loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني، الصفحة : 542

التنفيذ بطريق التعويض

المذكرة الإيضاحية:

نظرة عامة :

التنفیذ مقابل : تتناول الأحكام الواردة في الفصل المعقود للتنفيذ مقابل آثار الالتزام بوجه عام أياً كان مصدره، ومع ذلك فينبغي التنويه بأن المادة 222 التي استهل بها هذا الفصل، ينصرف نصها إلى الالتزام التعاقدي بوجه خاص، فيتعين الحكم على المدين بالتزام تعاقدي بوجوب الوفاء عيناً، إذا طلب الدائن ذلك إلا أن يكون هذا الوفاء قد أصبح مستحيلاً، وعلى هذا النحو يفترض التخلف تقصير المدين أو خطئه، فإذا أراد أن يدفع التبعة عن نفسه، فعليه يقع عبء إقامة الدليل على أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي، لا يد له فيه كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير أو خطأ من الدائن نفسه، ويراعى أن اشتراك المتعاقدين في الخطأ يستتبع التخفيف من مسؤولية الدين، وقد يصل إلى نفيها ( المادة 223 من المشروع ) فإذا لم يقم المدين الدليل على السبب الأجنبي كان ملزماً بالتعويض .

هذا هو حكم المسؤولية التعاقدية، يلقي فيها عبء الإثبات على عاتق المدين، على نقيض ما يجري بشأن المسؤولية التقصيرية، وقد يعين على إيضاح هذا الفارق عقد مقارنة بين التزام تعاقدي بتوخي الحيطة، والالتزام القانوني بعدم الإضرار بالغير، وهو الالتزام الذي تستتبع مخالفته ترتيب المسؤولية التقصيرية، فكلا الالتزامين يوجب على المدين توخي الحيطة بيذل ما يبذل الشخص المعتاد من عناية، بيد أن الالتزام الأول يوجبه اتفاق خاص، أما الثاني فيفرضه القانون على الكافة، دون أن يخص به المدين بذاته، فثمة ظاهر، أو قرينة بإستصحاب الحال، في الالتزام الواجب بنص القانون، فيفرض أن المدين عند وفاته به يبذل عناية الرجل المعتاد، ما لم يثبت المضرور أن هذا الدين قد أخل بما وجب عليه، وبهذا يقع عبء الإثبات في المسؤولية التقصيرية على الدائن، ويختلف عن ذلك شأن التعاقد، فإذا أقام الدائن الدليل على ارتباط المدين بالتزام تعاقدي، يقتضيه بذل عناية الشخص المعتاد، ولم يثبت هذا المدين وفائه بما التزم به، فيفترض فيه الخطة أو التقصير، فإذا أراد المدين أن يدفع المسؤولية عن نفسه تعين عليه أن يقيم الدليل على أن التخلف عن الوفاء يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه، وبذلك يقع عبء الإثبات في المسؤولية التعاقدية على المدين .

ويتضح ما تقدم أن المدين برأ من التزامه متى أصبح الوفاء به مستحيلاً من جراء سبب أجنبي، فهو لا يتحمل تبعة الحوادث الفجائية، ولكنه يسأل على نقيض ذلك عن خطئه التعاقدى أو التقصيري.

على أن الدين أن يعدل في مدى مسؤوليته باتفاق خاص، فله أن يشدد من أحكامها ويرتضی تحمل تبعة الحوادث الفجائية، وله أن يخفف من هذه الأحكام باشتراط الإعفاء من الخطة التعاقدي، ولكن الاشتراط يبطل إذا كان هذا الخطأ من قبيل الغش أو الخطأ الجسيم، وكذلك لايجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية، ففي كلتا الحالتين يعتبر قيام المسؤولية من النظام العام، ومع ذلك فيجوز التأمين على المسؤولية الناشئة عن الخطأ ولو كان جسيماً، دون المسؤولية الناشئة عن الغش.

ويجوز أيضاً اشتراط عدم المسؤولية عن فعل الغير، ولو كانت ناشئة عن غش يقع من هذا الغير (المادة 224 من المشروع).

وقد يكون من الأنسب قبل الفراغ من بسط أحكام المسؤولية أن تحمل الفكرة الأساسية التي ترسمها المشروع في هذا الشأن، فقد أبق على فكرة الخطأ الجسيم، وإن كان قد اطرح نظرية التدرج في الخطأ، والواقع أن هذه الفكرة تتاخر حدود الغش، فقد يكون إثبات سوء النية على وجه التحديد عسيراً في بعض ما يقع من أعمال التدليس أو التغرير، ولتذليل هذه العقبة يكفى عن مثل هذه الأعمال بالخطأ الجسيم، ويعتبر شأنها شأن الغش، وليس يوجد فيما عدا الخطأ الجسيم والغش إلا مجرد الخطأ عارياً عن النعوت .

والأصل أن يحتكم في تقدير الخطأ إلى معيار عام مجرد قوامه، بذل عناية الرجل المعتاد، ومع ذلك فقد يحتكم أحياناً إلى معيار خاص معين، مناطه ما يبذل الشخص من عناية في شؤون نفسه، دون قصور أو مجاوزة لما يعهد في الرجل المعتاد، وفقاً النية المتعاقدين .

الاعذار : انتصر المشروع في شأن الإعذار بوجه عام على ضبط حدود بعض الأحكام ضبطاً قصد به إلى علاج ما يعتور نصوص التقنين الحالي من اقتضاب مخل، ويراعى بادىء ذي بدء أنه لم يأت على وجه الإطلاق بجديد فيما يتعلق بقاعدة وجوب الإعذار، وما يرد عليها من استثناءات، على أن ذلك لم يصرفه عن استحداث أحكام أخرى، قد يكون أهمها ما يتصل بإصلاح الإجراءات المتبعة في إعذار المدين، قد قضي المشروع بجواز الاكتفاء بمجرد طلب كتان في المواد المدنية، (المادة 226 من المشروع) وهو بهذا يخالف ما جرى عليه القضاء المصري، دفعة الحرج الغلو في التشبث بشكلية الإجراءات.

تقدير التعويض : الأصل في تقدير التعويض أن يتولاه القاضي، بيد أن المتعاقدين قد يتكفلون بذلك بمقتضى شرط جزائي، كما أن القانون قد يتكفل بهذا التقدير، فيما يتعلق بالالتزام بأداء مبلغ من النقود، من طريق تحديد سعر الفائدة.

ويراعى فيما يتعلق بالتقدير القضائي، أن المسؤولية التعاقدية والمسؤولية التقصيرية يخضعان لقواعد واحدة، فعناصر التقدير في كلتيهما هي مايلحق المدين من خسارة وما يفوته من الكسب من ناحية، والضرر المادي والضرر الأدبي من من ناحية أخري ( المادة 228 فقرة 1 والمادة 229 من المشروع).

على أن المشروع لا يزال مبنية على الفارق التقليدي ليبين نوعي المسؤولية، من حيث مدى التعويض في كل منهما، في المسؤولية التقصيرية يتناول التعويض كل ضرر يمكن اعتباره نتيجة طبيعية أو مألوفة لخطأ الدين، وعلى نقيض ذلك، يقتصر التعويض في المسؤولية التعاقدية على الضرر الذي يكون في الوسع توقعه، عقلاً، وقت التعاقد، ما لم يرتكب المدين غثة أو خطأ جسمها (المادة 228 من المشروع).

أما فيما يتعلق بالشرط الجزائي فغنى عن البيان أن النصين اللذين ورداً بشأنه في التقنين القائم بحاجة إلى تعديل غير يسير، فأولها قد أقر في غير مناسبة بين النصوص الخاصة بالالتزام التخييري، وثانيهما أعرض عنه القضاء، وإزاء ذلك هيأ المشروع لأحكام الشرط الجزائي وضعها المنطق من جملة النصوص، وأبرز حقيقة هذا الشرط باعتباره تقديراً اتفاقياً التعويض، مصدراً للالتزام به، ويتفرع على هذا أن الشرط الجزائي بمجرده لا يكفي لإلزام الدين بأداء التعويض، وإنما يجب توافر الخطأ والضرر والإعذار ( المادة 230 من المشروع، ويفضي منطق هذا التحليل إلى نتيجة أخرى مؤداها أن الجزاء الشروط لا يعمل به إلا في حدود الضرر الواقع فإذا جاوز الضرر قيمة التعويض المشروط فلا تجوز الزيادة في هذا التعويض، إلا إذا كان المدين قد ارتكب إثماً أو خطئاً جسيماً يبرر ذلك (المادة 232 من المشروع) ثم إنه لايستحق إذا لم يلحق الدائن أي ضرر، ويتعين تخفيضه إذا كان بين الإفراط بالنسبة لقيمة الضرر. وعلى هذا النحو أقر المشروع ما قضت به محكمة الاستئناف الأهلية بدوائرها المجتمعة ( 2 ديسمبر سنة 1926 المحاماة 7 ص 331 رقم 232).

هذا وقد أدخل المشروع بعض التعديل على أحكام الفوائد خفض سعرها وجعله 7% في الالتزامات المدنية و 5% في الالتزامات التجارية، وجعل الحد الأقصى 7% في الفائدة الاتفاقية (المادتان 233، 234 من المشروع )، فالواقع أن ظروف مصر الاقتصادية تقتضي هذا التخفيض وتحتم العمل به بمجرد إصدار التقنين الجديد، دون أن يوكل أمره إلى تشريع لاحق .

أما النصوص الخاصة بقرينة الضرر(المادة 235 من المشروع) والفوائد الإضافية أو التعويض التكميلي، في حالتي غش المدين وخطئه الجسيم (المادة 238 من المشروع) وتجميد الفوائد (المادة 239 من المشروع والحساب الجاري في المسائل التجارية المادة 240 من المشروع ) فلا جديد فيها على وجه الإطلاق، فهي في الواقع ليست سوى ترديد للنصوص الحالية، أو تقنين لما جرى عليه القضاء على أن المشروع قد استحدث حكمين لهما دون شك حظهما من الأهمية : أولها خاص بجواز خفض فوائد التأخير أو عدم القضاء بها إطلاقاً عن المدة التي يطيل فيها الدائن بخطته أمد النزاع في اقتضاء حقه، دون مبرر يقتضي ذلك ( المادة 236 من المشروع)، والثاني يتعلق باقتصار فوائد التأخير بعد رسو المزاد، عن الأنصبة التي تقررت في التوزيع، على ما هو مستحق من تلك الفوائد قبل الراسي عليه المزاد أو قبل خزينة المحكمة، (المادة 237 من المشروع).

ولعل ما ينطوى في هذين الحكمين من عدالة التقدير أظهر من أن يحتاج إلى مزيد في البيان، فالحق أنهما يكفلان للمدين معونة جدية في ظروف تقتضي الحماية والإنصاف.

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - ينصرف حكم هذا النص إلى الالتزام التعاقدي وقد تقدم أن عبء إثبات قيام هذا الالتزام يقع على الدائن، فعليه أن يقيم الدليل على وجود العقد المنشئ له، بوصفه مصدراً مباشراً، فإن أتيح له ذلك، وجب على المدين أن يثبت أنه أوفي بما التزم به، وإلا حكم بإلزامه بالوفاء عيناً بناءً على طلب المدين، مابقي الوفاء على هذا الوجه ممكناً، فإذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً، نسب ذلك إلى خطأ يفترض وقوعه من المدين، وألزم بتعويض الدائن عن عدم الوفاء، أو عن التأخر فيه، على حسب الأحوال، ما لم يسقط قرينة الخطأ عن نفسه، بإقامة الدليل على أن هذه الاستحالة ترجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه .

2- ويراعى أن المدين لا يطالب بإثبات السبب الأجنبي، في الالتزام بالمحافظة أو بالإدارة أو بتوخي الحيطة في تنفيذ ما التزم به، بل يكفي أن يقيم الدليل على أنه بذل عناية الشخص المعتاد، ولو لم يتحقق الغرض المقصود (المادة 288 من المشروع) بيد أن المدين في هذه الحالة لا يقال من مسؤوليته عن التزام تخلف عن تنفيذه، دون أن يكلف إقامة الدليل على وجود السبب الأجنبي، وإنما هو أوفي على نقيض ذلك بما التزم به، وأثبت هذا الوفاء بإقامة الدليل على أنه بذل كل العناية اللازمة، فإن لم يكن قد بذل هذه العناية، عد متخلفاً عن الوفاء بما التزم به، ولا ترتفع عنه مسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي.

الأحكام

1- إذ نص فى القرار بالقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة فى الفقرة الأولى من المادة الأولى على انه "تعتبر كأن لم تكن الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين و عائلاتهم وورثتهم استنادا إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 فى شان حالة الطوارئ وتتم إزالة الآثار المترتبة على ذلك على الوجه المبين فى هذا القانون "، ونص فى مادته الثانية على انه" ترد عينا إلى الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم وورثتهم الذين شملتهم تدابير فرض الحراسة المشار إليها فى المادة الأولى من هذا القانون جميع أموالهم وممتلكاتهم، وذلك ما لم يكن قد تم بيعها ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بالقانون ورقم 69 لسنة 1974 بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أو ربطت عليها أقساط تمليك وسلمت إلى صغار المزارعين فعلا بهذه الصفة ولو لم يصدر بتوزيعها قرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قبل العمل بهذا القانون، ففي هذه الحالات يعوضون عنها على الوجه التالي: (أ) ...... "ثم أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 21/06/1986 حكمها فى القضيتين 139، 140 لسنة 5 ق دستورية ... وحكمها فى القضية 142 لسنة 5 ق دستورية ونشرا فى الجريدة الرسمية بتاريخ 03/07/1986 وجاء فى منطوق كل منها على النحو الآتي " حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بالقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فيما نصت عليه من: "و ذلك ما لم يكن قد تم بيعها و لو بعقود ابتدائية قبل العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1974 بإصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أو ربطت عليها أقساط تمليك وسلمت على صغار المزارعين فعلا بهذه الصفة ولو لم يصدر بتوزيعها قرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قبل العمل بالقانون المذكور، ففي هذه الحالات يعرضون عنها على الوجه الآتي: (أ) بالنسبة للأطيان الزراعية يقدر التعويض بواقع سبعين مثلا لضريبة الأطيان الأصلية المفروضة عليها حاليا (ب) بالنسبة للعقارات الأخرى يقدر التعويض بقيمة الثمن الوارد بعقد البيع (ج) بالنسبة للأموال الأخرى يقدر التعويض عنها بقيمة الثمن الذي بيعت به (د) يزداد التعويض المنصوص عليه فى البنود أ، ب، ج بمقدار النصف. (ه) فى جميع الحالات المتقدمة يضاف على التعويض المستحق وفقا للبنود السابقة ريع استثماري بواقع 7% سنويا على ما لم يؤد من هذا التعويض وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه حتى تمام السداد ..... ويجوز بقرار من وزير المالية أداء قيمة التعويض على أقساط لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات " وإذ حدد حكم المحكمة الدستورية العليا فى منطوقه بحصر اللفظ العبارات التي حكم بعدم دستوريتها وأصبحت عبارة نص المادة الثانية من القرار بالقانون رقم 141 لسنة 1981 مقصورة على العبارة الآتية "ترد عينا إلى الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم وورثتهم الذين شملتهم تدابير فرض الحراسة المشار إليها فى المادة الأولى من هذه القانون جميع أموالهم و ممتلكاتهم ".فإنه يتعين الالتزام بأحكام بيع ملك الغير عند الفصل فى نزاع يتعلق بنفاذ عقود بيع الأعيان المفروضة عليها الحراسة بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958، بحيث يكون الأصل هو رد المال عينا إلا إذا استحال التنفيذ العيني، أو كان مرهقا للمدين ، وذلك إعمالا لنصي المادتين 203، 215 من القانون المدني.

(الطعن رقم 1228 لسنة 67 جلسة 2001/06/24 س 49 ع 1 ص 11 )

2- مؤدى المواد 215/2، 216، 223، 224/2 من القانون المدني إنه يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض الواجب أداؤه عما قد ينجم من ضرر بسبب "عدم تنفيذ" التزام من الالتزامات المنصوص عليها فى العقد المبرم بينهما ويكون التعويض فى هذه الحالة تعويضاً عن عدم التنفيذ لا يجوز الجمع بينه وبين التنفيذ العيني، كما يجوز لهما تحديد التعويض الجابر للضرر عن "التأخير فى التنفيذ" حيث يجوز الجمع بين هذا التعويض والتنفيذ العيني لأن القضاء بإلزام المدين بتنفيذ التزامه عينا لا يخل بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عن التأخير فى التنفيذ.

(الطعن رقم 1859 لسنة 70 جلسة 2001/06/12 س 52 ع 2 ص 861 ق 171)

3- استخلاص خطأ المدين الذي ينتفى معه قيام القوة القاهرة مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى ، إلا أن تكييف الفعل بأنه خطأ ولا ينقضي به الالتزام أونفي هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض ، وأن رقابة المحكمة الأخيرة تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقيق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر فى تقدير الخطأ واستخلاصه .

(الطعن رقم 139 لسنة 60 جلسة 1997/04/14 س 48 ع 1 ص 649 ق 126)

4- إستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لقاضى الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغا ومستمدا من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى لما كان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطاعنة والمطعون عليه أن الهيئة الطاعنة التزمت بتركيب وصيانة الخط التليفونى محل التعاقد وكانت طبيعة هذا الإلتزام تقتضى تركيبه بحاله صالحة للإستعمال وأن تتخذ الهيئة الطاعنة كافة ما يلزم من الأعمال الفنية اللازمة لإصلاح هذا الخط فى الوقت المناسب وصيانته تمكين المتعاقد الآخر من إجراء الإتصال التليفونى على نحو دائم ومستمر دون تعطل تحقيقا للغرض الذى هدف إليه المتعاقد من تركيب التليفون، ومن ثم فإن تراخى الهيئة الطاعنة فى الإصلاح وتأخيرها إجراء الإتصال التليفونى عن الحد المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بالتزامها.

(الطعن رقم 1385 لسنة 60 جلسة 1994/12/04 س 45 ع 2 ص 1525 ق 287)

5- ينقضي عقد الإيجار طبقا للقواعد العامة ولما تقضى به المادة 569/1 من القانون المدني بهلاك العين المؤجرة هلاكا كليا، إذ يترتب على هذا الهلاك إنفساخ العقد من تلقاء نفسه لإستحالة التنفيذ بإنعدام المحل أياً كان السبب فى هذا الهلاك وسواء كان راجعاً إلى القوة القاهرة أوخطأ المؤجر أوخطأ المستأجر أوخطأ الغير، ولا يجبر المؤجر فى أي من هذه الحالات على إعادة العين إلى أصلها ولا يلتزم إذا أقام بناء جديدا مكان البناء الذي هلك أن يبرم عقد إيجار جديد مع المستأجر ويقتصر حق هذا الأخير على التعويض طبقا للقواعد العامة.

(الطعن رقم 1092 لسنة 55 جلسة 1992/04/12 س 43 ع 1 ص 565 ق 120)

 6- الأصل وفقاً لما تقضى به المادتان 203 / 1 ، 215 من القانون المدني هو تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً ولايصار إلى عوضه أوالتنفيذ بطريق التعويض الا اذا استحال التنفيذ العيني ، وإن تقدير تحقق تلك الاستحالة مما يستقل به قاضى الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.

(الطعن رقم 2469 لسنة 57 جلسة 1991/05/16 س 42 ع 1 ص 1129 ق 176)

 7- لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى دعوى التعويض التى يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة كما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة إلا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذى لحق بأحد العاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أويعد غشاً أوخطأ جسيماً مما تتحق به فى حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بإلتزام قانونى إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل فى جميع الحالات سواء كان متعاقداً أوغير متعاقد وأن إستخلاص عناصر الغش و تقدير ما يثبت به من عدمه فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض عليها فى ذلك ما دامت الوقائع تسمح به 

(الطعن رقم 2384 لسنة 54 جلسة 1990/04/04 س 41 ع 1 ص 917 ق 151)

8- النص فى المادة 1/203 من القانون المدنى على أن " يجبر المدين بعد إعذاره .... على تنفيذ إلتزامه عيناً متى كان ذلك ممكناً ..... " و فى المادة 215 منه على أنه " إذا إستحال على المدين أن ينفذ الإلتزام عيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بإلتزامه ........" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل هو تنفيذ الإلتزام تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً ولا يصار إلى التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا إستحال التنفيذ العينى بخطأ المدين أوكان هذا التنفيذ مرهقاً له دون أن يكون العدول عنه ضاراً بالدائن ضرراً جسيماً ، فإذا لجأ الدائن إلى طلب التعويض وعرض المدين القيام بتنفيذ إلتزامه عيناً - وكان ذلك ممكناً وجاداً  إنتفى منذ هذا التاريخ موجب التعويض عن عدم التنفيذ سواء قبل الدائن ذلك التنفيذ أو لم يقبله و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر فى قضائه - إذ البين من الأوراق أن الجهتين المطعون ضدهما عرضتا بمذكرتهما المقدمة لجلسة ... أن تقوما بتنفيذ إلتزامهما عيناً و هو ما لا يعد طلباً جديداً فى الإستئناف ، وقد خلت الأوراق مما يدل على عدم جدية هذا العرض ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن التنفيذ العينى ممكن ، وهو ما لا يتغير أثره برفض الطاعن هذا التنفيذ .

(الطعن رقم 1780 لسنة 53 جلسة 1990/01/23 س 41 ع 1 ص 233 ق 46)

9- الأصل أن الدائن لا يكون له الجمع بين التنفيذ العينى والتنفيذ بطريق التعويض إلا أنه إذا تأخر المدين فى تنفيذ إلتزامه عيناً فإن ذلك الأصل لا يخل بداهة بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عما يلحقه من أضرار بسبب هذا التأخير إذ لا يكون عندئذ قد جمع بين تنفيذ الإلتزام عيناً وتنفيذه بطريق التعويض عن فترة التأخير ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فقضى برفض طلب التعويض عن الأضرار التى لحقت الطاعن من جراء التأخير فى التنفيذ العينى تأسيساً على مطلق القول بأن التنفيذ العينى لا يلجأ معه للتنفيذ بطريق التعويض فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 1780 لسنة 53 جلسة 1990/01/23 س 41 ع 1 ص 233 ق 46)

10- لما كان العقد قانون العاقدين لا يسوغ لأحدهما نقضه أو الإنفراد بتعديل شروطه فإن قيام الشركة المطعون ضدها بتضمين أمر التوريد شروطاً مغايرة لما تلاقت عليه إرادة المتعاقدين من حيث طريقة أخذ العينة وكيفية السداد - يعد تعديلاً للعقد بارادتها المنفردة ، وهو أمر لا تملكه ولا يحق لها إجبار الطاعن على قبوله وبالتالى فإن إمتناعه عن تنفيذه لا يشكل خطأ يستوجب مسئوليته .

(الطعن رقم 472 لسنة 55 جلسة 1986/12/22 س 37 ع 2 ص 1008 ق 205)

11- عقد الإيجار كما عرفته المادة 558 من القانون المدنى هوعقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الإنتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم  وكان مؤدى نص المادتين 203 ، 215 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل هو تنفيذ الإلتزام عيناً ولا يصار إلى عوضه أى التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا إستحال التنفيذ العينى كما أنه يشترط أن يكون التنفيذ العينى ممكناً وإلا يكون فى تنفيذه إرهاق للمدين ، وأن يكون محل الإلتزام معيناً أو قابلاً .

(الطعن رقم 666 لسنة 53 جلسة 1984/05/30 س 35 ع 1 ص 1511 ق 289)

12- إذ كان الخطأ العقدى يتحقق بعدم تنفيذ المدين لإلتزامه الناشىء عن العقد فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه للمطعون ضدة الأول بالتعويض على إخلال الطاعنة بإلتزاماتها الناشئة عن عقد العمل بعدم صرف علاوة إستثنائية له فى سنة 1976 و وقف نشر مقالاته و إلغاء العمود الأسبوعى المخصص له فى الجريدة و منعه من الكتابة دون أن يعنى ببيان سنده فى قيام هذه الإلتزامات فى جانب الطاعنة و مصدرها و ما إذا كانت تدخل فى نطاق عقد عمل المطعون ضده المذكور ، وعلى خلاف الثابت فى الأوراق من أن منح العلاوة الإستثنائية للعاملين بالمؤسسة هو من إطلاقات الطاعنة ، يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب و خالف الثابت فى الأوراق بما يوجب نقضه .

(الطعن رقم 99 لسنة 53 جلسة 1984/03/05 س 35 ع 1 ص 617 ق 116)

13- إنتهاء الحكم إلى أن إلتزام الشركة الطاعنة بحفظ الجبن المودع لديها فى ثلاجتها من الإلتزامات الجوهرية وأنه إلتزام ببذل عناية هى عناية الشخص العادى  لأن الشركة مأجورة على هذا الإلتزام مؤداه أنه كيف العقد بأنه عقد وديعة مأجورة متفقاً فى ذلك مع عبارات العقد ودون أن تجادل الطاعنة فى هذا التكييف ، لما كان ذلك وكان مقتضى عقد الوديعة أن يلتزم المودع لديه - أساساً- بالمحافظة على الشىء المودع لديه وأن يبذل فى سبيل ذلك - إذا كان مأجوراً  عناية الشخص العادى - ويعتبرعدم تنفيذه لهذا الإلتزام خطأ فى حد ذاته يرتب مسئوليته التى لا يدرأها عنها إلا أن يثت السبب الأجنبى الذى تنتفى به علاقة السببية و كان الخبير المنتدب بعد أن عاين الثلاجة و الجبن المخزون فيها و إطلع على دفاتر الثلاجة المعدة لإثبات درجات الحرارة وأطرحها لعدم سلامتها ولعدم مطابقتها الواقع و رجح من واقع فحصه للجبن المخزون ومعاينته الثلاجة من الداخل - أن تلف الجبن يرجع إلى الإرتفاع الكبير والمتكرر فى درجات الحرارة -إستناداً إلى ما لاحظه من تكثف الماء على سطح الجبن والأجولة التى تحتويه ومن تراب الجبن المبلل على أرضية الثلاجة ، وإذ إطمأنت محكمة الموضوع إلى تقرير الخبير - فى هذا الشأن - لسلامة أسسه وإستخلصت منه فى حدود سلطتها التقديرية أن الشركة الطاعنة لم تبذل العناية الواجب إقتضاؤها من مثلها فى حفظ الجبن المودع لديها مما أدى إلى تلفه و رتبت على ذلك مسئولياتها عن هذا التلف - فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك ، بالرد إستقلالاً على الطعون التى وجهتها الشركة الطاعنة إلى ذلك التقرير لأن فى أخذها به محمولاً على أسبابه السائغة ما يفيد أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير .

(الطعن رقم 661 لسنة 49 جلسة 1984/02/06 س 35 ع 1 ص 389 ق 77)

14- عدم تنفيذ المدين لإلتزامه التعاقدى يعتبر خطأ يرتب مسئوليته التى لا يدرؤها عنه إلا إذا أثبت هو قيام السبب الأجنبى الذى تنتفى به علاقة السبيبة وهذا السبب قد يكون حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو من الغير .

(الطعن رقم 1529 لسنة 49 جلسة 1983/05/25 س 34 ع 2 ص 1311 ق 258)

 15- عدم تنفيذ المدين لإلتزامه التعاقدى يعتبر بذاته خطأ يترتب مسئوليته و أن النص فى العقد على الشرط الجزائى يجعل الضرر واقعا فى تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته ، بل يقع على المدين إثبات عدم تحققه ، كما يفترض فيه أن تقدير التعويض المتفق عليه متناسب مع الضرر الذى لحق الدائن ، وعلى القاضى أن يعمل هذا الشرط ما لم يثبت المدين خلاف ذلك .

(الطعن رقم 743 لسنة 49 جلسة 1983/01/11 س 34 ع 1 ص 166 ق 45)

16- مؤدى نص المادة 74 من القانون 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل أن على الطرف الذى ينهى العقد أن يفصح عن الأسباب التى أدت به إلى هذا الإنهاء فإذا لم يذكرها قامت قرينة لصالح الطرف الآخر على أن إنهاء العقد وقع بلا مبرر ومن ثم فإذا ذكر صاحب العمل سبب فصل العامل فليس عليه إثبات صحة هذا السبب و إنما يكون على العامل عبء إثبات عدم صحته و أن الفصل لم يكن له ما يبرره - فإذا أثبت العامل عدم صحة المبرز الذى يستند إليه صاحب العمل فى فصله كان هذا دليلاً كافياً على التعسف لأنه يرجع ما يدعيه العامل من أن فصله كان بلا مبرر ، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة ذكرت مبررات فصل المطعون عليه وهى إخلاله بواجبات وظيفته وإعتياده السكر خلال العمل و أثناء مقابلة العملاء فإن المطعون عليه إذا إدعى تعسف الطاعنة فى فصله يكون هو المطالب بإثبات عدم صحة هذه المبررات . لما كان ذلك ، و كان الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه للمطعون عليه بالتعويض لمن فصله على أن الطاعنة لم تثبت صحة المبررات التى إستخلصها الحكم لفصل المطعون عليه فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .

(الطعن رقم 1932 لسنة 51 جلسة 1982/05/03 س 33 ع 1 ص 470 ق 85)

17- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على أن الضرر قد نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ قائد سيارة النقل، حالة أنه يشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه أو التحرز منه ، ولما كان سقوط الأمطار وأثرها على الطريق الترابي فى الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الحادث فى الدعوى الماثلة من الأمور المألوفة التي يمكن توقيعها ولا يستحيل على قائد السيارة المتبصر التحرز منها ، وكان الخطأ المنسوب لقائد سيارة النقل قد انتفى بحكم جنائي قضى ببراءته ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة - المضرور - بمقولة إن الحادث وقع بسبب أجنبي لا يد لقائد الأتوبيس فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 331 لسنة 46 جلسة 1980/05/28 س 31 ع 2 ص 1551 ق 290)

18- يشترط فى خطأ الغير الذى يعفى الناقل من المسئولية إعفاء كاملاً ، ألا يكون فى مقدور الناقل توقعه أوتفاديه و أن يكون هذا الخطأ وحده هو الذى سبب الضرر للراكب . لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الضرر قد نشأ عن قوة قاهرة أوعن خطأ الغير ، حالة أنه يشترط لإعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه وإستحالة دفعه أو التحرز منه ، ولما كان سقوط الأمطار وأثرها على الطريق الترابى - فى الظروف والملابسات التى أدت إلى وقوع الحادث فى الدعوى المماثله من الأمور المألوفة التى يمكن توقيعها ولا يستحيل على قائد السيارة المتبصر التحرز منها ، وكان الخطأ المنسوب لقائد السيارة النقل قد إنتفى بحكم جنائى قضى ببراءاته و إلتزم الحكم المطعون فيه بحجيتة فى هذا الخصوص فإنه إذ قضى برفض دعوى الطاعنين بمقولة أن الحادث وقع بسبب أجنبى لا يد لقائد الأتوبيس فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 784 لسنة 45 جلسة 1979/03/07 س 30 ع 1 ص 742 ق 136)

 19- عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق النقل إلتزاماً بضمان سلامة الراكب هو إلتزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير الحاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه و لا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير .

(الطعن رقم 784 لسنة 45 جلسة 1979/03/07 س 30 ع 1 ص 742 ق 136)

20- يشترط لإستحقاق التعويض عن عدم تنفيذ الإلتزام أو التأخير فى تنفيذه وجود خطأ من المدين ولا يغنى عن توافر هذا الشرط أن يكون التعويض مقدراً فى العقد لأن هذا التقدير ليس هو السبب فى إستحقاق التعويض و إنما ينشأ الحق فى التعويض من عدم تنفيذ الإلتزام أوالتأخير فى تنفيذه وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض دعوى فسخ عقد البيع المرفوعة من الطاعنة على المطعون ضدهما إستناداً إلى أنهما قاما بدفع باقى الثمن فى الوقت المناسب مما مؤداه إنتفاء الخطأ فى حقهما وهو ما يكفى لحمل الحكم برفض طلب التعويض ولو كان مقدراً فى العقد فإن النعى على الحكم يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 544 لسنة 48 جلسة 1979/01/25 س 30 ع 1 ص 385 ق 75)

21- إخلال المؤجر بإلتزامه بإجراء التحسينات التي تعهد بإجرائها مقابل زيادة الأجرة لا يجيز للمستأجر التحلل من إلتزامه طالما كان الإتفاق عليه جدياً، وإنما يكون له مطالبة المؤجر قضائياً بتنفيذ ما التزم به حتى إذا تبين استحالة التنفيذ العيني جاز له طلب التخفيض، لما كان ذلك فإنه لا على الحكم إذا لم يعتد بما تمسك به الطاعن من عدم استكمال المطعون عليها للإصلاحات المتفق عليها طالما لم يدع استحالة تنفيذها عيناً.

(الطعن رقم 278 لسنة 45 جلسة 1978/11/29 س 29 ع 2 ص 1811 ق 350)

22- عمليتى التفريغ و إعادة الشحن من العمليات المترتبة على تنفيذ عقد النقل البحرى و لما كان عقد النقل البحرى يلقى على عاتق الناقل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلتزاماً لضمان وصول البضاعة للمرسل إليه سليمة و هو إلتزام بتحقيق غاية فيكفى لإخلال أمين النقل بإلتزامه وترتيب آثار المسئولية فى حقه إثبات أن البضاعة هلكت أوتلفت أثناء تنفيذ عقد النقل بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت الناقل أن التلف أوالهلاك نشأ عن عيب فى البضاعة ذاتها أو بسبب قوة قاهرة أو خطأ الغير . وإذا إستخلصت محكمة الموضوع - فى حدود سلطتها الموضوعية - من محضر الجنحة 2419 سنة 1963 الميناء و من أقوال الشهود فيه أن الحادث لم يكن مرده إلى سبب أجنبى وكان هذا الإستخلاص سائغاً لأن ما إنتهت إليه التحقيقات من كون الفاعل مجهولاً لا يعنى بطريق اللزوم أنه أجنبى عن الطاعنة . لما كان ما تقدم و كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة على ما أثبت من أن هلاك الرسالة قد تم أثناء تنفيذ عقد النقل البحرى ودون أن يثبت من أن هلاكها كان نتيجة لخطأ من الغير و كان ما أورده الحكم كافياً لحمل قضائه فإن ما تنعاه الطاعنة فى هذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل ولا يقبل أمام هذه المحكمة .

(الطعن رقم 452 لسنة 42 جلسة 1977/06/20 س 28 ع 1 ص 1452 ق 252)

23- الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التى يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن إستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الإستخلاص سائغاً ومستنداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى .

(الطعن رقم 262 لسنة 42 جلسة 1976/06/29 س 27 ع 1 ص 1454 ق 276)

24- عقد النقل ينقضى ولا تنتهى مسئولية الناقل إلا بتسليم البضاعة المنقولة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه أو نائبه ، ولا يغنى عن ذلك وصول البضاعة سليمة إلى جهة الوصول أوتسليمها إلى مصلحة الجمارك ، إذ لا تعتبر مصلحة الجمارك نائبة عن المرسل إليه فى إستلام البضاعة وإنما تتسلمها بناء على الحق المخول لها بالقانون إبتغاء تحقيق مصلحة خاصة بها هى وفاء الرسوم المستحقة عليها ومن ثم فلا ينقضى عقد النقل بهذا التسليم ولا تبرأ به ذمة الناقل قبل المرسل إليه .

(الطعن رقم 644 لسنة 42 جلسة 1976/06/21 س 27 ع 1 ص 1384 ق 263)

25- متى كان الطاعن - البائع - قد أخل بإلتزامه بتسليم البضاعة فيما عدا خمسين طناً ، وقضى تبعاً بفسخ العقد فلا محل لأن يطالب الطاعن بالإبقاء على مقدم الثمن الذي استلمه بل يتعين عليه رده عملاً بما تقضى به المادة 160 من القانون المدني من أن الفسخ يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد كل منهما ما تسلم بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه ، ولا يجوز للطاعن بالتالي أن يطالب بتكاليف إعداد البضاعة للتصدير وهو لم يقم بتسليمها .

(الطعن رقم 205 لسنة 39 جلسة 1974/12/03 س 25 ع 1 ص 1315 ق 225)

26- يعتبر الفسخ واقعا فى العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه ، ويكون التنفيذ مستحيلا على البائع ، بخروج المبيع من ملكه وبجعله مسئولا عن رد الثمن ، ولا يبقى بعد إلا الرجوع بالتضمينات إذا كانت الإستحالة بتقصيره . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جعل الطاعنة " البائعة " مسئولة عن رد الثمن بسبب استحالة التنفيذ بعد إنتقال ملكية الأطيان المبيعة إلى الغير بعقد البيع المسجل ، ثم رتب على فسخ البيع إلزام البائع برد الثمن ، فإن الحكم يكون مقاما على أسباب تكفى لحمل قضائه ، ولاعليه إن هو أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة " البائعة " فى دفاعها من عدم جواز مطالبتها بالثمن قبل طلب الفسخ .

(الطعن رقم 37 لسنة 37 جلسة 1971/06/03 س 22 ع 2 ص 734 ق 120)

27- يشترط فى القوة القاهرة التى ينقضى بها إلتزام المدين أن يكون أمرا لا قبل للمدين بدفعه أوالتحرز منه ، ويترتب عليه إستحالة تنفيذ الإلتزام إستحالة مطلقة  وإذ كان الحكم قد إستخلص عدم إستحالة تنفيذ إلتزام الشركة بدفع الفوائد مما أورده فى أسبابه من أن القانون رقم 212 سنه 1960 لم يقض بتأميم مخازن الأدوية و المستلزمات الطبية ، وإنما قررالإستيلاء فقط على ما يوجد لديها من هذه المواد ، و ترك لأصحاب هذه المخازن حق التصرف فى أموالهم الآخرى دون قيد ، فإن ذلك يكون إستخلاصا سائغا ولا مخالفة فيه للقانون .

(الطعن رقم 145 لسنة 36 جلسة 1970/12/10 س 21 ع 3 ص 1216 ق 199)

28- مسئولية الطبيب الذى إختاره المريض أونائبه لعلاجه هى مسئولية عقدية . والطبيب وإن كان لا يلتزم بمقتضى العقد الذى ينعقد بينه وبين مريضه بشفائه أوبنجاح العملية التى يجريها له ، لأن إلتزام الطبيب ليس إلتزاما بتحقيق نتيجه وإنما هو إلتزام ببذل عناية ، إلا أن العناية المطلوبة منه تقتضى أن يبذل لمريضه جهودا صادقة يقظه تتفق - فى غير الظروف الإستثنائية - مع الأصول المستقرة فى علم الطب ، فيسأل الطبيب عن كل تقصير فى مسلكه الطبى لا يقع من طبيب يقظ فى مستواه المهنى وجد فى نفس الظروف الخارجية التى أحاطت بالطبيب المسئول . وجراح التجميل وإن كان كغيره من الأطباء لا يضمن نجاح العملية التى يجريها إلا أن العناية المطلوبة منه أكثر منها فى أحوال الجراحة الأخرى إعتبارا بأن جراحة التجميل لا يقصد منها شفاء المريض من علة فى جسمه وإنما إصلاح تشويه لا يعرض حياته لأى خطر .

(الطعن رقم 111 لسنة 35 جلسة 1969/06/26 س 20 ع 2 ص 1075 ق 166)

29- لئن كان مقتضى إعتبار إلتزام الطبيب إلتزاما يبذل عناية خاصة ، أن المريض إذا أنكر على الطبيب بذل العناية الواجبة ، فإن عبء إثبات ذلك يقع على المريض ، إلا أنه إذا أثبت هذا المريض واقعة ترجح إهمال الطبيب كما إذا أثبت أن الترقيع الذى أجراه له جراح التجميل فى موضع الجرح والذى نتج عنه تشويه ظاهر بجسمه لم يكن يقتضيه السير العادى لعملية التجميل وفقا للأصول الطبية المستقرة ، فإن المريض يكون بذلك قد أقام قرينة قضائية على عدم تنفيذ الطبيب لإلتزامه فينتقل عبء الإثبات بمقتضاها إلى الطبيب و يتعين عليه لكى يدرأ المسئولية عن نفسه أن يثبت قيام حالة الضرورة التى إقتضت إجراء الترقيع والتى من شأنها أن تنفى عنه وصف الإهمال .

(الطعن رقم 111 لسنة 35 جلسة 1969/06/26 س 20 ع 2 ص 1075 ق 166)

30- عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدى يعتبر فى ذاته خطأ يرتب مسئوليته التى لا يدرأها عنه إلا إذا أثبت هو قيام السبب الأجنبى الذى تنتفى به علاقة السببية فإذا كان يبين من العقد أن المطعون ضده تعهد بتنفيذ جميع أعمال البناء المتفق عليها وتسليم المبنى معدا للسكنى فى الموعد المتفق عليه ، وكان هذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية فإنه متى أثبتت الطاعنة إخلاله بهذا الإلتزام فإنها تكون قد أثبتت الخطأ الذى تتحقق به مسئوليته ولا يجديه فى نفى هذا الخطأ أن يثبت هو أنه قد بذل ما فى وسعه من جهد لتنفيذ التزامه فلم يستطع مادامت الغاية لم تتحقق ، ومن ثم فإذا استلزم الحكم المطعون فيه لقيام مسئولية المقاول المطعون ضده ثبوت وقوع خطأ أو إهمال منه فى تأخيره فى تسليم المبانى للطاعنة - مع أن هذا التأخير هو الخطاب بذاته - فإن الحكم يكون مخالفاً للقانون .

(الطعن رقم 215 لسنة 34 جلسة 1967/12/28 س 18 ع 4 ص 1916 ق 289)

31- متى كان المطعون ضده قد أسس طلب الريع على أن الطاعن قد وضع يده على الأطيان محل النزاع و أستولى بغير حق على ثمارها ودفع الطاعن الدعوى بأن المطعون ضده عند تسلمه تلك الأطيان قد أستلم محاصيل منفصلة ناتجة منها وزراعة قائمة عليها و طلب خصم قيمة تلك المحاصيل ونفقات هذه الزراعة من الريع المطالب به وكان هذا الدفاع من الطاعن ينطوى على دفع منه بتنفيذ جزء من إلتزامه تنفيذاً عينياً وبعدم جواز الحكم بتعويض نقدى عما تم تنفيذه بهذا الطريق ، فإنه كان يتعين على محكمة الإستئناف أن تبحث هذا الدفاع وتقول كلمتها فيه لأنه دفاع فى ذات موضوع الدعوى منتج فيها وإذ تخلت عن بحثه تأسيساً على أنه لم يقدم فى صورة طلب عارض مع عدم لزوم ذلك وعلى أن ثمن المحصولات و نفقات الزراعة اللتين تسلمهما المطعون ضده ليس تكليفاً على الريع تكون قد خالفت القانون بما يستوجب نقض حكمها المطعون فيه .

(الطعن رقم 111 لسنة 32 جلسة 1967/12/14 س 18 ع 4 ص 1878 ق 285)

32- لا ترتفع مسؤليه الناقل عن سلامه الركاب ال اذا اثبت هو أي الناقل ان الحادث نشىء عن قوه قاهره اوعن خطأ من الراكب المضرورأوخطأ من الغيرويشترط فى خطأ الغيرالذي يعفى الناقل من المسؤليه اعفاء كاملا الأ يكون فى مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا االخطأ وحده هو الذى سبب الضررللراكب. فأذا كانت مصلحه السكك الحديديه هو من الأمور التى توقعتها المصلحه الطاعنه فى قرار 4 مارس سنه 1926 الخاص بنظام السكك الحديديه الذي ينص على معاقبه من يرتكب هذا الفعل بعقوبه المخالفه كما أنه كان فى مقدور المصلحه تفادى عواقب هذا الفعل لو أنها أتخذت الأحتياطات الكفيله بمنع قذف الأحجار على قطارات السكه الحديد أوعلى الأقل يمنع ما يترتب على أحتمال قذفها من ضرر للركاب ولا يهم ما قد تكبدها هذه الأحتياطات من مشقه ومال اذا طالما كان فى الأمكان تفادى عواقب خطاء الغير بأيه وسيلة فأن هذا الخطأ لايعفى الناقل من المسؤليه أعفاء كليا .

(الطعن رقم 300 لسنة 31 جلسة 1966/01/27 س 17 ع 1 ص 199 ق 26)

33- إنه وإن كانت المدة التى نصت عليها المادة 104 من قانون التجارة هى مدة تقادم يجرى عليها أحكام الإنقطاع و أحكام التنازل إلا أن شرط ذلك أن يكون الإقرار المدعى به كسبب للإنقطاع أو التنازل قد تضمن إعترافاً بحق صاحب البضاعة فى التعويض وبالمسئولية عن فقدها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة . و لا يعد كذلك الكتاب المرسل من أمين النقل إلى المرسل إليه إذا كان مفاده الوعد ببحث شكوى المرسل إليه و تحرى حقيقه الأمر فيها .

(الطعن رقم 408 لسنة 22 جلسة 1956/05/31 س 7 ع 2 ص 642 ق 88)

شرح خبراء القانون

الأصل أن المسئولية الناشئة عن الإخلال بالتزام عقدي، تكون مسئولية عقدية، فلا يسأل المدين إلا عن الضرر الذى كان متوقعاً وقت التعاقد، ويجب الإعذار إن لم يتضمن العقد إعفاء منه، لكن قد يكون الإخلال بأحد الالتزامات العقدية جريمة جنائية كما لو أعاد البائع بيع وحده فى عقاره مرة أخرى وهو المؤثم بقانون إيجار الأماكن وينطوي على الاخلال بالتزام البائع بعدم التعرض للمشتري الأول، أو كان الإخلال وليد غش أو خطأ جسيم، فان المسئولية فى هذه الحالات تقصيرية وليست عقدية.

متى تم العقد صحيحاً، تعين على المدين تنفيذ ما التزم به تنفيذاً عينياً، فالبائع مدين بنقل ملكية المبيع للمشتري، والمقاول مدين بتنفيذ المقاولة على النحو الذى تضمنه عقد المقاولة، والناقل مدين ينقل ما التزم بنقله وتسليمه سليماًَ الى المرسل اليه، وفى هذه الحالات يكون المدين قد قام بأداء عين ما التزم به .

فإن لم يقم المدين بالتنفيذ العيني لالتزامه، بأن امتنع عن التوقيع على عقد البيع النهائى حتى يمكن تسجيل العقد ونقل ملكية العقار للمشتري، وامتنع المقاول عن تنفيذ ما التزم به بعقد المقاولة، ولم يقم الناقل بنقل الأشياء أو قام بنقلها ولكنه سلمها تالفه، فانه لا يكون قد نفذ التزامه تنفيذاً عينياً، وحينئذ يجبره الدائن على القيام بهذا التنفيذ متى كان ممكناً دون تدخل منه، فبائع العقار يلتزم بالتصديق على توقيعه بالشهر العقارى تمهيداً لتسجيل العقد لنقل الملكية، فإن امتنع عن تنفيذ هذا الالتزام، كان تنفيذه ممكناً دون تدخل منه وذلك عن طريق دعوى يرفعها الدائن بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من المدين، فيقوم حكم القاضى بصحة ونفاذ العقد مقام تصديق المدين على توقيعه ثم يقوم الدائن بتسجيل هذا الحكم فتنتقل الملكية إليه.

فمتى كان التنفيذ العينى للالتزام ممكناً دون تدخل من المدين، تعين على الدائن ان يطالب به ويسعى إليه باعتباره الأصل فى تنفيذ الالتزام.

أما إن تبين أن التنفيذ العينى غير ممكن إلا بتدخل المدين، كما لو كان المبيع منقولاً معيناً بنوعه وامتنع البائع عن إفرازه لتنتقل ملكيته إلى المشتري، استحال التنفيذ العيني في هذه الحالة الى تنفيذ بطريق التعويض وقامت مسؤولية المدين العقدية، والتعويض قد يكون نقدياً أو عينياً بازالة المخالفة التى وقعت إخلالاً بالالتزام وقد يكون نقدياً وعينياً معاً.

الجمع بين التنفيذ العينى والتنفيذ بطريق التعويض :

يجوز للدائن فى المسئولية العقدية أن يطالب التنفيذ العين والتنفيذ بطريق التعويض معاً، فهما قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين، ويكون هذا الجمع عندما يكون التنفيذ العينى يتطلب تدخلاً من المدين، وحينئذ إذا عرض المدين التنفيذ العينى، التزم به الدائن فلا يكون له رفضه والمطالبة بالتنفيذ بطريق التعويض لأن التنفيذ الأخير لا يصار إليه إلا عندما يتعذر التنفيذ الأصيل وهو التنفيذ العينى .

وإذ اقتصر الدائن على طلب التنفيذ بطريق التعويض ولم يطلب التنفيذ العيني، فإن دعواه تستقيم الا اذا عرض المدين أن ينفذ التزامه تنفيذاً عينياً ففى هذه الحالة لا يكون للدائن رفضه وتلزمه به المحكمة متى تحقق لديها إمكانه وإن المدين جاد في عرضه فإن قضت بالتعويض رغم ذلك كان حكمها مخالفاً للقانون.

أركان المسئولية :

المسئولية العقدية، كالمسئولية التقصيرية، تتحقق بتوافر أركان ثلاثة، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وتناولنا أركان المسئولية التقصيرية بالمادة 163 وما بعدها اما أركان المسؤولية العقدية فنوضحها على النحو التالى :

أولاً : الخطأ العقدى :

ينصرف الخطأ العقدى الى عدم قيام المتعاقد بتنفيذ التزامه، سواء كان عن عمد أو عن إهمال أو لسبب آخر وسواء كان عدم التنفيذ كلياً أو جزئياً أوكان معيباً أو متأخراً، ويرجع فى ذلك الى شروط العقد والى النصوص القانونية المتعلقة به باعتبارها مكملة لإرادة المتعاقدين فعقد البيع يحدد التزام كل من البائع والمشتري فإن جاء العقد خلو من التزام معين وجب الرجوع فى شأنه للنصوص القانونية المتعلقة بعقد البيع لبيان ما إذا كان أحد المتعاقدين قام بتنفيذ التزامه أم أنه لم يفعل ومثل، سائر العقود المسماه.

ويعتبر عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي في ذاته خطأ موجباً لمسئولية، ويختلف الخطأ العقدي في حالة ما إذا كان الالتزام بتحقيق غاية عنه فيما إذا كان ببذل عناية.

الالتزام بتحقيق غاية :

الغاية من الالتزام ينص عليها القانون أو يحددها العقد، ولذلك فان الغاية قد تتفاوت من تصرف لآخر عن ذات الموضوع، فقد تنصرف إرادة المتعاقدين الى الغاية القصوى من التصرف وقد يتفقان على غاية أدنى، ففى بيع العقار يلتزم البائع بموجب نصوص القانون المتعلقة بالبيع، بنقل ملكية المبيع الى المشترى وتسليمه له وان يضمن التعرض القانونى الذى قد يصدر من الغير وهذا أقصى ما يمكن أن يلتزم البائع به، ويتحقق هذا يكون المشترى قد حقق الغاية التي أرادها من العقد فلا يكفى إذن أن يقوم البائع بتسجيل العقد وتسليم المبيع للمشترى فليس هذا هو المراد من التزامه فحسب إنما المراد هو أن تستقر الملكية للمشترى بدون منازع، فإن تمكن البائع من تحقيق ذلك فانه يكون قد نفذ التزامه تنفيذاً عينياً محققاً الغاية المرجوة منه .

وقد يتفق المتعاقدان على غاية ادنى ويحدد العقد مدًى هذه الغاية، وحينئذ ينتفي الخطأ العقدي بتحقيق هذه الغاية دون أن يكون للمتعاقد الآخر المطالبة بتحقيق غاية أخرى ففى المثل المتقدم، يتفق المتعاقدان على أن البيع قد تم على أساس سقوط الخيار، فتتحقق الغاية بمجرد تسليم المبيع بحيث ان البيع قد تم على أساس سقوط الخيار فتتحقق الغاية بمجرد تسليم المبيع بحيث أن وقع تعرض قانونى للمشترى بعد ذلك فليس للأخير مطالبة البائع بضمانه لأنه إشترى ساقط الخيار، وتكون الغاية من الالتزام قد تحققت رغم هذا التعرض الذي لا يصح اعتباره خطئاً عقدياً في هذه الحالة.

الالتزام ببذل عناية :

قد تتطلب طبيعة العقد أن يقوم المدين عند تنفيذ التزامه ببذل عناية، فلا يراد منه تحقيق غاية معينة، ومن ثم يعتبر أنه قام بتنفيذ التزامه عيناً ببذله هذه العناية سواء تحققت الغاية من التعاقد أم لم تتحقق .

والعناية المقصودة التى ينتفى معها الخطأ العقدي، هى العناية التى يبذلها شخص مصل المدين وضع فى ذات الظروف الخارجية التى أحاطت بالمدين أثناء تنفيذه لالتزامه، فتكون العناية بقدر خبرة المدين وممارسته لمهنته فالطبيب حديث التخرج يكفيه بذل عناية تتناسب مع وضعه خلافاً للطبيب الذى توافرت لديه الخبرة الطويلة فهذا تكون العناية الواجب عليها بذلها عناية دقيقة محيطة بعواقب الأمور، فإن بذل هذا القدر، يكون قد نفذ التزامه عيناً فمناط العناية ما يقدمه المدين اليقظ من أوسط  زملائه علماً ودراية فى الظروف المحيطة به  أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة ويصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة لينفتح باب الاجتهاد فيها (( انظر م 211، 217 )).

ومثل التزام الطبيب، التزام الوكيل والمودع لديه فى المحافظة على ما تحت يدهما من أموال، وغالباً ما تكون دراية المدين محل اعتبار عند التعاقد ويصح الاتفاق على قدر محدد من العناية بشرط ألا يصل إلى حد أعفاء المدين من بذل أية عناية .

إثبات الخطأ العقدي :

إثبات الخطأ العقدى يختلف فى حالة ما إذا كان المدين مكلفاً ببذل عناية عنه فى حالة ما إذا كان مكلفاً بتحقيق غاية .

فإن كان الالتزام ببذل عناية، تحمل الدائن عبء الإثبات ووجب عليه ان يثبت أن المدين لم يبذل العناية الواجبة مدللاً على ذلك  بالوقائع والأفعال والتصرفات التى يتوافر بها الخطأ العقدى والتي ما كانت لتتم لو بذل المدين العناية اللازمة عند تنفيذ العقد فالطبيب الذي يجرى عملية جراحية للمريض بمسكنه دون تبصر بعواقب الأمور ولم يتمكن من وقف نزيف حاد ولم يسارع بنقل المريض إلى أقرب مستشفى في الوقت المناسب مما أدى الى وفاته، يكون مسئولاً لتوافر الخطأ العقدى بعدم بذل العناية الواجبة، فورثة المتوفى إثبات كل هذه العناصر دليلاً على عدم بذل العناية الواجبة، ولهم هذا الإثبات بكافة الطرق القانونية لتعلق الاثبات بوقائع مادية .

وعلى المدين نفى هذا الخطأ، بأن يثبت أنه أتخذ كافة الاحتياطات اللازمة وأجرى الإسعافات المتعارف عليها بين أقرانه فى مثل حالة المدين .

أما أن كان الالتزام بتحقيق غاية، ولم تتحقق، فلا يكلف الدائن باثبات خطأ المدين، إذ يقوم افتراض بتوافر خطأ المدين مما أدى إلى عدم تحقق الغاية المرجوة من العقد.

فيكتفي الدائن بإثبات العقد – سواء كان صريحاً أو ضمنياً – وأن الغاية المرجوة منه لم تتحقق، كأن يثبت المشترى عقد البيع وعدم انتقال الملكية اليه، أو يثبت الراكب أنه أصيب أثناء تنفيذ العقد، وحينئذ  تكون الغاية غير متحققة  وتنهض مسؤولية المدين التى لا يستطيع التخلص منها إلا بإثبات السبب الأجنبي، فيثبت البائع أن العقار المبيع نزعت أو خطأ الدائن الذى تسبب فى عدم تحقق الغاية، ولا يغنى عن ذلك إثبات قيامه بكل ما يلزم لتحقيق الغاية المرجوة من العقد  إلا أنه لم يوفق، ذلك أن لا شأن للدائن بما بذله المدين وأن العبرة بتحقيق الغاية وليس بما بذل من أجل تحقيقها، فطالما أنها لم تتحقق فإن خطأ المدين العقدى يكون متوفراً. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع، الصفحة : 210)

إن إلزام المدين بالتعويض لا يعني إنشاء التزام جديد في ذمته، وإنما هو طريق لتنفيذ الالتزام الثابت في ذمته من قبل، ولذلك فإن التأمينات التي كانت قد تقررت ضمانا للالتزام تظل ضامنة لوفاء المدين بالتعويض عند الإخلال به.

فالتنفيذ بمقابل وسيلة علاجية تعوض الدائن عما لحقه من ضرر نتيجة لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً أو لتأخره في هذا التنفيذ، فهو إذن ليس إلا وسيلة احتياطية لا يتحتم الالتجاء إليها إذا تعذر تنفيذ ذات الالتزام بكافة الشروط التي نشأ بها، وهذه الحالات تتلخص فيما يلى :

1- إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً بخطأ المدين، هذه الاستحالة متصورة بالنسبة للإلتزام أياً كان محله عدا الالتزام بدفع مبلغ من النقود حيث أن التنفيذ العيني لهذا الالتزام يعتبر ممكناً دائماً.

2- إذا كان التنفيذ العينى للالتزام غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين شخصياً، ولم تجد الغرامة التهديدية في التغلب على تعنته وامتناعه. 

3- إذا كان التنفيذ العيني ممكناً ولكن فيه إرهاق للمدين، وإذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً.

4- إذا كان التنفيذ العينى ممكناً، ولكن لم يطلبه الدائن ولم يعرضه المدين، وبذلك يكون قد اتجهت إرادتهما معاً إلى التنفيذ بمقابل، رغم إمكانية التنفيذ العيني.

يشترط للتنفيذ بطريق التعويض أن يكون قد نشأ عن علم الوفاء ضرر اللدائن لأن الغرض من التنفيذ بمقابل هو إعطاء الدائن مقابلاً يعوضه عما فاته من ربح وما لحقه من خسارة بسبب عدم تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً.

فإذا كان علم التنفيذ لم يفوت على الدائن ربحاً ولم يلحق به خسارة، فلا يكون ثمة محل للتعويض.

وعدم ذكر شرط الضرر في المادة 215 لا يفيد عدم ضرورة هذا الشرط الأن طبيعة الأشياء تقتضيه إذ أن التعويض لا يكون إلا عن ضرر.

ويستفاد ذلك أولاً من نص المادة 221 التي تقرر أن التعويض يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، وثانياً من نص المادة 216 التي تقرر أنه يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه، فكلتا المادتين المذكورتين افترضنا في استحقاق التعويض ضرورة حصول ضرر للدائن.

وهناك شرط آخر توجبه المادة 228 التي تنص على أن لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين، وسنعرض له عند شرح هذه المادة .

التعويض عن عدم التنفيذ والتعويض عن التأخير :

التعويض نوعان، تعويض عن عدم التنفيذ وتعويض عن التأخير، وكلاهما تنفيذ بمقابل، وهذا واضح في التعويض عن علم التنفيذ حيث يلزم المدين الذي لم ينفذ التزامه تنفيذاً عينياً بتعويض يحل محل ما كان يجب عليه أن يؤديه وكذلك الحال إذا لم ينفذ المدين التزامه سوى تنفيذاً جزئياً أو معيباً، فيلزم بتعويض النقص، وهو صحيح أيضاً فيما يتعلق بالتعويض عن التأخير إذ أن التنفيذ لا يكون كاملاً إلا إذا قام به المدين في ذات الظروف التي كان عليه تأديته فيها، ولذلك يتضمن التأخير في التنفيذ إخلالاً جزئياً بالإلتزام فإذا كان المدين لم يوف بدينه إلا متأخراً كان التنفيذ العيني غير كامل، وألزم بتعويض يحل محل هذا النقص هو التعويض عن التأخير.

ومن المتصور أن يجتمع نوعاً التعويض معاً، وذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه فألزم بتعويض عن التأخير، ثم أصر على عدم التنفيذ أو أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً بفعله، فيلزم بتعويض عن علم التنفيذ، وإذا تم التنفيذ العيني متأخراً كان للدائن أن يجمع بينه وبين التعويض عن التأخير، وعلى العكس لا يجتمع التنفيذ العيني والتعويض عن عدم التنفيذ إلا في الحالات التي يكون التنفيذ العيني فيها ناقصاً أو معيناً، فيكون الدائن تعويضاً عن عدم تنفيذ جزئی .

إمكانية التنفيذ بمقابل لكل التزام أياً كان مصدره :

كل التزام أياً كان مصدره، يجوز تنفيذه عن طريق التعويض فالالتزام العقدي أياً كان محله، يكون تنفيذه بطريق التعويض في الحالات التي أوردناها سلفاً.

والالتزامات التي لا يكون مصدرها العقد يغلب أن يكون تنفيذها بطريق التعويض فالعمل غير المشروع مصدر للالتزام بالتعويض، وهذه المسئولية التقصيرية والإثراء بلا سبب مصدر للإلتزام بالتعويض وكثيراً من الالتزامات القانونية الأخرى يكون تنفيذها بطرق التعويض، كالتزام الجار بألا يضر بجاره ضرراً فاحشاً، والالتزام بعدم إفشاء سر المهنة. وهناك من الالتزامات القانونية ما يمكن تنفيذه عيناً، كالالتزام بالنفقة والتزامات الأولياء والأوصياء والقوام، ومع ذلك يجوز عند الإخلال ببعض هذه الالتزامات أن يكون التنفيذ بطريق التعويض .

 إمكان دفع المسئولية الناشئة عن عدم التنفيذ :

تنص المادة على طريقة تنفع بها مسئولية المدين قانوناً عن عدم تنفيذ التزامه وهي إثبات أن عدم التنفيذ الذي سبب ضرراً للدائن راجع هو ذاته إلى سبب أجنبي عنه.

وينبغي التفرقة في هذا الشأن بين الالتزام بتحقيق نتيجة والالتزام ببذل عناية :

ففي الالتزام بتحقيق نتيجة يستطيع المدين أن يدفع عن نفسه المسئولية إن أثبت السبب الأجنبي الذي أدى إلى حدوث الضرر، وقد يكون السبب الأجنبي قوة قاهرة أو حادث مفاجئ، أو خطأ المضرور نفسه أو خطأ الغير.

أما إذا كان التزام المدين ببذل عناية فقط، فإنه يستطيع التخلص من المسئولية إذا أثبت أنه قد بذل العناية الواجبة والمتطلبة ممن يوجدون في نفس ظروفه الخارجية، فإذا ادعى المريض أن الطبيب قد أخطأ في علاجه مما نجم عنه إصابته بالضرر، فإن الطبيب - وهو المدين - يستطيع التخلص من المسئولية إن هو أثبت أنه قد بذل العناية الواجبة، وأنه قد اتبع في علاجه لهذا المريض كافة الأصول العلمية الثابتة والمستقرة في علم الطب.

الأصل أن القاضي هو الذي يقدر التعويض، وهو ما يطلق عليه التعويض القضائي. وقد يقدره الطرفان مقدماً في الاتفاق وهو ما اصطلح على تسميته حينئذ بالشرط الجزائي، ويتكفل القانون بتحديده في حالة التأخير في تنفيذ الالتزام بدفع مبلغ من النقود، فيكون حينئذ في صورة فوائد.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث، الصفحة : 394)

أما اذا صار تنفيذ الالتزام عيناً غير ممكن، فلا يبقى للدائن إلا طلب التنفيذ بمقابل، أي من طريق دفع تعويض يجير ما يعود عليه من ضرر بسبب عدم التنفيذ، ما لم تكن استحالة التنفيذ راجعة إلى سبب أجنبي عن المدين ( المادة 215) .

وفي جميع الأحوال التي يجد فيها الدائن نفسه مضطراً إلى الالتجاء الى طلبة التنفيذ القهري في أي صورة من صوره، يتعين عليه أن يمهد لذلك بإعذار المدين للوفاء، حتى لا يؤخذ المدين بالتنفيذ القهري على غرة، وحتى يقطع على المدين سبيل الإدعاء بأنه كان على استعداد التنفيذ لو أن الدائن طلبه منه وحتى يحمله بذلك تبعة الالتجاء إلى التنفيذ القهري.

ويبدو أول الأمر من نص المادة 215 أنه يشترط في استحقاق التنفيذ بطريق التعويض أن يكون التنفيذ العيني قد صار مستحيلاً على المدين وأن تكون هذه الاستحالة غير راجعة إلى سبب أجنبي عن المدين، كما يبدو أنه لا يشترط غير هذين الشرطين .

غير أنه بإمعان النظر في الأمر يبين أن هذه النظرة السطحية لا تكشف عن حقيقة المقصود بالنص، وذلك من ناحيتين :

فأولاً ليس المقصود بذكر الاستحالة في النص اشتراط أن يكون التنفيذ العيني قد صار مستحيلاً على المدين، اذ أن اشتراط ذلك يؤدي الى عدم جواز التنفيذ بطريق التعويض طالما أن المدين يستطيع التنفيذ العينى ولو كان هو ممتنعاً عن ذلك ولا يمكن جبره عليه سواء لأن التنفيذ الجبري لا يكفل تحقق مصلحة الدائن كالتنفيذ الاختياري أو لأن فيه حجراً على حرية المدين، فيؤدي ذلك بالتالي إلى ضياع حق الدائن ضياعاً تاماً يتعذر حصوله على التنفيذ العيني من جهة، ولحرمانه من الالتجاء إلى طلب التنفيذ بمقابل من جهة أخرى، وهذا ما لم يقل به أحد ما لم يخطر ببال المشرع، وإنما المقصود به أن يكون الدين لم ينفذ التزامه، وأن لا يكون في وسع الدائن جبره على تنفيذه عيناً، أو يكون الدائن قد نزل عن حقه في التنفيذ العيني دون أن يدى المدين استعداده لهذا التنفيذ، أي أن المهم في ذلك هو عدم وفاء المدين بالتزامه وتعذر إجباره على تنفيذه تنفيذاً عينياً .

ومن ناحية أخرى فانه ليس صحيحاً أنه لا يشترط في استحقاق التنفيذ بمقابل غير هذين الشرطين، بل يشترط أيضاً أن يكون قد نشأ عن عدم الوفاء ضرر للدائن لأن الغرض من التنفيذ بمقابل هو إعطاء الدائن مقابلاً يعوض عليه ما فاته من ربح وما لحقه من خسارة بسبب عدم تنفيذ الإلتزام تنفيذاً عينياً، فإذا كان عدم التنفيذ لم يفوت على الدائن ربحاً ولم يلحق به خسارة فلا يكون ثمت محل للتعويض.

أما عدم ذكر شرط الضرر في المادة 215 فلا يفيد عدم ضرورة هذا الشرط، لأن طبيعة الأشياء تقتضيه اذ أن التعويض لا يكون إلا عن ضرر، ويستفاد ذلك أولاً من نص المادة 221 التي تقرر أن التعويض يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، وثانياً من نص المادة 216 التي تقرر أنه يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه، فكلتا المادتين المذكورتين افترضنا في استحقاق التعويض ضرورة حصول ضرر للدائن.

وهناك شرط آخر توجبه المادة 218 التي تنص على أن لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين. 

وعلى ذلك يمكن القول بأنه لا بد من شرط أولى لجواز الالتجاء إلى طلب التنفيذ بمقابل هو أن يتعذر حصول الدائن على التنفيذ العيني سواء كان ذلك لأن هذا التنفيذ صار مستحيلاً في ذاته أو لأنه يقتضي تدخل المدين شخصياً ولا يمكن إجبار المدين عليه سواء لأن الجبر في وفاء مثل هذا الالتزام غير ممكن أو غير منتج أو لأن فيه حجراً على حرية الدين، وفيما عدا هذه الأحوال لا يجوز طلب التنفيذ بمقابل إلا إذا اتفق عليه صراحة أو ضمناً بين الدائن والمدين .

فاذا وجد الدائن في احدى هذه الحالات التي تجيز له الالتجاء إلى طلب التنفيذ بمقابل، وجب أن تتوافر فيه أربعة شروط الاستحقاق التعويض .

وهذه الشروط هي :

(1) عدم وفاء المدين بالتزامه أو تأخره في الوفاء به .

(2) إعذار المدين .

(3) إصابة الدائن بضرر .

(4) علاقة سببية بين ضرر الدائن وعدم وفاء الدين .

ويقع عبء إثبات هذه الشروط وفقاً للقواعد العامة في الإثبات على عاتق الدائن الذي يطالب بالتعويض، ويلاحظ أن هذه الشروط هي شروط المسئولية العقدية ذاتها التي سبقت لنا دراستها في آثار العقد، فنكتفي بالتذكير بها والإحالة إليها.

غير أنه يلاحظ أن نص المادة 215 ليس مقصوراً على التنفيذ بمقابل للالتزامات الناشئة من العقود أي على المسؤولية العقدية، بل هو لوروده في باب آثار الالتزام بوجه عام ينطبق على تنفيذ كافة الالتزامات القانونية أياً كان مصدرها، كما يظهر ذلك أيضاً من نفس عباراته التي وردت في صيغة مطلقة لا تخصیص فيها ولا تحديد، ولو أن الغالب أن لا يطبق حكمه إلا في حالة عدم تنفيذ الالتزام العقدي، لأن الالتزامات الأخرى يغلب فيها أن يكون محلها مبلغاً من النقود، فلا يحتاج في تنفيذها جبراً إلى حكم التنفيذ بمقابل.

يبين مما تقدم عن نص المادة 215 أن هذا النص قد تضمن ذكر طريقة تدفع بها مسئولية المدين قانوناً عن عدم تنفيذ التزامه وهي إثبات أن عدم التنفيذ الذي سبب ضرراً للدائن راجع هو ذاته إلى سبب آخر أجنبي عنه، لذلك تعين أن نعرف السبب الأجنبي وأن نبين مميزاته وصوره المختلفة التي يعتبر كل منها سبباً قانونياً لدفع المسئولية .

ومن جهة أخرى يجوز للدائن و المدين أن يتفقا فيما بينهما على إعفاء الأخير من مسئوليته عن عدم التنفيذ أو على تخفيفها سواء من حيث شروطها أو من حيث آثارها أو على تشديدها بحيث تشمل الضرر الناشىء عن سبب أجنبي، فيتعين علينا أن ندرس كذلك الاتفاقات المعدلة المسئولية عن عدم التنفيذ :

 (أولاً) دفع المسئولية قانوناً - نظرية السبب الأجنبي :

والسبب الأجنبي الذي تندفع به مسئولية المدين عن عدم تنفيذ التزامه هو كل فعل أو حادث معين لا ينسب اليه ويكون قد جعل تنفيذ التزامه مستحيلاً، ويظهر من هذا التعريف أنه يجب أن يتوافر في السبب الأجنبي شرطان :

أولهما : أن يكون ذلك السبب قد جعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً وتقدر الاستحالة بمعيار موضوعي لا بمعيار شخصي، فلا يعتبر تنفيذ التزام المدين أنه قد صار مستحيلاً إلا إذا كان يستحيل على الرجل العادي أن ينفذ مثل هذا الالتزام في مثل ظروف الدين الظاهرة.

والثاني أن يكون ذلك السبب أجنبياً عن المدين ولا شأن له فيه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان غير متوقع الحصول وغير ممكن تلافيه وقد أجمع الفقه والقضاء على أن السبب الأجنبي يشمل الحادث الفجائي والقوة القاهرة وفعل الدائن واختلفوا فيما يتعلق بفعل الغير وقد حسم التقنين الحالي هذا الخلاف الأخير بأن اعتبر خطأ الغير سبباً أجنبياً ( في المادة 165 ) وكذلك خطأ الدائن ( في المادتين 165 و 216) ولم يذكر شيئاً عن فعلهما الذي لا خطأ فيه، ولكن ذلك لا ينفي أمكان اعتبار هذا الفعل غير الخطأ سبباً أجنبياً أذا توافرت فيه شروط القوة القاهرة أو الحادث الفجائي .

وقد بينا في رسالتنا في نظرية المسئولية المدنية سنة 1936 ص 203 إلى ص 217 أن انتفاء توقع الحادث لا بد منه ولو وقت نشوة الالتزام على الأقل وأنه يكفي وحده لعدم امکان استاد الحادث إلى الدين بشرط استمراره الى حين وقوع الحادث بالفعل، والا فانه يشترط أن يكون الحادث منذ إمكان توقعه غير ممكن تلافيه، كما بينا إن انتفاء التوقع يكون إما بعدم إمكان التوقع أصلاً، وإما بعدم وجوبه بالرغم من إمكانية طبقنا ذلك على فعل الدائن وفعل الغير، وقلنا أن قولهما الذي لا خطأ فيه إنما هو فعل طبيعي يجب توقعه، ولا ينتفى توقعه إلا أذا حدث في ظروف كان توقعه فيها غير ممكن، وعلى المدين إثبات ذلك، أما فعلهما الخطأ فهو فعل شاذ ليس على المدين ابتداء أن يتوقعه، ولكنه إذا توقعه بالفعل تعين عليه أن يتلافاه وأن يدرأ نتائجه. ويكون على الدائن ان يثبت أن المدين قد توقع خطأ الدائن أو خطأ الغير.

شروط القوة القاهرة أو الحادث الفجائي:

الحادث الفجائي والقوة القاهرة تعبيران مختلفان يدلان على معنى واحد يقصد به أمر غير متوقع حصوله وغير ممكن تلافيه يجعل تنفيذ التزام المدين مستحيلاً، فيشترط فيما يعتبر حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة السرطان اللذان يشترطان في كل سبب أجنبي وهما :

(1) من حيث أصله، أن يكون غير ممكن توقعه ولا تلافيه .

(2) ومن حيث نتيجته، أن يكون غير ممكن التغلب عليه بحيث يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً.

ولا توجد حوادث تعتبر بذاتها حوادث عجائية أو قوة قاهرة، بل أن أكثر الحوادث التي يتصور أن تكون كذلك يصح أن لا تثبت لها هذه الصفة تبعاً لظروف الحال ولتوافر هذين الشرطين فيها أو عدم توافرهما فالحرب والثورة والإضراب والحريق وانفجار الآلات وغارات الجراد وآفة الدودة تعتبر حوادث فجائية في الحالات التي تكون فيها غير ممكن تلافي وقوعها ولا درء نتائجها، أما في غير ذلك من الأحوال فلا تعتبر حوادث فجائية، ويقع عبء اثبات توافر هذه الشروط على المدين الذي يدفع مسئوليته عن عدم التنفيذ بأن أحد الحوادث المذكورة قد حال دون قيامه بتنفيذ التزامه.

وقد ذهب فريق من الشراح ( اکسنر وسالى وجوسران وغيرهم ) إلى وجوب التفرقة بين الحادث الفجائي و القوة القاهرة ولا سيما فيما يتعلق بتنفيذ عقد العمل في المصانع وعقد النقل، واعتبروا الحوادث الخارجة عن هذه المشروعات خروجاً مادياً قوة قاهرة، والحوادث التي ترجع الى أمر داخلی کامن في الشيء ذاته كانفجار آلة في مصنع وخروج قطار عن الشريط حوادث فجائية، واعتمدوا النوع الأول دون الثاني فيما يعد سبباً أجنبياً تدفع به المسئولية .

غير أني قد فندت في رسالتي في نظرية دفع المسئولية المدنية هذا الرأي وبينت أن هذه التفرقة لا سند لها من القانون وأن التعبيرين مترادفان قصد المشرع بهما معنى واحدا هو أن يكون الحادث غير متوقع الحصول وغير ممكن تلافيه ولا درء نتائجه.

وقد اعتمد المشرع المصري في التقنين المدني الحالي هذه النتيجة، فنص في المادة 165 منه على اعتبار خطأ الغير في ضمن ما يعتبر سبباً أجنبياً تدفع به المسئولية المدنية، وإذا كان المشرع قد سكت عن بيان حكم فعل الغير الذي لا خطأ فيه، فإن ذلك لا يمنع من اعتبار هذا الفعل سبباً أجنبياً بشرط ثبوت انتقاء توقعه وتلافيه كما تقدم في شأن فعل الدائن.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس، الصفحة : 73)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة ۲۲۸)

اذا كان تنفيذ الالتزام عيناً جبراً على المدين غير ممكن أو غير مجد حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ، ما لم يثبت أن عدم التنفيد قد نشأ عن سبب اجنبي لا يد له فيه . ويكون الحكم كذلك اذا تاخر المدين في تنفيذ التزامه ۰

هذه المادة تقابل المادة 215 من التقنين الحالي التي تنص على انه و اذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عیناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب اجنبي لا يد له فيه . ويكون الحكم كذلك اذا تأخر الدين في تنفيذ التزامه

وقد قصد بتعديل نص التقنين الحالي على النحو الوارد في النص المقترح أن يشمل حكم النص حالة استحالة التنفيذ وحالة عدم جدواه • وغني عن البيان أن التعويض لا يكون الا اذا أصاب الدائن ضرر من عدم التنفيذ أو من التأخر فيه .

والمادة المقترحة طابق في حكمها المادة ۲۹۳ من التقنين الكويتي .

وما تقضى به المادة المقترحة يستند إلى ما جاء في الآية الكريمة :

( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)

راجع فيما يتعلق بالسبب الأجنبي : البدائع ج 5 ص ۰۳۲۸۸

المبسوط ج ۱۱ ص ۱۳۲ • بداية المجتهد ج ۲ ص 55 - 157 .