loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 475

مذكرة المشروع التمهيدي :

يلاحظ أن الفضولي يلزم، ما بقي قائماً بالعمل، أن يبذل فيما يعمل عناية الشخص المعتاد، وأن ينزل فيه على إرادة رب العمل، معلومة كانت أو مفروضة، وكل مخالفة لهذا الالتزام تعتبر خطأ يستتبع مساءلته، ومع ذلك فينبغي التسامح في تقدير هذه المسؤولية إذا كان الفضولي قد قام بما تصدى له من شؤون رب العمل لدفع ضرر يتهدده، ( المادة 420 من تقنين الالتزامات السويسري، أنظر كذلك المادة 68 من التقنين الألماني، والمادة 156 من التقنين اللبناني، والمادتين 1181/ 945 من التقنينين التونسي و المراكشي).

ويسأل الفضولي كذاك باعتباره متبوعاً عن خطأ من ينيبه عنه، كما أن هذا الأخير يسأل مباشرة قبل رب العمل ( أنظر المادة 266 فقرة 3 من المشروع) وعند تعدد المتصدين لشأن واحد من الفضوليين، يسألون عن خطئهم على وجه التضامن ولما كان هذا الخطأ يغاير صنوه في نطاق المسؤولية التقصيرية، لذلك كان من الضروري تقرير التضامن بين هؤلاء المسؤولين بنص خاص ( المادة 266 فقرة 3 من المشروع ).

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 266 واقترح إدخال تعديلات لفظية أقرتها اللجنة، وأصبح النص النهائي ما يأتي :

1- يجب على الفضولي أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي وأن يطابق بين عمله وبين إرادة رب العمل معروفة كانت هذه الإرادة أو مفترضة .

2- ويكون مسؤولاً عن كل خطأ غير أنه يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على خطئه إذا كانت الظروف التي ساقته إلى القيام بالعمل تقتضي ذلك .

3- وإذا عهد الفضولي إلى غيره بكل ما تولاه أو ببعضه كان مسؤولاً عن تصرفات نائبه دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب، وإن تعدد الفضوليون كانوا متضامنين في المسؤولية.

ثم قدمت تحت رقم 198 في المشروع النهائي بالصيغة الآتية :

1- يجب على الفضولي أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي وأن يطابق بين عمله وبين إرادة رب العمل معروفة كانت هذه الإرادة أو مفترضة ويكون مسؤولاً عن كل خطأ غير أنه يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على خطئه إذا كانت الظروف التي ساقته إلى القيام بالعمل تقتضي ذلك.

2- وإذا عهد الفضولى إلى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسؤولاً عن تصرفات نائبه دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب.

3 - وإذا تعدد الفضوليون كانوا متضامنين في المسؤولية .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 198.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الحادية والعشرين

تليت المادة 198 :

فاقترح سعادة الرئيس حذف عبارة «وأن يطابق بين عمله وبين إرادة رب العمل معروفة كانت هذه الإرادة أو مفترضة، الواردة في الفقرة الأولى من هذه المادة لأنها تورد معياراً شخصياً يوقع في إشكالات كثيرة.

ورأى سعادته الاكتفاء بالمعيار المادي الوارد في صدر هذه الفقرة وتعديل باقي الفقرة إلى ما يأتي :

ويكون مسئولاً عن خطئه ومع ذلك يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ إذا كانت الظروف تبرر ذلك.

ثم وافق سعادة الرئيس وسعادة العشماوي باشا على حذف الفقرة الثانية لأنها تطبيق للقواعد العامة وقواعد مسئولية المتبوع عن تابعه ولم يوافق على ذلك أباظة بك .

واعترض سعادة الرئيس على صياغة الفقرة الثالثة قائلاً : إنه يجب أن يكون هناك ارتباط في العمل بين الفضوليين وإذا كان المقصود منها أن تطبق في حالة ما إذا قام أكثر من واحد بعمل واحد فمن الواجب إظهار هذا الحكم.

واقترح سعادته أن يكون نصها كالآتي.:

«وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسئولية» فوافقه العشماوي باشا وأباظة بك وبذلك أصبح نص المادة 198 كالآتي :

يجب على الفضولي أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي ويكون مسئولاً عن خطئه ومع ذلك يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ إذا كانت الظروف تبرر ذلك.

وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسئولية .

محضر الجلسة الحادية والخمسين

تليت المادة 198 - ورأت اللجنة بعد مناقشتها إرجاع الفقرة الثانية منها وكانت قد حذفتها وسبب ذلك أن الفضالة عمل قائم بذاته يحتاج إلى شيء من العناية في النصوص الخاصة به .

تقرير اللجنة :

حذفت اللجنة من الفقرة الأولى من هذه المادة عبارة «وأن يطابق بين عمله وبين إرادة رب العمل معروفة كانت هذه الإرادة أو مفترضة» واكتفت اللجنة بأن يبذل الفضول في القيام بالعمل عناية الشخص العادي واستبدلت في الفقرة نفسها عبارة « إذا كانت الظروف تبرر ذلك» بعبارة «إذا كانت الظروف التي ساقته إلى القيام بالعمل تقتضي ذلك» فقد تكون هناك ظروف غير التي دفعت الفضولي إلى القيام بالعمل وتقتضي في الوقت نفسه إنقاص التعويض . ورأت اللجنة أن هذا التعديل أكثر تمشياً مع ما تمليه العدالة .

وأصبح رقم المادة 192 .

مناقشات المجلس:

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.

شرح خبراء القانون

وهذا النص يشتمل على أحكام هامة في الفضالة  فهو : 

( 1 ) يرسم معيار الخطأ في الفضالة وما يترتب من المسئولية على هذا الخطأ. 

( 2 ) ويبين أحكام نائب الفضولي . 

( 3 ) ويقرر التضامن في المسئولية إذا تعدد الفضولي.

الخطأ في الفضالة : لا يلتزم الفضولي بالوصول إلى النتيجة المرجوة، بل يلتزم ببذل عناية الشخص العادي للوصول إلى هذه النتيجة . فالتزامه ليس التزاماً بتحقيق غاية، بل هو التزام ببذل عناية.

ومعيار خطأ الفضولي هو كمعيار الخطأ العقدي ويقاس على خطأ الوكيل إذا كان مأجوراً ( م 704 فقرة 2)  فيجب ألا ينحرف الفضولي في القيام بعمله عن السلوك المألوف للرجل العادي، وأي انحراف عن هذا السلوك يكون خطأ يوجب مسئوليته  وليس هذا الخطأ خطأ عقدياً ولا هو خطأ تقصيري لأن مسئولية الفضولي ليست مسئولية تقصيرية إلا إذا ارتكب خطأ تقصيرياً خارجاً عن أعمال الفضالة، وإنما هو خطأ في الفضالة، معياره هو عين معيار الخطأ العقدي والخطأ التقصيري وخصوصية هذا الخطأ أن المسئولية عنه قد لا تكون كاملة، إذ يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب عليه إذا كانت الظروف تبرر ذلك وكثيراً ما تبرر الظروف التخفيف من مسئولية الفضولي إذ هو متفضل تدخل لرعاية مصلحة رب العمل فإذا كان تدخله لدفع ضرر داهم يتهدد رب العمل، ففي هذا الظرف الذي ساقه للتدخل ما يشفع له إذا ارتكب خطأ في عمله وانحرف قليلاً عن السلوك المألوف للرجل العادي، فيكون هذا سبباً لتخفيف المسئولية وإنقاص التعويض وقد تكون ظروف أخرى، غير تلك التي ساقته للتدخل، سبباً في تخفيف المسئولية فالفضولي الذي يعمد إلى تنقية زراعة جاره من آفة زراعية، ثم يبحث عن مواد كيماوية يكمل بها التنقية، فيجد ظرف يجعل الوصول إلى هذه المواد ينطوي على شيء من المشقة يحجم عنها المضي في عمله، فينحرف بذلك قليلاً عن السلوك المألوف للرجل العادي، قد يخفف القاضي من مسئوليته عن هذا الخطأ بسبب الظرف الذي وجد وجعل الوصول إلى المواد الكيماوية أمراً شاقاً.

وقد يرتكب الفضولي خطأ تقصيرياً خارجاً عن أعمال الفضالة يضر به رب العمل، فيكون مسئولاً عن هذا الخطأ وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية . مثل ذلك أن يعمد الفضولي إلى إطفاء حريق شبت في منزل جاره، ثم هو بعد إطفاء الحريق والفراغ من أعمال الفضالة، يهمل إقفال باب المنزل فتسلل اللصوص ويسرقون أمتعة الجار ففي هذا الفرض يكون خطأ الفضولي في إهماله أن يقفل باب المنزل خطأ تقصيرياً لأنه خارج عن أعمال الفضالة، ويكون مسئولاً نحو رب العمل عن هذا الخطأ مسئولية تقصيرية.

نائب الفضولي : وقد يعهد الفضولي إلى شخص آخر أن يقوم نيابة عنه بأعمال الفضالة كلها أو بعضها، سواء تولى الفضولي العمل ابتداء ثم مضى نائبه فيه أو تولى النائب العمل من مبدئه  ونائب الفضولي يكون بمثابة نائب الوكيل إذا كان العمل تصرفاً قانونياً  وبمثابة المقاول من الباطن إذا كان عملاً مادياً .

ويكون نائب الفضولي مسئولاً قبل الفضولي، ويجوز لرب العمل أن يستعمل حق الفضولي في الرجوع على النائب عن طريق الدعوى غير المباشرة، بل أجاز فوق ذلك لرب العمل أن يرجع مباشرة  أولاً  على الفضولي لا عن خطئه هو فحسب، بل أيضاً عن خطأ نائبه باعتباره تابعاً له، وتكون مسئولية الفضولي نفسه عن النائب هي مسئولية المتبرع عن التابع ثانياً على النائب الفضولي نفسه بطريق الدعوى المباشرة التي نص عليها القانون وهذا ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 192 إذ تقول : " وإذا عهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسئولاً عن تصرفات نائبه، دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب. 

بقى أن نعرف هل يكون رب العمل - هو أيضاً – مسئولاً عن التزاماته مباشرة قبل نائب الفضولي؟ لا يوجد نص على هذه العلاقة، كما وجد النص في حالة نائب الوكيل وفي المقاول من الباطن، فلا يجوز القول به، ويبقى رب العمل ملتزماً نحو الفضولي نفسه ويكون الفضولي ملتزماً نحو نائبه.

التضامن في المسئولية عند تعدد الفضولي : ولما كان خطأ الفضولي في الفضالة على النحو الذي قدمناه ليس بالخطأ التقصيري، فإن الفضوليين في حالة التعدد إذا وقع خطأ منهم وهم يقومون بعمل وأحد لا يكونون مسئولين بالتضامن إلا إذا وجد نص يقرر التضامن، وقد أورد القانون الجديد هذا النص على خلاف القانون القديم الذي كان ينص صراحة على عدم التضامن  م 149 / 210 قديم ) . فجاء في الفقرة الثالثة من المادة 192ما يأتي : " إذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسئولية " . ولولا هذا النص لانعدم التضامن بين الفضوليين .

ويلاحظ أن شرط التضامن هو أن يتعدد الفضوليون في عمل واحد . أما إذا تولي كل فضولي عملاً مستقلاً عن عمل الآخر، فلا يكون هناك تضامن . 

إذا تعدد رب العمل، بأن قام فضولي مثلاً بعمل لمصلحة شركاء على الشيوع، فلا تضامن بين أرباب العمل المتعددين في التزاماتهم نحو الفضولي، إذ لا تضامن دون نص . وقد ورد النص في تعدد الفضولي ( م 192 فقرة 3 )، وفي تعدد الوكيل ( م 707 )، وفي تعدد الموكل ( م 712 )، ولم يرد في تعدد رب العمل . والعلة في ذلك أن أرباب العمل إذا تعدوا قل أن توجد بينهم علاقة تسوغ قيام التضامن . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الأول  المجلد/ الثاني الصفحة/   1739)

المسئولية عن تنفيذ الفضالة :

يبين من النص أن هناك ثلاثة أحكام متعلقة بمسئولية الفضولي :

أولاً : الخطأ فى الفضالة :

يلتزم الفضولى ببذل عناية لا بتحقيق غاية، والعناية المطلوبة منه هي عناية الشخص العادى فيقاس مسلك الفضولي بالمسلك المألوف للشخص العادي فإن التزم ذلك رفعت عنه المسئولية حتى لو كانت عنايته بشئون نفسه تجاوز عناية الشخص العادى أما إن بذل عناية تقل عن عناية الشخص العادى كان ذلك خطأ موجباً لمسئوليته وهذا ليس بالخطأ العقدي كما أنه ليس بالخطأ التقصيرى، وإنما هو خطأ خاص، أى خطأ فى الفضالة يتميز بأن المسئولية عنه لا تكون كاملة إذ يجوز للقاضى أن ينقص من التعويض متى رأى أن الظروف تبرر ذلك، وكثيراً ما تبرر الظروف التخفيف إذ الفضولي متفضل سعى إلى تحقيق لرب العمل أما إن وقع من الفضولي خطأ خارج عن نطاق الفضالة فإنه يسأل عنه وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية مثال ذلك أن يقوم الفضولي باخماد نيران بمسكن رب العمل وبعد ذلك يترك باب المسكن مفتوحاً مما يؤدي إلى سرقة ما بقى به من أمتعة.

ثانياً : نائب الفضولي :

إذا كان العمل الذى يباشر الفضولي تصرفاً قانونياً، وعهد به الفضولي لشخص آخر كان هذا الشخص نائباً للفضولى أي يكون بمثابة نائب للوكيل، أما إن كان العمل مادياً فيكون هذا الشخص بمثابة المقاول من الباطن.

ولرب العمل أن يرجع على نائب الفضولي بدعوى مباشرة وفقاً للمادة 192 أو بالدعوى غير المباشرة باستعمال حق الفضولى فى الرجوع على نائبه.

ولكن لايجوز لنائب الفضولي أن يرجع بالدعوى المباشرة على رب العمل لعدم وجود نص يجيز له ذلك ومن ثم لا يكون له الرجوع عليه إلا بموجب الدعوى غير المباشرة باستعمال حق الفضولي فى الرجوع على رب العمل.

ثالثاً : التضامن فى حالة تعدد الفضوليين :

لما كان خطأ الفضولي ليس تقصيرياً، ومن ثم فإذا تعدد الفضوليين لا يكونون متضامنين إلا إذا وجد نص يوجب التضامن وقد نصت المادة 192 على أنه إذا تعدد الفضوليون فى القيام بعمل واحد كانوا متضامنين فى المسئولية ويجب للتضامن أن يقوم الفضوليون بعمل واحد أما إذا قام كل منهم بعمل مستقل لرب عمل واحد فلا تضامن بينهم كما إذا قام أحدهم باخماد حريق وقام الثانى بترميم المسكن . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/  الرابع، الصفحة/ 130 )

 بذل الفضولي عناية الشخص المعتاد :

يجب على الفضولي أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص المعتاد.

فالفضولى لا يلتزم التزاماً بتحقيق نتيجة بل التزامه ببذل عناية، والعناية المطلوبة من الفضولي هي عناية الشخص العادي. وإذا لم يبذل الفضولى هذه العناية فإنه يكون مخطئاً ويكون مسئولاً في مواجهة رب العمل و يلتزم بتعويضه.

ومعيار الخطأ في الفضاله هو ذات معيار الخطأ العمدي والخطأ التقصيري، وخصوصية هذا الخطأ أن المسئولية عنه قد لا تكون كاملة، إذ يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب عليه إذا كانت الظروف تبرر ذلك، وكثيراً ما تبرر الظروف التخفيف من مسئولية الفضولي لأن الفضولي شخص متطوع يبذل جهده في إسداء خدمة لشخص غيره، فإذا انحرف في قيامه بذلك عن مسلك الرجل العادي، فإن نيته تشفع له في تخفيف المسئولية التي تنشأ من هذا الانحراف، وقد تكون ظروف أخرى غير تلك التي ساقته للتدخل، سبباً في تخفيف المسئولية، فالفضولي الذي يعمد إلى تنقية زراعة جاره من آفة زراعية، ثم يبحث عن مواد كيماوية يكمل بها التنقية، فيجد ظرفاً يجعل الوصول إلى هذه المواد ينطوي على شيء من المشقة يحجم عندها عن المضي في عمله، فإنه ينحرف بذلك قليلاً عن السلوك المألوف للرجل العادي، قد يخفف القاضي من مسئوليته عن هذا الخطأ بسبب الظرف الذي قد جعل الوصول إلى المواد الكيماوية أمراً شاقاً.

ومثل ذلك أيضاً أن يبدأ الفضولي بإصلاحات مستعجلة في منزل رب العمل، ثم يحجم عن المضي في هذه الإصلاحات لأنه وجد أن الحصول على الأدوات الصحية اللازمة لإتمامها يتطلب منه مجهوداً كبيراً، فكون الحصول على تلك الأدوات يقتضي مثل هذا المجهود يعتبر ظرفاً مخففاً لمسئولية الفضولي عن الخطأ الذي صدر منه بأحجامه عن المضي في عمله.

ولكن يشترط بالطبع ألا يكون الخطأ جسيماً، ولأن الخطأ الجسيم يأخذ حكم الغش، والغش فيه معنى الإضرار بالغير، وهو على طرف نقيض من نية إسداء خدمة للغير، فتنتفي الفضالة أصلاً، وتكون المسئولية ليست في نطاق الفضالة، بل مسئولية تقصيرية عن العمل غير المشروع.

كما أنه خارج نطاق أعمال الفضالة، إذا ارتكب الفضولي خطأ تقصيرياً يضر برب العمل، فإن مسئوليته عن هذا الخطأ تكون كاملة وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية. فإذا كان الفضولي، بعد أن قام بإصلاحات مستعجلة في منزل رب العمل، ترك صنبور المياه مفتوحاً، فسالت المياه وأتلفت أمتعة موجودة بالمنزل، فإن إهماله في قفل صنبور المياه يعتبر خطأ تقصيرياً خارجاً عن أعمال الفضالة ويكون مسئولاً عنه قبل رب العمل مسئولية تقصيرية.

- نائب الفضولي :

قد ينيب الفضولي عنه شخصاً آخر في القيام بأعمال الفضالة كلها أو بعضها. وفي هذه الحالة يكون نائب الفضولي بمثابة نائب الوكيل إذا كان العمل تصرفاً قانونياً، وبمثابة المقاول من الباطن إذا كان العمل مادياً ويكون نائب الفضولي مسئولاً قبل الفضولي.

وطبقاً للقواعد العامة يجوز لرب العمل أن يرجع على الفضولي عن خطأ نائبه باعتبار النائب تابعاً له، فتكون مسئولية الفضولي عن خطأ النائب هي مسئولية المتبوع عن أعمال التابع، كما أن الفقرة الثانية من المادة تقرر هذه المسئولية في صدرها.

كذلك يجوز لرب العمل طبقاً للقواعد العامة أن يرجع على نائب الفضولي بدعوى غير مباشرة مستعملاً حق الفضولي في هذا الرجوع. ولكن التقنين المدني الحالي لم يكتف بهذه الدعوى، بل خول رب العمل زيادة على ذلك دعوى مباشرة قبل نائب الفضولي، وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من المادة في نهايتها.

ولكن ليس لنائب الفضولي دعوى مباشرة ضد رب العمل فيما يتعلق بالتزامات هذا الأخير، لأن هذه الدعوى لا تكون إلا بنص، ولم ينص القانون على هذه الدعوى كما فعل في حالة نائب الوكيل ( م 708/3 مدني ) والمقاول من الباطن (م 662 مدنی).

- التضامن في المسئولية عند تعدد الفضوليين :

إذا تعدد الفضوليون قام التضامن بينهم في المسئولية عن العمل الذي يقومون به. وذلك طبقاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة.

ويجب لقيام التضامن، أن يكون التعدد في عمل واحد، فإذا كان كل فضولی قد تولى عملاً مستقلاً عن عمل الآخر فلا يقوم التضامن.

ولولا هذا النص لما قام ذلك التضامن إذ أن الخطأ في الفضاله ليس خطأ تقصيرياً حتى يقوم التضامن في هذا الخصوص طبقاً للنص الوارد في المسئولية التقصيرية. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثالث، الصفحة/ 316) 

اعتبار الفضولي نائباً قانونياً عن رب العمل - ومتى -توافرت جميع أركان الفضالة سالفة الذكر، بأن كان تدخل الفضولي في شأن عاجل لغيره على وجه مقبول وبقصد التفضل بإسداء خدمة لذلك الغير دون تفويض منه أو إلزام قانوني ودون مخالفة نهي خاص منه، ثبتت للفضولي بقوة القانون صفة النيابة القانونية عن رب العمل . وقد نصت المادة 198/196/195 على ذلك صراحة حيث قالت « يعتبر الفضولي نائباً عن رب العمل متى كان قد بذل في إدارته عناية الشخص العادي ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة ».

وقد فرض المشرع هذه النيابة على رب العمل فرضاً، مراعاة منه للظروف التي حدث فيها تدخل الفضولي وللقصد النبيل الذي دفع الأخير إلى هذا التدخل ولحسن تصرفه فيما تدخل فيه.

وسیجئ أن المشرع قد رتب على هذه النيابة القانونية الزام رب العمل بالتزامات تقرب من التزامات الموكل إزاء الوكيل، وهي إن كانت أخف قليلاً من التزامات الموكل، فهي تزيد كثيراً عن التزامات المثری التي تفرضها عليه قاعدة الإثراء على حساب الغير، ويرجع ذلك الى أن التزامات رب العمل ليس أساسها الفعل النافع للمثرى وحده كما في دعوى الإثراء، بل الفعل النافع للمثرى والمجتمع كله إذ لا شك في أن انتشار روح الفضالة يساعد على صيانة الثروة القومية وتنميتها ويقوي الشعور بالتضامن بين أفراد المجتمع، ولذلك كان المشرع الفضولي بزيادة حقوقه عن حقوق المفتقر في الظروف العادية.

 

بيان التزامات الفضولي والنصوص الخاصة بها - تقضى المادة 191/ 192 / 194 بأنه لا يجب على الفضولي أن يمضي في أداء العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه، كما يجب عليه أن يخطر بتدخله رب العمل متى استطاع ذلك ».

وتنص المادة 192 / 193 /195 فقرة أولى على أنه « يجب على الفضولى أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي، ويكون مسئولاً عن خطئه، ومع ذلك يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ إذا كانت الظروف تبرر ذلك - وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد، كانوا متضامنين في المسئولية ».

وتنص المادة 193/ 194 / 196 على أن « يلتزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولى عليه بسبب الفضالة وتقديم حساب عما قام به».

ويبين من هذه النصوص أنها تفرض على الفضولي ثلاثة التزامات رئيسية ، هي :

(1) التزامه بالمضي في العمل الذي بدأه حتى يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه والتزامه باخطار الأخير بذلك .

(2) التزامه ببذل عناية الشخص العادي في القيام بشئون الفضالة.

(3) التزامه برد ما استولى عليه بسبب الفضالة وبتقديم حساب عما قام به.

الالتزام الثاني : بذل عناية الشخص العادي – وقد أوجب القانون على الفضولي أن يبذل في العمل الذي اضطلع به - وطوال المدة التي يتعين عليه فيها الاضطلاع به - عناية الشخص العادي ( المادة 195/193/192 فقرة أولى ) وهذه هي درجة العناية التي تطلب بحسب الأصل من الملزم ببذل عناية دون أن يكون ملتزماً بتحقيق نتيجة، نظراً لما تقدم من أن التدخل يعتبر فضالة متى تم على وجه مقبول ولو لم يحقق النتيجة المرجوة، وظاهر أن معيار الرجل العادي معيار مادي لا ينظر فيه إلى الظروف الشخصية للملتزم إلا ما كان منها ظاهراً للغير بحيث يوحي إليهم أن صاحبه سيسلك مسلكاً معيناً يغاير مسلك الرجل العادي، وبناء على ذلك يطالب الفضولي بأن يبذل في تدخله في شأن رب العمل مثل العناية التي تنتظر من الرجل العادي إذا وجد في مثل ظروفه المنظورة التي من شأنها أن توحي إلى الغير أنه سيسلك مسلكاً معيناً، فإذا كان الفضولي جراحاً شهيراً تدخل لإجراء جراحة عاجلة، تعين أن يبذل في إجراء هذه الجراحة عناية الأخصائي الذي في مثل شهرته ولا يكتفي منه بأن يبذل عناية الطبيب العادي.

وظاهر أن هذا الالتزام ببذل عناية الشخص العادي هو التزام لا ينشأ من اتجاه إرادة الفضولي أليه وإنما يترتب بنص القانون على تدخل الفضولي في شئون غيره ولو لم تتجه إرادته إلى الزام نفسه بذلك أي أن القانون يرتب هذا الالتزام على مجرد التدخل من جانب الفضولي في شئون غيره بقطع النظر عن حصول التدخل بعمل قانونی، فلا يعتبر ناشئاً من الأرادة أو من العقد بل من واقعة تدخل الفضولي في شأن غيره في الظروف التي نص عليها القانون، ويعتبر الإخلال به موجباً مسئولية الفضولي التقصيرية، فيلزم الفضولي بتعويض رب العمل عن الضرر الذي سببه له بتقصيره، ويقدر هذا التعويض وفقاً للمادة 170 /171 /173 مدني أي مع مراعاة الظروف الملابسة، ويدخل في ضمن هذه الظروف حسن نية الفضولی و الباعث النبيل الذي يكون قد دفعه إلى التدخل، باعتبار ذلك من الظروف التي تسوغ للقاضي أن ينقص مبلغ التعويض تخفيفاً عن الفضولي حسن النية . وقد صرحت بذلك المادة 192 /193 /195 فقرة أولى مدنی، فهی بعد أن قررت أن يكون الفضولي مسئولاً عن خطئه، نصت على أنه « ومع ذلك يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ إذا كانت الظروف تبرر ذلك » ولا تقتصر الظروف التي تبرر ذلك على الظروف التي دفعت الفضولي إلى التدخل في شأن غيره، بل تشمل ما طرأ بعد ذلك من ظروف تنهض عذراً له فيما بدا منه من تقصير - كأن يكون الاستمرار في العمل الذي بدأه قد أصبح يكبده تضحيات أكثر مما كان متوقعاً كصعوبة الحصول على المواد اللازمة للعمل أو غلائها غلاء فاحشاً.

مسئولية الفضولی ممن يستعين بهم - تنص المادة 192/ 193/ 195 فقرة ثانية على أنه «إذا عهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسئولاً عن تصرفات نائبه، دون اخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب، وليس المقصود أن من يعيد إليه الفضولى بأعمال الفضالة كلها أو بعضها يعتبر نائبا بالمعنى الفني لهذه الكلمة، وإنما المقصود فقط أن الفضولي يسأل عن فعل من استعان هو به في أعمال الفضالة، أو ندبه هو لذلك كما جاء في النص الفرنسي لهذه المادة، وقد جاء في المذكرة الايضاحية لهذا النص أن الفضولي يسأل عن ذلك باعتباره متبوعاً، غير أن الواقع أن الفضولي بيسأل عمن استعان هو به أو ندبه، سواء كان هذا المندوب أو المعاون تابعاً له بالمعنى الفني لهذه الكلمة أو لم يكن كذلك لتمتعه بالاستقلال في عمله وعدم خضوعه لتعليمات من الفضولي في طريقة أداء هذا العمل، وذلك لأن مسئولية الفضولى عن أعمال مندوبيه أو معاونيه أو بدلائه في أقرب إلى مسئولية الدين عن أعوانه وبدلائه منها إلى مسئولية المتبوع التقصيرية عن فعل تابعيه، لأنها تشبه الأولى في أن الفضولي مدين أحلا بالمضي في العمل الذي بدأه وببذل عناية الرجل المعتاد في ذلك، فيسأل عن شعل أعوانه وبدلائه ولو لم يكونوا تابعين له بالمعنى الفنى للكلمة، وهي تختلف في ذلك عن مسئولية المتبوع إذ أن المتبوع لا يكون قبل وقوع الخطأ من تابعه ملزماً بشیء ازاء المضرور.

فإذا ارتكب المعاون أو البديل خطا في قيامه بما عهد إليه من أعمال الفضالة كان هو مسئولاً قبل الفضولي عن نتائج خطئه، وكان الفضولي مسئولا عن ذلك قبل رب العمل . أما أن لم يقع من المعاون أو البديل خطأ يوجب مسئوليته ولكن وقع منه فعل لا خطأ فيه أدي الى عدم تنفيذ الفضولي التزامه ببذل عناية الرجل المعتاد، كان الفضولی مسئولا إزاء رب العمل دون أن يكون له هو مساءلة المعاون أو البديل .

وفي الحالة الأولى يكون لرب العمل أن يرجع على الفضولي، ويجوز له أن يستعمل دعوي الأخير قبل معاونه أو بديله من طريق الدعوى غير المباشرة، وأن هذا الطريق لا يؤمن رب العمل ضد مزاحمة دائني الفضولي إياه فيما يمكن الحصول عليه من المعاون أو البديل، رأي المشرع تخويل رب العمل دعوى مباشرة . ضد المعاون أو البديل، وقرر في المادة 192/193/195 فقرة ثانية أن يكون رجوع رب العمل على الفضولي دون إخلال بما له من دعوى مباشرة على هذا المعاون أو البديل ولأن المشرع لم ينص على أن يكون للمعاون أو البديل دعوى مباشرة قبل رب العمل، كما نص على ذلك بالنسبة لنائب الوكيل في الأدلة 807 فقرة ثالثة مدنى مصرى وبالنسبة المقاول من الباطن في المادة 662 مدني مصري لا يجوز لمعاون الفضولي أو بديله أن يرجع على رب العمل إلا من طريق استعماله دعوى الفضولي قبله، أي من طريق الدعوى غير المباشرة.

أما في الحالة الثانية، فلأنه لا يكون الفضولي رجوع على معاونه أو بديله، لا يكون ثمت محل لرجوع رب العمل على المعاون أو البديل من طريق الدعوى غير المباشرة، ومن باب أولى لا تكون له أية دعوى مباشرة.

تضامن الفضوليين إذا تعددوا - تنص المادة 192 / 193 / 195 فقرة ثالثة على أنه « إذا تعدد الفضوليون في القيام بعملي واحد، كانوا متضامنين في المسئولية » ولم يرد مقابل لهذا النص في أي من القانون التونسي أو القانون المغربي أو القانون اللبناني، بل يلاحظ أن هذا النص مستحدث في التقنين المصري، وإن كان حكمه لا يعتبر جديدا كما سنبينه فيما يلي

فالتقنين المصري القديم كان ينص صراحة في الباب الثالث الذي تناول فيه التعهدات المترتبة على الأفعال وفي المادة 149 / 210 منه بالذات على أن الالتزامات الناشئة عن الأفعال في الأحوال المتقدم ذكرها (وهي أحوال الإثراء دون سبب والفضالة ودفع غير المستحق التى نصت عليها المواد 144/ 205 الی 148/ 209) لا يترتب عليها تضامن فاعليها، في حين أنه كان ينص في المادة 150 /211 على أن يكون التضامن في الالتزامات الناشئة عن الأحوال المنصوص عليها في المواد 151 /212  وما بعدها . وقد كان المشرع المصري القديم يقصد بذلك أن يغاير فيما يتعلق بالتضامن بين من ينشأ التزامهم من الفعل النافع ومن ينشأ التزامهم من الفعل الضار، فجعل الأولين غير متضامنين و الأخيرين متضامنين.

غير أنه يلاحظ أن مسئولية الفضولي عن التقصير في بذل عناية الرجل المعتاد في قيامه بأعمال الفضالة لا يعتبر منشؤها حتى في ظل القانون المصري القديم الفعل النافع كما هو شأن التزامات رب العمل والتزامات من يثري على حساب غيره بوجه عام بل مصدرها خطؤه أو تقصيره الذي سبب ضرراً للغير فهو لا يعدو أن يكون فعلاً ضاراً يجب أن يسري عليه ما يسري على مرتكبي الفعل الضار من تضامن في المسئولية.

لذلك أحسن المشرع المصري الحالي إذ اكتفى بالنص على التضامن في باب العمل غير المشروع، وحذف النص على عدم التضامن في باب الفعل النافع، وكان ذلك وحده كفيلاً باعتبار الفضوليين إذا تعددوا مسئولين بالتضامن عن نتيجة عملهم بالرغم من عدم النص على تضامنهم في باب الفعل النافع لأن الفضالة لا تعتبر فعلاً نافعاً و مصدراً للالتزام مختلفاً عن الفعل الضار إلا بالنسبة إلى التزامات رب العمل وإلى التزامات الفضولي الأولية لا بالنسبة إلى التزاماته الجزائية أي التي تنشأ من إخلاله بالتزاماته الأولية أما مسئولية الفضولي عن نتيجة تدخله فتترتب على خطئه أي على إخلاله بأحد الالتزامات الأولية التي تفرضها عليه الفضالة أو القانون ويعتبر مصدرها الفعل الضار، ولكن المشرع المصرى لم يكتف بذلك بل آثر أن يخص في باب الفعل النافع مسئولية الفضوليين إذا تعددوا بنص صريح على تضامنهم حتى يقطع كل شبهة في ذلك.

مقارنة بين التزامات الفضولي والتزامات الوكيل - يلاحظ من مجموع التزامات الفضولي ومداها أنها تفوق قليلاً التزامات الوكيل، وذلك من النواحي الآتية :

1- يلتزم الفضولي بالمضي في العمل الذي بدأه ولا يجوز له أن يتوقف عنه قبل أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه في حين أن الوكيل يجوز له أن ينزل في أي وقت عن الوكالة ولو وجد اتفاق يخالف ذلك ( المادة 716 فقرة أولى ) . 

2- يلتزم الفضولي بإخطار رب العمل بالعمل الذي بدأه بمجرد تمكنه من ذلك، ولا يلتزم الوكيل بإخطار الموكل ببدئه العمل الذي وكل فيه.

3- يلتزم الفضولي ببذل عناية الشخص العادي سواء كان له الحق في أن يتقاضى أجراً أو لم يكن، أما الوكيل فلا يلتزم بهذه العناية إلا إذا تقاضى أجراً، فإن لم يتقاض شيئاً فلا يلتزم إلا ببذل العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الشخص العادي .

وترجع هذه الزيادة في التزامات الفضولي بالنسبة إلى التزامات الوكيل إلى أن الفضولي شخص فرض نفسه فرضاً على رب العمل وتدخل في شئون الأخير دون إرادته خلافاً للوكيل، وأن رب العمل لا يكون في حال تمكنه من رقابة الفضولي أو من عزله كما يكون ذلك للموكل على وكيله، فكان مطالباً بأكثر مما يطالب به الوكيل الذي اختاره الموكل والذي يملك هذا رقابته وعزله غير أن المشرع قد قصر هذه الزيادة في التزامات الفضولي على الحد الأدنى مراعاة منه للبواعث النبيلة التي تدفع الفضولي على التدخل لخدمة غيره في حالات الضرورة التي تقتضي هذا التدخل. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الخامس، الصفحة/ 327)

التزام الفضولي هو التزام ببذل عناية وليس بتحقيق غاية، والعناية التي يلتزم بها هي عناية الرجل المعتاد كالشأن في الوكيل المأجور عملاً بالمادة 704، فإذا انحرف عن هذا السلوك كان مرتكباً خطأ في الفضالة فهو لا يعتبر خطأ عقديا لانتفاء الرابطة العقدية، ولا يعتبر خطأ تقصيرياً ويتميز خطأ الفضالة أنه يتيح للقاضي نقص التعويض إذا بررت الظروف ذلك أما إذا ارتكب الفضولي خطأ خارجاً عن أعمال الفضالة كالشأن فيما لو انتهى من أعمال الفضالة بإطفاء حريق شب في منزل جاره، ثم هو أهمل في قفل باب المنزل فتسلل اللصوص وسرقوا أمتعته، كان الخطأ في هذه الحالة خطأ تقصيرياً ( السنهوري بند 882 ) . (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة/ 1732)