مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 470
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - بعد أن قسم المشروع الأشياء إلى ثابتة ومنقولة عرض لما يترتب عليها من حقوق مالية ، هي التي يصدق عليها وحدها اصطلاح الأموال، ولم يستثن من ذلك حق الملكية وهو أوسع الحقوق مدى وأقربها إلى الاختلاط بالشيء الذي يرد عليه .
وقد قسم المشروع الأموال إلى عقار و منقول أيضاً جعل كل حق عيني يقع على شيء ثابت عقاراً سواء كان ذلك الحق حق ملكية أو حق انتفاع أو ارتفاق أو رهن أو اختصاص الخ... وكذلك كل دعوى عينية تتعلق بعقار.
2- واعتبر المشروع مالاً منقولاً كل ما ليس مالاً عقارياً مقتفياً في ذلك أثر التقنين الحالي، ( المادة 3/17 وانظر أيضاً التقنين البرتغالى المادة 4376 و المشروع الإيطالي المادة 6) وبذلك تجنب ما وجه من نقد إلى التقنيات الأجنبية التي عرفت الأموال المنقولة تعريفاً مباشراً أو حاولت تعدادها (أنظر التقنين الفرنسي المادة 529، والتقنين الإيطالى المادة 418 والتقنين الأسباني المادة 336 والتقنين الهولندي المادة 567 والتقنين الأرجنتيني المادة 2353 والتقنين البرازيلي المادة 48) وعلى هذا النحو يعتبر مالاً منقولاً جميع الحقوق والدعاوى العينية والشخصية المتعلقة بشيء منقول بما في ذلك حق ملكية المنقول، والحقوق الشخصية المتعلقة بعقار والحقوق المتعلقة بشيء غير مادي أي حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية وما شابهها (أنظر المادة 48 من التقنين البرازيلى ).
1 ـ الدعاوى الشخصية العقارية هى الدعاوى التى تستند إلى حق شخصى و يطلب بها تقرير حق عينى على عقار أو اكتساب هذا الحق ومن ذلك الدعوى التى يرفعها المشترى بعقد غير مسجل ويطلب بها الحكم على البائع بصحة التعاقد وقد راعى الشارع هذا الازدواج فى تكوين الدعوى و مآلها حينما جعل الاختصاص المحلى بنظر الدعاوى الشخصية العقارية وفقا للمادة 56 مرافعات معقودا للمحكمة التى يقع فى دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه . و لا ينال من هذا النظر أن تكون المادة 83 من القانون المدنى قد اقتصرت فى تقسيم الأموال و الدعاوى المتعلقة بها على عقار و منقول فقط إذ لم يرد فيها أو غيرها من نصوص القانون المدنى أيه قاعدة للأختصاص تغاير قاعدة المادة 56 من قانون المرافعات فى شأن الاختصاص بالدعاوى الشخصية العقارية .
(الطعن رقم 261 لسنة 28 جلسة 1963/03/21 س 14 ع 1 ص 355 ق 56)
2 ـ يبين من إستعراض نصوص القانون المدني المصري أنه إعتبر حق الإنتفاع من الحقوق العينية وذلك بإدراجه فى باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية كما أنه فى المادة 83 إعتبر كل حق عيني مالاً عقارياً ثم أنه حدد الحالات التي تعتبر قيوداً على حق الملكية وهي التي تناولتها المواد من 816 إلى 824 والمتعلقة بالقيود الناشئة عن حقوق الجوار وليس منها حق الإنتفاع، ومن ثم فإن حق الإنتفاع فى القانون المصري هو حق مالي قائم فى ذاته ولا يعتبر من القيود الواردة على حق الملكية، وبالتالي فهو مما يجوز الإيصاء به ويمكن تقويمه .
(الطعن رقم 27 لسنة 27 جلسة 1960/05/26 س 11 ع 2 ص 421 ق 66)
3 ـ الدعاوى الشخصية العقارية هى الدعاوى التى تستند إلى حق شخصى و يطلب بها تقرير حق عينى على عقار أو اكتساب هذا الحق ومن ذلك الدعوى التى يرفعها المشترى بعقد غير مسجل ويطلب بها الحكم على البائع بصحة التعاقد وقد راعى الشارع هذا الازدواج فى تكوين الدعوى و مآلها حينما جعل الاختصاص المحلى بنظر الدعاوى الشخصية العقارية وفقا للمادة 56 مرافعات معقودا للمحكمة التى يقع فى دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه . و لا ينال من هذا النظر أن تكون المادة 83 من القانون المدنى قد اقتصرت فى تقسيم الأموال و الدعاوى المتعلقة بها على عقار و منقول فقط إذ لم يرد فيها أو غيرها من نصوص القانون المدنى أيه قاعدة للأختصاص تغاير قاعدة المادة 56 من قانون المرافعات فى شأن الاختصاص بالدعاوى الشخصية العقارية .
(الطعن رقم 261 لسنة 28 جلسة 1963/03/21 س 14 ع 1 ص 355 ق 56)
الحق العيني هو سلطة لشخص علي شئ عقار أو منقول، فهو أمر معنوي يستقبل عن محل وهو الشيء الوارد عليه .
والدعوي التي تحمي الحق، تتبعه في طبيعته، فالحق العيني العقاري تحميه دعوى عينية عقارية تتبعه في طبيعته فتكون بدورها مالاً عقارياً، وكذلك الحال بالنسبة للحقوق غير العقارية فتكون أموالاً منقولة.
الحق العيني العقاري، هو سلطة لشخص على عقار معين بذاته، ولما كان هذا الحق يعتبر مالاً عقارياً، ومن ثم يكون لصاحبه التصرف فيه بكافة التصرفات القانونية التي من شأنها نقل هذه السلطة إلى المتصرف إليه كالبيع والمقايضة والهبة والوصية وتقرير حق إنتفاع أو سكني أو ارتفاق أو رهن أو اختصاص أو غير ذلك من الحقوق العينية التي ترد على العقار، وطالما تعلق الحق بعقار فإنه يجب الالتزام بنصوص القانون التي تنظم انتقال الحقوق العينية العقارية الأصلية وتلك هي نصوص قانون الشهر العقاري.
أطلقت الفقرة الثانية من المادة 83 ما يعتبر مالا منقولاً فنصت على أن كل حق عيني لا يعتبر مالاً عقارياً يكون مالاً منقولاً، وبناء علي ذلك فكل حق عيني يقع علي منقول فهو مال منقول سواء كان حقاً عينياً أصلياً كحق الملكية وحق الامتياز، يستوي بعد ذلك أن يكون محل هذا الحق منقولاً بطبيعته أو منقولاً بحسب المآل، وقد وردت الحقوق العينية على سبيل الحصر .
وقد يجمع الشخص بين الحق العيني ومحل هذا الحق، فيباشر سلطته على الشيء محل الحق العيني، ومن ثم يكون له التصرف فيه بكافة أنواع التصرفات في الحدود المقررة قانوناً، فإن لم يكن ممنوعاً من التصرف بنص في القانون أو العقد، كان له بيع الحق العيني بإعتباره مالاً عقارياً أو منقولاً وشمل ذلك السلطة التي له والشئ محل هذه السلطة، كما يكون له التصرف في أحد عناصر هذا الحق أن كان حق ملكية، فيبيع حق الانتفاع أو حق الرقبة، وقد يبقي علي الحق العيني ولكن يرتب عليه حقاً عينياً تبعياً كرهن أو إختصاص، وحينئذ ينشأ حق جديد لمن اكتسب الحق العيني التبعي تخوله تتبع هذا الشئ في أي يد يكون والتقدم على من انتقلت إليه حيازة هذا الشئ ما لم تتوفر لدى الحائز شروط اكتساب الحق بالمدة الطويلة فينشأ له حق عيني على الشيء محل الحيازة، وبينما لم يكن له عليه سوي حيازة مادية قبل اكتمال مدة التقادم وبإكتمالها إكتسب السلطة على ذات الشيء فأصبح صاحب حق عيني عليه .
والدعوي تعتبر عينية عقارية، إذا تعلقت بحق عيني أصلي أو حق عيني تبعي علي عقار، سواء تعلقت بتقرير هذا الحق أو إنكاره ومن ثم تعتبر دعوي عينية عقارية، دعوى ثبوت الملكية ودعوى الاستحقاق ودعوى الانتفاع ودعوى الاستعمال ودعوى السكني ودعوى الحكر ودعوى الانتفاع ودعوى الارتفاق الإيجابي بتقرير حق ارتفاق ودعوى الارتفاق السلبي بنفي هذا الحق . كما تعتبر الدعوي المتعلقة بالحقوق العينية التبعية من الدعاوى العينية العقارية، كالدعاوي المتعلقة بالرهن الرسمي والرهن الحيازي العقاري وحق الاختصاص وحق الامتياز الوارد على عقار، سواء رفعت من حائز العقار أو عليه طالما تعلقت بتأكيد الحق العيني التبعي أو نفيه.
كذلك تعتبر الشفعة، من الدعاوي العينية العقارية إذ يقصد الشفيع من ورائها إلى تقرير حق عيني أصلي له على العقار المشفوع فيه.
أن الدعوى العينية العقارية تتعلق بحق عيني على عقار وهي ذات صلة مباشرة بهذا العقار أي بالحق العيني الوارد على العقار دون ما حاجة إلى إلزام شخص بالقيام بعمل، فدعوي ثبوت ملكية العقار يراد بها اعتبار العقار مملوكاً للمدعي دون إلزام لأحد بالقيام بعمل ولا يختصم المدعى عليه إلا ليحاج بالحكم لتنفيذه جبراً عنه .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني الصفحة/ 129)
فيعتبر مالاً عقارياً كل الحقوق العينية التي تقع على عقار، سواء كانت حقوقاً عينية أصلية أو كانت حقوقاً عينية تبعية. وكذلك يعتبر مالاً عقارياً الدعاوى التي تتعلق بحق من الحقوق العينية الواردة على عقار.
وبناء على ذلك تعتبر أموالا عقارية:
(1) حق الملكية الوارد على عقار، سواء كان العقار عقاراً بطبيعة أو عقاراً بالتخصيص
(2) الحقوق العينية المتفرعة عن حق الملكية، وهي حقوق عينية أصلية، إذا كان محلها عقارا. ويشمل ذلك:
(أ) حق الانتفاع وحق الاستعمال الواردين على عقار.
(ب) حق السكني وهو لا يرد إلا على عقار.
(ج) حق الارتفاق كحق المرور وحق المطل وحق مسيل المياه، وهي أيضا لاترد إلا على عقار.
(د) الحقوق العينية التبعية الواردة على عقار، وتشمل حق الرهن الرسمي وحق الاختصاص وهما لا يردان إلا على عقار، وكذلك حق الرهن الحيازي وحق الامتياز وهما يردان على عقار أو على منقول فلا يعتبران مالاً عقارياً إلا عند ورودهما على عقار.
(هـ) الدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية المتقدمة التي تعتبر أموالاً عقارية.
أما الأموال المنقولة، فهي جميع الحقوق غير العقارية، ويشمل ذلك جميع الحقوق العينية الواردة على منقول.
وعلى ذلك تعتبر أموالا منقولة ما يأتي:
(أ) جميع الحقوق العينية الواردة على منقول، سواء كانت حقوق ملكية أو حقوقا عينية أصلية أخرى أو حقوقا عينية تبعية.
ب) جميع الحقوق الذهنية وهي التي يكون محلها شيئاً غير مادي كحقوق المؤلف وحقوق الملكية الصناعية والحق في الاسم التجاري.
(ج) جميع الحقوق الشخصية سواء أكان محلها إعطاء شئ، عقاراً كان ذلك الشيء أو منقولاً، أم كان محلها القيام بعمل ولو كان ذلك العمل إقامة بناء، أم كان امتناعاً عن عمل ولو كان ذلك الامتناع امتناعاً عن التعرض للدائن في انتفاعه بعقار.
ومن هذا القبيل حق مشترى العقار قبل تسجيل عقده، فإنه لا يكون إلا حقاً شخصياً يستطيع المشترى بمقتضاه أن يلزم البائع بنقل ملكية العقار إليه، فيعتبر مالاً منقولاً لأن محله المباشر فعل المدين ولأن ملكية العقار ليست إلا محلاً غير مباشر لهذا الحق الشخصي بمعنى أن المشترى لا يصل إلى حق الملكية إلا من طريق فعل المدين أو ما يقوم مقامه.
ومن هذا القبيل أيضاً حق مشترى العقار أو مستأجره في إلزام البائع أو المؤجر بتسليمه العقار المبيع أو المؤجر، وكذلك حق كل منهما في إلزام البائع أو المؤجر بضمان الانتفاع بالعين المبيعة أو المؤجرة.
(د) جميع الدعاوى التي لا تستند إلى حقوق عينية عقارية. وتدخل في ذلك دعاوى الحيازة وكذلك دعاوى الفسخ ودعاوي البطلان ودعاوى عدم نفاذ التصرف ولو كان محل العقد المطلوب فسخه أو بطلانه أو عدم نفاذه عقاراً. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول، الصفحة/ 747)
تنص المادة 83 مدني على ما يأتي :
" 1 - يعتبر مالاً عقارياً كل حق عيني يقع على عقار، بما في ذلك حق الملكية، وكذلك كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار " .
" 2 - ويعتبر مالاً منقولاً ما عدا ذلك من الحقوق المالية
ويتبين من هذا النص أن القانون بمد تقسيم الأشياء إلى عقار ومنقول من الأشياء المادية إلى الحقوق . والحقوق أشياء معنوية لا مادية، وهي بهذا الوصف لا تقبل أن تكون عقاراً أو منقولاً . فالعقار هو الشيء المادي ذو المستقر الثابت بطبيعته كما سبق القول، ولا يصدق هذا على الحق، ولو كان هذا الحق هو حق الملكية الذي جرت العادة بخلطة بالشيء المادي ذاته الذي يقع عليه . وكذلك الحقوق لا تكون منقولة، ولو كانت حقوق ملكية على منقولات تختلط بها، فلا يزال التمييز قائما بين حق الملكية وهو شيء معنوي، والشيء الذي يقع عليه حق الملكية وهو شيء مادي . ولكن المشرع، تبعاً لتقاليد قديمة، قسم الحقوق المعنوية ذاتها إلى عقار ومنقول، لا تبعاً لطبيعتها بل تبعاً لطبيعة المحل الذي تقع عليه، ورتب على هذا التقسيم نتائج قانونية هامة .
الحقوق العينية الأصلية التي تقع على عقار : وعلى رأس الحقوق العقارية تقوم الحقوق العينية الأصلية التي تقع على عقار والعقار الذي تقع عليه الحقوق العينية قد يكون عقاراً بطبيعته كما هو الغالب، وقد يكون عقاراً بالتخصيص . فجميع الحقوق العينية الأصلية التي تقع على عقارات بالتخصيص تعتبر حقوقاً عقارية.
وأول الحقوق العينية الأصلية هو حق الملكية . والملكية حق، أي شيء معنوي لا شيء مادي، ولكن التقاليد التي ترجع إلي عهد القانون الروماني تخلط ما بين حق الملكية والشيء المادي الذي يقع عليه هذا الحق، نظراً لأن الملكية هي أوسع حق عيني يمكن تصوره، وهو يستغرق الشيء الذي هو محله استغراقاً تاماً، ومن ثم يختلط به فيصبحان شيئاً واحداً نتيجة لهذا الخلط ويخيل في النظرة السطحية أن حق الملكية هو نفس الشيء المادي المملوك، فيبدو أن حق الملكية نفسه هو شيء مادي أو هو ذات الشيء المادي الذي يقع عليه الحق . والصحيح أن حق الملكية، كغيره من الحقوق العينية، شيء معنوي كما قدمنا، ويجب تمييزه عن الشيء المادي الذي يقع عليه . وقد نبهت الفقرة الأولى من المادة 83 مدني إلى ذلك، فساوت بين حق الملكية وبين أي حق عيني آخر، وقالت كما رأينا : " يعتبر مالاً عقاريا كل حق عيني يقع على عقار، بما في ذلك حق الملكية .... " . فحق الملكية إذن يكون حقاً عقارياً إذا وقع على عقار بطبيعته أو عقار بالتخصيص .
ثم تأتي الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن حق الملكية، وهذه تكون أيضاً حقوقاً عقارية إذا وقعت على عقار . ومن هذه الحقوق ما لا يقع إلا على عقار فيكون حتماً من الحقوق العقارية، وهذه هي حقوق الارتفاق وحق السكني وحق الحكر ومنها ما يقع على عقار أو منقول كما هو الأمر في حق الملكية، فإذا وقع على عقار كان حقاً عقارياً . وهذه هي حق الانتفاع وحق الاستعمال، ما وقع منهما على عقار يكون حقاً عقارياً .
- الحقوق العينية التبعية التي تقع على عقار : كذلك يعتبر حقاً عقارياً كل حق عيني تبعى يقع على عقار بطبيعته أو عقار بالتخصيص ومن هذه الحقوق أيضاً ما لا يقع إلا على عقار فيكون حقاً عقارياً، وهذان هما حق الرهن الرسمي وحق الاختصاص . ومنها ما يقع على عقار أو يقع على منقول، فإذا وقع على عقار كان حقاً عقارياً . وهذه هي حق رهن الحيازة وحقوق الامتياز .
ولا يعترض على أن الحق العيني التبعي يكون حقاً عقارياً إذا وقع على عقار بمقولة إن هذا الحق ضامن لحق شخصي منقول فهو تابع له، ومن ثم يكون منقولاً مثله . ذلك أن الفرع إذا كان يتبع الأصل، فإنما يتبعه في نشوئه وانقضائه، ولا يتبعه في طبيعته . فقد يكون الأصل عقاراً ويكون التابع عقاراً . وينبني على أن الحق العيني الذي يقع على عقار يكون حقاً عقارياً أن التنازل عن الرهن الرسمي يشترط لصحته أهلية التصرف في العقار، ولا تكفي أهلية التصرف في المنقول .
- الدعاوى المتعلقة بحق عيني على عقار : وتعتبر أيضاً دعوى عقارية الدعوى المتعلقة بحق عيني على عقار، وتقول العبارة الأخيرة من المادة 83 / 1 مدني، كما رأينا، في هذا الصدد : " يعتبر مالاً عقارياً ..كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار " .
فالدعاوي المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية الواقعة على عقار تكون دعاوى عقارية . وعلى ذلك تكون دعوى عقارية دعوى حق الملكية على عقار أي دعوى الاستحقاق للعقار، ودعاوى حقوق الارتفاق إيجاباً ونفياً فكلها دعاوى عقارية لأن حقوق الارتفاق لا تقع إلا على عقار، وكذلك دعوى السكني ودعوى الحكر دعويان عقاريتان إذ حق السكنى وحق الحكر لا يقعان إلا على عقار . وتعتبر دعوى عقارية دعوى حق الانتفاع ودعوى حق الاستعمال، إذا كان الحق يقع على عقار والدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية التبعية الواقعة على عقار تكون دعوى عقارية فدعوى الرهن الرسمي ودعوى حق الاختصاص المرفوعتان على حائز العقار دعويان عقاريتان، إذ لا يقع الرهن الرسمي وحق الاختصاص إلا على عقار ودعوى رهن الحيازة ودعاوى حقوق الامتياز المرفوعة على حائز العقار تكون دعاوى عقارية، إذا وقع حق الرهن الحيازي أو حق الامتياز على عقار .
وتعتبر دعاوى الحيازة – دعوى منع التعرض ودعوى استرداد الحيازة ودعوى وقف الأعمال الجديدة – دعاوى عقارية، لأنها تحمي حيازة العقار . ولذلك جعل الاختصاص فيها، كما في سائر الدعاوي العقارية، للمحكمة الكائن في دائرتها العقار .
- دعوى الشفعة : دعوى الشفعة هي الدعوى التي يطالب فيها الشفيع بملكية العقار المشفوع فيه . والمطالبة بحق الملكية مستنداً إلي حق الآخذ بالشفعة . ومن ثم كانت دعوى الشفعة، في رأينا، دعوى عقارية .
وهناك رأي يذهب إلي عكس ذلك ويعتبر دعوى الشفعة دعوى منقولة، فيقول الأستاذ محمد علي عرفة في هذا المعنى : " فالشفيع يستند في طلب الشفعة إلى حق خاص خوله إياه القانون . وهذا الحق وإن يكن من طبيعة خاصة، إلا أنه لا يمكن أن يقال بأنه حق عيني، إذ لا سلطان للشفيع على العقار المشفوع فيه حتى يقضي بحقه في أخذه بالشفعة . وبذلك تستبعد دعوى الشفعة بطريق الاستقصاء من نطاق العقارات، فتكون منقولة طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 83.
والذي نراه أن الشفيع إنما يطالب بملكية العقار المشفوع فيه، فهو لا يطالب بالشفعة وإلا كانت الشفعة حقاً مستقلاً عن حق الملكية وقد كان اعتبار الشفعة حقاً هو الذي حير بعض الفقهاء، ودفعهم إلي التساؤل هل الشفعة حق عيني أو حق شخصي وقد بينا أن الشفعة ليست بحق عيني ولا يحق شخصي، وإنما هي – كالعقد – سبب من أسباب كسب الملكية . وإذا كانت المناقشة لا تجوز في اعتبار العقد حقاً عينياً أو حقاً شخصياً، كذلك لا تجوز المناقشة في اعتبار الشفعة هذا أو ذاك . ومتى وضعنا المسألة هذا الوضع الصحيح، وقلنا إن الشفيع إنما يطالب بملكية العقار المشفوع فيه بسبب من أسباب كسب الملكية هو الشفعة، تبين في وضوح أن الشفعة دعوى يطالب فيها المدعى بملكية عقار، فهي إذن دعوى عقارية .
ومن ثم ترفع دعوى الشفعة أمام المحكمة الكائن فى دائرتها العقار المشفوع فيه، كما هو صريح نص المادة 943 مدني . وقد قيل في لجنة مجلس الشيوخ، دفاعا عن استبقاء هذا الحكم بالرغم من أنه من أحكام قانون المرافعات، إنه أريد به دفع الشبهة فيما إذا كانت دعوى الشفعة تعتبر دعوى شخصية أو دعوى عقارية فهي إذن كانت دعوى عقارية بصريح النص.
كل الحقوق والدعاوى التي ليست عقارية تكون منقولة :
وكل الحقوق والدعاوى التي لا تكون عقارية على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم تكون منقولة . وفي هذا تقول الفقرة الثانية من المادة 83 مدني كما رأينا : " ويعتبر مالاً منقولاً ما عدا ذلك من الحقوق المالية " . فالأصل إذن، في الحقوق والدعاوى، أن تكون منقولة، ما لم تكن حقوقاً عينية واقعة على عقار أو دعاوى تتعلق بحق عيني على عقار فتكون عقارية .
فتكون إذن منقولة الحقوق العينية التي تقع على منقول، أما تلك التي تقع على عقار فتعتبر عقارية كما سبق القول وتكون كذلك منقولة جميع الحقوق الشخصية، أياً كان محلها، منقولاً كان أو عقاراً أو عملاً أو امتناعاً عن عمل . ويعتبر منقولاً بوجه خاص الإيرادات المؤبدة والمؤقتة، والأسهم والحصص في الشركات، والمتاجر، والحقوق المالية التي ترد على الأشياء غير المادية .
وتعتبر الدعوى منقولة إذا لم تكن دعوى عقارية على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم، فيدخل في الدعاوى المنقولة، دعوى صحة التعاقد ودعوى صحة التوقيع، ودعوى تكملة الثمن بسبب الغبن، ودعاوى الفسخ والإبطال والرجوع . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثامن الصفحة/ 248)
نصت المادة 82 مدني على أن « كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف، فهو عقار، وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول ومع ذلك يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله.
وظاهر من هذا النص أنه اعتمد تقسيم الأشياء إلى منقولات وعقارات وأنه عرف العقارات تعريفاً مباشراً وعرف المنقولات تعريفاً غير مباشر، وأنه استدرك على تعريف العقار فأضاف إليه نوعاً من الأشياء يدخل بطبيعته في تعريف المنقول ولكنه يعتبر عقاراً إذا توافرت فيه شروط خاصة وسماه عقاراً بالتخصيص للمقابلة بينه وبين النوع الأصلى من العقارات وهي التي تسمى عقارات بطبيعتها.
ولذلك يمكن القول أن العقارات نوعان: عقارات بطبيعتها وعقارات بالتخصيص، وأن ما عدا ذلك من أشياء فهو منقول.
- (1) العقارات ونوعها :
(أ) العقارات بطبيعتها - العقار بطبيعته هو كل شيء له مستقر ثابت . ويشمل ذلك الأراضي بوجه عام وكل ما يلتصق بها أو يقام على سطحها أو في جوفها كالشجر والغراس والمباني على مختلف أنواعها من منازل و آبار وسواق ألخ، ويعتبر الشيء ذا مستقر ثابت إذا كان لا يمكن نقله دون تلف والأكشاك التي يمكن حلها وإقامتها في مكان آخر لا تعد عقارات .. أما المباني التي لا يمكن نقلها بدون تلف فتجب عقارات ولو كانت معدة لأن نبني مد قصيرة كالمباني التي تقام في معارض مؤقتة، وكذلك الزرع والشجر فإنه يعتبر بطبيعته عقاراً مادام متصلاً بالأرض ولو أنه معد لأن يفصل منها بعد مدة معينة.
ويستوي في ذلك أن تكون للشيء صفة الاستقرار من أصل خلقته كالأراضي، أو أن يكون من كسبها بصنع صانع كالمباني والمزروعات .. ففي كلتا الحالين تعتبر هذه الأشياء عقارات بطبيعتها .
ویستوى في ذلك أيضاً - بالنسبة إلى الأشياء التي تكتسب الاستقرار بفعل الانسان أن يكون هذا الفعل صادراً من مالك الأرض نفسه أو من أي شخص غيره، ففي كلتا الحالتين أيضاً يعتبر الشيء المثبت في الأرض عقاراً.
وإذا كان هذا الشيء بناء، فإن كل جزء من الأجزاء التي لا يتم إلا بها. يعتبر عقاراً بطبيعته ولو كان من الأجزاء التي يمكن فصلها من البناء كالنوافذ والأبواب وغيرها.
ب - الأشياء الثابتة بالتخصيص - الأشياء الثابتة بالتخصيص هي أشياء منقولة بحسب طبيعتها، ولكن القانون يعتبرها ثابتة بسبب تخصيصها لخدمة شيء ثابت بطبيعته أو لاستغلاله، وقد عرفت المادة 82 فقرة ثانية مدني العقار بالتخصيص بأنه المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله.
والمقصود بالمنقول في هذا النص الشيء الذي لا يعتبر عقاراً بطبيعته، فالنوافذ والأبواب التي تعتبر جزءاً من البناء وتعد لهذا السبب عقاراً بطبيعتها كما تقدم لا تعد من المنقولات التي يمكن اعتبارها عقارات بالتخصيص وكذلك آلة الري المثبتة في الأرض بحيث لا يمكن نقلها منها دون تلف.
والمقصود بالعقار في هذا النص الشيء الذي يعتبر عقاراً بطبيعته كالأراضي والمباني أما الأشياء التي تعتبر عقارات بالتخصيص فتقتصر عليها صفتها العقارية ولا تتعداها إلى المنقولات التي تخصص لخدمتها هي فإذا ثبتت آلة الري في الأرض تثبیتاً تاماً يحول دون نقلها بغير تلف، اعتبرت عقاراً وأمكن اعتبار الوقود والأدوات المخصصة لاستعمالها عقارات بالتخصيص أما اذا لم تثبت هذا التثبيت الذي يجعل منها. عقاراً بطبيعتها، فإنه يمكن اعتبارها عقاراً بالتخصيص إذا توافرت فيها شروط ذلك، وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار الوقود والأدوات المخصصة لاستعمالها عقارات بالتخصيص .
ويؤخذ من نص المادة 82 مدنى أنه لابد من توافر شرطين لاعتبار الشيء المنقول الملحق بعقار عقاراً بالتخصيص :
1- أن يكون المنقول والعقار الذي ألحق به مملوكين لشخص واحد فإذا استأجر مالك العقار مواشي أو آلات لاستغلال العقار فأنها لا تصبح عقارات بالتخصيص، وكذلك إذا خصص مستأجر العقار الخدمة أو لاستغلاله واشي أو آلات مملوكة له.
2- أن يكون المنقول قد ألحق بالعقار لخدمته أو لاستغلاله كالتماثيل التي توضع في العقار لتجميله والمواشي التي تخصص لزراعة الأرض والآلات التي تخصص لاستغلال المصنع.
ولا يعتبر من هذه المنقولات عقاراً بالتخصيص إلا القدر الذي تكون منه فائدة لخدمة العقار أو لاستغلاله، ولا يشترط أن يكون هذا القدر ضرورياً لخدمة العقار أو استغلاله فإذا اقتنى المالك في أرضه مواشي أكثر من الحد الأقصى الذي يمكن أن تفيد منه خدمة الأرض، فالزائد منها عن هذا الحد لا يعتبر عقاراً بالتخصيص، ومن باب أولى لا يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي وضعه مالكه في العقار المملوك له لخدمة نفسه لا لخدمة العقار أو استغلاله، كسيارة أو دابة للركوب.
ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة بل يكفى ألا يكون عارضاً ومتى انقطع التخصيص زالت عن المنقول صفة العقار وهو ينقطع بإرادة المالك الصريحة أو الضمنية كما إذا فصل المالك المنقول عن العقار وباعه مستقلاً عنه، ولكن يشترط ألا يضر ذلك بحقوق ترتبت للغير على هذا المنقول باعتباره عقاراً بالتخصيص.
وكان التقنين الملغي لا يرتب على اعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص سوى أثر واحد هو عدم جواز الحجز عليه منفرداً عن العقار المتعلق به المادة ( 4/ 18 مدنی ملغي) . أما التقنين الحالي، فقد أطلق النص وسوي بين العقار بالتخصيص والعقار بطبيعته، ولكن هذه التسوية مقيدة بالحكمة التي من أجلها اعتبر المنقول عقاراً بالتخصيص؛ وهي ضمان خدمة العقار أو استغلاله .
- (2) المنقولات - المنقولات هي كل ماعدا العقارات بنوعيها، وهي تشمل أشياء مادية كالحيوانات والسيارات والأثاث والأدوات، وأشياء معنوية كالآراء والأختراعات، والأولى أما أن تكون منقولة بحسب طبيعتها، وإما أن تكون منقولة بحسب مآلها.
(أ) المنقولات بحسب طبيعتها والأشياء المادية المنقولة هي التي يمكن نقلها من حيزها دون تلف، سواء كانت قادرة على الانتقال بقوتها الذاتية كالحيوانات، أو بقوة خارجية كالجمادات، وتعتبر هذه الأشياء منقولة بطبيعتها .
وتدخل في ذلك على الأشياء المادية التي لا تعتبر عقاراً بطبيعتها أو عقاراً بالتخصيص فالأشجار والمحصولات القائمة في الأرض والأبواب المركبة في البناء والمواشي والآلات المخصصة لخدمة العقار أو استغلاله. لا تعتبر منقولات، ولكن الأشجار والمحصولات تصير منقولات من وقت قلعها أو فصلها من الأرض التي قلعت أو فصلت منها وكذلك الأبواب والشبابيك اذا فصلت من البناء ولو مؤقتاً، والمواشي والآلات إذا بطل تخصيصها لخدمة العقار أو استغلاله، وكذلك أيضاً أنقاض البناء بعد هدمة ولو كان المالك ينوي استعمالها في اعادة البناء . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الأول، الصفحة/ 849)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثلاثون ، الصفحة / 186
عَقَار
التَّعْرِيفُ :
1 - الْعَقَارُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي اللُّغَةِ: كُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ وَقَرَارٌ ثَابِتٌ كَالأَْرْضِ وَالدَّارِ وَالضِّيَاعِ وَالنَّخْلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَتَاعِ الْبَيْتِ، يُقَالُ: مَا لَهُ دَارٌ وَلاَ عَقَارٌ، أَيْ نَخْلٌ، وَفِي الْبَيْتِ عَقَارٌ حَسَنٌ، أَيْ مَتَاعٌ وَأَدَاةٌ، وَالْجَمْعُ عَقَارَاتٌ، وَالْعَقَارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: خِيَارُهُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ الثَّابِتُ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، مِثْلُ الأْرْضِ وَالدَّارِ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْمَنْقُولُ :
2 - الْمَنْقُولُ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى آخَرَ، فَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: الْمَنْقُولُ هُوَ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ مَعَ بَقَاءِ هَيْئَتِهِ وَصُورَتِهِ الأْولَى، أَيْ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ بِدُونِ أَنْ تَتَغَيَّرَ صُورَتُهُ، كَالْعُرُوضِ التِّجَارِيَّةِ مِنْ أَمْتِعَةٍ وَسِلَعٍ وَأَدَوَاتٍ وَكُتُبٍ وَسَيَّارَاتٍ وَثِيَابٍ وَنَحْوِهَا.
ب - الشَّجَرُ :
3 - جَاءَ فِي الْقَامُوسِ: الشَّجَرُ مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ أَوْ مَا سَمَا بِنَفْسِهِ دَقَّ أَوْ جَلَّ قَاوَمَ الشِّتَاءَ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: الشَّجَرُ هُوَ مَا لَهُ سَاقٌ صُلْبٌ يَقُومُ بِهِ، كَالنَّخْلِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ فِيمَا لَهُ سَاقٌ وَلاَ يُقْطَعُ أَصْلُهُ، وَعَرَّفَهُ الأَْبِيُّ فِي الْمُسَاقَاةِ بِمَا كَانَ ذَا أَصْلٍ ثَابِتٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَتَبْقَى أُصُولُهُ
ج - الْبِنَاءُ :
4 - الْبِنَاءُ: وَضْعُ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ عَلَى صِفَةٍ يُرَادُ بِهَا الثُّبُوتُ ثَمَرَةُ قِسْمَةِ الْمَالِ إِلَى عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ :
5 - تَظْهَرُ فَائِدَةُ قِسْمَةِ الْمَالِ إِلَى عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ فِيمَا يَأْتِي:
أ - الشُّفْعَةُ: فَإِنَّهَا عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لاَ تَثْبُتُ إِلاَّ فِي الْعَقَارِ الْمَبِيعِ، أَمَّا الْمَنْقُولُ فَلاَ تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِذَا بِيعَ اسْتِقْلاَلاً، وَتَثْبُتُ فِيهِ إِذَا بِيعَ تَبَعًا لِلْعَقَارِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (شُفْعَة ف 24 - 25) .
ب - الْوَقْفُ: لاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِ وَقْفِ الْعَقَارِ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ، فَأَجَازَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقْفَ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْحَنَفِيَّةُ إِلاَّ تَبَعًا لِلْعَقَارِ، أَوْ كَانَ مُتَعَارَفًا وَقْفَهُ كَالْكُتُبِ وَنَحْوِهَا، أَوْ وَرَدَ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ أَثَرٌ عَنِ السَّلَفِ كَوَقْفِ الْخَيْلِ وَالسِّلاَحِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (وَقْف) .
ج - بَيْعُ عَقَارِ الْقَاصِرِ:
لاَ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْقَاصِرِ إِلاَّ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ يُجِيزُ لَهُ ذَلِكَ وَبِإِذْنِ الْقَاضِي، كَإِيفَاءِ دَيْنٍ أَوْ دَفْعِ حَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ، أَوْ وُجُودِ مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ؛ لأِنَّ بَقَاءَ عَيْنِ الْعَقَارِ فِيهِ حِفْظُ مَصْلَحَةِ الْقَاصِرِ أَكْثَرَ مِنْ حِفْظِ ثَمَنِهِ، وَلَكِنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ الْمَنْقُولَ إِذَا رَأَى مَصْلَحَةً فِي بَيْعِهِ.
د - مَالُ الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ :
يُبْدَأُ أَوَّلاً بِبَيْعِ الْمَنْقُولِ لِوَفَاءِ دَيْنِ الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ، ثُمَّ يُبَاعُ الْعَقَارُ إِذَا لَمْ يَفِ ثَمَنُ الْمَنْقُولِ بِالدَّيْنِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمَدِينِ.
هـ - بَيْعُ الشَّيْءِ قَبْلَ قَبْضِهِ: يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بَيْعُ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى مِنَ الْعَقَارَاتِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ تَسَلُّمِهِ مِنَ الْبَائِعِ، بِخِلاَفِ الْمَنْقُولِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْهَلاَكِ كَثِيرًا، بِعَكْسِ الْعَقَارِ، وَلَمْ يُجِزْ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ التَّصَرُّفَ فِي الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ .
و - حُقُوقُ الْجِوَارِ وَالاِرْتِفَاقِ :
تَتَعَلَّقُ هَذِهِ الْحُقُوقُ بِالْعَقَارِ دُونَ الْمَنْقُولِ.
ر: (ارْتِفَاق ف 10، جِوَار ف 3).
ز - الْغَصْبُ:
لاَ يُتَصَوَّرُ غَصْبُ الْعَقَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، إِذْ لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ، وَيَرَى مُحَمَّدٌ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ إِمْكَانَ غَصْبِ الْعَقَارِ، أَمَّا الْمَنْقُولُ فَيُتَصَوَّرُ غَصْبُهُ اتِّفَاقًا.
تَحَوُّلُ الْعَقَارِ إِلَى مَنْقُولٍ وَبِالْعَكْسِ :
6 - قَدْ يَتَحَوَّلُ الْعَقَارُ إِلَى مَنْقُولٍ، كَالأْجْزَاءِ الَّتِي تَنْفَصِلُ عَنِ الأْرْضِ أَوْ تُسْتَخْرَجُ مِنْهَا، كَالْمَعَادِنِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنَ الْمَنَاجِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَنْقَاضِ الْبِنَاءِ الْمَهْدُومِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ فَصْلِهِ عَنِ الأْرْضِ تَزُولُ عَنْهُ صِفَةُ الْعَقَارِ وَأَحْكَامُهُ، وَيُصْبِحُ فِي عِدَادِ الْمَنْقُولاَتِ وَتُطَبَّقُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا.
وَقَدْ يَحْدُثُ الْعَكْسُ وَهُوَ تَحَوُّلُ الْمَنْقُولِ إِلَى عَقَارٍ، بِأَنْ صَارَ الْمَنْقُولُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ، فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ مَا يَأْتِي: (تَوَابِعُ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِدُونِ ذِكْرٍ)، مَثَلاً إِذَا بِيعَتْ دَارٌ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ الأَْقْفَالُ الْمُسَمَّرَةُ وَالدَّوَالِيبُ - أَيِ الْخِزَنُ الْمُسْتَقِرَّةُ - وَالرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ الْمُعَدَّةُ لِوَضْعِ فُرُشٍ، وَالْبُسْتَانُ الَّذِي هُوَ دَاخِلُ حُدُودِ الدَّارِ، وَالطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ، أَوِ الدَّاخِلَةُ الَّتِي لاَ تَنْفُذُ. وَفِي بَيْعِ الْعَرْصَةِ تَدْخُلُ الأَْشْجَارُ الْمَغْرُوسَةُ عَلَى أَنْ تَسْتَقِرَّ؛ لأِنَّ جَمِيعَ الْمَذْكُورَاتِ لاَ تُفْصَلُ عَنِ الْمَبِيعِ، فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ وَلاَ تَصْرِيحٍ.
أَحْكَامُ الْعَقَارِ :
لِلْعَقَارِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ، أَهَمُّهَا:
الصَّلاَةُ فِي الأْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ :
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ فِي الأْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ حَرَامٌ؛ لأِنَّ اللُّبْثَ فِيهَا يَحْرُمُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ، فَلأَنْ يَحْرُمَ فِي الصَّلاَةِ أَوْلَى .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ عَلَى رَأْيَيْنِ:
فَقَالَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ): الصَّلاَةُ صَحِيحَةٌ؛ لأِنَّ النَّهْيَ لاَ يَعُودُ إِلَى مَاهِيَّةِ الصَّلاَةِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهَا، كَمَا لَوْ صَلَّى وَهُوَ يَرَى غَرِيقًا يُمْكِنُهُ إِنْقَاذُهُ فَلَمْ يُنْقِذْهُ، أَوْ حَرِيقًا يَقْدِرُ عَلَى إِطْفَائِهِ فَلَمْ يُطْفِئْهُ، أَوْ مَطَلَ غَرِيمَهُ الَّذِي يُمْكِنُ إِيفَاؤُهُ وَصَلَّى، وَيَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ مَعَ الإْثْمِ، وَيَحْصُلُ بِهَا الثَّوَابُ، فَيَكُونُ مُثَابًا عَلَى فِعْلِهِ عَاصِيًا بِمُقَامِهِ، وَإِثْمُهُ لِلْمُكْثِ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ.
وَيَصِفُ عُلَمَاءُ الأْصُولِ مِنَ الْجُمْهُورِ هَذِهِ الصَّلاَةَ بِأَنَّهَا فِعْلٌ لَهُ جِهَتَانِ: كَوْنُهُ صَلاَةً وَكَوْنُهُ غَصْبًا، لَكِنَّ الْجِهَتَيْنِ غَيْرُ مُتَلاَزِمَتَيْنِ؛ لأِنَّهُمَا وَإِنِ اجْتَمَعَتَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ انْفِرَادَهُمَا مُمْكِنٌ وَمُتَصَوَّرٌ، فَالْغَصْبُ يَنْفَرِدُ عَنِ الصَّلاَةِ بِأَنْ يَشْغَلَ الْمَكَانَ بِأَيِّ عَمَلٍ آخَرَ، وَالصَّلاَةُ تَنْفَرِدُ عَنِ الْغَصْبِ بِأَنْ تُؤَدَّى فِي مَكَانٍ آخَرَ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ اجْتِمَاعُ الإْيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ فِي هَذَا الْفِعْلِ جَائِزًا، فَهَذِهِ الصَّلاَةُ وَاجِبَةٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا صَلاَةٌ، وَحَرَامٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا غَصْبٌ شَامِلٌ لِمِلْكِ الْغَيْرِ، وَلاَ تَنَافِيَ لِعَدَمِ الاِتِّحَادِ بَيْنَ مُتَعَلِّقِ الإْيجَابِ الَّذِي هُوَ الصَّلاَةُ وَمُتَعَلِّقِ التَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ الْغَصْبُ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ صَحِيحَةٌ وَيُثَابُ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارٍ، وَحَرَامٌ وَيُعَاقَبُ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ، وَلَوْ كَانَ جُزْءًا مُشَاعًا؛ لأِنَّ هَا عِبَادَةٌ أَتَى بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَلَمْ تَصِحَّ كَصَلاَةِ الْحَائِضِ وَصَوْمِهَا، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْفِعْلِ وَاجْتِنَابَهُ وَالتَّأْثِيمَ بِفِعْلِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُطِيعًا بِمَا هُوَ عَاصٍ بِهِ، مُمْتَثِلاً بِمَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، مُتَقَرِّبًا بِمَا يَبْعُدُ بِهِ ؟ فَإِنَّ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ مِنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، وَهُوَ عَاصٍ بِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَيَخْتَلِفُ الأْمْرُ عَنْ إِنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَإِطْفَاءِ الْحَرِيقِ؛ لأِنَّ أَفْعَالَ الصَّلاَةِ فِي نَفْسِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا.
وَلَكِنْ يَصِحُّ لَدَى الْحَنَابِلَةِ الْوُضُوءُ وَالأْذَانُ وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمُ وَالْعُقُودُ كَالْبَيْعِ وَالزَّوَاجِ وَغَيْرِهِمَا، وَالْفُسُوخُ كَالطَّلاَقِ وَالْخُلْعِ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ؛ لأِنَّ الْبُقْعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا، بِخِلاَفِ الصَّلاَةِ.
وَتَصِحُّ الصَّلاَةُ عِنْدَهُمْ فِي بُقْعَةٍ أَبْنِيَتُهَا غَصْبٌ، وَلَوِ اسْتَنَدَ إِلَى الأْبْنِيَةِ لإِبَاحَةِ الْبُقْعَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلاَةِ، وَتَصِحُّ صَلاَةُ مَنْ طُولِبَ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ أَوْ رَدِّ غَصْبٍ قَبْلَ دَفْعِهَا إِلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ بِلاَ عُذْرٍ؛ لأِنَّ التَّحْرِيمَ لاَ يَخْتَصُّ بِالصَّلاَةِ وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً بِلاَ ضَرَرٍ وَلاَ غَصْبٍ، أَوْ صَلَّى عَلَى مُصَلاَّهُ بِلاَ غَصْبٍ وَلاَ ضَرَرٍ، جَازَ وَصَحَّتْ صَلاَتُهُ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَصْبٍ مِنْ بُقْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَاهِلاً أَوْ نَاسِيًا كَوْنَهُ غَصْبًا صَحَّتْ صَلاَتُهُ؛ لأِنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ، وَإِذَا حُبِسَ فِي مَكَانٍ غُصِبَ صَحَّتْ صَلاَتُهُ؛ لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
وَيَرَى أُصُولِيُّو الْحَنَابِلَةِ وَالْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّ الْجِهَتَيْنِ فِي هَذَا الْفِعْلِ (الصَّلاَةِ فِي الأَْرْضِ الْمَغْصُوبَةِ) مُتَلاَزِمَتَانِ؛ لأِنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الْمُصَلِّي فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ بِهَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ فَتَكُونُ حَرَامًا، وَهَذِهِ الأَْفْعَالُ بِعَيْنِهَا جُزْءٌ مِنْ حَقِيقَةِ الصَّلاَةِ، إِذْ هِيَ عِبَادَةٌ ذَاتُ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، وَالصَّلاَةُ الَّتِي جُزْؤُهَا حَرَامٌ لاَ تَكُونُ وَاجِبَةً، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ تَكُونُ صَحِيحَةً وَلاَ يَسْقُطُ بِهَا الطَّلَبُ.
8 - أَمَّا الصَّلاَةُ فِي الأَْرْضِ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهَا: (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى) فَصَحِيحَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، كَأَرْضِ الْخَسْفِ، وَكُلِّ بُقْعَةٍ نَزَلَ فِيهَا عَذَابٌ، كَأَرْضِ بَابِلَ، وَأَرْضِ الْحِجْرِ وَمَسْجِدِ الضِّرَارِ لَكِنْ تُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ ؛ لأِنَّ هَا مَسْخُوطٌ عَلَيْهَا «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم يَوْمَ مَرَّ بِالْحِجْرِ: لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ؛ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ».
زَكَاةُ الْعَقَارِ:
9 - لاَ زَكَاةَ عَلَى الْحَوَائِجِ الأَْصْلِيَّةِ مِنْ ثِيَابِ الْبَدَنِ وَالأَْمْتِعَةِ وَالْعَقَارِ مِنْ أَرَاضٍ وَدُورِ سُكْنَى وَحَوَانِيتَ، بَلْ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَيْهَا إِذَا لَمْ يَنْوِ بِهَا التِّجَارَةَ؛ لأِنَّ هَا مَشْغُولَةٌ بِالْحَاجَةِ الأَْصْلِيَّةِ إِذْ لاَ بُدَّ مِنْ دَارٍ يَسْكُنُهَا وَلَيْسَتْ بِنَامِيَةٍ أَصْلاً، فَلاَ بُدَّ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ نَامِيًا، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ حَقِيقَةَ النَّمَاءِ، وَإِنَّمَا كَوْنُ الْمَالِ مُعَدًّا لِلاِسْتِنْمَاءِ إِمَّا خِلْقِيًّا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَوْ بِالإْعْدَادِ لِلتِّجَارَةِ، أَوْ بِالسَّوْمِ أَيِ الرَّعْيِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
10 - وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ عَلَى الْمُسْتَغَلاَّتِ مِنْ عِمَارَاتٍ وَمَصَانِعَ وَمَبَانٍ وَدُورٍ وَأَرَاضٍ بِأَعْيَانِهَا وَلاَ عَلَى غَلاَّتِهَا مَا لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ.
لَكِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ - مِنْهُمُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ - يَرَوْنَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمُسْتَغَلِّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لأَِجْلِ الاِسْتِغْلاَلِ، فَيَشْمَلُ الْعَقَارَ الْمُعَدَّ لِلْكِرَاءِ وَكُلَّ سِلْعَةٍ تُؤَجَّرُ وَتُعَدُّ لِلإِْجَارَةِ، بِأَنْ يُقَوَّمَ رَأْسُ الْمَالِ فِي كُلِّ عَامٍ وَيُزَكَّى زَكَاةَ التِّجَارَةِ.
وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ تُزَكَّى هَذِهِ الْمُسْتَغَلاَّتُ مِنْ غَلَّتِهَا وَإِيرَادِهَا إِذَا اسْتَفَادَهَا.
وَرَأَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَزْكِيَةَ فَوَائِدِ الْمُسْتَغَلاَّتِ عِنْدَ قَبْضِهَا.
بَيْعُ الْعَقَارِ :
11 - يَجُوزُ لِلْمَالِكِ بَيْعُ عَقَارِهِ الَّذِي يَمْلِكُهُ مِلْكًا تَامًّا، كَمَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي الْعَقَارِ مِنَ الشَّرِيكِ، وَمِنَ الأْجْنَبِيِّ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قَبِلَتِ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ الْقِسْمَةَ أَمْ لاَ، إِلاَّ فِي حِصَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بِسَبَبِ الْخَلْطِ فِي الْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنَ الشَّرِيكِ وَلاَ يَجُوزُ مِنَ الأْجْنَبِيِّ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ عَدَمُ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ، فَلاَ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنَ الزَّرْعِ بِدُونِ الأْرْضِ قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهِ، إِذْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى ضَرَرِ الشَّرِيكِ الآْخَرِ بِتَعَرُّضِ زَرْعِهِ لِلْقَطْعِ فِي سَبِيلِ التَّسْلِيمِ إِلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهِ، كَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءًا
مُعَيَّنًا مِنْ مُشْتَرَكٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ أَوْ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارٍ، بِخِلاَفِ بَيْعِهِ جُزْءًا شَائِعًا مِنَ الْمُشْتَرَكِ.
وَهُنَاكَ بَعْضُ الْقُيُودِ الشَّرْعِيَّةِ الأْخْرَى عَلَى أَنْوَاعٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ بَيْعِ الْعَقَارَاتِ، مِنْهَا:
أَوَّلاً - بَيْعُ الْوَفَاءِ فِي الْعَقَارِ:
12 - بَيْعُ الْوَفَاءِ: هُوَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إِلَيْهِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لأِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ أَوْ فَسَادِهِ، وَفِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ آثَارٍ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعُ الْوَفَاءِ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا) .
ثَانِيًا - بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَنْقُولاً أَمْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ «حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ عَلَيَّ ؟ قَالَ: إِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ».
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّيْخَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - بَيْعَ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ اسْتِحْسَانًا اسْتِدْلاَلاً بِعُمُومَاتِ حِلِّ الْبَيْعِ بِدُونِ تَخْصِيصٍ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضُ ف 2 وَمَا بَعْدَهَا).
ثَالِثًا - بَيْعُ الأْرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً:
14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الأْرْضِ الْمَفْتُوحَةِ عَنْوَةً.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الإْمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَتِهَا وَبَيْنَ إِقْرَارِ أَهْلِهَا عَلَيْهَا وَوَضْعِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمُ الْخَرَاجَ، وَإِذَا بَقِيَتْ فِي أَيْدِي أَهْلِهَا فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: هِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُهُمْ لَهَا وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذِهِ الأْرْضَ تَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لاَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ
فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ أَنْ يَرَى الإْمَامُ فِي وَقْتٍ مِنَ الأْوْقَاتِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَقْتَضِي الْقِسْمَةَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ الأْرْضَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: تُقْسَمُ الأْرْضُ الْمَفْتُوحَةُ عَنْوَةً بَيْنَ الْغَانِمِينَ إِلاَّ أَنْ يَطِيبُوا نَفْسًا بِتَرْكِهَا فَتُوقَفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ قُسِمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ ثُمَّ بَذَلُوهُ لِعُمَرَ رضي الله عنه وَوُقِفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَصَارَ خَرَاجُهُ أُجْرَةً تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لأِهْلِ السَّوَادِ الَّذِينَ أُقِرَّتِ الأْرْضُ فِي أَيْدِيهِمْ بَيْعُهَا أَوْ رَهْنُهَا أَوْ هِبَتُهَا لِكَوْنِهَا صَارَتْ وَقْفًا.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: الإْمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَةِ هَذِهِ الأْرْضِ عَلَى الْغَانِمِينَ فَتُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ وَلاَ خَرَاجَ عَلَيْهَا وَبَيْنَ وَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَنَحْوُهُ، وَيَضْرِبُ الإْمَامُ بَعْدَ وَقْفِهَا خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ مُسْلِمٍ وَمُعَاهَدٍ يَكُونُ أُجْرَةً لَهَا.
بَيْعُ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ عَقَارَ الْقَاصِرِ :
15 - لِلْفُقَهَاءِ اتِّجَاهَاتٌ مُتَقَارِبَةُ الرَّأْيِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ خُلاَصَتُهَا فِيمَا يَلِي:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُفْتَى بِهِ: يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْعَدْلِ (مَحْمُودِ السِّيرَةِ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ مَسْتُورِ الْحَالِ) أَنْ يَبِيعَ عَقَارَ الْقَاصِرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ لِتَوَافُرِ الشَّفَقَةِ الْكَامِلَةِ عِنْدَهُ عَلَى وَلَدِهِ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ إِلاَّ لِلضَّرُورَةِ كَبَيْعِهِ لِتَسْدِيدِ دَيْنٍ لاَ وَفَاءَ لَهُ إِلاَّ بِهَذَا الْمَبِيعِ، وَيَنْفُذُ بَيْعُ الْوَصِيِّ بِإِجَازَةِ الْقَاضِي، وَلَهُ رَدُّهُ إِذَا كَانَ خَيْرًا.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بِالْمَصْلَحَةِ، فَلِلأْبِ بَيْعُ مَالِ وَلَدِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، عَقَارًا أَوْ مَنْقُولاً، وَلاَ يُتَعَقَّبُ بِحَالٍ، وَلاَ يُطْلَبُ مِنْهُ بَيَانُ سَبَبِ الْبَيْعِ؛ لأِنَّ تَصَرُّفَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، أَمَّا الْوَصِيُّ فَلاَ يَبِيعُ عَقَارَ مَحْجُورِهِ إِلاَّ لِسَبَبٍ يَقْتَضِي بَيْعَهُ - أَيْ لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ - وَبِبَيِّنَةٍ بِأَنْ يَشْهَدَ الْعُدُولُ أَنَّهُ إِنَّمَا بَاعَهُ لِكَذَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَاكِمِ كَالْوَصِيِّ مَالَ الْمَحْجُورِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالنَّفَقَةِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا، وَذَكَرُوا أَحَدَ عَشَرَ سَبَبًا لِجَوَازِ بَيْعِ عَقَارِ الْقَاصِرِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ لِلضَّرُورَةِ، مِثْلَ الْحَاجَةِ لِلنَّفَقَةِ، أَوْ وَفَاءَ دَيْنٍ لاَ قَضَاءَ لَهُ إِلاَّ مِنْ ثَمَنِهِ، وَالْخَوْفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ غَصْبًا أَوْ يَعْتَدِي عَلَى رَيْعِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ، وَبَيْعَهُ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ لِلْقَاصِرِ بِالْمَصْلَحَةِ وُجُوبًا، وَلاَ يَبِيعُ عَقَارَهُ إِلاَّ فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِحَاجَةٍ كَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ بِأَنْ لَمْ تَفِ غَلَّةُ الْعَقَارِ بِهِمَا، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي الاِقْتِرَاضِ أَوْ خَافَ خَرَابَهُ.
وَالثَّانِي: لِمَصْلَحَةٍ ظَاهِرَةٍ، كَأَنْ يَرْغَبَ فِيهِ شَرِيكٌ أَوْ جَارٌ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ، أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ، أَوْ يَكُونُ ثَقِيلَ الْخَرَاجِ، أَيِ الْمَغَارِمِ وَالضَّرَائِبِ مَعَ قِلَّةِ رَيْعِهِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِمَا إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ (الْمَصْلَحَةِ) لَهُمَا ، لقوله تعالي : ( وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
قَبْضُ الْعَقَارِ :
16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْعَقَارِ
الْمَبِيعِ أَوِ الْمَرْهُونِ يَكُونُ بِالتَّسْلِيمِ الْفِعْلِيِّ أَوْ بِالتَّخْلِيَةِ، أَيْ: رَفْعِ الْمَانِعِ مِنَ الْقَبْضِ أَوِ التَّمَكُّنِ مِنْ إِثْبَاتِ الْيَدِ بِارْتِفَاعِ الْمَوَانِعِ، فَيُخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ أَوْ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَرْهُونِ، وَيُمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ، أَوْ مِنْ إِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلِلْفُقَهَاءِ فِي مَوْضُوعِ التَّخْلِيَةِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَخْلِيَة ف 4، 5) .
ضَمَانُ غَلَّةِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ :
17 - إِذَا رُدَّ الْمَبِيعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبَبِ عَيْبٍ مِنَ الْعُيُوبِ، فَهَلْ تَكُونُ غَلَّتُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ إِلَى وَقْتِ الرَّدِّ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِهَا حَقًّا لِلْبَائِعِ، أَمْ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي وَلاَ يَضْمَنُهَا لِلْبَائِعِ ؟.
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَوِ الْغَلَّةَ الْمُتَّصِلَةَ بِالشَّيْءِ وَقْتَ الرَّدِّ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَيَجِبُ رَدُّهَا، أَمَّا الْمَنَافِعُ الْمُنْفَصِلَةُ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ؛ لأِنَّ هَا زِيَادَةٌ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي ؛ وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ». أَيْ أَنَّ الْغَلَّةَ أَوِ الْمَنَافِعَ فِي مُقَابِلِ تَحَمُّلِ الْمُشْتَرِي تَبِعَةَ ضَمَانِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ إِذَا هَلَكَ عِنْدَهُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الْغَلَّةَ الْفَرْعِيَّةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنَ الْمَبِيعِ كَمَنَافِعِ الشَّيْءِ وَأُجْرَةِ كِرَاءِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا، دُونَ الأْصْلِيَّةِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ لِمَالِكِ أَصْلِهَا الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ غَلَّةَ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ الَّتِي لاَ تُعْتَبَرُ كَجُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ كَسُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانِهَا وَرُكُوبِ السَّيَّارَةِ وَإِجَارَتِهَا وَأَلْبَانِ الْمَاشِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِ لِلْمَبِيعِ إِلَى يَوْمِ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَلاَ رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْمَبِيعِ؛ لأِنَّ غَلَّتَهُ لَهُ، وَالْغُنْمُ فِي نَظِيرِ الْغُرْمِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ غَلَّةُ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي؛ لأِنَّ الْمَبِيعَ كَانَ فِي ضَمَانِهِ وَالْغَلَّةُ فِي نَظِيرِ الضَّمَانِ.
الْغَرْسُ أَوِ الْبِنَاءُ فِي أَرْضٍ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهَا لِلْغَيْرِ.
18 - إِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ أَرْضًا، فَغَرَسَ أَوْ بَنَى فِيهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِغَيْرِ بَائِعِهَا، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ قَلْعَ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (اسْتِحْقَاق ف 15).
الْغَرْسُ أَوِ الْبِنَاءُ فِي الأَْرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ :
19 - لِلْفُقَهَاءِ آرَاءٌ مُتَقَارِبَةٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ:
فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَرْضًا لِلْغِرَاسِ أَوِ الْبِنَاءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الإْجَارَةِ وَفِي الأَْرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ، فَإِنْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ الْهَدْمَ أَوِ الْقَلْعَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الإْجَارَةِ، أُجْبِرَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَى أَحَدِهِمَا.
وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُؤَجِّرُ الْهَدْمَ أَوِ الْقَلْعَ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ (أَوِ الْمُكْتَرِي) إِزَالَةُ الْبِنَاءِ أَوْ قَلْعُ الشَّجَرِ، وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الأْرْضِ؛ لأِنَّهُ نَقْصٌ دَخَلَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْضًا إِنْ قَلَعَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لأِنَّ الْقَلْعَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمَالِكُ؛ وَلأِنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الأْرْضِ تَصَرُّفًا نَقَصَهَا، وَلَمْ يَقْتَضِهِ عَقْدُ الإْجَارَةِ.
فَإِنْ أَبَى الْمُسْتَأْجِرُ الْقَلْعَ أَوِ الإْزَالَةَ، خُيِّرَ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلاَثَةٍ:
1 - تَرْكُهُ عَلَى ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.
2 - أَخْذُ الْمُؤَجِّرِ الْغِرَاسَ أَوِ الْبِنَاءَ بِالْقِيمَةِ، وَيَمْتَلِكُهُ؛ لأِنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ عَنْهُمَا.
3 - إِزَالَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الْبِنَاءَ أَوْ قَلْعُ الْغِرَاسِ مَعَ ضَمَانِهِ أَرْشَ مَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ؛ لأِنَّهُ لاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ بِالْقَلْعِ مَعَ دَفْعِ الأَْرْشِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ مَسْجِدًا أَوْ مُعَدًّا لِنَفْعٍ عَامٍّ فَلاَ يُهْدَمُ، وَتَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ أَوْ إِلَى زَوَالِهِ لأِنَّهُ الْعُرْفُ، إِذْ وَضْعُ هَذِهِ لِلدَّوَامِ، وَلاَ يُعَادُ الْمَسْجِدُ وَنَحْوُهُ لَوِ انْهَدَمَ إِلاَّ بِإِذْنِ رَبِّ الأْرْضِ؛ لِزَوَالِ حُكْمِ الإْذْنِ بِزَوَالِ الْعَقْدِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ فِي الأْرْضِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ غَرْسًا فِيهَا، وَلَوْ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ، كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الإْجَارَةِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْغَرْسِ، وَإِمَّا تَمَلُّكُ مَا اسْتَحْدَثَ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ إِنْ أَضَرَّ الْهَدْمُ أَوِ الإِْزَالَةُ بِالْعَقَارِ؛ لأِنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ إِبْقَاؤُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْمُسْتَأْجِرِ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ فَلِلْمُؤَجِّرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الإْجَارَة الْخيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ الْبَانيَ أَو الْغَارسَ بهَدْم بنَائه أَوْ قَلْع شَجَره أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قيمَتَهُ مَنْقُوضًا، أَوْ يُرْضيَ الْمُسْتَأْجرُ الْمُؤَجّرَ في مَنْفَعَة الأْرْض الْمُدَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لأجْل بَقَاء بنَائه أَوْ غَرْسه.
رَهْنُ الْعَقَار :
20 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ بَيْعُهُ كَالْعُرُوض وَالْحَيَوَان وَالْعَقَار صَحَّ رَهْنُهُ؛ لأنَّ الْمَقْصُودَ منَ الرَّهْن الاسْتيثَاقُ بالدَّيْن ليُتَوَصَّلَ إلَى اسْتيفَائه منْ ثَمَن الرَّهْن عنْدَ تَعَذُّر اسْتيفَائه منَ الرَّاهن، وَهَذَا يَتَحَقَّقُ في كُلّ عَيْنٍ يَصحُّ بَيْعُهَا.
وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنيفَةَ رَهْنَ الْمُشَاع فَإنَّهُ لاَ يَجُوزُ عنْدَهُ وَإنْ كَانَ يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (رَهْن ف9) .
غَصْبُ الْعَقَار :
21 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاء إلَى أَنَّ أَحْكَامَ الْغَصْب تَجْري في الْعَقَار إذْ يُمْكنُ غَصْبُهُ، وَيَجبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصب وَخَالَفَ في ذَلكَ أَبُو حَنيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ.
وَفي ذَلكَ تَفْصيلٌ يُنْظَرُ في مُصْطَلَح: (غَصْب).
وَقْفُ الْعَقَار :
22 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صحَّة وَقْف الْعَقَار منْ أَرْضٍ وَدُورٍ وَحَوَانيتَ وَبَسَاتينَ وَنَحْوهَا؛ لأنَّ جَمَاعَةً منَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَقَفُوهُ، مثْلَ مَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه في وَقْفه أَرْضَهُ في خَيْبَرَ؛ وَلأنَّ الْعَقَارَ مُتَأَبّدٌ يَبْقَى عَلَى الدَّوَام.
وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (وَقْف).
وَالْبنَاءُ عنْدَ الْحَنَفيَّة مَنْقُولٌ، وَلاَ يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُول عنْدَهُمْ إلاَّ إذَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ، وَبمَا أَنَّ النَّاسَ تَعَارَفُوا وَقْفَ الْبنَاء أَو الشَّجَر بلاَ أَرْضٍ فَيَجُوزُ الْوَقْفُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفيَّةُ أَنَّ وَقْفَ الْبنَاء بدُون الأْرْض لَهُ صُوَرٌ ثَلاَثٌ.
ر: مُصْطَلَحَ: (وَقْف).
تَعَلُّقُ حَقّ الارْتفَاق بالْعَقَار الْمَبيع.
23 - تَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الارْتفَاق بالْعَقَار دُونَ الْمَنْقُول، فَيَكُونُ حَقُّ الارْتفَاق مُقَرَّرًا دَائمًا عَلَى عَقَارٍ، وَيَصحُّ بَيْعُ الأْرْض دُونَ حَقّ الارْتفَاق، وَلاَ يَدْخُلُ حَقُّ الارْتفَاق في بَيْع الأْرْض إلاَّ بالنَّصّ عَلَيْه صَرَاحَةً، أَوْ بذكْر مَا يَدُلُّ عَلَيْه كَأَنْ يَقُولَ: بعْتُ الأَْرْضَ بحُقُوقهَا أَوْ بمَرَافقهَا، أَوْ كُلَّ قَليلٍ وَكَثيرٍ حَوْلَهَا، أَمَّا في الإْجَارَة فَتَدْخُلُ حُقُوقُ الارْتفَاق في الْعَقْد، وَلَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا، لتَعَذُّر الانْتفَاع بالْمَأْجُور
بدُونهَا، وَيُقَاسُ الْوَقْفُ اسْتحْسَانًا عَلَى الإْجَارَة لاَ عَلَى الْبَيْع؛ لأنَّ الْمَقْصُودَ منَ الْوَقْف هُوَ مُجَرَّدُ الانْتفَاع وَهُوَ لاَ يُمْكنُ إلاَّ بأَنْ يَدْخُلَ الشّرْبُ وَالْمَسيلُ وَالطَّريقُ في وَقْف الأَْرْض دُونَ نَصٍّ عَلَيْهَا
تَعَلُّقُ حَقّ الشُّفْعَة في الْعَقَار لاَ الْمَنْقُول :
24 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إلَى أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَة يَثْبُتُ في الْعَقَار لحَديث جَابرٍ رضي الله تعالي عنه قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم بالشُّفْعَة في كُلّ شَركَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائطٍ».
وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (شُفْعَة ف 24).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاثون ، الصفحة / 37
د - بِالنَّظَرِ إِلَى النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ :
7 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَالَ بِالنَّظَرِ إِلَى إِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَحْوِيلِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَنْقُولٌ، وَعَقَارٌ.
فَالْمَالُ الْمَنْقُولُ: هُوَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. فَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
وَالْعَقَارُ: هُوَ مَا لَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ. كَالأْرَاضِيِ وَالدُّورِ وَنَحْوِهَا .
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ الدِّمَشْقِيُّ: الْعَقَارُ صِنْفَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمُسَقَّفُ، وَهُوَ الدُّورُ وَالْفَنَادِقُ وَالْحَوَانِيتُ وَالْحَمَّامَاتُ وَالأْرْحِيَةُ وَالْمَعَاصِرُ وَالْفَوَاخِيرُ وَالأْفْرَانُ وَالْمَدَابِغُ وَالْعِرَاصُ. وَالآْخَرُ: الْمُذْدَرَعُ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى الْبَسَاتِينِ وَالْكُرُومِ وَالْمَرَاعِي وَالْغِيَاضِ وَالآْجَامِ وَمَا تَحْوِيهِ مِنَ الْعُيُونِ وَالْحُقُوقِ فِي مِيَاهِ الأْنْهَارِ .
8 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الثَّابِتِ، هَلْ يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْعَقَارِ أَمِ الْمَنْقُولِ؟ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُمَا مِنَ الْعَقَارِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يُعْتَبَرَانِ مِنَ الْمَنْقُولاَتِ، إِلاَّ إِذَا كَانَا تَابِعَيْنِ لِلأَْرْضِ، فَيَسْرِي عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الْعَقَارِ بِالتَّبَعِيَّةِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 114
مَنْقُولٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَنْقُولُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ نَقَلَ يَنْقُلُ نَقْلاً وَالنَّقْلُ: تَحْوِيلُ الشَّيْءِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَبَابُهُ نَصَرَ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَنْقُولِ عَلَى رَأْيَيْنِ:
الرَّأْيُ الأْوَّلُ: يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْمَنْقُولَ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى آخَرَ سَوَاءٌ أَبَقِيَ عَلَى صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ الأْولَى أَمْ تَغَيَّرَتْ صُورَتُهُ وَهَيْئَتُهُ بِالنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ وَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ.
وَغَيْرُ الْمَنْقُولِ هُوَ: مَا لاَ يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى آخَرَ كَالدُّورِ وَالأْرَاضِي مِمَّا يُسَمَّى بِالْعَقَارِ .
الرَّأْيُ الثَّانِي: وَهُوَ رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الْمَنْقُولَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ الأْولَى كَالْمَلاَبِسِ وَالْكُتُبِ وَنَحْوِهَا .
الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَنْقُولِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْمَنْقُولِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ - بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيْعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (الْبَيْعُ الْفَاسِدُ ف 16 بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ ف 1 وَمَا بَعْدَهَا قَبْضٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا).
ب - الشُّفْعَةُ فِي الْمَنْقُولِ
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَنْقُولِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (شُفْعَةٌ ف 23 25 26).
ج - بَيْعُ الْوَصِيِّ مِنَ الْمَالِ الْمَنْقُولِ
4 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ بَيْعِ الْوَصِيِّ مِنَ الْمَالِ الْمُوصَى عَلَيْهِ إِذَا كَانَ الْمَالُ مِنَ الْمَنْقُولاَتِ وَكَانَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ عَادَةً لأِنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ لاَ بُدَّ مِنْ حُصُولِهِ فِي الْمُعَامَلاَتِ الْمَالِيَّةِ فَإِذَا لَمْ يُتَسَامَحْ فِيهِ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى سَدِّ بَابِ التَّصَرُّفَاتِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِمَا لاَ يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ عَادَةً فَإِنَّ الْعَقْدَ لاَ يَكُونُ صَحِيحًا.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُوصَى عَلَيْهِ عَقَارًا فَلاَ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسَوِّغٌ شَرْعِيٌّ .
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (إِيصَاءٌ ف 14).
د - غَصْبُ الْمَنْقُولِ
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ الْغَصْبُ فِي الْمَنْقُولِ،
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي غَصْبِ الْعَقَارِ عَلَى مَذَاهِبَ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي (غَصْبٌ ف9 وَمَا بَعْدَهَا).
هـ - وَقْفُ الْمَنْقُولِ
6 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى جَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ كَوَقْفِ فَرَسٍ عَلَى الْغُزَاةِ وَسِلاَحٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالي عنه: «مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَلِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم: «وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، فَإِنَّهُ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَرَوَى الْخَلاَّلُ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ حَفْصَةَ رضي الله عنهما ابْتَاعَتْ حُلِيًّا بِعِشْرِينَ أَلْفًا حَبَسَتْهُ عَلَى نِسَاءِ آلِ الْخَطَّابِ فَكَانَتْ لاَ تُخْرِجُ زَكَاتَهُ .
وَفِي الْقِيَاسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُولِ لأِنَّ شَرْطَ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ وَالْمَنْقُولُ لاَ يَتَأَبَّدُ فَتُرِكَ الْقِيَاسُ لِلآْثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهِ.
وَأَمَّا وَقْفُ الْمَنْقُولِ قَصْدًا فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ مُتَعَارَفًا بَيْنَ النَّاسِ لأِنَّ التَّعَامُلَ بَيْنَ النَّاسِ يُتْرَكُ بِهِ الْقِيَاسُ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُولِ تَبَعًا لِلأْرْضِ وَذَلِكَ اسْتِحْسَانًا لأِنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ مِنَ الْحُكْمِ تَبَعًا مَا لاَ يَثْبُتُ مَقْصُودًا كَمَا إِذَا وَقَفَ ضَيْعَةً بِبَقَرِهَا وَأَكَرَتِهَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ آلاَتِ الْحِرَاثَةِ لأِنَّ هَا تَبَعٌ لِلأْرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَكَذَا وَقْفُ السِّلاَحِ وَالْخَيْلِ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا.
وَنُقِلَ فِي الْمُجْتَبَى عَنِ السِّيَرِ جَوَازُ وَقْفِ الْمَنْقُولِ مُطْلَقًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِذَا جَرَى فِيهِ التَّعَامُلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْمَشْهُورُ الأْوَّلُ .
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (وَقْفٌ).
و - كَيْفِيَّةُ قَبْضِ الْمَنْقُولِ
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِ الْمَنْقُولِ فَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ قَبْضَ الْمَنْقُولِ يَكُونُ بِالنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: قَبْضُ الْمَنْقُولِ يَكُونُ بِالتَّنَاوُلِ بِالْيَدِ أَوْ بِالتَّخْلِيَةِ عَلَى وَجْهِ التَّمْكِينِ .
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (قَبْضٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا).
__________________________________________________________________
العقار هو الشئ الذي لا يمكن نقله من محل إلي آخر حسبما يعرفه الحنفية والمالكية والحنابلة ، مثل الأرض اذ لا يمكن نقلها من محل الي آخر ، أما المنقول عندهم فهو الشئ الذي يمكن نقله من محل آخر ، سواء كان متصلاً بالأرض اتصال قرار كالبناء والشجر والزرع أم كان غير متصل بها كالعروض والسفن ، فهذه يمكن نقلها من محل الي آخر دون اعتداد لما يصيبها من ضرر .
أما المالكية ، فقد قالوا أن العقار هو الشئ الذي لا يمكن نقله من محل الي آخر كالأرض وكل ما يتصل بها اتصال قرار بحيث لا يمكن فصله عنها مع بقائه علي حالته وصورته ، كالبناء والشجر والزرع النابت في الأرض . أما المنقول فهو الشئ الذي يمكن نقله من محل الي آخر مع بقائه علي حالته وصورته . وقد أخذ القانون المدني بمذهب الأمام مالك فيما يتعلق بالتفرقة بين العقار والمنقول. المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 1)
المال ما يمكن ادخاره لوقت الحاجة وهو نوعان عقار ومنقول
(مادة 2)
العقار كل ما له أصل ثابت لا يمكن نقله وتحويله
(مادة 3)
المنقول يطلق على كل مال يمكن نقله وتحويله فيشمل العروض والحيوانات والمكيلات
والموزونات والذهب والفضة ويشمل البناء والغراس القائمين في أرض مملوكة أو موقوفة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام الأعظم ابى حنيفة (رضى الله عنه ) إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية (1392هـ ـ 1972م )
مصطلحات فقهية باب البيع
مادة ۲۲ - المنقول هو : الشيء الذي يمكن نقله من محل إلى آخر .
مادة ۲۳ - غير المنقول هو : مالا يمكن نقله من محل إلى آخر.
مادة ۲۷ - المحدود هو . العقار الذي يمكن تعيين حدوده وأطرافه .