مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 64
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - ينطبق هذا النص على جميع عقود المزايدات وبوجه خاص على البيوع والإيجارات التي تجرى بطريق المزايدة وهو يحسم خلافاً طال عهد الفقه به فافتتاح المزايدة على الثمن، ليس في منطق النص إلا دعوة للتقدم بالعطاءات، والتقدم بالعطاء هو الإيجاب أما القبول فلا يتم إلا برسو المزاد وقد أعرض المشروع عن المذهب الذي يرى في افتتاح المزايدة على الثمن إيجابياً وفي التقدم بالعطاء قبولاً.
2 - ويراعى أن العطاء الذي تلحق به صفة القبول، وفقاً لحكم النص، يسقط بعطاء يزيد عليه حتى لو كان هذا العطاء باطلاً، أو قابلاً للبطلان، بل ولو رفض فيما بعد ويسقط كذلك إذا أقفل المزاد دون أن يرسو على أحد، وليس في ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة، فما دام التقدم بالعطاء هو الإيجاب فهو يسقط إذا لم يصادفه القبول قبل انقضاء الميعاد المحدد. أما الميعاد في هذا الفرض فيحدد اقتضاء من دلالة ظروف الحال، و من نية المتعاقدين الضمنية، وهو ينقضي بلا شك عند التقدم بعطاء أكبر، أو بإقفال المزاد دون أن يرسو على أحد.
3- وقد أخذ القضاء المصري بالمذهب الذي اتبعه المشروع، فاعتبر التقدم بالعطاء إيجاباً لا قبولاً، ورتب على ذلك جواز العدول عنه. ومن هذا ما قضت به محكمة استئناف مصر الأهلية، إذ حكمت بأن العطاء الذي يتقدم به شخص في بيع يجرى بالمزاد العلني أمام المجلس الحسبي، تم يعدل عنه قبل موافقة المجلس، يعتبر إيجاباً يجب أن يتعلق به قبول المجلس، ويجوز على ذلك العدول عنه قبل القبول ( استئناف مصر 9 يونيه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 281 ص 544 ).
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 144 من المشروع .
واقترح أن تضاف عبارة ( ولو كان باطلاً ) بعد عبارة ( عطاء يزيد عليه ) . فوافقت اللجنة على ذلك وأصبحت المادة في صيغتها النهائية :
لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد . ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلاً أو إقفال المزاد دون أن يرسو على أحد.
وأصبح رقم المادة 101 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 101.
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني:
محضر الجلسة الرابعة
تليت المادة 101 وهي الخاصة بتمام العقد في المزايدات فتساءل حضرة الشيخ المحترم أحمد رمزي بك عن معنى إقفال المزاد فقال له سعادة الرئيس إن معنى إقفال المزاد انتهائه دون رسوه على أحد وأرجو أن تفرقوا حضراتكم بين حالتين : العطاء الأخير في المزايدات وإرساء المزاد . الأول ليس إرساء وإنما الإرساء هو قبول آخر عطاء أقول أرسيت عليه أي أعطيته ولكن إذا أعطيت سعراً أعلى فهذا لا يعتبر إرساء وعلى ذلك فلا معنى لوجود العبارة الأخيرة الواردة في المادة وهي أو بإقفال المزاد دون أن يرسو على أحد، وأعتقد أنه يحسن حذف هذه العبارة.
وقد تساءل بعض حضرات الأعضاء عن حكم المزايدات التي يشترط في إعلانها أن لصاحب الشأن فيها الحق في رفض أو قبول أي عطاء يقدم فيها وعن المزايدات الحكومية التي تحتاج إلى تصدیق طبقاً للقواعد المالية فأجاب عبده محرم بك بأنه لا يمكن إرساء المزاد إلا بعد التصديق عليه إذ التصديق هو القبول بالإرساء ممن يملكه. هذا بالنسبة للحالة الأولى، أما بالنسبة للحالة الثانية فإن إرساء المراد لا يتم إلا باستعمال حق الخيار المشروط في الإعلان، وقد تساءل أيضاً حضرة الشيخ المحترم الأستاذ حسن عبد القادر كيف يكون المزاد باطلاً فرد عبده بك محرم على ذلك كما لو زاید قاصر أو معتوه بأكثر من المزاد الأول فيسقط هذا الأخير، وبعد مناقشة يسيرة أخذ الرأى على المادة .
قرار اللجنة:
وافقت اللجنة على المادة مع حذف عبارة أو بإقفال المزاد دون أن يرسو على أحد.
تقرير اللجنة:
حذفت اللجنة عبارة، أو بإقفال المزاد دون أن يرسو على أحد، التي تختم هذه المادة وقد راعت في ذلك أن الإرساء هو الذي يتم به العقد فإيراد العبارة يكون مجرد تزيد قد يحمل على محمل آخر.
وأصبح رقم المادة 99.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1 ـ النص فى المادة 99 من القانون المدنى على أن " لا يتم العقد فى المزايدات إلا برسو المزاد ...... " مفاده أن العقد فى المزايدات ينعقد كأصل عام بإيجاب من المزايد هو العطاء الذى يتقدم به و قبول من الجهة صاحبة المزاد يتم برسو المزاد ، إلا أنه إذا تضمنت شروط المزاد أحكاماً خاصة فى هذا الشأن فإن هذه الأحكام هى التى يجب الرجوع إليها بإعتبارها قانون المتعاقدين .
(الطعن رقم 1293 لسنة 54 جلسة 1986/03/16 س 37 ع 1 ص 333 ق 73)
2 ـ إنه و إن كان تقديم عطاء يزيد على العطاء السابق عليه يترتب عليه طبقا للمادة 99 من القانون المدنى سقوط العطاء الأقل إلا أنه لا يترتب عليه إنعقاد العقد بين مقدم العطاء الأعلى و بين الداعى للمزايدة لأن التقدم بالعطاء و لو كان يزيد على غيره من العطاءات ليس إلا إيجابا من صاحب هذا العطاء فلابد من لإنعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزاد عليه ممن يملكه ، و لما كان هذا القبول لم يصدر من المطعون ضده وقام بإخطار الطاعن برفض عطائه ، فإن عقدا ما لا يكون قد إنعقد بينهما .
(الطعن رقم 569 لسنة 34 جلسة 1969/06/12 س 20 ع 2 ص 957 ق 152)
3 ـ تنص المادة 99 من القانون المدنى على أنه " لا يتم العقد فى المزايدات إلا برسو المزاد " ومفاد ذلك أن إفتتاح المزايدة ولو على أساس سعر معين لا يعتبر إيجابا وإنما الايجاب يكون من جانب المزايد بالتقدم بالعطاء ، أما القبول فلا يتم إلا بإرساء المزاد .
(الطعن رقم 112 لسنة 29 جلسة 1964/01/09 س 15 ع 1 ص 68 ق 13)
4 ـ طرح مناقصة توريد أشياء على أساس الشروط الوارده فى قائمة الاشتراطات لا يعتبر إيجاباً فى صحيح القانون إنما هو مجرد دعوة إلى التعاقد ، أما الإيجاب فهو ما يصدر ممن تقدم بعطائه بالشروط المبينة فيه ، و يتم القبول بالموافقة على العطاء متى صدرت هذه الموافقة ممن يملكها.
(الطعن رقم 105 لسنة 50 جلسة 1985/01/07 س 36 ع 1 ص 84 ق 22)
5 ـ إن مفاد نص المادة 99 من القانون المدني أن العقد فى المزايدات ينعقد كأصل عام بإيجاب من المزايد هو العطاء الذي يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة المزاد يتم برسو المزاد, إلا أنه إذا تضمنت شروط المزاد أحكاماً خاصة فى هذا الشأن فإن هذه الأحكام هي التي يجب الرجوع إليها باعتبارها قانون المتعاقدين ومن ثم فإنه إذا كان العقد معلقاً بموجب قائمة المزاد أو القوانين أو اللوائح على تصديق جهة معينة فإنه لا يتم إلا بهذا التصديق وإلا انقضى العقد برفضه.
(الطعن رقم 9799 لسنة 66 جلسة 1998/03/02 س 49 ع 1 ص 212 ق 52)
6 ـ إنه و إن كان حكم مرسى المزاد لا يعد حكماً بالمعنى الصحيح ، إذ لا يفصل فى خصومه ، إلا أن المشرع أجاز الطعن فيه بطريق الإستئناف فى حالات أوردها على سبيل الحصر فى المادة 1/451 من قانون المرافعات . و إذ كان إعفاء طالب البيع من إيداع الثمن الراسى به المزاد عليه ليس من الحالات المنصوص عليها فى تلك المادة . إذ أن هذا الإعفاء لا يعتبر عيباً فى إجراءات المزايدة ، بل هو رخصة قررها المشرع لقاضى البيوع فى المادة 442 من قانون المرافعات يعفى بمقتضاها الراسى عليه المزاد من إيداع الثمن خزانة المحكمة ، مراعاة لمقدار دينه و مرتبته ، دون أن تبرأ ذمته نهائياً من الإلتزام رفع الثمن أو ما تبقى منه فى ذمته ، و من ثم ، فإذا إمتنع عن دفع ما تظهره التصفية النهائية لما تبقى فى ذمته من الثمن ، أعيد البيع على مسئوليته بإعتباره متخلفاً . إذ كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر ، فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 485 لسنة 40 جلسة 1975/01/29 س 26 ع 1 ص 292 ق 63)
7 ـ طرح وزارة الزراعة مناقصة توريد مادة على أساس الشروط الواردة فى قائمة الإشتراطات لا يعتبر قانوناً إيجاباً منها و إنما هو مجرد دعوة إلى التعاقد أما الإيجاب فهو يصدر ممن يتقدم بعطائه بالشروط المبينه فيه ، فإذا كانت الوزارة " الطاعنة " قد قبلت هذا الإيجاب الصادر من المطعون ضده بغير تحفظ ببرقية نوهت فيها بأن " التفصيل بالبريد " فإن هذا التنويه لا يمنع من إنعقاد العقد على أساس الإيجاب المذكور ما دام الخطاب المتضمن هذ التفصيل لم يصل إلى المطعون ضده قبل وصول البرقية .
(الطعن رقم 32 لسنة 31 جلسة 1966/03/28 س 17 ع 2 ص 730 ق 99)
التعاقد في المزايدات :
ينصرف النص الى جميع التصرفات التي تتم بطريق المزاد، فقد يكون التصرف ترخيصاً باستغلال مال عام مثل كبائن الاستحمام والكازينوهات التي تقام على شاطئ البحر وأكشاك البيع التي تقام بالطرق العامة أو بداخل الحرم الجامعي والمستودعات المقامة داخل المنطقة الجمركية وما الى ذلك، وقد يكون التصرف إيجاراً وارداً على محل لا يخضع لقانون إيجار الأماكن كالأرض الفضاء والمنقول أما الأعيان التي تخضع للقانون الأخير فإن أجرتها يجب تقديرها وفقاً لأحكام قانون إيجار الأماكن ذات الإتصال الوثيق بالنظام العام فيقع باطلاً بطلاناً مطلقاً التقدير الذي يتم بالمزاد ويبقى العقد صحيحاً ويعاد التقدير وفقاً لأحكام هذا القانون.
وقد يكون التصرف بيعاً، فإما أن يكون بيعاً جبرياً وهذا نحيل في شأنه إلى بند البيع الجبري، بالتعليق على المادة 418. وإما أن يكون بيعاً اختيارياً، فيدعو البائع من يرغب في الشراء لإجراء مزايدة على ثمن الشئ المعروض للبيع، وقد يحدد البائع ثمناً لبدء المزاد وقد يترك ذلك، وهذا التصرف الذي يدعو به البائع لإجراء المزايدة لا يعد إيجاباً حتى لو حدد ثمناً وشروطاً للبيع، وإنما هو دعوة للتعاقد، فيصدر الإيجاب من المشتري ولا ينعقد البيع معه إلا إذا صدر قبول من القائم بالبيع وقد يكون هو البائع نفسه أو وكيلاً عنه وكالة ثابتة بسند أو غير ثابتة فيكفى المشتري لإثبات البيع أن يثبت إجراءات المزايدة بكافة طرق الإثبات حتى لو كانت قيمة المبيع تجاوز نصاب البينة لما تعارف عليه الناس في هذا النوع من البيوع.
ومتی صدر القبول، فلا يجوز للقائم بالبيع الرجوع فيه ولا إعادة المزاد إلا إذا قبل المشترى ذلك، إذ يعتبر ذلك تقابلاً للبيع.
وإذا صدر عطاء، فيظل معلقاً حتى يصل عطاء آخر بثمن أعلى وحينئذ يسقط العطاء الأول حتماً ولو تبين العطاء الأخير كما لو صار من شخص لا يجوز له التعامل في المبيع كما لو كان قاضياً أو محامياً أو غيرهم مما حظر عليهم القانون في الشئ المتنازع عليه، أو كمان صاحب العطاء الأخير ناقص الأهلية مما يترتب عليه قابلية البيع للإبطال وسواء أبطل العطاء الأخير أو لم يبطل، فإن العطاء السابق عليه يسقط حتماً. فإن لم يصدر عطاء لاحق، وأرسى القائم بالبيع المزاد تم العقد بهذا القبول، أما إن رفض إرساء المزاد، فإن العقد لا يتم، ولكن يجب أن يتوافر السبب المشروع لرفض إرساء المزاد وإلا كان البائع مسئولاً إن كان هو مباشر الإجراءات أو غيره هو الذي باشرها باعتبار هذا الغير وكيلاً عنه فيسأل عن أعمال وكيله تقصيرية أساسها إساءة استعمال رخصة، الرفض، وقد يجبر القاضى البائع على تنفيذ التزامه عیناً بإبرام العقد وحينئذ يقوم الحكم مقام العقد، قد يكتفي بالتعويض النقدي فيقدره بقدر ما فات المشترك من کسب .
والمزاد قد يكون فيجتمع المزايدون ويعلن كل منهم الثمن الذي يريد الشراء به واحداً تلو الآخر، ويجوز لأي مزايد أن يتقدم بأكثر من عطاء يتلو كل منها عطاء من الغير فيزايد على هذا الغير، وقد يكون المزاد عن طريق مظاريف ملفقة، فيتقدم كل مزايد بعطائه داخل مظروف مغلق ويحدد وقت لفتح المظاريف يحضره صاحب كل عطاء، ولا يتم البيع إلا بعد صدور قبول من القائم بالبيع.
ويجوز للبائع أن يشترط أن له الحق في قبول أو رفض أي إعطاء وحينئذ لا يسأل عن رفض أي عطاء حتى لو كان الثمن الوارد به أعلى من العطاء الذي قبله البائع، كما له رفض جميع العطاءات دون إبداء أسباب متى اشترط ذلك ودون حاجة لتوافر السبب المشروع لهذا الرفض ويشبه البيع بالممارسة. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني الصفحة/ 405)
المقصود بالمزايدة :
يقصد بالمزايدة، الأحوال التي يتم فيها التعاقد بطريق المزايدة على خلاف الغالب موقع الحياة من أن يتم التعاقد بطريق الممارسة.
ويستوي أن يكون القانون قد تم التعاقد بالمزايدة كما هو الشأن في بيع أو إيجار الاموال الخاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، وفي بيع أموال المدين علي إثر التنفيذ الجبري عليها نتيجة عدم وفائه بديونه، أم التجأ إليها المتعاقدان طوعاً منهما واختياراً، كما إذا نظم شخص مزادا يجريه بنفسه، أو بوساطة آخر ينوب عنه في إجرائه لبيع منقولاته أو عقاراته أو تأجيرها .
- الإيجاب في البيع بالمزايدة:
لا يعتبر الإعداد للمزايدة وافتتاحها إيجابا فهما لا يعدوان أن يكوناً مجرد دعوة إلي التعاقد فإن لبيت تلك الدعوة، بأن تقدم شخص إلى المزاد وأدلي بعطائه فيه، كان عطاؤه هذا هو الإيجاب.
وافتتاح المزايدة ولو كان على أساس سعر معين لا يعتبر إيجاباً، وإنما الإيجاب يكون من جانب المزايد بالتقدم بالعطاء كالقاعدة العامة.
اعتبار التقدم بالعطاء إيجاباً ولو كان مصحوباً بتأمين:
يعتبر التقدم بالعطاء إيجابا، ولو كان مصحوباً بتأمين تقدم به صاحبه وأخذه منه مجرى المزاد، لأن التأمين يعتبر شرطاً للتقدم بالعطاء. ولا يعتبر أخذه قبولاً ينعقد به العقد.
القبول في المزايدة :
ذكرنا سلفاً أن التقدم بعطاء هو الإيجاب. ويبقى صاحبه ملتزماً به إلى حين تقدم مزايد آخر بعطاء أفضل، إلى أن يقفل المزاد دون أن يرسى على أحد إذا كان عطاؤه هو الأفضل، ما لم يتفق المتعاقدان على عدم سقوط الإيجاب بإقفال المزاد.
ويسقط العطاء بعطاء آخر يزيد عليه، حتى لو وقع العطاء الجديد باطلاً، كالعطاء الذي يتقدم به قاض أو محام بشأن حق متنازع فيه، إذا كان الاختصاص بنظر هذا النزاع يدخل في ولاية المحكمة التي يعمل في دائرتها (م 471 مدنی)، أو العطاء الذي يتقدم به عديم الأهلية، أو كان ذلك العطاء قابلاً للإبطال كما إذا كان مقدم العطاء ناقص الأهلية.
وكذلك إذا رفض ذلك العطاء فيما بعد.
وهذا يتمشى مع قصد المتعاقدين، فمن يتقدم بعطائه دون تحفظ يريد بذلك بالضرورة أن يبقى عطاؤه قائماً ويظل ملتزماً به إلى أن يتقدم متزايد آخر بعطاء يفوقه.
وإذا كان العطاء الذي تقدم به المتزايد هو الأفضل، بمعنى أنه لم يتقدم آخر بعطاء يفوقه بقي عطاء الوحيد الذي يتضمن إيجاباً قائماً بنظر القبول.
ولا يتم القبول هنا بمجرد إقفال باب المزاد، بل بتقرير إرسائه علی صاحب العطاء- فمن الجائز أن يرفض العطاء الأخير، وهنا يقفل المزاد، دون أن يكون قد أرسي علي أحد، فلا ينعقد العقد، اعتباراً بأن الإيجاب لم يلحقه قبول.
الحق في رفض العطاء
يجوز للداعي للمزاد اشتراط تخويله الحق في قبول أو رفض العطاء دون إبداء الأسباب، وفي هذه الحالة يكون مقدم العطاء ملزما بهذا الشرط، ويجوز للداعى للمزاد رفض الإيجاب ولو كان العطاء المقدم هو أكبر العطاءات ولا يجوز لمقدم العطاء الرجوع عليه بشيء غير أنه يشترط أن يكون مقدم العطاء قد علم بهذا الشرط أو كان في مكنته العلم به.
وإذا لم يكن هناك شرط على حق الداعي للمزاد في قبول العطاء أو رفضه دون إبداء الأسباب، علم به مقدم العطاء أو كان بوسعه العلم به. فإنه يكون للداعي إلى المزاد أيضا الخيار في قبول العطاء أو رفضه. بيد أنه إذا اتضح من الظروف أن وإذا كان العطاء الذي تقدم به المتزايد هو الأفضل، بمعنى أنه لم يتقدم آخر بعطاء يفوقه بقي العطاء الوحيد الذي يتضمن إيجابا قائما بنظر القبول.
ولا يتم القبول هنا بمجرد إقفال باب المزاد، بل بتقرير إرسائه على صاحب العطاء فمن الجائز أن يرفض العطاء الأخير، وهنا يقفل المزاد، دون أن يكون قد أرسي علي أحد، فلا ينعقد العقد، اعتباراً بأن الإيجاب لم يلحقه قبول.
الالتزام بالشروط الواردة بقائمة شروط المزاد :
يجوز أن تتضمن قائمة شروط المزاد شروطاً خاصة، وفي هذه الحالة يجب رجوع إليها باعتبارها قانون المتعاقدين. طالما كان مقدم العطاء عالماً بها وموافقاً عليها .
وكما يجوز للمتعاقدين وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 147 مدنى تعديل العقد باتفاقهما، فإنه يجوز أيضاً لكل من صاحب الدعوة إلى التعاقد بطريق المزاد بعد الإعلان عن شروطه عن شروطه، وللمتقدمين بالعطاءات.
حالة اشتراط المصادقة على إنشاء المزاد من شخص معين:
إذا كان من مقتضى شروط المزاد وجوب المصادقة على إرسائه من شخص معين أو من هيئة معينة. كما هي الحال في بيع وإيجار أموال الدولة، فإن المزاد لا يعتبر أنه قد أرسى إلا إذا حصل ذلك التصديق على أنه إذا حصل التصديق على إرساء المزاد عند لزومه، اعتبر العقد منعقداً من تاريخ رسو المزاد، وبمعنى أدق من تاریخ علم المتزايد بإرساء المزاد عليه.
التعاقد عن طريق المناقصة:
قد يتم التعاقد في بعض الأحيان عن طريق المناقصة، كما يحصل غالباً في الاتفاق مع المهندسين أو المقاولين بشأن إقامة المباني وغيرها من المنشآت الحكومية. والمناقصة ما هي إلا مزايدة في تخفيض المقابل الذي يستحقه المتعاقد نظير العمل الذي يلتزم به. ولذلك يسرى عليها ما يسرى على المزايدة بمعناها الضيق من أحكام.
المزايدة أو المناقصة داخل مظروفات:
الأصل في المزايدة أن تحصل علنا، فيعرف كل من يشترك فيها بالعطاء الذي يتقدم به غيره. وهذا ليس هو الحاصل في كل الأحوال. فكثيراً ما تقع المزايدة أو المناقصة من غير أن يعلم من يشترك فيها بعطاءات غيره. وهذه هي المزايدات أو المناقصات داخل مظروفات، التي يغلب أن تلجأ إليها الدولة وغيرها من الأشخاص العامة الأخرى في مشروعاتها الكبرى.
والمزايدة أو المناقصة داخل مظروفات هي بالأساس مزايدة. ومن ثم تسرى عليها في الأصل أحكام المزايدة التي ذكرناها سلفاً. ويستثنى من هذه الأحكام ما تقتضيه سرية العطاءات المتمثلة في عدم علم المتزايد أو المتناقص بعطاء غيره. و مؤدي ذلك اعتبار المتزايد أنه لم يعلق بقاء عطائه على عطاءات الآخرين، وإنما هو يفترض فيه أنه بتقديمه عطائه داخل مظروف، أراد أن يبقى عطاؤه هذا قائما إلى أن تفض المظروفات ويتقرر إرساء المزاد أو المناقصة، ومن غير أن يتأثر عطاؤه هذا بما عساه أن يكون غيره قد تقدم به من عطاءات أخرى. وهكذا يكون للداعي للمزاد أو للمناقصة أن يتخير من العطاءات المقدمة ما يراه له أصلح، دون أن يتقيد بقيمة أي منها، وذلك كله ما لم يتفق على غيره، أو يقضى القانون بخلافه .
التخلي عن الاشتراك في المزايدة:
ليس في القانون ما يمنع من الاتفاق على أن يتخلى أي شخص بإرادته واختياره عن الاشتراك في المزايدة في بيع اختياري ومن ثم فإن التخلى في هذه الحالة يكون صحيحاً. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني، الصفحة/73)
العطاء يكون باطلاً إذا صدر مثلاً من شخص لا يجوز له التعاقد في الصفقة المطروحة في المزاد، كقاض يتقدم بعطاء في مزاد لبيع عين متنازع عليها إذا كان نظر النزاع يقع في اختصاصه ويكون قابلاً للإبطال إذا صدر مثلاً من قاصر أو محجور عليه فإذا بطل العطاء في الحالين لم يبطل أثره وهو إسقاط العطاء الذي تقدمه. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الأول، الصفحة/ 291)
كما جاء عنها بمناقشات لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ" .. وقد تساءل بعض حضرات الأعضاء عن حكم المزايدات التي يشترط في إعلانها أن لصاحب الشأن فيها الحق في رفض او قبول أي عطاء يقدم فيها وعن المزايدات الحكومية التي تحتاج الى تصديق طبقا للقواعد المالية فأجاب مندوب الحكومة بأنه لا يمكن إرساء المزاد الا بعد التصديق عليه إذ التصديق هو القبول بالإرساء ممن يملكه هذا بالنسبة للحالة الأولى أما بالنسبة للحالة الثانية فبان إرساء المزاد لا يتم إلا باستعمال حق الخيار المشروط في الإعلان ". (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة : 607)
كما جاء عنها بمناقشات لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ " .. وقد تساءل بعض حضرات الأعضاء عن حكم المزايدات التي يشترط في إعلانها أن لصاحب الشأن فيها الحق في رفض أو قبول أي عطاء يقدم فيها وعن المزايدات الحكومية التي تحتاج الى تصديق طبقاً للقواعد المالية فأجاب مندوب الحكومة بأنه لا يمكن إرساء المزاد إلا بعد التصديق عليه إذ التصديق هو القبول بالإرساء ممن يملكه .
هذا بالنسبة للحالة الأولى، أما بالنسبة للحالة الثانية فإن إرساء المزاد لا يتم إلا باستعمال حق إخبار المشروط في الإعلان. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2014، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزء/ الأول صفحة 386)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع والثلاثون ، الصفحة / 86
مُزَايَدَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُزَايَدَةُ فِي اللُّغَةِ: التَّنَافُسُ فِي زِيَادَةِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ: أَنْ يُنَادَى عَلَى السِّلْعَةِ وَيَزِيدُ النَّاسُ فِيهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى تَقِفَ عَلَى آخِرِ زَائِدٍ فِيهَا فَيَأْخُذَهَا .
وَمُعْظَمُ كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ وَرَدَ بِشَأْنِ (بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ) لأِنَّهُ أَغْلَبُ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا الْمُزَايَدَةُ، وَبَيْعُ الْمُزَايَدَةِ هُوَ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ - بَيْعٌ الْتَزَمَ مُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ عَلَى قَبُولِ الزِّيَادَةِ .
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (سَوْمٌ ف 3).
وَلِعَقْدِ الْمُزَايَدَةِ - أَوْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ - أَسْمَاءٌ أُخْرَى، مِنْهَا: بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ، وَبَيْعُ الدَّلاَلَةِ، وَبَيْعُ الْمُنَادَاةِ، وَسَمَّاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (بَيْعَ الْفُقَرَاءِ) لِوُقُوعِهِ عَلَى بَيْعِ أَثَاثِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَبَيْعُ مَنْ كَسَدَتْ بِضَاعَتُهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ غَيْرِ الرَّائِجَةِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّجْشُ:
2 - النَّجْشُ لُغَةً: الإْثَارَةُ.
وَاصْطِلاَحًا: الزِّيَادَةُ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِمَّنْ لاَ يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيُغَرِّرَ بِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِمَا فِي النَّجْشِ مِنْ إِثَارَةِ رَغْبَةِ الْغَيْرِ فِي السِّلْعَةِ وَلَوْ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِمَّا يُقَدِّرُهُ الْمُشْتَرِي.
فَالنَّجْشُ يَشْتَرِكُ مَعَ الْمُزَايَدَةِ فِي الصُّورَةِ بِوُقُوعِ الزِّيَادَةِ مِنَ النَّاجِشِ، وَيَخْتَلِفُ عَنْهَا فِي انْتِفَاءِ قَصْدِ النَّاجِشِ الشِّرَاءَ .
ب - الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ:
3 - الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ هُوَ أَنْ يَعْرِضَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَةَ غَيْرِهِ وَقَدْ رَكَنَ إِلَيْهِ، وَيَتَحَقَّقُ بِأَنْ يَقُولَ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً وَهُوَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ: افْسَخْ بَيْعَكَ وَأَنَا أَبِيعُكَ مِثْلَ السِّلْعَةِ بِثَمَنٍ أَقَلَّ، فَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمُزَايَدَةِ بِأَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ الرُّكُونِ لإِتْمَامِ الصَّفْقَةِ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الْعَقْدُ وَالرِّضَا.
أَمَّا الْمُزَايَدَةُ فَهِيَ: عُرُوضٌ لِلشِّرَاءِ تَقَعُ قَبْلَ الرُّكُونِ بَيْنَ مَالِكِ السِّلْعَةِ وَمَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهَا أَوَّلاً .
ج - السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ:
4 - الْمُرَادُ مِنَ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ أَنْ يَتَّفِقَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ وَالرَّاغِبُ فِيهَا عَلَى الْبَيْعِ، وَلَمْ يَعْقِدَاهُ، فَيَقُولُ آخَرُ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ: أَنَا أَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ، أَوْ يَقُولُ لِلرَّاغِبِ فِي السِّلْعَةِ: أَنَا أَبِيعُكَ خَيْرًا مِنْهَا بِأَرْخَصَ، فَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمُزَايَدَةِ أَيْضًا فِي وُقُوعِهِ بَعْدَ الرُّكُونِ خِلاَفًا لِلْمُزَايَدَةِ .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ، وَحِكْمَةُ التَّشْرِيعِ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى إِبَاحَةِ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِفِعْلِ النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم ، وَهُوَ أَنَّهُ «بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا بَيْعَ مَنْ يَزِيدُ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْحِلْسَ وَالْقَدَحَ فَقَالَ رَجُلٌ أَخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ فَبَاعَهُ مِنْهُ» .
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ يَبِيعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُزَايَدَةِ.
وَذَهَبَ النَّخَعِيُّ إِلَى كَرَاهَتِهِ مُطْلَقًا، وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهُوَيْهِ إِلَى كَرَاهَتِهِ فِيمَا عَدَا بَيْعَ الْغَنَائِمِ وَالْمَوَارِيثِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ الْخَوْلاَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلي الله عليه وسلم «يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ» وَبِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «نَهَى رَسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَحَدٍ حَتَّى يَذَرَ إِلاَّ الْغَنَائِمَ وَالْمَوَارِيثَ» .
وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا فِي بَيْعِ الْغَنَائِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِاسْتِحْبَابِ الْمُزَايَدَةِ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَوَقُّعِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَتَطْيِيبِ نُفُوسِ الْغُرَمَاءِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُحْضِرَهُمْ فِيهِ .
رُكْنُ الْمُزَايَدَةِ (كَيْفِيَّةُ الإْيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْمُزَايَدَةِ):
6 - مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ هُوَ الصِّيغَةُ - كَمَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ - أَوْ هُوَ الصِّيغَةُ مَعَ الأْطْرَافِ (الْعَاقِدِينَ وَالْمَحَلِّ: الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ) كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ ثُمَّ إِنَّ الصِّيغَةَ هِيَ الإْيجَابُ وَالْقَبُولُ.
وَفِي الْمُزَايَدَةِ إِذَا نَادَى الدَّلاَّلُ عَلَى السِّلْعَةِ فَإِنَّ مَا يَصْدُرُ مِنْ كُلٍّ مِنَ الْحَاضِرِينَ هُوَ إِيجَابٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهِيَ إِيجَابَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَالْقَبُولُ هُوَ مُوَافَقَةُ الْبَائِعِ - أَوِ الدَّلاَّلِ الْمُفَوَّضِ مِنْهُ - عَلَى الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَا، وَأَمَّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَالإْيجَابُ هُوَ مُوَافَقَةُ الْبَائِعِ وَالدَّلاَّلِ وَقَدْ تَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِعْنِيهِ بِكَذَا .
إِلْزَامُ جَمِيعِ الْمُشَارِكِينَ فِي الْمُزَايَدَةِ بِالشِّرَاءِ - فِي مَجْلِسِ الْمُنَادَاةِ - وَلَوْ زِيدَ عَلَيْهِمْ:
7 - صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ الْجَدُّ، وَقَالَ:
إِنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ - أَيْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ - وَنَقَلَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ رِزْقٍ أَيْضًا بِأَنَّ كُلَّ مَنْ زَادَ فِي السِّلْعَةِ لَزِمَتْهُ بِمَا زَادَ إِنْ أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يُمْضِيَهَا لَهُ بِمَا أَعْطَى فِيهَا مَا لَمْ يَسْتَرِدَّ سِلْعَتَهُ فَيَبِيعُ بَعْدَهَا أُخْرَى أَوْ يُمْسِكُهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ مَجْلِسُ الْمُنَادَاةِ.
وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ رُشْدٍ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ لاَ يُحِبُّ مُمَاطَلَةَ الَّذِي زَادَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ، فَلَيْسَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ بِهَا وَإِنْ وَجَدَهَا إِبْرَاءً لِمَنْ قَبْلَهُ، وَرَبَطَ الدُّسُوقِيُّ ذَلِكَ بِالْعُرْفِ فَقَالَ: وَلِلْبَائِعِ إِلْزَامُ الْمُشْتَرِي فِي الْمُزَايَدَةِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ أَوِ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ إِلْزَامِهِ، كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ زَادَ فِي السِّلْعَةِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهَا أَوِ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ فَإِنَّهُ لاَ يُلْزِمُهُ بِهَا وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنِ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَإِلاَّ كَانَ لِرَبِّهَا إِلْزَامُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الْعَادَةَ بِتُونُسَ فِي أَيَّامِهِ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ الْعُرْفَ بِمَكَّةَ فِي زَمَنِهِ جَرَى عَلَى عَدَمِ الإْلْزَامِ أَيْضًا .
إِلْزَامُ جَمِيعِ الْمُشَارِكِينَ فِي الْمُزَايَدَةِ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ مَجْلِسِ الْمُنَادَاةِ:
8 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعُرْفُ اللُّزُومَ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ، أَوِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْبَائِعُ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ فِي مَسْأَلَةِ الْعُرْفِ بِمِقْدَارِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الشَّرْطِ فِي الأْيَّامِ الْمَشْرُوطَةِ، وَبَعْدَهَا بِقُرْبِ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَيَتَأَكَّدُ هَذَا إِذَا حَصَلَ الاِشْتِرَاطُ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى السِّلْعَةِ أَيَّامًا .
وَقَدْ صَرَّحَ الزُّرْقَانِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْبَيْعِ الْمُطْلَقِ حَيْثُ لاَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ فِيهِ بِتَرَاخِي الْقَبُولِ عَنِ الإْيجَابِ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ، أَوْ بِحُصُولِ فَاصِلٍ يَقْتَضِي الإِْعْرَاضَ عَمَّا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ فِيهِ إِلاَّ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ السِّلْعَةَ لِمَنْ شَاءَ حَيْثُ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ ذَلِكَ أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفُ إِمْسَاكِهَا حَتَّى انْقَضَى مَجْلِسُ الْمُنَادَاةِ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: بَعْضُ الْقُضَاةِ أَلْزَمَ بَعْضَ أَهْلِ الأْسْوَاقِ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ، مَعَ أَنَّ عَادَتَهُمُ الاِفْتِرَاقُ عَلَى غَيْرِ إِيجَابٍ اغْتِرَارًا بِظَاهِرِ ابْنِ حَبِيبٍ وَحِكَايَةِ غَيْرِهِ، فَنَهَيْتُهُ عَنْ هَذَا لأَِجْلِ مُقْتَضَى عَوَائِدِهِمْ، وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي أَنْ لاَ يَلْتَزِمَ الْبَيْعَ إِلاَّ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ بِخِلاَفِهِ، لِتَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ .
خِيَارُ الرُّجُوعِ عَنِ الإْيجَابِ فِي الْمُزَايَدَةِ:
9 - الرُّجُوعُ عَنِ الْمُزَايَدَةِ إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ زِيَادَةِ آخَرَ عَلَى مَا دَفَعَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ بَعْدَهَا، فَإِنْ وَقَعَ الرُّجُوعُ قَبْلَ زِيَادَةَ آخَرَ عَلَى مَا دَفَعَهُ مِنْ ثَمَنٍ فَإِنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ عَنْ غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ عَنِ الإْيجَابِ ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ لِلْمُوجِبِ حَقَّ الرُّجُوعِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الْقَبُولُ لإِيجَابِهِ، وَلاَ يَرِدُ هُنَا الْخِلاَفُ الْمَنْقُولُ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا لَوْ رَبَطَ الإْيجَابَ بِوَقْتٍ، وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَقَيَّدُ بِوَقْتِهِ فَلاَ يَمْلِكُ الْمُوجِبُ الرُّجُوعَ، وَذَلِكَ لأِنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ فِي لُزُومِ الْمُزَايَدَةِ لِجَمِيعِ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهَا يُغْنِي عَنْ مُقْتَضَى هَذَا الْقَوْلِ .
خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي الْمُزَايَدَةِ
10 - قَالَ الْحَطَّابُ: جَرَتِ الْعَادَةُ بِمَكَّةَ أَنَّ مَنْ رَجَعَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ .
الزِّيَادَةُ بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ لأِحَدِ الْمُشَارِكِينَ فِي الْمُزَايَدَةِ
11 - لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي السِّلْعَةِ إِذَا تَوَقَّفَ الْمَالِكُ أَوِ الدَّلاَّلُ عَنِ النِّدَاءِ - لأِنَّهُ أَعْرَضَ عَنِ الْبَيْعِ - لِعَدَمِ وُصُولِ السِّلْعَةِ إِلَى قِيمَتِهَا وَكَفِّ الْحَاضِرِينَ عَنِ الزِّيَادَةِ.
وَأَمَّا فِي حَالَةِ الرُّكُونِ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يُنَادِي عَلَى سِلْعَتِهِ فَطَلَبَهَا إِنْسَانٌ بِثَمَنٍ، فَكَفَّ عَنِ النِّدَاءِ وَرَكَنَ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَلَيْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا اسْتِيَامٌ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنِ النِّدَاءِ فَلاَ بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَزِيدَ.
وَإِنْ كَانَ الدَّلاَّلُ هُوَ الَّذِي يُنَادِي عَلَى السِّلْعَةِ وَطَلَبَهَا إِنْسَانٌ بِثَمَنٍ فَقَالَ الدَّلاَّلُ: حَتَّى أَسْأَلَ الْمَالِكَ فَلاَ بَأْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ، فَإِنْ أَخْبَرَ الدَّلاَّلُ الْمَالِكَ فَقَالَ: بِعْهُ وَاقْبِضِ الثَّمَنَ، فَلَيْسَ لأِحَدٍ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَسَوَاءٌ تَرَكَ السِّمْسَارُ الثَّوْبَ عِنْدَ التَّاجِرِ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ وَجَاءَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: بِعْهُ، ثُمَّ زَادَ فِيهِ تَاجِرٌ آخَرُ أَنَّهُ لِلأْوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الثَّوْبِ لَمَّا شَاوَرَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ فَرَجَعَ السِّمْسَارُ وَنَوَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ التَّاجِرِ فَزَادَ فِيهِ تَاجِرٌ آخَرُ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ بِرَأْيِهِ وَيَقْبَلُ الزِّيَادَةَ إِنْ شَاءَ وَلاَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِالنِّيَّةِ .
وَاسْتَظْهَرَ الشَّرْوَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنِ الدَّلاَّلُ الْمُشْتَرِيَ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ لاَ يَبْعُدُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَإِنْ عَيَّنَهُ .
زِيَادَةُ اثْنَيْنِ مَبْلَغًا مُتَمَاثِلاً:
12 - ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ زَادَ اثْنَانِ مَبْلَغًا مُتَمَاثِلاً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي السِّلْعَةِ، وَقَالَ عِيسَى: هِيَ لِلأْوَّلِ، وَلاَ أَرَى لِلصَّائِحِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي قَدْ أَعْطَاهُ غَيْرُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا قَدْ أَعْطَيَاهُ فِيهِ دِينَارًا مَعًا فَهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ .
خِيَارُ الْعَيْبِ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ
13 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَثْبُتُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي لأِنَّ الأْصْلَ فِي الْبَيْعِ السَّلاَمَةُ.
وَبَيْعُ الْمُزَايَدَةِ مِنَ الْبُيُوعِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْعَيْبِ كَبَقِيَّةِ الْبُيُوعِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (خِيَارُ الْعَيْبِ ف 20 - 25).
الْمُطَالَبُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ
14 - نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ يَكُونُ عَلَى أَصْحَابِ السِّلَعِ، جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي يَبِيعُ فِيمَنْ يَزِيدُ يَسْتَأْجِرُ عَلَى الصِّيَاحِ، فَيُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ مَسْرُوقٌ أَوْ خَرْقٌ أَوْ عَيْبٌ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، وَإِنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ آجَرَ نَفْسَهُ وَبَدَنَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْعُهْدَةُ عَلَى أَرْبَابِ السِّلَعِ فَلْيَتْبَعُوهُمْ، فَإِنْ وَجَدُوا
أَرْبَابَهَا وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تِبَاعَةٌ .
النَّجْشُ فِي الْمُزَايَدَةِ:
16 - النَّجْشُ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ - كَالنَّجْشِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ، حَرَامٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ خَدِيعَةِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا بَلَغَتِ السِّلْعَةُ قِيمَتَهَا.
وَفِي حُكْمِهِ التَّكْلِيفِيِّ وَحُكْمِهِ الْوَضْعِيِّ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 128).
مُشَارَكَةُ الدَّلاَّلِ فِي الشِّرَاءِ مَعَ بَعْضِ مَنْ يَزِيدُ دُونَ عِلْمِ الْبَائِعِ
17 - قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: لاَ يَجُوزُ لِلدَّلاَّلِ الَّذِي هُوَ وَكِيلُ الْبَائِعِ فِي الْمُنَادَاةِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لِمَنْ يَزِيدُ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ وَيَشْتَرِي فِي الْمَعْنَى، وَهَذَا خِيَانَةٌ لِلْبَائِعِ، وَمَنْ عَمِلَ مِثْلَ هَذَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلَمْ يُنْصَحْ لِلْبَائِعِ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَإِنْهَاءِ الْمُنَادَاةِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا يَئُولُ إِلَى بَيْعِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ فَمَنَعَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، لأِنَّ الْعُرْفَ فِي الْبَيْعِ أَنْ يُوجَبَ لِغَيْرِهِ فَحَمَلَ الْوَكَالَةَ عَلَيْهِ، وَلأِنَّ إِذْنَ الْمُوَكَّلِ يَقْتَضِي الْبَيْعَ مِمَّنْ يَسْتَقْصِي فِي الثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَفِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ لاَ يَسْتَقْصِي فِي الثَّمَنِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الإْذْنِ وَصَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِاسْتِثْنَاءِ مَا لَوِ اشْتَرَى بَعْضَ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ بِسِعْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا زَادَ عَلَى مَبْلَغِ ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ وَكَانَ هُوَ أَحَدَ الْمُشْتَرِينَ وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْضًا: إِذَا تَوَاطَأَ جَمَاعَةٌ مِنَ الدَّلاَّلِينَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي شِرَاءِ مَا يَبِيعُونَهُ، فَإِنَّ عَلَى وَلِيِّ الأْمْرِ أَنْ يُعَزِّرَهُمْ تَعْزِيرًا بَلِيغًا يَرْدَعُهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْخِيَانَةِ، وَمِنْ تَعْزِيرِهِمْ أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ مِهْنَةِ الدَّلاَلَةِ فِي السُّوقِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُمْ .
التَّوَاطُؤُ عَلَى تَرْكِ الْمُزَايَدَةِ بَعْدَ سِعْرٍ مُحَدَّدٍ
18 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَتَابَعَهُمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى أَنَّ التَّوَاطُؤَ عَلَى تَرْكِ الْمُزَايَدَةِ إِنْ تَمَّ بَيْنَ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ وَآخَرَ، بِأَنْ يَسْأَلَهُ تَرْكَ الْمُزَايَدَةِ فَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ مِنَ الْمَالِ يَجْعَلُهُ لِمَنْ كَفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: كُفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ وَلَكَ دِينَارٌ أَوْ قَالَ لَهُ: كُفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ وَنَحْنُ شَرِيكَانِ فِي السِّلْعَةِ، وَذَلِكَ لأِنَّ بَابَ الْمُزَايَدَةِ مَفْتُوحٌ وَإِنَّمَا تَرَكَ أَحَدُهُمَا مُزَايَدَةَ الآْخَرِ.
أَمَّا إِنْ تَمَّ التَّوَاطُؤُ بَيْنَ جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ عَلَى الْكَفِّ عَنِ الزِّيَادَةِ فَلاَ يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ عَلَى الْبَائِعِ. وَمِثْلُ تَوَاطُؤِ الْجَمِيعِ تَصَرُّفُ مَنْ حُكْمُهُمْ كَمَجْمُوعَةٍ مُتَحَكِّمَةٍ فِي سُوقِ الْمُزَايَدَةِ أَوْ شَيْخِ السُّوقِ.
وَالْهَدَفُ مِنَ التَّوَاطُؤِ قَدْ يَكُونُ الاِشْتِرَاكُ بَيْنَهُمْ فِي تَمَلُّكِ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا لاِقْتِسَامِهَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ يَكُونُ بِتَخْصِيصِ سِلْعَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لِيَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا دُونَ مُنَازَعَةِ الآْخَرِينَ لَهُ، وَفِي الْحَالَتَيْنِ ضَرَرٌ بِالْبَائِعِ وَبَخْسٌ لِسِلْعَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ) فَإِنْ وَقَعَ التَّوَاطُؤُ الْمَمْنُوعُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالإْمْضَاءِ، فَإِنْ هَلَكَتِ السِّلْعَةُ فَلَهُ الأْكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والعشرون ، الصفحة / 291
سَوْم
التَّعْرِيفُ:
1 - السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَيْعِ، يُقَالُ: سُمْتُ بِالسِّلْعَةِ أَسُومُ بِهَا سَوْمًا، وَسَاوَمْتُ وَاسْتَمْتُ بِهَا وَعَلَيْهَا: غَالَيْتُ، وَيُقَالُ: سُمْتُ فُلاَنًا سِلْعَتِي سَوْمًا: إِذَا قُلْتَ: أَتَأْخُذُهَا بِكَذَا مِنَ الثَّمَنِ.
وَالْمُسَاوَمَةُ: الْمُجَاذَبَةُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى السِّلْعَةِ وَفَضْلِ ثَمَنِهَا.
قَالَ الْفَيُّومِيُّ: سَامَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ سَوْمًا: عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ، وَسَامَهَا الْمُشْتَرِي وَاسْتَامَهَا: طَلَبَ بَيْعَهَا.
وَسَامَتِ الرَّاعِيَةُ وَالْمَاشِيَةُ وَالْغَنَمُ تَسُومُ سَوْمًا: رَعَتْ بِنَفْسِهَا حَيْثُ شَاءَتْ، فَهِيَ سَائِمَةٌ، وَالسَّوَامُ وَالسَّائِمَةُ: الأْنْعَامُ الرَّاعِيَةُ. وَأَسَامَهَا هُوَ وَسَامَهَا: رَعَاهَا .
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ السَّوْمِ بِمَعْنَى الرَّعْيِ فِي الْكَلأَ الْمُبَاحِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَبِمَعْنَى عَرْضِ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِثَمَنٍ مَا وَيَطْلُبُهُ مَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهَا بِثَمَنٍ دُونَهُ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّجْشُ:
2 - النَّجْشُ - بِسُكُونِ الْجِيمِ - مَصْدَرٌ، وَبِالْفَتْحِ اسْمُ مَصْدَرٍ.
هُوَ: أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَلاَ يُرِيدَ الشِّرَاءَ أَوْ يَمْدَحَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ لِيُرَوِّجَهُ، وَيَجْرِي فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّوْمِ أَنَّ النَّاجِشَ لاَ يَرْغَبُ فِي الشَّيْءِ وَالْمُسَاوِمَ يَرْغَبُ فِيهِ.
ب - الْمُزَايَدَةُ:
3 - بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ وَيُسَمَّى بَيْعَ الدَّلاَلَةِ: أَنْ يُنَادِيَ عَلَى السِّلْعَةِ وَيَزِيدَ النَّاسُ فِيهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى تَقِفَ عَلَى آخِرِ مَنْ يَزِيدُ فِيهَا فَيَأْخُذَهَا. وَهَذَا بَيْعٌ جَائِزٌ .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّوْمِ مِنْ أَحْكَامٍ:
ثَانِيًا: السَّوْمُ فِي الْبَيْعِ:
5 - إِذَا كَانَ السَّوْمُ قَبْلَ الاِتِّفَاقِ وَالتَّرَاضِي عَلَى الثَّمَنِ فَلاَ حُرْمَةَ فِيهِ وَلاَ كَرَاهَةَ؛ لأِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُزَايَدَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ. أَمَّا بَعْدَ الاِتِّفَاقِ عَلَى مَبْلَغِ الثَّمَنِ فَمَكْرُوهٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: بُيُوعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَمُزَايَدَةٌ.
وَلَكِنِ الْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لاِسْتِكْمَالِ أَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا وَقَعَ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ) لأِنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ .
_____________________________________________________________________
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 84
لا يتم العقد في المزايدات الا برسو المزاد ، ويسقط العطاء بعطاء یزید عليه ولو كان باطلاً .
هذه المادة تطابق المادة ۹۹ من التقنين الحالي ، وتقابل المادة 89 من التقنين العراقي والمادة 103 من التقنين الأردنی .