loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني، الصفحة : 553

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- ليست أحكام المادة 295 إلا تقنيناً للقواعد التي جرى القضاء المصري على اتباعها في هذا الشأن، فقد يجعل عبء المسئولية أشد وقراً بالاتفاق على تحمل تبعة الحادث الفجائي، وبهذا يكون المدين مؤمناً للدائن من وجه، وقد تخفف المسئولية، على نقيض ذلك، باشتراط الإعفاء من تبعة الخطأ التعاقدي، إلا أن تكون قائمة على غش أو خطأ جسيم .

2- فليس للأفراد حرية مطلقة في الاتفاق على تعديل أحكام المسئولية، فكما أن الاتفاق على الإعفاء من الخطأ الجسيم والغش لا يجوز في المسئولية التعاقدية، كذلك يمتنع اشتراط الإعفاء من المسئولية التقصيرية، أياً كانت درجة الخطأ، ويعتبر مثل هذا الاشتراط باطلاً لمخالفته للنظام العام .

3- على أن ذلك لا ينفي جواز التأمين على الخطأ، ولو كان جنسها، بل وفي نطاق المسئولية التقصيرية ذاتها، متى كان لا يرتفع إلى مرتبة الغش، كما أن للأفراد أن يتفقوا على الإعفاء من المسئولية الناشئة عن خطأ من يسألون عن أعمالهم، بل وعن الغش الواقع من هؤلاء، سواء أكانت المسؤولية تعاقدية أم تقصيرية .

الأحكام

1- عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل إلتزاما بضمان سلامة الراكب وهو إلتزام بتحقيق غاية فإذا اصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ من قوة قاهرة أو خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير على أنه يشترط فى خطأ الغير الذى يعفى الناقل من المسئولية إعفاءاً كاملاً ألا يكون فى مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحدة هو الذى سبب الضرر للراكب.

(الطعن رقم 2271 لسنة 59 جلسة 1995/11/28 س 46 ع 2 ص 1252 ق 244)

2- المستفاد من نصوص المواد 17، 20 ، 22 من إتفاقية فارسوفيا أن الناقل الجوى يكون مسئولاً عن الضرر الذى يقع فى حالة وفاة أو إصابة أى راكب إذا كانت الحادثة التى تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أوالهبوط ،وقد حددت المادة 22 من الإتفاقية مسئولية الناقل قبل كل راكب بمبلغ 25 ألف فرنك فرنسى ، ثم عدلت بالمادة 11 من برتوكول لاهاى السارى من 1-8-1961 برفع الحد الأقصى للتعويض الذى يلتزم به الناقل الجوى من كل راكب إلى مبلغ 250 ألف فرنك فرنسى ، وكانت المادة 13 عن البرتوكول سالف البيان المعدلة للمادة 25 من إتفاقية فارسوفيا قد نصت على أن لاتسرى الحدود المنصوص عليها فى المادة 22 متى قام الدليل على أن الضرر قد نشأ عن فعل أو إمتناع من جانب الناقل أوأحد تابعيه وذلك إما بقصد إحداث ضرر وإما يرعونة مقرونة بإدراك أن ضرراً قد يترتب عليها .

(الطعن رقم 1301 لسنة 48 جلسة 1981/11/29 س 32 ع 2 ص 2152 ق 391)

3- لمحكمة الموضوع تحصيل فهم الواقع فى الدعوى و تقضى بما يطمئن إليه وجدانها وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفى لحمله وإذ كانت قد خلصت فى حدود سلطتها التقديرية إلى وقوع خطأ جسيم من قائد الطائر الطاعنة أدى إلى وقوع الحادث وتوافر مسئولية الطاعنة عنه و أقامت قضاءها فى هذا الشأن على ما يكفى لحمله ، ومن ثم فإن النعى - خلط الحكم بين قيام رابطة السببية بين الخطأ والضرر وبين مجرد وجود علاقة بين الوقائع والضرر إذ إعتبر رابطة السببية قائمة لمجرد وجود العلاقة بين الوفاة وبين وقائع ملكية الطائرة للطاعنة (مؤسسة الخطوط الجوية الليبية ) وقيام عقد النقل وخروج قائد الطائرة عن الخط الملاحى إلى أجواء أخرى منشور عنها دولياً أنها مناطق حربية ، وفى حين أن هذا الخطأ من قبل الطائرة البالغ أقصى درجات الجسامة يعتبر المخطىء فيه غير بالنسبة للطاعنة الناقلة فى عقد النقل المحدد مداه وأغراضه - لا يعدو أن يكون فى حقيقته جدلاً موضوعياً فى تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة المنقض .

(الطعن رقم 141 لسنة 48 جلسة 1981/06/23 س 32 ع 2 ص 1916 ق 346)

4- مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 217 من القانون المدنى أنه يجوز أن يتضمن الاتفاق التعاقدى شرطاً يعفى المدين من المسئولية المترتبة على عدم تنفيذ التزامه فلا يسأل عنه بالقدر الذى يتسع له هذا النشاط متى أثبت أن عدم التنفيذ يرجع إلى أحد الحالات الواردة فيه ، وذلك فيما عدا حالتى الغش والخطأ الجسيم باعتبار أن الفعل المكون لكل منها تتحقق به أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أن المدين أخل بالتزام قانونى يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل فى جميع الحالات سواء كان متعاقداً أوغير متعاقد .

(الطعن رقم 949 لسنة 71 جلسة 2003/10/28 س 54 ع 2 ص 1225 ق 216)

5- مسئولية البنك المرتهن عن تحصيل الحقوق الثابتة فى الأوراق المرهونة هي مسئولية عقدية يلتزم فيها ببذل عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 1103 من القانون المدني، إلا أن القانون لايمنع من الاتفاق على إعفائه من تبعة الخطأ التعاقدي وفقاً لما تقضي به المادة 217 من ذات القانون لأن الإعفاء من المسئولية جائز ويجب فى هذه الحالة احترام شروط الإعفاء التي يدرجها الطرفان فى الاتفاق.

(الطعن رقم 3238 لسنة 71 جلسة 2002/12/26 س 53 ع 2 ص 1290 ق 248 )

6- مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 22 من اتفاقية فارسوفيا بتوحيد بعض قواعد النقل الجوى المعدلة ببرتوكول لاهاى سنة 1955 والتى انضمت اليها مصر بمقتضى القانونين رقمى 593 , 644 لسنة 1955 ان الاصل فى تقدير التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوى فى نقل الامتعة المسجلة والبضائع هوتحديده على اساس وزن الرسالة - بصرف النظر عن محتوياتها - بحيث يعوض بمقدار 250 فرنكا عن كل كيلو جرام من الامتعة المسجلة اوالبضاعة على اساس ان الفرنك يحتوى على 65 ملجم من الذهب عيار 900 فى الالف قابل للتحويل الى ارقام دائرة فى كل عملة وطنية وذلك تقديرا من المشرع ان هذا التعويض يمثل الاضرار المتوقعة وقت التعاقد، الا انه قدر من ناحية اخرى ان قيمة محتويات الرسالة قد تفوق هذا الحد الذى يقوم على اساس التقدير الحكمى فأجاز للمرسل اذا ما قدر ذلك ان يذكر للناقل لدى تسليم الرسالة الاهمية التى يعلقها على محتوياتها بأن يوضح نوع البضاعة وقيمتها الحقيقية ويؤدى الرسوم الاضافية المقررة وحينئذ يقدر التعويض على اساس القيمة التى حددها المرسل ما لم يثبت الناقل أن هذه القيمة تزيد عن القيمة الحقيقية .

(الطعن رقم 2994 لسنة 60 جلسة 1996/11/14 س 47 ع 2 ص 1290 ق 234)

7- لما كان النص فى المادة 217 من ذات القانون على أنه1_ ....... 2_ وكذلك يجوز الإتفاق على إعفاء المدين من أيه مسئولية تترتب على عدم تنفيذ إلتزامه التعاقدى إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم مؤداه أنه - فى غير حالتى الغش والخطأ الجسيم - يجوز الإتفاق بين طرفى عقد الوكالة على حق الموكل فى عزل الوكيل فى أى وقت دون أن يكون مسئولا قبله عن أى تعويض ويعد هذا الإتفاق واردا على الإعفاء من مسئولية عقدية مما يجيزه القانون.

(الطعن رقم 731 لسنة 60 جلسة 1994/12/25 س 45 ع 2 ص 1661 ق 311)

 8- البنك الذى يعهد إليه العميل الذى يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة فى مستندات أو أوراق فإن عليه أن يبذل فى ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص عليه المادة704/2 من القانون المدنى إلا أن القانون لا يمنع من الإتفاق على إعفائه من المسئولية لأن الإعفاء من المسئولية عن الخطأ العقدى جائز ويجب فى هذه الحالة إحترام شروط الإعفاء التى يدرجها الطرفان فى "الإتفاق .

(الطعن رقم 570 لسنة 63 جلسة 1994/10/20 س 45 ع 2 ص 1277 ق 241)

9- لا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى دعوى التعويض التى يرتبط فيها المضرور مع المسئول عنه بعلاقة عقدية سابقة كما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة إلا أن ذلك رهين بعدم ثبوت أن الضرر الذى لحق بأحد العاقدين كان نتيجة فعل من العاقد الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحق به فى حقه أركان المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بإلتزام قانونى إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل فى جميع الحالات سواء كان متعاقداً أوغير متعاقد وأن إستخلاص عناصر الغش وتقدير ما يثبت به من عدمه فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير رقابة من محكمة النقض عليها فى ذلك ما دامت الوقائع تسمح به 

(الطعن رقم 2384 لسنة 54 جلسة 1990/04/04 س 41 ع 1 ص 917 ق 151)

10- لا يشترط فى قيام الخطأ الجسيم فى نص المادة 42 من القانون 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الإجتماعية الذى يحكم واقعة النزاع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون - متعمداً بل يكفى أن يكون خطأ غير عمدى و يقع بدرجة غير يسيرة .

(الطعن رقم 1443 لسنة 47 جلسة 1981/03/04 س 32 ع 1 ص 755 ق 141)

11- إذا كانت المادة 25 من إتفاقية فارسوفيا للطيران - قبل تعديلها ببروتوكول لاهاى - تستوجب للقضاء بالتعويض كاملا وغير محدد أن يثبت أن الضرر المطالب بتعويضه قد نشأ عن غش الناقل أوعن خطأ منه يراه قانون المحكمة المعروض عليها النزاع معادلا الغش ، وكان الخطأ المعادل للغش وفقا للتشريع المصرى - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة هو الخطأ الجسيم المنصوص عليه فى المادة 217 من القانون المدنى ، فانه يشترط للحكم على شركة الطيران الناقلة بالتعويض كاملا وقوع خطأ جسيم من جانبها ويقع عبء إثبات هذا الخطأ على عاتق مدعيه ، كما أن لمحكمة الموضع تقدير مدى توافر الأدلة على ثبوته .

(الطعن رقم 56 لسنة 40 جلسة 1976/01/26 س 27 ع 1 ص 297 ق 67)

12- إذ كانت المادة 221 من القانون المدني تقضي بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، فإن مقتضى ذلك، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناقل يكون مسئولاً عن هلاك البضائع أو فقدها أثناء الرحلة البحرية بمقدار سعرها بالسوق الحرة التي تخضع لقواعد العرض والطلب فى ميناء الوصول، ومن ثم فإنه وإن جاز الاتفاق على إعفاء الناقل البحري من المسئولية أوعلى تخفيفها إذا كان العجز فى البضائع أو تلفها قد حدث قبل شحنها أو بعد تفريغها أي قبل أو بعد الرحلة البحرية، إلا أنه إذا كان العجز أوالتلف قد لحق البضائع أثناء هذه الرحلة، فإن الاتفاق على إعفاء الناقل البحري من المسئولية أو تخفيفها عن الحد الذي تقضي به معاهدة بروكسل والقواعد العامة فى القانون المدني المكملة لها يكون اتفاقا باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا يسوغ إعماله.

(الطعن رقم 173 لسنة 41 جلسة 1975/04/30 س 26 ع 1 ص 890 ق 171)

13- متى كانت معاهدة سندات الشحن الصادر بها مرسوم بقانون فى 1944/1/31 هى القانون المتعين التطبيق على النزاع ، فقد وجب إعمال ما ورد بهذا التشريع من أحكام خاصة بالتحديد القانونى للمسئولية بصرف النظر عما فى هذه الأحكام من مغايرة لما هو مقرر فى شأن التحديد الإتفاقى للمسئولية .

(الطعن رقم 569 لسنة 40 جلسة 1975/05/26 س 26 ع 1 ص 1078 ق 206)

14- إذا كانت محكمة الموضوع قد طبقت خطأ أحكام المسئولية التقصيرية دون قواعد المسئولية الواجبة التطبيق ، فإنه يجوز لمن تكون له مصلحة من الخصوم فى إعمال هذه القواعد أن يطعن فى الحكم بطريق النقض على أساس مخالفته للقانون ، ولو لم يكن قد نبه محكمة الموضوع إلى وجوب تطبيق تلك القواعد لإلتزامها هى بأعمال أحكامها من تلقاء نفسها ، ولا يعتبر النعى على الحكم بذلك إبداء لسبب جديد مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، ذلك أن تحديد طبيعة المسئولية التى يتولد عنها حق المضرور فى طلب التعويض يعتبر مطروحاً على محكمة الموضوع ، ولو لم تتناوله بالبحث فعلاً .

(الطعن رقم 89 لسنة 38 جلسة 1973/12/11 س 24 ع 3 ص 1243 ق 216)

15- لئن كان الأصل فى قيام مسئولية المؤمن قبل المؤمن له فى الخسارات البحرية وفقا لما تقضى به المادة 243 من قانون التجارة البحرى ألا تقبل الدعوى بالمسئولية قبل المؤمن عن تلف البضاعة أوعجزها إذا كان يقل عن واحد فى المائة من قيمة الشىء الحاصل له الضرر ، إلا أنه إذا وجد شرط خاص فى مشارطة التأمين بصدد المسئولية عن العجز أو التلف ، فإنه يجب إعماله ، ذلك أن القاعدة الواردة فى المادة 243 سالفة البيان ليست من القواعد الآمرة ، بل يجوز الإتفاق على مخالفتها بتشديد مسئولية المؤمن أو تخفيضها وفقا للشروط الخاصة بذلك التى تحددها مشارطة التأمين البحرى .

(الطعن رقم 110 لسنة 37 جلسة 1971/12/28 س 22 ع 3 ص 1128 ق 190)

16- متى كان ما نسبته الطاعنة إلى وزارة التربية والتعليم من اساءة استعمال العقار - المستولى عليه ليكون مدرسة - وإحداث تغيير به وقطع بعض أشجاره لايدخل فى نطاق الإستعمال غيرالعادى ، بل يكون إن صح وقوعه خطا جسيما يستوجب تعويضاً مستقلا عن الضرر الناشىء عنه ، لا تشمله الزيادة المقررة مقابل مصاريف الصيانة و الإستهلاك غير العاديين ، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على خلاف هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور يعيبه ويستوجب نقضه فى هذا الخصوص .

(الطعن رقم 557 لسنة 35 جلسة 1970/02/26 س 21 ع 1 ص 352 ق 57)

17- متى كانت الطاعنة " شركة التأمين " قد أسست دعواها قبل الناقل بطلب قيمة التعويض عن الضرر الذى لحق بها بسبب تلف البضاعة أثناء النقل ، على العقد الذى تم بموجبه نقل هذه البضاعة فإنه لا محل لما تثيره الطاعنة من أن ما تضمنه ذلك العقد من الإتفاق على الإعفاء من المسئولية هو شرط باطل فى نطاق المسئولية التقصيرية ، ولا على الحكم المطعون فيه وقد تبين أن المسئولية أساسها العقد ، إن هو لم يعرض لما تدعيه الطاعنة من أن لها حقا فى الإختيار بين المسئوليتين ولم يجر تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية بصدد هذا الشرط .

(الطعن رقم 248 لسنة 35 جلسة 1969/06/03 س 20 ع 2 ص 851 ق 134)

18- إذ خلص الحكم المطعون فيه إلى عدم مساءلة الناقل عن التلف تأسيسا على شرط الإعفاء الوارد بعقد النقل طبقا لنص فلا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون أياً كان الخطأ الذى نسبه الحكم الى عمال الناقل وسواء وصفه بأنه خطأ يسير أوخطأ جسيم .

(الطعن رقم 248 لسنة 35 جلسة 1969/06/03 س 20 ع 2 ص 851 ق 134)

19- مفاد نص المادة 567 من القانون المدنى أن إلتزام المؤجر - طبقا لأحكام الإيجار فى القانون المدنى - بصيانة العين المؤجرة و حفظها إنما هو تقرير للنية المحتملة للمتعاقدين و أنه إذا إتفق الطرفان على ما يخالفها تعين إعمال إتفاقهما ، و إذ أورد المشرع هذه المادة و المادة 577 التى تقضى بإلتزام المؤجر بضمان العيوب الخفية بالعين المؤجرة وغيرها من النصوص التى تنظم أحكام عقد الإيجار وتبين آثاره وتحدد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه بالفصل الأول من الباب الثانى من الكتاب الثانى من القانون المدنى ، كما أورد فى شأن العقود الأخرى المنصوص عليها بذات الكتاب الأحكام التى تناسبها فى هذا الخصوص ، وكانت المادة 1/177 من القانون المدنى الخاصة بمسئولية حارس البناء قد وردت بالفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع ، وإذ خص المشرع على هذا النحو المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلا منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين فى تقنينه موضوعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى ، فقد أفصح بذلك عن رغبته فى إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين . فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذى أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقررفى القانون بشأنه بإعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أوعند الإخلال بتنفيذه ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التى لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية فى مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له ، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفاعل الذى إرتكبه و أدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيسا على أنه أخل بإلتزام قانونى ، إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل فى جميع الحالات سواء كان متعاقدا أوغير متعاقد .

(الطعن رقم 280 لسنة 34 جلسة 1968/04/16 س 19 ع 2 ص 762 ق 110)

20- المسئولية العقدية عن تعويض الضرر الذى تسبب عن خطأ المدين متى تحققت لا ترتفع عن هذا المدين بإقرار الغير بتحمل هذه المسئولية منه ما دام الدائن المضرور لم يقبل ذلك و لم يكن طرفاً فى الورقة التى أقر فيها الغير بتحمل تلك المسئولية . ولا يعتبر هذا الإقرار من الغير إتفاقاً على الإعفاء من المسئولية مما تجيزه المادة 217 من القانون المدنى لأن الإتفاق الذى تعنيه هذه المادة هو الإتفاق الذى يحصل بين الدائن المضرور وبين المدين المسئول بشأن تعديل أحكام المسئولية الواردة فى القانون إعفاءا أو تخفيفاً أو تشديداً . أما حيث يتفق المسئول مع الغير ليتحمل عنه المسئولية دون دخل للمضرور فى هذا الإتفاق فإن هذا يكون إتفاقا عل ضمان المسئولية لا يؤثر على حق المضرور فى الرجوع على المسئول الأصلى و لا ينتقص من هذا الحق .

(الطعن رقم 161 لسنة 34 جلسة 1968/04/04 س 19 ع 2 ص 729 ق 104)

21- يشترط لتطبيق المادة 25 من إتفاقية فارسوفيا والقضاء تبعاً لذلك بالتعويض كاملاً وغير محدد بالحدود الواردة فى المادة 22 من هذه الإتفاقية أن يثبت أن الضرر المطالب بتعويضه قد نشأ عن غش الناقل أو عن خطأ منه يراه قانون المحكمة المعروض عليها النزاع معادلاً للغش ، وإذ كان التشريع المصرى الذى أحالت إليه الإتفاقية فى تعريف الخطأ المعادل الغش - بالنسبة للأنزعة التى ترفع إلى محاكم الجمهورية بشأن حوادث الطيران المدنى - قد أفصح فى المادة 217 من القانون المدنى بأنه لا يعتبر من أنواع الخطأ ما يعادل الغش ويأخذ حكمه سوى الخطأ الجسيم فإنه يشترط للحكم على شركة الطيران الناقلة بالتعويض كاملاً ثبوت وقوع الخطأ الجسيم من جانبها .

(الطعن رقم 366 لسنة 33 جلسة 1967/04/27 س 18 ع 2 ص 907 ق 138)

22- نص المادة 25 من إتفاقية فارسوفيا الذى يقضى بأنه " ليس للناقل أن يتمسك بأحكام هذه الإتفاقية التى تعفيه من المسئولية أوتحد منها إذا كان الضرر قد تولد عن غشه أو من خطأ يراه قانون المحكمة المعروض عليها النزاع معادلاً للغش ، وكذلك يحرم الناقل من هذا الحق إذا أحدث الضرر فى نفس الظروف أحد تابعيه وفى أثناء تأديته لأعمال وظيفته " . هذا النص قد تضمن قاعدة إسناد تحيل إلى قانون القاضى فى تعريف الخطأ المعادل للغش والذى يستوجب مسئولية الناقل مسئولية كاملة غير محدودة بالحدود الواردة فى المادة 22 من الإتفاقية المذكورة ولما كانت المادة 217 من القانون المدنى الخاصة بشروط الإعفاء من المسئولية أو الحد منها لا تعتبر من أنواع الخطأ ما يعادل الغش ويأخذ حكمه سوى الخطأ الجسيم فإن الحكم المطعون فيه إذ إستلزم لتطبيق المادة 25 من الإتفاقية  قبل تعديلها - وقوع خطأ جسيم من الناقل الجوى لا يكون مخالفاً للقانون .

(الطعن رقم 362 لسنة 33 جلسة 1967/04/27 س 18 ع 2 ص 896 ق 137)

23- من غير المنتج تعييب الحكم بالخطأ فى الاستناد إلى الفقرة الثانية من المادة 217 (من التقنين المدني) التي تنص على أنه "يجوز للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم فى تنفيذ التزامه" طالما كان الحكم محمولاً فى قضائه بالمسئولية محددة على أحكام معاهدة سندات الشحن .

(الطعن رقم 95 لسنة 25 جلسة 1960/02/11 س 11 ع 1 ص 126 ق 20)

24- لما كانت مسئولية أمين النقل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسئولية تعاقدية ناتجة عن إخلاله بواجبه فى تنفيذ عقد النقل ، ومن ثم يلزم ، طبقاً لنص المادة 221 من القانون المدنى بتعويض الشاحن عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ما لم يتفق على إعفائه من المسئولية أوتخفيفها وفقاً لنص المادة 217 من القانون المشار إليه .

(الطعن رقم 735 لسنة 43 جلسة 1977/12/19 س 28 ع 2 ص 1832 ق 313)

25- تنص المادة 97 من قانون التجارة على أن "أمين النقل ضامن للأشياء المراد نقلها إذا تلفت أوعدمت إلا إذا حصل ذلك بسبب عيب ناشئ عن نفس الأشياء المذكورة أوبسبب قوة قاهرة أو خطأ أوإهمال من مرسلها" ولما كان هذا النص غير متعلق بالنظام العام فإنه يصح الاتفاق على عكسه، ولذلك أجازت الفقرة الثانية من المادة 217 من القانون المدني، الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو عن خطئه الجسيم، ومن ثم فيكون الاتفاق فى سند الشحن على إعفاء مصلحة السكة الحديد من المسئولية عن الأضرار التي تلحق بالبضائع صحيحاً طالما أن تلك الأضرار لم تنشأ عن غش أوخطأ جسيم عون عليها الأولى (المرسل إليها) قد تراخت فى استلام البضاعة من محطة الوصول إلى ما بعد استحقاق رسوم الأرضية واكتشف العجز فى البضاعة عند ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أهدر شرط الإعفاء من المسئولية جانبها، وإذن فإذا كان سند الشحن قد تضمن شرطاً بإعفاء الطاعنة (مصلحة السكة الحديد) من المسئولية الناشئة عن فقد البضائع أو تلفها بعد فوات موعد استحقاق رسوم الأرضية وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن المطلية فى هذه الصورة يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.

(الطعن رقم 501 لسنة 26 جلسة 1962/03/29 س 13 ع 1 ص 373 ق 58)

26- عقد القطر وإن كان يعتبر من عقود النقل البحري إلا أنه ليس ثمة ما يمنع قانوناً من اتفاق طرفيه على أن تكون القاطرة وربانها ورجال طاقمها تحت رقابة وتوجيه الشركة المطعون ضدها - مالكة المنشأة المقطورة - وتابعين لها ومن ثم تسأل عن خطئهم، ولا يعد ذلك منهم اتفاقاً على نفي أودرء للمسئولية التقصيرية وهو الأمر الذي حظرته المادة 217/3 مدني - إذ أن مسئولية المطعون ضدها على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة - وعلى ما سلف البيان - هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور بضم مسئول آخر يكفل بالتضامن المسئول الأصلي دون أن ينقص ذلك من حق المضرور فى الرجوع إن شاء على المسئول الأصلي مباشرة أو على المتبوع، فإذا استأدى تعويضه من المتبوع كان للأخير الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور، كما أن عدم الإتفاق فى عقد القطر على تنظيم كيفية ملازمة ملاك الحوض العائم أو وكلائهم (المطعون ضدها) للرحلة البحرية أثناء القطر لا ينفي تبعية ربان ورجال طاقم القاطرة للمطعون ضدها، تلك التبعية الثابتة بشروط عقد القطر والتي تعطيها السلطة الفعلية فى الرقابة والإشراف والتوجيه على ربان وبحارة القاطرة، ذلك أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التي تثبت للمتبوع فى رقابة التابع وتوجيهه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان فى استطاعته استعمالها.

(الطعن رقم 657 لسنة 42 جلسة 1978/05/08 س 29 ع 1 ص 1180 ق 232)

27- تقوم مسئولية المتبوع عن أعمال التابع الغير مشروعة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أساس الخطأ المفترض من جانب المتبوع كتقصيره فى مراقبة من عهد إليهم بالعمل لديه وتوجيههم مما مؤداه إعتبار مسئولية المتبوع قائمة بناء على عمل غير مشرع ، ومقتضى المادة 3/217 من القانون المدنى هوعدم جواز الاتفاق سلفا على الإعفاء من المسئولية عن العمل غيرالمشروع . فإذا كان هدف المشرع فى تقريرمسئولية المتبوع عن أعمال التابع غير مشروعة هو سلامة العلاقات فى المجتمع مما يعد من الأصول العامة التى يقوم عليها النظام الاجتماعى والاقتصادى فى مصر ، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ اعتبر القاعدة المقررة لمسئولية المتبوع عن أعمال التابع غير المشروعة من المسائل المتعلقة بالنظام العام فى معنى المادة 28 من القانون المدنى ورتب على ذلك استبعاد تطبيق القانون الفلسطينى الذى لا تعرف نصوصه هذه المسئولية وطبق أحكام القانون المصرى فى هذا الخصوص .

(الطعن رقم 22 لسنة 34 جلسة 1967/11/07 س 18 ع 4 ص 1614 ق 243)

28- إذا كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى بحق إلى أن مسئولية الشركة المؤجرة مسئولية تقصيرية وكانت الفقرة الأخيرة منالمادة 217 من القانون المدنى صريحة فى بطلان كل شرط يقضى بالإعفاء من هذه المسئولية فإن دفاع الشركة المؤسس على إعفائها يكون مرفوضا حتما وبالتالى فهو دفاع جوهرى لايتغير به وجه الرأى فى الدعوى ومن ثم فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يبطله

(الطعن رقم 197 لسنة 34 جلسة 1967/10/26 س 18 ع 4 ص 1560 ق 236)

شرح خبراء القانون

نطاق تخفيف المسئولية والإعفاء منها :

الالتزام قد يكون بتحقيق غاية، وفى هذه الحالة يتوفر خطأ المدين العقدى بعدم تحقق هذه الغاية، إذا ما عجز المدين عن إثبات السبب الأجنبي الذي حال بينه وبين تحقيق هذه الغاية كالتزام المقاول بتشييد بناء والتزام البائع بالتسليم والتزام أمين النقل بنقل الأشياء الاشخاص لمكان معين بدون ضرر، فلا يعفى المدين من المسؤولية إلا بتحقيق هذه الغاية، وقد يكون الالتزام ببذل عناية وفى هذه الحالة يتوفر خطأ المدين العقدى بعدم بذل المدين لهذه العناية كالتزام الوكيل بتنفيذ الوكالة، ومتى لحق الدائن ضرر بسبب هذا الخطأ تحققت مسؤولية المدين العقدية متى توافرت علاقة السببية على نحو ما أوضحناه بالمادة 215، والتى لا ينفيها إلا السبب الأجنبى الذى يقع على المدين إثباته إذا ما تمسك به .

ولما كانت أحكام المسئولية العقدية ليست متعلقة بالنظام العام ومن ثم يكون للمتعاقدين الاتفاق على تعديل أحكام تلك المسئولية بإعفاء المدين منها كلية أو بتخفيفها بإعفاء المدين من بعض ما يحقق مسئوليته أو بتشديدها بتحميل المدين المسئولية كاملة حتى لو رجع سبب عدم تنفيذ الالتزام للسبب الأجنبى، مع مراعاة بند مدى المسئولية عند تحقق السبب الأجنبى بالمادة 165 .

فإن كان الالتزام بتحقيق غاية، فقد يتضمن العقد شرطاً بإعفاء المدين من المسؤولية إذا رجع سبب عدم تنفيذ الالتزام لخطأ عادى وقع منه أو لخطأ يسير أو حتى عن الفعل الذى لم يتضمن خطأ إطلاقاً، وبذلك يتحول الالتزام، بسبب شرط الإعفاء، إلى التزام ببذل عناية بعد أن كان التزاماً بتحقيق غاية، ويكون الشرط فى هذه الحالة صحيحاً يترتب عليه إعفاء المدين من المسئولية، أما إذا تضمن الشرط فى هذه الحالة صحيحاً يترتب عليه إعفاء المدين من المسئولية، أما إذا تضمن الشرط إعفاء المدين من المسئولية عن فعله العمد أو عن خطأه الجسيم، فإن الشرط يكون باطلاً ويبقى العقد صحيحاً فتترتب مسؤولية المدين كاملة عن فعله العمد أو عن خطأه الجسيم.

وقد يتفق الطرفان على تخفيف مسئولية المدين، كأن يشترط البائع عدم ضمان إستحقاق المبيع إذا ما أبطل سند الملكية ((م 445)) أو إنقاص الضمان فى حالة ظهور عيب خفى م 453 ويكون الشرط صحيحاً ما لم يرجع عدم تنفيذ الإلتزام الى غش المدين أو الى خطأه الجسيم إذ يبطل الشرط إذا ما أثبت الدائن ذلك فتتحقق مسئولية المدين.

وقد يتفق المتعاقدان على تشديد مسؤولية المدين، فإن كان الالتزام يتطلب لتنفيذ أن يبذل المدين عناية الشخص العادى، فيشترط عليه الدائن بذل عناية الشخص الحريص وقد لا يكتفى الدائن بذلك، بل يشترط تحقق مسئولية المدين حتى لو رجع عدم تنفيذ الالتزام للسبب الأجنبى، فيكون المدين فى هذه الحالة الأخيرة بمثابة المؤمن، ويكون الشرط فى جميع الحالات السابقة صحيحاً، ويتحول به الالتزام إلى التزام بتحقيق غاية بعد أن كان التزاماً ببذل عناية.

الإعفاء بسبب فعل الغير :

الأصل وفقاً للمادة 174 مدنى أن يكون المتبرع مسئولاً عن أعمال تابعة، سواء كانت وليدة خطأ أو عمد، ولما كان هذا النص غير متعلق بالنظام العام، فإنه يجوز للمدين أن يشترط على المتعاقد معه، ألا يكون مسئولاً عن الفعل العمدى الذى يقع من تابعه أو عن خطأه الجسيم الذى يؤدى إلى عدم تنفيذ الالتزام، ويكون هذا الشرط صحيحاً، أما إذا اشترط المدين عدم مسئولية عن أفعال تابعه وكانت هذه الأفعال تشكل جريمة جنائية، وكان الشرط باطلاً وتحققت مسئولية كل من المتبوع والتابع قبل الدائن، إذ يقع باطلاً كل شرط يقضي بالإعفاء من المسئولية المترتبة على العمل غير المشروع - ويخالف السنهورى ذلك ويذهب إلى أن شرط الإعفاء من الفعل العمدي الذي يقع من الغير أو الخطأ الجسيم ينصرف حتى إلى الأفعال التي تشكل جرائم جنائية - أما إن كان الغير ليس تابعاً للمدين فإن فعله يكون سبباً أجنبياً يترتب عليه إعفاء المدين من المسئولية إلا إذا تضمن الإتفاق شرطاً بمسئولية عن ذلك، أو كان الغير شريكاً للتابع فى ارتكاب الفعل الضار أنظر بند مسئولية المتبوع عن أعمال شريك تابعة بالمادة 174 .

ولا يعتبر مدير الشركة تابعاً لها، إنما ممثلاً لها يقوم مقامها، ومن ثم لا يجوز للشركة أن تشترط عدم مسئوليتها عن الفعل العمدي الذي يقع من مديريها ولا عن خطأه الجسيم وإلا وقع الشرط باطلاً .

عدم الإعفاء من المسئولية التقصيرية :

لما كانت أحكام المسئولية التقصيرية تتعلق بالنظام العام، ومن ثم يقع باطلاً كل شرط بإعفاء المدين عن خطأه الذي يشكل جريمة جنائية أو عن خطأه التقصيري أياً كان كما فى التزامات الجور، إنما يجوز الاتفاق على تشديد هذه المسؤولية، كالاتفاق على اعتبار الخطأ مفترضاً بينما هو مما يجب على الدائن إثباته، ومتى تحققت المسئولية التقصيرية، جاز الاتفاق على الإعفاء منها ويكون ذلك بمثابة إبراء للمدين، كما يجوز الاتفاق على التخفيف منها كقبول جزء من التعويض المستحق .

الخيرة بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية :

قد يرتكب المدين فعلاً واحداً تتوفر به شروط المسؤولية العقدية وشروط المسئولية التقصيرية، ويكون أمام الدائن فى هذه الحالة دعويان هما دعوى المسؤولية العقدية ودعوى المسؤولية التقصيرية وقد استوفت كل منهما شرائطها القانونية، ولما كان المشرع قد خص كل من المسئوليتين بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل منهما فى تقنينه موضوعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى، فقد أفصح بذلك عن رغبته فى إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسؤوليتين، فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذى أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد، فانه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر فى القانون بشأنه بإعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الاخلال بتنفيذه، ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة لما يترتب على الأخذ بأحكام المسؤولية التقصيرية فى مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسؤولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى الى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو بعد غشاً أو خطئاً جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بإلتزام قانوني إذ يمتنع عليه ان يرتكب مثل هذا الفعل فى جميع الحالات سواء كان متعاقداً أوغير متعاقد .

وقد أخل المشرع تعديلاً على قانون الإجراءات الجنائية أجاز بموجبه التصالح فى بعض الجرائم التى حددها على سبيل الحصر ورتب على ذلك إنقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة ان كان قد صدر حكم بالإدانة .

ومتي ارتكب المتعاقد جريمة أو غشاً أو خطئاً جسيماً وهو ما يرقى إلى مرتبة الغش وأدى ذلك إلى الإضرار بالمتعاقد الآخر كان للمضرور الخيار بين الرجوع على المتسبب بدعوى المسؤولية العقدية أو بدعوى المسؤولية التقصيرية، فإن رجع بإحداهما التزم بكافة الأحكام المتعلقة بها من حيث الإثبات وتقدير التعويض والتقادم والإعذار والتضامن والإعفاء من المسئولية ذلك أن المسئولية العقدية تخضع في الإثبات للقواعد العامة بينما التقصيرية يجوز إثباتها بكافة الطرق ويقدر التعويض فى الأول بالأضرار المتوقعة عند التعاقد بينما يقدر فى الثانية بالأضرار المتوقعة وغير المتوقعة و تتقادم دعوى المسؤولية العقدية غالباً بخمس عشرة سنة بينما تتقادم دعوى المسؤولية التقصيرية بثلاث سنوات ويجب الأعذار في الأولى ولا يجب فى الثانية ويجوز فى المسئولية العقدية الاتفاق على الإعفاء من المسئولية بينما يبطل شرط الإعفاء في المسؤولية التقصيرية والتضامن في المسؤولية العقدية لا يتقرر إلا بالإتفاق أو بنص فى القانون بينما هو مقرر بحكم القانون فى المسئولية التقصيرية.

ومن ثم لا يجوز أن يجمع بين المسؤوليتين إذ لكل منها نطاقها، كما لا يجوز أن يتخير من كل مسؤولية الأحكام التى تناسبه، لذلك لا يكون للمضرور إلا أن يختار إحدى المسؤوليتين وغالباً ما يلجأ إلى ما يفيده منهما.

أما إن كان الفعل لا يمثل جريمة أوغشاً أو خطئاً جسيماً، فلا يكون أمام المتعاقد المضرور إلا اللجوء إلى المسؤولية التعاقدية، على أنه إذا استند إلى تلك المسئولية ورأت محكمة الموضوع، سواء كانت ابتدائية أو استئنافية، توفر الخطأ التقصيري كان لها أن تقضي بالتعويض استناداً إلى أحكام المسؤولية التقصيرية دون أن يعتبر ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى إذ لها إعطاء الدعوى وصفها الصحيح .

فالمتعاقد الذى يتلف زراعة المتعاقد الآخر أو يختلس أمواله أو يتسبب فى إصابته وما الى ذلك من الأفعال المؤثمة أو التى تتسم بالغش أو الخطأ الجسيم، تتحقق به مسئولية العقدية والتقصيرية معاً ويكون للمتعاقد الآخر الخيار بين المسؤوليتين فى الرجوع عليه، مثال ذلك أمين النقل اذا اختلس شيئاً مما عهد إليه بنقله أو تسبب في إتلافه بخطأه الجسيم أو تسبب فى إصابة الراكب، والمؤجر إذا أتلف غراس المستأجر عمداً.

ولمحكمة الموضوع تكييف المسؤولية وتطبيق أحكامها دون اعتداد بالوصف الذي أسبغه الخصوم عليها أو بالنص القانون الذي استندوا إليه لا ذلك الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع فى دعوى التعويض التي يتعين على المحكمة أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع ولايعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى، انظر الأحكام المشار إليها فيما تقدم وانظر بند (( خطأ المحكمة فى تكييف المسئولية )) بالمادة 170.

الخطأ الجسيم :

الخطأ الجسيم، مرحلة ما بين الخطأ التقصيري البسيط، والخطأ العمدى، فهو تقصير يتجاوز الخطأ البسيط ولا يرقى الى الخطأ العمدى، ويتحقق عندما يتوافر إحتمال حدوث الضرر ومع ذلك يقترف الفاعل سلوكه الذى قد يؤدى الى حدوث الضرر، وبذلك يقترب الخطأ الجسيم من مرتبة الغش ولا يرقى إلى مرتبة العمد.

مثال ذلك، الطيار الذى يخرج عن الخط الملاحى الجوى ويطير فوق منطقة خطره بسبب طبيعتها أو لاعتبارها منطقة حربية، مما يتوافر معه احتمال سقوط طائرته أو إسقاطها وما يترتب على ذلك من أضرار، وهذا سلوك يتجاوز الخطأ التقصيرى البسيط المتمثل في الخروج عن الخط الملاحي الجوي المحدد للطيران ويتجاوزه إلى الطيران فوق منطقة خطرة.

ويجب أن يتوافر علم الطيار بطبيعته تلك المنطقة ليتحقق احتمال وقوع الضرر، فإن لم يثبت ذلك، فينحصر سلوكه في الخطأ التقصيري البسيط، وبالتالي ينتفي الخطأ الجسيم.

كما يتحقق الخطأ الجسيم بقبول حمولة بالمركبة تجاوز الوزن المقرر، لما يترتب على ذلك من احتمال تحقق الضرر بتهشم المركبة وما يصاحب ذلك من أضرار تلحق مايوجد بها من بضائع أو أشخاص، واستخلاص توافر الخطأ الجسيم من مسائل الواقع والموازنة بين الأدلة، وهو ما يستقل قاضى الموضوع بتقديره.

فمن يرتكب خطأ ولا يتوافر لديه الاعتقاد بأن هذا السلوك سوف يؤدى الى الاضرار بالغير، كما ينحرف فجأة بسيارته أو يقودها بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر، فإنه عندما باشر هذا السلوك ما كان يعتقد انه سوف يضر بالغير، وبالتالى يكون خطأه بسيطاً.

أما إذا كان يعتقد أن سلوكه غير المألوف قد يؤدي إلى إحداث ضرر بالغير، فإن خطأه يكون جسيماً، إذ يتوافر بذلك نوع من التقصير، فإن انصرف قصده إلى إحداث الضرر، كان الخطأ عمدياً.

الغش :

الغش نوع من الخطأ العمدى يقترفه صاحبة قاصداً الإضرار بالغير، والقصد في الغش يكون دائماً خفياً بحيث لو ظهر ما تحقق الضرر، ولا يشترط فى الغش وجود تواطؤ، ويستخلص الغش عندما يبرم تصرف أو يتخذ إجراء على غير مقتضى حسن النية الواجب توافره فى المعاملات ويرمي إلى الأضرار بالغير بحيث لو علمه من وجه إليه ما كان قد رضي به.

والمقرر أن الغش يبطل التصرفات والإجراءات، وبالتالي فهو يبطل شرط الإعفاء من المسئولية العقدية، لأن مناط الالتزام بهذا الإعفاء، هو تنفيذ العقد بحسن نية .

أثر الخطأ الجسيم أو الغش على شروط الإعفاء :

يتعين لإعفاء المتعاقد من المسؤولية العقدية إعمالاً لشرط الإعفاء، التزام كل متعاقد بتنفيذ العقد بما يتطلبه حسن النية بحيث إذا انتفى ذلك وتوافر الخطأ الجسيم أو الغش عند تنفيذ العقد، أدى ذلك الى بطلان شرط الإعفاء، إذ يتحقق بذلك قدر من قصد الاضرار بالمتعاقد الآخر، على نحو ما أوضحناه بصدد الغش فيما تقدم، وبالنسبة للخطأ الجسيم فيتحقق إحتمال الاضرار وهو قدر من قصد الإضرار، بما يتوافر به الخطأ التقصيري وحينئذ تتوافر أركان المسئولية التقصيرية، ويتطلب تطبيقها إبطال شرط الإعفاء عملاً بالفقرة الثانية من المادة 217 من القانون المدنى .

وإذا توافر الخطأ الجسيم بالنسبة للناقل الجوى، فانه يلتزم بالتعويض كاملاً وفقاً للقواعد العامة دون التعويض المحدد باتفاقية فارسوفيا .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع، الصفحة :  234)

والقضاء في مصر وفي فرنسا جرى على هذا المبدأ، لا بالنسبة إلى الإعفاء من المسئولية فحسب، بل أيضاً بالنسبة إلى التخفيف منها في صورة المختلفة  وتعليل ذلك أن أحكام المسئولية التقصيرية من النظام العام، والقانون هو الذي يتكفل بتقريرها، فهي ليست كأحكام المسؤولية العقدية التي هي من صنع المتعاقدين، فيستطيعان أن يحاور فيها وأن يعفوا منها، فلا يجوز إذن الاتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية أو على التخفيف منها سواء من حيث مدى التعويض أو من حيث الشرط الجزائي أو من حيث مدة الدعوي، وقد رأينا في المسئولية العقدية أن كل هذا جائز في غير العمد والخطأ الجسيم.

أما الفقه في فرنسا فيناقش القضاء منتقدا إياه، ويرى أن غير الجائز من هذه الاتفاقيات هو الاتفاق الخاص بالمسئولية التقصيرية إذا ترتبت على العمد أو الخطأ الجسيم وكذلك إذا ترتبت على خطأ يسير ولحق الضرر الجسم دون المال، فإن الاتفاق على الإعفاء من المسئولية التي تترتب على تعمد الأضرار بالغير أو ما هو بمنزلة هذا التعمد الخطأ الجسيم، أو على التخفيف من هذه المسئولية، يكون مخالفاً للنظام العام، كذلك الأمر إذا كان الضرر يلحق الجسم لا المال، ولا ترتب على خطأ يسير، فإن جسم الإنسان لا يجوز إن يكون محلاً للاتفاقات المالية، لكن إذا كان الضرر يلحق المال ويترتب على خطأ يسير، فليس في القواعد العامة ما يمنع من الاتفاق على الإعفاء من المسئولية فيها، ومن باب أولى من الاتفاق على التخفيف من المسؤولية في أية صورة من صور التخفيف.

ومهما يكن من أمر فالقانون الجديد صريح في بطلان الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية أو على التخفيف منها، وهو في ذلك يؤيد القضاء في مصر وفي فرنسا.

ويجوز للشخص أن يؤمن على مسئوليته المترتبة على الخطأ، سواء كان هذا الخطأ عقدياً أو تقصيرياً، وسواء كان الخطأ التقصيري مفترضاً أو ثابتاً، وسواء كان الخطأ الثابت يسيراً أو جسيماً ولكن لا يجوز التأمين على المسئولية المترتبة على الخطأ العمد، إذا لا يجوز لأحد أن ييسر لنفسه السبيل إلى الغش، وإنما يجوز التأمين على المسئولية عن عمل الغير، حتى لو ارتكب هذا الغير خطأ عمداً، ذلك أن المسئول عن الغير لم يؤمن من المسئولية عن غشه هو بل عن غش الغير، فالخطأ الشخصي الذي يؤمن نفسه منه هو خطأ مفترض لا خطأ عمد  .

ونرى من ذلك أن الشخص يستطيع أن يؤمن على مسئوليته في مختلف صورها، فيما عدا المسئولية عن الخطأ العمد الذي يصدر منه شخصياً .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الأول، المجلد : الثاني، الصفحة : 1372) 

المسئولية العقدية تنشأ عن العقد، والعقد وليد إرادة الطرفين، فالإرادة حرة إن في تعديل أحكام هذه المسؤولية بالتشديد أو التخفيف، وذلك في حدود القانون والنظام العام والآداب ولذلك أجازت الفقرة الأولى من المادة أن يتحمل المدين تبعة الحادث المفاجئ والقوة القاهرة، أي أنها تجيز تشدید مسئولية المدين.

كما أجازت الاتفاق على تخفيف المسئولية بألا يكون المدين مسئولاً حتی عن تقصيره، إلا ما ينشأ عن الفعل العمد، أو ما يلحق بالفعل العمد وهو الخطأ الجسيم، وكذلك الغش.

غير أنه يشترط في ذلك أن تكون نية الطرفين واضحة بما لا يحتمل لبساً أو غموضاً، وإلا فإن الشك يفسر لمصلحة من يضار بالإتفاق (م 151)، أي في مصلحة الدائن الذي يمس هذا الإتفاق بحقه في التعويض، فيحمل الاتفاق على أنه لم يقصد به سوی قلب عبء الإثبات.

فإذا كان الالتزام بتحقيق غاية، فقد يتضمن العقد شرطاً بإعفاء المدين من المسؤولية إذا رجع سبب عدم تنفيذ الالتزام لخطأ عادي وقع منه أو لخطأ يسير أو حتى عن الفعل الذي لم يتضمن خطأ إطلاقاً، وبذلك يتحول الالتزام، بسبب شرط الإعفاء إلى التزام ببذل عناية بعد أن كان التزاماً بتحقيق غاية.

وإذا كان الالتزام ببذل عناية، يتطلب لتنفيذه أن يبذل المدين عناية الشخص العادي، فيشترط عليه الدائن بذل عناية الشخص الحريص، وقد لا يكتفي الدائن بذلك، بل يشترط تحقق مسئولية المدين حتى لو رجع عدم تنفيذ الالتزام للسبب الأجنبي، فيكون المدين في هذه الحالة الأخيرة بمثابة المؤمن، ويكون الشرط في جميع الحالات السابقة صحيحاً، ويتحول به الالتزام إلى التزام بتحقيق غاية بعد أن كان التزاما ببذل عناية.

ويراعي ما تنص عليه المادة (267) من قانون التجارة الجديد الواردة في "نقل الأشخاص" من أنه :

1- يقع باطلاً كل شرط يقضي بإعفاء الناقل كلياً أو جزئياً من المسئولية عما يلحق الراكب من أضرار بدنية.

2- ويعتبر في حكم الإعفاء من المسئولية كل شرط يكون من شأنه إلزام الراكب بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسئولية الناقل وكل شرط ينزل بموجبه الراكب للناقل عن حقوقه في التأمين ضد أخطاء الناقل". 

لا يجوز الإتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ المدين التزامه التعاقدي الناشئ عن فعله العمد، لأنه إذا أجيز الاتفاق على الإعفاء من المسئولية العقدية إلى حد الإعفاء من الفعل العمد، يجعل التزام المدين معلقاً على شرط إرادي محض، وهذا لا يجوز، ولأن الخطأ الجسيم يقترب من الخطأ العمد فهو يلحق به في الحكم.

المقصود بالخطأ الجسيم :

ويمكن القول بأن الخطأ الجسيم مرحلة ما بين الخطأ التقصيري البسيط و الخطأ العمدي، فهو تقصير يتجاوز الخطأ البسيط ولا يرقى إلى الخطأ العمدي.

مثال ذلك الطيار الذي يخرج عن الخط الملاحي الجوى ويطير فوق منطقة خطرة بسبب طبيعتها أو لاعتبارها منطقة حربية، مما يتوافر معه احتمال سقوط طائرته أو إسقاطها وما يترتب على ذلك من أضرار، وهذا سلوك يتجاوز الخطأ التقصيري البسيط في الخروج عن الخط الملاحي الجوي المحدد للطيران ويتجاوزه إلى الطيران فوق منطقة خطرة.

ويجب أن يتوافر علم الطيار بطبيعة تلك المنطقة ليتحقق إحتمال وقوع الضرر، فإن لم يثبت ذلك، فينحصر سلوكه في الخطأ التقصيري البسيط، وبالتالي ينتفي الخطأ الجسيم.

كما يتحقق الخطأ الجسيم بقبول حمولة بالمركبة تجاوز الوزن المقرر، لما يترتب على ذلك من إحتمال تحقق الضرر بتهشم المركبة وما يصاحب ذلك من أضرار تلحق ما يوجد بها من بضائع أو أشخاص.

وقد عرفت الفقرة الثانية من المادة 216 من قانون التجارة الجديد الواردة في الفصل الخاص بالنقل " الخطأ " الجسيم بأنه : "كل فعل أو امتناع يقع من الناقل أو من تابعيه برعونة مقرونة بإدراك لما قد ينجم عنها من ضرر".

المقصود بالغش :

الغش هو كل فعل أو امتناع يقع من الشخص أو تابعيه بقصد إحداث الضرر، والقصد في الغش يكون دائماً خفياً بحيث لو ظهر لما تحقق الضرر، والغش يستوجب وجود سوء النية أو تعمد إحداث الضرر، والفرق بين الغش والتدليس، أن الغش يكون في مرحلة تنفيذ العقد وبعد إبرامه، أما التدليس فيكون في مرحلة إبرام العقد، ويجمع بين الغش والتدليس توافر سوء النية، ومثال الغش تبديد الشيء المنقول أو إحراقه .

عدم جواز تخفيف مسؤولية الناقل البحري عن الحدود المسموح بها في معاهدة سندات الشحن :

1- "ظاهر من نص الفقرة الثامنة من المادة الثالثة، والفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل لسنة 1924، أنها لم تتناول بيان طريقة تقدير التعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضائع المشحونة وهلاكها واكتفت بوضع حد أقصى للتعويض عن هذا العجز أو التلف إذا لم يتضمن سند الشحن بیان جنس البضاعة وقيمتها قبل شحنها، كما خلت باقی نصوص المعاهدة والقانون البحري من بيان طريقة تقدير هذا التعويض، ومن ثم يتعين الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في القانون المدني في شأن المسئولية العقدية بصفة عامة مع مراعاة الحد الأقصى المشار إليه ".

يجوز للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه، رغم أنه لا يستطيع ذلك بالنسبة للمسئولية الناشئة عن غشه أو خطئه الجسيم.

ويلاحظ أن مدير الشركة لا يعتبر وكيلاً عنها يدخل في طائفة الغير الذي يجوز للشركة أن تعفي نفسها من المسؤولية عن فعله العمد أو خطئه الجسيم، وإنما هو أداة الشركة في معاملاتها بحيث يعتبر فعله عملاً شخصياً للشركة، فتكون الشركة مسئولة عن فعله مسئوليتها عن عمله الشخصي، ويترتب على ذلك أنه إذا اشترطت الشركة إعفاءها من المسئولية عن الغش الذي يقع من مديرها أو خطئه الجسيم وقع هذا الشرط باطلاً.

وإذا وقع شرط الإعفاء صحيحاً فإنه يترتب عليه إعفاء المدين من أية مسئولية بالقدر الذي يقول به الشرط.

أما إذا وقع الشرط باطلاً فإن الشرط هو الذي يبطل وحده ويبقى العقد قائماً، إلا إذا كان هذا الشرط هو الدافع إلى التعاقد فيبطل العقد كله طبقاً لفكرة الباعث المشروع .

عدم الإعفاء من المسئولية التقصيرية :

أحكام المسئولية التقصيرية تتعلق بالنظام العام، ومن ثم يقع باطلاً كل شرط بإعفاء المعين من المسئولية التقصيرية الناشئة عن فعله الشخص، أو بالإعفاء من المسئولية التقصيرية الناشئة عن فعل الأشخاص الذين يعده القانون مسئولاً عنهم.

غير أنه يجوز الاتفاق على تشديد هذه المسؤولية، كالاتفاق على اعتبار الخطأ مفترضاً بينما هو مما يجب على الدائن إثباته، ومتى تحققت المسئولية التقصيرية، جاز الاتفاق على الإعفاء منها ويكون ذلك بمثابة إبراء للمدين، كما يجوز الاتفاق على التخفيف منها كقبول جزء من التعويض المستحق.

شرط تحديد المسئولية بمبلغ من المال :

قد يتفق المتعاقدان على وضع حد مالی لمسئولية المدين بحيث لا يجاوز التزامه بالتعويض لهذا الحد مهما بلغت قيمة الضرر.

فإذا كان المتعاقدان قد وضعا حداً تافهاً جداً المسئولية المدين بحيث تصبح المسئولية صورية أو منعدمة بقصد الاحتيال على عدم جواز اشتراط الاعفاء من المسؤولية في الحالات التي لا يجوز فيها هذا الشرط، فإن هذا الشرط يقع باطلاً ولا يعمل به.

أما فيما عدا ذلك من الأحوال فإنه يكون صحيحاً لأنه يعتبر نوعاً من الشرط الجزائي الذي يتفق المتعاقدان بموجبه سلفاً على تقدير التعويض الذي ينشأ من عدم الوفاء.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث، الصفحة : 407) 

إذا كانت القواعد العامة تجعل المدين مسئولاً عن مجرد عدم الوفاء وغير مسئول عن القوة القاهرة أو الحوادث الفجائية، فإن ذلك لا يمنع أن يتفق الدائن والمدين على تشديد هذه المسئولية أو تخفيفها فيكون التشديد بالاتفاق على جعل المدين مسئولاً عن الحوادث الفجائية والقوة القاهرة، ويكون التخفيف بالاتفاق على أن المدين لا يسأل عن مجرد عدم الوفاء، وانما يسأل فقط عن غشه أو خطئه الجسيم .

التمييز بين الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية والتأمين على المسؤولية :

وقبل أن نعرض لدراسة الاتفاق على الإعفاء من المسئولية يجدر بنا أن نبين الفرق بينه وبين التأمين من المسئولية .

فالتأمين من المسئولية اتفاق يعقده شخص مع احدى شركات التأمين لتغطية مسؤوليته عما يحدث بالغير من أضرار، وبمقتضاه يلتزم هو يدفع أقساط التأمين للشركة في مقابل التزامها هي بأن تدفع له قيمة التعويض الذي ينشأ في ذمته لمصلحة المضرور.

وهذا النوع من الاتفاق صحيح، ولا شيء فيه يخالف النظام العام، لأن التزام الشركة بدفع التعويض يقابله التزام المؤمن له بأقساط التأمين، ولأنه إذا كان المؤمن له يصبح بهذا العقد الاحتمالي في مأمن من الخسارة التي كان يجب أن يتحملها وفاء لالتزامه بالتعويض، فإنه إنما يصل إلى هذا المركز الممتاز نتيجة تبصره وتدبره عواقب الأمور والتزامه بأقساط التأمين ولا شك في أن اتفاقاً يشجع الناس على التبحر والاحتياط للمستقبل يستحق التأييد والتشجيع، ولا سيما أنه يزيد في ملاءة المسؤول، فيزيد بالتالي احتمال حصول المصاب على التعويض المستحق له، وبخاصة إذا خول الأخير حق الدعوى المباشرة لمطالبة المؤمن بمبلغ التعويض.

على أنه من المسلم أن عقد التأمين لا يشمل مسئولية المؤمن له عن خطئه العمد، بل يقتصر على الخطأ غير العمد، سواء كان يسيراً أم جسيماً .

أما الاتفاق بين الدائن و المدين على اعفاء الأخير من المسؤولية، يقصد به إعفاء المدين من التزامه بالتعويض وسلب المضرور حقه المقابل لذلك، وهو يشبه التأمين من المسئولية من حيث أن كلا منهما يرمي في النهاية إلى رفع عبء التعويض عن المسئول ولكنهما يختلفان اختلافاً جوهرياً من حيث ثبوت حق المضرور في التعويض، إذ أن التأمين من المسئولية لا يمس بحق المضرور بل يزيد في ضمان حصوله عليه بما ينشئه في ذمة المؤمن من التزام بقيمة التعويض وبما قد يتيحه للمضرور من دعوى مباشرة قبل المؤمن، في حين أن الاتفاق على الإعفاء من المسئولية يسلب المضرور حقه في التعويض، ولذا كانت صحته محل خلاف ما سيجئ.

ويجب في دراسة الاتفاق على الإعفاء من المسئولية أن نفرق فيه بين ما إذا كان المدين قد اشترط اعفاءه من المسؤولية الناشئة عن فعله الشخصي أو من المسئولية الناشئة عن فعل الأشخاص الذي يسأل عنهم.

الاتفاق على الإعفاء من المسئولية الناشئة عن الفعل الشخصي :

من المسلم في هذه الحالة أن شرط الإعفاء من المسئولية عن الخطاً العمدي غير جائز، لأن مؤداه أن المدين يحتفظ لنفسه بحرية الوفاء او عدم الوفاء، مما يجعل الالتزام معلقاً على شرط إرادی بحت، وسيجيء أن هذا النوع من الشرط يجعل الالتزام باطلاً.

ويلحق بالخطأ العمد الخطأ الجسيم وهو الخطأ الذي لا يرتكبه بحسن نية أكثر الناس غباوة، فمتى وجد خطأ يبلغ هذه الدرجة من الجسامة تعيين اعطاؤه حكم الخطأ العمد لأن مثل هذا الخطأ الجسيم يرجح احتمال صدوره عن عمد ولأن العمد يصعب إثباته بطريق مباشر والغالب أن يستدل عليه بجسامة الخطأ.

بقي أن نعرف ما هي قيمة شرط الإعفاء من المسئولية عن الخطأ اليسير يفرق الشراح عادة في هذا الشأن بين المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية، ويقولون أن المسؤولية التقصيرية هي جزاء الإخلال بواجب قانوني، وقد فرضها المشرع للمحافظة بها على الأمن والنظام العام، فلا يجوز الاتفاق على الإعفاء منها، وكل اتفاق يخالف ذلك يقع باطلاً .

أما بالنسبة الى المسئولية العقدية، فقد تعددت المذاهب بشأنها في فرنسا .

فالقضاء الفرنسي اعتبر هذا الشرط صحيحاً على أن لا يكون له من أثر سوى قلب عبء الاثبات، فبناء عليه لا يكون المدين مسئولاً عن مجرد عدم الوفاء كما هو الأصل، ولا يطالب هو بأن يثبت أن عدم الوفاء راجع إلى سبب أجنبي، وإنما يتعين على الدائن أن يثبت أن عدم الوفاء يرجع إلى خطأ المدين ولو كان هذا الخطأ يسيراً.

فطبقاً لهذا الرأي لا يترتب على الاتفاق المذكور إعفاء من المسؤولية العقدية عن الخطأ اليسير، بل إعفاء من المسئولية العقدية التي تفشت بمجرد عدم الوفاء، ورجوع بالدائن والمدين إلى ميدان المسئولية التقصيرية، فإن استطاع الدائن أن يثبت على المدين أي خطأ كان ذلك كافياً لإلزامه بالتعويض بالرغم من شرط الإعفاء من المسؤولية. 

وقد طبق القضاء الفرنسي هذا الرأي أكثر ما طبقه في أحوال المسؤولية الناشئة عن عقد نقل البضائع، فأصبحت شركات النقل جميع تشترط عدم مسئوليتها عن الضرر الذي يصيب المتعاملين معها بسبب فقد البضائع أو تلفها، فضج المتعاملون مع هذه الشركات، حتى اضطر المشرع الفرنسي الى إصدار قانون رابييه في 17 مارس 1905 الذي نص على بطلان كل شرط يقضي بإعفاء متعهد النقل من المسئولية المتعلقة بالبضائع المنقولة (أضيف نصه الى المادة 103 من قانون التجارة).

وكذلك نص قانون الملاحة الجوية الصادر في 31 مايو 1924 على بطلان كل شرط يقضي بإعفاء أمين النقل من المسئولية الناشئة عن أخطائه (127 مكرر).

أما في غير هاتين الحالتين فقد استمر القضاء الفرنسي يرى أن النص على الإعفاء من المسئولية لا يترتب عليه سوى قلب عبء الاثبات وأنه لا يعفى المدين من المسئولية إذا استطاع الدائن أن يثبت صدور خطأ منه كان سبباً في عدم الوفاء ولو كان ذلك الخطأ يسيراً.

وقد ساير بعض الفقه الفرنسي القضاء فيما ذهب إليه ولكن الكثرة خالفته في ذلك فلم تكتف بمجرد قلب عبء الاثبات في هذه الحالة، بل رأت أنه يتعين أن يترتب على مثل هذا الاتفاق عدم مسؤولية المدين ما لم يثبت أنه قد تسبب في عدم الوفاء عمداً أو بخطأ جسيم.

وفي القانون المصرى انعقد الإجماع في ظل التقنين الملغي على بطلان كل شرط يقضي بالإعفاء من المسئولية التقصيرية إطلاقاً، أو بالإعفاء من المسؤولية العقدية عن الخطأ العمد أو عن الخطأ الجسيم، وقد نص التقنين الحالي على ذلك صراحة في المادة 217 فقرة ثانية فيما يتعلق بالمسئولية العقدية وفقرة ثالثة فيما يتعلق بالمسئولية التقصيرية.

أما فيما يتعلق بالإعفاء من المسئولية العقدية عن الخطأ اليسير، الإجماع كان منعقداً كذلك على صحته، وانحصر الخلاف فيما يترتب عليه من أثر كان الفقه يكاد يجمع على أن هذا الشرط لا يترتب عليه فقط قلب عبء الاثبات، بل يترتب عليه فوق ذلك ألا يكون المدين مسئولاً إلا عن خطئه الجسيم أو العمدي، وقد صدرت بعض أحكام بهذا المعنى. 

أما أغلبية الأحكام فالظاهر أنها حذت حذو القضاء الفرنسي ولم ترتب على شرط الإعفاء من المسئولية سوى قلب عبء الاثبات مع ابقاء المدين مسئولاً عن خطئه اليسير.

وقد أخذ المشرع في التقنين الحالي بما كان الفقه قد ذهب إليه لا بما ذهبت اليه أحكام المحاكم، فنص في المادة 217 فقرة ثانية على أنه « يجوز الاتفاق على اعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم »، ومؤدى ذلك أن الإتفاق على الإعفاء من المسئولية عن عدم تنفيذ التزام عقدي يترتب عليه رفع المسئولية عن المدين ما لم يثبت الدائن أن عدم التنفيذ راجع إلى غش المدين أو خطأ جسيم منه .

غير أنه يشترط في ذلك أن تكون نية الطرفين واضحة بما لا يحتمل لبساً أو غموضاً، والا فإن الشك يفسر لمصلحة من يضار بالاتفاق (المادة 151 فقرة أولى) أي في مصلحة الدائن الذي يمس هذا الاتفاق بحقه في التعويض، فيحمل الاتفاق على أنه لم يقصد به سوی قلب عبء الإثبات .

اشتراط المدين إعفاءه من المسئولية الناشئة عن فعل أعوانه :

ومن المسلم في هذه الحالة أيضاً أن الشخص كما لا يجوز له أن يشترط إعفاءه من المسؤولية التقصيرية الناشئة عن فعله الشخصي، لا يجوز له ذلك بالنسبة إلى المسئولية التقصيرية الناشئة عن فعل الأشخاص الذين يعده القانون مسئولاً عنهم، وقد حكم تطبيقاً لذلك ببطلان الشرط الذي يرد في عقد إيجار على اعفاء المؤجر من مسئوليته إزاء المستأجر عن خطأ البواب المعين من قبله لحراسة المبنى المؤجر لمخالفة هذا الشرط النظام العام .

أما في المسؤولية التعاقدية فالإجماع منعقد ( في فرنسا، وفي مصر فقهاً وقضاءً ) على جواز اشتراط الإعفاء من المسئولية عن الخطأ اليسير الذي يقع من الأعوان .

وفي الحالات التي لا يجوز فيها للمدين أن يشترط إعفاءه من المسؤولية، أو في الحالات التي لا يقبل فيها الدائن مثل هذا الشرط، قد يلجأ المتعهد إلى اشتراط وضع حد مالی لمسؤوليته بحيث لا يجاوز التزامه بالتعويض هذا الحد مهما بلغت قيمة الضرر، أفيعتبر هذا الشرط صحيحاً أم لا ؟

يلاحظ أولا أن المدين قد يلجأ الى هذا الشرط ويعين حداً تافهاً جداً لمسئوليته بحيث تصبح المسئولية صورية أو منعدمة قصد الاحتيال على مبدأ عدم جواز اشتراط الإعفاء من المسؤولية في الحالات التي لا يجوز فيها هذا الشرط،  فمتى ثبت ذلك فلا شك في أن الشرط يقع باطلاً ولا يعمل به .

أما فيما عدا ذلك من الأحوال فانه يكون صحيحاً لأنه يعتبر نوعاً من الشرط الجزائي الذي يتفق المتعاقدان بموجبه سلفاً على تقدير التعويض الذي ينشأ من عدم الوفاء.

وقد أجازت المحاكم الفرنسية هذا الشرط، حتى في مسائل نقل البضائع، بالرغم من أن قانون رابييه يجعل الاتفاق على الإعفاء من المسئولية باطلاً، بل ذهبت الى أبعد من ذلك فاعتبرت هذا الشرط صحيحاً لا في حالة الخطأ اليسير فحسب، بل حتى في حالة الخطأ الجسيم، ولكنها لم تجزه في حالة الخطأ العمد، وتعرضت المحاكم بذلك اني مخالفة المبدأ التقليدي الذي يسوى بين الخطأ الجسيم والعمد .

وقد سارت المحاكم المصرية في هذا الطريق أيضاً، فأجازت شرط تحديد المسئولية بمبلغ من المال في مسائل النقل وفي غيرها، ولكنها قصرت ذلك على الخطأ اليسير، ورفضت تطبيقه على حالة الخطأ الجسيم .

ولأن التقنين الحالي لم يرد فيه نص على ذلك، يمكن القول باعتماد الرأي الذي سارت عليه المحاكم في هذا الشأن.

غير أنه يلاحظ أنه يترتب على النحو في المادة 217 فقرة ثانية على جواز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التي تنشأ عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من الأعوان أنه يجوز أيضاً الاتفاق على تحديد هذه المسئولية بمبلغ معين ويكون الاتفاق على ذلك صحيحاً وواجباً العمل به، خلافاً لما كانت تقضى به المحاكم في ظل التقنين الملغي.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس، الصفحة : 158) 

أن المشرع حظر هذا الاتفاق وعلى ذلك لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية ولو كان الخطأ يسيراً أو تافهاً، ويعتبر قيام مثل هذا الاتفاق باطلاً لمخالفته للنظام العام ويمتنع على المحكمة تطبيقه إذا قدم إليها، كما لا يجوز الاتفاق على التخفيف منها في صورها المختلفة كما إذا اتفقا على تحديد المسئولية بقدر معين من التعويض مهما كانت درجة الخطأ ومهما كانت درجة التخفيف.

فمبدأ المسئولية العقدية عن الغير يستخلص ضمناً من هذا النص، فما دام أنه يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليته عن الخطأ الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه، فذلك لا يستقيم إلا إذا كان هو في الأصل مسئولاً عن خطأ هؤلاء الأشخاص فيستطيع بالاتفاق أن يتقي هذه المسؤولية ومن ثم يمكن القول بأن الفقرة الثانية من المادة 217 تقرر مبدأ عاماً هو أن المدين مسئول مسئولية عقدية عن خطأ الأشخاص الذين يستخدمهم في تنفيذ التزامه.

ولا تعتبر مسئولية المدين عمن يستخدمهم في تنفيذ التزامه مسئوليته عن الغير إلا إذا كان جائزاً للمدين أن يستخدم غيره في تنفيذ التزامه، أما إذا كان ذلك ممنوعاً عليه فإن استعان بغيره تعتبر خطأ شخصياً تقوم عليه مسؤولية شخصية، وعلى ذلك إذا التزم المهندس بعدم الاستعانة بغيره عند إجراء عمل معين إلا أنه خالف ذلك ووقع خطأ من مساعدة اعتبر المهندس مسئولاً شخصياً عن خطأ المساعد.

كما تتحقق مسئولية المدين الشخصية إذا أساء اختيار من يستخدمهم في تنفيذ التزامه أو أساء توجيههم، فالمدين مسئول مسئولية عقدية عن المعاونين والبدلاء الذين يستخدمهم في تنفيذ التزامه. (المسئولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء للمستشار عز الديناصوري والدكتور عبد الحميد الشواربي،الجزء : الأول، الصفحة : 329)

عقد القطر وإن كان يعتبر من عقود النقل البحري إلا أنه ليس ثمة ما يمنع قانوناً من اتفاق طرفيه على أن تكون القاطرة وربانها ورجال طاقمها تحت رقابة وتوجيه الشركة المطعون ضدها - مالكة المنشأة المقطورة – وتابعين لها ومن ثم تسأل عن خطئهم، ولا يعد ذلك منهم اتفاقاً على نفي أو درء للمسئولية التقصيرية - وهو الأمر الذي حظرته المادة 3/217 مدني إذ أن مسئولية المطعون ضدها على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة - وعلى ما سلف البيان - هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور بضم مسئول آخر يكفل بالتضامن المسئول الأصلي دون أن ينقص ذلك من حق المضرور في الرجوع إن شاء على المسئول الأصلي مباشرة أو على المتبوع، فإذا استأدى تعويضه من المتبوع كان للأخير الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور، كما أن عدم الاتفاق في عقد القطر على تنظيم كيفية ملازمة ملاك الحوض العائم أو وكلائهم (المطعون ضدها) للرحلة البحرية أثناء القطر لا ينفي تبعية ربان ورجال طاقم القاطرة للمطعون ضدها، تلك التبعية الثابتة بشروط عقد القطر والتي تعطيها السلطة الفعلية في الرقابة والإشراف والتوجيه على ربان وبحارة القاطرة، ذلك أن علاقة التبعية تقوم على السلطة الفعلية التي تثبت للمتبوع في رقابة التابع وتوجيه سواء عن طريق العلاقة العقدية أو غيرها وسواء استعمل المتبوع هذه السلطة أو لم يستعملها طالما أنه كان في استطاعته استعمالها ".(1978/5/8 طعن 657 سنة 42 ق - م نقض م - 29 - 1180) .(التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 (مادة ۱۸۹)

يقع باطلاً كل شرط يقضى بالاعفاء من المسئولية المترتبة على الفعل الضار .

هذه المادة تطابق الفقرة الثالثة من المادة ۲۱۷ من التقنين الحالي .

و تطابق الفقرة الثالثة من المانة 259 من التقنين العراقي .

و تطابق المادة ۲۷۰ من التقنين الأردنی .

و تطابق في حكمها المادة 254 من التقنين الكويتي :

وما جاء في المادة المقترحة يتفق مع القاعدة الشرعية التي تقضي بأن يتحمل الانسان وزر عمله ، وقد جاء في الآية الكريمة 🙁 كل نفس بما كسبت رهينة)

 ( مادة ۲۲۹)

1-لا يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة القوة القاهرة .

٢- وكذلك لا يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من المسئولية المترتبة على عدم تنفيذ التزامه التعاقدی ۰

هذه المادة تقابل الفقرتين الأولى والثانية من المادة ۲۱۷ من التقنين الحالي اللتين تنصان على ما يأتي :

1- يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة الحادث المفاجيء والقوة القاهرة 

٢- و كذلك يجوز الاتفاق على اعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي الا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم . ومع ذلك يجوز للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه •

و تقابل الفقرتين الأولى والثانية من المادة 259 من التقنين العراقي اللتين تطابقان نص التقنين الحالي .

و تقابل المادتين 295 و 296 من التقنين الكويتي اللتين تطابقان نص التقنين الحالي .

وقد رئي في المادة المقترحة الأخذ بعكس الأحكام الواردة في التقنين الحالي والتقنين العراقي والتقنين الكويت وذلك مراعاة لمبدأين أساسيين في الشريعة الإسلامية:

المبدأ الأول هو ما جاء في الآية الكريمة : لا یکلف الله نفساً الا وسعها ، مما لا يسوغ معه أن يتفق مقدماً على أن يتحمل المدین تبعة القوة القاهرة ، اذ ليس في وسعه أن يدفع هذه القوة القاهرة . ويلاحظ هنا أن الفقرة الأولى من المادة المقترحة لم يرد فيها ذكر للحادث المفاجی ، لأنه يعتبر من قبيل القوة القاهرة •

والمبدأ الثاني هو ما جاء في الآية الكريمة : (يايها الذين آمنوا . أوفوا بالعقود) ، ، مما لا يسوغ معه أن يتفق مقدماً على إعفاء المدين من المسئولية المترتبة على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي ، حتى ولو كانت هذه المسئولية راجعة إلى خطأ وقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه •