loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 139

المذكرة الإيضاحية :

ثالثاً - عيوب الرضا :

نظرة عامة :

تتضمن النصوص المتعلقة بالغين أهم ما استحدث المشروع من أحكام بشأن عيوب الرضاء، فقد اقتفت هذه النصوص أثر التقنيات الجرمانية ، والمشروع الفرنسي الايطالى ، وجعلت من الغين سبباً عاماً للبطلان النسي أو انتقام العقود، إذا أتيح لأحد المتعاقدين أن يستأثر برح فاحش، من طريق استغلال حاجة المتعاقد الآخر أو طيشه، وقد يؤخذ على هذا الحكم أن أعماله ينتهي إلى تحكم القاضي يد أن في سابقات التشريع ما يحمل على التغاضي عن هذا النقد، والاطمئنان إلى ماجرى عليه المشروع فالتقنيات الحديثة ، وفي طليعتها التقنين الألماني، والتقنين السويسري والتقنين الفرنساوى (المعدل) و التقنين البولوني ، والتقنين اللبناني ، والتقنين الصيني ، والتقنين السوفيتي ، بل والمشروع الفرنسي الايطالى رغم نزعته المحافظة ، تجعل جميعاً من الغبن سبباً عاماً للبطلان ثم أنه ليس ثمة ما يدعو إلى الأشفاق من تحكم القاضي في هذه الحالة أكثر من سواها ، فهو بذاته القاضي الذي يتولى في حياته اليومية تقدير الغلط الجوهري والنية الحسنة والباعث المشروع والضرر الجسيم والباعث المستحث وما إلى ذلك.

على أن النص على الغين، بوجه عام، لا يستتبع إطراح الأحكام التقليدية الخاصة بيصور معينة منه يعبر فيها عن معناه بالأرقام ، توخياً لإحلال الكم محل الكيف ، أحوال الغبن في البيع والقسمة والإتفاق على سعر الفائدة .

ويراعي من ناحية أخرى أن المشروع استحدث أحكاماً جزيلة الفائدة بشأن ما يشوب الرضا من عيوب أخرى، فواجه مسائل عديدة أغفلها التقنين المصري الحالي ، كالغلط المشترك، والغلط في القانون ، وغير ذلك ثم إنه عدل النصوص المتعلقة بالتدليس تعدیلاً يكفل زوال الخلاف القائم بين النصوص العربية والنصوص الفرنسية في التقنين الحالى وتناول ، فوق ذلك ، مسائل أخرى كسكوت أحد المتعاقدين عمداً عن واقعة يجهلها المتعاقد الآخر أما النصوص الخاصة بالإكراه ، فقد روعي في وضعها ، أن تكون متناسقة مع ما ورد بشأن التدليس بالاكراه ، سواء أكانت صادرة من أحد المتعاقدين أم من الغير ، له ما للتدليس من أثر في صحة العقد وقد قضى المشروع ، فيما يتعلق بتقدير الإكراه ، على التناقض المعيب ، الذي تنطوي عليه نصوص التقنين الحالي ( أنظر المادة 135/195 من التقنين المصرى، وكذلك المادة 1112 من التقنين الفرنسي، والمادة 18 من المشروع الفرنسي الإيطالي ) بأن احتكم إلى معيار شخصي بحت، قوامه الاعتداد جنس المكره، و سنه وحالته الاجتماعية والصحية ومزاجه ، وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جمامة ما يقع عليه .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- كان من واجب المشرع أن يقطع برأي معين ، في مسألة المفاضلة بين اشتراط توافر الغلط المشترك، وهو مايقوم بدهن العاقدين معاً، والاجتراء بالغلط الفردی وقد اكتفي المشروع بالغلط الفردي بوجه عام ، بيد أنه اشترط لترتيب حكم الغلط عند عدم اشتراك طرق التعاقد فيه ، أن يكون أحدهما قد جر الأخر إليه بموافقة أو أن يكون عالماً بوقوعه ، أو أن يكون من السهل عليه أن يتبينه ، ويلاحظ أن المتعاقد الأخير ، في هذه الفروض الثلاثة ، ينسب إليه أمر يرتب مسئوليته وهذا مايبرر طلب البطلان أما إذا بقي بمعزل عن ظروف الغلط ، بأن وقف موقفاً الاجر إلى الوقوع فيه أو امتنع عليه العلم به أوتيته ، فلا يجوز التسليم ببطلان العقد إلا إذ سلم بوجوب تعويض هذا المتعاقد ، عملاً بنظرية الخطأ في تكوين العقد، وهذا هو ما اتبعه التقنين الألماني ( انظر المادة 122 منه وانظر أيضاً المادة 26 من التقنين السويسري ، والمادة 91 من التقنين الصيني) أما المشروع فقد ذهب إلى ماهو أيسر من ذلك فبدلاً من أن يخول من وقع في الغلط حق التمسك بالبطلان ، ثم يلزمه في ذات الوقت بتعويض مايصيب العاقد الآخر من خسارة ، جعل للعقد حكم الصحة وهي بذلك أجدى تعويض لهذا العاقد وليس هذا إلا تطبيقاً تشريعياً خاصاً لنظرية الخطأ في تكوين العقد ( أنظر في هذا المعني : المادة 137 من التقنين البولوني و المادة 178 من التقنين المساری والمادتين 661 و 662 من التقنين البرتغالي والمادة 207 من التقنين اللبناني ).

هذا وينبغي التنويه بأمرين :

أولها أن الغلط الذي يبرر أبطال العقد، وهو ما يشترك فيه المتعاقدان ، أو يتسبب فيه أحدهما، أو يعلم به ، أو يكون في مقدوره أن يعلم به ، قد يلقب اصطلاحاً بالغلط المغتفر .. ويصبح الغلط و غير مغتفر ،، ولا يؤدي بذلك إلى إبطال العقد ، إذا وقع فيه أحد المتعاقدين دون أن يشاركه فيه المتعاقد الآخر ، أو يجره إليه ، أو يعلم به ، أو يستطيع العلم به.

والثاني أنه لا يقصد بعلم الطرف الأخر بالغلط تبينه واقعة الغاط حسب ، بل ووقوفه على أن هذا الغلط كان دافعاً إلى إبرام العقد.

2 - وينبغي أن يكون الغلط المبطل للعقد جوهرياً ولا يتحقق ذلك ، إلا إذا دفع من وقع فيه إلى التعاقد  ومؤدى هذا أن يناط تقدير الخلط بمعيار شخصی وقد انتهى القضاء المصري والقضاء الفرنسي ، في هذا الشأن ، إلى تطبيقات ثلاثة - تقررت في نصوص المشروع :

(أ)  أولهما يتعلق بالغلط الذي يقع في صفة للشيء ، تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين ، أو بالنسبة لما يلابس العقد من ظروف، ولما ينبغي أن يسود التعامل من حسن النية وفي هذا الفرض يرتبط تقدير الغلط الجوهري بعامل شخصی ، هو حسن النية ، وبعامل مادی ، قوامه الظروف التي لابست تكوين العقد.

(ب) والثاني يتصل بالغلط الواقع في ذات الشخص المتعاقد ، أو في صفة من صفاته ، إذا كانت هذه الذات ، أو تلك الصفة ، السبب الوحيد ، أو السبب الرئيسي في التعاقد ، والمعيار في هذا الفرض شخصي بحت.

(ج) والثالث خاص بالغلط الواقع في أمور يعتبرها من يتمسك به من المتعاقدين ، عناصر ضرورية للتعاقد ، طبقاً لما تقضى به النزاهة في التعامل وقد تنطوى صورة الغلط في الباعث في هذا التطبيق الثالث بيد أنه يتعين الرجوع  عند الإثبات ، إلى عنصر موضوعي أو مادی بخت ، هو عنصر نزاهة التعامل  ويتضح من ذلك أن تقدير الغلط وإن كان قد نيط بمعيار شخصي بحت إلا أن تيسير الإثبات ، قد اقتضى الاعتداد بعناصر مختلفة ، فيها الشخصي والمادي .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 167 من المشروع واقترح حذف عبارة ( ولو لم يرتكب خطأ ، قد جره بموقفه إلى الوقوع في الغلط ) لأن هذه العبارة تفترض حالة يندر وقوعها وإذا وقعت أمكن أن تندرج تحت حالة من الحالات الأخرى .

واقترح كامل مرسي بك حذف عبارة ( وقت إتمام العقد ) لعدم ضرورتها .

فوافقت اللجنة على ذلك و أصبحت المادة في صيغتها النهائية ما يأتي :

,إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه .

ثم قدمت بعد استبدال عبارة ( في هذا الغلط ) بعبارة ( في الغلط ).

وأصبح رقم المادة 124 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

 وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 124 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة السابعة

تليت المادة 124 وهذا نصها :

إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه .

فذكر الدكتور بغدادی شرحاً لهذه المادة أن المشروع وضع قاعدة عامة هي أن الغلط الجوهري يجيز إبطال العقد بشرط أن يكون هذا الغلط فردياً يعلم الطرف الأخر به أو يفرض فيه العلم به أو مشتركاً بين المتعاقدين، أما الغلط الفردي الذي لا يعلم به الطرف الآخر وامتنع عليه العلم به فلا يبطل العقد وضربه حضرته لذلك مثلاً بشخص يبيع لأخر ساعة على أنها ذهب وهو لا يعرف أنها ساعة مطلية بالذهب وقد وجه النظر إلى أن المشروع لم يخرج على ما قرره القانون الحالى لأنه يستفاد من النص الفرنسي للمادة 134 مدنى أهلى هذا الحكم وقد حكمت المحاكم استناداً على هذا النص الفرنسي بأن الغلط الفردي لا يكفي لإبطال العقد لأنه لم يحصل في المحيط التعاقدي .

 وإذا أرید - مارغب بعض حضرات الأعمام - استبدال كلمة سواء ، بكلمة إن الشرطية في عبارة , إن كان المتعاقد الآخر، الخ فإن هذه الكلمة لا تؤدي معنى الإبعاد فقد تفيد الاستغراق ولكنها لا تفيد الحصر أما إذا قيل إن كان ، فإنها تخرج صوراً كثيرة من نطاق تطبيق هذه المادة وهو المطلوب.

وقد أضاف عبده محرم بك على ذلك بأن هذا النص ما شرع إلا حماية للشخص الذي لم يقع في غلط و القصد منه استقرار المعاملات.

وضرب أمثلة لبيان أحوال تطبيق هذه المادة فبالنسبة للخلط المشترك بشخص يبيع ساعة على أنها من ذهب وهو لايعرف ولا المتعاقد معه يعرف كذلك أنها مطلية بالذهب وبالنسبة للغلط المعلوم عند أحد المتعاقدين أو الغلط الذي يسهل على أحدهما أن يتبينه بتاجر يعرض تمثالاً للبيع بثلاثة جنيهات فيشتريه أحد الفنيين بهذه القيمة وهو يعلم أنه يساوي أكثر منها بكثير لأنه مثلا تمثال حقيقي لنابليون.

وضرب مثلًا آخر بشخص يشترى طلمية رى ويتفق مع التاجر على دفع 200 جنيه ثمنا لها يدخل فيه عملية التركيب وعين له المكان اللازم لتركيب هذه الطلبة ، وبعد ذلك تبين التاجر عند تركيب الطلبة أن الأمر يحتاج إلى كمية من المواسير أكثر من التي قدرها وترتب على ذلك أن زاد الثمن المتفق عليه .

وقد وجهت إلى هذه المادة عدة اعتراضات فاعترض معالی حلمی باشا على نظرية الغلط المشترك التي هي الحكم الأساسي فيها وقال بأنه يجب ألا تعدل عن قواعد الغلط المعروفة في القانون الحالى ويجب أن ينصب هذا الغلط على ماهية الشيء دون الأشخاص وبذلك يكون المعيار سليمها.

واعترض سعادة علوية باشا على عبارة المادة بأنها معقدة وتحتاج إلى إيضاح واقترح أن يقتصر النص على ما يأتي :

إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد .

فأجاب الدكتور بغدادي على اعتراض على عيسى باشا بأن الكلام عن الغلط في ماهية الشيء منصوص عليه في القانون الفرنسي ولكن عند التطبيق أخذت المحاكم بنظرية الخلط الجوهري وأن المعيار مازال سلماً لأنه إذا قيل إن العقد ينعقد بالإيجاب والقبول فالمقصود الإيجاب والقبول فيما يتعلق بالمسائل الداخلة في نطاق العقد .

ولا يعقل أن يبطل العقد لمجرد الاعتقاد الخاطيء الذي لا يتصل بهذا النطاق ثم رد على اعتراض سعادة علوية باشا بما جاء في المذكرة الإيضاحية شرحاً لهذه المادة فقال :

كان من واجب المشروع أن يقطع برأي معين في مسألة المفاضلة بين اشتراط توافر الغلط المشترك وهو مايقوم بذهن العاقدين معاً والاجتزاء بالغاط الفردي . 

ثم استمر في تلاوة المذكرة فقال :

وقد اكتفي المشروع بالغلط الفردي بوجه عام بيد أنه اشترط لترتيب حكم الغلط ... الخ..

وقد استعرضت النصوص التشريعية في البلاد الأخرى لمقارنتها بهذه المادة و منها القانون اللبناني الذي وضعه الفرنسيون فتبين منه أنه يقضي بأن الغلط الفردي لا يوجب البطلان إلا في حالة واحدة .

وبعد مناقشة لم تنته اللجنة فيها إلى رأي قرر سعادة الرئيس تأجيل المناقشة في هذه المادة إلى الجلسة القادمة وطلب من مندوب الحكومة إحضار الأحكام الحديثة الأهلية والمختلطة في موضوع الخلط حتى تستأنس اللجنة بها في تقرير الأخذ بالغلط الفردي أو الغلط المشترك .

محضر الجلسة الثامنة

لم تكن اللجنة قد انتهت إلى قرار بخصوص المادة 124 ولكي يزيدها عبده محرم بك شرح و تفسيراً تلا حضرته ما جاء في كتاب السنهوري باشا في نظرية العقد خاصاً بالغلط المشترك صفحة 378 - 379 :

كثيراً ما يتناقش الفقهاء فيما إذا كان الغلط على فرض أنه إذا وقع في حالة من الأحوال التي يكون فيها سبباً في البطلان يكفي أن يكون فردياً أي قائماً في ذهن المتعاقد الذي وقع في الغلط وحده أو يجب أن يكون مشتركاً أي قائماً في ذهن المتعاقدين معاً وقد انقسموا إلى فريق يأخذ بالرأي الأول وفريق يأخذ بالرأي الثاني وقد تستغرب المناقشة في أمر كهذا فإنه متى سلمنا بأن إرادة أحد المتعاقدين قد شابها غلط كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد وجب القول بطلان العقد سواء كان المتعاقد الآخر قد اشترك معه في الغلط أول يشترك ولكن الفقهاء الذين يقولون بالغلط المشترك إنما يقصدون من وراء هذا استقرار المعاملات وثباتها لأن الغلط قد أصبح الآن معیاره نفسياً يرجع فيه إلى نية المتعاقد فإذا لم يكن مشتركاً وانفرد به أحد المتعاقدين فاجأ المتعاقد الذي انفرد بالغلط المتعاقد الأخر بطلب بطلان العقد والمتعاقد الآخر لا يعلم من أمر هذا الغلط شيئاً لأنه لم يشترك فيه فتزعزع المعاملات ولا يأمن أي متعاقد أن يرى العقد الذي اطمأن إليه قد انهار بدعوى الغلط التي يقدمها الطرف الأخر وهو بعد لم يدخل في سريرة هذا الطرف فيعلم أن هذا كان قد صدر رضاؤه عن غلط أما إذا كان قد اشترك معه في الغلط م تبين بعد ذلك حقيقة الأمر فمن العدل أن يقره على بطلان العقد السبب هو نفسه قد اشترك فيه ولا يعود هناك وجه للتذمر من تقلقل المعاملات و عدم استقرارها.

ثم علق على ذلك قائلاً إن العدالة تستوجب الإكتفاء بالغلط الفردي ولكن استقرار المعاملات - وهو ما يهدف إليه هذا المشروع تقتضي وضع قيود أخرى أبدى معالى حلی عیسى باشا عدم قبوله لهذه النظرية خصوصاً وأن النظرية الفرنسية تتفق وما جاء في مرشد الحيران من أحكام هذا الخصوص ثم قال إن هذه النظرية الفرنسية تفرق بين الغلط في ماهية الشيء والغلط في صفة من صفاته ، وإن هذا التفريق معقول وقال إن الغلط في ماهية التي سواء سمي ، غلطاً في محل العقد أو غلطاً في الأوصاف الأساسية للشي ، غلط من نوعين، Erreur obstacle يجيز إبطال العقد و Erreur de nullite ويقع العقد من أجله باطلاً واستطرد قائلاً إن الأخذ بنظرية الغلط المشترك إهدار النظرية الغلط نفسها لأنها تستوجب أن يثبت المتعاقد أن المتعاقد الآخر وقع هو أيضا في غلط ولا يخفى ذلك من صعوبة خصوصاً وأن الغلط مسألة نفسية .

واتهی سعادته إلى أنه لكل هذه الاعتبارات برى الأخذ بنظرية الغلط الفردی ولا شك أنه ستكون هناك ضوابط ثابتة إذا ما وضعت ماهية الشيء محل اعتبار .

وأن الأخذ بنظرية الغلط الفردي لا تمنع الطرف الذي وقع في غلط من طلبه إبطال العقد وأنها في الوقت نفسه لا تمنع الطرف الآخر من طلب التعويضات لما لحقه من ضرر من جراء وقوع الطرفي الأول في هذا الغلط .

وختم كلامه قائلاً إن في الأخذ بنظرية الغلط المشترك بعيداً عن العدل وعن المنطق ، فقال سعادة الرئيس إنه يجب أن نفرق بين حالتين : أولاً ما هو الغلط الأساسي ؟ ثانياً هل يجب الأخذ بنظرية الغلط المشترك أو الغلط الفردى .

فأما عن النقطة الأولى فإن القانون الفرنسي تكلم عن الغلط قائلاً : إنه ما بقع على ذات الشيء وفي تفسير ذلك ذهب الشراح ثلاثة مذاهب اثنين منها ماديين المعيار فيهما ماهية الشيء أو طبيعة المعاملات وآخر شخصى المعيار فيه هو الغرض الذي من أجله عقد العقد وهذا ما أخذت به المادة 134 من قانوننا الحالي .

ثم لاحظ سعادته أن المادة 124 من المشروع تتكلم عن الغلط الجوهرى ولكنها لم تعرفه وأنه كان لا بد أن يحدد فيها هذا الغلط الجوهرى ثم قال إن من رأيه أن يؤخذ بالمادة 134 لأنه لا يميل إلى الإشارة إلى ماهية الشيء حتى لا ينقسم الرأى كما هو الحال في فرنسا وأن هناك أحوالاً لا تكون فيها ماهية الشيء محل اعتبار وضرب سعادته لذلك مثلاً بمن يشتري شمعداناً لنابليون بمبلغ كبير سواء كان هذا الشمعدان مصنوعاً من الفضة أو مطليا بها فقيمته ليست في مادته وإنما هي في كونه لنابليون.

ثم تكلم سعادته عن النقطة الثانية فقال إنه كان يرى الأخذ بنظرية الغلط الفردي على إطلاقها ولكنه أمام ما استقر عليه القضاء في المحاكم الفرنسية والمصرية من الأخذ بنظرية الغلط المشترك ونظرية العالم بالغلط قد اقتنع بهاتين الأخيرتين و تأييداً لذلك تلا سعادته نبذة من كتاب و التون في نظرية الالتزامات ( ص 169 – 170 ) وضرب مثلاً آخر من أحكام المحاكم في فرنسا بشخص اشترى قطعة أرض ليقيم عليها مدرسة وكان يجهل أن هناك قانوناً يحدد مساحات معينة لبناء المدارس كان يعلم البائع بوجوده ولم ينبه المشتري إليه بالرغم من أنه قال له إنه يشتري الأرض ليبنى عليها مدرسة ولما شرع المشتري في بناء المدرسة تبين له أن مساحة الأرض لا تتفق مع التحديد الوان بهذا القانون فرفع الأمر القضاء طالبا إبطال العقد حكمت له المحكمة بذلك .

فقال سعادة علوية باشا إن في رأيه أن المحكمة قد أخطأت الحكم لأن المفروض أن يعلم كل إنسان بالقانون وأنه لا يمكن الاحتجاج بالجهل به لطلب إبطال العقد فأجابه سعادة الرئيس أن الغلط في هذا المثل منصب على La substance merce لأنه لو علم بوجود هذا القانون لما عقد العقد .

وتكلم سعادة علوية باشا عن نص المادة 124 قائلاً إنه جاهد وكان الواجب أن يكون مرنا ليساير التطور ، وأن المشرع كأنما أراد أن يمنع القاضي من التصرف في كل قضية حسب ظروفها ثم قال إنه يظن أن الكل يتفق معه في أنه يجب ألا تكون في المادة قيود كثيرة كهذه .

فوافقه سعادة العشماوي باشا على ذلك ، وأضاف إليه أنه يجب الحرص دائماً على التحقق من سلامة الرضا، وأن الغاط مفسد له دون أي ارتباط بالطرف الآخر واقترح أن يقصر النص على ما يأتي :

إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد ، لأن النص كما ورد في المشروع يؤدي إلى عدم الانتفاع بالغلط إطلاقاً .

فقال الدكتور حسن بغدادی بأن هناك أمر من الأمر الأول أن هناك قاعدة تقضي بأن الغلط موجب لفساد الرضا والأمر الثاني هل أخذ القانون الحالى بهذه القاعدة أم لا أما عن الأمر الأول فلا شك في أن القول بأن كل إنسان يتعاقد بإرادته صحيح ، ولكن أصح منه أن هذه الارادة التي تنصرف إلى إنشاء عقد من العقود ليست إرادة منعزلة ، وإنما هي إرادة تعاقدية أي يجب أن ينظر إليها في نطاق العقد وقد ساير التشريع الحالى هذه القاعدة المنطقية فأوجب أن يكون الغلط واقعة في محيط العقد.

ولما فسر الشراح هذا النص قالوا : إنه يجب أن يشترك الطرف الأخر في الغلط في أصل الموضوع المعتبر في العقد، واستشهد بما جاء في كتاب بستوروس الجزء الثاني ص 342 تعليقاً على المادة 194 مختلط .

ثم قال إنه في باديء الأمر كان الفقه مؤيدة لنظرية الغلط الفردي ، ولكن سرعان ما انضم الفقه إلى القضاء في تعديل هذه النظرية.

اقترح معالي حلمي عيسى باشا إبقاء القديم على قدمه .

فرد على معاليه الدكتور بغدادی بأن هذا هو الذي حدث بالفعل ، ولكن على طريقة أخرى، لأنه يؤخذ على المادة 134 أنها تكلمت عن مادة الشيء وقد أحدك هذا لبسة لأنه قد يكون سبب الإبطال هو الغلط في غير مادة الشيء معمل العقد - المراد بالغلط الجوهري أن يرد على الاعتبار الأساسي الدافع على التعاقد .

فأجاب سعادة الرئيس بأن هذا الغلط الجوهري الذي رد على الاعتبار الأساسي الدافع على التعاقد يجب أن يكون ملتصقاً بمحل العقد.

تم أخذ الرأى عما إذا كان ينص على اشتراط على المتعاقد الآخر أو إمكان عليه بالغلط أو يطلق النص دون تخصیص.

قرار اللجنة :

قررت أغلبية اللجنة إطلاق النص دون قيد أو تخصيص وكان من رأی سعادة الرئيس النص على اشتراط علم المتعاقد الآخر فقط ، وبذلك أصبح نص المادة كما يأتي :

إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد.

ثم تليت المادة 125 وهذا نصها :

1- كون الغلط جوهرية إذا بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط وقدر الأمور تقدیر معقولاً .

2 - ويعتبر الغلط جوهرياً على الأخص :

(1) إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية في اعتبار المتعاقدين ، أو يجيه اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية .

(ب) إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الوحيد أو السبب الرئيسي في التعاقد .

اعترض سعادة الرئيس على هذه المادة لأن تعرين الغلط فيها تعريف غير دقيق فهي تتكلم عن الكم لا عن الكيف فتقول : يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ حداً من الجسامة فاهي هذه الجسامة ؟ لم يعرفها النص ، والواجب يقضي بتباين ماهية هذا الغلط أولا ومحل وقوعه ثانياً.

أما ما جاء في الفقرة الثانية فيما هو إلا أمثلة لا ضوابط .

ثم اقترح حذف المادة وإضافة فقرة جديدة للمادة 124 هذا نصها : 

ويعتبر الغلط جوهرياً متى كان واقعة في أصل الموضوع المعتبر في العقد : فقال عبده محرم بك : إن هذا الاقتراح لا يفيد الأخذ لا بالعيار الشخصي ولا بالمعيار المادي فا هو أصل الموضوع المنبر في العقد ؟ قد يكون القيمة كما أنه قد يكون الباعث ، فالاقتراح لا يختلف عن الفقرة الأولى من المادة 125 بل يطابقها .

فقال سعادة المشاري باشا : إن من رأيه ألا ينص على أي معيار شخصي لأنه لا يمكن ضبطه ، بل يجب أن ينص على معيار ( Positif ) ولذلك رأی حذف الفقرة الأولى لأن بقاءها سيثير إشكالات كثيرة .

فرد عليه الدكتور بغدادی قائلاً : بأنه لا شك في أن التعاقدين مطلق الحرية في الارتفاع بأي اعتبار من الاعتبارات إلى مستوى الاعتبار الرئيسي الحافز للتعاقد .

ولكن العشماوي باشا عاد واقترح إلغاء المادة 125 وإضافة فقرة جديدة إلى المادة 124 هذا نصها :

ويكون الغلط جوهرياً إذا وقع في صفة للشيء تكون جوهرية أو إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته ، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الوحيد أو السبب الرئيسي في التعاقد . 

فلاحظ عبده محرم بك أن هذا الاقتراح ينقلنا إلى القانون الفرنسي، وقد أطرش الفقه والقضاء على نقده فرد عليه سعادة الرئيس قائلاً : يجب أن ينص على كل من العنصرين المادي والشخصي في الاقتراح .

فاقترح سعادة علويه باشا إضافة فقرة ثانية إلى المادة 124 يستعاض بها عن المادة 125 تجمع بين العنصر المادي والعنصر المعنوي هذا نصها :

 يكون الغلط جوهرياً إذا وقع في ذات الشيء أو ذات المتعاقد أو في صفة من صفاتهما، وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي للتعاقد . 

اعترض عبده محرم بك على هذا النص المقترح بأنه لا يشمل الغلط في غير الذات والصفة أي في البواعث مثلاً وأحكام المحاكم المختلطة مطردة في الحكم بهذا .

فسأله سعادة الرئيس عما إذا كان المشروع يرمي إلى حماية البواعث . فأجابه عبده محرم بك بالإيجاب .

ثم أخذ الرأي على اقتراح سعادة علوبة باشا

قرار اللجنة :

وافقت اللجنة بالإجماع على اقتراح سعادة علوبه باشا وترتب على ذلك حذف المادة 125 وأصبح نص المادة 124 ما يأتي :

إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد .

ويكون الغلط جوهرية إذا وقع في ذات الشيء أو ذات المتعاقد أو في صفة من صفاتهما وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي للتعاقد .

محضر الجلسة الخامسة والأربعين

مادة 124 - سبق للجنة أن عدلتها بالحذف والإضافة وقد طلبت الحكومة إعادة المادة إلى أصلها وإرجاء البت في ذلك إلى جلسة قادمة .

محضر الجلسة الثامنة والأربعين تليت المادتان 124 و 125 وهما خاصتان بالغلط فاعترض معالي السنهورى پاشا أولا على التعديل الذي أدخلته اللجنة على المادة 124 بحذف عبارة إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به ، أو كان من السهل عليه أن يتبينه وقال بعد شرح نظرية الغلط في القانون الفرنسي ، إن أحكام القضاء في فرنسا عدلت عن نظرية الغلط الفردي في إطلاقها وقيدتها، وأن القضاء المصری سایر التطور ، ثم طلب إعادة المادة إلى أصلها .

قرار اللجنة :

وافقت اللجنة على المادة 124 كما أقرها مجلس النواب وأصبح رقمها 120.

 محضر الجلسة الثانية والستين

يقول حضرات مستشاري محكمة النقض أن المادة 120 تبين حكم الغلط و تقید أثره بأن يكون مشتركاً والأفضل عند حضراتهم عدم الأخذ بنظرية الغلط المشترك على الصورة التي ذهب إليها المشروع وتقرير ما جرى به قضاء محكمة النقض والفقه الحديث .

وقد ذكر حضرة مندوب الحكومة أن فكرة الغلط الفردي في إطلاقها تخل استقرار المعاملات و تفسح المجال لضروب من الادعاءات والمفاجآت انعقد الإجماع على وجوب توقيها .

واستطرد حضرته فقال إن نص المشروع في الغلط يتمشى مع النظرية التقليدية ولا تزال هذه النظرية صالحة للعمل بها فهي تؤدي إلى تحصيل نفس النتائج التي يصل إليها الفقه الآن عن طريق نظريات أخرى ، هذا إلى أنها تمتاز بالوضوح وهي بعد تستعرض فروضة مختلفة في الغلط إذا كانت تشترك جميعاً في أن الغلط فيها مبطل للعقد فإنها تختلف في بقية الأحكام فالغلط إذا كان مشتركاً بين البائع والمشتري كان البائع حسن النية ولا يتعرض إلا إلى إبطال العقد أما إذا انفرد المشتري بالغلط فالبائع إما أن يكون على علم بذلك ويكون سيء النية ويلزم فوق إبطال العقد بالتعويض وهذه حالة أدني ما تكون إلى التدليس ، وإما أن يكون من السهل عليه أن يتبين غلط المشتري وقد يكون في الظروف، في هذه الحالة ما بين اعتباره مقصراً وإلزامه بالتعويض بسبب هذا التقصير .

 قرار اللجنة :

رأت اللجنة بعد هذا الشرح عدم الأخذ بالاقتراح .

محضر الجلسة السادسة والستين

اقترح الدكتور حامد زي بك العدول عن الغلط المشترك الوارد في المادة 120 فلم توافق اللجنة على هذا الاقتراح.

قرار اللجنة :

لم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن فكرة الغاط الفردي في إطلاقها تخلى باستقرار المعاملات و تفسح المجال لكثير من الادعاءات والمفاجآت انعقد الإجماع على وجوب توقيها .

ملحق تقرير اللجنة

اقترح الإعراض عن نظرية الغلط المشترك كما تقررها المادة 120 من المشروع ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن فكرة الغلط الفردي في إطلاقها تخل باستقرار المعاملات و تفسح المجال لضروب من الادعاءات والمفاجآت انعقد الإجماع على وجوب توقها ونص المشروع في الغلط يتمشى مع النظرية التقليدية ، ولا تزال هذه النظرية صالحة للعمل بها ، فهي تؤدي إلى تحصيل نفس النتائج التي يصل إليها الفقه الآن من طريق نظريات أخرى ، هذا إلى أنها تمتاز بالوضوح وهي بعد تستعرض فروضاً مختلفة في الغلط إذا كانت تشترك جميعاً في أن الغلط فيها مبطل للعقد فإنها تختلف في بقية الأحكام ، فالغلط إذا كان مشتركاً بين البائع والمشتري كان البائع حسن النية ولا يتعرض إلا إلى إبطال العقد، أما إذا انفرد الشتري بالغلط فالبائع إما أن يكون على علم بذلك ، ويكون سيء النية ويلزم فوق إبطال العقد بالتعويض ، وهذه حالة أدني ما تكون إلى التدليس ، وإما أن يكون من السهل عليه أن يتبين غلط المشتري ، وقد يكون في الظروف في هذه الحالة ما يحين اعتباره مقصرة وإلزامه بالتعويض بسبب هذا التقصير .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحكام

1- النص فى المادة 120 من القانون المدني على أن "إذا وقع المتعاقد فى غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد، إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله فى هذا الغلط أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه" وفي المادة 121/1 منه على أن "يكون الغلط جوهرياً إذا بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع فى هذا الغلط" يدل على أن المشرع يعتد بالغلط الفردي سبباً لإبطال العقد، وعودة طرفيه إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرامه، واشترط لذلك أن يكون هذا الغلط جوهرياً - وهو ما يتحقق إذا كان هو الدافع إلى إبرام العقد - وأن يكون المتعاقد الآخر عالماً به أو فى مقدوره أن يعلم به.

(الطعن رقم 5524 لسنة 63 جلسة 2001/04/17 س 52 ع 1 ص 531 ق 110)

2- تقدير ثبوت الغلط المصحوب بالتدليس الذى يجيز إبطال العقد أو عدم ثبوته هو من المسائل التى تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض ما دام قضائها مقاماً على أسباب سائغة .

(الطعن رقم 8240 لسنة 65 جلسة 1997/06/23 س 48 ع 2 ص 952 ق 184)

3- توهم غير الواقع الذى يخالط الإدارة عند تكوين العقد هو من قبيل الغلط الذى نظم المشرع أحكامه من فى المواد من 120 إلى 124 من القانون المدنى . فجعل للمتعاقد الذى وقع فيه أن يطلب أبطال التصرف الذى شابه متى كان الغلط جوهريا ووقع فيه المتعاقد الآخر أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتنبه .

(الطعن رقم 349 لسنة 60 جلسة 1994/07/12 س 45 ع 2 ص 1192 ق 225)

4- المقرر طبقا لنص المادة 120 من القانون المدنى أنه يجوز للمتعاقد الذى وقع فى غلط جوهرى أن يطلب ابطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله فى هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه ، وأن ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية يستقل قاضى الموضوع بتقديرها .

(الطعن رقم 1862 لسنة 59 جلسة 1994/02/17 س 45 ع 1 ص 382 ق 80)

5- إدعاء المؤجر بوقوعه فى غلط فى القانون عند تحديد الأجرة بأقل من الأجرة القانونية بما يترتب عليه بطلان العقد بشأنها بطلاناً نسبياً يستلزم و على ما نصت عليه المادتان 120 ، 122 من القانون المدنى أن يثبت إشتراك المتعاقد الآخر معه فى هذا الغلط أو كان يعلم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه و يقع على المؤجر عبء إثبات وقوعه فى الغلط و إتصال المتعاقد الآخر بذلك بجميع طرق الإثبات القانونية لما كان ذلك و كان دفاع الطاعنه المستأجره أمام محكمة الموضوع قد قام على نفس وقوع الغلط المدعى به لخلو العقد من بيان القوانين المنطبقة عليه إلا أن الحكم المطعون فيه الذى أيد الحكم الإبتدائى لأسبابه بعد أن أثبت وقوع المؤجر فى غلط فى القانون عند تحديد الأجرة رتب على ذلك ابطال الإتفاق على القيمة التى حددها الطرفان للأجرة فى العقد دون أن يتحقق من إتصال الطاعنة " المستأجرة " بهذا الغلط على أى وجه من الوجوه مما مفاده أن الحكم قد أكتفى بثبوت الغلط الفردى فى جانب المطعون ضده و أعمل اثره على العقد بإبطاله الأمر الذى يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 769 لسنة 50 جلسة 1987/12/09 س 38 ع 2 ص 1070 ق 226)

6- النص فى المادة 120 من القانون المدنى على أنه " إذا وقع المتعاقد فى غلط جوهرى جاز له أن يطلب إبطال العقد إن كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله فى هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه و فى المادة 121 منه على أنه " يكون الغلط جوهرياً إذ بلغ حداً من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع فى هذا الغلط ... " و فى المادة 140 على أنه " يسقط الحق فى إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات و يبدأ سريان هذه المدة فى حالة نقص الأهلية من اليوم الذى يزول فيه هذا السبب و فى حالة الغلط أو التدليس من اليوم الذى ينكشف فيه ... " فإن مفاد هذه النصوص أن مدة التقادم المنصوص عليها فى المادة 140 مدنى لا تسرى إلا إذا كان العيب جسيماً بحيث لو علم به المتعاقد وقت العقد لما تعاقد عليه و أن يكون المتعاقد الآخر قد وقع فى نفس الغلط بأن كان يجهل وجود هذا العيب أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه ، و النص فى المادة 449 من القانون المذكور على أنه " إذا تسلم المشترى المبيع وجب عليه التحقيق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف فى التعامل فإذا إكتشف عيباً يضمنه البائع وجب عليه أن يخطره به خلال مدة معقولة فان لم يفعل إعتبر قابلاً للمبيع " و فى المادة 452 منه على أن " تسقط بالتقادم دعوى الضمان إذا إنقضت سنة من وقت تسليم المبيع ولو لم يكتشف المشترى العيب إلا بعد ذلك ما لم يقبل البائع أن يلتزم بالضمان مدة أطول على أنه لا يجوز للبائع أن يتمسك بالسنة لتمام التقادم إذا ثبت أنه تعمد إخفاء العيب غشاً منه " مفاده أن دعوى ضمان العيب فى الشىء المبيع تسقط إما بعدم إخطار المشترى البائع بالعيب فى الوقت الملائم لإهماله فى فحص الشىء أو الإخطار عنه و إما بإنقضاء سنة من وقت تسليم المبيع و لو وقع الإخطار أو لم يعلم المشترى بالعيب إلا بعد ذلك ما لم يكن هناك غش من البائع بأن تعمد إخفاء العيب.

(الطعن رقم 357 لسنة 52 جلسة 1985/12/31 س 36 ع 2 ص 1272 ق 262)

7- المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة فى سنة 1938 تنص على أنه يجوز للزوج الطعن فى الزواج إذا وقع غش فى شأن بكارة الزوجة بأن ادعت أنها بكر و ثبت أن بكارتها أذيلت بسبب سوء سلوكها أو فى خلوها من الحمل و ثبت أنها حامل ، كما تنص المادة 38 منها على أنه " لا تقبل دعوى البطلان فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة السابقة إلا إذا قدم الطلب فى ظرف شهر من وقت أن علم الزوج بالغش و بشرط أن لا يكون حصل إختلاط زوجى من ذلك الوقت " مما مفاده أن الغش فى شأن بكارة الزوجة يجيز إبطال الزواج باعتباره غلطاً فى صفة جوهرية يعيب إرادة الزوج وقت إنعقاده بشرط أن يرفع دعوى البطلان فى ظرف شهر من وقت علمه بالغش على ألا يكون قد حصل إختلاط زوجى بين الطرفين من ذلك الوقت لما فى هذا الاختلاط من إجازة ضمنية للعقد

(الطعن رقم 9 لسنة 54 جلسة 1985/04/16 س 36 ع 1 ص 606 ق 127)

8- لئن كان يجوز الإتفاق على أجرة تقل عن الأجرة القانونية و لا يعد ذلك مخالفة للنظام العام ، إلا أنه يعد من قبيل العيب الذى يشوب إرادة العاقدين أن يثبت أن هذا الإتفاق كان وليد غلط فى تبين القانون الواجب التطبيق تحققت فيه الشرائط ، و هو ما يجوز معه للمتعاقد طلب إبطاله .

(الطعن رقم 846 لسنة 44 جلسة 1978/12/13 س 29 ع 2 ص 1915 ق 370)

9- إذ كانت المطعون عليها قد أسست دفاعها على أنها وقعت فى غلط فى القانون عند تأجيرها شقتي النزاع فى تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 إذ اعتقدت أن المبنى يخضع لأحكام التخفيض المقررة بالقانون رقم 199 لسنة 1952 لبدء إنشائه فى ظله وقامت بتخفيض الأجرة المتفق عليها وفقاً للنسب المحددة به وهي 15% و كان المقرر وفقاً للمادتين 120، 122 من القانون المدني أن للمتعاقد الذي وقع فى غلط فى القانون أن يطلب إبطال التصرف الذي شابه هذا الغلط متى كان جوهرياً ووقع فيه المتعاقد الآخر أو اتصل علمه به أو كان من السهل عليه أن يتبينه، وكان الحكم المطعون فيه لم يعتد بما أجراه المتعاقدان من تخفيض على الأجرة المتفق عليها على سند من وقوعها فى غلط فى القانون نتيجة إعمالهما قواعد التخفيض المقررة بالقانون رقم 199 لسنة 1952 رغم عدم سريان أحكامه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً فى التدليل على أن الإتفاق على تخفيض الأجرة المتعاقد عليها لم يكن من قبيل التحايل على القانون وإنما جاء وليد الغلط فيه ومن ثم يقع باطلاً وتكون الأجرة قبل تخفيضها هي المتعين اتخاذها أساساً للتخفيض المقرر بالقانون رقم 55 لسنة 1958.

(الطعن رقم 263 لسنة 44 جلسة 1978/06/07 س 29 ع 1 ص 1434 ق 276)

10- ثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية تستقل محكمة الموضوع بتقدير الأدلة فيها و أن تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع التى لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون ما حاجة للرد على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة و ما دام هذا التقدير لا خروج فيه على الثابت بالأوراق . و إذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد فى مدوناته أسباباً موضوعية سائغة تكفى لحمل قضائه بأن المطعون عليه لم يكن يعلم عند الزواج أن الطاعنة ثيب مما لا تجوز المجادلة فيها أمام محكمة النقض ، و لا يعيبه بعد ذلك أنه لم يرد على القرائن التى ساقتها الطاعنة للتدليل على ذلك العلم ، فيكون النعى - عليه بالقصور فى التسبيب - على غير أساس .

(الطعن رقم 16 لسنة 43 جلسة 1975/11/19 س 26 ص 1444 ق 272)

11- الغلط فى تحديد الفئة الإيجارية يبطل العقد فيما زاد عن حدها المسموح به قانوناً ، ويكون دفعة بغير حق يوجب إسترداده بإعتباره إثراء على حساب الغير  دون إعتبار لإستمرار عقد الإيجار .

(الطعن رقم 55 لسنة 39 جلسة 1974/03/11 س 25 ع 1 ص 488 ق 79)

12- يجب فى تفسير العقد إعمال الظاهر الثابت به ، و لا يجوز العدول عنه إلا إذا ثبت ما يدعو إلى هذا العدول ، و أذ كان إدعاء المطعون عليه وقوع الغلط فى تحديد الأجرة المثبتة بعقد الإيجار بإعماله التخفيض الوارد بالقانون رقم 168 لسنة 1961 يستلزم - و على ما نصت عليهالمادة 120 من القانون المدنى - أن يثبت إما أن المتعاقد الآخر إشترك معه فى الغلط أو كان يعلم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه ، و كانت القرائن التى ساقها الحكم المطعون فيه لا تؤدى إلى ذلك ، فإنه إذ قضى بتحديد أصل الأجرة على خلاف ما ورد صريحاً بالعقد يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 106 لسنة 38 جلسة 1973/06/21 س 24 ع 2 ص 953 ق 165)

13- إذا كان الطاعن - المستأجر - قد قدم للتدليل على إنتقاء حدوث الغلط المدعى به - فى تحديد أجرة الشقة المبينة بعقد الإيجار - قرار اللجنة المختصة الصادر بتقدير إيجار شقته و الخطاب الذى أرسله إليه المطعون عليه - المؤجر - بقبول هذا التقدير ، و كذلك الكشف الرسمى المتضمن أن إيجار هذه الشقة أصبح بعد تخفيضه بنسبة 35% مبلغ ... ... ... بما يفيد أن أصل الأجرة التى أنزل عليها هذا التخفيض هو مبلغ ... ... و هى الأجرة المتفق عليها صراحة بعقد الإيجار ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يناقش هذه المستندات مع ما قد يكون لها من دلالة مؤثرة فى الدعوى ، فإنه يكون مشوباً بالقصور .

(الطعن رقم 106 لسنة 38 جلسة 1973/06/21 س 24 ع 2 ص 953 ق 165)

14- إنه و إن جاز طبقاً للمادة 120 من القانون المدنى للمتعاقد الذى وقع فى غلط جوهرى أن يطلب إبطال العقد إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله فى هذا الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه ، إلا أن ثبوت واقعة الغلط هو - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسألة موضوعية يستقل قاضى الموضوع بتقدير الأدلة فيها .

(الطعن رقم 39 لسنة 38 جلسة 1973/03/13 س 24 ع 1 ص 396 ق 70)

15- يجوز القضاء ببطلان العقد إذا إثبت أحد المتعاقدين أنه كان واقعا فى غلط ثم أثبت أنه لولا هذا الغلط لما أقدم على التعاقد و يجوز مع القضاء ببطلان العقد أن يحكم بالتعويض إذا ترتب عليه إضرار بأحد المتعاقدين ، و يكون ذلك لا على اعتبار أنه عقد بل باعتباره واقعة مادية ، متى توافرت شروط الخطأ الموجب المسئولية التقصيرية فى جانب المتعاقد الآخر الذى تسبب بخطأه فى هذا الإبطال

(الطعن رقم 134 لسنة 36 جلسة 1970/06/02 س 21 ع 2 ص 961 ق 154)

16- الوفاء اتفاق بين الموفي والموفى له على قضاء الدين فهو بهذه المثابة تصرف قانوني يجري عليه من الأحكام ما يجري على سائر التصرفات القانونية فلابد فيه من تراضي الطرفين على وفاء الإلتزام. ويشترط فى هذا التراضي أن يكون خالياً من عيوب الإرادة فإذا داخل الوفاء عيب منها كان قابلاً للإبطال. فإذا كانت محكمة الموضوع قد حصلت فى حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة أن الموفي ما قبل الوفاء إلا لإعتقاده بأن الدين الذي أوفى به حال بحكم نهائي وبأنه تبين بعد ذلك عدم تحقق هذه الصفة فى الدين فإن الموفي يكون قد وقع فى غلط جوهري بشأن صفة من صفات الدين الموفى به كانت أساسية فى اعتباره إذ لولا هذا الغلط ما كان الوفاء. فإذا كان الموفى له على علم بهذا الغلط الدافع إلى الوفاء فإن من شأن هذا الغلط أن يؤدي إلى إبطال الوفاء متى طلب الموفي ذلك وأن يعود الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها قبل حصوله ومن ثم يلتزم الموفي بأن يرد المبلغ الذي قبضه.

(الطعن رقم 379 لسنة 30 جلسة 1965/05/20 س 16 ع 2 ص 602 ق 98)

شرح خبراء القانون

الغلط هو عدم التطابق بين ما وقع التعبير عنه وبين ما كان يرمي إليه المتعاقد، بحيث لو كان قد وقف على الحقيقة ما أبرم العقد فليس كل غلط يشوب الرضا يؤدي إلى إبطال العقد .

وحتى لو توافر الغلط بالمعنى المتقدم، فإنه لا يجوز للمتعاقد الذي وقع فيه أن يطالب الأبطال إلا إذا كان المتعاقد الآخر بدوره قد وقع فيه أيضاً أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبينه، ومفاد ذلك أن الغلط الذي يبطل العقد هو الغلط المشترك الذي وقع فيه المتعاقدان معه، فإن كان غلطاً فردياً وقع فيه أحد المتعاقدين وحده دون التعاقد الآخر، فيجب لإبطال العقد في هذه الحالة، أن يكون المتعاقد الآخر عالماً بهذا الغلط أو كان في استطاعته أن يعلم به كالسنديك يتصالح على الدين وهو لا يعلم بأنه مضمون برهن ولو كان علم ما تصالح وكان في استطاعة الدائن أن يعلم بذلك، وعلى التمسك بالغلط إثبات ذلك وبأن هذا الغلط كان هو الدفاع لإبرام العقد فإن عجزه عن هذا الأثبات، كان العقد صحيحاً، ليس استنادا الى الإرادة الحقيقية للمتعاقد، إذ أن هذه الارادة قد شابها غلط فجعلها فاسدة، وإنما يصح العقد استناداً الى إرادة هذا التعاقد الظاهرة التي اطمأن إليها المتعاقد الآخر وتمسك بتنفيذ العقد، فالغلط لا يكون جوهرياً إلا إذا كان مشتركاً أو كان فردياً يعلمه المتعاقد الآخر أو كان من السهل عليه أن يقف على هذا الغلط، ويتحمل عبء هذا الإثبات المتعاقد الذي يطلب الأبطال، وذلك بكافة الطرق لتعلق الإثبات بواقعة مادية تتمثل في العلم وإمكانية تحققه.

وينتفي الرضا بكل غلط يقع فيه المتعاقد بحيث لو كان قد علمه ما تعاقد يستوي أن يتعلق بمادة الشئ أو في صفة فيه أو في قيمته عملاً بالمادة 121 من القانون المدني. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني   الصفحة/518)

المقصود بالغلط :

الغلظ وهم كاذب يتولد في ذهن الشخص، فيجعله يتصور الأمر على غير حقيقته بأن يري فيه شيئاً غير موجود في الحقيقة، أو يتوهم خلوه من صفة، حالة كونها تلزمه .

ومثاله أن يشترى شخص ساعة على أنها من الذهب الخالص، فإذا به يجدها من المعدن المطلي بقشرة من الذهب، أو يشترى شخص تحفة اعتقاداً منه بأنها أثرية، ثم يفاجأ بأنها مجرد تقليد، أو يستأجر شخص شقة لسكناه مدفوعاً باعتقاده بأنها لها واجهة علي الشارع ثم يتضح له خطأ اعتقاده .

والغلظ الذي يعتبر عيبا من عيوب الإرادة هو الغلط المؤثر، وهو حالة وسطى بين الغلط المانع وبين الغلط غير المؤثر.

فالغلط المانع لا يعيب الإرادة فحسب ولكنه يعدمها، وهو يتحقق إذا تعلق الاعتقاد بركن من أركان العقد كتطابق الإرادتين أو المحل أو السبب من هذا أن يعتقد أحد الطرفين أنه يبيع الشئ الذي يملكه والطرف الآخر يعتقد أنه يتلقاه على سبيل الهبة.

فهذا غلظ مانع يتعلق بتطابق الإرادتين ومن هذا أن يعتقد أحد الطرفين أنه يبيع المنزل منه في بلدة معينة، بينما يعتقد الطرف الآخر أنه يشتري المنزل المملوك للبائع في بلدة أخري ، فهذا غلط مانع يتعلق بالمحل .

ومن هذا أن يتقاسم الورثة مع الموصى له أموال التركة ثم يتبين أن الوصية باطلة فذا غلط مانع يتعلق بسبب عقد القسمة حسب النظرية التقليدية للسبب.

أما الغلط غير المؤثر، فهو نقيض الغلط المانع، فهو الغلط الذي لا يتعلق بأي صفة جوهرية في العقد، ولا يؤثر في إبرامه، فهو ليس من عيوب الإرادة.

أما الغلط الذي نتناوله باعتباره من عيوب الإرادة فهو الغلط الجوهري .

وهذا الغلط كما سنرى في المادة (120) يجوز للمتعاقد الذي وقع منه أن يطلب إبطال العقد، إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في هذا الغلط أو كان على علم به، أو كان من السهل عليه أن يتبينه.

شروط إعمال الغلط :

يلزم لكي ينتج الغلط أثره القانوني فيجعل العقد قابلاً للإبطال توافر شرطين أساسيين هما :  

1- أن يكون الغلط جوهرياً.

2- أن يتصل الغلط بالمتعاقد الآخر.

ونعرض لهذين الشرطين بالتفصيل فيما يلي :

الشرط الأول :

أن يكون الغلط جوهرياً.

 (انظر شرح المادة 121).

الشرط الثاني:

أن يتصل الغلط بالمتعاقد الآخر.

لا يكفي لجواز طلب إبطال العقد أن يكون الغلط جوهرياً، بل يلزم أن يتصل هذا الغلط  بالمتعاقد الآخر.

وقد ذكرت المادة الحالات التي يعتبر فيها الغلط الذي يقع فيه أحد المتعاقدين لا بالمتعاقد الآخر وهي ثلاث حالات كالآتي :

(أ) إذا وقع المتعاقد الآخر بدوره في الغلط :

 هذه هي حالة الغلط المشترك أي الغلط الذي يشترك في الوقوع فيه الطرفان وكلاهما ومثال هذه الحالة أن يشتري شخص ساعة مطلاة بالذهب، معتقداً أنها من الذهب الخالص ويشاركه البائع هذا الاعتقاد الخاطئ فكل من المتعاقدين هنا قد وقع في الغلط والذي يضار من الوقوع في الغلط هنا هو المشتري إذ الفرض أنه لو تبين حقيقة الساعة، فإنه ما كان ليشتريها، أو ما كان ليشتريها بالثمن الذي قبله وللقانون حق طلب إبطال البيع، برغم أن البائع كان حسن النية وقد قدر في ذلك أن الرضاء جاء معيباً من المتعاقدين كليهما، فضحي بحسن نية من يقع الإبطال إضراراً به تمشياً مع اعتبارات العدالة والمصلحة.

 فوقوع المتعاقدين كليهما في نفس الغلط ينهض بذاته دليلاً على أن أياً منهما معذور في غلطه، فيغفر له القانون الوقوع فيه، ويكون لصاحب المصلحة منهما أن يتمسك بإبطال العقد، اعتباراً بأنه قد وقع في غلط يعذر عنه ويغتفر له وهو إذا كان حسن النية فإن مقتضى حسن نيته أن يسلم بإبطال العقد.

(ب) إذا علم المتعاقد الآخر بالغلط الذي وقع فيه غريمه :

لا يشترط أن يكون الغلط مشتركا بين المتعاقدين، بل يكفي أن يكون الغلط فردياً ، بمعنى أن يقع فيه أحد المتعاقدين دون الآخر، إذا كان المتعاقد الآخر على علم بهذا الغلط، وذلك حتى يمتنع مفاجأته بدعوى الغلط، ففي مثال الساعة السابق ذكره، والقائم على شراء شخص ساعة مطلاة بالذهب، حالة كونه يعتقد أنها من الذهب الخالص، يكفي أن يكون البائع عالماً بوقوع المشتري في الغلط، بمعنى أن يكون مدركاً أن المشتري قد اعتقد أن الساعة من الذهب، وأن هذا الاعتقاد هو الذي دفعه إلى ارتضاء الشراء إذ كان يجب على البائع أن ينبه المشتري إلى هذا الغلط، أما ولم يفعل فهو سئ النية، وخليق بتحمل الجزاء الذي يفرضه القانون عليه.

أما إذا لم يكن المتعاقد الآخر عالما بالغلط، فإنه يكون حسن النية لا ذنب له.

 (ج) إذا كان من السهل على المتعاقد الآخر أن يتبين وقوع غريمه في الغلط :

لا يلزم أن يكون الغلط مشتركاً بين المتعاقدين، أو أن يكون الغلط فردياً إذا كان المتعاقد الآخر على علم بهذا الغلط بل يكفي أن يكون من السهل عليه أن يتبين وقوع غريمه في الغلط حتى ولو لم يتبينه بالفعل لأنه يكون في هذه الحالة مقصراً تقصر جسيماً لعدم تنبيه وقوع المتعاقد معه في الغلط .

ويتساوى التقصير الجسيم مع سوء النية في هذا الصدد فالبائع الذي يتعامل مع أحد هواة شراء التحف الأثرية وهو يعلم ذلك، يكون مقصراً إذا لم يتبين حقيقة هذه الصفقة وأن عميله إنما يريد تحفة أثرية لا تحفة عادية.

ويستدل بسهولة تعرف المتعاقد على وقوع غريمه في الغلط بالظروف الملابسة للعقد، وما ينبغي في التعامل من حسن النية والأمر يتعلق بالواقع ويخضع لتقدير قضى الموضوع . 

فإذا ارتضى شخص مثلاً أن يدفع في تمثال رغب في شرائه ألف جنيه، حالة کرته لا يساوي في الحقيقة إلا خمسة أو عشرة جنيهات، معتقداً عن غلط أنه أثري، في هذه الحالة ينهض الغلط سبباً للإبطال، حتى لو كان البائع لم يقع بدوره في الغلط، ولم يعلم بوقوع المشتري فيه، إذ أنه كان من السهل عليه أن يتبين أن المشتري وقع في الغلط ، وأن هذا الغلط هو الذي دفعه إلى ارتضاء الشراء ومعيار إمكان العلم بالغلط هو معيار موضوعي أساسه الشخص العادي.

تكييف دفاع الخصم بصدد الغلط :

لا يجوز طلب الإبطال للغلط بعد الدفع بالصورية :

إثبات الغلط :

المتعاقد الذي يدعى الغلط هو الذي يتحمل إثبات وقوعه في الغلط و غلط الطرف الآخر أوعلمه بالغلط أو استطاعته هذا العلم.

وهذه كلها وقائع مادية تثبت بجميع طرق الإثبات ومما ييسر الإثبات أن يكون انتشار في العقد إلى الاعتبارات التي دفعته إلى التعاقد، كالباعث مثلاً، على ألا تكون هذه الإشارة بمثابة شرط في العقد يبين ما يلتزم به المدين، إذ أن تخلف مثل هذا - لا ينطوي على غلط فإذا لم يستطع المدعي الذي وقع في الغلط أن يثبت أنه آخر كان مشتركاً في الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن  يتبينه فلا يجوز إبطال العقد وفي هذه الحالة يكون الشارع قد أقام العقد على الإرادة الظاهرة تحقيقاً لاستقرار التعامل.

والإثبات هنا ليست مسألة سهلة، لأن الإثبات هنا ينصب على أمر نفسي إن لم تؤيده وقائع مادية فلن ينجح مدعي الغلط في إثبات ما يدعيه، وهذا ما يقع كثيراً فيبقى العقد قائماً وهكذا يكون عبء الإثبات وسيلة فعالة إلى تقليل الحالات التي يمكن فيها إبطال العقد للغلط. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني الصفحة/271)

ويتبين من هذه النصوص أن القانون الجديد قد أخذ بالمعيار الذاتي، فالغلط الجوهري عنده هو الغلط الذي يبلغ ، في نظر المتعاقد الذي وقع في الغلط ، حداً من الجسامة بحيث كان يمتنع عن إبرام العقد لو لم يقع في الغلط فهو إذا وقع في صفة للشيء وجب أن تكون هذه الصفة جوهرية في اعتبار المتعاقدين ، وإذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وجب أن تكون تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد .

على أن الأخذ بالمعيار الذاتي يقتضي أن يكون المعيار متعلقاً بحالة نفسية قد يدق الكشف عنها في بعض الأحيان لذلك اتخذ القانون الجديد قرينة موضوعية لتنم عن هذه الحالة النفسية ، فقضى بأن صفة الشيء تكون جوهرية ، ليس فحسب إذا اعتبرها المتعاقدان جوهرية وفقاً لما انطوت عليه نيتهما بالفعل ، بل أيضاً إذا وجب أن يكونا قد اعتبراها جوهرية وفقاً لما يلابس العقد من ظروف ولما ينبغي في التعامل من حسن النية فالظروف الموضوعية للعقد ووجوب أن يسود التعامل حسن النية يهديان – إذا لم يهتد من طريق آخر – إلى تعرف نية المتعاقدين فإذا اشترى شخص من تاجر في الآثار قطعة ظنها أثرية ، ثم اتضح إنها ليست كذلك ، فمن حق المشتري أن يقيم من واقعة أنه تعامل مع تاجر الآثار قرينة على نيته ، وأن يتخذ من هذه القرينة ذاتها دليلاً على نية المتعاقد الآخر ، وأن يتمسك بما ينبغي أن يسود التعامل من حسن النية فلا يكلف نفسه أن يتحقق من الصفة الأثرية للقطعة ما دام قد اشتراها من تاجر في الآثار ، بل كان الواجب على هذا أن ينبه المشتري إلى أن القطعة ليست أثرية لو كان عالماً بذلك .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/  الأول  الصفحة/  392 )

غير أن المشرع لم يكتف في التقنين الحالي بمجرد وقوع العاقد في غلط جوهري لاعتبار إرادته معيبة، وإنما اشترط فوق ذلك أن لا يستقل هذا التعاقد بالغلط بل أن يتصل به العاقد الآخر سواء بوقوعه فيه هو والعاقد الأول أو بعلمه أو إمكان علمه بوقوع الأول فيه ( المادة 120 مدنی). (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الأول  الصفحة/ 883)

ويؤخذ من هذه النصوص أن المشرع لا يشترط في الغلط الذي يأتي بعدم الرضا الأ أن يبلغ الحد الذي يصير معه هو الدافع إلى التعاقد، فكل غلط كان هو الدافع الى التعاقد يكفي لإفساد الرضا وتجد على العقد قابلاً للإبطال ، أياً كان الأمر الذي وقع في شأنه الغلط مادام متعلقاً بأحد أركان العقد ، أياً سواء كان الغلط في مادة الشيء أو في صفة فيه، أو كان في ذات العاقد أو في صفة فيه أياً كانت تلك الصفة جسيمة كانت أو عقلية أو خلقية أو حتى قانونية، أو في قيمة العقود علي، إذ أن العبرة ليست بالأمر الذي وقع الغلط بشأنه ما دام متعلق بأحد أركان التعاقد بل بأثر هذا الغلط في توجيه الإرادة نحو التعاقد ، فمتى ثبت، أن الغلط كان هو الدافع الى التعاقد أي أنه لولاه لما تعاقد  العاقد الذي وقع في الغلط .. كان لهذا العاقد حق إبطال العقد، أما إذا ثبت أن الغلط لم يبلغ هذا الأثر في توجيه الارادة نحو التعاقد ، خانه الا يكفي لاعتباره مفسداً الرضا ولا تترتب عليه قابلية العقد للإبطال.

وظاهر أن البحث في كون الغلط دافعا أو غير دافع إلى التعاقد يقتضي بحث نية العاقد الذي وقع في الغلط، وبالتالي فإنه يتعين الأخذ فيه بمعيار ذاتي، ونظراً لدقة هذا المعيار وصعوبة هذا البحث رأى المشرع أن يستدل القاضي على تعرفه نية العاقدين في هذا الشأن بمعايير أخرى مادية ، فنص على أن الغلط يكون جوهرياً إذا وقع في صفة تكون جوهرية في اعتبار العاقدين أو يجب اعتبارها كذلك لما يلابس العقد من ظروف وما ينبغي في التعامل من حسن النية ، ومؤدى ذلك أنه يلزم في تقدير وقوع الغلط في ضفة جوهرية أو عدمه لتباع معیار موضوعي، أي النظر ولا الى ما عول عليه المتعاقد نفسية الذي وقع في الغلط بل الى ما يعول عليه الرجل العادي في مثل ظروف.

ويلاحظ أن صورتى الغلط اللتين نصت عليهما الفقرة الثانية من المادة 121 إنما وردتا على سبيل التمثيل أو التخصيص لا على سبيل الحصر كما هو ظاهر من ديباجة الفقرة، فلا يصح الوقوف عندهما وحدهما بل يجب التعميم و التعويل على كل غلط دافع كما تقدم كالغلط في التميمة والغلط في الباعث.

ويعتبر ثبوت واقعة الغلط وكونه دافعاً إلى التعاقد أو غير دافع له مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقدير الأدلة فيها وباعتبارها واقعة مادية فإنه يجوز إثباتها بكافة الطرق ويقع غناء ذلك على من يطلب أبطال العقد بسبب وقوعه في غلط . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثاني الصفحة/ 367 )

الغلط المقصود هو الذي يعيب الارادة ولا يعدمها : المقصود بالغلط هو توهم غير الواقع سواء باعتقاد صحة واقعة غير صحيحة ، أو اعتقاد عدم صحة واقعة صحيحة، بحيث يقوم هذا الوهم عند تكوين الإرادة في عيبها دون أن يعدمها، وهو بهذه المثابة يتميز عما يعرف بالغلط المانع الذي يمنع من التقاء ارادة الطرفين بسبب وقوعه في ماهية العقد حيث يقصد المتعاقد القرض ويقبض الآخر على أساس الهبة ، أو في ذاتية المحل موضوع العقد بان يقصد البائع بيع سيارة بذاتها ويقصد المشتري شراء سيارة أخرى، أو في السبب كما لو تقاسم الورثة التركة مع الموصى له ثم اتضح بطلان الوصية، كما يتميز عن اختلاف الارادة الباطنة مع الارادة الظاهرة لأن هذا الاختلاف يتعلق بوجود الإرادة لا يعيبها، كما يتميز عن الغلط في النقل أو في التفسير إذ الأول يقع عند نقل الارادة عن صاحبها إلى من وجهت إليه ، والثاني يقع في فهم من وجهت إليه لها، وكلاهما لاحق لتكوين الإرادة والتعبير عنها كما أنه لم يقع فيه صاحب الارادة السنهوري البنود 162 حتى 166- حمدي عبد الرحمن ص 233 وما بعدها - البدراوى بند 191 - الصدة في المصادر بند 152 - وقارن الشرقاوي في مصادر الالتزام بند 26 و 27 حيث يرى أن الغلط يعدم الرضا في جميع الأحوال .

ضرورة اتصال الطرف الآخر بالخلط على النحو المبين بالنص.

وثبوت واقعة الغلط مسألة موضوعية فيستقل بها قاضى الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.

ويجوز مع الحكم بالإبطال القضاء بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية .(التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة/ 753)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  التاسع عشر ، الصفحة / 156

ثَانِيًا - الْغَلَطُ فِي الْمَبِيعِ :

49 - إِذَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ بِأَنِ اعْتَقَدَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ مُعَيَّنٍ فَإِذَا بِهِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ يَاقُوتًا أَوْ مَاسًا فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ، أَوْ يَبِيعُ حِنْطَةً فَإِذَا هِيَ شَعِيرٌ.

وَكَذَا إِذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَلَكِنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمَا أَرَادَهُ الْعَاقِدُ كَانَ تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ عَدَا الْكَرْخِيِّ قَالُوا: إِنَّ الْغَلَطَ يَكُونُ مَانِعًا يَمْنَعُ مِنَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ، فَيَكُونُ الْعَقْدُ بَاطِلاً لأِنَّ  الْبَيْعَ مَعْدُومٌ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: هُوَ فَاسِدٌ  .

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا وَقَعَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْغَلَطِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْعَاقِدِ الآْخَرِ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهَذَا الْغَلَطِ فَلاَ يُعْتَدُّ بِالْغَلَطِ. جَاءَ فِي مَوَاهِبِ الْجَلِيلِ: سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ بَاعَ مُصَلًّى فَقَالَ الْمُشْتَرِي : أَتَدْرِي مَا هَذَا الْمُصَلَّى ؟ هِيَ وَاللَّهِ خَزٌّ فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ خَزٌّ وَلَوْ عَلِمْتُهُ مَا بِعْتُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ، قَالَ مَالِكٌ: هُوَ لِلْمُشْتَرِي وَلاَ شَيْءَ لِلْبَائِعِ.

وَكَذَا مَنْ بَاعَ حَجَرًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ أَوْ زَبَرْجَدَةٌ تَبْلُغُ مَالاً كَثِيرًا. أَمَّا إِذَا سَمَّى أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَبِيعُكَ هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ فَيَجِدُهَا غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي: بِعْ مِنِّي هَذِهِ الزُّجَاجَةَ ثُمَّ يَعْلَمُ الْبَائِعُ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ لاَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، وَالْبَيْعُ لاَ يَلْزَمُ الْبَائِعَ  .

وَكَذَلِكَ إِذَا سَمَّى الْعَاقِدُ الشَّيْءَ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُ كَقَوْلِ الْبَائِعِ: أَبِيعُكَ هَذَا الْحَجَرَ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ الْبَيْعُ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ، وَأَمَّا إِذَا سَمَّى أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: أَبِيعُكَ هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ فَيَجِدُهَا غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي: بِعْ مِنِّي هَذِهِ الزُّجَاجَةَ ثُمَّ يَعْلَمُ الْبَائِعُ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ لاَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، وَالْبَيْعُ لاَ يَلْزَمُ الْبَائِعَ.

وَإِذَا أَبْهَمَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي التَّسْمِيَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ، فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الرَّدَّ كَالتَّصْرِيحِ  .

وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْبُطْلاَنِ.

قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ: لَوِ اشْتَرَى زُجَاجَةً يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ إِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْجَوْهَرَةِ وَإِلاَّ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَثُبُوتَ الْخِيَارِ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ  .

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لَوْ قَالَ: الْبَائِعُ بِعْتُكَ هَذَا الْبَغْلَ بِكَذَا، فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ، فَبَانَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ فَرَسًا أَوْ حِمَارًا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَمِثْلُهُ بِعْتُكَ هَذَا الْجَمَلَ فَبَانَ نَاقَةً وَنَحْوَهُ، فَلاَ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني  والعشرون  ، الصفحة / 234

عُيُوبُ الرِّضَا:

14 م - إِنَّ «الرِّضَا» بِمَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيِّ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ إِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ إِلَى آثَارِ الْعَقْدِ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الآْثَارُ الشَّرْعِيَّةُ إِذَا سَلِمَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ إِذَا كَانَ «الرِّضَا» سَلِيمًا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا طَلِيقًا لاَ يَشُوبُهُ ضَغْطٌ وَلاَ إِكْرَاهٌ، وَلاَ يَتَقَيَّدُ بِمَصْلَحَةِ أَحَدٍ كَرِضَا الْمَرِيضِ، أَوِ الدَّائِنِ الْمُفْلِسِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاعِيًا فَلاَ يَحُولُ دُونَ إِدْرَاكِ الْحَقِيقَةِ جَهْلٌ، أَوْ تَدْلِيسٌ وَتَغْرِيرٌ، أَوِ اسْتِغْلاَلٌ، أَوْ غَلَطٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَعُوقُ إِدْرَاكَهُ.

فَمِنْ عُيُوبِ الرِّضَا الإْكْرَاهُ وَالْجَهْلُ وَالْغَلَطُ، وَالتَّدْلِيسُ وَالتَّغْرِيرُ، وَالاِسْتِغْلاَلُ وَكَوْنُ الرِّضَا مُقَيَّدًا بِرِضَا شَخْصٍ آخَرَ، يَقُولُ الْغَزَالِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا: وَيَخْتَلُّ الْقَصْدُ بِخَمْسَةِ أَسْبَابٍ: سَبْقِ اللِّسَانِ، وَالْهَزْلِ، وَالْجَهْلِ، وَالإْكْرَاهِ، وَاخْتِلاَلِ الْعَقْلِ.

فَإِذَا وُجِدَ عَيْبٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ، أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى إِذَا لَمْ يَتَوَفَّرْ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الرِّضَا فَإِنَّ الْعَقْدَ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ يَكُونُ فَاسِدًا، أَوْ بَاطِلاً - عَلَى خِلاَفٍ فِيهِمَا بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ - وَيَكُونُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ غَيْرَ لاَزِمٍ، أَيْ يَكُونُ لأِحَدِ  الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ كِلَيْهِمَا حَقُّ الْخِيَارِ، وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ هَذِهِ الْعُيُوبَ بَعْضَهَا يُؤَثِّرُ فِي الرِّضَا تَأْثِيرًا مُبَاشِرًا، فَيَكُونُ الْعَقْدُ الَّذِي تَمَّ فِي ظِلِّهِ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلاً - كَمَا فِي الإْكْرَاهِ، وَبَعْضَهَا يُؤَثِّرُ فِي إِلْزَامِيَّةِ الرِّضَا، فَيَكُونُ الْعَقْدُ الَّذِي تَمَّ فِي ظِلِّهِ غَيْرَ مُلْزِمٍ، بَلْ يَكُونُ لِعَاقِدٍ حَقُّ الْخِيَارِ، مِثْلَ التَّدْلِيسِ، وَالتَّغْرِيرِ، وَالاِسْتِغْلاَلِ وَنَحْوِهَا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ مِنْهَا مَا هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الرِّضَا كَكَوْنِهِ لَمْ يَقَعْ تَحْتَ إِكْرَاهٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ شَرْطٌ لِلُزُومِهِ، كَكَوْنِهِ لَمْ يَشُبْهُ غَلَطٌ أَوِ اسْتِغْلاَلٌ، أَوْ تَدْلِيسٌ - عَلَى تَفْصِيلٍ كَبِيرٍ وَخِلاَفٍ.

وَنُحِيلُ لأِحْكَامِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إِلَى مُصْطَلَحَاتِهَا الْخَاصَّةِ فِي الْمَوْسُوعَةِ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثلاثون  ، الصفحة /  220

عُيُوبُ الرّضَا.

32 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ في عُيُوب الرّضَا: الإْكْرَاهَ وَالْجَهْلَ، وَالْغَلَطَ، وَالتَّدْليسَ، وَالْغَبْنَ، وَالتَّغْريرَ، وَالْهَزْلَ، وَالْخلاَبَةَ، وَنَحْوَهَا، فَإذَا وُجدَ عَيْبٌ منْ هَذه الْعُيُوب في عَقْدٍ منَ الْعُقُود يَكُونُ الْعَقْدُ بَاطلاً أَوْ فَاسدًا في بَعْض الْحَالاَت عَلَى خلاَفٍ بَيْنَ الْجُمْهُور وَالْحَنَفيَّة، أَوْ غَيْرَ لاَزمٍ يَكُونُ لكلاَ الْعَاقدَيْن أَوْ أَحَدهمَا الْخيَارُ في فَسْخه في حَالاَتٍ أُخْرَى.

وَتَعْريفُ هَذه الْعُيُوب وَتَفْصيلُ أَحْكَامهَا وَأَثَرُهَا عَلَى الرّضَا وَخلاَفُ الْفُقَهَاء في ذَلكَ يُنْظَرُ في مُصْطَلَحَاتهَا منَ الْمَوْسُوعَة.

ثَالثًا - مَحَلُّ الْعَقْد.

33 - الْمُرَادُ بمَحَلّ الْعَقْد: مَا يَقَعُ عَلَيْه الْعَقْدُ وَتَظْهَرُ فيه أَحْكَامُهُ وَآثَارُهُ، وَيَخْتَلفُ الْمَحَلُّ باخْتلاَف الْعُقُود، فَقَدْ يَكُونُ الْمَحَلُّ عَيْنًا مَاليَّةً، كَالْمَبيع في عَقْد الْبَيْع، وَالْمَوْهُوب في عَقْد الْهبَة، وَالْمَرْهُون في عَقْد الرَّهْن، وَقَدْ يَكُونُ عَمَلاً منَ الأْعْمَال، كَعَمَل الأْجير في الإْجَارَة، وَعَمَل الزَّارع في الْمُزَارَعَة، وَعَمَل الْوَكيل في الْوَكَالَة، وَقَدْ يَكُونُ مَنْفَعَةَ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، كَمَنْفَعَة الْمَأْجُور في عَقْد الإْجَارَة، وَمَنْفَعَة الْمُسْتَعَار في عَقْد الإْعَارَة، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ ذَلكَ كَمَا في عَقْد النّكَاح وَالْكَفَالَة وَنَحْوهمَا.

وَلهَذَا فَقَد اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ في مَحَلّ الْعَقْد شُرُوطًا تَكَلَّمُوا عَنْهَا في كُلّ عَقْدٍ وَذَكَرُوا بَعْضَ الشُّرُوط الْعَامَّة الَّتي يَجبُ تَوَافُرُهَا في الْعُقُود عَامَّةً أَوْ في مَجْمُوعَةٍ منَ الْعُقُود، منْهَا:

أ - وُجُودُ الْمَحَلّ:

34 - يَخْتَلفُ اشْترَاطُ هَذَا الشَّرْط باخْتلاَف الْعُقُود: فَفي عَقْد الْبَيْع مَثَلاً اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ في الْجُمْلَة عَلَى وُجُود الْمَحَلّ، فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَمْ يُوجَدْ لقَوْله صلي الله عليه وسلم  : «لاَ تَبعْ مَا لَيْسَ عنْدَكَ» ؛ وَلأنَّ  في بَيْع مَا لَمْ يُوجَدْ غَرَرًا وَجَهَالَةً فَيُمْنَعُ، لحَديث: أَنَّ «النَّبيَّ صلي الله عليه وسلم  نَهَى عَنْ بَيْع الْغَرَر» وَعَلَى ذَلكَ صَرَّحُوا ببُطْلاَن بَيْع الْمَضَامين وَالْمَلاَقيح وَحَبَل الْحُبْلَة.

وَمَنَعُوا منْ بَيْع الزُّرُوع وَالثّمَار قَبْلَ ظُهُورهَا، لقَوْله صلي الله عليه وسلم  : «أَرَأَيْتَ إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخيه ؟».

وَاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ منْ بَيْع الْمَعْدُوم عَقْدَ السَّلَم وَذَلكَ لحَاجَة النَّاس إلَيْه  كَمَا اسْتَثْنَى الْحَنَفيَّةُ منْ ذَلكَ عَقْدَ الاسْتصْنَاع للدَّليل نَفْسه ر: (اسْتصْنَاع ف 7).

أَمَّا بَيْعُ الزَّرْع أَو الثَّمَر قَبْلَ ظُهُورهمَا فَلاَ يَجُوزُ؛ لأنَّهُ مَعْدُومٌ وَلاَ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الْمَعْدُوم، أَمَّا بَعْدَ الظُّهُور وَقَبْلَ بُدُوّ الصَّلاَح فَإنْ كَانَ الثَّمَرُ أَو الزَّرْعُ بحَالٍ يُنْتَفَعُ بهمَا فَيَجُوزُ الْبَيْعُ بشَرْط الْقَطْع في الْحَال اتّفَاقًا لعَدَم الْغَرَر في ذَلكَ، وَلاَ يَجُوزُ بغَيْر شَرْط الْقَطْع عنْدَ جُمْهُور الْفُقَهَاء.

وَاخْتَلَفُوا في بَيْع الثّمَار الْمُتَلاَحقَة الظُّهُور وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَح: (ثمَار ف 11 - 13).

وَفي عَقْد الإْجَارَة اعْتَبَرَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاء الْمَنَافعَ أَمْوَالاً، وَاعْتَبَرَهَا كَذَلكَ الشَّافعيَّةُ وَالْحَنَابلَةُ مَوْجُودَةً حينَ الْعَقْد تَقْديرًا، فَيَصحُّ التَّعَاقُدُ عَلَيْهَا بنَاءً عَلَى وُجُود الْمَنَافع حينَ الْعَقْد عنْدَهُمْ، وَلهَذَا يَقُولُونَ بنَقْل ملْكيَّة الْمَنَافع للْمُسْتَأْجر وَالأْجْرَة للْمُؤَجّر بنَفْس الْعَقْد في الإْجَارَة الْمُطْلَقَة.

وَعَلَّلَ الْمَالكيَّةُ جَوَازَ الإْجَارَة بأَنَّ الْمَنَافعَ وَإنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً في حَال الْعَقْد لَكنَّهَا مُسْتَوْفَاةٌ في الْغَالب، وَالشَّرْعُ إنَّمَا لَحَظَ منَ الْمَنَافع مَا يُسْتَوْفَى في الْغَالب أَوْ يَكُونُ اسْتيفَاؤُهُ وَعَدَمُ اسْتيفَائه سَوَاءً.

أَمَّا الْحَنَفيَّةُ فَقَدْ أَجَازُوا عَقْدَ الإْجَارَة اسْتثْنَاءً منَ الْقَاعدَة؛ لوُرُود النُّصُوص منَ الْكتَاب وَالسُّنَّة في جَوَاز الإْجَارَة، قَالَ الْكَاسَانيُّ: الإْجَارَةُ بَيْعُ الْمَنْفَعَة، وَالْمَنَافعُ للْحَال مَعْدُومَةٌ، وَالْمَعْدُومُ لاَ يَحْتَملُ الْبَيْعَ، فَلاَ تَجُوزُ إضَافَةُ الْبَيْع إلَى مَا يُؤْخَذُ في الْمُسْتَقْبَل، وَهَذَا هُوَ الْقيَاسُ، لَكنَّا اسْتَحْسَنَّا الْجَوَازَ بالْكتَاب الْعَزيز وَالسُّنَّة وَالإْجْمَاع.

وَقَالَ ابْنُ الْقَيّم: جَوَازُ الإْجَارَة مُوَافقَةٌ للْقيَاس؛ لأنَّ  مَحَلَّ الْعَقْد إذَا أَمْكَنَ التَّعَاقُدُ عَلَيْه في حَال وُجُوده وَعَدَمه - كَالأَْعْيَان - فَالأَْصْلُ فيه عَدَمُ جَوَاز الْعَقْد حَالَ عَدَمه للْغَرَر، مَعَ ذَلكَ جَازَ الْعَقْدُ عَلَى مَا لَمْ يُوجَدْ إذَا دَعَتْ إلَيْه الْحَاجَةُ.

أَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلاَّ حَالٌ وَاحدَةٌ، وَالْغَالبُ فيه السَّلاَمَةُ - كَالْمَنَافع - فَلَيْسَ الْعَقْدُ عَلَيْه مُخَاطَرَةً وَلاَ قمَارًا فَيَجُوزُ، وَقيَاسُهُ عَلَى بَيْع الأَْعْيَان قيَاسٌ مَعَ الْفَارق.

35 - وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفُقَهَاء في هَذَا الشَّرْط بَيْنَ عُقُود الْمُعَاوَضَة وَعُقُود التَّبَرُّع، فَقَالُوا بعَدَم جَوَاز النَّوْع الأْوَّل منَ الْعُقُود في حَال عَدَم وُجُود مَحَلّهَا، وَأَجَازُوا النَّوْعَ الثَّانيَ في حَالَة وُجُود الْمَحَلّ وَعَدَمه.

وَمنْ هَذَا الْقَبيل مَا قَالَ الْمَالكيَّةُ: إنَّ مَا يَخْتَصُّ بعُقُود التَّبَرُّعَات كَالْهبَة مَثَلاً يَجُوزُ فيه أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعُ الْعَقْد (الْمَوْهُوبُ) غَيْرَ مَوْجُودٍ في الْخَارج، بَلْ دَيْنًا في الذّمَّة، أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ فعْلاً، فَالْغَرَرُ في الْهبَة لغَيْر الثَّوَاب جَائزٌ عنْدَهُمْ، وَلهَذَا صَرَّحُوا بأَنَّ مَنْ وَهَبَ لرَجُلٍ مَا يَرثُهُ منْ فُلاَنٍ - وَهُوَ لاَ يَدْري كَمْ هُوَ ؟ أَسُدُسٌ أَوْ رُبُعٌ فَذَلكَ جَائزٌ.

وَفي الرَّهْن يَجُوزُ عنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعُ الْعَقْد (الْمَرْهُونُ) غَيْرَ مَوْجُودٍ حينَ الْعَقْد، كَثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهَا، فَشَيْءٌ يُوثَقُ به خَيْرٌ منْ عَدَمه، كَمَا يَقُولُونَ .

وَهَذَا بخلاَف عَقْد الْبَيْع وَسَائر الْعُقُود في الْمُعَاوَضَات.

ب - قَابليَّةُ الْمَحَلّ لحُكْم الْعَقْد :

36 - يُشْتَرَطُ في مَحَلّ الْعَقْد عنْدَ الْفُقَهَاء أَنْ يَكُونَ قَابلاً لحُكْم الْعَقْد.

وَالْمُرَادُ بحُكْم الْعَقْد: الأْثَرُ الْمُتَرَتّبُ عَلَى الْعَقْد، وَيَخْتَلفُ هَذَا حَسْبَ اخْتلاَف الْعُقُود، فَفي عَقْد الْبَيْع مَثَلاً أَثَرُ الْعَقْد هُوَ انْتقَالُ ملْكيَّة الْمَبيع منَ الْبَائع إلَى الْمُشْتَري، وَيُشْتَرَطُ فيه أَنْ يَكُونَ مَالاً مُتَقَوّمًا مَمْلُوكًا للْبَائع، فَمَا لَمْ يَكُنْ مَالاً بالْمَعْنَى الشَّرْعيّ: وَهُوَ مَا يَميلُ إلَيْه الطَّبْعُ وَيَجْري فيه الْبَذْلُ وَالْمَنْعُ لاَ يَصحُّ بَيْعُهُ، كَبَيْع الْمَيْتَة مَثَلاً عنْدَ الْمُسْلمينَ. وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَقَوّمًا، أَيْ: مُنْتَفَعًا به شَرْعًا، كَبَيْع الْخَمْر وَالْخنْزير، فَإنَّهُمَا وَإنْ كَانَا مَالاً عنْدَ غَيْر الْمُسْلمينَ، لَكنَّهُمَا لَيْسَا مُتَقَوّمَيْن عنْدَ الْمُسْلمينَ، فَحَرُمَ بَيْعُهُمَا كَمَا وَرَدَ في حَديث جَابرٍ رضي الله عنه  : «إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَمْر وَالْمَيْتَة وَالْخنْزير»

وَفي عُقُود الْمَنْفَعَة كَعَقْد الإْجَارَة وَالإْعَارَة وَنَحْوهمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْعَقْد - أَي الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا - مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً مُبَاحَةً، فَلاَ تَجُوزُ الإْجَارَةُ عَلَى الْمَنَافع الْمُحَرَّمَة كَالزّنَا وَالنَّوْح وَنَحْوهمَا كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ في مُصْطَلَح: (إجَارَة ف 108).

وَكَمَا لاَ يَجُوزُ إجَارَةُ الْمَنَافع الْمُحَرَّمَة لاَ يَجُوزُ إعَارَتُهَا كَذَلكَ؛ لأنَّ  منْ شُرُوط صحَّة الْعَاريَّة إمْكَانُ الانْتفَاع بمَحَلّ الْعَقْد (الْمُعَار أَو الْمُسْتَعَار) انْتفَاعًا مُبَاحًا شَرْعًا مَعَ بَقَاء عَيْنه، كَالدَّار للسُّكْنَى، وَالدَّابَّة للرُّكُوب، مَثَلاً فَلاَ يَجُوزُ إعَارَةُ الْفُرُوج للاسْتمْتَاع، وَلاَ آلاَت الْمَلاَهي للَّهْو، كَمَا لاَ تَصحُّ الإْعَارَةُ للْغنَاء أَو الزَّمْر أَوْ نَحْوهمَا منَ الْمُحَرَّمَات، فَالإْعَارَةُ لاَ تُبيحُ مَا لاَ يُبيحُهُ الشَّرْعُ.

وَتَفْصيلُهُ في مُصْطَلَح: (عَاريَّةً).

وَفي عَقْد الْوَكَالَة يُشْتَرَطُ في الْمَحَلّ (الْمُوَكَّل به) أَنْ يَكُونَ قَابلاً للانْتقَال للْغَيْر وَالتَّفْويض فيه، وَلاَ يَكُونَ خَاصًّا بشَخْص الْمُوَكّل، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ في مُصْطَلَح: (وَكَالَة).

ج - مَعْلُوميَّةُ الْمَحَلّ للْعَاقدَيْن :

37 - يُشْتَرَطُ في الْمَحَلّ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا وَمَعْرُوفًا للْعَاقدَيْن، بحَيْثُ لاَ يَكُونُ فيه جَهَالَةٌ تُؤَدّي إلَى النّزَاع وَالْغَرَر.

وَيَحْصُلُ الْعلْمُ بمَحَلّ الْعَقْد بكُلّ مَا يُمَيّزُهُ عَن الْغَيْر منْ رُؤْيَته أَوْ رُؤْيَة بَعْضه عنْدَ الْعَقْد، أَوْ بوَصْفه وَصْفًا يَكْشفُ عَنْهُ تَمَامًا، أَوْ بالإْشَارَة إلَيْه.

وَهَذَا الشَّرْطُ مُتَّفَقٌ عَلَيْه عنْدَ الْفُقَهَاء في عُقُود الْمُعَاوَضَة في الْجُمْلَة، فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ منَ الْقَطيع مَثَلاً وَلاَ إجَارَةُ إحْدَى هَاتَيْن الدَّارَيْن، وَذَلكَ لأنَّ  الْجَهَالَةَ في مَحَلّ الْعَقْد: (الْمَعْقُود عَلَيْه) تُسَبّبُ الْغَرَرَ وَتُفْضي إلَى النّزَاع.

وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفُقَهَاء في هَذه الْمَسْأَلَة بَيْنَ الْجَهَالَة الْفَاحشَة - وَهيَ الَّتي تُفْضي إلَى النّزَاع - وَبَيْنَ الْجَهَالَة الْيَسيرَة - وَهيَ: الَّتي لاَ تُفْضي إلَى النّزَاع - فَمَنَعُوا الأُْولَى وَأَجَازُوا الثَّانيَةَ.

وَجَعَلَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاء الْعُرْفَ حَكَمًا في تَعْيين مَا تَقَعُ عَلَيْه الإْجَارَةُ منْ مَنْفَعَةٍ، وَتَمْييز الْجَهَالَة الْفَاحشَة عَن الْجَهَالَة الْيَسيرَة.

وَتَفْصيلُ ذَلكَ في مُصْطَلَحَيْ: (بَيْع ف 32) (وَالإْجَارَةُ ف 34).

وَفي عَقْد السَّلَم يُشْتَرَطُ في الْمَحَلّ: (الْمُسْلَم فيه) أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْجنْس وَالنَّوْع وَالصّفَة وَالْقَدْر، كَيْلاً أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدًّا أَوْ ذَرْعًا، وَذَلكَ لأنَّ  الْجَهَالَةَ في كُلٍّ منْهَا تُفْضي إلَى الْمُنَازَعَة وَقَدْ وَرَدَ في الْحَديث عَن النَّبيّ صلي الله عليه وسلم  أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ في تَمْرٍ فَلْيُسْلفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ».

وَللتَّفْصيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (سَلَم).

هَذَا في عُقُود الْمُعَاوَضَة.

38 - أَمَّا عُقُودُ التَّبَرُّع فَقَد اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ في جَوَاز كَوْن الْمَحَلّ مَجْهُولاً، وَمنْ أَمْثلَة ذَلكَ مَا يَأْتي:

1 - عَقْدُ الْهبَة.

39 - يَشْتَرطُ الْحَنَفيَّةُ وَالشَّافعيَّةُ وَالْحَنَابلَةُ في الْمَوْهُوب - وَهُوَ مَحَلُّ عَقْد الْهبَة - أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا، قَالَ الْحَصْكَفيُّ: شَرَائطُ صحَّة الْهبَة في الْمَوْهُوب: أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا، غَيْرَ مُشَاعٍ، مُمَيَّزًا، غَيْرَ مَشْغُولٍ، فَلاَ تَصحُّ هبَةُ لَبَنٍ في ضَرْعٍ، وَصُوفٍ عَلَى غَنَمٍ، وَنَخْلٍ في أَرْضٍ، وَتَمْرٍ في نَخْلٍ.

وَقَالَ الشّرْبينيُّ الْخَطيبُ: كُلُّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ تَجُوزُ هبَتُهُ، وَكُلُّ مَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ لاَ تَجُوزُ هبَتُهُ، كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ لغَيْر قَادرٍ عَلَى انْتزَاعه، وَضَالٍّ وَآبقٍ.

أَمَّا الْمَالكيَّةُ فَقَدْ تَوَسَّعُوا فيهَا، فَأَجَازُوا هبَةَ الْمَجْهُول وَالْمُشَاع، جَاءَ في الْفَوَاكه الدَّوَاني: أَنَّ شَرْطَ الشَّيْء الْمُعْطَى أَنْ يَكُونَ ممَّا يَقْبَلُ النَّقْلَ في الْجُمْلَة، فَيَشْمَلُ الأْشْيَاءَ الْمَجْهُولَةَ.

وَللتَّفْصيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (هبَة) .

2 - عَقْدُ الْوَصيَّة.

40 - تَصحُّ وَصيَّةُ الْمُوصي بجُزْءٍ أَوْ سَهْمٍ منْ مَاله وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا صَرَّحَ به الْحَنَفيَّةُ، وَفي هَذه الصُّورَة يَكُونُ الْبَيَانُ إلَى الْوَرَثَة؛ لأنَّهُ مَجْهُولٌ يَتَنَاوَلُ الْقَليلَ وَالْكَثيرَ، وَالْوَصيَّةُ لاَ تَمْتَنعُ بالْجَهَالَة.

وَأَجَازَ الْحَنَابلَةُ الْوَصيَّةَ بالْحَمْل إنْ كَانَ مَمْلُوكًا للْمُوصي، وَالْغَرَرُ وَالْخَطَرُ لاَ يَمْنَعُ صحَّةَ الْوَصيَّة عنْدَهُمْ

كَمَا أَجَازَ الشَّافعيَّةُ الْوَصيَّةَ بالْمَجْهُول، كَالْحَمْل الْمَوْجُود في الْبَطْن مُنْفَردًا عَنْ أُمّه أَوْ مَعَهَا، وَكَالْوَصيَّة باللَّبَن في الضَّرْع، وَالصُّوف عَلَى ظَهْر الْغَنَم.

وَللتَّفْصيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (وَصيَّة).

41 - هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْقَرَافيُّ في فُرُوقه الْفَرْقَ بَيْنَ قَاعدَة مَا تُؤَثّرُ فيه الْجَهَالاَتُ وَمَا لاَ تُؤَثّرُ فيه ذَلكَ منَ الْعُقُود وَالتَّصَرُّفَات فَقَالَ: وَرَدَت الأْحَاديثُ الصَّحيحَةُ في نَهْيه صلي الله عليه وسلم  عَنْ بَيْع الْغَرَر وَعَنْ بَيْع الْمَجْهُول، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَ ذَلكَ: فَمنْهُمْ مَنْ عَمَّمَهُ في التَّصَرُّفَات - وَهُوَ الشَّافعيُّ - فَمَنَعَ منَ الْجَهَالَة في الْهبَة وَالصَّدَقَة وَالإْبْرَاء وَالْخُلْع وَالصُّلْح وَغَيْر ذَلكَ، وَمنْهُمْ مَنْ فَصَلَ - وَهُوَ مَالكٌ - بَيْنَ قَاعدَة مَا يُجْتَنَبُ فيه الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ، وَهُوَ بَابُ الْمُمَاكَسَات وَالتَّصَرُّفَات الْمُوجبَة لتَنْميَة الأَْمْوَال مَا يُقْصَدُ به تَحْصيلُهَا، وَقَاعدَة مَا لاَ يُجْتَنَبُ فيه الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ وَهُوَ مَا لاَ يُقْصَدُ لذَلكَ، وَانْقَسَمَت التَّصَرُّفَاتُ عنْدَهُ ثَلاَثَةَ أَقْسَامٍ: طَرَفَان وَوَاسطَةٌ، فَالطَّرَفَان أَحَدُهُمَا: مُعَاوَضَةٌ صرْفَةٌ فَيُجْتَنَبُ فيهَا ذَلكَ إلاَّ مَا دَعَت الضَّرُورَةُ إلَيْه... وَثَانيهمَا: مَا هُوَ إحْسَانٌ صرْفٌ لاَ يُقْصَدُ به تَنْميَةُ الْمَال كَالصَّدَقَة وَالْهبَة وَالإْبْرَاء.

فَفي الْقسْم الأْوَّل: إذَا فَاتَ بالْغَرَر وَالْجَهَالاَت ضَاعَ الْمَالُ الْمَبْذُولُ في مُقَابَلَته فَاقْتَضَتْ حكْمَةُ الشَّرْع مَنْعَ الْجَهَالَة فيه، أَمَّا الْقسْمُ الثَّاني - أَي: الإْحْسَانُ الصّرْفُ - فَلاَ ضَرَرَ فيه، فَاقْتَضَتْ حكْمَةُ الشَّرْع وَحَثُّهُ عَلَى الإْحْسَان التَّوْسعَةَ فيه بكُلّ طَريقٍ، بالْمَعْلُوم وَالْمَجْهُول فَإنَّ ذَلكَ أَيْسَرُ لكَثْرَة وُقُوعه قَطْعًا، وَفي الْمَنْع منْ ذَلكَ وَسيلَةٌ إلَى تَقْليله فَإذَا وَهَبَ لَهُ عَبْدَهُ الآْبقَ جَازَ أَنْ يَجدَهُ فَيَحْصُلَ لَهُ مَا يَنْتَفعُ به، وَلاَ ضَرَرَ عَلَيْه؛ لأنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ شَيْئًا، وَهَذَا فقْهٌ جَميلٌ.

ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْوَاسطَةُ بَيْنَ الطَّرَفَيْن فَهُوَ النّكَاحُ، فَهُوَ منْ جهَة أَنَّ الْمَالَ فيه لَيْسَ مَقْصُودًا، وَإنَّمَا مَقْصدُهُ الْمَوَدَّةُ وَالأْلْفَةُ وَالسُّكُونُ، يَقْتَضي أَنْ يَجُوزَ فيه الْجَهَالَةُ وَالْغَرَرُ مُطْلَقًا، وَمنْ جهَة أَنَّ صَاحبَ الشَّرْع اشْتَرَطَ فيه الْمَالَ بقَوْله تَعَالَى: ( أَنْ تَبْتَغُوا بأَمْوَالكُمْ) يَقْتَضي امْتنَاعَ الْجَهَالَة وَالْغَرَر فيه، فَلوُجُود الشَّبَهَيْن تَوَسَّطَ مَالكٌ فَجَوَّزَ فيه الْغَرَرَ الْقَليلَ دُونَ الْكَثير، نَحْوَ عَبْدٍ منْ غَيْر تَعَيُّنٍ، وَشُورَة (أَثَاث) بَيْتٍ، وَلاَ يَجُوزُ عَلَى الْعَبْد الآْبق، وَالْبَعير الشَّارد .

د - الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْليم.

42 - يُشْتَرَطُ في مَحَلّ الْعَقْد أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْليم، وَهَذَا الشَّرْطُ مَحَلُّ اتّفَاقٍ في عُقُود الْمُعَاوَضَة في الْجُمْلَة، فَالْحَيَوَانُ الضَّالُّ الشَّاردُ وَنَحْوُهُ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لعَقْد الْبَيْع أَو الإْجَارَة أَو الصُّلْح أَوْ نَحْوهَا، وَكَذَلكَ الدَّارُ الْمَغْصُوبَةُ منْ غَيْر غَاصبهَا، أَو الأَْرْضُ أَوْ أَيْ شَيْءٍ آخَرُ تَحْتَ يَد الْعَدُوّ.

قَالَ الْكَاسَانيُّ: منْ شُرُوط الْمَبيع أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْليم عنْدَ الْعَقْد، فَإنْ كَانَ مَعْجُوزَ التَّسْليم عنْدَهُ لاَ يَنْعَقدُ، وَإنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ كَبَيْع الآْبق حَتَّى لَوْ ظَهَرَ يَحْتَاجُ إلَى تَجْديد الإْيجَاب وَالْقَبُول إلاَّ إذَا تَرَاضَيَا فَيَكُونُ بَيْعًا مُبْتَدَأً بالتَّعَاطي.

وَقَالَ في شُرُوط الْمُسْتَأْجَر: منْ شُرُوطه أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ الاسْتيفَاء حَقيقَةً وَشَرْعًا؛ لأنَّ  الْعَقْدَ لاَ يَقَعُ وَسيلَةً إلَى الْمَعْقُود عَلَيْه بدُونه، فَلاَ يَجُوزُ اسْتئْجَارُ الآْبق، وَلاَ إجَارَةُ الْمَغْصُوب منْ غَيْر الْغَاصب.

وَفي الْمَنْثُور للزَّرْكَشيّ: منْ حُكْم الْعُقُود اللاَّزمَة أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْه مَعْلُومًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْليمه في الْحَال، وَالْجَائزُ قَدْ لاَ يَكُونُ كَذَلكَ كَالْجَعَالَة تُعْقَدُ عَلَى رَدّ الآْبق.

وَقَالَ النَّوَويُّ في بَيَان شُرُوط الْمَبيع: الثَّالثُ: إمْكَانُ تَسْليمه، فَلاَ يَصحُّ بَيْعُ الضَّالّ وَالآْبق وَالْمَغْصُوب، وَعَلَّلَهُ الشّرْبينيُّ الْخَطيبُ بقَوْله: للْعَجْز عَنْ تَسْليم ذَلكَ حَالاً.

وَمثْلُهُ مَا في كُتُب بَقيَّة الْمَذَاهب.

أَمَّا في عُقُود التَّبَرُّع فَأَجَازَ الْمَالكيَّةُ هبَةَ الآْبق وَالْحَيَوَان الشَّارد، مَعَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْدُورَي التَّسْليم حينَ الْعَقْد؛ لأنَّهُ إحْسَانٌ صرْفٍ، فَإذَا وَجَدَهُ وَتَسَلَّمَهُ يَسْتَفيدُ منْهُ، وَإلاَّ لاَ يَتَضَرَّرُ كَمَا قَالَ الْقَرَافيُّ، وَأَجَازَ الشَّافعيَّةُ الْوَصيَّةَ فيمَا يَعْجزُ عَنْ تَسْليمه وَقَالَ ابْنُ الْقَيّم في عُقُود التَّبَرُّع: لاَ غَرَرَ في تَعَلُّقهَا بالْمَوْجُود وَالْمَعْدُوم وَمَا يَقْدرُ عَلَى تَسْليمه وَمَا لاَ يَقْدرُ.

___________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة ۱۰۸ )

لا يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط ان يتمسك به الا اذا كان المتعاقد الآخر قد وقع مثله في ذلك الغلط ، أو كان على علم ، أو كان من المفروض حتما أن يتبينه .

هذه المادة تطابق في حكمها المادة 120 من التقنين الحالي التي تنص على أنه « إذا وقع للتعاقد في غلط جوهری جاز له أن يطلب ابطال العقاء ، اذا كان المتعاقد الأخر قد وقع مثله في هذا الغلط، أو كان على علم به ، أو كان من السهل عليه أن يتبينه .

وقد دخل على هذه المادة تعديل لفظي في صدرها . كما استبدلت في نهايتها عبارة ، أو كان من المفروض حمتا أن يتبينه بعبارة ، أو كان من السهل عليه أن يتبينه ،، اذ ليس هناك ما يبرر اختلاف هذه العبارة عن مثيلتها في خصوص التدليس والاكراه ويظهر أن سبب اختلاف المبارزة أن لجنة مجلس الشيوخ حينما عدلت نص التدليس والاكراه في مشروع التقنين الحالي سها عليها أن تجرى التعديل ذاته في النهي الخاص بالغلط ، مع أنه لا يوجد ما يبرر التشدد في استخلاص العلم في التدليس والاكراه عنه في الغلط ، بل العكس هو الأولى -

والمادة المقترحة تطابق في حكمها المادة ۱۱۹ من التقنين العراقي

و تطابق في حكمها 147 / 1 من التقنين الكویتی

 

( مادة ۱۲۷ )

يكون العقد موقوف النفاذ على الاجازة اذا صدر من ناقص الأهلية في ماله وكان تصرفا دائرا بين النفع والضرر ، او اذا شاب الارادة فيه غلط أو تدلیس او اكراه أو استغلال ، او اذا كان تصرفا في ملك الغير بدون اذنه ، او اذا ورد في القانون نص خاص على ذلك ،

يقابل هذا النص ما جاء في صدر الفقرة الأولى من المادة 134 من التقنين العراقي التي تقول : اذا انعقد العقد موقوفا لحجر أو اكراه . أو غلط أو تغرير جاز للعاقد أن ينقض العقد ۰۰ كما أن له أن يجيزه

وما جاء في الفقرة الأولى من المادة 135 من هذا التقنين التي تقول: و من تصرف في ملك غيره بدون اذنه انعقد تصرفه موقوفا على اجازة المالك

و تقابله المادة ۱۷۱ من التقنين الكويتي التي تقول : « العقد موقوف النفاذ على الأجازة اذا صدر من فضولي في مال غيره أو من مالك في مال له تعلق به حق الغير أو من ناقص الأهلية في ماله وكان تصرفا دانرا بين النفع والضرر أو من مكره او اذا نص القانون على ذلك

 

وتقابله المادة ۱۷۹ من التقنين الكويتي التي تقول : العقد القابل للأبطال ينتج اثاره ، ما لم يقض بابطاله ، واذا قضی بابطاله اعتبر كان لم یکن ،۰

وقد أخذه في النص المقترح بالأحكام الآتية :

اولا - انه اعتمد فكرة العقد الموقوف التي يأخذ بها الفقه الاسلامی بدلا من فكرة العقد المقابل للابطال التي باخذ بها التقنين الحالي وغيره من التقنينات العربية فيما عدا التقنين العراقي والتقنين الأردني •

ويختلف العقد الموقوف عن العقد القابل للابطال في ان هذا الأخير ينشأ صحيحا منتجا لأثارة، إلى أن يطلب ابطاله فیبطل أو تلحقه الاجازة فيظل صحيحا بصورة نهائية ، بينما ينشأ العقد الموقوف صحيحا ولكنه لا پنتج آثاره فتظل هذه الأثار موقوفه إلى أن ينقض العقد فيبطل أو تلحقه الإجازة فينفذ

ومن ثم فان فكرة العقد الموقوف تفضل فكرة العقد القابل للابطال في أو العقد الذي يشوبه نقص في الأهلية أو عيب في الارادة أو انعدام الولاية على المحل يحسن أن يقف حتى تلحقه الأجازة ، فهذا أولى من ان ينفذ حتى يطلب ابطاله ، وذلك لملافاة التعقيدات التي تنشا عند ابطال العقد بعد نفاذه -

ثانيا - انه وحد الحكم في الحالات التي يشوب العقد فيها نقص في الأهلية أو عيب في الارادة ، أو انعدام الولاية على محل أي التصرف في ملك الغير بدون اذنه

ويلاحظ أنه في الفقه الاسلامی یکون العقد موقوف النفاذ انا كان هناك نقص في الأهلية، أو كان هناك اكراه ، أو اذا تعلق حق الغير بالمحل . وهذا السبب الأخير يندرج تحته حالات أهمها تصرف الفضولى ، وهو من يتصرف في ملك غيره بدون اذنه ، و تصرف مالك العين المرهونه أو المؤجرة ، والبيع الصادر من المريض في مرضى الموت لوارثه (انظر في هذا الخصوص : عبد الرزاق السنهوري ، مصادر الحق في الفقه الاسلامی ج 4 ص ۱۹۳ وما بعدها )۰

ولكن حكم النص المقترح يجعل هذا السبب الأخير قاصرا على  التصرف في ملك الغير بدون اذنه . غير أنه من ناحية أخري يتوسع في في نطاق العقد الموقوف فيجعله شاملا لعيوب الارادة جميعها . وبذلك أصبحت الأسباب التي تجعل العقد موقوف النفاذ في النص المقترح می نقص الأهلية وعيوب الارادة والتصرف في ملك الغير بدون اذنه ، وهذا هو النهج الذي سار عليه التقنين المدن العراقي في المادتين 134 و 135 المشار اليهما .أما التقنين المدني الأردني فقد أخذ في المادة ۱۷۱ التي تقدم ذكرها بما قرره الفقه الاسلامي .

ومعروف ان الفقه الاسلامي يجعل العقد موقوفا في حالة الاكراه (م 1006 من المجلة وم ۲۹۷ من مرشد الحيران )، بينما يعظی العاقد خیار الفسخ في حالتي الغلط (م ۳۱۰، ۳۱۱ من المجلة وم ۳۰۱ من مرشد الحيران ) والتدليس (م 357 من المجلة وم 532 من مرشد الحيران ) . وهذا ما أخذ به التقنين الأردنی ها ولكن روی آن من الأفضل توحيد الحكم بالنسبة إلى عيوب الارادة جميعها على غرار ما فعل التقنين العراقي

ويختلف العقد الموقوف عن العقد الذي يثبت فيه خيار الفسخ • فالعقد الموقوف ينشا صحيحا ، ولكنه يكون غير نافذ . اما العقد الذي يثبت فيه للعاند خيار الفسخ فينشأ صحيحا نافذا ، ولكنه يكون غير لازم ، فيكون للعائد الخيار بين امضاء العقد وفسخه .

كذلك رؤى علم جعل تصرف المالك في العين المرهونة أو المؤجرة موقوفا على اجازة الدائن المرتهن أو المستاجر . حيث انه من القواعد المستقرة الآن والتي تقتضيها المصلحة في التعامل ان الرهن او الايجار لا يقيد حق المالك في التصرف في ملكه . ولهذا رؤي من الأفضل الأخذ بالحل الذي اعتمده . التقنين العراقي ، أذ أنه يستجيب لحاجة التعامل ، على خلاف ما أخذ به التقنين الأردني •

اما التصرف الصادر من المريض في مرض الموت فحكمه في مكان أخر .

ثالثا انه جعل التصرف في ملك الغير بدون اذنه موقوفا على الاجازة وهند الحكم يفضل إلى حد كبير حكم بيع ملك الغير في التقنين الحالي وغيره من التقنينات العربية فيما عدا التقنين العراقي والتقنين الأردنی نبيع ملك الغير في التقنين الحالي وغيره من التقنينات التي اخذت بالتصوير اللاتيني حكمه مضطرب ولا يتفق مع القواعد العامة ، فهو نافذ في حق البائع ، وقابل للابطال بالنسبة إلى المشتري بمقتضى نص خاص ، وغير نافذ في حق المالك ، وللمالك أن يقره فيصبح بهذا الاقرار نافذا في حقه وصحيحا في حق المشتري .

بينما في ضوء فكرة العقد الموقوف یکون حكم هذا البيع واحدا بالنسبة إلى كل من البائع والمشتري والمالك ، فهو موقوف في حقهم

جميعا ، ولاتاتی اجازته الا من جانب المسالك ، فاذا صدرت ه ذه الاجازة أصبح العقد نافذا في حق الجميع ( عبد الرزاق السنهورى ، مصادر الحق في الفقه الاسلامی ج 4 ص 305 - ۳۰۷)۰

مجلة الأحكام العدلية

 

مادة (310) بيع مال بوصف مرغوب 
إذا باع مالاً بوصف مرغوب فظهر المبيع خالياً عن ذلك الوصف كان المشتري مخيراً إن شاء فسخ البيع وإن شاء أخذه بجميع الثمن المسمى، ويسمى هذا الخيار خيار الوصف. مثلاً لو باع بقرة على أنها حلوب فظهرت غير حلوب يكون المشتري مخيراً وكذا لو باع فصاً ليلاً على أنه ياقوت أحمر فظهر أصفر يخير المشتري. 
مادة (311) خيار الوصف يورث 
خيار الوصف يورث. مثلاً لو مات المشتري الذي له خيار الوصف فظهر المبيع خالياً من ذلك الوصف كان للوارث حق الفسخ. 
مادة (357) البيع بغبن فاحش 
إذا غر أحد المتبايعين الآخر وتحقق أن في البيع غبناً فاحشاً فللمغبون أن يفسخ البيع حينئذ. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له  (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

(مادة 207)
إذا وقع غلط في محل العقد وكان المعقود عليه مسمى ومشاراً إليه فإن اختلف الجنس تعلق العقد بالمسمى وبطل لانعدامه وأن اتحد الجنس واختلف الوصف تعلق العقد بالمشار غليه وينعقد لوجوده ويخير العاقد لفوات الوصف إن شاء أمضى العقد وإن شاء نقضه.
فإذا بيع هذا الفص على أنه ياقوت فإذا هو زجاج بطل البيع ولو بيع هذا الفص ليلاً على أنه ياقوت أحمر فظهر أصفر صح البيع والمشتري بالخيار بين إمضائه وفسخه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م

مادة (۳۰) : إذا ادعى البائع غلطا فما أخبر به من ثمن للبيع فلا تقبل دعواه إلا ببينة . فإن أقامها كان المشتري أن يحلف بأنه لم يكن يعلم حقيقة الثمن حينما أخبر به ، فإن فعل كان المشتري بالخيار بين فسخ العقد أو إمضائه بالثمن الزائد ، وإن نكل قضى عليه بالنكول وليس له إلا ما وقع عليه العقد . 
إيضاح
لاتقبل دعوى بائع أنه أخطأ في إخباره برأس المال بلا بينة . كأن قال : اشتريته بعشرة ثم قال غلطت بل اشتريته بخمسة عشر ، لأنه مدع لغلطه على غيره أشبه المضارب إذا أقر بربح ثم قال غلطت . 
وفي رواية أن القول قوله مع يمينه ، فيحلف أنه لم يكن يعلم وقت البيع أن ثمنها أكثر مما أخبر به ، لأن المشتري لما دخل مع البائع في المرابحة فقد ائتمنه ، والقول قول الأمين . 
فإن نكل البائع عن اليمين قضي عليه بالنكول وليس له إلا ما وقع عليه العقد . 
فإن قلنا يقبل قول البائع بيمينه وحلف ، او قامت له بينة بما ادعاه فللمشتري أن يحلف أن وقت ما باعها لم يكن يعلم أن شراءها أكثر . فإنه لو باعها بدون منها عالما لزمه البيع بما عقد عليه ، لكونه تعاطی سببه مالاً ، فلزمه كمشتری المعيب عالما بعيبه . و إذا كان الجميع يلزمه بالعلم فادعی عليه لزمته اليمين . فإن نكل قضى عليه بالنكول . وإن حلف خير المشتري بين قبوله بالمن والزيادة التي غلط فيها وحظها من الربع و بين فسخ العقد . 

مادة (۹۰): 
إذا ادعى القابض نقصان ما اكتاله أو أتزنه أو عده أو ذرعه، أو ادعى أنهما غلطا فيه ، أو ادعى البائع زيادة في المقبوض لم يقبل قولهما. 
إيضاح إذا ادعى القابض بعد القبض نقصان ما اكتاله أو اتزنه أو عده أو ذرعه أو ادعى أنهما غلطا فيه ، أو ادعى البائع زيادة في المقبوض لم يقبل ادعاء كل منهما لأن الظاهر خلافه . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام الأعظم ابى حنيفة (رضى الله عنه ) إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية (1392هـ ـ 1972م  )

18 - لا عبرة بالظن البين خطؤه.

المذكرة الإيضاحية

تضع القاعدة فما إذا دفع مالا لإنسان ظانا أنه يلزمه ، ثم تبين أنه غير لازم عليه فله أن يسترده ، وذلك كمن دفع للشفيع مالا صلحا عن إسقاط شفعته ، فله استرداده ، ولو ظن أنه واجب عليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م

مادة (52) 
( إذا ثبت أن البائع غلط بنقص في بيان الثمن الذي رتب عليه بيع المرابحة، وأراد ترتيبه على الثمن الصحيح خير المشتري في رد البيع و إمضائه بالثمن الصحيح وربحه إن كان المبيع قائما، فإن فات خير بين دفع الثمن الصحيح وربحه، أو دفع قيمة المبيع يوم البيع بشرط أن لا تنقص عن الثمن الغلط وربحه). 
إيضاح
 خير المشتري دون البائع في صورة الغلط ، لأن تخبيره لا ضرر فيه على البائع ، لأنه سيدفع له إما الثمن الصحيح وربحه وإما القيمة التي لا تنقص عن الثمن الغلط وربحه فضلا عن أن البائع عنده نوع تفريط بعدم التثبت في أمره ، واشترط عدم نقص القيمة عن الثمن الغلط وربحه ، لأنه كان قد رضي بدفعهما قبل تبين الغلط ، وتبين الغلط لا يؤثر في هذا الرضا ، فكان من الإنصاف أن لا يدفع أقل مما رضي بدفعه . 
واعتبرت القيمة يوم البيع لايوم القبض لأنه بيع صحيح ، وسيأتي أن البيع الصحيح يدخل في ضمان المشتري بمجرد العقد الصحيح اللازم. 
المراجع : الشرح الصغير ج۲ ص ۸۹ ، والشرح الكبير ج 3 ص 151.