مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 91
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- ليست الأحكام الواردة في هذه المادة سوى تطبيقات للنظرية الحديثة في النيابة القانونية . فا دامت إرادة النائب هي التي تنشط لإبرام العقد بجميع ما يلابسها من ظروف، فيجب أن يناط الحكم على صحة التعاقد بهذه الإرادة وحدها دون إرادة الأصيل وعلى هذا التحو يكون للعيوب التي تلحق إرادة النائب أثرها في التعاقد.. فإذا انتزع رضاه بالإكراه ، أو صدر بتأثير غلط أو تدليس ، كان العقد قابلا للبطلان لمصلحة الأصيل، رغم أن إرادته براء من شوائب العيب ، أما فما يتعلق بالظروف التي تؤثر في الآثار القانونية للتعاقد فيجب أيضاً أن يكون مرجع الحكم عليها شخص النائب لا شخص الأصيل، وعلى ذلك يجوز أن يطعن بالدعوى في بيع صادر من مدين معسر ، تواطأ مع نائب المشتري ولو أن الأصيل ظل بمعزل عن هذا التواطؤ .
2- وعلى نقيض ماتقدم يعتد في الحكم على الأهلية بشخص الأصيل دون النائب فإذا كان الأصيل آهلاً للتعاقد بالإصالة صح تعاقد النائب عنه ولو لم يكن هذا النائب كامل الأهلية وقد يكون مصدر النيابة في الصورة الأخيرة وكالة ، فا دام النائب غير أهل لعقدها ، كان عقد الوكالة وحده قابلاً للبطلان.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 157 من المشروع
واقترح معالي السنهوري باشا أن يستكمل حكم هذه المادة بما يسمح في بعض الأحوال بأن يعقد پارادة الأصيل إلى جانب إرادة النائب فيصبح النص كما يأتي :
1- إذا تم العقد بطريق النيابة كان شخص النائب لاشخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة وأثر وجود عيب منها أو أثر العلم ببعض الظروف الخاصة أو وجوب العلم بها.
2 -ومع ذلك إذا كان النائب وكيلاً وكان يتصرف وفقا لتعليمات محددة صدرت له من موكله ، فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب الظروف كان يعلها هو أو كان يستطيع أن يعلمها .
ثم قدمت في المشروع النهائي تحت رقم 107 بالنص الآتي :
1 -إذا تم العقد بطريق النيابة كان شخص النائب لاشخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة أو في أثر العلم بعض الظروف الخاصة أو وجوب العلم بها.
2 -ومع ذلك إذا كان النائب وكيلاً ويتصرف وفقاً لتعليمات معينة صدرت له من موله فليس للبركل أن يتمسك بجهل النائب الظروف كان يعلمها هو أو كان يستطيع أن يعلمها .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 107 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الخامسة
انتقلت اللجنة إلى المادة 107 وهي الخاصة بالنيابة في التعاقد .
فقال الدكتور حسن بغدادی إن فكرة النيابة في العقود كنظرية عامة لم تأخذ بها التقنينات القديمة ولكنها استحدثت في التشريعات الحديثة، لذلك لا يوجد لهذا النص نظير في التجميعات التي عملت لأحكام الشريعة الإسلامية و بالرغم من بعثرة أحكام النيابة في مختلف النصوص اطرد القضاء على الأخذ بهذه النظرية كنظرية عامة .
وقد أبدى سعادة الرئيس اعتراضاً على عبارة، العلم ببعض الظروف الخاصة أو وجوب العلم بها ، الواردة في الفقرة الأولى و نفس هذه العبارة الواردة في الفقرة الثانية وقال إلى أفضل مجاراة النظرية اللاتينية التي تقرر أن التقصير مهما بلغ لا يمكن أن يرقى إلى مرتبة القصد فقيل لسعادته على لسان عبده محرم بك إن المقصود من هذه العبارة إقامة قرينة قابلة للمكس بمعنى أن الظروف الخاصة التي هي محل تقدير القاضي عند النظر في عيوب الإرادة يمكن التدليل عليها بأنها لا تفيد العالم، وقد أبدی سعادة العشماوي باشا رأيه قائلاً إنه يراد بهذه العبارة رفع مرتبة العلم المفروض إلى درجة العلم المقطوع به والعلم يحققه القاضي مستعيناً بالظروف الخاصة الملابسة التعاقد لأن العلم اليقين لا يعلمه إلا الله، وقد أراد المشرع أن يسوي بين العلم المفروض و العلم المحقق لقطع الطريق على مدعي عدم العلم.
وقد تساهل سعادة الرئيس عما إذا كان لهذه المادة نظير في الشريعة الإسلامية أو في القانون الفرنسي فأجاب الدكتور بغدادی على هذا التساؤل بأن التطبيقات الحديثة درجت على ذلك .
4 - وقد استمرت المناقشة على تكيف الظروف الخاصة وأثرها في العلم وضربت لذلك أمثلة عديدة بهاری جمع طوابع البريد القديمة ومشتری خيل السباق أو مشتری السياد لنوع معين من الزراعة وانتهت المناقشة إلى اقتراح تعديل المادة بإحلال عبارة، أو افتراض العلم بها حتماً، محل عبارة، أو وجوب العلم بها، الواردة في آخر الفقرة الأولى من المادة 107 وإلى إحلال عبارة , أو كان من المفروض حتا أن يملها ، محل عبارة , أو كان يستطيع أن يعلها ، الواردة في آخر الفقرة الثانية .
قرار اللجنة :
وقد وافقت اللجنة على المادة 107 معدلة بالصيغة الآتية :
المادة 107 :
- 1 إذا تم العقد بطريق النيابة كان شخص النائب لاشخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة أو في أثر العلم بعض الظروف الخاصة أو افتراض العلم بها حتماً.
2 - ومع ذلك إذا كان النائب وكيلاً يتصرف وفقا لتعلمات معينة صدرت له من موكله فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب الظروف كان يعلمها هو أو كان من المفروض حتماً أن يعلها .
تقرير اللجنة :
عدلت العبارة الأخيرة في الفقرة الأولى فاستعيض عن التعبير و بوجوب العلم بها، بالتعبير و بافتراض العلم بها حنا، حتى تكون دلالة النص أضيق . وعدلت العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية تعديلا يتمشى مع ما تقرر بالنسبة إلى الفقرة الأولى .
وأصبح رقم المادة 104.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الحكم بتعيين حارس أو لجنة من الحراس القضائيين علي النقابة يخلع علي الحارس صفة النيابة عنها، وهي صفة لا تقبل التجزئة ولا يصح أن تكون قلقة مضطربة بحيث يحاج بها بعض أعضائها دون البعض الآخر لاتصالها اتصالاً وثيقاً بانتمائهم إلي المهنة وبالمصالح الجماعية لهم، فضلاً عن أن الحكم ينشئ حالة مدنية جديدة شأنه فى ذلك شأن الحكم بتعيين وصي أو قيم أو ناظر وقف أو سنديك ومن ثم فإن هؤلاء الأعضاء يعتبرون من الخصوم حكماً ولذلك أجاز القانون لكل ذي مصلحة منهم أن يطعن فى الحكم الصادر بتعيين الحارس وأن يرفع دعوى بعزله أو باستبداله.
(الطعن رقم 855 لسنة 68 جلسة 1998/11/24 س 49 ع 2 ص 665 ق 161)
2- نيابة الوصي عن القاصر هي نيابة قانونية ينبغي أن يباشرها - وفقاً لما تقضى به المادة 118 من القانون المدني - فى الحدود التي رسمها القانون ، ولما كان النص فى المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بشأن الولاية على المال قد حظر على الوصي مباشرة تصرفات معينة إلا بإذن المحكمة، من بينها جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية أو نقله أو تغييره أو زواله، وكذلك جميع التصرفات المقررة لحق من هذه الحقوق ، فإنه ينبني على ذلك أن الوصي إذا باشر تصرفاً من هذه التصرفات دون إذن من المحكمة يكون متجاوزاً حدود نيابته ويفقد بالتالي فى إبرامه لهذا التصرف صفة النيابة فلا تنصرف أثاره إلى القاصر، ويكون له بعد بلوغه سن الرشد التمسك ببطلانه.
(الطعن رقم 1165 لسنة 55 جلسة 1991/04/04 س 42 ع 1 ص 875 ق 140)
3- إذ كانت أهلية التصرف القانونى محل الوكالة يجب أن تتوافر فى الموكل ، فإنه لا يجب توافرها فى الوكيل ، لأن أثر هذا التصرف لا ينصرف إليه بل ينصرف إلى الموكل ، فيجوز توكيل القاصر فى تصرف لا أهلية له فيه ، إذ يكفى أن يكون الوكيل مميزاً ما دام يعمل بإسم موكل لا بإسمه الشخصى .
(الطعن رقم 497 لسنة 50 جلسة 1981/01/17 س 32 ع 1 ص 119 ق 44)
4- الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته فى إبرام التصرف إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصيل بإبرام التصرف بإسم هذا الأخير و لحسابه بحيث تنصرف آثاره إليه و فى غير الأحوال التى نص قيها القانون على قيام هذه النيابة فإنها تقوم أساساً بإتفاق إرادة طرفيها على أن يحل أحدهما - و هو النائب - محل الآخر - و هو الأصيل فى إجراء العمل القانونى الذى يتم لحسابه - و تقتضى - تلك النيابة الإتفاقية ممثلة فى عقد الوكالة تلاقى إرادة طرفيها - الأصيل و النائب - على عناصر الوكالة و حدودها ، و هو ما يجوز التعبير عنه صراحة أو ضمناً بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل و تنصرف آثاره إليه . و تخضع العلاقة - بين الموكل و الوكيل فى هذا الصدد من حيث مداها و آثارها لأحكام الإتفاق المبرم بينهما و هو عقد الوكالة .
(الطعن رقم 878 لسنة 46 جلسة 1979/12/29 س 30 ع 3 ص 412 ق 416)
5- نيابة الولى عن القاصر هى نيابة قانونية ، ويتعين عليه حتى ينصرف أثر العمل الذى يقوم به إلى القاصر أن يكون هذا العمل فى حدود نيابته أما إذا جاوز الولى هذه الحدود فإنه يفقد صفة النيابة ولا ينتج العمل الذى قام به أثره بالنسبة إلى القاصر ولا يجوز الرجوع على هذا الأخير إلا بقدر المنفعة التى عادت عليه بسببها .
(الطعن رقم 508 لسنة 42 جلسة 1977/01/31 س 28 ع 1 ص 310 ق 64)
6- يشترط لاعتبار الوكيل الظاهر نائبا عن الموكل ، أن يكون المظهر الخارجى الذى أحدثه هذا الأخير خاطئا ، و أن يكون الغير الذى تعامل مع الوكيل الظاهر قد إنخدع بمظهر الوكالة الخارجى دون أن يرتكب خطأ أو تقصيرا فى إستطلاع الحقيقة . و لما كان تعيين المدير وفقاً لنظام الشركة المشهر - و الذى صار حجة على الكافة - لا يترتب عليه خلق مظهر خارجى خاطىء من شأنه أن يخدع المتعامل معه ، و كان المدين الذى إتفق معه على إبرائه من جزء من الدين المستحق فى ذمته ، لا يعتبر حسن النية لأنه كان يعلم أن هذا التصرف التبرعى لا يملكه مجلس الإدارة بغير ترخيص من الجمعية العمومية للمساهمين ، و لا يملك توكيل غيره فى إجرائه ، و من ثم فإن موافقة المدير على هذا الإبراء لا تكون حجة على الشركة الطاعنة لانعدام نيابته عنها فى الحقيقة و الظاهر .
(الطعن رقم 225 لسنة 36 جلسة 1971/01/21 س 22 ع 1 ص 100 ق 18)
7- مؤدى نص المادة 294 من قانون المرافعات السابق - و على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته إنقطاع سير الخصومة ، أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدى بذاته إلى إنقطاع سير الخصومة ، و إنما يحصل هذا الإنقطاع بسبب ما يترتب على هذا البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر . و لما كان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء من الطاعن الأول بصفته ولياً طبيعياً على أولاده جميعاً بإعتبار أنهم قصر ، و صدر الحكم الإبتدائى لصالحه بهذه الصفة ، و كانت المطعون ضدها قد أختصمتهم فى الإستئناف ممثلين فى والدهم " الطاعن الأول " باعتباره ولياً طبيعياً عليهم ،و هى ذات الصغة التى أقيمت الدعوى الإبتدائية بها ، فإن الاستئناف يكون قد رفع صحيحا، و يعتبر هؤلاء الطاعنون عالمين به . و إذ لم ينبهوا هم أو والدهم - الذى كان وليا عليهم - المحكمة إلى التغيير الذى طرأ على حالتهم و تركوا والدهم يحضر عنهم بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم فى الإستئناف فإن حضور الوالد يكون فى هذه الحالة بقبولهم و رضائهم فتظل صفته قائمة فى تمثيلهم فى الخصومة بعد بلوغهم سن الرشد على إعتبار أن نيابته عنهم أصبحت اتفاقية بعد أن كانت قانونية ، و بالتالى ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية.
(الطعن رقم 502 لسنة 35 جلسة 1970/01/13 س 21 ع 1 ص 70 ق 13)
8- إذ كان الثابت أن الطاعن الأول قد وقع على محضر الشرطة - المتضمن عقد بيع - دون أن يذكر شيئا عن نيابته عن أولاده فى هذا التصرف ، فإن إستخلاص الحكم لنيابة الطاعن الأول عن أولاده من توقيعه على المحضر سالف الذكر يكون معيباً لا تؤدى إليه عبارات ذلك الحضر . و لا يغير وجه الرأى كون الطاعن الأول وكيلا عن أولاده ، لأن ذلك لا يجعل توقيعه على المحضر منصرفا إليهم ما دام أنه لم يعلن وقت التوقيع أنه يوقع نيابة عنهم .
(الطعن رقم 211 لسنة 35 جلسة 1969/12/18 س 20 ع 3 ص 1284 ق 200)
9- متى كانت الجمعية " جمعية المساكن " لم تعلن وقت إبرام العقدأنها تعاقدت - مع المقاول - نيابة عن أعضائها ، و كان لا يوجد فى نصوص العقد ما يمكن أن يفيد وجود نيابة صريحة أو ضمنية فإن أثر العقد ينصرف إلى الجمعية و ليس إلى أعضائها و من ثم تكون الجمعية وحدها و هى صاحبة الحق فى مطالبة المقاول بتنفيذ إلتزاماته الناشئة عن هذا العقد و بالتالى لا يجوز قبول دعوى عضو الجمعية بطلب ذلك إلا إذا أثبت أن حق الجمعية قد إنتقل إليه بما ينتقل به الحق قانوناً .
(الطعن رقم 533 لسنة 34 جلسة 1969/04/29 س 20 ع 2 ص 693 ق 111)
10- تنص المادة 294 من قانون المرافعات على أن ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين . و مفاد ذلك أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته إنقطاع سير الخصومة . أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدى بذاته إلى إنقطاع سير الخصومة إنما يحصل هذا الإنقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر . فإذا كان الطاعنان قد بلغا سن الرشد أثناء سير الدعوى و لم ينبها هما أو ولداتهما التى كانت وصية عليهما المحكمة إلى التغيير الذى طرأ على حالتهما و تركا والدتهما تحضر عنهما بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم فى الإستئناف فإن حضور والدتهما فى هذه الحالة يكون بقبولهما و رضائهما فتظل صفتها قائمة فى تمثيلها فى الخصومة بعد بلوغهما سن الرشد و بالتالى لا ينقطع سير الخصومة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب فى تمثيل الأصيل و هى لم تزل هنا بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابة قانونية أصبحت نيابة إتفاقية . و إذ كان الطاعنان لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم صحة تمثيل والدتهما لهما بعد بلوغهما سن الرشد فلا سبيل إلى إثارة هذا الجدل لدى محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعى .
(الطعن رقم 78 لسنة 33 جلسة 1967/02/23 س 18 ع 1 ص 485 ق 73)
11- إذا كانت الجمعية التعاونية لبناء المساكن لم تعلن - وقت إبرامها عقد المقاولة - أنها تتعاقد مع المقاول نيابة عن أعضائها و كان لا يوجد فى نصوص العقد ما يفيد وجود نيابة صريحة أو ضمنية بينها و بينهم فإن أثر العقد ينصرف إلى الجمعية و ليس إلى أعضائها فإذا أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض الدفع بعدم قبول دعوى أحد أعضاء الجمعية قبل المقاول لرفعها من غير ذى صفة ، على أن العقد قد أبرم فى حدود نيابة الجمعية عن أعضائها و أن ما نشأ عنه من حقوق و إلتزامات يضاف إليهم فإنه سيكون قد إستخلص من العقد ما لا يمكن أن يؤدى إليه مدلول عباراته و قد جره ذلك إلى خطئه فى تكييف العلاقة القانونية بين الجمعية و أعضائها فيما يختص بهذا التعاقد و الخطأ فى ترتيب آثار العقد .
(الطعن رقم 277 لسنة 32 جلسة 1966/12/29 س 17 ع 4 ص 2016 ق 292)
12- إذا كان المدعى قد مثل فى الدعوى تمثيلا صحيحاً وقت رفعها ابتداء بواسطة والدته بوصفها وصية عليه ، فإن بلوغه سن الرشد بعد ذلك أثناء سير الدعوى إذا لم تنبه المحكمة إليه - لا يكون من شأنه أن يحول دون إعتبار حضور والدته عنه حتى صدور الحكم فى الدعوى - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - حضورا منتجا لآثاره القانونية ، ذلك أنه ببلوغه سن الرشد يكون قد علم بالدعوى بواسطة والدته التى كانت وصية عليه ورضى بإعتبار صفة والدته فى تمثيله لازالت قائمة على أساس من النيابة الإتفاقية بعد أن كانت نيابتها عنه نيابة قانونية فإذا التزمت والدة المدعى موقف التجهيل بالحالة التى طرأت على ولدها ببلوغه سن الرشد إلى ما بعد صدور الحكم الإبتدائى فوجه المحكوم عليه إستئنافه إليها بالصفة التى أقيمت بها الدعوى إبتداء ، وكان قد تحدد بموجب الحكم الصادر من محكمة أول درجة اطراف الخصومة بالنسبة للاستئناف ، وكان الأصل أن ليس للخصم أن يفيد من خطئه ، ولا أن ينقض ما تم على يديه ، فإن اختصام المستأنف ضده فى الاستئناف ممثلا بواسطة والدته يعد اختصاماً صحيحاً ومنتجاً لآثاره القانونية . وإذ استمرت والدته على موقف التجهيل أثناء سير الاستئناف فإن الحكم يصدر فى هذا الاستئناف كما لو كان قد حضر المستأنف ضده بنفسه الخصومة فيه .
(الطعن رقم 159 لسنة 32 جلسة 1966/11/15 س 17 ع 4 ص 1680 ق 238)
13- لصاحب العمل أن يعهد إلى أحد عماله بإبرام تصرفات قانونية لحسابه إلى جانب ما يباشره من أعمال مادية أو فنية أخرى فيجمع بذلك بين صفته كأجير وصفته كوكيل متميزة كانت كل منها عن الأخرى أو مختلفة وهو مايتعين إستظهاره والتحقق منه لإمكان تكييف العلاقة القانونية بين الطرفين . وإذ يبين من الحكم المطعون فيه إنه كيف العلاقة بين طرفى الخصومة على إنها وكالة لا عقد عمل إستناداً إلى توكيلات عامة صرح فيها الموكل [ صاحب العمل ] للوكيل [العامل ] بحضور المزايدات الرسمية وغيرالرسمية والتزايد عنه فيها والشراء بإسمه سواء بالنسبة للأطيان الزراعية أو العقارات أو المنقولات ودفع ثمنها وإدارة كافه أملاكه من الأطيان والعقارات وإجراء كل مايلزم لذلك وبيع المحصولات وقبض ثمنها وغير ذلك وشراء الأطيان والعقارات والمنقولات لحسابه ودفع ثمنها حسب مايراه . ورتب على ذلك " إستبعاد تكييف العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة عمل " بينما هى تقريرات قاصرة ليس من شأنها أن تنفى علاقة العمل التى يدعيها الطاعن ويقيم عليها دعواه فإنه يكون قاصراً فى أسبابه متعيناً نقضه.
(الطعن رقم 3 لسنة 31 جلسة 1965/02/24 س 16 ع 1 ص 215 ق 34)
14- متى كان الحكم إذ قضى ببطلان عقد بيع الأطيان المملوكة للقاصر و الصادر من أبيه بصفته ولياً طبيعياً عليه إلى ابن آخر من زوجة أخرى قبل صدور قانون المحاكم الحسبية رقم 99 سنة 1947 قد أقام قضاءه على قوله ,, إن ولاية الأب على أموال أولاده القصر وإن كانت فى ظاهرها مطلقة إلا أنها مقيدة بحدود إحتاط لها المشرع عند إصدار قانون المجالس الحسبية بالنسبة إلى تصرفات أولياء المال مراعاة لما أمر به الشرع من المحافظة على أولئك الضعفاء و أموالهم ... و قد كان على الولى أن يرجع فى تصرفه هذا المنطوى على التبرع إلى المحكمة الحسبية لتأذن أو لا تأذن به . فلو قيل إن هذا التصرف قد صدر قبل العمل بأحكام قانون المحاكم الحسبية فالثابت من أقوال علماء الشرع و ما جرت عليه أحكام المحاكم أن الأب إذا كان فاسد الرأى سيىء التدبير و باع مال ولده فلا يصح هذا البيع إلا إذا كان بالخيرية و هى بالنسبة للعقار لا تكون إلا بضعف قيمته فإن باعه بأقل من الضعف لم يجز هذا البيع ،، . و هذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون و هو يتفق و أحكام الشريعة الإسلامية التى كانت واجبة الإتباع قبل صدور قانون المحاكم الحسبية .
(الطعن رقم 425 لسنة 22 جلسة 1956/06/07 س 7 ع 2 ص 714 ق 99)
15- العبرة بشخص النائب في النظر إلى حسن النية أو سوء النية، وذلك فيما يتعلق بالظروف والأحوال التي يرتب فيها القانون أثارا قانونية على حسن النية وبالتالي يكون مرجع الحكم عليها شخص النائب لا شخص الأصيل بحيث لو كان النائب سييء النية ترتب الأثر على ذلك ولو كان الأصيل حسن النية، ويسري ذلك على النيابة الاتفاقية والنيابة القانونية على حد سواء.
(الطعن رقم 904 لسنة 68 ق جلسة13/3/2011)
النائب والرسول :
يجب التحقيق النيابة في التعاقد، أن تحل إرادة النائب محل إرادة الأصيل، فيصدر التعبير من النائب عن إرادته هو وليس عن إرادة الأصيل مع انصراف أثر التصرف إلى الأصيل، بأن يكون النائب مفوضاً في التعاقد عن الأصيل، وبذلك يختلف النائب عن الرسول، فالأخير ليس مفوضاً في إبرام العقد وإنما تقتصر مأموريته على مجرد النقل المادي لإرادة الأصيل مثله مثل مصلحة البريد، ويرتب على ذلك أن التعاقد الذي يتم عن طريق رسول يكون تعاقدة بين غائبين للتعاقد الذي يتم عن طريق نائب فيعتبر تعاقده بين حاضرين، ويشترط ألا بین النائب مجنوناً أو عديم التمييز فهؤلاء لا إرادة لهم، بينما يصح أن يكون الرسول مجنوناً أو عديم التميز طالما تمكن من نقل إرادة المرسل بدقة.
أهلية النائب :
ونا يكفي أن يكون النائب مميزة، حتى يصح العقد الذي أبرمه عن الأصيل، فلا يشترط أن تتوافر فيه الأهلية اللازمة للعقد الذي أبرمه، لأن أثره لن ينصرف إليه وإنما الى الأصيل ولذلك يشترط أن تتوافر الأهلية اللازمة للعقد ليد الأصيل وقت إبرام العقد، وذلك بالنسبة للنيابة الاتفاقية كما في الوكالة، أما النيابة القانونية كما في الولاية والوصاية والقوامة والحراسة والفضالة والسنديك والدائن الذي يستعمل حق مدينه، فلا يشترط توافر الأهلية اللازمة للعقد لدى الأصيل وغالباً ما يشترط القانون في هذه الحالة توافر الأهلية الكاملة فيمن يعين نائباً قانونياً، فإن كان النائب قاصراً، جاز له طلب إبطال عقد الوكالة وحينئذ لا يرجع عليه الأصيل بدعوى الوكالة وإنما بدعوى الفضالة أو الإثراء بلا سبب، ما لم تكن النيابة قانونية فلا يكون للنائب طلب إبطالها، وينصرف الإبطال الى عقد الوكالة وحده، فإن كان العقد محل الوكالة أبرم مستوفياً شرائطه، كان صحيحاً وسيظل كذلك ولو حكم بإبطال عقد الوكالة.
إرادة النائب :
العبرة في التعاقد بطريق النيابة هي بإرادة النائب لا بإرادة الأصيل، ويترتب على ذلك، أنه ينظر بالنسبة لعيوب الإرادة الى النائب، فإن وقع في غلط أو تدليس أو إكراه كان العقد قابلاً للإبطال لمصلحة الأصيل حتى لو كان الأخير لم تشب إرادته عيب مما تقدم .
فإن صدر إكراه أو تدليس من النائب أو من الأصيل دون النائب، كان للمتعاقد مع النائب طلب إبطال العقد .
وإذا رتب القانون أثراً لحسن نية المتعاقد أو لسوء نيته، فإنه ينظر في ذلك إلى النائب دون الأصيل النائب دون الأصيل متى كان النائب يتصرف دون أن تصدر إليه تعليمات محددة من الأصيل ، فإن تعامل النائب مع مدین معسر دون أن يعلم بإعساره، فإنه يكون حسن النية ولا يكون للدائنين الطعن على هذا التصرف بالدعوى البوليصية إذ یار مهم في هذا على التصرفات التي يكون النائب فيها سئ النية متواطئاً مع ان المعسر، أما إن كان النائب يتعامل في حدود تعلیمات محددة، فإنه ينظر الى نية الأصيل وإن كان سئ النية وليس له التمسك بحسن نية النائب، مثال ذلك أن يؤكل شخص آخر في شراء مال معين بالذات يعلم أو كان من المفروض حتما أن و أنه غير مملوك للبائع ، فإذا تم الشراء ورفع المالك دعوى الإستحقاق لم يجز الأصيل أن يتمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز أو بالتقادم القصير بالنسبة للعقار إذ يشترط للتمسك بهما توافر حسن نية الحائز فلا ينظر حينئذ إلى نية النائب .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني الصفحة/439)
أنواع النيابة
النيابة إما أن تكون نيابة قانونية أو نيابة اتفاقية بحسب ما إذا كان القانون أو الاتفاق هو الذي يبين حدودها.
قالولي والوصي والقيم والحارس القضائي وأمين التفليسة والفضولي والدائن الذي يستعمل حق مدينة نواب قانونيون، أما الوكيل فهو وحده النائب الاتفاقي.
ولكن إذا نحن نظرنا إلى الجهة التي تقيم النائب، فإن النيابة تكون قانونية كما في الولي و الفضولي والدائن الذي يستعمل حق مدينه، لأن القانون ودون أي إجراء هو الذي يقيمهم نواباً وتكون النيابة قضائية كما في الوصي والقيم والحارس القضائي وأمين التفليسة لأن الجهة القضائية المختصة هي التي تختارهم وتكون النيابة أخيراً اتفاقية كما في الوكيل، إذ عقد الوكالة هو الذي جعله نائباً .
النائب والرسول
النائب في إجرائه التعاقد عن الأصيل يعبر عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل، ومن ثم يترتب على ذلك ضرورة توافر الإرادة لديه.
أما الرسول فهو مجرد أداة تنقل إرادة من أرسله إلى المتعاقد الآخر، كما عبر عنها من أرسله ومثال ذلك أن يبعث الأب ابنه يبلغ آخر بأنه قبل الإيجاب الذي سبق أن قدمه له ببيع منزله أو إيجاره، أو أن يرسل السيد خادمه ليستعلم من التاجر المتحول عن ثمن السلعة ويبلغه الثمن الذي يرتضي شراءه به.
ويترتب على هذا الخلاف الأساسي في طبيعة الدور الذي يؤديه كل من النائب والرسول في إجراء التعاقد ما يأتي :
لا يشترط أن يكون الرسول متمتعاً بالإرادة فهو – كما قلنا - مجرد أداة لنقل رسالة المرسل، ومادام هو قد أفلح في نقل الرسالة، فإن التعاقد يتم حتى لو كان معدوم الإرادة تماماً، بأن كان صبياً غير مميز أو مجنوناً أو معتوهاً .
أما النائب فلكونه يعبر عن إرادته هو، فإنه يلزم أن يكون متمتعاً بالإرادة.
2- في التعاقد بوساطة الرسول، يعتد بشخص المرسل، لا بشخص الرسول، بالنسبة إلى عيوب الإرادة و إلى تقصي العلم أو الجهل بالظروف الملابسة للعقد أما في النيابة فالأصل أنه يعتد بالنسبة لهذين الأمرين، بشخص النائب لا بشخص الأصيل.
3- في تعاقد النائب يعتبر تعاقداً بين حاضرين إذا ضم النائب والمتعاقد الآخر مجلس واحد، في حين أن التعاقد برسول يعتبر تعاقداً بين غائبين ولو جمع الرسول و المتعاقد الآخر مجلس واحد .
4- لا يوجد ثمة ما يمنع من أن يقوم شخص واحد بأداء الرسالة لطرفي العقد كليهما أما تعاقد الشخص مع نفسه، إعمالاً لفكرة النيابة، فيقع غير سائغ كأصل عام كما سنرى .
شخص النائب هو محل الاعتبار في عيوب الإرادة :
طالما أن إرادة النائب - سواء كان نائباً قانونياً أو اتفاقياً - هي التي تنشط لإبرام جميع ما يلابسه من ظروف، فإنه يجب الحكم على صحة التعاقد بهذه الإرادة وحدها دون إرادة الأصيل. فإذا لحقت إرادة النائب عيب من العيوب التي تؤثر في الإرادة كالإكراه أو الغلط أو التدليس، فإن العقد يكون قابلاً للبطلان لمصلحة الأصيل، رغم أن إرادة الأصيل براء من شوائب العيب.
وإذن فمقتضى الفقرة الأولى من العادة أن العقد الذي تم بطريق النيابة قابلاً للبطلان متى كان النائب واقعاً في غلط أو كان من ضحية تدليس أو إكراه ولولم تتعرض إرادة الأصيل لعيب من هذه العيوب.
ويكون للأصيل أن يرفع دعوى البطلان ويصل إلى الحكم ببطلان العقد على أساس الغلط الذي وقع فيه نائبه أو التدليس أو الإكراه الواقع على النائب، بصرف النظر عن سلامة إرادة الأصيل من الغلط أو التدليس أو الإكراه.
ويلاحظ أن دعوى البطلان النسبي المترتبة على تعيب إرادة النائب هي للأصيل فهو الذي يرفع الدعوى بطلب إبطال العقد للغلط أو التدليس أو الإكراه الذي شاب إرادة نائيه وليس للنائب أن يرفع تلك الدعوى اللهم إلا إذا كان لنيابته من الشمول ما يدخل في نطاقها مثل هذا العمل أو كان نائباً فيه بالذات.
وهذا طبيعي ما دامت آثار العقد الحاصل بطريق النيابة تعود إلى الأصيل، فإن دعوى البطلان النسبي إن هي إلا أثر مترتب على العقد الذي يشوب إرادة أحد المتعاقدين فيه عيب من العيوب التي نص عليها القانون .
شخص النائب هو محل الاعتبار في أثر العلم ببعض الظروف الخاصة أو افتراض العلم بها :
ما ذكرناه سلفا بشأن عيوب الإرادة يسري على حسن النية أو سوءها أو على تطلب العلم أو الجهل ببعض الظروف فإن استلزم القانون لترتيب أثر معين أن يكون المتعاقد على علم ببعض الظروف الملابسة أو على جهل بها، فإننا كقاعدة عامة، تتقصى هذا العلم أو ذاك الجهل في شخص النائب لا شخص الأصيل فيلزم مثلاً الصحة البيع أن يكون المشترى عالماً بالمبيع علماً كافياً، وإلا كان للمشتري طلب إبطال البيع (م 419 مدنی) فإذا اشترى الولي شيئاً نيابة عن قاصره، وجب تطلب العلم بالمبيع في الأول دون الثاني.
وإذا كان النائب سلیة النية يعلم أو من المفروض أن يعلم بأن التصرف من شأنه أن يؤدي إلى إعسار المتعاقد الآخر أو الزيادة في إعساره، فإنه يجوز لدائني المتعاقد الآخر أن يطعنوا في هذا التصرف بعدم النفاذ (بالدعوى البوليصية) طبقاً لنص المادة 237 من القانون المدني، ولو كان الأصيل حسن النية لا يعلم بإعسار المتعاقد الآخر.
تصرف الوكيل وفقاً لتعليمات موكله :
تنص الفقرة الثانية من المادة على أنه ومع ذلك إذا كان النائب وكيلاً ويتصرف وفقاً لتعليمات معينة صدرت له من موكله، فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب لظروف كان يعلمها هو، أو كان من المفروض أن يعلمها.
وواضح أن هذا النص خاص بالوكيل دون غيره من النائبين فإذا تصرف الوكيل وفقا لتعليمات محددة تلقاها من الأصيل، فإنه يمتنع على الأصيل في حدود تنفيذ تعليماته، أن يتصل بجهل نائبه أموراً كان يعلمها هو، لو كان مفروضاً فيه حتماً أن يعلمها، ويجب عندئذ الإعتداد بما شاب رضاء الأصيل من عيوب فإذا وكل شخص آخر مثلاً في شراء بيت معين لحسابه، فإنه لا يستطيع أن يتمسك في مواجهة البائع بأن وكيله لم يكن يعلم بالبيت الذي اشتراه، إذا كان هو يعلم به وإذا كان الموكل قد فوض وكيله في شراء البيت الذي عينه له في حدود ثمن معين، واشتراه الوكيل بالفعل في حدود هذا الثمن، فإنه يمتنع على الموكل أن يتمسك بوقوع النائب في غلط في أمر من أمور المنزل، إذا كان هو نفسه لم يقع في هذا الغلط، أما إذا كان الموكل في الحالة التي نحن بصددها، هو الذي وقع في الغلط أمكنه أن يتمسك بإبطال البيع على أساس الغلط وليس في هذا الحكم خروج في الحقيقة على الأصل العام القاضي بأنه يعتد بشخص النائب لا بشخص الأصيل في تقصي عيوب الرضاء وفي العلم أو الجهل بالأمور الخاصة إذ أن من يتولى التعاقد لحساب غيره لا يعتبر نائباً عنه، إلا في حدود ما يجيء فيه التعاقد تعبيراً عن ذات إرادته فإن اقتصر أمره على تنفيذ تعليمات الأصيل، غلبت عليه، في حدود تنفيذه تلك التعليمات، صفة الرسول لا النائب. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني الصفحة/120)
و هذا النص يقرر ولا ما تقدم من أن العبرة في عيوب الرضا بما يشوب إرادة النائب لا بما يشوب إرادة الأصيل، أي أن الغلط أو التدليس أو الإكراه الذي يقع فيه النائب ببطل العقد ولو لم يكن الأصيل واقعاً فيه، ثم يقرر ثانياً أنه حيث يرتب القانون أثراً على حسن نية العاقد أو على سوء نيته، ينظر في ذلك إلى نية النائب، لا إلى نية الأصيل ، ففي الدعوى البوليصية مثلاً لا يجوز الحكم بعدم نفاذ التصرف إذا كان النائب حسن النية وتعامل مع مدين معسر، ويجوز إذا كان النائب سيء النية ولو كان الأصيل حسن النية .
على أنه إذا كان النائب وكيلاً وكان يتصرف وفقاً لتعليمات صدرت له من موكله، فليس للموكل أن يتمسك بحسن نية نائبه إذا كان هو شخصياً سيء النية ، كما اذا وكل شخص آخر في أن يشتري له مالاً معيناً كان يعلم هو أو كان من المفروض حتماً أن يعلم أنه ليس ملوك من بيغه ، اذا تم الشراء ورفعت دعوى الاستحقاق من المالك لم يجز المشتري بطريق الوكالة أن يتمسك قاعدة الحياة في المنقول سند الملكية أو بقاعدة التقادم الخمس لأن كلتا القاعدتين يشترط في تطبيقهما حسن نية من يتمسك بهما ، فلا يغني في ذلك حسن نية الوكيل عن حسن نية، الموكل (164) (المادة 104 فقرة ثانية) .
وليس يلزم من كون النائب يعبر عن إرادته هو ، ومن كون عيوب الرضا ينظر فيها إلى إرادته لا إلى إرادة الأصيل أن يكون النائب جائزاً أهلية إبرام العقد الذي ينوب فيه عن غيره، ذلك أن الأهلية هي صلاحية الشخص للالتزام بقوله فلا محل لإشتراطهما فيمن يعبر عن إرادته لا لإلزام نفسه، بل لإلزام غيره، فيجوز أن يكون النائب ناقص الأهلية أو معدومها بالنسبة إلى العقد الذي ينوب فيه عن غيره، ويكفي أن يكون مميزاً لأنه لو فقد التمييز لم توجد له إرادة يعتد بها في التعاقد ، فإذا كانت النيابة اتفاقية وكان الوكيل قاصراً، صح عقده ولو كان مما يتطلبه في العاقد أهلية التصرف كاملة و غير أنه يشترط في هذه الحالة توافر هذه الأهلية في الموكل وقت إبرام الوكيل العقد أما إن كانت النيابة قانونية لا يشترط توافر أهلية الأصيل العقد الذي يبرمه نائبه والغائب أن يشترط القانون الأولية الكاملة فيمن يعين نائباً عن غيره.
ويلاحظ أن الوكالة الصادرة إلى قاصر تكون قابلة للإبطال بناءً على طلبه ، فإذا أبطلها بعد أن باشر بناءً عليها بعض تصرفات الحساب الموكل ، زالت الوكالة بأثر رجعي وبطلت تبعاً لزوالها التصرفات التي سبق عقدها بموجبها .
الشرط الثاني : صدور ارادة النائب في حدود نيابته نسل لا يملك النائب أن يحل إرادته محل إرادة الأصيل إلا في حدود نيابته، فيجب لصحة التعاقد بالنيابة أن يلتزم فيه النائب هذه الحدود، وإلا كان عقده عاجزاً عن إنتاج أى أثر بالنسبة إلى الأصيل ما لم يقره ، ولذلك كان من المتعين على من يتعامل مع فنائب أن يتثبت من قيام النيابة ومن حدودها، وله في سبيل ذلك أن يطلب من النائب ما يثبت نيابته وحدودها فإن قصر في ذلك فعليه نتيجة تقصيره، وكذلك يقع على من يتعامل بالنيابة عن غيره أن يثبت نيابته ، فإذا انتحل أشد الورثة صفة النيابة عن سائرهم وأقر بدين على مورثهم للغير، فإنه يضمن لمن يتعامل معة إثبات، صفته، فإن لم يستطع إثبات هذه الصفة، وجب إلزامه بالتعويض وخير تعویض هو التزامه بحصة الورثة في الالتزامات، وقد تقدم أن حدود النيابة يعينها الاتفاق أو القانون أو حكم القاضي في حسب الأموال .
فإذا أبرم النائب عقداً عن الأصيل وجاوز في إبرامه حدود النيابية ، كان هذا العقد عديم الأثر بالنسبة إلى الأصيل، لمجاوزته حدود النيابة، وبالنسبة إلى النائب أيضاً لأن النائب الم يقصد أن يازدهم به نفيسه فلا يلتزم وذلك سواء علم التعاقد مع مدعی النيابة أن هذا خیر بأى حال دون نهاية أو أنه يعلم وسواء كان النائب حسن النية أو سيء النية من الأضرار بالأصيل، ولكن ليس معنى ذلك أن العقد يكون معدوماً، وإنما يقع موقوفاً على إقرار الأصيل إياه، وهو موقوف لأنه بالرغم من انعقاده لا ينتج آثاره إلا إذا أقره الأصيل وهو موقوف على إقراره من الأصل وحده، وذلك لأن الأصيل كان يملك توسيع حدود النيابة أي الأذن للنائب في مباشرة هذا العقد قبل مهارته، فهو يملك الموافقة عليه بعد عقده عملاً بالقاعدة الشرعية التي تقرر أن الإجازة اللاحقة كالأذن السابق ويكون للإقرار أو الإجازة لوحة ما للإذن السابق من أثر أي أنه يجعل العقد ينتج أثره في حق الموكل من وقت إبرامه، لا من وقت الإقرار أو الاجازة فحسب، وإذا لم يشأ الأصول اقراره، كان له أن يطلب إبطاله حتى لا يبقى مصير العقد معلقاً إلي ما شاء الله ما ويجوز أيضاً لمن تعامل معه النائب خارج حدود نیابته أن يطلب ابطال العقد اذا لم يقره الأصيل.
ويعتبر متجاوز حدود النيابة تصرف الوكيل بالتواطؤ مع الغير، إضراراً بموكله إذ من غير المعقول أن يخول الموكل وكيله أن يتواطأ ضد مصلحته.
غير أن القانون قد استثنى من ذلك حالة انتهاء النيابة دون أن يعلم النائب ومن تعاقد معه بانتهائها، فتقرر أن العقد الذي يبرمه النائب حين ولو أنه خارج عن حدود النيابة يكون مع ذلك نافذاً في حق الأصيل وخلفائه ، (المادة 107) ومثل ذلك أن يعزل الموكل الوكيل دون أن يعلم هذا بالعزل أو ان يموت الأصيل دون أن يعلم النائب بموته، فيتعاقد الوكيل أو النائب مع الغير دون أن يعلم هذا أيضاً بعزل - الوكيل أو بنوت الأصيل - فيصح العقد بنص القانون حماية لحسن نية المتعاقد الذي تعاقد مع النائب الظاهر بعد انقضاء نيابته .. وقد رأت محكمة النقض أن المشرع قد أورد عدة نصوص أخرى حمى بها من يتعاقد بحسن نية مع آخر تمتع بوضع ظاهر يشقر خلافاً للحقيقة بأنه صاحب حق أو ذو صفة في التعاقد ، و استنبطت من ذلك مبدأ عاماً يحمي من يتعاقد بحسن نية مع صاحب هذا الوضع الظاهر.
الشرط الثالث : إبرام التعاقد باسم الأصيل لا باسم النائب ويجب أن يتعامل النائب باسم الأصيل إذ لو تعامل معه باسمه خاصة لما كانت هناك نيابة وانصرفت إليه هو آثار العقد واقتصر أثر الوكالة إن وجدت على العلاقة بين الوكيل والموكل بمعنى أن الوكيل يصير ملزماً أن يرد آثار العقد الى الموكل، وفي هذه الحالة يكون الوكيل شخصاً مسخراً أو أسماً مستعاراً يخفي وراءه حقيقة التعامل وكونه في الواقع معقوداً لحساب الموكل ويتعين عليه بعد أن يكسب الحقوق الناشئة من العقد أن ينقلها الى الموكل .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثاني الصفحة/ 231)
المقصود بالارادة : لم يحظ تحليل الارادة بالعناية التي تتفق والدور الذي تلعبه في الحقل القانوني ، غير أنه يمكن القول بأن الإرادة في جوهرها ظاهرة نفسية يعبر عنها صاحبها فتنتج عن هذا التعبير آثار قانونية ، وإذا كانت الارادة بطبيعتها قصداً وتصميماً فإن العمل الإرادي يمر بمراحل أربعة أولها مرحلة الصور وهي عملية عقلية تدور حول تصور مضمون الإرادة وتحديد موضوعها ، وثانيها مرحلة التدبر التي تدور حول الموازنة بين مختلف الإحتمالات التي يمكن أن تتجه إليها الإرادة ثم اختيار واحد منها ، وثالثها مرحلة التصميم أو الإنفعال الارادي وهو جوهر العمل الإرادي، ورابعها مرحلة التنفيذ حيث ينقل صاحب الارادة تصميمه الداخلي الى الحير الخارجي عبر طريق التعبير عنه، وإذا كان واضحاً أن العناصر الداخلية في الارادة ترتكز على القوى العقلية والملكات النفسية فان لازم ذلك أنه لا يكفي للاعتداد بالارادة مجرد التعبير عنها في الشكل الذي يقره القانون بل لابد وأن تتوافر في صاحبها العناصر التي يراها المشرع كفيلة بتوافر القدر المناسب للقدرات العقلية والملكات النفسية ، وإذا كانت تلك القدرات وهذه الملكات ترتبط بدرجة من النضج العقلي بوفرة في العادة سن معين، مع الخلو من الآفات التي تحد من الحرية أو تقلل من التبصر، فإنه يشترط للاعتداد بالارادة عنصرا الأهلية والسلامة من العيوب وهي الغلط والإكراه و التدليس ( يراجع في ذلك جمال مرسی بند 16)
تعريف النيابة : النيابة هي حلول ارادة النائب محل ارادة الأصيل مع الصواف الأثر القانوني لهذه الارادة الى شخص الأصيل دون النائب فالسمة المميزة للنيابة أن التعبير الذي يصدر من النائب انما هو تعبير عن إرادته هو وليس عن ارادة الأصيل ، ومع ذلك فإن أثر هذا التعبير ينصرف إلى الأصيل ( السنهوري بند 71 ) و هي على هذا النحو تتميز عن مهمة الرسول الذي يقتصر دوره على نقل إرادة الأصيل وعن نظام المساعدة القضائية لذي العاهات ، وعن آثار الاشتراط لمصلحة الغير ، وعن الأثر السلبي في التضامن بين المدينين (يراجع في ذلك جمال مرسي بندی 5 ، 6) ويجب الأعمال أحكام النيابة أن يعلن النائب في تعامله مع الغير عن صفته بانه يتعامل باسم الأصيل ولحسابه ، وقد يكون هذا الإعلان صريحاً وقد يفهم ضمناً من الظروف كما إذا باع مستخدم في محل تجاري بضاعة مخدومة في هذا المحل وكقبطان السفينة يتعاقد عن صاحبها ، وإبرام النائب التصرف بهذه الصفة يتعين أن يكون معلوماً من الغير الذي يتعامل معه ، فإن كان النائب يتعامل بصفته هذه في حين أن الغير يتعامل معه بصفته الشخصية لم يتم العقد لا مع شخص النائب الذي لا يتعاقد لنفسه ولا مع الأصيل لأن الغير لا يقصد التعامل معه ، أما إذا كان النائب يعمل باسمه في حين أن الغير يتعاقد مع الأصيل أضيف العقد إلى الأصيل في الحالتين المنصوص عليهما في المادة 106 ( السنهوري بندی 90 ، 91 - جمال مرسی بندی 136، 197)
مصادر الانابة وتمييزها عن الوكالة : بتعدد المصدر الذي يستقي منه النائب که المشروعة في إبرام تصرف يعبر فيه عن إرادته و تنصرف آثاره إلى الأصيلى ، قد يكون مصدر النيابة القانون مباشرة كالشأن في الأولى وتعرف بالنيابة القانونية، وقد يكون مصدرها حكم القضاء كالشأن في الوصي أو القيم وتعرف بالنيابة القضائية، وقد يكون مصدرها الاتفاق وتعرف بالنيابة الاتفاقية ( قارن جمال مرسي بند 71 حيث يذهب إلى تقسيم النيابة إلى نيابة اختيارية حيث يكون مصدرها ارادة الأصيل ونيابة ضرورية حيث يكون مصدرها القانون سواء مباشرة أو بواسطة القضاء ) وإذا كان لا وجه للخلط بين النيابة ومصدرها في النيابة القانونية والقضائية فإنه كثيراً ما يخلط بينهما في مجال النيابة الاتفاقية حيث يكون مصدر النيابة عقد الوكالة حتی تصور البعض أن النيابة عنصر من عناصر الوكالة وهو نظر غير صحيح ، إذ أن عقد الوكالة وان كان يعتبر مصدراً للنيابة في بعض الصور إلا أنه يتميز عنها ، فالوكالة عن يلتزم بمقتضاه الوكيل أن يقوم بتصرف قانونی لحساب الموكل ، ولكن الوسيلة الفنية التي يقوم الوكيل بهذا التصرف عن طريقها ليست من جوهر عقد الوكالة فقد ينقذ الوكيل التزامه عن طريق التعاقد مع الغير باسم الأصيل مباشرة فيكون قد نفذه طريق النيابة ، وقد ينفذ التزامه عن طريق القيام بالتصرف بأسمه الشخصي ثم ينقل بعد تلك الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد الى الأصيل بتصرف جديد ومن ثم التي لا تلتزم بين الوكالة وبين النيابة ، ثم انه قد توجد وكالة دون نيابة كالحال من يعرف بالاسم المستعار حيث يستعير الأصيل اسم الوكيل فيبرم الأخير التصرف مع الغير باسمه مباشرة دون أن يفصح عن اسم الأصيل ولكن لحساب هذا الأخير فتتصرف في علاقتهما آثار التصرف الى الأصيل ، كالشأن في الوكيل بالعمولة وقد تنبه المشرع إلى هذه التفرقة فأورد النصوص الخاصة بالنيابة ضمن القواعد العامة وأورد النصوص الخاصة بالوكالة بين العقود المسماة ( يراجع في تفصيل ذلك جمال مرسی بند 71 حتى 84 - السنهوري في الجزء السابع من الوسيط المجلد الأول هامش ص 417 و 418 ).
التعبير عن الإنابة الاتفاقية : تستقل الإنابة عن مصدرها فالإنابة عمل قانوني صادر عن إرادة الأصيل يرمي الى تخويل النائب القيام بتصرف تعود آثاره إلى الأصيل دون النائب ، ومن ثم فإن كيان الإنابة يتحقق بمجرد صدور تلك الإرادة من الأصيل ودون أن يرتبط ذلك بأي عقد بين الأصيل والنائب سواء كان عقد وكالة أو غيره وبغير حاجة إلى قبول من النائب للإنابة ( جمال مرسي ص 128) ، والانابة على هذا النحو قد تصدر من الأصيل الى النائب وغالباً ما تفرغ في صورة سند مكتوب يعرف في العمل بالتوكيل ، وقد تصدر من الأصيل إلى الغير سواء تم ذلك بإبلاغها إلى الغير الذي حدد لنائبه التعاقد معه بالذات أو تم عن طريق إبلاغها الى الغير كافة بواسطة النشر وقد يكون التعبير عن الانابة صريحة كما قد يكون ضمنياً عملاً بالفقرة الثانية من المادة 90 ومن صور الانابة الضمنية الشائعة صورة نيابة الزوجة عن زوجها في التصرفات المتصلة بحاجيات منزل الزوجية ونيابة الزوج عن زوجته في إدارة أملاكها وتصريف شئونها ، وان كانت علاقة الزوجية وحدها لا تنهض دليلا على إنابة الزوجة لزوجها ما لم تقترن بظروف تسوغ هذا القول وهی مسألة موضوعية بترك تقديرها لقاضي الموضوع ، ومن ذلك نيابة ربان السفينة عن المجهز والشاحنين ونيابة مساعدي التجار.
والعبرة في النيابة الاتفاقية بأهلية الأصيل كون النائب الذي يكفي أن يكون مميزاً وألا تزول عنه أهلية التمييز حتى إبرام العقد محل النيابة أما الأصيل فيجب أن تتوافر فيه الأهلية اللازمة لإبرام التصرف محل النيابة وقت صدور الإنابة ووقت إبرام النائب للتصرف أي في الوقتين معاً .
ويلاحظ أنه إذا كان الوکیل ناقص الأهلية وطلب إبطال عقد الوكالة فإن ذلك يؤدي إلى بطلان نيابته .
أما في النيابة القانونية فتكون العبرة بأهلية النائب ومن ثم يتعين أن تتوافر فيه الأهلية اللازمة لإبرام التصرف وقت إبرامه .
والعبرة في عيوب الارادة بارادة النائب فهو وحده دون الأصيل الذي ينظر إلى سلامة إرادته من عيوب الرضا دون النظر إلى إرادة الأصيل فيتعيب العقد إذا أبرمه النائب وهو واقع في غلط أو تدليس أو اكراه ولو لم تتعرض إرادة الأصيل لعيب من هذه العيوب ولكن الحق في إبطال هذا التصرف المعيب يكون للأصيل فيكون له وحده دون التائب الذي تعيبت إرادته رفع الدعوى بطلب إبطال التصرف لهذا السبب الا اذا كانت نيابة النائب تتسع لرفع هذه الدعوى نيابة عن الأصيل، وواضح من عموم النص أنه يشمل النيابة الاتفاقية والنيابة القانونية على السواء ( جمال مرسی بندی 25 و 26 ).
والعبرة بشخص النائب في النظر إلى الظروف الاخرى المتعلقة بالإرادة والتي يرتب عليها القانون نتائج معينة وتؤثر بوجه أو آخر في آثار العقد أو التصوف القانوني كحسن النية أو سوء النية ، وكالعلم أو الجهل بظروف معينة متصلة بالتعاقد ومن تطبيقات هذه القاعدة الاعتداد بتواطؤ نائب المشتري مع المدين المعسر عند الطعن بالدعوى البوليصية ، والاعتداد بنية النائب فيما يشترطه القانون في المادة 976 من حسن النية في انتقال ملكية المنقول ، والاعتداد بعلم أو جهل نائب المشتري في ضمان البائع للعيب طبقاً للمادة 447 ، ففي كل هذه الصور وغيرها مما تتوقف فيها آثار العقد أو تأثر بحسن النية أو سوء النية أو بالعلم أو افتراض العلم بوقائع معينة تكون العبرة بشخص النائب دون الأصيل بحيث لو كان النائب سيي النية ترتب أثر ذلك ولو كان الأصيل حسن النية وبحيث لو كان النائب عالماً ببعض الظروف التي يرتب القانون اثراً على العلم بها ترتب هذا الأثر ولو كان الأصيل يجهلها ، ولا عبرة في ذلك كله بما إذا كان النائب مطلق الحرية في إجراء التصرف موضوع النيابة أو موجهاً من الأصيل بتعليمات ( جمال مرسي بند 30 - السنهوري بند 86) ولا يستثنى من ذلك سوى ما نصت عليه الفقرة الثانية وهي حالة علم الاصيل ظروف يرتب القانون اثراً على العلم بها مع جهل النائب بهذه الظروف ، ففي هذه الحالة وحدها يعتد بشخص الأصيل حتى لا يتوسل الأصيل سيئ النية بالنيابة توصلاً إلى نتائج بحرمها القانون ولكن حكم هذه الفقرة لا يتسع للصورة العكسية وهي حالة عند النائب بتلك الظروف مع جهل الأصيل بها كما لا ينطبق على الإرادة إذ تكون الحرة في ذلك بشخص النائب دون شخص الأصيل (جمال مرسي بند 31 - السنهوري بند 86 والجزء السابع المجلد الأول بند 300 وهامشه - وقارن حجازی حالة 370 حيث يرى انطباق الفقرة الثانية استثناء من كل أحكام الفقرة الأولى فيعتد في حالة تصرف النائب بتعليمات من الأصيل بشخص الأخير سواء بالنسبة الى العلم بعض الظروف او افتراض العلم بها أو بالنسبة الى عيوب الارادة). (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة 624)
قد يتم العقد بطريق النيابة وفي هذه الحالة يكون شخص النائب لا شخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة ، أو في أثر العلم ببعض الظروف الخاصة ، أو إفتراض العلم بها حتماً ، و لكن إذا كان النائب وكيلاً ويتصرف وفقاً التعليمات معينة ومحددة صدرت له من موكله ، فليس للموكل في هذه الحالة أن يتمسك بجهله لظروف كان يعلمها هو ، أو كان من المفروض ما أن يعلمها. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2014، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزء/ الأول صفحة 405)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة / 25
نِيَابَة
التَّعْرِيف:
1 - النِّيَابَةُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ نَائِبًا عَنْهُ فِي الأْمْرِ .
وَيُقَالُ: نَابَ عَنْهُ فِي هَذَا الأْمْرِ نِيَابَةً: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.
وَالنَّائِبُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ أَوْ عَمَلٍ .
وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْوِلاَيَةُ:
2 - الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ، بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ، يُقَالُ: هُمْ عَلَى وِلاَيَةٍ أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي النُّصْرَةِ.
وَالْوَلِيُّ هُوَ: الْمُحِبُّ، وَالصَّدِيقُ، وَالنَّصِيرُ أَوِ النَّاصِرُ.
وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لأِمُورِ الْعَالَمِ وَالْخَلاَئِقِ الْقَائِمُ بِهَا.
وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.
وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَهُ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ: تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ الْغَيْرُ أَمْ لاَ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِلاَيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ.
ب - الإْيصَاءُ:
3 - الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ - مَصْدَرُ أَوْصَى - يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ الأْمْرِ فِي حَالِ حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ .
أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإْنْسَانِ غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيَّ.
أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَلاَ يُقَالُ لَهُ فِي الاِصْطِلاَحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ وِكَالَةٌ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالإْيصَاءِ، أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الإْيصَاءِ.
ج - الْقِوَامَةُ:
4 - الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى الأْمْرِ أَوِ الْمَالِ أَوْ وِلاَيَةُ الأْمْرِ . وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيهِ، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْهُ قوله تعالي : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْقِوَامَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ.
د - الْوِكَالَةُ:
5 - الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً.
وَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً لأِنَّ مُوكِلَهُ قَدْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ .
وَالْوَكَالَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِكَالَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوِكَالَةِ.
أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ:
تَتَنَوَّعُ النِّيَابَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (اتِّفَاقِيَّةٌ)، وَنَوْعٌ يَثْبُتُ شَرْعًا لاَ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (شَرْعِيَّةٌ).
أَوَّلاً: النِّيَابَةُ الاِتِّفَاقِيَّةُ (وَهِيَ الْوَكَالَةُ):
6 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) . وَمِنْهَا: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ مُنْذُ عَصْرِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَانْظُرْ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ فِي مُصْطَلَحِ (وَكَالَة).
ثَانِيًا: النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ:
7 - النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ - وَهِيَ الْوِلاَيَةُ - ثَابِتَةٌ شَرَعًا عَلَى الْعَاجِزِينَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ.
أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَرَدَتْ مِنْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوِلاَيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قوله تعالي : ( وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا ( 5 ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْكِحُوا الأْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) .
فَهَذِهِ الآْيَاتُ خِطَابٌ لِلأْوْلِيَاءِ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَرَدَتْ فِي شَرْعِيَّةِ الْوِلاَيَةِ، مِنْهَا: قَوْلُ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ» .
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَإِنَّ ثُبُوتَ وِلاَيَةِ النَّظَرِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَابِ الإْعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَمِنْ بَابِ الإْحْسَانِ، وَمِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا.
وَلأِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْقُدْرَةِ، إِذْ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ عَلَى حَسَبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْقُدْرَةِ مَعُونَةُ الْعَاجِزِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ وَاجِبٌ عَقْلاً وَشَرْعًا فَضْلاً عَنِ الْجَوَازِ .
أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ:
8 - النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْوِلاَيَةُ، وَالْوِلاَيَةُ تَتَنَوَّعُ إِلَى نَوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:
وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَالِ، وَوِلاَيَةٌ عَلَى النَّفْسِ.
فَالْوِلاَيَةُ عَلَى الْمَالِ هِيَ سُلْطَةُ الْوَلِيِّ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ الْعُقُودَ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَمْوَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ وَعُقُودُهُ نَافِذَةً دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ.
وَالْوِلاَيَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ السُّلْطَةُ عَلَى شُئُونِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا تَزْوِيجُهُ.
وَتُنْظَرُ الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوِلاَيَةِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى النَّفْسِ فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة).
النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ:
تَتَنَوَّعُ الْعِبَادَاتُ فِي الشَّرْعِ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَةٍ:
مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ.
النَّوْعُ الأْوَّلُ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ
9 - الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ.
وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ قَادِرًا عَلَى الأْدَاءِ بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:
فَمِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّزَ الْعَمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فَهُمُ الْجُبَاةُ، وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ .
وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:
مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .
وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأْمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «وَكَّلَنِي النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ» وَحَدِيثُ: «أَعْطَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأْسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» .
وَمِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ إِخْرَاجُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ .
وَأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكَّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الآْدَمِيِّينَ .
النَّوْعُ الثَّانِي: الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ:
10 - الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:
أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) . إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: «لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ» .
أَيْ فِي حَقِّ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ لاَ فِي حَقِّ الثَّوَابِ، فَإِنَّ مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأْمْوَاتِ أَوِ الأْحْيَاءِ جَازَ. وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ثَوَاب ف 10).
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا وَلأِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الاِبْتِلاَءُ وَالاِخْتِبَارُ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ .
وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَدَاء ف 15).
النَّوْعُ الثَّالِثِ: الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ:
11 - الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ هِيَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ، وَقَابِلِيَّتِهِ لِلنِّيَابَةِ لِلْعُذْرِ الْمَيْئُوسِ مِنْ زَوَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ، إِلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لاَ عَنِ الْحَيِّ وَلاَ عَنِ الْمَيِّتِ، مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 114 وَمَا بَعْدَهَا، وَأَدَاءٍ ف 16، وَعِبَادَةٍ ف 7). أَمَّا الْعُمْرَةُ فَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عُمْرَةٍ ف 38).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثلاثون ، الصفحة / 219
ثَانيًا – الْعَاقدَان :
28 - الْمُرَادُ بالْعَاقدَيْن: كُلُّ مَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ، إمَّا أَصَالَةً كَأَنْ يَبيعَ أَوْ يَشْتَريَ لنَفْسه، أَوْ وَكَالَةً كَأَنْ يَعْقدَ نيَابَةً عَن الْغَيْر بتَفْويضٍ منْهُ في حَيَاته، أَوْ وصَايَةً كَمَنْ يَتَصَرَّفُ خلاَفَةً عَن الْغَيْر في شُئُون صغَاره بَعْدَ وَفَاته بإذْنٍ منْهُ أَوْ منْ قبَل الْحَاكم.
وَحَيْثُ إنَّ الْعَقْدَ لاَ يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ منْ غَيْر عَاقدٍ فَقَدْ جَعَلَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاء منْ أَرْكَان الْعَقْد كَمَا تَقَدَّمَ.
وَلكَيْ يَنْعَقدَ الْعَقْدُ صَحيحًا نَافذًا يُشْتَرَطُ في الْعَاقدَيْن مَا يَأْتي:
الأْوَّلُ - الأْهْليَّةُ :
29 - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَاقدُ أَهْلاً للتَّصَرُّف، وَهُوَ: الْبَالغُ الرَّشيدُ فَلاَ يَصحُّ منْ صَغيرٍ غَيْر مُمَيّزٍ وَمَجْنُونٍ وَمُبَرْسَمٍ.
أَمَّا الصَّبيُّ الْمُمَيّزُ فَتَصحُّ عُقُودُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ النَّافعَةُ نَفْعًا مَحْضًا، كَقَبُول الْهبَة وَالصَّدَقَة وَالْوَصيَّة وَالْوَقْف دُونَ حَاجَةٍ إلَى إذْن الْوَليّ، وَلاَ تَصحُّ عُقُودُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ الضَّارَّةُ ضَرَرًا مَحْضًا، كَالْهبَة وَالْوَصيَّة للْغَيْر وَالطَّلاَق وَالْكَفَالَة بالدَّيْن وَنَحْوهَا، وَلَوْ أَجَازَ هَذه التَّصَرُّفَات وَليُّهُ أَوْ وَصيُّهُ. أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الدَّائرَةُ بَيْنَ النَّفْع وَالضَّرَر كَالْبَيْع وَالإْجَارَة وَنَحْوهمَا فَتَصحُّ منَ الصَّبيّ الْمُمَيّز بإجَازَة الْوَليّ، وَلاَ تَصحُّ بدُونهَا عنْدَ جُمْهُور الْفُقَهَاء: الْحَنَفيَّة وَالْمَالكيَّة وَالْحَنَابلَة.
وَيُشْتَرَطُ عنْدَ الشَّافعيَّة لصحَّة الْبَيْع في الْعَاقد الرُّشْدُ ر: (أَهْليَّة ف 18).
الثَّاني - الْولاَيَةُ.
30 - الْولاَيَةُ: مَأْخُوذَةٌ منَ الْوَلْي، وَهُوَ في اللُّغَة: بمَعْنَى الْقُرْب، وَالْولاَيَةُ: النُّصْرَةُ وَفي الاصْطلاَح: تَنْفيذُ الْقَوْل عَلَى الْغَيْر شَاءَ الْغَيْرُ أَوْ لاَ.
وَلكَيْ يَنْعَقدَ الْعَقْدُ صَحيحًا نَافذًا تَظْهَرُ آثَارُهُ شَرْعًا لاَ بُدَّ في الْعَاقد - بجَانب أَهْليَّة الأْدَاء - أَنْ تَكُونَ لَهُ ولاَيَةُ التَّصَرُّف ليَعْقدَ الْعَقْدَ. وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (ولاَيَة).
الثَّالثُ - الرّضَا وَالاخْتيَارُ :
31 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الرّضَا أَسَاسُ الْعُقُود، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالْبَاطل إلاَّ أَنْ تَكُونَ تجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ منْكُمْ).
وَقَالَ صلي الله عليه وسلم : «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ».
وَالرّضَا: سُرُورُ الْقَلْب وَطيبُ النَّفْس. وَهُوَ ضدُّ السَّخَط وَالْكَرَاهَة.
وَعَرَّفَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاء: بأَنَّهُ قَصْدُ الْفعْل دُونَ أَنْ يَشُوبَهُ إكْرَاهٌ وَعَرَّفَهُ الْحَنَفيَّةُ: بأَنَّهُ امْتلاَءُ الاخْتيَار، أَيْ بُلُوغُهُ نهَايَتَهُ، بحَيْثُ يُفْضي أَثَرُهُ إلَى الظَّاهر منَ الْبَشَاشَة في الْوَجْه، أَوْ إيثَار الشَّيْء وَاسْتحْسَانه. ر: (رضًا ف 2)
أَمَّا الاخْتيَارُ: فَهُوَ الْقَصْدُ إلَى أَمْرٍ مُتَرَدّدٍ بَيْنَ الْوُجُود وَالْعَدَم دَاخلٍ في قُدْرَة الْفَاعل بتَرْجيح أَحَد الْجَانبَيْن عَلَى الآْخَر ر: (اخْتيَار ف 1).
وَبنَاءً عَلَى هَذه التَّفْرقَة قَالَ الْحَنَفيَّةُ: إنَّ الرّضَا شَرْطٌ لصحَّة الْعُقُود الَّتي تَقْبَلُ الْفَسْخَ وَهيَ الْعُقُودُ الْمَاليَّةُ منْ بَيْعٍ وَإجَارَةٍ وَنَحْوهمَا، فَهيَ لاَ تَصحُّ إلاَّ مَعَ التَّرَاضي، وَقَدْ تَنْعَقدُ الْعُقُودُ الْمَاليَّةُ لَكنَّهَا تَكُونُ فَاسدَةً، كَمَا في بَيْع الْمُكْرَه وَنَحْوه، يَقُولُ الْمَرْغينَانيُّ:... لأنَّ منْ شُرُوط صحَّة هَذه الْعُقُود التَّرَاضي.
فَأَصْلُ الْعُقُود الْمَاليَّة تَنْعَقدُ عنْدَهُمْ بدُون الرّضَا، لَكنَّهَا لاَ تَكُونُ صَحيحَةً، فَيَنْعَقدُ بَيْعُ الْمُخْطئ نَظَرًا إلَى أَصْل الاخْتيَار؛ لأنَّ الْكَلاَمَ صَدَرَ عَنْهُ باخْتيَاره، أَوْ بإقَامَة الْبُلُوغ مَقَامَ الْقَصْد، لَكنْ يَكُونُ فَاسدًا لعَدَم الرّضَا حَقيقَةً، أَمَّا الْعُقُودُ الَّتي لاَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ عنْدَ الْحَنَفيَّة فَالرّضَا لَيْسَ شَرْطًا لصحَّتهَا، فَيَصحُّ عنْدَهُمُ النّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالْعَتَاقُ وَالرَّجْعَةُ وَنَحْوُهَا حَتَّى مَعَ الإْكْرَاه.
أَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاء فَتَدُورُ عبَارَاتُهُمْ بَيْنَ التَّصْريح بأَنَّ الرّضَا أَصْلٌ أَوْ أَسَاسٌ أَوْ شَرْطٌ للْعُقُود كُلّهَا، فَلاَ يَنْعَقدُ الْعَقْدُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّق الرّضَا سَوَاءٌ أَكَانَ مَاليًّا أَوْ غَيْرَ مَاليٍّ. ر: (رضًا ف 13)
________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا(
)الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 185)
من باشر بطريق الوكالة عن غيره عقد هبة أو صدقة أو إعارة أو إيداع أو رهن أو قرض فإن كان وكيلاً من جهة مريد التمليك يصح العقد على الموكل مطلقاً سواء أضاف الوكيل العقد لموكله أو لنفسه.
وإن كان وكيلاً من جهة طالب التمليك فإن أضاف العقد إلى نفسه يقع العقد له لا للموكل وإن أضاف العقد للموكل العقد للموكل وتتعلق به الحقوق في غير القرض إلا إذا بلغ على سبيل الرسالة.
(مادة 186)
من باشر بالتوكيل عن غيره عقداً من عقود المعاوضات المالية كالبيع والشراء والإجارة والصلح عن إقرار يقع العقد للموكل سواء أضاف الوكيل العقد إلى نفسه أو إلى الموكل.
(مادة 187)
إذا أضاف الوكيل عقد المعاوضة المالية إلى نفسه تعود حقوق العقد كلها إليه فإن كان لبيع أو إجارة أو صلح من جهة المدعى يكون هو المطالب بتسليم ما باعه أو آجره ويكون له المطالبة بالثمن والأجرة وبدل الصلح وإذا استحق المبيع أو المؤجر أو المصالح عنه يكون للمشتري أو المستأجر أو المدعى عليه المصالح الرجوع عليه بالثمن أو الأجرة أو بدل الصلح.
وإن كان وكيلاً بشراء شيء أو استئجاره أو المصالحة عنه من جهة المدعى عليه فله قبض ما اشتراه أو استأجره وعليه دفع ثمنه أو أجرته وبدل ما صالح عنه.
فإن أضاف العقد إلى موكله عادت كل حقوقه على موكله فلا مطالبة للوكيل ولا عليه مما يترتب على العقد من الحقوق والواجبات.
(مادة 811)
كل عقد من عقود الهبة والإعارة والرهن والإيداع والإقراض إذا عقده الوكيل من جهة مريداً لتمليك يصح العقد على الموكل مطلقاً وتتعلق به حقوقه سواء أضاف الوكيل العقد إلى نفسه أو إلى الموكل وإن كان وكيلاً في هذه العقود عن طالب التملك وأضاف العقد إلى نفسه يقع العقد له لا الموكل وإن أضاف العقد إلى الموكل يقع العقد للموكل وتتعلق به حقوقه.
(مادة 817)
إذا لم يكن الأمر مفوضاً لرأي الوكيل فيما يشتريه وكان الشيء الموكل بشرائه مجهولاً جهالة فاحشة كجهالة فلا تصح الوكالة وإن بين الثمن.
وإن كانت الجهالة يسيرة بأن بين جنس الشيء المراد شراؤه ولم يبين نوعه صحت الوكالة وإن لم يبين الثمن.
وإن كانت الجهالة متوسطة بأن كانت بين الجنس والنوع فإن بين الثمن أو النوع صحت الوكالة وإلا فلا.
(مادة 837)
الوكيل بالبيع المجعول له أجر على البيع كالدلال والسمسار يجبر على تقاضي الثمن من المشتري وتحصيل منه.
(مادة 838)
إذا استحق المبيع فللمشتري الرجوع على الوكيل بالثمن إن نقده إليه سواء كان الثمن باقياً في يده أو سلمه إلى الموكل ويكون للوكيل الرجوع به بعد دفعه على موكله وإن نقداً لمشتري الثمن إلى الموكل رجع عليه به.
(مادة 839)
إذا وجد المشتري عيباً قديماً في المبيع فله الرجوع بالثمن على الوكيل إن كان نقده الثمن وإن كان نقده إلى الموكل فله أخذه منه.
(مادة 840)
إذا مات الوكيل بالبيع ووجد المشتري بالمبيع عيباً قديماً فله أن يرده على وارث الوكيل أو وصية فإن لم يكن له وارث أو وصي يرده على الموكل.
(مادة 841)
إذا قبض الوكيل بالبيع الثمن كان في يده أمانة فلا يضمنه إلا إذا تعدى عليه أو قصر في حفظه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الأحكام العدلية
مادة (104) الإنعقاد
الإنعقاد: تعلق كل من الإيجاب والقبول بالآخر على وجه مشروع يظهر أثره في متعلقهما.