loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 133

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- يجوز للقاصر أن يتمسك ببطلان التعاقد الذي يكون طرفا فيه، ولو صرح أنه قد بلغ سن الرشد فليس يحول مجرد التصريح بذلك دون مباشرة دعوى البطلان ، مادام لم يقترن بطرق احتيالية إذ أن من واجب كل عاقد أن يتثبت من أهلية من يتعاقد معه ثم إن حماية القاصر تصبح حماية وهمية إذا جعل من مجرد التصريح ببلوغ سن الرشد حائلاً دون مباشرة دعوى البطلان .

2 - أما إذا اقترن التصريح ببلوغ سن الرشد بطرق احتيالية فيكون القاصر المميز ، قد ارتكب عملاً غير مشروع يرتب مسئوليته قبل العاقد الآخر متى كان حسن النية وقد كان في الوسع أن يفكر في استبقاء دعوى البطلان لمصلحة القاصر ، في هذه الحالة أيضا ، مع إلزامه بالتعويض (أنظر في هذا المعنى المادة 866 من التقنين النمساوي والمادة 21 من التقنين البولونی)، بيد أن أوقع الجزاءات و أعدها في هذا الشأن مايقوم على حرمان القاصر من هذه الدعوى وإبقاء العقد على حكم الصحة (أنظر في هذا المعنى المادة 229 من المشروع الفرنسي الإيطالي والمادة 1305 من التقنين الإيطالي ، المادة 229 من التقنين البرتغالى ، والمادة 1200 من التقنين الأرجنتيني و المادة 83 من التقنين الصيني - وعكس ذلك المادة من التقنين التونسي) وفي هذا تطبيق خاص لنظرية الخطأ عند تكوين العقد .

3- على أن نطاق تطبيق النص لا يتناول إلا حالة القصر ، أما من عدا القصر من ناقصي الأهلية فتكون حمايتهم ناقصة ، لو أنهم حرموا من دعوى البطلان في الحالة التي تقدم ذكرها .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 165 من المشروع.

فلاحظ معالي السنهوري باشا أن المشروع بعد حذف المادة 162 أصبح غفلاً من نص يجيز لناقص الأهلية أبطال العقد فينبغي أن يثبت هذا الحكم في صدر هذه المادة - واقترح أن تكون المادة كما يأتي :

ويجوز لناقص الأهلية أن يطلب إبطال العقد ومع ذلك لا يجوز للقاصر التمسك بنقص أهليته لإبطال العقد إذا كان قد لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي قصره أما إذا كان قد اقتصر على تقرير أنه بلغ سن الرشد فإن ذلك لا يمنعه من طلب إبطال العقد .

فوافقت اللجنة على ذلك

ثم قدمت المادة برقم 123 في المشروع النهائي بعد حذف الفقرة الأخيرة منها وهي أما إذا كان قد اقتصر على تقرير أنه بلغ سن الرشد فإن ذلك لا يمنعه من طلب إبطال العقد .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 123

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة السابعة

بدأت اللجنة بحث المادة 123 وهذا نصها : ويجوز لناقص الأهلية أن يطلب إبطال العقد ومع ذلك لا يجوز للقاصر التمسك بنقص أهليته لإبطال العقد إذا كان قد لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي قصره .

فقال عبده محرم بك شرحاً لهذه المادة إنها تتضمن حكمين : قاعدة عامة وهي أنه يجوز لناقص الأهلية أن يطلب إبطال العقد واستثناء بالنسبة للقاصر في أنه لا يجوز له التمسك بنقص أهليته الإبطال إذا كان قد لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي قصره.

وحكم هذا الاستثناء خاص بالقاصر دون باقی ناقصي الأهلية فقد أراد المشرع أخذا بعض التشريعات الحديثة لاستقرار المعاملات أن يحرم القاصر الذي يلجأ لاستعمال طرق احتيالية ليختلي بها قصره كأن يتسمى باسم أخ له أكبر منه ويستعمل شهادة ميلاده ليوهم من يتعاقد معه بأنه كامل الأهلية لإتمام التعاقد .

وليس هذا الحكم بجديد على قضائنا المصرى فقد حذا حذو القضاء في فرنسا الذي يعتبر القاصر الذي يخفي قصره أنه ارتكب عملاً غير مشروع فحكم عليه بالتعويض وخير تعويض في هذه الحالة هو الحكم بالتنفيذ العيني أي بصحة العقد الذي أجراه القاصر .

وهذه المادة كانت في الأصل عامة بالنسبة لجميع ناقصي الأهلية ولكن لجنة وضع المشروع قمرت هذا الاستثناء على القاصر فقط لأنه لا توجد سجلات في المجالس الحسية لقيد القصر بعكس ما هو حاصل بالنسبة لعديمي الأهلية المحجور عليهم فلهم سجلات خاصة بهم فيسهل على من يتعاقد معهم أن يتثبت من أهليتهم أو عدم أهليتهم بالكشف في السجلات المذكورة على قرارات الحجر الخاصة بهم.

وقد اعترض كل من حضرتي الشيخين المحترمين حلمي عيسى باشا و علوبة باشا على حكم الاستثناء في هذه المادة فقالا أنه من المفترض كقاعدة عامة أن المتعاقد الذي يتعاقد مع شخص يجب عليه أن يتحقق من أهلية هذا الشخص فلا يقبل منه الاحتجاج إذا ما ظهر أن ذلك الشخص قاصرو أن هذا الأخير قد قدم له شهادة ميلاد تثبت بلوغه وفي رأيهما أن مثل هذه العقود أو التصرفات التي تتم بين القصر وغيرهم لا يتوفر فيها الإيجاب والقبول الكاملان وأنه يجب ألا يسمح لناقص الأهلية اطلاقاً بالتعاقد مع الغير لأن القانون قد فرض عقوبة جنائية على القاصر إذا ارتكب طرقاً احتيالية ولذلك يجب الانتصار في المسائل المدنية على الحكم عليه بالتعويض لانعدام الإيجاب والقبول .

فقال الدكتور بغدادی إن هذا الاستثناء خاص بالقاصر كما سبق القول إذا استعمل طرقاً احتيالية وقد لا تبلغ مرتبة الطرق الاحتيالية المعروفة في القانون الجنائي وإذا رجعنا إلى التشريع المقارن نجد قاعدتين إحداهما أخذت بها بعض التقنينات التي تبطل العقد و تقضي على القاصر بالتعويض بناءً على المسئولية التقصيرية والقاعدة الثانية تقضي بصحة العقد فهي ترتب التزاماً على القاصر الذي يلجأ إلى طرق احتيالية مصدره القانون وهذا الالتزام التزام حكی أو جعلي على حد قول فقهاء الشريعة الإسلامية التي تقضي بأن الهزل في الزواج لا يترتب عليه البطلان وقد أخذ المشروع بهذه النظرية استقرارة للعاملات وحماية لحسني النية من يتعاملون مع القاصر .

فقال معالي حلمي عيسى باشا في شرح رأيه : إن القاعدة العامة تقضي بأنه لا يجوز لعدم الأهلية أن يتعاقد مع الغير فاقرار النص خروج على تلك القاعدة العامة لأن التزام القاصر لا يمكن رده إلى القصر لأنه ولد غير صحيح وإنما يمكن رده إلى واقعة أخرى هي استعمال الطرق الاحتيالية التي يعاقب عليها القانون.

وقد وجه سعادة الرئيس النظر إلى أن هذه الاعتراضات إن صحت بالنسبة للحجور عليهم فهي لا تصح بالنسبة للقاصر لأن توافق الإرادتين بالنسبة للأول مفقود .. أما بالنسبة للثاني فلا يجوز القول بعدم وجود إرادتين بدليل أنه يجوز المولى و القاصر إذا بلغ سن الرشد إجازة التصرفات التي تتم بينه وبين غيره .

وقد وضح سعادته الخلاف بين القائلين بعدم لزوم العقد المبرم بين قاصر و بالغ والقائلين بلزومه إذا لجأ القاصر إلى طرق احتيالية بأن القائلين بالرأي الاول ينظرون إلى المسألة من الناحية النظرية وهي مخالفة النص لقاعدة عامة مقررة وأما القائلون بالرأي الثاني فهم ينظرون إلى المسألة من ناحية الواقع ولا مانع عند أصحاب الرأي الأول من الحكم على القاصر في هذه الحالة بالتعويض من غير مخالفة القاعدة العامة .

فقال عبده محرم بك إن علة مسئولية القاصر هنا هي الفعل الضار والتشريعات الحديثة ذهبت هذا المذهب وإذا كان من المسلم به وجوب الحكم على القاصر في هذه الحالة بالتعويض فيمكن من غير إخلال بالناحية النظرية أن نجعل التعويض في هذه الحالة لزوم العقد ونفاذه .

وقد أضاف الدكتور بغدادی تأييداً لنظرية المشروع فذكر ما جاء في المذكرة الإيضاحية المطولة بيد أن أوقع الجزاءات وأعدها في هذا الشأن ما يقوم على حرمان القاصر من هذه الدعوى ( دعوى إبطال العقد ) وإبقاء العقد على حكم الصحة ( أنظر هذا المعني في المادة 229 من المشروع الفرنسي الإيطالي والمادة 1305 من التقنين الإيطالي و 229 من التقنين البرتغالى والمادة 1200 من التقنين الأرجنتيني والمادة 83 من التقنين الصيني وعكس ذلك المادة 10 من القانون الفرنسي ) و في هذا تطبيق خاص لنظرية الخطأ عند تكوين العقد . 

واستطرد حضرته قائلاً إن علة بطلان العقد الذي يتم مع القاصر هي القرينة على أنه لا يحسن التقدير ولا يقدر الأمور قدرها فعل هذا الشخص إذا لجأ إلى طرق احتمالية انتفت تلك القرينة وبذلك لا تجوز حمايته .

وقد اتجه رأى البعض إلى التسوية في الحكم بين القاصر والمحجور عليه لسفه وإلى أن يعبر عن ناقص الأهلية بالمي غير المميز .  

فأجاب عبد محرم بك على ذلك بأن عبارة ناقص الأهلية تصدق على الصبي المميز والمحجور عليه لسفه وليس هناك ما يمنع من تطبيق هذا النص على المحجور عليه إذا ارتكب طرقا احتيالية إنما بشرط أن توجب على من يتعاقد معه البحث في محلات الحجر حتى لايفهم أنه أعفي من ذلك . 

وأخيرا اقترح سعادة علوبة باشا تعديلاً المادة يحقق بعض الاتجاهات التي دارت عليها المناقشة ونص هذا الاقتراح كما يأتي :

ويجوز لناقص الأهلية أن يطلب إبطال العقد وهذا مع عدم الإخلال بالزامه بالتعويض إذا لجأ إلى طرق احتيالية ليختني نقص أهليته .

قرار اللجنة :

وافقت أغلبية اللجنة على هذا الاقتراح عدا حضرة الشيخ المحترم جمال الدين أباظة بك الذي رأى الموافقة على نص المادة في المشروع مع النسوية بين القاصر و ناقص الأهلية في حكم الاستثناء .

تقرير اللجنة :

رأت اللجنة أن تستعيض عن عبارة ( ومع ذلك لايجوز للقاصر التمسك بنقص أهليته لابطال العقد إذا كان قد لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي قصره ) بعبارة ( وهذا مع عدم الإخلال بإلزامه بالتعويض إذا لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي نقص أهليته ) فالمسألة تتعلق بتقرير الجزاء على التجاء القاصر إلى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته ولم تر اللجنة أن يكون الجزاء حرمان القاصر من حق طلب الإبطال وإنما آثرت أن تجرى القواعد العامة المتعلقة بالمسئولية التقصيرية وجعلت الجزاء قاصراً على الحكم بالتعويض .

وأصبح رقم المادة 119 .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أعدتها اللجنة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحكام

1- ثبوت القصر عند التعاقد كاف لقبول دعوى الإبطال و لو تجرد التصرف الدائن بين النفع و الضرر من أى غبن مهما كان مقدار إفادة القاصر منه ولو لم يعلن القاصر قصره للمتعاقد الآخر أوأخفى حالته عنه أو أدعى كذباً بلوغه سن الرشد . وسواء كان هذا المتعاقد يعلم بحالة القصر أو يجهلها .

(الطعن رقم 429 لسنة 49 جلسة 1980/03/12 س 31 ع 1 ص 806 ق 159)

2- مفاد نص المادة 119 من القانون المدنى أنه إذا لجأ ناقص الأهليه إلى طرق إحتيالية لإخفاء نقص أهليته ، فإنه و إن كان يجوز له طلب إبطال العقد لنقص الأهليه ، إلا أنه يكون مسئولا عن التعويض للغش الذى صدر منه عملاً بقواعد المسئولية التقصيرية ، و لا يكفى فى هذا الخصوص أن يقتصر ناقص الأهلية على القول بأنه كاملها ، بل يجب أن يستعين بطرق إحتيالية لتأكيد كمال أهليتة .

(الطعن رقم 29 لسنة 36 جلسة 1970/03/03 س 21 ع 1 ص 396 ق 64)

3- ليس فى القانون ما يحول دون التمسك بطلب بطلان التصرف لعيب فى أهلية المتصرف بعد الإخفاق فى الإدعاء بتزوير العقد الحاصل به هذا التصرف لإختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر، إذ يقتصر الأمر فى الطعن بالتزوير على إنكار صدور التصرف من المتصرف دون التعرض للتصرف ذاته من حيث صحته وبطلانه فى حين أن الطعن ببطلان التصرف بصدوره من غير ذي أهلية موجه إلى ذات التصرف بإنكار توافر الأهلية فى المتصرف. فإذا ما ثبت للمحكمة فساد الإدعاء بالتزوير وصحة إسناد التصرف إلى المتصرف فإن ذلك لا يقتضي بطريق اللزوم أن يكون هذا المتصرف أهلاً لصدور التصرف منه كما أن الطعن بالتزوير لا يتضمن فى ذاته إقرار الطاعن بأهلية المتصرف ولا يفيد نزوله عن حقه فى الطعن بعد ذلك فى التصرف لعيب فى هذه الأهلية.

(الطعن رقم 348 لسنة 26 جلسة 1962/02/15 س 13 ع 1 ص 268 ق 41)

شرح خبراء القانون

إبطال ناقص الأهلية لتصرفه :

ناقص الأهلية، هو الصبي الذي لم يبلغ سن الرشد، والسفيه وفو الغفلة، فإن أبرم أحدهم تصرفا بنفسه، جاز له أن يطلب إبطاله لنقص أهليته حتى لو تظاهر بكمال أهليته وكذب على من تعاقد معه بأن قرر له أنه كامل الأهلية، ولما كان الكذب لا يرقى لدرجة الإحتيال فإن المتعاقد الآخر لا يجوز له المطالبة بتعويض بسبب إبطال التصرف.

أما إن كان ناقص الأهلية استعمل طرقة إحتيالية لإيهام المتعاقد معه بكمال أهليته كان الأخير الرجوع عليه بالتعويض مختصما من ينوب عنه قانوناً ومن الطرق الاحتيالية إستعمال القاصر في تعامله مع الغير مطبوعات تحمل إسمه مقترنة بمظاهر أخرى من شأنها تأكيد الاعتقاد لدى الغير بأنه كاملة الأهلية كذکر رقم بإعتباره رقم السجل التجاري محله بينما لا منجر له، وأيضا بتقديم شهادة ميلاد مزورة، فهذا يعتبر غشاً أو تدليساً ينهض بمسئولية ناقص الأهلية التقصيرية التي يكفي لتحققها بلوغ سن التمييز أو إعتبار ناقص الأهلية مميزة کالسفيه وذي الغفلة، ولا يصح في هذه الحالة أن يكون التعويض العيني المتمثل في عدم إبطال العقد هو التعويض الذي يجوز القضاء به بدلاً من التعويض النقدي، لصراحة نص المادة 119 التي توجب القضاء بالبطلان حتماً فينحل العقد، فإن كان هناك تدليساً من ناقص الأهلية، كان للمتعاقد معه طلب تعويض نقدی. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/  الثاني  الصفحة/ 514)

حق ناقص الأهلية في إبطال العقد :

ناقص الأهلية، يشمل الصبي الذي بلغ السابعة ولم يبلغ سن الرشد، والسفيه والغفلة فإذا أبرم أحد هؤلاء تصرفاً بنفسه، فإن التصرف يكون قابلاً للإبطال لمصلحة ناقص الأهلية ويجوز له طلب إبطال العقد.

لا يشترط لإبطال العقد حصول غين لناقص الأهلية :

مجرد نقص الأهلية كاف لإبطال العقد ولو لم يلحق بالقاصر ثمة غبن أو ثمة ضرر آخر.

لا ينال من طلب الإبطال تظاهر القاصر بكمال أهليته :

لا ينال حق ناقص الأهلية في طلب إبطال العقد أن يكون قد تظاهر بكمال أهليته وكذب على المتعاقد معه بأن قرر له أنه كامل الأهلية.

إذ من واجب كل عاقد أن يتثبت من أهلية من يتعاقد معه ثم إن حماية القاصر تصبح حماية وهمية إذا جعل من مجرد التصريح ببلوغ سن الرشد حائلاً دون مباشرة دعوى البطلان .

إستعمال ناقص الأهلية طرقا احتيالية :

لا ينال أيضاً من حق القاصر في إبطال العقد أن يكون قد استعمل طرقاً احتيالية لإيهام  المتعاقد معه أنه كامل الأهلية، كأن يكون قد وضع شارباً مستعاراً ليفهمه أنه أكثر سناً عما هو عليه، أو يكون قد قدم له شهادة ميلاد مزورة ذلك وإن كان يعتبر غشاً أو تدليساً ينهض بمسئولية ناقص الأهلية التقصيرية التي يكفي لتحققها بلوغ سن التمييز أو اعتبار ناقص الأهلية مميزاً كالسفيه وذي الغفلة، وترتب له الحق في التعويض عما أصاب المتعاقد معه من ضرر من جراء ذلك إلا أنه لا يصح في هذه الحالة أن يكون التعويض العيني المتمثل في عدم إبطال العقد هو التعويض الذي يجوز القضاء به بدلا من التعويض النقدي، لصراحة نص المادة 119 التي توجب القضاء بالبطلان حتما فينحل العقد، فإذا كان هناك تدليس من ناقص الأهلية، كان للمتعاقد معه طلب تعويض نقدی. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني الصفحة/266)

ولا يكفى لتطبيق هذا النص أن يقتصر ناقص الأهلية على التأكيد بأنه كاملها ، بل يجب أن يستعين ، وهو يؤكد كمال أهليته ، بطرق احتيالية كأن يقدم شهادة ميلاد مزورة ليثبت أنه بلغ سن الرشد وهذا الذي قضى به النص الصريح في القانون الجديد كان القضاء المصري يعمل به في ظل القانون القديم تطبيقاً للقواعد العامة. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/الأول  الصفحة/ 349)

قررت الجزاء على التجاء ناقص الأهلية إلى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته فلم يرد المشرع أن يكون الجزاء حرمان ناقص الأهلية من حق طلب الإبطال، وإنما آثر أن يجري حكم القواعد العامة المتعلقة بالمسئولية التقصيرية فجعل الجزاء قاصراً على الحكم بالتعويض ولا يكفي لذلك مجرد تصریح ناقص الأهلية بأن أهليته مكتملة، بل يلزم اقتران هذا التصريح بطرق احتيالية تكفل توافر ركن الخطأ الذي تترتب من أجله مسئوليته قبل العاقد الآخر، متى كان حسن النية.

ويتعين ملاحظة أن صيغة النص جعلت من التعويض جزاءً عاماً فلا يقتصر تطبيقه على حالة القصر، بل يتناول من عدا القصر من ناقصي الأهلية.

وتطبيقا للقواعد المتقدمة إذا باع ناقص الأهلية عقاراً إلى آخر وتظاهر للمشتري بأنه كامل الأهلية فان هذا لا يعدو مجرد كذب لا يستوجب مسئوليته تقصيرياً إذا طلب إبطال العقد بعد ذلك وأجيب إلى طلبه ولكن تقوم مسئوليته إذا لجأ إلى طرق احتيالية لتأييد كذبه كما إذا قدم مستندات مزورة كشهادة ميلاد أو جواز سفر اقنعت المشتري أنه بلغ سن الرشد فتقوم مسئوليته في هذه الحالة على أساس الغش وهي بلا شك مسئولية تقصيرية. (المسئولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء للمستشار عز الدين الدناصوري والدكتور عبد الحميد الشواربي ،الجزء/ الأول   الصفحة /328)

لناقص الأهلية الحق في أن يطلب إبطال العقد ، وإذا لجأ ناقص الأهلية إلى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته فللمضرور الحق في طلب إلزامه بالتعويض. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2014، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزء/ الأول صفحة 478)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الخامس  ، الصفحة /  36

الإْشْهَادُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إِلَى الصَّغِيرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ:

18 - لِلْفُقَهَاءِ فِي الإْشْهَادِ عَلَى تَسْلِيمِ مَالِ الصَّغِيرِ إِذَا بَلَغَ رَأْيَانِ: الأْوَّلُ: وُجُوبُ الإْشْهَادِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ عَمَلاً بِظَاهِرِ الأْمْرِ فِي قوله تعالي (  فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ) وَلاَ يُصَدَّقُ الدَّافِعُ فِي دَعْوَى رَدِّ مَالِ الصَّغِيرِ حَتَّى يُشْهِدَ.

الثَّانِي: اسْتِحْبَابُ الإْشْهَادِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، لِلاِحْتِيَاطِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْيَتِيمِ وَوَلِيِّ مَالِهِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَأَمَّا الْيَتِيمُ، فَلأِنَّهُ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ مَا لَيْسَ لَهُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلأِنَّهُ يُبْطِلُ دَعْوَى الْيَتِيمِ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ إِلَيْهِ.

وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي مُقَابِلِ الصَّحِيحِ. وَقَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: إِنْ طَالَ الزَّمَانُ كَعِشْرِينَ سَنَةً يُقِيمُونَ مَعَهُ وَلاَ يَطْلُبُونَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، لأِنَّ الْعُرْفَ قَبْضُ أَمْوَالِهِمْ إِذَا رَشَدُوا، وَجَعَلَ ابْنُ زَرْبٍ الطُّولَ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي عشر ، الصفحة / 322

تَسْلِيمُ الْمَالِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ:

12 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لاَ يُسَلَّمُ إِلَيْهِ مَالُهُ إِلاَّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ رُشْدِهِ، وَذَلِكَ بِاخْتِبَارِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي التَّصَرُّفَاتِ؛ لقوله تعالي : ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى)  أَيِ اخْتَبِرُوهُمْ، وَاخْتِبَارُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ يَحْصُلُ بِتَفْوِيضِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا أَمْثَالُهُ إِلَيْهِ؛ لِيُتَبَيَّنَ مَدَى إِدْرَاكِهِ وَحُسْنُ تَصَرُّفِهِ .

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (حَجْرٌ).

 وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَمْوَالَ الصَّغِيرِ لاَ تُسَلَّمُ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ رَاشِدًا؛  لأِنَّ  اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ دَفْعَ الْمَالِ إِلَيْهِ عَلَى شَرْطَيْنِ هُمَا الْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ فِي قوله تعالي : ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)،  وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطَيْنِ لاَ يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا، فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ رَشِيدًا مُصْلِحًا لِلْمَالِ، وَجَبَ دَفْعُ مَالِهِ إِلَيْهِ وَفَكُّ الْحَجْرِ عَنْهُ. وَإِذَا دَفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ أَشْهَدَ عِنْدَ الدَّفْعِ .لقوله تعالي  فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السابع عشر ، الصفحة / 88 

الْبُلُوغُ:

الْبُلُوغُ انْتِهَاءُ فَتْرَةِ الصِّغَرِ وَالدُّخُولُ فِي حَدِّ الْكِبَرِ وَلَهُ أَمَارَاتٌ طَبِيعِيَّةٌ إِنْ تَحَقَّقَتْ حُكِمَ بِهِ وَإِلاَّ فَيُرْجَعُ لِلسِّنِّ عَلَى تَفْصِيلٍ وَخِلاَفٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (بُلُوغٌ).

ب - الرُّشْدُ:

الرُّشْدُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) هُوَ الصَّلاَحُ فِي الْمَالِ فَقَطْ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلآْيَةِ السَّابِقَةِ.

وَمَنْ كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ رُشْدٌ، وَلأِنَّ  الْعَدَالَةَ لاَ تُعْتَبَرُ فِي الرُّشْدِ فِي الدَّوَامِ. فَلاَ تُعْتَبَرُ فِي الاِبْتِدَاءِ كَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلأِنَّ  هَذَا مُصْلِحٌ لِمَالِهِ فَأَشْبَهَ الْعَدْلَ، يُحَقِّقُهُ: أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ لِحِفْظِ مَالِهِ عَلَيْهِ، فَالْمُؤَثِّرُ فِيهِ مَا أَثَّرَ فِي تَضْيِيعِ الْمَالِ أَوْ حِفْظِهِ.

وَلَوْ كَانَ الرُّشْدُ صَلاَحَ الدِّينِ فَالْحَجْرُ عَلَى الْكَافِرِ أَوْلَى مِنَ الْحَجْرِ عَلَى الْفَاسِقِ.

ثُمَّ إِنْ كَانَ الْفَاسِقُ يُنْفِقُ أَمْوَالَهُ فِي الْمَعَاصِي كَشِرَاءِ الْخَمْرِ وَآلاَتِ اللَّهْوِ أَوْ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْفَسَادِ فَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ لِتَبْذِيرِهِ لِمَالِهِ وَتَضْيِيعِهِ إِيَّاهُ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ عَلَى الْخِلاَفِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْكَذِبِ وَمَنْعِ الزَّكَاةِ وَإِضَاعَةِ الصَّلاَةِ مَعَ حِفْظِهِ لِمَالِهِ دُفِعَ مَالُهُ إِلَيْهِ، لأِنَّ  الْمَقْصُودَ بِالْحَجْرِ حِفْظُ الْمَالِ، وَمَالُهُ مَحْفُوظٌ بِدُونِ الْحَجْرِ، وَلِذَلِكَ لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ عَلَيْهِ بَعْدَ دَفْعِ مَالِهِ إِلَيْهِ لَمْ يُنْزَعْ .

وَالأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الرُّشْدَ الصَّلاَحُ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ جَمِيعًا.

 وَالآْيَةُ عِنْدَهُمْ عَامَّةٌ لأِنَّ  كَلِمَةَ «رُشْدًا» نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ الْمَالَ وَالدِّينَ، فَالرَّشِيدُ هُوَ مَنْ لاَ يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَلاَ يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ، أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ، أَوْ إِنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ .

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ «رُشْدًا» فِي الآْيَةِ فَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: صَلاَحًا فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَالثَّوْرِيُّ: صَلاَحًا فِي الْعَقْلِ وَحِفْظُ الْمَالِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيُّ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْخُذُ بِلِحْيَتِهِ وَمَا بَلَغَ رُشْدَهُ. فَلاَ يُدْفَعُ إِلَى الْيَتِيمِ مَالُهُ وَلَوْ صَارَ شَيْخًا حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدُهُ.

وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ: لاَ يُعْطَى الْيَتِيمُ وَإِنْ بَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ إِصْلاَحُ مَالِهِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رُشْدًا يَعْنِي فِي الْعَقْلِ خَاصَّةً.

وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرُّشْدَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَعَلَى أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْشُدْ بَعْدَ بُلُوغِ الْحُلُمِ وَإِنْ شَاخَ لاَ يَزُولُ الْحَجْرُ عَنْهُ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / السادس والثلاوثون  ، الصفحة /  7

مَأْذُونٌ

التَّعْرِيفُ :

1 - الْمَأْذُونُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَذِنَ، يُقَالُ: أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ: أَيْ أَبَاحَهُ لَهُ.

وَالاِسْمُ: الإْذْنُ، وَيَكُونُ الأْمْرُ إِذْنًا، وَكَذَا الإْرَادَةُ، نَحْوُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَيُقَالُ: أَذِنْتُ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ.

وَالْفُقَهَاءُ يَحْذِفُونَ الصِّلَةَ تَخْفِيفًا، فَيَقُولُونَ: الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، لِفَهْمِ الْمَعْنَى.

وَتَأْتِي أَذِنَ بِمَعْنَى: عَلِمَ، عَلَى مِثْلِ قوله تعالي :(فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ).

وَبِمَعْنَى اسْتَمَعَ كَمَا فِي قوله تعالي :(وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ).

وَالْمَأْذُونُ اصْطِلاَحًا: هُوَ الَّذِي فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، وَأُذِنَ لِلتِّجَارَةِ، وَأُطْلِقَ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ مَوْلاَهُ إِنْ كَانَ عَبْدًا، وَمِنْ وَلِيِّهِ إِنْ كَانَ صَغِيرًا.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :

الْمَحْجُورُ :

2 - الْمَحْجُورُ لُغَةً وَاصْطِلاَحًا: هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْ نَفَاذِ التَّصَرُّفِ

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَأْذُونِ وَالْمَحْجُورِ التَّضَادُّ.

حُكْمُ الإْذْنِ لِلْمَأْذُونِ :

3 - الإْذْنُ بِالتَّصَرُّفِ لِلْمَأْذُونِ جَائِزٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِذَا قَامَ مُبَرِّرٌ لِذَلِكَ كَالْقَاصِرِ إِذَا قَارَبَ الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يُؤْذَنُ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ.

وَالأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الإْذْنُ لَهُ بِالتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّى وَلِيُّهُ الْعَقْدَ.

شُرُوطُ الْمَأْذُونِ لَهُ

4 - لِلْمَأْذُونِ لَهُ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ، مِنْهَا: التَّمْيِيزُ، وَإِينَاسُ الْخِبْرَةِ فِي التِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ.

وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صِغَرٌ ف 39).

تَقَيُّدُ الإْذْنِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِيَّةِ التَّصَرُّفِ :

5 - الإْذْنُ لِلصَّغِيرِ قَدْ يَكُونُ عَامًّا فِي كُلِّ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِأَنْ يَكُونَ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، لاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ.

فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الإْذْنَ إِنْ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، أَوْ لَمْ يُحَدَّدْ بِوَقْتٍ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الأْنْوَاعِ وَتَوَابِعِهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ رَهْنٍ وَإِعَارَةٍ.

وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فِي نَوْعٍ مِنَ التِّجَارَةِ، أَوْ حُدِّدَ الإْذْنُ بِوَقْتٍ - كَشَهْرٍ أَوْ عِدَّةِ أَشْهُرٍ - فَإِنَّ الإْذْنَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَتَوَابِعِهَا وَضَرُورَاتِهَا، فَيَنْقَلِبُ الإْذْنُ الْخَاصُّ عَامًّا، وَلاَ يَتَحَدَّدُ بِنَوْعٍ مِنَ التِّجَارَاتِ، وَلاَ بِوَقْتٍ، بَلْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ وَنَهَاهُ عَنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنِ الصَّغِيرُ مُلْزَمًا بِهَذَا النَّهْيِ، وَكَانَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ الْوَلِيُّ خِلاَفًا لِزُفَرَ.

وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عِنْدَ الإْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُجَوِّزِ الصَّاحِبَانِ ذَلِكَ، وَجَوَّزَاهُ فِي الْغَبْنِ الْيَسِيرِ الْمُحْتَمَلِ عَادَةً.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الإْذْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ، وَأَنَّ هَذَا الإْذْنَ لاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ اخْتِبَارًا وَتَمْرِينًا لِلصَّغِيرِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الصَّبِيِّ مِقْدَارًا مَحْدُودًا وَقَلِيلاً مِنَ الْمَالِ، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهَذَا الْمَبْلَغِ، وَلَكِنْ حَتَّى بَعْدَ هَذَا الإْذْنِ، فَلَنْ يَكُونَ عَقْدُ الصَّغِيرِ لاَزِمًا نَافِذًا، بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ وَجْهَانِ فِي وَقْتِ اخْتِبَارِ الصَّبِيِّ، أَحَدُهُمَا: بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَأَصَحُّهُمَا قَبْلَهُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اخْتِبَارِهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُدْفَعُ إِلَيْهِ قَدْرٌ مِنَ الْمَالِ، وَيُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُسَاوَمَةِ، فَإِذَا آلَ الأْمْرُ إِلَى الْعَقْدِ عَقَدَ الْوَلِيُّ، وَالثَّانِي: يَعْقِدُ الصَّبِيُّ وَيَصِحُّ مِنْهُ هَذَا الْعَقْدُ لِلْحَاجَةِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الإْذْنَ مَحَلُّ اعْتِبَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يُمَارِسَ التِّجَارَةَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا الْتَزَمَ الصَّغِيرُ بِهِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَعَلَى الصَّغِيرِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَا حَدَّدَهُ لَهُ الْوَلِيُّ قَدْرًا وَنَوْعًا، فَإِذَا حَدَّدَ لَهُ الاِتِّجَارَ فِي نَوْعٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ، أَوْ مَبْلَغًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذْنًا مُطْلَقًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي غَيْرِهَا مِنْ وَكَالَةٍ أَوْ تَوْكِيلٍ، أَوْ رَهْنٍ أَوْ إِعَارَةٍ.

مَنْ لَهُ حَقُّ الإْذْنِ :

6 - حَقُّ الإْذْنِ بِالتَّصَرُّفِ لِلْمَأْذُونِ يَكُونُ لِمَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَنْهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ، وَالْوَصِيُّ، وَالْقَاضِي، وَذَلِكَ بِشُرُوطٍ وَضَوَابِطَ بَيَّنَهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاضِعِهَا.

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحَاتِ (إِذْنٌ ف 27، وَلِيٌّ، وَصِيٌّ).

تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ

7 - تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ تَعْتَرِيهَا حَالاَتٌ ثَلاَثٌ: فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَافِعَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ضَارَّةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَأَرْجِحَةً بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ.

وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بَعْضُهَا تَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَبَعْضُهَا لاَ تَصِحُّ وَلَوْ بِالإْذْنِ، وَبَعْضُهَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ.

أ - فَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَكُونُ نَافِعَةً لِلصَّغِيرِ، وَلاَ تَحْتَمِلُ الضَّرَرَ: مِنْ تَمَلُّكِ مَالٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ دُونَ مُقَابِلٍ، لاَ تَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غَيْرَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ: أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ قَالُوا بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ، وَأَنْ يَقْبِضَهَا، وَيَمْلِكَهَا بِقَبْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ.

وَلَمَّا كَانَ قَبُولُ الْهِبَةِ وَقَبْضُهَا نَفْعًا مَحْضًا لاَ يَشُوبُهُ ضَرَرٌ، صَحَّ مِنَ الصَّبِيِّ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ، لأِجْلِ مَصْلَحَتِهِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصَّبِيَّ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَلاَ يَقْبِضُهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا بِهَذَا الْقَبْضِ؛ لإِِبْطَالِهِمْ سَائِرَ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ؛ لأِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَقْدَ هِبَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ أَهْلاً لإِِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَإِنْ تَمَحَّضَ نَفْعًا.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الصَّغِيرَ يَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ وَقَبْضُهَا، إِذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ وَلاَ قَبْضُهُ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ، وَلاَ بُدَّ لِمَنْ يَقْبَلُ أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لإِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلاً لِذَلِكَ إِلاَّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ.

وَلأِنَّهُ بِالْقَبْضِ يَصِيرُ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَالِ، وَهُنَاكَ احْتِمَالُ تَضْيِيعِهِ أَوِ التَّفْرِيطِ فِي حِفْظِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ عَنْهُ وَيُمْنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بِالإْذْنِ، فَإِنَّ الاِحْتِمَالَ هَذَا مَدْفُوعٌ.

ب - أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الضَّارَّةُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى ضَرَرٍ مَحْضٍ، وَلاَ تَحْتَمِلُ النَّفْعَ كَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْقَرْضِ، فَلاَ تَصِحُّ مِنَ الصَّغِيرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ.

 وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ؛ لأِنَّ الْوَلِيَّ لاَ يَمْلِكُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، فَلاَ يَمْلِكُ الإْذْنَ بِهَا.

أَمَّا الْوَصِيَّةُ، وَالصُّلْحُ، وَالإْعَارَةُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جِوَازِهَا نَظَرًا لِمَا رَأَوْهُ فِيهَا مِنْ نَفْعٍ أَوْ ضَرَرٍ.

ج - أَمَّا تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْلَ إِذْنِ الْوَلِيِّ، أَوْ بَعْدَ إِذْنِهِ، فَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الإْذْنِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا، وَيَكُونُ نَفَاذُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ، إِنْ أَجَازَهُ لَزِمَ، وَإِنْ رَدَّهُ فُسِخَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ: أَنَّ عِبَارَةَ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ صَحِيحَةٌ؛ لأِنَّهُ قَاصِدٌ لَهَا، فَاهِمٌ لِمَعْنَاهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَلاَ مَعْنَى لإِلْغَائِهَا، وَلأِنَّ فِي تَصْحِيحِ عِبَارَتِهِ تَعْوِيدًا لَهُ عَلَى التِّجَارَةِ، وَمِرَانًا وَاخْتِبَارًا لِمَدَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ إِدْرَاكٍ، مِمَّا يُسَهِّلُ الْحُكْمَ بِرُشْدِهِ، أَوْ عَدَمِ رُشْدِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي رِوَايَةٍ - إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِدُونِ إِذْنِ وَلِيِّهِ؛ لأِنَّ عِبَارَتَهُ مُلْغَاةٌ، فَلاَ تَصِحُّ بِهَا الْعُقُودُ، وَلأِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَالسَّفِيهِ، وَلأِنَّ فِي تَصْحِيحِ تَصَرُّفِهِ ضَيَاعًا لِمَالِهِ، وَضَرَرًا عَلَيْهِ؛ لأِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ، فَلاَ يَصِحُّ مِنْهُ.

أَمَّا تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الإْذْنِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ.

فَالْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: يَرَوْنَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ نَافِذٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ) وَالاِبْتِلاَءُ يَكُونُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلأِنَّ الصَّبِيَّ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ، فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، كَمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ إِذْنُهُ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الإِْذْنِ، كَمَا لَمْ يَصِحَّ قَبْلَ الإْذْنِ؛ لِقَوْلِهِ تعالي: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ»، فَلَوْ صَحَّ بَيْعُهُ لَزِمَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ مِنْ عُهْدَةٍ، وَالْحَدِيثُ يَنْفِي الْتِزَامَ الصَّبِيِّ بِأَيِّ شَيْءٍ، فَالْقَوْلُ بِصِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ يَتَنَافَى مَعَ الْحَدِيثِ، فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَصِحُّ مِنَ الْمَأْذُونِ لِلْحَاجَةِ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَبِيعَ أَوِ الثَّمَنَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ.

تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْمَأْذُونِ :

8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ السَّفِيهَ الْمَأْذُونَ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ هَذَا.

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْعَقْدِ.

وَفِي الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لِلأْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْوَجْهِ الآْخَرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَصِحُّ عَقْدُهُ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سَفَهٌ ف 26 وَمَا بَعْدَهَا).

________________________________________________________________

مجلة الأحكام العدلية

مادة (968) الإذن بالتجارة لأجل التجارة

للولي أن يسلّم الصغير المميّز مقداراً من ماله ويأذن له بالتجارة لأجل التجربة فإذا تحقق رشده دفع وسلم إليه باقي أمواله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 178)
الصبي أو العبد المأذون له بالتجارة تصح عقود بيعه وشرائه وتوكيله غيره بالبيع والشراء وإجارته واستئجاره ومزارعته ومساقاته ورهنه وارتهانه ويجوز إقراره بدين أو عين لم تقبل شهادته له أو عارية أو وديعة وحطه من الثمن بعيب قدر ما يحط التجار وتجوز له المحاباة وتأجيل الدين والصلح عن دين له على بعضه إن لم تكن له بينة وليس له أن يقرض ولا يهب ولا يكفل عن غيره.