loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 102

مذكرة المشروع التمهيدي :

1قد تنقضى النيابة دون أن يعلم النائب بذلك ، كما إذا كان يجهل موت الأصيل أو إلغاء التوكيل فإذا تعاقد في هاتين الحالتين مع شخص حسن النية ، لايعلم بانقضاء النيابة ، كان تعاقده هذا ملزمة للاصيل و خلفائه وقد قصد من تقرير هذا الحكم إلى توفير ما ينبغي للمعاملات من أسباب الثقة والاستقرار .

2 - ويراعى أن من حق الغير وواجبه أن يطلب إلى النائب إقامة الدليل على نیابته، وقد نصت المادة 108 على هذا الحكم، وخولت الغير حق الحصول من النائب على صورة مطابقة لأصل عقد النيابة موقع عليها منه ، إذا كانت نيابته ثابتة بالكتابة، فإذا احتفظ النائب بسند نیابته بعد انقضائها، كان لمن تعاقد معه بناء على ثقته في هذا السند حق التمسك بالنيابة، ویستوى في هذه الحالة أن يكون النائب عالماً وقت التعاقد بانقضاء نیابته أو أن يكون جاهلاً بهذه الواقعة، وقد روعي في تقرير هذه القاعدة ماهو ملحوظ من خطأ الأصيل في عدم سحب السند من النائب بعد انقضاء النيابة مباشرة .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 160 من المشروع .

فأقرتها اللجنة بعد أن أبدلت عبارة ( ينصرف إلى الأصيل ) بعبارة ( يضاف إلى الأصيل).

وأصبح رقم المادة 110 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

 وافق المجلس على المادة دون تعديل ، تحت رقم 110 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني  :

محضر الجلسة السادسة

تليت المادة 110 و هذا نصها :

(مادام النائب ولم يعلم بانقضاء نيابته فإن أثر العقد الذي يبرمه حقاً كان أو التزاماً يضاف إلى الأصيل وخلفائه كما لو كانت النيابة لا تزال باقية هذا إذا كان الغير الذي تعاقد معه النائب يجهل هو أيضاً أن النيابة قد انقضت) .

اعترض سعادة العشماوي باشا على كلمة وخلفائه ، قائلاً إنها زائدة ولا لزوم لها واقترح حذفها اكتفاء بالقواعد العامة واعترض كذلك على صياغة المادة من ناحية دقة التعبير وقد اعترض أيضاً سعادة الرئيس على كلمة و هذا الواردة في المادة .

فأجاب الدكتور بغدادي على الإعتراض الأول بأنه قد تنتهى النيابة بالوفاة، وقد أشير إلى هذا في المذكرة التفصيلية. أما اعتراض سعادة الرئيس على كلمة وهذاء . واقتراحه حذفها فقد نبه حضرته إلى وجوب بقائها لأنها تفيد الفصل والإستدراك وتفيد كذلك أن هناك قيدا القاعدة الواردة في صدر المادة .

وقد تناقشت اللجنة في وضع صيغة دقيقة للمادة تتفق مع الاتجاهات التي اتجه إليها حضرات الأعضاء و أخيراً اتفق على أن تكون صيغتها كالآتي :

مادة 110 - معدلة -  إذا كان النائب ومن تعاقد معه بجهلان وقت إبرام العقد انقضاء النيابة فإن أثر العقد يضاف إلى الأصيل أو خلفائه بحسب الأحوال .

فقال الدكتور حسن بغدادي إنه يحسن الإبقاء على نص المادة بحسب أصلها الفرنسي لأنه يهدينا إلى مصدرها لأني لا أقول، لو كانت النيابية باقية ، فإن هذا يفيد أنني أستحدث حكماً جديداً على خلاف القاعدة العامة .

هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد اعترض عبده محرم بك على عبارة « بحسب الأحوال ، الواردة في الصيغة المقترحة قائلاً : إنه قد يفهم منها جواز الإضافة إلى خلفاء الأصيل أو عدم جوازها » وقد اقترح حذفها فوافقه على ذلك سعادة العشاری باشا .

قرار اللجنة :

وقد أخذ الرأى على نص المادة 110 معدلة بالصيغة السابقة مع حذف عبارة (بحسب الأحوال) .

فوافقت اللجنة بالإجماع على ذلك النص وهو كما يأتي  :

مادة 110 معدلة إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان وقت إبرام العقد انقضاء النيابة فإن أثر العقد يضاف إلى الأصيل أو خلفائه . 

تقرير اللجنة  :

عدلت صياغة هذه المادة حتى يكون المعنى أوضح دون مساس بجوهر الحكم بالنص الآتي  :

إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معاً وقت العقد انقضاء النيابة ، فإن أثر العقد الذي يبرمه حقاً كان أو إلتزاماً يضاف إلى الأصيل أو خلفانه .

وأصبح رقم المادة 107.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحكام

1- يتعين على محكمة الموضوع متى تمسك أحد الخصوم بتعاقده مع صاحب الوضع الظاهر أن تورد فى أسباب حكمها بياناً بخطأ صاحب الحق – سلباً أو إيجاباً – فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه وبالشواهد التى أحاطت بهذا المركز التى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة ، وأخيراً توفر حسن النية فى المتصرف إليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد ركن فى توفر وصف مورث المطعون ضدهم ثانياً بأنه مدير ظاهر للشركة التى يمثلها الطاعن على مجرد القول بأنه كان وكيلاً عن هذه الشركة قبل تخارجه منها فى صرف شيكات بموجب توكيل داخلى صادر منها لدى البنك المطعون ضده الأخير ، وهو ما لا يتوفر به عنصر الاعتقاد الشائع لدى المتعاملين مع الشركة ومعه مورداً خطأ نسبته إلى الطاعن بصفته مخالفاً للواقع فى الدعوى هو عدم اتخاذه إجراءات شهر تعديل عقد الشركة المتضمن تخارج مورث المطعون ضدهم ثانياً فيها رغم تحققه على نحو أصبح حجة على الكافة فإنه يكون معيباً .

(الطعن رقم 549 لسنة 71 جلسة 2009/06/09 س 60 ص 696 ق 116)

2- إذ كان الواقع فى الدعوى أن المطعون ضدها الأولى أقامتها بطلب الحكم ببطلان عقد الإيجار المؤرخ 1977/5/28 على سند من أن هذه الإجارة لا تنفذ فى حقها باعتبارها مالكة وأنها وردت على الغير لصدورها بعد انتهاء الوصاية لبلوغها سن الرشد وإنهاء الوصاية عليها فى 1975/5/28 ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن مهمة الوصي - المطعون ضده الثاني - قد انتهت قبل إبرامه عقد الإيجار محل النزاع المؤرخ 1977/11/1 وقد تمسك الطاعن بأنه والمطعون ضده الثاني كانا يجهلان وقت التعاقد صدور قرار إنهاء الوصاية عن المطعون ضدها الأولى وأنهما كانا حسنا النية وقت إبرام هذا التعاقد وطبقاً لنص المادة 107 مدني ينصرف أثر هذا العقد إلى الأصل - المطعون ضدها الأولى - فضلاً عن تمسك الطاعن بإجازة الأخير لهذا العقد وعدم اعتراضها لمدة استطالت منذ إبرام العقد فى 1977/11/1 حتى رفع الدعوى في1985/1/19 رغم عملها بقرار إنهاء الوصاية فى 1975/5/28 ومن المقرر أن إجارة ملك الغير تنفذ فى حق المالك بالإجازة وإذ حجب الحكم المطعون فيه نفسه عن بحث وتمحيص هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به - لو صح - وجه الرأي فى الدعوى وأقام قضاءه ببطلان العقد إستناداً إلى أن إمتداد عقود إيجار الأطيان الزراعية وفقاً لحكم المادة 35 من القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي المعدل بالقانون رقم 52 لسنة 1966 قد غل يد الوكيل فى تأجير مال موكله وقد قام المطعون ضده الثاني الوصي على المطعون ضدها الثانية بتحرير عقد الإيجار دون الحصول على إذن المحكمة فى حين أن الوصاية قد انتهت قبل إبرام هذا التعاقد وأنه متى بلغ القاصر سن الرشد فلا يكون لمحكمة الأحوال الشخصية ولاية - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة إلا فى بحث كشوف الحساب المقدمة عن مدة سابقة على إنتهاء الوصاية، كما أن الإمتداد القانوني لعقود الأطيان الزراعية وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي مردة أحكام هذا القانون المتعلقة بالنظام العام ولا يحول دون تطبيق حكم المادة 559 من القانون المدني التي تجيز لمن يملك حق الإدارة أن يعقد إيجاراً لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات إذ يمتد العقد بعد انقضاء تلك المدة وهو ما يتفق مع ما جاء بعجز المادة 559 مدني بتطبيق نصوص القوانين الأخرى التي تقضي بغير ذلك ولا يغل قانون الإصلاح الزراعي حق الوكيل فى التأجير مما يعيب الحكم.

(الطعن رقم 3989 لسنة 60 جلسة 1995/04/13 س 46 ع 1 ص 631 ق 126)

3- النص فى المادة 107 من القانون المدنى - يدل على ان القانون لا يحمى الغير الذى تعامل مع النائب الظاهر مع إنقضاء النيابة ليضاف تصرفهما إلى الأصيل- إلا إذا كان النائب والغير كلاهما معاً يجهلان إنقضاء النيابة وقت التعاقد لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائى المؤبد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضائه بقوله"وكان الثابت من الأوراق ومن إقرار المدعى عليه الأول المطعون ضده الأول المؤرخ 1989/2/28 إلغائه للتوكيل الصادر منه للمدعى عليه الأول المطعون ضده الثالث وكان الثابت أيضا إتصال علم المدعى عليه الأول علماً يقيناً بإلغاء التوكيل وذلك من الشهادة الصادرة من وزارة المواصلات - إدارة البريد قسم الإستعلامات البريدية والمؤرخة 1989/8/30 بدولة الكويت والتى تفيد وصول المسجل رقم_حسب العنوان المدون عليه بتاريخ 1989/3/15وقد تأكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك من عقد الإتفاق المؤرخ1989/4/1المحرر فيما بين المدعيين المطعون ضدهما الأول والثانى والمدعى عليه الأول بالبند الرابع بمسئولية المدعى عليه الأول إذا كان هناك أى تصرفات بناء على التوكيل الصادر له أو تصرفات اخرى على عين النزاع، وكان البين من هذه الأسباب أنها خلت من ثبوت علم الطاعن بإلغاء وطالة المطعون ضده الثالث قبل تعاقده معه على إيجار المخزن محل النزاع وأن محكمة الموضوع قد استدلت على أن هذا الأخير قد علم علماً يقيناً بإنقضاء نيابته عن المطعون ضدهما الأول والثانى فى أعمال الإدارة وإبرام عقود الإيجار منذ 1989/3/15 وهو تاريخ توزيع الرسالة المسجلة رقم......التى أرسلها له المطعون ضده الأول من دولة الكويت حسبما ورد بالشهادة الصادرة من قسم الإستعلامات البريدية بدولة الكويت المؤرخ 1989/8/30 وكانت ما تضمنته هذه الشهادة من توزيع الرسالة المسجلة على عنوان المرسل إليه على فرض أنها تضمنت إخطار المطعون ضده الثالث بإلغاء وكالته عن المطعون ضدهما الأول والثانى لا يتأدى منه وصولها إليه وإستلامه لها متى يمكن القول بأنه علم بفحواها وبإنقضاء نيابته عنهما قبل إبرامه العقد إيجار المخزن موضوع النزاع المؤرخ 1989/1/6 والذى أثبت تاريخه في 1989/4/6.

(الطعن رقم 3343 لسنة 62 جلسة 1993/02/21 س 44 ع 1 ص 677 ق 112)

4- مفاد نص المادة 47 / 1من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بشأن الولاية على المال والمادة 970 من قانون المرافعات أنه إذا بلغ القاصر إحدى وعشرين سنة تنتهي مهمة الوصي وتنتفي ولاية المحكمة التي تتولى رعاية شئونه اعتباراً بأن الولاية مشروطة بقيام موجبها فإن إنعدم الموجب زالت الولاية، وكان النص فى المادة 107 من القانون المدني على أن "إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معاً وقت العقد انقضاء النيابة فإن أثر العقد الذي يبرمه حقاً كان أو التزاماً يضاف إلى الأصيل أو خلفائه" مفاده أن يتوافر لدى طرفي التعاقد الجهل بإنقضاء الولاية وقت العقد ولئن كان التحقيق من ذلك يدخل فى نطاق سلطة محكمة الموضوع التقديرية بغير رقابة محكمة النقض إلا أن شرط ذلك أن يكون بيانها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها، ونيابة الموصى عن القاصر هي نيابة موقوتة بأجل حدده القانون بحيث يكون معلوماً للوصي وللمحكمة التي ترعى شئون القاصر والجهل الذي يعتد به هو الذي يقوم على مبرر قوامه عدم إمكان العلم بإنتهاء الولاية وهو أمر يتجافى مع قيام الوصي والمحكمة برعاية شئون القاصر، فإن الحكم المطعون فيه إذ استدل على توافر جهل الوصية بإنتهاء ولايتها بمجرد القول بأنها والدة لهم وأنها كانت تعلم بإنتهاء الولاية لما تقدمت بطلب الإذن إلى المحكمة المختصة ببيع نصيب القاصر يكون الحكم قد عابه الفساد فى الإستدلال.

(الطعن رقم 1185 لسنة 55 جلسة 1989/01/25 س 40 ع 1 ص 265 ق 55)

5- إذا كان المدعى قد مثل فى الدعوى تمثيلا صحيحاً وقت رفعها ابتداء بواسطة والدته بوصفها وصية عليه ، فإن بلوغه سن الرشد بعد ذلك أثناء سير الدعوى - إذا لم تنبه المحكمة إليه - لا يكون من شأنه أن يحول دون إعتبار حضور والدته عنه حتى صدور الحكم فى الدعوى - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - حضورا منتجا لآثاره القانونية ، ذلك أنه ببلوغه سن الرشد يكون قد علم بالدعوى بواسطة والدته التى كانت وصية عليه ورضى بإعتبار صفة والدته فى تمثيله لازالت قائمة على أساس من النيابة الإتفاقية بعد أن كانت نيابتها عنه نيابة قانونية فإذا التزمت والدة المدعى موقف التجهيل بالحالة التى طرأت على ولدها ببلوغه سن الرشد إلى ما بعد صدور الحكم الإبتدائى فوجه المحكوم عليه إستئنافه إليها بالصفة التى أقيمت بها الدعوى إبتداء ، وكان قد تحدد بموجب الحكم الصادر من محكمة أول درجة اطراف الخصومة بالنسبة للاستئناف ، وكان الأصل أن ليس للخصم أن يفيد من خطئه ، ولا أن ينقض ما تم على يديه ، فإن اختصام المستأنف ضده فى الاستئناف ممثلا بواسطة والدته يعد اختصاماً صحيصاً ومنتجاً لآثاره القانونية . وإذ استمرت والدته على موقف التجهيل أثناء سير الاستئناف فإن الحكم يصدر فى هذا الاستئناف كما لو كان قد حضر المستأنف ضده بنفسه الخصومة فيه .

(الطعن رقم 159 لسنة 32 جلسة 1966/11/15 س 17 ع 4 ص 1680 ق 238)

6- تنص المادة 107 من القانون المدنى على أنه " إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معا وقت التعاقد انقضاء النيابة فإن أثر العقد الذى يبرمه حقا كان أو التزاما يضاف إلى الأصيل أو خلفائه " . و مفاد ذلك أن القانون لايحمى الغير الذى تعامل مع النائب الظاهر بعد انقضاء النيابة إلا إذا كان النائب والغير كلاهما معا يجهلان انقضاء النيابة وقت التعاقد . فإذا كانت محكمة الموضوع قد انتهت فى نطاق سلطتها الموضوعية التى لا معقب عليها إلى أن المطعون عليه الأخير كان على علم بانقضاء توكيله عن أحد الدائنين و انتهاء وصايته على باقى الدائنين ببلوغهم سن الرشد فإن الطاعن " المدين " لا يتمتع بالحماية التى أسبغها القانون على من يتعامل مع النائب الظاهر والتى تتمثل فى انصراف أثر العقد إلى الأصيل ، وبذلك لا يكون الوفاء الحاصل منه للمطعون عليه باعتباره وكيلا ظاهرا مبرئا لذمته .

(الطعن رقم 160 لسنة 28 جلسة 1963/05/30 س 14 ص 759 ق 107)

7- ولاية المجلس الحسبى على مال المحجور عليه مشروطة بقيام موجبها ، فإذا إنعدم الموجب زالت هذه الولاية ، فبمجرد وفاة المحجور تنقطع ولاية المجلس الحسبى على ماله و كل قرار يصدره فى شأن من شئون المتوفى يعتبر باطلاً سواء علم المجلس أو القيم بوفاة المحجور عليه أم لم يعلم . و إذن فمتى كان الحكم إذ أغفل بحث ما إذا كان قرار المجلس الحسبى بالتصريح لقيم المحجور عليه بالبيع قد صدر قبل أو بعد وفاة هذا الأخير ، قد أقام قضاءه على أن هذا بحث غير منتج لأنه متى كان من الثابت أن هذه الوفاة لم تكن وقت صدور القرار معلومة لأحد ، وأن القوامة نوع من الوكالة تسرى عليها أحكام المادة 530 من القانون المدنى - القديم - فيصح تصرف الوكيل بعد وفاة الأصيل مادام الغير لا يعلم بالوفاة ، فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ، إذ لا يصح قياس قرار المجلس الحسبى بالتصريح للقيم ببيع أرض المحجور عليه للمشترى على تصرف الوكيل مع متعاقد حسن النية لا يعلم بوفاة الموكل لإختلاف الحالتين من وجوه أظهرها أن المجلس إنما يمارس سلطة قضائية بما لهذه السلطة من حدود و أوضاع .

(الطعن رقم 200 لسنة 18 جلسة 1951/03/01 س 2 ع 2 ص 394 ق 73)

شرح خبراء القانون

انقضاء النيابة دون علم النائب :

قد تنقضى النيابة بموت الأصيل أو فقد أهليته أو إفلاسه أو بعزل النائب دون أن يحاط النائب علم بذلك، فيبرم تصرفاً مع الغير باسم الأصيل رغم إنقضاء النيابة ولم يكن الغير بدوره يعلم ذلك، وحينئذ كان يتعين إعتبار التصرف غیر نافذ في حق الأصيل إذ لم يكن من تعاقد باسمه نائباً عنه وقت ابرام التصرف، إلا أن القانون ألزم الأصيل بكافة الآثار التي تترتب على التصرف من حقوق والتزامات إعمالاً لأحكام النيابة، فقد قصر الأصيل في إخطار نائبه بانقضاء النيابة مما أدى به إلى إبرام التصرف مع الغير الذي اعتقد بقيام النيابة.

فإذا علم النائب ومن تعامل معه بإنقضاء النيابة، أو علم أحدهما فقط بانقضائها وقت التعاقد، فإن أثر التصرف لا ينصرف الى الأصيل، والعبرة بتحقق هذا العلم الفعلي فلا يكفى التأشير على أصل الوكالة بمكتب التوثيق بالإلغاء وتوافر العلم واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق ومنها البينة والقرائن، ويتحمل ، الأصيل عبء الإثبات .

وتنقضي النيابة فور علم النائب بذلك، فإذا قام الأصيل بالتأشير بهذا الانقضاء بأصل سند الوكالة بمكتب التوثيق وأخطر الوكيل بذلك، تحقق علم الأخير بانقضاء الوكالة، فلا ينفذ تصرفه الذي يبرمه بعد هذا العلم في حق الموكل حتى كان الغير الذي تعامل معه لا يعلم بإنقضاء الوكالة لأن مناط انصراف أثر التصرف الأصيل أن يكون الوكيل ومن تعاقد معه يجهلان معاً وقت العقد انقضاء الوكالة، ولا يجوز أن يلوذ الغير بأحكام الوكالة الظاهرة لإلزام الأصيل بأثر مصرف، إذ يشترط لذلك ألا يكون الوكيل ومن تعاقد معه يجهلان معاً وقت بند بانقضاء الوكالة ومن ثم لا يسرى ذلك إذا كان أحدهما يعلم بإنقضاء الوكالة وقت العقد، وكان يمكن لمن تعاقد مع الوكيل الكشف عن الوضع القانوني للتوكيل الذي يستند الوكيل إليه فإن لم يفعل تحمل نتيجة تقصيره ، ويسري أثر الانقضاء إذا علم الوكيل بانقضاء الوكالة ولو لم يؤشر بذلك على أصل التوكيل، أنظر نقض 28/2/1985 بالمادة 713 .

ومتى تم التأشير بإلغاء الوكالة وتم إخطار الوكيل بموطنه، قامت قرينة على علمه بإلغاء الوكالة، وهي قرينة بسيطة يجوز إثبات ما يخالفها، ويتحمل الوكيل عبء هذا الإثبات، وليس للإخطار شکل خاص فيجوز أن يتم بإنذار على يد محضر أو بخطاب مسجل أو غير مسجل بل يجوز أن يتم شفاهة، ويتحمل الموكل إثبات قيامه بالإخطار بكافة الطرق، بإعتبار أن العلم أو عدمه واقعة مادية . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/الثاني  الصفحة/452)

جهل النائب والتعاقد معه انقضاء النيابة

الأصل أنه يلزم لكي يعتبر النائب أنه قد تصرف في حدود نيابته، أن تكون تلك النيابية قائمة لم تنقض عند إجراء التصرفات فإن زالت النيابة عن شخص بأن كان وكيلاً، مثلاً وتم عزله أو مات موكله، أو كان وصيا ثم عزل من الوصاية أو انتهت عنه ببلوغ قاصره سن الرشد أو بموته، أو بأن زالت النيابة بأي سبب آخر، فإن كل تصرف يجريه النائب بعد ذلك يعتبر بالضرورة خارجاً عن حدود نيابته ولا يسرى بالتالي في حق الأصيل إلا إذا أقره، وهذا هو الأصل العام.

إلا أن هذا الأصل ليس مطلقاً، إذ أوردت المادة 107 استثناء على هذا الأصل يقضي بأنه إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معاً وقت العقد انقضاء النيابة، فان أثر العقد الذي يبرمه، حقاً كان أو التزاماً يضاف إلى الأصيل أو خلفائه.

و محل هذا الاستثناء أن يكون كل من النائب ومن تعاقد معه جاهلاً انتهاء النيابة.

فلا يكفي أن يجهلها أحدهما دون الآخر.

والقصد من هذا الاستثناء هو توفير الثقة والإستقرار في المعاملات .

وقد توسعت محكمة النقض – بحق في إعمال حكم المادة 107 فجعلته يسرى على إجراءات التداعي أمام المحاكم، مقررة صحة هذه الإجراءات، حتى ما جاء منها في مواجهة النائب بعد زوال نيابته، مادامت المحكمة لم تنبه إلى زوالها. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني الصفحة/ 136)

يتعين أن يكون الوكيل ومن تعامل معه يجهلان كلاهما انتهاء الوكالة يضاف أثر تصرفهما إلى الأصيل أما اذا كان أحدهما يعلم بانتهائها في تخلف شرط تطبيق المادة (انظر محمد علي عرفة في العقود الصغيرة الطبعة الأولى ص 346) (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003  الصفحة :684 )

أنه إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معاً وقت العقد انقضاء النيابة فان أثر العقد الذي يبرمه حقاً كان أو التزاماً يضاف إلى الأصيل أو خلفائه مفاده أنه يجب أن يتوافر لدى طرفي التعاقد الجهل بانقضاء الولاية وقت العقد ، كما يدل على أن القانون لا يحمى الغير الذي تعامل مع النائب الظاهر مع انقضاء النيابة يضاف تصرفهما إلى الأصيل إلا إذا كان النائب والغير كلاهما معاً يجهلان انقضاء النيابة وقت التعاقد. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2014، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزء/ الأول صفحة 426)

 

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون  ، الصفحة / 25 

نِيَابَة

التَّعْرِيف:

1 - النِّيَابَةُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ نَائِبًا عَنْهُ فِي  الأْمْرِ .

وَيُقَالُ: نَابَ عَنْهُ فِي هَذَا  الأْمْرِ  نِيَابَةً: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ.

وَالنَّائِبُ: مَنْ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي أَمْرٍ أَوْ عَمَلٍ .

وَالنِّيَابَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: قِيَامُ الإْنْسَانِ  عَنْ غَيْرِهِ بِفِعْلِ أَمْرٍ .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْوِلاَيَةُ:

2 - الْوِلاَيَةُ فِي اللُّغَةِ، بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: الْقُدْرَةُ، وَالنُّصْرَةُ، وَالتَّدْبِيرُ، يُقَالُ: هُمْ عَلَى وِلاَيَةٍ أَيْ مُجْتَمِعُونَ فِي النُّصْرَةِ.

وَالْوَلِيُّ هُوَ: الْمُحِبُّ، وَالصَّدِيقُ، وَالنَّصِيرُ أَوِ النَّاصِرُ.

وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لأِمُورِ  الْعَالَمِ وَالْخَلاَئِقِ الْقَائِمُ بِهَا.

وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ: الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ وَيَقُومُ بِكِفَايَتِهِ.

وَوَلِيُّ الْمَرْأَةِ: الَّذِي يَلِي عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَدَعُهَا تَسْتَبِدُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْوِلاَيَةُ: تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ الْغَيْرُ أَمْ لاَ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِلاَيَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ فِي أَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ.

ب - الإْيصَاءُ:

3 - الإْيصَاءُ فِي اللُّغَةِ - مَصْدَرُ أَوْصَى - يُقَالُ: أَوْصَى فُلاَنٌ بِكَذَا يُوصِي إِيصَاءً، وَالاِسْمُ الْوِصَايَةُ (بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا) وَهُوَ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مِنَ الأْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقِيَامُ بِذَلِكَ  الأْمْرِ  فِي حَالِ حَيَاةِ الطَّالِبِ أَمْ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ .

أَمَّا فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ، فَالإْيصَاءُ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ إِقَامَةُ الإْنْسَانِ  غَيْرَهُ مَقَامَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي تَصَرُّفٍ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ، أَوْ فِي تَدْبِيرِ شُئُونِ أَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ وَرِعَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَامُ يُسَمَّى الْوَصِيَّ.

أَمَّا إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، فَلاَ يُقَالُ لَهُ فِي الاِصْطِلاَحِ إِيصَاءٌ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ وِكَالَةٌ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالإْيصَاءِ، أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الإْيصَاءِ.

ج - الْقِوَامَةُ:

4 - الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى  الأْمْرِ  أَوِ الْمَالِ أَوْ وِلاَيَةُ  الأْمْرِ . وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيهِ، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْهُ قوله تعالي : (  الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْقِوَامَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وِلاَيَةُ أُمُورِ الْغَيْرِ.

د - الْوِكَالَةُ:

5 - الْوَكَالَةُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، فِي اللُّغَة أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً.

وَالتَّوْكِيلُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلَى غَيْرِهِ، وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ وَكِيلاً لأِنَّ  مُوكِلَهُ قَدْ وَكَلَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِأَمْرِهِ، فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَيْهِ الأْمْرُ  .

وَالْوَكَالَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: إِقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ النِّيَابَةِ وَالْوِكَالَةِ أَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ مِنَ الْوِكَالَةِ.

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ:

تَتَنَوَّعُ النِّيَابَةُ إِلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يَثْبُتُ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (اتِّفَاقِيَّةٌ)، وَنَوْعٌ يَثْبُتُ شَرْعًا لاَ بِتَوْلِيَةِ الْمَالِكِ (شَرْعِيَّةٌ).

أَوَّلاً: النِّيَابَةُ الاِتِّفَاقِيَّةُ (وَهِيَ الْوَكَالَةُ):

6 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ جَائِزَةٌ فِي الْجُمْلَةِ  وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) . وَمِنْهَا: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ» .

وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَكَالَةِ مُنْذُ عَصْرِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم  إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . وَانْظُرْ تَفْصِيلَ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ فِي مُصْطَلَحِ (وَكَالَة).

ثَانِيًا: النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ:

7 - النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ - وَهِيَ الْوِلاَيَةُ - ثَابِتَةٌ شَرَعًا عَلَى الْعَاجِزِينَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ وَرَدَتْ مِنْهُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْوِلاَيَةِ، مِنْ ذَلِكَ قوله تعالي : (  وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا ( 5 ) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنْكِحُوا الأْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) .

فَهَذِهِ الآْيَاتُ خِطَابٌ لِلأْوْلِيَاءِ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَرَدَتْ فِي شَرْعِيَّةِ الْوِلاَيَةِ، مِنْهَا: قَوْلُ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ» .

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا، فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ» .

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَإِنَّ ثُبُوتَ وِلاَيَةِ النَّظَرِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَابِ الإْعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ، وَمِنْ بَابِ الإْحْسَانِ، وَمِنْ بَابِ إِعَانَةِ الضَّعِيفِ وَإِغَاثَةِ اللَّهْفَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا.

وَلأِنَّ  ذَلِكَ مِنْ بَابِ شُكْرِ النِّعْمَةِ وَهِيَ نِعْمَةُ الْقُدْرَةِ، إِذْ شُكْرُ كُلِّ نِعْمَةٍ عَلَى حَسَبِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْقُدْرَةِ مَعُونَةُ الْعَاجِزِ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ وَاجِبٌ عَقْلاً وَشَرْعًا فَضْلاً عَنِ الْجَوَازِ .

أَنْوَاعُ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ:

8 - النِّيَابَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ الْوِلاَيَةُ، وَالْوِلاَيَةُ تَتَنَوَّعُ إِلَى نَوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا:

وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَالِ، وَوِلاَيَةٌ عَلَى النَّفْسِ.

فَالْوِلاَيَةُ عَلَى الْمَالِ هِيَ سُلْطَةُ الْوَلِيِّ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ الْعُقُودَ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَمْوَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ وَعُقُودُهُ نَافِذَةً دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى إِذْنٍ مِنْ أَحَدٍ.

وَالْوِلاَيَةُ عَلَى النَّفْسِ هِيَ السُّلْطَةُ عَلَى شُئُونِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِهِ وَنَفْسِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا تَزْوِيجُهُ.

وَتُنْظَرُ الأْحْكَامُ  الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوِلاَيَةِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى النَّفْسِ فِي مُصْطَلَحِ (وِلاَيَة).

النِّيَابَةُ فِي الْعِبَادَاتِ:

تَتَنَوَّعُ الْعِبَادَاتُ فِي الشَّرْعِ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلاَثَةٍ:

مَالِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ.

النَّوْعُ الأْوَّلُ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ

9 - الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَاتِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ.

وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْعِبَادَةُ قَادِرًا عَلَى الأْدَاءِ  بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:

فَمِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّزَ الْعَمَلَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ عَنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَمَّا الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فَهُمُ الْجُبَاةُ، وَالسُّعَاةُ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا عَلَى ذَلِكَ .

وَمِنَ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ أَحَادِيثُ مِنْهَا:

مَا وَرَدَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: «أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» .

وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الأْمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ» .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «وَكَّلَنِي النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ»  وَحَدِيثُ: «أَعْطَى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ غَنَمًا يُقَسِّمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ» .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» .

وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  رَجُلاً مِنَ الأْسْدِ  عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» .

وَمِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَاتِ إِخْرَاجُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ .

وَأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ أَنْ يُوَكَّلَ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الآْدَمِيِّينَ .

النَّوْعُ الثَّانِي: الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْمَحْضَةُ:

10 - الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ كَالصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ عَلَى الإْطْلاَقِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَالْمَعْقُولِ:

أَمَّا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإْنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) . إِلاَّ مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ  لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما  -: «لاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ» .

أَيْ فِي حَقِّ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ لاَ فِي حَقِّ الثَّوَابِ، فَإِنَّ مَنْ صَامَ أَوْ صَلَّى أَوْ تَصَدَّقَ وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ مِنَ الأْمْوَاتِ  أَوِ الأْحْيَاءِ جَازَ. وَيَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَيْهِمْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ثَوَاب ف 10).

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَلأِنَّ  هَذِهِ الْعِبَادَةَ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهَا  وَلأِنَّ  الْمَقْصُودَ مِنْهَا الاِبْتِلاَءُ وَالاِخْتِبَارُ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ وَذَلِكَ لاَ يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ .

وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَيِّتِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَدَاء ف 15).

النَّوْعُ الثَّالِثِ: الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ:

11 - الْعِبَادَاتُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْبَدَنِ وَالْمَالِ هِيَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ، وَقَابِلِيَّتِهِ لِلنِّيَابَةِ لِلْعُذْرِ الْمَيْئُوسِ مِنْ زَوَالِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي مَذْهَبِهِ، إِلَى أَنَّ الْحَجَّ لاَ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لاَ عَنِ الْحَيِّ وَلاَ عَنِ الْمَيِّتِ، مَعْذُورًا أَوْ غَيْرَ مَعْذُورٍ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (حَجٍّ ف 114 وَمَا بَعْدَهَا، وَأَدَاءٍ ف 16، وَعِبَادَةٍ ف 7). أَمَّا الْعُمْرَةُ فَتَقْبَلُ النِّيَابَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عُمْرَةٍ ف 38).

____________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

(مادة 856)

للوكيل بالخصومة وشراء معين أن يعزل نفسه من الوكالة ما لم يتعلق به حق الغير فيجبر على إبقاء الوكالة.

ويشترط علم الموكل بالعزل فيكون تصرف الوكيل جائزاً إلى أن يعلم الموكل.