مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 316
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- ينطوى الاشتراط أصلحه الخير على خروج حقيقي على قاعدة اقتصاره افع العقد على المتعاقدين دون غيرهم فالمتعهد يلتزم قبل المشترط أصلحة المنتفع ، فيكسب الأخير بذلك حقاً مباشراً، ولو أنه ليس طرفا في التعاقد وبهذه المناسبة يكون التعاقد بذاته مصدراً لهذا الحق ولهذا التصيير على بساطته ووضوحه فضل الكشف عن وجه هذا النظام وإبراز مشخصاته ، من حيث شذوذه عن حكم القواعد العامة وهو فضلاً عن ذلك يقيل من عناء استظهار سائر وجوه التفسير والتخريج التي جهد الفقه التقليدي في التماسها و تفصيل جزئياتها.
ومع ذلك، فلم يكن من الهين إدراك فكرة انصراف منفعة العقد إلى غير عاقديه باعتبارها صورة من صور الأوضاع القانونية ، مع ما هو ملحوظ من بساطتها التقنين افرندي ذاته ، وأغلب التقنيات اللاتينية من بعده ، قد جعلت منها جميعاً مجرد استثناء لا يطبق إلا في حالتين ولم يسم هذا الاستثناء إلى مرتبة الأمل ، ويبسط نطاقه على سائر الحالات ، إلا في خلال القرن التاسع عشر ، وعلى وجه الخصوص ، على أثر ما أصاب عقد التأمين من نمو وذيوع وقد بلغ التوسع في تطبيق هذا الأصل شأوا بعيداً وانتهى الأمر إلى إباحة الإشتراط إذا كان المنتفع شخصاً مستقبلاً ، أو شخصا لم يعين وقت التعاقد ما دام تعيينه مستطاعاً عندما ينتج هذا التعاقد أثره كما هو الشأن في التأمين لمصلحة من ولد و من يولد من ذرية المؤمن وقد نقل المشروع قواعد الاشتراط لمصلحة الغير في صورتها التي انتهت إليها في آخر مرحلة من مراحل تطورها ( أنظر المادة 212).
2 - وللمشترط أن ينقض المشارطة قبل إقرار المنتفع لها إلا أن يكون ذلك منافياً لروح التعاقد وله عند نقص المشارطة أن يعين منتفعاً آخر أو أن يستأثر لنفسه بمنفعتها ما لم تكن نية المتعاقدين قد أنصرفت صراحة أو ضمناً إلى أن الإلغاء يترتب عليه أن تبرأ ذمة المتعهد قبل المشترط ولما كان نقض المشارطة أمراً يرجع إلى تقدير المشترط ذاته فقد قصر إستعمال هذه الرخصة عليه دون دائنيه أو ورثته وإذا رفض المنتفع المشارطة نهائية فيكون للمشترط عين الحقوق التي تقدمت الإشارة إليها في الفرض السابق والظاهر أنه يجوز له فوق ذلك أن يطلب فسخ العقد بإعتبار أن المتعهد يستحيل عليه تنفيذ التزامه قبل المنتفع.
3 - وإذا صح عزم المنتفع على قبول الإشتراط فيجوز له أن يعلن المتعهد أو المشترط بإقراره ويراعى أن هذا الإقرار تصرف قانوني ينعقد بإرادة منفردة ، ولا يشترط فيه استيفاء شكل ها ولم يحدد المشروع أجلاً معيناً لصدوره، ولكن يجوز إنذار المنتفع بالإفصاح عما يعتزم في فترة معقولة ويصبح حق المنتفع لازماً أو غير قابل للنقض بمجرد إعلان الإقرار وهو حق مباشر مصدره العقد ويترتب على ذلك نتیجتان :
الأولى : أنه يجوز للمنتفع أن يطالب بتنفيذ الإشتراط ، ما لم يتفق على خلاف ذلك ولما كان للمشترط مصلحة شخصية في هذا التنفيذ وهو يفترق عن الفضولي من من هذا الوجه فيجوز له أيضاً أن يتولى المطالبة بنفسه إلا إذا قضي العقد بغير ذلك .
والثانية : أنه يجوز للمتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تتفرع على العقد .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 212 من المشروع .
فأقرتها اللجنة على أصلها .
ثم قدمت في المشروع النهائي تحت رقم 160 مع استبدال عبارة (متی كان) بعبارة (ما دام)
المشروع في مجلس النواب وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 160 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الخامسة عشرة
تليت المادة 160 وهذا نصها:
ويجوز في الإشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع شخصاً مستقبلاً كما يجوز أن يكون شخصاً لم يعين وقت العقد متى كان تعيينه مستطاعاً وقت أن ينتج العقد أثره ..
فقام نقاش حول إطلاق عدم تعيين المنتفع وقت العقد وأخيراً اتفق على تعديل المادة ما يحدد معنى التعيين وقت العقد مع النص كذلك على أنه قد يكون المنتفع جهة مستقبلة .
قرار اللجنة :
وافقت اللجنة بالإجماع على المادة كالاتي حتى يحدد معنى عدم التعيين وقت العقد :
يجوز في الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع شخصاً مستقبلاً أو جهة مستقبلة لا يجوز أن يكون شخصا أو جهة يستطاع تعينهما وقت أن ينتج العقد أثره طبقاً للمشارطة .
محضر الجلسة الخامسة والأربعين
المادة 160 - وافقت اللجنة على إعادة العبارة التي سبق لها أن حذفتها وهي ولم يعين وقت العقد متى كان تعيينه مستطاعاً ، مع تعديلها إلى ولم يعينا وقت العقد متى كان تعيينهم مستطاعاً .
تقرير اللجنة :
أضافت اللجنة بعده عبارة ( شخصاً مستقبلاً ، عبارة رأو جهة مستقبلة ، لأن الإشتراط يجوز أن يكون لمصلحة جهة تنشأ فيما بعد وعدل النص تعديلاً لفظياً يناسب هذه الإضافة وأصبح رقم المادة 156 ).
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
1- لما كان المشرع - فيما عدا ما وردت به أحكام خاصة - لم يقرر للمضرور حقاً مباشراً فى مطالبة المؤمن بالتعويض عن الضرر الذي أصابه والذي يسأل عنه قبل المؤمن له فوجب الرجوع إلى القواعد العامة لتعرف ما إذا كانت وثيقة التأمين على مسئولية المؤمن له قصد بها اشتراط لمصلحة الغير أم قصد بها اتفاق خاص بين الطرفين المتعاقدين فإذا كان الحق الذي اشترطه المؤمن له إنما اشترطه لنفسه فلا يكون هناك اشتراط لمصلحة الغير حتى لو كانت تعود منه منفعة على الغير، أما إذا تبين من مشارطة التأمين أن العاقدين قصداً تخويل المضرور الحق المباشر فى منافع العقد فإن القواعد الخاصة بالاشتراط لمصلحة الغير هي التي تطبق.
(الطعن رقم 1389 لسنة 56 جلسة 1995/04/30 س 46 ع 1 ص 749 ق 147)
2- تعيين المستفيد فى مشارطات التأمين هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع باستخلاصها من نصوص المشارطة ولا رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصها سائغاً .
(الطعن رقم 500 لسنة 60 جلسة 1991/05/13 س 42 ع 1 ص 1103 ق 173)
تعيين المشترط لصالحه :
لا يصح التعاقد لمصلحة أشخاص غير معينين إذ لا يمكن في هذه الحالة معرفة الدائن في التعاقد مادام أن تعيينهم غير ممكن، أمثال ذلك من يعقد مشارطة لمصلحة إحدى المحافظات دون تعيين، أما إن كان تعيين أشخاص المنتفعين ممكناً، صح التعاقد، كتحديد اسم المحافظة في المثال السابق أو المحافظة الأكثر تعداداً، ومثال ذلك أيضاً الإشتراط لمصلحة ركاب إحدى وسائل النقل أو الافراد الجمهور في عقد الإحتكار، فيكفي أن يكون المنتفع ممكناً تعيينه إن لم يكن معيناً عن التعاقد، أو أنه يوجد عند الإستحقاق إن لم يكن موجودا عن التعاقد .
فالمضرور من حوادث السيارات لم يكن معيناً عند تحرير وثيقة التأمين فأنشأ له القانون رقم 652 لسنة 1955 حقاً مباشراً قبل شركة التأمين، ويتم تعيينه عند وقوع الخطر المؤمن منه وهو الموت او الاصابة ، والمضرور من حادث الترام ، فيتم تعيينه عند تحقق الخطر المؤمن منه وليس له الرجوع علي شركة التأمين لخروج نطاق التأمين عن القانون رقم 652 لسنة 1955 وبالتالي لا يجوز له الرجوع عليها إلا إذا تضمنت الوثيقة اشتراطاً لمصلحته، بحيث إذا أصيب تم تعيينه بهذه الواقعة وكان له الرجوع علي المؤمن . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/الثالث الصفحة/ 121)
يجوز أن يكون المنتفع من الإشتراط لمصلحة الغير شخصاً أو جهة مستقبلة أو لم يعين وقت العقد :
يجوز في الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع (المستفيد من الاشتراط فرداً أو جهة كهيئة أو شركة أو جمعية غير موجود وقت الاشتراط، أي يجوز الاشتراط الشخص مستقبل أو جهة مستقبلة.
ومثل ذلك أن يبرم شخص عقد تأمين لمصلحة ما عساه أن ينجبهم فيما بعد من أولاد أو لجمعية ستنشأ في بلد معين.
ويجوز أيضاً أن يكون المنتفع شخصاً أو جهة لم يعينا بذاتهما وقت التعاقد، متى كان تعيينهم مستطاعاً وقت أن ينتج العقد أثره طبقاً للمشارطة.
ومثل ذلك التأمين لمصلحة مالك الشيء أياً كان، فينتقل الشيء من يد ليد ويكون المنتفع هو مالك الشيء وقت تلفه فيكون له المطالبة بمبلغ التأمين.
أو الإشتراط لمصلحة أوائل الخريجين في كلية من الكليات، فهؤلاء غير معينين وقت الإشتراط قابلون للتعيين فهم يعينون فيما بعد بنتيجة الامتحان.
وتأمين رب العمل لمصلحة عماله دون تحديد لذواتهم، فينصرف التأمين إلى العمال الموجودين لديه وقت أن ينتج عقد التأمين أثره.
أما إذا كان الإشتراط لمصلحة شخص أو جهة غير معينة وغير قابلي التعيين وقت أن ينتج عقد التأمين أثره، فإنه لا يجوز، ومثل ذلك الإشتراط لمصلحة الفقراء دون تعيين لهم بشروط معينة أو منطقة معينة.
وهذه الفكرة تتمشى مع النظرية المادية للإلتزام التي لا تتطلب وجود الدائن وقت صدور العقد وتكتفي بوجوده عند التنفيذ .
وإذا لم يوجد المنتفع بذاته وقت إنتاج الإشتراط أثره، وقع الاشتراط باطلاً، وإن كان بطلان الإشتراط لا يبطل عقد الإشتراط، بل تتحول الفائدة التي يحققها إلى المشترط أو ورثته. ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني الصفحة /612)
فإذا وجد المنتفع أو تم تعيينه وقت استحقاق المشروط لصالح الغير، كان له إقرار الإشتراط ودخوله طرفاً فيه وينشأ في ذمته مباشرة الحق المشترط لصالح الغير مستنداً إلى تاريخ المشارطة عملاً بالأثر الطبيعي للإقرار وهو يعتبر قبولاً من المقر بإضافة المشارطة الى نفسه من وقت إبرامها أما إذا استحق المشروط قبل وجود المنتفع أو قبل تعيينه، أستحق المشروط للمشترط ودخل في ذمته ، أو في تركته من بعده، وفي الضمان العام لدائنيه .
ويجب أن يكون تعيين المنتفع بوصفه شخصاً من الغير مستمداً حقه مباشرة من الاشتراط لمصلحة الغير، الا بوصفه خلفاً للمشترط أو وارثاً له يستمد حقه من القانون الذي يخوله خلافه ذلك المشترط فإذا عين المشترط في عقد التأمين على الحياة مستفيداً معيناً بأسمه أو بأوصاف تحدده مستقبلاً غير الأوصاف التي يحدد بها القانون الوارث أو الخلف، استحق المشروط لهذا المنتفع شخصياً واستمد هذا حقه مباشرة من مشارطة التأمين دون مروره بذمة المشترط أو بتركته ، أما إذا اشترط المستأمن مبلغ التأمين لصالح، ورثته أو خلفه العام، فإن هذا المبلغ لا يستحق الا لمن يثبت لهم حق الإرث من المشترط وقت استحقاقه وحينئذ يؤول إليهم هذا المبلغ من طريق تركة المشترط لأنه جعل شرط استحقاق المنتفعين الذين عينهم هذا المبلغ ثبوت حق الإرث لهم والأرث مستمد من القانون ، فيقع مبلغ التأمين في تركة المشترط ويدخل في الضمان العام لدائنيه، ويخضع لضريبة التركات ورسم الأيلوله، بخلاف حالة أيلولة مبلغ التأمين إلى شخص المستفيد من المشارطة الذي يستمد حقه منها وحدها لا من القانون إذ أن حق هذا الأخير خلق خاص ينشأ له مباشرة من تلك المشارطة في ذمة المتعهد (المؤمن) ولا يمر البتة بذمة المشترط. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثاني الصفحة/ 617)