loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني ، الصفحة : 537

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - لعل أهم ما عيب على نظام الغرامات التهديدية ، في وضعه الراهن ، أنه لا يستند إلى نص من نصوص التشريع ، بل هو وليد اجتهاد القضاء ، وقد قصيد المشروع إلى تدارك هذا العيب فأورد هذه المواد الثلاث، باعتبارها سنداً تشريعياً يركن إليه عند التطبيق ، وهي بعد ليست إلا تقنيناً لما جرى عليه القضاء من قبل .

2 - وتسري قواعد الغرامات التهديدية على كل التزام بعمل أو بامتناع عن عمل ، أياً كان مصدره ، متى كان الوفاء به عينة لا يزال في حدود الإمكان ، وكان هذا الوفاء يقتضي تدخل المدين نفسه ، والغرامة التهديدية مي مبلغ من المال يقضى إلزام المدين بأدائه عن كل يوم أو أسبوع أو شهر أو أية فترة معينة من الزمن ، أو عن كل إخلال يرد على الالتزام ، ويقصد من هذه الغرامة إلى التغلب على مانعة المدين المتخلف ، ولهذا أجيز للقاضي أن يزيد فها إزاء تلك المانعة ، كلما آنس أن ذلك أكفل بتحقيق الغرض المقصود .

3 - بيد أن الحكم الصادر بالغرامة التهديدية حكم موقوت ، تنتفي علة قيامه متى اتخذ المدين موقفاً نهائياً منه ، إما بوفائه بالالتزام ، وإما بإصراره على التخلف ، فإذا استبان هذا الموقف ، وجب على القاضي أن يعيد النظر في حكمه ليفصل في موضوع الخصومة ، فإن كان المدين قد أوفي بالتزامه حط عنه الغرامة ، إزاء استجابته لما أمر به وإلزامه بتعويض عن التأخر لا أكثر وإن أصر الدين على عناده نهائياً ، قدر التعويض الواجب عن الضرر الناشئ عن عدم الوفاء ، ولكن ينبغي أن يراعى في هذا التقدير ما يكون من أمر مانعة المدين تعنتاً باعتبار هذه المانعة عنصراً أدبياً من عناصر احتساب التعويض ، وفي هذا النطاق يتمثل لب نظام الغرامات المالية ومعقل القوة فيه.

4 - ويتضح ما تقدم أن الغرامة التهديدية ليست ضرباً من ضروب التعويض وإنما هي طريق من طرق التنفيذ ، رسمها القانون ، وقصر نطاق تطبيقها على الالتزامات التي يقتضي الوفاء بها تدخل المدين بنفسه.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 290 من المشروع ووافقت اللجنة عليها مع حذف كلمة " كان " ، التي سبقت عبارة غير ملائم.

وأصبح رقمها 219 في المشروع النهائي

تليت المادة 291 من المشروع فأقرتها اللجنة على أصلها .

وأصبح رقمها 220 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على هاتين المادتين دون تعديل تحت رقمي 219 ، 220 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثانية والعشرين

تليت المادتان 219 و 220 :

فوافقت عليهما اللجنة بعد أن فر معالي السنهوري باشا عبارة وغير ملائم مثل الممثل الذي التزم بعدم التمثيل على مسرح آخر ثم ذهب ليمثل فعلاً على هذا المسرح الآخر ، فالتنفيذ هنا ممكن ولكنه غير ملائم ، وقد رأت اللجنة إدماجهما وجعل المادة 220 فقرة ثانية في المادة 219 على أن تبدأ الفقرة الثانية بكلمة «وإذا ، بدلاً من إذا». 

تقرير اللجنة :

أدمجت المادة 220 في المادة 219 وأصبحت فقرة ثانية فيها بسبب الارتباط القائم بين أحكام النصين .

وأصبح رقم المادة 213.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .

الأحكام

1- إذ كان تنفيذ الالتزام يقتضي تدخل المدين ذاته ، فلا يملك القاضي اجبار المدين على تنفيذه ، وإنما يلجأ إلي التهديد المالي إذا طلبه الدائن وفقاً لنص المادة 213 من القانون المدني ، فإن لم يطلبه الدائن ، أوطلبه وأجابه القاضي ولم ينتج ، ففي كل هذه الأحوال التي يأبى فيها المدين تنفيذ التزامه الذي يقتضي تدخله شخصياً، وكلما صار التنفيذ العيني مستحيلاً لأي سبب، فلا مناص من الالتجاء الي التنفيذ بطريق التعويض .

( الطعن رقم 1412 لسنة 75 ق - جلسة 2014/06/16 )

2- مؤدى النص المادة2/213من القانون المدنى أن الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين لحمله على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا كلما كان ذلك ممكنا ومن ثم فهى ليست تعويضاً يقضى به للدائن ولكنها مبلغ من المال يقدرعن كل وحدة زمنية يتأخر فيهاعن تنفيذ هذا الالتزام أوعن كل مرة يخل به، فهى ليست مبلغا يقدر دفعة واحدة حتى يتحقق معنى التهديد ولا تقرر إلا بحكم القاضى بناءعلى طلب الدائن ويتفرع على ذلك أن الحكم بهايعتبر وقتيا لأن القاضى يجوز له أن يزيد فى مقدارها إمعانا فى تهديد المدين لحمله على التنفيذ أو العدول عنها إذا رأى أنه لا جدوى منها ومن ثم تختلف عن الشرط الجزائى الذى يجوز بمقتضاه للدائن والمدين ان يتفقا مقدما على التعويض المستحق لأولهما فى حالة ما إذا لم يقم الثانى بالوفاء بالتزامه أو حالة ما إذا لم يقم الثانى بالوفاء بإلتزامه هوالسبب استحقاق التعويض لا الشرط الجزائى الذى يترتب على وجوده فى العقد اعتبار الضرر واقعا فى تقدير المتعاقدين ومن ثم لا يكلف الدائن بإثباته كما يفترض معه أن تقديرالتعويض على أساسه يتناسب مع الضرر الذى أصابه ولا يكون على القاضى إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضررأو أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة إذا يكون له فى تلك الحالة أن لا يقضى بالتعويض أو يخفضه إلى الحد المناسب .

( الطعن رقم 411 لسنة 59 ق - جلسة 1993/12/29 - س 44 ع 3 ص 572 ق 386 )

3- ان الغرامة التهديدية كما يدل عليه إسمها وتقتضيه طبيعتها هى - كالاكراه البدنى - ليس فيها أى معنى من المعانى الملحوظة فى العقوبة . كما أنه ليس فيها معنى التعويض عن الضرر وإنما الغرض منها هو اجبار المدين على تنفيذ التزامه على الوجه الأكمل ، وهى لا تدور مع الضرر وجودا وعدما ولا يعتبر التجاوز عنها فى ذاته تجاوزا بالضرورة عن ضرر حاصل أو تنازلا عن تعويض الضرر بعد استحقاقه خصوصا إذا اقتضى عدم التمسك بها دواعى العدالة أودوافع المصلحة كما أن ورودها فى القيود الدفترية الحسابية للمنشأة لا يغير من طبيعتها التهديدية لا التعويضية هذه ، وذلك للعلة المتقدمة ، ولأن من القيود الدفترية ما هو حسابات نظامية بحت لا تمثل ديونا حقيقية ، ومنها ما هو عن ديون تحت التسوية والمراجعة . وإذ كان ذلك ، وكانت الجريمة المسندة إلى المتهم هى الإضرار بمصالح الجهة صاحبة الحق فى التمسك بالغرامة التهديدية ، تعين ابتداء أن يثبت الحكم وقوع الضرر بما ينحسم به أمره ، لأنه لا يستفاد بقوة الأشياء من مجرد عدم التمسك بايقاع تلك الغرامة ، ولا يستفاد كذلك بإدراج مبلغها فى دفاتر المنشأة ، وذلك كله بفرض أن المتهم صاحب الشأن فى إيقاعها أوالتنازل عن التمسك بها .

( الطعن رقم 1275 لسنة 39 ق - جلسة 1969/10/13 - س 20 ع 3 ص 1056 ق 208 )

4- "مؤدى النص في المادة 213 من القانون المدني يدل على أن للدائن طلب الحكم بمبلغ معين عن كل يوم أو أية وحدة زمنية يتأخر فيها المدين عن تنفيذ التزامه وذلك إلى أن يقوم بالتنفيذ العينى أو إلى أن يمتنع نهائيا عن الإخلال بالالتزام، فالغرامة التهديدية ليست عقوبة على المدين من جهة وليست تعويضا للدائن من جهة أخرى وأن الحكم بها ليس حكما بالمعنى القانوني وإن اتخذ شكل الأحكام وإنما هو في حقيقته أمر لحث المدين على تنفيذ التزامه والضغط عليه عن طريق أثره النفسي عليه فهو لا يعدو أن يكون حكما تهديديا بتعويض مؤقت قابل للتغيير والتقدير طبقا للمادة 213 من القانون المدني ومن ثم فلا يجوز التنفيذ به جبرا على المدين. وإذ كانت طرق الطعن العادية وغير العادية المنصوص عليها في قانون المرافعات تتعلق بالطعن على الأحكام فإن الحكم الصادر بالغرامة التهديدية يكون غير جائز الطعن فيه بهذه الطرق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي الصادر بإلزام الطاعن والمطعون ضدهم من الثاني عشر حتى الأخير متضامنين بدفع غرامة تهديدية مقدارها مائة جنيه عن كل يوم من يوم صدور الحكم وحتى تمام التنفيذ، فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز". 

( الطعن رقم 2788 لسنة 67 ق - جلسة 16 / 12 / 2009 ) 

 

5- فنص في المادة 213  على أنه إذا كان تنفيذ الإلتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية إن امتنع عن ذلك، وإذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافياً لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعياً للزيادة. وظاهر من هذا النص أن الحكم الذي تناوله مغاير تماماً للنص الوارد في العقد خاصاً بالغرامة، كذلك النص في العقد على حق الإدارة المطلق في فسخه إذا أخل المورد بأي شرط من الشروط، لأن مثل هذا الشرط غير مألوف أيضاً في نطاق القانون الخاص ومغاير لأحكام الفسخ الواردة فيه والمبينة في المواد 157،158، 159، 160، 161 من القانون المدني، ويكفي احتواء العقد على شرط إستثنائي وأحد لإظهار نية الإدارة في الأخذ بأسلوب القانون العام وأحكامه، هذا إلى أنه واضح من الصورة التي تم على أساسها التعاقد في 10 من ديسمبر سنة 1956 أن القواعد الخاصة به قد وضعتها الهيئة من قبل وقام المتعاقد أن بدفع التأمين في 8 من ديسمبر سنة 1956 وكل ذلك من مقومات العقد الإداري غير المألوفة في مجال القانون الخاص ومن ثم يكون العقد موضوع الدعوى قد تكاملت له العناصر الثلاثة المشار إليها بإعتباره عقداً إدارياً مما يختص بنظره القضاء الإداري، ولا يقدح في هذا النظر استناد الإدارة في الإنذار المرسل منها إلى المطعون ضدهما إلى نصين واردين في القانون المدني وهما السابق الإشارة إليهما وذلك أن بعض القواعد والمبادئ العامة في القانون المدني مما لا تختلف فيه روابط القانون العام عن روابط القانون الخاص وبالتالي فليس ثمة ما يمنع من نقلها إلي نطاق القانون العام وإدماجها في القواعد الخاصة به، والنصان اللذان نقلتهما الإدارة من القانون الخاص، ليس فيهما أي تعارض مع النظام القانوني الذي تخضع له العقود الإدارية وتطور القانون الإداري وإن اتجه إلى الإستقلال بمبادئه وأحكامه إلا أن ذلك لا يعني قطع الصلة من غير مقتض بينه وبين القانون المدني.

 

( الطعن رقم 1889- لسنة 6 ق - جلسة 31/ 3/ 1962 - س 7 - ج 2 ص 527 )

شرح خبراء القانون

قد يتطلب التنفيذ العيني للالتزام التدخل الشخصي من المدين ، فإن امتنع عن التنفيذ جاز للدائن أن يستصدر ضده حكماً بإلزامه بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك ، وينص الحكم على استحقاقها عن كل يوم يتأخر فيه المدين عن تنفيذ إلتزامه أو عن كل أسبوع أو شهر أو أية فترة معينة من الزمن أو عن اخلال يرد على الالتزام إلى ان ينفذ المدين إلتزامه فلا يقدر مبلغاً يدفع مرة واحدة ، ويصدر الحكم المتضمن الغرامة بدون أسباب ، ولا يجوز تنفيذه قبل تصفية الغرامة بحكم يحدد قدرها نهائياً فللدائن أن يرجع بعد ذلك إلى المحكمة التى أصدرت الحكم لتفصل نهائياً فى المبلغ المقضي بكل منهما كغرامة تهديدية ، ويجوز للمحكمة أن تخفض هذا المبلغ أو تلغيه ولا يدخل فى النصاب من حيث جواز الاستئناف ، والحكم الصادر به لا يجوز تنفيذه قبل تحويل الغرامة لتعويض نهائي حتى لو كان صادراً من محكمة الاستئناف فالحكم بالغرامة التهديدية يعتبر حكماً مجازاً ، إذ لا تثبت له حجية الأمر المقضى ، فيجوز للمحكمة أن تعدل عنه أو تزيد من الغرامة أو تنقص منها حسبما يتضح لها من سلوك المدين بصدد تنفيذ إلتزامه ، أما الحكم الذى يصدر بعد ذلك بتحديد مبلغ التعويض المترتب على تعنت المدين فيحوز حجية الأمر المقضي متى انقضت مواعيد الطعن فيه (( م 214 مدنى )) ، ويجوز الحكم بالغرامة التهديدية ضد أى شخص سواء كان طبيعياً أو معنوياً كمصلحة حكومية أو هيئة عامة أو شركة ، كما يجوز للمدين رفع الدعوى وبإعفائه من الغرامة لتنفيذ التزامه فى الأجل الذى حددته المحكمة أو بعده بقليل لعذر مقبول ويتعين إلزامه بمصاريف الدعوى .

ويجب على المحكمة قبل أن تلزم المدين بالغرامة التهديدية أن تتحقق من توافر الشروط :

1- أن الإلتزام الذى امتنع المدين عن تنفيذه لم يزل ممكناً تنفيذه ، اما أن أصبح التنفيذ العينى مستحيلاً كهلاك العين المطلوب تسليمها أو أصابة الرسام بشلل يمنعه من الرسم أو قيام المدين بالعمل الذى حظر عليه ، ففي هذه الحالات وما شابهها يمتنع القضاء بالغرامة التهديدية لانتفاء محلها على أنه إذا قضى بها ثم قام المدين بتنفيذ التزامه عيناً فى الموعد الذى حددته المحكمة فلا تسرى الغرامة المقضى بها لأنها مشروطة بعدم التنفيذ .

2 - أن يكون التنفيذ العينى غير ممكن أو غير ملائم بدون تدخل المدين كما فى الالتزام بالقيام بعمل كالتزام المهندس بتقديم رسم هندسى او رسام بعمل لوحة  أو بالزام شخص بتقديم مستندات تحت يده أو بإلزام وكيل بتقديم حساب ولا يجوز فى هذه الحالات إكراه المدين على التدخل لما في ذلك من مساس بحريته الشخصية وهو غير جائز فلا يكون من سبيل إلا الغرامة التهديدية ، وكذلك يجوز اللجوء للغرامة التهديدية في الالتزام بالامتناع عن عمل ، كالتزام ممثل بعدم التمثيل في فرقة معينة أو التزام مهندس بعدم العمل بمصنع معين أو التزام تاجر بعدم فتح متجر خاص بتجارة معينة فى منطقة معينة ، ففى هذه الحالات يجوز اللجوء للغرامة التهديدية حتى يكف المدين عن اخلال بالتزامه .

أما أن تعلق الالتزام بنقل حق ملكية أو حق عينى آخر أو بدفع مبلغ من النقود ، فإن الغرامة التهديدية لا يكون لها محل ، ذلك لأن تنفيذ هذا الالتزام تنفيذاً عينياً يكون ممكناً بدون تدخل المدين على نحو ما أوضحناه بالمادتين 204 ، 205 وأن الغرامة التهديدية لا يقضى بها إذا كان التنفيذ الالتزام عيناً ممكناً بدون تدخل المدين.

3 - أن يطلب الدائن الحكم بالغرامة التهديدية ، ويخضع هذا الطلب ، متى توافر الشرطان السابقان ، لتقدير القاضى فقد يجيبه وقد يرفضه ، ويجوز إبداء هذا الطلب فى أية حالة كانت عليها الدعوى حتى أمام الاستئناف دون اعتبار ذلك طلباً جديداً ، ويجوز إبداء هذا الطلب أمام المحاكم المدنية والتجارية والجنائية بصدد إدعاء مدني ، وكذلك أمام قاضى الأمور المستعجلة لتنفيذ الحكم الوقتى الذى يصدره ، ولا يوجد ما يحول دون القضاء بالغرامة التهديدية في مسائل الأحوال الشخصية كالحضانة والطاعة بدلاً من التنفيذ القهري ، ويعتبر الحكم برفض توقيع الغرامة التهديدية قطعياً موضوعياً إذا بنى على عدم امكان تنفيذ التزام عيناً أو لكونه غير ملزم بالالتزام ، بينما يعد وقتياً إذا بنى على منح المدين مهلة ومن ثم يكون للدائن العودة الى طلبه متى انقضت المهلة .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 205)

تتلخص وسيلة التهديد المالى ، وفقاً للنصوص التى تقدم ذكرها ، فى أن القضاء يلزم المدين بتنفيذ التزامه عيناً فى خلال مدة معينة ، فإذا تأخر فى التنفيذ كان ملزماً بدفع غرامة تهديدية عن هذا التأخر ، مبلغاً معيناً عن كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو أية وحدة أخرى من الزمن ، أو عن كل مرة يأتى عملاً يخل بالتزامه ، وذلك إلى أن يقوم بالتنفيذ العينى أو إلى أن يمتنع نهائياً عن الإخلال بالالتزام ، ثم يرجع إلى القضاء فيما تراكم على المدين من الغرامات التهديدية ، ويجوز للقاضى أن يخفض هذه الغرامات أو أن يمحوها بتاتاً .

شروط الحكم بالتهديد المالى : يشترط فى الالتجاء إلى وسيلة التهديد المالي والحكم بغرامة تهديدية الشروط الآتية : 

(أولاً) أن يكون هناك التزام امتنع المدين عن تنفيذه مع أن تنفيذه العينى لا يزال ممكناً. 

(ثانياً) أن يكون التنفيذ العينى لهذا الالتزام يقتضى تدخل المدين الشخصى ، وإلا كان التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم .

(ثالثاً) أن يلجأ الدائن إلى المطالبة بتوقيع غرامة تهديدية على المدين كوسيلة غير مباشرة للتنفيذ العينى .

الشرط الأول – التزام امتنع المدين عن تنفيذه مع أن تنفيذه العينى لا يزال ممكناً : لابد أن يكون هناك التزام امتنع الدائن عن تنفيذه ، فإذا لم يوجد التزام فلا محل للتهديد المالى ، ومن ثم لا يجوز الالتجاء إلى التهديد المالى لإجبار المدعى عليه على الحضور إلى المحكمة ، فإنه غير ملزم بالحضور ، وقد نظم تقنين المرافعات ما يترتب على غيابه من نتائج.

ولابد أن يكون الالتزام لا يزال ممكناً تنفيذه عيناً ، أما إذا أصبح تنفيذه العينى مستحيلاً ، كأن هلك الشئ المطلوب تسليمه أو أتى المدين العمل الذى التزم بالامتناع عنه ولم يعد فى الاستطاعة الرجوع فى ذلك ، فلا محل للالتجاء إلى التهديد المالى ، فإن الالتجاء إلى هذا الطريق إنما هو تهديد للمدين حتى يقوم بالتنفيذ.

الشرط الثانى - تدخل المدين ضرورى وإلا كان التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم : ويشرط ثانياً أن يكون تدخل المدين الشخصى ضرورياً لتنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً ، بحيث إن هذا التنفيذ يصبح من غير تدخل المدين غير ممكن أو غير ملائم ، ونستعرض من هذه الناحية الالتزام بنقل الملكية والالتزام بالعمل والالتزام بالامتناع عن العمل .

ففى الالتزام بنقل الملكية إذا كان محل الالتزام عيناً معينة ، انتقلت ملكيتها بحكم القانون إلى الدائن كما رأينا ، فأصبح الالتزام منفذاً ولا حاجة للتهديد المالى ، كذلك إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود فلا حاجة فى تنفيذ هذا الالتزام إلى تهديد مالى ، لأن تنفيذه عيناً دون تدخل المدين ممكن عن طريق الحجز على أموال  المدين .

والالتزام بعمل هو الميدان الذى يتسع عادة للتهديد المالى ففي نطاق المعاملات المدنية حيث يكون التنفيذ العينى للالتزام دون تدخل المدين غير ممكن أو غير ملائم ، يجوز الالتجاء إلى التهديد المالى ، كما هو الأمر فى الالتزام بتقديم حساب ، وفى الالتزام بتقديم مستندات ، وفى الالتزام بالقيام بعمل فنى كغناء أو تمثيل أو تصوير .

وفى الالتزام بالامتناع عن عمل قد يكون الإخلال بالالتزام من شأنه أن يجعل التعويض العينى مستحيلاً ، فلا يكون هناك محل للتهديد المالى ، مثل ذلك أن يفشى الطبيب أو المحامى سر المهنة ، فيتعين فى هذه الحالة الاقتصار على الحكم بالتعويض .

الشرط الثالث - التجاء الدائن إلى المطالبة بالتهديد المالى : والرأي الراجع أنه يجب أن يطالب الدائن بالتهديد المالى ، فلا يجوز أن تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بغرامة تهديدية على المدين إذا لم يطلب الدائن منها ذلك علي أن هناك رأياً يذهب إلى جواز أن تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بالغرامة التهديدية إذا وجدت أن شروطها متوافرة .

ومهما يكن من أمر ، فللدائن أن يطلب الحكم بالغرامة التهديدية فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، بل ويجوز له أن يطلب ذلك لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، ولا يعتبر هذا الطلب جديداً.

وللمحكمة ، إذا طلب الدائن منها الحكم بغرامة تهديدية ، سلطة التدبير فى أن تجيبه إلى هذا الطلب أو ألا تجيبه إليه ، وهذا على فرض أن شروط التهديد المالي متوافرة .

مميزات الحكم بالتهديد المالي : ويمكن الآن أن نستخلص مميزات الحكم بالتهديد المالى ، فهى ثلاثة :

(أولاً) يقدر التهديد المالى عن كل وحدة من الزمن يتأخر فيها المدين عن تنفيذ التزامه ، أو عن كل مرة يخل فيها بالتزامه ، ولا يقدر مبلغاً مجمداً دفعة واحدة. .

(ثانياً) التهديد المالى تحكمى ( arbitraire ) ، لا مقياس له إلا القدر الذى يرى القاضى أنه منتج فى تحقيق غايته ، وهى إخضاع المدين وحمله على أن يقوم بتنفيذ التزامه عيناً .

(ثالثاً) التهديد المالي حكم وقتي وتهديدي ويترتب على ذلك ما يأتي :

(1) الحكم بالتهديد المالى لا يكون نهائياً واجب التنفيذ ، حتى لو صدر من محكمة آخر درجة ، أو كان الحكم الأصلى مشمولاً بالنفاذ المعجل ، بل يبقى الحكم معلقاً على رأس المدين ، مهدداً له ليحمله على تنفيذ التزامه ، ولا يجوز تنفيذه إلا إذا تحول إلى تعويض نهائي كما سيأتى .

(2) ما دام المدين لم يخط خطوته الحاسمة فى تنفيذ الالتزام أو فى الإصرار على عدم تنفيذه ، فإن مصير الحكم بالتهديد المالى يبقى غير مبتوت فيه ، فلا يطلب من المدين مثلاً أن يدمج الغرامة التهديدية فى عرض حقيقى للمدين المترتب فى ذمته ، ولا تدخل هذه الغرامة ضمن الطلب الأصلى لتقدير قيمة الدعوى من حيث النصاب الجائز استئنافه .

(3) لا يجوز الحكم بالتهديد المالى حجية الأمر المقضى ، لأنه حكم وقتى تهديدى كما قدمنا. 

(4) الحكم بالتهديد المالى لا يكون قابلاً للطعن فيه بطريق النقض ، حتى لو صدر من محكمة آخر درجة.

طبيعة الحكم بالتهديد المالى : تبين مما قدمناه أن الغرامة التهديدية ليست تعويضاً فهى لا تقاس بمقياس الضرر ولا تتوقف عليه إطلاقاً ، وإذا حكم القاضى بغرامة تهديدية لا يسبب حكمه بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبيب .

وإنما الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين والتغلب على عناده حتى يحمل على تنفيذ التزامه ، فهى إذن وسيلة من وسائل التنفيذ العيني الجبري .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/  الثاني المجلد : الثاني ، الصفحة : 1057)

ذكرنا سلفا أن التنفيذ العيني للالتزام بعمل لا يمكن اقتضائه جبراً على المدين إذا كان هذا التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه ، فعندئذ يقتصر حق الدائن على المطالبة بالتعويض ، ومع هذا نصت المادة (213) على وسيلة للضغط بها على إرادة المدين لعله ينفذ الالتزام عيناً ، هذه الوسيلة تسمى الغرامة التهديدية أو التهديد المالي فمثلاً لو امتنع ممثل عن التمثيل في المسرح المتعاقد معه ، أو لو امتنعت شركة الكهرباء عن مد أحد المشتركين بالتيار الكهربائي ، كان للمحكمة أن تقضي بإلزام الممثل بالتمثيل وإلزام الشركة بتوريد الكهرباء ، وأن تضيف الحكم بإلزام المدين بدفع مبلغ من النقود عن كل يوم أو شهر يتأخر فيه عن التنفيذ وإلى حين قيامه بالتنفيذ ، وغالباً ما يذعن المدين لأمر المحكمة تحت هذا التهديد فيقوم بالتنفيذ ، ذلك أن مقدار الغرامة يفوق بشكل كبير في العادة قيمة الضرر الذي يسببه التأخير للدائن .

شروط الحكم بالغرامة التهديدية :

سلطة القاضي في الحكم بالغرامة التهديدية :

خصائص الحكم بالغرامة التهديدية :

أثر الحكم بالغرامة التهديدية ومصيره : (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث ، الصفحة : 383)

وفي بعض الأحوال يجوز للدائن أن يضغط على إرادة المدين من طريق الإكراه البدني أو من طريق الإكراه المالى لحمله على التنفيذ العيني (المادة 213).

وفي جميع الأحوال التي يجد فيها الدائن نفسه مضطراً إلى الالتجاء الى طلبة التنفيذ القهري في أي صورة من صوره ، يتعين عليه أن يمهد لذلك بإعذار المدين للوفاء ، حتى لا يؤخذ المدين بالتنفيذ القهري على غرة ، وحتى يقطع على المدين سبيل الادعاء بأنه كان على استعداد التنفيذ لو أن الدائن طلبه منه وحتى يحمله بذلك تبعة الالتجاء الى التنفيذ القهري .

تقدم أنه في الأحوال التي يكون فيها تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً يقتضى تدخلاً شخصياً من المدين لا يجوز التنفيذ العيني القهري المباشر به أن إجبار المدين على أداء العمل المطلوب منه يكون غير ممكن أو غير منتج أو فيه حجر على حريته الشخصية فيتعين حينئذ إذا أريد الحصول على التنفيذ العيني - طالما أنه لا يزال ممكناً برضا المدين - أن يتوصل الى ذلك بالضغط على ارادة المدين من طريق الإكراه البدني في الحالات المحدودة التي تقدمت الاشارة إليها أو من طريق الحكم عليه بغرامة تهديدية عن كل فترة يتأخر فيها عن الوفاء بالتزامه.

غير أن الإلتجاء إلى الإكراه المالي كوسيلة غير مباشرة للوصول إلى التنفيذ العيني أكثر وقوعاً في العمل لأن أحواله ليست محدودة بنص القانون كما هو شأن الإكراه البدني ، فيجوز الإلتجاء إليه مثلاً في حمل المدين على أداء التزام بتقديم حساب أو بتقديم مستندات أو بتسليم أولاد أو بالقيام بعمل فني كالتدريب أو الرسم أو التمثيل …. إلخ .

ويكون الاكراه المالي باستصدار أمر من المحكمة الى المدين المحتشم بأن يقوم بالأداء خلال أجل معين ، مع الزامه ، أن لم يمتثل ، بدفع غرامة محددة عن كل فترة معينة تمر منذ انقضاء ذلك الأجل حتى تمام التنفيذ ، فإذا ما نفذ المدين التزامه ، راجع القضاء فيما تراكم عليه من الغرامة ، وجاز للقاضي أن يخفضة إلى القدر المناسب أو يعفيه منه إعفاءً تاماً ، أما اذا لم تجد الغرامة المحكوم بها في حمل المدين على التنفيذ ، جاز للقاضي أن يزيد مبلغ الغرامة لعله بذلك يستطيع أن يكسر عناد المدين.

وهكذا يبين أن الإكراه المالي ينقضي بصدور حكم مؤقت من القاضي و إلزام المدين الممتنع بمبلغ من المال عن كل فترة زمنية يستمر فيها امتناعه ( كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر إلخ ) أملاً في أن تؤدي هذه الغرامة التي تتعاظم بقدر مدة امتناع المدين الى الضغط على ارادة هذا الأخير وحمله على التنفيذ الإرادي ، ويراعى في تحديد هذا المبلغ أن يكون كبير يفوق ما ينشأ عن تأخير التنفيذ من الضرر حتى يحدث أثره في اكران الدين على التنفيذ ، فإذا ما انقضت مدة كافية لتكشف موقف المدين النهائي من التنفيذ أو عدمه ، سواء نفذ التزامه تحت تأثير الاكراه المالى أو أصر نهائياً على عدم التنفيذ ، اقتضى الأمر إصدار حكم قطعي بتقدير المبلغ الذي يلزم به المدين نهائياً تعويضاً للدائن عن عدم الوفاء أو عن التأخير في الوفاء ، وسنرى أن هذا التحديد النهائي للتعويض لا يقتصر فيه على قدر الضرر الذي نشأ عن عدم التنفيذ أو عن التأخير فيه بل يراعى فيه أيضا جسامة الخطأ الذي وقع من المدين المتعنت و مقدار موارده.

ويعتبر القدر الذي يجاوز قيمة الضرر بمثابة عقوبة خاصة توقع على الدين لصالح الدائن .

يؤخذ من نص المادة 213 فقرة أولى أنه يلزم في الحكم بالغرامة التهديدية ثلاثة شروط هي : 

(1) أن يكون التنفيذ العيني للالتزام لا يزال ممكناً ، (2) وأن يكون من الضروري أن يقوم به المدين نفسه ، (3) وأن يطلب الدائن الحكم بإلزام الدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك.

أما الشرط الأول فهو شرط بديهي افترض النص توافره ، اذ لا يتصور أن ينظم المشرع الحكم بإلزام المدين بالتنفيذ ، وبدفع غرامة تهديدية إن امتنع عن ذلك إلا حيث يكون التنفيذ الذي تحكم المحكمة به ممكناً ، أما إذا كان التنفيذ قد صار مستحيلاً ولو بخطأ المدين ، فسيجئ أن الاستحالة تقضي الالتزام ، ولا يكون ثمة محل لأن تحكم المحكمة بالزام المدين بالتنفيذ ، ولا بتهديده بتوقيع الغرامة عليه أن امتنع عنه فاذا ملك محل الالتزام أو صار الالتزام بنقل الملكية الى المشتري مستحيلاً بسبب نقل البائع إياها الى مشتر آخر ، فلا يكون ثمة محل لطلب الزام الدين بالتنفيذ العينى وبالتالي لا محل للإكراه المالي .

والشرط الثاني يقصد به أن يكون الالتزام غير ممكن تنفيذه دون إرادة المدين أو ممكنا ولكنه غير ملائم ، و هو يكون غير ملائم إذا كان اکرام الدين عليه لا يحقق الغرض المقصود منه أو كان فيه حجر على حرية المدين ، وكان يصطدم مع الشعور العام للمجتمع كما في تنفيذ التزام الممثل بالامتناع عن التمثيل على خشبة مسرح معین.

فإذا أمكن التنفيذ العيني دون إرادة المدين ولم يكن فيه حجر على حريته ، وكان ذلك يكفي لتحقق الغرض المقصود ، تعيين الالتجاء إلى التنفيذ العيني القهري المباشر دون حاجة الى الالتجاء الى الإكراه المالي ، ويكون الأمر كذلك في الالتزام بنقل ملكية مال معين بالذات و مملوك للمدين ، وفي الالتزام بمبلغ من النقود ، و في الالتزام بعمل لا يشترط أن يقوم به المدين بنفسه ، أما في الالتزام بعمل مما لا يمكن أو لا يفيد أن يقوم به غير المدين على نفقة المدين كالالتزام بتقديم مستندات أو أشياء في حيازة المدين ولا يمكن الوصول إليها دون إرادته ، والالتزام بإدارة عمل فني ليس من السهل وجود من يجيده كالمدين ، فيجوز الالتجاء الى الإكراه المالي ، وفي الالتزام بالامتناع عن عمل فإن التنفيذ العيني لا يتطلب عملاً من المدين وبالتالى فلا محل للتوصل اليه بالاكراه المالي ، غير أنه متى أخل المدين بهذا الالتزام وكان التعويض العيني ممكناً بإزالة المخالفة ، فإن التزام المدين بهذه الازالة يكون التزاماً بعمل ويمكن الالتجاء في تنفيذه تنفيذاً عينياً إلى طريقة الإكراه المالي إذا كانت إزالة المخالفة أو الكف عنها غير ممكنة بدون إرادة المدين كما في التزام الممثل بألا يمثل لحسابه شركة معينة ، والتزام مدير الشركة بألا يتولى ادارة شركة أخرى .

والشرط الثالث : وهو ضرورة طلب الدائن الحكم بالغرامة التهديدية ، محل خلاف في القانون الفرنسي ، وكان محل خلاف أيضاً في ظل التقنين المصري الملغى حيث كان البعض يشترطون هذا الشرط - وكان رأيهم هو الراجح - والبعض الآخر يرون أنه يجوز للمحكمة أن تحكم بالغرامة التهديدية من تلقاء نفسها .

وقد حسم التقنين المصري الحالي هذا الخلاف اذ نص في المادة 213 فقرة أولى على أنه يجوز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك ، فدل على أنه يعتبر الالتجاء الى الغرامة التهديدية رخصة الدائن ، فلا يجوز للمحكمة أن تلجأ إلى ذلك من تلقاء نفسها ، ويجوز للدائن أن يستعمل هذه الرخصة في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة في الاستئناف ولا يعتبر هذا الطلب طلباً جديداً في الاستئناف.

غير أن إستعمال الدائن هذه الرخصة مقید بتوافر الشرطين السابقين ، واجابة طلبه متروكة لتقدير المحكمة دون رقابة عليها في ذلك المحكمة النقض ، ما لم يكن رفض الطلب مستندا إلى عدم توافر شروطه القانونية ، فيخضع حينئذ لرقابة محكمة النقض .

ويجوز صدور الحكم بالتهديد المالي من أية محكمة سواء كانت مدنية أو تجارية أو جنائية ، بل يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يحكم بالتهديد المالي بهدف الوصول الى تنفيذ حكم مؤقت صادر من القضاء المستعجل .

ويجوز صدور حكم بالتهديد المالي ضد أي شخص ملتزم بأداء عمل و ممتنع عن أدائه ، سواء كان فرداً عادياً ، أو شخصاً معنوياً خاصاً أو عاماً ، وكان مجلس الدولة في فرنسا إلى عهد قريب لا يقبل الحكم بالغرامات التهديدية على الجهات الإدارية والهيئات العامة بإعتبار ذلك مخالفاً لمبدأ الفصل بين السلطات ، أما  المحاكم العادية فكانت منقسمة في هذا الشأن وكان الراجح لديها أنه يجوز لها الحكم بالإكراه المالي على الجهة الإدارية للحصول على تنفيذ أمر صدر به حكم قضائى ، وقد حسم هذا الخلاف فيما يتعلق بمجلس الدولة قانون 16 يوليه 1980 الذي نصت المادة 2 منه على أنه لمجلس الدولة في حالة امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ حكم صادر من محكمة قضاء اداري أن يحكم على أشخاص القانون العام المعنوية بالغرامات التهديدية لحملها على تنفيذ حكم المحكمة الإدارية الصادر ضدها ، وقياساً على ذلك من باب أولى يجري الفقة الحديث على أنه يجوز للمحكمة العادية أن تحكم بالغر امه التهديدية على أشخاص القانون العام المعنوية لحملها على تنفيذ حكم صادر من المحاكم العادية .

خصائص الحكم بالغرامة التهديدية :

يتميز الحكم بالغرامة التهديدية بالخصائص الآتية :

(1) أنه وسيلة غير مباشرة للحصول على التنفيذ العيني ، فالحكم بالغرامة ليس غرضاً في ذاته وإنما هو وسيلة لإكراه المدين على التنفيذ العيني وهو لذلك يجب أن يتضمن الزام المدين بالتنفيذ العيني مع تحديد أجل يتم فيه التنفيذ وإلا سرت عليه الغرامة المحكوم بها ، وتسري الغرامة المذكورة من يوم إعلان المدين بحكم التهديد المالي ، فان حدد الحكم للمدين أجلاً يقوم فيه بالتنفيذ ، فلا تسري عليه الغرامة المالية الا من وقت انقضاء الأجل المحدد في الحكم بعد إعلان الحكم إليه .

(2) أن الغرامة التي يحكم بها ليست تعويضا عن ضرر وقع ، بل هي وسيلة لتوقي ضرر مستقبل من طريق حمل الدين على تنفيذ التزامه .

ويتفرع على ذلك أن تقدير الغرامة لا يراعى فيه أن يكون متناسب مع الضرر الذي يحتمل وقوعه مستقبلاً بسبب عدم التنفيذ ، بل يراعي فيه أن يكون كافياً لحمل المدين على الوفاء ، فلا يتقيد القاضي في ذاك بقواعد تقدير التعويض بل يكون له فيه بسلطة تحكمية فينظر في تحديدها إلى موارد الدين وإلى ما يقدره كافياً للضغط على إرادته حتى يحمله على القيام بالتنفيذ - ولأن الغرض من هذه الغرامة من المدين من الاستمرار في عدم الوفاء ، كان من المتعين تقديرها والحكم بها عن كل فترة معينة يستمر فيها تأخر الدين في الوفاء عن الأجل الذي عين له ، كأن تكون الغرامة عن كل يوم أو عن كل أسبوع أو عن كل شهر يمضي على المدين دون تنفيذ التزامه .

3- أن الحكم بالغرامة التهديدية حكم وقتي تهديدي ويترتب على أن هذا الحكم وقتى أنه لا يجوز حجية الأمر المقضى ولو صار انتهائياً بفوات مواعيد الطعن فيه ، فيجوز للمدين أن يطلب إعفاءه من الغرامة أو خفضها الى القدر المناسب ، ولا يعترض عليه في ذلك بأن الحكم صار انتهائياً ولا يجوز نظر موضوعه من جديد ، وكذلك يجوز للدائن إذا لم يمتثل المدين في وقت قريب أن يطلب الى المحكمة زيادة الغرامة التهديدية بالقدر الذي يكفي للتغلب على عناد المدين ( المادة 213 فقرة ثانية ) ، ولا يعترض عليه في ذلك بحجية الأمر المقضى .

ويترتب على أن هذا الحكم تهديدي أنه لا يعتبر سنداً تنفيذياً يخول الدائن أن يباشر التنفيذ على أموال المدين بالمبالغ المحكوم بها على سبيل التهديد ، وإنما يتعين على الدائن أن يلجأ إلى المحكمة مرة أخرى بعد أن يتكتف موقف المدين من التنفيذ الذي أمرت به لكي يحصل منها على حكم قطعي بتصفية قيمة الغرامة التهديدية في ضوء مسلك المدين ، ويكون هذا الحكم القطعي هو السند الصالح للتنفيذ .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس ، الصفحة : 73)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة ۲۲۷)

١- اذا كان تنفيذ الالتزام عيناً غیر ممکن او غير ملائم الا اذا قام به المدين نفسه ، جاز للدائن أن يحصل على حكم بالزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك .

٢- واذا رأی القاضى آن مقدار الغرامة ليس كافياً لإكراه المدين الممتنع عن التنفيد ، جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأی داعياً الزيادة •

٣- واذا تم التنفيذ العينى أو أصر المدين على رفض التنفيد ، حدد القاضي مقدار التعويض الذي يلزم به المدين مراعياً في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين •

هذه المادة تطابق المادتين ۲۱۳ و 214 من التقنين الحالي ، حيث رؤی ادماجها في مادة واحدة

و تطابق المادة ۲۹۲ من التقنين الكويتي "

وتطابق المادتين 253 و 254 من التقنين العراقي فالأولى تنص على انه . اذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن او غير ملائم الا اذا قام به المدين نفسه وامتنع المدين عن التنفيذ جاز للمحكمة بناء على طلب الدائن أن تصدر قرارا بالزام المدين بهذه التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن بقي ممتنعا عن ذلك ، والثانية تنص على أنه « اذا تم التنفيذ العين أو أصر المدين على رفض التنفيذ حددت المحكمة نهائيا مقدار التعويض الذي يلزم به المدين مراعية في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين ،.

وما يقضي به النص المقترح من اعتداد القاضي في تقدير التعويض بالضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين انما يستند إلى القاعدة الشرعية التي تقرر أن الضرورات تقدر بقدرها وأن الضرر يدفع بقدر الامكان (م ۲۲ و 31 من المجلة).

 

مجلة الأحكام العدلية

مادة (22) تقدير الضرورات 
الضرورات تقدر بقدرها. 
مادة (31) دفع الضرر 
الضرر يدفع بقدر الإمكان.