مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 529
مذكرة المشروع التمهيدي :
يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني أحياناً، رغم ضرورة وفاء المدين نفسه بما التزم به.
فإذا امتنع البائع مثلاً عن التصديق على إمضائه في عقد البيع، فلم يتيسر التسجيل، جاز للمشترى أن يستصدر حكماً بصحة التعاقد، فيكون هذا الحكم بمنزلة العقد، وتنتقل ملكية العقار المبيع بمقتضاه، عند تسجيله.
وكذلك إذا وعد شخص بإبرام عقد وأمتنع عن الوفاء بوعده، جاز للمحكمة أن تحدد له میعاداً للتنفيذ، فإذا لم يقر بالوفاء في خلال هذا الميعاد، حل حكم القضاء محل العقد المقصود إبرامه . (أنظر المادة 151 من المشروع). ففي كل من هذين التطبيقين يقوم الحكم مقام التنفيذ العيني، ويغني عنه.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 287 من المشروع فأدخلت عليها اللجنة تعديلاً لفظياً وأصبح النص النهائي ما يأتي :
1-في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام .
2 - ويكون الأمر كذلك بوجه خاص إذا كان الدين ملزماً أن يقوم بإجراء يقتضيه تنفيذ التصرف.
وأصبح رقم المادة 216 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 216
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني:
محضر الجلسة الثانية والعشرين
تليت المادة 216:
واقترح سعادة الرئيس حذف الفقرة الثانية لأنها ليست إلا تطبيقاً لحكم الفقرة الأولى.
فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح نص المادة كالآتي :
«في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام».
تقرير اللجنة :
حذفت اللجنة الفقرة الثانية من هذه المادة لأنها تتضمن حكماً تطبيقياً لا حاجة إلى إفراد نص خاص له.
وأصبح رقمها 210
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1- إن مؤدى نصوص المواد 199 ، 203 ، 210 من القانون المدنى تدل على أن اجبار المدين على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً لا يعني فى الفكر القانوني - تشريعاً وفقهاً وقضاء- قهر المدين أو اجباره قسراً على التنفيذ لما فى ذلك من المساس بكرامة المدين وحجر على حريته تأباه الشرائع كافة التي تجعل حق الدائن مقصوراً فى أموال المدين وتنأى به عن التعرض لشخصه .
(الطعن رقم 1412 لسنة 75 جلسة 2014/06/16)
2- إن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هى دعوى استحقاق مآلاً يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التى من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المشترى تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقل الملكية ويتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه ولا يجاب المشترى إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذى يصدر فى الدعوى ممكنين ، بما يتعين تتبع البيوع المتتالية على مبيع واحد فإذا فسخ إحداها عادت الملكية للبائع فيه وأصبحت البيوع التالية لبيعه غير نافذة قبله .
(الطعن رقم 2629 لسنة 73 جلسة 2005/06/13 س 56 ص 605 ق 104)
3- تقضى المادة 934 من القانون المدنى بأنه فى المواد العقارية لا تنتقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان فى حق الغير إلا إذا روعيت الأحكام المبينة فى قانون تنظيم الشهر العقارى وأن هذا القانون هو الذى يبين التصرفات و الأحكام و السندات التى يجب شهرها سواء أكانت ناقلة للملكية أم غير ناقلة و يقرر الأحكام المتعلقة بهذا الشهر ، وتوجب المادة التاسعة من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى أن تشهر بطريق التسجيل جميع التصرفات التى من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله ، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشىء من ذلك ويدخل فى هذه التصرفات الوقف و الوصية ، ولما كانت الملكية لا تنتقل إلى الموصى له إلا بالتسجيل ، وكانت الوصية غير المسجلة بمجرد وفاة الموصى ترتب و طبقاً للمادتين الرابعة من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 ، 37 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 فى ذمة الورثة بإعتبارهم ممثلين للتركة إلتزامات شخصية منها الإلتزام بإتخاذ الإجراءات الضرورية لنقل ملكية العقار أوالحق العينى إلى الموصى له عن طريق التسجيل وفقاً للقانون ، ومن ثم تكون للموصى له الذى قبل الوصية ولم يردها أن يطالب بتنفيذ الإلتزامات الشخصية المترتبة عليها قبل الورثة ، فإذا إمتنعوا عن ذلك كان له أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بصحة و نفاذ الوصية يكون من شأنه بعد تسجيله أن ينقل الملكية إليه تطبيقاً للمادتين 1/203 ، 210 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 35 لسنة 47 جلسة 1987/03/17 س 38 ع 1 ص 399 ق 90)
4- إذا كان الشرط الواقف من شأنه أن يوقف نفاذ الإلتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة، فيكون الإلتزام فى فترة التعليق موجوداً، غير أن وجوده ليس مؤكداً مما يترتب عليه أنه لا يجوز للمستأجر خلالها أن يتخذ الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أواختيارا طالما لم يتحقق الشرط، وكانت دعوى صحة التعاقد لايقتصر موضوعها على محل العقد بل يتناول تنفيذه أيضاً، اعتباراً بأن الحكم الذي يصدره القاضي فى الدعوى يقوم مقام تنفيذ العقد إذا سمحت بذلك طبيعة الإلتزام وفقاً للمادة 210 من القانون المدني، فإن ما خلص إليه الحكم من أن تنفيذ الإلتزامات الناشئة عن العقد مرتبطة بإستصدار الترخيص ورتب على ذلك أن الدعوى مرفوعة قبل أوانها فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 914 لسنة 43 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 234 ق 50)
قد تكون طبيعة الالتزام تسمح بأن يقوم حكم القاضى مقام التنفيذ العينى بدون تدخل من المدين مثل التزام البائع بالتصديق على امضائه فى عقد البيع تمهيداً لتسجيل العقد فيصدر حكم القاضي بصحة التوقيع أو بصحة التعاقد ويكون بمثابة تصديق يمكن بعد تسجيل البيع على نحو ما أوضحناه بالمادة 428 وكالتزام الدائن المرتهن بشطب الرهن بعد سداد الدين فان لم يتقدم لمكتب الشهر العقارى مقراً بذلك جاز للمدين أن يستصدر حكماً يقوم مقام التنفيذ العينى ويشطب بموجبه الرهن.
وكذلك فى حالة الوعد بترتيب رهن رسمى، فإن كان هذا الوعد قد استوفى الشكل المقرر للرهن الرسمي، فإن حكم القضاء يقوم مقام إتمام الرهن الرسمى وتترك كافة آثار هذا الرهن بمجرد قيد الحكم الصادر بإثبات الرهن، أما أن كان الوعد بالرهن الرسمى لم يستوف الشكل المقرر فلا يكون أمام الموعود له إلا التعويض، ومن صور التعويض العينى، فى حالة فسخ العقد من جانب واحد أن تقضى المحكمة باعتبار العقد قائماً، وأنظر المادة 428 فى أن حكم القاضى يقوم مقام تصديق البائع على توقيعه وأن ملكية المبيع تنتقل إلى المشترى بتسجيل حكم القاضي بصحة التعاقد أو بالتأشير به على هامش تسجيل الدعوى . _(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع، الصفحة 198)
ونرى من النصوص المتقدمة أن الالتزام بإنجاز عمل معين، من حيث تدخل المدين الشخصى فى تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينيا، أنواع ثلاثة :
( 1 ) أن يكون الالتزام ممكن التنفيذ عينياً دون تدخل شخصى من المدين فى هذا التنفيذ، وهذا هو الأصل، وتنص عليه المادة 209 .
( 2 ) أن يكون الالتزام غير ممكن التنفيذ عيناً دون تدخل شخصى من المدين، وهذا استثناء يرد على الأصل من إحدى ناحيتيه، ناحية تعذر تنفيذ الالتزام، وتنص عليه المادة 208 .
( 3 ) أن تكون طبيعة الالتزام سمح بأن يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العينى، وهذا استثناء يرد على الأصل من الناحية الأخرى، ناحية إمكان تنفيذ الالتزام، وتنص عليه المادة 210 .
والبت فيما إذا كان التنفيذ العيني للالتزام ممكناً دون تدخل المدين الشخصى موكول إلى الدائن، فهو الذى يرى ما إذا كان يكتفى بتنفيذ الالتزام على نفقة المدين دون .
فإذا قدر الدائن أن طبيعة الالتزام تسمح بأن يكون التنفيذ العينى كافياً حتى لو قام به غير المدين، وامتنع المدين من التنفيذ، استطاع الدائن أن يلجأ إلى القضاء ليطلب ترخيصاً فى تنفيذ الالتزام على نفقة المدين .
فإذا كان التنفيذ العينى لا يحتمل الإبطاء إلى أن يستصدر الحكم، كما هى الحال فى بعض صور الإصلاحات العاجلة بالعين المؤجرة، جاز للمستأجر دون أن يستصدر حكماً أن يعهد إلى مقاول يقوم بهذه الإصلاحات العاجلة –ويحسن أن يكون ذلك بعد إعذار المؤجر - ثم يرجع بنفقة هذه الإصلاحات على المؤجر بدعوى يرفعها عليه يطالبه فيها بذلك، وهنا يبسط القاضى رقابته ليتثبت من أن الظروف كانت تبرر هذا التصرف الاستثنائى.
وخلافاً للأصل المتقدم، قد يكون التنفيذ العينى للالتزام غير ممكن دون تدخل المدين الشخصي فى هذا التنفيذ . ويرجع ذلك إما إلى الاتفاق فيشترط الدائن على المدين أن يقوم بتنفيذ الالتزام بنفسه، وإما إلى طبيعة الالتزام ذاتها فهناك من الالتزامات ما تقتضى طبيعته أن يكون تنفيذه العينى على يد المدين شخصياً . مثل هذه الالتزامات الأخيرة أن يتعهد مغن أو ممثل بالغناء أو بالتمثيل فى حفلة فتنفيذ التزامه يقتضى أن يغنى أو يمثل هو بنفسه، أو أن يتعهد رسام برسم لوحة فنية، أو نحات بصنع تمثال، أو جراح معروف بإجراء عملية جراحية.
فإذا كان التنفيذ العيني للالتزام يقتضى تدخل المدين الشخصى على النحو المتقدم، جاز للدائن أن يرفض الوفاء من غير المدين نفسه، كما نصت على ذلك المادة 208 .
وهناك نوع من الالتزامات بإنجاز عمل معين تسمح طبيعته أن يقوم حكم القاضي مقام تنفيذه العينى . وقد نصت المادة 210 على هذا النوع من الالتزامات، فجعلت حكم القاضى فيه هو التنفيذ العينى . وأكثر الأمثلة شيوعاً فى ذلك هو التزام البائع بالتصديق على إمضائه فى عقد البيع تمهيداً لتسجيل العقد، فإن امتنع البائع عن تنفيذ التزامه، جاز للمشترى أن يطلب الحكم بإثبات صحة التوقيع، فيكون الحكم الصادر بذلك بمثابة تصديق على الإمضاء يمكن بعدة تسجيل عقد البيع، وإذا وقع نزاع فى صحة البيع نفسه، جاز الحكم بثبوت صحة البيع، ويكون هذا الحكم بمثابة عقد مصدق فيه على الإمضاء فيسجل. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني، المجلد/ الثاني، الصفحة/ 1036)
من المتصور في الالتزام بعمل أن تسمح طبيعته في بعض الحالات بأن يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ. ومثل ذلك الحكم الصادر بثبوت التعاقد وصحته، حيث يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد، فينتقل به الحق العيني على الرغم من امتناع المدين عن التنفيذ ومن ذلك أيضاً ما نصت عليه المادة 102 من القانون المدني من أنه إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه الموعود له طالباً تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافره، قام الحكم متى حاز قوة الشئ المقضى به مقام العقد الذي التزم الواعد بإبرامه .
وكذلك التزام الدائن المرتهن بشطب الرهن بعد سداد الدين فإن لم يتقدم المكتب الشهر العقارى مقراً بذلك جاز للمدين أن يستصدر حكماً يقوم مقام التنفيذ العيني ويشطب بموجبه الرهن . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث، الصفحة/ 373)
تنفيذ الالتزام بعمل في التقنين المدني الحالی :
تنص المادة 209 مدني على أنه «في الالتزام بعمل، إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه، جاز للدائن أن يطلب ترخيصاً من القضاء في تنفيذ الالتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكناً - ويجوز في حالة الاستعجال أن ينفذ الدائن الالتزام على نفقة المدين، دون ترخيص من القضاء».
هذا هو النص الرئيسي في شأن تنفيذ الالتزام بعمل، ويكمله نص المادتين 208 و 210، والأولى تقضي بأنه «في الالتزام بعمل، إذا نص الاتفاق أو استوجبت طبيعة الدين أن ينفذ المدين الالتزام بنفسه، جاز للدائن أن يرفض الوفاء من غير المدين ». والثانية تنص على أنه «في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام».
ويبين من هذه النصوص أن المشرع يعتبر أن الأصل في الالتزام بعمل عند عدم وفاء المدين به - بالرغم من إعذاره - جواز تنفيذه تنفيذاً عينياً جبراً عن المدين وأنه رأى أن إكراه المدين على أن يقوم بنفسه بتنفيذ الالتزام رغم إرادته قد يكون غير منتج كما في إكراه مدرس أو فنان على التدريس أو على الرسم أو الغناء، أو يكون فيه حجر على حريته الشخصية كما في إكراه عامل على العمل في مصنع أو خادم على الخدمة في منزل، فآثر أن يكون التنفيذ العينى الجبري من طريق تكليف غير المدين انجاز العمل المتعهد به على نفقة المدين إذا كان تنفيذ ذلك العمل لا يزال ممكناً، وأجاز للدائن في الأمثلة المتقدمة أن يعهد بالقيام بالعمل المطلوب من المدين إلى مدرس أو رسام أو عامل أو خادم آخر على نفقة المدين، تحاشياً لإكراه المدين على أن يقوم رغم إرادته بالعيال الذي التزم به.
أما اذا صار تنفيذ العمل المتعهد به مستحلاً، كما في حالة هلاك العين التي التزم المدين بحفظها وفي حالة انقضاء ميعاد الاستئناف الذي تعهد المدين برفعه، فلا يكون ثمت محل لقهر المدين عليه، ولا يبقى الدائن إلا طلب الفسخ مع التعويض أو طلب التنفيذ بمقابل .
ويلاحظ أن نص المادة 209 إذ يجيز للدائن طلب تنفيذ الالتزام على نفقة المدين يوحي بأن للدائن في بعض الأحوال على الأقل طريقاً آخر للوصول إلى حقه، وهو يشير بذلك إلى الحالة المنصوص عليها في المادة 208 أي حيث ينص الاتفاق أو تستوجب طبيعة الدين أن ينفذ المدين الالتزام بنفسه، كما اذا اشترط الموكل على المحامي أن يترافع هذا عدة بنفسه في قضية معينة أو يحضر عنه بنفسه في لجنة تحكيم أو اذا اتفق مع مغن أو موسيقار أو ممثل على إحياء حفلة معينة أو مع رسام أو مثال مشهور على رسم صورة أو نحت تمثال ففي هذه الأحوال التي يقتضي فيها تنفيذ الالتزام عيناً أن يقوم به المدين شخصياً لا تتحقق مصلحة الدائن كاملة من طريق الترخيص له بتكليف غير المدين بتنفيذ العمل المطلوب، فيكون له الخيار بين أن يطلب الضغط على إرادة المدين من طريق فرض غرامة تهديدية عليه كما سيجيء وبين طلب التنفيذ بمقابل أي أنه لا يتعين عليه طلب التنفيذ على نفقة المدين.
غير أن هذا الخيار لا يكون للدائن إلا في الأحوال المنصوص عليها في المادة 208، أما فيما عدا ذلك فيجبر الدائن على قبول التنفيذ على نفقة المدين إذا عرض الأخير ذلك، أذ يؤخذ بطريق مفهوم المخالفة من نص المادة 208 أن الأصل أن الدائن لا يجوز له رفض الوفاء من غير المدين ولا سيما إذا كان ذلك الغير مكلفاً من المدين بالوفاء فاذا طلب الدائن في هذه الحالات الأخيرة الفسخ أو التنفيذ بمقابل وعرض الدين الترخيص للدائن بتنفيذ الالتزام على نفقته، جاز للمحكمة رفض طلبات الدائن، بل نرى أنه يجوز لها رفض طلبات الدائن ولو لم يعرض المدين ذلك لأن لها سلطة تقديرية فيما يتعلق بطلب الفسخ ولأن شرط استحقاق التنفيذ بمقابل أن يكون التنفيذ العيني قد صار مستحيلاً، والفرض أنه لم يصر كذلك ما دام ممكناً القيام به على نفقة المدين، ولا يجوز من باب أولى الاستجابة لطلب الدائن التنفيذ بمقابل متى قام المدين بتنفيذ الالتزام بنفسه.
أما اذا طلب الدائن الترخيص له في تنفيذ الالتزام على نفقة المدين، وكان ذلك التنفيذ ممكناً، تعين على المحكمة أن ترخص له فيه، وقد أجاز القانون للدائن في حالة الاستعجال أن ينفذ الالتزام على نفقة المدين دون ترخيص من القضاء غير أن هذه الإجازة تعتبر رخصة للدائن، له أن يستعملها أو ألا يستعملها، ولا يصح أن يغلب عليه عدم استعمالها والتجاؤه مثلاً إلى الامتناع عن تنفيذ التزاماته استناداً إلى عدم وفاء المدين التزاماته المقابلة.
وهناك أحوال يستطيع فيها الدائن الوصول إلى النتيجة التي يبتغيها من تنفيذ الالتزام دون حاجة إلى إكراه المدين على القيام بالعمل المتعهد به أو تكليف غيره بتنفيذه على نفقته، وهي التي قررت في شأنها المادة 210 مدني أن يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ اذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام، ومثل ذلك التزام البائع بتوقيع عقد صالح للشهر أمام موثق العقود، فيجوز للمشتري أن يستصدر حكماً بثبوت التعاقد، فيقوم هذا الحكم مقام تنفيذ البائع التزامه بالتوقيع، فيجوز تسجيله وتنتقل به ملكية المبيع إلى المشتري (69 مكرر).(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 114)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 226 )
يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ ، اذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام
هذه المادة تقابل المادة ۲۱۰ من التقنين الحالي التي تنص على أنه , في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ اذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام ، وقد حذفت من هذا النص عبارة « في الالتزام بعمل ،، حتی يتسع حكمه للالتزام بالامتناع عن عمل متى سمحت طبيعته أن يقوم حكم القاضي فيه مقام تنفيذ هذا الالتزام . واقتضى هذا نقل المادة المقترحة من موضعها في التقنين الحالي إلى هذا الموضع .
و تطابق المادة ۲۸۹ من التقنين الكويتي
و تقابل المادة 257 من التقنين الأردني التي تنص على أن لا يقوم حكم المحكمة مقام التنفيذ اذا كان موضوع الحق عملاً وسمحت بذلك طبيعته.