loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني، الصفحة : 560

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- لا يستحق التعويض لعدم التنفيذ، أو للتأخر فيه، إلا بعد الإعذار، وهو دعوة توجه إلى المدين، يقصد منها إنذاره بوجوب الوفاء ويترتب على ذلك ما يأتي :

(أولاً) لا ضرورة للإعذار إذا كان الدائن يطالب بالوفاء عيناً، لا بالوفاء مقابل (التعويض) .

(ثانياً) لا فائدة في الإعذار إذا أصبح من المحقق أن المدين لا يمكنه تنفيذ الالتزام عيناً، أو أنه لا يرغب في ذلك .

وعلى هذا النحو لا يكون ثمة محل للإعذار في الأحوال الآتية :

(أ) إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً بفعل المدين ويراعى أن استحالة التنفيذ، من جراء سبب أجنبي، تستتبع انقضاء الالتزام، وسقوط المسؤولية، فتنتفي بذلك علة الإعذار.

أما إذا كان محل الالتزام امتناعاً عن عمل فجرد الإخلال بالتعهد يجعل الإعذار عديم الجدري.

(ب) إذا كان ما ينبغي الوفاء به تعويضاً عن عمل غير مشروع. ذلك أن هذا التعويض يترتب على الإخلال بالالتزام بعدم الإضرار بالغير، دون سبب مشروع، وهو التزام بامتناع عن عمل مقرر بنص القانون.

(ج) إذا صرح الدين كتابة أنه اعتزم عدم الوفاء بما التزم به.

وأخيراً نص المشروع أيضاً على التجاوز عن ضرورة الإعذار، إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق، أو شيء تسلمه بغير حق، عن بينة منه. وقد قصد من ذلك إلى حرمان سيء النية من ضمانة الإعذار.

2 - يبقى بعد ذلك بيان كيفية إعذار المدين، حيث يكون هذا الإجراء ضرورياً، وقد استحدث المشروع في هذا الشأن ضرباً من ضروب التيسير، فلم يكتف بالإنذار الرسمي أو ما يقوم مقامه - كورقة التكليف بالحضور أو تنبیه نزع الملكية أو الحجز - بل أجاز الإعذار بالكتابة، أياً كانت صورتها، ولو كانت من قبيل الخطابات أو البرقيات بيد أن مجرد التصريح الشفوي لا يكفي في الإعذار مهما يكن شكله، إلا إذا اتفق على خلاف ذلك وكذلك لا يعتبر المدين معذراً بمجرد حلول أجل الوفاء، ولو كان هذا الأجل محتسباً على أساس تقويم زمن معين (أنظر عكس ذلك المادة 284 من التقنين الألماني، والمادة 102 من تقنين الالتزامات السويسري، والمادة 1334 من التقنين النمساوي، والمادة 243 من التقنين البولوني، والمادة 960 من التقنين البرازيلي، والمادة 229 من التقنين الصيني، والمادة 412 من التقنين الياباني، والمادة 711 من التقنين البرتغالي، والمادة 1223 من التقنين الإيطالي، والمادة 269 / 255 من التقنيين التونسي والمراكشي) . وقد احتذت المادة 297 مثال المشروع الفرنسي الإيطالي ( المادة 95 ) فلم تجعل لمجرد حلول الأجل حكم الإعذار إلا إذا اتفق من قبل على خلاف ذلك.

الأحكام

1- المقصود من الإعذار وفقاً للمادتين 218 , 219 من القانون المدنى هو مجرد تسجيل الدائن على المدين تأخره فى تنفيذ التزامه حتى لا يحمل سكوت الدائن محمل التسامح فيه أوالرضاء الضمنى به , والإعذارعلى هذا النحو قد شرع لمصلحة المدين فله أن يتنازل عنه صراحة أوضمناً , فإذا لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الدائن لم يعذره أو ببطلان هذا الإعذار فلا يقبل منه إثارة هذا الدفع أمام محكمة النقض , لما كان ذلك , وكانت الطاعنة لم تتمسك بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف , فإنه لا يقبل منها إثارته أمام هذه المحكمة " محكمة النقض " .

(الطعن رقم 930 لسنة 72 جلسة 2010/04/13 س 61 ص 521 ق 85)

2- إعذار المدين هو وضعه قانوناً فى حالة المتأخر فى تنفيذ التزامه إذ أن مجرد حلول أجل الالتزام والتأخر الفعلي فى تنفيذه لا يكفي لاعتبار المدين متأخرا فى التنفيذ على نحو يوفر مسئوليته القانونية عن هذا التأخير بل لابد من إعذاره بالطرق التي بينها القانون فعندئذ يصبح المدين ملزما بتنفيذ التزامه فورا.

(الطعن رقم 268 لسنة 62 جلسة 1998/04/12 س 49 ع 1 ص 309 ق 77)

3- مفاد نص المادة 218 من القانون المدني أن شرط استحقاق التعويض عند عدم تنفيذ الإلتزام أوالتأخير فى تنفيذه إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك ولايغنى عن هذا الإعذار أن يكون التعويض مقدرا فى العقد أو أن يكون قد حل أجل الوفاء به وتأخر المدين فعلا فى أدائه.

(الطعن رقم 268 لسنة 62 جلسة 1998/04/12 س 49 ع 1 ص 309 ق 77)

4- لما كان البين من الأوراق أن عقد البيع سند الدعوى قد خلا من النص على الإعفاء من الإعذار وهو إجراء واجب لاستحقاق التعويض المتفق عليه فيه وكان هذا الإعذار لم يتم إلا بتاريخ 20/4/1989 فانه من ذلك التاريخ يحق للمطعون عليهما المطالبة بالتعويض المنصوص عليه بالبند السابع من عقد البيع سالف الذكر. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بالتعويض المطالب به عن المدة من 1/2/1983 حتى 31/1/1989 وهى الفترة السابقة على حصول الإعذار الموجه إليها من المطعون ضدهما فى 20/4/1989 - رغم تمسكها بعدم أحقيتها فى مطالبتها بالتعويض عن هذه الفتره _ فانه يكون قد اخطأ فى القانون.

(الطعن رقم 268 لسنة 62 جلسة 1998/04/12 س 49 ع 1 ص 309 ق 77)

5- لئن كانت المادة 203 / 1 من القانون المدني أوجبت حصول الإعذار عند المطالبة بالتنفيذ العيني إلا أن الإعذار ليس شرطاً لقبول الدعوى وإنما هو شرط للحكم بالتنفيذ العيني ، وكان الإعذار هو وضع المدين فى حالة المتأخر فى تنفيذ التزامه ويكون ذلك بإنذاره بورقة رسمية من أوراق المحضرين أوما يقوم مقامه وتعتبر المطالبة القضائية ذاتها إعذاراً .

(الطعن رقم 1414 لسنة 53 جلسة 1991/02/20 س 42 ع 1 ص 523 ق 86)

6- مفاد نص المادتين 218، 220/1 من القانون المدني أنه ولئن كان التعويض لا يستحق إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك، إلا أنه لا ضرورة لهذا الإعذار إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطرفين أن الهيئة الطاعنة التزمت تركيب وصيانة الخط التليفوني، وكانت طبيعة هذا الإلتزام تقتضى أن تتخذ الهيئة الطاعنة ما يلزم من الأعمال الفنية لإصلاح هذا الخط فى الوقت المناسب وفور إخطار المشترك بالعطل حتى تمكنه من إستعماله بما يحقق له الغرض الذي هدف إليه من التعاقد، ومن ثم فإن تأخير الهيئة الطاعنة فى تحقيق الإتصال التليفوني فى الوقت المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بهذا الإلتزام ولا يكون إعذارها واجبا بعد فوات هذا الوقت إذ لا ضرورة للإعذار كنص المادة 220 من القانون المدني فى هذه الحالة، وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى الثابت من تقرير الخبير أن التليفون تعطل عدة مرات ولفترات طويلة فى المدة من...... وحتى...... بسبب قطع الكابل الأرضي، وإذ لم تقم الهيئة بإصلاح هذه الأعطال وفات الوقت ووقع الضرر فإنه لا ضرورة للإعذار، فلا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن دفاع الطاعنة بشأن هذا الإعذار ولم يرد عليه.

(الطعن رقم 388 لسنة 57 جلسة 1989/12/12 س 40 ع 3 ص 288 ق 368 )

7- مفاد نص المادتين 218، 220 / 1من القانون المدني أنه ولئن كان التعويض لا يستحق إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك إلا أنه لا ضرورة لهذا الإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أوغير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطرفين أن الهيئة الطاعنة التزمت بتركيب الخط التليفون المبين بالأوراق. كانت طبيعة هذا الالتزام تقتضى تركيبه بحالة صالحة للاستعمال وأن تتخذ الهيئة الطاعنة كافة الإجراءات الفنية اللازمة لإصلاح هذا الخط وصيانته بقصد تمكين المتعاقد الآخر من إتمام الاتصال التليفوني وعلى أن يتم ذلك فور مطالبة المتعاقد بإجراء الاتصال أو فى الوقت المناسب لذلك تحقيقاً للغرض الذي هدف إليه المتعاقد من تركيب التليفون، ومن ثم فإن تأخير الهيئة الطاعنة فى تحقيق الاتصال التليفوني فى الوقت المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بالتزامها ولا يكون إعذارها واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت إذ لا ضرورة لإعذاره بنص المادة 220 من القانون المدني متى أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذته محكمة الموضوع سنداً لقضائها أن التليفون الذي قامت الهيئة الطاعنة بتركيبه لم يعمل فى خلال الفترة من 2 /9 / 1977حتى 4 / 10 / 1980بسبب تهالك شبكة الكابلات الأرضية لانتهاء عمرها الإفتراضى، فإنه لا ضرورة لإعذاره آراء تأخر الهيئة الطاعنة وفوات الوقت المناسب لتنفيذ التزامها ووقوع الضرر.

(الطعن رقم 1556 لسنة 56 جلسة 1989/03/26 س 40 ع 1 ص 840 ق 147)

8- لما كان الإعذار إجراءاً واجباً لإستحقاق التعويض ما لم ينص على غير ذلك - وكان المقصود بالإعذار هو وضع المدين موضع المتأخر فى تنفيذ إلتزامه والأصل فى الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بإلتزامه الذى تخلف عن تنفيذه ، ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين بالوفاء بإلتزامه ويسجل عليه التأخير فى تنفيذه على أن تعلن هذه الورقة إلى المدين بناء على طلب الدائن - لما كان ذلك وكان الإنذاران الموجهان من الطاعن إلى الشركة المطعون ضدها بتاريخ 1969/4/7 ، 1970/8/19 - والمرفقان بملف الطعن - لم يتضمنا دعوى الطاعن للشركة المطعون ضدها الوفاء بإلتزامها بتمكينه من تنفيذ باقى الأعمال المسندة إليه بمبنى الحقن والبتومين بالسد العالى - والتى يدعى أن الشركة المطعون ضدها منعته من تنفيذها - وإذ لم تشتمل صحيفة الدعوى - كذلك - على الإعذار بالمعنى الذى يتطلبه القانون - و كان عقد المقاولة - المحرر عن هذه الأعمال - والمرفق بملف الطعن - قد خلا من النص على الإعفاء من الإعذار - فإن الحكم المطعون فيه إذا إنتهى إلى رفض طلب التعويض لتخلف الإعذار يكون قد صادف صحيح القانون .

(الطعن رقم 1164 لسنة 48 جلسة 1984/03/12 س 35 ع 1 ص 645 ق 122)

9- المبلغ الذي يلتزم به صاحب العمل فى حالة تأخيره عن أداء الإشتراكات المستحقة بالتطبيق للمادة 17 من قانون التأمينات الإجتماعية رقم 63 لسنة 1964 ليس تعويضاً عما تشترط المادة 218 من القانون المدني لإستحقاقه إعذار المدين بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الإشتراكات المستحقة فى مواعيدها، ووصفت مذكرته الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذي هو مقابل الضرر الذي يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذي لابد لإستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له، بينما المبلغ الإضافي يستحق بمجرد ثبوت التأخيرفى دفع الإشتراكات المستحقة ودون إثبات أي عنصر من تلك العناصر اللازمة لإستحقاق التعويض، ومتى كان هذا المبلغ الإضافي لا يعتبر تعويضاً فإنه لا يسرى عليه حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الإعذار ويستحق بمجرد انقضاء المواعيد المحددة لأداء الإشتراكات المستحقة أسوة بالفوائد التي ألزم بها المشرع رب العمل فى هذه الحالة.

(الطعن رقم 454 لسنة 41 جلسة 1983/12/22 س 34 ع 2 ص 1886 ق 370)

10- نص الفقرة الثانية من المادة 704 من القانون المدنى يلزم الوكيل المأجور أن يبذل دائماً عناية الرجل العادى بصرف النظرعن مبلغ عنايته بشئونه الخاصة لأن الإتفاق على مقابل يتضمن حتماً التعهد من جانب الوكيل بأن يبذل فى رعاية مصالح الموكل العناية المألوفة فلا يغتفر له إلا التقصير اليسير ويحاسب دائماً على التقصير الجسيم ولو كان قد إعتاده فى شئونه الخاصة فهو يسأل عن تقصيره الحادث بفعله أوبمجرد إهماله ، فإذا لم يتخذ عند تنفيذ الوكالة الإحتياطات التى تقتضيها رعاية مصالح الموكل أصبح مسئولاً قبله عن تعويض ما يصيبه من ضرر من جراء هذا الإهمال ، وتقرر مسئولية الوكيل فى هذه الحالة دون حاجة لاعذاره مقدماً لأن مسئوليته متفرعه عن إلتزامه بتنفيذ الأعمال الموكل بها تنفيذاً مطابقاً لشروط عقد الوكالة .

(الطعن رقم 447 لسنة 42 جلسة 1983/03/31 س 34 ع 1 ص 873 ق 179)

11- الثابت من العقد المبرم بين الطرفين أن البند السادس منه ينص على حق الشركة الطاعنة فى إسناد أعمال النقل لآخر فوراً وبدون تنبيه أوإنذار وتحت مسئولية الناقل إذا لم يقدم الأخير العدد المطلوب من السيارات فى المواعيد التى تضمنها البند السابع من العقد ومن ثم يكون المطعون ضدهم قد تنازلوا عن حقهم فى الاعذار قبل إسناد تنفيذ إلتزاماتهم الناشئة عن العقد إلى آخرين إذا قعدوا عن تنفيذها ، ويكون الحكم المطعون فيه إذا استلزم اعذارهم على خلاف ما تم الإتفاق عليه فى العقد قد خالف نصوص العقد مما يعتبر خطأ منه فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 350 لسنة 50 جلسة 1983/01/10 س 34 ع 1 ص 156 ق 43)

12- مؤدى نص المادتين 14 و 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 أن المبلغ الإضافى الذى يلتزم به صاحب العمل ، فى حالة تأخيره فى أداء الأشتراكات المستحقة ليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 مدنى لإستحقاقه إعذار المدين ، بل هو جزاء مالى فرضه المشرع على صاحب العمل ، لحمله على أداء الإشتراكات المستحقة فى مواعيدها . وهذا الجزاء شبيه بالجزاء الذى فرضه المشرع فى المادة 7 من القانون رقم 233 لسنة 1960 على حائزى أجهزة أستقبال الإذاعة التليفزيونية الذين لا يؤدون الرسوم المقررة فى المواعيد المحددة لأدائه ، فقد ألزمهم ذلك القانون بدفع الرسم مضاعفا . ووضحت المذكرة الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذى هو مقابل الضرر الذى يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذى لابد لأستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له ، بينما المبلغ الإضافى يستحق بثبوت التأخير فى دفع الإشتراكات المستحقة ، ودون ثبوت أى عنصر من تلك العناصراللازمة لإستحقاق التعويض ، ومتى كان هذا المبلغ الإضافى لا يعتبر تعويضاً فإنه لا يسرى عليه حكم المادة 218 من القانون المدنى الذى يوجب الإعذار ، ويستحق بمجرد إنقضاء المواعيد المحددة لأداء الإشتراكات المستحقة ، أسوة بالفوائد التى ألزم بها المشرع رب العمل فى هذه الحالة .

(الطعن رقم 544 لسنة 35 جلسة 1970/01/15 س 21 ع 1 ص 132 ق 23)

13- متى كان الطاعن قد أعلن المطعون ضده بإعتبار العقد مفسوخاً من جهته ، وكان الحكم المطعون فيه قد رتب على هذا الإعلان أن المطعون ضده لم يكن بحاجة إلى إعذار الطاعن قبل المطالبة بالتعويض بإعتبار أن الطاعن قد صرح بهذا الإعلان أنه لا يريد القيام بإلتزامه ، فإن الحكم يكون قد إلتزم صحيح القانون

(الطعن رقم 222 لسنة 33 جلسة 1967/02/14 س 18 ع 1 ص 339 ق 53)

14- الإعذار هو وضع المدين موضع المتأخر فى تنفيذ إلتزامه . والأصل فى الإعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالإلتزام " م 219 مدنى "  ويقوم مقام الإنذار كل ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين إلى الوفاء بإلتزامه ويسجل عليه التأخير فى تنفيذه على أن تعلن هذه الورقة إلى المدين بناء على طلب الدائن . وإذ كان قرار محكمة الأحوال الشخصية بإلزام الوصى بإيداع المتبقى فى ذمته للقاصر فى الميعاد المحدد بهذا القرار ، لايعدو أن يكون على ما يستفاد من نص المادة 1014 من قانون المرافعات أمراً بإلزام الوصى بالأداء مقرراً حق القاصر فى ذمته وقاطعاً للنزاع بشانه فيما بين الوصى والقاصر ومنشئاً لسند رسمى قابل للتنفيذ الجبرى على الوصى المحكوم عليه ، فان القرار بهذا المثابة لا يتضمن إعذارا للوصى بالمعنى المقصود بالإعذار الذى تجرى من تاريخه الفوائد طبقاً للمادة 2/706 من القانون المدنى ذلك لأنه لم يوجه من الدائن أو نائبه ولم يعلن إلى المدين كما أنه مهما كان لمحكمة الأحوال الشخصية من سلطة الإشراف على أموال القاصر فانه ليس من وظيفتها إتخاذ مثل هذا الإجراء نيابة عنه .

(الطعن رقم 306 لسنة 32 جلسة 1966/04/28 س 17 ع 2 ص 955 ق 131)

15- النص فى عقد البيع على حق المشترى فى التنازل عنه للغير وحصول هذا التنازل بالفعل لا يحرم البائع من إستعمال حقه فى طلب فسخ ذلك العقد عند قيام موجبه ولا يلزمه بتوجيه الإعذار إلا إلى المشترى منه أما المتنازل إليه فليس طرفاً فى العقد المطلوب فسخه ومن ثم فلا ضرورة لإعذاره

(الطعن رقم 188 لسنة 32 جلسة 1966/03/24 س 17 ع 2 ص 708 ق 97)

16- لا يستحق التعويض إلا بعد أعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك (م 218 مدني). فإذا كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة "المشترية" لم تعذر المطعون عليهم (البائع والضامنين له) بالوفاء عند حلول الأجل المحدد لتوريد القطن وكان العقد المبرم بين الطرفين قد خلا من النص على الإعفاء من الأعذار وهو إجراء واجب لاستحقاق التعويض المتفق عليه فيه، فإن الطاعنة لا تكون على حق فى المطالبة بهذا التعويض.

(الطعن رقم 422 لسنة 26 جلسة 1962/05/03 س 13 ع 1 ص 583 ق 87)

17- إذ كان البين من عقد البيع موضوع التداعي أن طرفيه قد اتفقا في البندين الخامس والحادي عشر منه على اعتبار إلتزاماتهما الناشئة عنه واجبة الأداء دون تتبيه أو إنذار ومن ثم فإن إعذار المطعون ضده للطاعن قبل رفع دعوى التعويض الراهنة عليه علي سند من إخلاله بتسليم جزء من الثمار المبيعة بموجب ذلك العقد لا يكون واجباً. ولا على الحكم إن التفت عن دفاعه بشأن هذا الإعذار أو لم يرد عليه ويكون النعي عليه بهذا السبب غير مقبول.

(الطعن رقم 7652 - لسنة 64 ق - جلسة 21/ 12/ 2004)

شرح خبراء القانون

متى توافرات أركان المسئولية العقدية على التفصيل المتقدم، ولم يتضمن العقد شرطاً بالاعفاء منها وفقاً للمادة 217 من القانون المدنى، جاز للدائن الرجوع على المدين بدعوى التعويض لإخلال الأخير بالتزامه العقدي .

ويشترط لقبول هذه الدعوى، أن يكون الدائن قد أعذر المدين بإنذاره على يد محضر بالوفاء بالتزامه ولأصل أن يتم تنفيذ الالتزام فور تمام الإعذار، لكن لا يجوز للدائن ارجاء آثار الإعذار إذا طلب أن يتم التنفيذ خلال أجل يحدده له، فإن لم يكن قد أعذره، ولكن تضمنت صحيفة دعوى التعويض هذا التكليف بالوفاء، فإنها تعتبر إعذاراً إذا أعلنت للمدين إذ تضمنت تكليفاً للمدين بتنفيذ التزامه تنفيذ عينياً بحيث إن أخل به، ثبت الخطأ العقدى فى جانبه بعد أن وضعه الأعذار موضع المقصر، وطالما ترتب على ذلك ضرر للدائن، استحق تعويضاً وهو ما طلبه فى صحيفة دعواه، وحينئذ يكتفي الدائن بالإعذار في إثبات الخطأ العقدي، فلا يكلف بإثباته وإنما بإثبات الضرر وعناصر التعويض، فقد جرى نص المادة 203 من القانون المدنى على أن يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ممكناً، فإن كان مرهقاً جاز أن يتم التنفيذ بطريق التعويض كما يجوز طلب التعويض للإخلال بالتنفيذ فإن لم تكن الدعوى قد أعلنت ومع ذلك حضر المدين بالجلسة المحددة لنظرها، فإن الخصومة تنعقد دون حاجة إلى إعلان صحيفة الدعوى أو تسليم صورتها للمدين بالجلسة، ومن ثم يجوز للمدين الدفاع بعدم قبول الدعوى لعدم إعذاره، ولا ينال من هذا الدفع أن يكون قد تسلم بالجلسة صورة من تلك الصحيفة، إذ لا يعتبر ذلك إعذاراً، لما يتطلبه القانون من أن يكون الإعذار بإنذار رسمى على يد محضر، وبالتالى يتخلف الاعذار حتى لو قام القاضى بتسليم المدين صورة من صحيفة الدعوى وكانت متضمنه تكليفاً بالوفاء .

فإن لم يدفع المدين بعدم قبول الدعوى رغم عدم إعذاره وعدم تضمين صحيفتها تكليفاً له بالوفاء بالتزامه، فليس للمحكمة أن تتصدى من تلقاء نفسها لتخلف الإعذار وتقضى تبعاً لذلك بعدم قبول الدعوى، وإنما يتعين عليها أن تستمر فى نظرها، باعتبار أن الإعذار غير متعلق بالنظام العام ومقرر لمصلحة المدين ومن ثم يجوز له التنازل عنه صراحة أو ضمناً، وله وحده الدفع بعدم قبول الدعوى، فلا يمتد هذا الحق للدائن.

والدفع بعدم قبول دعوى التعويض لتخلف الإعذار، ليس دفعاً بعدم القبول الذى عنته المادة 115 من قانون المرافعات، وبالتالى لا تستنفد به محكمة الدرجة الأولى ولايتها، وهو يؤدى إلى القضاء بعدم قبول الدعوى بحالتها أو رفضها بحالتها حتى لو انحصر قضاء الحكم فى «رفض الدعوى» إذ ينصرف ذلك إلى رفض الدعوى بحالتها بحيث إذا قام الدائن بعدم الحكم بإعذار المدين ثم رفع دعوى جديدة، وكانت جائزة ومقبولة وبمنأى عن الدفع بعدم جواز نظرها.

ولما كان الدفع سالف البيان ليس دفعاً موضوعياً، باعتبار أن الدفع الموضوعى الذى عنته المادة 115 من قانون المرافعات، هو الذى يتطلب من المحكمة بحث الموضوع للفصل في الدفع، كالدفع بانتفاء الصفة أو المصلحة مما يتطلب بحث الموضوع لمعرفة ما إذا كانت هناك صلة للمدعى بالحق المتنازع عليه من عدمه، وبذلك تستنفد المحكمة ولايتها بالفصل فيه، خلافاً للدفع بعدم قبول الدعوى لتخلف الإعذار، إذا لا يتطلب من المحكمة بحث موضوع الدعوى، وإنما تنظر فيما إذا كانت المستندات تضمنت ورقة الإعذار من عدمه فإن تبين عدم وجودها، رجعت إلى صحيفة الدعوى المعلنة للتحقق مما إذا كانت قد تضمنت تكليفاً رجعت الى صحيفة الدعوى المعلنة للتحقق مما إذا كانت قد تضمنت تكليفاً بالوفاء من عدمه، فإن فصلت فى الدفع بعد ذلك، فإن قضاءها ينحصر فى توافر الشكل الواجب لقبول الدعوى، وبالتالى يكون دفعاً شكلياً متعلقاً بالإجراءات، ويترتب على ذلك، أن المدين إذا حضر وتكلم فى الموضوع، سقط حقه فى التمسك بالدفع بعد ذلك، فإن لم يحضر وصدر الحكم ضده، وجب عليه التمسك به فى صحيفة الاستئناف وإلا سقط حقه فيه، وامتنع عليه التمسك به أثناء نظر الاستئناف .

فإذا تضمنت صحيفة الاستئناف نعيا بتخلف الإعذار، فإن المحكمة الاستئنافية تقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى بحالتها .

ويتوافر الاعذار بصحيفة الدعوى ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة، وبمحضر الحجز التحفظي إذ يتوافر به مقومات الإعذار باعتباره ورقة رسمية يتضمن تكليفاً بالوفاء، أو بورقة عرفية أو برقية على نحو ما أوضحناه بالمادة 219 فيما يلى.

فإن تضمن الاعذار الأخير منح المدين مهلة أخرى لتنفيذ التزامه، أو ما تبقى منه، ثم أخل بالوفاء رغم حلول الأجل الذي تضمنه الإعذار، جاز للدائن رفع دعوى التعويض مباشرة دون أن يسبقها بإعذار، لأن المهلة الجديدة بمثابة منحة من الدائن، ويكون الإخلال الجديد امتداداً للإخلال السابق الذى توافر الإعذار بالنسبة له.

وإذا قام المدين بالوفاء الجزئى بعد اعذاره، وقبل الدائن هذا الوفاء، ولم يمنح المدين مهلة للوفاء بباقى الالتزام، فإن استحقاق تعويض عن هذا الإخلال يتطلب إعذاراً جديداً لانقضاء أثر الإعذار السابق بالوفاء الجزئى.

أثر الإعذار :

يترتب على إعذار المدين، إثبات إخلاله بالتزامه التعاقدى وامتناعه عن التنفيذ العيني له باعتباره شرطاً عند المطالبة بالتنفيذ العينى عملاً بالمادة 203 من القانون المدنى وبالتالى التزامه بتعويض الدائن عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب بسبب هذا الإخلال وفقاً للمادتين 221، 222 من القانون المدنى فإن كان محل الالتزام نقوداً، فإن التعويض يتمثل فى الفوائد التأخيرية وتستحق من تاريخ المطالبة القضائية إن لم يحدد القانون أو الاتفاق أو العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها ووفقاً للفقرة الثانية من المادة 706 من القانون المدنى تستحق الفوائد على الوكيل والموصى لما تبقى فى ذمته من تاريخ إعذاره.

كما يترتب على الإعذار نقل تبعة الهلاك من التعاقد الذى قام بالإعذار إلى المتعاقد الآخر على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 207 فيما تقدم.

ذلك أنه يترتب على الإعذار وضع المعذر إليه موضع المقصر الذي أخل بتنفيذ التزامه التعاقدي، وهو ما يتوافر به ركن الخطأ العقدى فى المسئولية العقدية، كما يعتبر المعذر إليه هو الذى بدأ فى الإخلال بالتزامه مما يحول دونه والدفع بحبس تنفيذ التزامه، ويقوم ذلك على قرينة بسيطة تدل على تقصير المعذر إليه، مما يجوز معه للأخير نفيها بإثبات أن المعذر هو الذى بدأ فى الإخلال بتنفيذ التزامه، وله ذلك بكافة الطرق باعتبار أن هذا الإخلال واقعة مادية.

آثار الإعذار بالنسبة لتبعة الهلاك والفوائد :

يترتب على إعذار الدائن، أن يتحمل تبعة الهلاك ولو كان الهلاك قبل الاعذار على المدين، كما يترتب عليه وقف سريان الفوائد ويصبح للمدين الحق في إيداع محل الوفاء على نفقة الدائن ومطالبته بتعويض عما لحقه من ضرر، وذلك عملاً بالمادة 335 من القانون المدنى . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع  الصفحة/  251)

معنى الإعذار :

إعذار المدين هو وضعه قانوناً فى حالة المتأخر في تنفيذ التزامه ( mise en demeure, mora retard ) . ذلك أن مجرد حلول أجل الالتزام لا يكفى في جعل المدين فى هذا الوضع القانونى ( diesnon interpellat pro homine )، بل لابد من إعذاره

كيف يتم الإعذار : الأصل فى إعذار المدين أن يكون بإنذاره، والإنذار ( sommation ) ورقعة رسمية من أوراق المحضرين يبين فيها الدائن فى وضوع أنه يطلب من المدين تنفيذ التزامه وهذا هو الطريق المعتاد لإعذار المدين، حتى صح أن يقال : " قد أعرض من أنذر ". 

وليس الإنذار هو الطريق الوحيد لإنذار المدين . فهناك ما يقوم مقام الإنذار، وأية ورقة رسمية تظهر منها بجلاء رغبة الدائن فى أن ينفذ المدين التزامه تقوم مقام الإنذار، من ذلك التنبيه الرسمى ( commandement ) الذي يسبق التنفيذ، ومن ذلك أيضاً صحيفة الدعوى ( citation en justice ) : ولو رفعت الدعوى أمام محكمة غير مختصة . ومن ذلك محضر الحجز، وهو من أعمال  التنفيذ، وكثيراً ما يقع أن ينذر الدائن المدين فى نفس صحيفة الدعوى، فتكون هذه الصحيفة إنذاراً ومطالبة قضائية فى وقت واحد، ولكن إذا بدر المدين فى هذه الحالة إلى التنفيذ بمجرد أن تعلن إليه صحيفة الدعوى كانت مصروفات الدعوى على الدائن، لأن المدين يكون قد نفذ التزامه بمجرد إعذاره .

أما إذا كانت الورقة غير رسمية، ككتاب ولو كان مسجلاً أو برقية، فلا تكفى للإعذار فى المسائل المدنية، إلا إذا كان هناك اتفاق بين الدائن والمدين على أنها تكفى.

وأما فى المسائل التجارية فيكفى فى الإعذار أن يكون بورقة غير سمية وفقاً للعرف التجارى، بل إن مجرد الإخطار الشفوى يكفى إذا كان العرف التجارى يقضى بذلك.

الحالات التي لا ضرورة فيها للإعذار : هناك حالات لا ضرورة فيها للإعذار، ويعتبر مجرد حلول الدين إشعاراً كافياً للمدين بوجوب تنفيذ التزامه وإلا كان مسئولاً عن التعويض وهذه الحالات ترجع إما إلى الاتفاق، وإما إلى حكم القانون، وإما إلى طبيعة الأشياء، وقد نص عليها جميعاً فى المادتين 219 و 220 من التقنين المدنى.

فقد يتفق الطرفان مقدماً على أن المدين يكون معذراً بمجرد حلول أجل الالتزام دون حاجة إلى أى إجراء، ويكون هذا الاتفاق صريحاً أو ضمنياً، ومثل الاتفاق الضمنى أن يوجب رب العلم على المقاول إتمام البناء فى تاريخ معين، وأن يشترط الدائن فى عقد التوريد وجود التسليم فوراً ( librable .de sirite ) 

ويجب أن يكون الاتفاق الضمنى غير محل للشك، فوضع شرط جزائى فى العقد لا يفهم منه الإعفاء من الإعذار، واشتراط حلول جميع الأقساط عند تأخر المدين فى دفع قسط منها لا يمنع من وجوب الإعذار إلا إذا كان هناك اتفاق واضح على العكس .

وقد يقضى القانون بعدم الحاجة إلى الإعذار، وقد نص فعلاً فى المادة 220 على ألا ضرورة للإعذار فى حالات معينة، بعضها كان فى حاجة إلى هذا النص، وبعضها يرجع إلى طبيعة الأشياء.

فأما ما كان في حاجة إلى النص فالحالة التى يكون فيها محل الالتزام رد شيء بعلم المدين أنه مسروق، أو رد شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك . ففى هذه الحالة يكون المدين سيئ النية، ويكون واجباً عليه أن يرد الشيء إلى الدائن، وليس الدائن – بمقتضى النص – فى حاجة إلى إعذاره . ومن ثم يجب على المدين أن يبادر فوراً إلى رد الشئ للدائن، دون إعذار، وإلا كان مسئولاً عن التأخر فى الرد .

وأما ما يرجع إلى طبيعة الأشياء وورد مع ذلك فيه النص فثلاث حالات :

( أولاً ) إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، فلا معنى إذن لإعذار المدين، وهذا ما تقض به طبائع الأشياء، لأن الإعذار هو دعوى المدين إلى تنفيذ التزامه وقد أصبح هذا التنفيذ غير ممكن أو غير مجد بفعله، فاستحق عليه التعويض دون حاجة إلى إعذار .

إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع . ذلك أن العمل غير المشروع إنما هو إخلال بالتزام الشخص أن يتخذ الحيطة الواجبة لعدم الإضرار بالغير، ومتى أخل الشخص بهذا الالتزام فأضر بالغير، لم يعد التنفيذ العينى للالتزام ممكناً، فلا جدوى إذن فى الإعذار  . ويمن القول أن كل التزام ببذل عناية – ومن ذلك الالتزام باتخاذ الحيطة الواجبة لعدم الإضرار بالغير – يكون الإخلال به غير ممكن تداركه، ومن ثم لا يلزم الإعذار لاستحقاق التعويض عن هذا الإخلال.

(ثالثاً) إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه فبعد هذا التصريح الثابت بالكتابة لا جدوى فى إعذاره، فهو قد رد سلفاً أنه لا يريد القيام بالتزامه ولا يكفى التصريح أمام لشهود، فالقانون قد اشترط الكتابة على أن الظاهر أن الكتابة هنا للإثبات، فلو أقر المدين أنه صرح بعدم إرادته القيام بالتزامه، أو نكل عن اليمين التى وجهت إليه فى ذلك، لكان ذلك كافياً فى إثبات التصريح المطلوب للإعذار .

(النتيجة الأولى ) يصبح المدين مسئولاً عن التعويض لتأخره فى تنفيذ الالتزام، وذلك من وقت الإعذار، أما فى الفترة التى سبقت الإعذار، فلا تعويض المدين الدائن عن التأخر فى التنفيذ، فالمفروض كما قدمنا أن الدائن قد رضى بهذا التأخر ولم يصبه منه ضرر ما دام أنه لم يعذر المدين.

النتيجة الثانية ) ينتقل تحمل التبعة ( risque ) من طرف إلى آخر . وقد قدمنا أن تبعة الهلاك فى الالتزام بالتسليم تكون على المدين بهذا الالتزام إذا كان التزاماً تبعياً، وتكون على المالك إذا كان التزاماً مستقلاً، ورأينا أن الإعذار ينقل تبعة الهلاك من طرف إلى آخر فى كلتا الحالتين على التفصيل الذي قدمناه .

ورأينا أيضاً أن المدين المعذر إذا أثبت أن الشيء كان يهلك في يد الدائن لو أنه سلم إليه، اندفعت عنه تبعة الهلاك بالرغم من إعذاره، وانقضى التزامه . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني المجلد/ الثاني الصفحة/ 1084)

يقصد بالإعذار وضع المدين موضع المتأخر في تنفيذ التزامه، ذلك أن مجرد حلول أجل الالتزام لا يكفي في جعل المدين في هذا الوضع القانوني لأن التأخر في التنفيذ حالة قانونية الأصل فيها أنه لا يكفى لقيامها مجرد التأخر الفعلي، وإنما يلزم أن يسجله الدائن عليه بالإعذار.

فمجرد استحقاق أداء الالتزام لا يكفي لجعل المدين معذرا، لأنه قد يحل أجل الالتزام مع ذلك يسكت الدائن عن مطالبة المدين بالتنفيذ، فيحمل ذلك منه محمل التسامح وأنه لم يصبه ضرر من تأخر المدين في تنفيذ التزامه وقد رضي ضمنياً بمد الأجل مادام يستطيع الانتظار دون ضرر يصيبه من ذلك، لذلك إذا أراد الدائن أن يقوم المدين بالتنفيذ بغير إرجاء، فعليه أن يفصح له عن رغبته هذه بالطرق التي رسمها القانون، فيكون بذلك قد أعذره، ويكون على المدين في هذه الحالة أن يقوم بالتنفيذ فوراً وإلا ترتبت على تأخره نتائج قانونية.

متى يجب الإعذار؟

التعويض نوعان: تعويض عن عدم الوفاء، وهو الذي يعوض الدائن عما فاته بسبب عدم تنفيذ الالتزام كله أو بعضه وتعويض عن التأخير في الوفاء، وهو الذي يعوض الدائن عما أصابه من ضرر بسبب التأخير في الوفاء، وهذا النوع من التعويض، كالنوع الأول تنفيذ بمقابل، إذ هو يعوض الدائن عما في التنفيذ العيني من نقص بسبب عدم القيام به في الوقت المناسب، ذلك النقص الذي لا يمكن تداركه بالتنفيذ العيني. وعليه يمكن أن يجتمع هذا التعويض مع التنفيذ العيني، كما يمكن أن يجتمع مع التعويض عن عدم الوفاء.

والإجماع على أن الإعذار واجب عند التأخير في التنفيذ. فالتعويض عن التأخير في التنفيذ لا يستحق إلا بعد إعذار المدين، ومن ثم لا يشمل التعويض ما أصاب الدائن من ضرر قبل الإعذار.

أما فيما يختص بوجوب الإعذار في التعويض عن عدم التنفيذ، فقد انقسم الرأي في شأنه:

فذهب رأى إلى وجوب الإعذار لإطلاق النص ولما ورد بمذكرة المشروع التمهيدي عنه من أنه: "لا يستحق التعويض لعدم التنفيذ، أو التأخير فيه، إلا بعد الإعذار، وهو دعوة توجه إلى المدين، يقصد منها إنذاره بوجوب الوفاء مع ملاحظة التفرقة بين حالتين:

بين ما إذا كان التنفيذ العيني قد أصبح غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين فلا ضرورة للإعذار، إذ لا فائدة منه حينئذ، وسنرى أن الإعفاء عن الإعذار في هذه الحالة ينص عليه القانون (م 220/1 مدني ) .

وبين ما إذا كان التنفيذ العيني ما يزال ممكناً فإنه يجب الإعذار لكي يسجل على المدين امتناعه عن الوفاء. وبذلك يحق للدائن أن يطالب بالتعويض مباشرة على أساس أن المدين لا يمانع فيه مادام أنه قد رفض الوفاء العيني .

بينما ذهب رأي آخر إلى عدم وجوب الإعذار في التعويض عن عدم التنفيذ لأن التعويض عن عدم التنفيذ مستحق عن واقعة لا شأن للإعذار بها وهي واقعة الإخلال إخلالاً نهائياً بالالتزام.

رأينا أن المادة 218 تنص على أنه لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين، ما لم ينص على غير ذلك - ومعنى ذلك أنه يجوز استثناء بعض الحالات من شرط الإعذار، وقد نصت على هذه الحالات المستثناه المادة (220) مدني. كما توجد استثناءات أخرى في نصوص متفرقة.

يترتب على الإعذار الآثار الآتية :

1- الأثر الرئيسي الذي يترتب على الإعذار هو استحقاق الدائن تعويضاً عن جميع الأضرار التي تلحقه بعد ذلك من جراء عدم الوفاء - على الرأي الذي أخذ به قضاء النقض – ومن جراء التأخير في التنفيذ. أما في الفترة التي سبقت الإعذار فلا يعوض المدين الدائن عن التأخير في التنفيذ، مع ملاحظة أنه إذا كان موضوع الالتزام مبلغاً من النقود فإن المدين لا يلزم - كقاعدة عامة بفوائد التأخير وفقاً للقانون، إلا من يوم المطالبة القضائية بهذه الفوائد.

يترتب على الإعذار إمكان مطالبة الدائن بفسخ العقد التبادلي بسبب عدم قيام الطرف الآخر بتنفيذ التزامه. فقد نصت المادة 157/1 من القانون المدني على أنه في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض (م158 ).

يترتب على الإعذار انتقال تبعة الهلاك من طرف إلى آخر.

وتطبيقاً لهذا نصت المادة 207 من القانون المدني على أنه: "1- إذا التزم المدين أن ينقل حقا عينيا أو أن يقوم بعمل، وتضمن التزامه أن يسلم شيئاً ولم يقم بتسليمه بعد أن أعذر، فإن هلاك الشئ يكون عليه ولو كان الهلاك قبل الإعذار على الدائن". والأساس في نقل تبعة الهلاك بعد الإعذار إلى المدين افتراض مؤداه أنه لو كان المدين قد قام بالتنفيذ بمجرد إعذاره، فسلم الشئ إلى الدائن، لما هلك الشئ بهذا الحادث المفاجئ. على أن المادة 207/2 أضافت أنه "لا يكون الهلاك على المدين، ولو أعذر، إذا أثبت أن الشيء كان يهلك كذلك عند الدائن لو أنه سلم إليه، ما لم يكن المدين قد قبل تحمل تبعة الحوادث المفاجئة".

وكذلك نصت المادة 437 على أنه: "إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لايد للبائع فيه، اتفسخ البيع واسترد المشتري الثمن، إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشترى لتسلم المبيع". فالهلاك قبل التسليم على البائع، وتنتقل تبعته إلى المشتري إذا أعذره البائع لتسلم المبيع ولم يفعل".

 الإعذار لا يتعلق بالنظام العام، وإنما شرع لمصلحة المدين وله أن يتنازل و عنه. وإذا لم يبد تمسكه بعدم إعذار الدائن له أمام محكمة الموضوع (محكمة أول درجة أو ثاني درجة) فلا يقبل منه إثارة الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.

وينبني على ذلك أنه لا يجوز للمحكمة التصدي للإعذار من تلقاء نفسها.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث    الصفحة/ 422)

الأعذار la demeure حالة قانونية يعتبر المدين فيها ممتنعاً عن الوفاء بالتزامه أو مقصراً في الوفاء به - ويعتبر الأعذار مقدمة لأزمة للتنفيذ القهري، وتترتب مسئولية المدين عن الأضرار التي تصيب الدائن من جراء هذا الامتناع أو التقصير، ولا يعتبر المدين معذراً بمجرد حلول أجل الدين، بل لا بد من إعذاره، ما لم يكن متفقاً على أنه يصبح معذراً بمجرد حلول الأجل.

وقد يوجد المدين في هذه الحالة من تلقاء نفسه فيكون معذراً بقوة القانون، وقد لا يوجد فيها إلا بارادة الدائن، فإذا اتجهت هذه الارادة إلى ذلك على الوجه الذي يفرضه القانون أعذر المدين le créancier a mis demeure le débiteur ويصبح المدين في حالة أعذار mis en demeure .

ويلاحظ أن حالة الإعذار ليست مقصورة على المدين، بل يصح أن يوجد فيها الدائن نفسه أذا أراد المدين أن يفى ما عليه وامتنع الدائن عن قبول الوفاء، وهذه في حالة اعذار الدائن.

ولا بد أن يوجد المدين في هذه الحالة حتى يجوز للدائن مباشرة التنفيذ القهري، سواء في ذلك التنفيذ العينى أو التنفيذ بمقابل.

فإذا طالب الدائن المدين قضائياً قبل أن يعذره، ثم حضر المدين في الدعوى وعرض أن يفي بالتزامه، كان الدائن متعجلاً في رفع الدعوى ولزمته مصاريفها  أما لو كان المدين معذراً قبل رفع الدعوى عليه، فإنه يتحمل هذه المصاريف. 

وتعليل ذلك أن الدائن ما دام لم يعذر المدين يعتبر راضياً بتأخر المدين في الوفاء، ولا يجوز له أن يرفع الدعوى ويحمل المدين مصاريفها قبل أن يفصح بشكل واضح عن رغبته في اقتضاء دينه وعن عدم رضاه بالانتظار، فطالما هو لم يفعل ذلك فليس على المدين من لوم، لأن من حقه أن يعتبر الدائن متساهلاً راضياً بالانتظار غیر متضرر منه.

لذلك كان لا بد من إعذار المدين قبل مباشرة التنفيذ العینی القهري، وكذلك لا بد منه قبل مباشرة التنفيذ القهري بمقابل للسبب ذاته.

وقد نص المتقنين المدني الحالي على ذلك في المادتين 203 فقرة أولى و 218، حيث قررت الأولى أن «يجبر المدين - بعد اعذاره طبقاً للمادتين 219 و 220 - على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً، متى كان ذلك ممكناً »، وقضت الثانية بأن «لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك، ونصت المادة 219 المشار إليها على أن «يكون إعذار المدين بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار ... كما يجوز أن يكون مترتباً على اتفاق يقضي بأن يكون الدين معذراً بمجرد حلول الأجل دون حاجة إلى أي إجراء آخر »، فحسم بذلك خلافاً ثار في ظل التقنين الملغي بشأن ضرورة الإعذار قبل المطالبة بالتنفيذ العيني القهری، إذ أوجب اعذار المدين قبل الالتجاء إلى التنفيذ القهری سواء من طريق التنفيذ العيني أو عن طريق التنفيذ بمقابل. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 75)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة ۲۳۰)

لا يستحق التعويض الا بعد اعذار المدين ، ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك •

هذه المادة تطابق المادة ۲۱۸ من التقنين الحالي ، مع اضافة عبارة و القانون او الاتفاق ، بعد لفظ و ينص ، .

و تطابق المادة 256 من التقنين العراقي ، مع انفال لفط و الاتفاق ، بعد لفظ « القانون ، .

وتطابق المادة 361 من التقنين الأردني التي تنص على أنه لا يستحق الضمان الا بعد اعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك في القانون أو في العقد .

و تطابق المادة ۲۹۷ من التقنين الكويتي :

( راجع المواد ۳۷ و 43 و 44 من المجلة).

 

مجلة الأحكام العدلية

 

مادة (37) إستعمال الناس حجة 
إستعمال الناس حجة يجب العمل بها. 
مادة (43) المعروف عرفا 
المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً. 
مادة (44) المعروف بين التجار 
المعروف بين التجار كالمشروط بينهم.