loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول، الصفحة : 457

مذكرة المشروع التمهيدي:

تقسيم الأشياء والأموال

نظرة عامة للمشروع التمهيدي :

روعي في هذا الفصل التمييز بين الأشياء والأموال. فالمال في عرف القانون هو الحق ذو القيمة المالية أياً كان ذلك الحق سواء أكان عينياً أم شخصياً أم حقاً من حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية الخ. أما الشيء سواء أكان مادياً أم غير مادی، فهو محل ذلك الحق وقد أريد بذلك تحاشی ما وقع فيه التقنين الحالي ومعظم التقنيات الأجنبية من خلط بين الشيء والمال ، مما جعل تلك التقنينات تعرف المال في بعض نصوصها بأنه شيء (أنظر المواد من 1 إلى 10 من التقنين المدني الأهلي ومن 15 إلى 26 من التقنين المختلط ، و من 518 إلى 523 من التقنين الفرنسي ، و من 406 إلى 412 من التقنين الإيطالي ومن 333 إلى 334 من التقنين الأسبانی و من 560 إلى 563 من التقنين الهولندي و من 43 إلى 47 من التقنين البرازيلي والمادة الأولى والمواد 4 و 5 و 9 من مشروع تعديل التقنين الإيطالي)، وفي بعض النصوص الأخرى أنه حق ( أنظر العبارة الأخيرة من المادة 2/16 من التقنين الحالي، والمادة 526 من التقنين الفرنسي، والمادة 415 من التقنين الإيطالي ، والمادة 564 من التقنين الهولندي ) فأدى ذلك إلى إطلاق التقسيمات الخاصة بالأشياء على الأموال أيضاً، في حين أن بعض هذه التقسيمات لا يصدق إلا على الأشياء كتقسيم الأشياء إلى مثلية وقيمية وإلى قابلة وغير قابلة للاستهلاك .

وقد بدأ المشروع بتعريف الشيء الذي يصلح محلاً للحقوق المالية (في المادة 111) وقسم الأشياء إلى عقار ومنقول ( في المادة 112 ) ثم بين كيف تتعدى صفة العقار والمنقول إلى المال ذاته أي الحق المترتب على الشيء في المادتين 113و 114) ثم نظر إلى تقسيم الأشياء إلى قابلة للاستهلاك وغير قابلة له ، وإلى مثلية وقيمية، مكتفياً بتعريف الشيء القابل للاستهلاك ( في المادة 115) والشيء المثلى ( في المادة 116)، ثم انتقل إلى بيان أنواع الأموال فعرف الأموال المعنوية (المادة 117) والأموال الموقوفة (المادة 118) والأموال العامة ( المادتان 119 و 120). 

وقد أهمل المشروع في هذا الفصل بعض مواد التقنين الحالى المادة 6/20/ - 21 التي أشارت إلى تفسير الأموال إلى ملك وخراجية لانعدام الفائدة منها، والمادة 5 / 19 التي بينت الحقوق العينية المختلفة اكتفاء بتخصيص القسم الثاني من المشروع لتفصيل أحكام هذه الحقوق ، الأصلية منها في الكتاب الأول (المواد من 1162 إلى 1436) والتبعية في الكتاب الثاني ( المواد من 1437 إلى 1591) والمادة 8/ 23 - 24 التي تعرف المال المباح وتنظم الاستيلاء عليه لتناول هذا الموضوع في مكانه الطبيعي بين أسباب كسب الملكية ( المواد من 1301 إلى 1356).

وقد راعى المشروع فيما استبقاه من مواد التقنين الحالى إصلاح عبارتها لتلافي ما وجه إليها من نقد مع توخي الدقة في التعريف والقصد في التعبير .

مذكرة المشروع التمهيدي للمادة 81 :

وضع المشروع بهذه المادة أساس التفرقة بين الأشياء والأموال ، فبين أن الشيء غير المال ، وأنه لا يعدو أن يكون محلاً للحقوق المالية بشرط ألا يكون خارجاً عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون.

والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي يمكن أن ينتفع بها كل الناس بغير أن يحول انتفاع بعضهم دون انتفاع البعض الآخر ، كالهواء والماء الجاري وأشعة الشمس الح. ولذلك عرفها المشروع بأنها الأشياء التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها . والأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون هي التي ينص القانون على عدم جواز التعامل فيها بوجه عام كالحشيش والأفيون والأشياء التي تدخل ضمن الأموال العامة، ولا يغير من هذا الوصف إجازة نوع معين من التعامل في هذه الأشياء كبيع الحشيش والأفيون لأغراض طبية، وإعطاء رخص لاستعمال بعض الأموال العامة الخ..

المشروع في لجنة المراجعة

 تليت المادة 111 من المشروع فأقرتها اللجنة مع تعديل لفظی وأصبح نصها:

1- كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية .

2 - والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها ، أما الخارجة بحكم القانون فهي التي يقرر القانون أنها لا تصلح أن تكون محلاً للحقوق المالية.

وأصبح رقم المادة 83 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب:

 وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 83.

المشروع في مجلس الشيوخ:

مناقشات لجنة القانون المدني :

تليت المادة 83 وقررت اللجنة استبدال عبارة , وأما الخارجة بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية، بعبارة . أما الخارجة بحكم القانون فهي التي يقرر القانون أنها لا تصلح أن تكون محلاً للحقوق المالية الواردة في الفقرة الثانية .

مناقشات المجلس :

مضبطة الجلسة الحادية والأربعين يوم 22 يونية سنة 1948:

 حضرة الشيخ المحترم توفيق دوس باشا: لي ملاحظة على المادة 81 وهي غير واردة في ملحق تقرير اللجنة .

الرئيس : لتتل المادة 81 كما وردت في تقرير اللجنة الأول.

تليت المادة 81 كما وردت في تقرير اللجنة الأول ، وهذا نصها:

مادة 81:

1-كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية .

2 - والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها وأما الخارجة بحكم القانون فهي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً لحقوق المالية .

حضرة الشيخ المحترم توفيق دوس باشا : تقول المادة 81: «كل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية ، والاشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها ......... .................. ، إلى آخر المادة .

ولقد عرضت على لجنة القانون المدني أن لدينا إشکالاً نحن الطوائف غير الإسلامية فيما يتعلق بالكنائس والمعابد ، لأن مجرد إنشاء المسجد عند المسلمين يجعله وقفاً. وليس عندنا في القانون ما يبين مركز الكنائس والمعابد بالنسبة للأموال إذ ليس من الممكن جعلها وقفاً ، وحتى لو افترضنا أن في الامكان جعلها وقفاً، فإن ذلك لا يكون إلا بقانون خاص .

والذي يحدث الآن أن يبني رجل كنيسة بعد أن يأخذ أمراً ملكيا ببنانها ، فلمن تصبح ملكاً وهل هي قابلة للتعامل بيعاً وشراء ؟ إننا لا نجد لذلك جواباً .

وقد يحدث فيما يتعلق بهذا البحث إشكالات خطيرة من رجال الدين، كأن يبني قسيس من رجال الدين کنيسة ويخرج على السلطة الدينية العليا، فلا تملك السلطة الدينية العليا إلا أن تجرده من صفة القسيسية، فيقول إن کنیستی مستقلة أصلى فيها وأنا قبطى أرثوذكسی رغم أنف الهيئة ثم لا يملك أحد أن يمنع تصرفه هذا.

ولذلك فقد اقترحت أن نضيف .....

حضرة صاحب المعالي أحمد مرسی بدر بك ( وزير العدل ) : يحسن أن تعالج هذه الحالة بقانون خاص .

حضرة الشيخ المحترم توفيق دوس باشا : لقد طرحت هذا على اللجنة فقالت إن هذه مسألة تعالج بقانون خاص . وقال الأستاذ حسن بغدادي إنه يحسن أن تكون في قانون المجلس الملى ، مع أن لنا في هذا الإشكال ثمانين سنة .

ويقيني أنه لن يعمل قانون يحل هذا الإشكال ، فلم لا نضيف فقرة واحدة في باب الأموال على المادة 81 تحل لنا هذا الإشكال.

حضرة الشيخ المحترم حلمی عیسی باشا : هذه مسألة تحتاج إلى بحث أدق من ذلك.

حضرة الشيخ المحترم توفيق دوس باشا : إن شأن كل الطوائف الأخرى شأننا تماماً . ولدى اقتراح بحل المشكلة - وذلك بأن يضاف إلى المادة 81 ما يأتي :

ويدخل في هذه الأشياء الكنائس والمعابد بمجرد بنائها والصلاة فيها وتكون مملوكة للهيئة الدينية العليا التابعة لها مع القيد السابق".

حضرة صاحب المعالي أحمد مرسی بدر بك ( وزير العدل ) : لماذا لا يكون هذا بقانون خاص.

حضرة الشيخ المحترم توفيق دوس باشا : وماذا يحدث لو أضيف هذا التعديل .

حضرة الدكتور حسن أحمد بغدادی ( مندوب وزارة العدل) : إذا أريد أن تعتبر الكنائس خارجة عن دائرة التعامل، فما هو الإجراء الذي يتخذ عندما تتعين الحاجة إلى إعادتها مرة أخرى إلى دائرة التعامل ، هذا من شأن القانون الخاص والقانون المدني لا يتسع لتنظيم مثل هذه التفاصيل  .

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى - قياساً على الحال في الوقف - فإنه عندما يتخرب و تريد أن نستبدله نجد إجراءات خاصة نظمها قانون الوقف ، فالمسألة من حيث مبدأ التنظيم أخلق بها أن تعالج في قانون خاص من أن تقحم على القانون المدني ، خصوصا أن الكنائس تعتبر من الأملاك العامة في البلاد الأخرى . ولقد أوضحت لسعادة توفيق دوس باشا في اللجنة أن من الخطر بمكان أن تعتبر الكنائس من الأملاك العامة في مصر ، لأن هذا لا يحل الإشكال .

حضرة الشيخ المحترم توفيق دوس باشا : أنا متفق معك في هذا.

حضرة الدكتور حسن أحمد بغدادی ( مندوب وزارة العدل ) : إننا نتفق معاً فيما يتعلق بعدم جواز اعتبارها من الأملاك العامة ، و نتفق كذلك في أنه لا يجوز أن نخرجها من دائرة التعامل إخراجاً مطلقاً دون أن تنظم التفاصيل المتعلقة بإعادتها إلى هذه الدائرة.

ولهذا لا توافق الحكومة على هذه الإضافة .

حضرة الشيخ المحترم الأستاذ عباس الجمل : إن المساجد إذا لم يقفها منشؤها تكون ملكاً خاصاً .

حضرة الشيخ المحترم توفيق دوس باشا : لا.

حضرة الشيخ المحترم محمد حسن العشماوي باشا : إن الذي يقوله الشيخ عباس الجمل صحيح.

حضرة الشيخ المحترم الأستاذ عباس الجمل : إذا لم توقف المساجد لا تكون ملكاً عاماً، بل تكون ملكاً خاصاً .

حضرة الشيخ المحترم محمد حسن العشماوي باشا : المسألة هي أن قانون الوقف جعل الوقف بإشهاد وجعل كل وقف بغير إشهاد غير قائم واستثني المسجد وجعل إقامة الصلاة فيه كافية لاعتباره وقفاً . .

حضرة الشيخ المحترم الأستاذ عباس الجمل : إن هذا الإستثناء لم يرد والتعديل الأخير ليس فيه هذا الاستثناء . وعلى أية حال هذه مسألة ليست محل مناقشة الآن.

الرئيس : إذن يتلى الاقتراح لأخذ الرأى عليه .

تلى الاقتراح ، وهذا نصه :

أرى أن تضاف الفقرة الآتية إلى المادة 81.

ويدخل في هذه الأشياء الكنائس والمعابد بمجرد بنائها والصلاة فيها ، وتكون مملوكة للهيئة الدينية العليا التابعة لها مع القيد السابق .

الرئيس : الموافق من حضراتكم على هذا الاقتراح يتفضل بالوقوف . ( لم يقف سوی صاحب الاقتراح).

الرئيس : إذن يقرر المجلس رفض الاقتراح.

والآن هل توافقون حضراتكم على المادة 81 ما تليت الآن ، وكما وردت في تقرير اللجنة الأول .

( موافقة )

الرئيس : يقرر المجلس الموافقة على المادة 81 كما وردت في تقرير اللجنة الأول. 

 

الأحكام

1 ـ قصد المشرع بما تقضى به المادة 81 من القانون المدنى من أن الأموال العامة تخرج عن التعامل بحكم القانون ، عدم جواز التصرف فى هذه الأموال أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم ، و هو ما نص عليه فى المادة 2/87 من القانون المدنى و هذا أمر لا شأن له بتقدير قيمة الدعوى .

(الطعن رقم 238 لسنة 32 جلسة 1967/12/12 س 18 ع 4 ص 1856 ق 281)

 

شرح خبراء القانون

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / السادس والثلاوثون  ، الصفحة / 31

مَالٌ

التَّعْرِيفُ :

1 - يُطْلَقُ الْمَالُ فِي اللُّغَةِ: عَلَى كُلِّ مَا تَمَلَّكَهُ الإْنْسَانُ  مِنَ الأْشْيَاءِ  .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ الْمَالِ ذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

عَرَّفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ الْمَالَ بِتَعْرِيفَاتٍ عَدِيدَةٍ، فَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُرَادُ بِالْمَالِ مَا يَمِيلُ إِلَيْهِ الطَّبْعُ، وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ.

وَالْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بَعْضِهِمْ .

وَعَرَّفَ الْمَالِكِيَّةُ الْمَالَ بِتَعْرِيفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَقَالَ الشَّاطِبِيُّ: هُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ، وَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَالِكُ عَنْ غَيْرِهِ إِذَا أَخَذَهُ مِنْ وَجْهِهِ . وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هُوَ مَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ الأَْطْمَاعُ، وَيَصْلُحُ عَادَةً وَشَرْعًا لِلاِنْتِفَاعِ 

بِهِ . وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ: هُوَ مَا يُتَمَوَّلُ فِي الْعَادَةِ وَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ .

وَعَرَّفَ الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الْمَالَ بِأَنَّهُ مَا كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ، أَيْ مُسْتَعِدًّا لأَِنْ يُنْتَفَعَ بِهِ . وَحَكَى السُّيُوطِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لاَ يَقَعُ اسْمُ الْمَالِ إِلاَّ عَلَى مَا لَهُ قِيمَةٌ يُبَاعُ بِهَا، وَتَلْزَمُ مُتْلِفَهُ، وَإِنْ قَلَّتْ، وَمَا لاَ يَطْرَحُهُ النَّاسُ، مِثْلُ الْفَلْسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: الْمَالُ شَرْعًا مَا يُبَاحُ نَفْعُهُ مُطْلَقًا، أَيْ فِي كُلِّ الأْحْوَالِ، أَوْ يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ بِلاَ حَاجَةٍ .

مَا اخْتُلِفَ فِي مَالِيَّتِهِ:

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَالِيَّةِ الْمَنَافِعِ كَمَا تَبَايَنَتْ أَنْظَارُهُمْ حَوْلَ مَالِيَّةِ الدُّيُونِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

أ - مَالِيَّةُ الْمَنَافِعِ:

2 - الْمَنَافِعُ: جَمْعُ مَنْفَعَةٍ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: سُكْنَى الدَّارِ وَلُبْسُ الثَّوْبِ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ .

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَالِيَّتِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا؛ لأِنَّ  صِفَةَ الْمَالِيَّةِ لِلشَّيْءِ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّمَوُّلِ، وَالتَّمَوُّلُ يَعْنِي صِيَانَةَ الشَّيْءِ وَادِّخَارَهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَنَافِعُ لاَ تَبْقَى زَمَانَيْنِ، لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا، فَكُلَّمَا تَخْرُجُ مِنْ حَيِّزِ الْعَدَمِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُودِ تَتَلاَشَى، فَلاَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّمَوُّلُ.

غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَعْتَبِرُونَ الْمَنَافِعَ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً إِذَا وَرَدَ عَلَيْهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، كَمَا فِي  الإْجَارَةِ ، وَذَلِكَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، وَمَا كَانَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لاَ يُقَاسُ .

وَالثَّانِي لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ بِذَاتِهَا؛ لأِنَّ  الأْعْيَانَ  لاَ تُقْصَدُ لِذَاتِهَا، بَلْ لِمَنَافِعِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ أَعْرَافُ النَّاسِ وَمُعَامَلاَتُهُمْ.

وَلأِنَّ  الشَّرْعَ قَدْ حَكَمَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مَالاً عِنْدَمَا جَعَلَهَا مُقَابَلَةً بِالْمَالِ فِي عَقْدِ  الإْجَارَةِ ، وَهُوَ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَكَذَا عِنْدَمَا أَجَازَ جَعْلَهَا مَهْرًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَلأِنَّ  فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهَا أَمْوَالاً تَضْيِيعًا لِحُقُوقِ النَّاسِ وَإِغْرَاءً لِلظَّلَمَةِ فِي الاِعْتِدَاءِ عَلَى مَنَافِعِ الأْعْيَانِ  الَّتِي يَمْلِكُهَا غَيْرُهُمْ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْجَوْرِ مَا يُنَاقِضُ مَقَاصِدَ الشَّرِيعَةِ وَعَدَالَتَهَا.

وَقَالَ الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: الْمَنَافِعُ لَيْسَتْ أَمْوَالاً عَلَى الْحَقِيقَةِ، بَلْ عَلَى ضَرْبٍ مِنَ التَّوَسُّعِ وَالْمَجَازِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا مَعْدُومَةٌ لاَ قُدْرَةَ عَلَيْهَا .

ب - مَالِيَّةُ الدُّيُونِ:

3 - الدَّيْنُ فِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ هُوَ لُزُومُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ . وَقَدْ يَكُونُ مَحَلُّهُ مَالاً كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَمَلاً أَوْ عِبَادَةً كَصَوْمِ وَصَلاَةٍ وَحَجٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

(ر: دَيْنٌ ف 37، دَيْنُ اللَّهِ ف 3).

وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ فِي الذِّمَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَالِيًّا، فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ مَالاً، وَلاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الشَّاغِلُ لِلذِّمَّةِ مَالِيًّا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِهِ مَالاً حَقِيقَةً، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ مَالاً حَقِيقِيًّا؛ إِذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وَصْفٍ شَاغِلٍ لِلذِّمَّةِ، وَلاَ يُتَصَوَّرُ قَبْضُهُ حَقِيقَةً، وَلَكِنْ نَظَرًا لِصَيْرُورَتِهِ مَالاً فِي الْمَآلِ سُمِّيَ مَالاً مَجَازًا .

وَالثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: الدَّيْنُ: هَلْ هُوَ مَالٌ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ هُوَ حَقُّ مُطَالَبَةٍ يَصِيرُ مَالاً فِي الْمَآلِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي، وَوَجْهُ الأْوَّلِ: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْيَسَارِ حَتَّى تَلْزَمَهُ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ وَكَفَّارَتُهُمْ وَلاَ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ.

وَوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَالِيَّةَ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْجُودِ، وَلَيْسَ هَهُنَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا اسْتُنْبِطَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: فَمَنْ مَلَكَ دُيُونًا عَلَى النَّاسِ، هَلْ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ؟ الْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ، وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلٌ أَنَّهَا لاَ تَجِبُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ فُرُوعٌ.

مِنْهَا: هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؟ إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَالٌ جَازَ، أَوْ حَقٌّ فَلاَ؛ لأِنَّ  الْحُقُوقَ لاَ تَقْبَلُ النَّقْلَ إِلَى الْغَيْرِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الإْبْرَاءَ  عَنِ الدَّيْنِ إِسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ؟ وَمِنْهَا: حَلَفَ لاَ مَالَ لَهُ، وَلَهُ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَى مَلِيءٍ، حَنِثَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَا الْمُؤَجَّلُ، أَوْ عَلَى الْمُعْسِرِ فِي الأْصَحِّ  .

 أَقْسَامُ الْمَالِ :

قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ تَقْسِيمَاتٍ كَثِيرَةً بِحَسَبِ الاِعْتِبَارَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

أ - بِالنَّظَرِ إِلَى التَّقَوُّمِ:

4 - لَمْ يَجْعَلِ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ إِبَاحَةَ الاِنْتِفَاعِ شَرْعًا، وَاكْتَفَوْا بِاشْتِرَاطِ الْعَيْنِيَّةِ وَالاِنْتِفَاعِ الْمُعْتَادِ وَتَمَوُّلِ النَّاسِ فِي اعْتِبَارِ الشَّيْءِ مَالاً، وَقَدْ حَدَاهُمُ الْتِزَامُ هَذَا الْمَفْهُومِ لِلْمَالِ إِلَى تَقْسِيمِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُتَقَوِّمٍ، وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ. فَالْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ عِنْدَهُمْ: هُوَ مَا يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فِي حَالَةِ السَّعَةِ وَالاِخْتِيَارِ.

وَالْمَالُ غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ: هُوَ مَا لاَ يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالَةِ الاِخْتِيَارِ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّينَ فَهِيَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ؛ لأِنَّ هُمْ لاَ يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهَا ويَتَمَوَّلُونَها، وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ .

وَقَدْ بَنَوْا عَلَى ذَلِكَ التَّقْسِيمِ: أَنَّ مَنِ اعْتَدَى عَلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ ضَمِنَهُ، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ فَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ هَدَرٌ، وَلاَ يَلْزَمُ مُتْلِفَهُ ضَمَانٌ. كَمَا أَنَّ إِجَازَةَ التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ بِالْمَالِ مَنُوطَةٌ بِتَقَوُّمِهِ، فَالْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَغَيْرِهَا.

أَمَّا غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ فَلاَ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ شَرْعًا بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَنَحْوِهَا.

عَلَى أَنَّهُ لاَ تَلاَزُمَ بَيْنَ التَّقَوُّمِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَبَيْنَ الْمَالِيَّةِ فِي نَظَرِ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مُتَقَوِّمًا، أَيْ مُبَاحَ الاِنْتِفَاعِ، وَلاَ يَكُونُ مَالاً، لِفُقْدَانِ أَحَدِ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ كَالْحَبَّةِ مِنَ الْقَمْحِ وَالْكِسْرَةِ الصَّغِيرَةِ مِنْ فُتَاتِ الْخُبْزِ وَالتُّرَابِ الْمُبْتَذَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

نَقَلَ ابْنُ نُجَيْمٍ عَنِ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ: الْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بَعْضِهِمْ، وَالتَّقَوُّمُ يَثْبُتُ بِهَا وَبِإِبَاحَةِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا، فَمَا يُبَاحُ بِلاَ تَمَوُّلٍ لاَ يَكُونُ مَالاً، كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ، وَمَا يَتَمَوَّلُ بِلاَ إِبَاحَةِ انْتِفَاعٍ لاَ يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ، وَإِذَا عُدِمَ الأْمْرَ انِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ.

قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَالَ أَعَمُّ مِنَ الْمُتَقَوِّمِ؛ لأِنَّ  الْمَالَ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ كَالْخَمْرِ، وَالْمُتَقَوِّمُ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ مَعَ الإْبَاحَةِ، فَالْخَمْرُ مَالٌ لاَ مُتَقَوِّمٌ .

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ عَدَمَ التَّقَوُّمِ لاَ يُنَافِي الْمِلْكِيَّةَ، فَقَدْ تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، كَمَا لَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَهُ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ مَمْلُوكَيْنِ لَهُ وَأَسْلَمَ عَلَيْهِمَا، وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُزِيلَهُمَا وَلَهُ وَارِثٌ مُسْلِمٌ فَيَرِثُهُمَا، وَاصْطَادَ الْخِنْزِيرَ، وَذَلِكَ لأِنَّ  الْمِلْكِيَّةَ تَثْبُتُ عَلَى الْمَالِ، وَالْمَالِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِي غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ، وَلَكِنْ عَدَمُ التَّقَوُّمِ يُنَافِي وُرُودَ الْعُقُودِ مِنَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمَالِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ .

وَقَدْ يُرَادُ أَحْيَانًا بِالْمُتَقَوِّمِ عَلَى أَلْسِنَةِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مَعْنَى الْمُحْرَزِ، حَيْثُ إِنَّهُمْ يُطْلِقُونَ مُصْطَلَحَ (غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ) أَيْضًا عَلَى الْمَالِ الْمُبَاحِ قَبْلَ الإْحْرَازِ، كَالسَّمَكِ فِي الْبَحْرِ، وَالأْوَابِدِ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَالأْشْجَارِ  فِي الْغَابَاتِ، وَالطَّيْرِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ، فَإِذَا اصْطِيدَ أَوِ احْتُطِبَ صَارَ مُتَقَوِّمًا بِالإْحْرَازِ .

أَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الْحَنَابِلَةِ فَقَدِ اعْتَبَرُوا إِبَاحَةَ الاِنْتِفَاعِ عُنْصُرًا مِنْ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ، فَالشَّيْءُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَاحٌ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فَلَيْسَ بِمَالٍ أَصْلاً، وَلِذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُمْ تَقْسِيمُ الْمَالِ إِلَى مُتَقَوِّمٍ وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُمْ إِذَا أَطْلَقُوا لَفْظَ (الْمُتَقَوِّمُ) أَرَادُوا بِهِ مَا لَهُ قِيمَةٌ بَيْنَ النَّاسِ وَ (غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ) مَا لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ فِي عُرْفِهِمْ.

وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ فِي شَرْحِ الرَّصَّاعِ عَلَى حُدُودِ ابْنِ عَرَفَةَ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّقْوِيمِ إِنَّمَا هُوَ مُرَاعَاةُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَذِنَ الشَّارِعُ فِيهَا، وَمَا لاَ يُؤْذَنُ فِيهِ فَلاَ عِبْرَةَ بِهِ، فَلاَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ؛ لأِنَّ  الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا .

وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَعْتَبِرْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ فِي عِدَادِ الأْمْوَالِ  أَصْلاً بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَلَمْ يُوجِبُوا الضَّمَانَ عَلَى مُتْلِفِهِمَا مُطْلَقًا، فِي حِينِ عَدَّهُمَا الْحَنَفِيَّةُ مَالاً مُتَقَوِّمًا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ، وَأَلْزَمُوا مُتْلِفَهُمَا مُسْلِمًا كَانَ أَمْ ذِمِّيًّا الضَّمَانَ .

وَقَدْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَنَفِيَّةَ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مُتْلِفِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ، لاِعْتِبَارِهِ مَالاً فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ لاَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ عِنْدَهُمْ، دُونَ أَنْ يُوَافِقُوا الْحَنَفِيَّةَ عَلَى تَقْسِيمِهِمُ الْمَالَ إِلَى مُتَقَوِّمٍ وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادُوهُ .

ب - بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا:

5 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ إِلَى قِسْمَيْنِ: مِثْلِيٍّ، وَقِيَمِيٍّ فَالْمَالُ الْمِثْلِيُّ: هُوَ مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي السُّوقِ بِدُونِ تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ .

وَهُوَ فِي الْعَادَةِ: إِمَّا مَكِيلٌ (أَيْ مُقَدَّرٌ بِالْكَيْلِ) كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ مَوْزُونٌ كَالْمَعَادِنِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَذْرُوعٌ كَأَنْوَاعٍ مِنَ الْمَنْسُوجَاتِ الَّتِي لاَ تَفَاوُتَ بَيْنَهَا، أَوْ مَعْدُودٌ كَالنُّقُودِ الْمُتَمَاثِلَةِ وَالأْشْيَاءِ  الَّتِي تُقَدَّرُ بِالْعَدَدِ، وَلَيْسَ بَيْنَ أَفْرَادِهَا تَفَاوُتٌ يُعْتَدُّ بِهِ، كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَنَحْوِهِمَا.

وَالْمَالُ الْقِيمِيُّ: هُوَ مَا لاَ يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي السُّوقِ، أَوْ يُوجَدُ لَكِنْ مَعَ التَّفَاوُتِ الْمُعْتَدِّ بِهِ فِي الْقِيمَةِ  وَقَدْ سُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الأْمْوَالِ  (قِيَمِيًّا) نِسْبَةً لِلْقِيمَةِ الَّتِي يَتَفَاوَتُ بِهَا كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُ عَنْ سِوَاهُ.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْقِيمِيِّ: كُلُّ الأْشْيَاءِ  الْقَائِمَةِ عَلَى التَّغَايُرِ فِي النَّوْعِ أَوْ فِي الْقِيمَةِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا كَالْحَيَوَانَاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ الآْحَادِ مِنَ الْخَيْلِ وَالإْبِلِ  وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَنَحْوِهَا، وَكَذَا الدُّورُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الْيَدَوِيَّةُ مِنْ حُلِيٍّ وَأَدَوَاتٍ وَأَثَاثٍ مَنْزِلِيٍّ - الَّتِي تَتَفَاوَتُ فِي أَوْصَافِهَا وَمُقَوِّمَاتِهَا، وَيَتَمَيَّزُ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهَا بِمَزَايَا لاَ تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، حَتَّى أَصْبَحَ لَهُ قِيمَةٌ خَاصَّةٌ بِهِ.

وَمِنْهَا أَيْضًا: الْمِثْلِيَّاتُ الَّتِي فُقِدَتْ مِنَ الأْسْوَاقِ  أَوْ أَصْبَحَتْ نَادِرَةً، كَبَعْضِ الْمَصْنُوعَاتِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي انْقَطَعَتْ مِنَ الأْسْوَاقِ ، وَأَصْبَحَ لَهَا اعْتِبَارٌ خَاصٌّ فِي قِيمَتِهَا يَنْقُلُهَا إِلَى زُمْرَةِ الْقِيمِيَّاتِ، وَكَذَا كُلُّ وَحْدَةٍ لَمْ تُعَدَّ مُتَسَاوِيَةً مَعَ نَظَائِرِهَا مِنْ وَحَدَاتِ الْمِثْلِيِّ، بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا لِعَيْبٍ أَوِ اسْتِعْمَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا تُصْبِحُ مِنَ الْقِيمِيَّاتِ، كَالأْدَوَاتِ وَالآْلاَتِ وَالسَّيَّارَاتِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا، وَذَلِكَ لِتَغَيُّرِ أَوْصَافِهَا وَقِيَمِهَا .

وَالْوَاجِبُ فِي إِتْلاَفِ الْمِثْلِيَّاتِ هُوَ ضَمَانُ الْمِثْلِ؛ لأِنَّهُ الْبَدَلُ الْمُعَادِلُ، بِخِلاَفِ الْقِيمِيَّاتِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ؛ إِذْ لاَ مِثْلَ لَهَا.

وَالْمِثْلِيُّ يَصِحُّ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا الْقِيمِيُّ فَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ فِي جَوَازِ جَعْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.

(ر: دَيْنٌ ف 8).

ج - بِالنَّظَرِ إِلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ :

6 - يَنْقَسِمُ الْمَالُ بِالنَّظَرِ إِلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِ الْمَالِكِ، وَمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ مَالِكِهِ.

فَالْمَالُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ: هُوَ الَّذِي ارْتَبَطَتْ عَيْنُهُ أَوْ مَالِيَّتُهُ بِحَقٍّ مُقَرَّرٍ لِغَيْرِ مُلاَّكِهِ، كَالْمَالِ الْمَرْهُونِ، فَلاَ يَكُونُ لِمَالِكِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا يُخِلُّ بِحُقُوقِ الْمُرْتَهِنِ. (ر: رَهْنٌ ف 17).

وَأَمَّا الْمَالُ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ: فَهُوَ الْمَالُ الْخَالِصُ لِمَالِكِهِ، دُونَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ أَحَدٍ غَيْرَهُ، وَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ - رَقَبَةً وَمَنْفَعَةً - بِكُلِّ وُجُوهِ التَّصَرُّفِ الْمَشْرُوعَةِ، بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى إِذْنِ أَحَدٍ أَوْ إِجَازَتِهِ لِسِلاَمَتِهِ وَخُلُوصِهِ مِنَ ارْتِبَاطِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ.

د - بِالنَّظَرِ إِلَى النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ :

7 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ بِالنَّظَرِ إِلَى إِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَحْوِيلِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَنْقُولٌ، وَعَقَارٌ.

فَالْمَالُ الْمَنْقُولُ: هُوَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. فَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .

وَالْعَقَارُ: هُوَ مَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. كَالأْرَاضِيِ وَالدُّورِ وَنَحْوِهَا .

قَالَ أَبُو الْفَضْلِ الدِّمَشْقِيُّ: الْعَقَارُ صِنْفَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمُسَقَّفُ، وَهُوَ الدُّورُ وَالْفَنَادِقُ وَالْحَوَانِيتُ وَالْحَمَّامَاتُ وَالأْرْحِيَةُ وَالْمَعَاصِرُ وَالْفَوَاخِيرُ وَالأْفْرَانُ وَالْمَدَابِغُ وَالْعِرَاصُ. وَالآْخَرُ: الْمُذْدَرَعُ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى الْبَسَاتِينِ وَالْكُرُومِ وَالْمَرَاعِي وَالْغِيَاضِ وَالآْجَامِ وَمَا تَحْوِيهِ مِنَ الْعُيُونِ وَالْحُقُوقِ فِي مِيَاهِ الأْنْهَارِ .

8 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الثَّابِتِ، هَلْ يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْعَقَارِ أَمِ الْمَنْقُولِ؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُمَا مِنَ الْعَقَارِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْمَنْقُولاَتِ، إِلاَّ إِذَا كَانَا تَابِعَيْنِ لِلأَْرْضِ، فَيَسْرِي عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الْعَقَارِ بِالتَّبَعِيَّةِ .

هـ - بِالنَّظَرِ إِلَى النَّقْدِيَّةِ :

9 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ بِالنَّظَرِ إِلَى اتِّصَافِهِ بِالنَّقْدِيَّةِ إِلَى قِسْمَيْنِ: نُقُودٌ، وَعُرُوضٌ.

فَالنُّقُودُ: جَمْعُ نَقْدٍ، وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ عَلَى أَنَّ النَّقْدَ هُوَ: عِبَارَةٌ عَنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، سَوَاءٌ كَانَا مَسْكُوكَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ، وَيُقَالُ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ: النَّقْدَانِ .

وَيَلْحَقُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْحُكْمِ الأْوْرَاقُ الرَّائِجَةُ فِي الْعَصْرِ الْحَاضِرِ.

وَالْعُرُوضُ: جَمْعُ عَرْضٍ، وَهُوَ كُلُّ مَا لَيْسَ بِنَقْدٍ مِنَ الْمَتَاعِ . قَالَ فِي الْمُغْنِي: الْعَرْضُ هُوَ غَيْرُ الأْثْمَانِ مِنَ الْمَالِ عَلَى اخْتِلاَفِ أَنْوَاعِهِ، مِنَ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَسَائِرِ الْمَالِ . وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ النَّقْدَ فِي الْعُرُوضِ إِذَا كَانَ مُتَّخَذًا لِلاِتِّجَارِ بِهِ، تَأْسِيسًا عَلَى أَنَّ الْعَرْضَ هُوَ كُلُّ مَا أُعِدَّ لِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ لأِجْلِ  الرِّبْحِ، وَلَوْ مِنْ نَقْدٍ، قَالَ الْبُهُوتِيُّ: سُمِّيَ عَرْضًا لأِنَّهُ يُعْرَضُ لِيُبَاعَ وَيُشْتَرَى؛ تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ، كَتَسْمِيَةِ الْمَعْلُومِ عِلْمًا، أَوْ لأِنَّهُ يَعْرِضُ ثُمَّ يَزُولُ وَيَفْنَى .

و - بِالنَّظَرِ إِلَى رَجَاءِ صَاحِبِهِ فِي عَوْدِهِ إِلَيْهِ :

10 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ بِالنَّظَرِ إِلَى رَجَاءِ صَاحِبِهِ فِي عَوْدِهِ إِلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ يَدِهِ عَنْهُ إِلَى قِسْمَيْنِ: ضِمَارٌ، وَمَرْجُوٌّ.

فَالْمَالُ الضِّمَارُ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لاَ يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهُ مِنَ اسْتِنْمَائِهِ لِزَوَالِ يَدِهِ عَنْهُ، وَانْقِطَاعِ أَمَلِهِ فِي عَوْدِهِ إِلَيْهِ . وَأَصْلُهُ مِنَ الإْضْمَارِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: التَّغَيُّبُ وَالاِخْتِفَاءُ. وَعَلَى ذَلِكَ عَرَّفَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ: هُوَ كُلُّ مَا بَقِيَ أَصْلُهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَكِنْ زَالَ عَنْ يَدِهِ زَوَالاً لاَ يُرْجَى عَوْدُهُ فِي الْغَالِبِ . وَقَالَ سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: وَتَفْسِيرُ الضِّمَارِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَائِمًا، وَيَنْسَدَّ طَرِيقُ الْوُصُولِ إِلَيْهِ .

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: الْمَالُ الْمَغْصُوبُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْغَاصِبِ بَيِّنَةٌ، وَالْمَالُ الْمَفْقُودُ كَبَعِيرٍ ضَالٍّ وَعَبْدٍ آبِقٍ؛ إِذْ هُوَ كَالْهَالِكِ لِعَدَمِ قُدْرَةِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ. وَكَذَا الْمَالُ السَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ؛ لأِنَّهُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، وَالْمَالُ الْمَدْفُونُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ صَحْرَاءَ إِذَا نَسِيَ صَاحِبُهُ مَكَانَهُ، وَالدَّيْنُ الْمَجْحُودُ إِذَا جَحَدَهُ الْمَدِينُ عَلاَنِيَةً، وَلَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ . وَالْمَالُ الْمَرْجُوُّ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي يَرْجُو صَاحِبُهُ عَوْدَهُ إِلَيْهِ، لإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَعَدَمِ امْتِنَاعِهِ عَنِ الرَّدِّ عِنْدَ الطَّلَبِ أَوْ عِنْدَ حُلُولِ الأْجَلِ  الْمَضْرُوبِ لِرَدِّهِ. وَمِنْهُ الدَّيْنُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ، الَّذِي يَأْمُلُ الدَّائِنُ اقْتِضَاءَهُ، لِكَوْنِ الْمَدِينِ حَاضِرًا مُقِرًّا بِهِ مَلِيئًا بَاذِلاً لَهُ، أَوْ جَاحِدًا لَهُ، لَكِنْ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ كَذَلِكَ مِنَ الرَّجَاءِ، الَّذِي هُوَ فِي اللُّغَةِ: ظَنٌّ يَقْتَضِي حُصُولَ مَا فِيهِ مَسَرَّةٌ .

 وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، حَيْثُ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زَكَاةِ الْمَالِ الضِّمَارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الأْحْكَامِ. (ر: ضِمَارٌ ف 12).

ز - بِالنَّظَرِ إِلَى نَمَائِهِ :

11 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ بِالنَّظَرِ إِلَى نَمَائِهِ أَوْ عَدَمِ نَمَائِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: نَامٌّ، وَقِنْيَةٌ.

فَالْمَالُ النَّامِي: هُوَ الَّذِي يَزِيدُ وَيَكْثُرُ. مِنَ النَّمَاءِ الَّذِي يَعْنِي فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةَ وَالْكَثْرَةَ. وَهُوَ فِي الشَّرْعِ نَوْعَانِ: حَقِيقِيٌّ، وَتَقْدِيرِيٌّ.

فَالْحَقِيقِيُّ: الزِّيَادَةُ بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَالتِّجَارَاتِ. وَالتَّقْدِيرِيُّ: تَمَكُّنُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ، بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ . وَمَالُ الْقِنْيَةِ: هُوَ الَّذِي يَتَّخِذُهُ الإْنْسَانُ  لِنَفْسِهِ لاَ لِلتِّجَارَةِ. قَالَ الأْزْهَرِيُّ: الْقِنْيَةُ: الْمَالُ الَّذِي يُؤَثِّلُهُ الرَّجُلُ وَيَلْزَمُهُ وَلاَ يَبِيعُهُ لِيَسْتَغِلَّهُ .

وَيَظْهَرُ أَثَرُ التَّقْسِيمِ فِي الزَّكَاةِ؛ إِذْ إِنَّهَا تَجِبُ فِي الْمَالِ النَّامِي دُونَ مَالِ الْقِنْيَةِ، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ فِي (زَكَاةٌ ف 27).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثالث عشر ، الصفحة / 81

تَقَوُّمٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - التَّقَوُّمُ: مَصْدَرُ تَقَوَّمَ الشَّيْءُ تَقَوُّمًا. مُطَاوِعُ قَوَّمَ يُقَالُ: قَوَّمْتُهُ فَتَقَوَّمَ أَيْ: عَدَّلْتُهُ فَتَعَدَّلَ، وَثَمَّنْتُهُ فَتَثَمَّنَ .

وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: كَوْنُ الشَّيْءِ مَالاً مُبَاحَ الاِنْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا فِي غَيْرِ ضَرُورَةٍ. فَكُلُّ مُتَقَوِّمٍ مَالٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَالٍ مُتَقَوِّمًا، فَمَا يُبَاحُ بِلاَ تَمَوُّلٍ لاَ يَكُونُ مَالاً كَحَبَّةِ قَمْحٍ. وَمَا يُتَمَوَّلُ بِلاَ إِبَاحَةِ انْتِفَاعٍ لاَ يَكُونُ مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ. وَإِذَا عُدِمَ الأْمْرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، كَالدَّمِ، وَإِذَا وُجِدَا كَانَ الشَّيْءُ مَالاً مُتَقَوِّمًا .

وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ التَّقَوُّمُ فِيمَا يَحْصُرُهُ عَدٌّ أَوْ ذَرْعٌ، كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ، فَالتَّقَوُّمُ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ يُقَابِلُ الْمِثْلِيَّ .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - التَّمَوُّلُ:

2 - يُرَادُ بِالتَّمَوُّلِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ اتِّخَاذُ الْمَالِ قُنْيَةٌ .

فَالتَّقَوُّمُ أَخَصُّ مِنَ التَّمَوُّلِ، لأِنَّ  التَّقَوُّمَ يَسْتَلْزِمُ إِبَاحَةَ الاِنْتِفَاعِ بِالشَّيْءِ شَرْعًا، فَضْلاً عَنْ كَوْنِهِ مُتَمَوَّلاً .

الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ  :

3 - يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ - بِجَانِبِ تَوَافُرِ سَائِرِ الشُّرُوطِ - أَنْ يَكُونَ مُتَقَوِّمًا، أَيْ يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ، فَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْمَالِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ. وَهَذَا مَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ . إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ بَيْعِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ وَالشِّرَاءِ بِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ، فَبَيْعُ الْمَالِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ بَاطِلٌ عِنْدَهُمْ لاَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ كَبَيْعِ الدَّمِ بِالْخِنْزِيرِ، فَلاَ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلاَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلاً.

أَمَّا الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، فَيَعْتَبِرُونَهُ فَاسِدًا وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

وَسَبَبُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمَقْصُودُ الأْصْلِيُّ مِنَ الْبَيْعِ، لأِنَّ  الاِنْتِفَاعَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالأْعْيَانِ ، وَالأْثْمَانُ وَسِيلَةٌ لِلْمُبَادَلَةِ .

وَلِلتَّوَسُّعِ فِي ذَلِكَ (ر: بُطْلاَنٌ، فَسَادٌ، بَيْعٌ، بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ).

تَقَوُّمُ الْمُتْلَفَاتِ:

4 - مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُتْلَفُ مُتَقَوِّمًا، فَلاَ يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلاَفِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْمُسْلِمِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا أَمْ ذِمِّيًّا، لِسُقُوطِ تَقَوُّمِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ .

(ر: إتْلاَفٌ ف 34 - 1 / 225) .

أَمَّا لَوْ أَتْلَفَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ الضَّمَانِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّنَا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَمَا يَدِينُونَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ عُمَّالَهُ: مَاذَا تَصْنَعُونَ بِمَا يَمُرُّ بِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنَ الْخُمُورِ؟ فَقَالُوا: نُعَشِّرُهَا، فَقَالَ: لاَ تَفْعَلُوا، وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا. فَلَوْلاَ أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ وَبَيْعُهَا جَائِزٌ لَهُمْ لَمَا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَإِذَا كَانَتْ مَالاً لَهُمْ وَجَبَ ضَمَانُهَا كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ .

وَيَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِعَدَمِ وُجُوبِ ضَمَانِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَا لِمُسْلِمٍ أَمْ ذِمِّيٍّ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه سلم   قَالَ: «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأْصْنَامِ»  وَمَا حَرُمَ بَيْعُهُ لِحُرْمَتِهِ لَمْ تَجِبْ قِيمَتُهُ كَالْمَيْتَةِ، وَلأِنَّ  الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَيْنِ فَلاَ يَجِبُ ضَمَانُهُمَا، وَدَلِيلُ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَيْنِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ - فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه سلم   قَالَ: فَإِذَا قَبِلُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ»  وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّينَ لاَ أَنَّ حَقَّهُمْ يَزِيدُ عَلَى حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، وَلأِنَّ  عَقْدَ الذِّمَّةِ خَلَفٌ عَنِ الإْسْلاَمِ، فَيَثْبُتُ بِهِ مَا يَثْبُتُ بِالإْسْلاَمِ، إِذْ الْخَلَفُ لاَ يُخَالِفُ الأْصْلَ، فَيَسْقُطُ تَقَوُّمُهُمَا فِي حَقِّهِمْ .

وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي (إِتْلاَفٌ، وَضَمَانٌ).

تَقَوُّمُ الْمَنَافِعِ:

5 - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ: أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ مُتَقَوِّمَةٌ مَضْمُونَةٌ بِالْعُقُودِ وَالْغُصُوبِ كَالأْعْيَانِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُتَقَوِّمَةٌ بِنَفْسِهَا أَنَّ التَّقَوُّمَ عِبَارَةٌ عَنِ الْعِزَّةِ، وَالْمَنَافِعُ عَزِيزَةٌ بِنَفْسِهَا عِنْدَ النَّاسِ، وَلِهَذَا يَبْذُلُونَ الأْعْيَانَ لأِجْلِهَا، بَلْ تُقَوَّمُ الأْعْيَانُ بِاعْتِبَارِهَا فَيَسْتَحِيلُ أَنْ لاَ تَكُونَ هِيَ مُتَقَوِّمَةً .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لاَ تَتَقَوَّمُ بِنَفْسِهَا بَلْ تُقَوَّمُ ضَرُورَةً عِنْدَ وُرُودِ الْعَقْدِ؛ لأِنَّ  التَّقَوُّمَ لاَ يَسْبِقُ الْوُجُودَ وَالإْحْرَازَ، وَذَلِكَ فِيمَا لاَ يَبْقَى غَيْرَ مُتَصَوَّرٍ  .

وَتَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْخِلاَفِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ، تُنْظَرُ فِي أَبْوَابِ الْغَصْبِ مِنَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ، وَفِي مُصْطَلَحَيْ: (ضَمَانٌ، وَغَصْبٌ، وَإِجَارَةٌ) .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع عشر ، الصفحة / 28

تَمَوُّلٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - التَّمَوُّلُ فِي اللُّغَةِ: اتِّخَاذُ الْمَالِ، يُقَالُ: تَمَوَّلَ فُلاَنٌ مَالاً إِذَا اتَّخَذَ قَنِيَّةً. وَمَالَ الرَّجُلُ يُمَوِّلُ وَيَمَالُ مَوْلاً وَمُؤَوَّلاً إِذَا صَارَ ذَا مَالٍ

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا جَاءَك مِنْهُ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ عَلَيْهِ فَخُذْهُ وَتَمَوَّلْهُ» - أَيِ اجْعَلْهُ لَك مَالاً، وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ

وَالْمَالُ فِي اللُّغَةِ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مَا مَلَكْتَهُ مِنْ جَمِيعِ الأْشْيَاءِ.

وَشَرْعًا: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِهِ  

وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (مَالٌ).

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - التَّمَلُّكُ:

2 - التَّمَلُّكُ وَالْمَلْكُ وَالْمُلْكُ وَالْمِلْكُ فِي اللُّغَةِ: احْتِوَاءُ الشَّيْءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ.

 

وَعَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهُ: «اتِّصَالٌ شَرْعِيٌّ بَيْنَ الإْنْسَانِ وَبَيْنَ شَيْءٍ يَكُونُ مُطْلَقًا لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ وَحَاجِزًا عَنْ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ فِيهِ».

ب - الاِخْتِصَاصُ:

3 - الاِخْتِصَاصُ فِي اللُّغَةِ: الاِنْفِرَادُ بِالشَّيْءِ دُونَ الْغَيْرِ.

قَالَ صَاحِبُ الْكُلِّيَّاتِ: لِلاِخْتِصَاصِ إِطْلاَقَانِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:

أ - فَهُوَ يُطْلَقُ فِي الأْعْيَانِ الَّتِي لاَ تَقْبَلُ التَّمَوُّلَ كَالنَّجَاسَاتِ مِنَ الْكَلْبِ وَالزَّيْتِ النَّجَسِ وَالْمَيِّتِ وَنَحْوِهَا.

ب - وَيُطْلَقُ فِيمَا يَقْبَلُ التَّمَوُّلَ وَالتَّمَلُّكَ مِنَ الأْعْيَانِ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأِحَدٍ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ لإِرْصَادِهِ لِجِهَةٍ نَفْعُهَا عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ، كَالْمَسَاجِدِ وَالرُّبُطِ وَمَقَاعِدِ الأْسْوَاقِ.

وَفَضْلاً عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا لِخَاصَّةِ نَفْسِهِ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ فَقَدِ اخْتَصَّ بِهِ. فَالاِخْتِصَاصُ أَعَمُّ مِنَ التَّمَوُّلِ وَالتَّمَلُّكِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالاِخْتِصَاصِ: أَنَّ الْمِلْكَ يَتَعَلَّقُ بِالأْعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ، وَالاِخْتِصَاصَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَنَافِعِ، وَبَابُ الاِخْتِصَاصِ أَوْسَعُ .

الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ:

4 - الأْعْيَانُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

ضَرْبٍ لاَ يَقْبَلُ التَّمَوُّلَ، فَلاَ يَعْتَبِرُهُ الشَّارِعُ مَالاً، وَإِنْ تَمَوَّلَهُ النَّاسُ، وَيَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ وَسَائِرُ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ إِنْ جُعِلَ عِوَضًا فِيهَا

وَضَرْبٍ يَقْبَلُ التَّمَوُّلَ، وَيَكُونُ مَالاً شَرْعًا بِتَمَوُّلِ النَّاسِ لَهُ، وَتَنْعَقِدُ بِهِ الْمُعَاوَضَاتُ وَجَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ.

5 - وَقَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْمَالَ إِلَى مُتَقَوِّمٍ، وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ. فَالْمُتَقَوِّمُ عِنْدَهُمْ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي أَبَاحَ الشَّارِعُ الاِنْتِفَاعَ بِهِ، وَغَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ: هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَمْ يُبِحِ الشَّارِعُ الاِنْتِفَاعَ بِهِ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ، فَالْمَالُ أَعَمُّ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُتَقَوِّمِ.

وَيَرَى الْجُمْهُورُ أَنَّ الَّذِي لَمْ يُبِحِ الشَّارِعُ الاِنْتِفَاعَ بِهِ خَارِجٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَالاً أَسَاسًا.

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَنَافِعِ وَالْحُقُوقِ هَلْ تُتَمَوَّلُ أَمْ لاَ؟ أَيْ هَلْ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمَالِ أَمْ لاَ؟

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى صِحَّةِ تَمَوُّلِهَا، وَذَلِكَ لأِنَّ  الْمَقْصُودَ مِنَ الأْشْيَاءِ مَنَافِعُهَا لاَ ذَوَاتُهَا.

 وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَالِيَّتِهَا، وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ قَبِيلِ الْمِلْكِ لاَ الْمَالِ؛ لأِنَّ  الْمِلْكَ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُتَصَرَّفَ فِيهِ بِوَصْفِ الاِخْتِصَاصِ، وَالْمَالُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُدَّخَرَ لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ وَقْتَ الْحَاجَةِ.

6 - وَثَمَرَةُ الْخِلاَفِ تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ: مِنْهَا فِي الإْجَارَةِ: فَإِنَّهَا تَنْتَهِي بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأِنَّ  الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ مَالاً حَتَّى تُورَثَ.

وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لاَ تَنْتَهِي بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَتَظَلُّ بَاقِيَةً حَتَّى تَنْتَهِيَ الْمُدَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا؛ وَذَلِكَ لأِنَّ  الْمَنْفَعَةَ مَالٌ، فَتُورَثُ .

وَلِلتَّفْصِيلِ اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ: (مَالٌ).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  العشرون ، الصفحة / 35

اعْتِبَارُ مَالِيَّةِ الْخِنْزِيرِ:

10- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخِنْزِيرِ مَالاً مُتَقَوِّمًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ. وَذَلِكَ لأِنَّ  الْمَالَ هُوَ مَا يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فِي غَيْرِ الضَّرُورَاتِ، وَالْخِنْزِيرُ لاَ يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ وَلِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْ بَيْعِهِ كَمَا يَأْتِي.

وَيَظْهَرُ أَثَرُ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْخِنْزِيرِ مَالاً فِي الآْتِي:

أَوَّلاً: عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ:

أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْخِنْزِيرِ وَشِرَائِهِ، وَلِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأْصْنَامِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ: لاَ، هُوَ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ»   وَلأِنَّ  مِنْ شَرْطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ - سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنًا أَمْ مُثَمَّنًا - أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا وَأَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ شَرْعًا.

وَالأْصْلُ فِي حِلِّ مَا يُبَاعُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ لأِنَّ  بَيْعَ غَيْرِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ شَرْعًا لاَ يَتَحَقَّقُ بِهِ الرِّضَا، فَيَكُونُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لقوله تعالي : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) .

وَالْخِنْزِيرُ إِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْمَنَافِعِ إِلاَّ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ شَرْعًا، وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا.

وَفَصَّلَ الْحَنَفِيَّةُ فِي حُكْمِ بَيْعِ الْخِنْزِيرِ فَهُوَ عِنْدَهُمْ بَاطِلٌ إِذَا بِيعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَفَاسِدٌ إِذَا بِيعَ بِعَيْنٍ، عَلَى قَوْلِهِمْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبُطْلاَنِ وَالْفَسَادِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَبَيْنَ بَيْعِهِ بِعَيْنٍ، أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِإِهَانَةِ الْخِنْزِيرِ وَتَرْكِ إِعْزَازِهِ وَفِي شِرَائِهِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إِعْزَازٌ لَهُ، لأِنَّ هَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فِي الْعَقْدِ لِكَوْنِهَا وَسِيلَةً لِلتَّمَلُّكِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْخِنْزِيرُ، وَلِذَا كَانَ بَيْعُهُ بِهِمَا بَاطِلاً وَيَسْقُطُ التَّقَوُّمُ.

أَمَّا إِذَا بِيعَ بِعَيْنٍ كَالثِّيَابِ، فَقَدْ وُجِدَتْ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ لأِنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْخِنْزِيرُ يُعْتَبَرُ مَالاً فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ  كَمَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَمَنًا وَمَبِيعًا. وَرُجِّحَ اعْتِبَارُ الثَّوْبِ مَبِيعًا تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْعُقَلاَءِ الَّذِي يَقْضِي بِأَنْ يَكُونَ الإْعْزَازُ  لِلثَّوْبِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ لاَ الْخِنْزِيرُ. فَتَكُونُ تَسْمِيَةُ الْخِنْزِيرِ فِي الْعَقْدِ مُعْتَبَرَةً فِي تَمَلُّكِ الثَّوْبِ لاَ فِي نَفْسِ الْخِنْزِيرِ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَتَجِبُ قِيمَةُ الثَّوْبِ دُونَ الْخِنْزِيرِ .

 

____________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 288)
يجوز بيع كل ما كان مالاً موجوداً متقوماً مملوكاً في نفسه مقدور التسليم.
(مادة 289)
بيع المعدوم باطل فلا يجوز بيع الثمر قبل ظهوره ولا بيع الزرع قبل نباته ولا بيع الحمل.
(مادة 290)
الثمار التي ظهرت وانعقدت يجوز بيعها وهي على شجرها سواء كانت صالحة للأكل أم لا.
(مادة 291)
ما تتلاحق أفراده وتبرز شيئاً فشيئاً كالفواكه والأزهار والخضروات إن كان قد ظهر أكثره يجوز بيعه مع ما سيبرز تبعاً صفقة واحدة.
(مادة 292)
بيع مالاً يعد مالاً أصلاً وما ليس مقدور التسليم وما كان غير محرز من المباحات ولو في أرض مملوكة للبائع باطل.
(مادة 293)
لا يجوز بيع العلو دون السفل إلا إذا كان العلو قائماً فلو سقط لا يجوز بيعه بل يبطل.
(مادة 294)
إذا كان العلو لصاحب السفل يجوز لصاحب السفل أن يبيع العلو وهو قائم ويكون سطح السفل لصاحب السفل وللمشتري حق القرار حتى لو انهدم العلو كان له أن يبني على السفل علواً آخر مثل الأول.
(مادة 295)
يصح بيع حصة شائعة معلومة من عقار قبل فرزها.
(مادة 296)
بيع أحد الشريكين حصة مشاعة في بناء أو شجر قائم في أرض محتكرة جائز للشريك وللأجنبي.
(مادة 297)
ما يترتب على بيعه مشاعاً ضرر للبائع أو للشريك فلا يصح بيعه مشاعاً
فمن كان له أرض وله فيها زرع فلا يصح بيع الزرع قبل إدراكه بدون الأرض لكن إذا لم يفسخ العقد حتى أدرك الزرع انقلب العقد جائزاً ولا يجوز للشريك أن يبيع حصته مشاعة من الزرع قبل إدراكه ومن الثمر قبل بدو صلاحه ومن الشجر قبل بلوغ أو أن قطعه من دون بيع الأرض ويجوز ذلك للشريك.
فإن لم يفسخ العقد حتى استوى الثمر وأدرك الزرع وبلغ الشجر انقل البيع صحيحاً.
(مادة 298)
ما أمن من ضرر للبائع والشريك يجوز بيعه مشاعاً فيصح بيع الثمر بعد نضجه والزرع بعد إدراكه والشجر بعد بلوغ أو أن قطعه بدون الأرض سواء بيع ذلك للشريك أو للأجنبي.

(مادة 313)
ما جاز بيعه منفرداً يجوز استثناء من البيع.
(مادة 314)
كما يصح بيع العقار المحدود بالمتر والذراع يصح بيعه بتعيين حدوده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام الأعظم ابى حنيفة (رضى الله عنه ) إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية (1392هـ ـ 1972م  )

مادة 35 - المثلى : ما يوجد مثله في السوق بدون تفاوت يعتد به.

مادة 36 - القيمي : ما لا يوجد له مثل في السوق ، أو يوجد لكن مع التفاوت المعتد به في القيمة .

مادة ۳۷ - العدديات المتقاربة : المعدودات هي التي لا يكون بين أفرادها واحدها تفاوت في القيمة . وجميعها من المثليات .

 مادة 38 - العدديات المتفاوتة هي : التي يكون بين أفرادها و آحادها تفاوت في القيمة ، فجميعها قيميات .

مادة (۳۰)

ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده صح استثناؤه منه .

المذكرة الإيضاحية

إذا استثنى أرطال معلومة من بيع ثمر نخل، أو شاة معينة من بيع قطيع غنم، فهذا صحيح ، لصحة إيراد العقد على الشاة ، والأرطال المعلومة

مادة (۱۰۲) :

البيع الباطل هو ما أورث خللا في ركن البيع أو محله .

المذكرة الإيضاحية البيع الباطل : هو ما لم يشرع بأصله ولا بوصفه ، فهو كل ما أورث خللا في ركن البيع أو محله ، والمراد بركن البيع الرضا و يستدل عليه بالإيجاب والقبول أو المعاطي ، والمراد بمحله المبيع ، فالبيع بالميتة حتف أنفها والدم باطل لوجود خلل فيه لأن هذه الأشياء لا تعد مالآ عند أحد ممن له دين سماوى.

مادة (103) :

يبطل بيع ما ليس بمال والبيع به .

المذكرة الإيضاحية

المال هو ما يميل إليه الطبع ويمكن إدخاره لوقت الحاجة كما سبق تعريفه في أول البيوع ، والمراد بغير المال ألا يكون مالا في سائر الأديان كالتراب القليل في محله و الدم المسفوح والميتة حتف أنفها ، والمعدوم : کبیع حق التعلي ، والمضامين : ما في ظهور الآباء ، والملاقيح : ما في البطن من الجنين ، والنتاج . حبل الحبلة أي نتاج النتاج لحد لدابة به مثلا ، فكل ذلك لا يصلح مبيعا أو ثمنا .

ومن بيع المعدوم ما إذا جنسا فإذا هو من خلافة فيبطل البيع ، والمراد بالجنس : الجنس الفقهي وهو القول على كثير لا يتفاوت الفرض منها فاحشا ، فلا الذكر والأنثى في بني آدم جنسان التفاوت الأغراض ، وفي سائر الحيوانات جنس واحد لتقارب فها ، قال في الفتح ، ومن مختلفي الجنس ما إذا باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل لعدم الجنس ، ولو باعه ليلا على أنه ياقوت أحمر فطهر أنه أصفر صح البيع و يخير ، وإذا باع كبشا فاذا هو نعجة حيث ينعقد البيع و بخير لفوات الوصف .

 

مادة (104):

«كل مال غير متقوم يبطل بيعه بالثمن ويفسد بالعرض».

المذكرة الإيضاحية

المال نوعان : متقوم وغير متقوم ، والتقوم على ما ذكر في التلويع ضربان : عرفي : وهو بالاحراز فغير المحرز كالصيد قبل إحرازه .

وشرعي : وهو بإباحة الانتفاع به .

فالمال المتقوم : ما يباح الانتفاع به شرعا.

وغير المتقوم : مالا يباح الانتفاع به شرعا كخمر وخنزير كذلك ميتة لم تمت حتف أنفها بل بالخنق و نحوه کالجرح والضرب من أسباب الموت عدا الذكاة الشرعية فإنها أي الميتة التي لم تمت حتف أنفها مال عند الذي كخمر وخنزير ، وهذا إن بيعت بالثمن أي بالدين أي : ما يثبت في الذمة كدراهم ودنانير ومكيل وموزون بطل في الكل في حق المسلم ، وهذا البطلان لأن المبيع هو الأصل وليس هذا محلا للتمليك فبطل فيه فكذا في الثمن بخلاف ما إذا كان الثمن عينا كعرض فاءن البيع يبطل في الخمر ويفسد في العرض لأنه مبیع بين وجه مقصود بالتملك ، ولكن فسدت التسمية فوجبت قيمته فيملكه بالقبض بهذه القيمة.

مادة (105) :

(إذا بيع مال متقوم منضما إليه مالا يصح بيعه بطل البيع وإن سمی اسكل ثمن). |

مادة (106) : :

(إذا بيع ملك منضما إليه وقف فالبيع صحيح في الملك إلا إذا كان المنضم إليه المسجد العامر فهو باطل).

المذكرة الإيضاحية

إذا بيع ملك ضم إليه وقف المسجد العامر ، فالبيع باطل في الملك والوقف معا ، لأن وقف المسجد العامر لا يعتبر مالا ، ولو من وجه وما ليس بجمال لا يكون محلا لبيع الذي هو مبادلة بالمال ، وإذا بطل فها هو للمسجد بطل فيا ضم إليه ، حيث إن الصفقة واحدة .

واذا ضم الى الملك وقف المسجد الغامر ( الخراب ) أو غيره من سائر الأوقاف ولو عامرة ففيه روايتان :

الأولى : البطلان فيهما لأن الوقف لا يقبل التمليك والتملك .

الثانية : أنه صحيح في الملك ، فاسد في الوقف لأن وقف المسجد العامر (الخراب) يجوز بيعه اذا خرب في أحد القولين فصار مجتهدا فيه، فيصح بيع ما ضم اليه، ومثله جميع الأوقاف ولو عامرة، فإنه يجوز بيعها عند الحنابلة ليشتري بها ما هو خير منها كما في المعراج .

قال ابن عابدين ما ملخصه : والحاصل أن هنا مسألتين :

الأولى : أن بيع الوقف باطل ، ولو كان غير مسجد خلافا لمن أفتى بفساده ، لكن المسجد العامر ليس بمال من كل وجه وغيره مال من وجه من حيث كونه مجتهدا فيه.

الثانية : إذا كان مالا من وجه يكون بيع ما ضم إليه الوقف صحيحة ، ولو كان الوقف محكوما به خلافا لما أفتى به المفتي أبو السعود، الذي قيده بما إذا لم يحكم بلزومه .

ولو بيعت أرض فيها مساجد و مقابر ولم يستثنها فالبيع صحيح على الأصح في الأرض ، لأن المساجد والمقابر مستی عادة في يوجد ضم الوقف إلى الملك ، بل البيع واقع على الملك وحده .

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية  

(مادة ۲۲)

  1. يسري على الميراث قانون المتوفي وقت الوفاة .
  2. واذا كان هذا القانون يحرم مصرياً من نصيبه في التركة بصفته اجنبياً ، كان له أن يستوفي نصيبه من أموال التركة الموجودة في مصر

يقابل هذا النص المادة 17 من التقنين الحالى ، وهي تقول :

(1- يسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت قانون المورث أو الوصي او من صدرمنه التصرف وقت موته .

2- ومع ذلك يسري على شكل الوصية قانون الموصى وقت الايصاء أو قانون البلد الذي تمت فيه و كذلك الحكم في شكل سائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت) .

وتتضمن المادة المقترحة في فقرتها الأولى قاعدة الاسناد الخاصة بالميراث والواردة في المادة 17 من التقنين الحالي .

أما الفقرة الثانية من المادة المقترحة فتضيف حكماً مستحدثاً يقوم على أساس من العدل ، وله نظير في مشروع تنقيح التقنين المدني الفرنسي

( ماده 23 )

يسرى على التركة التي لا وارث لها القانون المصري متى كانت اموال التركة في مصر .

هذه المادة مستحدثة ، وهي تتضمن قاعدة اسناد خاصة بالتركة التي لا وارث لها وتقع أعيانها في مصر، حيث تقضي وفقا لقانون المواريث وأحكام الفقه الاسلامی بایلولة التركة إلى دولة موقع أموال التركة بوصفها مالاً لا مالك له .

 ( مادة 24)

١- تخضع الشروط الموضوعية لصحة الوصية وسائر التصرفات المضافة الى ما بعد الموت القانون من صدر منه التصرف وقت صدوره .

۲- أما مايتعلق بالقدر الذي تنفذ فيه الوصية ومن يجوز الايصاء له ، فيخضع لقانون من صدر منه التصرف وقت موته .

يقابل هذا النص المادة ۱۷ من التقنين الحالي التي تقدم ذكرها ، وهو يبين القانون الواجب التطبيق على الوصية مفرقا بين الشروط الموضوعية لصحتها وتلك التي تتعلق بنفاذها . ففي خصوص الشروط الموضوعية لصحة الوصية يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون من صدر منه التصرف وقت صدوره ، لأن هذا هو الوقت الذي ينبغي أن تتوافر فيه شروط صحة انتصرت من حيث وجود الارادة والمحل والسبب وتوافر الأهلية وسلامة الأرادة من العيوب ، وبذلك يحسم النص المقترح الخلاف في تفسير نص المادة 17 المشار اليها التي تنص على خضوع الوصية لقانون من صدر منه التصرف وقت موته . أما نفاذ الوصية من حيث القدر الذي يجوز التصرف فيه ومن يجوز الايصاء له فهي أمور وثيقة الصلة بالميراث ومن تم فهي تخضع لحكمه ، فيكون القانون الواجب التطبيق هو قانون من صدر منه التصرف وقت موته .

ويتفق الحكم الذي تضمنته الفقرة الأولى من النص المقترح من رای البناء المذهبين المالكي والحنبلى من حيث الاعتداد بأهلية الموصى وقت صدور الوصية ، وكان لهذا الحكم نظير في الفقرة الثانية للمادة 38 من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي قبل تعديلها .

وفيما يتعلق بالقانون الذي يسري على شكل الوصية ، وهو ما تحدثت عنه الفقرة الثانية من المادة 17 المشار اليها ، فقد رؤى الاكتفاء بالقاعدة الخاصة بشكل التصرفات عموماً .