مذكرة المشروع التمهیدی للمادة 414 الملغاة من القانون المدني والمقابلة للمادة 118 من قانون الإثبات:
1- ليست هذه المادة إلا مزاجاً من أحكام التقنين الفرنسي ( المادة 1361 ) والتقنين الإيطالي ( المادة 1367 ) والتقنين الهولندي ( المادة 1969) والمشروع الفرنسي الإيطالي (المادة 313) والتقنين المدني المصري ( المادة 224 /289 ) وأحكام تقنين المرافعات المصري ( المادة 168 /190 ) التي تقضي بأن الواقعة التي يدعى بها من وجهها ( تعتبر صحيحة ).
2 - فإذا أعوزت المدعي كتابة أو بينة أو قرينة ، ولم يتيسر له الحصول على إقرار ، وأنكر خصمه دعواه أو دفعه ، أخفق في مسعاه . ولكن سبيل اليمين تظل ممهدة له ، ففي مقدوره أن يوجه اليمين وفقاً لأحكام القانون، وبذلك يتسنى له أن يجبر خصمه المنكر على تأكيد إنكاره بأدائها، وليس لهذا الخصم معدى عن ذلك ، فهو ملزم بحكم القانون بأن ينزل على مشيئة المدعي في طلب العين، إلا أن له الخيار بين أدائها أو النكول عنها أو ردها . فإن اختار الرد كان له أن يجبر من وجه اليمين إليه على تأكيد دعواه موثقة بالحلف .
ويترتب على إعمال أحكام هذه المادة ما يأتي :
(أ) إذا أديت اليمين خسر من وجهها دعواه.
(ب) وإذا نكل عنها دون رد قضى لمن وجهاً على الناكل.
(جـ) وإذا ردت وأداها من ردت عليه قضى لمن وجهها على من ردها.
(د) وإذا ردت و نکل عنها من وجهها خسر الناكل دعواه.
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز الطعن في الأحكام الصادرة بناءً على النكول عن حلف اليمين الحاسمة متى كان مبنياً على أن اليمين غير جائز توجيهها أو أنها وجهت في غير حالاتها أو على بطلان إجراءات توجيهها ، لعدم إعلان المدعى عليه بالدعوى إعلاناً صحيحاً على موطنه أو عدم تمام إعلانه بحكم حلف اليمين أو أن لديه عذرا منعه من الحضور للحلف ، فإذا تمسك بهذه الأمور يتعين على المحكمة الفصل في منازعته ، وأن ترد عليها بما يسقطها أو أن تحدد له جلسة لحلفها إن رأت توجيهها إليه وعلى محكمة الاستئناف أن تعمل ذلك وأن تستدرك ما فات محكمة أول درجة بخصوص هذه المنازعة سواء بخصوص الإعلان بالحكم الصادر بتوجيه اليمين أو غيرها من تلك الأمور ولا يجوز اعتبار المدعى عليه ناكلاً قبل الفصل في هذه المنازعة ؛ لما كان ذلك ، وكان الحكم التمهيدي الصادر من محكمة الاستئناف بجلسة 12/4/2017 قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن بشأن عدم جواز نظر الاستئناف استناداً إلى خلو الأوراق من الإعلان بحكم اليمين الحاسمة الذي كلفت المحكمة قلم الكتاب بإعلانه للمطعون ضده الأول وإلى عدم اطمئنانها لصحة الإعلان الذي قام به الطاعن بغير سابق تصريح من المحكمة لإثبات المحضر القائم به وقتاً للإخطار به تسبق ساعته وقت انتقاله لتنفيذه ، وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن حكم أول درجة في الدعوى جائز استئنافه وهي نتيجة صحيحة تتفق وصحيح القانون ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
( الطعن رقم 12791 لسنة 87 ق - جلسة 19 / 2 / 2023 )
2- المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن اليمين لغةً هو الإخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فهو لا يعتبر عملًا مدنيًا فحسب بل هو أيضًا عمل ديني ، فطالب اليمين يلجأ إلى ذمة خصمه ، والحالف عندما يؤدي اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه وقد نصت مواد الباب السادس من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 في المواد من 114 حتى 130 على طلب اليمين الحاسمة وشروط توجيهها ويستدل منها على أن اليمين ملك للخصم لا للقاضي ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى القاضي أن يجيب الخصم لطلبه متى توافرت شروط توجيهها وهي أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام ويجوز للقاضي أن يرفضها إذا كانت غير منتجة أو كان في توجيهها تعسف من الخصم، وخلاصة القول أن توجيه اليمين الحاسمة احتكام لضمير الخصم لحسم النزاع كله أو في شقٍ منه عندما يعوز الخصم الدليل لإثبات دعواه لا سيما عندما يتشدد القانون في اقتضاء أدلة معينة للإثبات ويتمسك الخصم الآخر بذلك، فإن حلفها الخصم فقد أثبت إنكاره لصحة الادعاء ويتعين رفضه، وإن نكل كان ذلك بمثابة إقرار ضمني بصحة الادعاء ووجب الحكم عليه بمقتضى هذا الإقرار، وكان كل طلب أو وجه دفاع يدلي به الخصم لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى ، يجب على محكمة الموضوع - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تجيب عليه بأسبابٍ خاصة، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن طلب توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضده ليحلف بأن الأموال التي قام بتحويلها إليه كانت على سبيل الدين وأن ذمته مشغولة بها، وإذ كانت الواقعة محل الحلف متعلقة بالنزاع ومنتجة فيه ، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب بمقولة أن اليمين غير حاسمة في إثبات براءة ذمته من الأموال المطالب بها بصرفها في الغرض المخصصة من أجله ولم يقدم الدليل على ذلك، وهو قول من الحكم لا يواجه دفاع الطاعن، ولا يصلح ردًا عليه على الرغم من أنه دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه .
( الطعن رقم 16542 لسنة 91 ق - جلسة 27 / 9 / 2022 )
3ـ لما كان الحكم الصادر بناء على النكول عن اليمين له قوة الشيء المقضي فيه نهائيا ولا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام ما لم يكن الطعن مبنية على بطلان في الإجراءات الخاصة بتوجيه اليمين أو حلفها وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن نكل عن اليمين التخلفة عن الحضور بغیر عذر وأن إجراءات توجيه اليمين وحلفها تمت طبقا للقانون فما كان للحكم أن يعرض لبحث الدفع بعدم الاختصاص المحلي أو الدفع ببطلان صحيفة الدعوى التجهيل بالطلبات الذين تمسك بهما الطاعن أمام محكمة الاستئناف وإذ انتهى الحكم إلى القضاء بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
( الطعن رقم 574 لسنة 42 ق - جلسة 6 / 4 / 1976 - س 27 قاعدة 167 ص 871 )
4 ـ لما كان مناط عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة أن يكون توجيهها أو حلفها أو النكول عنها مطابقا للقانون وكانت اليمين الحاسمة التي وجهها الطاعن إلى المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف قد وجهت في واقعة غير مخالفة للنظام العام ومنصبة علی المبلغ المطالب به ومتعلقة بشخص من وجهت إليه يحلفها المطعون ضده طبقا للقانون وأعمل الحكم المطعون فيه الأثر الذي يرتبة القانون على أدائها بل قضى بتعديل الحكم الابتدائي وحكم على مقتضاها فإن الحكم المطعون فيه لا يكون في ذلك كله قد خالف القانون ومن ثم يكون الطعن فيه بالنقض غير جائز.
(نقض مدني الطعن رقم 439 لسنة 38 ق - جلسة 5 / 3 / 1974 - س 25 قاعدة 75 ص 464)
5 ـ اعتبار الحكم المطعون فيه اليمين المتممة حاسمة للنزاع وذلك بما أورده في مدوناته عند تخلف الطاعنة ووكيلها عن المثول أمام المحكمة لأدائها من أن «... الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم حضور المستأنف عليها سالفي الذكر (الطاعنة ووكيلها) لأداء اليمين الموجه لهما نكولا من أدائها. ومن ثم يكون النزاع حول تسلمها مبلغ 14000جنيه أربعة عشر ألف جنيه من المستأنف (المطعون ضده الأول) المنوه عنه بحكم اليمين قد انحس وبرأت ذمة المستأنف منه من تاريخ تسليمه لهما...» فإنه يكون بذلك قد خلط بين أحكام اليمين الحاسمة وتلك الخاصة باليمين المتممة إذا ليس من المتهم أن يقضي ضد من نكل عن اليمين المتممة فقد تظهر بعد النكول أدلة جديدة تكمل الأكلة الناقصة أو لا تظهر. ولكن القاضي يعيد النظر في الأكلة التي كان يحسبها ناقص فيرجع عن رأيه ويقدر أنها كافية، لما كان ما سلف جميعه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
(الطعن رقم 290 لسنة 67 ق جلسة 19 / 3 / 1998 س 49 قاعدة 61 ص 244 )
6 ـ حجية اليمين الحاسمة قاصرة على من وجهها، ومن وجهت إليه ولا يتعدى أثرها إلى غيرها من الخصوم، وينبني على ذلك أنه إذا شاب اليمين الموجهة إلى أحد الخصوم بطلان فلا يمتد أثر هذا البطلان إلى غيره ممن وجهت إليه اليمين صحيحة، كما أنه ليس لغير من وجهت اليمين الحاسمة إليه أن ينازع فيها أو يعترض على توجيهها وكل ما للغير هو ألا يحاج بأثر هذه اليمين.
(الطعن رقم 4104 لسنة 61 ق - جلسة 6 / 4 / 1995 و الطعن رقم 423 لسنة 26 ق - جلسة 12 / 4 / 1962 و الطعن رقم 6086 لسنة 71 ق - جلسة 26 / 3 /2003 )
ممن يقع النكول : ويتبين من نص التقنين المدنى المصري أن النكول إما أن يقع ممن وجهت إليه اليمين ابتداء ، فلا يردها على خصمه ولا يحلف فيعتبر ناكلاً . وإما أن يقع ممن ردت عليه اليمين ، وقد رأينا أنه لا يستطيع ردها ، فإذا لم يحلفها اعتبر ناكلاً .
كيف يقع النكول : ويقع النكول بعدم الحلف حين يجب الحلف . فالنكول إذن موقف سلبي، وقد نظمه تقنين المرافعات فى المادتين 124 و 125 فميز بين ما إذا كان الحكم بالتحليف قد صدر فى حضور الخصم المكلف بالحلف ، أو صدر وهو غائب .
فإن صدر الحكم وهو حاضر – سواء أكان قد نازع في جواز اليمين أو فى تعلقها بالدعوى ورفضت المحكمة منازعته أم لم ينازع فى ذلك - فإن صيغة اليمين تكون مبينة فى منطوق الحكم ، ويجب على الخصم أن يحلفها فوراً أو يردها على خصمه ، فإن سكت عن الحلف والرد اعتبر ناكلاً . ويجوز مع ذلك أن تعين المحكمة فى حكمها يوماً معيناً للحلف، ويعتبر نطقها بالحكم اعلاناً للخصوم على شرط أن يكون ثابتاً بمحضر الجلسة أو الحكم أن المكلف باليمن حاضر شخصياً وقت النطق بالحكم، ويراعى فى تجديد جلسة الحلف ميعاد التكليف بالحضور، ما لم يقبل المكلف بالحلف ميعاداً أقصر ويكون قبوله هذا مدوناً بمحضر الجلسة، وحضور الوكيل يغنى عن حضور المكلف باليمين، إذا كان هذا الوكيل ممن يصح اعلان الأصيل فى مواجهته .
وإن كان صدر الحكم بالتحليف فى غيبة المكلف بالحلف، وجب تكليفه بالحضور على يد محضر لحلف اليمين بالصيغة التى أقرتها المحكمة وفى اليوم الذي حددته . فإن حضر وامتنع عن الحلف والرد دون أن ينازع ، اعتبر ناكلاً، وإن تغيب ، تنظر المحكمة فى سبب غيابه ، فإن اعتبرته عذراً شرعياً جاز لها أن تحدد جلسة أخرى لحلف اليمين ، وإلا اعتبرت غيابة دون عذر شرعي نكولاً .
وقدير قيام العذر في التخلف عن الحضور بالجلسة المحددة لحلف اليمين يدخل في سلطة قاضى الموضوع متى اقام قضاءه على اسباب سائغة.
أثر النكول : والنكول يكون بمثابة إقرار ، كما قدمنا ، وتكييفه هو تكييف الإقرار . فإذا نكل الخصم على الوجه المتقدم ذكره ، لم يجز له بعد ذلك أن يطلب السماح له بالحلف من جديد ، بل يحكم عليه عقب نكوله، فإن كان من نكل هو من وجهت إليه اليمين ، كسب من وجه اليمين دعواه، وإن كانت اليمين قد ردت على الخصم الذى وجهها ونكل هذا، خسر دعواه ، فالدعوى التى يحلف عليها يكسبها المدعى بنكول خصمه ، ويخسرها برد اليمين عليه ونكوله .
ويكون الحكم على من نكل مانعاً للمحكوم عليه بعد ذلك أن يثبت صحة الواقعة التى نكل فيها عن الحلف.(الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني المجلد الأول ، الصفحة : 737)
إذا أعوزت المدعي كتابة أو بينة أو قرينة ولم يتيسر له الحصول على إقرار وأنكر خصمه دعواه أو دفعه، أخنق في مسعاه ولكن سبيل اليمين تظل ممهدة له ففي مقدوره أن يوجه اليمين وفقاً لأحكام القانون وبذلك يتسنى له أن يجبر خصمه المنكر على تأكيد إنكاره بأدائها وليس لهذا الخصم معدي عن ذلك فهو ملزم بحكم القانون بأن ينزل على مشيئة المدعي في طلب اليمين إلا أن له الخيار بين أدائها أو النكول عنها أو ردها فإن اختار الرد كان له أن يجبر من وجه اليمين إليه على تأكيد دعواه موثقة بالحلف.
ويترتب على أعمال أحكام هذه المادة ما يأتي:
أ) إذا أديت اليمين خسر من وجهها دعواه.
ب) وإذا نكل عنها دون رد قضي لمن وجهها على الناكل.
ج) وإذا ردت وأداها من ردت عليه قضى لمن وجهها على من ردها.
د) وإذا ردت ونكل عنها من وجهها خسر الناكل دعواه.
مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث ص 458) .(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة :343)
النكول إما أن يقع ممن وجهت إليه اليمين ابتداء فلا يردها على خصمه ولا يحلف فيعتبر ناكلاً أو يقع ممن ردت عليه اليمين وهو لا يستطيع ردها قانوناً طبقاً للمادة 116 فإذا لم يحلفها اعتبر ناکلاً ويقع النكول بعدم الحلف حين يجب الحلف والنكول بمثابة إقرار وتكييفه هو تكييف الإقرار، فإذا نكل الخصم عن الحلف حكم عليه عقب نكوله فإن كل من نكل هو من وجهت إليه اليمين کسب من وجه اليمين دعواه، وإذا كانت اليمين قد ردت على الخصم الذي وجهها ونكل هذا خسر دعواه ويكون الحكم على من نكل كما في حالة الحلف نهائياً لا يجوز الطعن فيه فلا يسمح للمحكوم عليه بعد ذلك أن يثبت عدم صحة الواقعة التي اعتبرت صحيحة بناء على نكوله، بل لا يسمح له حتى يحلف اليمين التي كان نكوله عنها سبباً في الحكم عليه، ويستوي في ذلك أن يكون النكول عن اليمين ممن وجهت إليه أوردت عليه.
(الوسيط للسنهوري، الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 736 والوجيز لنفس المؤلف ص 702 ، والوجيز في الإثبات لسليمان مرقص ص 154، والإثبات لمحمد عبد اللطيف، الطبعة الثانية، الجزء الثاني ص 320).
ولا يعد ناكلاً عن اليمين من يرفض أن يحلف على واقعة غير متعلقة بشخصه کالوارث إذا رفض أن يحلف على أن مورثه لم يتسلم المبلغ المدعي به، أما إذا وجهت اليمين على أنه يجهل الواقعة المطلوب تحليفه عليها أو لا يتذكر شيئاً عنها، ورفض الحلف فإنه يعد ناكلاً. (سليمان مرقس، الطبعة الخامسة، الجزء الأول ص 829).
لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة :
من المقرر أن الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة لا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام، سواء بالاستئناف أو النقض وسواء كان الحكم قد صدر بناء على حلف اليمين أو النكول عنها، وذلك بشرط أن يكون توجيهها أو حلفها أو النكول عنها مطابقاً للقانون بمعنى أن تكون اليمين وحدها فاصلة في النزاع وحاسمة له بحيث ينتهي بها حتماً موضوعه وأن تكون قد وجهت في واقعة غير مخالفة النظام العام على موضوع النزاع ومتعلقة بشخص من وجهت إليه، أما إذا كان الطعن مبنياً على مدى جواز اليمين أو تعلقها بالدعوى أو بطلان في الإجراءات الخاصة بتوجيهها أو تحليفها فإن الطعن يكون جائزاً. وإذا انصبت اليمين على جزء من النزاع أو مسألة أولية فيه دون أن تؤدي إلى حسمه كله أو تمسك الخصم أمام محكمة الاستئناف بدفاع موضوعی منتج في الدعوى لم يشمله الحلف، فإن الاستئناف يكون جائزاً غاية ما في الأمر - كما قالت محكمة النقض - أنه يتعين الالتزام بحجية تلك اليمين بحيث يمتنع على الخصوم أن يعودوا إلى المنازعة فيما انصبت عليه وحسمته ويقوم مضمونها حجة ملزمة لمحكمة الاستئناف لا تملك الخروج عليه أو مخالفته.
ما يترتب على حلف اليمين في الشريعة الإسلامية:
إذا وجهت اليمين على المدعي عليه فنكل حكم عليه بنكوله ولو حلف انقطعت عنه الخصومة للحال لا مطلقاً بل مؤقتاً إلى غاية إحضار البينة وهذا هو رأي عامة العلماء وهو الصحيح لقول شريح اليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة و لأن اليمين كالخلف عن البينة فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف وهذه البينة مقبولة من المدعي بعد حلف المدعي عليه سواء قال قبل اليمين لا بينة لي أو لم يقل ذلك لإمكان التوفيق بين كلامية بالنسيان ثم بالتذكر بعد ذلك عند محمد وبشرط ألا يقول لا بينة لى عند أبي حنيفة وقد جاء في البدائع في هذا المعنى، وأما حكم أدائه فهو انقطاع الخصومة للحال لا مطلقاً بل مؤقتاً إلى غاية إحضار البينة عند عامة العلماء وقال بعضهم حكمه عند انقطاع الخصومة على الإطلاق حتي لو أقام المدعي البينة بعد يمين المدعي عليه قبلت بينته عند العامة، وعند بعضهم لا تقبل لأنه لو أقام البينة لا تبقى له ولاية الاستحلاف وكذا إذا استحلف لا يبقى له ولاية إقامة البينة والجامع أن حقه في إحداهما فلا يملك الجمع بينهما والصحيح قول العامة، لأن البينة هي الأصل في الحجة لأنها كلام الأجنبي. فأما اليمين فكما يحلف عن البينة لأنها كلام الخصم صير إليها للضرورة، فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف فهي ليست طريقاً للقضاء لأن المنكر إذا حلف وعجز المدعي عن البينة، يترك المدعي به في يده لعدم قدرة المدعي على إثباته، لا قضاء بيمينه، ولذلك لو جاء المدعي بعد ذلك بالبينة يقضي له بها ولو كان ترك المال في يده قضاء له به ينقض وعلى قول خليل في المذهب المالكي أنه لا يجوز البينة بعد حلف اليمين إلا لقدر والواجب على المحاكم تطبيقه هو الراجح في المذهب الحنفي .
وبالنسبة لمن توجه إليه اليمين فهناك قواعد شرعية يجب مراعاتها هي:
أولاً: إنه لا يجوز توجيه اليمين على شخص لم يرد الشرع بتحليفه ومعنى ذلك أنه لا يجوز تحلیف المجنون لأنه غير مكلف.
ثانياً: إن النيابة تجري في الاستحلاف لا في الحلف وينبني على ذلك أن كلا من الوكيل والوصي على اليتيم وأبي الصغير له أن يطلب تحليف خصمه فيما إذا كان مدعياً بحق للموكل أو الصغير لوصايته أو ولايته وليس لأحد أن يحلفهم بالنظر لأموال الموكل أو الصغير إلا إذا ادعى العقد عليهم، أو كان إقرار النائب صحيحاً على الأصيل فإنهم يستحلفون حينئذٍ.
ثالثاً: إنه لا يحلف إلا على معلوم فلو كان الشئ مجهولاً وأريد التحليف عليه لم يلتفت القاضي لذلك.
رابعاً: إن من ادعى على آخر معنى وكان بحيث لو أقر به لا يلزمه فلو أنكره لا يستحلف وإن كان بحيث إذا أقر به لزمه، فإذا أنكره يستحلف، ومعنى ذلك أنه لا يجوز توجيه اليمين عن واقعة أقر بها الخصم غير أو عن واقعة غير متعلقة بشخصه أو غير منتجة في النزاع.
خامساً: إن الاستحلاف إنما يكون على حق الخصم أو على سبب حقه ولا يستحلف على حجته.
سادساً: إنه إذا وجهت اليمين إلى الورثة لم تكف يمين الواحد منهم ولم تنب عن يمين الباقين، بل يستحلف الكل وإذا وجهت لهم على غيرهم كان استحلاف الواحد منهم كاستحلاف الكل .
وبالنسبة للتعسف في توجيه اليمين فإن هذه المسألة محل خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه، فعند أبي حنيفة لا يجوز للمدعي توجيه اليمين إلى المدعي عليه إذا كانت عنده بينة حاضرة وعند الصاحبين يجوز، وقد جاء في البدائع أن شرائط وجوب توجيه اليمين أنواع منها الإنكار ومنها الطلب من المدعي لأنها وجبت على المدعي عليه حقاً للمدعي ومنها البينة الحاضرة عند أبي حنيفة وعند الصاحبين ليس ذلك بشرط حتى لو قال المدعي لي بينة حاضرة ووجه قولهما أن اليمين حجة المدعي كالبينة، ولهذا لا تجب إلا عند طلبه فكان له ولاية استيفاء أيهما شاء له.
يراجع فيما تقدم الأصول القضائية في المرافعات الشرعية للأستاذ على قراعة ص 258 وما بعدها، وطرق القضاء في الشريعة الإسلامية للأستاذ أحمد إبراهيم ص 7، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 ص 146، والبدائع ص 225 ، 229 ).
الخلاصة :
ويبين مما تقدم أن حكم اليمين في الشريعة يختلف عنه في قانون الإثبات في عدة أمور منها:
أولاً: إنه بتوجيه اليمين الحاسمة في قانون الإثبات يسقط حق موجهها في سائر الأدلة الأخرى متى قبلها الموجهة إليه، أما في الشريعة فإنها لا تسقط حق موجه اليمين في تقديم أدلة أخرى بعد أن حلف خصمه اليمين.
ثانياً: إنه في قانون الإثبات إذا حلف من وجهت إليه اليمين فلا يجوز لموجه اليمين أن يثبت عكسها ما لم يصدر حكم جنائي يثبت كذبها، أما في الشريعة فله أن يثبت عدم صحتها بعد حلف اليمين.
ثالثاً: إن اليمين في الشريعة الإسلامية لا تحسم النزاع مطلقاً بل مؤقتاً، وعلى ذلك إذا توافرت البينة لدى من وجهها وبعد أن حلف خصمه جاز له أن يطلب سماع البينة ويقضي له على مقتضاها.(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الرابع ، الصفحة : 1421)
متى يتحقق النكول عن اليمين؟
يتحقق النكول عن اليمين في صورتين:
الأولى: أن يوجه الخصم المكلف بالإثبات اليمين إلى خصمه ابتداء فلا يردها على خصمه ولا يحلف، فيعد ناكلاً، فالنكول إذن عمل سلبي.
الثانية: أن يرد الخصم الذي وجهت إليه اليمين، اليمين على خصمه الذي وجهها إليه، فينكل الأخير عن اليمين.
إنما لا يعد ناکلاً عن اليمين من يرفض أن يحلف على واقعة غیر متعلقة بشخصه كالوارث إذا رفض أن يحلف على أن مورثه لم يتسلم المبلغ المدعي به.
أما من يقتصر على القول بأنه يجهل الواقعة المطلوب تحليفه عليها أو أنه لا يتذكر شيئاً عنها، فإنه يعتبر ناکلاً، ما لم تكن ثمة ظروف يقتنع معها القاضي بأن قول الخصم ينطوي على نفي ضمني للواقعة فيعتبره في مقام الحلف أو أنه يدل على فقدان الذاكرة فيعتبره عذراً ويصح أن يجد فيه عنصراً من عناصر الإثبات، يضاف إلى العناصر الأخرى الموجودة في الدعوى.
أثر النكول عن اليمين:
النكول هو بمثابة إقرار، وتكييفه هو تكييف الإقرار. ويترتب عليه ما يترتب على الإقرار من آثار، ولذلك لا يملكه - كما رأينا - إلا من يملك التصرف في الحق.
فإذا نكل الخصم عن اليمين على الوجه سالف الذكر، لم يجز له بعد ذلك أن يطلب السماح له بالحلف من جديد، بل يحكم عليه عقب نكوله فإن كان من نكل هو من وجهت إليه اليمين، كسب من وجه اليمين دعواه، وإن كانت اليمين قد ردت على الخصم الذي وجهها ونكل هذا، خسر دعواه. فالدعوى التي يحلف عليها يكسبها المدعي بنكول خصمه، ويخسرها برد اليمين عليه ونكوله.
ويكون الحكم على من نكل مانعاً للمحكوم عليه بعد ذلك من أن يثبت صحة الواقعة التي نكل فيها عن الحلف.
ويجب على القاضي إعمال أثر هذا النكول، حتى ولو كان ذلك يخالف اعتقاده واقتناعه الشخصي، إذ ليس له أي سلطة تقديرية في تصيد أثر النكول، فالنكول يعتبر بمثابة إقرار بما يدعيه موجه اليمين.
نطاق حجية الحلف أو النكول :
الأصل أن حجية الحلف أو النكول تقتصر على الطرفين، والخلف العام، وكذلك الخلف الخاص لكل من الطرفين في حدود ما انتقل إليه من حق إذا كانت اليمين متعلقة بهذا الحق، وكان أداؤها سابقاً على انتقال الحق إليه.
عدم قابلية الحكم الصادر بناء على اليمين للطعن فيه بالاستئناف:
الحكم الصادر بناء على حلف اليمين الحاسمة أو النكول عنها حكم نهائي لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن في أحكام ما لم يكن الطعن مبنياً على بطلان في الإجراءات الخاصة بتوجيه اليمين أو حلفها، لأن مناط عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على اليمين الحاسمة أن يكون توجيهها أو حلفها أو النكول عنها مطابقاً لقانون.
ومفاد ذلك أنه يجوز الطعن في هذا الحكم مثلاً، إذا كان الخصم قد نازع في توجيه اليمين دون أن تفصل المحكمة في منازعته، أو أن اليمين وجهت في غير حالاتها، أو أن إجراءات توجيهها كانت باطلة بشرط أن يثبت ذلك.
المناط في عدم جواز الطعن على الأحكام الصادرة بناء على اليمين:
(أ) أن ينصب الطعن على ما حسمه اليمين:
حجية اليمين الحاسمة تقتصر على الواقعة التي كانت محلاً للحلف، ومن ثم فإن مؤدى ذلك أن يكون المناط في عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة بناء على هذه اليمين أن ينصب الطعن على ما حسمته هذه اليمين من نزاع لا يجوز العودة إليه بعد حلفها.
(ب) ألا تكون اليمين قد انصبت على جزء من النزاع أو مسألة أولية أو تمسك الخصم بدفاع لم يشمله اليمين:(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الرابع ، الصفحة : 1976)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 151 .
(مادة 139): إذا كلف القاضي من توجه إليه اليمين، في الدعاوى المتعلقة بالمعاملات، باليمين ونكل عنها صراحة بقوله: لا أحلف. أو دلالة بالسكوت بلا عذر - حكم القاضي بنكوله، وإذا أراد أن يحلف بعد الحكم فلا يلتفت إليه ويبقى الحكم على حاله.
(م (1751) من المجلة).
المذكرة الإيضاحية:
1- هل يفترض القضاء فور النكول - أي عقبه - بدون تراخ؟ في المسألة خلاف قال في الدر: إنه لم ير في ذلك ترجيحاً وفي تكملة الفتح أن فيه اختلافاً، ولم يذكر الترجيح أيضاً .
2- قضي عليه بالنكول، ثم أراد أن يحلف فلا يلتفت إليه، والقضاء على حاله؛ لأنه أبطل حقه بالنكول فلا ينقض القضاء. وإنما قيدنا بالقضاء؛ لأنه لو نكل ثم أراد أن يحلف بعد نكوله قبل القضاء - جاز ذلك وقبل منه؛ لأن النكول لا يصير حجة ملزمة إلا إذا اتصل به القضاء، ولو كان حلفه بعد العرض ثلاثاً - وهذه جهة أخرى - لضعف النكول؛ لأن المدعى عليه يملك إبطاله قبل القضاء مع أنه لا يملك إبطال الإقرار الصادر عنه.
3- أما لو قضي عليه بالنكول، ثم جاء المدعي بالبينة - فإنه يقضي بها كما يقضي بها بعد الإقرار، وفائدة قبولها بعد لزوم حق المدعي بالقضاء - تعدية الحكم إلى غيره.
4- لو ادعى على آخر ديناً مؤجلاً فأنكر، لا يحلف على الدين المؤجل في أظهر القولين، وعلله الحموي بأنه قبل حلول الأجل لا تسوغ له المطالبة به حتى يترتب على إنكاره التحليف.
أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (247) - (248)).
وقال في التبصرة ((1): (191)): «وإذا تم نکوله بالنطق أو الامتناع من اليمين على ما تقدم، ثم قال بعد ذلك: أنا أحلف. لم يقبل منه، ولم يلزم ذلك خصمه، إلا أن يشاء، وهذا مثل من قام له شاهد بحق وأبى أن يحلف معه ورد اليمين على المطلوب، ثم بدا له وأراد أن يحلف فليس له ذلك» .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 45 ، 46 ، 47 ، 48
(مادة 14) :
طرق القضاء هي : الإقرار ، والإستجواب ، والشهادة ، والكتابة ، واليمين ، والقرائن ، والمعاينة ، والخبرة.
المذكرة الإيضاحية :
اختلف الفقهاء في بيان أدلة ثبوت الدعوى ( أي: الحجج الشرعية أو طرق القضاء). وقد حصرها البعض في سبعة هي : البينة ، والإقرار ، واليمين ، والنكول ، والقسامة ، وعلم القاضي ، والقرينة القاطعة (الدر، ورد المحتار). وقال في التكملة : والحاصل أن القضاء في الإقرار مجاز (لأن الحق يثبت به بدون حكم ، وإنما يأمره القاضي بدفع ما لزمه بإقراره، وليس لزوم الحق بالقضاء ، فجعل الإقرار من طرق القضاء إنما هو بحسب الظاهر ، وإلا فالحق يثبت به لا بالقضاء)، والقسامة داخلة في اليمين ، وعلم القاضي مرجوح، والقرينة مما انفرد به ابن الفرس ، فرجعت الحجج التي هي أسباب الحكم إلى ثلاث - أي البينة واليمين والنكول .
(انظر أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (7) - (11) و(219) وما بعدها)
وذكر ابن القيم في الطرق الحكمية خمسة وعشرين طريقاً ترجع عند النظر، إلى:
القرائن والعلامات الظاهرة، الشهادة، اليمين، النكول، اليد (أي الحيازة)، الإنكار، الإقرار، الخط، القرعة، القافة (أي: الخبرة في أمور النسب).
وذكر ابن فرحون في التبصرة : الشهادة والخط والإقرار والقرائن والقرعة والقافة .
وفي مجلة الأحكام العدلية نجد أن طرق القضاء هي : الإقرار ، والشهادة ، واليمين ، والنكول ، والخط ، والقرينة القاطعة .
وقد ذكرت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 1931 في المادة (123) أربعة أدلة ، هي: الإقرار ، والشهادة ، والنكول عن الحلف، والقرينة القاطعة ولكنها تكلمت في الباب الثالث الخاص بالأدلة على الأدلة الخطية (في الفصل الثاني بعد الإقرار) ، ثم على اليمين والنكول (في الفصل السادس) ، وعلى المعاينة (في الفصل السابع) ، وعلى الخبرة في الفصل الثامن) ، كما تكلمت على إستجواب الخصوم (في الفصل السابع من الباب الثاني م (115) وما بعدها) وبذا زادت الأدلة فيها على الأربعة المذكورة في المادة (123) وذلك على خلاف ما ذهب إليه المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم ؛ إذ قال في طرق القضاء (ص (9) - (10)) : «أقول : إن الناظر فيما جاء في اللائحة في حجية الأوراق الرسمية والعرفية ، وفي استجواب الخصوم ومعاينة المحكمة وأهل الخبرة - يراه لا يخرج عن هذه الحجج الثلاث ؛ إذ كله يرجع إلى الإقرار ، وأن الإقرار بالكتابة كالإقرار باللسان ، وهو الذي يجب التعويل عليه كما سيأتي». ولكن بالرجوع إلى المادة (134) من تلك اللائحة نجد أنها نصت على أن الأوراق الرسمية - أكانت سندات أم محررات - تكون حجة على أي شخص كان فيها تدون بها مما لا يدخلها دائماً في الإقرار ، وكذلك إستجواب الخصوم ومعاينة المحكمة وأهل الخبرة لا تدخل دائماً في الإقرار .
وبالرجوع إلى القوانين العربية الخاصة بالإثبات نجد أنها : الأدلة الكتابية ، والشهادة ، والقرائن ، والإستجواب ، والإقرار ، واليمين ، والمعاينة ، والخبرة .
(م (1) من قانون البينات السوري ، و(11) من قانون الإثبات السوداني ، وقانون الإثبات المصري ، وانظر السنهوري ، الوسيط ، ج (2) ص (89) وما بعدها) .
وإذا ألقينا نظرة فاحصة وجدنا أن طرق إثبات الدعوى ترجع إلى: الإقرار ، والشهادة ، والكتابة ، واليمين ، والنكول ، والقرينة ، والمعاينة ، والخبرة . أما القسامة - وهي خاصة بالقضاء بالدية - فهي يمين. وأما علم القاضي فالفتوى على أنه ليس طريقاً للقضاء لفساد الزمان وهو ما أخذ به هذا القانون في المادة (6) منه. وأما القافة فهي خاصة بالنسب وهو من الأحوال الشخصية وخارج عن نطاق هذا القانون .
وقد جرت بعض التقنينات على عدم النص على طرق القضاء بإعتبار أن ذلك من عمل الفقه ، ولكن تقنينات أخرى جرت على النص عليها ، کلائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، وقانون البينات السوري ، وقانون الإثبات السوري ، وقد روعي إتباع نهج التقنينات الأخيرة في هذا القانون زيادة في البيان .
وقد سار القانون على معالجة طرق القضاء بالترتيب الآتي :
1- الإقرار .
2- إستجواب الخصوم .
3- الشهادة .
4 - الكتابة .
5- اليمين .
6- القرائن .
7- المعاينة .
8- الخبرة .
وقد روعي في هذا الترتيب نظرة الفقه الإسلامي من تقديم الإقرار بوصفه أقوى الأدلة ، يليه الإستجواب بوصفه وسيلة للإقرار ، ثم الشهادة ، ويليها الكتابة لأنها في الغالب إما أن تكون إقراراً أو شهادة، ثم اليمين ، وبقية الأدلة .
وقد خصص باب لكل طريق من هذه الطرق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 241
رَدُّ الْيَمِينِ:
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلإْمَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ صَحِيحَةٌ قُضِيَ لَهُ بِهَا. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَصْلاً، أَوْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ غَيْرُ حَاضِرَةٍ، طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ عَرْضِ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَيْهِ رُفِضَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ بِلاَ عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى مَالاً، أَوِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ، قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَلَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم «وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَقَوْلُهُ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» فَحَصَرَهَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي.
فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَدْ صَوَّبَهُ أَحْمَدُ، فَقَالَ: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ، يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ. وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ الإِْمَامُ مَالِكٌ فِي الأْمْوَالِ خَاصَّةً.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى، لِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» وَلأِنَّهُ إِذَا نَكَلَ ظَهَرَ صِدْقُ الْمُدَّعِي وَقَوِيَ جَانِبُهُ، فَتُشْرَعُ فِي حَقِّهِ، كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ نُكُولِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لاَ أَدَعُهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِف.
النُّكُولُ عَنِ الْيَمِينِ:
النُّكُولُ لُغَةً: الاِمْتِنَاعُ. يُقَالُ: نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ؛ أَيِ امْتَنَعَ عَنْهَا.
وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الاِصْطِلاَحِ إِذَا كَانَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ.
وَالنُّكُولُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَفِي أَحَدِ رَأْيَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لاَ يَكُونُ حُجَّةً يُقْضَى بِهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بَلْ إِذَا نَكَلَ فِي دَعْوَى الْمَالِ أَوْ مَا يَئُولُ إِلَيْهِ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي بِطَلَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي قُضِيَ لَهُ بِمَا طَلَبَ وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي رُفِضَتْ دَعْوَاهُ. فَقَدْ أَقَامُوا نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَقَامَ الشَّاهِدِ، إِذْ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِحَقِّهِ إِذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ، فَكَذَلِكَ يُقْضَى لَهُ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي. فَالْحَقُّ عِنْدَهُمْ لاَ يَثْبُتُ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، كَمَا لاَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ. فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ بِهِ وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لاَ تَثْبُتُ إِلاَّ بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، كَالْقَتْلِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ، فَلاَ يَمِينَ تُوَجَّهُ مِنَ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَلاَ بُدَّ لِتَوْجِيهِ الْيَمِينِ مِنْ إِقَامَةِ شَاهِدٍ عَلَى الدَّعْوَى، فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، وَلاَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي، إِذْ لاَ فَائِدَةَ فِي رَدِّهَا عَلَيْهِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ الْمُوَجَّهَةِ إِلَيْهِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ لِكَوْنِهِ بَاذِلاً أَوْ مُقِرًّا، إِذْ لَوْلاَ ذَلِكَ لأَقْدَمَ عَلَى الْيَمِينِ لِيَدْفَعَ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ. وَلاَ وَجْهَ لِرَدِّ الْيَمِينِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لأِحْمَدَ، وَهِيَ الَّتِي اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ إِنْ نَكَلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَيُحْكَمُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، كَمَا تَقَدَّمَ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع ، الصفحة / 52
الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالإِْنْكَارِ فِي الدَّعْوَى.
يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي لإِِثْبَاتِ حَقِّهِ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ دَعْوَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ الْجَوَابُ عَمَّا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ، وَإِمَّا أَنْ يُنْكِرَ.
فَإِنْ أَقَرَّ لَزِمَهُ الْحَقُّ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا وَطَلَبَ الْيَمِينَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَلَ حَكَمَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي. هَذَا طَرِيقُ الْحُكْمِ إِجْمَالاً، لِقَوْلِ النَّبِيِّ: صلي الله عليه وسلم «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلاَتٌ تُنْظَرُ فِي (إِثْبَاتٍ، وَدَعْوَى، حَلِفٍ، إِقْرَارٍ، نُكُولٍ).
مَا بِهِ يَتَحَقَّقُ الإِْنْكَارُ:
أَوَّلاً: النُّطْقُ:
يَتَحَقَّقُ الإِْنْكَارُ بِالنُّطْقِ. وَيُشْتَرَطُ فِي النُّطْقِ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا بِحَيْثُ لاَ يُحْتَمَلُ إِلاَّ الإِْنْكَارَ، كَأَنْ يَقُولَ لَمْ تُسَلِّفْنِي مَا تَدَّعِيهِ. وَهُنَاكَ أَلْفَاظٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَوْنِهَا صَرِيحَةً أَوْ غَيْرَ صَرِيحَةٍ، كَأَنْ يَقُولَ: لاَ حَقَّ لَهُ عِنْدِي. فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ إِنْكَارًا، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ. وَالْقَوْلُ الآْخَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلُ الْحَنَابِلَةِ أَنْ يَكُونَ إِنْكَارًا؛ لأِنَّ نَفْيَ الْمُطْلَقِ يَشْمَلُ نَفْيَ الْمُقَيَّدِ، فَقَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ نَفْيٌ مُطْلَقٌ لِحَقِّ الْمُدَّعِي، أَيًّا كَانَ سَبَبُهُ، فَيُعْتَبَرُ جَوَابًا كَافِيًا وَإِنْكَارًا مُوجِبًا لِلْحَلِفِ بِشُرُوطِهِ.
ثَانِيًا: الاِمْتِنَاعُ مِنَ الإِْقْرَارِ وَالإِْنْكَارِ:
لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لاَ أُقِرُّ وَلاَ أُنْكِرُ، فَقَدِ اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ امْتِنَاعِهِ هَذَا. فَقَالَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ رحمهم الله : هُوَ إِنْكَارٌ، فَيُسْتَحْلَفُ بَعْدَهُ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ - إِنَّ قَوْلَهُ لاَ أُقِرُّ وَلاَ أُنْكِرُ بِمَنْزِلَةِ النُّكُولِ، فَيَقْضِي بِلاَ اسْتِحْلاَفٍ، كَمَا يَقْضِي عَلَى النَّاكِلِ عَنِ الْيَمِينِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ حَكَمَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ الْمُقَدَّمُ عِنْدَهُمْ: إِنْ قَالَ لاَ أُقِرُّ وَلاَ أُنْكِرُ لاَ يُسْتَحْلَفُ؛ لأِنَّ هُ لَمْ يُظْهِرِ الإِْنْكَارَ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ وَيُنْكِرَ. وَفِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يُؤَدِّبُهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَإِنِ اسْتَمَرَّ عَلَى امْتِنَاعِهِ حَكَمَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ.
وَنَقَلَ الْكَاسَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُ لاَ أُقِرُّ وَلاَ أُنْكِرُ إِقْرَارٌ. وَلَمْ نَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
ثَالِثًا: السُّكُوتُ:
مَنِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَمَامَ الْقَضَاءِ فَسَكَتَ، فَفِي اعْتِبَارِ سُكُوتِهِ إِنْكَارًا أَقْوَالٌ:
الأْوَّلُ: إِنَّ سُكُوتَهُ إِنْكَارٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ؛ لأِنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ. قَالَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: لأِنَّ الدَّعْوَى أَوْجَبَتِ الْجَوَابَ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ إِمَّا إِقْرَارٌ وَإِمَّا إِنْكَارٌ، فَلاَ بُدَّ مِنْ حَمْلِ السُّكُوتِ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالْحَمْلُ عَلَى الإِْنْكَارِ أَوْلَى؛ لأِنَّ الْعَاقِلَ الْمُتَدَيِّنَ لاَ يَسْكُتُ عَنْ إِظْهَارِ الْحَقِّ الْمُسْتَحَقِّ لِغَيْرِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، فَكَانَ حَمْلُ السُّكُوتِ عَلَى الإِْنْكَارِ أَوْلَى، فَكَانَ السُّكُوتُ إِنْكَارًا دَلاَلَةً.
وَهَذَا إِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَمَا لَوْ كَانَ فِي لِسَانِهِ آفَةٌ تَمْنَعُهُ عَنِ التَّكَلُّمِ، أَوْ فِي سَمْعِهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ سَمَاعِ الْكَلاَمِ، فَلاَ يُعَدُّ سُكُوتُهُ إِنْكَارًا.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الأَْعْذَارِ أَيْضًا أَنْ يَسْكُتَ لِدَهْشَةٍ أَوْ غَبَاوَةٍ. أَمَّا الأَْخْرَسُ فَقَالُوا: إِنَّ تَرْكَهُ الإِْشَارَةَ بِمَنْزِلِهِ السُّكُوتِ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَطْلُبُ الْقَاضِي مِنَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي دُرَرِ الْحُكَّامِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ ثَانِي قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ سُكُوتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ النُّكُولِ، فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالسُّكُوتِ كَمَا يَحْكُمُ عَلَى الْمُنْكِرِ النَّاكِلِ عَنِ الْيَمِينِ، بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَهُ الْقَاضِي بِحُكْمِ سُكُوتِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: إِنْ أَجَبْتَ عَنْ دَعْوَاهُ وَإِلاَّ جَعَلْتُك نَاكِلاً وَقَضَيْتُ عَلَيْكَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. عَلَى أَنَّهُ لاَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ إِلاَّ بَعْدَ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ أَيْضًا: يَحْبِسُهُ الْقَاضِي حَتَّى يُجِيبَ عَنِ الدَّعْوَى.
غَيْبَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ إِنْكَارِهِ:
إِذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيِ الْقَاضِي، فَأَنْكَرَ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ، ثُمَّ غَابَ قَبْلَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَكَذَا إِذَا سُمِعَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْقَضَاءِ؛ لأِنَّ الشَّرْطَ قِيَامُ الإِْنْكَارِ وَقْتَ الْقَضَاءِ.
وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله ، فَقَالَ بِصِحَّةِ الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ لأِنَّ الشَّرْطَ عِنْدَهُ الإِْصْرَارُ عَلَى الإِْنْكَارِ إِلَى وَقْتِ الْقَضَاءِ، وَالإِْصْرَارُ ثَابِتٌ بَعْدَ غَيْبَتِهِ بِالاِسْتِصْحَابِ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَصْلاً.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الْحُقُوقِ كُلِّهَا وَالْمُعَامَلاَتِ وَالْمُدَايَنَاتِ وَالْوَكَالاَتِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ إِلاَّ الْعَقَارَ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيهِ إِلاَّ أَنْ تَطُولَ غَيْبَتُهُ وَيَضُرَّ ذَلِكَ بِخَصْمِهِ.
حُكْمُ الْمُنْكِرِ:
إِذَا ادُّعِيَ عَلَى إِنْسَانٍ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَ، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تُطْلَبُ مِنْ خَصْمِهِ، فَإِنْ أَقَامَهَا حُكِمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِقَامَتِهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُ الْمُنْكِرَ إِذَا طَلَبَ خَصْمُهُ تَحْلِيفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ حَكَمَ بِبَرَاءَتِهِ مِنَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فَلاَ يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ، فَإِنْ حَلَفَ الطَّالِبُ حِينَئِذٍ قَضَى لَهُ.
وَدَلِيلُ اسْتِحْلاَفِ الْمُنْكِرِ حَدِيثُ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» السَّابِقُ، وَحَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، وَفِيهِ «أَنَّ رَجُلاً مِنْ حَضْرَمَوْتَ، وَرَجُلاً مِنْ كِنْدَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي وَرِثْتُهَا عَنْ أَبِي. وَقَالَ الْكِنْدِيُّ: أَرْضِي وَفِي يَدَيَّ لاَ حَقَّ لَهُ فِيهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم : شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ قَالَ: إِنَّهُ لاَ يَتَوَرَّعُ عَنْ شَيْءٍ. قَالَ: لَيْسَ لَكَ إِلاَّ ذَلِكَ».
شَرْطُ اسْتِحْلاَفِ الْمُنْكِرِ:
انْفَرَدَ الْمَالِكِيَّةُ عَنْ بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ بِاشْتِرَاطِ شَرْطَيْنِ لاِسْتِحْلاَفِ الْمُنْكِرِ، وَعَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِ الأَْرْبَعِينَ:
أ - أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ مُخَالَطَةٌ بِدَيْنٍ أَوْ تَكَرُّرُ بَيْعٍ وَلَوْ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ، وَأَنْكَرَ، وَلَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمُنْكِرِ شَيْءٌ، وَلَمْ يُطَالَبْ بِيَمِينٍ.
وَالْمُخَالَطَةُ عِنْدَهُمْ فِي كُلِّ مُعَامَلَةٍ بِحَسْبِهَا.
وَاسْتَثْنَوْا مَوَاضِعَ تَجِبُ فِيهَا الْيَمِينُ بِدُونِ خُلْطَةٍ: مِنْهَا: أَهْلُ الظُّلْمِ، وَالضَّيْفُ، وَالْمُتَّهَمُ، وَالْمَرِيضُ، وَالصُّنَّاعُ فِيمَا ادُّعِيَ عَلَيْهِمُ اسْتِصْنَاعُهُ، وَأَرْبَابُ الأَْسْوَاقِ وَالْحَوَانِيتِ فِيمَا ادُّعِيَ عَلَيْهِمْ بَيْعُهُ، وَالرُّفَقَاءُ فِي السَّفَرِ يَدَّعِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، الْوَدِيعَةُ إِذَا ادُّعِيَتْ عَلَى أَهْلِهَا، وَالْمُزَايَدَةُ إِذَا ادُّعِيَ عَلَى مَنْ حَضَرَهَا أَنَّهُ اشْتَرَى الْمَعْرُوضَ لِلْبَيْعِ.
ب - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِمَا مَعْرُوفًا بِمِثْلِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِمِثْلِهِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: دَعْوَى، وَقَضَاءٍ، وَيَمِينٍ.
الْمَوَاضِعُ الَّتِي يُسْتَحْلَفُ فِيهَا الْمُنْكِرُ وَالَّتِي لاَ يُسْتَحْلَفُ فِيهَا:
إِنَّهُ وَإِنْ كَانَتِ الْقَاعِدَةُ أَنَّ «الْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» إِلاَّ أَنَّ بَعْضَ الأُْمُورِ لاَ اسْتِحْلاَفَ فِيهَا؛ لأِنَّ الْحُقُوقَ نَوْعَانِ:
الأَْوَّلُ: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْعِبَادَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْحُدُودِ: فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ، أَنَّ الْمُنْكِرَ يُسْتَحْلَفُ فِيهَا إِذَا اتُّهِمَ. وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ لاَ تَحِلُّ لَهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ. أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ. وَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ فِي طَلاَقِ السَّكْرَانِ: يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَانَ يَعْقِلُ، وَفِي طَلاَقِ النَّاسِي: يَحْلِفُ عَلَى نِسْيَانِهِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لاَ اسْتِحْلاَفَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَصْلاً. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الزَّكَاةِ، وَبِهِ قَالَ طَاوسٌ وَالثَّوْرِيُّ.
الثَّانِي: حُقُوقُ الْعِبَادِ. أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الاِسْتِحْلاَفِ فِي الأَْمْوَالِ، وَاخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهَا:
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ: يُسْتَحْلَفُ فِي جَمِيعِ حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لاَ يُسْتَحْلَفُ إِلاَّ فِي كُلِّ دَعْوَى لاَ تَحْتَاجُ إِلَى شَاهِدَيْنِ. وَعَنْ أَحْمَدَ: لاَ يُسْتَحْلَفُ إِلاَّ فِيمَا يَصِحُّ بَذْلُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: لاَ يُسْتَحْلَفُ إِلاَّ فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ.
وَمَثَّلَ لَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ بِمَنِ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ، وَلِلْ مَيِّتِ وَصِيٌّ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ، فَأَنْكَرَ. فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حَكَمَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْوَصِيِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لأِنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَالْوَصِيُّ لاَ يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ، فَلاَ فَائِدَةَ فِي تَحْلِيفِهِ.
وَهَذَا الْخِلاَفُ الْمُتَقَدِّمُ فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ هُوَ فِي غَيْرِ الْمُؤْتَمَنِ، أَمَّا الْمُؤْتَمَنُ فَفِيهِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ، عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لأِنَّ هُ مُنْكِرٌ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ: «الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ».
الثَّانِي: لاَ يَمِينَ؛ لأِنَّ هُ صَدَّقَهُ، وَلاَ يَمِينَ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ.
الثَّالِثُ: وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ. لاَ يَمِينَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يُتَّهَمَ؛ لأِنَّ هُ إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تُنَافِي مَعْنَى الاِئْتِمَانِ فَقَدِ اخْتَلَّ الاِئْتِمَانُ.
وَتَفْصِيلُ مَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّ الاِسْتِحْلاَفَ لاَ يَكُونُ فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ، بِأَنْ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَذَفَهَا بِمَا يُوجِبُ اللِّعَانَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ؛ لأِنَّ الْحُدُودَ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَاللِّعَانُ فِي مَعْنَاهَا، فَلاَ يُؤْخَذُ فِيهِمَا بِالنُّكُولِ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُمْ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ فِي النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْفَيْءِ فِي الإِْيلاَءِ وَالرِّقِّ وَالاِسْتِيلاَدِ وَالْوَلاَءِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُسْتَحْلَفُ فِيهَا. وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. وَقِيلَ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ رَآهُ مُتَعَنِّتًا يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ رَآهُ مَظْلُومًا لاَ يُحَلِّفُهُ أَخْذًا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
ثُمَّ قَدْ قَالَ صَاحِبُ الأَْشْبَاهِ: لاَ يُسْتَحْلَفُ فِي إِحْدَى وَثَلاَثِينَ صُورَةً. وَنَقَلَ هَذَا صَاحِبُ الدُّرِّ وَعَدَّدَهَا بِالتَّفْصِيلِ، وَأَضَافَ إِلَيْهَا هُوَ وَابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الصُّوَرِ مَا تَمَّتْ بِهِ تِسْعًا وَسِتِّينَ صُورَةً.
حُكْمُ الإِْنْكَارِ كَذِبًا:
يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الإِْنْكَارُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي عِنْدَهُ حَقٌّ وَكَانَ مُبْطِلاً فِي دَعْوَاهُ. أَمَّا إِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَالِمًا بِحَقِّ الْمُدَّعِي عِنْدَهُ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ الإِْنْكَارُ.
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَسْأَلَتَيْنِ يَجُوزُ فِيهِمَا الإِْنْكَارُ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ:
الأُْولَى: دَعْوَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، كَمَا إِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ فِيهِ كَذَا، فَلِلْبَائِعِ - وَلَوْ كَانَ وَاقِفًا عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ - أَنْ يُنْكِرَ وُجُودَهُ حَتَّى يَثْبُتَهُ الْمُشْتَرِي، وَيَرُدَّهُ إِلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ بِدَوْرِهِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى مَنْ بَاعَهُ إِيَّاهُ.
الثَّانِيَةُ: لِوَصِيِّ الْمُتَوَفَّى أَنْ يُنْكِرَ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ.
هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي دُرَرِ الْحُكَّامِ. وَفِي شَرْحِ الأَْتَاسِيِّ عَلَى الْمَجَلَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَسُوغُ لَهُ الإِْنْكَارُ إِنْ تَحَقَّقَتْ حَاجَتُهُ إِلَى الْبَيِّنَةِ. قَالَ: وَهَذَا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: اسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يُعْذَرُ فِي الإِْنْكَارِ، وَإِنْ عَلِمَ صِدْقَ الْمُدَّعِي، إِذْ لَوْ أَقَرَّ هُوَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِالْيَمِينِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا نَصَبَ الْقَاضِي مُسَخَّرًا (أَيْ مُمَثِّلاً لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ) يُنْكِرُ عَنِ الْبَائِعِ جَازَ لِلْمُسَخِّرِ الإِْنْكَارُ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا. وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِالْمَصْلَحَةِ. وَلَعَلَّهُمْ يَقْصِدُونَ مَصْلَحَةَ تَمْكِينِ الْمُدَّعِي مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِتَكُونَ الْبَيِّنَةُ بِنَاءً عَلَى إِنْكَارِ مُنْكِرٍ.
وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ الإِْنْكَارُ فِي حَالِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ أَوِ الْمَالِ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ بَابِ الإِْكْرَاهِ. قَالُوا: إِذَا اسْتَخْفَى الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنَ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ الَّذِي يُرِيدُ دَمَهُ أَوْ مَالَهُ، فَسَأَلَهُ السُّلْطَانُ عَنْهُ، فَسَتَرَ عَلَيْهِ، وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: احْلِفْ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَك، فَحَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي؛ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَدَمِهِ، أَوْ مَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ. أَمَّا إِنْ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَقِيَهُ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أُجِرَ فِيمَا فَعَلَ، وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ فِيمَا حَلَفَ.
قَالُوا: وَكَذَلِكَ فَعَلَ مَالِكٌ فِي هَذَا بِعَيْنِهِ. أَمَّا التَّخَلُّصُ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْمَأْزِقِ بِالتَّأْوِيلِ وَالتَّوْرِيَةِ فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (تَوْرِيَةٌ).
جَحَدَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ كَذِبًا، إِنْ كَانَ الآْخَرُ جَاحِدًا لِحَقِّهِ:
ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْحَدَهُ حَتَّى فِي حَالَةِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ قِبَلَ الْمُدَّعِي، وَكَانَ الْمُدَّعِي قَدْ جَحَدَهُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ.
وَلأِنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ دَيْنِهِ، كَأَنْ يَكُونَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا ذَهَبًا وَدَيْنُ الآْخَرِ فِضَّةً، فَإِنَّ الْجَحْدَ هُنَا يَكُونُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ وَلَوْ تَرَاضَيَا. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْمُقَاصَّةِ، وَهِيَ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي. إِذَنْ لَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ حَقِّهِ بِغَيْرِ صَاحِبِهِ.
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ لِلْمَدِينِ جَحْدُ دَيْنِ مَنْ جَحَدَ دَيْنَهُ، إِذَا كَانَ عَلَى الْجَاحِدِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ، فَتَحْصُلُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَ الدَّيْنَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُهَا لِلضَّرُورَةِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ دُونَ مَا لِلآْخَرِ جَحَدَ مِنْ حَقَّةِ بِقَدْرِهِ.
وَلَمْ نَجِدْ لِلْحَنَفِيَّةِ تَعَرُّضًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
تَعْرِيضُ الْقَاضِي بِالإِْنْكَارِ فِي الْحُدُودِ:
لِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ تَعْرِيضِ الْقَاضِي بِالإِْنْكَارِ لِلْمُقِرِّ بِحَدٍّ، ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ - أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لَدَى الْحَاكِمِ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ دَعْوَى بِمَا يَسْتَوْجِبُ عُقُوبَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ، فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ عَنِ الإِْقْرَارِ. وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى سَبِيلِ الاِسْتِحْبَابِ.
وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم لِمَاعِزٍ لَمَّا أَقَرَّ بِالزِّنَى: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ.
وَقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم لِلَّذِي أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ. «مَا أَخَالُكَ سَرَقْتَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ لِلشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِالإِْنْكَارِ فِي ذَلِكَ أَصْلاً.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا، أَنَّهُ يَعْرِضُ لَهُ بِالرُّجُوعِ إِنْ كَانَ الْمُقِرُّ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ. فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ لاَ يَعْرِضُ لَهُ.
أَمَّا التَّصْرِيحُ بِالرُّجُوعِ عَنِ الإِْقْرَارِ بِالْحَدِّ، وَتَلْقِينُ الْمُقِرِّ ذَلِكَ، فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ.
قَالُوا: لاَ يَقُولُ لَهُ: «ارْجِعْ عَنْ إِقْرَارِكَ» وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَقَالُوا: لاَ بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ الرُّجُوعَ.
وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ التَّصْرِيحِ. وَيُؤَيِّدُهُ احْتِجَاجُ صَاحِبِ الْمُغْنِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ أُتِيَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ قَدْ سَرَقَتْ، فَقَالَ لَهَا: (أَسَرَقْتِ؟ قُولِي: لاَ) فَقَالَتْ: لاَ. فَخَلَّى سَبِيلَهَا.
الضَّمَانُ بَعْدَ إِنْكَارِ الْحَقِّ:
إِذَا أَنْكَرَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ طَلَبِ رَبِّهَا لَهَا، دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ إِنْكَارِهِ، كَأَنْ كَانَتْ دَابَّةً فَمَاتَتْ، أَوْ دَارًا فَانْهَدَمَتْ، يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، وَيَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا؛ لأِنَّ هُ بِإِنْكَارِهِ لَهَا يَكُونُ غَاصِبًا؛ وَلأِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ الْوَدِيعَةَ وَإِنْكَارِ الْمُودِعِ لَهَا؛ لأِنَّ هُ بِإِنْكَارِهِ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنِ الْحِفْظِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَيَبْقَى مَالُ الْغَيْرِ بِيَدِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَيَكُونُ مَضْمُونًا، فَإِذَا هَلَكَ ضَمِنَهُ.
وَلَوْ أَنَّ الْمُودِعَ عَادَ بَعْدَ إِنْكَارِهِ، فَأَقَرَّ الْوَدِيعَةَ، لَمْ يَزُلْ عَنْهُ الضَّمَانُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَضْمَنُ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بِالإِْنْكَارِ، إِلاَّ إِنْ نَقَلَهَا مِنْ مَكَانِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الإِْنْكَارِ، إِنْ كَانَتْ مِمَّا يُنْقَلُ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ بَعْدَ الْجُحُودِ، فَهَلَكَتْ، لاَ يَضْمَنُ.
أَمَّا إِنْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إِلَى صَاحِبِهَا بَعْدَ الإِْنْكَارِ وَقَبْلَ تَلَفِهَا فَيَزُولُ الضَّمَانُ، فَلَوْ أَوْدَعَهُ إِيَّاهَا مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ.
قَطْعُ مُنْكِرِ الْعَارِيَّةِ:
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لاَ قَطْعَ عَلَى مُنْكِرِ الْوَدِيعَةِ أَوِ الْعَارِيَّةِ أَوِ الأَْمَانَةِ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِهِمْ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الأَْخْذِ مِنْ حِرْزٍ. قَالُوا: وَلِحَدِيثِ: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلاَ مُنْتَهِبٍ، وَلاَ مُخْتَلِسٍ، قَطْعٌ.
وَالْخَائِنُ هُوَ جَاحِدُ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا.
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ، عَدَمُ وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِمْ، إِلاَّ جَاحِدَ الْعَارِيَّةِ خَاصَّةً يَجِبُ قَطْعُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ سَارِقٌ؛ لِمَا وَرَدَ «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا.
قَالَ أَحْمَدُ: لاَ أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: فِي حَدِيثِ الْمَخْزُومِيَّةِ هَذَا، إِنَّ أَكْثَر رِوَايَاتِهِ أَنَّهَا «سَرَقَتْ» فَيُؤْخَذُ بِهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ وَتَجْحَدُ، وَكَانَتْ تَسْرِقُ فَقُطِعَتْ لَسَرِقَتِهَا لاَ لِجُحُودِهَا.
وَيَرْجِعُ فِي تَفْصِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْخِلاَفُ فِيهَا إِلَى مُصْطَلَحِ: (سَرِقَةٌ).
الإِْنْكَارُ بَعْدَ الإِْقْرَارِ:
مَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُ فِي الْحُدُودِ الَّتِي لِحَقِّ اللَّهِ، أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ:
أ - الإِْنْكَارُ بَعْدَ الإِْقْرَارِ بِمَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ:
لَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِالزِّنَى أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ حَقُّ اللَّهِ، ثُمَّ أَنْكَرَهُ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ اتِّجَاهَاتٌ ثَلاَثَةٌ:
الأَْوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالْقَوْلُ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَلْزَمُهُ حُكْمُ إِقْرَارِهِ، بَلْ إِذَا رَجَعَ وَأَنْكَرَ السَّبَبَ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، أَوْ أَنْكَرَ إِقْرَارَهُ بِهِ، أَوْ أَكْذَب الشُّهُودَ - أَيْ شُهُودَ الإِْقْرَارِ - سَقَطَ الْحَدُّ، فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ رُجُوعُهُ أَثْنَاءَ إِقَامَةِ الْحَدِّ سَقَطَ بَاقِيهِ.
قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ: لأِنَّ الرُّجُوعَ خَبَرٌ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ، كَالإِْقْرَارِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُكَذِّبُهُ فِيهِ، فَتَتَحَقَّقُ الشُّبْهَةُ فِي الإِْقْرَارِ، بِخِلاَفِ مَا فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَهُوَ الْقِصَاصُ وَحَدُّ الْقَذْفِ؛ لِوُجُودِ مَنْ يُكَذِّبُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا هُوَ حَقٌّ خَالِصٌ لِلشَّرْعِ. وَمِثْلُ حَدِّ الزِّنَى فِي ذَلِكَ حَدُّ السَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ. الثَّانِي: أَنَّ الْحَدَّ إِذَا ثَبَتَ بِالإِْقْرَارِ لَمْ يَسْقُطْ بِإِنْكَارِهِ أَوِ الرُّجُوعِ عَنْهُ.
وَهَذَا قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي السَّرِقَةِ خَاصَّةً. الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ قَالَهُ أَشْهَبُ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ الرُّجُوعَ لاَ يُقْبَلُ إِلاَّ بِأَمْرٍ يُعْذَرُ بِهِ الْمُقِرُّ - لاَ مُطْلَقًا - وَمِثَالُ مَا يُعْذَرُ بِهِ الْمُقِرُّ أَنْ يَقُولَ وَطِئْتُ زَوْجَتِي أَوْ أَمَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ زِنًى.
ب - الإِْنْكَارُ بَعْدَ الإِْقْرَارِ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لِلْعِبَادِ:
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: حُقُوقُ الآْدَمِيِّينَ وَحُقُوقُ اللَّهِ الَّتِي لاَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ لاَ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْ إِقْرَارِهِ بِهَا. لاَ نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا.
حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا ثَبَتَ الْمَالُ؛ لأِنَّ هُ حَقُّ الْعَبْدِ، وَسَقَطَ الْقَطْعُ؛ لأِنَّ هُ حَقُّ اللَّهِ. غَيْرَ أَنَّ الشُّبْهَةَ الَّتِي عَرَضَتْ مِنَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي رُجُوعِهِ عَنْ إِقْرَارِهِ، دَعَتْ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَقُولُوا إِنَّ الْقَاضِيَ، إِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي إِقْرَارٍ، لاَ يَقْضِي عَلَيْهِ إِلاَّ بَعْدَ اسْتِحْلاَفِ خَصْمِهِ أَنَّ الإِْقْرَارَ لَمْ يَكُنْ بَاطِلاً.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ وَأَقْبَضَ الْهِبَةَ، أَوْ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَبِيعَ، أَوْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ، ثُمَّ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَسَأَلَ إِحْلاَفَ خَصْمِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لأِنَّ دَعْوَاهُ تَكْذِيبٌ لإِِقْرَارِهِ؛ وَلأِنَّ الإِْقْرَارَ أَقْوَى مِنَ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ فَقَالَ: حَلِّفُوهُ لِي مَعَ بَيِّنَتِهِ لَمْ يُسْتَحْلَفْ. فَكَذَلِكَ هُنَا.
قَالَ: وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يُسْتَحْلَفُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِالإِْقْرَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَيُحْتَمَلُ صِحَّةُ مَا قَالَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحْلَفَ خَصْمُهُ لِنَفْيِ الاِحْتِمَالِ.
أَثَرُ جُحُودِ الْعُقُودِ فِي انْفِسَاخِهَا:
إِذَا جَحَدَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْعُقُودِ اللاَّزِمَةِ - غَيْرَ النِّكَاحِ - لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى إِنْكَارِهِ لَهُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ، وَكَانَ لِلآْخَرِ التَّمَسُّكُ بِالْعَقْدِ، وَلَهُ بَعْدَ الإِْثْبَاتِ الْمُطَالَبَةُ بِتَنْفِيذِهِ. لَكِنْ إِنْ رَضِيَ هَذَا الآْخَرُ بِالْفَسْخِ قَوْلاً، أَوْ بِتَرْكِهِ الْخُصُومَةَ مَعَ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى بِالْفَسْخِ، كَنَقْلِهِ الْمَبِيعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ. فَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ: اشْتَرَيْتُ مِنِّي هَذِهِ الدَّابَّةَ، وَأَنْكَرَ الآْخَرُ الشِّرَاءَ، فَرَضِيَ الْبَائِعُ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى الشِّرَاءَ بَعْدَ رِضَى الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ لاَ يُقْبَلُ؛ لاِنْفِسَاخِ الْعَقْدِ.
أَمَّا النِّكَاحُ فَلَوْ جَحَدَ الرَّجُلُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ، ثُمَّ ادَّعَى الزَّوَاجَ وَبَرْهَنَ، يُقْبَلُ مِنْهُ بُرْهَانُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأِنَّ النِّكَاحَ لاَ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بِسَائِرِ الأَْسْبَابِ فَكَذَا بِهَذَا السَّبَبِ.
وَيُوَافِقُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْحَنَفِيَّةَ عَلَى أَنَّ إِنْكَارَ الزَّوْجِ النِّكَاحَ لاَ يَكُونُ فَسْخًا، وَلَيْسَ هُوَ أَيْضًا طَلاَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَلَوْ نَوَاهُ؛ لأِنَّ الْجُحُودَ هُنَا لِعَقْدِ النِّكَاحِ، لاَ لِكَوْنِهَا امْرَأَتَهُ. بِخِلاَفِ مَا لَوْ قَالَ: لَيْسَتْ هِيَ امْرَأَتِي، فَإِنَّهُ إِنْ نَوَى الطَّلاَقَ وَقَعَ طَلاَقًا. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لَوْ نَوَى الطَّلاَقَ بِجَحْدِ النِّكَاحِ يَكُونُ طَلاَقًا، كَأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلاَقِ.
أَثَرُ إِنْكَارِ الرِّدَّةِ فِي حُصُولِ التَّوْبَةِ مِنْهَا:
إِذَا ثَبَتَتْ رِدَّةُ إِنْسَانٍ بِالْبَيِّنَةِ، فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ارْتَدَّ، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ الإِْنْكَارِ مِنْهُ تَوْبَةً قَوْلاَنِ:
الأَْوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ مَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالرِّدَّةِ، وَهُوَ يُنْكِرُهَا، وَهُوَ مُقِرٌّ بِالتَّوْحِيدِ وَبِمَعْرِفَةِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم وَبِدِينِ الإِْسْلاَمِ، فَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهُ، لاَ لِتَكْذِيبِ الشُّهُودِ، بَلْ لأِنَّ إِنْكَارَهُ تَوْبَةٌ وَرُجُوعٌ، فَيُمْتَنَعُ الْقَتْلُ فَقَطْ، وَتَثْبُتُ بَقِيَّةُ أَحْكَامِ الرِّدَّةِ، كَحُبُوطِ عَمَلٍ وَبُطْلاَنِ وَقْفٍ... إِلَخْ.
الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: يُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ اسْتُتِيبَ، فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ قُتِلَ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَالِكِيَّةُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ مِنْ كَلاَمِهِمْ. هَذَا وَقَدْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ ثُبُوتُ رِدَّتِهِ بِالإِْقْرَارِ. فَإِنَّ إِنْكَارَهُ يَكُونُ تَوْبَةً، وَلاَ يَتَعَرَّضُ لَهُ، كَمَا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ. وَلَمْ نَجِدْ لِغَيْرِ الْحَنَابِلَةِ نَصًّا فِي ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَوْضِعُ اتِّفَاقٍ.
الصُّلْحُ مَعَ الإِْنْكَارِ:
الصُّلْحُ عَقْدٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الإِْصْلاَحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ. وَالصُّلْحُ فِي الأَْمْوَالِ نَوْعَانِ: صُلْحٌ مَعَ الإِْنْكَارِ، وَصُلْحٌ مَعَ الإِْقْرَارِ. وَالصُّلْحُ مَعَ الإِْنْكَارِ عِنْدَمَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرَى أَنَّهُ لاَ حَقَّ عَلَيْهِ، فَيَدْفَعُ إِلَى الْمُدَّعِي شَيْئًا افْتِدَاءً لِيَمِينِهِ وَقَطْعًا لِلْخُصُومَةِ، وَصِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنِ التَّبَذُّلِ بِالْمُخَاصَمَةِ فِي مَجَالِسِ الْقَضَاءِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ مِثْلِ هَذَا الصُّلْحِ، فَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ.
وَأَمَّا مَتَى كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِالْحَقِّ فَصَالَحَ عَنْهُ بِبَعْضِهِ، فَهُوَ الْمُسَمَّى بِالصُّلْحِ مَعَ الإِْقْرَارِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي نَوْعَيِ الصُّلْحِ تَحْتَ عُنْوَانِ (صُلْحٌ).
إِنْكَارُ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ:
لاَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُنْكِرَ شَيْئًا مِنْ دِينِ الإِْسْلاَمِ.
وَلَكِنْ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ لاَ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، إِلاَّ إِنْ كَانَ مَا أَنْكَرَهُ أَمْرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ قَدْ عُلِمَ قَطْعًا مَجِيءُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم بِهِ. كَوُجُوبِ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمُنْكِرُ جَاهِلاً بِالْحُكْمِ وَلاَ مُكْرَهًا، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْحُودُ قَدْ عَلِمَ مَجِيءَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم بِهِ بِالضَّرُورَةِ، أَيْ عِلْمًا ضَرُورِيًّا لاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلاَلٍ. أَوْ كَمَا عَبَّرَ الْبَعْضُ: يَعْرِفُهُ كُلُّ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ فِي مُسَايَرَةٍ: وَأَمَّا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الضَّرُورَةِ، كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الاِبْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْتِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَظَاهِرُ كَلاَمِ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ الإِْكْفَارُ بِجَحْدِهِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْرِطُوا سِوَى الْقَطْعِ فِي الثُّبُوتِ. وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ شَرَطَ كَوْنَهُ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ فَلاَ يَكْفُرُ عِنْدَهُ مَنْ جَحَدَ مِثْلَ هَذَا الْحُكْمِ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَسَائِلَ الإِْجْمَاعِيَّةَ تَارَةً يَصْحَبُهَا التَّوَاتُرُ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَتَارَةً لاَ يَصْحَبُهَا. فَالأَْوَّلُ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ لِمُخَالَفَتِهِ التَّوَاتُرَ لاَ لِمُخَالَفَتِهِ الإِْجْمَاعَ. وَنَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ مَنِ اشْتَرَطَ فِي الْمَجْحُودِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّهُمُ اشْتَرَطُوا لِمَا يَكْفُرُ بِإِنْكَارِهِ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لاَ شُبْهَةَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُنْتَهَى: مَنْ جَحَدَ حُكْمًا ظَاهِرًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ - بِخِلاَفِ (نَحْوِ) فَرْضِ السُّدُسِ لِبِنْتِ الاِبْنِ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ إِجْمَاعًا قَطْعِيًّا لاَ سُكُوتِيًّا؛ لأِنَّ فِيهِ - أَيِ الإِْجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ - شُبْهَةً، كَجَحْدِ تَحْرِيمِ الزِّنَى، أَوْ جَحْدِ تَحْرِيمِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، أَوْ مُذَكَّاةِ بَهِيمَةِ الأَْنْعَامِ وَالدَّجَاجِ، وَمِثْلُهُ لاَ يَجْهَلُهُ لِكَوْنِهِ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَعَرَفَ حُكْمَهُ، وَأَصَرَّ عَلَى الْجَحْدِ، كَفَرَ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَحْتَ عُنْوَانِ (رِدَّةٌ).
ثَانِيًا الإِْنْكَارُ فِي الْمُنْكَرَاتِ
إِنْكَارُ الْمُنْكَرِ هُوَ النَّهْيُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ بِالْيَدِ أَوِ بِاللِّسَانِ، أَوْ بِالْقَلْبِ. فَمَنْ رَأَى حُدُودَ اللَّهِ تُنْتَهَكُ شُرِعَ لَهُ التَّغْيِيرُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ».
وَتَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الأَْمْرِ، وَبَيَانِ آدَابِ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ يُنْظَرُ تَحْتَ عُنْوَانِ. (الأَْمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ).
هَذَا، وَإِنَّ تَرْكَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم الإِْنْكَارَ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الأَْفْعَالِ، أَوْ مَا يَسْمَعُهُ مِنَ الأَْقْوَالِ، يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوِ الْقَوْلِ، وَأَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ شَرْعًا. وَهَذَا التَّرْكُ هُوَ أَحَدُ أُصُولِ الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَيُسَمِّيهِ الأُْصُولِيُّونَ (الإِْقْرَارَ) أَوِ (التَّقْرِيرَ) وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ مَبَاحِثِهِ تَحْتَ عُنْوَانِ (تَقْرِيرٌ) وَفِي بَابِ (السُّنَّةِ) مِنَ الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والأربعون ، الصفحة / 359
نُكُولٌ
التَّعْرِيفُ:
النُّكُولُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ نَكَلَ - بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا - كَضَرَبَ وَنَصَرَ وَعَلِمَ: نَكَصَ وَجَبِنَ، وَيُقَالُ: نَكَلَ الرَّجُلُ عَنِ الأْمْرِ وَعَنِ الْعَدُوِّ وَعَنِ الْيَمِينِ يَنْكُلُ نُكُولاً: إِذَا جَبُنَ عَنْهُ، وَنَكَّلَهُ عَنِ الشَّيْءِ - بِتَشْدِيدِ الْكَافِ - إِذَا صَرَفَهُ عَنْهُ، وَالنَّاكِلُ: الْجَبَانُ الضَّعِيفُ، وَالنَّكَلُ - بِفَتْحِ الْكَافِ - مِنَ التَّنْكِيلِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَالتَّنْحِيَةُ عَمَّا يُرِيدُهُ الإْنْسَانُ، وَمِنْهُ النُّكُولُ فِي الْيَمِينِ، وَهُوَ الاِمْتِنَاعُ مِنْهَا، وَتَرْكُ الإْقْدَامِ عَلَيْهَا. وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ النُّكُولَ: بِأَنَّهُ امْتِنَاعُ مَنْ وَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ مِنْهَا.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْيَمِينُ:
الْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ: الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: تَقْوِيَةُ أَحَدِ طَرَفَيِ الْخَبَرِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ تَعْلِيقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ. وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالنُّكُولِ أَنَّ الْيَمِينَ تُفِيدُ قَطْعَ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ بِخِلاَفِ النُّكُولِ.
ب - الإْقْرَارُ:
الإْقْرَارُ لُغَةً: الاِعْتِرَافُ
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الإْخْبَارُ عَنْ ثُبُوتِ حَقٍّ لِلْغَيْرِ عَلَى الْمُخْبِرِ. وَالصِّلَةُ بَيْنَ النُّكُولِ وَالإْقْرَارِ أَنَّ النُّكُولَ بَدَلٌ عَنِ الإْقْرَارِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ.
حَقِيقَةُ النُّكُولِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ النُّكُولِ عَلَى أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: أَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ، أَمَّا مَا لاَ يَسْتَحْلَفُ فِيهِ وَهُوَ النِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ وَالْفَيْءُ فِي الإْيلاَءِ وَالرِّقِّ وَالاِسْتِيلاَدِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلاَءِ وَالْحُدُودِ وَاللِّعَانِ فَلاَ يَحْتَمِلُ الْبَذْلَ فَلاَ تَحْتَمِلُ النُّكُولَ وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْيَمِينَ لاَ تَبْقَى وَاجِبَةً مَعَ النُّكُولِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِقْرَارًا، لأِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ النَّاكِلِ كَاذِبًا فِي إِنْكَارِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ لَمَا امْتَنَعَ مِنَ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ، فَكَانَ نُكُولُهُ إِقْرَارًا، وَيُحْتَمَلُ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَذْلاً، لأِنَّ الْعَاقِلَ الدَّيِّنَ كَمَا يَتَحَرَّجُ عَنِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، يَتَحَرَّجُ عَنِ التَّغْيِيرِ وَالطَّعْنِ بِالْيَمِينِ بِبَذْلِ الْمُدَّعَى بِهِ، إِلاَّ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْبَذْلِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الإْقْرَارِ، لأِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِ إِقْرَارًا تَكْذِيبُ النَّاكِلِ فِي إِنْكَارِهِ السَّابِقِ، وَلَوْ جُعِلَ بَذْلاً لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ ذَلِكَ، بَلْ تَنْقَطِعُ الْخُصُومَةُ بِلاَ تَكْذِيبٍ، فَكَأَنَّ النَّاكِلَ قَالَ لِلْمُدَّعِي: لَيْسَ هَذَا لَكَ وَلَكِنِّي لاَ أَمْنَعُكَ عَنْهُ وَلاَ أُنَازِعُكَ فِيهِ، فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَكْذِيبٍ، فَكَانَ هَذَا أَوْلَى صِيَانَةً لِلْمُسْلِمِ عَنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ الْكَذِبُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: يَرَى أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النُّكُولَ فِيمَا يَحْتَمِلُ الإْقْرَارَ بِهِ شَرْعًا إِقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ سَوَاءٌ احْتَمَلَ الْبَذْلَ أَوْ لاَ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ النُّكُولَ إِقْرَارٌ: بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ النَّاكِلِ كَاذِبًا فِي إِنْكَارِهِ السَّابِقِ، إِذْ لَوْلاَ ذَلِكَ لأَقْدَمَ عَلَى الْيَمِينِ إِقَامَةً لِلْوَاجِبِ، وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَانَ نُكُولُهُ إِقْرَارًا دَلاَلَةً، إِلاَّ أَنَّهُ دَلاَلَةٌ قَاصِرَةٌ فِيهَا شُبْهَةُ الْعَدَمِ، لأِنَّهُ فِي نَفْسِهِ سُكُوتٌ وَهَذِهِ الأْشْيَاءُ تَثْبُتُ بِدَلِيلٍ قَاصِرٍ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ النُّكُولَ لَيْسَ كَالإْقْرَارِ وَلاَ يُعْتَبَرُ بَيِّنَةً بَلْ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَهَذَا هُوَ أَيْضًا قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ فِي غَيْرِ دَعَاوَى التُّهْمَةِ، أَمَّا دَعَاوَى التُّهْمَةِ فَالنُّكُولُ فِيهَا عِنْدَهُمْ تُعْتَبَرُ كَالإْقْرَارِ فِي الْمَشْهُورِ وَالْمُرَادُ بِدَعْوَى التُّهْمَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الدَّعْوَى الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحَلَّ اتِّهَامٍ وَشَكٍّ كَالصُّنَّاعِ وَالسُّرَّاقِ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: إِنَّ النُّكُولَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ كَالإْقْرَارِ بِالْحَقِّ أَوْ بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَبِهِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ لاَ يَتَأَتَّى جَعْلُ النَّاكِلِ مُقِرًّا بِالْحَقِّ مَعَ إِنْكَارِهِ لَهُ، وَلَيْسَ النُّكُولُ كَبَذْلِ الْحَقِّ، لأِنَّ الْبَذْلَ قَدْ يَكُونُ تَبَرُّعًا وَلاَ تَبَرُّعَ هُنَا.
الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ عَلَى أَقْوَالٍ ثَلاَثَةٍ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ (عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ بَعْضِهِمْ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يُقْضَى بِهِ فِيهَا). رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَأَبِي مُوسَى الأْشْعَرِيِّ رضي الله عنهما، وَشُرَيْحٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الدَّعَاوَى الْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ فَإِنَّ السَّارِقَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْمَالِ، فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ وَلاَ يُقْطَعُ.
وَأَمَّا فِي دَعَاوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوِ الأْطْرَافِ فَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِيهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَكِنْ يُقْضَى بِالأْرْشِ وَالدِّيَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لاَ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي دَعْوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ لاَ بِالْقِصَاصِ وَلاَ بِالدِّيَةِ وَإِنَّمَا يُحْبَسُ النَّاكِلُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ.
وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُولِ لأِنَّ الأْطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الأْمْوَالِ فَيَجْرِي فِيهَا الْبَذْلُ بِخِلاَفِ الأْنْفُسِ فَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَبِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ.
وَأَمَّا الْحُدُودُ: كَالزِّنَا، وَالشُّرْبِ، فَلاَ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُولِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْحُدُودِ لاَ يُقْضَى فِيهِ بِشَيْءٍ، وَلاَ يُسْتَحْلَفُ الْقَاذِفُ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُسْتَحْلَفُ فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْحَدِّ، وَقِيلَ: إِنْ نَكَلَ عَنِ الْحَلِفِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالتَّعْزِيرِ دُونَ الْحَدِّ.
وَأَمَّا التَّعَازِيرُ فَيُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُولِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. وَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي اللِّعَانِ عِنْدَهُمْ. فَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى تَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ، أَوِ الرَّجْعَةِ أَوِ الْفَيْءِ فِي الإْيلاَءِ، أَوِ الرِّقِّ، أَوِ الاِسْتِيلاَدِ، أَوِ النَّسَبِ، أَوِ الْوَلاَءِ، فَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلاَ يُسْتَحْلَفُ الْمُنْكِرُ، وَيُسْتَحْلَفُ فِيهَا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَيُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُولِ إِنْ نَكَلَ عَنِ الْحِلِفِ.
وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ فِي دَعْوَى التُّهْمَةِ: كَأَنْ يُتَّهَمَ شَخْصٌ بِسَرِقَةِ مَالِ غَيْرِهِ، فَلاَ يَحْلِفُ الطَّالِبُ وَإِنَّمَا تُوَجَّهُ الْيَمِينُ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَغَرَمَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ.
وَقَالَ ابْنُ جَزِيٍّ: إِذَا أَتَى الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ فَلاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي الأْمْوَالِ أَوْ فِي الطَّلاَقِ وَالْعِتَاقِ أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِي الأْمْوَالِ أَوْ فِيمَا يَئُولُ إِلَيْهَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيِّنَ الْعَدَالَةِ وَقُضِيَ لَهُ، وَإِنْ شَهِدَ لَهُ امْرَأَتَانِ حَلَفَ مَعَهُمَا، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوِ الْمَرْأَتَيْنِ انْقَلَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الطَّلاَقِ أَوْ فِي الْعِتَاقِ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ وَوَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ فَقَالَ أَشْهَبُ: يُقْضَى عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُحْبَسُ سَنَةً لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى الاِمْتِنَاعِ مِنْهُمَا خُلِّيَ سَبِيلُهُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُحْبَسُ أَبَدًا حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، وَإِنْ كَانَ فِي النِّكَاحِ أَوِ الرَّجْعَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَانَ الشَّاهِدُ كَالْعَدَمِ.
وَقَالَ: إِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ لِمَنْ لاَ تَصِحُّ مِنْهُ الْيَمِينُ. كَالصَّغِيرِ وَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَقِيلَ يُوقَفُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَمْلِكَ أَمْرَ نَفْسِهِ وَيُسْتَحْلَفُ حِينَئِذٍ فَإِنْ حَلَفَ وَجَبَ لَهُ الْحَقُّ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ أُخِذَ الْحَقُّ مِنْهُ.
وَالأْصْلُ الْمُقَرَّرُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَلاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، لَكِنْ قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ، وَحِينَئِذٍ مِنَ الأْصْحَابِ مَنْ يَقُولُ بِالْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ كَمَنْ طُولِبَ بِزَكَاةٍ فَادَّعَى دَفْعَهَا إِلَى سَاعٍ آخَرَ، أَوْ غَلِطَ خَارِصٌ، أَوْ مُسْقِطًا آخَرَ، سُنَّ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إِذَا أَلْزَمْنَاهُ الْيَمِينَ عَلَى رَأْيٍ فَنَكَلَ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْيَمِينِ لِعَدَمِ انْحِصَارِ الْمُسْتَحَقِّ، فَالأْصَحُّ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ الضَّعِيفِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ لاَ لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ بَلْ لأِنَّ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى مِلْكِ النِّصَابِ وَالْحَوْلِ عِنْدَ جُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاصِّ - وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ - هُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُولِ وَسَبَبُهُ الضَّرُورَةُ.
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى مَالاً، أَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالَ، وَأَمَّا الدَّعَاوَى غَيْرُ الْمَالِيَّةِ وَالَّتِي لاَ يُقْصَدُ بِهَا الْمَالُ فَلاَ يُقْضَى فِيهَا بِالنُّكُولِ، هَذَا هُوَ مَا عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ، وَلِهَذَا فَلاَ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي دَعَاوَى الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوْ مَا دُونَهَا، وَدَعَاوَى الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى: كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَنُقِلَ عَنْهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُقْضَى بِالنُّكُولِ فِي الْقَذْفِ، فَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَذَفَهُ وَاسْتُحْلِفَ الْقَاذِفُ فَنَكَلَ، فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ لَهُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لاَ يُقْضَى فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِالنُّكُولِ.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ، أَمَّا الْمَنْقُولُ فَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى
بِلَفْظِ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ».
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْهُمَا أَنَّ لَفْظَةَ «عَلَى» فِي الْحَدِيثَيْنِ تُفِيدُ الْوُجُوبَ، فَأَفَادَا وُجُوبَ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمُقْتَضَى إِيجَابِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَانْحِصَارِهَا فِي جَانِبِهِ أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ.
وَمَا رُوِيَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بَاعَ غُلاَمًا لَهُ بِثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: بِالْغُلاَمِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي. فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَاعَنِي عَبْدًا وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ بَاعَهُ الْغُلاَمُ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَحْلِفَ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاضِيًا بِالْبَصْرَةِ فَاخْتَصَمَتْ إِلَيَّ امْرَأَتَانِ فِي سِوَارٍ، فَطَلَبْتُ الْبَيِّنَةَ مِنَ الْمُدَّعِيَةِ فَلَمْ أَجِدْ، وَعَرَضْتُ الْيَمِينَ عَلَى الأْخْرَى فَنَكَلَتْ، فَكَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُوسَى، فَوَرَدَ كِتَابُهُ: أَنْ أَحْضِرْهُمَا وَاتْلُ عَلَيْهِمَا قَوْلَهُ تَعَالَى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآْخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ثُمَّ اعْرِضِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهَا فَإِنْ نَكَلَتْ فَاقْضِ عَلَيْهَا.
وَمَا رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ الْمُنْكِرَ طُلِبَ مِنْهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، فَقَالَ لَهُ: لَيْسَ لَكَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ وَقَضَى بِالنُّكُولِ بَيْنَ يَدَيْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: قَالُونَ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ الرُّومِ بِمَعْنَى: أَصَبْتَ.
وَمَا رَوَى مُغِيرَةُ عَنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ قَالَ: نَكَلَ رَجُلٌ عِنْدَ شُرَيْحٍ عَنِ الْيَمِينِ، فَقَضَى عَلَيْهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا أَحْلِفُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: قَدْ مَضَى قَضَائِي وَقَدْ كَانَتْ قَضَايَا شُرَيْحٍ لاَ تَخْفَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ، فَيَكُونُ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ.
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي قَبْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْجَوَابُ، وَهُوَ جَوَابٌ يُوَصِّلُهُ إِلَى حَقِّهِ وَهُوَ الإْقْرَارُ، فَإِذَا فَوَّتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِإِنْكَارِهِ حَوَّلَهُ الشَّرْعُ إِلَى الْيَمِينِ خَلَفًا عَنْ أَصْلِ حَقِّهِ، فَإِذَا مَنَعَهُ الْحَلِفَ يَعُودُ إِلَيْهِ أَصْلُ حَقِّهِ، لأِنَّهُ لاَ يُتَمَكَّنُ مِنْ مَنْعِ الْحَلِفِ شَرْعًا إِلاَّ بِإِيفَاءِ مَا هُوَ أَصْلُ الْحَقِّ.
وَإِنَّهُ ظَهَرَ صِدْقُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ عِنْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُقْضَى لَهُ بِمَا ادَّعَى بِهِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ، وَدَلاَلَةُ الْوَصْفِ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ظُهُورِ الصِّدْقِ فِي خَبَرِهِ إِنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ عَارَضَهُ النُّكُولُ، لأِنَّهُ كَانَ صَادِقًا فِي إِنْكَارِهِ، فَلَمَّا نَكَلَ زَالَ الْمَانِعُ لِلتَّعَارُضِ، فَظَهَرَ صِدْقُ دَعْوَاهُ.
وَبِأَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى كَوْنِهِ بَاذِلاً، إِنْ كَانَ النُّكُولُ بَذْلاً، أَوْ مُقِرًّا بِالْحَقِّ إِنْ كَانَ النُّكُولُ إِقْرَارًا، إِذْ لَوْلاَ ذَلِكَ لأَقْدَمَ عَلَى الْيَمِينِ إِقَامَةً لِلْوَاجِبِ - لأِنَّهَا وَاجِبَةٌ - وَدَفْعًا لِضَرَرِ الدَّعْوَى عَنْ نَفْسِهِ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ كَوْنِهِ بَاذِلاً إِنْ تَرَفَّعَ أَوْ مُقِرًّا إِنْ تَوَرَّعَ، لأِنَّ التَّرَفُّعَ أَوِ التَّوَرُّعَ إِنَّمَا يَحِلُّ إِذَا لَمْ يُفْضِ إِلَى الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ.
وَبِأَنَّ الدَّعْوَى لَمَّا صَحَّتْ مِنَ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ بَذْلِ الْمَالِ وَبَيْنَ الْيَمِينِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا - وَأَحَدُهُمَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ دُونَ الآْخَرِ - نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فِيمَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، وَهَذَا لأِنَّ تَمْكِينَهُ مِنَ الْمُنَازَعَةِ شَرْعًا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَحْلِفَ، فَإِذَا أَبَى ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ تَارِكًا لِلْمُنَازَعَةِ بِتَفْوِيتِ شَرْطِهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لاَ أُنَازِعُكَ فِي هَذَا الْمَالِ، فَيَتَمَكَّنُ الْمُدَّعِي مِنْ أَخْذِهِ، لأِنَّهُ يَدَّعِيهِ وَلاَ مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ.
وَبِأَنَّ الْيَمِينَ بَيِّنَةٌ فِي الْمَالِ، فَحُكِمَ فِيهَا بِالنُّكُولِ، كَمَا لَوْ مَاتَ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ فَوَجَدَ الإْمَامُ فِي تَذْكِرَتِهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إِنْسَانٍ فَطَالَبَهُ بِهِ، فَأَنْكَرَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ، فَنَكَلَ، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الْيَمِينَ لاَ تُرَدُّ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ قَضَى لَهُ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ انْقَطَعَتِ الْمُنَازَعَةُ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ بَعْضِهِمْ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يُقْضَى بِهِ فِيهَا.
رُوِيَ هَذَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأْسْوَدِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما، وَهُوَ قَوْلُ الأْوْزَاعِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَوْلاَنِ فِي ذَلِكَ، أَحَدُهُمَا: رَدُّ الْيَمِينِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُدَّعِي مُتَّهَمًا رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ.
وَالْقَوْلُ بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ، وَهِيَ الَّتِي يَدَّعِي فِيهَا الْمُدَّعِي عِلْمَهُ بِصِفَةِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَدْرِهِ، بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَتَحَقَّقُ أَنَّ لِي عِنْدَكَ دِينَارًا أَوْ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا، إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْحَلِفِ فِي الدَّعْوَى الْمَالِيَّةِ، أَوْ تِلْكَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِحَقِّ الْمَالِ، كَالْخِيَارِ وَالأْجَلِ، إِذَا لَمْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَمْ تَكُنْ لِلطَّالِبِ بَيِّنَةٌ بِحَقِّهِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ فِي نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التُّهْمَةِ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ رَدَّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ صَوَّبَهُ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي بِأَدِلَّةٍ مِنَ الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ، أَمَّا الْمَنْقُولُ فَمِنْهُ: قوله تعالى: ( أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ) أَيْ بَعْدَ الاِمْتِنَاعِ مِنَ الأْيْمَانِ الْوَاجِبَةِ، فَدَلَّ عَلَى نَقْلِ الأْيْمَانِ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ.
وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ».
وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُولِ بِأَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ قَدْ يَكُونُ لِجَهْلِهِ بِالْحَالِ وَتَوَرُّعِهِ عَنِ الْحَلِفِ عَلَى مَا لاَ يَتَحَقَّقُهُ، أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْ عَاقِبَةِ الْيَمِينِ، أَوْ تَرَفُّعًا عَنْهَا مَعَ عِلْمِهِ بِصِدْقِهِ فِي إِنْكَارِهِ، فَلاَ يَكُونُ النُّكُولُ حُجَّةً فِي الْقَضَاءِ مَعَ الشَّكِّ وَالاِحْتِمَالِ، وَلاَ يَتَعَيَّنُ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صِدْقُ الْمُدَّعِي، فَلاَ يَجُوزُ الْحُكْمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، فَإِذَا حَلَفَ كَانَتْ يَمِينُهُ دَلِيلاً عِنْدَ عَدَمِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لاَ يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ، وَلاَ يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا يُحْبَسُ النَّاكِلُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لاَ أَدَعُهُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ، وَيَأْخُذُ هَذَا الْحُكْمَ بَعْضُ الْمَسَائِلِ عِنْدَ الْمَذَاهِبِ الأْرْبَعَةِ. قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا ادَّعَى وَلِيُّ الدَّمِ الْقَتْلَ الْعَمْدَ أَوِ الْخَطَأَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَوْ بَعْضِهِمْ لاَ بِأَعْيَانِهِمْ، فَنَكَلُوا عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، إِذْ يُحْبَسُ هَؤُلاَءِ حَتَّى يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا، وَلاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِمْ وَلاَ تُرَدُّ الأْيْمَانُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَوْ طُولِبَ مَنْ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ بِهَا فَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ لأَِنَّ الْيَمِينَ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ حَقٌّ مَقْصُودٌ بِنَفْسِهِ لاَ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الدِّيَةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّيَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَارِثُ بْنُ الأَْزْمَعِ لِسَيِّدِنَا عُمَرَ رضي الله عنه: أَتُحَلِّفُنَا وَتُغَرِّمُنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: فَبِمَ يَبْطُلُ دَمُ هَذَا؟ فَإِذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً بِنَفْسِهَا فَمَنِ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ حَقٍّ مَقْصُودٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الأْدَاءِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ، كَمَنِ امْتَنَعَ عَنْ قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ، بِخِلاَفِ الْيَمِينِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بِنَفْسِهَا بَلْ هِيَ وَسِيلَةٌ إِلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْمَالُ الْمُدَّعَى، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، بَلْ إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَرِئَ، أَوَلاَ تَرَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُقِرَّ وَبَذَلَ الْمَالَ لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَهَهُنَا لَوْ لَمْ يَحْلِفُوا وَلَمْ يُقِرُّوا وَبَذَلُوا الدِّيَةَ لاَ تَسْقُطُ عَنْهُمُ الْقَسَامَةُ فَدَلَّ أَنَّهَا مَقْصُودَةٌ بِنَفْسِهَا فَيُجْبَرُونَ عَلَيْهَا بِالْحَبْسِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْقَسَامَةِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ فِي السِّجْنِ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَفِي الْجَلاَّبِ: إِنْ طَالَ حَبْسُهُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ سَنَةٍ ضُرِبَ مِائَةً وَأُطْلِقَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَرِّدًا وَإِلاَّ خُلِّدَ فِي السِّجْنِ. وَفِي وَجْهٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يُتَعَذَّرُ فِيهَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالَّتِي مِنْهَا: مَا إِذَا مَاتَ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ فَادَّعَى الْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبُهُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَجَدَهُ فِي تَذْكِرَتِهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ بِالْحَقِّ أَوْ يَحْلِفَ، وَمِنْهَا: مَا لَوِ ادَّعَى وَصِيُّ الْمَيِّتِ عَلَى وَارِثِهِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ مَثَلاً فَأَنْكَرَ الْوَارِثُ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَسَابِقَتِهَا.
وَالْقَوْلُ بِحَبْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى فِي غَيْرِ الْمَالِ، أَوْ فِيمَا لاَ يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ.

