loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الثاني، الصفحة : 560

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- لا يستحق التعويض لعدم التنفيذ، أو للتأخر فيه، إلا بعد الإعذار، وهو دعوة توجه إلى المدين، يقصد منها إنذاره بوجوب الوفاء ويترتب على ذلك ما يأتي :

(أولاً) لا ضرورة للإعذار إذا كان الدائن يطالب بالوفاء عيناً، لا بالوفاء مقابل (التعويض) .

(ثانياً) لا فائدة في الإعذار إذا أصبح من المحقق أن المدين لا يمكنه تنفيذ الالتزام عيناً، أو أنه لا يرغب في ذلك .

وعلى هذا النحو لا يكون ثمة محل للإعذار في الأحوال الآتية :

(أ) إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً بفعل المدين ويراعى أن استحالة التنفيذ، من جراء سبب أجنبي، تستتبع انقضاء الالتزام، وسقوط المسؤولية، فتنتفي بذلك علة الإعذار.

أما إذا كان محل الالتزام امتناعاً عن عمل فجرد الإخلال بالتعهد يجعل الإعذار عديم الجدري.

(ب) إذا كان ما ينبغي الوفاء به تعويضاً عن عمل غير مشروع، ذلك أن هذا التعويض يترتب على الإخلال بالالتزام بعدم الإضرار بالغير، دون سبب مشروع، وهو التزام بامتناع عن عمل مقرر بنص القانون.

(ج) إذا صرح الدين كتابة أنه اعتزم عدم الوفاء بما التزم به.

وأخيراً نص المشروع أيضاً على التجاوز عن ضرورة الإعذار، إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق، أو شيء تسلمه بغير حق، عن بينة منه، وقد قصد من ذلك إلى حرمان سيء النية من ضمانة الإعذار.

2- يبقى بعد ذلك بيان كيفية إعذار المدين، حيث يكون هذا الإجراء ضرورياً، وقد استحدث المشروع في هذا الشأن ضرباً من ضروب التيسير، فلم يكتف بالإنذار الرسمي أو ما يقوم مقامه - كورقة التكليف بالحضور أو تنبیه نزع الملكية أو الحجز - بل أجاز الإعذار بالكتابة، أياً كانت صورتها، ولو كانت من قبيل الخطابات أو البرقيات بيد أن مجرد التصريح الشفوي لا يكفي في الإعذار مهما يكن شكله، إلا إذا اتفق على خلاف ذلك وكذلك لا يعتبر المدين معذراً بمجرد حلول أجل الوفاء، ولو كان هذا الأجل محتسباً على أساس تقويم زمن معين (أنظر عكس ذلك المادة 284 من التقنين الألماني، والمادة 102 من تقنين الالتزامات السويسري، والمادة 1334 من التقنين النمساوي، والمادة 243 من التقنين البولوني، والمادة 960 من التقنين البرازيلي، والمادة 229 من التقنين الصيني، والمادة 412 من التقنين الياباني، والمادة 711 من التقنين البرتغالي، والمادة 1223 من التقنين الإيطالي، والمادة 255/269 من التقنيين التونسي والمراكشي). وقد احتذت المادة 297 مثال المشروع الفرنسي الإيطالي ( المادة 95 ) فلم تجعل لمجرد حلول الأجل حكم الإعذار إلا إذا اتفق من قبل على خلاف ذلك.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 298 فأقرتها اللجنة بعد إدخال تعديلات لفظية طفيفة و أصبح نصها ما يأتي الأضرورة في إعذار المدين لأي إجراء في الحالات الآتية : 

(أ) إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن بفعل المدين وعلى الأخص إذا كان حمل الالتزام نقل حق عيني أو القيام بعمل وكان لابد أن يتم التنفيذ في وقت معين ثم انقضى هذا الوقت دون أن يتم أو كان الالتزام امتناعاً عن عمل و أخل به المدين .

(ب) إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع. 

(ج) إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق أو شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك.

(د) إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه .

 وأصبح رقمها 227 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 227 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثانية والعشرين

تليت المادة 227 فرأت اللجنة تعديل النص ما يأتي :

لا ضرورة لإعذار المدين في الحالات الآتية :

(أ) إذا أصبح تنفيذ الالترام غیر ممكن أو غير مجد بفعل المدين .

(ب) إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع .

(ج) إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق أو شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك.

(د) إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه.

تقرير اللجنة :

عدلت الفقرة الأولى فأصبحت تقضي بأنه «لا ضرورة لإعذار المدين في الحالات الآتية »:

وحذفت من الفقرة (أ) من هذه المادة عبارة «وعلى الأخص إذا كان محل الالتزام ... ألخ» لأنها تورد تطبيقات يجزئ عن إيرادها عموم العبارة، وأضافت بعد عبارة « غير ممكن» عبارة « أو غير مجد» حتى يكون النص شاملاً لجميع الصور.

وأصبح رقم المادة 220 .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .

الأحكام

1- إذ كان مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 162 من القانون المدنى و المادة 220 من ذات القانون أن الواعد بالجائزة يرتب فى ذمته إلتزاماً بإرادته المنفردة من وقت توجيه هذه الإرادة إلى الجمهور لدائن غير معين يلتزم بإعطائه إياها إذا قام بالعمل المطلوب . وأن إعذار الدائن مدينة لا يكون واجباً إذا أصبح الإلتزام غير ممكن أوغير مجد بفعل المدين .

(الطعن رقم 497 لسنة 57 جلسة 1990/03/28 س 41 ع 1 ص 890 ق 147)

2- مفاد نص المادتين 218، 220/1 من القانون المدني أنه ولئن كان التعويض لا يستحق إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك، إلا أنه لا ضرورة لهذا الإعذار إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطرفين أن الهيئة الطاعنة التزمت تركيب وصيانة الخط التليفوني، وكانت طبيعة هذا الإلتزام تقتضى أن تتخذ الهيئة الطاعنة ما يلزم من الأعمال الفنية لإصلاح هذا الخط فى الوقت المناسب وفور إخطار المشترك بالعطل حتى تمكنه من إستعماله بما يحقق له الغرض الذي هدف إليه من التعاقد، ومن ثم فإن تأخير الهيئة الطاعنة فى تحقيق الإتصال التليفوني فى الوقت المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بهذا الإلتزام ولا يكون إعذارها واجبا بعد فوات هذا الوقت إذ لا ضرورة للإعذار كنص المادة 220 من القانون المدني فى هذه الحالة، وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى الثابت من تقرير الخبير أن التليفون تعطل عدة مرات ولفترات طويلة فى المدة من...... وحتى...... بسبب قطع الكابل الأرضي، وإذ لم تقم الهيئة بإصلاح هذه الأعطال وفات الوقت ووقع الضرر فإنه لا ضرورة للإعذار، فلا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن دفاع الطاعنة بشأن هذا الإعذار ولم يرد عليه.

(الطعن رقم 388 لسنة 57 جلسة 1989/12/12 س 40 ع 3 ص 288 ق 368)

3- مفاد نص المادتين 218، 220 / 1من القانون المدني أنه ولئن كان التعويض لا يستحق إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك إلا أنه لا ضرورة لهذا الإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من عقد تركيب واستعمال التليفون المبرم بين الطرفين أن الهيئة الطاعنة التزمت بتركيب الخط التليفون المبين بالأوراق. كانت طبيعة هذا الالتزام تقتضى تركيبه بحالة صالحة للاستعمال وأن تتخذ الهيئة الطاعنة كافة الإجراءات الفنية اللازمة لإصلاح هذا الخط وصيانته بقصد تمكين المتعاقد الآخر من إتمام الاتصال التليفوني وعلى أن يتم ذلك فور مطالبة المتعاقد بإجراء الاتصال أو فى الوقت المناسب لذلك تحقيقاً للغرض الذي هدف إليه المتعاقد من تركيب التليفون، ومن ثم فإن تأخير الهيئة الطاعنة فى تحقيق الاتصال التليفوني فى الوقت المناسب من شأنه أن يرتب مسئوليتها عن إخلالها بالتزامها ولا يكون إعذارها واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت إذ لا ضرورة لإعذاره بنص المادة 220 من القانون المدني متى أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اتخذته محكمة الموضوع سنداً لقضائها أن التليفون الذي قامت الهيئة الطاعنة بتركيبه لم يعمل فى خلال الفترة من 2 /9 / 1977حتى 4 / 10 / 1980بسبب تهالك شبكة الكابلات الأرضية لانتهاء عمرها الإفتراضى، فإنه لا ضرورة لإعذاره آراء تأخر الهيئة الطاعنة وفوات الوقت المناسب لتنفيذ التزامها ووقوع الضرر.

(الطعن رقم 1556 لسنة 56 جلسة 1989/03/26 س 40 ع 1 ص 840 ق 147)

4- المبلغ الذي يلتزم به صاحب العمل فى حالة تأخيره عن أداء الإشتراكات المستحقة بالتطبيق للمادة 17 من قانون التأمينات الإجتماعية رقم 63 لسنة 1964 ليس تعويضاً عما تشترط المادة 218 من القانون المدني لإستحقاقه إعذار المدين بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الإشتراكات المستحقة فى مواعيدها، ووصفت مذكرته الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذي هو مقابل الضرر الذي يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذي لابد لإستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له، بينما المبلغ الإضافي يستحق بمجرد ثبوت التأخير فى دفع الإشتراكات المستحقة ودون إثبات أي عنصر من تلك العناصر اللازمة لإستحقاق التعويض، ومتى كان هذا المبلغ الإضافي لا يعتبر تعويضاً فإنه لا يسرى عليه حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الإعذار ويستحق بمجرد انقضاء المواعيد المحددة لأداء الإشتراكات المستحقة أسوة بالفوائد التي ألزم بها المشرع رب العمل فى هذه الحالة.

(الطعن رقم 454 لسنة 41 جلسة 1983/12/22 س 34 ع 2 ص 1886 ق 370)

5- إستناد الخصم إلى الخطأ العقدى لا يمنع المحكمة من أن تبنى حكمها على خطأ تقصيرى متى إستبان لها توافر هذا الخطأ عند تنفيذ العقد . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إستبان من تقرير الخبير أن الطاعنين قد إرتكبا خطأ تقصيرياً بإتلافهم غراس المطعون عليهم مما تكون معه تلك الأعمال قد تجاوزت الإخلال بالإلتزام التعاقدى . فإن الحكم المطعون فيه إذ إنتهى إلى أعمال أحكام المسئولية التقصيرية ، وقضى بإلزامهما متضامنين بالتعويض بغير إعذار سابق ودون إعتداد بما إتفق عليه الطرفان بعقود الإيجار ، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 255 لسنة 39 جلسة 1975/05/08 س 26ع 1 ص 942 ق 181)

6- متى كان الحكم قد إنتهى إلى إخلال الطاعن - رب العمل فى المقاولة - بإلتزامه من جراء تأخره فى الحصول على رخصة البناء فى الوقت المناسب ، فإن إعذاره لا يكون واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت ، إذ لا ضرورة للإعذار بنص المادة 220 من القانون المدنى إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير مجد بفعل المدين . وإذ كان الحكم قد قضى بالتعويض المستحق للمطعون عليه دون أن يرد على ما تمسك به الطاعن فى دفاعه من ضرورة إعذاره فى هذه الحالة ، فإنه لايكون مشوبا بالقصور .

(الطعن رقم 243 لسنة 37 جلسة 1972/06/01 س 23 ع 2 ص 1062 ق 166)

7- المبلغ الإضافى الذى يلتزم به صاحب العمل فى حالة تأخيره فى أداء الإشتراكات و المنصوص عليه فى المادة 17 من قانون التأمينات الإجتماعية رقم 63 لسنة 1964 ، ليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 من القانون المدنى لإستحقاقه إعذار المدين ، بل هو جزاء مالى فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الإشتراكات المستحقة فى مواعيدها وهذا الجزاء شبيه بالجزاء الذى فرضه المشرع فى المادة 7 من القانون رقم 233 لسنة 1960 على حائزى أجهزة إستقبال الإذاعة التليفزيونية الذين لا يؤدون الرسم المقرر فى المواعيد المحددة لأدائه فقد ألزمهم ذلك القانون بدفع الرسم مضاعفا و وصفت مذكرته الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذى هو مقابل الضرر الذى يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذى لابد لإستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ و وقوع الضرر للدائن نتيجة له ، بينما المبلغ الأضافى يستحق بمجرد ثبوت التأخير فى دفع الإشتراكات المستحقة و دون إثبات أى عنصر من تلك العناصراللازمة لأستحقاق التعويض ، ومتى كان هذا المبلغ الإضافى لايعتبر تعويضاً فإنه لا يسرى عليه حكم المادة 218 من القانون المدنى الذى يوجب الإعذار ويستحق بمجرد إنقضاء المواعيد المحددة لأداء الإشتراكات المستحقة أسوة بالفوائد التى ألزم بها المشرع رب العمل فى هذه الحالة .

(الطعن رقم 337 لسنة 35 جلسة 1969/06/12 س 20 ع 2 ص 952 ق 151)

8- متى كان الطاعن قد أعلن المطعون ضده بإعتبار العقد مفسوخاً من جهته ، و كان الحكم المطعون فيه قد رتب على هذا الإعلان أن المطعون ضده لم يكن بحاجة إلى إعذار الطاعن قبل المطالبة بالتعويض بإعتبار أن الطاعن قد صرح بهذا الإعلان أنه لا يريد القيام بإلتزامه ، فإن الحكم يكون قد إلتزم صحيح القانون

(الطعن رقم 222 لسنة 33 جلسة 1967/02/14 س 18 ع 1 ص 339 ق 53)

9- تلزم المادة 2/706 من القانون المدنى الحالى المقابلة للمادة 526 من القانون الملغى ، الوكيل والوصى يأخذ حكمه بفوائد ما تبقى فى ذمته من تاريخ اعذاره وقد بينت المادة 220 من القانون المدنى الحالات التى لا يلزم فيها الإعذار وليس من بينها الحالة المنصوص عليها فى المادة 43 من القانون رقم 119 لسنة 1952 فى شأن الولاية على المال التى تفرض على الوصى إيداع المبالغ التى يحصلها لحساب القاصر خلال خمسة عشر يوماَ من تاريخ تحصيلها .

(الطعن رقم 306 لسنة 32 جلسة 1966/04/28 س 17 ع 2 ص 955 ق 131)

10- لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن وغير مجد بفعل المدين ، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أعتبر الأخطاء الفنية التى وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركه فإن مفاد ذلك أن الإلتزام المترتب على عقد المقاولة قد أصبح غير ممكن تنفيذه ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفسخ العقد وبالتعويض دون سبق إعذار المدين بالتنفيذ العينى لا يكون قد خالف القانون .

(الطعن رقم 431 لسنة 31 جلسة 1966/04/05 س 17 ع 2 ص 797 ق 107)

11- إنه وإن كان يتعين لكى تقضى المحكمة بفسخ عقد البيع تحقيقاً للشرط الفاسخ الضمنى أن ينبه البائع على المشترى بالوفاء تنبيهاً رسمياً إلا أن محل ذلك ألايكون المشترى قد صرح بعدم رغبته فى القيام بإلتزامه . فإذا كان المشترى قد عرض ثمناً أقل مما هو ملزم بسداده وصمم عل ذلك لحين الفصل فى الدعوى فلا تكون هناك حاجة - لكى يصح الحكم بالفسخ - إلى ضرورة التنبيه على المشترى بوفاء الثمن المستحق

(الطعن رقم 392 لسنة 22 جلسة 1956/05/31 س 7 ع 2 ص 631 ق 86)

شرح خبراء القانون

مناط عدم الإعذار :

لئن كان التعويض لايستحق ولا يكون للدائن أن يطالب به إلا إذا إعذر المدين بالوفاء بالتزامه على النحو الذي رأيناه بالمادتين السابقتين، غير أن هناك حالات يكون للدائن فيها المطالبة بالتعويض دون إعذار ومنها الحالات التى ورد ذكرها بالمادة 220 وحالات اخرى وردت فى نصوص متفرقة .

الحالات التي لا يلزم فيها الإعذار :

(1) إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين :

سواء كان الالتزام بنقل حق عيني أو بالقيام بعمل أو بالامتناع عن عمل، فإن كان الالتزام بنقل حق عيني، تعين على المدين تنفيذ التزامه فإن امتنع وكان التنفيذ ممكناً فإن الدائن لا يجوز له المطالبة بالتعويض إلا بعد إعذار المدين، أما إن أصبح التنفيذ غير ممكن، بأن يكون المدين قد تصرف في الشيء محل الحق الى الغير تصرفاً يحاج الدائن  به، فلو كان الشيء منقولاً يستلمه مشتري حسن النية فيتملكه بالحيازة، وإن كان عقاراً يبادر المشتري الثاني بتسجيله مشتري حسن النية فيتملكه بالحيازة، وإن كان عقاراً يبادر المشتري الثاني بتسجيله دون أن يكون المشتري الأول قد سجل تصرفه، ومن ثم يصبح تنفيذ المدين – البائع – لالتزامه بنقل الملكية غير ممكن وفى هذه الحالة لا يكون ثمة محل للإعذار فيطالب الدائن بالتعويض دون أن يكون ملزماً بإعذار المدين، وأيضاً إذا أخل البائع بالتزامه بالتسليم حتى لو تم التسليم بعد ذلك، بإعتبار أن التسليم محل الإخلال أصبح غير ممكن تنفيذه بفعل المدين به وهو البائع، وبالتالى فلا موجب للإعذار، إذ أن الغاية من الإعذار هي دعوة المدين إلى تنفيذ التزامه وإذ يستحيل ذلك بالنسبة للمدة التى كان يجب أن يتم التسليم فيها وانقضت بدون انتفاع بالمبيع فأصبح التنفيذ مستحيلآ فيها وبالتالى يتم التنفيذ بطريق التعويض محسوباً من التاريخ المحدد للتسليم حتى أن يتم رضاءً أو قضاءً، أما الإخلال الذى يمكن تنفيذه عيناً بدون ضرر على الدائن، فإن الإعذار يكون واجباً.

وفى الالتزام بالقيام بعمل، يكون الإعذار لازماً كلما كان القيام بالعمل مجدياً، فإن أصبح غير مجد فلا مبرر للإعذار، فالمقاول الذي يلتزم بإقامة مسكن أو مدرسة، يكون تنفيذ التزامه مجدياً لحاجة الدائن لهذا البناء ولتوافر مصلحته فى قيامه ولذلك ليس له المطالبة بالتعويض إلا بعد إعذار المدين – المقاول – أما إن وردت المقاولة على عمل يجب أن يتم لمناسبة معينة أو لظرف معين ثم تنتهى المناسبة أو ينقضى الظرف دون إتمامه، فإن تنفيذ الالتزام وإن كان ممكناً إلا أنه يصبح غير مجد ومن ثم يكون للدائن الرجوع على المدين بالتعويض دون إعذار، مثال ذلك الاتفاق مع مقاول على تهيئة مكان لإقامة حفل فى يوم معين فلم يقم بتنفيذ التزامه، أو الاتفاق مع مطرب لإحياء هذا الحفل ولم يحضر فإن تنفيذ الالتزام بعد ذلك وإن كان ممكناً إلا أنه يكون غير مجد .

وقد يكون الالتزام بالإمتناع عن عمل، ثم يقوم المدين بهذا العمل وحينئذ لا تكون هناك جدوى من الإعذار، فمن يلتزم بعدم المنافسة ثم يخالف التزامه، يكون مسئولاً عن التعويض دون حاجة لإعذاره .

ويجب فى كل ما تقدم، أن يكون فعل المدين هو الذى أدى إلى جعل التنفيذ غير ممكن أو غير مجد، أما إن رجع ذلك لسبب أجنبي فإن الالتزام ينقضي وتسقط مسؤولية المدين، فإن سوق المنقول أو نزعت ملكية العقار أو أدت الحرب إلى تهدم المكان المخصص لإقامة الحفل أو كان الانفاق على عدم المنافسة باطلاً فإن المسؤولية تسقط ولا يجوز الرجوع على المدين بأى تعويض .

(2) إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع :

العمل غير المشروع أو الخطأ التقصيري، هو إخلال بالتزام قانوني بأن ينحرف الشخص عن السلوك الواجب أو عن السلوك المألوف للشخص العادى، فتتحقق مسئولية المدين فور هذا الإخلال ويصبح تنفيذ المدين لالتزامه عيناً غير ممكن إذ يكون الضرر قد تحقق ومن ثم فلا جدوى من الإعذار الذي هو دعوة للمدين لتنفيذ التزامه .

والعبرة بالتكيف الصحيح للمسؤولية، فإن استند الدائن إلى المسئولية العقدية وكان التكييف الصحيح يدل على أنها تقصيرية، فإن الأعذار لا يكون واجباً.

(3) إذا كان محل الالتزام رد شيء مسروق أو لا حق للمدين فيه :

إذا كان المدين يجوز شيئاً مسروقاً، سواء كان يعلم بذلك أو لا يعلم أو كان حبساً لهذا الشئ بدون وجه حق، فإنه يجوز للدائن المطالبة باسترداده دون حاجة إعذار المدين. 

(4) إذا صرح المدين كتابة بعدم القيام بالتزامه :

الإعذار هو دعوة للمدين التنفيذ التزامه، ولذلك إذا بادر المدين وصرح كتابة أنه لايريد القيام بالتزامه، فإن الأعذار في هذه الحالة يكون لغواً، لا جدوى منه، به توافر هذه الحالة ومن ثم فلا يكفي أن يعلن المدين شفاهة أنه لا يريد القيام بالتزامه، فليس للدائن إثبات ذلك بأقوال الشهود، إنما يجوز له هذا الإثبات بالاقرار أو إذا نكل المدين عن اليمين التي يوجهها له بأنه لم يعلن عدم رغبته فى القيام بالتزامه رغبته في القيام بالتزامه.

وقد تكون الكتابة ثابتة بخطاب أو بمذكرة في دعوى أخرى أو بإنذار، وهي لازمة للإثبات وليس للإنعقاد.

(5) حالات وردت في نصوص متفرقة :

أنظر بالنسبة للفضالة المادة 195 وبالنسبة للشركة المادتين 510 و 522 وبالنسبة للوكالة المادتين 706 و 710 وبالنسبة لمستحقات هيئة التأمينات الاجتماعية نقض 12 / 6 / 1969، وبالنسبة للإيجار أنظر المادة 598 .

(6) الاتفاق على عدم لزوم الاعذار :

تنص المادة 219 من القانون المدني على أن الإعذار يجوز أن يكون من اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذراً بمجرد حلول الأجل دون حاجة إجراء آخر.

ومفاد ذلك، أنه يجوز للمتعاقدين الاتفاق على أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه دون إعذار، ومتی حل أجل التنفيذ ولم ينفذ المدين التزامه كان للدائن الرجوع عليه بالتعويض، ويتحمل الدائن إثبات الإعفاء من الأعذار، فقد يكون وارداً في العقد أو في ورقة منفصلة عنه.

ويكون الاتفاق صريحاً على نحو ما تقدم، وقد يستخلص ضمناً من ظروف التعاقد، فالعميل الذي يباع سلعة من محل ويدفع ثمنها ثم يترك عنوانه يدل على وجوب إرسالها إليه فوراً فلا حاجة لإنذار للتسليم، والإتفاق مع مقاول على إتمام العمل في تاريخ معين يتضمن إعفاء من الإعذار.

فإذا تم الإعذار رغم الاتفاق على عدم لزومه، فإنه يتعين الأخذ به إذا منح المدين أجلاً للتنفيذ، وحينئذ يكون التعويض مستحقاً ليس من وقت حلول الدين إنما من وقت إنقضاء الأجل المحدد في الإعذار، وقد يعتبر الإعذار في هذه الحالة إيجاباً لعقد يقوم بسكوت المدين، أنظر نقض 21 / 4 / 1949 بالمادة 90 .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الرابع، الصفحة : 271)

 من الطبيعي ألا يكون ثمة داع للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً بفعل المدين نفسه، فيعد المدين في هذه الحالة مسئولاً عن نتائج عدم التنفيذ دون حاجة للإعذار .

ذلك أن الإعذار دعوة إلى المدين بالتنفيذ، وقد أصبح التنفيذ مستحيلاً بفعله، أما إذا أصبح التنفيذ مستحيلاً بسبب أجنبي عن المدين فإن الالتزام ينقضي بقوة القانون، ولا يكون المدين مسئولاً عن أي تعويض، ومن أمثلة الإستحالة بفعل المدين أن يترك محام ميعاد الاستئناف ينقضى دون رفعه، وأن يبيع البائع العقار مرة أخرى إلى مشتر ثان يسارع بالتسجيل فيصبح تنفيذ التزامه بنقل الملكية إلى المشتري الأول غير ممكن التنفيذ بفعله، أو أن يبيع البائع المنقول إلى مشتر ثان يحوزه بحسن نية فيتملكه طبقاً لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية - ومن  ذلك أيضاً أن يكون الالتزام محله امتناعاً عن عمل ووقعت المخالفة من المدين بأن أتي بالعمل الممنوع، فلا فائدة من الإعذار في هذا الفرض إذا أصبح التنفيذ العيني غير ممكن بفعل المدين، فلو أقام شخص بناءً خروجاً على التزامه بعدم البناء، فلا حاجة بالدائن إلى إعذاره لمطالبته بالتعويض، ويلاحظ أن التعويض هنا مستحق عن عدم التنفيذ لا عن مجرد التأخير.

وكذلك لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين، كما إذا كان الالتزام واجب التنفيذ في فترة معينة وتركها المدين تمر بدون تنفيذ لالتزامه.

كما إذا تعهد مقاول بإقامة بناء للعرض في معرض، ولم يتم المقاول البناء إلى أن افتتح المعرض، فلا فائدة من إرسال إعذار له، وكما لو اتفق مع فنان على إحياء حفلة وفات میعادها.

ومن هذا القبيل أيضاً أن نكون بصدد عقد من العقود المستمرة الزمنية، فإن عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه لفترة ماضية يوجب عليه التعويض بدون حاجة إلى إعذار، ذلك أن الإخلال قد وقع في الماضي ولا يمكن العودة إلى التنفيذ في الماضي ومثاله أن تمتنع شركة كهرباء أو مياه عن توريدها لفترة معينة إلى المشتركين، والواقع أن عدم التنفيذ في العقود الزمنية لا يعد تأخراً في التنفيذ بل هو عدم تنفيذ جزئي للعقد، والتعويض المستحق هو تعويض عن علم التنفيذ لا عن التأخير فيه .

الاستثناءات المقررة بنصوص خاصة : من أمثلة هذه الاستثناءات ما يأتي :

1- ما تنص عليه المادة 226 مدني من أن "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية، وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره فهذا النص بعد استثناء من القاعدة العامة في استحقاق التعويض من وقت الإعذار.

فالنص حدد الطريقة التي يتم بها إعذار المدين فيما يتعلق على الأقل بأحد آثار الإعذار وهو الخاص بسريان فوائد التأخير، ففرض أن يكون ذلك بالمطالبة القضائية بالفوائد المذكورة.

2- ما تنص عليه المادة 195 مدنى الواردة في الفضالة من أنه : "يعتبر الفضولي نائباً عن رب العمل، متى كان قد بذل في إدارته عناية الشخص العادي، ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة، وفي هذه الحالة يكون رب العمل ملزماً بأن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه، وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها، وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها، وأن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل، ولا يستحق الفضولي أجراً على عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته".

فقد جعل النص فوائد التأخير تسري على المبالغ التي يستحق الفضولي ردها إليه مقابل ما أنفقه في مصلحة رب العمل من وقت إنفاقه إياها أي من وقت نشوء الالتزام بها في ذمة رب العمل لا من وقت إعذاره الأخير بدفعها أو من وقت مطالبته قضائياً بدفع فوائد عنها.

3- ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 458 مدني من أنه لاحق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري أو إذا سلم الشئ المبيع وكان الشيء قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره".

4- ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 706 مدني الواردة في باب الوكالة من أنه : "وعليه (الوكيل) فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه (الموكل) من وقت استحقاقها، وعليه أيضاً فوائد ما تبقى في ذمته من حساب الوكالة من وقت أن يعذر".

وكذا المادة 710 مدني التي تنص علي أن : "على الموكل أن يرد للوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد مع الفوائد من وقت الإنفاق وذلك مهما كان حظ الوكيل من النجاح في تنفيذ الوكالة، فإذا اقتضى تنفيذ الوكالة أن يقدم الموكل للوكيل مبالغ للإنفاق منها في شئون الوكالة، وجب على الموكل أن يقدم هذه المبالغ إذا طلب الوكيل ذلك".

ويلاحظ أن الإعذار لا يكون لازماً إذا اتفق المتعاقدان على الإعفاء منه.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث، الصفحة : 437)

 تنص المادة 220 مدني على أنه "لا ضرورة لإعذار المدين في الحالات الآتية":

1) إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين.

ب) إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع.

جـ) إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق أو شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك.

د) إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه.

والمقصود بعدم ضرورة الأعذار في هذه الأحوال هو أن تترتب في ذمة المدين الآثار التي يرتبها القانون على الأعذار دون حاجة الى آن يوجه الدائن إلى المدين إنذاراً أو ما يقوم مقام الإنذار، أو بعباره أدق أن يصبح المدين معذراً بقوة القانون.

وتوجد فوق ذلك نصوص متفرقة في القانون تجعل الإعذار غیر ضروري أيضاً في حالات معينة، كما توجد حالات تقضى فيها طبيعة الأشياء بعدم الحاجة الى إعذار، هذا فضلاً عن نص المادة 219 مدني الذي يجعل الإعذار غير ضروري إذا اتفق الطرفان على ذلك .

(أ) أستحالة التنفيذ أو انعدام الفائدة منه بفعل المدين :

اذا صار تنفيذ الالتزام مستحيلاً، فإما أن يكون ذلك بفعل المدين وأما أن يكون بغيره، وفي هذه الحالة الأخيرة ينقضى الالتزام بالاستحالة ولا يكون ثمة محل لمطالبة المدين بشيء وبالتالي لا محل لإعذاره، أما إذا كانت الإستحالة راجعة إلى فعل المدين، فيرى البعض أن الالتزام يستحيل محله الى تعويض، ويرى البعض الآخر أن الالتزام الأصلي ينقضي بالاستحالة ولكن يترتب على فعل المدين الذي تسبب في الاستحالة نشوء التزام جزئی هو الالتزام بالتعويض، وفي كلا الرأيين لا يكون ثمت محل للإنذار أو ما يقوم مقامه لما تقدم من أن الإنذار الذي يتم به الإعذار يجب أن يتضمن المطالبة بالأداء الأصلى الواجب على الدين لا بالأداء الجزائي الذي يصبح واجباً عليه عند الإخلال بالأداء الأصلي، ولأنه لا فائدة من المطالبة بالأداء الأصلي بعد أن صار تنفيذه مستحيلاً .

أما اذا كانت الاستحالة وقتية، تعين على الدائن أن يعذر المدين بمجرد زوال الاستحالة تمهيدا لطلب التنفيذ القهري كله أو بعضه الذي يبقى ممكناً بعد زوال الاستحالة، أما ما صار غير ممكن بسبب الاستحالة الوقتية فلا يحتاج في المطالبة بتعويض عنه إلى إنذار أو إعذار وأهم تطبيق لذلك يظهر في العقود المستمرة أي التي يكون الزمن عنصراً فيها وما ينشأ عنها من التزامات كالتزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة و التزام متعهد النقل بنقل تلاميذ المدرسة لمدة عام كامل، فالمؤجر أو متعهد النقل يكون ملزماً بالتعويض عن المدة التي جعل تنفيذ التزامه في أثنائها مستحيلاً استحالة مؤقتة دون حاجة إلى إنذار أو إعذار، أما بالنسبة إلى تنفيذ التزامه عن المدة الباقية بعد زوال الاستحالة، فلا بد من إعذاره.

وكذلك لا ضرورة للإعذار إذا بقى تنفيذ الالتزام ممكناً ولكنه صار غير مجد في الغرض الذي من أجله أنشئ الالتزام، كما إذا تعهد مقاول بإقامة مبنى في معرض وانقضى المعرض دون أن يقام البناء قان أقامته بعد ذلك لا تكون منها فائدة، وبما أن المفروض أن المدين يعلم ذلك، فلا محل لإعذاره لأن الأعذار إنما شرع الاحاطة المدين علما بأن الدائن يريد اقتضاء الدين في موعده ويتضرر من تأخره، والعارف لا يعرف .

(ب) الالتزام بالتعويض عن العمل غير المشروع : 

تثير عبارة المادة 220 ب المتعلقة بعدم ضرورة الإعذار « إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع » خلافاً في الفقه على المعنى المقصود بها.

فيفسرها البعض بأن المقصود بها الالتزام الأصلي الذي يعد الإخلال به عملاً غير مشروع يستوجب التعويض، وهو الالتزام بعدم الإضرار بالغير كما تقول المذكرة الإيضاحية أو الالتزام باتخاذ الحيطة الواجبة لعدم الإضرار بالغير كما يقول الأستاذ السنهوري، ويقولون أن هذا الالتزام التزام سلبي يؤدي الإخلال به الى جعل تنفيذه غير ممكن، وبالتالي إلى جعل الإعذار فيما يتعلق به غير ضروري كما في الحالة السابقة المنصوص عليها في المادة 220 وتطبيقاً لهذا النص الأخير ذاته، أي أن هذا الرأي يذهب إلى اعتبار أن هذه الحالة الثانية ليست في الواقع إلا تطبيقاً من تطبيقات الحالة الأولى.

ويرى البعض الآخر أن الالتزام الذي نص المشرع في المادة 220 (ب) على إعفاء الدائن به من ضرورة القيام بإعذار المدين ليس هو الالتزام باتخاذ الحيطة منعاً للإضرار بالغير، بل الالتزام بتعويض الضرر الناتج عن العمل غير المشروع أي عن الإخلال بالالتزام السابق، ويقولون أنه من المتصور أن يعذر الدائن المدين بهذا التعويض للوفاء به، وان نص المادة 220 (ب) إنما قصد به إعفاء الدائن من ذلك، فتترتب في ذمة مرتكب العمل غير المشروع من وقت ارتكابه - فيما يتعلق بالتزامه بالتعويض - جميع آثار الإعذار التي ستفصلها فيما بعد دون حاجة في ذلك إلى أن يعذره المضرور أي الدائن بالتعويض، ويعللون ذلك بأنه لما كان المدين مقصراً من يوم نشوء التزامه، فقد رأي القانون في ذلك سبباً كافياً لإعفاء الدائن من ضرورة إعذاره المدين .

والفرق بين الرأيين أن الثاني يعفي المضرور من ضرورة إعذار الفاعلى للوفاء بالتعويض وبالتالي يسمح له بطلب فوائد تأخير على مبلغ التعويض الذي يمثل قيمة الضرر وقت وقوع العمل غير المشروع إبتداءً من تاريخ وقوعه ودون توقف على حصول الإنذار أو المطالبة القضائية، أما الأول فيجعل الإعفاء من الإعذار متعلقاً فقط بالالتزام الأصلي الذي اعتبر العمل غير المشروع إخلالاً به دون الالتزام بالتعويض الذي نشأ من هذا العمل، وبالتالي فهو لا يسمح للمضرور بطلب فوائد تأخير عن مبلغ التعويض إلا وفقاً للقواعد العامة، أي من تاريخ المطالبة القضائية بهذه الفوائد .

غير أن هذا الفرق نظري أكثر منه عملی، لأن الواقع أن القاضي عندما يقدر التعويض عن الضرر الناشيء من العمل غير المشروع يقدره وقت الحكم لا وقت ارتكاب العمل غير المشروع، فيدخل فيه بطبيعة الحال قيمة جميع الأضرار التي تحققت للمضرور حتى وقت الحكم بما في ذلك الضرر الذي عاد عليه من عدم دفع التعويض إليه فور وقوع الحمل غير المشروع .

ومع ذلك فنحن من الناحية النظرية تميل الى الرأي الثاني لأنه هو الذي يتفق مع نص عبارة المادة 220 بـ (أ) ومدلولها اذ أن النص يقول إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع، وهو واضح في أن المقصود به الالتزام الذي يكون محله أداء تعويض عن عمل غير مشروع، فلا يصح صرفه الى الالتزام الأصلي الذي يعد الإخلال به عملاً غير مشروع، ونعتبر أن المشرع، إذ أعفى المضرور من ضرورة الإعذار، نظر في ذلك إلى أن مرتكب العمل غير المشروع لا يستحق الرعاية التي أحاط بها المدين العادي، سوى بينه وبين حالة من يحوز شيئاً مسروقاً وهو يعلم بسرقته وحالة من تسلم شيئاً دون حق وهو عالم بذلك المنصوص عليهما في الفقرة (جـ) من المادة 220، ونرى أن الإعفاء من الإعذار في هذه الحالة ليس مما تقضي به طبيعة الأشياء كما في الحالة المسابقة وأنه ما كان يمكن الأخذ به دون نص المشرع عليه، ولكنا لا نسلم بسريان فوائد التأخير القانونية على الالتزام بالتعويض دون مطالبة قضائية بها لأن الإعفاء من الإعذار لا يعفى من الإجراء الأشد من الإعذار وهو المطالبة القضائية.

(جـ ) الالتزام بالرد الواقع على عانق حائز الشيء المسروق ومن تسلم شيئاً دون حق :

يلتزم من يجوز شیئاً مسروقاً بأن يرده إلى من تثبت له ملكيته، فاذا كان يجهل أنه مسروق وجب إعذاره للرد وفقاً للقواعد العامة، أما متى علم أن الشيء مسروق تعين عليه رده إلى مالكه بمجرد علمه بذلك وبشخص الملك، ولو لم يعذره هذا، لأن المشرع رأى أن سوء نية الحائز في هذه الحالة يكفي لجعله معذراً بقوة القانون أي دون حاجة إلى قيام الدائن بإعذاره، ويكون الحائز في هذه الحالة هكذا معذراً من وقت حيازته الشيء إذا كان في ذلك الوقت على بينة من أمره، والا فمن الوقت الذي يعلم فيه بحقيقة الأمر ( المادة 1302/ 4 مدني فرنسي ).

وقد نصت المادة 207 مدني مصري على أن الشيء المسروق اذا هلك أو ضاع بأية صورة كانت فان تبعة الهلاك تقع على السارق.

وكذلك من تسلم غير المستحق بحسن نية، فانه لا يكون معذراً لرده إلا بعد قيام صاحب الحق في الاسترداد بإعذاره لذلك، أما إذا كان من تسلم غير المستحق عالماً وقت تسلمه بعدم استحقاقه إياه، فإنه يكون معذراً لرده من وقت تسلمه، وإلا فيكون معذراً من الوقت الذي يعلم فيه بذلك، وقد طبقت المادة 185 فقرة 2 ذلك حيث قررت أنه و إذا كان (من تسلم غير المستحق) سيء النية، فانه يلتزم أن يرد أيضاً الفوائد والأرباح التي جناها أو التي قصر في جنيها من الشيء الذي تسلمه بغير حق، وذلك من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيئ النية ».

( د ) تصريح المدين كتابة بعزمه على عدم التنفيذ :

ولأن الغرض من اعذار الدائن المدين أحاطه الأخير علماً بأن الأول يقتضيه أداء الالتزام ويتضرر من تأخره في ذلك ولا يريد التسامح فيه .

فإن هذا الإعذار لا يكون له محل اذا صرح المدين بعزمه على عدم تنفيذ الالتزام، لأن معنى تصريحه بذلك أنه لا يعبأ بما يريده الدائن، فلا فائدة من إعلانه بهذه الإرادة.

وقد قضت محكمة النقض في ظل التقنين الملغي بأن القانون لا يتطلب إعذار الملتزم متى كان قد أعلن إصراره على عدم الوفاء ولكنها لم تشترط في التعبير عن هذا الإصرار شكلاً معيناً ولم تتطلب دليلاً خاصاً، بل اعتبرت أن استخلاص هذا الإصرار من الدليل المقدم لإثبات حصوله هو مسألة موضوعية لا سلطان فيها المحكمة النقض على محكمة الموضوع.

غير أن التقنين المدني الحالي لم يكتف بذلك بل اشترط أن يكون تصريح المدين بأنه لا يريد القيام بالتزامه تصريحاً كتابياً، ومن المسلم أن الكتابة ليست مطلوبة هنا للشكل بل للإثبات فقط أي أنه يجوز أن يقوم مقامها في الإثبات إقرار المدين بتصريحه أو نكوله عن اليمين فيما يتعلق بصدور ذلك التصريح منه، ولكن يلاحظ أنه لا يكفي إقرار المدين بصدور مثل هذا التصريح منه اذا تضمن هذا الإقرار أن التصريح المذكور لم يكن جدياً لصدوره في ثورة غصب أو على سبيل المزاح أو المداعبة، وذلك لأن الغرض من اشتراط المشرع أن يكون إثبات هذا التصريح بالكتابة هو التحقق من جديته، فوجب أن يكون الإقرار بالتصريح متضمناً جديته أيضا وكذلك صيغة اليمين التي توجه الى المدين عن صدور مثل هذا التصريح منه .

ويلاحظ أن أثر تصريح المدين كتابة بعزمه على عدم تنفيذ التزامه إلا ينسحب على الفترة السابقة على هذا التصريح، فإذا كان المدين متأخراً في التنفيذ وقت هذا التصريح، ولم يكن الدائن قد أعذره، فإنه يكون غير معذر طوال الفترة المسابقة ولا يصير معذراً إلا ابتداءً من تاريخ هذا التصريح، فإذا عدل عن عزمه بعد ذلك ونفذ التزامه، لم يكن مسئولاً إلا عن التأخير التالي التصريح، ولا مسئولية عليه فيما قبل ذلك .

( ثانياً ) الاستثناءات المقررة بنصوص خاصة :

أكثر هذه الاستثناءات تتعلق بالوقت الذي تستحق ابتداءً منه فوائد التأخير عن الديون التي يكون محلها مبلغاً من النقود، والبعض منها يتعلق باقتضاء الفسخ .

فالأصل أن التعويض عن التأخير يستحق من وقت الإعذار في غير الديون التي يكون محلها مبلغاً من النقود، أما فيما يتعلق بهذه الديون فقد نصت المادة 226 على أن فوائد التأخير لا يكفي في مصر بأنها إعذار المدين بل لا بد من حصول المطالبة القضائية بها، أي أنه جعل فوائد التأخير لا تسري من وقت الإنذار الذي يتم به الإعذار عادة بل من وقت رفع الدعوى بهذه الفوائد، ومعنى ذلك أنه شدد في الطريقة التي يتم بها إعذار المدين فيما يتعلق على الأقل بأحد آثار الإعذار وهو الخاص بسريان فوائد التأخير، ففرض أن يكون ذلك بالمطالبة القضائية بالفوائد المذكورة .

غير أن المشرع بعد أن قرر هذا الأصل فيما يتعلق بطريقة الإعذار لإستحقاق فوائد التأخير خرج عليه في مواضع مختلفة، منها نص المادة 195 الوارد في شأن الفضالة وهو يقضي بإلزام رب العمل بأن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها، أي أنه جعل فوائد التأخير تسري على المبالغ التي يستحق الفضولي ردها إليه مقابل ما أنفقه في مصلحة رب العمل من وقت إنفاقه إياها أي من وقت نشوء الالتزام بها في ذمة وقت العمل لا من وقت إعذار الأخير بدفعها أو من وقت مطالبته قضائياً دفع فوائد عنها.

ومنها نص المادة 458 فقرة أولى على أن لا حق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري أو إذا سلم الشيء المبيع وكان هذا الشيء قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ونص المادتين 510 و 522 في باب الشركة، حيث تقضي الأولى بأنه إذا تعهد الشريك بأن يقدم حصته في الشركة مبلغاً من النقود ولم يقدم هذا المبلغ، لزمته فوائده من وقت استحقاقه من غير حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار، وتنص الثانية على أنه إذا أخذ الشريك أو احتجز مبلغاً من مال الشركة، لزمته فوائد هذا المبلغ من يوم أخذه أو احتجازه بغير حاجة الى مطالبة قضائية أو إعذار .

ونص المادتين 706 فقرة ثانية و710 في باب الوكالة، والأولى تجعل الوكيل ملزما بفوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه من وقت استخدامها وبفوائد ما تبقى في ذمته من حساب الوكالة من وقت أن يعذر، والثانية تلزم الموكل أن يرد للوكيل ما أنفقه في تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد مع الفوائد من وقت الإنفاق، والمادة 800 فقرة ثالثة وهي تقضي بأن يكون للكفيل الحق في الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه إبتداءً من يوم الدفع .

وفيما يتعلق بالفسخ بسبب عدم الوفاء أو بسبب التأخير في الوفاء، فالقاعدة أنه لا يجوز طلب الفسخ إلا بعد إعذار المدين ( المادة 157 فقرة أولى )، ولكن المشرع خرج على هذه القاعدة في بيع العروض حيث نص في المادة 461 مدني على أنه إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع يكون البيع مشوباً دون حاجة إلى إعذار أن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا اختار البائع ذلك .

( ثالثاً ) الحالات التي تقضي طبيعة الأشياء بإعتبار الإعذار فيها محققاً دون إنذار :

تقضي طبيعة الأشياء أحيانا باعتبار الأعذار محققا دون إنذار في حالات معينة منها:

(1) الحالة التي يستحيل فيها على الدائن بسبب الظروف المحيطة به أن يعذر الدين، فإن هذه الاستحالة ترفع عن الدائن واجب إعذار المدين وتجعل المدين معذراً دون إنذار، ومثل ذلك في عقد نقل الركاب إذا تهاون أمين النقل وتسبب في تأخير وصول الركاب إلى جهة الوصول عن الموعد المتفق عليه، فإن وجود الراكب في عزبة النقل وفي أثناء مسيرها يجعل من المستحيل عليه أن يقوم بالاجراء اللازم لأعذار متعهد النقل، ولذلك فلا مناص من اعتبار هذا المتعهد معذراً دون إنذار .

(2) والحالة التي يكون فيها المدين قد صرح بأنه متنبه إلى حلول أجل الالتزام وعالم أن التأخير في الوفاء بسبب للدائن ضرراً أكيداً وأنه لذلك سيفي بالتزامه في الأجل المحدد، إذ لا یبقی بعد هذا التصريح أي معنى لقيام الدائن بإعذار المدين، لأن هذا التصريح يتضمن اعترافاً من المدين بعلمه بما كان يجب إعلامه به من طريق الإنذار فصار الإنذار لا محل له بعد أن تحقق الغرض منه من طريق آخر.

أهم الآثار التي تترتب على الإعذار :

يترتب على الأعذار ہوجه عام أن يعتبر المدين في موطن التقصير، وأنه لا يجوز له أن يعتذر بأنه كان يعتقد أن الدائن لا يتضرر من التأخير، وتنبني على ذلك الآثار الآتية :

(1) إلزام المدين بمصروفات مطالبته قضائياً بالتنفيذ القهري، (2) وإلزامه بالتعويض عن التأخر في الوفاء، (3) وإلقاء تبعة الهلاك عليه.

 (1) إلزام المدين بمصروفات المطالبة القضائية :

تقدم أن اعذار المدين مقدمة لازمة لمطالبته بالتنفيذ القهري سواء أكان تنفيذاً عينياً أم تنفيذاً بمقابل، فإذا اعذر الدين ولم ينفذ التزامه ورغم ذلك فاضطر الدائن لمطالبته قضائياً، ألزم المدين بمصروفات الطالبة ولو عرض قبل صدور الحكم ضده أن ينفذ الالتزام بإختياره لأنه هو الذي تسبب في هذه المصروفات بامتناعه عن التنفيذ رغم الإعذار، أما أن لم يكن المدين قد أعذر، وأبدى في الدعوى استعداده للتنفيذ العيني، فإن الدائن هو الذي يتحمل مصروفات المطالبة القضائية. 

(2) إلزام المدين بتعويض عن التأخر في الوفاء :

الأصل أن التعويض عن التأخر في الوفاء يستحق من وقت إعذار المدين (المادة 218)، إلا إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود، فإن فوائد التأخير لا تسرى إلا من وقت المطالبة القضائية بها ما لم يحدد القانون أو الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها ( المادة 226 ).

فطالما أن المدين لم يعذر لا تجوز مطالبته بتعويض عن التأخر في الوفاء اذ يفرض في الدائن أنه غير متضرر من التأخير (53)، فإذا أعذر الدائن المدين استحق التعويض عن التأخر في الوفاء من وقت الإعذار فقط ولم يستحق شيئاً عن الفترة المسابقة عليه، وكذلك فيما يتعلق بفوائد التأخير فإنها لا تستحق إلا من وقت المطالبة القضائية بها، إلا في الحالات الاستثنائية التي يقضي فيها القانون أو الإتفاق أو العرف تجاری بغير ذلك .

(3) إلقاء تبعة الهلاك على الدين ولو كانت قبل الاعذار على الدائن :

الأصل في تبعة الهلاك أن تقع على عاتق المدين اذا كان الالتزام الذي هلك محله أو صار الوفاء به مستحيلاً التزاماً ناشئاً من عقد ملزم الجانبين ومنشئ في ذمة العاقد الآخر التزاماً مقابلاً للالتزام الذي هلك محله، كما في هلاك المبيع قبل التسليم إذ يترتب عليه وفقاً للمادة 159 انقضاء التزام المشتري بدفع الثمن وانفساخ البيع من تلقاء نفسه وتحمل البائع تبعة هلاك المبيع (53 مكرر)، أما اذا كان الالتزام الذي هلك محله أو صار مستحيلاً التزاماً ناشئاً من عقد ملزم جانباً واحد كما في التزام الواهب، فلا ينطبق عليه حكم المادة 159 وتكون تبعة هلاكه على الدائن، وكذلك إذا كان الالتزام الذي صار الوفاء به مستحيلاً ناشئاً من عقد ملزم الجانبين ولكنه التزام عرضي ليس هو المقصود بذلك العقد ولا يقابله في ذمة العاقد الآخر التزام مقابل کالتزام المستأجر برد العين المؤجرة والتزام الوديع في الوديعة بأجر برد الشيء المودع لديه، إذ أن حكم المادة 159 لا ينطبق إلا حيث يكون للالتزام الذي هلك التزام مقابل له كما جاء في نصها فتقع تبعة الهلاك في هذه الحالة كما في حالة الالتزام الناشئ من عقد ملزم جانباً واحداً على عاتق الدائن لاعلى عاتق المدين ( المادة 373)، هذا إذا لم يكن المدين قبل حدوث الهلاك معذراً للوفاء، أما اذا وقع الهلاك بعد إعذار المدين، فيترتب على حصول الأعذار قبل الهلاك نقل تبعة الهلاك من الدائن الى المدين.

تقدم أنه يشترط في استحقاق التعويض وجود علاقة سببية مباشرة بين الضرر الذي أصاب الدائن وعدم تنفيذ المدين التزامه أو تأخره في تنفيذه، ومؤدى ذلك أن يكون الضرر الذي يستوجب التعويض نتيجة مباشرة لعدم التنفيذ، ولذلك كان من المسلم أن التعويض يقتصر على الضرر المباشر ولا يشمل الضرر غير المباشر ولو كان المدين سئ النية.

غير أن التمييز بين الضرر المباشر والضرر غير المباشر كان من أدق المسائل، وقد حدت دقته كثرة المحاكم في ظل التقنين الملغي الى أن تعتبره من المسائل الواقعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، مع أنه لا شك في أن تكييف الضرر بأنه مباشر يعد مسألة قانونية إذ يتوقف عليه قيام ركن من أركان المسئولية واستحقاق التعويض عن هذا الضرر أو عدمه.

لذلك رأی المشرع في التقنين الحالي أن ينص على هذا الشرط وأن يعرفه تعريفاً يعين على التمييز بين الضرر المباشر والضرر غير المباشر ولكنه آثر أن يعبر عن الضرر المباشر بالضرر الذي لا يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام »، فنص في المادة 221 على أن لا يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوفاه ببذل جهد معقول.

وبناءً على ذلك أصبح معيار التفرقة بين الضرر المباشر الذي يقتصر عليه التعويض والضرر غير المباشر الذي لا يشمله التعويض هو عدم استطاعة الدائن اتقاءه ببذل جهد معقول أو استطاعته ذلك، ففي المثل المشهور الذي ضربه بوتييه بالبقرة المبيعة المصابة بالطاعون التي نقلت العدوى إلى مواشي المشتري فأهلكتها، فنتج عن ذلك بوار أرض المشتري وعجزه عن سداد ديونه ونزع ملكية أمواله وفاء لهذه الديون الخ، يعتبر هلاك البقرة المبيعة وهلاك المواشي التي أنفقت بسبب العدوى هو الضرر المباشر إذ المفروض أن المشتري ما كان يستطيع اتقاء ذلك ببذل جهد معقول، أما ما أعقب ذلك من أضرار تسلسلت بعضها من بعض فتعتبر السببية بينها وبين خطأ البائع غير مباشرة لأن المشتري كان يستطيع أن يتوقاها بتأجير مواشي أخرى يزرع بها أرضه أو بتأجير أرضه لمن يزرعها ألخ.

ومتى كان المشرع قد اشترط في الضرر الذي يوجب التعويض صفة معينة وعني هو نفسه بتعريف هذه الصفة أو وضع معياراً يميزها من غيرها، فلا شك في أن توافر هذه الصفة أو عدمه يعتبر مسألة قانونية يخضع فيها القاضي لرقابة محكمة النقض .

وبعد أن قصر المشرع التعويض على الضرر المباشر فحسب، رأى أنه إذا كان التعويض تنفيذاً بمقابل التزام عقدي، فلا يصح أن يشمل كل الضرر المباشر بل يجب قصره فقط على الضرر المباشر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت العقد إلا إذا كان المدين قد ارتكب عمداً أو خطأ جسيماً فيلزم حينئذ بتعويض كل الضرر المباشر حتى ما كان منه غير متوقع الحصول عادة وقت العقد ( المادة 221 فقرة ثانية ).

وبناءً عليه اذا شحن شخص حقيبته بالسكة الحديدية وضاعت الحقيبة بإهمال مصلحة السكك الحديدية، كانت المصلحة ملزمة بدفع تعويض عن الحقيبة يعادل قيمة الضرر الذي لحق صاحبها، فإذا كان هذا الشخص قد وضع في الحقيبة جواهر ثمينة أو أوراقاً مالية تساوی عشرة آلاف جنيه وطالب المصلحة بهذه القيمة، فدفعت هي الدعوى بأن هذا الضرر كبير القيمة لم يكن متوقع الحصول في حالة ضياع حقيبة عادية وبأنها ليست ملزمة إلا بقيمة الضرر الذي يمكن توقع حصوله عادة في مثل هذه الحالة، كان دفاعها في محله.

أما اذا كانت الحقيبة قد اختفت نتيجة غش أو خطأ جسيم من مدير المصلحة أو من يمثلها، فلا يكون هذا الدفاع مقبولاً وتلزم المصلحة به قيمة الحقيبة ومحتوياتها كلها.

تقدير التعويض وبيان عناصره وسلطة محكمة النقض :

يقدر القاضي التعويض بقدر الضرر مادياً كان أو أدبياً، معاً ملاحظة القواعد المتقدمة أي مع قصر التعويض على الضرر المباشر دون الضرر غير المباشر، وفي حالة الإخلال بالتزام عقدي قصره على الضرر العاشر متوقع الحصول فقط ما لم يكن قد وقع من المدين غش أو خطأ جسیم ويشمل التعويض جميع عناصر الضرر سواء كانت خسارة أصابته الدائن أو ربحاً فاته، ويراعى في تقديره قيمة الضرر عند الحكم لا عند وقوعه .

ويعتبر تقدير التعويض مسألة موضوعية لا يخضع فيها القاضي الرقابة محكمة النقض، لأن القانون لم يضع معايير لتقدير التعويض، ولكن تعيين العناصر التي تدخل في تقدير التعويض يعتبر مسألة قانونية ويدخل في اختصاص محكمة النقض التحقق من أن القاضي لم يدخل في تقدير التعويض عناصر لا يجوز أن يشملها التعويض ولم يستبعد منه عناصر كان يجب أن يشملها، وقد قررت محكمة النقض في حكم لها بتاريخ 18 أبريل 1947 «أن التعويض إنما يقدر بقدر الضرر، ولكن كان تقديره من المسائل الواقعية التي يستقل بها قضاة الموضوع، فإن تعيين العناصر المكونة للضرر قانوناً والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض لأن هذا التعيين من قبيل التكييف القانوني للواقع ».

ولذلك يجب أن يبين الحكم القاضي بمبلغ معين على سبيل التعويض عناصر الضرر الذي قضى من أجله بهذا المبلغ، والا فانه يكون قاصراً قصوراً يستوجب نقضه .

وقد جرى قضاء المحاكم بوجه عام وعلى رأسها محكمة النقض في ظل التقنين الملغي بأن التعويض يقدر بقدر الضرر فحسب، وأنه لا يصح أن يقام في تقديره وزن لأي عنصر آخر غير عناصر الضرر، ومن هذا القبيل ما قضت به محكمة النقض في 20 ديسمبر 1948 من لا أن التعويض هو في مقابل الضرر الذي يلحق المضرور من الفعل الضار ولا يصح أن يتأثر بدرجة خطأ المسئول عنه أو درجة غناه، وبالتالي فان إدخال المحكمة جسامة الخطأ ويسار المسئول عنه في العناصر التي راعتها في التقدير يجعل حكمها معيباً متعيناً نقضه، إذ ولو أن تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضي فيه بما تراه مناسباً وفقاً لما تبينته من مختلف ظروف الدعوى وأنها متى استقرت على مبلغ معين فلا تقبل المناقشة فيه، إلا أنها اذا أقحمت في هذه الظروف ما لا شأن له بالتعويض بمقتضى القانون وأدخلته في حسابها عند تقديره، قان قضاءها في هذه الحالة مخالف للقانون ويكون لمحكمة النقض سلطة العمل على تصحيحه».

غير أنه يلاحظ أن كثرة الأحكام كانت تتأثر عند تقدير التعويض بدرجة خطأ المسئول دون أن تذكر ذلك صراحة، وأن القليل منها كان يصرح به، بل أن بعضاً منها قد صرح بأنه يجب في تقدير التعويض مراعاة مركز المسئول.

لذلك نص المشرع في المادة 170 من التقنين المدني الحالي على أن يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 و 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة، ويبين من الأعمال التحضيرية أن في مقدمة الظروف الملابسة التي يراعيها القاضي جسامة خطأ المسئول ومركز كل من المسؤول والمضرور من حيث اليسار و عدمه .

غير أن هذا النص قد ورد في باب العمل غير المشروع لا في باب آثار الالتزام بوجه عام، ولذلك يبدو أنه قصد به أن يقتصر تطبيقه على تقدير التعويض في المسئولية التقصيرية دون غيرها، وسيكون لذلك أثره في التفرقة بين التعويض عن العمل غير المشروع والتعويض عن عدم تنفيذ الالتزام العقدي من حيث إعتبار الالتزام بالتعويض فيما يتعلق بتطبيق المادة 226 الخاصة بفوائد التأخير القانونية غير معلوم المقدار في الحالة الأولى إلا بعد أن يتحدد بالتراضي أو بحكم القاضي، واعتباره معلوم المقدار في الحالة الثانية، وما يترتب على ذلك من عدم سريان فوائد التأخير القانونية في الحالة الأولى إلا بعد المطالبة القضائية بهذه الفوائد مطالبة تالية لصدور الحكم بالتعويض، وامكان سريانها في الحالة الثانية من وقت المطالبة القضائية بها وبالتعويض الأصلي معاً.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : السادس، الصفحة : 88)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الخامس  ، الصفحة / 70

إِعْذَارٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - مِنْ مَعَانِي الإْعْذَارِ لُغَةً: الْمُبَالَغَةُ، يُقَالُ: أَعْذَرَ فِي الأْمْرِ، إِذَا بَالَغَ فِيهِ، وَفِي الْمَثَلِ: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ، يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ يَحْذَرُ أَمْرًا يُخَافُ، سَوَاءٌ حَذَّرَ أَمْ لَمْ يُحَذِّرْ، وَأَعْذَرَ أَيْضًا: صَارَ ذَا عُذْرٍ، قِيلَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ. وَعَذَرْتُ الْغُلاَمَ وَالْجَارِيَةَ عُذْرًا: خَتَنْتُهُ فَهُوَ مَعْذُورٌ، وَأَعْذَرْتُهُ لُغَةً فِيهِ، وَالإْعْذَارُ أَيْضًا: طَعَامٌ يُتَّخَذُ لِسُرُورٍ حَادِثٍ، وَيُقَالُ: هُوَ طَعَامُ الْخِتَانِ خَاصَّةً، وَهُوَ مَصْدَرٌ مُسَمًّى بِهِ، يُقَالُ: أَعْذَرَ إِعْذَارًا: إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ.

وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ عَنِ الْمَعَانِي السَّابِقَةِ.

قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَالإْعْذَارُ: الْمُبَالَغَةُ فِي الْعُذْرِ، وَمِنْهُ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ، أَيْ قَدْ بَالَغَ فِي الإْعْذَارِ مَنْ تَقَدَّمَ إِلَيْكَ فَأَنْذَرَكَ، وَمِنْهُ إِعْذَارُ الْقَاضِي إِلَى مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ حَقٌّ يُؤْخَذُ مِنْهُ، فَيُعْذِرُ إِلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الإْنْذَارُ:

2 - الإْنْذَارُ: الإْبْلاَغُ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي التَّخْوِيفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآْزِفَةِ) أَيْ خَوِّفْهُمْ عَذَابَ هَذَا الْيَوْمِ. فَيَجْتَمِعُ مَعَ الإْعْذَارِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِبْلاَغٌ مَعَ تَخْوِيفٍ إِلاَّ أَنَّ فِي الإْعْذَارِ الْمُبَالَغَةَ.

ب - الإْعْلاَمُ:

3 - الإْعْلاَمُ: مَصْدَرُ أَعْلَمَ. يُقَالُ أَعْلَمْتُهُ الْخَبَرَ: أَيْ عَرَّفْتُهُ إِيَّاهُ، فَهُوَ يَجْتَمِعُ مَعَ الإْعْذَارِ فِي أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَعْرِيفًا، إِلاَّ أَنَّ فِي الإْعْذَارِ الْمُبَالَغَةَ.

ج - الإْبْلاَغُ:

4 - الإْبْلاَغُ: مَصْدَرُ أَبْلَغَ، وَالاِسْمُ مِنْهُ الْبَلاَغُ، وَهُوَ بِمَعْنَى الإْيصَالِ. يُقَالُ: أَبْلَغْتُهُ السَّلاَمَ: أَيْ أَوْصَلْتُهُ إِيَّاهُ. فَهُوَ يَجْتَمِعُ مَعَ الإْعْذَارِ فِي أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إِيصَالاً لِمَا يُرَادُ، لَكِنَّ الإْعْذَارَ يَنْفَرِدُ بِالْمُبَالَغَةِ.

د - التَّحْذِيرُ:

5 - التَّحْذِيرُ: التَّخْوِيفُ مِنْ فِعْلِ الشَّيْءِ. يُقَالُ: حَذَّرْتُهُ الشَّيْءَ فَحَذِرَهُ: إِذَا خَوَّفْتُهُ فَخَافَهُ، فَهُوَ يَجْتَمِعُ مَعَ الإْعْذَارِ فِي التَّخْوِيفِ، وَيَنْفَرِدُ الإْعْذَارُ بِأَنَّهُ لِقَطْعِ الْعُذْرِ

هـ - الإْمْهَالُ:

6 - الإْمْهَالُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَمْهَلَ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ. وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ عَنْ ذَلِكَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإْعْذَارِ: أَنَّ الإْعْذَارَ قَدْ يَكُونُ مَعَ ضَرْبِ مُدَّةٍ وَقَدْ لاَ يَكُونُ. وَالإْمْهَالُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مَعَ ضَرْبِ مُدَّةٍ. كَمَا أَنَّ الإْمْهَالَ لاَ تُلاَحَظُ فِيهِ الْمُبَالَغَةُ .

و- التَّلَوُّمُ:

7 - التَّلَوُّمُ لُغَةً: الاِنْتِظَارُ وَالتَّمَكُّثُ، وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ، إِذْ يُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَدَمُ الْفَوْرِيَّةِ فِي الأْمْرِ، بَلْ يُطْلَقُ الاِنْتِظَارُ فِي كُلِّ أَمْرٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ.

وَالْكَلاَمُ فِي هَذَا الْبَحْثِ خَاصٌّ بِالإْعْذَارِ بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي قَطْعِ الْعُذْرِ. أَمَّا بِمَعْنَى الْخِتَانِ أَوِ الطَّعَامِ الْمَصْنُوعِ لِسُرُورٍ حَادِثٍ فَيُنْظَرُ الْكَلاَمُ فِيهِمَا تَحْتَ عِنْوَانَيْ: (خِتَانٌ، وَوَلِيمَةٌ).

حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:

8 - مَوَاطِنُ الإْعْذَارِ مُتَعَدِّدَةٌ، وَلَيْسَ لَهَا حُكْمٌ وَاحِدٌ يَجْمَعُهَا، لَكِنَّهُ فِي الْجُمْلَةِ مَطْلُوبٌ، وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِحَسَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَرَاهُ وَاجِبًا فِي بَعْضِ الْمَوَاطِنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَاهُ مُسْتَحَبًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ عَلَى نَحْوِ مَا يَأْتِي.

دَلِيلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ:

9 - الأْصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الإْعْذَارِقوله تعالي فِي سُورَةِ الإْسْرَاءِ: ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وقوله تعالي فِي سُورَةِ النَّمْلِ فِي قِصَّةِ الْهُدْهُدِ : ( لأَعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ)  وَجْهُ الاِسْتِدْلاَلِ بِالأْولَى: أَنَّ اللَّهَ لاَ يُهْلِكُ أُمَّةً بِعَذَابٍ إِلاَّ بَعْدَ الرِّسَالَةِ إِلَيْهِمْ وَالإْنْذَارِ، وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ  لِلْعَذَابِ.

وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَلِ بِالثَّانِيَةِ: أَنَّ فِيهَا دَلِيلاً عَلَى أَنَّ الإْمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ عُذْرَ رَعِيَّتِهِ، وَيَدْرَأَ الْعُقُوبَةَ عَنْهُمْ فِي ظَاهِرِ أَحْوَالِهِمْ بِبَاطِنِ أَعْذَارِهِمْ، لأِنَّ سُلَيْمَانَ لَمْ يُعَاقِبِ الْهُدْهُدَ حِينَ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ.

إِعْذَارُ الْمَدِينِ:

24 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ الْمُوسِرَ إِذَا امْتَنَعَ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ  صلي الله عليه وسلم : (لَيُّ الْوَاجِدِ ظُلْمٌ. يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ ) فَعُقُوبَتُهُ حَبْسُهُ، وَعِرْضَهُ أَيْ يُحِلُّ الْقَوْلَ بِالإْغْلاَظِ لَهُ.

وَثُبُوتُ الْيَسَارِ يَكُونُ بِإِقْرَارِ الْمَدِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، وَمُدَّةُ الْحَبْسِ مَحَلُّ خِلاَفٍ كَمَا سَيَأْتِي.

وَإِذَا اخْتَلَفَ الدَّائِنُ وَالْمَدِينُ فِي الْيَسَارِ أَوِ الإْعْسَارِ، فَفِي كُلِّ مَذْهَبٍ تَفْصِيلاَتٌ وَأَحْكَامٌ.

وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ يَسَارُهُ وَلاَ إِعْسَارُهُ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ لِلتَّحَقُّقِ مِنْ أَمْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا عُوقِبَ بِالْحَبْسِ وَتَفْصِيلُهُ فِي (دَيْنٌ).

_________________________________________________________________

 

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة 216)

لا ضرورة لاعذار المدين في الحالات الآتية :

(1) أذا اصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين •

ب) اذا كان محل الالتزام تعویضاً ترتب على عمل غير مشروع .

(ج) اذا كان محمل الالتزام رد شيء يعلم المدین انه مسروق أو شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك •

 (د) اذا صرح المدين کتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه .

(ه) اذا نص القانون أو اتفق الطرفان على عدم لزوم الاعذار .

هذه المادة تطابق المادة ۲۲۰ من التقنين الحالي ، مع اضافه البند (م) الأخير ، اذ يتضمن حالة لا جدال في عدم لزوم الأعذار فيها .

و تطابق المادة 362 من التقنين الأردني ، فيما عدا البند الأخير . و تطابق في حكمها المادة 258 من التقنين العراقي

حكمها المادة ۲۹۹ من التقنين الكويتي .