loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني، الصفحة : 532

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- ترد المادة 288 صور الالتزام بعمل إلى طائفتين جامعتين : تنتظم أولاهما ما يوجب على الملزم المحافظة على الشيء، أو إدارته، أو توخي الحيطة في تنفيذ ما التزم الوفاء به، وبعبارة أخرى ما يتصل الإلزام فيه بسلوك الملزم وعنايته، أما الثانية، فيدخل فيها ما عدا ذلك من صور العمل، الالتزام بإصلاح آلة.

وتقتصر المادة 288 على حكم الطائفة الأولى، فتحدد مدى العناية التي يتعين على المدين أن يبذلها في تنفيذ الالتزام.

والأصل في هذه العناية أن تكون مماثلة لما يبذل الشخص المعتاد، فهي بهذه المثابة وسط بين المراتب، يناط بالمألوف في عناية سواد الناس بشئونهم الخاصة.

وعلى هذا النحو يكون معيار التقدير معیاراً عاماً مجرداً، فليس يطلب من المدين إلا التزام درجة وسطى من العناية، أياً كان مبلغ تشدده، أو اعتداله، أو تساهله، في العناية بشئون نفسه.

2- على أن نية المتعاقدين قد تنصرف إلى العدول عن هذا المعيار العام المجرد إلى معيار خاص معين، ومن ذلك ما يقع في الوكالة، والوديعة غير المأجورة : فغالباً ما يستخلص من الظروف أن العناية التي يقصد اقتضاؤها من الوكيل أو الوديع هي عناية كل منهما بشئونه الخاصة، دون أن تجاوز في ذلك درجة العناية الوسطى وعلى نقيض ذلك يقصد في عارية الاستعمال، عادة، إلى إلزام المدين ببذل ما يبذل من العناية في شئونه الخاصة، على ألا يقصر في ذلك عن درجة العناية الوسطى  ومتى تقررت درجة العناية الواجب اقتضاؤها من المدين، اعتبر كل تقصير في بذل هذه العناية، مهما يكن طفيفة، خطأ يرتب مسئولية المدين.

3- ومهما يكن من أمر، فمن المسلم أن المدين يسأل على وجه الدوام، عما يأتي من غش أو خطأ جسيم، سواء أكان معيار العناية الواجبة معياراً عاماً مجرداً أم خاصاً معيناً.

المشروع في لجنة المراجعة

 تليت المادة 288 من المشروع، وبعد المناقشة رأت اللجنة إضافة العبارة الآتية في آخر الفقرة الأولى : «هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك» وحذف صدر الفقرة الثانية اكتفاء بالإضافة المشار إليها في الفقرة الأولى و إدخال بعض تحويرات لفظية في النص فأصبح النصر النهائي هو الآتي :

1- في الالتزام بعمل إذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو أن يقوم بإدارته أو أن يتوخي الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ولو لم يتحقق الغرض المقصود، هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك.

2- وفي كل حال يبقى المدين مسؤولاً عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم .

وأصبح رقم المادة 217 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 217.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل.

وأصبح رقمها 211.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة دون تعديل.

الأحكام

1- لم يرد بالقانون نص يبين كيفية توصل المستأجر إلى إثبات إنتفاء خطئه عن التلف أو الهلاك ، ولذا تطبق القاعدة العامة المنصوص عليها فى المادة 1/211 من القانون المدنى والتى تقضى بأنه 1- فى الإلتزام بعمل إذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشىء أوأن يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة فى تنفيذ إلتزامه فإن المدين يكون قد وفى الإلتزام إذا بذل فى تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادى ، ولو لم يتحقق الغرض المقصود ، هذا ما لم ينص القانون أوالإتفاق على غير ذلك . ومؤدى ذلك أنه إذا أراد المستأجر أن يثبت إنتفاء خطئه أوالهلاك ، ويبعد عن نفسه بالتالى المسئولية عنها ، أن يقيم الدليل على أنه بذل فى رعاية العين ، وفى حفظها عناية الرجل المعتاد ، أى العناية التى يبذلها فى مثل ظروفه سواء الناس ، وتستثنى من هذه الحالة حالة الإتفاق على غير ذلك وحالة وقوع التلف أوالهلاك بسبب الحريق إذ أن القانون يقررلها حكماً خاصاً ، فلا يكفى للخلاص من المسئولية عنها أن يثبت المستأجر أنه بذل فى رعاية العين المؤجرة عناية الرجل المعتاد بل يلزمه لذلك إثبات أن للحريق سبباً أجنبياً لا يرجع إليه ، أويلزمه بعبارة المادة 584 أن يثبت أن الحريق نشأ عن سبب لا يد له فيه ويترتب على ذلك أن مسئولية المستأجر فى حالة الحريق تختلف عن مسئوليته فى حالة غيره من أسباب التلف أو الهلاك ، يؤيد ذلك أن المشروع التمهيدى للقانون المدنى كان يتضمن نصاً حاسماً فى ذلك ، إذ كانت المادة 1/783 تقضى بأنه " 1- المستأجر مسئول عن حريق العين المؤجرة ، إلا إذا ما ثبت أن الحريق لم ينشأ عن خطئه أوعن خطأ تابعيه " مما مؤداه وجوب تطبيق القاعدة العامة على حالة الحريق ، والإكتفاء من المستأجر - لدفع المسئولية عنه - بإثبات أنه بذل هو وأتباعه فى رعاية العين عناية الرجل المعتاد ، ولكن لجنة المراجعة عدلت النص السابق و جعلته بالصيغة التى وردت فى المادة 1/584 من القانون المدنى على ما سلف بيانه ، و جاء تقرير لجنة المراجعة تبريراً لهذا التعديل أنها أجرته لكى " تجعل الحكم أدق وأوضح .

(الطعن رقم 830 لسنة 49 جلسة 1984/11/29 س 35 ع 2 ص 1952 ق 371)

2- إذ كان الواقع فى الدعوى أن المطعون ضده بصفته رفعها مطالباً بالتعويض عن فقد اللنش نتيجة العمليات الحربية إستناداً إلى البند الثانى من عقد الإيجار المبرم بينه و بين الطاعن الثانى بصفته و الذى نعى على أن يكون للمطعون ضده الحق فى التعويض عن فقد أو إصابة إحدى الوحدات المؤجرة أو أفراد طاقمها نتيجة العمليات الحربية و هذا النص الذى يشترط فيه المؤجر على المستأجر مسئولية الأخير عن تلف العين المؤجرة أو هلاكها لسبب أجنبى هو العمليات الحربية صحيح فى القانون طبقاً لما يقضى به نصا الفقرة الثانية من المادة 583 و الفقرة الأولى منالمادة 211 من القانون المدنى و من ثم فلا تكون المطالبة على مقتضاه أساسها الإعانة المقررة بالقانون رقم 44 لسنة 1976 و إنما أساسها الشرط الوارد فى عقد الإيجار و الذى تجيزه نصوص القانون المدنى فتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات التى تنشأ منه .

(الطعن رقم 437 لسنة 50 جلسة 1983/06/05 س 34 ع 2 ص 1369 ق 268)

3- نصت المادة 2/704 من القانون المدنى على أنه " إذا كانت الوكالة بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائماً فى تنفيذها عنايه الرجل المعتاد " مما مفاده أن إلتزام الوكيل فى تنفيذ الوكالة هو إلتزام ببذل عناية لا إلتزاماً بتحقيق غاية ، إلا أنه لا شىء يمنع من الإتفاق على أن يكون إلتزام الوكيل بتحقيق غايه و من ذلك أن يتفق الموكل مع المحامى على ألا يستحق الأتعاب أو على ألا يستحق المؤخر منها إلا إذا كسب الدعوى .

(الطعن رقم 482 لسنة 39 جلسة 1977/02/23 س 28 ع 1 ص 511 ق 97)

4- مسئولية الطبيب الذى إختاره المريض أونائبه لعلاجه هى مسئولية عقدية . والطبيب وإن كان لا يلتزم بمقتضى العقد الذى ينعقد بينه و بين مريضه بشفائه أوبنجاح العملية التى يجريها له ، لأن إلتزام الطبيب ليس إلتزاما بتحقيق نتيجه وإنما هو إلتزام ببذل عناية ، إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضى أن يبذل لمريضه جهودا صادقة يقظه تتفق - فى غير الظروف الإستثنائية - مع الأصول المستقرة فى علم الطب ، فيسأل الطبيب عن كل تقصير فى مسلكه الطبى لا يقع من طبيب يقظ فى مستواه المهنى وجد فى نفس الظروف الخارجية التى أحاطت بالطبيب المسئول . وجراح التجميل وإن كان كغيره من الأطباء لايضمن نجاح العملية التى يجريها إلا أن العناية المطلوبة منه أكثر منها فى أحوال الجراحة الأخرى إعتبارا بأن جراحة التجميل لا يقصد منها شفاء المريض من علة فى جسمه وإنما إصلاح تشويه لا يعرض حياته لأى خطر .

(الطعن رقم 111 لسنة 35 جلسة 1969/06/26 س 20 ع 2 ص1075 ق 166)

5- لئن كان مقتضى إعتبار إلتزام الطبيب إلتزاما يبذل عناية خاصة ، أن المريض إذا أنكر على الطبيب بذل العناية الواجبة ، فإن عبء إثبات ذلك يقع على المريض ، إلا أنه إذا أثبت هذا المريض واقعة ترجح إهمال الطبيب كما إذا أثبت أن الترقيع الذى أجراه له جراح التجميل فى موضع الجرح والذى نتج عنه تشويه ظاهربجسمه لم يكن يقتضيه السير العادى لعملية التجميل وفقا للأصول الطبية المستقرة ، فإن المريض يكون بذلك قد أقام قرينة قضائية على عدم تنفيذ الطبيب لإلتزامه فينتقل عبء الإثبات بمقتضاها إلى الطبيب ويتعين عليه لكى يدرأ المسئولية عن نفسه أن يثبت قيام حالة الضرورة التى إقتضت إجراء الترقيع والتى من شأنها أن تنفى عنه وصف الإهمال .

(الطعن رقم 111 لسنة 35 جلسة 1969/06/26 س 20 ع 2 ص 1075 ق 166)

6- مسئولية الطبيب لا تقوم فى الأصل على أنه يلتزم بتحقيق غاية هى شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقة فى سبيل شفائه . ولما كان واجب الطبيب فى بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علماً ودراية فى الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعلمه مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة وبصرف النظر عن المسائل التى إختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الإجتهاد فيها ، فإن إنحراف الطبيب عن أداء هذا الواجب يعد خطأ يستوجب مسئوليته عن الضرر الذى يلحق بالمريض ويفوت عليه فرصة العلاج مادام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدى إلى إرتباطه بالضرر إرتباط السبب بالمسبب ، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد حصل من الواقع أن الطاعن طبيب قد أمر بنقل مريضة من مستشفى إلى آخر ، وهى على وشك الوفاة وقبل إحالتها إلى القسم المختص لفحصها وإتخاذ ما يجب بشأنها مما أدى إلى التعجيل فى وفاتها ، وأعتبر الحكم هذا التصرف خطأ لا يبرره له إدعاء الطاعن بعدم ضرورة التدخل الجراحى إذ أن هذا الادعاء بفرض صحته لم يكن ليحول دون إحالة المريضة إلى القسم المختص لفحصها وتقرير العلاج اللازم لها وتأخير نقلها من هذا المستشفى إلى الوقت الملائم لحالتها المرضية ، فإن الحكم يكون قد إلتزم صحيح القانون .

(الطعن رقم 381 لسنة 31 جلسة 1966/03/22 س 17 ع 2 ص 626 ق 88)

شرح خبراء القانون

الالتزام ببذل عناية :

الالتزام ببذل عناية اما يكون متعلقاً بشىء أو بعمل، فإن كان متعلقاً بشيء فأما أن يكون المحافظة عليه كالتزام المودع عنده مادة 720 )) والمستعير والمستأجر (( م 641، 583  أو أن يكون إدارة هذا الشىء مع المحافظة عليه كالتزام المرتهن (( م 1104 ))  الوكيل فى الإدارة، وإذا كان الالتزام ببذل عناية متعلقاً بعمل كالطبيب والمحامي كان المطلوب هو توخي الحيطة فى القيام بهذا العمل وفقاً لأصول المهنة، ويعتبر المدين قد وفى بالتزامه إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذل الشخص العادى ولو لم يتحقق الغرض المقصود فاخفق فى العمل أو هلك الشيء أو انتهت إداراته بخسارة إذا ينصب الالتزام على بذل عناية وليس بتحقيق غاية، ويجوز الاتفاق على عناية أقل أو أكبر طالما أن المدين لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً وراجع المادتين 215، 217 فيما يلى.

ولا يلزم المدين إلا ببذل عناية الشخص المعتاد حتى لو كانت عنايته بشئون نفسه تجاوز ذلك، فإن كانت عنايته بشئون نفسه ثقل عن عناية الشخص المعتاد، وجب عليه بذل عناية الشخص المعتاد، وهى عناية متوسطة يستخلصها قاضى الموضوع من طبيعة العمل.

وتتوافر مسئولية المدين إن لم يبذل القدر المطلوب من العناية، ويقدر التعويض بقدر الضرر الذي لحق الدائن وليس بقدر ما لم يبذل من العناية .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع،      الصفحة/  201 )

وقد أوردت المادة 211 مدنى ضروب الالتزام ببذل عناية فهذا الالتزام إما أن يكون متعلقاً بشيء أو متعلقاً بعمل.

فإذا كان متعلقاً بشيء، فهو إما أن يكون :

( 1 ) المحافظة على الشيء، كالتزام المودع عنده بالمحافظة على الشيء المودع ( م 720 مدنى )، والتزام المستعير أو المستأجر بالمحافظة على الشيء المعار أو العين المؤجرة ( م 641 و م 583 مدنى ) ويدخل فى ذلك أيضاً الالتزام بالمحافظة على الشيء الذى يتضمنه الالتزام بنقل الحق العينى، فقد رأينا المادة 206 تقضى بأن الالتزام بنقل حق عيني يتضمن التزاماً بعمل فى قسمين من الأقسام الثلاثة للالتزام بعمل، فيلتزم المدين بأن يحافظ على الشيء وهذا التزام ببذل عناية، وأن يسلمه للدائن وهذا التزام بالتسليم مثل ذلك التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشترى، فهو يتضمن التزاماً بتسليم المبيع إلى المشترى والتزاماً بالمحافظة عليه حتى وقت التسليم .

 أو يكون إدارة هذا الشيء، ويتضمن هذا بطبيعة الحال المحافظة عليه، وذلك كالتزام المرتهن رهن حيازة بإدارة العين المرهونة لاستثمارها استثماراً كاملاً ( م 1104 فقرة ثانية مدنى )، وكالتزام الوكيل فى الإدارة بإدارة العين الموكول إليه إدارتها ( م 701 مدنى ) وقد تكون إدارة الشيء لمصلحة الدائن كما فى الوكيل بالإدارة، أو لمصلحة المدين كما فى المستأجر عند ما ينتفع بلعين، أو لمصلحتهما معاً كما فى الدائن المرتهن رهن حيازة عند ما يستثمر العين المرهونة .

وإذا كان الالتزام ببذل عناية متعلقاً بعمل، كالطبيب يلتزم بعلاج المريض  والمحامي يلتزم بالدفاع عن مصالح موكله أمام القضاء ( وهذا غير النيابة عنه )، كان العمل المطلوب من المدين هو توخي الحيطة فى القيام بالعمل الموكول إليه .

ويعتبر المدين، فى جميع هذه الأحوال، أنه قد وفى بالتزامه، إذ هو –كما يقول النص - بذل فى تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادى، ولو لم يتحقق الغرض المقصود، فأخفق العمل، أو هلك الشيء المحفوظ، أو انتهت إدارته بالخسارة .

وقد يوجب القانون أو الاتفاق عناية أكثر أو أقل من عناية الشخص العادى . ففى العارية أوجب القانون عناية أكبر ( م 641 مدنى ) . وفى الوديعة أوجب عناية أقل ( م 720 مدنى ) . وإذا اتفق المدين والدائن على عناية أقل أو أكثر، جاز ذلك . على أنه لا يجوز الاتفاق على التخفف من العناية إلى .الحد الذى لا يكون المدين فيه مسئولا عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/  الثاني المجلد/ الثاني الصفحة/ 1021)

العناية المطلوبة من المدين :

يميز الفقه الحديث في الالتزام بعمل بين نوعين:

1- التزام بغاية وهو الذي يكون فيه المدين ملزماً بتحقيق نتيجة معينة بقطع النظر عن الوسائل التي تؤدي إلى هذه النتيجة كالالتزام بإقامة بناء معين برسمه ومواصفاته والالتزام بتوريد قدر محدد من القمح.

2- والتزام بوسيلة وهو الذي لا يكون فيه المدين ملزماً بتحقيق نتيجة، بل يقتصر فيه التزامه على أن يبذل جهداً معيناً في سبيل تحقيق نتيجة محددة كالتزام الطبيب بعلاج المريض والتزام المحامي بالدفاع عن موكله في قضية معينة.

وتقتصر المادة على حكم الالتزام الثاني وهو الالتزام بوسيلة، فتحدد مدى العناية التي يتعين على المدين أن يبذلها في تنفيذ الالتزام فتجري على أنه إذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ولو لم يتحقق الغرض المقصود. وهذا القدر هو عناية الشخص المعتاد حتى لو كانت عنايته بشئون نفسه تجاوز ذلك، فإن كانت عنايته لشئون نفسه تقل عن عناية الشخص المعتاد، وجب عليه بذل عناية الشخص المعتاد، وهي عناية متوسطة يستخلصها قاضي الموضوع من طبيعة العمل.

وتتوافر مسئولية المدين إن لم يبذل القدر المطلوب من العناية، ويقدر التعويض بقدر الضرر الذي لحق الدائن وليس بقدر ما لم يبذل من العناية.

فالطبيب ينفذ التزامه بعلاج المريض بأن يبذل في فحصه وتشخيص مرضه ووصف الدواء له وتتبع سير مرضه مثل العناية التي يبذلها الطبيب العادي في مثل ظروفه، ولا يعتبر أنه نفذ التزامه ما لم يبذل كل العناية الواجبة وفقا لهذا المعيار.

غير أنه يجوز للطرفين الاتفاق على العدول - ولو ضمنا عن هذا المعيار المجرد إلى معيار خاص معين.

ومن ذلك ما يقع في الوكالة والوديعة غير المأجورة، فغالباً ما يستخلص من الظروف أن العناية التي يقصد اقتضاؤها من الوكيل أو الوديع هي عناية كل منهما بشئونه الخاصة، دون أن تجاوز في ذلك درجة العناية الوسطى وعلى نقيض ذلك يقصد في عارية الاستعمال عادة إلى إلزام المدين ببذل ما يبذل من العناية في شئونه الخاصة على ألا يقصر في ذلك عن الدرجة الوسطى، ومتى تقررت درجة العناية الواجب اقتضاؤها من المدين، اعتبر كل تقصير في بذل هذه العناية، مهما يكن طفيفا، خطأ يرتب مسئولية المدين.

ومهما يكن من أمر فمن المسلم أن المدين يسأل على وجه الدوام عما يأتي من غش أو خطأ جسيم، سواء أكان معيار العناية الواجبة، معياراً عاماً مجرداً أو خاصاً معيناً.

عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر خطأ في ذاته يرتب مسئوليته، ولا تدرأ عنه هذه المسئولية إلا إذا أثبت قيام السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثالث، الصفحة/  375)

ويلاحظ أن الفقه الحديث يميز في الالتزام بعمل بين نوعين : 

(1) التزام بغاية وهو الذي يكون فيه المدين ملزماً بتحقيق نتيجة معينة يقطع النظر عن الوسائل التي تؤدي إلى هذه النتيجة كالالتزام بإقامة بناء معين برسمه ومواصفاته والالتزام بتوريد قدر محدد من القمح، (2) والتزام بوسيلة وهو الذي لا يكون فيه المدين ملزماً بتحقيق نتيجة، بل يقتصر فيه التزامه على أن يبذل جهداً معيناً في سبيل تحقيق نتيجة محددة كالتزام الطبيب بعلاج المريض والتزام المحامي بالدفاع عن موكله في قضية معينة.

فإذا كان الالتزام بحمل التزاماً بغاية وجب في تنفيذه أن يحقق المدين النتيجة المعينة التي التزم بها، كأن يحقق المقاول اقامة البناء المطلوب وأن ينجز متعهد التوريد توريد القدر المتفق عليه. 

أما إذا كان الالتزام بعمل التزاماً بوسيلة، تعين لتنفيذه أن يبذل المدين قدر العناية الواجب عليه لتحقيق النتيجة المنشودة، وهذا القدر يحدده عادة اتفاق الطرفين أو نص القانون فإذا لم يحدد الاتفاق أو القانون قدر العناية الواجبة في تنفيذ التزام معين، فإن هذا القدر يعينه ما يبذله الشخص العادي في تنفيذ التزام مثل التزام المدين وفي مثل ظروفه ( المادة 221 مدنی) . فالطبيب ينفذ التزامه بعلاج المريض بأن يبذل في فحصه وتشخيص مرضه ووصف الدواء له وتتبع سیر مرضه مثل العناية التي يبذلها الطبيب العادي في مثل ظروفه، ولا يعتبر أنه نفذ التزامه ما لم يبذل كل العناية الواجبة وفقاً لهذا المعيار. 

وغني عن البيان أنه في كلتا الحالين : أي في حالة الالتزام بغاية وفي حالة الالتزام بوسيلة، فإن تنفيذ المدين التزامه يجب - كما تقدم في نبذة 22 - أن يتم بحسن نية ووفقاً لما تقتضيه نزاهة التعامل، بل أن أهمية شرط حسن النية هذا تظهر في تنفيذ الالتزام بعمل أكثر من ظهورها في غيره من الالتزامات. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس، الصفحة/ 69)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة 224)

1- في الالتزام بعمل ، اذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو أن يقوم بادارته أو أن يتوخي الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفي بالالتزام اذا بدل في تنفيذه من العناية كل ما يبدله الشخص العادي ، ولو لم يتحقق الغرض المقصود . هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك .

2- وفي كل يبقى المدين مسئولاً عما يأتيه من غش أو خطأ جسیم ۰

هذه المادة تطابق المادة ۲۱۱ من التقنين الحالي

و تطابق المادة 358 من التقنين الأردني مع اغفال عبارة « في الالتزام بعمل ، في الفقرة الأولى :

و تطابق المادة 290 من التقنين الكويتي مع اغفال عبارة في الالتزام بعمل ، في الفقرة الأولى .

و تقابل المادة 251 من التقنين العراقي التي تنص على ما يأتي :

1- في الالتزام بعمل اذا كان المطلوب من المدين هو أن يحافظ على الشيء أو ان يقوم بادارته أو كان مطلوبا منه أن يتوخي الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفي بالالتزام اذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد حتى ولو لم يتحقق الغرض المقصود ۰

٢- ومع ذلك يكون المدين قد وفي بالالتزام اذا هو بذل في تنفيذه من العناية ما اعتاده في شئونه الخاصة متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قصده ذلك ،

وقد جاء هذا النص على نسق المادة 288 من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي مع اغفال الاشارة الى مسئولية المدين عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم :

( راجع في تطبيقات النص المقترح على سبيل المثال م 776 و 815 من مرشد الحيران وم ۷۸۰ و ۷۸۲ و 814 و 815 من المجلة )