مذكرة المشروع التمهيدي للمادة 417 الملغاة من القانون المدني والمقابلة للمادة 121 من قانون الإثبات:
تضمن التقنين الفرنسي (المادة 1369) والتقنين الإيطالي ( المادة 1377) والتقنين الهولندي (المادة1979) و التقنين البرتغالي ( المادة 2533) و المشروع الفرنسي الإيطالي ( المادة 322) نصاً بشأن يمين التقويم رغم أنها لا تعرض إلا في النادر من الأحوال عملاً، وقد أغفل التقنين المصري هذه اليمين، وتجري المحاكم عادة على التزام مبادئ العدالة في هذا الشأن.
وتنصب يمين التقويم على تحديد قيمة الشيء المدعى به، فهي تفترض أن الوفاء بالشيء عينا قد استحال وإلا كان التقويم عديم الجدوى ، ولذلك لا توجه، هذه اليمين إلا للمدعي .
وقد تكفل النص بتعيين الشروط الواجب توافرها لقبول يمين التقويم ، فاشترط أولاً أن يكون تحديد القيمة بطريقة أخرى متعذراً، واشترط كذالك أن يعين القاضي حداً أقصى للقيمة التي يحلف عليها المدعي .
وعلة هذا التقييد أن القاضي يركن إلى ذمة المدعى لتقدير قيمة مصالحه الذاتية . التي أما فيما يتعلق بالحجية ، فيمين التقويم واليمين المتممة بمنزلة سواء، فيمين التقويم لا تقيد القاضي ، فله أن يقضي بمبلغ أقل من المبلغ المحلوف عليه ، إذا كان مبالغاً في تقدير هذا المبلغ .
(المصدر: مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، الجزء الثالث: صفحة 364 وما بعدها)
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن اليمين لغةً هو الإخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فهو لا يعتبر عملًا مدنيًا فحسب بل هو أيضًا عمل ديني ، فطالب اليمين يلجأ إلى ذمة خصمه ، والحالف عندما يؤدي اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه وقد نصت مواد الباب السادس من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 في المواد من 114 حتى 130 على طلب اليمين الحاسمة وشروط توجيهها ويستدل منها على أن اليمين ملك للخصم لا للقاضي ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى القاضي أن يجيب الخصم لطلبه متى توافرت شروط توجيهها وهي أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام ويجوز للقاضي أن يرفضها إذا كانت غير منتجة أو كان في توجيهها تعسف من الخصم، وخلاصة القول أن توجيه اليمين الحاسمة احتكام لضمير الخصم لحسم النزاع كله أو في شقٍ منه عندما يعوز الخصم الدليل لإثبات دعواه لا سيما عندما يتشدد القانون في اقتضاء أدلة معينة للإثبات ويتمسك الخصم الآخر بذلك، فإن حلفها الخصم فقد أثبت إنكاره لصحة الادعاء ويتعين رفضه، وإن نكل كان ذلك بمثابة إقرار ضمني بصحة الادعاء ووجب الحكم عليه بمقتضى هذا الإقرار، وكان كل طلب أو وجه دفاع يدلي به الخصم لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى ، يجب على محكمة الموضوع - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تجيب عليه بأسبابٍ خاصة، فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرًا. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن طلب توجيه اليمين الحاسمة للمطعون ضده ليحلف بأن الأموال التي قام بتحويلها إليه كانت على سبيل الدين وأن ذمته مشغولة بها، وإذ كانت الواقعة محل الحلف متعلقة بالنزاع ومنتجة فيه ، ورفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب بمقولة أن اليمين غير حاسمة في إثبات براءة ذمته من الأموال المطالب بها بصرفها في الغرض المخصصة من أجله ولم يقدم الدليل على ذلك، وهو قول من الحكم لا يواجه دفاع الطاعن، ولا يصلح ردًا عليه على الرغم من أنه دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه .
( الطعن رقم 16542 لسنة 91 ق - جلسة 27 / 9 / 2022 )
2- التقادم الحولى المنصوص عليه فى المادة 378 من القانون المدنى يقوم على قرينة الوفاء ، و هى " مظنة " رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه - هى يمين الإستيثاق - و أوجب " على من يتمسك بأن الحق تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً " بينما لا يقوم التقادم الخمسى المنصوص عليه فى المادة 375 على تلك القرينة . و إذ كان الثابت فى الدعوى أن الطاعن أنكر على المطعون ضدها حقها فى فروق الأجر مما لا محل معه لإعمال حكم المادة 378 من القانون المدنى و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر و أعمل حكم المادة 375 من ذلك القانون ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً و يكون النعى على غير أساس .
(الطعن رقم 279 لسنة 38 جلسة 1974/05/25 س 25 ع 1 ص 935 ق 153)
3- التقادم المنصوص عليه فى المادة 378 من القانون المدنى وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فى هذه الأشياء ، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ماصرفوه لحساب عملائهم ، وحقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات يقوم على قرينة الوفاء ، وهى " مظنة " رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه وهى يمين الإستيثاق وأوجب " على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً " بينما التقادم المنصوص عليه فى المادة 698 وهو لايقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل لايقوم على هذه المظنة ولكن على إعتبارات من المصلحة العامة هى ملاءمة إستقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل سواء ، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الإستيثاق لإختلاف العلة التى يقوم عليها ويدور معها ، وإذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى فى قضائه على أن التقادم المنصوص عليه فى المادة 698 من القانون المدنى " هو تقادم عام ومطلق لم يقيده الشارع بأى إجراء آخر كتوجيه يمين الإستيثاق أو غيرها " فإنه لايكون قد خالف القانون
(الطعن رقم 335 لسنة 31 جلسة 1966/01/12 س 17 ع 1 ص 102 ق 14)
على أنه إذا تعلق اليمين المتممة بتحديد قيمة المدعى به ، وهو ما يسمى بيمين التقويم ، فليس للقاضي توجيه اليمين للمدعي إلا إذا استحال تحديد هذه القيمة بأية طريقة أخرى من طرق الإثبات . ويجب على القاضي عند توجيه اليمين عندئذٍ أن يحدد للمدعى حد أقصى للقيمة التي يصدق فيها المدعى بيمينه (121 إثبات).
صور خاصة لليمين التكميلية :
تعرف التشريعات صوراً خاصة لليمين التكميلية تهمنا منها صورتان يعرفهما القانون المصرى . وهاتان هما :
أ- يمين التقويم : القاضي أن يوجه اليمين إلى أحد الخصوم «لتحديد قيمة المدعى به» (مادة 121 ق. الإثبات) . وهذا هو يمين التقويم . ويمكن تعريفه بأنه اليمين الذي يوجهه القاضي إلى المدعي لكي يخبره إخباراً مؤكداً بحلف اليمين بقيمة شئ يطلب رده عندما يستحيل تقدير هذه القيمة بدليل آخر.
ومثاله أن يودع شخص طرداً لدى آخر ، ويهلك الطرد بخطأ المودع لديه ولا يمكن تحديد قيمة ما يحويه، فيحلف المدعي على هذه القيمة .
ويتميز يمين التقويم عن الصورة العادية لليمين التكميلية بما يلي :
أ- أنه يفترض أن الطلب في أساسه ثابت تماماً لا ينقصه أي تكملة ، فالمشكلة فقط في تقدير قيمة المطلوب .
ب- أن هذه القيمة يستحيل إثباتها بطريقة أخرى غير حلف اليمين . ( 121/ 1 ق . الإثبات).
جـ- أن القاضي لا يملك توجيه يمين التقويم إلى أي من الخصمين ، فهو إن رأى توجيهها يجب عليه توجيهها إلى المدعي .
د- أن القاضي عندما يوجه اليمين ، عليه أن يعين الحد الأقصى للمبلغ الذي يصدق عليه المدعى بيمينه . ( 121/ 2 إثبات) . وهذا التعيين للحد الأقصى من جانب القاضي ، يستطيع أن يعدله إلى الوقت الذي يحلف فيه الخصم ، فإن حلف إلتزم القاضي بالحكم وفقاً لهذا التعيين . وذلك على أساس ما سبق ذكره بالنسبة للصورة العادية لليمين التكميلية.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 241)
وموضوع يمين التقويم هو كما نرى من النص ، تقدير قيمة شيء واجب ترد وتعذر رده ، فيقضى بقيمته مثل ذلك وديعة أو عارية هلكت بتعد ، يقضى بقيمتها للمودع أو المعير ، ومثل ذلك أيضاً بيع أو إيجار فسخ ، وتعذر رد المبيع أو العين المؤجرة بتقصير من المشترى أو المستأجر ، فيقضى بالقيمة للبائع أو المؤجر، ولكن هذه القيمة استحال تقديرها بأى طريق –ولو بطريق الخبراء على أساس تعيينها بالوصف - فلم يعد مناص من الرجوع فى قيمتها إلى المدعى ، فيوجه إليه القاضى يمين التقويم . ومن هنا نرى أن الخصم الذى توجه إليه هذه اليمين المتممة هو دائماً المدعى الذي يطالب باسترداد الشيء ، دون المدعى عليه المطلوب منه الرد،. ثم أن موضوع اليمين هو دائماً المبلغ الذى يقدر به المدعى قيمة الشيء المطلوب رده، على ألا يجاوز هذا المبلغ حداً أقصى بعينه القاضى بحسب تقديره وفقاً لما يستلخصه من ظروف الدعوى، وفى هاتين الخصيتين تختلف أحكام يمين التقويم عن أحكام اليمين المتممة الأصلية .
ولكن أحكام هذه اليمين تتفق مع أحكام اليمين المتممة الأصلية فى أنها لا يجوز ردها على الخصم الآخر ، وفى أن القاضى لا يتقيد بموجبها،. فللقاضي أن يحكم بأقل من المبلغ الذي حلف عليه الخصم أو بأكثر ، لاسيما إذا قدم أحد الخصمين بعد الحلف عناصر جديدة يستطيع القاضى أن يستهدى بها فى تقدير قيمة الشيء، كذلك للمحكمة الاستئنافية أن تنقص أو تزيد فى المبلغ الذى قضت به المحكمة الإبتدائية .
ولما كان النص مستحدثاً كما قدمنا ، فلا يكون له أثر رجعى ، وهو لا يسرى بما له من خصائص يختلف فيها عن اليمين المتممة الأصلية، إلا من 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ، عن التزامات بالرد نشأت منذ هذا التاريخ.(الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور/ عبد الرزاق السنهوري، تنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، الطبعة الثانية 1982 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني المجلد الأول ، الصفحة : 770)
موضوع يمين التقديم هو تقدير قيمة شيء واجب الرد وتعذر زده فيقضي بقيمتها للمودع أو المعير ومثل ذلك أيضاً بيع أو إيجار فسخ وتعذر رد البيع أو العين المؤجرة بتقصير من المشتري أو المستأجر فيقضي بالقيمة للبائع أو المؤجر ولكن هذه القيمة استحال تقديرها بأي طريق ولو بطريق الخبراء على أساس تعيينها بالوصف فلم يعد مناص من الرجوع في قيمتها إلى المدعى فيوجه إليه القاضي يمين التقويم ومن هنا فإن الخصم الذي توجه إليه هذه اليمين المتممة هو دائماً المدعي الذي يطالب باسترداد الشيء دون المدعى عليه المطلوب منه الرد. ثم أن موضوع اليمين هو دائماً المبلغ الذي يقدر به المدعي قيمة الشيء المطلوب رده على ألا يجاوز هذا المبلغ حداً أقصى يعينه القاضي بحسب تقديره وفقاً لما يستخلص من ظروف الدعوى، وفيه هاتين الحالتين تختلف أحكام يمين التقويم عن أحكام اليمين المتممة الأصلية. ( الدكتور السنهوري في الوسيط الجزء الثاني المجلد الأول ص 770 وما بعدها).
ثالثاً: ويمين التقويم وتسمى أحياناً يمين التقدير تظهر الحاجة إليها بنوع خاص في السرقات والودائع الاضطرارية ووديعة المسافر وغير ذلك مما يجب رده أو رد قيمته عند عدم إمكان استرداد الشيء أو عدم إمكان العثور عليه أو فقده أو هلاكه مع عدم إمكان الاستدلال على قيمته بأي وجه آخر ويرى المستشار أحمد نشأت أنه لا يستطيع الموافقة على أن هذه اليمين لا توجه في جميع الأحوال إلا إلى المدعى لأنه قد يودع شخص آخر شيئاً وديعة اضطرارية فيفقده المودع له ويقر به ويكون محل ثقة القاضي كما أن تحديد القيمة قد يكون شيء من المجازفة على أنه يمكن للقاضي أن يلجأ لي الشهرة العامة أو الشهادة بالتسامع ولا يكفي أن يقدر القاضي قيمة الشيء فقط بل يجب عليه أن يضيف إليها تعويض ما عساه يكون قد حصل من ضرر بسبب عدم رجوع الشيء إلى صاحبه وظاهر من طبيعة هذه اليمين ومن حرية القاضي تقديرها ومما جاء في المذكرة الإيضاحية أنه يمكن للقاضي أن يحكم بمبلغ أقل مما حدد المدعى بل ويجوز له أن يحكم بأكثر إذا ما قدم المدعى عليه أو المدعی مستندات بذلك قبل الحكم ويجوز للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بأكثر أو بأقل مما حكمت به محكمة أول درجة.
(المستشار أحمد نشأت في رسالة الإثبات الجزء الثاني ص 177 وما بعدها) .(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 349)
تسمى اليمين التي نصت عليها هذه المادة يمين التقويم وموضوعها كما يبين من النص تقدير قيمة شئ واجب الرد وتعذر رده فيقضي بقيمته مثل ذلك دعوى استرداد الشيء المسروق أو المودع عند عدم إمكان العثور عليه وورده عيناً فيقضي بقيمتها للمودع أو المعير ولكن هذه القيمة استحال تقديرها بأي طريق ولو بطريق الخبراء على أساس تعيينها بالوصف فلم يعد مناص من الرجوع في قيمتها إلى المدعي فيوجه إليه القاضي يمين التقويم والخصم الذي توجه إليه هذه اليمين هو دائماً المدعي الذي يطالب باسترداد الشئ دون المدعى عليه المطلوب منه الرد، ويعين للقاضي حداً أقصى للقيمة التي يمكن أن يصدق فيها المدعي بيمينه، ومن حيث حجيتها فلا تقيد القاضي فيجوز أن يقضي بمبلغ أقل من المبلغ المحلوف عليه إذا أنس مبالغة في تقديره.
(الوجيز للسنهوری ص 710، والوجيز في الإثبات لسليمان مرقص 163).(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الرابع ، الصفحة : 1436)
تعريف يمين التقويم:
اليمين التي تنص عليها المادة تسمى ب «يمين التقويم» ويطلق عليها البعض أيضاً يمين التقدير (6)، وهي صورة من اليمين المتممة وتندرج تحت نص الفقرة الأولى من المادة (119) من قانون الإثبات المتعلق باليمين المتممة بوجه عام.
ويمكن تعريفها بأنها اليمين التي توجه إلى المدعي في دعوى استرداد شيء أصبح رده بعينه مستحيلاً، ولا تكون هناك ثمة وسيلة التقدير قيمته غير التعويل على أحد الخصمين، ويكون التحليف على قيمة هذا الشيء.
شروط توجيه يمين التقويم
يجب توافر شرطين لتوجيه يمين التقويم هما:
1) أن يكون موضوع الدعوى استرداد شيء صار رده بعينه مستحيلاً وألا يكون ثمة وسيلة أخرى لتقدير قيمة ذلك الشيء، ولو كان عن طريق الخبراء.
ومثال ذلك دعوى استرداد شيء مسروق أو وديعة أو عارية هلكت بتعد وتعذر ردها عيناً، فإنه من الواجب رد قيمتها للمجني عليه أو المودع أو المعير ومثال ذلك أيضاً بيع أو إيجار فسخ وتعذر رد المبيع أو الشيء المؤجر بتقصير من المشتري أو المستأجر.
ولكن لما كان تقدير هذه القيمة قد استحال بأي طريق ولو بطريق الخبراء على أساس تعينيها بالوصف، فإنه لا مناص من الرجوع في قيمتها إلى المدعي، فيكلف القاضي المدعى بحلف اليمين على صحة تقويمه لهذا الشيء.
2) أن يعين القاضي حداً أقصى للقيمة التي يمكن أن يصدق فيها المدعي بيمينه.
وعلة هذا التحديد أن القاضي يركن إلى ذمة المدعى لتقدير قيمة مصلحة شخصية له.
حجية يمين التقويم:
يمين التقويم - كما ذكرنا سلفاً - صورة من اليمين المتممة، ولذلك فهي لا تقيد القاضي، فيجوز له أن يقضي بمبلغ أقل من المبلغ المحلوف عليه إذا أنس مبالغة في تقديره، وكذلك يجوز للمحكمة الاستئنافية أن تزيد أو تنقص ما قضت به محكمة أول درجة.
يمين الاستيثاق
هذه اليمين توجه في حالتين نص عليهما القانون، ونعرض لهما فيما يلي:
أولاً : اليمين المنصوص عليها بالمادة (378) من التقنين المدني :
تنص المادة (378) من التقنين المدني على أن:
تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية:
حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها الأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم.
ب) حقوق العمال والخدم والأجراء، من أجور يومية وغير يومية، ومن ثمن ما قاموا به من توريدات.
2) ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائه، إن كانوا قصراً، بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء.
توجيه يمين الاستيثاق :
تنص المادة في فقرتها الأخيرة على أن: «ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصراً بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء».
وهذه اليمين يمين استيثاق، فالقانون بعد أن جعل مدة التقادم سنة واحدة، وجعل من غذا التقادم قرينة على الوفاء، أراد أن يعزز هذه القرينة - وقد اعتبرها دليلاً غير كامل - بيمين متممة يحلفها المدين على واقعة شخصية له هي أداؤه الدين فعلاً.
فلا يكفي إذن أن يدفع المدين بالتقادم الحولي، بل يجب أن يقرر حصول الوفاء ويؤيد ذلك بحلفه اليمين، فإذا رفض أداءها لا تبرأ ذمته لأن النكول عن اليمين هو إقرار بعدم الوفاء.
ويجب على القاضي توجيه هذه اليمين إلى المدين ولو لم يطلب الدائن توجيهها إليه. وتوجه اليمين بالصيغة الواردة بالمادة وهو أنه: «أدى الدين فعلاً».
وهذه اليمين يجوز توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى، كما يجوز توجيهها أمام محكمة الاستئناف.
وإذا كان المدين قد مات ودفع ورثته بالتقادم الحولي وجب على القاضي أن يوجه يمين العلم (الاستيثاق) إلى ورثته أو إلى أوليائهم أو أوصيائهم إن كانوا قصراً ليقرروا أنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء. وهذه اليمين هي في الواقع احتكام لذمة الورثة عن واقعة تتعلق بشخصهم وهي علمهم بأمر معين، إذ لا يمكن أن يكونوا على جهل تام بمعاملات مورثهم، أما إذا أنكر الورثة وجود الدين في ذمة مورثهم فقد سقط حقهم في الدفع بالتقادم.
ولا يجوز توجيه اليمين إلى أمين التفليسة أو المصفي أو المدير الأعمال غيره لأن الفقرة الثانية من المادة قد أوردت الأشخاص الذين يجوز استحلافهم على سبيل الحصر، ولأن المفروض في الورثة علمهم بمعاملات مورثهم كما وأن الوصي ليس شخصاً أجنبياً عن القاصر لأنه في الغالب أحد أقربائه، أما أمين التفليسة مثلاً فهو شخص أجنبي عن المفلس.
ولكن إذا قرر أمين التفليسة أو المصفي أو المدير أنه دفع بنفسه فإنه يجوز توجيه اليمين إليه لأنها على واقعة متعلقة بشخصه وهي الادعاء بحصول الوفاء.
وكذلك لا ينطبق النص على البائع المتجول الذي يحمل بضائعه لبيعها للجمهور ولا على الزارع الذي يبيع منتجاته للمستهلك مباشرة.
ولا ينطبق أيضاً على الجمعية التعاونية المنزلية لانتفاء صفة التاجر بالمعنى المعروف عنها.
وهذه اليمين يسهل اعتبارها حاسمة، لأن القاضي ملزم بتوجيهها، سواء أراد الخصم أو ثم يرد، ولا يسهل اعتبارها متممة، لأنه يجب على القاضي أن يوجهها وأن يأخذ بنتيجتها، وبعبارة أخرى يمكن القول بأنها حاسمة من وجه ومتممة من وجه آخر - حاسمة من حيث نتيجتها، ومتممة لأن القاضي هو الذي يوجهها ولو لم يرد الخصم. وقد يقال أنها يمين حاسمة بحكم القانون، لأن القانون هو الذي أوجبها، ولم يترك توجيهها لمجرد إرادة الخصم وجعل نتيجتها حاسمة، ولذا فضل البعض أن يعبر عنها باليمين المتممة بحكم "قانون ، لأن بها تتم قرينة حصول الوفاء المستنتجة من مضى 60 يوماً أي قرينة التخلص بمضي المدة المذكورة.
(ثانياً) اليمين المنصوص عليها في المادة (14) من قانون الإثبات: تنص المادة (14) من قانون الإثبات على أن: «يعتبر المحرر العرفي صادراً ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة.
أما الوارث أو الخلف فلا يطلب منه الإنكار، ويكفي أن يحلف يميناً بأنه لا يعلم أن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق.
ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع».
ويرى البعض أنه لا يمكن اعتبار هذه اليمين حاسمة لأنها لا تحسم النزاع في موضوع الدعوى، إذ يجب بعد حلفها إجراء التحقيق الذي أوجبه القانون للوقوف على صحة التوقيع أو عدم صحته حتى يمكن للقاضى الفصل في الدعوى، ولا يمكن اعتبار هذه اليمين متممة لأنه لا توجد قرينة يصح أن تكملها هذه اليمين التي لا تسمح للقاضي أن يصدر حكماً في الدعوى إلا بعد التحقيق.
ويذهب رأي آخر إلى أن النص المذكور يتكلم عن يمين عدم العلم، وهذه اليمين لا تعزز دليلاً أصلياً في الإثبات، بل هي تساعد الورثة على اتخاذ موقف المنكر للورقة العرفية، فهي لا تثبت شيئاً، ولكنها تنشئ موقفاً بيد أنها على كل حال يمين متممة من نوع خاص، إذ يستكمل بها من حلفها الشروط القانونية اللازمة لدفع حجية الورقة العرفية في الإثبات، ومن هذه الناحية وحدها يمكن اعتبارها في كثير من التجاوز يمين استيثاق.(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الرابع ، الصفحة : 2008 )

