loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 479

مذكرة المشروع التمهيدي :

يراعى أن الفضولي يلزم برد ما استولى عليه بسبب الفضالة وتقديم حساب لرب العمل عما قام به، وهو من هذه الناحية يلتزم بما يلتزم به الوكيل .

شرح خبراء القانون

التزام الفضولي بالرد وتقديم حساب :

إذا قام الفضولي بتصرف قانونى نيابة عن رب العمل فينفذ فى حق الآخر مباشرة وإذا استمر فتحصل على الحق فيكون كالوكيل إن استعمل المال لصالح نفسه فعليه الفوائد من وقت استخدامه له لا من وقت المطالبه القضائية أما إذا لم يستعمله لصالح نفسه فتسري الفوائد القانونية ( 4 من المائة ) من وقت إعذاره بالرد وليس من وقت المطالبة القضائية فإن عقد التصرف باسمه الشخصى لصالح رب العمل فينفذ التصرف فى حقه لا فى حق رب العمل وتسري أحكام الفوائد على نحو ماسلف أما أن قام بعمل مادي كجني محصول فعليه أن يسلمه بمجرد التمكن من ذلك ولايجوز أن يستولي عليه وإلا لزم بالتعويض – وانظر شرح المادة 706 .

وإذا أنفق أموالاً بسبب الفضالة كان له فوائدها من وقت الإنفاق لا من وقت المطالبة القضائية كما يلتزم بتقديم حساب عن أعماله على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 706 .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/   الرابع  الصفحة/   133)

1 -إذا قام الفضولي بتصرف قانوني عقده نيابة عن رب العمل ، فإن هذا التصرف ينفذ مباشرة في حق رب العمل كما سبق القول، وإذا مضى الفضولي في تنفيذ هذا التصرف باسم رب العمل، كما إذا استوفى حقاً، فإنه يقبض الحق كوكيل، ولا يجوز له أن يستعمل المال لصالح نفسه، وإن فعل فعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه بالسعر القانوني  أي 4 في المائة من وقت استخدامها، لا من وقت المطالبة القضائية ولا من وقت الإعذار، أما إذا لم يستعمل المال لصالح نفسه، فإن فوائده بالسعر القانوني تجب عليه من وقت إعذار برد المال .

2-  إذا قام الفضولي بتصرف قانوني عقده باسمه الشخصي لصالح رب العمل، فإن هذا التصرف ينفذ في حقه لا في حق رب العمل كما سبق القول، ويجب عليه أن يمضي في العمل وأن ينفذ التصرف عند الاقتضاء، فإذا باع محصولات يسرع إليها التلف، وقبض الثمن، فلا يجوز له أن يستعمله لصالح نفسه، وإلا وجبت عليه فوائده بالسعر القانوني من وقت استخدامه، وعليه أن يرده لرب العمل، وإذا لم يستخدمه لصالح نفسه وجبت عليه فوائده القانونية من وقت الإعذار .

3 - إذا قام الفضولي بعمل مادي، كما إذا جنى محصولاً لرب العمل، فعليه أن يسلمه إياه بمجرد التمكن من ذلك، ولا يجوز له أن يستولي عليه لصالح نفسه، وإلا ألزم بالتعويض . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الأول  المجلد/ الثاني الصفحة/   1746)

التزام الفضولي برد ما استولى عليه :

يلتزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولى عليه بسبب الفضالة، والنص في هذا يشير إلى الحكم المقرر في المادة 706 مدني بشأن الوكالة، والتي تنص على أنه ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لنفسه، وعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه من وقت استخدامها، وعليه أيضاً فوائد ما تبقى في ذمته من حساب الوكالة من وقت أن يعذر" فالمشرع قد عامل الفضولی معاملة الوكيل فيما يقبضه من مال رب العمل أثناء قيامه بشئون هذا الأخير ويترتب على ذلك أنه لا يجوز له أن يستعمل هذا المال لصالح نفسه، فإن فعل ذلك وجب عليه فوائد هذا المال بسعرها القانوني وقت استخدامه، وإذا لم يستعمل المال لصالح نفسه، فلا تجب عليه الفائدة، بسعرها القانوني إلا من وقت إعذاره برد المال، هذا إذا كان العمل الذي تولاه الفضولي تصرفاً قانونياً.

أما إذا كان العمل الذي تولاه الفضولي عملاً مادياً كجني محصول، فلا يجوز له أن يستولي عليه لصالح نفسه وإلا ألزم بالتعويض.

 - التزام الفضولي بتقديم حساب إلى رب العمل :

رأينا أن المادة ألزمت الفضولي بتقديم حساب عما قام به من أعمال بسبب الفضالة، وشأنه في ذلك شأن الوكيل. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثالث    الصفحة/   320)

وان أول ما يتبادر إلى الذهن من هذه النصوص أن المقصود بها إقرار الأعمال التي تتوافر فيها شروط الفضالة سالفة الذكر، وأن إقرار رب العمل إياها ينفي كل شك أو خلاف في توافر تلك الشروط فيها ويجعل علاقة الفضالة تنقلب إلى وكالة  وإذا صح ذلك فإنه يدعو الى التساؤل عن الحكمة التي من أجلها رتب القانون على إقرار رب العمل تحول الفضالة الى وكالة والى التساؤل كذلك عن الطرف الذي يكون هذا التحول قد تقرر لمصلحته ، أهو الفضولي أم رب العمل ؟ 

سيبين لنا بعد دراسة أحكام الفضالة ومقارنتها بأحكام الوكالة أن التزامات الفضولي - كما يقول الأستاذ السنهورى - أشد قليلاً من التزامات الوكيل وأن التزامات رب العمل أخف قليلاً من التزامات الموكل، ولكن هذا الفرق - وأن تعددت وجوهه - ضئيل جداً لأن القانون سوى بنص المادة 193 مصري وما يقابلها بين الفضولي والوكيل في أهم أثر يترتب على الفضالة والوكالة وهو التزام كل من الفضولي والوكيل برد ما استولى عليه وبتقديم حساب عما قام به، وبالتالي وبين أن فهم نص المادة 190 سالفة الذكر وما يقابلها على الوجه الذي تقدم أنه يتبادر إلى الذهن يجعل حكمها ضئيل الفائدة، بل إن بعض الشراح يرون أن الإقرار لا محل له أصلاً في هذه الحالة، إذ أن الفضالة تنتج جميع آثار ها بدونه، و أن محله في الحالات التي يحدث فيها تدخل في شئون الغير لا تتوافر فيه شروط الفضالة .

هذا فوق أن ذلك الفهم ذاته تعترضه عقبة من حيث أن أعمال الفضولي قد تكون أعمالاً مادية أو أعمالاً قانونية في حين أن الوكالة لا ترد إلا على الأعمال القانونية، وبالتالي لا يستقيم سحبها على أعمال الفضالة المادية، فماذا يكون أثر الإقرار الذي يصدر من رب العمل على هذا النوع الأخير من أعمال الفضالة ؟ لابد من التسليم بأن الفضالة فيما يتعلق بهذه الأعمال لا تنقلب بالرغم من اقرارها إلى وكالة وبأنها تبقى لها صفة الفضالة الأمر الذي يجعل نص المواد المشار إليها بتفسيره سالف الذكر غير صحيح في شأن هذه الأعمال ويدعو الى البحث عن تفسير آخر له يجعله يلائم جميع أنواع الفضالة ويزيد من فائدته العملية .

يرى أكثر الشراح أن حكم المادة  190/191/193 وما يقابلها يسري على كل تدخل في شئون الغير سواء توافرت فيه شروط الفضالة أو لم تتوافر، بمعنى أن القرار رب العمل يقلب هذا العمل وكالة في كلتا الحالين إذا كان هذا العمل تصرفاً قانونياً، ولكنهم لا يقولون ماذا يكون أثر الإقرار إذا لم يكن التدخل بتصرف قانوني بل بعمل مادي.

والذي نراه في ذلك أن المقصود بنصوص المواد المذكورة ليس أن الفضالة تنقلب بالإقرار الى وكالة بمعنى الكلمة بل أن رب العمل يعتبر متبنياً العمل الذي قام به المتدخل في شئونه سواء كان عملاً مادياً أو قانونياً ويأخذه لحسابه سواء كانت شروط الفضالة متوافرة فيه أو غير متوافرة، وأن حقوقه والتزاماته إزاء المتفضل تكون مثل الحقوق والالتزامات التي تقوم في العلاقة بين الموكل ووكيله سواء ثبتت للمتدخل صفة الفضولي أو لم تثبت .

بهذا التفسير يصدق حكم المادة 190 وما يقابلها على جميع أعمال التدخل في شئون الغير، سواء كانت أعمالاً قانونية او مادية، إذ لا مانع يمنع من القول بأن أعمال التدخل المادية تترتب عليها بإقرار رب العمل إياها مثل الحقوق والالتزامات التي تنشأ من الوكالة ،ويصبح هذا النص شاملاً حكم الاقرار في كلا النوعين من أعمال الفضالة في حين أن التفسير الأول يجعله مقصوراً على أعمال الفضالة القانونية ويدع أثره على الأعمال المادية غير معلوم ولا منصوص عليه.

بيان التزامات الفضولي والنصوص الخاصة بها - تقضى المادة 191/ 192 / 194 بأنه لا يجب على الفضولي أن يمضي في أداء العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه ، كما يجب عليه أن يخطر بتدخله رب العمل متى استطاع ذلك.

وتنص المادة 192 / 193 /195 فقرة أولى على أنه «يجب على الفضولي أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي ، ويكون مسئولاً عن خطئه، ومع ذلك يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ إذا كانت الظروف تبرر ذلك - وإذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد، كانوا متضامنين في المسئولية ».

وتنص المادة 193/ 194 / 196 على أن « يلتزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولى عليه بسبب الفضالة وتقديم حساب عما قام به».

ويبين من هذه النصوص أنها تفرض على الفضولي ثلاثة التزامات رئيسية ، هي :

(1) التزامه بالمضي في العمل الذي بدأه حتى يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه والتزامه باخطار الأخير بذلك .

(۲) التزامه ببذل عناية الشخص العادي في القيام بشئون الفضالة.

(3) التزامه برد ما استولى عليه بسبب الفضالة وبتقديم حساب عما قام به.

الالتزام الثالث : رد المحصل لحساب رب العمل وتقديم حساب له - إذا كان ما قام به الفضولي عملاً مادياً حصل منه مالاً، كجني محصول أو استهلاك عروض أو حيوانات كان يخشى عليها أن تتلف أو تنفق ، تعين عليه أن يرد اني رب العمل ما حصله عينا أو قيمته نقداً.

أما إذا كان ما قام به عملاً قانونياً، فإنه يلتزم بما يلتزم به الوكيل ( المادة 193/194/196 ) أي أن يرد آثار هذا العمل القانوني كلها إلى الموكل وكل ما وصل إليه عن طريق إدارته في المادة 158 لبناني) أو بمقتضى تداخله في شئون رب العمل في المادة 1182 / 946 تونسي مغربی).

فإن كان الفضولي قد تعاقد باسم رب العمل، نشأت آثار العقد مباشرة في ذمة الأخير، ولم يكن على الفضولي أن يرد شيئاً، ما لم يكن قد تولى هو اقتضاء بعض حقوق رب العمل التي ترتبت على ذلك العقد، فيلزم بردها إلى رب العمل ولا يكون له أن يستخدم ما حصله في مصلحة نفسه، فإن استخدم شيئاً منه كانت عليه فوائده القانونية من وقت استخدامه، وإلا فلا تكون عليه الفوائد إلا من وقت اعذاره للرد ( المادة 706 فقرة ثانية )

وإذا كان الفضولي قد تعاقد باسمه الشخصي، نشأت آثار العقد في ذمته هو وتعين عليه أن ينقلها إلى رب العمل و غان كان قد نفذ هذه الآثار كلها أو بعضها وحصل من ذلك شيئاً وجب عليه نقله الى رب العمل، ووجبت عليه فوائده من وقت أعذاره، ما لم يكن قد استخدم شيئاً منه فتكون عليه فوائده من وقت استخدامه.

ولا بد لمعرفة ما حصله الفضولي لحساب رب العمل وما تكلفه في ذلك وما استخدمه منه ووقت استخدامه وما لم يستخدمه من أن يقدم الفضولي لرب العمل حساباً مفصلاً يبين فيه كل ذلك.

ومن ثم تعین إلزام الفضولي بتقديم حساب عن إدارته، ومن البديهي أن يكون هذا الحساب قابلاً للمراجعة والمناقشة، وأن يرجع إلى المحكمة لتفصل في كل خلاف بشأنه.

وليس إقرار رب العمل الفضالة بمانع إياه من مطالبة الفضولي بتقديم حساب عن إدارته.

ويجب أن يشمل هذا الحساب كل ما دخل ذمة الفضولي لحساب رب العمل أو ما التزم به الفضولي بموجب الفضالة إزاء رب العمل من أصل وفوائد، وكل ما يحق للفضولي أن يطالب به رب العمل من نفقات أو التزامات يتحملها إزاء الغير أو فوائد مبالغ أنفقها في شئون الفضالة ومن أجر يستحقه عن الفضالة إلخ، ويعتبر هذا الحساب وحدة غير قابلة للتجزئة بمعنى أنه لا يجوز لرب العمل أن يجزىء أعمال الفضالة يقبل الحساب المتعلق ببعضها وير فض الحساب المتعلق بالبعض الآخر ولكن ليس معنى هذا أنه مضطر إلى التسليم بالحساب دون مناقشة عناصره، وإنما معناه أن له أن يناقش بنود الحساب كله وأن يطلب الدليل المفيد لكل منها ولكنه ليس له مع قيام الدليل على عملية معينة و على صحة شد أماتنها آن يرفض الالتزام بنتائج هذه العملية مع قبوله نتائج العمليات الأخرى.

مقارنة بين التزامات الفضولي والتزامات الوكيل - يلاحظ من مجموع التزامات الفضولي ومداها أنها تفوق قليلاً التزامات الوكيل ، وذلك من النواحي الآتية :

1- يلتزم الفضولي بالمضي في العمل الذي بدأه ولا يجوز له أن يتوقف عنه قبل أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه في حين أن الوكيل يجوز له أن ينزل في أي وقت عن الوكالة ولو وجد اتفاق يخالف ذلك ( المادة 716 فقرة أولى ) . 

2- يلتزم الفضولي بإخطار رب العمل بالعمل الذي بدأه بمجرد تمكنه من ذلك، ولا يلتزم الوكيل بإخطار الموكل ببدئه العمل الذي وكل فيه.

3- يلتزم الفضولي ببذل عناية الشخص العادي سواء كان له الحق في أن يتقاضى أجراً أو لم يكن، أما الوكيل فلا يلتزم بهذه العناية إلا إذا تقاضى أجراً، فإن لم يتقاض شيئاً فلا يلتزم إلا ببذل العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الشخص العادي .

وترجع هذه الزيادة في التزامات الفضولي بالنسبة إلى التزامات الوكيل إلى أن الفضولي شخص غرض نفسه فرضاً على رب العمل وتدخل في شئون الأخير دون إرادته خلافاً للوكيل، وأن رب العمل لا يكون في حال تمكنه من رقابة الفضولي أو من عزله كما يكون ذلك للموكل على وكيله، فكان مطالباً بأكثر مما يطالب به الوكيل الذي اختاره الموكل والذي يملك هذا رقابته وعزله، غير أن المشرع قد قصر هذه الزيادة في التزامات الفضولي على الحد الأدنى مراعاة منه للبواعث النبيلة التي تدفع الفضولي على التدخل لخدمة غيره في حالات الضرورة التي تنتهي هذا التدخل.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الخامس الصفحة/ 329)