمُ الْمُمْتَنِعُ إِذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِالشَّهَادَةِ، وَكَانَتْ شَهَادَتُهُ تَنْفَعُ.

فَإِذَا تَضَرَّرَ فِي التَّحَمُّلِ أَوِ الأَْدَاءِ، أَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ لاَ تَنْفَعُ، بِأَنْ كَانَ مِمَّنْ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، أَوْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى التَّبَذُّلِ فِي التَّزْكِيَةِ وَنَحْوِهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، لقوله تعالي وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ.وَقَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم  : «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ لاَ يَحْصُلُ مِنْهُ. وَقَدْ يَكُونُ تَحَمُّلُهَا وَأَدَاؤُهَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَرْضًا عَيْنِيًّا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُ ذَلِكَ الْعَدَدِ مِنَ الشُّهُودِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْحُكْمُ، وَخِيفَ ضَيَاعُ الْحَقِّ.

وَهَذَا الْحُكْمُ هُوَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ، أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ فَتُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ أَدَاءٌ ف 26 ح 2 ص 340 لِبَيَانِ الْخِلاَفِ فِي أَفْضَلِيَّةِ الشَّهَادَةِ أَوِ السَّتْرِ.

مَشْرُوعِيَّةُ الشَّهَادَةِ:

ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّةُ الشَّهَادَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْكِتَابُ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى:(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ).

وَقَوْلُهُ(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ).

وَقَوْلُهُ(وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ).

وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ – رضي الله عنه  - أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  قَالَ لَهُ: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ.

وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنه  - أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ». وَالْبَيِّنَةُ هِيَ الشَّهَادَةُ.

«قَدِ انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا لإِِثْبَاتِ الدَّعَاوَى».

أَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأَِنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهَا لِحُصُولِ التَّجَاحُدِ بَيْنَ النَّاسِ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا.

أَرْكَانُ الشَّهَادَةِ:

أَرْكَانُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خَمْسَةُ أُمُورٍ: الشَّاهِدُ، وَالْمَشْهُودُ لَهُ، وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، وَالْمَشْهُودُ بِهِ، وَالصِّيغَةُ.

وَرُكْنُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اللَّفْظُ الْخَاصُّ، وَهُوَ لَفْظُ (أَشْهَدُ) عِنْدَهُمْ.

سَبَبُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ:

سَبَبُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ طَلَبُ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ مِنَ الشَّاهِدِ، أَوْ خَوْفُ فَوْتِ حَقِّ الْمُدَّعِي إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُدَّعِي كَوْنَهُ شَاهِدًا.

حُجِّيَّةُ الشَّهَادَةِ:

الشَّهَادَةُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ

 

وَلاَ تُوجِبُهُ وَلَكِنْ تُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِمُقْتَضَاهَا لأَِنَّهَا إِذَا اسْتَوْفَتْ شُرُوطَهَا مُظْهِرَةٌ لِلْحَقِّ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْقَضَاءِ بِالْحَقِّ.

شُرُوطُ الشَّهَادَةِ:

لِلشَّهَادَةِ نَوْعَانِ مِنَ الشُّرُوطِ:

شُرُوطُ تَحَمُّلٍ.

وَشُرُوطُ أَدَاءً.

فَأَمَّا شُرُوطُ التَّحَمُّلِ: فَمِنْهَا:

أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَاقِلاً وَقْتَ التَّحَمُّلِ، فَلاَ يَصِحُّ تَحَمُّلُهَا مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لاَ يَعْقِلُ؛ لأَِنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ عِبَارَةٌ عَنْ فَهْمِ الْحَادِثَةِ وَضَبْطِهَا، وَلاَ يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلاَّ بِآلَةِ الْفَهْمِ وَالضَّبْطِ، وَهِيَ الْعَقْلُ.

أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا، فَلاَ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ مِنَ الأَْعْمَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ تَحَمُّلِهِ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّسَامُعُ إِذَا تَيَقَّنَ الصَّوْتَ وَقَطَعَ بِأَنَّهُ صَوْتُ فُلاَنٍ.

أَنْ يَكُونَ التَّحَمُّلُ عَنْ عِلْمٍ، أَوْ عَنْ مُعَايَنَةٍ لِلشَّيْءِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِنَفْسِهِ لاَ بِغَيْرِهِ: لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما  قَالَ: ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  «الرَّجُلُ يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لاَ تَشْهَدْ إِلاَّ عَلَى مَا يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذِهِ الشَّمْسِ وَأَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  بِيَدِهِ إِلَى الشَّمْسِ.

وَلاَ يَتِمُّ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْعِلْمِ، أَوِ الْمُعَايَنَةِ، إِلاَّ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ، كَالنِّكَاحِ، وَالنَّسَبِ، وَالْمَوْتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَتُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ.

وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا رَآهُ مِنْ خَطِّ نَفْسِهِ إِلاَّ إِذَا تَذَكَّرَ ذَلِكَ وَتَيَقَّنَ مِنْهُ، لأَِنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ، وَالْخَتْمَ يُشْبِهُ الْخَتْمَ، كَثِيرًا مَا يَقَعُ التَّزْوِيرُ، فَلاَ مُعَوَّلَ إِلاَّ عَلَى التَّذَكُّرِ.

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى جَوَازِ شَهَادَتِهِ عَلَى مَا يَجِدُهُ مِنْ خَطِّ نَفْسِهِ وَعَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقَاضِي يَجِدُ فِي دِيوَانِهِ شَيْئًا لاَ يَحْفَظُهُ، كَإِقْرَارِ رَجُلٍ أَوْ شَهَادَةِ شُهُودٍ، أَوْ صُدُورِ حُكْمٍ مِنْهُ وَقَدْ خُتِمَ بِخَتْمِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَقْضِي بِذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي بِهِ.

وَلاَ يُشْتَرَطُ لِلتَّحَمُّلِ: الْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالإِْسْلاَمُ، وَالْعَدَالَةُ، حَتَّى لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلاً، أَوْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا، أَوْ فَاسِقًا، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ، وَأُعْتِقَ الْعَبْدُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَتَابَ الْفَاسِقُ، فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ.

mobile-nav تواصل
⁦+201002430310⁩