مذكرة المشروع التمهيدي للمادة 413 الملغاة من القانون المدني والمقابلة للمادة 117 من قانون الإثبات:
1- تضمن التقنين الفرنسي ( المادة 1363 ) و التقنين الإيطالى ( المادة 1370) والتقنين الهولندي ( المادة 1973 ) أحكام الشق الأول من هذه المادة . أما الشق الثاني ، فقد انفرد التقنين البرتغالي ( المادة 2527 فقرة 2) بالنص على حق المضرور في المطالبة بالتعويض إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائي . ولم يقتصر المشروع الفرنسي الإيطالي في المادة 316 على الأخذ بهذا النص حسب ، بل أضاف إليه عبارة ( دون إخلال بما قد يكون للخصم من حق في الطعن في الحكم ) ويراعي أن الشق الأول ليس إلا نتيجة لازمة لضرورة الترخيص بتوجيه العين من القاضي وليس الإثبات باليمين من طرق الإثبات العادية بل هو طريق اضطراری تملى العدالة وجوب الركون إليه ، ويخول من يعوزه الدليل المقرر وسيلة لإثبات ادعائه ، والواقع أن اليمين تنصب على ادعاء الخصم ، وهو إنكار ادعاء من يوجه المين، وذلك بسبب صبغها الشخصية، ولإثبات كذب اليمين، يتعين على من وجه أن يقيم الدليل بالطرق المقررة على ادعائه ، والمفروض أنها لا تقبل إلا عند انتفاء كل دلیل مقرر .
2 - أما الشق الثاني فهو نتيجة لطبيعة اليمين لأنها ليست تعاقداً أو صلحاً بل نظاماً من نظم العدالة، وقد استقر الفقه والقضاء على اعتبار اليمين الحاسمة صلحاً، وفرعاً على ذلك عدم جواز شل الآثار التي تترتب على توجيهها وأدائها من طرق الادعاء مدنياً ، والمطالبة بالتعويض في خلال دعوى جنائية بشأن كذب اليمين ، أو من طريق الطعن في الحكم بالطرق المقررة لهذا الغرض، ولما كانت اليمين ليست من التعاقد أو الصلح في شيء فيجب عدم إقرار النتائج التي تقدمت الإشارة إليها، ولذلك نص في الشق الثاني من المادة 551 ( وهو مطابق للمادة 316 من المشروع الفرنسي الإيطالي ) على جواز ادعاء المضرور مدنياً في حالة اليمين الكاذبة دون إخلال بما قد يكون له من حق في الطعن في الحكم.
ويراعى أن الضرر الحادث من جراء رفض الدعوى ليس سببه توجيه اليمين ، كما ذهب إلى ذلك بعض البارزين من الفقهاء ، ما دام أن من وجه اليمين قد استعمل حقاً أثبته له القانون .
3- بيد أنه لا يجوز لمن وجه اليمين طبقاً للشق الأول أن يقيم نفسه مدعياً - بالحق المدني ، وأن يطالب بالتعويضات من حلف ، أو أن يستعمل طرق الطعن في الحكم المدني ، إذا ثبت كذب اليمين بمقتضى حكم جنائي ، إلا في حالة ما إذا ثبت كذب اليمين ، بكشف أوراق أو ضبط مستندات كانت في حيازة المتهم وحده ، أي في حيازة من أدى اليمين .
أما فيما يتعلق بطرق الطعن في الحكم فإثبات کذب اليمن التي ثبت بمقتضاها ادعاء من وجهها أو ردها میسور له ، ما دامت المواعيد المقررة لم تنقض ، فله أن يطعن بالاستئناف أو بطريق الالتماس ، عند الاقتضاء . وقد نصت المادة 372 رابعاً / 424 رابعاً من تقنين المرافعات على هذه الحالة .
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز الطعن في الأحكام الصادرة بناءً على النكول عن حلف اليمين الحاسمة متى كان مبنياً على أن اليمين غير جائز توجيهها أو أنها وجهت في غير حالاتها أو على بطلان إجراءات توجيهها ، لعدم إعلان المدعى عليه بالدعوى إعلاناً صحيحاً على موطنه أو عدم تمام إعلانه بحكم حلف اليمين أو أن لديه عذرا منعه من الحضور للحلف ، فإذا تمسك بهذه الأمور يتعين على المحكمة الفصل في منازعته ، وأن ترد عليها بما يسقطها أو أن تحدد له جلسة لحلفها إن رأت توجيهها إليه وعلى محكمة الاستئناف أن تعمل ذلك وأن تستدرك ما فات محكمة أول درجة بخصوص هذه المنازعة سواء بخصوص الإعلان بالحكم الصادر بتوجيه اليمين أو غيرها من تلك الأمور ولا يجوز اعتبار المدعى عليه ناكلاً قبل الفصل في هذه المنازعة ؛ لما كان ذلك ، وكان الحكم التمهيدي الصادر من محكمة الاستئناف بجلسة 12/4/2017 قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن بشأن عدم جواز نظر الاستئناف استناداً إلى خلو الأوراق من الإعلان بحكم اليمين الحاسمة الذي كلفت المحكمة قلم الكتاب بإعلانه للمطعون ضده الأول وإلى عدم اطمئنانها لصحة الإعلان الذي قام به الطاعن بغير سابق تصريح من المحكمة لإثبات المحضر القائم به وقتاً للإخطار به تسبق ساعته وقت انتقاله لتنفيذه ، وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن حكم أول درجة في الدعوى جائز استئنافه وهي نتيجة صحيحة تتفق وصحيح القانون ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
( الطعن رقم 12791 لسنة 87 ق - جلسة 19 / 2 / 2023 )
2- المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن اليمين لغةً هو الإخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فهو لا يعتبر عملًا مدنيًا فحسب بل هو أيضًا عمل ديني ، فطالب اليمين يلجأ إلى ذمة خصمه ، والحالف عندما يؤدي اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه وقد نصت مواد الباب السادس من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 في المواد من 114 حتى 130 على طلب اليمين الحاسمة وشروط توجيهها ويستدل منها على أن اليمين ملك للخصم لا للقاضي ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى القاضي أن يجيب الخصم لطلبه متى توافرت شروط توجيهها وهي أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام ويجوز للقاضي أن يرفضها إذا كانت غير منتجة أو كان في توجيهها تعسف من الخصم، وخلاصة القول أن توجيه اليمين الحاسمة احتكام لضمير الخصم لحسم النزاع كله أو في شقٍ منه عندما يعوز الخصم الدليل لإثبات دعواه لا سيما عندما يتشدد القانون في اقتضاء أدلة معينة للإثبات ويتمسك الخصم الآخر بذلك، فإن حلفها الخصم فقد أثبت إنكاره لصحة الادعاء ويتعين رفضه، وإن نكل كان ذلك بمثابة إقرار ضمني بصحة الادعاء ووجب الحكم عليه بمقتضى هذا الإقرار، وكان كل طلب أو وجه دفاع يدلي به الخصم لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى ، يجب على محكمة الموضوع - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تجيب عليه بأسبابٍ خاصة، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن طلب توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضده ليحلف بأن الأموال التي قام بتحويلها إليه كانت على سبيل الدين وأن ذمته مشغولة بها، وإذ كانت الواقعة محل الحلف متعلقة بالنزاع ومنتجة فيه ، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب بمقولة أن اليمين غير حاسمة في إثبات براءة ذمته من الأموال المطالب بها بصرفها في الغرض المخصصة من أجله ولم يقدم الدليل على ذلك، وهو قول من الحكم لا يواجه دفاع الطاعن، ولا يصلح ردًا عليه على الرغم من أنه دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه .
( الطعن رقم 16542 لسنة 91 ق - جلسة 27 / 9 / 2022 )
3 ـ مفاد ما نصت عليه المادة 117 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يحسم النزاع فيما انصبت عليه اليمين ويكون مضمونها حجة ملزمة للقاضى ، فان تضمن الحلف اقراراً بدعوى المدعى حكم له بموجبه وإن تضمن انكاراً حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها بعد ان سقط بحلف تلك اليمين ، حق من وجهها فى اى دليل اخر . وهو مؤداه ان اليمين الحاسمة اذا انصبت على جزء من النزاع او على مسألة فرعية فيه فإنها لا تحسمه إلا فيما ورد عليه الحلف دون الحق الآخر الذى لم ترد عليه ، مما يتعين معه الالتزام بحجية اليمين فى خصوص ما انصبت عليه وحسمته ويبقى الجزء الذى لم ترد عليه دون حسم تسرى عليه القواعد العامة للإثبات .
( الطعن رقم 2651 لسنة 63 - جلسة 2000/11/26 - س 51 ع 2 ص 1053 ق 201 )
4 ـ مؤدى ما نصت عليه المادة 117 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة يحسم النزاع فيما إنصبت عليه و يقوم مضمونها حجة ملزمة للقاضى ، فإن تضمن الحلف إقرار بدعوى المدعى حكم له بموجبه ، و إن تضمن إنكاراً حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها بعد أن سقط بحلف تلك اليمين حق من وجهها فى دليل آخر.
( الطعن رقم 2003 لسنة 51 - جلسة 1985/12/25 - س 36 ع 2 ص 1200 ق 247 )
5 ـ المستفاد من توجيه اليمين الحاسمة أن الخصم يترك بتوجيه اليمين ما عداها من طرق الإثبات و لا يجوز له بعد أدائها أن يطلب الإثبات بدليل آخر .
( الطعن رقم 1445 لسنة 50 - جلسة 1984/11/21 - س 35 ع 2 ص 1868 ق 355 )
6 ـ المقرر أن اليمين الحاسمة يجب أن توجه فى الواقعة التى ينحسم بها النزاع ، ولا يجوز توجيهها إذا كانت تنصب على مجرد دليل فى الدعوى .
( الطعن رقم 285 لسنة 79 - جلسة 2009/12/24 )
ويترتب على حلف اليمين الحاسمة أن الحكم في الدعوى يجب أن يصدر لصالح الحالف، فاليمين حاسمة، ونتيجة لهذا الحسم : (أ) لا يجوز للخصم الحالف إثبات كذب اليمين للتخلص من نتيجته (117 إثبات). (ب) ليس لهذا الخصم أن يطعن في الحكم الذي أذن بحلف اليمين للتوصل إلى إلغائه وبالتالي إلغاء اليمين والتخلص من أثره. (ج) إذا رفعت دعوى جنائية ضد الحالف كذباً ، فليس لخصمه أن يتدخل في هذه الدعوى كمدع مدني للمطالبة بالتعويض ، كما أنه ليس له رفع جنحة مباشرة. (د) إذا صدر حكم جنائي بكذب اليمين، فإن هذا الحكم لا يؤدي إلى إلغاء الحكم المدني المبني على اليمين ، كما لا يسمح للخصم بالطعن في الحكم المدني على هذا الأساس، وكل ما يكون له هو رفع دعوى تعويض مدنية لتعويضه عن الضرر الذي أصابه، على أنه لا يوجد ما يمنع من الطعن في الحكم المدني المبني على اليمين الكاذب، (117 إثبات). (هـ) ليس لمن حلف اليمين أن يرجع فيه إذا تراءى له هذا للتخلص من عاقبة كذبه، إذ كذب اليمين لا أثر له على قوته في الإثبات. (و) لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة بأي طريق من طرق الطعن على أنه يشترط لإعمال هذه النتيجة أن يكون توجيه اليمين أو حلفها أو النكول قد تم مطابقاً للقانون.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 237)
ويؤخذ من نص التقنين المدني الجديد أن الخصم إذا حلف اليمين الحاسمة ، انحسم النزاع نهائياً، وخسر الخصم الذى وجه اليمين دعواه، ولا يجوز لهذا الخصم أن يعود إلى مخاصمة من حلف اليمين مرة أخرى فى نفس موضوع الحق ليثبت كذب اليمين كما لا يجوز له أن يقدم أى وجه آخر للإثبات، كما لا يسوغ له الطعن في الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة متى كانت وجهت وحلفت او نكل عنها طبقاً للقانون.
وقد كانت المادة 225 / 290 من التقنين المدني السابق تنص على أن " التكليف باليمين يؤخذ منه أن طالبها ترك حقه فيما عداها من جميع أوجه الثبوت"، وكان الفقه والقضاء فى مصر ، فى ظل هذا النص من التقنين السابق ، لا يجيزان للمدعي، إذا ثبت أن خصمه حلف كذباً ، أن يطالبه بالتعويض، ويثبت الحلف كذباً عادة في دعوى جنائية تقام على الحالف، ذلك أن المادة 301 من قانون العقوبات تنص على أن " من ألزم باليمين أو ردت عليه فى مواد مدينة، وحلف كذباً ، يحكم عليه بالحبس، ويجوز أن تزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري، وكان كل ما يستطيع الخصم الذى وجه اليمين إلى خصمه، فحلف كذباً، الانتفاع به من هذا النص، فى عهد التقنين المدني السابق ، هو أن يبلغ ، كأي فرد عادي، النيابة العامة عن وقوع جريمة حلف يمين كاذبة، وأن يقدم للنيابة أدلة الإثبات على كذب اليمين بعد أن يكون قد عثر عليها، بشرط ألا تكون هذه الأدلة هي البينة أو القرائن إذا كانت قيمة المحلوف تزيد على عشرة جنيهات، والنيابة العامة هي التي ترفع الدعوى الجنائية إذا رأت وجهاً لذلك، أما الخصم الذى وجه اليمين فلا يجوز له أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة، بل ولا أن يدخل مدعياً مدنياً في الدعوى الجنائية التي ترفعها النيابة العامة، وحتى إذا صدر الحكم الجنائي بالإدانة في الدعوى التي رفعتها النيابة العامة، فلم يكن يجوز للخصم الذى وجه اليمين أن يستند إلى هذا الحكم ليطعن في الحكم المدني الذي صدر ضده بعد الحلف، أو أن يرفع دعوى جديدة بحقه بعد أن ثبت كذب اليمين التي حلفها خصمه، بل لم يكن له أن يرفع دعوى تعويض مدنية عن هذه اليمين الكاذبة، بالرغم من أن دعوى التعويض هذه هي غير دعواه الأولى التي خسرها، وكان ينبغي ألا يصطدم قبول سماعها بحجية الأمر المقضى لاختلاف السبب والمحل، ولا أن ترد باتفاق موهوم قيل باستخلاصه من توجيه اليمين على أساس أن توجيه اليمين صلح وهو ليس يصلح كما قدمنا، أو على أساس أنه اتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية والإعفاء الاتفاقي من المسئولية التقصيرية باطل كما هو معروف .
وقد جاء التقنين المدني الجديد يسير فى اتجاه آخر، ويصلح من تطرف هذا الرأي، فهو إذا كان يقضي بأنه لا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذى وجهت إليه أو ردت عليه، فإنه من جهة أخرى ينص صراحة على جواز أن يحصل الخصم الذي وجه اليمين على تعويض إذا ثبت على من حلف اليمين بحكم جنائي أنه حلف كذباً . فيجوز إذن للخصم الذى وجه اليمين أن يبلغ النيابة العامة أن خصمه حلف اليمين كذباً ، كما كان يستطيع ذلك فى الماضي، ويجوز له فوق ذلك – وهذا ما لم يكن يستطيعه فى الماضي – إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائي، أن يرفع دعوى مدنية مبتدأة بالتعويض أمام المحاكم المدنية بد صدور الحكم الجنائي، ولكن يبدو من ظاهر النص أنه لا يستطيع قبل ثبوت كذب اليمين بحكم جنائي، أن يدعي مدنياً في الدعوى الجنائية التي ترفعها النيابة العامة، ولا يستطيع كذلك من باب أولى أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة، وعليه أن يتربص حتى يصدر حكم جنائي نهائي بكذب اليمين، ثم يرفع بعد ذلك دعوى التعويض أمام المحاكم المدنية.
ولا يفتح له صدور الحكم الجنائي بكذب اليمين باباً جديداً للطعن في الحكم المدني الذي صدر ضده بعد حلف هذه اليمين، ولكن إذا كشف الحكم الجنائي عن وجه من وجوه التماس إعادة النظر فى هذا الحكم المدني، كأن أثبت أن الخصم الذي حلف اليمين الكاذبة قد وقع منه غش كان من شأنه التأثير فى الحكم المدني م 241 أولاً مرافعات، أو كان سبباً في الحصول على أوراق قاطعة في الدعوى كان الخصم الذي حلف اليمين الكاذبة قد حال دون تقديمها م 241 رابعاً مرافعات، فإنه يجوز للخصم الذي وجه اليمين أن يلتمس إعادة النظر في الحكم المدني إذا كان حكماً ابتدائياً ولم ينقض ميعاد الاستئناف، وهذا ما نصت عليه صراحة العبارة الأخيرة من المادة 117 من قانون الإثبات، إذن وهى تجعل للخصم الذي وجه اليمين الحق في أن يطالب بالتعويض، تجعل له هذا الحق "دون إخلال بما قد يكون له من حق فى الطعن على الحكم الذى صدر ضده" وهذا الحق في الطعن على الحكم المدني لم يكن موجوداً في عهد التقنين المدني السابق ، وقد استحدثه التقنين المدني الجديد هو والحق فى المطالبة بالتعويض بدعوى مبتدأة ،لذلك لا تكون لهذه الأحكام المستحدثة أثر رجعي، ولا تسري إلا على يمين حاسمة صدر حكم بتوجيهها فى تاريخ غير سابق على 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ميعاد نفاذ التقنين المدني الجديد، فإن كان الحكم بتوجيه اليمين قد صدر قبل هذا التاريخ فالتقنين المدني السابق هو الذى يسري بأحكامه التي تقدم ذكرها. (الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني المجلد الأول ، الصفحة : 724)
وجاء في الوسيط أن النص إذا كان يقضي بأنه لا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذي وجهت إليه أو ردت عليه فإنه من جهة أخرى ينص صراحة على جواز أن يحصل الخصم الذي وجه اليمين على تعويض إذا ثبت على من حلف اليمين بحكم جنائي أنه حلف كذباً أذن للخصم الذي وجه اليمين أن يبلغ النيابة العامة أن خصمه حلف اليمين كذبة ويجوز له فوق ذلك إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائي أن يرفع دعوى مدنية مبتدأة بالتعويض أمام المحاكم المدنية بعد صدور الحكم الجنائي ولكن يبدو من ظاهر النص أنه لا يستطيع قبل ثبوت كذبك اليمين بحكم جنائي أن يدعي مدنياً في الدعوى الجنائية التي ترفعها النيابة العامة ولا يستطيع كذلك من باب أولى أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة وعليه يتربص حتى يصدر حكم جنائي نهائي بكذب اليمين ثم يرفع بعد ذلك دعوى التعويض أمام المحاكم المدنية، ولا يفتح له صدور الحكم الجنائي بكذب اليمين باباً جديداً للطعن في الحكم المدني الذي صدر ضده بعد حلف هذه اليمين لكن إذا كشف الحكم الجنائي عن وجه من وجوه التماس إعادة النظر في هذا الحكم المدني كأن أثبت أن الخصم الذي حلف اليمين الكاذبة قد وقع منه غش كان من شأنه التأثير في الحكم المدني (م 241 أولا مرافعات) إذ كان سبباً في الحصول على أوراق قاطعة في الدعوى كان الخصم الذي حلف اليمين الكاذبة قد حال دون تقديمها (م 241 رابعاً مرافعات) فإنه للخصم الذي وجه اليمين أن يلتمس إعادة النظر في الحكم المدني إذا كان ميعاد الالتماس لم ينقضي بل له كذلك أن يستأنف الحكم المدني إذا كان حكماً ابتدائياً ولم ينقض ميعاد الاستئناف وهذا ما نصت عليه صراحة العبارة الأخيرة من المادة 117 من قانون الإثبات.
(الدكتور السنهوري في الوسيط الجزء الثاني المجلد الأول ص 728 وما بعدها) :
الحلف كذباً جريمة جنائية يعاقب عليها عملاً بنص المادة 301 من قانون العقوبات التي تنص على أن (من ألزم باليمين أو ردت عليه في مواد مدنية وحلف کاذباً يحكم عليه بالحبس، ويجوز أن تزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري) أي أن الحبس وجوبي وفقاً لهذه المادة، ويجوز أن تزاد على الحبس غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري، وعملاً بنص المادة 18 عقوبات فإنه لا يجوز أن تنقص عقوبة الحبس عن أربع وعشرين ساعة ولا أن تزيد على ثلاثة سنين.(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 338)
و إذا حلف اليمين من وجهت إليه كان مضمون الحلف حجة ملزمة للقاضي، فإن تضمن اقراراً بدعوى المدعي حكم لهذا بموجب اقرار الحالف، وإن تضمن انكاراً حكم برفض الدعوى لعدم قيام دليل عليها ما دام قد سقط بتوجيه اليمين حق موجهها في أي دليل آخر، ويعتبر الحكم برفض الدعوى في هذه الحالة نهائياً وتثبت له قوة الأمر المقضي ويترتب على ذلك أنه لا يجوز الطعن فيه عن طريق الاستئناف، وأن من وجه اليمين لا يجوز له بعد الحلف أن يطلب إبطال الحكم بحجة أن خصمه حلف يميناً كاذبة، كما لا يجوز له أن يرفع دعوى جديدة بالحق ذاته يستند فيها إلى أدلة أخرى دون اليمين غير أنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائي فإن الخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض دون إخلال بما قد يكون له من حق في الطعن على الحكم الذي صدر ضده، وعلى ذلك متى ثبت كذب اليمين بحكم جنائي، فإن ذلك لا يؤثر في ما للحكم المدني الذي انبنى على اليمين الكاذبة من حجية الشيء المحكوم فيه ولكنه يخول من رفضت دعواه أو من حكم عليه بناء على هذه اليمين الكاذبة أن يطالب الحالف عما أصابه من ضرر، ويعلل ذلك بأن هذا التعويض وإن كان يقدر بقدر الحق الذي رفضت الدعوى المرفوعة به، أو الذي ألزم به من رد اليمين على خصمه فإن سببه وهو الفعل الضار أي اليمين الكاذبة يختلف عن سبب الحق الأصلي وإذن فلا تصطدم المطالبة به بحجية الشيء المحكوم فيه كذلك لا يؤثر ثبوت كذب اليمين بحكم جنائي فيما ثبت للحكم المدني من قوة الأمر المقضي فيجوز للخصم الذي وجه اليمين أن يبلغ النيابة العامة إن خصمه حلف اليمين كذباً ويجوز له فوق ذلك إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائي أن يرفع دعوى مدنية مبتدأة بالتعويض أمام المحاكم المدنية بعد صدور الحكم الجنائي، ولكن يبدو من ظاهر النص أنه لا يستطيع قبل ثبوت کذب اليمين بحكم جنائي أن يدعى مدنياً في الدعوى الجنائية التي ترفعها النيابة العامة ولا يستطيع كذلك من باب أولى أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة وعليه أن يتربص حتى يصدر حكم جنائي نهائي بكذب اليمين، ويرفع بعد ذلك دعوى التعويض أمام المحاكم المدنية، ولا يفتح له صدور الحكم الجنائي بكذب اليمين باباً جديداً للطعن في الحكم المدني الذي صدر ضده بعد حلف هذه اليمين، ولكن إذا كشف الحكم الجنائي عن وجه من وجوه التماس إعادة النظر في هذا الحكم المدني فإنه يجوز للخصم الذي وجه اليمين أن يلتمس إعادة النظر إذا كان ميعاد الالتماس لم ينقض بل له كذلك أن يستأنف الحكم المدني إذا كان حكماً ابتدائياً ولم ينقض ميعاد الاستئناف وهذا ما نصت عليه صراحة العبارة الأخيرة من المادة 117 ، هذا ويلاحظ أن حلف اليمين كذباً جريمة نصت عليها المادة 310 عقوبات. (الوجيز للسنهوري ص 698، والوسيط لنفس المؤلف، الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 723 والوجيز في الإثبات لسليمان مرقص ص 150، وأصول الإثبات لنفس المؤلف، الطبعة الرابعة، الجزء الثاني ص 815، والإثبات لعبد المنعم الصدة ص 192).
ما يترتب على حلف اليمين في الشريعة الإسلامية:
إذا وجهت اليمين على المدعي عليه فنكل حكم عليه بنكوله ولو حلف انقطعت عنه الخصومة للحال لا مطلقاً بل مؤقتاً إلى غاية إحضار البينة وهذا هو رأي عامة العلماء وهو الصحيح لقول شريح اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة و لأن اليمين كالخلف عن البينة فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف وهذه البينة مقبولة من المدعي بعد حلف المدعي عليه سواء قال قبل اليمين لا بينة لي أو لم يقل ذلك لإمكان التوفيق بين كلامه بالنسيان ثم بالتذكر بعد ذلك عند محمد، وبشرط ألا يقول لا بينة لى عند أبي حنيفة ، وقد جاء في البدائع في هذا المعنى، وأما حكم أدائه فهو انقطاع الخصومة للحال لا مطلقاً بل مؤقتاً إلى غاية احضار البينة عند عامة العلماء وقال بعضهم حكمه عند انقطاع الخصومة على الإطلاق حتي لو أقام المدعي البينة بعد يمين المدعي عليه قبلت بينته عند العامة، وعند بعضهم لا تقبل لأنه لو أقام البينة لا تبقى له ولاية الاستحلاف وكذا إذا استحلف لا يبقى له ولاية إقامة البينة والجامع أن حقه في إحداهما فلا يملك الجمع بينهما والصحيح قول العامة، لأن البينة هي الأصل في الحجة لأنها كلام الأجنبي، فأما اليمين فكما يحلف عن البينة لأنها كلام الخصم صير إليها للضرورة، فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف فهي ليست طريقاً للقضاء لأن المنكر إذا حلف وعجز المدعي عن البينة، يترك المدعي به في يده لعدم قدرة المدعي على إثباته، لا قضاء بيمينه، ولذلك لو جاء المدعي بعد ذلك بالبينة يقضي له بها ولو كان ترك المال في يده قضاء له به ينقض وعلى قول خليل في المذهب المالكي أنه لا يجوز البينة بعد حلف اليمين إلا لقدر والواجب على المحاكم تطبيقه هو الراجح في المذهب الحنفي .
وبالنسبة لمن توجه إليه اليمين فهناك قواعد شرعية يجب مراعاتها هي:
أولاً: إنه لا يجوز توجيه اليمين على شخص لم يرد الشرع بتحليفه ومعنى ذلك أنه لا يجوز تحلیف المجنون لأنه غير مكلف.
ثانياً: إن النيابة تجري في الاستحلاف لا في الحلف وينبني على ذلك أن كلا من الوكيل والوصي على اليتيم وأبي الصغير له أن يطلب تحليف خصمه فيما إذا كان مدعياً بحق للموكل أو الصغير لوصايته أو ولايته وليس لأحد أن يحلفهم بالنظر لأموال الموكل أو الصغير إلا إذا ادعى العقد عليهم، أو كان إقرار النائب صحيحاً على الأصيل فإنهم يستحلفون حينئذٍ.
ثالثاً: إنه لا يحلف إلا على معلوم فلو كان الشئ مجهولاً وأريد التحليف عليه لم يلتفت القاضي لذلك.
رابعاً: إن من ادعي على آخر معنى وكان بحيث لو أقر به لا يلزمه فلو أنكره لا يستحلف وإن كان بحيث إذا أقر به لزمه، فإذا أنكره يستحلف، ومعنى ذلك أنه لا يجوز توجيه اليمين عن واقعة أقر بها الخصم غير أو عن واقعة غير متعلقة بشخصه أو غير منتجة في النزاع.
خامساً: إن الاستحلاف إنما يكون على حق الخصم أو على سبب حقه ولا يستحلف على حجته.
سادساً: إنه إذا وجهت اليمين إلى الورثة لم تكف يمين الواحد منهم ولم تنب عن يمين الباقين، بل يستحلف الكل وإذا وجهت لهم على غيرهم كان استحلاف الواحد منهم كاستحلاف الكل .
وبالنسبة للتعسف في توجيه اليمين فإن هذه المسألة محل خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه، فعند أبي حنيفة لا يجوز للمدعي توجيه اليمين إلى المدعي عليه إذا كانت عنده بينة حاضرة وعند الصاحبين يجوز، وقد جاء في البدائع أن شرائط وجوب توجيه اليمين أنواع منها الإنكار ومنها الطلب من المدعي لأنها وجبت على المدعي عليه حقاً للمدعي ومنها البينة الحاضرة عند أبي حنيفة وعند الصاحبين ليس ذلك بشرط حتى لو قال المدعي لي بينة حاضرة ووجه قولهما أن اليمين حجة المدعي كالبينة، ولهذا لا تجب إلا عند طلبه فكان له ولاية استيفاء أيهما شاء له.
يراجع فيما تقدم الأصول القضائية في المرافعات الشرعية للأستاذ على قراعة ص 258 وما بعدها، وطرق القضاء في الشريعة الإسلامية للأستاذ أحمد إبراهيم ص 7، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 ص 146، والبدائع ص 225 ، 229 ).
الخلاصة :
ويبين مما تقدم أن حكم اليمين في الشريعة يختلف عنه في قانون الإثبات في عدة أمور منها:
أولاً: إنه بتوجيه اليمين الحاسمة في قانون الإثبات يسقط حق موجهها في سائر الأدلة الأخرى متى قبلها الموجهة إليه، أما في الشريعة فإنها لا تسقط حق موجه اليمين في تقديم أدلة أخرى بعد أن حلف خصمه اليمين.
ثانياً: إنه في قانون الإثبات إذا حلف من وجهت إليه اليمين فلا يجوز لموجه اليمين أن يثبت عكسها ما لم يصدر حكم جنائي يثبت كذبها، أما في الشريعة فله أن يثبت عدم صحتها بعد حلف اليمين.
ثالثاً: إن اليمين في الشريعة الإسلامية لا تحسم النزاع مطلقاً بل مؤقتاً، وعلى ذلك إذا توافرت البينة لدي من وجهها وبعد أن حلف خصمه جاز له أن يطلب سماع البينة ويقضي له على مقتضاها.(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الرابع ، الصفحة : 1418)
الآثار التي تترتب على حلف اليمين:
يترتب على حلف اليمين حسم النزاع نهائياً وخسارة موجهها الدعوى، بحيث لا يجوز لهذا الأخير أن يعود إلى مخاصمة من حلف اليمين مرة أخرى ليثبت كذب اليمين، وذلك برفع دعوى مبتدأة أو بطريق الطعن في الحكم، ولا يجوز له كذلك تقديم أي أدلة أخرى لإثبات دعواه .
وعلة ذلك أن توجيه اليمين الحاسمة يعني أن الخصم يترك بتوجيه اليمين ما عداها من طرق الإثبات، فلا يجوز له بعد ذلك أن يطلب الإثبات بدليل آخر.
حالة ثبوت كذب اليمين بحكم جنائي:
إذا صدر الحكم في الدعوى بناء على اليمين الحاسمة، وثبت بعد ذلك كذب اليمين بحكم جنائي، فإن للخصم الذي أصابه ضرر من اليمين أن يطالب بالتعويض دون إخلال بما قد يكون له من حق في الطعن على الحكم الذي صدر ضده.
فثبوت کذب اليمين بحكم جنائي بات، لا يؤثر في ما للحكم المدني الذي بني على اليمين الكاذبة من حجية الشيء المحكوم فيه، ولكنه يخول من رفضت دعواه أو من حكم عليه بناء على هذه اليمين الكاذبة أن يطالب الحالف بتعويض عما أصابه من ضرر.
ويعلل هذا بأن هذا التعويض وإن كان يقدر بقدر الحق الذي رفضت الدعوى المرفوعة به أو الذى ألزم به من رد اليمين على خصمه، فإن سببه هو الفعل الضار أى اليمين الكاذبة، وهذا السبب يختلف عن سببه الحق الأصلي، وإذن فلا تصطدم بحجية الشيء المحكوم فيه.
والمادة (117) إذ خولت الخصم في هذه الحالة أن يطالب من أدى اليمين الكاذبة بالتعويض «دون إخلال بما قد يكون له من حق في الطعن على الحكم الذي صدر ضده» لم تأت بجديد إلا فيما يتعلق بتقرير الحق في التعويض، أما فيما يتعلق بحق الطعن في الحكم المدني فإنها اقتصرت على التنبيه إلى أن ثبوت كذب اليمين بحكم جنائي ونشوء الحق في التعويض بسبب ذلك لا يمنع الخصم من الطعن في الحكم المدني إن كان له الحق في هذا الطعن قبل ثبوت کذب اليمين بالحكم الجنائي، وليس معنى ذلك أن الحكم المدني الذي كان غير قابل للاستئناف قبل صدور الحكم الجنائي يصبح قابلاً له بعد صدور هذا الحكم، بل معناه أن الخصم الذي وجه اليمين أوردها إذا كان وقت توجيهها أوردها قاصراً أو شاب رضاه عیب وثبت له بذلك حق طلب إبطال الحكم بتوجيه اليمين أو بردها، سواء أكان ذلك من طريق الاستئناف إذا لم يكن ميعاده قد انقضى، أم كان من طريق التماس إعادة النظر إذا كشف الحكم الجنائي عن وجه من وجوه التماس إعادة النظر في الحكم المدني، كأن أثبت أن الخصم الذي حلف اليمين الكاذبة قد وقع منه غش كان من شأنه التأثير في الحكم المدني (م 241 أولاً مرافعات)، أو كان سبباً في الحصول على أوراق قاطعة في الدعوى كان الخصم الذي حلف اليمين الكاذبة قد حال دون تقديمها (م 241 رابعاً مرافعات).
«أما فيما يتعلق بطرق الطعن في الحكم بإثبات كذب اليمين التي ثبت بمقتضاها ادعاء من وجهها أو ردها میسور له، مادامت المواعيد المقررة لم تنقض، فله أن يطعن بالاستئناف أو بطريق الالتماس، عند الاقتضاء. وقد نصت المادة 372 رابعاً / 434 رابعاً من تقنين المرافعات على هذه الحالة».
غير أن ظاهر النص، لا يسمح للخصم، قبل ثبوت كذب اليمين بحكم جنائي، أن يدعي مدنياً في الدعوى الجنائية التي ترفعها النيابة العامة، ولا يستطيع كذلك من باب أولى أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة، وعليه أن يتربص حتى يصدر حكم جنائي بات يكذب اليمين ثم يرفع دعوى التعويض أمام المحاكم المدنية.
غير أنه يجوز للخصم الذي وجه اليمين أن يبلغ النيابة العامة أن خصمه حلف اليمين كذباً حتى يتسنى لها إجراء التحقيق ورفع الدعوى الجنائية ضد الخصم الآخر.
حالة يجوز فيها توجيه اليمين أمام المحكمة الجنائية :
إذا كانت الجريمة تقوم على أساس الإخلال بعقد من عقود الأمانة المنصوص عليها في المادة (341) من قانون العقوبات، فإنه يجب إثبات هذه العقود طبقاً لقواعد الإثبات المنصوص عليها في قانون الإثبات، ومن ثم يجوز للمدعي بالحق المدني أن يوجه إلى المتهم اليمين الحاسمة بشأن وجود العقد، ولا وجه للقول بعدم جواز توجيه اليمين الحاسمة أمام القضاء الجنائي لأن ما يمتنع توجيهه هو اليمين التي يكون موضوعها الفعل الإجرامي إذ لا يجوز وضع المتهم في حرج، إما أن يحنث في يمينه وإما أن يعترف بجريمته، إذ يعتبر ذلك نوعا من الإكراه على الاعتراف.
جريمة الكذب في الحلف :
كذب الخصم الذي حلف اليمين جريمة تعاقب عليها المادة (301) من قانون العقوبات.
فهذه المادة تجري على أن:
«من ألزم باليمين أوردت عليه في مواد مدنية وحلف كاذباً يحكم عليه بالحبس، ويجوز أن تزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري».
فهذه المادة تعاقب على الجريمة بالحبس أي الحبس الذي تزيد مدته على ثلاث سنوات ولا تقل عن أربع وعشرين ساعة (م 18 من قانون العقوبات).
ويجوز أن يزاد على عقوبة الحبس غرامة لا تتجاوز مائة جنيه، أي أن الغرامة عقوبة جوازية، يترك للمحكمة توقيعها على المتهم بالإضافة إلى عقوبة الحبس من عدمه.
والحد الأدنى للغرامة مائة قرش (م 1 / 22 من قانون العقاب).(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الرابع ، الصفحة :1965)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 241
رَدُّ الْيَمِينِ:
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلإْمَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ صَحِيحَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَصْلاً، أَوْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ غَيْرُ حَاضِرَةٍ، طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ عَرْضِ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَيْهِ رُفِضَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ بِلاَ عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى مَالاً، أَوِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ، قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَلَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم «وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَقَوْلُهُ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» فَحَصَرَهَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي.
فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَدْ صَوَّبَهُ أَحْمَدُ، فَقَالَ: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ، يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ. وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ الإِْمَامُ مَالِكٌ فِي الأْمْوَالِ خَاصَّةً.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى، لِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» وَلأِنَّهُ إِذَا نَكَلَ ظَهَرَ صِدْقُ الْمُدَّعِي وَقَوِيَ جَانِبُهُ، فَتُشْرَعُ فِي حَقِّهِ، كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ نُكُولِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لاَ أَدَعُهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِف.
------------------------------------------------------------------------
الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني المجلد الأول ،
وفى الفقه الإسلامى لا تجوز البينة بعد حلف اليمين إلا لعذر على قول خليل فى المذهب المالكى . جاء فى الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل : " وإن أنكر المدعى عليه أى أجاب بالإنكار ، قال القاضى للمدعى ألك بينة ، فإن قال نعم أمره بإحضارها وأعذر للمدعى عليه فيها كما يأتى . فإن نفاها بأن قال لا بينة لى ، واستحلفه أى طلب المدعى تحليفه ، وحلفن فلا بينة تقبل للمدعى بعد ذلك ، إلا لعذر كنسيان حين تحليفه خصمه وحلف أنه نسيها ، وأدخلت الكاف عدم علمه بها ثم علم ، كذا إذا ظن أنها لا تشهد له ، أو أنها ماتت ، فله القيام بها إن حلف على ذلك . فلو شرط المدعى عليه على المدعى عدم القيام ببينة يدعى نسيانها أو عدم علمه بها وفى له بشرطه " . ( حاشية الدسوقى على الشرح الكبير 4 ص 146 ) . ولكن جمهور الفقهاء على أن البينة تجوز بعد حلف اليمين ، وقد جاء فى البدائع فى هذا المعنى : " وأما حكم أدائه فهو انقطاع الخصومة للحال لا مطلقاٌ ، بل مؤقتاً إلى غاية إحضار البينة عند عامة العلماء . وقال بعضهم حكمه انقطاع الخصومة على الإطلاق ، حتى لو أقام المدعى البينة بعد يمين المدعى عليه قبلت بينته عند العامة ، وعند بعضهم لا تقبل لأنه لو أقام البينة لا تبقى له ولاية الاستحلاف فكذا إذا استحلف لا يبقى له ولاية إقامة البينة والجامع أن حقه فى أحدهما فلا يملك الجمع بينهما . والصحيح قول العامة ، لأن البينة هى الأصل فى الحجة لأنها كلام الأجنبى ، فأما اليمين فكالخلف عن البينة لأنها كلام الخصم صير إليها للضرورة ، فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف فكأنه لم يوجد أصلاً " . ( البدائع 6 ص 229 ) .

