loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني، الصفحة : 517

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- إذا كان محل الالتزام بنقل حق عيني شيئاً معيناً بنوعه، فلا يتيسر التنفيذ عيناً إلا بفرز المعقود عليه، وللدائن أن يطالب بالتنفيذ، على هذا الوجه، ولو امتنع المدين عن ذلك، ويكون من واجب الدائن أن يعذر المدين، في هذه الحالة، ليثبت عليه امتناعه، ثم يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين، بعد استئذان القاضي أو دون استئذانه عند الإستعجال.

2- والدان كذلك أن يتخذ من الامتناع عن التنفيذ عيناً ذريعة للمطالبة بتعويض نقدي يعادل قيمة الشيء، ولا يكون أساس هذه المطالبة استحالة التنفيذ وإنما يكون أساسها استيفاء الدان التعويض، دون ممانعة من المدين، ذلك أن من حق المدين أن يؤدي بين المعقود عليه، لاقيمته .

3- وللدائن في كلتا الحالتين، حالة الوفاء عيناً وحالة الوفاء بمقابل، أن يقتضي فوق ذلك ما يجب له من تعويض عن التأخير في التنفيذ.

شرح خبراء القانون

متى كان محل الالتزام شيئاً معيناً بذاته، فإن الحق الذى يتقرر عليه ينتقل فور نشوء الالتزام وبحكم القانون ولو قبل التسليم متى كان المحل منقولاً – إذ يتطلب القانون التسجيل لنقل الحق العينى بالنسبة للعقار – وسواء كان هذا الحق هو حق ملكية أو أى حق عينى آخر كحق انتفاع أو رهن حيازى مع مراعاة أحكام نفاذ الرهن فى حق الغير وفقاً للمادة 1101 ومن ثم فإن تنفيذ هذا الالتزام جبراً على المدين يكون ممكناً إذا لا يتطلب ذلك تدخل شخصي من المدين.

أما أن كان محل الالتزام شيئاً معيناً بنوعه، كمائة قنطار قطن أشمونى أو مائة أردب قمح هندى أوغير ذلك مما يعين بنوعه، فان محل الالتزام لا يتحدد إلا إذا قام المدين بإفرازه، ومتى تم هذا الافراز انتقلت الملكية أو الحق العينى موضوع الالتزام ولو قبل التسليم، فإن امتنع المدين عن الإفراز فإن المحل يكون غير معين، ولكن للدائن أن يطالب بالتنفيذ العينى أو التعويض ويكون التنفيذ العينى فى حالة المنقول المعين بنوعه ليس بإجبار المدين على إفراز المحل فذلك يتطلب الزامه بالقيام بعمل وهو غير جائز لمساسه بحريته الشخصية، وإنما بلجوء الدائن إلى القضاء بدعوى يطلب فيها التنفيذ العيني بالتصريح له في شراء محل مماثل على نفقة المدين ( م 133)، كما يجوز للدائن فى حالة الاستعجال أن ينفذ بنفسه التزام المدين عيناً بشراء المحل ثم يرفع بعد ذلك دعوى يطالب فيها الزام المدين بأن يدفع له الثمن الذى اشترى به المحل ومصاريف ذلك، وحينئذ تبسط المحكمة رقابتها على قيام الدائن بتنفيذ التزام المدين عيناً دون استئذانها فإن تحققت من توفر الاستعجال قضت للدائن بما انفقه أما أن تبين لها تسرع الدائن قامت بتخفيض المبلغ الى القدر الذي يتناسب مع الثمن والمصاريف فى الظروف العادية، وللمحكمة أن تستعين بأهل الخبرة فى هذا الصدد (م 209 )،  ويحسن أن تقوم الدائن قبل رفع الدعوى للاستئذان بالشراء أو إذا مارغبت فى الشراء بنفسه، أن يعذر المدين للتنفيذ العينى، وأن كانت صحيفة الدعوى تعتبر إعذاراً، إلا أن الإعذار السابق عليها قد يفيد الدائن إذا ما ابدى المدين استعداده لتسليم المحل بعد رفع الدعوى اذ يتعين فى هذه الحالة الزام الدائن بمصاريف الدعوى، خلافاً لحالة الإعذار السابق، اذ يثبت به الامتناع ومن ثم يتحمل المدين المصاريف حتى لو سلم بطلبات الدائن ويجب الإعذار كلما طلب الدائن التنفيذ العينى أو التنفيذ بطريق التعويض ( م 218 – 220 مدنى ) وللدائن بدلاً من المطالبة بالتنفيذ العينى، أن يتذرع بامتناع المدين عن التنفيذ رغم اعذاره، ويطالب بالتعويض المتمثل فى قيمة الشىء نقدا مع تعويض عن التأخير فى التنفيذ، ويتم ذلك وفقاً للمواد 215 ومابعدها، ويضاف إلى ما تقدم  أنه يجوز للدائن بدلاً من المطالبة بالتنفيذ بطريق التعويض أن يطالب بالفسخ إذا استحال التنفيذ لغير سبب أجنبى عن المدين وفقاً للمادة 215 كما يجوز للدائن أن يطالب بالفسخ بدلاً من التنفيذ العيني وفقاً للمادة 157.

وفى العمل، يرفع الدائن الدعوى بطلب إلزام المدين بتسليمه المحل أو دفع قيمته نقداً محدداً هذه القيمة، ولما كان الزام المدين بالتسليم يتطلب الزامه بافراز المحل وهذا الإفراز لايجوز اجبار المدين عليه وليس هو السبيل لإجباره على التنفيذ العيني ومن ثم يكون التنفيذ العيني غير ممكن على هذا النحو وبذلك لا يبقى إلا طلب التنفيذ بطريق التعويض فتفصل فيه المحكمة كما لا يجوز اللجوء الى الغرامة التهديدية لا يجوز اللجوء إليها إلا اذا كان الالتزام لايمكن تنفيذه عيناً إلا بتدخل المدين بينما التزام المدين هنا يمكن تنفيذه عيناً عن طريق شراء محل مماثل على نفقة المدين .

أما إن كان محل الالتزام نقوداً، فينفذ جبراً على المدين بالحجز على أمواله وبيعها وبدون حاجة لإفراز النقود رغم أنها مما يعين بنوعه، ولاتنتقل ملكية النقود للدائن بالإفراز إنما بالقبض ويترتب على ذلك أن هلاكها قبل القبض يكون على المدين حتى لو أفرزها .

المطالبة بالمنقول المعين بنوعه بطريق أمر الأداء :

إذ يكفى أن يكون محل الالتزام معيناً بنوعه فقط إذا تضمن العقد ما يستطاع به تعيين مقداره حتى لا يشوبه البطلان وفقاً للمادة 133 من القانون المدنى، لكن لا يجوز أن يستصدر به أمر بالأداء إلا إذا كان العقد ذاته متضمناً مقدار المنقول وفقاً المادة 201 من قانون المرافعات لاختلاف نطاق كل من المادتين . 

وإذا كان هناك احتمال لنزاع مستخلص من عبارات العقد، فلا يجوز سلوك طريق أمر الأداء، كبيع منقول معين بنوعه بطريق العينة، قد يفرز المدين منقولاً لا يتفق وتلك العينة التى يحتفظ الدائن بها، وأن كان المنقول غير معين ولكنه قابلاً للتعيين فإن الالتزام يكون صحيحاً ولكنه لا يصلح سنداً لاستصدار أمر بالأداء، إذ توجب المادة 201 من قانون المرافعات أن يكون محل الالتزام منقولاً معيناً ولا يكفى أن يكون قابلاً للتعين لما يتطلبه ذلك من استجواب للخصوم أو ندب خبير ويكون بذلك الحق المستمد من عبارات العقد قابلاً للمنازعة فيه مما لا يجوز معه استصدار أمر اداء بموجبه .

فإذا ورد الالتزام على منقول وتضمن العقد تعيناً له وكان مما يعين بنوعه فان المطالبة به تكون بسلوك طريق أمر الاداء، ويظل المنقول معيناً بنوعه فى معنى المادة 201 من قانون المرافعات حتى لو سبق إفرازه قبل استصدار الأمر ذلك أن الملكية فى المنقول المعين بنوعه لا تنتقل إلا بالإفراز بحيث إذا قام المدين بإفراز المنقول المتعاقد عليه فإن ملكية الدائن تثبت ولو امتنع المدين عن التسليم ويظل للدائن الحق في سلوك طريق أمر الأداء والتنفيذ بموجبه على ما تم افرازه، فإن تعذر ذلك كان التنفيذ بطريق التعويض ما لم يقبل الدائن الوفاء بمثليات أخرى .

فإن لم يكن الإفراز قد تم، وتوافرت الشروط اللازمة لإصدار أمر الأداء، وجب على القاضى اصداره، ويكون الدائن وشأنه فى تنفيذه، فإذا امتنع المدين عن افراز المنقول فلا يجبر عليه لمساسه بحريته الشخصية ولا يبقى أمام الدائن إلا رفع دعوى بالتنفيذ العينى بالتصريح له في شراء محل مماثل على نفقة المدين عملاً بالمادة 133 من القانون المدنى وله فى حالة الاستعجال تنفيذ التزام المدين بنفسه بشراء محل مماثل، يدل ذلك على عدم جدوى استصدار أمر بالأداء فى حالة المنقول المعين بنوعه الا إذا قام المدين بتنفيذه طوعاً.

وتفادياً للإلزام الذي أوجبته المادة 201 من قانون المرافعات، وحتى لا يضطر الدائن إلى رفع دعوى لاحقة لتعذر التنفيذ العينى لالتزام المدين بإفراز المنقول المعين بنوعه اعمالاً لأمر الأداء يجوز للدائن رفع الدعوى مباشرة بإلزام المدين بتسليم المنقول المعين بنوعه أو دفع قيمته وفقاً لتقدير الدائن لها وحينئذ تكون الدعوى مقبولة إذا لم تقتصر الطلبات فيها على الزام المدين باداء هذا المنقول، وإنما تعدت ذلك الى الزامه بقيمته أن امتنع عن التسليم، ولما كانت هذه القيمة يقدرها المدعى، فإن إحتمال المنازعة فى ذلك يكون قائماً مما يحول فضلاً عن تعدد الطلبات، دون سلوك طريق أمر الأداء، وفى ذلك توفير للوقت والمصاريف وإذ قد يصدر أمر الاداء، ثم يرفع تظلم فيه ثم يطعن بالاستئناف فى الحكم الصادر فى التظلم وبالنقض في حكم الاستئناف، وبعد الوقت الطويل الذي قد تستغرقه تلك الإجراءات يمتنع المدين عن الإفراز مما يضطر الدائن الى البدء فى سعى جديد يرفع دعوى بالتنفيذ بطريق التعويض قد تستغرق هى الأخرى وقتاً مماثلاً .

وعند عرض مشروع قانون المرافعات على اللجنة التشريعية بمجلس الأمة، كانت المادة 201  توجب على الدائن سلوك طريق أمر الأداء لإلزام مدينة تسليم منقول معين بذاته فرات حذف ذلك وقصرت النص على المطالبة بمبلغ من النقود أو بمنقول معين بنوعه وهو ما تمت الموافقة عليه عند مناقشة النص ثم عدل المشرع هذه المادة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 وأضاف اليها المنقول المعين بذاته .

وإذا تبين من المستندات المقدمة مع العريضة، أن الطالب لم يقم بالوفاء بكامل ثمن المنقول وجب على القاضي أن يمتنع عن إصدار الأمر إذ ينشأ عن ذلك حق المدين فى حبس المنقول  حتى يستوفي كامل الثمن ما لم يكن قد قبل القيام بالتسليم بالرغم من ذلك لما يترتب عليه من سقوط حقه فى الحبس ويمتنع عليه بالتالى الدفع بعدم التنفيذ وفى هذه الحالة يجوز استصدار أمر أداء بباقى الثمن . 

ويجب أن يكون المنقول المعين بنوعه محدد المقدار حتى يصدر الأمر بالزام المدين بهذا المقدار، فإن لم يكن مقدار، قامت الشبهة فى مقدار مما قد يؤدى الى المنازعة، وهو ما يحول دون سلوك طريق أمر الأداء، ويوجب الرجوع بطريق الدعوى .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع، الصفحة : 184) 

ويتبين من هذا النص أن الالتزام بنقل حق عينى على شيء غير معين بالذات لا يتم تنفيذه من تلقاء نفسه، ولا ينتقل الحق العينى إلى الدائن بحكم  القانون على خلاف ما رأينا فى الشيء المعين بالذات، والسبب واضح : ذلك أن الشيء قبل تعيينه غير معروف، فهناك إذن استحالة طبيعية فى أن تنتقل ملكيته أو أى حق عينى آخر يتعلق به إلى الدائن قبل هذا التعيين .

فإذا كان الشيء الذى لم يعين إلا بنوعه نقوداً، فقد رأينا عند الكلام فى محل العقد أن المدين يلتزم بقدر عددها المذكور فى العقد، دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أى أثر (م 134 مدني) ورأينا أن السعر الإجبارى للورق النقدي، مهما انخفض هذا السعر من جراء التضخم، لا يغير شيئاً فى حكم هذه القاعدة، وأن الاتفاق على الدفع بسعر الذهب باطل لمخالفته للنظام العام، سواء كان ذلك فى التعامل الداخلى أو فى التعامل الدولى .

فإذا كان على المدين أن يدفع للدائن قدراً معيناً من النقود، وجب أن يدفع له هذا القدر العددى دون زيادة أو نقص، ولا تنتقل ملكيته من المدين إلى الدائن إلا عند القبض، والسبب فى ذلك أن من خصائص النقود أن أى مقدار منها لا يتعين إلا بقبضه، ولا يكفى فيه الإفراز، فلو أن المدين أفرز من ماله خمسين جنيهاً هو القدر الواجب دفعه للدائن، لم تنتقل ملكية هذا المقدار إلى الدائن بمجرد الإفراز. 

والتنفيذ العينى بدين من النقود ممكن دائماً، طوعاً أو جبراً، ويكون جبراً بطريق التنفيذ على مال المدين وبيعه واستقضاء الدين نقداً من الثمن أما إذا كان الشيء الذى لم يعين إلا بنوعه ليس نقوداً، فإن انتقال ملكية هذا الشيء، أو أى حق عينى آخر يتعلق به  إلى الدائن يكون بالإفراز ولو قبل التسليم، فلو أن شخصاً باع من آخر مائة قنطار من القطن أو خمسين إردباً من القمح، لم تنتقل الملكية إلى المشترى بمجرد البيع، لأن القطن أو القمح لم يتعين، فلا يتصور انتقال الملكية، فإذا ما تم التعيين، ويكون ذلك بإفراز كمية من القطن أو القمح معادلة للمقدار المحدد بقصد تسليمها للمشترى، أصبح المبيع شيئاً معيناً بالذات، وانتقلت ملكيته إلى المشترى بهذا الإفراز دون حاجة فى هذا إلى التسليم .

على أن المألوف فى التعامل هو أن يكون إفراز الشيء عند تسليمه إلى المشترى، فيتم الإفراز والتسلم فى وقت واحد، ومن ثم يقال فى بعض الأحكام إن الملكية تنتقل بالتسليم على اعتبار أن الإفراز لم يتم إلا عند التسليم، لا على اعتبار أن التسليم هو الذي ينقل الملكية .

ويلاحظ من جهة أخرى أن الشيء الذى لم يعين إلا بنوعه إذا كان عقاراً - كما إذا باعت إحدى شركات أراضى البناء كذا متراً من الأرض دون تعيين - فإن ملكية الأرض المبيعة لا تنتقل إلى المشترى بالتعيين، بل ولا بالتسليم، وإنما تنتقل بالتسجيل الذى لا يتم طبعاً إلا بعد التعيين، ويصبح المشترى مالكاً للأرض المبيعة بتسجيل عقد البيع ولو قبل التسليم، وإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه من إفراز الشيء على النحو المتقدم وتسليمه للدائن، جاز لهذا أن يطالب بالتنفيذ عيناً أو تعويضاً .

والتنفيذ العينى يكون بحصول الدائن على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين، ويقوم الدائن نفسه بشرائه، ويرجع بالثمن والمصروفات على المدين، بل ويرجع أيضاً بالتعويض عما قد يكون أصابه من خسارة بسبب تأخر المدين فى تنفيذ التزامه، والأصل أن الدائن يستأذن القاضى فى ذلك، يكون الاستئذان عن طريق الدعوى والحصول على حكم بشراء الشيء والرجوع على المدين بما تقدم بيانه، فإذا  كانت الظروف لا تحتمل الإبطاء، وكان الانتظار طول الوقت الذي يستغرقه استصدار الحكم يحدث ضرراً بليغاً بالدائن، كان له دون حكم – ويحسن أن يكون ذلك بعد إعذار المدين - أن يقوم بالشراء، ثم يرجع بالثمن والمصروفات والتعويض على المدين عن طريق الدعوى، وهنا يتمكن القاضى من بسط رقابته على تصرف الدائن.

أما التنفيذ بطريق التعويض فيكون بمطالبة المدين بقيمة الشيء نقداً مع التعويض عن التأخر في التنفيذ. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثاني، المجلد : الثاني، الصفحة : 1014)

إذا ورد الالتزام بالإعطاء على منقول لم يعين إلا بنوعه فقط فيكون من المثليات، كبيع كمية من الغلال أو كمية من البطاطس مثلاً فلا ينتقل الحق العيني إلا بإفراز الشئ.

ذلك أن الحق العيني سلطة ترد مباشرة على شئ، فلكي توجد هذه السلطة يجب أن يكون محلها محدداً بالذات، وإذن فتنفيذ المدين لالتزامه بنقل الحق العيني في هذه الحالة يقتضي منه أن يقوم بإفراز الشئ، وللدائن أن يلجأ إلى القضاء مستأذناً في أن يحصل على شئ من النوع ذاته على نفقة المدين، بل لا حاجة لإذن القضاء في حالة الاستعجال، كما لو كان الالتزام بتوريد أدوات طبية إلى طبيب في حاجة ماسة إليها.

وللدائن كذلك أن يطالب المدين بقيمة الشئ، فيكون التنفيذ في هذه الحالة بطريق التعويض، وليس أساسه أن التنفيذ العيني قد أصبح مستحيلاً، وإنما مرجعه أن الدائن قد ارتضاه ولم يمانع فيه المدين مادام هذا لم يعرض التنفيذ العيني، وفي الحالتين يكون للدائن أن يقتضي فوق ذلك تعويضاً عما أصابه من ضرر من جراء التأخير في التنفيذ .

اتباع طريق أوامر الأداء في المطالبة بالمنقول المعين بذاته أو بنوعه ومقداره :

تنص المادة 1/201 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون (رقم 23 لسنة 1992) على أن : " استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداءً، تتبع الأحكام الواردة في المواد التالية إذا كان حق الدائن ثابتاً بالكتابة وحال الأداء وكان كل ما يطالب به ديناً من النقود معين المقدار أو منقولاً معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره.

وعلى ذلك يجب على الدائن أن يسلك في التنفيذ العيني في المنقول المعين بذاته أو بنوعه ومقداره طريق أوامر الأداء، إذا توافرت شروط استصدار هذه الأوامر الأخرى، وليس عن طريق الدعوى.

وطريق أوامر الأداء باعتباره من إجراءات التقاضي يتعلق بالنظام العام.

ويترتب على عدم سلوك هذا الطريق عدم قبول الدعوى، وتقضي المحكمة بعدم القبول من تلقاء نفسها. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث، الصفحة : 362)

المبيع المعين بالنوع لا تنتقل ملكيته إلا بفرزه، واذا كان المبيع منقولاً معيناً لا بذاته بل بنوعه ومقداره؛ أي شيئاً من المثليات التي يختلط بعضها ببعض ويقوم بعضها مقام بعض، فإن ملكيته لا تنتقل من البائع الى المشتري بمجرد البيع، وذلك لأن الملكية حق عيني ولان الحق العيني لا يرد إلا على همين بالذات، فيكون عدم تعيين الشيء الم بالذات مانعاً من انتقال الملكية إلى أن يتم التعيين بالذات فتنتقل الملكية بمجرد تمامه، وإلى أن يتم ذلك يكون المشتري صاحب حق شخصی فحسب يقابل التزام البائع بنقل الملكية، وقد نصت المادة 205، فقرة أولى مدني على أنه " إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بنوعه فلا ينتقل الحق إلا بإفراز هذا الشيء، ونصت المادة 933 في باب کسب الملكية من طريق العقد على أن المنقول الذي لم يعين إلا بنوعه لا تنتقل ملكيته إلا بإفرازه طبقاً للمادة 205، والا فراز هو عزل المقدار المتعهد به عن بقية الصنف بحيث يصير هذا المقدار معيناً بالذات، وذلك بأي طريقة كانت سواء بوضعه في مكان معين أو في نبوءات معينة أو بوضع علامة خاصة عليه، دون حاجة الى ان يقترن ذلك بتسليم هذا المقدار الى الدائن، وان كان الغالب أن يتم الغرز وقت التسليم وتمهيداً لحصوله، ولذلك كانت المادة 338 /268  مدني قديم تنص على أن ولا تنتقل ملكية البيع المعين نوعه فقط لا بتسليمه للمشتري، وقد اتفق الفقه والقضاء على أن الملكية تنتقل من وقت الفرز وعلى أن هذا النص أنما ربطها بالتسليم جرياً مع الغالب نقل من حصول الغرز عند التسليم، وهذا ما حدا واضع التقنين الحالي الى النص في المادة 205 على ان يكون انتقال الملكية في المثليات بفرزها، ويلاحظ ما تقدم من أنه اذا بيع المثلى جزافاً، فإن ملكينه تنتقل بمجرد العقد دون حاجة الى فرز. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السابع، الصفحة : 372)

وإذا كان محل الالتزام بنقل حق عینی شیئاً منقولاً معيناً لا بذاته حال بنوعه ومقداره، أى شيئاً من المثليات التي يختلط بعضها ببعض ويقوم بعضها مقام بعض في الوفاء سواء كان ذلك الشيء نقوداً أو غير نقود، فإن الحق العيني المتعهد بنقله على هذا الشيء لا ينتقل بمجرد الاتفاق الذي أنشأ هذا الإلتزام، وذلك لأن الحق العيني لا يرد الا على معين بالذات، فيكون عدم تعيين الشيء محل التعهد بالذات مانعاً من انتقال الحق العيني المتعلق به إلى أن يزول هذا المانع ويتم التعيين بالذات فتنتقل الملكية بمجرد تمامه، ولذلك نصت المادة 205 فقرة أولى مدني على أنه «إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين الا بنوعه فلا ينتقل الحق إلا بإفراز هذا الشيء، ونصت المادة 933 مدنی في باب كسب الملكية من طريق العقد على أن المنقول الذي لم يعين إلا بنوعه لا تنتقل ملكيته إلا بإفرازه طبقاً للمادة 205 والافراز هو عزل المقدار المتعهد به عن بقية الصنف بحيث يصير هذا المقدار معيناً بالذات، وذلك بأي طريقة كانت سواء بوضعه في مكان معين، أو في عبوات معينة أو بوضع علامة خاصة عليه، دون حاجة إلى أن يقترن ذلك بتسليم هذا المقدار الى الدائن، وإن كان الغالب أن يتم الفرز وقت التسليم وتمهيداً لحصوله، ولذلك كانت المادة 268 / 338 مدني  مدنی قدیم تنص على أن « لا تنتقل ملكية البيع المعين نوعه فقط الا بتسليمه المشتري » وقد اتفق الفقه والقضاء على أن الملكية تنتقل من وقت الفرز وعلى أن هذا النص أنما ربطها بالتسليم جريا مع الغالب فقط من حصول الفرز عند التسليم، وهذا ما حدا واضع التقنين الحالي إلى النص في المادة 205 على أن يكون انتقال الملكية في المثليات بفرزها.

ويترتب على ربط انتقال ملكية المثليات بحصول فرزها، أنه إذا باع شخص مائة قنطار من القطن الناتج من مزارعه أو الموجود في شونه، ثم أوقع آخر حجزاً على كل ما يملكه البائع من قطن أو علی بعضه، فليس المشتري أن يعارض الحاجز أو يطلب استرداد القدر البيع إليه استناداً إلى عقد شرائه، لأن هذا العقد لم ينقل اليه ملكي القدر المبيع طالما أن هذا القدر لم يكن قد تم فرزه قبل الحجز .

وكذلك اذا أخلص البائع قبل فرز البيع، وقع الأخير في التفليسة ولم يجز للمشتري أن يرفع دعوى الاستحقاق بشأنه.

ويلاحظ ما تقدم من أنه إذا بيبع المثلى جزافاً، فإن ملكيته تنتقل بمجرد العقد دون حاجة إلى فرز.

إختلاف التنفيذ القهري المباشر باختلاف محل الالتزام :

ويجب أن نفرق في التنفيذ العيني القهري المباشر بين أنواع الالتزام الثلاثة : الالتزام بإعطاء شيء، والالتزام بالقيام بعمل، والالتزام بالامتناع عن عمل.

التنفيذ القهري في الالتزام بإعطاء شيء :

الالتزام بإعطاء شيء ينفذ بمجرد نشوئه وبقوة القانون إذا كان محله منقولاً معيناً بالذات، فلا يتصور فيه الالتجاء إلى التنفيذ القهری. 

أما إن كان محله عقاراً، فقد رأينا أن الحق العيني لا ينتقل فيما بين الطرفين ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل.

ومتى انتقل الحق العيني، بقي أن يسلم الشيء تسليماً مادياً إلى صاحب الحق فيه کی يحوزه وينتفع بحقه عليه وقد نصت المادة 206 مدني على أن الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم .

فيشمل الالتزام بنقل حق عيني على عقار التزاماً بنقل الحق ذاته، وهو يحتاج في وفائه إلى إجراءات قانونية معينة، والتزاماً آخر بتسليم الشيء تسليماً مادياً، وهو يعتبر التزاماً بعمل، ولكنه عمل متصل بعین معينة، الأمر الذي حدا المشرع المصري أن يخصه في التقنين الملغی بنص خاص.

والإجراءات القانونية اللازمة لنقل الحق العيني، تلخص في تحرير عقد على ورق من نوع خاص، والتأشير عليه من مصلحة المساحة بأنه صالح للشهر بعد تحققها من مطابقة الحدود الواردة فيه لما هو مدون بسجلات المصلحة، والتوقيع على هذا العقد أمام موظف مختص بالتصديق على التوقيع، ثم تقديم هذا العقد إلى التسجيل.

وغني عن البيان أن الدائن يستطيع أن يقوم وحده بأكثر هذه الإجراءات، ولا يحتاج غالباً إلى المدين إلا في التوقيع على العقد أمام الموظف المختص، فإن قام المدين بذلك كان وفاؤه بالالتزام اختيارياً، وإلا جاز للدائن أن يلجأ إلى طلب الوفاء القهري، ويكون ذلك بأن يطلب الدائن من المحكمة الحكم بثبوت التعاقد، وحينئذ يقوم هذا الحكم مقام العقد المصدق على توقيعه، ويسجل الدائن هذا الحكم، فينتقل بذلك إليه الحق العيني الذي التزم المدين بنقله، ويكون التزام المدين قد نفذ بذلك تنفيذاً عينياً بالرغم منه.

ولم يكن في التقنين الملغي نص على ذلك، لأن هذه الحالة نشأت عن قانون التسجيل الصادر في سنة 1933، وقد وصلت المحاكم إلى هذا الحل عن طريق تطبيق المبادئ العامة (60 مكرر)، وقد رأی واضعو التقنين الحالى أن ينصوا على هذا الحكم، فقرروا في المادة 210 منه أنه في الالتزام بعمل، يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ، إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام.

أما بالنسبة إلى الالتزام بتسليم العين التي يرد عليها الحق العيني، فقد كانت المادة 180/118 مدني قديم تنص على أنه « إذا كان الدين عيناً معينة، جاز للدائن أن يحصل على وضع يده عليها متى كانت مملوكة للمدين وقت التعهد أو حدث ملكه لها بعده، ولم يكن لأحد حق عيني عليها»، ومفاد ذلك أنه يجوز للدائن أن ينفذ الالتزام بالتسليم تنفيذاً قهرياً عن طريق السلطة العامة ما دام الشيء معيناً ومملوكاً للمدين، وقد تقدم أنه لا بد في ذلك من أن يكون لدى الدائن حكم أو سند رسمی وقد رأى واضعو التقنين الحالي أن هذا الحكم من البداهة بحيث لا يحتاج إلى النص عليه.

وإذا كان محل الالتزام بإعطاء شيء غير معين إلا بنوعه ومقداره، فقد تقدم أن ملكية هذا الشيء تنتقل بمجرد فرزه، فإن امتنع المدين عن فرز الشیء جاز للقاضي أن يخول الدائن حق القيام بفرز المقدار المستحق له بنفسه، أو بخبير يقوم بإجراء الفرز والتعيين، إذا كانت لدى المدين أشياء من هذا النوع.

وإذا لم تكن لدى المدين أشياء من هذا النوع، جاز للدائن أن يحصل على إذن من القاضي في أن يشتري لنفسه شيئاً من النوع ذاته، وفي حالة الاستعجال يجوز له الشراء دون إذن القاضي (المادة 205 فقرة ثانية)، وهذا دون إخلال بحقه في التعويض عما أصابه من ضرر بسبب تأخر المدين في الوفاء واضطراره هو إلى الشراء.

ويجوز للدائن أن يستغني عن الشراء من السوق وأن يطالب المدين بقيمة الشيء وقت استحقاق التنفيذ دون إخلال بحقه في التعويض وإذا كان الشيء من السلع التي لها سوق تحدد أسعارها، جاز للدائن أن يقتصر على المطالبة بالفرق بين الثمن المتفق عليه وسعر السوق وقت استحقاق التنفيذ.

وقصارى القول أن القاعدة هي إمكان التنفيذ العيني القهري في الالتزامات بنقل حق عینی، إلا حيث يتعذر ذلك استثناء ويتعين الالتجاء إلى التنفيذ بمقابل كما في الأحوال الآتية :

(1) إذا هلك الشيء المعين بالذات، فإن كان هلاكه بخطأ المدين جاز للدائن طلب التنفيذ بمقابل أي من طريق التعويض وأن كان الهلاك دون خطأ من المدين، فأما أن يؤدي إلى انفساخ العقد فتبرأ ذمة الدائن من التزامه في مقابل انقضاء التزام المدين بهلاك محله وأما أن لا يؤدي إلى الانفساخ، فينقضي التزام المدين ولكن يتعين على الأخير أن ينقل إلى الدائن ما قد ينشأ له من حقوق بسبب الهلاك كالحق في مبلغ التأمين أو في أي تعويض تقرره الحكومة لضحايا حادث من الحوادث التي تعتبر قوة قاهرة (63 مكرر).

(2) إذا كان الشيء المعين بالذات غير مملوك للمدين.

(3) إذا كان الشيء مثلياً ويتعذر الحصول على مثله.( الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس، الصفحة : 63)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة ۲۲۰)

1- العقد الذي بمقتضاه يكسب حق عيني على شيء لم يعين الا بنوعه لا يخول الحق الا بافراز هذا الشي .

2- فاذا لم يقم المتصرف بما يوجبه العقد ، جاز للدائن أن يحصل على الشئ من النوع ذاته على نفقة المدين بعد استئذان القاضي أو دون استئذانه في حالة الاستعجال، كما يجوز له أن يطالب بقيمة الشيء ، من غير اخلال في الحالتين بحقه في التعويض.

هذه الماده تقابل المادة 205 من التقنين الحالي التي تنص على ما ياتي:

١- اذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شي لم يعين الا بنوعه فلا ينتقل الحق الا بافراز هذا الشي.

۲ - فاذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ، جاز للدائن أن يحصل على شي من النوع ذاته على نفقة المدیں بعد استئذان القاضي او دوی استندانه في حالة الاستعجال ، كما يجوز له أن يطالب بقيمة الشيء ، من غير اخلال في الحالتين بحقه في التعويض.

و تقابل المادة 248 من التقنين العراقي ، وهي تطابق المادة 205 من التقنين المصري الحالي

و تقابل الماده 285 من التقنين الكويتي وهي تتفق مع المادة 205 من التقنين المصري الحالي

وقد رؤى في المادة المقترحة الأخذ بالتصوير الذي يقول به الفقه الاسلامي . وهو أن الحق ينتقل بالعقد ، وليس باعتبار هذا الانتقال أثراً يترتب على التزام المتصرف بنقل الحق كما يقول فقه القانون الوضعي وهو الفقه اللاتيني . وذلك لأن التصوير الذي يقول به الفقه الاسلامي أدق من الناحية الفنية . أنظر المذكرة الايضاحلة للمادة ۲۱۹ من المشروع .