loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني ، الصفحة : 539

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - لعل أهم ما عيب على نظام الغرامات التهديدية ، في وضعه الراهن ، أنه لا يستند إلى نص من نصوص التشريع ، بل هو وليد اجتهاد القضاء ، وقد قصيد المشروع إلى تدارك هذا العيب فأورد هذه المواد الثلاث ، باعتبارها سنداً تشريعياً يركن إليه عند التطبيق ، وهي بعد ليست إلا تقنيناً لما جرى عليه القضاء من قبل .

2 - وتسري قواعد الغرامات التهديدية على كل التزام بعمل أو بامتناع عن عمل ، أياً كان مصدره ، متى كان الوفاء به عينة لا يزال في حدود الإمكان ، وكان هذا الوفاء يقتضي تدخل المدين نفسه ، والغرامة التهديدية مي مبلغ من المال يقضى إلزام المدين بأدائه عن كل يوم أو أسبوع أو شهر أو أية فترة معينة من الزمن ، أو عن كل إخلال يرد على الالتزام ، ويقصد من هذه الغرامة إلى التغلب على مانعة المدين المتخلف ، ولهذا أجيز للقاضي أن يزيد فها إزاء تلك المانعة ، كلما آنس أن ذلك أكفل بتحقيق الغرض المقصود .

3 - بيد أن الحكم الصادر بالغرامة التهديدية حكم موقوت ، تنتفي علة قيامه متى اتخذ المدين موقفاً نهائياً منه ، إما بوفائه بالإلتزام وإما بإصراره على التخلف ، فإذا استبان هذا الموقف ، وجب على القاضي أن يعيد النظر في حكمه ليفصل في موضوع الخصومة ، فإن كان المدين قد أوفي بالتزامه حط عنه الغرامة ، إزاء استجابته لما أمر به ، وإلزامه بتعويض عن التأخر لا أكثر، وإن أصر الدين على عناده نهائياً ، قدر التعويض الواجب عن الضرر الناشئ عن عدم الوفاء ، ولكن ينبغي أن يراعى في هذا التقدير ما يكون من أمر مانعة المدين تعنتاً باعتبار هذه المانعة عنصراً أدبياً من عناصر احتساب التعويض ، وفي هذا النطاق يتمثل لب نظام الغرامات المالية ومعقل القوة فيه.

4 - ويتضح ما تقدم أن الغرامة التهديدية ليست ضرباً من ضروب التعويض وإنما هي طريق من طرق التنفيذ رسمها القانون ، وقصر نطاق تطبيقها على الالتزامات التي يقتضي الوفاء بها تدخل المدين بنفسه.

المشروع في لجنة المراجعة

 تليت المادة 292 من المشروع فأقرتها اللجنة على أصلها .

وسأل أحد الأعضاء هل الحكم بالغرامة التهديدية يكون قابلاً للتنفيذ إذا كان صادر من محكمة آخر درجة أو كان الحكم الأصلي مشمولاً بالنفاذ المعجل ؟ وبعد المناقشة استقر رأي اللجنة على أن الحكم بالغرامة التهديدية لا يكون قابلاً للتنفيذ إلا بعد أن يحدد القاضي نهائية قيمة التعويض طبقاً للمادة 292 وأن فائدة الحكم بالغرامة التهديدية بالنسبة إلى الحكم بالتعويض العادي تنحصر في أن التحديد النهائي للتعويض في حالة الغرامة التهديدية يلحظ فيه التعنت الذي يبدو من المدين هذا إلى أنه إذا أصر المدين على رفض التنفيذ ، فيكون هذا كافياً ليحدد القاضي نهائياً مقدار التعويض.

وأصبح رقم المادة 221 في المشروع النهائي بعد حذف كلمة ، نهائياً.

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل ، تحت رقم 221 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة بعد إستبدال عبارة العنت بعبارة و التعنت ، وأصبح رقمها 214.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .

شرح خبراء القانون

وقد نصت المادة 214 كما رأينا على أنه " إذا تم التنفيذ العينى أو أصر المدين على رفض التنفيذ ، حدد القاضى مقدار التعويض الذي يلزم به المدين ، مراعياً فى ذلك الضرر الذى أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين ".

تلخص وسيلة التهديد المالى ، وفقاً للنصوص التى تقدم ذكرها ، فى أن القضاء يلزم المدين بتنفيذ التزامه عيناً فى خلال مدة معينة ، فإذا تأخر فى التنفيذ كان ملزماً بدفع غرامة تهديدية عن هذا التأخر ، مبلغاً معيناً عن كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو أية وحدة أخرى من الزمن ، أو عن كل مرة يأتى عملاً يخل بالتزامه ، وذلك إلى أن يقوم بالتنفيذ العينى أو إلى أن يمتنع نهائياً عن الإخلال بالالتزام ، ثم يرجع إلى القضاء فيما تراكم على المدين من الغرامات التهديدية ، ويجوز للقاضى أن يخفض هذه الغرامات أو أن يمحوها بتاتاً.

شروط الحكم بالتهديد المالى : يشترط فى الالتجاء إلى وسيلة التهديد المالي والحكم بغرامة تهديدية الشروط الآتية :

(أولاً) أن يكون هناك التزام امتنع المدين عن تنفيذه مع أن تنفيذه العينى لا يزال ممكناً.

(ثانياً ) أن يكون التنفيذ العينى لهذا الالتزام يقتضى تدخل المدين الشخصى ، وإلا كان التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم .

(ثالثاً) أن يلجأ الدائن إلى المطالبة بتوقيع غرامة تهديدية على المدين كوسيلة غير مباشرة للتنفيذ العينى .

الشرط الأول – التزام امتنع المدين عن تنفيذه مع أن تنفيذه العينى لا يزال ممكناً : لابد أن يكون هناك التزام امتنع الدائن عن تنفيذه ، فإذا لم يوجد التزام فلا محل للتهديد المالى ، ومن ثم لا يجوز الالتجاء إلى التهديد المالى لإجبار المدعى عليه على الحضور إلى المحكمة ، فإنه غير ملزم بالحضور ، وقد نظم تقنين المرافعات ما يترتب على غيابه من نتائج.

ولابد أن يكون الالتزام لا يزال ممكناً تنفيذه عيناً ، أما إذا أصبح تنفيذه العينى مستحيلاً ، كأن هلك الشئ المطلوب تسليمه أو أتى المدين العمل الذى التزم بالامتناع عنه ولم يعد فى الإستطاعة الرجوع في ذلك ، فلا محل للإلتجاء إلى التهديد المالي ، فإن الالتجاء إلى هذا الطريق إنما هو تهديد للمدين حتى يقوم بالتنفيذ .

الشرط الثانى – تدخل المدين ضرورى وإلا كان التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم : ويشرط ثانياً أن يكون تدخل المدين الشخصى ضرورياً لتنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً ، بحيث إن هذا التنفيذ يصبح من غير تدخل المدين غير ممكن أو غير ملائم ، ونستعرض من هذه الناحية الالتزام بنقل الملكية والالتزام بالعمل والالتزام بالامتناع عن العمل .

ففى الالتزام بنقل الملكية إذا كان محل الالتزام عيناً معينة ، انتقلت ملكيتها بحكم القانون إلى الدائن كما رأينا ، فأصبح الالتزام منفذاً ولا حاجة للتهديد المالى ، كذلك إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود فلا حاجة فى تنفيذ هذا الالتزام إلى تهديد مالى ، لأن تنفيذه عيناً دون تدخل المدين ممكن عن طريق الحجز على أموال  المدين .

والالتزام بعمل هو الميدان الذي يتسع عادة للتهديد المالى ففي نطاق المعاملات المدنية حيث يكون التنفيذ العينى للالتزام دون تدخل المدين غير ممكن أو غير ملائم ، يجوز الالتجاء إلى التهديد المالى ، كما هو الأمر فى الالتزام بتقديم حساب ، وفى الالتزام بتقديم مستندات ، وفى الالتزام بالقيام بعمل فنى كغناء أو تمثيل أو تصوير .

وفى الالتزام بالامتناع عن عمل قد يكون الإخلال بالالتزام من شأنه أن يجعل التعويض العينى مستحيلاً ، فلا يكون هناك محل للتهديد المالى ، مثل ذلك أن يفشى الطبيب أو المحامى سر المهنة ، فيتعين فى هذه الحالة الاقتصار على الحكم بالتعويض .

الشرط الثالث - التجاء الدائن إلى المطالبة بالتهديد المالى : والرأي الراجع أنه يجب أن يطالب الدائن بالتهديد المالى ، فلا يجوز أن تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بغرامة تهديدية على المدين إذا لم يطلب الدائن منها ذلك ، على أن هناك رأياً يذهب إلى جواز أن تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بالغرامة التهديدية إذا وجدت أن شروطها متوافرة.

ومهما يكن من أمر ، فللدائن أن يطلب الحكم بالغرامة التهديدية فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، بل ويجوز له أن يطلب ذلك لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، ولا يعتبر هذا الطلب جديداً.

وللمحكمة ، إذا طلب الدائن منها الحكم بغرامة تهديدية ، سلطة التدبير فى أن تجيبه إلى هذا الطلب أو ألا تجيبه إليه ، وهذا على فرض أن شروط التهديد المالي متوافرة .

 مميزات الحكم بالتهديد المالى : ويمكن الآن أن نستخلص مميزات الحكم بالتهديد المالى ، فهى ثلاثة :

 أولاً : يقدر التهديد المالى عن كل وحدة من الزمن يتأخر فيها المدين عن تنفيذ التزامه ، أو عن كل مرة يخل فيها بالتزامه ، ولا يقدر مبلغاً مجمداً دفعة واحدة.

 ثانياً :  التهديد المالى تحكمي ، لا مقياس له إلا القدر الذى يرى القاضى أنه منتج فى تحقيق غايته ، وهى إخضاع المدين وحمله على أن يقوم بتنفيذ التزامه عيناً .

 ثالثاً : التهديد المالى حكم وقتى وتهديدي ، ويترتب على ذلك ما يأتي :

(1) الحكم بالتهديد المالى لا يكون نهائياً واجب التنفيذ ، حتى لو صدر من محكمة آخر درجة ، أو كان الحكم الأصلى مشمولاً بالنفاذ المعجل ، بل يبقى الحكم معلقاً على رأس المدين ، مهدداً له ليحمله على تنفيذ التزامه ، ولا يجوز تنفيذه إلا إذا تحول إلى تعويض نهائي كما سيأتى .

(2) ما دام المدين لم يخط خطوته الحاسمة فى تنفيذ الالتزام أو فى الإصرار على عدم تنفيذه ، فإن مصير الحكم بالتهديد المالى يبقى غير مبتوت فيه ، فلا يطلب من المدين مثلاً أن يدمج الغرامة التهديدية فى عرض حقيقي للمدين المترتب فى ذمته ، ولا تدخل هذه الغرامة ضمن الطلب الأصلى لتقدير قيمة الدعوى من حيث النصاب الجائز استئنافه .

(3) لا يجوز الحكم بالتهديد المالى حجية الأمر المقضى ، لأنه حكم وقتى تهديدى كما قدمنا .

(4) الحكم بالتهديد المالى لا يكون قابلاً للطعن فيه بطريق النقض ، حتى لو صدر من محكمة آخر درجة.

طبيعة الحكم بالتهديد المالى : تبين مما قدمناه أن الغرامة التهديدية ليست تعويضاً فهى لا تقاس بمقياس الضرر ولا تتوقف عليه إطلاقاً ، وإذا حكم القاضى بغرامة تهديدية لا يسبب حكمه بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبيب .

وإنما الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين والتغلب على عناده حتى يحمل على تنفيذ التزامه ، فهى إذن وسيلة من وسائل التنفيذ العيني الجبري.

تحويل الغرامة التهديدية إلى تعويض نهائي :

ويستخلص من هذا النص أنه لما كانت الغرامة التهديدية قد استنفدت أغراضها ، لم يعد بد من تحويلها إلى تعويض نهائي ، فيجب إذن أن يلجأ الدائن إلى محكمة الموضوع طالباً تصفية الغرامة التهديدية والحكم على المدين بتعويض نهائي يستطيع أن ينفذ به على أمواله ، فقد رأينا أن الغرامة التهديدية لا يستطيع أن ينفذ بها .

وعناصر التعويض النهائى هى نفس عناصر التعويض العادي : ما أصاب الدائن من ضرر وما فاته من نفع من جراء عدم التنفيذ إذا كان المدين قد أصر على عدم التنفيذ ، أو من جراء التأخير فى التنفيذ إذا كان المدين قد رجع عن عناده وقام بتنفيذ التزامه.

على أن هناك عنصراً جديداً - وهو العنصر البارز فى التعويض الذى يعقب التهديد المالى ، بل هو العنصر الذى يخرج التعويض عن معناه المألوف إلى المعنى الذى يتفق مع فكرة التهديد المالى – يجب أن يدخله القاضى فى حسابه عند تقدير التعويض النهائى ، هذا العنصر هو العنت الذي بدأ من المدين ، فيستطيع القاضي أن يزيد في التعويض فى مقابل الضرر الأدبى الذى أصاب الدائن من جراء عناد المدين وتعنته وإصراره على عدم تنفيذ التزامه أو تأخره المتعمد فى هذا التنفيذ .

ويجب على القاضى فى جميع الأحوال ، عند تحويل التهديد المالي إلى تعويض نهائي ، أن يسبب حكمه وأن يبين فى الأسباب أن التعويض قد قيس بمقياس الضرر الذي أصاب الدائن ، وقد كان الحكم القاضى على المدين بدفع غرامة تهديدية غير مسبب كما سبق القول.

فإذا أصبح التنفيذ العينى للالتزام مستحيلاً بخطأ المدين ، لم يبق إلا التنفيذ بطريق التعويض ، ويعتبر التنفيذ العينى مستحيلاً إلا إذا كان هذا التنفيذ يقتضى تدخل المدين الشخصى ، وامتنع هذا عن التنفيذ ولم يجد التهديد المالى فى التغلب على عناده ، وقد مر القول فى ذلك .

وحتى إذا كان التنفيذ العينى ممكناً دون تدخل المدين ، ولكن لم يطلبه الدائن ولم يتقدم المدين به ، فإن التنفيذ بطريق التعويض يحل محل التنفيذ العينى.

وحتى إذا طلب الدائن التنفيذ العينى ، ولكن هذا التنفيذ كان مرهقاً للمدين ، وكان عدم القيام به لا يعود بضرر جسيم على الدائن ، فإن القاضى يقتصر على الحكم بتعويض. 

ثم إنه يجب للتنفيذ بطريق التعويض ، كما يجب للتنفيذ العينى ، إعذار المدين . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/  الثاني المجلد : الثاني ، الصفحة : 1057)

إذا امتنع المدين عن التنفيذ رغم الغرامة التهديدية فللدائن أن يلجأ لمحكمة الموضوع طالباً تصفية الغرامة التهديدية وتحويلها الى تعويض نهائى ولايوجد ما يمنع من المطالبة – أيضاً – بالتنفيذ العينى إذا كان ممكناً ، ويقدر هذا التعويض بما أصاب الدائن من خسارة وما فاته من كسب من جراء عدم التنفيذ أو من جراء التأخير فيه ويضاف عنصراً جديداً هو عنت المدين ، ويكون للقاضى اعتبار الغرامة تعويضاً فيقضى بقيمتها أو ينقصها أو يلغيها ولكنه لا يزيدها مع إلزام المدين مصاريف هذا الشق وعليه تسبين حكمه فى صدد تحويل الغرامة الى تعويض إذ أن الحكم بالتعويض هو الذى يخضع للطعن دون الحكم بالغرامة ، كما أن قيام المدين بالتنفيذ لا يمنعه من الاستئناف. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع ، الصفحة : 208) 

إذا امتثل المدين إلى التنفيذ العيني بعد الأجل الذي حددته له المحكمة ، أو إذا أصر المدين على رفض التنفيذ العيني ، تعين على القاضي أن يحدد مقدار التعويض الذي يلزم به المدين.

والأصل في التعويض أن يقدر بقدر الضرر، إلا أن المادة أوجبت أن يراعي القاضي في تقدير التعويض العنت الذي بدأ من المدين أى أنه أوجب على القاضي أن يدخل في تقدير التعويض في هذه الحالة قدراً لا يقصد به جبر ضرر بل يقصد به مجازاة المدين الممتع على ما أبداه من عنت في تنفيذ التزامه ، وما يترتب عليه من ضرر أدبي ، وهذا القدر يعتبر بمثابة عقوبة خاصة ، وهذه العقوبة الخاصة توقيعها إجبارياً للقاضي متى طلبها الدائن ، أي أن القاضي يعتبر مخالفاً القانون إذا صرح في حكمه بأنه يقتصر على تقدير ما أصاب الدائن من ضرر ولا يقدر ما أبداه المدين من عنت. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث  ،  الصفحة : 393)

ولأن الغرض من الحكم بالغرامة التهديدية حمل المدين على تنفيذ التزامه عيناً والتغلب على عناده ، فإنه يستنفد أثره متى امتثل المدين ونفذ الالتزام ، أو اذا صار التنفيذ العيني مستحيلاً ، أو إذا أصر المدين على عدم التنفيذ حتى صار لا يرجى من الغرامة التهديدية أن تحقق الغرض منها .

فإذا امتثل المدين ونفذ الالتزام في الأجل الذي عينته له المحكمة ، انتهى الأمر بذلك ، ما لم يكن المدين معذراً للوفاء من قبل فيلزم بتعويض الدائن عن الأضرار التي لحقته بسبب تأخير الوفاء من وقت الأعذار .

أما إذا لم يمتثل المدين و انقطع الأمل في امتثاله سواء بإصراره نهائياً على عدم التنفيذ أو بصيرورة التنفيذ مستحيلاً ، تعين أن يحدد القاضي مقدار التعويض الذي يلزم به المدين (المادة 214) ، وكذلك إذا امتثل المدين بعد الأجل الذي عينته المحكمة ، وإذا لم يمتثل المدين ولم ينقطع الأمل في امتثاله ، جاز للمحكمة أن تصدر حكماً قطعياً بتحديد مقدار التعويض عن الفترة التي انقضت حتى تاريخ الحكم ، ويجوز التنفيذ بمقتضاه مع استمرار الإكراه المالي بالنسبة إلى المستقبل فيجوز الحكم القطعي حجية الأمر المقضي به ويجوز التنفيذ بمقتضاه ، ويظل حكم الإكراه المالي التهديدي المؤقت قائماً بالنسبة إلى المستقبل حتى يمتثل المدين للتنفيذ بل يجوز تعديله بزيادة قيمة الغرامة المالية بهدف زيادة الضغط على إرادة المدين ، والأصل في التعويض أن يقدر بقدر الضرر ، وكانت المحاكم المصرية - جريا مع رأي وجد له صدى في القضاء الفرنسي فيما مضى - تراعي ذلك في ظل التقنين الملغي أي أنها لم تكن في تصفية الغرامة التهديدية وتحويلها إلى تعويض قابل للتنفيذ به تقيم وزناً لغير الضرر الذي أصاب الدائن من التأخير ، وكان يعاب على ذلك أنه يجعل الحكم بالغرامة التهديدية عديم الجدوى ما دام الدين يعلم سلفاً أنه مهما اشتد في عناده فلن يحكم عليه بأكثر من تعويض الضرر الذي سببه للدائن ، كما لو لم يكن قد صدر ضده ذلك الحكم بالغرامة التهديدية أصلاً ، ولذلك رأى المشرع المصرى أنه لكی يحدث حكم الغرامة التهديدية أثره في نفس المدين يجب أن يعلم الأخير سلفاً أنه سيترتب على هذا الحكم زيادة مقدار التعويض الذي يحكم به في النهاية عن قيمة الضرر الذي أصاب الدائن وعن مقدار التعويض الذي يستحق وفقاً للقواعد العامة ، فنص في المادة 214 مدني على أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الذي يلزم به المدين الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدأ من المدين ، أي أنه أوجب على القاضي أن يدخل في تقدير التعويض في هذه الحالة قدراً لا يقصد به جبر ضرر بل يقصد به مجازاة الدين الممتع على ما أبداه من عنت في تنفيذ التزامه ، وهذا القدر يعتبر بمثابة عقوبة خاصة كانت في ظل التقنين القديم تفتقر الى سند تشریعی ، وقد أوجد لها التقنين الحالي هذا السند ، بل زاد على ذلك بأن جعل توقيع العقوبة الخاصة إجبارياً للقاضي متى طلبة الدائن ، أي أن القاضي يعتبر مخالفاً القانون اذا صرح في حكمه بأنه يقتصر على تقدير ما أصاب الدائن من ضرر ولا يقدر ما أبداه المدين من عنت .

ويجب أن يشتمل الحكم على أسباب تقديره التعويض النهائي غيبين قياسه بمقياس الضرر الذي أصاب الدائن مضافاً إليه ما يرى الحكم أنه يقضى به للدائن مقابل ما بدا من المدين من عنت .

وتثبت لهذا الحكم القطعى بتقدير التعويض النهائي حجية الأمر المقضى ، ويكون قابلاً للطعن فيه بطرق الطعن العادية وغير العادية لا خلافاً لما تقدم بشأن حكم الإكراه المالى المؤقت الذي يستهدف الضغط على إرادة المدين لحمله على تنفيذ التزامه. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس ، الصفحة : 135)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة ۲۲۷)

١- اذا كان تنفيذ الالتزام عيناً غیر ممکن أو غير ملائم الا اذا قام به المدين نفسه ، جاز للدائن أن يحصل على حكم بالزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية إن امتنع عن ذلك .

٢- واذا رأی القاضى آن مقدار الغرامة ليس كافياً لإكراه المدين الممتنع عن التنفيد ، جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأی داعيا الزيادة •

٣- واذا تم التنفيذ العينى أو أصر المدين على رفض التنفيد ، حدد القاضي مقدار التمريض الذي يلزم به المدين مراعيا في ذلك الضرر الذي اصاب البائن والعنت اللي بدا من المدين •

هذه المادة تطابق المادتين ۲۱۳ و 214 من التقنين الحالي ، حيث رؤی ادماجها في مادة واحدة

و تطابق المادة ۲۹۲ من التقنين الكويتي "

وتطابق المادتين 253 و 254 من التقنين العراقي فالأولى تنص على انه . اذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن او غير ملائم الا اذا قام به المدين نفسه وامتنع المدين عن التنفيذ جاز للمحكمة بناء على طلب الدائن أن تصدر قرارا بالزام المدين بهذه التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن بقي ممتنعا عن ذلك ، والثانية تنص على أنه « اذا تم التنفيذ العين أو أصر المدين على رفض التنفيذ حددت المحكمة نهائيا مقدار التعويض الذي يلزم به المدين مراعية في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين.

وما يقضي به النص المقترح من اعتداد القاضي في تقدير التعويض بالضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين انما يستند إلى القاعدة الشرعية التي تقرر أن الضرورات تقدر بقدرها وأن الضرر يدفع بقدر الامكان (م ۲۲ و 31 من المجلة)

مجلة الأحكام العدلية

مادة (22) تقدير الضرورات 
الضرورات تقدر بقدرها. 
مادة (31) دفع الضرر 
الضرر يدفع بقدر الإمكان.