loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني ، الصفحة : 483

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - إذا قام الفضولي بالوفاء بالتزاماته ، وعلى وجه الخصوص ، بالتزام حسن الإدارة ، بأن بذل العناية المطلوبة ، وصدع فيها تولاه بإرادة رب العمل ، معلومة كانت أو مفروضة ، كان له أن يستنجزه أمور ثلاثة ، تحققت النتيجة المقصودة أم لم تتحقق .

2 - فيلزم رب العمل أولا بالوفاء بما تعهد به الفضولي ، وينبغي التفريق في هذا الصدد بين فرضين : فإذا كانت هذه التعهدات قد تولى عقدها الفضولي باسم رب العمل ، بأن أضاف العقد إليه ، التزم هذا بها مباشرة بمقتضى النيابة القانونية التي تنشأ عن الفضالة ، وبهذا يصبح رأسة دائناً أو مديناً لن تعاقد معه الفضولي .

أما إذا تعاقد الفضول باسمه شخصية بأن أضاف العقد إلى نفسه ، لا إلى رب العمل ، فلا يصبح هذا دائناً أو مديناً لمن تعاقد معه الفضولي من الأغيار ، وإنما ترجع حقوق العقد والتزاماته إلى الفضولی ولكن رب العمل يلزم بتعويضه عن جميع ما عقد من التعهدات على هذا الوجه ، وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب .

3 - ويلزم رب العمل من ناحية أخرى بأن يؤدى للفضولي جميع ما اقتضت الظروف من نفقات ضرورية أو نافعة على أنه يجوز إنزال النفقات المفرطة ، ولو كانت نافعة ، إلى الحد المعقول ، ويكون الفضولي في هذه الحالة ، أن ينتزع ما جاوز الحد على أن يعيد الشيء إلى الحالة التي كان عليها من قبل (المادة 1038 من التقنين النمساوي ، والمادة 422 من تقنين الإلتزام السويسري) ، ويضاف إلى هذه النفقات فوائدها محتسبة على أساس السعر القانوني ، من يوم دفعها لا من يوم رفع الدعوى ، استثناء من حكم القواعد العامة ، والأصل أن الفضولى لا يستحق أجرة على عمله ، إذ يفرض فيه أنه يتبرع بخدمة يؤديها لرب العمل إلا أن هذه القرينة تسقط ، متی كان ما قام الفضولي به من قبيل وجوه الإنفاق الحقيقية بالنسبة له ، ويتحقق ذلك إذا كان العمل الذي أداه يدخل في نطاق أعمال مهنته ، ما هو الشأن في طبيب يقوم بعلاج مريض أو مهندس يتولى ترميم عين من الأعيان ، فعندئذ يصبح من حقه أن يؤجر على هذا العمل .

4 - ويلزم رب العمل ، أخيراً ، بتعويض الفولي تعويضاً عادلاً عما يلحقه من ضرر بسبب قيامه بالعمل ، ويتحقق معنى العدالة في التعويض متى كان متناسبة مع ما لم يستطع الفضول اتقاءه من ضرر ، مع بذل المألوف من أسباب العناية ، ويقوم حق الفضولي في اقتناء التعويض على ما يتمثل في الضرر الحادث له من إفقار .

المشروع في لجنة المراجعة

 تليت المادة 269 من المشروع فأقرتها اللجنة على أصلها .

وأصبح رفعها 201 في المشروع النهائي .

وقدمت بعد استبدال كلمة " سوغتها " ، بكلمة " تسوغها " .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 201.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الحادية والعشرين 

تليت المادة 201 :

فاعترض سعادة الرئيس على عبارة " في حدود إدارة الحسنة فإذا حسنت هذه الإدارة " الواردة في أول الفقرة الأولى قائلاً إنه يحسن الإحالة إلى المعيار السابق التي عليه في المادة 198.

كما اقترح إستبدال كلمة لحسابه بكلمة بإسمه ، وحذف كلمتي "كل"  شخصياً وعبارته التي سوغتها الظروف ، و تعويضاً عادلاً .. كذلك اقترح سعادة العشماوي باشا جعل المادة فقرة واحدة .

فوافق الحاضرون على ذلك ، وقد اقتضت الصياغة حذف كلتي " ما كان " والاستعاضة عنها بعبارة ، وفي هذه الحالة يكون ، وبذلك أصبح نص المادة الآتي :

" يعتبر الفضولي نائباً عن رب العمل متى كان قد بذل في إدارته عناية الشخص العادي ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة ، وفي هذه الحالة يكون رب العمل ملزماً بأن ينفذ التعهدات التي عقدها لحسابه الفضول وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها وأن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل ولا يستحق الفضولى أجر على عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته .

محضر الجلسة الخامسة والأربعين

المادة 201 - وافقت اللجنة على إعادة العبارة التي سبق لها أن حذفتها وهي و التي سوغتها الظروف.

تقرير اللجنة :

عدلت اللجنة الفقرة الأولى و أدمجت فيها الفقرة الثانية وخلاصة التعديل أن اللجنة استبدلت بعبارة و في حدود إدارته الحسنة و عبارة و متى كان قد بذل في إدارته عناية الشخص العادي ، حتى لا يتبادر إلى الذهن أن النص يأخذ بمعيار غير المعيار الذي قررته المادة 198 ، وهذه صياغة المادة تهذیباً لفظياً يتناسب مع هذا التعديل و أصبح رقمها 195 .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.

الأحكام

1- للوارث الرجوع على باقى الورثة بما يخصهم من الدين الذى وفاه - عن التركة - كل بقدر نصيبه بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية ، فإذا كان رجوعه بدعوى الحلول فإنه يحل محل الدائن فى نفس الدين الذى أداه بحيث يكون له حقه بما لهذا الحق من خصائص وما يلحقه من توابع و ما يكفله من تأمينات وما يرد عليه من دفوع عملاً بالمادة 329 من القانون المدنى فإذا كانت الفائدة المقررة للدين 2% فليس له أن يطالب بأكثر من ذلك ، و إن كان رجوعه بالدعوى الشخصية فيكون على أساس الفضالة أوالإثراء بغير سبب فإن آثر الرجوع بدعوى الإثراء بلا سبب فله أقل قيمتى الإفتقار الذى لحقه مقدراً بوقت الحكم والإثراء الذى أصاب المدعى عليه و وقت حصوله فإذا طلب فائدة عما أنفق إستحق الفائدة القانونية من وقت تحديد المبلغ المستحق بحكم نهائى . أما إن رجع بدعوى الفضالة فيستحق طبقاً للمادة 195 من القانون المدنى النفقات الضرورية والنافعة التى سوغتها الظروف مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها أى من وقت الإنفاق . وإذ كان الطاعن قد أسس دعواه على أنه قام بسداد الدين الباقى للدائنه بعد أن إتخذت إجراءات نزع الملكية و رفع الدعوى ... لإلزام المطعون ضدها بأن تدفع له نصيبها فى الدين والفوائد القانونية بواقع 4%من تاريخ المطالبة الرسمية فقضت له المحكمة بالمبلغ المطالب به و أغفلت الفصل فى طلب الفوائد ، فأقام الدعوى المطعون فى حكمها للمطالبة بتلك الفوائد ، وكان المستفاد من جمله ما تقدم أن الطاعن قد إستند فى دعواه إلى الفضاله فهى التى تعطيه الحق فى الفوائد من تاريخ إنفاقه للمبالغ الضرورية والنافعة دل على ذلك أنه لم يتمسك بالفائدة التى كانت تستحقها الدائنة وهى 2% حتى يمكن القول بإستناده لدعوى الحلول ، كما أنه لم يطلب الفوائد من تاريخ الحكم النهائى طبقاً لقواعد الإثراء بلا سبب وأوضح إضطراره لسداد الدين توقياً لإجراءات التنفيذ العقارى بدين لا يقبل الإنقسام بالنسبة للمدينين وهو أحدهم مما تستقيم معه دعوى الفضاله ومؤدى ذلك إستحقاقه للفوائد بواقع 4% من تاريخ الإنفاق وهو سابق على التاريخ الذى جعله بدءاً لطلبها فإن الحكم - إذ خالف ذلك بأن كيف دعوى الطاعن بأنها دعوى حلول مما تستقيم مع طلباته فيها - يكون مخطئاً فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 51 لسنة 43 جلسة 1977/02/23 س 28 ع 1 ص 548 ق 101)

2- إذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة ، وكان لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع من خطأ فى تقريرات الحكم القانونية دون أن تنقضه ، فإنه لايعيبه ما أضافه خطأ من أنه يحق للمطعون عليه الأول - مشترى العقار - أن يرجع على مورث الطاعنين - البائع للبائعين - الدائن صاحب حق الإختصاص عملاً بالمادتين 1/323 و 1/324 من القانون المدنى ، وأن أساس ذلك أحكام الفضالة المنصوص عليها فى المادة 195 من هذا القانون إذ لا قيام لأحكام الفضالة حيث يقوم بين طرفين الخصومة رابطة عقدية ، بل يكون العقد هو مناط تحديد حقوق كل منهما وإلتزاماته قبل الآخر.

(الطعن رقم 201 لسنة 42 جلسة 1976/11/16 س 27 ع 2 ص 1583 ق 296)

3- يشترط لقبول الدعوى أن يكون كل من المدعى والمدعى عليه أهلاً للتقاضى ، وإلابأشرها من يقوم مقامهما . وإذ كان الثابت من عقدى البيع المسجلين أن .... إشترى بوصفه ولياً طبيعياً على أولاده القصر حصتهم فى الأعيان المبيعة بالعقدين المذكورين و أن والدتهم ...... دفعت ثمنها من مالها الخاص تبرعاً منها لهم فإن قيام الشفيع بتوجيه دعوى الشفعة إليها دون والدهم الذى له الولاية عليهم يجعل الدعوى غير مقبولة بالنسبة لهم ، ولا يجدى الحكم المطعون فيه إستناده إلى المادة 195 من القانون المدنى ، والقول بأن والدة القصر كانت فضولية تعمل لصاحهم ، إذ فضلاً عن أن قيامها بدفع الثمن عنهم لم يكن أمراً عاجلاً ضرورياً - فإن ذلك لا يخولها حق تمثيلهم فى التقاضى .

(الطعن رقم 176 لسنة 38 جلسة 1973/11/29 س 24 ع 3 ص 1189 ق 206)

4- متى توافرت شروط الفضالة المنصوص عليها فى المادة 144 من القانون المدنى [القديم] كان للفضولى بحكم القانون أن يطالب رب العمل بالمصاريف التى صرفها و الخسارات التى خسرها ، وإلتزام رب العمل فى هذه الحالة مصدره قاعدة عدم جواز الإثرء على حساب الغير اذ هو قد أفاد من عمل الفضولى ولايتوقف الالتزام على إرادة رب العمل ، ومن ثم يبدأ سقوط حق الفضولى فى استرداد المصروفات التى صرفها من وقت قيامه قصدا بالفعل الذى ترتب عليه منفعة رب العمل

(الطعن رقم 350 لسنة 20 جلسة 1953/02/12 س 4 ع 1 ص 476 ق 69)

شرح خبراء القانون

ويتبين من هذا النص أن رب العمل تترتب في ذمته التزامات أربعة :

1 - أن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي بالنيابة عنه .

2 - أن يعوض الفضولي عن التعهدات التي عقدها هذا بإسمه شخصياً .

3 - أن يرد إلى الفضولي النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها ، وبأن يدفع له أجراً على عمله إذا كان العمل الذي قام به الفضولي يدخل في أعمال مهنته .

4 - أن يعوض الفضولي عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل .

بقى أن نبين مصدر هذه الالتزامات الأربعة فأول التزام منها - وهو الإلتزام بتنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي بالنيابة عن رب العمل - مصدره النيابة القانونية ، وهي نيابة أنشأها القانون بصريح العمل متى كان قد بذل في إرادته عناية الشخص العادي ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة ".

والالتزامات الثلاثة الأخيرة – تعويض الفضولي عن التعهدات التي عقدها باسمه ، ورد النفقات والأجر ، وتعويضه عن الضرر - مصدرها الإثراء بلا سبب ، ومن هنا تتصل الفضالة بقاعدة الإثراء ، ذلك أن الفضولي بما أداه من مصلحة لرب العمل قد تحمل تكاليف وتكبد نفقات وتجشم ضرراً ، فله أن يسترد هذه التكاليف وأن يسترجع هذه النفقات وأن يعوض عن هذا الضرر ، وهو يسترد ما غرمه كاملاً ، لا في حدود إثراء رب العمل فحسب ، وفي هذا يتميز الفضولي عن المفتقر لمصلحة الغير ، لأن الفضولي متفضل انصرفت نيته إلى تحقيق مصلح لرب العمل كما قدمنا .

ونستعرض (أولاً) إلتزامات رب العمل الأربعة (ثانياً) ما تشترك فيه هذه الإلتزامات من أحكام ، تتعلق بأهلية رب العمل ، وبالأثر الذي يترتب على موت رب العمل أو موت الفضولي ، وبتقادم هذه الإلتزامات .

التزامات رب العمل الأربعة

1 - الالتزام الأول - تنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي بالنيابة عنه :

رأينا أن الفضولي قد يعقد تصرفاً قانونياً بالنيابة عن رب العمل فإذا كانت أركان الفضالة متوافرة في هذه الحالة ، فإن الفضولي يعتبر نائباً عن رب العمل ، وهذه النيابة قانونية تقررت بنص في القانون كما رأينا ، بخلاف نيابة الوكيل عن الموكل فهي نيابة اتفاقية تقررت بعقد الوكالة ، وينبني على ذلك أن العقود التي يبرمها الفضولي بالنيابة عن رب العمل ينصرف أثرها مباشرة إلى رب العمل ، في الحقوق التي أنشأتها وفي الإلتزامات التي رتبتها ، فيعتبر رب العمل هو الدائن في هذه العقود أو المدين ، وبإعتباره مديناً يلتزم كما قلنا بتنفيذ الإلتزامات التي رتبتها هذه العقود ، ومن ثم نرى أن هذا الإلتزام الأول إنما هو النتيجة المباشرة لفكرة النيابة التي تقوم عليها الفضالة.

ب - الإلتزام الثاني - تعويض الفضولي عن التعهدات التي عقدها هذا بإسمه شخصياً :

قدمنا أن الفضولي قد يتعاقد باسمه شخصياً لمصلحة رب العمل فقد يتفق شخصياً مع مقاول لإصلاح منزل لرب العمل ، فينشئ عقد المقاولة في ذمة الفضولي إلتزامات نحو المقاول ، فيلتزم رب العمل في هذه الحالة أن يعوض الفضولي عن هذه الإلتزامات ، وإذا كان الفضولي هو الذي يؤديها للمقاول ، فإنه يرجع بما يؤديه على رب العمل ، مضافاً إليه الفوائد بالسعر القانوني ( 4 في المائة ) من يوم أن أدى ، ذلك أن الإلتزامات التي أداها تعتبر نفقات ترد بفوائدها على ما سنرى .

كذلك الكفيل إذا كان فضولياً بالنسبة إلى المدين الأصلي ، فكفله متطوعاً ، لا مأموراً بالكفالة ولا منهياً عنها ، يلتزم إلتزاماً شخصياً نحو الدائن بأن يوفي له الدين إذا لم يوفه المدين الأصلي ، فإذا أدى الدين للدائن ، رجع بدعوى الفضالة على المدين بما أداه مضافاً إليه المصروفات والفوائد القانونية.

جـ - الإلتزام الثالث – رد النفقات الضرورية والنافعة ودفع الأجر :

النفقات الضرورية والنافعة : يلتزم رب العمل أن يرد للفضولي " النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف ، مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها " ، فإذا قام الفضولي بترميم منزل لرب العمل ، فإنه ينفق في ترميمه مصروفات ضرورية ، وإذا ما جنى له محصولاً يسرع إليه التلف ، فإنه يدفع أجر الأيدي العاملة لجني المحصول ، وقد يرى من الخير أن يخزن المحصول تمهيداً لبيعه ، فيدفع مصروفات التخزين وهذه المصروفات ضرورية و المصروفات النافعة التي سوغتها الظروف يرجع بها الفضولي على رب العمل ، بل ويرجع بفوائد ما أنفق بالسعر القانوني 4 في المائة من وقت الإنفاق وفي هذا استثناء من القواعد العامة تقرر لمصلحة الفضولي ، فإن الفوائد القانونية لا تستحق طبقاً لهذه القواعد إلا من وقت المطالبة القضائية ويلاحظ أن المصروفات النافعة يجب ألا تكون فاحشة ، فلا يجوز للفضولي أن يفرط في هذه المصروفات حتى لو كان النفع منها محققاً ، بل يجب أن يقف في هذا عند حد معقول لا يثقل كاهل رب العمل عند الرجوع عليه بها .

ويلاحظ أن التزام رب العمل في رد النفقات إلى الفضولي يعدل التزام الموكل في رد النفقات إلى الوكيل ، وقد قررت المادة 710 هذا الإلتزام الأخير على الوجه الآتي : " على الموكل أن يرد للوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد مع الفوائد من وقت الإنفاق ، وذلك مهما كان حظ الوكيل من النجاح في تنفيذ الوكالة " .

الأجر : ويدخل ضمن النفقات أجر الفضولي إذا كان العمل الذي قام به يدخل في أعمال مهنته ، فالمحامي والطبيب والمهندس إذا قام أحد منهم بعمل من أعمال مهنته فضالة لمصلحة الغير استحق أجراً على عمله ، فوق المصروفات التي أنفقها ، هو الأجر المعتاد لمثله .

أما إذا كان الفضولي قد قام بعمل لا يدخل في أعمال مهنته ، كطبيب رمم منزل جار له ، فإنه يأخذ أجراً على عمله ، ويقتصر على استرداد المصروفات الضرورية والنافعة على النحو الذي قدمناه.

ويلاحظ أن الوكيل الفضولي لا يستحق في الأصل أجراً على عمله ، وهو كالفضولي أيضاً في أنه قد يستحق الأجر إذا كانت أعمال الوكالة داخلة في أعمال مهنته ، ويختلف عن الفضولي في أنه قد يتفق مع الموكل على أجر ، ولا يتصور هذا الاتفاق في حالة الفضولي مع رب العمل ، وفي هذا المعنى تقول الفقرة الأولي من المادة 709 : " الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل ".

د - الإلتزام الرابع - تعويض الفضولي عن الضرر الذي لحقه :

قد يلحق الفضولي ضرر أثناء قيامه بالعمل ؛ يطفئ حريقاً فيتلف أمتعة مملوكة له ، شخصاً موشكاً على الغرق فيصاب بضرر وهو ينفذه ، يمسك بزمام فرس جامح فيصاب بجروح بليغة فإذا كان الضرر الذي أصابه لم يكن يستطيع أن يتوقاه ببذل المألوف من العناية ، وكان وقوعه عليه بغير خطأ منه ، فإنه يدخل ضمن التكاليف التي تجرمها أثناء القيام بعمله ، ويكون من حقه أن يرجع على رب العمل بتعويض عنه.  .

ويلاحظ أن حق الفضولي في تقاضي تعويض عما يصيبه من الضرر يعدل حق الوكيل في ذلك ، وقد نصت المادة711 على أنه " يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً " .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الأول ، المجلد : الثاني ، الصفحة : 1755)

التزامات رب العمل :

متى توافرت شروط الفضالة على نحو ما أوضحناه بالمادة 188 ترتبت آثارها بحكم القانون فيكون الفضولي نائباً قانونياً عن رب العمل ولو لم تتحقق النتيجة المقصودة وتنحصر التزامات رب العمل فيما يلى :

أولاً : وفاء رب العمل بما تعهد به الفضولي :

النيابة فى التعهدات إما أن تكون قانونية كنيابة الولي والوصي والفضولي ، وإما أن تكون قضائية كنيابة الحارس القضائى وإما أن تكون إتفاقية كنيابة الوكيل إذ مصدرها عقد الوكالة .

ويترتب على ذلك أن التصرفات التى يباشرها النائب بإسم الأصيل تنصرف آثارها إلى الأصيل أي الى رب العمل فى الفضالة فيعتبر كما لو كان هو الذى أبرم التصرف ومن ثم يلتزم بتنفيذ الإلتزامات المترتبة على هذا التصرف والمطالبة بالحقوق الناشئة عنه ، فإن امتنع عن تنفيذ هذه الإلتزامات كان للفضولي ولمن تعاقد معه إجباره على ذلك بموجب دعوى الفضالة أما إن انتفت شروط الفضالة فيكون الرجوع عليه بموجب دعوى الإثراء بلا سبب إن توافرت شروطها اى يرجع بأقل القيمتين : الافتقار والإثراء .

ثانياً : تعويض الفضولي عن التعهدات التى عقدها باسمه الشخصى :

إذ أبرم الفضولي التصرف بإسمه الشخصي بأن أضاف العقد إلى نفسه لا إلى رب العمل فلا تقوم نيابة فى هذه الحالة ومن ثم ينصرف أثر العقد الى الفضولي دون رب العمل ولكن يلزم رب العمل بتعويضه عن جميع ما عقد من التعهدات تأسيساً على قواعد الإثراء فيدفع له ما أنفقه مضافاً إليه الفوائد القانونية (4%) محتسبة من يوم الإنفاق لا من يوم المطالبة القضائية .

ويكون رجوع الفضولى على رب العمل بدعوى الفضالة أما رجوع من تعاقد مع الفضولي على الفضولي فيكون بموجب دعوى العقد المبرم بينهما ويجوز لمن تعاقد مع الفضولي بدلاً من الرجوع على الفضولي أن يرجع على رب العمل بموجب الدعوى غير المباشرة متى استوفى شروطها على نحو ما أوضحناه بالمادة 235 خاصة إذا كان رب العمل مليئاً عن الفضولي ويراعى فى هذه الحالى ضرورة إدخال الفضولي خصما فى الدعوى .

ثالثاً : رد النفقات الضرورية والنافعة :

تقتضى أعمال الفضالة إنفاق مصروفات ضرورية وأخرى نافعة مثل مصروفات الترميم وإطفاء الحريق وتحرير العقد وتسجيله ومصاريف المطالبة بالحق وما الى ذلك على أنه بالنسبة للمصاريف النافعة فيجب أن تكون مناسبة وإلا فلا يلتزم رب العمل إلا برد القدر المناسب منها .

كما يرجع الفضولي بفوائد ما أنفقه وذلك من يوم الإنفاق لا من يوم المطالبة القضائية وتحسب الفوائد بسعر القانونى أى 4% .

أجر الفضولي :

الأصل فى الفضالة أنها بدون أجر إلا أن هذه القرينة تسقط متى كان ما قام به الفضولي من قبيل وجوه الإنفاق الحقيقية بالنسبة له كالطبيب الذي يسعف مريضاً والمهندس الذي يرمم بناء والمحامى الذى يدافع عن متهم بدون عقد سواء من تلقاء نفسه أو بإنتداب من المحكمة مادامت لم تقدر له أجراً مضافاً الى جانب الخزانة .

رابعاً : تعويض الفضولي عن الأضرار التي لحقته بسبب الفضالة :

إذا لحق بالفضولي ضرر أثناء قيامه بأعمال الفضالة وكان ذلك بدون خطأ منه كان له الرجوع على رب العمل لتعويضه عن هذا الضرر مثال ذلك إصابة الفضولي أثناء ترميمه لبناءً أو أثناء إخماده لحريق أو إنقاذه لغريق أو كبحه لجمام جواد .

انتفاء التضامن فى حالة تعدد أرباب العمل :

إذا تعدد أرباب العمل ورجع الفضولي عليهم فلا تضامن من بينهم إذ لا تضامن إلا بنص أو بإنفاق وقد ورد نص فى تمدد الفضوليين وهو نص المادة 192 ولم يرد مثله بالنسبة لأرباب العمل مثال ذلك إذا قام الفضولي بترميم عقار مملوك له على الشيوع ورجع على الشركاء باعتبارهم أرباب عمل فإنه يرجع على كل بنسبة حصته إذ لا تضامن من بينهم .

الحق فى الحبس :

يجوز للفضولي لضمان استرداد ما أنفقه الحق فى حبس أموال رب العمل الموجودة تحت يده حتى يسترد تلك النفقات وذلك وفقاً للمادة 246 .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 137)

التزامات رب العمل :

تنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي نيابة عن رب العمل :

إذا كان العمل الذي قام به الفضولي هو تصرف قانوني أبرمه بإسم رب العمل فإن آثار هذا التصرف تعود مباشرة إلى رب العمل فيصبح هو الدائن في العقد الذي أبرمه الفضولي ، ويصبح هو المدين كذلك في هذا العقد أما الفضولی فلا ينشأ في ذمته أي حق أو التزام وهذا الحكم هو تطبيق لفكرة النيابة ، وقد طبقها المشرع صراحة على الفضالة في نص المادة 195.

والنيابة هنا قانونية مصدرها القانون وإذا كانت الإلتزامات الناشئة عن العقود التي يبرمها الفضولي بإسم رب العمل تنشأ مباشرة في ذمة هذا الأخير ، فمعنى ذلك أن عليه تنفيذ هذه الإلتزامات إختیاراً ، وإلا أجبر على تنفيذها قهراً .

وبديهي أن الأمر لا يحتاج هنا إلى إقرار لأن الإقرار إنما يكون بالنسبة الأجنبي ، ورب العمل يعتبر بحكم القانون طرفاً.

أما إذا تعاقد الفضولی باسمه شخصياً بأن أضاف العقد إلى نفسه ، لا إلی رب العمل ، فلا يصبح هذا دائناً أو مديناً لمن تعاقد معه الفضولى من الأغيار ، وإنما ترجع حقوق العقد وإلتزاماته إلى الفضولی ولكن رب العمل يلزم بتعويضه عن جميع ما عقد من التعهدات على هذا الوجه وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب.

التزام رب العمل بتعويض الفضولي عن التعهدات التي أبرمها بإسمه شخصياً :

إذا لم يتعاقد الفضولی بإسم رب العمل ، ولكنه تعاقد بإسمه شخصياً ، فإن رب العمل يظل أجنبياً عن العقد ولا تنصرف إليه آثاره ، ويكون الفضولي هو وحده المدين في هذا العقد ، فإذا اضطر إلى أداء شئ من ماله تنفيذاً للعقد الذي أبرمه ، كأن يكون قد اتفق مع مقاول على ترميم المنزل المملوك لرب العمل ، ودفع للمقاول أجرة المقاولة فإنه يرجع على رب العمل بما دفعه وبالفوائد القانونية عن هذا المبلغ بالسعر القانوني (4%) محتسبة من يوم الدفع ، لا من يوم المطالبة القضائية.

التزام رب العمل برد النفقات الضرورية والنفقات النافعة :

يلتزم رب العمل بأن يرد إلى الفضولى النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف ، ولو لم يترتب عليها إثراء لرب العمل.

ومثل النفقات الضرورية أن يقوم الفضولي بإصلاحات مستعجلة في منزل رب العمل إذ يكون ما أنفقه في الترميم مصروفات ضرورية.

ومثل النفقات النافعة أن يقوم الفضولي بجني محصول يسرع إليه التلف أو تخزين هذا المحصول.

كما له أن يرجع بالفوائد القانونية المستحقة على هذه المصروفات من يوم دفعها لا من يوم المطالبة القضائية بها.

ويلاحظ أن النفقات النافعة التي تجب للفضولي هي تلك التي سوغتها الظروف كما يقول النص ، فلا يجوز للفضولي أن يسرف أو يبالغ فيها ، بل يجب عليه أن يقف بها عند الحد المعقول الذي يتفق مع قدرة رب العمل المالية وظروفه الأخرى.

وإذا كان ما قام به الفضولي يدخل في أعمال مهنته ، كما في حالة طبيب يسعف مريضاً أو مهندس يقيم جداراً ، فإنه يستحق أجراً على عمله زيادة على المصروفات التي أنفقها وذلك لأن الأجر في هذه الحالة يدخل ضمن النفقات ، أما إذا كان العمل الذي قام به الفضولي لا يدخل في أعمال مهنته فإن لايستحق أجراً عليه.

أما إذا كانت المصروفات التي تحملها الفضولی كمالية فلا يرجع بها الفضولي طبقاً لأحكام الفضالة .

عدم استحقاق الفضولي أجراً :

لا يستحق الفضولي أجراً على العمل الذي قام به ، إذ المفروض فيه أنه يتبرع بخدمة يؤديها لرب العمل إلا أن هذه القرينة تسقط متى كان ما قام به الفضولي من قبيل وجوه الإنفاق الحقيقية بالنسبة له ، ويتحقق ذلك إذا كان العمل الذي أداه يدخل في نطاق أعمال مهنته ، كما هو الشأن في طبيب يقوم بعلاج مريض ، أو مهندس يتولى ترميم عين من الأعيان ، فعندئذ يصبح من حقه أن يؤجر على هذا العمل .

التزام رب العمل بتعويض الفضولي عن الضرر الذي لحق به بسبب العمل :

إذا لحق الفضولي ضرر وهو يقوم بالعمل الذي يؤديه لمصلحة رب العمل كأن تتلف منقولات يملكها وهو يطفئ حريقاً شب في منزل جاره أو يصاب بجروح أو حروق من جراء قيامه بذلك ، فإنه يكون عنصراً من عناصر التكاليف التي تحملها الفضولي وهو يؤدى الفضالة ، و يلتزم رب العمل بتعويضه عنها.

ويلاحظ أن حق الفضولى في تقاضي تعويض عما يصيبه من الضرر يعدل حق الوكيل في ذلك ، وقد نصت المادة 711 على أنه "يكون الموكل مسئولاً" عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً .

وإذا تعدد رب العمل فلا يكون هناك تضامن بينهم في رجوع الفضولی عليهم ، لأن المشرع لم ينص على التضامن في هذه الحالة ، والتضامن لا يقوم إلا بمقتضى اتفاق أو نص ، وعلى عكس ذلك قد نص المشرع كما رأينا على التضامن بين الفضوليين إذا تعددوا (م 192/3). (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء :  الثالث ، الصفحة : 323)

تنص المادة 195 / 196 / 198 على أن لا يعتبر الفضولي نائباً عن رب العمل متى كان قد بذل في إدارته عناية الشخص العادي ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة ، وفي هذه الحالة يكون رب العمل ملزماً أن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه ، وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها ، وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها ، وأن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل ، ولا يستحق الفضولي أجراً على عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته .

وقد تقدم في نبذة 96 وما بعدها أن من شروط قيام الفضالة وتبوت نيابة الفضولي عن رب العمل ، تلك النيابة القانونية التي رتب عليها المشرع زيادة التزامات المتفضل عليه عن التزامات المثري في غير الفضالة ، أن يكون الفضولي قد تدخل في شأن عاجل أو على الأقل نافع الغيرة ( حسب بعض القوانين ) على وجه مقبول ، أي أن يكون قد راعی في تدخله جانب الحرص وبذل من العناية ما يراعيه أو يبذله الشخص العادي ، وإلا فلا يكون عمله فضالة ولا يترتب عليه إلزام المتفضل عليه إلا بالتزامات المثري بوجه عام دون الالتزامات التي نصت عليها المادة 195 / 196 / 198 التي تقدم إيرادها ، وقد وضعت القوانين العربية المختلفة قرينة على أن التدخل كان على وجه مقبول أو كان مفيدا أو من قبيل الادارة الحسنة بمجرد بذل المتدخل في تدخله عناية الرجل المعتاد ، فقرر المشرع المصري والسوري والليبي أن الفضولي يعتبر نائباً عن رب العمل ويلزم بكافة الالتزامات التي نصت عليها المادة 195 / 196 / 198 متى كان قد بذل في إدارته عناية الشخص العادي ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة ، ونص المشرعان التونسي والمغربي على أن أعمال الفضولي تحمل على السداد كيفما كان مثالها إذا كان الشروع فيها على وجه لائق بمقتضى المال وحسن الإدارة (المادة 1185/949 ) ، ونص القانون اللبناني في المادة 161/3 على أن تعد ادارة العمل حسنة إذا كانت عند القيام به منطبقة على قواعد حسن الإدارة.

ويلاحظ أن هذه الالتزامات التي تقع على عاتق رب العمل تشبه التزامات الموكل ازاء الوكيل ، وقد أحالت التقنينات التونسي والمغربي واللبناني في شأنها صراحة الى أحكام الوكالة (المادة 1185/949) تونسي و مغربی وقد أحالت إلى المادة 914 / 1142 وكذلك فعلت المادة 163 لبنانی وان هذه الالتزامات لها مشروطة بأن يكون الفضولي قد اتبع في تدخله ما يوجبه القانون عليه من عناية ، أي أنه لم يقع منه خطأ فيما قام به ، وقد حدا نشوء إلتزامات في ذمة كل من طرفي الفضالة بعض الشراح إلى القول بأن الفضالة ملزمة للجانبين ولكن هذا مردود بأن التزامات الطرفين ليست مصدرها عمل قانونی واحد بل مصدرها القانون كما تقدم.

الالتزام الأول : تنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي بإسم رب العمل - تقدم أن الفضولي إذا عقد تصرفاً باسم رب العمل أنشأ التصرف آثاره في ذمة الأخير مباشرة بناء على فكرة النيابة القانونية ، ولذلك يكون رب العمل ملزماً بتنفيذ ما يفرضه عليه هذا التصرف من تعهدات ، ويكون ملزماً بذلك لا ازاء الفضولی بل إزاء من تعاقد معه الفضولي ، فيكون ذلك العاقد مو الدائن لرب العمل بهذه الالتزامات ، ويجب الوفاء بها إليه ويكون له وحده حق اقتضائها من رب العمل ، ويلاحظ أن القانون قد أعمل في هذه الحالة أحكام النيابة أكثر مما لو كانت ثمة وكالة ، فمن المعروف أن الوكيل لا يستطيع أن يلزم الموكل بعمل قانوني إلا إذا كان هو نفسه حائزاً أهلية إتيان هذا العمل ، أما الفضولي بانه اذا تعاقد باسم رب العمل فإنه يلزمه به ولو كان هو شخصياً ليست له أهلية إبرام هذا العمل .

الإلتزام الثاني : تنفيذ التعهدات التي التزم بها الفضولی شخصياً أو تعويضه عنها - أما التعهدات التي عقدها الفضولي بإسمه شخصياً لحساب رب العمل ، فإنها تنشأ في ذمته ويلتزم هو ازاء العاقد الآخر بتنفيذها على أن يطالب رب العمل بقيمتها بعد الوفاء بها ، إلا إذا ثبت أنه قصد التبرع بقيمتها.

فهذه الالتزامات ، ولو أنها تنشأ في ذمة الفضولي ، يقع عبؤها في النهاية على رب العمل ، فإما أن يوفيها الأخير مباشرة للدائن ، وإما أن يدع الفضولي يوفيها ، فيلزم هو بتعويض الفضولي عما وفاة ، وفي هذه الحالة الأخيرة يحسب ما وفاه الفضولي في ضمن النفقات التي يحق له أن يرجع بها مضافاً إليها فوائدها القانونية من يوم دفعها على الوجه الآتي بيانه ، ويكون مصدر التزام رب العمل بذلك هو الفعل النافع المكون للفضالة ، فلا يقتصر التزامه على أقل قيمتى الافتقار والإثراء بل يشمل كل الإفتقار وفوائده .

الالتزام الثالث : رد ما أنفقه الفضولي مع فوائده من يوم أنفاقه - كذلك يلتزم رب العمل أن يرد إلى الفضولى كل ما أنفقه الأخير في مصلحته من نفقات ضرورية ومن نفقات نافعة سوغتها الظروف ، بشرط عدم الاسراف في هذا النوع الأخير من النفقات ، أما المصروفات النافعة التي لا تسوغها الظروف والمصروفات الكمالية فلا يلتزم رب العمل أن يرد منها إلا قدر ما عاد عليه منها من نفع وذلك وفقاً لقواعد الإثراء على حساب الغير .

والأولى تستحق عليها في ذمة رب العمل فوائد بالسعر القانوني من وقت إنفاقها ، خلافاً للقاعدة العامة التي تقضي بأن الفوائد القانونية لا تستحق إلا من وقت المطالبة القضائية بها ، أما ما يلزم رده 

وفقاً لقواعد الإثراء على حساب الغير فلا تستحق عنه فوائد إلا من وقت المطالبة به وفقاً للقاعدة العامة .

ويلاحظ أن هذه الالتزامات الثلاثة الأولى التي تقع على عاتق رب العمل تشبه التزامات الموكل نحو الوكيل ، وقد نصت عليها في باب الوكالة المادة 710 مدني مصرى التي توجب على الدول أن يسرد الوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد مع الفوائد من وقت الأنفاق ، وذلك مهما كان حظ الوكيل من النجاح في تنفيذ الوكالة .

الالتزام الرابع : تعويض الفضولي عما أصابه من ضرر بسبب الفضالة - يقوم التزام رب العمل بتعويض الفضولي عما أصابه من ضرر بسبب الفضالة لا على أساس قواعد الفعل الضار كما قد يتبادر إلى الذهن بل على أساس الفعل النافع الذي قام به الفضولي وباعتبار الضرر الذي أصابه بسبب الفضالة عنصراً من تكاليف الفضالة ، أي باعتباره عنصراً من عناصر افتقار الفضولی ، ولذا لا يشترط في التزام رب العمل بهذا التعويض أن يكون قد وقع منه خطأ تسبب فيها أصاب الفضولي من ضرر ، وهو في هذا يشبه التزام الموكل المقرر في المادة 711 مدني مصري وما يقابلها التي تنص على أن يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً.

ولعل ذلك هو الذي حدا واضعي المشروع التمهيدي الى النص في المادة 269 منه على أن يلتزم رب العمل بأن يعوض الفضولي « تعويضاً عادلاً عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل » ، إذ تفيد هذه العبارة الأخيرة أن هذا التعويض لا يقوم على أساس المسئولية التقصيرية بل على أساس العدالة ، غير أن هذه العبارة كان يخشى أن يفهم منها ما قصده المشرع منها في مواضع أخرى كما في المواد 164 فقرة ثانية و 166 و 168 مدني مصري وما يقابلها ، أي أن التعويض لا يكون كاملاً بقدر الضرر بأكمله بل يصح أن يكون مخفضاً ، ولذلك عدل عنها في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ وصدر القانون خلواً منها .

وعلى ذلك يشمل التزام رب العمل بتعويض الفضولي عما أصابه من ضرر بسبب الفضالة قيمة الأضرار التي أصابت الفضولي بهذا السبب إلا ما كان يستطيع الفضولي أن يتوقاه ببذل جهد معقول فإنه ينسب الى تقصيره ويجب عليه أن يتحمله جزاء هذا التقصير فلا يلزم به رب العمل .

الالتزام الخامس : دفع أجرة الفضولي عن عمله إذا كان هذا العمل مما يدخل في مهنته - وأن قوام الفضالة قصد إسداء خدمة للغير في حالة تقتضي التدخل العاجل ، كان الأصل في الفضولي أنه متبرع بأداء هذه الخدمة لا بتكاليفها ، لذلك خولته الشرائع المختلفة حق الرجوع بتلك التكاليف وهي تتمثل في التزامات رب العمل الأربعة التي تقدم بيانها ، ولذلك اعتبرت الأصل في الفضولى أنه لا يستحق أجرة عن الخدمة التي أداها إلى رب العمل ، ونص المشرعان التونسي والمغربي عملاً بهذا الأصل في المادة 1189 / 953 على أن تصرف الفضولي لا يستحق فيه الأجر .

ومعنى ذلك أن الفضالة في جوهرها مجانية ، أي لا يستحق عنها أجر .

غير أن المشرع المصري في انفقنين المدني الحالي - ومن بعده المشرع السوري والمشرع الليبي - قد رأى أن هناك حالات تستدعي أن يخول الفضولي أجراً ، فتنص في نهاية المادة 195 / 196 / 198 على أن ( لا يستحق الفضولي أجراً على عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته ).

ومؤدى ذلك أنه إذا كان العمل الذي قام به الفضولي ليس مما يدخل في أعمال مهنته ، فإنه لا يستحق عليه أجراً ، ولا يكون له إلا أن مسترد ما أنفق على الوجه الذي تقدم ، ومثل ذلك أن يقوم شخص بإطفاء حريق عند جاره أو بإنقاذ غريق أو بكبح جواد جامح .

أما إذا كان العمل مما يدخل في مهنة الفضولي كقيام الطبيب بإسعاف مصاب أو مريض ، وقيام المقاول بترميم حائط جاره ، استحق الفضولي أجراً عن عمله يقدر بأجر المثل ، وذلك فوق حقه في استرداد ما أنفق وفقاً لما تقدم ، بإعتبار أن العمل الداخل في مهنة الفضولي يمثل بالنسبة إليه قيمة مالية يبذلها في مصلحة رب العمل ، فتحسب له هذه القيمة ضمن النفقات التي يجوز أن يستردها .

ويلاحظ أن حكم الفضالة ماذا لا يختلف عن حكم الوكالة في هذا الشأن ، فالوكيل أيضاً لا يستحق أجراً إلا إذا كانت أعمال الوكالة داخلة في أعمال مهنته أو إذا كان قد اشترط أجراً في المادة 709 مدنی مصري وما يقابلها في التقنينات العربية الأخرى ، غير أن اشتراط الأجر ، أو بعبارة أدق الإتفاق على أجرة ، أمر مستبعد بطبيعة الحال في حالة الفضالة .

غير أنه يمكن في بعض الأحوال إذا ثبت أن الفضولي بذل في توليه مصلحة رب العمل جهداً شاقاً أو عرض نفسه لخطر جسيم مما لا يتصل بمهنته ، فإنه يجوز أن تحب له أجرة في نظير ذلك وتعتبر الأجرة في هذه الحالة من ضمن تكاليف الخدمة التي تبرع بها. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : الخامس ، الصفحة : 391)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الخامس عشر ، الصفحة /  228

اسْتحْقاقُ الْجُعْل في تعاقُد الْفُضُوليّ، والنّائب:

48 - قال الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ والْحنابلةُ: لو الْتزم فُضُوليٌّ - ليْس منْ عادته - الاسْتهْزاءُ والْخلاعةُ وتوافرتْ فيه شرائطُ الْمُلْتزم بالْجُعْل الْمذْكُورةُ فيما سبق جُعْلاً مُعيّنًا لمنْ يعْثُرُ على مال غيْره الضّائع، أوْ يعْملُ لغيْره عملاً تصحُّ الْجعالةُ عليْه، كأنْ قال: منْ ردّ ضالّة فُلانٍ أوْ آبقهُ فلهُ كذا، فإنّهُ يلْزمُهُ الْجُعْلُ بقوْله هذا، ويسْتحقُّهُ عليْه منْ سمع إعْلانهُ هذا وأتمّ الْعمل.

والرّاجحُ أنّهُ يلْزمُهُ الْجُعْلُ بقوْله هذا وإنْ لمْ يأْت فيه بكلمة «عليّ» نظرًا إلى أنّ الْمُتبادر والْمفْهُوم منْهُ ذلك.

والْتزامُ الْفُضُوليّ الْجُعْل في هذا الْعقْد ليْس كالْتزامه الثّمن في شراء غيْره، أو الْتزامه الْعوض على هبة غيْره، لأنّهُما عوضا تمْليكٍ فلا يُتصوّرُ وُجُوبُهُما على غيْر منْ حصل لهُ الْملْكُ، والْجُعْلُ ليْس عوض تمْليكٍ.

وهذا بخلاف ما إذا كان الْمُلْتزمُ بالْجُعْل وليًّا على صاحب الْعمل أوْ وكيلهُ.

فإنْ كان وليّهُ أوْ وكيلهُ والْتزم ذلك عنْ محْجُوره - الْمُولّى عليْه - أوْ مُوكّله على وجْه الْمصْلحة الْمذْكُورة فيما سبق، فإنّ الْعامل يسْتحقُّ الْجُعْل في مال الْمالك أوْ صاحب الْعمل بمُقْتضى الْتزام وليّه أوْ وكيله.

49 - وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ أَخْبَرَ شَخْصٌ عَنِ الْتِزَامِ الْمَالِكِ جُعْلاً عَلَى رَدِّ مَالِهِ الضَّائِعِ مَثَلاً بِأَنْ قال: قال زيْدٌ: منْ ردّ ضالّتي فلهُ كذا، فإنْ كذّبهُ زيْدٌ لمْ يسْتحقّ الْعاملُ الرّادُّ لها شيْئًا على «الْمُخْبر» لعدم الْتزامه ولا على «زيْدٍ» لتكْذيبه لهُ في ذلك - وبمثْل ذلك قال الْحنابلةُ - ولا تُقْبلُ شهادةُ الْمُخْبر على «زيْدٍ» بأنّ قوْلهُ صحيحٌ؛ لأنّهُ مُتّهمٌ في ترْويج قوْله.

وأمّا إذا صدّقهُ فيسْتحقُّ الْعاملُ على «زيْدٍ» الْجُعْل الّذي سمّاهُ الْمُخْبرُ في إخْباره عنْهُ إنْ كان الْمُخْبرُ ثقةً أوْ وقع في قلْب الْعامل صدْقُهُ - ولوْ كان كافرًا أوْ صبيًّا - لترجُّح طماعية الْعامل بوُثُوقه.

وإنْ كان الْمُخْبرُ غيْر ثقةٍ فلا يسْتحقُّ الْعاملُ عليْه شيْئًا، وكذا لا يسْتحقُّ على «زيْدٍ» أيْضًا مع أنّهُ صدّق الْمُخْبر في إخْباره لضعْف طماعية الْعامل بخبر غيْر الثّقة، وصار كما لوْ ردّ الضّالّة غيْر عالمٍ بإذْن الْمالك والْتزامه .