loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية،  الجزء الرابع ،

روعي في صياغة هذه المادة النص على حق المحكمة في أن تقرر الانتقال لمعاينة المتنازع فيه دون تحديده بأن يكون عقاراً أو منقولاً، وذلك حتى تتسع هذه العبارة العامة للمنقول والعقار ولكل ما يقع عليه النزاع (المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات القديم).

الأحكام

1- مؤدى نص المادة 28 من قانون التحكيم المشار إليه أنه من سلطة هيئة التحكيم أن تجتمع فى أى مكان تراه مناسباً للقيام بأى إجراء من إجراءات التحكيم ومن ذلك المعاينة ، وقد خلا هذا النص من وجوب التوقيع على محضر المعاينة من كاتب إلى جانب رئيس هيئة التحكيم ولو كان المشرع قد أراد ذلك لنص عليه صراحة على نحو ما أوردته المادة 36 من ذات القانون التى تخص تقرير الخبراء حيث نصت على أنه لهيئة التحكيم تعيين خبير أو أكثر لتقديم تقرير مكتوب أو شفهى يثبت فى محضر الجلسة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم استناداً لنص المادة 25 من قانون المرافعات والمادة 131 من قانون الإثبات لبطلان المعاينة التى أجرتها هيئة التحكيم بدون حضور كاتب يحرر محضراً بالأعمال المتعلقة بها ، فى حين أن ذلك لم يستوجبه قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وأن هذا البطلان أثر فى الحكم لاستناده إلى المعاينة الباطلة فيما انتهى إليه من قضاء ، فإن الحكم المطعون فيه بتلك الأسباب يكون معيباً .

(الطعن رقم 4721 لسنة 73 جلسة 2007/12/27) 

2- إذ كان الثابت أن الطاعن ركن إلى ملف الضرائب للتدليل على ما بذله من جهد فى سبيل أداء مهنته ، و عاب على تقرير الخبير المقدم قصوره فى البحث بسبب عدم الإطلاع على الملف المذكور ، و كان هذا الإطلاع هو وسيلة الطاعن الوحيدة لإثبات دعواه ، فقد كان على المحكمة الإنتقال إلى مصلحة الضرائب و الإطلاع على الملف المشار إليه ، و إذ هى لم تقم بهذا الإجراء ، فإن ذلك منها يكون مصادرة للطاعن فى وسيلته الوحيدة فى الإثبات التى هى حق له مما لا يسوغ معه قانوناً حرمانه منها ، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور يستوجب نقضه .

(الطعن رقم 806 لسنة 43 جلسة 1978/06/27 س 29ع 1 ص 1561 ق 301)

3- إنتقال المحكمة لمعاينة المتنازع فيه وفق المادة 131 من قانون الإثبات هو من الرخص القانونية المخولة لها ، و يجوز القيام به من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم و هى صاحبة السلطة فى تقدير لزوم هذا الإجراء أو عدم لزومه ، غير أنه متى قررت الإنتقال للمعاينة فإن ما يثبت لها منها يعتبر دليلاً قائماً فى الدعوى يتحتم أن تقول كلمتها فيه .

(الطعن رقم 35 لسنة 45 جلسة 1978/01/11 س 29 ع 1 ص 163 ق 38) 

4- إذ كانت الأوراق خلوا مما يفيد تمسك الطاعن بطلب إجراء المعاينة أو الإحالة إلى التحقيق أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا يجوز إبداء هذا القول و لأول مرة أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 10 لسنة 43 جلسة 1975/11/05 س 26 ص 1366 ق 260)

5- إنتقال المحكمة إلى محل النزاع لمعاينته من الرخص المخولة لها وهى صاحبة السلطة فى تقدير لزوم هذا الإجراء أو عدم لزومه ولا معقب عليها إذا رأت ألا تستجيب إلى طلبه متى كانت قد وجدت فى تقرير الخبير المعين فى الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها وما يغنيها عن إتخاذ ذلك الإجراء .

(الطعن رقم 150 لسنة 34 جلسة 1967/06/22 س 18 ع 2 ص 1366 ق 206)

شرح خبراء القانون

المعاينة المباشرة

تعريف المعاينة وأحكامها :

إذا لم يكن للقاضي أن يقضي بعلمه الشخصي عن وقائع القضية ، فان هذا المبدأ إنما ينطبق فقط على علمه السابق بالوقائع والذي حدث بغير رقابة الخصوم . فهو يستطيع – للوصول إلى الحقيقة - القيام بنفسه بمعاينة الواقعة محل الإثبات . وبهذا يصل إلى الحقيقة على أحسن وجه إذ هو يجمع بحواسه الذاتية ما يتعلق بهذه الواقعة، وهذه الوسيلة لإقتناع القاضي مفيدة في حالات كثيرة ، خاصة حيث لا تكون هناك حاجة لخبرة فنية ، فيفضل القاضي أن يفحص الواقعة بنفسه بدلاً من أن يفعل هذا بواسطة شخص آخر هو الخبير.

ويجب أن نميز جيداً بين المعاينة المباشرة للواقعة محل الإثبات وبين فحص الأشياء والمستندات التي سبق الإشارة إليه عند الكلام عن دعوى العرض . فعند عرض مستند أو شئ يكون المستند أو الشئ هو دليل الإثبات في القضية ، في حين أنه في المعاينة الشئ الذي يعاين هو الواقعة محل الإثبات ويكون الدليل هو ما يقرره القاضي بشأنه من ملاحظات.

ورغم أن القانون المصرى لم يتصور المعاينة إلا بالنسبة للمال ، فإنها يمكن أن ترد على شخص، فمن اليسير على القاضي أن يرى بنفسه مثلاً التشويه الذي أصاب وجه المدعى لإثبات الضرر الذي أصابه نتيجة لما يدعيه من خطأ المدعى عليه، أما المال فإنه يمكن أن يكون محلاً للمعاينة سواء كان منقولاً أو عقاراً، ورغم نص المشرع المصرى فقط على الانتقال للمعاينة ، فإنه إذا كان محل المعاينة شخصاً أو منقولاً فإنه يمكن معاينته في الجلسة، أما إذا كان عقاراً أو منقولاً لا يجوز أو لا يمكن نقله إلى داخل المحكمة كحيوان مثلاً أو سيارة ، أو كان شخصاً تحول بعض الاعتبارات كمرضه دون انتقاله للمحكمة ، فإن المعاينة تتم بانتقال المحكمة إلى محله ، على أن هذا الانتقال يؤدي عملاً إلى عزوف المحاكم عن هذه الوسيلة في الإثبات ، مفضلة عليها ندب خبير للانتقال إلى محل الوقائع المطلوب إثباتها .

ويصدر قرار المعاينة أو الانتقال للمعاينة من المحكمة بناء على طلب أحد الخصوم أو من تلقاء نفس المحكمة، وللمحكمة سلطة تقدير كاملة في قبول طلب المعاينة أو رفضه ، فلها أن ترفض المعاينة إذا وجدت أنها غير لازمة لإثبات الواقعة لوجود أدلة في القضية كافية لإقناعها، ومن ناحية أخرى ، فلإن المعاينة قد تصيب شخصاً بضرر ، سواء كان هو محل المعاينة أو مالك المال محله ، وسواء كان طرفاً في الخصومة أو من الغير ، فإن على المحكمة أن تقدر ما قد ينشأ عن المعاينة من ضرر ، وأن تمتنع عن إجرائها إذا كان هذا الضرر جسيماً.

وتقوم المحكمة بالمعاينة بنفسها ، ولها أن تندب لها أحد أعضائها (131 إثبات) . كما أن للمحكمة - تطبيقاً للقواعد العامة - أن تندب للقيام بالمعاينة قاضي المحكمة الجزئية التي يقع المال المراد الانتقال لمعاينته في نطاقها (4 إثبات) . ويجب دائماً حضور کاتب، وللمحكمة أو لمن تندبه من القضاة أن تعين أحد الخبراء للاستعانة به عند إجراء المعاينة ، فيجيب على ما قد يعن لها من أسئلة فنية (132 إثبات) . وتجرى المعاينة بحضور الخصوم، إذا شاءوا . ولهذا يجب إعلانهم بقرار الانتقال للمعاينة وفقاً للقواعد العامة (5 إثبات).

وقد تحتاج المحكمة عند إجراء المعاينة إلى سماع شهود، ولهذا ينص القانون على أن للمحكمة أو القاضي المنتدب سماع من يرى سماعه من الشهود ، وتكون دعوتهم للحضور بطلب ولو شفوياً من كاتب المحكمة (132 إثبات)، على أن سماع الشهود هنا إنما يكون للمساعدة على المعاينة ، مثلاً لتحديد الأرض محل المعاينة ، وليس لتقديم أدلة إثبات في القضية، ولهذه الملاحظة أهمية كبيرة إذ نتيجة لها لا تخضع شهادتهم للقيود أو الشكل الذي تخضع له الشهادة كدليل للإثبات، فيمكن سماعهم ولو لم يكونوا أهلاً للشهادة ، ولا يحلفون يميناً ، ولا يخضعون للإجراءات المقررة للشهادة.

ويقوم القاضي أثناء المعاينة بالملاحظة المباشرة لوقائع القضية ، فليس له أن يحيلها إلى وسيلة تفتيش للبحث عن أدلة إثبات أخرى (غير المعاينة). وعلى الكاتب المرافق للقاضي الذي يجري المعاينة أن يحرر محضراً بالوقائع التي يحققها القاضي أثناء إجراء المعاينة ، ويوقعه القاضي أو رئيس المحكمة إذا جرت المعاينة بواسطتها ( 131/ 2 إثبات). وتكون التقريرات التي يتوصل إليها القاضي أثناء المعاينة خاضعة لمطلق تقدير المحكمة.(المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 245)

المعاينة هي انتقال المحكمة لمشاهدة محل النزاع أياً كانت طبيعته سواء كان عقاراً أم منقولاً وبصفة عامة كل ما يقع عليه النزاع مما يظن أن يكون معاينته مجدية، وتعتبر المعاينة من طرق الإثبات المباشرة وذلك نظراً لاتصالها اتصالاً مادياً بالواقعة المراد إثباتها إذ عن طريقها تتمكن المحكمة من معرفة حقيقة النزاع واستخلاص وجه الحكم فيه، ولهذا فإن ما يثبت لها بالمعاينة يعتبر ذلك قائماً في الدعوى يتحتم عليها أن تقول كلمتها فيه والانتقال للمعاينة من الأمور الجوازية للمحكمة فقد ترى من ظروف الدعوى أن معاينة المتنازع فيه لها أهميتها في الإثبات وقد لا ترى ذلك خاصة إذا توافر لديها ما يكفي لاقتناعها بالفصل في الدعوى ولهذا يكون لها من تلقاء نفسها أن تقرر الانتقال المعاينة موضوع النزاع فيكون لها أن تنتقل بناء على طلب أحد الخصوم في الدعوى ولا تلزم «المحكمة في هذه الحالة الأخيرة على الانتقال إلى محل النزاع لأن هذا من الرخص القانونية لها وتبعاً لذلك لا لوم عليها متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لإقناعها بالفصل فيها. «الدكتور توفيق حسن فرج في قواعد الإثبات طبعة 1981 ص 186 ).

ثانياً- وإذا رأت المحكمة أن المعاينة مجدية كان لها أن تنتقل بكامل هيئتها أو تندب أحد قضاتها لذلك وإذ كان المتنازع فيه يوجد في مكان بعيد عن مقر الحكم جاز لها أن تندب للمعاينة قاضي محكمة المواد الجزئية الذي يقع هذا المكان في دائرتها وذلك وفقاً للمادة 4 من قانون الإثبات، ووفقا للفقرة الثانية من المادة 131 إثبات يجب على المحكمة أو القاضي المنتدب تحرير محضر تبين فيه جميع الأعمال المتعلقة بالمعاينة وذلك لكي يمكن الرجوع إليه في الدفاع أو الحكم ويرتب القانون البطلان على عدم تحرير محضر المعاينة ولكن البطلان هنا لا يتعلق بالنظام العام فلا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به صاحبي المصلحة هذا ويلاحظ أنه إذا حكمت المحكمة بانتقالها إلى محل النزاع فكل ما يثبت لها بالمعاينة يعتبر دليلاً قائماً في الدعوى يتحتم عليها أن تقول كلمتها فيه فإذا هي لم تذكر في حكمها شيئاً عن نتيجة المعاينة فإن هذا الحكم يكون ناقص التسبيب مستوجباً للنقض.

«الدكتور عبد الودود يحيى في الموسوعة العلمية لأحكام محكمة النقض طبعة 1984 ص203 وما بعدها». .

ثالثاً – يقصد من عبارة «جميع الأعمال المتعلقة بالمعاينة» أي جميع ما تتصل بالنزاع منعكساً أو منطبقاً على محله أي على المحكمة معاينة سائر ما يثبت لها من المعاينة متصلاً بالنزاع أو متفرعاً منه.

( الدكتور أحمد الوفا في التعليق على نصوص قانون الإثبات طبعة 1981 ص 34).(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه،  طبعة 2014، 2015  دار محمود،  المجلد :  الثاني ، الصفحة : 425)

وانتقال المحكمة للمعاينة متروك لمحض اختيارها فليست ملزمة بالانتقال ولو طلبه أحد الخصوم، مهما تتحقق الفائدة منه وإذا ارتأت المحكمة الانتقال وقررته جاز لها أن تنتقل بهيئتها الكاملة أو أن تندب أحد قضاتها لذلك وإذا كان المتنازع فيه المطلوب إجراء معاينته بعيداً عن مقر المحكمة جاز لها أن تندب لإجرائه قاضي محكمة المواد الجزئية التي تقع هذا الشئ في دائرتها وذلك عملاً بنص المادة 4 إثبات ولكي تكون إجراءات الانتقال ونتائجه ثابتة لا يمكن الارتكان عليها والرجوع إليها في الدفاع والحكم أوجب القانون أن تحرر المحكمة أو القاضي محضراً تبين فيه جميع الأعمال المتعلقة بالمعاينة وإلا كان العمل باطلاً، ولما كان انتقال المحكمة أو القاضي إجراء من إجراءات الإثبات وجب أن يحضر مع المحكمة أو القاضي أثناءها كاتب يتولى تحريره ويوقع عليه عملاً بالمادة 25 مرافعات (مرافعات العشماوى الجزء الثاني ص 566).

ويجب على المحكمة أن تحدد في قرارها التاريخ والساعة التي حددتها للانتقال وطبقاً للتعديل الذي أدخل على المادة 5 إثبات بالقانون 23 لسنة 1992، ويعتبر ذلك تعييناً لتاريخ إجراء من إجراءات الإثبات، وبالتالي يجب إعلانه للخصوم ولا يكفي العلم به حتى ولو كان يقينياً.

وفي المسائل التي تتطلب دراية فنية، يجوز للمحكمة الاستعانة بأحد الخبراء الفنيين أثناء المعاينة لفحص الشيء محل المنازعة وإبداء الرأي فيه .

وإذا قررت المحكمة الانتقال للمعاينة فإنها لا تتقيد بهذا القرار فلها أن تعدل عنه إذا وجدت بعد ذلك في أوراق الدعوى ما يكفي لاقتناعها بالفصل فيها أو تبين لها بعد إعادة دراسة أوراق الدعوى أن الانتقال للمعاينة غير منتج أو غیر متعلق بها ولكن يجب على المحكمة في هذه الحالات أن تبين أسباب العدول في المحضر أو في تقريرات حكمها (الإثبات لمحمد عبد اللطيف، الجزء الثاني ص 351).

ونرى أن البطلان المترتب على عدم تحرير محضر بالمعاينة ليس متعلقاً بالنظام العام وعلى ذلك فلا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ويجب أن يتمسك به صاحب المصلحة في إبطاله، وهذه القاعدة من قواعد الإجراءات فيطبق عليها القواعد العامة في البطلان المنصوص عليها في المواد من 20 إلى 24 من قانون المرافعات.(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية،  الجزء الرابع ،  الصفحة : 1466)

المقصود بالمعاينة :

يقصد بالمعاينة مشاهدة المحكمة للشيء محل النزاع لتتبين بنفسها حقيقة الأمر، واستخلاص وجه الحكم فيه.

وقد روعي في صياغة المادة النص على حق المحكمة في أن تقرر الانتقال لمعاينة المتنازع فيه دون تحديد لكونه عقاراً أو منقولاً وذلك حتى تتسع هذه العبارة العامة المنقول وللعقار ولكل ما يقع عليه النزاع مما يظن أن تكون معاينته مجدية.

وقد تتم المعاينة في مقر المحكمة إذا أمكن نقل الشیء محل المعاينة، وقد تنتقل المحكمة إلى المكان الموجود فيه.

والمعاينة من أهم الأدلة في المسائل المادية، وقد تكون في بعض الأحوال الدليل القاطع الذي لا يغني عنه دليل سواها. فمثلاً إذا ادعى صاحب منزل أن المقاول خالف الرسم المتفق عليه، فليس أسهل ولا أقطع في هذه الدعوى من معاينة المنزل لمعرفة ما إذا كان مطابقاً للرسم أم لا. وقد قيل إن الأدلة المادية لا تكذب. وقد قدس الله سبحانه وتعالى الدليل المادي في سورة يوسف.

وتحصل المعاينة بمعرفة القاضي في المسائل البسيطة التي لا تحتاج إلى كفاءات فنية خاصة، وإلا تحصل بمعرفة خبير فني، كما هي الحال في مسح الأراضي ومقاسها، ومعاينة المنازل عند حصول نزاع بين المقاولين وبين ملاكها في متانة البناء ومركباته وما شابه ذلك. وفي تحقيق الخطوط عند الإدعاء بتزوير، وفي التحليلات الكيماوية، وفي تقدير الضرر عند حصول جنحة أو شبه جنحة فيما لا يسهل على القاضي تقديره .... إلخ).

سلطة المحكمة في إجراء المعاينة :

للمحكمة أن تنتقل للمعاينة بكامل هيئتها أو تندب أحد قضاتها لذلك.

وهي تنتقل من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم.

وإذا كان المكان الواجب إجراء المعاينة فيه بعيداً عن مقر المحكمة جاز لها أن تندب لإجرائه قاضي محكمة المواد الجزئية الذي يقع هذا المكان في دائرتها (م 4 من قانون الإثبات).

غير أن انتقال المحكمة لإجراء المعاينة هو من الرخص القانونية لمحكمة الموضوع، فلا عليها إن هي لم تستجب إلى ذلك متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لاقتناعها بالفصل فيها .

تحديد تاريخ وساعة الانتقال للمعاينة :

رأينا أن المادة الخامسة من قانون الإثبات الواردة في الباب الأول الخاص بالأحكام العامة تقضي في فقرتيها الثانية والثالثة بأن: «ويجب إعلان منطوق هذه الأحكام (الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات) إلى من لم يحضر جلسة النطق بها، وكذلك يجب إعلان الأوامر الصادرة بتعيين تاريخ إجراء الإثبات وإلا كان العمل باطلاً. ويكون الإعلان بناء على طلب قلم الكتاب بميعاد يومين» " ومن ثم فإنه إذا قررت المحكمة الانتقال إلى إجراء المعاينة وجب عليها أن تحدد في قرارها التاريخ والساعة التي حددتها للانتقال، وإعلان ذلك إلى الخصوم، ولا يكفي العلم به حتى ولو كان يقينياً»

تحرير محضر بالمعاينة :

نظراً لأهمية ما تسفر عنه المعاينة من نتائج أوجب النص على المحكمة أو القاضي المنتدب تحرير محضر تبين فيه جميع الأعمال المتعلقة بالمعاينة، وذلك لكي يمكن الرجوع إليه في الدفاع أو في الحكم.

ولما كان انتقال المحكمة أو القاضي لإجراء المعاينة من إجراءات الإثبات وجب أن يحضر مع المحكمة أو القاضى أثناءها كاتب يتولى تحرير المحضر ويوقع عليه مع القاضي أو رئیس المحكمة وإلا كان العمل باطلاً (مادة 25 مرافعات).

ويرتب النص على عدم تحرير محضر المعاينة البطلان، إلا أن البطلان هنا لا يتعلق بالنظام العام، فلا تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها، وإنما يجب أن يتمسك به صاحب المصلحة. ويسقط الحق في التمسك به بالرد على الإجراء بما يفيد اعتباره صحيحاً عملاً بالمادة 22 مرافعات .

نتيجة المعاينة :

كل ما يثبت للمحكمة بالمعاينة يعتبر دليلاً قائماً في الدعوى يتحتم عليها أن تقول كلمتها فيه، وخاصة إذا كان النزاع بين الطرفين المتخاصمين متعلقاً بالحالة الطبيعية للعين المتنازع عليها، فإذا التفتت المحكمة في حكمها عن نتيجة المعاينة فإن حكمها يكون ناقص التسبيب مستوجباً للنقض .

حق المحكمة في العدول عن المعاينة أو عدم الأخذ بنتيجتها :

يجوز للمحكمة دائماً أن تعدل عما قررته من الانتقال للمعاينة إذا وجدت في أوراق الدعوى أو في ظروفها ما يغنيها عن ذلك أو رأت أن الانتقال للمعاينة غير منتج في الدعوى أو غير متعلق بها، وإنما يلزمها في هذه الحالة أن تبين أسباب العدول في المحضر (م 9 إثبات)، كذلك يجوز للمحكمة أن تطرح ما أسفرت عنه المعاينة من نتائج وألا تأخذ بهذه النتائج بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها (م 9 إثبات).(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود،  المجلد : الرابع  ، الصفحة : 2053)

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة  173 .

 (مادة 150):

 للمحكمة - من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم - أن تقرر الانتقال لمعاينة المتنازع فيه، أو أن تندب أحد قضاتها لذلك. 

وتحرر المحكمة أو القاضي محضراً تبين فيه جميع الأعمال المتعلقة بالمعاينة وإلا كان العمل باطلاً . 

(م (131) إثبات مصري، و(207) و(209) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية مع عدم ذكر البطلان، و(134) بینات سوري ونصها: 

1- يجوز للمحكمة أن تقرر - من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم - معاينة المتنازع فيه بجلبه إلى المحكمة، أو الانتقال إليه، ولها أن تنتدب أحد قضاتها لهذه الغاية. 

ويذكر في القرار الصادر في هذا الشأن موعد المعاينة. 

2- ولها أن تنيب عنها في ذلك المحكمة التي يقع في منطقتها الشيء المتنازع فيه وفي هذه الحالة يبلغ قرار الإنابة إلى رئيس هذه المحكمة، ويتضمن جميع البيانات المتعلقة بالخصوم وموضوع المعاينة. 

وم (137) ونصها: 

1- يحرر محضر بالأعمال المتعلقة بالمعاينة ويودع إضبارة الدعوى. 

2- وإذا عهد بالمعاينة إلى محكمة أخرى بطريق الإنابة - وجب على هذه المحكمة أن توافي المحكمة التي قررت المعاينة بمحضرها». 

وم (84) إثبات سوداني ونصها: 

«1 - للمحكمة - من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أحد الخصوم - أن تقرر الانتقال لمعاينة الشيء المتنازع فيه. 

2- تحرر المحكمة محضراً تبين فيه جميع ملاحظاتها، دون أن تثبت انطباعاتها عن المعاينة أو رأيها الخاص»).

 

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري،قانون التقاضى والإثبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 45 ، 46 ، 47 ، 48     

(مادة 14) : 

طرق القضاء هي : الإقرار ، والإستجواب ، والشهادة ، والكتابة ، واليمين ، والقرائن ، والمعاينة ، والخبرة. 

المذكرة الإيضاحية : 

اختلف الفقهاء في بيان أدلة ثبوت الدعوى ( أي: الحجج الشرعية أو طرق القضاء). وقد حصرها البعض في سبعة هي : البينة ، والإقرار ، واليمين ، والنكول ، والقسامة ، وعلم القاضي ، والقرينة القاطعة (الدر، ورد المحتار). وقال في التكملة : والحاصل أن القضاء في الإقرار مجاز (لأن الحق يثبت به بدون حكم ، وإنما يأمره القاضي بدفع ما لزمه بإقراره، وليس لزوم الحق بالقضاء ، فجعل الإقرار من طرق القضاء إنما هو بحسب الظاهر ، وإلا فالحق يثبت به لا بالقضاء)، والقسامة داخلة في اليمين ، وعلم القاضي مرجوح، والقرينة مما انفرد به ابن الفرس ، فرجعت الحجج التي هي أسباب الحكم إلى ثلاث - أي البينة واليمين والنكول . 

(انظر أحمد إبراهيم، طرق القضاء، ص (7) - (11) و(219) وما بعدها)

 وذكر ابن القيم في الطرق الحكمية خمسة وعشرين طريقاً ترجع عند النظر، إلى: 

القرائن والعلامات الظاهرة، الشهادة، اليمين، النكول، اليد (أي الحيازة)، الإنكار، الإقرار، الخط، القرعة، القافة (أي: الخبرة في أمور النسب). 

وذكر ابن فرحون في التبصرة : الشهادة والخط والإقرار والقرائن والقرعة والقافة . 

وفي مجلة الأحكام العدلية نجد أن طرق القضاء هي : الإقرار ، والشهادة ، واليمين ، والنكول ، والخط ، والقرينة القاطعة . 

وقد ذكرت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 1931 في المادة (123) أربعة أدلة ، هي: الإقرار ، والشهادة ، والنكول عن الحلف، والقرينة القاطعة ولكنها تكلمت في الباب الثالث الخاص بالأدلة على الأدلة الخطية (في الفصل الثاني بعد الإقرار) ، ثم على اليمين والنكول (في الفصل السادس) ، وعلى المعاينة (في الفصل السابع) ، وعلى الخبرة في الفصل الثامن) ، كما تكلمت على إستجواب الخصوم (في الفصل السابع من الباب الثاني م (115) وما بعدها) وبذا زادت الأدلة فيها على الأربعة المذكورة في المادة (123) وذلك على خلاف ما ذهب إليه المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم ؛ إذ قال في طرق القضاء (ص (9) - (10)) : «أقول : إن الناظر فيما جاء في اللائحة في حجية الأوراق الرسمية والعرفية ، وفي استجواب الخصوم ومعاينة المحكمة وأهل الخبرة - يراه لا يخرج عن هذه الحجج الثلاث ؛ إذ كله يرجع إلى الإقرار ، وأن الإقرار بالكتابة كالإقرار باللسان ، وهو الذي يجب التعويل عليه كما سيأتي». ولكن بالرجوع إلى المادة (134) من تلك اللائحة نجد أنها نصت على أن الأوراق الرسمية - أكانت سندات أم محررات - تكون حجة على أي شخص كان فيها تدون بها مما لا يدخلها دائماً في الإقرار ، وكذلك إستجواب الخصوم ومعاينة المحكمة وأهل الخبرة لا تدخل دائماً في الإقرار . 

وبالرجوع إلى القوانين العربية الخاصة بالإثبات نجد أنها : الأدلة الكتابية ، والشهادة ، والقرائن ، والإستجواب ، والإقرار ، واليمين ، والمعاينة ، والخبرة . 

(م (1) من قانون البينات السوري ، و(11) من قانون الإثبات السوداني ، وقانون الإثبات المصري ، وانظر السنهوري ، الوسيط ، ج (2) ص (89) وما بعدها) . 

وإذا ألقينا نظرة فاحصة وجدنا أن طرق إثبات الدعوى ترجع إلى: الإقرار ، والشهادة ، والكتابة ، واليمين ، والنكول ، والقرينة ، والمعاينة ، والخبرة . أما القسامة - وهي خاصة بالقضاء بالدية - فهي يمين. وأما علم القاضي فالفتوى على أنه ليس طريقاً للقضاء لفساد الزمان وهو ما أخذ به هذا القانون في المادة (6) منه.  وأما القافة فهي خاصة بالنسب وهو من الأحوال الشخصية وخارج عن نطاق هذا القانون . 

وقد جرت بعض التقنينات على عدم النص على طرق القضاء بإعتبار أن ذلك من عمل الفقه ، ولكن تقنينات أخرى جرت على النص عليها ، کلائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، وقانون البينات السوري ، وقانون الإثبات السوري ، وقد روعي إتباع نهج التقنينات الأخيرة في هذا القانون زيادة في البيان . 

وقد سار القانون على معالجة طرق القضاء بالترتيب الآتي : 

1- الإقرار . 

2- إستجواب الخصوم . 

3- الشهادة .

4 - الكتابة . 

5- اليمين .

6- القرائن . 

7- المعاينة . 

8- الخبرة . 

وقد روعي في هذا الترتيب نظرة الفقه الإسلامي من تقديم الإقرار بوصفه أقوى الأدلة ، يليه الإستجواب بوصفه وسيلة للإقرار ، ثم الشهادة ، ويليها الكتابة لأنها في الغالب إما أن تكون إقراراً أو شهادة، ثم اليمين ، وبقية الأدلة . 

وقد خصص باب لكل طريق من هذه الطرق . 

mobile-nav تواصل
⁦+201002430310⁩