loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 117

المشروع التمهيدي

لا مقابل لها.

المشروع في لجنة المراجعة

اقترح إضافة هذه المادة في المشروع النهائي بالنص الآتي :

إذا بلغ الصبي المميز الثامنة عشرة من عمره غير مصاب بجنون أو عنه وأذن له في تسل أمواله لإدارتها أو تسليها بحكم القانون كانت أعمال الإدارة الصادرة منه صحيحة في الحدود التي رسمها القانون. 

وأصبح رقم المادة 115 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 115 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

 محضر الجلسة السادسة

تليت المادة 115 وهذا نصها:

 إذا بلغ الصي المميز الثامنة عشرة من عمره غير مصاب بجنون أو عته و أذن له في تسلم أمواله لإدارتها أو تسلها بحكم القانون كانت أعمال الإدارة الصادرة منه صحيحة في الحدود التي رسمها القانون

قرار اللجنة :

وافقت اللجنة على هذه المادة مع حذف عبارة , غير مصاب بجنون أو عته ، للعلة السابق ذكرها في المادة 114.

تقرير اللجنة :

حذفت منها عبارة و غير مصاب بجنون أو عته للإعتبارات التي تقدمت في شأن حذف العبارة نفسها في الفقرة الأولى من المادة السابقة .

وأصبح رقم المادة 112.

محضر الجلسة الخامسة والستين

تتلخص الملاحظات التي قدمها سعادة العشماوي باشا في أن لجنة وضع قواعد المرافعات التي ستطبق في مسائل الأحوال الشخصية أمام المحاكم الوطنية لاحظت أن نصوص المواد 112 و 113 و 117 من مشروع القانون المدني وإن انتظمت بعض أحكام المواد 42 و 43 و 47 و 48 من قانون المحاكم الحسية إلا أنه لوحظ عليها من ناحية بعض القصور في تناول الأحكام التي اشتملت عليها تلك النصوص المقابلة لها ومن ناحية أخرى ضرورة إعادة صياغتها لإستكمال مابها من نقص ولذلك بری سعادته تعديل المادة 112 على الوجه الآتي  :

مادة 112 - أعمال الإدارة الصادرة من القاصر الذي بلغ الثامنة عشرة من عمره والمحجور عليه لسفه المأذون لهما بتسلم أموالهما لإدارتها تكون صحيحة في الحدود التي رسمها القانون .

وقد قصد بالتعديل النص على حكم أعمال الادارة الصادرة من المحجور عليه السفة المأذون له بتسلم أمواله لإدارتها أسوة بالقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة .

قرار اللجنة :

إضافة الفقرة المقترحة فقرة إلى المادة 116 - وبقاء نص المادة كما هو .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .

الأحكام

1- النص فى المادتين 62 ، 64 من القانون رقم 119 لسنة 1952 و فى الفقرة الثانية من المادة 111 من القانون المدنى يدل على أن القاصر المأذون يعتبر كامل الأهلية فيما إذن فيه ، و أما التصرفات التى لم يؤذن فيها فإنها تكون قابلة للإبطال لمصلحته . متى كانت دائرة بين النفع و الضرر .

(الطعن رقم 260 لسنة 43 جلسة 1980/03/04 س 31 ع 1 ص 696 ق 136)

2- الإجازة تصرف قانونى يتضمن إسقاطاً لحق فلا يملكها من كان ناقص الأهلية . و إذن فمتى كان الحكم إذ إعتبر إجازة القاصر للبيع الصادر منه منعدمة الأثر قانوناً قد أقام قضاءه على أن هذه الإجازة إنما صدرت من القاصر بعد قرار المجلس الحسبى بإستمرار الوصاية عليه ، فإن النعى على الحكم الخطأ فى تطبيق القانون يكون غير صحيح و لا محل للتحدى بعدم نشر قرار إستمرار الوصاية فى الجريدة الرسمية وفقاً لما كانت تقضى به المادة 30 من اللائحة التنفيذية لقانون المجالس الحسبية ، إذ ليس من شأن إغفال النشر أن يكون لمن صدرت لمصلحته الإجازة أن يدعى صحتها : أولاً - لأن الإجازة ، و هى إسقاط لحق تصرف من جانب واحد لا يشارك فيه الغير فليس له التحدى بنصوص يدعى أنها وضعت لحماية الغير فى التعامل . و ثانياً - لأن قرارات المجالس الحسبية الصادرة فى ظل المرسوم بقانون الصادر فى 13 من أكتوبر سنة 1925 بالحجر أو بإستمرار الوصاية تحد من أهلية المحجور بمجرد صدورها و لا يتراخى هذا الأثر قبل الغير حتى يقوم الوصى أو القيم بنشر إقرار فى الجريدة الرسمية وفقاً لما يفرضه نص المادة 30 من القرار الوزارى الصادر فى 24 من نوفمبر 1925

(الطعن رقم 197 لسنة 18 جلسة 1951/02/01 س 2 ع 2 ص 289 ق 55)

شرح خبراء القانون

الأذن للصبي المميز بإعمال الإدارة :

القانون هنا هو قانون الولاية على المال رقم 119 لسنة 1952 وقد نص في المادة 54 منه على أن للولي أن يأذن القاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم أمواله لإدارتها ويكون ذلك بإشهاد لدى الموثق وله أن يسحب هذا الأذن أو يحد منه بإشهاد آخر مع مراعاة حكم المادة 1027 من قانون المرافعات أى بشهر الإشهاد الصادر بسلب الأذن أو الحد منه ونص في المادة 55 منه على أنه يجوز للمحكمة بعد سماع أقوال الوصي أن تأذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها واذا رفضت المحكمة الاذن فلا يجوز تجديد طلبه قبل مضي سنة من تاريخ صدور القرار النهائي بالرفض كما نصت المادة 56 على أن للقاصر المأذون أن يباشر أعمال الإدارة وله أن يفي ويستوفي الديون المترتبة على هذه الأعمال ولكن لا يجوز له أن يؤجر الأراضي الزراعية والمباني لمدة تزيد على سنة ولا أن يفى الديون ولو كانت ثابتة بحكم واجب النفاذ أو سند تنفيذي آخر إلا بإذن خاص من المحكمة أو الوصي فيما يملكه من ذلك ولا يجوز للقاصر أن ينصرف في صافي دخله إلا بالقدر اللازم لسد نفقاته ومن تلزمه نفقتهم قانوناً وكانت المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعي توجب ألا تقل مدة الإيجار عن ثلاث سنوات، وقد ألغيت هذه المادة وأصبحت العلاقة الإيجارية في الأراضي الزراعية تخضع للقواعد العامة، وبالتالي لا يجوز للقاصر المأذون بالإدارة أن يؤجر أرضه الزراعية لمدة تزيد على سنة وإلا جاز لوليه طلب إنقاصها الى سنة، كما لا يجوز لناقص الأهلية أن يؤجر المباني إلا لمدة سنة، وعملاً بنص المادة 57 لا يجوز له أن يتجر إلا إذا بلغ الثامنة عشرة وأذنت له المحكمة، ويجوز له إبرام عقد العمل وتسلم أجرة والتصرف فيه.

ومتى بلغ الصبي المميز الثامنة عشرة من عمره وأذن له في تسلم أمواله لإدارتها أو تسلمها بحكم القانون، كانت أعمال الإدارة الصادرة منه صحيحة في حدود القانون، وعملاً بالمادة 56 من قانون الولاية على المال يكون للقاصر مباشرة أعمال التصرف المتعلقة بأعمال الإدارة فقط کشراء الأدوات اللازمة للانتفاع بالعقارات التي يديرها والبذور اللازمة لزراعة أطيانه وبيع المحصول وقبض ثمنها، ويكون البيع والشراء الصادران منه في هذا النطاق صحيحين كما لو كانا صادرين من شخص كامل الأهلية فلا يخضع التصرف لبطلان إلا وفقاً للقواعد العامة كما لو كان قد تم بطريق التدليس أو الإكراه .

ويصدر الإذن للقاصر من وليه بموجب إشهاد لدى الموثق، وللولي سحب هذا الأذن أو الحد منه بإشهاد آخر، أما إذا كان للقاصر وصي، في صدر الأذن من محكمة الأحوال الشخصية بعد سماع أقوال الوصي، فإن لم يصدر الإذن فإن البيع والشراء الصادرين من القاصر والمتعلقين بأعمال الإدارة يكونان قابلين للإبطال لمصلحته. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/  الثاني  الصفحة/ 467)

يصدر الإذن للقاصر الذي بلغ الثمانية عشرة بإدارة أمواله من الولى الشرعي إذا كان القاصر مشمولاً بالولاية ويكون ذلك بإشهاد لدى الموثق.

وللولى أن يسحب هذا الإذن أو يحد منه بإشهاد آخر.

وقد أشارت المادة (54) إلى وجوب مراعاة حكم المادة (1027 ) من قانون المرافعات .

وهذه المادة تقضي بأنه إذا لم يطلب تسجيل الطلب أو رفض الإذن به على قلم الكتاب دل في الميعاد المذكور في المادة السابقة القرارات النهائية الصادرة بما يأتي: ... (4) سلب الإذن للقاصر والمحجور عليه بالإدارة أو الحد منه .... إلخ.

وهذه المادة قد ألغيت بإلغاء الكتاب الرابع من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضاف إلى القانون رقم 77 لسنة 1949 بمقتضى المادة الرابعة من قانون إصدار القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية.

أما إذا كان القاصر مشمولاً بالوصاية فإن هذا الإذن يصدر من المحكمة (محكمة الأسرة)، بعد سماع أقوال الوصي وإذا رفضت المحكمة الإذن فلا يجوز تجديد طلبه قبل مضي سنة من تاريخ صدور القرار النهائي بالرفض ورغم أن المادة (55) سالفة الذكر نصت على المسألة الأخيرة، فقد ورد النص عليها أيضا في المادة 48 من قانون إنشاء محاكم الأسرة.

ومناط الإذن في هذه الحالة هو صلاحية القاصر لتولى الإدارة والاطمئنان إلى قدرته على إحسان القيام عليها فإذا لم تطمئن المحكمة إلى صلاحية القاصر رفضت الإذن.

ورئي أن ينص على عدم جواز تجديد طلب الإذن قبل مضي سنة حتى يتسع مجال الاختيار وتتاح للقاصر فرصة كافية للنضوج والاستزادة من الخبرة.

 حدود الإذن بالإدارة :

بينت الفقرة الأولى من المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 حدود الإذن بالإدارة، فنصت على أن : "للقاصر المأذون أن يباشر أعمال الإدارة وله  أن يفي ويستوفي الديون المترتبة على هذه الأعمال ولكن لا يجوز له أن يؤجر الأراضي الزراعية والمباني لمدة تزيد على سنة ولا أن يفي الديون الأخرى ولو كانت ثابتة بحكم واجب النفاذ أو سند تنفيذي آخر إلا بإذن من المحكمة أو من الوصي فيما يملكه من ذلك ولا يجوز للقاصر أن يتصرف في صافي دخله إلا بالقدر اللازم لسد نفقاته ومن تلزمه نفقتهم قانوناً ". 

فالقاصر المأذون بالإدارة يكون أهلا للقيام بأعمال الإدارة اللازمة بالنسبة لجميع أمواله إلا إذا اقتصر الإذن على بعض أمواله دون البعض الآخر. 

والمقصود بأعمال الإدارة - كما ذكرنا سلفاً – الأعمال التي تنحصر في استغلال 

الشيء وإتخاذ كل مايلزم من إجراءات وتصرفات لتيسير هذا الاستغلال. 

ويدخل فيها شراء السماد والبذور اللازمة وبيع المحصول وألبان المواشي. 

ولذلك نصت المادة 56 على أن للقاصر "أن يفي ويستوفي الديون المترتبة على هذه الأعمال". 

غير أن المادة أوردت بعض القيود على الإذن الصادر للقاصر بالإدارة، سواء كان هذا الإذن صادراً من الولي أو من المحكمة. وتخلص هذه القيود فيما يلي: 

1- لا يجوز للقاصر أن يؤجر الأراضي الزراعية والمباني لمدة تزيد على سنة. 

2- لا يجوز للقاصر الوفاء بالديون غير المترتبة على الإدارة ولو كانت ثابتة  بمقتضى أحكام واجبة النفاذ أو سندات تنفيذية أخرى إلا بإذن خاص من المحكمة أو من الوصي فيما يملكه من ذلك. 

أما إذا كان خاضعاً للولاية فإن الإذن بهذه الأعمال لابد أن يصدر من الولى. 

والمقصود بالإذن، هو الترخيص في كل عمل بخصوصه دون الترخيص له ترخيصاً مطلقاً بالقيام بهذه الأعمال، وإلا انتفي معنى الإشراف الذي يقصد من  الإذن . 

3- لا يجوز للقاصر التصرف في صافي دخله إلا بالقدر اللازم لسد نفقاته ومن  تلزمه نفقتهم قانوناً. 

والمقصود بهذا الدخل ليس دخل العمل، وإنما دخل ما يملك من مال، لأن دخل العمل يجوز للقاصر الذي بلغ السادسة عشرة من عمره التصرف فيه دون حاجة إلى إذن خاص من المحكمة أو الولى. 

واجبات القاصر المأذون :

يتعين على القاصر المأذون أن يلتزم حدود الإذن، فإذا كان الإذن بالإدارة خاصاً ببعض أمواله فليس له مباشرة أعمال الإدارة بالنسبة لأمواله الأخرى، كما أن عليه أن يحسن التصرف في إدارته، وعلاوة على ذلك ألزمت المادة 58 من المرسوم بقانون القاصر المأذون أن يقدم حساباً سنوياً يؤخذ عند النظر فيه رأى الوصي - أما إذا كان القاصر مشمولاً بالولاية فيؤخذ عند النظر فيه رأى الوالى - وفي إلزام القاصر بتقديم كشف حساب سنوي يتيح للمحكمة مراقبة إدارة القاصر المأذون والإشراف عليها.

وقد أجازت المادة للمحكمة أن تأمر بإيداع المتوفر من دخل القاصر المأذون خزائن الحكومة أو أحد المصارف وفي هذه الحالة لا يجوز للقاصر المأذون س حب شيء منه بغير إذن المحكمة.

وقد تكفلت المادة 59 من المرسوم بقانون ببيان الجزاءات التي تضمن أعمال الإشراف والرقابة على القاصر المأذون بالإدارة، فنصت على أن :

" إذا قصر المأذون له في الإدارة في تنفيذ ما قضت به المادة السابقة أو أساء التصرف في إدارته بأن قامت أسباب يخشى معها من بقاء الأموال في يده بل للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب النيابة العامة أو أحد ذوى الشأن أن تحد من الإذن أو تسلب القاصر إياه بعد سماع أقواله ".

 (ب) الإذن للقاصر بالإتجار :

المقصود بالإذن بالإتجارة :

تنص المادة 57 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 على أنه: " لا يجوز للقاصر سواء كان مشمولاً بالولاية أو بالوصاية أن يتجر إلا إذا بلغ الثامنة عشرة من عمره وأذنت المحكمة في ذلك إننا مطلقاً أو مقيداً ".

فالإذن من الولي أو من المحكمة للقاصر بإدارة الأموال لا ينطوي على ترخيص تجار، لأن مزاولة التجارة لا تعتبر من قبيل أعمال الإدارة، فضلاً عن أنها تستتبع مسئوليات جسيمة قد تؤدي بالمال بأسره .

وقد قصد من الإذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة من العمر بالاتجار تدريب القاصر على الاتجار متى كان يعد نفسه للاشتغال بالتجارة بعد البلوغ .

والإذن بالإتجار - على خلاف الإذن بالإدارة - لا يجوز أن يصدر من الولي بل يجب أن يصدر دائماً من المحكمة، سواء كان القاصر مشمولاً بالوصاية أو الولاية .

وإذن المحكمة بالاتجار قد يكون مطلقاً أو مقيداً، وفي الحالة الأولى يكون عاماً في الثانية يكون معتداً بنوع معين من التجارة أو محل تجاري منفرد .

أهلية القاصر المأذون بالإتجار :

بمقتضى الإذن بالتجارة يصبح القاصر آهلاً للقيام بجميع الأعمال التجارية التي أذن بمباشرتها وله القيام بالأعمال الأخرى اللازمة لمباشرة تجارته فله أن يبيع ويشتري ويقرض ويقترض ويقاضي ويقاضي ويتصالح ويحتكم ويسرى التقادم في مواجهته ويحرم من الإفادة من قواعد الغبن المقررة لمصلحة القاصر كما أنه إذا احترف القيام بالاعمال التجارية فإنه يكتسب صفة التاجر فيمكن شهر إفلاسه.

فالقاصر المأذون له بالتجارة يكون على هذا النحو كامل الأهلية فيما يتعلق بالأعمال المتعلقة بالتجارة التي أذن بمباشرتها إلا أنه يظل قاصراً بالنسبة لما عداها من أعمال ما دام لم يبلغ الحادية والعشرين وتحكمه قواعد القانون المدني.

أما إذا باشر القاصر البالغ من العمر ثماني عشرة سنة التجارة بدون إذن المحكمة تصرفاته القانونية تقع باطلة بطلاناً نسبياً فيكون للقاصر وحده التمسك بالبطلان ولو عليه غبن من العمل الذي أجراه.

وللمحكمة المختصة بنظر طلب البطلان هي المحكمة المدنية وليست المحكمة التجارية إذ لا يكسب القاصر غير المأذون صفة التاجر ولا تعتبر الأعمال التي يقوم بها تجارية .

 سلب الإذن والحد منه :

يطبق في شأن القاصر المأذون بالتجارة نص المادتين 58، 59 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 الخاصين بالقاصر المأذون بالإدارة، فعلى القاصر المأذون بالتجارة تقديم حساب سنوي عن تجارته، وإذا قصر في ذلك أو أساء التصرف أو قامت أسباب تدعو إلى احتمال الضرر جاز للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة العامة أو أحد ذوي الشأن أن تحد من الإذن أو تسلب القاصر إياه وإنه وإن كان نص المادتين 58، 59 من المرسوم بقانون قد أشار إلى القاصر المأذون بالإدارة فقط دون القاصر المأذون بالتجارة إلا أن ما ورد من قيود أو ما فرضه القانون من التزامات على القاصر المأذون بالإدارة تسري كلها على القاصر المأذون بالتجارة من باب أولى نظراً لخطورة الأعمال التجارية.

 حق القاصر في الوصية بإذن محكمة الأسرة :

تقضى المادة الخامسة من القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية بأن : يشترط في الموصى أن يكون آهلاً للتبرع قانوناً، على أنه إذا كان محجوراً عليه لسفه أو غفلة أو بلغ من العمر ثماني عشرة سنة شمسية جازت وصيته بإذن المجلس الحسبى (محكمة الأسرة الآن).

فالوصية وإن كانت من الأعمال الضارة بالموصى ضرراً محضاً ومن مقتضى القاعدة التي تضمنتها المادة 1/111 مدنی والتي تقضي ببطلان تصرفات الصبي المميز متى كانت ضارة به ضرراً محضاً، أن تقع وصية الصبي المميز باطلة ولكن قانون الوصية قرر استثناءها من هذا الحكم قاضيا لصحتها بشرط إذن المحكمة محكمة الأسرة الآن .

قابلية التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر للإبطال لمصلحة القاصر :

تنص الفقرة الثانية من المادة (111) على أن: "أما التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر، فتكون قابلة للإبطال لمصلحة القاصر... الخ".

وعلى ذلك فالتصرف الذي يأتيه القاصر لا يكون باطلاً وإنما قابلاً للإبطال و الفارق كبير بين التصرف الباطل والقابل للإبطال.

وتمشيا مع الفارق الكبير هذا جرى لسان المشرع في القانون المدني على القول من التصرف باطل إذا أراد أن يكون بطلانه مطلقاً وعلى القول بأنه قابل للإبطال إذا شاء أن يكون بطلانه بطلاناً نسبياً.

فالتصرف الباطل بطلاناً مطلقاً يعتبر معدوماً لا وجود له ومثله التصرف الذي دريه الصبي غير المميز - كما ذكرنا سلفاً - أما التصرف الباطل بطلاناً نسبياً، فلا يعتبر معدوما بل صحيحاً، كل ما في الأمر أنه قابل للإبطال، ويظل هكذا إلى أن يصحح نهائياً بزوال سبب الإبطال، أو يحكم ببطلانه، فإذا حكم ببطلانه استحال عدما من وقت إبرامه واعتبر أنه لم يقم أصلاً، أي أنه يأخذ هنا حكم التصرف الباطل بطلاناً مطلقاً.

و قابلية العقد للإبطال هنا يكون لمصلحة القاصر، لأن البطلان تقرر لحمايته أما من الأخر كالمشتري في عقد البيع فلا يحق له أن يتمسك بالبطلان، وكذلك لا - المحكمة أن تقضى بالبطلان من تلقاء نفسها.

والذي يطلب البطلان هنا هو الولي أو الوصي على القاصر أما قبل الحكم بالبطلان، فإن التصرف يظل صحيحاً منتجاً لكل آثاره  ولا يبطل سرق إلا بحكم من القاضي أو بالتراضي عليه وعلى ذلك فلا يكفي لإبطال العقد الذي ناقص الأهلية أن يعلن القاصر من جانبه أو أن يعلن وليه، البطلان أو رفض مرة، كما لا يبطل العقد لرفض المحكمة إجازته وكانت الفقرة الثانية من المادة 142 شروع القانون المدني تنص على أنه : "يكفي لإبطال العقد بسبب نقص الأهلية إعلان الأخر بذلك إعلاناً رسمياً يبين فيه سبب البطلان وأدلته، فإذا تم الإعلان على هذا أم أن العقد باطلاً من وقت صدوره".

أن لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ حذفت هذا النص، توخياً لتعميم القواعد ستة يطلب الإبطال، وتجنباً لما يحتمل أن ينشأ عن النص المقترح من صعوبات.

إجازة التصرف القابل للإبطال : 

 يزول حق القاصر في طلب إبطال العقد، إذا أجاز وليه هذا التصرف إذا كان إجراء هذا التصرف قانوناً، أو إذا أجازته المحكمة إذا كان مما يلزم موافقتها سه، أو القاصر نفسه بعد بلوغه سن الرشد على أن طلب القاصر البطلان يسقط إذا رفع الدعوى بطلبه خلال الثلاث السنوات التالية لبلوغه سن الرشد (م 140 مدنی). (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني الصفحة/ 161)

وقد نصت المواد من 110 الى 112 - مدني على أحكام أهلية الإنسان في جميع أدوار حياته : وقد استمدت هذه الأحكام من الشريعة الإسلامية كما كان معمولاً بها قبل صدور التقنين المدني الحالي ، ثم أضاف المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال إلى ذلك أحكاماً أخرى بمناسبة تنظيم الولاية على أموال ناقص الأهلية.

ويؤخذ من مجموع هذه الأحكام أنها تقسم التصرفات ثلاثة أقسام وحياة الإنسان أربعة أدوار. 

أما أقسام التصرفات ، فهی :

1 - تصرفات نافعة نفعاً محضاً ، وهى تصرفات يغتني بها من يباشرها دون أن يدفع مقابلا لذلك، كقبول الهبة أو الوصية أو الاشتراط لمصلحة الغير، وتسمى أعمال الاغتناء.

2 - تصرفات - ضارة ضرراً محضاً وهي تصرفات يفتقر بها حتماً من يباشرها دون أن تأخذ مقابلاً لذلك ، كالإيهاب والإيصاء وتسمى أعمال التبرع.

3 - تصرفات تدور بين النفع والضرر، وهي تصرفات يلتزم بموجبها العاقد ويأخذ مقابلاً لما التزم به ، فتارة يكون هو الرابح ، وتارة يكون هو الخاسر، كالبيع والإجارة والشركة والمبادلة الخ، وتسمى أعمال التصرف، وهي إذا أبرمت بقصد استغلال رأس المال والتصرف في ريعه تسمى أعمال الإدارة .

والعبرة في هذا التقسيم بطبيعة التصرف في ذاته وكونه ینشیء التزامات في ذمة أحد الطرفين فقط أو في ذمة كل منهما .

أما أدوار الحياة فهی :

الدور الأول - قبل الولادة ( الجنين ).

الدور الثاني - من الولادة الى سن التمييز وهي محددة بسبع سنين ميلادية ( المادة 45 فقرة ثانية والمادة 3 مدنی ) ( الصبي غير المميز )

الدور الثالث - من سن التمييز إلى بلوغ الرشد ( الصبي المميز ) ، وكانت الشريعة الإسلامية تعول على البلوغ الطبيعي وتحدد له حداً أقصى سن الخامسة عشرة بشرط أن يبلغ الولد رشيداً ، أي حسن التصرف، والتدبير، وقد نص التقنين المدني الحالي على أن سن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة .

وهذا الدور يشمل ثلاث مراحل إحداهما سابقة على بلوغ الصبي سن السادسة عشرة ، والثانية من بلوغه هذه السن الى الثامنة عشرة والثالثة من بلوغه هذه السن إلى الحادية والعشرين .

الدور الرابع - من سن بلوغ الرشد الى الموت ( البالغ ) .

وعلى أساس هذين التقسيمين تحدد أهلية الإنسان في كل مرحلة من مراحل الحياة كما يأتي :

1- أما الجنين فليست له أهلية أداء مطلقاً ، ولا تقضي الشريعة الإسلامية بتعيين وصي أو ولي له ، وانما تجعل ماله الموقوف، لأجله تحت يد أمين ، ولكن المادة 29 من القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال جعلت للجنين وصياً تقيمه المحكمة حتى لا تضيع الغلات ، ولا تفسد الأملاك التي تثبت له ، وأذن فهذا الوصي هو الذي يباشر حقوق الجنين و يقوم بالتصرفات اللازمة لإدارة أمواله .

2- والصبي غير المميز كذلك ليست له أهلية أداءً مطلقاً ، ولكن له ولياً أو وصياً ينوب عنه في مباشرة جميع الأعمال القانونية في الحدود التي رسمتها القوانين والقواعد الشرعية، وإذا فرض أن باشر الصغير غير المميز أي عمل من الأعمال القانونية، فإن تصرفه يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا يكون له أي أثر ( المادة 110 مدنی).

3 - (أ) والصبي المميز قبل السادسة عشرة له أهلية أداء كاملة بالنسبة إلى أعمال الاغتناء، فان قيل هبة أو وصية كان قبوله صحيحا نافذا ( المادة 111 فقرة أولى ) وليست له أهلية أداءً مطلقاً بالنسبة إلى أعمال التبرع، فإن وهب ماله أو أبرأ مدينه وقع تصرفه باطلاً بطلاناً مطلقاً ( المادة 111 فقرة أولى ) ، أما الأعمال التي تدور بين النفع والضرر فيملك بالنسبة إليها أهلية أداء ناقصة ، ومعنى ذلك طبقاً للشريعة الاسلامية أن الصبي المميز يجوز له أن يباشر هذه الأعمال بأذن وليه أو وصية ، فإن باشرها بغير الأذن توقفت على الإجازة أي أنها لا تكون نافذة ولا تنتج أثراً إلا إذا أجازها الولي أو الوصي، وطبقاً للقانون المدني أن هذه الأعمال يقوم بها الولي او الوصي نيابة عن الصغيرة فإن باشرها الصغير بنفسه كانت باطلة بطلانا نسبيا أي قابلة للإبطال لمصلحته (المادة 111 فقرة ثانية ) فيجوز له في حال حياته أن يباشر طلب الأبطال بواسطة من يمثله قانوناً ، أو أن يباشره بنفسه بعد بلوغه ، وينتقل هذا الحق بعد وفاته إلى وارثه.

ولا يشترط في اعتبار العمل القانوني قابلاً للإبطال في هذه الحالة الاخيرة أن ينطوى على غبن للصغير وتزول قابلية التصرف للإبطال بإجازته من الصغير بعد بلوغه أو من وليه أو وصيه أو من القاضي قبل ذلك على ان يشترط في صحة الإجازة التي تصدر من الولى أو الوصى أن لا يكون التصرف الذي ترد عليه الإجازة منطوياً على غبن فاحش للصغير لأن الولى و الوصى لا يملكان التصرف في مال الصغير بالغبن الفاحش ، فمن باب أولى لا تصح إجازتهما التصرف المنطوي على غبن فاحش.

على أن المادة 61 من قانون الولاية على المال قد زادت في أهلية الصغير المميز في ناحية معينة حيث نصت على أن له أهلية التصرف فيما يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته، ويصح التزامه المتعلق بهذه الأعراض في حدود هذا المال فقط ، أي أنها جعلت الصغير الذى جاوز السابعة أهلية أداء كاملة بالنسبة الى البيع والشراء في حدود المال الذي يسلم إليه لأغراض نفقته.

فإذا بلغ الصبي المميز السادسة عشرة كان له فوق ما تقدم أهلية قبض أجرته وأهلية ادارة ماله الذي كسبه من عمله في المادة 63 من القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بالولاية على المال ، فليس له أن يهب هذا المال ولكن له أن يستثمره وأن يتصرف فيه بالبيع والشراء والقرض والعارية و غيرها وأن يتصرف فيما اشتراه بكسب عمله ولو كان عقاراً غير أن ما يعقده من التزامات على هذا الوجه لا يكون نافذاً في ذمته إلا في حدود كسبه من عمله الخاص دون غيره من أمواله الأخرى ، ومع ذلك فللمحكمة - إذا اقتضت المصلحة - أن تقيد حق القاصر في ماله المذكور ، كما إذا كان القاصر ممثلاً سينمائياً بربح من عمله مالاً كثيراً ويخشى عليه من البيئة التي يعمل فيها أن يبدد هذا المال.

وكذلك نصت المادة 60 من قانون الولاية على المال على أنه إذا أذنت المحكمة في زواج القاصر الذي له مال ، كان ذلك إذناً له في التصرف في المهر والنفقة ما لم تأمر المحكمة بغير ذلك عند الأذن أو في قرار لاحق ، وهي تجعل للقاصر الذي أذن له في الزواج أهلية كاملة في دفع المهر والنفقة ، فلا يحتاج في ذلك الى وليه أو وصيه ولا يكون تصرفه فيهما قابلاً للأبطال .

(ج) فإذا بلغ الصغير الثامنة عشرة جاز أن يؤذن له في تسلم أمواله لإدارتها ( المادة 112 مدني)، فيكون له في هذه الحالة قسط أوفر من الأهلية.

 ويجوز للمحكمة بعد سماع أقوال الوصي أن تأذن القاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها ، وإذا رفضت المحكمة الإذن فلا يجوز تجديد طلبه قبل مضي سنة من تاريخ صدور القرار النهائي بالرفض ( المادة 55 من قانون الولاية على المال ) .

وللولي أن يأذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها ، ويكون ذلك بشهاد لدى الموثق وله أن بسحب هذا الأذن أو يحد منه بأشهاد آخر مع مراعاة حكم المادة 1027) من قانون المرافعات ، أي مع مراعاة شهر الإشهاد الصادر بسلب الأذن أو الحد منه (المادة 54 من قانون الولاية على المال ) .

وللقاصر المأذون أن يباشر أعمال الإدارة، بما في ذلك أعمال الصيانة الضرورية لحفظ الأموال المسلمة إليه، ويدخل في أعمال الإدارة كل عمل من أعمال التصرف تقتضيه هذه الإدارة كبيع الحاصلات وشراء ما يلزم للزراعة ، وله أن يفى وأن يستوفي الديون المترتبة على هذه الأعمال ولكن لا يجوز له أن يؤجر الأراضي الزراعية والمباني لمدة تزيد على سنة ، ولا أن يفى الديون الأخرى ولو كانت ثابتة بحكم واجب النفاذ أو بسند تنفيذي آخر إلا بإذن خاص من المحكمة أو من الوصی فيما يملكه من ذلك ، ولا يجوز للقاصر أن يتصرف في صافي دخله إلا بالقدر اللازم لسد نفقاته ومن تلزمه نفقتهم قانوناً ( المادة 56 من قانون الولاية على المال).

ولا يجوز للقاصر، سواء كان مشمولاً بالولاية أو الوصية، أن يتجر إلا إذا بلغ الثامنة عشرة من عمره وأذنت المحكمة في ذلك إذناً مطلقاً أو مقيداً .

ويعتبر القاصر المأذون له من قبل، وليه أو المحكمة أو نص القانون كامل الأهلية فيما أذن له فيه وفي الثقافي فيه، وأما التصرفات التي لم يؤذن فيها فإنها تكون قابلة للإبطال لمصلحته متى كانت دائرة بين النفع والضرر .

والشخص البالغ الرشيد ، وهو من بلغ 21 سنة ولم بحكم بإستمرار الوصاية عليه ولم يحجر عليه ، تكون له أهلية الأداء بالنسبة الى جميع الأعمال القانونية سواء كانت اقتناء أو إدارة أو تصرفاً أو تبرعاً. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الأول  الصفحة/ 759)

جعلت المادتان 54، 55 من المرسوم بقانون 119 سنة 1952 حق الإذن للقاصر الذي بلغ 18 سنة ، للولى - دون الوصي - على أن يكون ذلك منه بإشهاد موثق، وللمحكمة بعد سماع أقوال الوصي ، وحددت المادة 56 من نفس المرسوم القيود الواردة على سلطات القاصر المأذون في الإدارة. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة / 703 )

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الخامس  ، الصفحة /  36

الإْشْهَادُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إِلَى الصَّغِيرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ:

18 - لِلْفُقَهَاءِ فِي الإْشْهَادِ عَلَى تَسْلِيمِ مَالِ الصَّغِيرِ إِذَا بَلَغَ رَأْيَانِ: الأْوَّلُ: وُجُوبُ الإْشْهَادِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ عَمَلاً بِظَاهِرِ الأْمْرِ فِي قوله تعالي (  فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ) وَلاَ يُصَدَّقُ الدَّافِعُ فِي دَعْوَى رَدِّ مَالِ الصَّغِيرِ حَتَّى يُشْهِدَ.

الثَّانِي: اسْتِحْبَابُ الإْشْهَادِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، لِلاِحْتِيَاطِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْيَتِيمِ وَوَلِيِّ مَالِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَأَمَّا الْيَتِيمُ، فَلأِنَّهُ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ مَا لَيْسَ لَهُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلأِنَّهُ يُبْطِلُ دَعْوَى الْيَتِيمِ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ إِلَيْهِ.

وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِلِ الصَّحِيحِ. وَقَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ طَالَ الزَّمَانُ كَعِشْرِينَ سَنَةً يُقِيمُونَ مَعَهُ وَلاَ يَطْلُبُونَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، لأِنَّ الْعُرْفَ قَبْضُ أَمْوَالِهِمْ إِذَا رَشَدُوا، وَجَعَلَ ابْنُ زَرْبٍ الطُّولَ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي عشر ، الصفحة / 322

تَسْلِيمُ الْمَالِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ:

12 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لاَ يُسَلَّمُ إِلَيْهِ مَالُهُ إِلاَّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ رُشْدِهِ، وَذَلِكَ بِاخْتِبَارِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي التَّصَرُّفَاتِ؛ لقوله تعالي : ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى)  أَيِ اخْتَبِرُوهُمْ، وَاخْتِبَارُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ يَحْصُلُ بِتَفْوِيضِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا أَمْثَالُهُ إِلَيْهِ؛ لِيُتَبَيَّنَ مَدَى إِدْرَاكِهِ وَحُسْنُ تَصَرُّفِهِ .

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (حَجْرٌ).

 وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَمْوَالَ الصَّغِيرِ لاَ تُسَلَّمُ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ رَاشِدًا؛  لأِنَّ  اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ دَفْعَ الْمَالِ إِلَيْهِ عَلَى شَرْطَيْنِ هُمَا الْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ فِي قوله تعالي : ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)،  وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطَيْنِ لاَ يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا، فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ رَشِيدًا مُصْلِحًا لِلْمَالِ، وَجَبَ دَفْعُ مَالِهِ إِلَيْهِ وَفَكُّ الْحَجْرِ عَنْهُ. وَإِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ أَشْهَدَ عِنْدَ الدَّفْعِ .لقوله تعالي  فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السابع عشر ، الصفحة / 88 

الْبُلُوغُ:

الْبُلُوغُ انْتِهَاءُ فَتْرَةِ الصِّغَرِ وَالدُّخُولُ فِي حَدِّ الْكِبَرِ وَلَهُ أَمَارَاتٌ طَبِيعِيَّةٌ إِنْ تَحَقَّقَتْ حُكِمَ بِهِ وَإِلاَّ فَيُرْجَعُ لِلسِّنِّ عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلاَفٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (بُلُوغٌ).

ب - الرُّشْدُ:

الرُّشْدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) هُوَ الصَّلاَحُ فِي الْمَالِ فَقَطْ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلآْيَةِ السَّابِقَةِ.

وَمَنْ كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ رُشْدٌ، وَلأِنَّ  الْعَدَالَةَ لاَ تُعْتَبَرُ فِي الرُّشْدِ فِي الدَّوَامِ. فَلاَ تُعْتَبَرُ فِي الاِبْتِدَاءِ كَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلأِنَّ  هَذَا مُصْلِحٌ لِمَالِهِ فَأَشْبَهَ الْعَدْلَ، يُحَقِّقُهُ: أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ لِحِفْظِ مَالِهِ عَلَيْهِ، فَالْمُؤَثِّرُ فِيهِ مَا أَثَّرَ فِي تَضْيِيعِ الْمَالِ أَوْ حِفْظِهِ.

وَلَوْ كَانَ الرُّشْدُ صَلاَحَ الدِّينِ فَالْحَجْرُ عَلَى الْكَافِرِ أَوْلَى مِنَ الْحَجْرِ عَلَى الْفَاسِقِ.

ثُمَّ إِنْ كَانَ الْفَاسِقُ يُنْفِقُ أَمْوَالَهُ فِي الْمَعَاصِي كَشِرَاءِ الْخَمْرِ وَآلاَتِ اللَّهْوِ أَوْ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْفَسَادِ فَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ لِتَبْذِيرِهِ لِمَالِهِ وَتَضْيِيعِهِ إِيَّاهُ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ عَلَى الْخِلاَفِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْكَذِبِ وَمَنْعِ الزَّكَاةِ وَإِضَاعَةِ الصَّلاَةِ مَعَ حِفْظِهِ لِمَالِهِ دُفِعَ مَالُهُ إِلَيْهِ، لأِنَّ  الْمَقْصُودَ بِالْحَجْرِ حِفْظُ الْمَالِ، وَمَالُهُ مَحْفُوظٌ بِدُونِ الْحَجْرِ، وَلِذَلِكَ لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ عَلَيْهِ بَعْدَ دَفْعِ مَالِهِ إِلَيْهِ لَمْ يُنْزَعْ .

وَالأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الرُّشْدَ الصَّلاَحُ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ جَمِيعًا.

 وَالآْيَةُ عِنْدَهُمْ عَامَّةٌ لأِنَّ  كَلِمَةَ «رُشْدًا» نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ الْمَالَ وَالدِّينَ، فَالرَّشِيدُ هُوَ مَنْ لاَ يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَلاَ يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ، أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ، أَوْ إِنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ .

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ «رُشْدًا» فِي الآْيَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: صَلاَحًا فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَالثَّوْرِيُّ: صَلاَحًا فِي الْعَقْلِ وَحِفْظُ الْمَالِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْخُذُ بِلِحْيَتِهِ وَمَا بَلَغَ رُشْدَهُ. فَلاَ يُدْفَعُ إِلَى الْيَتِيمِ مَالُهُ وَلَوْ صَارَ شَيْخًا حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدُهُ.

وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ: لاَ يُعْطَى الْيَتِيمُ وَإِنْ بَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ إِصْلاَحُ مَالِهِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رُشْدًا يَعْنِي فِي الْعَقْلِ خَاصَّةً.

وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرُّشْدَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَعَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْشُدْ بَعْدَ بُلُوغِ الْحُلُمِ وَإِنْ شَاخَ لاَ يَزُولُ الْحَجْرُ عَنْهُ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / السادس والثلاوثون  ، الصفحة /  7

مَأْذُونٌ

التَّعْرِيفُ :

1 - الْمَأْذُونُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَذِنَ، يُقَالُ: أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ: أَيْ أَبَاحَهُ لَهُ.

وَالاِسْمُ: الإْذْنُ، وَيَكُونُ الأْمْرُ إِذْنًا، وَكَذَا الإْرَادَةُ، نَحْوُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَذِنْتُ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ.

وَالْفُقَهَاءُ يَحْذِفُونَ الصِّلَةَ تَخْفِيفًا، فَيَقُولُونَ: الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، لِفَهْمِ الْمَعْنَى.

وَتَأْتِي أَذِنَ بِمَعْنَى: عَلِمَ، عَلَى مِثْلِ قوله تعالي :(فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ).

وَبِمَعْنَى اسْتَمَعَ كَمَا فِي قوله تعالي :(وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ).

وَالْمَأْذُونُ اصْطِلاَحًا: هُوَ الَّذِي فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، وَأُذِنَ لِلتِّجَارَةِ، وَأُطْلِقَ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ مَوْلاَهُ إِنْ كَانَ عَبْدًا، وَمِنْ وَلِيِّهِ إِنْ كَانَ صَغِيرًا.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :

الْمَحْجُورُ :

2 - الْمَحْجُورُ لُغَةً وَاصْطِلاَحًا: هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْ نَفَاذِ التَّصَرُّفِ

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَأْذُونِ وَالْمَحْجُورِ التَّضَادُّ.

حُكْمُ الإْذْنِ لِلْمَأْذُونِ :

3 - الإْذْنُ بِالتَّصَرُّفِ لِلْمَأْذُونِ جَائِزٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِذَا قَامَ مُبَرِّرٌ لِذَلِكَ كَالْقَاصِرِ إِذَا قَارَبَ الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يُؤْذَنُ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ.

وَالأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الإْذْنُ لَهُ بِالتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّى وَلِيُّهُ الْعَقْدَ.

شُرُوطُ الْمَأْذُونِ لَهُ

4 - لِلْمَأْذُونِ لَهُ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ، مِنْهَا: التَّمْيِيزُ، وَإِينَاسُ الْخِبْرَةِ فِي التِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ.

وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صِغَرٌ ف 39).

تَقَيُّدُ الإْذْنِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِيَّةِ التَّصَرُّفِ :

5 - الإْذْنُ لِلصَّغِيرِ قَدْ يَكُونُ عَامًّا فِي كُلِّ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِأَنْ يَكُونَ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، لاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ.

فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الإْذْنَ إِنْ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، أَوْ لَمْ يُحَدَّدْ بِوَقْتٍ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الأْنْوَاعِ وَتَوَابِعِهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ رَهْنٍ وَإِعَارَةٍ.

وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فِي نَوْعٍ مِنَ التِّجَارَةِ، أَوْ حُدِّدَ الإْذْنُ بِوَقْتٍ - كَشَهْرٍ أَوْ عِدَّةِ أَشْهُرٍ - فَإِنَّ الإْذْنَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَتَوَابِعِهَا وَضَرُورَاتِهَا، فَيَنْقَلِبُ الإْذْنُ الْخَاصُّ عَامًّا، وَلاَ يَتَحَدَّدُ بِنَوْعٍ مِنَ التِّجَارَاتِ، وَلاَ بِوَقْتٍ، بَلْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ وَنَهَاهُ عَنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنِ الصَّغِيرُ مُلْزَمًا بِهَذَا النَّهْيِ، وَكَانَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ الْوَلِيُّ خِلاَفًا لِزُفَرَ.

وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عِنْدَ الإْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُجَوِّزِ الصَّاحِبَانِ ذَلِكَ، وَجَوَّزَاهُ فِي الْغَبْنِ الْيَسِيرِ الْمُحْتَمَلِ عَادَةً.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الإْذْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ، وَأَنَّ هَذَا الإْذْنَ لاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ اخْتِبَارًا وَتَمْرِينًا لِلصَّغِيرِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الصَّبِيِّ مِقْدَارًا مَحْدُودًا وَقَلِيلاً مِنَ الْمَالِ، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهَذَا الْمَبْلَغِ، وَلَكِنْ حَتَّى بَعْدَ هَذَا الإْذْنِ، فَلَنْ يَكُونَ عَقْدُ الصَّغِيرِ لاَزِمًا نَافِذًا، بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ وَجْهَانِ فِي وَقْتِ اخْتِبَارِ الصَّبِيِّ، أَحَدُهُمَا: بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَأَصَحُّهُمَا قَبْلَهُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اخْتِبَارِهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُدْفَعُ إِلَيْهِ قَدْرٌ مِنَ الْمَالِ، وَيُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُسَاوَمَةِ، فَإِذَا آلَ الأْمْرُ إِلَى الْعَقْدِ عَقَدَ الْوَلِيُّ، وَالثَّانِي: يَعْقِدُ الصَّبِيُّ وَيَصِحُّ مِنْهُ هَذَا الْعَقْدُ لِلْحَاجَةِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الإْذْنَ مَحَلُّ اعْتِبَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يُمَارِسَ التِّجَارَةَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا الْتَزَمَ الصَّغِيرُ بِهِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَعَلَى الصَّغِيرِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَا حَدَّدَهُ لَهُ الْوَلِيُّ قَدْرًا وَنَوْعًا، فَإِذَا حَدَّدَ لَهُ الاِتِّجَارَ فِي نَوْعٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ، أَوْ مَبْلَغًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذْنًا مُطْلَقًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي غَيْرِهَا مِنْ وَكَالَةٍ أَوْ تَوْكِيلٍ، أَوْ رَهْنٍ أَوْ إِعَارَةٍ.

مَنْ لَهُ حَقُّ الإْذْنِ :

6 - حَقُّ الإْذْنِ بِالتَّصَرُّفِ لِلْمَأْذُونِ يَكُونُ لِمَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَنْهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ، وَالْوَصِيُّ، وَالْقَاضِي، وَذَلِكَ بِشُرُوطٍ وَضَوَابِطَ بَيَّنَهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاضِعِهَا.

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (إِذْنٌ ف 27، وَلِيٌّ، وَصِيٌّ).

تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ

7 - تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ تَعْتَرِيهَا حَالاَتٌ ثَلاَثٌ: فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَافِعَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ضَارَّةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَأَرْجِحَةً بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ.

وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بَعْضُهَا تَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَبَعْضُهَا لاَ تَصِحُّ وَلَوْ بِالإْذْنِ، وَبَعْضُهَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ.

أ - فَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَكُونُ نَافِعَةً لِلصَّغِيرِ، وَلاَ تَحْتَمِلُ الضَّرَرَ: مِنْ تَمَلُّكِ مَالٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ دُونَ مُقَابِلٍ، لاَ تَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غَيْرَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ: أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ قَالُوا بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ، وَأَنْ يَقْبِضَهَا، وَيَمْلِكَهَا بِقَبْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ.

وَلَمَّا كَانَ قَبُولُ الْهِبَةِ وَقَبْضُهَا نَفْعًا مَحْضًا لاَ يَشُوبُهُ ضَرَرٌ، صَحَّ مِنَ الصَّبِيِّ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ، لأِجْلِ مَصْلَحَتِهِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصَّبِيَّ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَلاَ يَقْبِضُهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا بِهَذَا الْقَبْضِ؛ لإِِبْطَالِهِمْ سَائِرَ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ؛ لأِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَقْدَ هِبَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ أَهْلاً لإِِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَإِنْ تَمَحَّضَ نَفْعًا.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الصَّغِيرَ يَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ وَقَبْضُهَا، إِذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ وَلاَ قَبْضُهُ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ، وَلاَ بُدَّ لِمَنْ يَقْبَلُ أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لإِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلاً لِذَلِكَ إِلاَّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ.

وَلأِنَّهُ بِالْقَبْضِ يَصِيرُ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَالِ، وَهُنَاكَ احْتِمَالُ تَضْيِيعِهِ أَوِ التَّفْرِيطِ فِي حِفْظِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ عَنْهُ وَيُمْنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بِالإْذْنِ، فَإِنَّ الاِحْتِمَالَ هَذَا مَدْفُوعٌ.

ب - أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الضَّارَّةُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى ضَرَرٍ مَحْضٍ، وَلاَ تَحْتَمِلُ النَّفْعَ كَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْقَرْضِ، فَلاَ تَصِحُّ مِنَ الصَّغِيرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ.

 وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأِنَّ الْوَلِيَّ لاَ يَمْلِكُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، فَلاَ يَمْلِكُ الإْذْنَ بِهَا.

أَمَّا الْوَصِيَّةُ، وَالصُّلْحُ، وَالإْعَارَةُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جِوَازِهَا نَظَرًا لِمَا رَأَوْهُ فِيهَا مِنْ نَفْعٍ أَوْ ضَرَرٍ.

ج - أَمَّا تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْلَ إِذْنِ الْوَلِيِّ، أَوْ بَعْدَ إِذْنِهِ، فَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الإْذْنِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا، وَيَكُونُ نَفَاذُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ، إِنْ أَجَازَهُ لَزِمَ، وَإِنْ رَدَّهُ فُسِخَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ: أَنَّ عِبَارَةَ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ صَحِيحَةٌ؛ لأِنَّهُ قَاصِدٌ لَهَا، فَاهِمٌ لِمَعْنَاهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَلاَ مَعْنَى لإِلْغَائِهَا، وَلأِنَّ فِي تَصْحِيحِ عِبَارَتِهِ تَعْوِيدًا لَهُ عَلَى التِّجَارَةِ، وَمِرَانًا وَاخْتِبَارًا لِمَدَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ إِدْرَاكٍ، مِمَّا يُسَهِّلُ الْحُكْمَ بِرُشْدِهِ، أَوْ عَدَمِ رُشْدِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي رِوَايَةٍ - إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِدُونِ إِذْنِ وَلِيِّهِ؛ لأِنَّ عِبَارَتَهُ مُلْغَاةٌ، فَلاَ تَصِحُّ بِهَا الْعُقُودُ، وَلأِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَالسَّفِيهِ، وَلأِنَّ فِي تَصْحِيحِ تَصَرُّفِهِ ضَيَاعًا لِمَالِهِ، وَضَرَرًا عَلَيْهِ؛ لأِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ، فَلاَ يَصِحُّ مِنْهُ.

أَمَّا تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الإْذْنِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ.

فَالْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: يَرَوْنَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ نَافِذٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ) وَالاِبْتِلاَءُ يَكُونُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلأِنَّ الصَّبِيَّ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ، فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، كَمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ إِذْنُهُ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الإِْذْنِ، كَمَا لَمْ يَصِحَّ قَبْلَ الإْذْنِ؛ لِقَوْلِهِ تعالي: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ»، فَلَوْ صَحَّ بَيْعُهُ لَزِمَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ مِنْ عُهْدَةٍ، وَالْحَدِيثُ يَنْفِي الْتِزَامَ الصَّبِيِّ بِأَيِّ شَيْءٍ، فَالْقَوْلُ بِصِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ يَتَنَافَى مَعَ الْحَدِيثِ، فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَصِحُّ مِنَ الْمَأْذُونِ لِلْحَاجَةِ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَبِيعَ أَوِ الثَّمَنَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ.

تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْمَأْذُونِ :

8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ السَّفِيهَ الْمَأْذُونَ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ هَذَا.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْعَقْدِ.

وَفِي الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لِلأْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْوَجْهِ الآْخَرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَصِحُّ عَقْدُهُ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سَفَهٌ ف 26 وَمَا بَعْدَهَا).

________________________________________________________________

مجلة الأحكام العدلية

مادة (968) الإذن بالتجارة لأجل التجارة

للولي أن يسلّم الصغير المميّز مقداراً من ماله ويأذن له بالتجارة لأجل التجربة فإذا تحقق رشده دفع وسلم إليه باقي أمواله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 178)
الصبي أو العبد المأذون له بالتجارة تصح عقود بيعه وشرائه وتوكيله غيره بالبيع والشراء وإجارته واستئجاره ومزارعته ومساقاته ورهنه وارتهانه ويجوز إقراره بدين أو عين لم تقبل شهادته له أو عارية أو وديعة وحطه من الثمن بعيب قدر ما يحط التجار وتجوز له المحاباة وتأجيل الدين والصلح عن دين له على بعضه إن لم تكن له بينة وليس له أن يقرض ولا يهب ولا يكفل عن غيره.