مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول، الصفحة : 466
مذكرة المشروع التمهيدي :
قسمت المادة 112 الأشياء التي يصح أن تكون محلاً لحقوق مالية إلى أشياء ثابتة (أو عقارات) وأشياء منقولة ( قارن المادة 373 من التقنين البرتغالي ) ولم تتعرض لتقسيم الأموال من هذه الناحية، فحذفت العبارة الأخيرة من المادة 2/16 من التقنين الحالي التي نصت على الحقوق العينية المتعلقة بالأموال العقارية إذ أن هذه الحقوق تعتبر أموالاً لا أشياء وقد نص عليها المشروع في المادة التالية.
وعرف النص العقار بأنه كل شيء له مستقر ثابت، بحيث لا يمكن نقله دون تلف وينطبق ذلك على كل شيء حائز لصفة الاستقرار سواء أكان ذلك من أصل خلقته أم بصنع صانع ولما كان الحكم واحداً في كلتا الحالين، فقد رؤى حذف العبارة التي تقول في المادة 2/ 16 من التقنين الحالي سواء كان ذلك من أصل خلقتها أو بصنع صانع.
ولا يعتبر الشيء ذا مستقر ثابت إلا إذا كان لا يمكن نقله دون تلف فالأكشاك التي يمكن حلها وإقامتها في مكان آخر لا تعتبر أشياء ثابتة، أما المباني التي لا يمكن نقلها دون تلف فتعتير ثابتة حتى لو كانت معدة لتبقى مدة قصيرة ( أنظر المادة 4 من المشروع الإيطالى ) وقارن عكس ذلك ( المادة 95 من التقنين الألماني والمادة 2349 من التقنين الأرجنتيني).
وقد اكتفى المشروع كالتقنين الحالي بتعريف الشيء الثابت، واعتبار كل ما عداه منقولاً، وقد كان في وسعه أن يعرف كلاً من العقار والمنقول تعريفاً مباشراً كما فعل التقنين الفرنسي في المواد 527. وما بعدها و غيره من التقنينات ( التقنين الإيطالي في المواد 41 وما بعدها والتقنين الهولاندي في المواد 565 وما قبلها والتقنين الأرجنتيني في المواد 2352 وما بعدها ، والتقنين البرازيلي في المواد 43 وما بعدها و 47) ولكنه خشي أن يقصر كلا التعريفين عن شمول جميع الأشياء ، فاكتفي بتعريف العقار و ترك تعريف المنقول يستنبط من طريق الاستبعاد ( قارنه المادة 335 من التقنين الاسباني والمادة 376 من التقنين البرتغالي والمادة 6 من المشروع الإيطالى )، وكان في الوسع أن يعرف المشروع المنقول تعريفاً مباشراً وأن يترك تعريف العقار يستنبط من طريق غير مباشر كما فعل التقنين النمساوي في المادة 293، ولكنه آثر خطة التقنين الحالي نظراً لما للعقارات من اعتبار خاص لا تزال آثاره باقية في جملة التشريع المصرى .
وقد استثنى المشروع حقوق الملكية الواقعة على المنقولات التي يضعها المالك في عقار يملكه، رصداً على خدمة العقار أو استغلاله فاعتبرها أموالاً عقارية وهي المعروفة في الفقه بأنها العقارات بالتخصيص وقد توسع المشروع فيها فلم يقصرها كما فعل التقنين الحالي على الآلات اللازمة أي الضرورية للزراعة وللصانع ( المادة 4/18) بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك له و يخصصه إما لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد مثبتة، وإما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية الخ... ولا يشترط أن يكون المنقول لازماً أي ضرورياً لخدمة العقار أو استغلاله . بل يكفي تخصيصه لهذه الخدمة أو الاستغلال ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك.
أما إذا وضع المنقول لخدمة شخص مالكه لا لخدمة العقار، فإن ذلك لا يجعله عقاراً بالتخصيص ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة بل يكفي ألا يكون عارضاً ومتى انقطع التخصيص زالت من المنقول صفة العقار .
ولم ير المشروع أن يجعل أثر إلحاق صفة العقار بالتخصيص قاصراً على عدم جواز الحجز على المنقول الذي تلحق به هذه الصفة حتى يكون الحكم أكثر مرونة وأوسع نطاقا
1 ـ جرى نص المادة 82 من القانون المدنى بأن " كل شىء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار . و كل ما عدا ذلك من شىء فهو منقول ، و مع ذلك يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذى يضعه صاحبه فى عقار يملكه ، رصداً على خدمة هذا العقار أو إستغلاله فالمنقول الذى يضعه المالك فى عقار يملكه رصداً على العقار أو إستغلاله يعتبر عقاراً بالتخصيص ، و يشترط لتخصيص المنقول للعقار أن يكون مالكهما واحداً .
(الطعن رقم 1582 لسنة 52 جلسة 1983/03/02 س 34 ع 1 ص 621 ق 130)
2 ـ متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتثبيت ملكية الخصم المتدخل لأطيان النزاع تأسيساً على " أن التقادم الطويل الذى إكتملت مدته قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 - الذى يحظر تملك الأموال الخاصة للدولة أو كسب حق عينى بالتقادم - لم ينقطع برفع الدعوى رقم . . . . . ، إذ التقادم إنما كان يسرى فى مواجهة المالكة للأطيان وهى الحكومة ، والدعوى المذكورة كانت مقامة من مورث المستأنفين . وهو لم يكن مالكاً للأطيان محل النزاع طوال مدة سريان التقادم الطويل المكسب للملكية . . . . وأن رفع تلك الدعوى لا يدخل ضمن أسباب الإنقطاع الطبيعى ، هذا فضلاً عن أنه لم يترتب على رفع الدعوى المذكورة إزالة الحيازة قهراً وفعلاً إذ أنه قد صدر الحكم فيها بعدم إختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى . وهى دعوى طرد وتأيد الحكم إستئنافياً " ، وكانت المادة 82 من القانون المدنى القديم الذى بدا التقادم ورفعت الدعوى رقم . . . . فى ظله تنص على أن " تنقطع المدة المقررة للتملك بوضع اليد . . . إذا طلب المالك إسترداد حقه بأن كلف واضع اليد بالحضور للمرافعة أمام المحكمة . . . " وهو ما يدل على أن التقادم لا ينقطع إلا بعمل جازم من قبل مصلحة الأملاك المالكة ، التى يسرى التقادم ضدها . ولا يكفى مجرد موافقتها على طلب رفع الدعوى رقم . . . . . سالفة الذكر - المقدم إليها بإسترداد الأطيان ونقل تكليفها إلى إسمه حتى تنتقل صفة المالك إليه ، مما يجيز له المطالبة القضائية التى من أثرها قطع التقادم طبقاً للمادة 82 آنفة الذكر ، ذلك أن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل . وهو لم يسجل عقد الإسترداد إلا بعد أن إكتملت مدة التقادم . إذ كان ذلك فإن النعى الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 360 لسنة 39 جلسة 1974/12/31 س 25 ع 1 ص 1542 ق 261)
3 ـ إن رفع الدعوى من المدين ببراءة ذمته من الدين لإنقضائه بالتقادم ينافى إعتباره معترفاً بالدين إعترافاً يقطع مدة التقادم التى لم تكن قد تكاملت . كما أن تمسك الدائن بدينه فى تلك الدعوى ليس هو التنبيه الرسمى المنصوص عليه فى المادة 82 من القانون المدنى ، و هو لا يغنى عن التنبيه و لا عن التنفيذ ، لأنهما هما وحدهما اللذان يصلحان لقطع سريان التقادم على الدين .
(الطعن رقم 11 لسنة 15 جلسة 1946/01/17 س ع ع 5 ص 50 ق 24)
4 ـ على إعتبار آلات المطحن الثابتة فى الأرض على سبيل القرار عقاراً فإذا كان الثابت بعقد البيع أنه أنصب على أرض و مبانى و آلات مطحن و أنه خلا من الإشارة إلى مقومات المحل التجارى غير المادية و إلى المهمات و البضائع فإن البيع يكون قد وقع على عقار و لم يتضمن بيع منقول .
(الطعن رقم 182 لسنة 34 جلسة 1968/12/26 س 19 ع 3 ص 1565 ق 239)
5 ـ المناط فى صدد تحديد ملحقات الأطيان الزراعية و توابعها ، و ما إذا كانت تدخل فى قيمة هذه الأطيان أو تعتبر عنصراً مستقلاً يضاف إلى قيمة التركة ، هو بتخصيص هذه الملحقات و التوابع لخدمة الأرض ، و لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه إكتفى تسويغاً لإضافة قيمة الآلات و الماشية إلى وعاء التركة بقوله إن لها قيمة مستقلة قائمة بذاتها خارجة عن تحديد ثمن الأطيان دون أن يبين أنها معدة لإستغلال مستقل خارج عن الزراعة ، و أنها ليست مخصصة لخدمة الأراضى الزراعية المتروكة عن المورث ، خلافاً لدفاع الطاعنين - الورثة - فى هذا الخصوص ، فإنه يكون قاصر التسبيب .
(الطعن رقم 525 لسنة 34 جلسة 1972/11/29 س23 ع 3 ص 1295 ق 204)
6 ـ إذ كانت ملكية المنقول تنتقل إلى المشترى بمجرد تمام البيع و كان بيع ثمار الحدائق واقع على منقول مآلاً و كان من آثار عقد الإيجار إستحقاق المستأجر لمنفعة العين المؤجرة - فيمتلك الثمرات خلال مدة العقد .
(الطعن رقم 436 لسنة 48 جلسة 1981/12/08 س 32 ع 2 ص 2246 ق 409)
7 ـ إذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن مالك الأرض قد آجرها المستأجر ليقيم عليها منزلاً و أقام المستأجر المنزل و ظل قائماً إلى أن بيع و ربطت عليه عوائد مبان و بلدية و خفر و أدخلت فيه المياه و النور ، فهذا المنزل هو مال ثابت ينطبق عليه تعريف المادة الثانية من القانون المدنى . و لا يؤثر فى ذلك أن مالك الأرض اشترط فى عقد الإيجار أن يكون له حق الفسخ و إسترداد الأرض بما عليها من مبان فى أى وقت على أن يدفع قيمة المبانى التى إتفق على إقامتها بحسب تقدير أهل الخبرة . و ذلك لأنه لا يشترط لإعتبار البناء عقاراً أن تكون إقامته مؤبدة بل يكفى أن تكون مؤقتة لأنه فى الحالتين لا يمكن فصله عن الأرض بدون أن يتلف . و على ذلك فإذا قضت المحكمة بأن هذا البناء يعتبر أنقاضاً و أن بيعه يعتبر بيع منقول ناقلاً للملكية بمجرد العقد طبقاً للمادة 267 مدنى ثم أبطلت فى حق المشترى بيعاً ثابتاً مسجلاً صدر من البائع بعد ثبوت تاريخ البيع الأول ، فهذا الحكم يكون مخطئاً فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 38 لسنة 15 جلسة 1946/01/31 س ع ع 5 ص 93 ق 36)
8 ـ يشترط لتخصيص المنقول للعقار أن يكون مالكهما واحدا . و إذن فمتى كان أحد الشركاء على الشيوع فى أرض يمتلك ماكينة ملكية خاصة و أقامها على هذه الأرض بماله و استغلها لنفسه و لحسابه الخاص فإنها لا تصير عقاراً بالتخصيص .
(الطعن رقم 325 لسنة 21 جلسة 1955/02/10 س 6 ع 2 ص 639 ق 84)
9 ـ تعتبر العقارات بالتخصيص وفقا لنص المادة 688 من القانون المدنى المختلط داخلة ضمن الملحقات المشار إليها فى المادة المذكورة ، و تباع مع العقار المرهون مالم يتفق صراحة على خلاف ذلك ، و يقع عبء إثبات هذا الاتفاق على من يدعيه . و إذن فمتى كان الطاعن بوصفه " مدعيا " هو المكلف بإثبات أن المنقولات موضوع النزاع لا يشملها عقد الرهن الصادر منه ، فإنه كان لزاما عليه هو أن يقدم هذا العقد إلى محكمة الموضوع فى سبيل إثبات دعواه ، و إذ هو لم يفعل فلا يقبل منه النعى عليها بالخطأ فى تطبيق المادة المشار اليها .
(الطعن رقم 121 لسنة 21 جلسة 1954/01/14 س 5 ع 1 ص 420 ق 62)
10 ـ أن المحل التجاري وعلى ما يقضى به القانون رقم 11 لسنة 1940 يعتبر منقولاً معنوياً منفصلا عن الأموال المستخدمة فى التجارة ويشمل مجموعة العناصر المادية والمعنوي المخصصة لمزاولة المهنة التجارية من اتصال بالعملاء وسمعة واسم وعنوان تجاري والحق فى الإجارة وحقوق الملكية الأدبية والفنية عن المفردات المكون لها فهو فكرة معنوية كالذمة تضم أموالا عدة ولكنها هي ذاتها ليست هذه الأموال وترتيبا على ذلك لا يكون التصرف فى مفردات المحل التجاري تصرفا فى المحل ذاته ولا يعتبر العقار بطبيعته أي البناء الذي يستغل فيه المتجر عنصراً فيه ولو كان مملوكا للتاجر نفسه وهو بهذا الوصف يصح أن يكون محلا لملكية مستقلة عن العقار القائم به.
(الطعن رقم 495 لسنة 46 جلسة 1975/11/19 س 26 ص 1422 ق 269)
11 ـ إذ كان المطعون ضده الأول قد قصر طلباته أمام محكمة الإستئناف على طلب تثبيت ملكيته للماكينة وحدها و كان هذا الطلب ينصب على الآلة المتنازع عليها كما كانت قبل تثبيتها و كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى تقرير أن هذه الآلة ينطبق عليها عقد المطعون ضده الأول و أن ملكيته لها تثبت بهذا العقد دون تسجيل لأنه يقع على منقول . لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتثبيت ملكيته على سند من ذلك العقد لا يكون مخطئاً فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 452 لسنة 37 جلسة 1972/10/28 س 23 ع 3 ص 1225 ق 193)
أشار النص المتقدم إلي أن العقار بطبيعته، هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف . ومن ثم تعين الاسترشاد بهذا التعريف للوقوف على طبيعة الشئ، بحيث يعتبر عقاراً بطبيعته كل شئ تتوافر فيه العناصر التي اشتمل عليها هذا التعريف، فإن تختلف عنصر أو أكثر منها كان الشئ منقولاً .
وقد تتوافر عناصر العقار بطبيعته في شئ ومع ذلك يعتبر منقولاً بحسب المال، ذلك أن العقار بطبيعته يتطلب أن تظل عناصره باقية علي ما هي عليه، فإن طرأ عليها ما ينال من بعضها، تحول العقار بطبيعته إلي منقول بحسب المآل، لأن بقاءه مستوفياً لعناصره لن يستمر وإنما إلي حين طال أو قصر، فإذا صدر قرار بهدم أو ازالة عقار، أو اتفق مالكه مع مقاول على هدمه وشراء انقضائه، فإن التصرفات الواردة على الأنقاض تكون واردة على منقول بحسب المآل وليس علي عقار .
تعتبر الأرض شيئاً مستقراً بحيزه ثابت فيه لايمكن نقلها، فهي الأصل في العقار، سواء كانت أرضاً زراعية أم غير زراعية، فكل مايعتبر أرضاً فهو عقار بطبيعته، وتخضع التصرفات الواردة عليها لأحكام التصرفات الواردة عليها لأحكام التصرفات العقارية ولا يجوز الحجز عليها إلا وفقاً لإجراءات الحجز العقاري حتى لو تتعلق التصرف ببيع أتربة منها طالما أن تلك الأتربة لم يتم فصلها عن الأرض ولا يكون للمشتري إلا استصدار حكم بالزام المالك بتنفيذ التزامه عينياً أو بطريق التعويض التعويض ثم يتخذ إجراءات التنفيذ.
ويترتب علي ذلك أن المحاجر والمناجم تعتبر عقارات بطبيعتها ولو أن الغرض منها هو استخراج ما في باطنها من مواد، ولا تصبح تلك المواد منقولاً إلا بعد تمام فصلها أو التصرف فيها بالبيع فتصبح منقولاً بحسب المآل .
الأصل في العقار هو الاستقرار في حيزه وثباته فيه ولايمكن نقله منه دون تلف، وهو ما يصدق علي الأرض، ويأخذ حكمها، المباني والمنشآت التي تلتصق بها التصاق قرار بحيث تصبح مستقرة في حيزتها ثابتة فيه لا يمكن نقلها منه دون تلف، ويجب عدم تجزئة البناء أو المنشأة، فكل منهما يعتبر وحدة متكاملة فإذا تعذر نقلها كلها من حيزها دون تلف، كانت عقاراً حتى لو أمكن نقل بعضها دون تلف، مثال ذلك، إقامة كبائن خشبية على قواعد من البناء المستقر في الأرض فإن كل كابينة منها بقاعدتها تعتبر وحدة، فهي عقار ولو كان يمكن نقل الجزء الخشبي منها دون تلف.
وتعتبر الأجزاء المكملة للبناء، في حكمه، عقاراً بطبيعته حيث لو أمكن فكها دون تلف كالأبواب والنوافذ والكوالين ومفاتيحها والمصاعد والميازيب وصنابير المياه ومواسير المياه والكهرباء والغاز سواء وجدت داخل البناء أو مدفونة بالأرض خارجه طالما انها تابعة له ولو لم تكن مملوكة لصاحب البناء ويظل هذا الحكم لتلك الأجزاء مادامت مثبتة بمواضعها بالبناء، فإن نزعت منها أصبحت منقولاً وحينئذ تسري في شأنها نصوص السرقة والشروع فيها وخيانة الأمانة وهي قاصرة علي المنقول دون العقار، فإن نزعت منها أصبحت منقولاً وحينئذ تسري في شأنها النصوص السرقة والشروع فيها وخيانة الأمانة وهي قاصرة عيل المنقول دون العقار، فإن قلنا بإعتبارها عقاراً رغم نزعها، ما أمكن مساءلة السارق أو المستأجر الذي يقوم بتبديد شئ منها .
الزرع هو كل ماينبت في الأرض، سواء كان من غرس الأنسان أم نابتاً خلقه، والأساس في اعتبار الزرع عقاراً بطبيعته هو اندماجه بالأرض واتصاله بها اتصال قرار، ولا يلزم أن يكون على عمق معين لتحقيق اتصال القرار فيكفي أي قدر طالما اندمجت جذوره بها وحينئذ يعتبر عقاراً بطبيعته حتى لو أمكن نقله بدون تلف، لكن إذا نزع من حيزه صار منقولاً حتى يعاد غرسه في الأرض فيصبح عقاراً بمجرد غرسه.
فيعتبر الزرع، أيا كان نوعه، أشجاراً أو محاصيل أو أزهاراً أو ثماراً متصلة بأغصانها، عقاراً بطبيعته، طالما كان مندمجا ً بالأرض ومتصلاً بها اتصال قرار أما إذا انفصل عنها صار منقولاً.
كذلك يعتبر الزرع منقولاً، إذا وضع بالأرض ولكن لم يكن بها أتصال قرار، لأنه في هذه الحالة لا يكون مندمجاً بها، فالشجيرات الصغيرة والزهور التي تنمو أو توضع في أنية لا تعتبر عقاراً حتى لو وضعت هذه الآنية بباطن الأرض، لأن الزرع في هذه الحالة لا يكون مندمجاً بالأرض .
العقار بالتخصيص هو حسب طبيعته منقولا ولكن المشرع أضفي عليه الحكم العقار متى كان مملوكاً لصاحب العقار وقام هذا المالك بوضعه في عقاره وخصصه لخدمته أو استغلاله .
شروط العقار بالتخصيص :
أولاً : أن يوجد منقول بطبيعته : يلزم لتحقيق العقار بالتخصيص، أن يكون هذا الشئ في الأصل منقولا بطبيعته، حتى لو كان من قبل عقاراً بالتخصيص ثم نزع فصار منقولاً بطبيعته، طالما كانت حيازته بعد النزع بحسن نية، أما أن كانت بسوء نية، كما لو توافر علم الحائز بوجود رهن على العقار وقت ان كان هذا المنقول مخصصاً لخدمته أو أستغلاله، فإن هذا المنقول يظل عقاراً بالتخصيص رغم نزعه ويكون للدائن المرتهن التنفيذ عليه بعد تتبعه واسترداده عند التنفيذ على العقار، ومن ثم لايكون للحائز تخصيصه لخدمة عقاره لأن ذلك قاصر على الحائز سئ النية .
ثانياً : أن يخصص هذا المنقول لخدمة أو استغلال عقار : يجب لإكتساب المنقول صفة العقار أن يكون مالكه قد خصصه لخدمه عقاره أو لاستغلاله إذ يصبح المنقول حينئذ مكملاً للعقار بحيث يمكن الانتفاع به على الوجه الأمثل ولكن لا يشترط أن يكون هذا التخصيص ضرورياً للعقار إنما يكفي رصد المنقول لخدمته أو استغلاله ولو لم يستخدم في ذلك، فالآلة التي يضعها مالكها في عقاره لخدمته أو استغلاله ثم يتبين عدم صلاحيتهما للعمل فيتركها بالعقار، تكون عقاراً بالتخصيص.
ويكفي ألا يكون التخصيص عارضاً، فإذا جاء مالك العقار بمنقول مملوك له لخدمة أو استغلال عقاره بصفة عارضة، فإن المنقول يظل علي طبيعته فلا يصبح عقاراً بالتخصيص، مثال ذلك المزارع الذي يستخدم آلة ري بحقله لظروف طارئة أدت به إلى مضاعفة طريقة الري بسبب قصر المدة المخصصة لري أرضه أو يستخدم سيارة لنقل المحصول.
ثالثاً : وحدة مالك العقار والمنقول : يجب لاعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص أن يكون مملوكاً لصاحب العقار الذي ألحق به هذا المنقول، وقد يتم تخصيص المنقول لخدمة العقار أو استغلاله من المالك أو نائبه، سواء كانت النيابة اتفاقية، كناية الوكيل عن الموكل، أو قانونية، كناية الولي والوصي والقيم، أو قضائية، كناية الحارس القضائي، إذ لكل من هؤلاء الحق في الادارة، ومنها تخصيص منقول مملوك للأصيل لخدمة عقاره أو أستغلاله، ولذلك فلا يلزم للتخصيص وكالة خاصة.
فإن كان العقار مملوكاً علي الشيوع، وقام الشركاء جميعاً برصد منقول مملوك لهم لخدمته او استغلاله، أصبح هذا المنقول عقارا بالتخصيص . أما اذا قام بذلك احد الشركاء او بعضهم فإن المنقول في هذه الحالة لا يكون مملوكاً لجميع الشركاء، ومن ثم لا يصبح عقاراً بالتخصيص، كذلك الحال اذا كان المنقول مملوكا على الشيوع وقام أحد المشتاعين برصده لخدمة عقار يملكه وحده، ففى هذه الفروض لا يتحقق الشرط اتحاد المالك العقار و المنقول .ويذهب فريق من الفقه الى أن المشتاع إذ رصد منقولاً مملوكاً له لخدمة العقار المملوك علي الشيوع، فإن هذا المنقول يصبح عقاراً بالتخصيص تحت شرط فاسخ هو إجراء القسمة، بحيث إذا وقع الجزء الذي في حيازته في نصيبه تخلف الشرط أما أن وقع في نصيب غير تحقق الشرط .
أن المنقول لايصبح عقاراً بالتخصيص إلا إذا كان مالكه هو نفس مالك العقار الذي رصد المنقول لخدمته، ومن ثم فإن المنقول الذي يرصده المستأجر او المرخص له باستغلال منجم أو محجر، وصاحب حق الانتفاع والدائن المرتهن رهن حيازة، لايصير عقاراً بالتخصيص .
متي توافرت الشروط سالفة البيان اكتسب المنقول صفة العقار بالتخصيص، ترتب على ذلك خروجه من نطاق الأحكام القانونية التي يخضع لها المنقول ودخوله في نطاق الأحكام القانونية التي يخضع لها المنقول ودخوله في نطاق الأحكام التي تسري في شأن العقار بالتخصيص .
فلا يجوز الحجز على العقار بالتخصيص إلا تبعاً لحجز العقار المتعلق به وفقاً للأحكام المقررة في الحجر العقاري، ويتعلق ذلك بالنظام العام، ومن ثم فإذا حجز على عقار بالتخصيص منفرداً عن العقار المتعلق به، وقع الحجز باطلاً بطلاناً مطلقاً فتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك به أي حالة تكون عليها الدعوى .
جاء بمجلة الأحكام العدلية بالمادة 128 تعريفاً للمنقول بأن الشئ الذي يمكن نقله الشئ الذي يمكن نقله من محل إلى آخر فيشمل النقود والعروض والحيوانات والمكيلات والموزونات، وهو ما يتفق مع ما قصدت إليه المادة 82 من القانون المدني، فكل شئ يمكن نقله بدون تلف فهو منقول .
كما تعتبر السفن والطائرات منقولات بطبيعتها وان كان المشرع خصها بأحكام متميزة، فتسري في شأنها التسجيل كما هو مقرر بالنسبة للعقار ولا ترد عليها قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز في المنقول سند الحائز، فقد نصت المادة 57 من القانون رقم 26 لسنة 1976 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالطائرات علي أن تعتبر الطائرة منقولاً على أن تخضع التصرفات الواردة عليها بطريق التسجيل أو القيد بالسجلات الخاصة بذلك بالجهة الإدارية التي ناط بها المشرع إجراء الشهر.
المنقول بحسب المآل :
المنقول بحسب المآل، هو في الأصل عقار بطبيعته، ولكن مآله الحتمي أن يصير منقولاً في وقت قريب، ولذلك تعين اعتباره منقولاً قبل حلول هذا الوقت، ومن ثم تسري في شأنه كافة الأحكام المتعلقة بالمنقول لا بالعقار، ومن الأمثلة علي ذلك، المباني عند بيعها بقصد هدمها والأشجار المعدة للقطع، ومعادن المناجم وأحجار ورمال المحاجر و الثمار والمزروعات القائمة .
شروط المنقول بحسب المآل :
1-أن ينص العقد أو القانون علي صيرورة العقار بطبيعته منقولاً بحسب المآل، فيتفق المتعاقدون على أن المراد من التصرف هو تحول العقار إلي منقول، فالتصرف المتعلق ببيع ثمار حديقة والثمار لم تزل علي أشجارها، أو ببيه محصول لم يحصد بعد، أو ببيع خامات منجم أو محجر، يدل – ووفقاً للعرف الجاري – علي أن المراد من التصرف هو الثمار عندما يحين قطافها والمحصول عندما ينضج والخامات عندما تنزع، دون حاجة إلى نص على أن المراد من التصرف هو المنقول بعد إنفصاله إذ يدل التصرف في ذاته على ذلك، خلافأً لبيع البناء بقصد هدمه .
2- أن يتحول العقار حتماً إلي منقول : وهذا الشرط يتحقق تلقائياً بالنسبة للثمار والمحصول لأن طبيعتها تحتم الانفصال، خلافاً للبناء ومعادن وأحجار المناجم والمحاجر، ولذلك يتعين أن يتضمن العقد ما يدل على انصراف قصد المتعاقدين جميعاً إلى هذا التحول، ولا يشترط لذلك اتفاقهم علي أجل معين لتنفيذ الالتزام إذ يمكن للمحكمة تحديده وفقاً للعرف الساري وظروف التعاقد .
تثبت للعقار صفة المنقول بحسب المآل بتوافر الشرطين سالفي الذكر، وحينئذ تسري في شأنه الأحكام الخاصة بالمنقول، فتنتقل ملكيته بالعقد متى كان معيناً بذاته كما في البناء عندما يكون موصوفاً علي نحو يجعله معيناً بذاته، وكثمار حديقة معينة وعندما يرد التصرف عليها كاملة أو علي عدد من ثمار الأشجار المعينة بذاتها، كأن تكون الأشجار مرقمة أو داخل سياج يفصلها عن باقي أشجار الحديقة، إذ يعتبر ذلك إفرازاً لها، ومن ثم لا حاجة الى التسجيل لاقتصاره على العقار وطالما أن الملكية قد انتقلت بالعقد إلى المشتري، فلا يمتد التنفيذ على العقار إليها متى كان تسجيل تنبيه نزع تالياً عليه.
وإذا تم التصرف في المنقول بحسب المآل مرتين، تعين إجراء المفاضلة وفقاً لثبوت التاريخ الأسبق، فمن كان تاريخ تصرفه ثابت وأسبق من تاريخ تصرف المشتري الآخر، كانت له الأفضلية إلا إذا كان المشتري صاحب التاريخ اللاحق قد فصل المنقول وهو حسن النية لا يعلم بالتصرف الآخر فحينئذ يتملكه بالحيازة. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني الصفحة/ 112)
العقار هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف.
غير أنه يعتبر عقاراً بالتخصيص، المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه، رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله.
فالقانون إذن يعرف نوعين من العقارات هما:
1- العقار بطبيعته. 2- العقار بالتخصيص
العقار بطبيعته:
وردت عبارات الفقرة الأولى من المادة 82 واضحة عند ما عرفت العقار بطبيعته، فقد أتت بتعريف لا يحتاج إلى شرح أو إيضاح. فالعقار بطبيعته هو كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لايمكن نقله منه دون تلف. وذلك ينطبق أساساً على الأرض وما في جوفها من معادن وأحجار. كما ينطبق على كل ما يلتصق بالأرض من نبات أو بناء. والالتصاق بالأرض شرط أساسي لاعتبار النباتات والمباني من قبيل العقارات، فلا يعتبر كل الأبنية عقارات بطبيعتها، بل يجب لذلك أن يكون الالتصاق بالأرض كاملاً بحيث لا يمكن فصلها بدون أن يعتريها خلل أو تلف.
وبناء عليه لا تعتبر من العقارات الخيام المضروبة في الأرض لأنه يمكن نقلها بدون أن يعتريها خلل أو تلف.
ولكن تعتبر من العقارات الأشجار والنباتات الضاربة بجذورها في الأرض بحيث لا يمكن نقلها إلا بعد قلعها أو إتلافها.
وتعتبر المباني والمفروشات عقارات بطبيعتها بمجرد توافر شرط التصاقها بالأرض، بصرف النظر عن الشخص الذي أحدث هذا الالتصاق. فإذا قام شخص بالبناء أو الغراس على أرض مملوكة لغيره، فإنه يحق للمالك - بقيود معينة – أن يأمره يهدم البناء أو قلع الغراس (م 924)، إلا أن ذلك لا يمنع اعتبار البناء أو الغراس عقارات بطبيعتها حتى يحصل هدمها أو خلعها.
وكل ما يكمل البناء ويندمج فيه كالشرفات والمزاريب ومانعة الصواعق والمصعد الكهربائي وأنابيب المياه وأسلاك الكهرباء..... الخ، كل هذه الأشياء تأخذ حكم البناء وتعتبر بالتالي عقارات بطبيعتها.
ويدخل في معنى العقار جميع المنشآت الثابتة من كباری وسدود وطرق أيا كانت مواد البناء، ودون نظر إلى الغرض المخصصة له أو المدة المقررة الوجودها. فالمنشآت المؤقتة لإقامة المعارض أو الاستعراضات تعتبر عقارات مادامت مثبتة بالأرض، ولكن إذا تعلق الأمر بمسكن متحرك على عجل مثل عربات النوم التي تقطر سيارات الركوب (وهو طراز من المساكن يستخدم كثيراً في أوربا للإقامة بالمحميات فهي لا تعتبر عقاراً.
العقار بالتخصيص:
العقار بالتخصيص ليس عقاراً بطبيعته، وإنما هو منقول بطبيعته، ولكن مالكه ألحقه بعقار له بأن خصصه لخدمة العقار واستغلاله، فأصبح تابعاً لهذا العقار، فاعتبره الشرع عقاراً (بالتخصيص) فهو بذلك عقار حكماً لا حقيقة).
وسبب إضفاء وصف العقار عليه هو رغبة الشارع في إعطائه نفس الحماية التي يتمتع بها العقار في حالة التنفيذ والبيع لسداد ديون الغير. فمثل هذا التنفيذ يمر بإجراءات أكثر تعقيداً من تلك المتعلقة بالمنقول، كنوع من الضمان للثروة العقارية، وهي الثروة الأصلية والأساسية في المجتمع (وعلى الأقل من وجهة النظر التقليدية).
ومن أمثلة المنقولات التي تصبح عقاراً بالتخصيص المواشي والآلات والأدوات اللازمة لخدمة الأرض، والآلات والأدوات اللازمة لتشغيل المصنع، والأثاث اللازم لتشغيل الفندق، والمكاتب والآلات الكاتبة اللازمة لتشغيل مكتب ما، والأرفف والفاترينات اللازمة لعرض البضائع... الخ.
ولكن لا يعتبر عقاراً بالتخصيص ذلك الشيء الذي يدخل في تكوين العقار أو يثبت فيه. ومثال ذلك آلات تكييف الهواء المثبتة بالحائط والأبواب والنوافذ والطوب الذي استخدم في البناء والآلات المثبتة في الأرض.
يشترط لاعتبار المنقول عقارا بالتخصيص أن تتوافر الشروط الآتية:
1- أن يكون الشيء منقولا بطبيعته: ومن ثم لا يجوز أن يعتبر عقاراً بالتخصيص ما يعتبر عقاراً بطبيعته. وعلى ذلك فالمرايا المثبتة في الحائط تعتبر جزءاً منه، والآلة المتصلة بالأرض اتصالاً وثيقاً لا تنفصل عنه دون تلف. تعتبر كل منهما عقاراً بطبيعته ومن لا يجوز اعتباره عقاراً بالتخصيص.
2- أن يكون العقار الذي رصد المنقول على خدمته أو استغلاله عقاراً بطبيعته. ومن ثم لا يعتبر المنقول بطبيعته عقاراً بالتخصيص بسبب رصده على خدمة أو استغلال عقار بالتخصيص.
3- أن توجد علاقة تخصيص بين منقول بطبيعته وعقار بطبيعته. فالمنقول الذي يعتبر عقاراً بالتخصيص هو الذي يكون قد ألحق فعلاً بالعقار لخدمته أو استغلاله، بحيث تتضح علاقة التخصيص بينهما، وذلك بأن يضع المالك المنقول في العقار.
ولا يشترط في التخصيص أن يكون على سبيل الدوام، فيكفي أن يكون مؤقتاً.
ومن ثم فاللمالك أن يزيل عن العقار بالتخصيص صفة العقار فيعود منقولاً، كما لو تصرف في العقار بطبيعته واحتفظ بملكية الشيء الذي كان مخصصاً الخدمة ذلك العقار أو استغلاله. أو كما لو تصرف في ذلك الأخير دون الأول فضلاً عن أن التصرف في أحدهما دون الآخر يؤدى إلى اختلاف المالك في كل منهما. واتحاد المالك فيهما شرط لصيرورة المنقول عقاراً بالتخصيص.
4- أن يكون المنقول والعقار مملوكين لشخص واحد. فأدوات الزراعة المملوكة للمستأجر لا تعتبر عقارات بالتخصيص.
يترتب على اعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص أنه لا يجوز الحجز على المنقول مستقلاً عن العقار الذي ألحق به. ومعنى ذلك أنه لا يجوز الحجز على هذا المنقول منفرداً، وأن التنفيذ على العقار يشمله حتى ولو لم يذكر ذلك في تنبيه نزع الملكية.
والوصية بالعقار تشمل العقار بالتخصيص. وكذلك يشمل رهن العقار، العقار بالتخصيص. وعلى هذا نصت المادة 1036 مدني بقولها أن الرهن يشمل "ملحقات العقار المرهون التي تعتبر عقاراً ويشمل بوجه خاص العقار بالتخصيص"، وإن كانت القاعدة العامة في التخصيص تغني عن هذا النص. وفي حالة القسمة يكون العقار بالتخصيص من نصيب من حصل على العقار، حتى ولو كانت القسمة بسبب وفاة المالك، لأن التخصيص لا يزول بالوفاة.
والعقار بالتخصيص يشمله بيع العقار، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك.
ويلاحظ أن تخصيص المنقول لخدمة العقار أو استغلاله لا يفقد بائع هذا المنقول حقه في الامتياز من أجل الوفاء.
ولكن لا يحتج بهذا الامتياز على الدائن المرتهن رهناً رسمياً لأن رهنه يشمل العقار بالتخصيص بحكم القانون (م 1036 مدنی)، سواء نشأ الرهن قبل البيع أو بعده.
أما الدائن المرتهن رهن حيازة، فلكي لا يحتج عليه بامتياز البائع يجب أن يكون حسن النية، يجهل قيام الامتياز.
زوال صفة العقار بالتخصيص :
تزول عن المنقول صفة العقار بالتخصيص، إذا زال هذا التخصيص.
المنقول :
ينقسم المنقول إلى نوعين: المنقول بالطبيعة والمنقول بحسب المآل. ونعرض لهذه النوعين بالتفصيل فيما يلي.
أولاً : المنقول بالطبيعة:
لم يعرف المشرع المصرى المنقول بطريقة مباشرة وإنما عرضاً عن طريق الاستبعاد. فبعد أن عرف العقار بأنه كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لايمكن نقله منه دون تلف أوضح أن المنقول هو كل ما عدا ذلك من شیء.
وقد هدف من هذه الطريقة تفادي ما يترتب على التعريف المباشر للعقار والمنقول من قصور في التعريفين عن شمول جميع الأشياء. فالمنقول هو الشيء الذي ليس له حيز ثابت مستقر والشيء الذي له حيز ولكن يمكن أن ينقل من مكان إلى آخر دون أن يصيبه تلف والغير مخصص لخدمة عقار أو استغلاله.
فيعتبر منقولاً الأشياء المادية التي يمكن أن تنقل من مكان إلى آخر دون أن يعتريها تلف. ولا عبرة لما إذا كانت قابلة للانتقال بنفسها مثل الحيوانات أو بفعل الغير مثل الجمادات.
ويعتبر منقولا كذلك الأشياء المعنوية التي ليس لها من وجود مادی، وبالتالي لا يتصور وجود حيز ثابت ومستقر لها. والمثل البارز للأشياء المعنوية هو حقوق الملكية الفكرية كحق المؤلف أو المخترع. ويعتبر كذلك مالاً منقولاً جميع الحقوق الشخصية، سواء أكان محلها القيام بعمل، أم كان محلها إعطاء شيء حتى لو كان هذا الشيء، عقاراً، كحق مشترى العقار قبل البائع قبل تسجيل عقد البيع.
والتقدم العلمي الحديث يسير الآن من المادة إلى الطاقة، ولهذا يعتبر من المنقولات التيار الكهربائي والغاز والطاقة الذرية.
ثانياً: المنقول بحسب المآل :
بعض الأشياء المادية التي تعتبر عقاراً بطبيعتها تعتبر منقولات بحسب مآلها إذا نظر إليها باعتبار أنها ستصبح منقولات بطبيعتها في وقت قريب، كالثمار والمحصولات الناضجة قبل جنيها أو حصدها، والمباني التي يراد هدمها والأشياء المعدة للقلع. فإذا بيع المحصول أو خشب الشجر أو أنقاض البناء مستقلاً عن الأرض باعتبار أنه سيفصل عنها، سرت عليه أحكام بيع المنقول.
ولكي تعتبر مثل هذه الأشياء منقولاً بالمال لابد من توافر الشرطين الآتيين:
1- وجود إرادة جدية بين الطرفين بفصل الشيء عن الأرض. فلا يكفي مجرد النية أو الرغبة أو الإرادة غير الواضحة. فمثلاً من يبيع لشخص بناء مع الاحتفاظ بملكية الأرض لا يعني أن هذا المنزل سيتحول قطعياً إلى أنقاض. فقد يكون المقصود فصل ملكية الرقبة عن ملكية المنفعة. ففي مثل هذا المثال لكي تعتبر مكونات المنزل منقولاً بحسب المال لابد وأن يكون الاتفاق بين البائع والمشتري واضحاً في أن شراء المنزل لهدمه والحصول على أنقاضه.
وهناك حالة اعتبر القانون فيها الشيء منقولاً بحسب مآله، حتى ولو لم يتفق العاقدان على ذلك. وهي حالة حجز الثمار المتصلة والمزروعات القائمة قبل نضجها. فقد أجاز القانون في المادة 354 مرافعات أن يكون التنفيذ على هذه الثمار والمزروعات بطريق الحجز عليها حجز منقول، على أن يوقع الحجز في خلال خمسة وأربعين يوماً قبل نضجها.
وهذا الحكم مستفاد من المادة بمفهوم المخالفة ونصها كما يأتي: "لايجوز حجز الثمار المتصلة ولا المزروعات القائمة قبل نضجها بأكثر من خمسة وأربعين يوماً وإلا كان الحجز باطلاً.
2- أن يكون انفصال الشيء عن الأرض أمر محقق الوقوع في وقت قريب. فكون الانفصال أمر احتمالی أو أن تحققه لن يكون قبل زمن طويل يمنع من اعتباره منقولاً بحسب المال. فمثلاً من يبيع أنقاض منزل بعد العثور على مسكن آخر، أو على أن يتم التسليم بعد بناء مسكن آخر في ظرف خمس سنوات مثلاً، في مثل هذه الحالة لا يعتبر المنزل منقولاً بحسب المال. وقرب الوقت أو بعده مسألة تقديرية متروكة القاضي الموضوع يحسمها بحسب ظروف الواقع).
أهمية التفرقة بين العقار والمنقول :
للتفرقة بين العقار والمنقول نتائج عملية كثيرة، نخص بالذكر منها ما يأتي:
1- من حيث إجراءات التنفيذ:
فرق القانون بين حجز الأموال المنقولة وبيعها وبين حجز العقارات وبيعها، فرسم للأولى إجراءات أبسط من إجراءات الثانية وأقصر منها وقتاً وأقل كلفة. وذلك مبالغة منه في حماية الأموال العقارية.
2- من حيث شهر التصرفات:
أوجب القانون شهر التصرفات بالنسبة للعقارات، فيجب شهر التصرفات التي يترتب عليها إنشاء أو نقل أو تغيير أو زوال أي من الحقوق العينية العقارية.
أما التصرفات التي لا يترتب عليها سوى نشوء أو نقل أو انقضاء أو تغيير حق عيني على منقول فلا يجب شهرها.
3- من حيث ترتيب الرهن الرسمي والاختصاص :
لا يتقرر الرهن الرسمي والاختصاص كحقوق عينية تبعية إلا على عقار، وذلك لأن تخصيص الشيء لضمان الوفاء بالدين يصبح نافذاً في حق الغير بمجرد القيد في الشهر العقاري، وهذا غير متصور بالنسبة للمنقولات التي تتشابه مع بعضها ويسهل نقلها، وتعد الحيازة منها سنداً للحق.
4- من حيث الشفعة:
فالشفعة تجوز في بيع بعض الأموال العقارية، كحقوق الملكية العقارية وحقوق الانتفاع الواردة على عقار ولا تجوز في بيع الأموال المنقولة بأى حال.
5- من حيث التملك بالحيازة:
المقرر أن الحيازة في المنقول سند الحق، فمجرد وجود المنقول تحت يد شخص يعد قرينة على أنه قد تملكه بسبب صحيح وبحسن نية. وحسن النية والسند الصحيح يكفيان كأساس لملكية المنقول دون العقار. والسبب الصحيح هو كل تصرف مكسب للحق حتى ولو كان صادراً من شخص ليس صاحب حق على المنقول (م 976 مدنی).
أما تملك العقار أو الحق العيني على العقار بالحيازة المقترنة بحسن النية والمستندة إلى سبب صحيح، فلا يتم إلا إذا دامت الحيازة خمس سنوات (م 969 مدنی).
6 - من حيث الاختصاص القضائي:
جعل قانون المرافعات الاختصاص في الدعاوى المتعلقة بحقوق عينية عقارية للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعاً في دوائر محاكم متعددة (م 50 / 1 مرافعات).
أما الدعاوى المتعلقة بأموال منقولة فتكون من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه (م 49). إلا إذا كان موضوع الدعوى حقاً شخصياً متعلقاً بعقار كحق المشتري بعقد غير مسجل فيكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار وللمحكمة التي في دائرتها موطن المدعى عليه حسب اختيار المدعى (م.50 / 2 )
تقسيم الأشياء إلى عقار ومنقول يتعلق بالنظام العام :
تقسيم الأشياء إلى عقار ومنقول يتعلق بالنظام العام. فإذا اعتبر القانون بعض الأشياء عقارات من قبيل الاستثناء وبشروط خاصة، فإن الباعث على هذا يكون في نظر المشرع متعلقاً بالنظام العام كذلك، وهو ضمان استغلال العقارات. وعليه إذا اتفق مالك العقار مع أحد دائنيه على اعتبار بعض المنقولات عقارات بالتخصيص، بحيث لا يكون للدائن أن يحجز عليها حجز منقول، وكانت هذه المنقولات لا تتوافر فيها الشروط التي يتطلبها القانون لهذا التخصيص، فإن هذا الاتفاق يكون باطلاً لمخالفته للنظام العام. فإرادة الأفراد لا يمكنها أن تعدل في أحكام العقار بالتخصيص.ولكن لا يترتب على ذلك أن المالك لا يمكنه أن يتنازل عن التمسك باعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص فالمالك هو الذي يقوم بالتخصيص، وهو الذي في وسعه أن يزيل هذا التخصيص وإذن يكون له أن يتنازل عن التمسك بالتخصيص، لأن هذا التنازل لا يكون سوى إزالة للتخصيص بطريقة ضمنية. فإذا حجز الدائن على عقار بالتخصيص حجز منقول، فإن هذا الحجز لا يكون باطلاً إلا إذا دفع المالك المدين ببطلان الإجراءات طبقاً للفقرة الثانية من المادة 82 مدنی. فإذا لم يدفع المالك بالبطلان اعتبر متنازلاً، وبالتالي يكون الحجز صحيحاً. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/ 731)
تنص المادة 82 مدني على ما يأتي :
" 1 - كل شيء مستقر بحيزه، ثابت فيه، لايمكن نقله منه دون تلف، فهو عقار، وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول " .
" 2 - ومع ذلك يعتبر عقاراً بالتخفيض المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه، رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله "
ويؤخذ من النص سالف الذكر أن فيصل التفرقة بين العقار والمنقول يرجع إلى طبيعة الأشياء . فالعقار هو الشيء الثابت المستقر بحيزه، بحيث لا يمكن نقله من مكان إلى مكان آخر إلا إذا هدم أو اقتلع، ومن ثم لا يمكن نقله دون تلف والأرض هي خير مثال للعقار لأنها ثابتة مستقرة بحيزها، وإذا جاز نقل أجزاء منها فإنما يكون ذلك بتفتيت سطحها وانتزاع بعض الأتربة أو الصخور وكذلك البناء عقار لأنه ثابت مستقر بحيزه، ولا يمكن نقله من مكان إلى مكان آخر إلا بهدمه أو بهدم أجزاء منه والأشجار والغراس عقار، ولا يمكن نقلها إلا باقتلاعها من الأرض التي هي مغروسة فيها.
ولم يعرف التقنين المدني المنقول تعريفا مباشراً كما فعل في تعريف العقار، بل اقتصر على ان يقول 🙁 كل ما عدا ذلك (أي ما عدا العقار) منشئ فهو منقول) فالمنقول إذن بمفهوم المخالفة، هو كل شيء يمكن نقله من مكان الى اخر دون تلف، لانه شئ غير مستقر بحيزه وغير ثابت فيه
رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 82 مدني تقول : " ومع ذلك يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه، رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله " . فالعقار بالتخصيص هو إذن منقول بطبيعته، رصده مالكه لخدمة أو استغلال عقار بطبيعته هو أيضاً مملوك له، كما إذا خصص صاحب الأرض الزراعية مواشي أو آلات زراعية يستعين بها على زراعة أرضه، وكما إذا وضع صاحب الفندق في فندقه الأثاث اللازم لتهيئة الفندق للاستغلال . ففي هذه الأحوال وأمثالها يأتي صاحب العقار بمنقولات يملكها ويضعها في العقار رصداً على خدمته أو استغلاله، فترتبط المنقولات بالعقار ارتباطاً لا انفكاك منه حتى ليصحب العقار والمنقولات جميعاً وحدة اقتصادية لا تتجزأ، ومن ثم يضفي العقار وهو الأصل على المنقولات وهي التبع صفة العقار، بحكم هذا التخصيص، فيعتبر القانون هذه المنقولات بطبيعتها عقاراً بالتخصيص عن طريق الافتراض القانوني.
شرطان : يتبين من نص المادة 82 / 2 مدني سالفة الذكر أن هناك شرطين يجب توافرهما حتى يكون المنقول بطبيعته عقاراً بالتخصيص : ( 1 ) اتحاد المالك، أي أن يكون مالك العقار بالتخصيص هو نفس مالك العقار الأصلي . ( 2 ) التخصيص، أي أن يكون العقار قد ارتبط بالعقار الأصلي لخدمته أو استغلاله .
- الشرط الأول – اتحاد المالك : يتضح من صدر الفقرة الثانية من المادة 82 مدني، ونصها كما رأيناه : " ومع ذلك يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه ... "، أن مالك العقار بالتخصيص هو نفس مالك العقار الأصلي . والمفروض أن هناك منقولاً بطبيعته و هذه الحقائق الثلاث – المنقول بطبيعته والعقار بطبيعته وواقعة الإلحاق – مفروضة، فهي ليست بشروط، بل هي واقع المسألة . فإذا تحقق هذا الواقع، فمتى يعتبر المنقول الملحق بالعقار الأصلي عقاراً بالتخصيص؟ قلنا إن الشرط الأول هو أن يكون شخص واحد هو المالك لكل من العقار الأصلي والمنقول الملحق . وعلى ذلك لا يكون عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه المستأجر) أو الدائن المرتهن رهن حيازة أو صاحب حق الانتفاع رصدا لخدمة العقار المؤجر أو المرهون أو المملوكة رقبته لشخص آخر، لأن المنقول الملحق يملكه شخص غير الشخص الذي يملك العقار الأصلي، كذلك لا يكون عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه مالك العقار في عقاره إذا كان هذا المنقول غير مملوك له، كأن كان مرهوناً عنده أو معاراً له أو مسلماً إياه على سبيل الإيجار.
وقد يتوافر شرط اتحاد المالك، فيصبح المنقول عقاراً بالتخصيص، ولكن يقع بعد ذلك أن يبيع المالك العقار أو المنقول، يختل شرط اتحاد المالك، ومن ثم ينتهي إلحاق المنقول بالعقار وينفصل عنه ليأخذه من له الحق فيه
- الشرط الثاني – التخصيص : ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المدني ما يأتي : " وقد توسع المشروع فيها ( العقارات بالتخصيص )، فلم يقصرها كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) على الآلات اللازمة أي الضرورية للزراعة والمصانع ..، بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك له، ويخصصه لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد مثبتة، وإما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية الخ . ولا يشترط أن يكون المنقول لازماً أي ضرورياً لخدمة العقار أو استغلاله، بل يكفي تخصيصه لهذه الخدمة أو الاستغلال ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك أما إذا وضع المنقول لخدمة شخص مالكه لا لخدمة العقار، فإن ذلك لا يجعله عقاراً بالتخصيص ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة بل يكفي ألا يكون عارضاً، ومتى انقطع التخصيص زالت عن المنقول صفة العقار ".
مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 467 . ويستخلص من ذلك أمور ثلاثة : ( 1 ) يجب أن يكون المنقول ( العقار بالتخصيص ) مخصصاً لخدمة العقار، لا لخدمة شخص المالك . ( 2 ) ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة، بل يكفي ألا يكون عارضاً . ( 3 ) ولا يشترط أن يكون التخصيص ضرورياً لخدمة العقار، بل يكفي التخصيص لخدمة العقار أو استغلاله ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك :
وإذا كان لا يشترط أن يكون التخصيص على سبيل الدوام، فإنه لا يجوز مع ذلك أن يكون تخصيصاً عارضاً لمدة موقوتة قصيرة، بل يجب أن يكون على سبيل الثبات والاستقرار، فإن هذا وحده هو الذي يبرر إضفاء صفة العقار على المنقول ولا يمنع من أن يكون التخصيص ثابتاً مستقراً أن ينقطع انقطاعاً عارضاً مؤقتاً، فقد تنقل المواشي من الأرض الزراعية نقلاً عارضاً لعلاجها مثلاً، وبالرغم من هذا النقل العارض تبقى المواشي مخصصة لاستغلال الأرض على سبيل الثبات والاستقرار فتبقى عقاراً بالتخصيص، حتى في المدة التي انتقلت فيها.
ولا تكفي إرادة المالك وحدها ليكون المنقول عقاراً بالتخصيص، بل يجب أن يقوم إلى جانب الإرادة جانب الواقع ومعنى ذلك أن المالك لا يستطيع بإرادته وحدها أن يلحق منقولاً بعقار فيجعله بهذه الإرادة عقاراً بالتخصيص، بل يجب فوق ذلك أن يخصص هذا المنقول تخصيصاً فعلياً لخدمة العقار أو استغلاله .
وقد بينت المذكرة الإيضاحية، فيما رأينا أنواع الخدمة والاستغلال، فقالت في هذا الصدد : " وقد توسع المشروع فيها ( العقارات بالتخصيص )، فلم يقصرها كما فعل التقنين الحالي ( السابق ) على الآلات اللازمة أي الضرورية للزراعة والمصانع ( م 4 / 18 ) بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك له، ويخصص إما لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد مثبتة، وإما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية الخ " . ويتضح من ذلك أن التخصيص يهدف إلى أحد أغراض أربعة : ( 1 ) الاستغلال الزراعي ( 2 ) الاستغلال الصناعي ( 3 ) الاستغلال التجاري ( 4 ) خدمة العقار وتزيينه ( ويدخل في ذلك الاستغلال المدني. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثامن الصفحة/ 16)
نصت المادة 82 مدني على أن « كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف، فهو عقار، وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول ومع ذلك يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله.
وظاهر من هذا النص أنه اعتمد تقسيم الأشياء إلى منقولات وعقارات وأنه عرف العقارات تعريفاً مباشراً وعرف المنقولات تعريفاً غير مباشر، وأنه استدرك على تعريف العقار فأضاف إليه نوعاً من الأشياء يدخل بطبيعته في تعريف المنقول ولكنه يعتبر عقاراً إذا توافرت فيه شروط خاصة وسماه عقاراً بالتخصيص للمقابلة بينه وبين النوع الأصلى من العقارات وهي التي تسمى عقارات بطبيعتها.
ولذلك يمكن القول أن العقارات نوعان: عقارات بطبيعتها وعقارات بالتخصيص، وأن ما عدا ذلك من أشياء فهو منقول.
- (1) العقارات ونوعها :
(أ) العقارات بطبيعتها - العقار بطبيعته هو كل شيء له مستقر ثابت . ويشمل ذلك الأراضي بوجه عام وكل ما يلتصق بها أو يقام على سطحها أو في جوفها كالشجر والغراس والمباني على مختلف أنواعها من منازل و آبار وسواق ألخ، ويعتبر الشيء ذا مستقر ثابت إذا كان لا يمكن نقله دون تلف والأكشاك التي يمكن حلها وإقامتها في مكان آخر لا تعد عقارات .. أما المباني التي لا يمكن نقلها بدون تلف فتجب عقارات ولو كانت معدة لأن نبني مد قصيرة كالمباني التي تقام في معارض مؤقتة، وكذلك الزرع والشجر فإنه يعتبر بطبيعته عقاراً مادام متصلاً بالأرض ولو أنه معد لأن يفصل منها بعد مدة معينة.
ويستوي في ذلك أن تكون للشيء صفة الاستقرار من أصل خلقته كالأراضي، أو أن يكون من كسبها بصنع صانع كالمباني والمزروعات .. ففي كلتا الحالين تعتبر هذه الأشياء عقارات بطبيعتها .
ویستوى في ذلك أيضاً - بالنسبة إلى الأشياء التي تكتسب الاستقرار بفعل الانسان أن يكون هذا الفعل صادراً من مالك الأرض نفسه أو من أي شخص غيره، ففي كلتا الحالتين أيضاً يعتبر الشيء المثبت في الأرض عقاراً.
وإذا كان هذا الشيء بناء، فإن كل جزء من الأجزاء التي لا يتم إلا بها. يعتبر عقاراً بطبيعته ولو كان من الأجزاء التي يمكن فصلها من البناء كالنوافذ والأبواب وغيرها.
ب - الأشياء الثابتة بالتخصيص - الأشياء الثابتة بالتخصيص هي أشياء منقولة بحسب طبيعتها، ولكن القانون يعتبرها ثابتة بسبب تخصيصها لخدمة شيء ثابت بطبيعته أو لاستغلاله، وقد عرفت المادة 82 فقرة ثانية مدني العقار بالتخصيص بأنه المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله.
والمقصود بالمنقول في هذا النص الشيء الذي لا يعتبر عقاراً بطبيعته، فالنوافذ والأبواب التي تعتبر جزءاً من البناء وتعد لهذا السبب عقاراً بطبيعتها كما تقدم لا تعد من المنقولات التي يمكن اعتبارها عقارات بالتخصيص وكذلك آلة الري المثبتة في الأرض بحيث لا يمكن نقلها منها دون تلف.
والمقصود بالعقار في هذا النص الشيء الذي يعتبر عقاراً بطبيعته كالأراضي والمباني أما الأشياء التي تعتبر عقارات بالتخصيص فتقتصر عليها صفتها العقارية ولا تتعداها إلى المنقولات التي تخصص لخدمتها هي فإذا ثبتت آلة الري في الأرض تثبیتاً تاماً يحول دون نقلها بغير تلف، اعتبرت عقاراً وأمكن اعتبار الوقود والأدوات المخصصة لاستعمالها عقارات بالتخصيص أما اذا لم تثبت هذا التثبيت الذي يجعل منها. عقاراً بطبيعتها، فإنه يمكن اعتبارها عقاراً بالتخصيص إذا توافرت فيها شروط ذلك، وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار الوقود والأدوات المخصصة لاستعمالها عقارات بالتخصيص .
ويؤخذ من نص المادة 82 مدنى أنه لابد من توافر شرطين لاعتبار الشيء المنقول الملحق بعقار عقاراً بالتخصيص :
1- أن يكون المنقول والعقار الذي ألحق به مملوكين لشخص واحد فإذا استأجر مالك العقار مواشي أو آلات لاستغلال العقار فأنها لا تصبح عقارات بالتخصيص، وكذلك إذا خصص مستأجر العقار الخدمة أو لاستغلاله واشي أو آلات مملوكة له.
2- أن يكون المنقول قد ألحق بالعقار لخدمته أو لاستغلاله كالتماثيل التي توضع في العقار لتجميله والمواشي التي تخصص لزراعة الأرض والآلات التي تخصص لاستغلال المصنع.
ولا يعتبر من هذه المنقولات عقاراً بالتخصيص إلا القدر الذي تكون منه فائدة لخدمة العقار أو لاستغلاله، ولا يشترط أن يكون هذا القدر ضرورياً لخدمة العقار أو استغلاله فإذا اقتنى المالك في أرضه مواشي أكثر من الحد الأقصى الذي يمكن أن تفيد منه خدمة الأرض، فالزائد منها عن هذا الحد لا يعتبر عقاراً بالتخصيص، ومن باب أولى لا يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي وضعه مالكه في العقار المملوك له لخدمة نفسه لا لخدمة العقار أو استغلاله، كسيارة أو دابة للركوب.
ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة بل يكفى ألا يكون عارضاً ومتى انقطع التخصيص زالت عن المنقول صفة العقار وهو ينقطع بإرادة المالك الصريحة أو الضمنية كما إذا فصل المالك المنقول عن العقار وباعه مستقلاً عنه، ولكن يشترط ألا يضر ذلك بحقوق ترتبت للغير على هذا المنقول باعتباره عقاراً بالتخصيص.
وكان التقنين الملغي لا يرتب على اعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص سوى أثر واحد هو عدم جواز الحجز عليه منفرداً عن العقار المتعلق به المادة ( 4/ 18 مدنی ملغي) . أما التقنين الحالي، فقد أطلق النص وسوي بين العقار بالتخصيص والعقار بطبيعته، ولكن هذه التسوية مقيدة بالحكمة التي من أجلها اعتبر المنقول عقاراً بالتخصيص؛ وهي ضمان خدمة العقار أو استغلاله .
- (2) المنقولات - المنقولات هي كل ماعدا العقارات بنوعيها، وهي تشمل أشياء مادية كالحيوانات والسيارات والأثاث والأدوات، وأشياء معنوية كالآراء والأختراعات، والأولى أما أن تكون منقولة بحسب طبيعتها، وإما أن تكون منقولة بحسب مآلها.
(أ) المنقولات بحسب طبيعتها والأشياء المادية المنقولة هي التي يمكن نقلها من حيزها دون تلف، سواء كانت قادرة على الانتقال بقوتها الذاتية كالحيوانات، أو بقوة خارجية كالجمادات، وتعتبر هذه الأشياء منقولة بطبيعتها .
وتدخل في ذلك على الأشياء المادية التي لا تعتبر عقاراً بطبيعتها أو عقاراً بالتخصيص فالأشجار والمحصولات القائمة في الأرض والأبواب المركبة في البناء والمواشي والآلات المخصصة لخدمة العقار أو استغلاله. لا تعتبر منقولات، ولكن الأشجار والمحصولات تصير منقولات من وقت قلعها أو فصلها من الأرض التي قلعت أو فصلت منها وكذلك الأبواب والشبابيك اذا فصلت من البناء ولو مؤقتاً، والمواشي والآلات إذا بطل تخصيصها لخدمة العقار أو استغلاله، وكذلك أيضاً أنقاض البناء بعد هدمة ولو كان المالك ينوي استعمالها في اعادة البناء . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الأول، الصفحة/ 849)
العقارات بطبيعتها يشترط لاعتبارها كذلك توافر شرطين أولهما أن يكون الشئ مستقراً في حيزه ثابتاً فيه، ويستوي أن يكون قد اكتسب هذا الاستقرار باصل خلقته كالأرض أو بصنع صانع كالمباني والنباتات المغروسة . وثانيهما ألا يمكن نقله بغير أن تتغير ذاتيته ومن ثم يعتبر عقارا الأرض بكافة انواعها وبغض النظر عن قيمتها وبجميع سطحها وما تحتها وما يعتبر جزءا منها كالمعادن ... إلا أنه لا يعتبر عقاراً ما ينتزع منها كالأتربة والأحجار والمعادن بعد استخراجها كما لا يعتبر عقاراً الكنوز والاثار المحقونة في الأرض، إذ لها ذاتيتها المستقلة . كما يعتبر عقاراً ما يستقر على الأرض استقرار قرار گالمباني بغض النظر عن مادتها أو الغرض منها أو ملتها .. ويشمل هذا الوصف كل ملحقات المباني التي لا تتم إلا بها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضا فيمتد إلى الأبواب والشرفات والمصاعد والنوافذ وأنابيب المياه أو الغاز أو الكهرباء ( وإن رأى البعض اعتبار هذه الملحقات عقارات بالتخصيص ) الا إذا نزعت فإنها تعتبر حينئذ منقولاً إلا إذا كان نزعها بقوة قاهرة أو بصفة عارضة، ويمتد وصف العقار إلى الآلات المثبتة بالأرض كالآلات الطحين والری مادامت مثبتة على الأرض داخل مبني بحيث لا يمكن نقلها إلا بفك اجزائها وتعطيلها عن مهمتها . كما يعتبر عقاراً النباتات مادامت متصلة بالأرض بجذورها وذلك بغض النظر عن غارسها وصلته بالأرض غير أن هذه النباتات تفقد صفة العقار اذا انفصلت عن الأرض أو اذا كانت جذورها غير مملكة بها كما لو استنبتت في أصيص غرست في الأرض .
يشترط لاعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص وحدة المالك بأن يكون مالك المنقول هو مالك العقار وان كان لا يلزم أن تكون ملكيته للعقار مفرزة وإنما يكفي أن يكون مالكاً فيه على الشيوع وفي هذه الحالة يعتبر المنقول عقاراً بالتخصيص بالنسبة إليه دون باقي الشركاء المشتاعين ولا ترد عليه القسمة.
ويلزم لتحقق هذا الشرط أن يقوم المالك سواء بنفسه أو بنائب عنه بإلحاق المنقول بالعقار فإذا استعار مستأجر الأرض منقولاً من مالكها والحقه بالأرض دون تكليف من الأخير لم يعتبر عقاراً بالتخصيص، كما لا يعتبر كذلك المنقول المملوك للمستأجر إلا إذا كان مشترطاً في عقد الإيجار أيلولة ملكيته لمالك العقار عند نهاية الايجار، واذا الحق المنقول بواسطة مالكه بعقار يحوزه بنية التملك وقبل اكتساب ملكيته اعتبر عقاراً بالتخصيص في حق الغير دون المالك الحقيقي للأرض وإذا كانت ملكية المنقول لم تقل بعد إلى مالك العقار عند بدء تخصيصه لخدمة هذا العقار أو استغلاله ثم انتقلت ملكيته بعد ذلك فإنه لا يعتبر عقاراً بالتخصيص إلا من وقت انتقال ملكيته إليه.
ويشترط فوق ذلك تخصيص المنقول لخدمة العقار وهو ما يستلزم توافر أربعة أمور أولها أن يكون المنقول الخادم منقولاً بطبيعته وأن يكون العقار المخدوم عقاراً بطبيعته فالآلات الري إذا كانت متحركة وخصصت لخدمة الارض اعتبرت عقاراً بالتخصيص، أما إذا كانت مثبتة بالأرض فإنها تعتبر عقاراً بطبيعته، والمنقول المخصص لخدمة المنقول يظل منقولا ولو صار المنقول المخدوم عقاراً بالتخصيص، وثانيها أن يقع التخصيص بالفعل وإن كان لا يلزم أن يوضع المنقول مادياً في العقار، فأدوات الزراعة المخصصة لخدمة العقار تعتبر عقاراً بالتخصيص ولو كانت تحفظ في مكان اخر، ومن جهة أخرى لا يكفي شراء مالك الأرض منقولا بقصد تخصيصه لخدمة الأرض ما لم يلحقه فعلا بخدمة الأرض . وثالثها أن يكون التخصيص عينياً أي لخدمة العقار لا مالكه وإن كان لا يلزم أن يكون استعمال المنقول مقصوراً على خدمة العقار أو استغلاله مادام استعماله في خدمة العقار أو استغلاله هو الاستعمال الغالب، ورابعها أن يكون التخصيص على وجه الاستقرار فلا يكفي أن يكون عرضياً وإن كان لا يلزم أن يكون دائماً، فمتى انقطع التخصيص بارادة المالك الصريحة أو الضمنية زالت عن المنقول صفة العقار بشرط عدم الإضرار بالحقوق التي تكون ترتبت عليه باعتباره عقاراً بالتخصيص، كما لا يلزم أن يكون لازماً أو ضرورياً لخدمة العقار على ما ورد بالمذكرة الايضاحية وان كان يجب أن يكون المنقول نافعاً للعقار وهو أمر يخضع لتقدير القاضي .
مدى تعلق اعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص بالنظام العام : ليس من شك في أن شروط اعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص هو مما يتعلق بالنظام العام لاتصاله بنطاق الحقوق العينية، غير أن الحاق حكم هذا المنقول بحكم العقار امر لم يقصد منه سوى حماية مصلحة المالك حتى لا تضار مصالحه في العقار المخدوم، ومن ثم فإن هذا المالك وحده هو الذي يملك التمسك بأعمال حكم العقار على العقار بالتخصيص أو التنازل عن ذلك دون اخلال بحقوق الغير، فإذا توقع الحجز على منقول يعتبر عقاراً بالتخصيص بطريق حجز المنقول لم يملك القاضي القضاء ببطلان الحجز من تلقاء نفسه ما لم يتمسك بذلك المالك.
المنقول بحسب المآل : لم يتضمن القانون المصرى نصوصاً في شأن نظرية عامة المنقول بحسب المآل حسبما فعل بالنسبة لنظرية العقار بالتخصيص، ولكن توجد تطبيقات تشريعية متفرقة سواء في التقنين المدني أو تقنين المرافعات في شأن المحصول الزراعي ويذهب الفقه إلى أنه يمكن أن يستخلص من هذه النصوص المتفرقة نظرية عامة في المنقول بحسب المآل مفادها أنه حيث ينظر القانون أو المتعاقدان إلى عقار بطبيعته على أنه يوشك أن يكون منقولاً بحصده أو هدمه أو قطعه أو اقتلاعه ويجري التعامل في ظل ذلك على أساس ايلولة العقار منقولا فإن العقار بطبيعته يأخذ حكم المنقول ويشترط لذلك شرطان أولهما أن يجري التعامل سواء بارادة الطرفين أو بنص القانون على اساس مال العقار إلى منقول ولكن الإرادة من جانب واحد لا تكفي بل لابد من توافق إرادتين، وثانيهما أن يكون المصير المحقق القريب للعقار هو أن يصبح منقولا بان تكون الارادة قد اتجهت بالفعل إلى فصل الشيء محل التعامل عن الأرض بحيث يكون هذا الفصل هو مصيره المحتوم لا المحتمل كبيع احجار تقتطع من محجر أو بيع بقاء قائم بقصد هدمه ونزعه أنقاضاً وأن يكون هذا الفصل وشيك الوقوع فلا يكتب العقار صفة المنقول إذا ترك أمر فصله إلى محض رغبة أحد الطرفين أو إذا لم يحدد موعد قريب لإجرائه أو إذا كان هذا الموعد غير قابل للتحديد، وقد يستخلص هذا المصير المحتوم من طبيعة الأشياء کالمحصول والثمار كما قد يستخلص من الأعداد الفعلي من جانب المالك كما لو باع البناء انقاضاً فإذا لم يكن مصير العقار محققاً على هذا النحو امتنع اعتباره منقولاً بحسب المال كما لو اشترط المالك على المستأجر أن يهشم عند نهاية الايجار الميلتي التي أنشأها مع احتفاظه لنفسه بحق استبقائها نظير دفع قيمتها فإن هذه المباني تعتبر عقاراً بطبيعته وليس منقولا بحسب المال ( يراجع في تفصيل ذلك المنهور بند 29 و هوامشه - المؤلف ص 227 - مرقس بند 359 - كیره بند 384) ويترتب على اعتبار العقار منقولاً بحسب المال خضوعه منذ اتمام التعاقد لاحكام المنقول سواء في نقل ملكيته فلا يلزم في ذلك تسجيل العقد، ويجرى التنفيذ عليه باجراءات حجز المنقول ولا يتمتع بحماية دعاوى الحيازة وتعتبر الدعوى المقامة في شأنه دعوی منقولة لا دعوی عقارية. ( يراجع في تفصيل ذلك السنهوري الجزء الثامن بند 29 - المؤلف ص 227 - مرقس بند 359 - کیره بند 384 - مرسی بند 370 و ما بعده).
وإذا فقدت السفينة صلاحيتها كمنشأة صالحة للملاحة أو تحولت إلى حطام زال عنها وصف السفينة وخضعت لأحكام المنقول بطبيعته دون الإجراءات المنصوص عليها في القانون البحري في شأن السفينة . (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الجزء الاول الصفحة : 511 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثلاثون ، الصفحة / 186
عَقَار
التَّعْرِيفُ :
1 - الْعَقَارُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي اللُّغَةِ: كُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ وَقَرَارٌ ثَابِتٌ كَالأَْرْضِ وَالدَّارِ وَالضِّيَاعِ وَالنَّخْلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَتَاعِ الْبَيْتِ، يُقَالُ: مَا لَهُ دَارٌ وَلاَ عَقَارٌ، أَيْ نَخْلٌ، وَفِي الْبَيْتِ عَقَارٌ حَسَنٌ، أَيْ مَتَاعٌ وَأَدَاةٌ، وَالْجَمْعُ عَقَارَاتٌ، وَالْعَقَارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: خِيَارُهُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ الثَّابِتُ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، مِثْلُ الأْرْضِ وَالدَّارِ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْمَنْقُولُ :
2 - الْمَنْقُولُ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى آخَرَ، فَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: الْمَنْقُولُ هُوَ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ مَعَ بَقَاءِ هَيْئَتِهِ وَصُورَتِهِ الأْولَى، أَيْ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ بِدُونِ أَنْ تَتَغَيَّرَ صُورَتُهُ، كَالْعُرُوضِ التِّجَارِيَّةِ مِنْ أَمْتِعَةٍ وَسِلَعٍ وَأَدَوَاتٍ وَكُتُبٍ وَسَيَّارَاتٍ وَثِيَابٍ وَنَحْوِهَا.
ب - الشَّجَرُ :
3 - جَاءَ فِي الْقَامُوسِ: الشَّجَرُ مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ أَوْ مَا سَمَا بِنَفْسِهِ دَقَّ أَوْ جَلَّ قَاوَمَ الشِّتَاءَ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: الشَّجَرُ هُوَ مَا لَهُ سَاقٌ صُلْبٌ يَقُومُ بِهِ، كَالنَّخْلِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا لَهُ سَاقٌ وَلاَ يُقْطَعُ أَصْلُهُ، وَعَرَّفَهُ الأَْبِيُّ فِي الْمُسَاقَاةِ بِمَا كَانَ ذَا أَصْلٍ ثَابِتٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَتَبْقَى أُصُولُهُ
ج - الْبِنَاءُ :
4 - الْبِنَاءُ: وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ عَلَى صِفَةٍ يُرَادُ بِهَا الثُّبُوتُ ثَمَرَةُ قِسْمَةِ الْمَالِ إِلَى عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ :
5 - تَظْهَرُ فَائِدَةُ قِسْمَةِ الْمَالِ إِلَى عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ فِيمَا يَأْتِي:
أ - الشُّفْعَةُ: فَإِنَّهَا عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لاَ تَثْبُتُ إِلاَّ فِي الْعَقَارِ الْمَبِيعِ، أَمَّا الْمَنْقُولُ فَلاَ تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِذَا بِيعَ اسْتِقْلاَلاً، وَتَثْبُتُ فِيهِ إِذَا بِيعَ تَبَعًا لِلْعَقَارِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (شُفْعَة ف 24 - 25) .
ب - الْوَقْفُ: لاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِ وَقْفِ الْعَقَارِ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ، فَأَجَازَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقْفَ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْحَنَفِيَّةُ إِلاَّ تَبَعًا لِلْعَقَارِ، أَوْ كَانَ مُتَعَارَفًا وَقْفَهُ كَالْكُتُبِ وَنَحْوِهَا، أَوْ وَرَدَ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ أَثَرٌ عَنِ السَّلَفِ كَوَقْفِ الْخَيْلِ وَالسِّلاَحِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (وَقْف) .
ج - بَيْعُ عَقَارِ الْقَاصِرِ:
لاَ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْقَاصِرِ إِلاَّ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ يُجِيزُ لَهُ ذَلِكَ وَبِإِذْنِ الْقَاضِي، كَإِيفَاءِ دَيْنٍ أَوْ دَفْعِ حَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ، أَوْ وُجُودِ مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ؛ لأِنَّ بَقَاءَ عَيْنِ الْعَقَارِ فِيهِ حِفْظُ مَصْلَحَةِ الْقَاصِرِ أَكْثَرَ مِنْ حِفْظِ ثَمَنِهِ، وَلَكِنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ الْمَنْقُولَ إِذَا رَأَى مَصْلَحَةً فِي بَيْعِهِ.
د - مَالُ الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ :
يُبْدَأُ أَوَّلاً بِبَيْعِ الْمَنْقُولِ لِوَفَاءِ دَيْنِ الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ، ثُمَّ يُبَاعُ الْعَقَارُ إِذَا لَمْ يَفِ ثَمَنُ الْمَنْقُولِ بِالدَّيْنِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمَدِينِ.
هـ - بَيْعُ الشَّيْءِ قَبْلَ قَبْضِهِ: يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بَيْعُ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى مِنَ الْعَقَارَاتِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ تَسَلُّمِهِ مِنَ الْبَائِعِ، بِخِلاَفِ الْمَنْقُولِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْهَلاَكِ كَثِيرًا، بِعَكْسِ الْعَقَارِ، وَلَمْ يُجِزْ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ التَّصَرُّفَ فِي الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ .
و - حُقُوقُ الْجِوَارِ وَالاِرْتِفَاقِ :
تَتَعَلَّقُ هَذِهِ الْحُقُوقُ بِالْعَقَارِ دُونَ الْمَنْقُولِ.
ر: (ارْتِفَاق ف 10، جِوَار ف 3).
ز - الْغَصْبُ:
لاَ يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الْعَقَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، إِذْ لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ، وَيَرَى مُحَمَّدٌ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ إِمْكَانَ غَصْبِ الْعَقَارِ، أَمَّا الْمَنْقُولُ فَيُتَصَوَّرُ غَصْبُهُ اتِّفَاقًا.
تَحَوُّلُ الْعَقَارِ إِلَى مَنْقُولٍ وَبِالْعَكْسِ :
6 - قَدْ يَتَحَوَّلُ الْعَقَارُ إِلَى مَنْقُولٍ، كَالأْجْزَاءِ الَّتِي تَنْفَصِلُ عَنِ الأْرْضِ أَوْ تُسْتَخْرَجُ مِنْهَا، كَالْمَعَادِنِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنَ الْمَنَاجِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَنْقَاضِ الْبِنَاءِ الْمَهْدُومِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ فَصْلِهِ عَنِ الأْرْضِ تَزُولُ عَنْهُ صِفَةُ الْعَقَارِ وَأَحْكَامُهُ، وَيُصْبِحُ فِي عِدَادِ الْمَنْقُولاَتِ وَتُطَبَّقُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا.
وَقَدْ يَحْدُثُ الْعَكْسُ وَهُوَ تَحَوُّلُ الْمَنْقُولِ إِلَى عَقَارٍ، بِأَنْ صَارَ الْمَنْقُولُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ، فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ مَا يَأْتِي: (تَوَابِعُ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِدُونِ ذِكْرٍ)، مَثَلاً إِذَا بِيعَتْ دَارٌ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ الأَْقْفَالُ الْمُسَمَّرَةُ وَالدَّوَالِيبُ - أَيِ الْخِزَنُ الْمُسْتَقِرَّةُ - وَالرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ الْمُعَدَّةُ لِوَضْعِ فُرُشٍ، وَالْبُسْتَانُ الَّذِي هُوَ دَاخِلُ حُدُودِ الدَّارِ، وَالطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ، أَوِ الدَّاخِلَةُ الَّتِي لاَ تَنْفُذُ. وَفِي بَيْعِ الْعَرْصَةِ تَدْخُلُ الأَْشْجَارُ الْمَغْرُوسَةُ عَلَى أَنْ تَسْتَقِرَّ؛ لأِنَّ جَمِيعَ الْمَذْكُورَاتِ لاَ تُفْصَلُ عَنِ الْمَبِيعِ، فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ وَلاَ تَصْرِيحٍ.
أَحْكَامُ الْعَقَارِ :
لِلْعَقَارِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ، أَهَمُّهَا:
الصَّلاَةُ فِي الأْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ :
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ فِي الأْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ حَرَامٌ؛ لأِنَّ اللُّبْثَ فِيهَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ، فَلأَنْ يَحْرُمَ فِي الصَّلاَةِ أَوْلَى .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ عَلَى رَأْيَيْنِ:
فَقَالَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ): الصَّلاَةُ صَحِيحَةٌ؛ لأِنَّ النَّهْيَ لاَ يَعُودُ إِلَى مَاهِيَّةِ الصَّلاَةِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهَا، كَمَا لَوْ صَلَّى وَهُوَ يَرَى غَرِيقًا يُمْكِنُهُ إِنْقَاذُهُ فَلَمْ يُنْقِذْهُ، أَوْ حَرِيقًا يَقْدِرُ عَلَى إِطْفَائِهِ فَلَمْ يُطْفِئْهُ، أَوْ مَطَلَ غَرِيمَهُ الَّذِي يُمْكِنُ إِيفَاؤُهُ وَصَلَّى، وَيَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ مَعَ الإْثْمِ، وَيَحْصُلُ بِهَا الثَّوَابُ، فَيَكُونُ مُثَابًا عَلَى فِعْلِهِ عَاصِيًا بِمُقَامِهِ، وَإِثْمُهُ لِلْمُكْثِ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ.
وَيَصِفُ عُلَمَاءُ الأْصُولِ مِنَ الْجُمْهُورِ هَذِهِ الصَّلاَةَ بِأَنَّهَا فِعْلٌ لَهُ جِهَتَانِ: كَوْنُهُ صَلاَةً وَكَوْنُهُ غَصْبًا، لَكِنَّ الْجِهَتَيْنِ غَيْرُ مُتَلاَزِمَتَيْنِ؛ لأِنَّهُمَا وَإِنِ اجْتَمَعَتَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ انْفِرَادَهُمَا مُمْكِنٌ وَمُتَصَوَّرٌ، فَالْغَصْبُ يَنْفَرِدُ عَنِ الصَّلاَةِ بِأَنْ يَشْغَلَ الْمَكَانَ بِأَيِّ عَمَلٍ آخَرَ، وَالصَّلاَةُ تَنْفَرِدُ عَنِ الْغَصْبِ بِأَنْ تُؤَدَّى فِي مَكَانٍ آخَرَ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ اجْتِمَاعُ الإْيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ فِي هَذَا الْفِعْلِ جَائِزًا، فَهَذِهِ الصَّلاَةُ وَاجِبَةٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا صَلاَةٌ، وَحَرَامٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا غَصْبٌ شَامِلٌ لِمِلْكِ الْغَيْرِ، وَلاَ تَنَافِيَ لِعَدَمِ الاِتِّحَادِ بَيْنَ مُتَعَلِّقِ الإْيجَابِ الَّذِي هُوَ الصَّلاَةُ وَمُتَعَلِّقِ التَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ الْغَصْبُ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ صَحِيحَةٌ وَيُثَابُ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارٍ، وَحَرَامٌ وَيُعَاقَبُ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ، وَلَوْ كَانَ جُزْءًا مُشَاعًا؛ لأِنَّ هَا عِبَادَةٌ أَتَى بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَمْ تَصِحَّ كَصَلاَةِ الْحَائِضِ وَصَوْمِهَا، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْفِعْلِ وَاجْتِنَابَهُ وَالتَّأْثِيمَ بِفِعْلِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُطِيعًا بِمَا هُوَ عَاصٍ بِهِ، مُمْتَثِلاً بِمَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، مُتَقَرِّبًا بِمَا يَبْعُدُ بِهِ ؟ فَإِنَّ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ مِنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، وَهُوَ عَاصٍ بِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَيَخْتَلِفُ الأْمْرُ عَنْ إِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَإِطْفَاءِ الْحَرِيقِ؛ لأِنَّ أَفْعَالَ الصَّلاَةِ فِي نَفْسِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا.
وَلَكِنْ يَصِحُّ لَدَى الْحَنَابِلَةِ الْوُضُوءُ وَالأْذَانُ وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمُ وَالْعُقُودُ كَالْبَيْعِ وَالزَّوَاجِ وَغَيْرِهِمَا، وَالْفُسُوخُ كَالطَّلاَقِ وَالْخُلْعِ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ؛ لأِنَّ الْبُقْعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا، بِخِلاَفِ الصَّلاَةِ.
وَتَصِحُّ الصَّلاَةُ عِنْدَهُمْ فِي بُقْعَةٍ أَبْنِيَتُهَا غَصْبٌ، وَلَوِ اسْتَنَدَ إِلَى الأْبْنِيَةِ لإِبَاحَةِ الْبُقْعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَتَصِحُّ صَلاَةُ مَنْ طُولِبَ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ أَوْ رَدِّ غَصْبٍ قَبْلَ دَفْعِهَا إِلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ بِلاَ عُذْرٍ؛ لأِنَّ التَّحْرِيمَ لاَ يَخْتَصُّ بِالصَّلاَةِ وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً بِلاَ ضَرَرٍ وَلاَ غَصْبٍ، أَوْ صَلَّى عَلَى مُصَلاَّهُ بِلاَ غَصْبٍ وَلاَ ضَرَرٍ، جَازَ وَصَحَّتْ صَلاَتُهُ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَصْبٍ مِنْ بُقْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا كَوْنَهُ غَصْبًا صَحَّتْ صَلاَتُهُ؛ لأِنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ، وَإِذَا حُبِسَ فِي مَكَانٍ غُصِبَ صَحَّتْ صَلاَتُهُ؛ لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
وَيَرَى أُصُولِيُّو الْحَنَابِلَةِ وَالْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّ الْجِهَتَيْنِ فِي هَذَا الْفِعْلِ (الصَّلاَةِ فِي الأَْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ) مُتَلاَزِمَتَانِ؛ لأِنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الْمُصَلِّي فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ بِهَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ فَتَكُونُ حَرَامًا، وَهَذِهِ الأَْفْعَالُ بِعَيْنِهَا جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَةِ الصَّلاَةِ، إِذْ هِيَ عِبَادَةٌ ذَاتُ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، وَالصَّلاَةُ الَّتِي جُزْؤُهَا حَرَامٌ لاَ تَكُونُ وَاجِبَةً، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ تَكُونُ صَحِيحَةً وَلاَ يَسْقُطُ بِهَا الطَّلَبُ.
8 - أَمَّا الصَّلاَةُ فِي الأَْرْضِ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهَا: (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى) فَصَحِيحَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، كَأَرْضِ الْخَسْفِ، وَكُلِّ بُقْعَةٍ نَزَلَ فِيهَا عَذَابٌ، كَأَرْضِ بَابِلَ، وَأَرْضِ الْحِجْرِ وَمَسْجِدِ الضِّرَارِ لَكِنْ تُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ ؛ لأِنَّ هَا مَسْخُوطٌ عَلَيْهَا «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم يَوْمَ مَرَّ بِالْحِجْرِ: لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ؛ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ».
زَكَاةُ الْعَقَارِ:
9 - لاَ زَكَاةَ عَلَى الْحَوَائِجِ الأَْصْلِيَّةِ مِنْ ثِيَابِ الْبَدَنِ وَالأَْمْتِعَةِ وَالْعَقَارِ مِنْ أَرَاضٍ وَدُورِ سُكْنَى وَحَوَانِيتَ، بَلْ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَيْهَا إِذَا لَمْ يَنْوِ بِهَا التِّجَارَةَ؛ لأِنَّ هَا مَشْغُولَةٌ بِالْحَاجَةِ الأَْصْلِيَّةِ إِذْ لاَ بُدَّ مِنْ دَارٍ يَسْكُنُهَا وَلَيْسَتْ بِنَامِيَةٍ أَصْلاً، فَلاَ بُدَّ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ نَامِيًا، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ حَقِيقَةَ النَّمَاءِ، وَإِنَّمَا كَوْنُ الْمَالِ مُعَدًّا لِلاِسْتِنْمَاءِ إِمَّا خِلْقِيًّا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَوْ بِالإْعْدَادِ لِلتِّجَارَةِ، أَوْ بِالسَّوْمِ أَيِ الرَّعْيِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
10 - وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ عَلَى الْمُسْتَغَلاَّتِ مِنْ عِمَارَاتٍ وَمَصَانِعَ وَمَبَانٍ وَدُورٍ وَأَرَاضٍ بِأَعْيَانِهَا وَلاَ عَلَى غَلاَّتِهَا مَا لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ.
لَكِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ - مِنْهُمُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ - يَرَوْنَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمُسْتَغَلِّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لأَِجْلِ الاِسْتِغْلاَلِ، فَيَشْمَلُ الْعَقَارَ الْمُعَدَّ لِلْكِرَاءِ وَكُلَّ سِلْعَةٍ تُؤَجَّرُ وَتُعَدُّ لِلإِْجَارَةِ، بِأَنْ يُقَوَّمَ رَأْسُ الْمَالِ فِي كُلِّ عَامٍ وَيُزَكَّى زَكَاةَ التِّجَارَةِ.
وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ تُزَكَّى هَذِهِ الْمُسْتَغَلاَّتُ مِنْ غَلَّتِهَا وَإِيرَادِهَا إِذَا اسْتَفَادَهَا.
وَرَأَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَزْكِيَةَ فَوَائِدِ الْمُسْتَغَلاَّتِ عِنْدَ قَبْضِهَا.
بَيْعُ الْعَقَارِ :
11 - يَجُوزُ لِلْمَالِكِ بَيْعُ عَقَارِهِ الَّذِي يَمْلِكُهُ مِلْكًا تَامًّا، كَمَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي الْعَقَارِ مِنَ الشَّرِيكِ، وَمِنَ الأْجْنَبِيِّ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قَبِلَتِ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ الْقِسْمَةَ أَمْ لاَ، إِلاَّ فِي حِصَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بِسَبَبِ الْخَلْطِ فِي الْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنَ الشَّرِيكِ وَلاَ يَجُوزُ مِنَ الأْجْنَبِيِّ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ، فَلاَ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنَ الزَّرْعِ بِدُونِ الأْرْضِ قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهِ، إِذْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى ضَرَرِ الشَّرِيكِ الآْخَرِ بِتَعَرُّضِ زَرْعِهِ لِلْقَطْعِ فِي سَبِيلِ التَّسْلِيمِ إِلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهِ، كَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءًا
مُعَيَّنًا مِنْ مُشْتَرَكٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ أَوْ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ، بِخِلاَفِ بَيْعِهِ جُزْءًا شَائِعًا مِنَ الْمُشْتَرَكِ.
وَهُنَاكَ بَعْضُ الْقُيُودِ الشَّرْعِيَّةِ الأْخْرَى عَلَى أَنْوَاعٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ بَيْعِ الْعَقَارَاتِ، مِنْهَا:
أَوَّلاً - بَيْعُ الْوَفَاءِ فِي الْعَقَارِ:
12 - بَيْعُ الْوَفَاءِ: هُوَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إِلَيْهِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لأِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ أَوْ فَسَادِهِ، وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ آثَارٍ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعُ الْوَفَاءِ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) .
ثَانِيًا - بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَنْقُولاً أَمْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ «حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ عَلَيَّ ؟ قَالَ: إِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ».
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّيْخَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - بَيْعَ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ اسْتِحْسَانًا اسْتِدْلاَلاً بِعُمُومَاتِ حِلِّ الْبَيْعِ بِدُونِ تَخْصِيصٍ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضُ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا).
ثَالِثًا - بَيْعُ الأْرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً:
14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الأْرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإْمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَتِهَا وَبَيْنَ إِقْرَارِ أَهْلِهَا عَلَيْهَا وَوَضْعِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمُ الْخَرَاجَ، وَإِذَا بَقِيَتْ فِي أَيْدِي أَهْلِهَا فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: هِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُهُمْ لَهَا وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذِهِ الأْرْضَ تَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لاَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ
فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ أَنْ يَرَى الإْمَامُ فِي وَقْتٍ مِنَ الأْوْقَاتِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَقْتَضِي الْقِسْمَةَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ الأْرْضَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: تُقْسَمُ الأْرْضُ الْمَفْتُوحَةُ عَنْوَةً بَيْنَ الْغَانِمِينَ إِلاَّ أَنْ يَطِيبُوا نَفْسًا بِتَرْكِهَا فَتُوقَفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ قُسِمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ ثُمَّ بَذَلُوهُ لِعُمَرَ رضي الله عنه وَوُقِفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَصَارَ خَرَاجُهُ أُجْرَةً تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لأِهْلِ السَّوَادِ الَّذِينَ أُقِرَّتِ الأْرْضُ فِي أَيْدِيهِمْ بَيْعُهَا أَوْ رَهْنُهَا أَوْ هِبَتُهَا لِكَوْنِهَا صَارَتْ وَقْفًا.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: الإْمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَةِ هَذِهِ الأْرْضِ عَلَى الْغَانِمِينَ فَتُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ وَلاَ خَرَاجَ عَلَيْهَا وَبَيْنَ وَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَنَحْوُهُ، وَيَضْرِبُ الإْمَامُ بَعْدَ وَقْفِهَا خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ مُسْلِمٍ وَمُعَاهَدٍ يَكُونُ أُجْرَةً لَهَا.
بَيْعُ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ عَقَارَ الْقَاصِرِ :
15 - لِلْفُقَهَاءِ اتِّجَاهَاتٌ مُتَقَارِبَةُ الرَّأْيِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ خُلاَصَتُهَا فِيمَا يَلِي:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُفْتَى بِهِ: يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْعَدْلِ (مَحْمُودِ السِّيرَةِ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ مَسْتُورِ الْحَالِ) أَنْ يَبِيعَ عَقَارَ الْقَاصِرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ لِتَوَافُرِ الشَّفَقَةِ الْكَامِلَةِ عِنْدَهُ عَلَى وَلَدِهِ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ إِلاَّ لِلضَّرُورَةِ كَبَيْعِهِ لِتَسْدِيدِ دَيْنٍ لاَ وَفَاءَ لَهُ إِلاَّ بِهَذَا الْمَبِيعِ، وَيَنْفُذُ بَيْعُ الْوَصِيِّ بِإِجَازَةِ الْقَاضِي، وَلَهُ رَدُّهُ إِذَا كَانَ خَيْرًا.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بِالْمَصْلَحَةِ، فَلِلأْبِ بَيْعُ مَالِ وَلَدِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، عَقَارًا أَوْ مَنْقُولاً، وَلاَ يُتَعَقَّبُ بِحَالٍ، وَلاَ يُطْلَبُ مِنْهُ بَيَانُ سَبَبِ الْبَيْعِ؛ لأِنَّ تَصَرُّفَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، أَمَّا الْوَصِيُّ فَلاَ يَبِيعُ عَقَارَ مَحْجُورِهِ إِلاَّ لِسَبَبٍ يَقْتَضِي بَيْعَهُ - أَيْ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ - وَبِبَيِّنَةٍ بِأَنْ يَشْهَدَ الْعُدُولُ أَنَّهُ إِنَّمَا بَاعَهُ لِكَذَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَاكِمِ كَالْوَصِيِّ مَالَ الْمَحْجُورِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالنَّفَقَةِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا، وَذَكَرُوا أَحَدَ عَشَرَ سَبَبًا لِجَوَازِ بَيْعِ عَقَارِ الْقَاصِرِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ لِلضَّرُورَةِ، مِثْلَ الْحَاجَةِ لِلنَّفَقَةِ، أَوْ وَفَاءَ دَيْنٍ لاَ قَضَاءَ لَهُ إِلاَّ مِنْ ثَمَنِهِ، وَالْخَوْفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ غَصْبًا أَوْ يَعْتَدِي عَلَى رَيْعِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ، وَبَيْعَهُ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ لِلْقَاصِرِ بِالْمَصْلَحَةِ وُجُوبًا، وَلاَ يَبِيعُ عَقَارَهُ إِلاَّ فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِحَاجَةٍ كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّةُ الْعَقَارِ بِهِمَا، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي الاِقْتِرَاضِ أَوْ خَافَ خَرَابَهُ.
وَالثَّانِي: لِمَصْلَحَةٍ ظَاهِرَةٍ، كَأَنْ يَرْغَبَ فِيهِ شَرِيكٌ أَوْ جَارٌ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ، أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ، أَوْ يَكُونُ ثَقِيلَ الْخَرَاجِ، أَيِ الْمَغَارِمِ وَالضَّرَائِبِ مَعَ قِلَّةِ رَيْعِهِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِمَا إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ (الْمَصْلَحَةِ) لَهُمَا ، لقوله تعالي : ( وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
قَبْضُ الْعَقَارِ :
16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْعَقَارِ
الْمَبِيعِ أَوِ الْمَرْهُونِ يَكُونُ بِالتَّسْلِيمِ الْفِعْلِيِّ أَوْ بِالتَّخْلِيَةِ، أَيْ: رَفْعِ الْمَانِعِ مِنَ الْقَبْضِ أَوِ التَّمَكُّنِ مِنْ إِثْبَاتِ الْيَدِ بِارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ، فَيُخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ أَوْ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَرْهُونِ، وَيُمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ، أَوْ مِنْ إِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلِلْفُقَهَاءِ فِي مَوْضُوعِ التَّخْلِيَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَخْلِيَة ف 4، 5) .
ضَمَانُ غَلَّةِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ :
17 - إِذَا رُدَّ الْمَبِيعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبَبِ عَيْبٍ مِنَ الْعُيُوبِ، فَهَلْ تَكُونُ غَلَّتُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ إِلَى وَقْتِ الرَّدِّ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِهَا حَقًّا لِلْبَائِعِ، أَمْ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي وَلاَ يَضْمَنُهَا لِلْبَائِعِ ؟.
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَوِ الْغَلَّةَ الْمُتَّصِلَةَ بِالشَّيْءِ وَقْتَ الرَّدِّ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَيَجِبُ رَدُّهَا، أَمَّا الْمَنَافِعُ الْمُنْفَصِلَةُ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ؛ لأِنَّ هَا زِيَادَةٌ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي ؛ وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ». أَيْ أَنَّ الْغَلَّةَ أَوِ الْمَنَافِعَ فِي مُقَابِلِ تَحَمُّلِ الْمُشْتَرِي تَبِعَةَ ضَمَانِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ إِذَا هَلَكَ عِنْدَهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الْغَلَّةَ الْفَرْعِيَّةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنَ الْمَبِيعِ كَمَنَافِعِ الشَّيْءِ وَأُجْرَةِ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا، دُونَ الأْصْلِيَّةِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ لِمَالِكِ أَصْلِهَا الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ غَلَّةَ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ الَّتِي لاَ تُعْتَبَرُ كَجُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ كَسُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانِهَا وَرُكُوبِ السَّيَّارَةِ وَإِجَارَتِهَا وَأَلْبَانِ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِ لِلْمَبِيعِ إِلَى يَوْمِ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَلاَ رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْمَبِيعِ؛ لأِنَّ غَلَّتَهُ لَهُ، وَالْغُنْمُ فِي نَظِيرِ الْغُرْمِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ غَلَّةُ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي؛ لأِنَّ الْمَبِيعَ كَانَ فِي ضَمَانِهِ وَالْغَلَّةُ فِي نَظِيرِ الضَّمَانِ.
الْغَرْسُ أَوِ الْبِنَاءُ فِي أَرْضٍ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهَا لِلْغَيْرِ.
18 - إِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ أَرْضًا، فَغَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِغَيْرِ بَائِعِهَا، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ قَلْعَ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِحْقَاق ف 15).
الْغَرْسُ أَوِ الْبِنَاءُ فِي الأَْرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ :
19 - لِلْفُقَهَاءِ آرَاءٌ مُتَقَارِبَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ:
فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَرْضًا لِلْغِرَاسِ أَوِ الْبِنَاءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الإْجَارَةِ وَفِي الأَْرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ، فَإِنْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ الْهَدْمَ أَوِ الْقَلْعَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الإْجَارَةِ، أُجْبِرَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا.
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُؤَجِّرُ الْهَدْمَ أَوِ الْقَلْعَ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ (أَوِ الْمُكْتَرِي) إِزَالَةُ الْبِنَاءِ أَوْ قَلْعُ الشَّجَرِ، وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الأْرْضِ؛ لأِنَّهُ نَقْصٌ دَخَلَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْضًا إِنْ قَلَعَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لأِنَّ الْقَلْعَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمَالِكُ؛ وَلأِنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الأْرْضِ تَصَرُّفًا نَقَصَهَا، وَلَمْ يَقْتَضِهِ عَقْدُ الإْجَارَةِ.
فَإِنْ أَبَى الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ أَوِ الإْزَالَةَ، خُيِّرَ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلاَثَةٍ:
1 - تَرْكُهُ عَلَى ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.
2 - أَخْذُ الْمُؤَجِّرِ الْغِرَاسَ أَوِ الْبِنَاءَ بِالْقِيمَةِ، وَيَمْتَلِكُهُ؛ لأِنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ عَنْهُمَا.
3 - إِزَالَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الْبِنَاءَ أَوْ قَلْعُ الْغِرَاسِ مَعَ ضَمَانِهِ أَرْشَ مَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ؛ لأِنَّهُ لاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ بِالْقَلْعِ مَعَ دَفْعِ الأَْرْشِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ مَسْجِدًا أَوْ مُعَدًّا لِنَفْعٍ عَامٍّ فَلاَ يُهْدَمُ، وَتَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ أَوْ إِلَى زَوَالِهِ لأِنَّهُ الْعُرْفُ، إِذْ وَضْعُ هَذِهِ لِلدَّوَامِ، وَلاَ يُعَادُ الْمَسْجِدُ وَنَحْوُهُ لَوِ انْهَدَمَ إِلاَّ بِإِذْنِ رَبِّ الأْرْضِ؛ لِزَوَالِ حُكْمِ الإْذْنِ بِزَوَالِ الْعَقْدِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ فِي الأْرْضِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ غَرْسًا فِيهَا، وَلَوْ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ، كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الإْجَارَةِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْغَرْسِ، وَإِمَّا تَمَلُّكُ مَا اسْتَحْدَثَ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ إِنْ أَضَرَّ الْهَدْمُ أَوِ الإِْزَالَةُ بِالْعَقَارِ؛ لأِنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ إِبْقَاؤُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَأْجِرِ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ فَلِلْمُؤَجِّرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الإْجَارَة الْخيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ الْبَانيَ أَو الْغَارسَ بهَدْم بنَائه أَوْ قَلْع شَجَره أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قيمَتَهُ مَنْقُوضًا، أَوْ يُرْضيَ الْمُسْتَأْجرُ الْمُؤَجّرَ في مَنْفَعَة الأْرْض الْمُدَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لأجْل بَقَاء بنَائه أَوْ غَرْسه.
رَهْنُ الْعَقَار :
20 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ بَيْعُهُ كَالْعُرُوض وَالْحَيَوَان وَالْعَقَار صَحَّ رَهْنُهُ؛ لأنَّ الْمَقْصُودَ منَ الرَّهْن الاسْتيثَاقُ بالدَّيْن ليُتَوَصَّلَ إلَى اسْتيفَائه منْ ثَمَن الرَّهْن عنْدَ تَعَذُّر اسْتيفَائه منَ الرَّاهن، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ في كُلّ عَيْنٍ يَصحُّ بَيْعُهَا.
وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنيفَةَ رَهْنَ الْمُشَاع فَإنَّهُ لاَ يَجُوزُ عنْدَهُ وَإنْ كَانَ يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (رَهْن ف9) .
غَصْبُ الْعَقَار :
21 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاء إلَى أَنَّ أَحْكَامَ الْغَصْب تَجْري في الْعَقَار إذْ يُمْكنُ غَصْبُهُ، وَيَجبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصب وَخَالَفَ في ذَلكَ أَبُو حَنيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ.
وَفي ذَلكَ تَفْصيلٌ يُنْظَرُ في مُصْطَلَح: (غَصْب).
وَقْفُ الْعَقَار :
22 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صحَّة وَقْف الْعَقَار منْ أَرْضٍ وَدُورٍ وَحَوَانيتَ وَبَسَاتينَ وَنَحْوهَا؛ لأنَّ جَمَاعَةً منَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَقَفُوهُ، مثْلَ مَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه في وَقْفه أَرْضَهُ في خَيْبَرَ؛ وَلأنَّ الْعَقَارَ مُتَأَبّدٌ يَبْقَى عَلَى الدَّوَام.
وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (وَقْف).
وَالْبنَاءُ عنْدَ الْحَنَفيَّة مَنْقُولٌ، وَلاَ يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُول عنْدَهُمْ إلاَّ إذَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ، وَبمَا أَنَّ النَّاسَ تَعَارَفُوا وَقْفَ الْبنَاء أَو الشَّجَر بلاَ أَرْضٍ فَيَجُوزُ الْوَقْفُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفيَّةُ أَنَّ وَقْفَ الْبنَاء بدُون الأْرْض لَهُ صُوَرٌ ثَلاَثٌ.
ر: مُصْطَلَحَ: (وَقْف).
تَعَلُّقُ حَقّ الارْتفَاق بالْعَقَار الْمَبيع.
23 - تَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الارْتفَاق بالْعَقَار دُونَ الْمَنْقُول، فَيَكُونُ حَقُّ الارْتفَاق مُقَرَّرًا دَائمًا عَلَى عَقَارٍ، وَيَصحُّ بَيْعُ الأْرْض دُونَ حَقّ الارْتفَاق، وَلاَ يَدْخُلُ حَقُّ الارْتفَاق في بَيْع الأْرْض إلاَّ بالنَّصّ عَلَيْه صَرَاحَةً، أَوْ بذكْر مَا يَدُلُّ عَلَيْه كَأَنْ يَقُولَ: بعْتُ الأَْرْضَ بحُقُوقهَا أَوْ بمَرَافقهَا، أَوْ كُلَّ قَليلٍ وَكَثيرٍ حَوْلَهَا، أَمَّا في الإْجَارَة فَتَدْخُلُ حُقُوقُ الارْتفَاق في الْعَقْد، وَلَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا، لتَعَذُّر الانْتفَاع بالْمَأْجُور
بدُونهَا، وَيُقَاسُ الْوَقْفُ اسْتحْسَانًا عَلَى الإْجَارَة لاَ عَلَى الْبَيْع؛ لأنَّ الْمَقْصُودَ منَ الْوَقْف هُوَ مُجَرَّدُ الانْتفَاع وَهُوَ لاَ يُمْكنُ إلاَّ بأَنْ يَدْخُلَ الشّرْبُ وَالْمَسيلُ وَالطَّريقُ في وَقْف الأَْرْض دُونَ نَصٍّ عَلَيْهَا
تَعَلُّقُ حَقّ الشُّفْعَة في الْعَقَار لاَ الْمَنْقُول :
24 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إلَى أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَة يَثْبُتُ في الْعَقَار لحَديث جَابرٍ رضي الله تعالي عنه قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم بالشُّفْعَة في كُلّ شَركَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائطٍ».
وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (شُفْعَة ف 24).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاثون ، الصفحة / 37
د - بِالنَّظَرِ إِلَى النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ :
7 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ بِالنَّظَرِ إِلَى إِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَحْوِيلِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَنْقُولٌ، وَعَقَارٌ.
فَالْمَالُ الْمَنْقُولُ: هُوَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. فَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
وَالْعَقَارُ: هُوَ مَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. كَالأْرَاضِيِ وَالدُّورِ وَنَحْوِهَا .
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ الدِّمَشْقِيُّ: الْعَقَارُ صِنْفَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمُسَقَّفُ، وَهُوَ الدُّورُ وَالْفَنَادِقُ وَالْحَوَانِيتُ وَالْحَمَّامَاتُ وَالأْرْحِيَةُ وَالْمَعَاصِرُ وَالْفَوَاخِيرُ وَالأْفْرَانُ وَالْمَدَابِغُ وَالْعِرَاصُ. وَالآْخَرُ: الْمُذْدَرَعُ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى الْبَسَاتِينِ وَالْكُرُومِ وَالْمَرَاعِي وَالْغِيَاضِ وَالآْجَامِ وَمَا تَحْوِيهِ مِنَ الْعُيُونِ وَالْحُقُوقِ فِي مِيَاهِ الأْنْهَارِ .
8 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الثَّابِتِ، هَلْ يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْعَقَارِ أَمِ الْمَنْقُولِ؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُمَا مِنَ الْعَقَارِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْمَنْقُولاَتِ، إِلاَّ إِذَا كَانَا تَابِعَيْنِ لِلأَْرْضِ، فَيَسْرِي عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الْعَقَارِ بِالتَّبَعِيَّةِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 199
الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالدَّارِ:ِ
8 - أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الدَّارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ مِنْهَا: الْبَيْعُ، وَالإْجَارَةُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْوَقْفُ.
وَبَحَثُوا فِيمَا لَوْ بَاعَ الشَّخْصُ الدَِّارَ، أَوْ آجَرَهَا أَوْ أَوْصَى بِهَا، أَوْ وَقَفَهَا، مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَمَا لاَ يَدْخُلُ فِيهِ.
فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الدَّارِ عِنْدَ الإْطْلاَقِ يَدْخُلُ فِيهِ الأْرْضُ وَالْبِنَاءُ وَكُلُّ مَا هُوَ مُثَبَّتٌ فِيهَا كَالأْجْنِحَةِ وَالرَّوَاشِنِ، وَالدَّرَجِ وَالْمَرَاقِي الْمَعْقُودَةِ، وَالسُّقُفِ، وَالْجُسُورِ، وَالْبَلاَطِ الْمَفْرُوشِ الْمُثَبَّتِ فِي الأْرْضِ، وَالأْبْوَابِ الْمَنْصُوبَةِ وَغَلْقِهَا الْمُثَبَّتِ، وَالْخَوَابِي، وَمَعَاجِنِ الْخَبَّازِينَ وَخَشَبِ الْقَصَّارِينَ، وَالإْجَّانَاتِ الْمُثَبَّتَةِ (وَهِيَ آنِيَةٌ تُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ) وَالرُّفُوفِ، وَالسَّلاَلِمِ، وَالسُّرُرِ عَلَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الثَّلاَثَةُ مُسَمَّرَةً.
كَمَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَقْدِ الأْشْجَارُ الرَّطْبَةُ الْمَغْرُوسَةُ فِي الدَّارِ، وَالْبِئْرُ الْمَحْفُورَةُ، وَالأْوْتَادُ الْمَغْرُوزَةُ فِيهَا، لأِنَّ اسْمَ الدَّارِ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الأْشْيَاءِ عُرْفًا.
وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَقْدِ حَجَرُ الرَّحَى إِذَا كَانَ الأْسْفَلُ مِنْهُمَا مُثَبَّتًا .
وَفِي قَوْلٍ لِكُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: لاَ يَدْخُلُ الْحَجَرُ الأْعْلَى إِذَا كَانَ مُنْفَصِلاً.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَنْقُولاَتِ الْمُنْفَصِلَةَ وَغَيْرَ الْمُثَبَّتَةِ لاَ تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ، وَذَلِكَ كَالسَّرِيرِ، وَالْفُرُشِ، وَالسَّتَائِرِ، وَالرُّفُوفِ الْمَوْضُوعَةِ بِغَيْرِ تَسْمِيرٍ وَلاَ غَرْزٍ فِي الْحَائِطِ، وَكَذَلِكَ الأْقْفَالُ وَالْحِبَالُ، وَالدَّلْوُ، وَالْبَكَرَةُ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُرَكَّبَةً بِالْبِئْرِ بِأَنْ كَانَتْ مَشْدُودَةً بِحَبْلٍ أَوْ مَوْضُوعَةً.
وَكَذَلِكَ السَّلاَلِمُ الْمَوْضُوعَةُ غَيْرُ الْمُرَكَّبَةِ. وَكُلُّ مَا لاَ يَكُونُ مِنْ بِنَاءِ الدَّارِ وَلاَ مُتَّصِلاً بِهَا مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ، وَحَيَوَانٍ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَنْقُولاَتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ.
وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ.
أَمَّا إِذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنْ يَشْمَلَ الْعَقْدُ جَمِيعَ الْمَنْقُولاَتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ أَوْ بَعْضَهَا، أَوْ قَالَ: وَقَفْتُ الدَّارَ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا، فَإِنَّ الْمَنْقُولاَتِ الْمَوْجُودَةَ تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ تَبَعًا لِلدَّارِ أَوْ حَسْبَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الطَّرَفَانِ .
وَالتَّفَاصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعٌ، وَقْفٌ)
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْفِ عُلْوِ الدَّارِ دُونَ سُفْلِهَا، أَوْ سُفْلِهَا دُونَ عُلْوِهَا، أَوْ جَعْلِ وَسَطِ دَارِهِ مَسْجِدًا وَلَمْ يَذْكُرِ الاِسْتِطْرَاقَ .
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى صِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ؛ لأِنَّهُ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ وَقْفُهُ، كَوَقْفِ الدَّارِ جَمِيعًا، وَلأِنَّهُ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ إِلَى مَنْ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الاِسْتِقْرَارِ وَالتَّصَرُّفِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ .
وَالتَّفَاصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (وَقْفٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 78
الْقَرَارُ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ وَعَدَمِ الاِنْفِصَالِ:
بَيْعُ مَا يَتَّصِلُ بِغَيْرِهِ اتِّصَالَ قَرَارٍ:
6 - التَّوَابِعُ الْمُسْتَقِرَّةُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ قَرَارٍ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ (وَاتِّصَالُ الْقَرَارِ: وَضْعُ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لاَ يُفْصَلُ مِنْ مَحَلِّهِ) فَيَدْخُلُ الشَّجَرُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ، فَإِذَا بِيعَتِ الأْرْضُ فَالشَّجَرُ الْمَغْرُوسُ فِيهَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لأِنَّ الأْشْجَارَ مُتَّصِلَةٌ بِالأْرْضِ اتِّصَالَ الْقَرَارِ، أَمَّا الأْشْجَارُ الْيَابِسَةُ فَلاَ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لأِنَّ تِلْكَ الأْشْجَارَ عَلَى شَرَفِ الْقَلْعِ، فَهِيَ فِي حُكْمِ الْحَطَبِ فَلَيْسَ اتِّصَالُهَا بِالأْرْضِ اتِّصَالَ قَرَارٍ.
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَرَارِ الأْشْيَاءِ مَثَلاً، كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ قَدْ وُضِعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْبَيْعِ، وَيَدَّعِيَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا فَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْمَبِيعِ، فَيَجْرِي فِيهِ التَّحَالُفُ .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (شَجَر ف 4) (وَبَيْع ف 39).
حَقُّ الْقَرَارِ وَمَا يَثْبُتُ بِهِ:
7 - مَا يَثْبُتُ لِلإْنْسَانِ مِنْ حَقِّ دَوَامِ الاِنْتِفَاعِ بِالْعَقَارِ الْمُسْتَأْجَرِ مِنَ الْوَقْفِ دُونَ أَنْ يُطَالِبَهُ أَحَدٌ بِإِخْلاَئِهِ يُسَمَّى حَقَّ الْقَرَارِ.
وَهُوَ حَقٌّ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِمَا يَأْتِي:
أ - بِمَا يُحْدِثُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ: بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ صَارَ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ، فَلَهُ الاِسْتِبْقَاءُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَفِي الْخَيْرِيَّةِ: وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا بِأَنَّ لِصَاحِبِ الْكِرْدَارِ حَقَّ الْقَرَارِ، وَهُوَ أَنْ يُحْدِثَ الْمُزَارِعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الأْرْضِ بِنَاءً أَوْ غَرْسًا أَوْ كَبْسًا بِالتُّرَابِ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ أَوِ النَّاظِرِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وَقْف).
وَنَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْبَحْرِ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إِلاَّ الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ .
ب - أَنْ تَكُونَ الأْرْضُ مُعَطَّلَةً فَيَسْتَأْجِرَهَا مِنَ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا لِيُصْلِحَهَا لِلزِّرَاعَةِ وَيَحْرُثَهَا وَيَكْبِسَهَا، فَلاَ تُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ مَا دَامَ يَدْفَعُ مَا عَلَيْهَا مِنَ الْقِسْمِ الْمُتَعَارَفِ كَالْعُشْرِ وَنَحْوِهِ، وَإِذَا مَاتَ عَنِ ابْنٍ تُوَجَّهُ لاِبْنِهِ، فَيَقُومُ مَقَامَهُ فِيهَا .
ج - مَنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِأَرْضِ الْوَقْفِ ثَلاَثَ سِنِينَ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ، كَمَا يَثْبُتُ حَقُّ الْقَرَارِ لِمَنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِالأْرْضِ الأْمِيرِيَّةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَقِيلَ: ثَلاَثِينَ سَنَةً .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (وَقْف).
د - الْخُلُوُّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَالُ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُتَوَلِّي أَوِ الْمَالِكِ، فَلاَ يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إِخْرَاجَهُ وَلاَ إِجَارَتَهُ لِغَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَمِمَّنْ أَفْتَى بِلُزُومِ الْخُلُوِّ الَّذِي يَكُونُ مُقَابِلَ مَالٍ يَدْفَعُهُ لِلْمَالِكِ أَوِ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ الْعَلاَّمَةُ الْمُحَقِّقُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ قَالَ: فَلاَ يَمْلِكُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ إِخْرَاجَهُ مِنْهَا وَلاَ إِجَارَتَهَا لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْمَبْلَغَ الْمَرْقُومَ، فَيُفْتِي بِجَوَازِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْوَفَاءِ الَّذِي تَعَارَفَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ .
وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (خُلُوّ ف 17).
____________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 2)
العقار كل ما له أصل ثابت لا يمكن نقله وتحويله
(مادة 3)
المنقول يطلق على كل مال يمكن نقله وتحويله فيشمل العروض والحيوانات والمكيلات والموزونات والذهب والفضة ويشمل البناء والغراس القائمين في أرض مملوكة أو موقوفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام الأعظم ابى حنيفة (رضى الله عنه ) إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية (1392هـ ـ 1972م )
مصطلحات فقهية باب البيع
مادة ۲۲ - المنقول هو : الشيء الذي يمكن نقله من محل إلى آخر .
مادة ۲۳ - غير المنقول هو : مالا يمكن نقله من محل إلى آخر.
مادة ۲۷ - المحدود هو . العقار الذي يمكن تعيين حدوده وأطرافه .