loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- جريمتى الإستيلاء على المال العام أو تسهيل الإستيلاء عليه فإن المال لا يكون فى حيازة الجاني - فإذا قام الموظف بنشاط إيجابى أو سلبى بقصد تسهيل إستيلاء الغير على هذا المال فإنه وفقاً للقواعد العامة يعتبر الموظف فى هذه الحالة مجرد شريك بالمساعدة للغير الذى إستولى على المال العام و قد يكون هذا الغير فرداً عادياً من آحاد الناس مما يجعل جريمته سرقة عادية أو نصباً فيستفيد الموظف بإعتباره شريكاً له لذلك تدخل المشرع فى المادة 113 من قانون العقوبات للحيلولة دون هذه النتيجة بإعتبار أن الموظف العام هو المسئول عن وقوع هذه الجريمة و لولا فعله الإجرامى لما إستولى هذا الغير على المال فإعتبر الموظف فاعلاً أصلياً فى جريمة خاصة تسمى بتسهيل الإستيلاء بغير حق على مال الدولة أو ما فى حمكها و بناء على هذا الوصف الجديد فإن الغير هو الذى يصبح شريكاً للموظف فى هذه الجريمة الخاصة ما لم يكن هذا الغير موظفاً عاماً لأنه فى الحالة الأخيرة يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً فى جريمة الإستيلاء بغير حق على مال عام . لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه دان المتهم الأول - المحكوم عليه غيابياً و المطعون ضده فى الطعن المقدم من النيابة العامة - بجريمة إختلاس أموال عامة وجدت فى حيازته بسبب وظيفته و دان الطاعن بجريمة تسهيل إستيلاء المتهم الأول على ذات المال موضوع تهمة الإختلاس و هى جريمة مقتضاها ألا يكون المال فى حيازته فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جمع بين صورتين متعارضتين و أخذ بهما معاً مما يشوبه بالإضطراب والتخاذل و يدل على إختلال فكرته عن العناصر الواقعة و عدم إستقرارها فى عقيدة المحكمة الإستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة بحيث لا يستطاع إستخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بتلك الواقعة أو بتطبيق القانون عليها و هو ما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح و يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه .

(الطعن رقم 4930 لسنة 60 جلسة 1991/05/02 س 42 ع 1 ص 722 ق 104)

2- لما كان الحكم المطعون فيه - على نحو ما سبق بيانه - قد بيَّن الظرفين المشددين ‏لجريمة الاختلاس بأن انتهى صحيحاً أن المتهم الأول من الأمناء على الودائع - أمين حفظ ‏الإدارة الجنائية بجهة عمله - واختلس ملفات القضايا موضوع جريمة الاختلاس ، وارتكب ‏تزويراً فى محررات رسمية ارتبط بالاختلاس ، وأن الطاعن - موظف تنفيذ بذات الجهة - ‏على علم بصفة المتهم الأول وطبيعة عمله وعدم صحة ما أمده به من بيانات وعدم ‏اختصاصه بتحريرها ، بما يوفر فى حق الطاعن جريمة الاشتراك فى جناية الاختلاس ‏بظرفيها المشددين ، ويحق عقابه بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة ‏‏112 من قانون العقوبات ، بغض النظر عن طبيعة الظرفين - من الظروف الشخصية أم ‏العينية - وبما يكون إعمال الحكم للمادة 17 من قانون العقوبات على العقوبة المغلظة لا ‏على عقوبة الاختلاس المجرد من الظروف يتفق وصحيح القانون ، ويكون النعي عليه فى ‏هذا الشأن غير سديد .‏

(الطعن رقم 10148 لسنة 85 جلسة 2016/02/14)

3- لما كان البيِّن من محاضر جلسات المحاكمة ومدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت ضد المتهم الأول لأنه ارتكب جريمة اختلاس أموال عامة ارتبطت بجريمتي تزوير محررات رسمية واستعمالها والمعاقب عليها بالمادة 112 من قانون العقوبات وتمت إجراءات المحاكمة قبله وفى حضوره حتى ورد للمحكمة بجلسة ...... إفادة رسمية تفيد وفاة المتهم الأول ..... وبذات الجلسة قضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم ..... لوفاته ، ولم تأمر المحكمة برد الأموال المختلسة فى مواجهة ورثة المتهم المذكور والموصي لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه " لا يحول انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة دون قضائها بالرد فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 112 ، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مكرر فقرة أولى ، 114 ، 115 من قانون العقوبات . وعلى المحكمة أن تأمر بالرد فى مواجهة الورثة والموصي لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة - ليكون الحكم بالرد نافذاً - أموال كل منهم بقدر ما استفاد " ، وكان من المقرر أن الرد بجميع صوره لا يعتبر عقوبة ، إذ المقصود منه إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الجريمة وتعويض الدولة عن مالها الذى أضاعه المتهم عليها ، بما لازمه ومؤداه وصريح دلالته حسب الحكمة المبتغاة من تقريره أن يقتصر الحكم به على ما نسب للمحكوم عليه إضاعته من أموال على الدولة ، وهو ذات المعنى الذى يساير مفهوم نص المادة 118 من قانون العقوبات بما تضمنه من إلزام المحكوم عليه فى أي من الجرائم المشار إليها فى المادة آنفه الذكر بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بقضائه آنف البيان قد خالف هذا النظر ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه والإعادة .

(الطعن رقم 13941 لسنة 76 جلسة 2013/04/06)

4- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما نصه " . . أنه بفحص أعمال المتهم ..... من لجنة الفحص التابعة للمديرية المالية ب ..... ومديرية التربية والتعليم ب ..... والمشكلة من ..... المحاسب بالمديرية الأولى و ..... المالى بالمديرية الثانية تبين أن المتهم ويعمل مندوب صرف النشاط الفنى والمكتبات بإدارة ..... التعليمية وذلك من خلال الفترة من عام ..... حتى عام ..... وكذا تقرير لجنة الخبراء الثلاثية التابعة لوزارة العدل ب ..... والمنتدبة من المحكمة بهيئة مغايرة ثبت أن جملة العجز فى عهدة المتهم خلال فترة الاتهام قدرها 33033.650 فقط ثلاثة وثلاثون ألفاً وثلاثة وثلاثون جنيهاً خمسة وستون قرشاً لا غير وأيدت التحريات السرية التى أجراها النقيب ..... بإدارة مباحث الأموال العامة ب ..... قيام المتهم خلال الفترة من عام ..... حتى عام ..... باختلاس المبالغ التى قدرتها اللجنة من الإدارة المالية ب ..... والإدارة التعليمية ب ..... والتى وجدت فى حيازته بسبب وظيفته والمملوكة لجهة عمله وذلك بقصد إضافتها إلى ملكه وأنه ارتكب فى سبيل ذلك تزويراً بأن اصطنع مستندات صرف مزورة وأثبت مبالغ مالية أكبر فى مستندات صرف أخرى سليمة واختلس الفرق لنفسه " . لما كان ذلك ، وكان القانون قد فرض العقاب فى المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط إنصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادى هو التصرف فى المال ومن عامل معنوى يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه .

(الطعن رقم 6574 لسنة 78 جلسة 2012/12/27 س 63 ص 900 ق 162)

5- ليس للمتهم " و هو كونستابل " أن يدفع بعدم إنطباق المادة 112 من قانون العقوبات عليه بمقولة إن المال المتهم بإختلاسه مال خاص و إن حصوله عليه إنما كان بناء على تفتيش باطل أجراه هو مع عدم صدور إذن به من النيابة .و ذلك لأن بطلان التفتيش ليس من حق من أجراه أن يتمسك به بل ذلك من حق من وقع عليه التقتيش وحده ، و لأن النقود ما دامت قد وصلت إليه بوصف أنه من مأمورى الضبطية القضائية فإن يده عليها بهذه الصفة تكون يد أمانة ، فإجتراؤه على إختلاسها يجعله خاضعاً لحكم المادة 112 على إعتبار أنه من الأمناء على كل ما يتسلمه بسبب وظيفته مهما كانت طريقة تسلمه إياه .

(الطعن رقم 887 لسنة 10 جلسة 1940/03/25 س عمر ع 5 ص 160 ق 88)

6- إن المادة 112 من قانون العقوبات إنما تعاقب الأشخاص الذين عينتهم وهم مأمورو التحصيل أو المندوبون له والأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب نقود أو أمتعة إذا تجاروا على اختلاس أو إخفاء شيء من الأموال التي فى عهدتم أو الأوراق أو الأمتعة المسلمة إليهم بسبب وظيفتهم، وقضاء محكمة النقض مستقر على أن الأشخاص المشار إليهم فى هذه المادة هم وحدهم الذين تنطبق عليهم دون غيرهم من الموظفين وبناء على هذا فإنه إذا كانت واقعة الدعوى هي أن الطاعن وهو أو مباشى بسلاح المدفعية يشتغل سائقا لإحدى سيارات الجيش قد شوهد يختلس بنزيناً من خزان السيارة، فهذا الاختلاس يقع تحت نص المادة 341 من قانون العقوبات، إذ الطاعن بوصفه جندياً من جنود الجيش مكلف بقيادة إحدى السيارات لا يمكن اعتباره أميناً على وقود تلك السيارة، إذ هذا الوقود لم يسلم إليه لحفظه باعتباره أميناً عليه بل لاستعماله فى أمر معين هو إدارة محرك السيارة.

(الطعن رقم 862 لسنة 21 جلسة 1952/04/01 س 3 ع 3 ص 773 ق 290)

7- يكفى لتوافر القصد الجنائي فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون الموظف المتهم قد تصرف فى المال الذى بعهدته على إعتبار أنه مملوك له . و متى ثبت ذلك فى حقه فإنه لا يؤثر فى قيام الجريمة رده مقابل المال الذى تصرف فيه لأن الظروف التى قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها .

(الطعن رقم 1421 لسنة 37 جلسة 1967/10/30 س 18 ع 3 ص 1050 ق 215)

8-لا يلزم لتجريم الإختلاس فى حكم المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 سوى وجود الشئ تحت يد أى موظف أو مستخدم عمومى و من فى حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 المعدلة بالقانون المشار إليه و بالقانون رقم 112 لسنة 1957 - يستوى فى ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يوجد بين يديه بسبب وظيفته .

(الطعن رقم 104 لسنة 37 جلسة 1967/03/13 س 18 ع 1 ص 400 ق 74)

9- لا جدوى للطاعن مما ينعاه على الحكم من إعماله فى حقه المادة 113 مكررابدلا من المادة 112 من قانون العقوبات واجبة التطبيق على الوصف القانونى الصحيح لما أثبته الحكم فى حقه و الذى يتعين إدانته به عملاً بنص المادة 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ذلك بأن العقوبة السالبة للحرية و هى السجن لمدة ثلاث سنين التى أوقعها عليه - دون أن يعامله بحكم المادة 17 من قانون العقوبات - أقل درجة من عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة المقررة لجريمة الإختلاس ، و حتى لا يضار الطاعن بطعنه .

(الطعن رقم 104 لسنة 37 جلسة 1967/03/13 س 18 ع 1 ص 400 ق 74)

10- لا يشترط لإثبات جريمة الإختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الإستدلال العامة ، بل يكفى كما هو الحال فى سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أى دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة . و من ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد أخطأ فيما إستلزمه من تطبيق قواعد الإثبات المقررة فى القانون المدنى على الواقعة المادية المكونة لجريمة الإختلاس المسندة إلى المطعون ضده و فيما رتبه على هذا النظر من قبول الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لتجاوز قيمة المال المدعى بإختلاسه لنصاب الإثبات بها ، إلا أنه و قد عول بصفة أساسية فى قضائه بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم على عناصر موضوعية خلص فيها إلى إطراح أقوال شهود الإثبات بما لقاضى الموضوع من سلطة تقدير الأدلة ، و كانت الدعوى قد خلت من أدلة أخرى غير شهادة هؤلاء الشهود ، فإن ذلك الخطأ القانونى الذى جنح إليه القرار المطعون فيه يكون غير ذى أثر ، طالما أنه قد أحاط بالدعوى و أدلتها و خلص فى تقدير سائغ إلى أن الأدلة القائمة فى الدعوى يحيطها الشك و لا تكفى لإحالة المطعون ضده للمحاكمة .

(الطعن رقم 1972 لسنة 36 جلسة 1967/01/02 س 18 ع 1 ص 41 ق 6)

11- يكفى أن يكون المال موضوع الإختلاس المنصوص عنه فى المادة 112 من قانون العقوبات و التى يخضع الطاعن لحكمها بوصفه مستخدماً بإحدى الشركات العامة طبقاً للمادة 111 من القانون نفسه - قد سلم إلى الجاني بأمر من رؤسائه حتى يعتبر مسئولاً عنه . و لما كان تسليم البضاعة المختلسة على الصورة التى أوردها الحكم و إستظهرها من أقوال الشهود و سائر أدلة الدعوى يتلازم معه أن يكون الطاعن أميناً عليها ما دام أنه قد أؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فإنه إذا إختلسها عد مختلساً لأموال عامة مما نصت عليه المادة المذكورة و حق عقابه عن جناية الإختلاس بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان . و من ثم فإن منازعة الطاعن حول حقيقة صفته كأمين للمخزن الذى جرت فيه واقعة الإختلاس و دعواه بأن لهذا المخزن أميناً آخر كان غائباً و أميناً مساعداً وقع على إذن تسليم البضاعة التالفة الذى كان تحت بصر المحكمة ، كل أولئك لا يجديه ما دام الحكم قد أثبت فى حقه - أخذاً بشهادة الشهود - أنه كان مسئولاً عن الرسالة موضوع الإختلاس بصفته من أمناء مخازن الشركة مما يوفر فى حقه فضلاً عن عنصر التسليم بسبب الوظيفة صفته كأمين من أمناء الودائع .

(الطعن رقم 1743 لسنة 36 جلسة 1966/11/14 س 17 ع 3 ص 1104 ق 207)

12- مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 يشمل كل موظف أو مستخدم عمومى - و من فى حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 المعدلة بالقانون المشار إليه و بالقانون رقم 112 لسنة 1957 - يختلس مالاً مما تحت يده متى كان المال المختلس قد سلم إليه بسبب وظيفته . و يتم الإختلاس فى هذه الصورة متى إنصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على إعتبار أنه مملوك له ، و إن لم يتم التصرف فعلاً فيه . و هذه الصورة من الإختلاس هى صورة خاصة من صور خيانة الأمانة لا شبهة بينها و بين الإختلاس المنصوص عليه فى المادتين 317 ، 318 من قانون العقوبات و الذى يتم بإنتزاع المال من حيازة شخص آخر خلسة أو بالقوة بغية تملكه .

(الطعن رقم 937 لسنة 36 جلسة 1966/06/20 س 17 ع 2 ص 846 ق 160)

13- أراد الشارع عند وضع نص المادة 112 من قانون العقوبات فرض العقوبات فرض العقاب على عبث الموظف بالإئتمان على حفظ المال أو الشىء المقوم به الذى وجد بين يديه بمقتضى وظيفته ، فهذه الصورة من الإختلاس هى صورة خاصة من صور خيانة الأمانة لا شبهة بينها و بين الإختلاس الذى نص عليه الشارع فى باب السرقة - فالإختلاس فى هذا الباب يتم بإنتزاع المال من حيازة شخص آخر خلسة أو بالقوة بنية تملكه ، أما فى هذه الصورة فالشىء المختلس فى حيازة الجاني بصفة قانونية ، ثم تنصرف نية الحائز إلى التصرف فيه على إعتبار أنه مملوك له ، و متى تغيرت هذه النية لدى الحائز على هذا الوضع بما قارفه من أعمال مادية - وجدت جريمة الإختلاس تامة ، و لو كان التصرف لم يتم فعلاً .

(الطعن رقم 2772 لسنة 32 جلسة 1963/04/22 س 14 ع 2 ص 329 ق 66)

14- متى كان الثابت مما أورده الحكم أن الطاعن بوصفه أمين شونة بنك ....... ومكلفاً بمقتضى وظيفته استلام ما يرد للشونة من محاصيل لحساب الحكومة وإبقائها فى عهدته إلى أن يتم طلبها والتصرف فيها وهو من الأمناء على الودائع المشار إليهم فى المادة 112 من قانون العقوبات قد أثبت فى دفاتر الشونة قيام المتهم الثاني بتوريد ثمانية عشر طناً من الكسب منها عشرة حمولة مقطورة سيارة هذا المتهم وأدخلها بذلك فى ذمة الحكومة وأصبحت فى عهدته فإنها تعتبر من الأموال الأميرية ويقع اختلاسها تحت نص المادة 112 ولو لم تدخل الشونة فعلاً.

(الطعن رقم 216 لسنة 38 جلسة 1968/03/04 س 19 ع 1 ص 311 ق 58)

15- العجز فى محتويات المخزن الذي أؤتمن عليه المتهم لا يعد قرين الاختلاس بما يتضمنه من إضافة المال إلى ذمة المختلس بنية إضاعته على ربه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اقتصر فى التدليل على قيام الاختلاس من مجرد ضياع الشيء من المتهم دون أن يقدم لفقده تعليلاً مقبولاً، وكانت قيمه هذا الشيء داخلة فى حساب المبلغ الذي ألزم المتهم برده، فإن الحكم يكون قاصر البيان واجباً نقضه.

(الطعن رقم 2050 لسنة 37 جلسة 1968/02/12 س 19 ع 1 ص 194 ق 33)

16- متى كان الحكم المطعون فيه قد دلل على وقوع الإختلاس من جانب الطاعن بناء على ما أورده من شواهد و أثبت فى حقه التصرف فى مستلزمات الإنتاج التى أؤتمن عليها تصرف المالك لها فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الإختلاس كما هى معرفة فى القانون بركنيها المادى و المعنوى أما ما يثيره الطاعن بشأن حدوث العجز فى مدة غيابه عن الجمعية بسبب تجنيده و تسانده فى ذلك إلى إستمارات الجمعية رقم 43 " جمعيات " المار ذكرها و إلى بلاغ الحادث و شهادة مدير و وكيل بنك التسليف ، فإنه لايعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه و الرد عليه ، و إطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الإعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها .

(الطعن رقم 1300 لسنة 49 جلسة 1980/03/10 س 31 ع 1 ص 354 ق 65)

17- إذا كان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التى أوردها - أن المتهم الأول - وهو يشغل وظيفة سكرتير نيابة - تسلم بحكم وظيفته و بصفته كاتبا للتحقيق الذى يجرى فى جناية - من المحقق المادة المخدرة لتحريزها فاختلسها بأن إستبدل بها غيرها بغير علم المحقق و سلمها للمتهم الثانى الذى أسرع فى الخروج بها و أخفاها ، فإن هذا الفعل يتحقق فيه مظهران قانونيان : جناية اختلاس حرز المادة المخدرة - و جناية إحراز المخدر فى غير الأحوال التى بينها القانون .

(الطعن رقم 1128 لسنة 29 جلسة 1960/01/12 س 11 ع 1 ص 49 ق 9)

18- متى كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم تخلص فى أن الطبيب شاهد المتهم وهو ممرض بالمستشفى يحمل فى يديه لفافتين فى طريقه نحو باب الخروج فاستراب فى الأمر وأمره بفتحها فوجد بداخلها بعض الأدوات والمهمات الطبية، فإن جريمة الاختلاس تكون قد تمت ذلك أن جريمة الاختلاس تتم بمجرد إخراج الموظف أو المستخدم العمومي للمهمات الحكومية من المخزن أو المكان الذي تحفظ فيه بنية اختلاسها.

(الطعن رقم 914 لسنة 28 جلسة 1958/06/24 س 9 ع 2 ص 743 ق 182)

19- لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن فى حكمهم مما نصت عليهم المادة 119 من ذات القانون يختلس مالا تحت يده متى كان قد وجد فى حيازته بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس فى هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان. وهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة - أما الجريمة المنصوص عليها فى المادة 116 من قانون العقوبات فيقوم ركنها المادي على مجرد الإخلال العمدي من الموظف العام بنظام توزيع السلع كما حددته الجهة المختصة بأن ينتهج أسلوباً معيناً خلافا لنظام توزيع السلع فيحرم طائفة من الناس من بعض السلع أو يعلق التوزيع بوجه عام أو بالنسبة لبعض الأشخاص على شروط معينة مخالفة للنظام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى تدليل سائغ أن الطاعن وهو أمين مخازن ................. بمحافظة دمياط قد قام فى الفترة من أول يناير سنة 1984 حتى 31 ديسمبر سنة 1984 باختلاس كميات من الأسمنت الذي كان فى عهدته بسبب وظيفته بلغت قيمتها 4621 جنيه و400 مليم بأن قام ببيعها والاحتفاظ بقيمتها لنفسه وهو ما تتحقق به جناية الاختلاس بكافة أركانها القانونية فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد.

(الطعن رقم 3966 لسنة 56 جلسة 1986/12/18 س 37 ع 1 ص 1099 ق 208)

20- لا يؤثر فى مسئولية المتهم فى جناية الاختلاس مبادرته بسداد العجز، كما لا يفيده الاستناد إلى ما ورد بلائحة النقل المشترك - وهي لائحة إدارية تنظيمية - من إنذار المختلس ومنحه مهلة - لا يفيده الاستناد إلى ذلك لأنه ليس من شأن ما جاء بتلك اللائحة أن يؤثر فى مسئولية المتهم الجنائية عن الجريمة التي ارتكبها متى توافرت عناصرها القانونية فى حقه

(الطعن رقم 104 لسنة 28 جلسة 1958/05/05 س 9 ع 2 ص 450 ق 123)

21- إن جريمة إختلاس مهمات حكومية تتم بمجرد إخراج المهمات من المخزن الذى تحفظ فيه بنية إختلاسها .

(الطعن رقم 435 لسنة 25 جلسة 1955/06/07 س 6 ع 2 ص 1094 ق 321)

22- نص المادة 112 من قانون العقوبات صريح فى عدم التفرقة بين الأموال الأميرية والأموال الخصوصية ، وجعل العبرة بتسليم الأموال إلى المتهم ووجودها فى عهدته بسبب وظيفته فإذا كان الحكم حين أدان المتهم " معاون المحطة " فى جريمة الاختلاس قد أثبت أن الأخشاب التى اختلسها كانت قد سلمت إليه بسبب وظيفته ، فلا يكون الحكم قد أخل بحق المتهم فى الدفاع إذ هو لم يتحر صفة هذه الأخشاب هل هى مملوكة للحكومة أم للأفراد .

(الطعن رقم 883 لسنة 29 جلسة 1959/06/29 س 10 ع 2 ص 701 ق 155)

 

24- وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع و تحقيقه إلا أن للمحكمة إن كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى أن تعرض عن ذلك بشرط بيان علة عدم إجابة هذا الطلب ، و كان الحكم قد أطرح طلب ندب خبير حسابى فى الدعوى لما رأته المحكمة من أن مهمة الخبير لا تعدو أن تكون تكراراً للمهمة التى سبق أن قامت بها لجنة الجرد التى إطمأنت المحكمة إلى تقريرها فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن .

(الطعن رقم 2120 لسنة 51 جلسة 1981/12/15 س 32 ص 1103 ق 197)

25- يكفى لتوافر القصد الجنائي فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون المتهم قد تصرف فى المال الذى بعهدته على اعتبار أنه مملوك له ، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي فى تلك الجريمة بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله ، ومع ذلك فإن الحكم عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم توافر القصد الجنائي لديه ورد عليه فى قوله" ومن حيث أنه عن القول بأن الواقعة الإجرامية المطروحة فاقدة لركن الاختلاس ، ورغم كونه قد ورد قولاً مجهلاً دون سند أو دليل - إلا أن المحكمة تقرر أن المتهم ........... وهو يعلم تماماً مقدار ما تحصل عليه من الجهة المجنى عليها وقدر ما قام بتوريده من محصول الأرز عيناً أو أعاده نقداً ، وأن هذا المال سلم إليه باعتباره أمانة لديه بمراعاة أنه أمين على الودائع قانوناً إلا أنه امتنع عن سداد القدر المتبقى طرفه منه مماطلة منه ودون إبداء أسباب مبررة لذلك ، ومن ثم تكون يده على المال وهى فى حقيقتها يد عارضة قد تحولت إلى يد أصلية هدف بها إلى الاستيلاء على ما فى ذمته من مال بإضافته إلى أمواله الخاصة وإضاعته على الجهة المجنى عليها الأمر الذى تتوافر بذلك فى حقه نية الاختلاس ، وتضحى بذلك الواقعة مستكملة لأركانها قانوناً خاصة وأن المال المشار إليه يعد مالاً عاماً طبقاً لنص المادة 29 من قانون التعاون الزراعى رقم 122 لسنة 1980 " وهذا الذى أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد الاختلاس .

(الطعن رقم 1234 لسنة 66 جلسة 1998/02/08 س 49 ص 210 ق 31)

26- لما كانت المادة 29 من القانون رقم 122 لسنة 1980 بشأن التعاون الزراعى قد نصت على أنه "فى تطبيق أحكام قانون العقوبات تعتبر أموال الجمعية فى حكم الأموال العامة ، ويعتبر القائمون بها وأعضاء مجالس إدارتها فى حكم الموظفين العموميين ، كما تعتبر أوراق الجمعية وسجلاتها وأختامها فى حكم الأوراق والأختام والسجلات الرسمية ......... "ويبين من هذا النص فى صريح عبارته وواضح دلالته أنه فى مجال تطبيق أحكام قانون العقوبات فإن أموال الجمعيات التى يسرى عليها قانون التعاون الزراعى تعتبر أموالاً عامة ، وأن أعضاء مجالس إدارتها يعدون فى حكم الموظفين العموميين ، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض_ قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومى ومن فى حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 من ذات القانون يختلس مالاً تحت يده متى كان قد وجد فى حيازته بسبب وظيفته ، ويتم الاختلاس فى هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له ، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان ، وهذه الصورة من الاختلاس هى صورة خاصة من صور خيانة الأمانة .

(الطعن رقم 1234 لسنة 66 جلسة 1998/02/08 س 49 ص 210 ق 31)

27- تتحقق صفة مأمور التحصيل متى كان تسليم المال للموظف حاصلاً بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة، سواء كان تكليفه بهذا التحصيل بمقتضى قانون أو قرار أو لائحة أو مرسوم أو تعليم أو تكليف كتابي أو شفوي، بل يكفي عند توزيع الأعمال فى المصلحة الحكومية أن يقوم الموظف بعملية التحصيل، وفي قيامه بذلك وتسلمه دفاتر قسائم التحصيل ما يكسبه هذه الصفة، ما دام لم يدع بأنه أقحم نفسه على العمل وأنه قام به متطفلاً أو متفضلاً أو فضولياً سواء بتهاون من رؤسائه أو زملائه أو بإعفاء منهم.

(الطعن رقم 1969 لسنة 30 جلسة 1961/04/04 س 12 ع 2 ص 428 ق 79)

28- يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوى الصفة العمومية أؤتمن بسبب و ظيفته أو عمله على مال ، و لا يشترط أن تكون و ظيفة الشخص حفظ الأمانات و الودائع و إنما يكفى أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته ، أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به ، أو أن تكون عهدته التى يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابى أو إدارى - فإذا كان الثابت من الحكم أن المتهم و هو قائم بخدمة عامة بالمدرسة قد تسلم المسلى بموجب إيصال موقع عليه منه بصفته أميناً لمخزن المدرسة و وقع على هذا الإيصال أعضاء لجنة التموين بها ، و قد إعترف المتهم بتوقيعه على الإيصال ، كما شهد الشهود بأن مخزن المدرسة فى عهدته ، فإن الحكم إذ أعتبره من الأمناء على الودائع يكون صحيحاً فى القانون .

(الطعن رقم 1214 لسنة 30 جلسة 1960/10/25 س 11 ع 3 ص 727 ق 138)

29- إذا كان المتهم يقوم فعلا بمهمة الأمين على المخزن ، و كان مكلفا بمقتضى اللوائح بتسلم ما يرد للمخزن من مخدرات و يقوم بحفظها و تبقى فى عهدته إلى أن يتم طلبها و التصرف فيها ، فهو من الأمناء على الودائع المعرف عنهم فى المادة 112 من قانون العقوبات ، و لا يغير من صفته الحقيقية هذه مخالفة قانون المخدرات الذى يمنع وجودها إلا فى عهدة الطبيب أو الصيدلى .

(الطعن رقم 1031 لسنة 24 جلسة 1954/10/26 س 6 ع 1 ص 129 ق 45)

30- مجرد الامتناع عن رد المال المختلس لوجود حساب معلق لا يتحقق به جريمة الاختلاس. و متى كان سبب الامتناع عن رد المال المختلس راجعاً إلى وجود حساب بين الطرفين فعلى المحكمة أن تقوم بفحص هذا الحساب وتصفيته وأن تستجلي حقيقة كل ما قد يتقدم به المتهم من أدلة أو براهين على عدم انشغال ذمته, وذلك حتى تستطيع أن تحكم فى موضوع التهمة المرفوعة أمامها بالإدانة أو بالبراءة

(الطعن رقم 168 لسنة 43 جلسة 1973/05/28 س 24 ع 2 ص 661 ق 136)

31-لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدي إليه اقتناعها مادام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة أن أمين المخزن لم يقصد بتسليم المواسير إلى الطاعن التخلي عن ملكيتها أو حيازتها بل كان ذلك توصلاً لضبطه بما شرع فى سرقته، فإن ما ذهب إليه الحكم من توافر ركن الاختلاس يكون صحيحاً فى القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قالة الخطأ فى تطبيق القانون فى غير محله.

(الطعن رقم 157 لسنة 43 جلسة 1973/04/08 س 24 ع 2 ص 493 ق 102)

32- الحكم برد المبلغ المختلس - على إعتبار أنه عقوبة من العقوبات المقررة قانوناً للجريمة التى دين الطاعن بإرتكابها - يقتضى من الحكم تحديده . و من ثم فإن الحكم المطعون فيه بسكوته عن بيان مقدار المبلغ الذى قضى برده يكون قد جهل إحدى العقوبات التى أوقعها مما يقتضى نقضه و الإحالة .

(الطعن رقم 1890 لسنة 36 جلسة 1967/01/02 س 18 ع 1 ص 35 ق 4)

33- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت عند تحصيله لواقعة الدعوى أن المطعون ضده الأول أمين للمخزن ثم إنتهى إلى نفى هذه الصفة عنه بقالة عدم توافر ما يؤكدها ، فإن ما أوردته المحكمة فى أسباب حكمها على الصورة المتقدمة يناقض بعضه البعض الآخر بحيث لا تستطيع محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة بخصوص مدى إنطباق الظرف المشدد فى جناية الإختلاس لإضطراب العناصر التى أوردتها المحكمة عنه و عدم إستقرارها الإستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أى أساس كونت المحكمة عقيدتها فى الدعوى ، و من ثم يكون الحكم معيباً بالتناقض .

(الطعن رقم 374 لسنة 51 جلسة 1981/10/15 س 32 ص 715 ق 125)

34- قيام المتهم بسداد كل أو بعض المبلغ المختلس أو قيمة الشيء المختلس كلها أو بعضها ، لا يعفيه من الغرامة المقررة بتلك المادة ، و إن أعفاه من الحكم بالرد فى حدود ما قام به من سداد .

(الطعن رقم 1920 لسنة 56 جلسة 1987/02/04 س 38 ع 1 ص 180 ق 29)

35- لما كانت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 1/112من قانون العقوبات التى دين الطاعن الأول بها لا تتحقق إلا إ ذا كان تسليم المال المختلس من مقتضيات العمل ويدخل فى اختصاص المتهم الوظيفى استنادا إلى نظام مقرر أو أمر إدارى صادر من محكمة أو مستمدا من القوانين واللوائح، وإذ كان الحكم المطعون فيه رغم تحصيله أن الطاعن الاول مجرد عامل شحن وإنكاره أن البنزين المختلس كان تحت يده قد أكتفى بمطلق القول بوجود البنزين بحيازته بسبب الوظيفة دون أن يستظهر كيف أودع البنزين عهدته أو سلم إليه بسبب وظيفته وسند ذلك من الأوراق فإنه ما أورده الحكم بصدد ذلك لا يواجه دفاع الطاعن فى هذا الشان ولا بتوافره هذا إلى أن الحكم لم يبين ماهية الأفعال المادية التى أتاها هذا الطاعن وتفيد أنه الفاعل الأصلى للاختلاس خلافا لما نقله عن أقوال شهود الاثبات الخمسة الأولى التى عول عليها فى الادانة والتى تفيد أن الطاعن الثالث سائق السيارة هو الذى أختلس البنزين لنفسه مما يعيب الحكم بالقصور.

(الطعن رقم 6101 لسنة 61 جلسة 1993/01/12 س 44 ع 1 ص 64 ق 5)

36- لما كان المال الذى اختلسه واستولى عليه الطاعنان ، وأخرجه البنك محدداً على وجه القطع منذ وقوع الجريمة لا يدخل فيه فوائد تأخير سداده أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً ، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع . فإنه ما كان للمحكمة حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - أن تضيف الفوائد أو غرامات التأخير إلى قيمة مبالغ القروض الأصلية وتقضى بالغرامة والرد على هذا الأساس مادام أن مبالغ القروض المختلسة والمستولى عليها هى وحدها التى يتعين حسابها بالنسبة لجريمتى الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال عام . أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 1520 لسنة 66 جلسة 1998/02/07 س 49 ص 183 ق 27)

37- لما كان الطاعنان قد تمسكا فى دفاعهما بأنهما قاما بسداد بعض المبالغ المختلسة والمستولى عليها إما نقداً أو خصماً من مستحقاتهما الشهرية لدى البنك ، وأشارا إلى مقدار المبلغ المسدد وأنه خمسة عشر ألفاً من الجنيهات قدمت مستنداته لرئيس النيابة ولم يعرض له التقرير ، كما أشار إلى رقم قرار الخصم من الراتب الصادر من الجهة التى يتبعانها والشهر الذى بدأ منه الخصم فإنه كان يتعين على المحكمة أن تسقط هذا الدفاع حقه وتعنى بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه مادام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب إذ يترتب على ثبوت صحته استنزال المبالغ المسددة من الأموال المختلسة أو المستولى عليها أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى إطراحه . أما وهى لم تفعل وانتهت إلى إلزامهما برد مبلغ مساو للغرامة المحكوم بها وهى مساوية لقيمة ما نسب إليهما اختلاسه والاستيلاء عليه قبل تحقيق دفاعهما المار بيانه اكتفاء بما أوردته ، وهو لا يواجه ولا يكفى لطرح هذا الدفاع . فإنها تكون قد اخلت بحق الدفاع فضلاً عما شاب حكمها من قصور فى التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه .

(الطعن رقم 1520 لسنة 66 جلسة 1998/02/07 س 49 ص 183 ق 27)

38- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن وهو مندوب صرف بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية اتفق مع المتهم الثانى وهو أمين عهدة بمخزن سنترال ........... التابع لذات الهيئة على اختلاس مائتى عدة تليفون مملوكة لهذه الهيئة يختص الطاعن باستلامها والثانى بتوريدها إلى المخزن عهدته وذلك بتزوير المستندات اللازمة للصرف ، فحرر أولهما بالاتفاق مع الثانى ايصالاً بصرف مائتى عدة تليفون وبعد اعتماده من جميع المختصين ثم عدل الرقم إلى أربعمائة عدة تليفون . ثم حرر بعلم الثانى أيضاً استمارة الصرف بالرقم المزور . وتسلمها من المخازن فعلاً ونقل مائتين منها وأودعها بمخزن سنترال ......... بينما نقل المتهم الثانى الباقى وقدره مائتى عدة تليفون قيمتها 5635 جنيهاً بسيارة أخرى وتصرف فيها بالبيع واقتسما المبلغ ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان الجريمة التى دان الطاعن بها ، ثم أورد على ثبوتها فى حقة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر بالتحقيقات ، وما ثبت من تقارير قسم أبحاث التزييف بمصلحة الطب الشرعى والمعمل الجنائي ومكتب خبراء وزارة العدل . وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل _ على النحو السالف ذكره _ على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن والمحكوم عليه الآخر _ بناء على ما أورده من أدلة وشواهد سائغة، وأثبت فى حقهما أنهما تصرفا فى العدد التليفونية البالغ عددها مائتى عدة تليفونية، والمسلمة إليهما بسبب وظيفتيهما على اعتبار أنها مملوكة لهما ، فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الاختلاس كما هى معرفة فى القانون بركنيها المادى والمعنوى لما هو مقرر من أن الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف فى المال المعهود إليه تصرف المالك بنية إضاعته عليه ، وهو ما أثبته الحكم فى حق الطاعن بغير معقب ،فأن المجادلة فيه لا تصح.

(الطعن رقم 4266 لسنة 64 جلسة 1998/03/16 س 49 ص 451 ق 58)

39- لما كان الحكم قد عرض لتوافر ركن التسليم فى حق الطاعنين ورد على دفاعهما بانتفائه بقوله ، و حيث إن قصد المشرع اتجه فى الفقرة الأولى من المادة 112 عقوبات الى معاقبة كل موظف عام اختلس أموالاً أو أوراقاً أو غير ها وجدت فى حيازته بسبب وظيفته ، بما يكشف عن قيام الجريمة و تحققها فى كافة الحالات التى يكون فيها عمل الموظف قد اقتضى وجود الشىء بين يديه وفرض العقاب على عبث الموظف بالائتمان على حفظ الشىء ، و إذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهمين و أولهما ( الطاعن الأول ) رئيس الدورية اللاسلكية المنوط به المرور بدائرة القسم و الثانى أمين شرطة و من مقتضيات عملهما معاينة السجاد الذى تم العثور عليه فى موقعه و القيام بنقله الى ديوان القسم و تحرير محضر بالإجراءات متضمناً وصف ما تم العثور عليه و أماكنه و الشهود عليه و على هذا فإن وظيفتهما هى التى أوجدت المال بين يديهما بما ينتفى معه القول بعدم استلامهما السجاد موضوع الاتهام ، لما كان ذلك ، و كان المستفاد من نص الفقرة الأولى من المادة 112 من قانون العقوبات أن الشارع لايستلزم لتجريم الاختلاس و العقاب عليه سوى وجود الشىء فى حفظ الموظف الذى عهد إليه به ، يستوى فى ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يكون بين يديه بمقتضى وظيفته و يقع الاختلاس متى وضحت نية الحائز فى أنه يتصرف فى الشىء الموكل بحفظة تصرف المالك لحرامن صاحبه منه و كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا و سائغاً فى بيان توافر الركن المادى لجريمة الاختلاس و يندفع به ما يثيره الطاعن من عدم توافر ركن التسليم فإن منعاه بذلك يكون قائماً على غير ذى محل .

(الطعن رقم 24947 لسنة 66 جلسة 1998/11/16 س 49 ص 1294 ق 184)

40- لما كان الحكم قد انتهى فى منطق سائغ و تدليل مقبول الى مسئولية الطاعن عن كمية السجاد و التى اختلسها لنفسه ، و كان ما أورده الحكم فى مدوناته كافيا و سائغاً فى بيان نية الاختلاس لدى الطاعن ، و كان من المقرر أنه لايلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي فى تلك الجريمة ، بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه كما هو الحال فى الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم فى استظهار قصد الاختلاس يكون فى غير محله .

(الطعن رقم 24947 لسنة 66 جلسة 1998/11/16 س 49 ص 1294 ق 184)

41- لما كان الطاعن بوصف كونه بدالاً بشركة........ قد تسلم بسبب وظيفته البضائع والسلع المختلسة لحفظها وبيعها وتوريد ثمنها للشركة فإنه أمين على هذه البضائع والسلع من وقت تسلمه لها حتى بيعها وتوريد ثمنها لحساب الشركة وبذلك فهو فى القانون من الأمناء على الودائع ما دام قد أؤتمن بسبب وظيفته على حفظ هذه البضائع والسلع حتى يتم بيعها وتوريد ثمنها ولا يؤثر فى اعتباره كذلك زعمه أنه مساعد بدال إذ لا أثر لدرجته الوظيفية على مسئوليته عن المال الذي أؤتمن عليه. هذا ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة وهو ما نصت عليه المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص إلى قيام جريمة الاختلاس فى حق الطاعن فإنه حق عليه العقاب بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 112 من قانون العقوبات ومن ثم فإن منازعته حول حقيقة صفته كأمين للبضائع والسلع التي اختلست يكون غير سديد.

(الطعن رقم 28208 لسنة 64 جلسة 1997/01/08 س 48 ع 1 ص 54 ق 7)

42- ان صفه مأمور التحصيل انما تتحقق متى كان تسليم المال للموظف بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة سواء كان تكليفه بهذا التحصيل بمقتضى قانون او قرار او لائحة او مرسوم او تعيين او تكليف كتابى او شفوى ، بل يكفى عند توزيع الاعمال فى المصلحة الحكومية ان يقوم الموظف بعمليه التحصيل وفى قيامه بذلك وتسلمه دفاتر التحصيل ما يكسبه هذه الصفة ما دام انه لم يدع بأنه اقحم نفسه على العمل وانه قام به متطفلا او متفضلا او فضوليا سواء بتعاون من رؤسائه او زملائه او باعفاء منهم - ولما كان تسليم المبالغ المختلسة على الصورة التى اوردها الحكم استظهرها من ادلة الدعوى - وبما لا ينازع الطاعن فى صحة ما نقله الحكم عن هذه الادلة وهو ما يتلازم معه ان يكون الطاعن امينا عليها ما دام انه قد اؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فاذا اختلسها عد مختلسا لاموال عامة ، ومن ثم فان منازعة الطاعن حول حقيقة صفتة كمندوب تحصيل فى الجهة التى جرت فيها واقعة الاختلاس لا يجديه ما دام الحكم قد اثبت فى حقه - اخذا بأدلة الثبوت التى اوردها وعول عليها فى قضائه - انه باسناد عملية تحصيل قيمة استهلاك المياه من المشتركين بالمجلس اليه خلال الفترة من 1/3/1989 الى 19/3/1992 وبما لا يمارى الطاعن فى صحة ما نقله الحكم - مما يوفر فى حقه صفته كمندوب تحصيل ، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد .

(الطعن رقم 16414 لسنة 65 جلسة 1997/10/05 س 48 ع 1 ص 1028 ق 153)

43- إن قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة 112 الموظف العام أو من فى حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته، فقد دل على اتجاهه إلى التوسع فى تحديد مدلول الموظف العام فى جريمة الاختلاس وأراد - على ما عددته المادة 111 منه - معاقبة جميع فئات العاملين فى الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من فى حكمه فى سلم الوظيفة، وأياً كان نوع العمل المكلف به، لا فرق بين الدائم وغير الدائم ولا بين ذي الحق فى المعاش ومن لا حق له فيه. ولما كان البند السادس من هذه المادة المضافة بالقانون رقم 120 لسنة1962 قد نص على أنه يعد فى حكم الموظفين أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، فإن الطاعنين بحكم كونهما خفيرين فى شركة تابعة للقطاع العام المملوك للدولة يعدان فى حكم الموظفين العموميين.

(الطعن رقم 759 لسنة 38 جلسة 1968/06/10 س 19 ع 2 ص 679 ق 138)


44- لما كان قانون العقوبات اذعاقب بمقتضى المادتين 112 ،113 الموظف العام او من فى حكمه اذا اختلس شيئا مسلما اليه بحكم وظيفته ، او استولى بغير حق على مال عام او سهل ذلك لغيره بأية طريقة - فقد دل على اتجاهه الى التوسع فى تحديد مدلول الموظف العام فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات . واورد على ما عددته المادة 119 مكرراً منه - معاقبة جميع العاملين فى الحكومة والجهات التابعة لها فعلا او الملحقة بها حكما مهما تنوعت اشكالها وايا كانت درجة الموظف او من فى حكمه فى سلم الوظيفة ، وايا كان نوع العمل المكلف به ، فلا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر او بغير اجر ، طواعية او جبرا . ولما كان البند "ه " من هذه المادة قد نص على ان يقصد بالموظف العام فى حكم هذا الباب رؤساء واعضاء مجالس الادارة والمديرون وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت اموالها اموالا عامة طبقا للمادة السابقة - وكانت الفقرة "ح " من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على ان المقصود بالاموال العامة فى تطبيق احكام هذا الباب اموال اية جهة ينص القانون على اعتبار اموالها من الاموال العامة .

(الطعن رقم 9886 لسنة 65 جلسة 1997/12/02 س 48 ع 1 ص 1324 ق 202)

45- يكفى لتوافر القصد الجنائي فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات ان يكون الموظف المتهم قد تصرف فى المال الذى بعهدته على اعتبار انه مملوك له ، ومتى ثبت ذلك فى حقه ، فان لا يؤثر فى قيام الجريمة قيام المتهم من بعد بالتلخيص من المال المختلس بأى وجه ، لان الظروف التى قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها ، كما انه لا يلزم ان يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي فى تلك الجريمة بل يكفى ان يكون فيما اورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت قيام الطاعن الاول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثانى والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بألقائها فى ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد ان ارشد عنها الطاعن الثانى ، وكان ما اورده الحكم من ذلك يكفى لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين

(الطعن رقم 9886 لسنة 65 جلسة 1997/12/02 س 48 ع 1 ص 1324 ق 202)

46- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة ان مرافعات الدفاع عن الطاعنين دارت حول الوصف الذى اقيمت به الدعوى الجنائية وكانت المحكمة لم تعدل وصف التهمة فى مواجهتها او تلفت نظر الدفاع الى ما اجرته من تعديل كى يعد دفاعه على اساسه فإن ذلك يعيب إجراءات المحاكمة بما يطلبها - ذلك بأنه إذا كان الاصل ان المحكمة غير مقيدة بالوصف الذى تسبغه النيابة العامة على الواقعة كما وردت بأمر الاحالة او التكليف بالحضور وان من واجبها ان تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقا للقانون ، لان وصف النيابة العامة ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه ان يمنع المحكمة من تعديله متى رات ان ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف الذى ترى هى انه الوصف القانونى السليم - الا انه تعدى الامر مجرد تعديل الوصف الى نعى التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى اقيمت بها الدعوى وبينها القانون نتيجة إدخال عناصر جديدة تضاف الى تلك التى اقيمت بها - الدعوى - وتكون قد شملتها التحقيقات كتعديل التهمة من جريمة اختلاس واشتراك فيه الى جريمة تسهيل استيلاء واشتراك فيه - فإن هذا التغيير يقتض من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه اجلا لتحضير دفاعه إذ طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد اخلت بحق الدفاع .

(الطعن رقم 12035 لسنة 65 جلسة 1997/12/03 س 48 ع 1 ص 1350 ق 205)

47- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أوقع على الطاعنين عقوبة الأشغال الشاقة المؤقته على أساس توافر الظرفين المشددين لعقوبة جناية الأختلاس المنصوص عليهما فى البندين ( أ )، ( ب ) من الفقرة الثانية من المادة 112 من قانون العقوبات، وهما تحقق صفة الأمين على الودائع فى الطاعنين ، وارتباط جريمة الاختلاس بجريمتى تزوير واستعمال محررات مزورة. لما كان مدلول لفظ الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كانت وظيفته الأصلية ومن طبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم إليه المال على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الأول يعمل رئيسا لأحد فروع الشركة ............ والطاعن الثانى رئيسا للعاملين به وخلص إلى اعتبارهما من الأمناء على الودائع دون أن يعنى ببيان ما إذا كانت وظيفية كل من الطاعنين وطبيعة عمله هى المحافظة على البضائع التى ساءلهما عن اختلاسها وأنهما تسلماها على الأساس فتتوافر فى حقهما - من ثم - صفة الأمين على الودائع فإن الحكم يكون قاصراً فى استظهار الظرف المشدد الأول فى حق الطاعنين.

(الطعن رقم 19784 لسنة 64 جلسة 1996/10/17 س 47 ع 1 ص 1041 ق 148)

48- جناية الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً الى الموظف العمومى أو من فى حكمه طبقاً للمادتين 111 و 119 من ذلك القانون بسبب وظيفته وبأن يضيف الجاني مال الغير الى ملكه وتتجه نيته الى اعتباره مملوكاً له بأى فعل يكشف عن نيته فى تملك هذا المال.

(الطعن رقم 1125 لسنة 63 جلسة 1995/01/03 س 46 ص 61 ق 4)

49- لا يلزم لتجريم الاختلاس فى حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشئ تحت يد أى موظف أو مستخدم عمومى ومن فى حكمهم ممن نصت عليهم المادة 111 من القانون المشار إليه ، يستوى فى ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أنه يوجد بين يديه بسبب وظيفته ويعتبر التسليم منتجاً لأثره فى إختصاص الموظف متى كان مأموراً به من رؤسائه ، ولو لم يكن فى الأصل من طبيعة عمله فى حدود الاختصاص المقرر لوظيفته وكان الاختلاس يتم بمجرد تصرف الموظف فى المال المعهود إليه تصرف المالك له بنية إضاعته عليه وهو ما أثبته الحكم فى حق الطاعن بغير معقب . فإن المجادلة فيه لا تصح .

(الطعن رقم 25784 لسنة 63 جلسة 1995/10/15 س 46 ص 1106 ق 161)

50- إذ نصت الفقرة الأولى من المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 على أنه: "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل موظف أو مستخدم عمومي اختلس أموالاً أو أوراقاً أو أمتعة أو غيرها مسلمة إليه بسبب وظيفته". فقد دلت على أن تطبيقها يقتضي أن يكون الجاني موظفاً أو من فى حكمة وأن يكون المال قد وجد بين يديه بمقتضى وظيفته لا بمناسبتها فحسب. ولا يؤدي بالضرورة انتفاء صفة الجاني كمأمور للتحصيل أو أمين على الودائع إلى ثبوت تسلمه للمال بسبب وظيفته. ومن ثم فقد كان يتعين على الحكم المطعون فيه استيفاء لبيانه أن يبين مقتضيات وظيفة المتهم وكونها طوعت له تسلم الغرامة التي نسب إليه اختلاسها، ولا يعتبر وجود الشرطي فى المركز عاملاً بغير التحصيل من تلك المقتضيات وإنما هي مناسبة لا شأن لها فى ذاتها باقتضاء الغرامة - ويكون ما وقع من الطاعن - إذا انتفى مقتضى الوظيفة - خيانة أمانة معاقباً عليها بالمادة 341 من قانون العقوبات لا اختلاسا فى حكم المادة 112 من القانون المذكور.

(الطعن رقم 1311 لسنة 38 جلسة 1968/11/11 س 19 ع 3 ص 950 ق 190)

51- لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد فى بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن إختلس مبلغ 210ر1785 ج ثم حصل أقوال الشهود فى مدوناته بما مؤداه أن جملة المبالغ التى إختلسها الطاعن هى 210ر1935 ج ، كما عول فى الإدانة على تقرير الخبير الذى إنتهى إلى أن الطاعن إختلس مبلغ 210ر1835 ج ، ثم خلص إلى إدانة الطاعن بإختلاس مبلغ 210ر1785 ج ، فإن تعويل الحكم على أقوال الشهود و تقدير الخبير فى إدانة الطاعن على الرغم مما بينهما من إختلاف فى النتيجة فضلاً عن إختلاف كلتا النتيجتين عن المبلغ الذى خلص الحكم إلى ثبوت إختلاسه ، يدل على إضطراب الواقعة فى ذهن المحكمة و إختلال فكرتها عن عناصر الدعوى و عدم إستقرارها فى عقيدتها الإستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة مما يعيب حكمها بالتناقض فى التسبيب و يوجب نقضه 

(الطعن رقم 4359 لسنة 52 جلسة 1982/11/24 س 33 ص 915 ق 189)

52- لما كان مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومى و من فى حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 مكرراً من ذات القانون يختلس ما لا تحت يده متى كان قد وجد فى حيازته بسبب وظيفته ، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان و كان مدلول عبارة الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كان طبيعة عمله حفظ المال العام و أن يسلم إليه المال على هذا الأساس فلا ينصرف إلى من كان تسليم المال لديه بصفة وقتية كالمكلف بنقله فحسب ، و كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت ما مؤداه أن الطاعن كان يعمل رئيساً لقسم المحركات بشركة النيل العامة لنقل البضائع و أن وظيفته الأصلية لم تكن حفظ الودائع و أنه تسلم قطع الغيار التى إختلسها بسبب وظيفته آنفة البيان قد خلص إلى إعتباره من الأمناء على الودائع و عاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 112 من قانون العقوبات . فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 1853 لسنة 55 جلسة 1985/11/20 س 36ص 1023 ق 187)

53- لما كان خطأ الحكم فى تحديد شخص المالك للأسمنت المختلس وبفرض أنه ليس بنك .......... وإنما .............. لا ينال من سلامته إذ لم تكن له أثر فى عقيدة المحكمة أو النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ومن ثم فإن دعوى الخطأ فى الإسناد لا يكون لها وجه - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً

(الطعن رقم 3966 لسنة 56 جلسة 1986/12/18 س 37 ع 1 ص 1099 ق 208)

54- إن جريمة الإختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات و جريمتى الإستيلاء على المال العام أو تسهيل ذلك للغير بغير حق المنصوص عليهما فى المادة 113 من ذات القانون و إن كانت من الجرائم التى تقع من الموظفين العموميين على المال العام إلا أن كلاً منهما تختلف عن الأخرى ، فجريمة الإختلاس ما هى إلا من صور خيانة الأمانة و يكون فيها المال فى حيازة الجاني و تتحقق الجريمة بتغيير الأمين نيته فى حيازة المال المؤتمن عليه من حيازة ناقصة على سبيل الأمانة إلى حيازة كاملة بنية التملك ، و لذلك فإن تسهيل الإختلاس لم يكن بحاجة إلى من يجعله المشرع جريمة خاصة إكتفاء بتطبيق القواعد العامة فى الإشتراك فى أحوال المساهمة الجنائية فى الإختلاس .

(الطعن رقم 4930 لسنة 60 جلسة 1991/05/02 س 42 ع 1 ص 722 ق 104)

55- يتطلب القانون لتطبيق المادة 112 من قانون العقوبات أن تكون الأشياء المختلسة قد أودعت فى عهدة الموظف المختلس أو سلمت إليه بسبب وظيفته فإذا كان الثابت مما أورده الحكم عن وظيفة المتهم الأول والطريقة التى تمكن بواسطتها من اختلاس المبالغ التى أدخلها فى ذمته أنه لم يكن إلا موظفا كتابيا بحسابات البلدية ولم يكن من مقتضيات عمله تحصيل الرسوم المختلسة من الشركة أو مستمدا صفة التحصيل هذه من القوانين أو اللوائح أو منوطا بها رسميا من رؤسائه أو أية جهة حكومية مختصة ، بل أقحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق أعمال وظيفته ، فلا يمكن أن تضفى عليه صفة مأمور التحصيل أو المندوب له مهما استطال به الزمن وهو موغل فى غيه ، وتكون المادة المنطبقة على فعلته هى المادة 118 من قانون العقوبات قبل تعديلها بالقانون رقم 69 لسنة 1953 التى تعاقب كل موظف أدخل فى ذمته بأية كيفية كانت نقودا للحكومة أو سهل لغيره ارتكاب جريمة من هذا القبيل لا المادة 112 التى أعملها الحكم فى حقه ، وإذا فلا يصح القضاء بعقوبة العزل والغرامة ورد المبالغ المختلسة التى لم يرد لها ذكر فى المادة 118 قبل التعديل المشار إليه ، ولا يغير من هذا النظر أن من بين التهم التى دين بها المتهم الأول جريمة اختلاس ورقة متعلقة بالحكومة حالة كونه الحافظ لها ، ذلك أن هذه الواقعة تندرج تحت حكم المادتين 151 ، 152 من قانون العقوبات لا تحت حكم المادة 112 من القانون المذكور ، ولما كانت عقوبة الأشغال الشاقة المقضى بها محمولة على المواد 211 ، 212 ، 214 ، 1/40 ،2 ،3 ، 41 من قانون العقوبات وهى التى طبقها الحكم على الطاعنين بوصفها عقوبة الجريمة الأشد فيكون الحكم سديدا من هذه الناحية بعد استبعاد عقوبة العزل والرد والغرامة التى يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا فيما قضى به منها وذلك بالنسبة إلى كلا الطاعنين لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .

(الطعن رقم 1805 لسنة 28 جلسة 1959/02/17 س 10 ع 1 ص 213 ق 47)

56- لما كان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن استلامه لست حمولات من الدقيق ولم يدرجها بسجل يومية المخزنعهدته فضلاً عن تزويره لفواتيرالمبيعات النقدية الخاصة بالعملاء أصحاب الحصص التموينية بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة صرف كميات من الدقيق بالزيادة عن الحصص المقررة والتى صرفت فعلاً لأصحابها وإثبات الصرف لعملاء لم يتم الصرف الفعلى لهم لتوقف نشاطهم واحتفظ بكميات الدقيق لنفسه بنية تملكها فضلاً عن حصوله على فروق الأسعار بين السعر المدعم والسعر الحر فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف فى استظهار انطباق أحكام المادة 112 من قانون العقوبات وصفة الطاعن فى إدانته بها.

(الطعن رقم 14831 لسنة 65 جلسة 1998/03/09 س 49 ص 375 ق 52)

57- محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، وأن من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع أوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحاً لأنها وهى تفصل فى الدعوى لا تتقيد بالواقعة فى نطاقها الضيق المرسوم فى وصف التهمة المحال عليها، بل أنها مطالبة بالنظر فى الواقعة الجنائية التى رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذى تجريه بالجلسة، إلا أنه يجب أن تلتزم فى هذا النطاق بألا تعاقب المتهم عن واقعة مادية غير التى وردت فى أمر اللأحالة أو طلب التكليف بالحضور دون أن تضيف إليها شيئا وإذ كان الثابت أن الدعوى رفعت على المطعون ضده بتهمة أختلاس أموال أميرية بالمادة112 أ من قانون العقوبات، وكان الفعل المادى لهذه الجريمة يختلف عن الفعل المادى المكون لجريمة الأضرار غير العمدى بالأموال والمصالح المؤثمة 116مكررا أمن القانون ذاته، ومن ثم فهى واقعة مغايرة للواقعة الواردة بقرار الاحالة، فإن ما تثيره النيابة الطاعنة من دعوى الخطأ فى تطبيق القانون يكون ولا محل له.

(الطعن رقم 5720 لسنة 59 جلسة 1993/05/10 س 44 ع 1 ص 457 ق 65)

58- يكفى لتوافر القصد الجنائي فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات ان يكون الموظف المتهم قد تصرف فى المال الذى بعهدته على اعتبار انه مملوك له ، ومتى ثبت ذلك فى حقه ، فان لا يؤثر فى قيام الجريمة قيام المتهم من بعد بالتلخيص من المال المختلس بأى وجه ، لان الظروف التى قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها ، كما انه لا يلزم ان يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي فى تلك الجريمة بل يكفى ان يكون فيما اورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت قيام الطاعن الاول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثانى والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بألقائها فى ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد ان ارشد عنها الطاعن الثانى ، وكان ما اورده الحكم من ذلك يكفى لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين

(الطعن رقم 9886 لسنة 65 جلسة 1997/12/02 س 48 ع 1 ص 1324 ق 202)

59- متى كان دفاع الطاعن الثاني قام على أن المهمات المضبوطة بسيارته ملك لآخر, وكان البين أن تقريري الجرد لم يرد بهما ما يفيد أن المهمات التي ضبطت بسيارة الطاعن الثاني هي من الأصناف التي كانت فى عهدة الطاعن الأول كما لم يذكر أحد من أعضاء لجنتي الجرد فى التحقيقات شيئاً عن ذلك, وكان الحكم قد استند فى إدانة الطاعن الثاني إلى ما تضمنه تقريري اللجنتين دون إيضاح أو تفصيل لفحوى ما استدل به منها, فإنه يكون معيباً بالقصور. ولا يغني عن ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى, إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل فى الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.

(الطعن رقم 1429 لسنة 42 جلسة 1973/01/29 س 24 ع 1 ص 114 ق 27)

60- لما كان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذى تسبغه النيابة العامة على الواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو التكليف بالحضور و أن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون ، لأن وصف النيابة ليس نهائياً بطبيعته و ليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذى ترى هى أنه الوصف القانونى السليم - إلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى أقيمت بها الدعوى و تباينها القانونى نتيجة إدخال عناصر جديدة تضاف إلى تلك التى أقيمت بها الدعوى - و تكون قد شملتها التحقيقات كتعديل التهمة من شريك فى جريمة إختلاس إلى فاعل أصلى لها - فإن هذا التغيير يقتضى من المحكمة تنبيه المتهم إليه و منحه أجلاً لتحضير دفاعه 

(الطعن رقم 1098 لسنة 55 جلسة 1985/04/30 س 36 ص 590 ق 104)

61- لما كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم من اعتبار الطاعن الأول فاعلا أصليا فى جناية الاختلاس التى دانه بها ، ثم عودته من بعد إلى إعتباره شريكا فيها ثم إنتهاؤه إلى أنه فاعل أصلى فى الجريمة تلك ، يدل على اضرابه فى بيان واقعة الاختلاس - و هى الجريمة ذات العقوبة الأشد - التى أوقع على الطاعنين عقوبتها عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ، و يفصح عن أن الواقعة و عناصرها لم تكن مستقرة فى ذهن المحكمة الإستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة ، الأمر الذى يتعذر معه بالتالى على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده .

(الطعن رقم 1151 لسنة 53 جلسة 1983/06/15 س 34 ص 778 ق 153)

62- لما كانت صفة الأمين على الودائع - وهي الظروف المشددة فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى الفقرة الثانية "أ" من المادة 112 من قانون العقوبات - تنصرف لمن كانت وظيفته الأصلية وطبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يكون المال قد سلم إليه بناء على هذه الصفة. وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى معرض تحصيله لأقوال شاهد الإثبات الأول ( أن المتهم كان يعمل وكيلاً لمكتب التحصيل ومسئولاً عن الإيرادات وأن الدفاتر كانت سلمت له كعهدة شخصية وقد تمكن من اختلاس المبالغ عن طريق تجميع الإيرادات فى نهاية كل يوم بمعرفة المساعدين حيث أنه كان يقوم بإيداع المبالغ بخزينة حي ........... ويقوم المختصون بالحي بإعطائه علم خبر يفيد التوريد ...) بما يتلازم معه أن يكون الطاعن أميناً على تلك الأموال ما دام أنه قد أؤتمن بسبب وظيفته على حفظها, فإنه إذا اختلسها عد مختلساً لأموال مما نصت عليه المادة المذكورة وحق عقابه عن جناية الاختلاس بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة الذكر . ومن ثم , فإن منازعة الطاعن حول حقيقة صفته كأمين على الأموال التي جرت عليها واقعة الاختلاس ودعواه بأنه ليس أمين عهدة وإنما موظف كتابي وطلب ملف خدمته, لا يجديه ما دام الحكم قد أثبت فى حقه أخذا بشهادة الشهود أنه كان مسئولا عن تجميع تلك الأموال وتسليمها إلى الجهة المختصة مما يوفر فى حقه - فضلاً عن عنصر التسليم بسبب الوظيفة - صفته كأمين من أمناء الودائع ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص فى غير محله .

(الطعن رقم 2452 لسنة 67 جلسة 1999/01/03 س 50 ص 11 ق 1)

شرح خبراء القانون

وواضح من هذا النص أنه يواجه اختلاس الموظف العام لما يحوزه بسبب وظيفته، ولا يشترط لوقوع الجريمة أن يكون محل الحيازة مالاً عاماً فنحن في هذه الجريمة بصدد نوع من خيانة الأمانة يقع من موظف عام على مال وجد في حيازته ومؤتمن عليه بحكم وظيفته فالجريمة على هذا النحو ليست إلا خيانة الأمانة الوظيفة تنطوي على اتجار بها أو استغلالها.

وقد واجهت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من قبل موظف عام، فنصت المادة 17 منها على أن تعتمد كل دولة طرف في الإتفاقية ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى تجريم اختلاس الموظف العام عمداً لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عامة أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم موقعه أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر.

ويفترض وقوع هذه الجريمة أن تقع من موظف عام على أموال أو أوراق أو غيرها مما توجد في حيازته بسبب وظيفته، فصفة الجاني وضع قانوني يجب توافره سلفاً قبل وقوع الجريمة، ووجود الأموال ونحوها في حيازة الموظف العام بسبب وظيفته وضع واقعي يجب توافره أيضاً قبل وقوع الجريمة ومن هنا كانت صفة الجاني ومحل وقوع الجريمة شرطين مفترضين للجريمة.

أما هذه الجريمة فتقع بتوافر ركنين : أحدهما مادي والآخر معنوي على النحو الذي سنبينه فيما يأتي.

الشرط المفترض

يشترط لتوافر الجريمة وجود وضع قانوني وآخر واقعي قبل ارتكابها أما الوضع قانوني فهو صفة الموظف العام، وأما الوضع الواقعي فهو الأشياء الموجودة في حيازة موظف العام بسبب وظيفته محل الجريمة.                         

أولاً : صفة الجاني

لا تقع هذه الجريمة إلا من موظف عام. وقد كانت المادة 119 عقوبات تنص عسى أنه يعد «موظفون عموميون في تطبيق أحكام هذا الباب الأشخاص المشار  إليهم في المادة 111 من هذا القانون»، ثم جاء القانون رقم 63 لسنة 1975 فألغى هذه المادة وأضاف مادة جديدة تحت رقم 119 مكرراً عرفت المقصود بالموظف العام في حكم الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وقد بينا فيما تقدم المقصود بالموظف العام طبقاً لهذه المادة، فيتعين الرجوع إليه.

وقد كانت المادة 112 عقوبات قبل تعديلها الأول بالقانون رقم 69 لسنة 1953 تتطلب لوقوع جريمة الاختلاس أن يكون الموظف العام أو من في حكمه مأموراً بالتحصيل أو مندوباً له أو أميناً على الودائع أو صرافاً منوطاً بحساب نقود أو أمتعة.

وقد جاء قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953 ثم بالقانون رقم 63 لسنة 1975 فجعل صفة الموظف العام - وحدها - شرطاً مفترضاً في جناية الاختلاس، واقتصر على اعتبار صفة مأمور بالتحصيل أو أمين على الودائع أو صراف مجرد ظرف مشدد في الجريمة لا شرطاً مفترضاً لارتكابها.

فإذا لم يكن الجاني موظفاً عاماً أو من في حكمه - فإن الواقعة قد تندرج تحت إحدى مواد جرائم الأموال التي تقع من الأفراد العاديين حسب الأحوال ومن قبيل ذلك إذا فصل الموظف وظيفته قبل إرتكاب الواقعة الإجرامية.

ونظراً لأن صفة الجاني شرط مفترض لوقوع الجريمة فيجب على المحكمة أن تستظهر هذه الصفة في حكمها، وإلا كان معيباً بالقصور في التسبيب.

ثانياً: وجود الأشياء المختلسة في حيازة الموظف العام بسبب وظيفته :

تفترض هذه الجريمة أن تكون الأشياء المختلسة في حيازة الموظف العام بسبب وظيفته.

الأشياء المختلسة

ذكرت المادة 112 عقوبات الأموال والأوراق وغيرها كموضوع لجريمة الاختلاس، وكلها تشير إلى معنى معين، هو أن الاختلاس يشمل كل شيء يصلح محلاً لحق من الحقوق، فيستوي في ذلك أن يكون المال عاماً أو غير ذلك .

ولا يشترط أن يكون الشيء من الأموال العامة بالمعنى المقصود في المادة 119 عقوبات، فنص المادة 112 عقوبات - خلافاً لنص المادة 113 عقوبات - صریح و عدم التفرقة بين المال العام والمال الخاص المملوك للأفراد فهو لا يعتد إلا بكون الأشياء في حيازة الموظف بسبب وظيفته. مثال ذلك أن يختلس موظف بمكتب البريد النقود المسلمة إليه من أحد الأفراد لإيداعها لحسابه في صندوق التوفير، وأن يختلس معاون المحطة أخشاباً مملوكة لأحد المسافرين سلمت إليه على أثر سقوطها من القطار، وأن يختلس مندوب الحسابات في لجنة فحص العطاءات تأمينا سلم إليه من أحد المقاولين .

ويلاحظ أن عبارة المادة 112 عقوبات بشأن نوع الأشياء المختلسة قد جاءت من العموم بحيث تشمل الأموال وغيرها من الأشياء، سواء كانت لها قيمة مادية أو مجرد قيمة اعتبارية بحتة ولكن ذلك لا يحول دون وجوب تحديد هذه الأشياء في الحكم الصادر بالإدانة.

حيازة الموظف العام للأشياء المختلسة بسبب الوظيفة

اشترطت المادة 112 عقوبات أن تكون الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام بسبب وظيفته .

وقد كانت المادة 122 عقوبات قبل تعديلها بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تشترط أن تكون الأشياء قد سلمت إلى الموظف العام بسبب وظيفته.

وبالنسبة إلى التسليم، فقد استقر الفقه والقضاء على أنه يستوي أن يكون الشيء قد سلم إلى الموظف العام تسليما مادياً أو وجد بين يديه بمقتضى وظيفته ويتفق هذا التفسير مع الصيغة الفرنسية للمادة 112 عقوبات قبل تعديلها، وهي:

وهو التعبير نفسه الذي استعمله المشرع الفرنسي في المادة 169 عقوبات قديم التي أصبحت تحمل رقم 432 - 15 في قانون العقوبات المعمول به منذ أول مارس سنة 1994، والتي أخذ عنها المشرع المصري المادة 112 عقوبات.

مثال ذلك الشيء الذي يضبطه المخبر تحت إشراف مأمور الضبط القضائي أثناء التفتيش وقد يدخل الشيء في حيازة الموظف بناء على تسليم مادي للشيء لتقديمه في وقت معين أو عند طلبه ولا محل للرجوع إلى معنى التسليم الناقل للحيازة والمقرر في القانون المدني، لأن ذاتية قانون العقوبات تقتضي تفسير عبارته على ضوء المصلحة المحمية من التجريم وفي صدد جناية الاختلاس فإن أمانة الوظيفة في المصلحة التي يحميها المشرع من وراء التجريم وليست أمانة الموظف العام. ومن ثم، فإن العبرة تكون بدخول المال في حوزة الموظف بمقتضى وظيفته ولو لم يسلم إليه تسليماً مادياً.

فالمشرع يتدخل بالعقاب على كل فعل ينطوي على مساس بهذه الأمانة مما يصدر عن الموظف العام على الأشياء التي تكون بين يديه بسبب وظيفته، وعلى ضوء هذا التحديد لا يكون من الأهمية بحث ما إذا كانت الأشياء قد وضعت بين يديه بمقتضى وظيفته أو سلمت إليه تسليماً مادياً كما يستوي أن يوضع المال في يد الموظف بمقتضى تسلیم فعلي أو حكمي ومن أمثلة التسليم الحكمي أن يكلف الخفير بحراسة مكان به بآلات من القطن.

على أنه يجب أن يوضع المال حقيقة بين يدي الموظف سواء بصورة فعلية أو حكمية، فلا يتوافر هذا المعنى إذا كان الموظف قد أثبت زوراً أنه استلم أشياء معينة وأدخلها في ذمة الدولة بعد الإستيلاء عليها أو على ثمنها فالتعديل الذي أضافه القانون رقم 63 لسنة 1975 على المادة 112 عقوبات حين اشترط أن تكون الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازته بسبب وظيفته ليس إلا تقنيناً لما استقر عليه الفقه والقضاء في هذا الشأن.

فيجب أن تكون وظيفته قد اقتضت وجود الأشياء محل الجريمة في حيازته.

مثال ذلك: اختلاس موظف البريد النقود المسلمة إليه من أحد الأفراد لإيداعها في صندوق التوفير، واختلاس معاون المحطة أخشاباً مملوكة لأحد المسافرين سلمت إليه عقب سقوطها من القطار، واختلاس مندوب الحسابات في لجنة العطاءات تأميناً سلم إليه من أحد المقاولين.

ويتعين أن يكون الشيء قد دخل حيازته بسبب وظيفته طبقاً للقانون، سواء بحكم القانون مباشرة أو بأمر رئیس مختص طبقا للقانون ولو لم يكن ذلك في الأصل من طبيعة عمله في حدود الاختصاص المقرر لوظيفته، وبعبارة أخرى يجب أن يكون تسليم المال المختلس من مقتضيات العمل وأن يدخل في اختصاص المتهم الوظيفي استنادا إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو نص مستمد مباشرة من القوانين واللوائح، ويستوي أن تكون وظيفته دائمة أو مؤقتة، ولا أثر لدرجته الوظيفية على مسئوليته عن المال الذى أؤتمن عليه، فإذا لم تكن وظيفته تقتضي وضع الشيء بين يديه فلا مجال لإنطباق المادة 112 عقوبات.

ولا يشترط بداهة أن يكون الشيء مودعا لدى الموظف باعتباره أميناً عليه، فذلك مما لا يعد إلا ظرفاً مشدداً للجريمة دون أن يعد عنصراً فيها في ركنها المادي، بل يكفي أن يكون الشيء قد وجد تحت يد الموظف بحكم وظيفته، ولم يكن على سبيل الوديعة.

إثبات التسليم

من المقرر أن المحاكم الجنائية تتبع في المسائل غير الجنائية التي تفصل فيها تبعاً للدعوى الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل (المادة 225 إجراءات)، وقد استقر القضاء على أن تسليم المال بناءً على أحد العقود يخضع لقواعد الإثبات المقررة في القانون المدني فما مدى تطبيق هذا المبدأ على تسليم الموظف العام للمال ؟

مثال ذلك الموظف الذي يحصل من الأفراد على قيمة الرسوم وغيرها من مستحقات الدولة، هذا التسليم لا يخضع لقواعد الإثبات المدنية للتصرفات القانونية، وذلك لأن العبرة هي وجود الشيء في حيازة الموظف بسبب وظيفته، وهي واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات .

الركن المادي الاختلاس :

يتوافر الاختلاس قانون بأن يضيف الجاني مال الغير إلى ملكه، ويتحقق ذلك عملا بأن يظهر على مال مظهر المالك وأن يتجه إلى اعتباره مملوكاً له، فالاختلاس ليس فعلاً مادياً محضاً وليس نية داخلية بحتة، وإنما هو عمل مركب من فعل مادي هو الظهور على الشيء بمظهر المالك، تسانده نية داخلية هي نية التملك، وتتضح نية الجاني في التملك، من مختلف الأعمال المادية، كالتصرف في المال أو رهنه و عرضه للبيع ... إلى غير ذلك من الأفعال التي تستشف منها محكمة الموضوع أن الجاني قد انتوى تملك مال الغير الذي يحوزه. ولا يكفي لذلك مجرد العجز في الحساب، إذ يجوز أن يكون ذلك ناشئا عن خطأ في العمليات الحسابية أو بسبب آخر، على أنه لا يشترط لتحقق الاختلاس أن يتصرف تصرفاً معنوياً أو مادياً فيالشيء الذي يحوزه، بل يكفي أن يصدر من الجاني أي فعل يكشف عن نيته في تملك المال، وهو ما يعني نيته في إضاعة المال على مالكه.

يتطلب توافر الركن المعنوي توافر القصد الجنائي، وقد رأينا كيف أن الاختلاس عمل مركب من فعل مادي ونية التملك، فما المراد بالقصد الجنائي في الاختلاس بعد أن أصبحت نية التملك عنصراً في ركنها المادي؟

يتطلب القصد الجنائي بادئ ذي بدء فضلاً عن إرادة السلوك الإجرامي أن يعلم الموظف العام أن الأشياء المختلسة مملوكة للغير، وأنا قد دخلت في حيازته بسبب وظيفته، وأن تتجه نية الجاني إلى حرمان المجني عليه من ملكه نهائياً فلا يتوافر القصد الجنائي إذا فقد الشيء الذي يحوزه الموظف بسبب إهماله أو تصرفه فيه جهلاً منه بأنه قد سلم بسبب وظيفته أو قصد الموظف بمجرد استعمال الشيء دون تملكه.

كما لا يتوافر القصد الجنائي بمجرد وجود عجز في عهدته، لجواز أن يكون دث ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، هذا إلى جانب أنه متى توافر القصد المطلوب فلا يؤثر في وقوع الجريمة أن يكون الجاني قد توقع إمكان رد الشيء المختلس قبل کشف الجريمة، أو هداه في ارتكابها باعث آخر مهما كان شریفاً. (الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016، الصفحة: 518)

الحكم بالرد على الرغم من إنقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم: نصت  المادة 208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يحول انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة ، قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة أو قضائها بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مکرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 من قانون العقوبات، وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذاً في أموال كل منهم بقدر ما استفاد، ويجب أن تندب المحكمة محامياً للدفاع عمن وجه إليهم طلب الرد إذا لم ينيبوا من يتولى الدفاع عنهم.

يقرر الشارع في هذا النص أن إنقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم تم أو بعد إحالتها إلى المحكمة لا يحول دون قضائها بالرد، ولا خروج في هذا النص على القواعد العامة إذا حصلت الوفاة بعد إحالة الدعوى الجنائية کی المحكمة ، إذ لا يحول ذلك دون قضائها في الدعوى المدنية التي رفعت إليها  بوجه صحيح (المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية، الفقرة انية، ولكن هذا النص على القواعد العامة إذا حصلت الوفاة قبل إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة، إذ مؤدى إنقضائها أنه لا ترفع الدعوى المدنية إلا أمام القضاء المدني وعلة هذا الحكم حرص الشارع على سرعة استرداد ما يحوزه الورثة من أموال ناتجة عن جريمة مورثهم .

ويجوز للمحكمة إذا حكمت بالرد أو التعويض أن تأمر - بناءً على طلب النيابة العامة أو المدعي المدني وبعد سماع أقوال ذوى الشأن - بتنفيذ هذا الحكم في أموال زوج المتهم وأولاده القصر ما لم يثبت أنها آلت إليهم من غير مال المتهم (المادة 208 مکرراً (ج) من قانون الإجراءات الجنائية).

اختلاس المال العام

تمهيد : نصت المادة 112 من قانون العقوبات على أن «كل موظف عام إختلس أموالاً أو أوراقاً أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالسجن المشدد ، وتكون العقوبة السجن المؤبد في الأحوال الآتية: (أ) إذا كان الجاني من مأمورى التحصيل أو المندوبين عنه أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة . (ب) إذا إرتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور إرتباطاً لا يقبل التجزئة. (ج) إذا وقعت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الإقتصادي أو بمصلحة قومية لها » . تفترض هذه الجريمة أن الموظف العام يحوز اسم الدولة ولحسابها مالاً ، فحيازته له ناقصة ، ولكنه يحولها إلى حيازة كاملة ، فينظر إلى المال نظرته إلى ماله الخاص وقد يتصرف فيه كما لو كان ملكاً خاصاً له .

علة التجريد والصلة بين هذه الجريمة وخيانة الأمانة : علة التجريم أن اختلاس المال العام يتضمن إعتداء على هذا المال ، ويزيد من خطورة هذا الإعتداء أن للمال صلة وثيقة بالوظيفة التي يشغلها الجاني ، إذ يحوزه بسبب وظيفته، ويعلل هذا التجريم كذلك أن الفعل ينطوي على خيانة للأمانة التي حملتها الدولة للموظف والثقة التي وضعتها فيه حينما عهدت إليه بحيازة المال لحسابها.

والصلة بين هذه الجريمة وخيانة الأمانة (المادة 341 من قانون العقوبات) وثيقة إلى حد يمكن معه القول بأنها صورة مشددة من خيانة الأمانة : فالجريمتان تقومان من حيث مادياتهما على تحويل الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة ؛ وتقومان من حيث معنوياتهما على اتجاه الإرادة إلى ذلك ، بما يفترضه من « نية التملك »، وتقومان من حيث علة التجريم على خيانة .

ولكن ثمة أوجه الخلاف تفصل بين الجريمتين : فاختلاس المال العام يفترض في مرتكبه أنه موظف عام ، في حين يتصور أن يرتكب خيانة الأمانة أي شخص؛ واختلاس المال العام يفترض حيازة المال بسبب الوظيفة، في حين تفترض خيانة الأمانة حيازته بناءً على عقد من عقود القانون الخاص؛ وفي النهاية فاختلاس المال العام جناية في جميع صوره، في حين أن خيانة الأمانة جنحة دائماً .

بيان أركان اختلاس المال العام : تتطلب هذه الجريمة أركاناً أربعة هي : صفة الجاني كموظف عام؛ وموضوع الجريمة وهو المال الذي يحوزه بسبب وظيفته؛ والركن المادي الذي يقوم بفعل الاختلاس؛ والركن المعنوي الذي يتخذ صورة القصد الخاص .

صفة الجاني كموظف عام

مدلول صفة الموظف العام : يدخل في مدلول الموظف العام كل شخص أعتبر كذلك وفقا للمادة 119 مكرراً من قانون العقوبات، ولكن صفة الموظف العام مطلقة غير كافية ، وإنما يتعين أن يكون المال موضوع الاختلاس قد وجد في حيازته بسبب وظيفته ، أي أن يكون مختصاً بهذه الحيازة .

وتعريف الموظف العام متسع جداً ، فالشارع « أطلق حكم النص ليشمل كل موظف أو مستخدم عمومی يختلس مالا مما تحت يده متى كان المال المختلس مسلماً إليه بسبب وظيفته »، والنص يشير إلى « جميع فئات موظفي الحكومة لا فرق بين الدائمين منهم وغير الدائمين ، ولا بين ذوی الحق في المعاش ومن لا حق لهم فيه » ويتسع النص لجميع الفئات التي نصت عليها المادة 119 مکرراً من قانون العقوبات، وقد طبق النص على صول بالشرطة ، وطواف البريد ، وعامل في المصانع الحربية  ، وجندي بالجيش ، وخفير في شركة تابعة للقطاع العام .

حيازة الموظف العام المال بسبب وظيفته : تفترض هذه الجريمة أن المال وجد في حيازة الجاني بسبب وظيفته، ويقتضي ذلك أن تكون صفته الرسمية هي التي أتاحت له حيازة المال ، ويعني ذلك أن يكون خصا على نحو ما بهذه الحيازة  فهو إما مكلف بجبايته باسم الدولة، أو بالإستيلاء عليه عنوة بأسمها كذلك ، أو بمجرد المحافظة عليه، أو بإنفاقه في أوجه معينة تهم الدولة، ولا يشترط أن يكون الإختصاص الوحيد أو الأصلي للموظف هو حيازة المال لحساب الدولة ، وإنما يكفي أن يكون ذلك و الإختصاصات المرتبطة بوظيفته، ولو كان أقلها شأناً .

ويترتب على ذلك أن جريمة اختلاس المال العام لا تقوم إذا انتفت من المتهم صفة الموظف العام ، بل تعد جريمته خيانة أمانة أو سرقة أو نصب حسب نوع الفعل الذي ارتكبه: فإذا سلم الموظف المال الذي يحوزه الحساب الدولة إلى ابنه فبدده، كان هذا الأخير مسئولاً عن خيانة أمانة ، و إذا استولت عليه زوجته خلسة كانت مسئولة عن سرقة.

وإذا كان المتهم موظفا عاما ولكنه لا يحوز المال بسبب وظيفته ، وإنما تدخل في عمل الموظفين المختصين ، و أقحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق أعمال وظيفته تهاوناً من هؤلاء الموظفين وتغاضيناً منهم عنه ، فإن ذلك لا يمكن أن يضفي عليه الإختصاص بحيازة أموال لحساب الدولة  ، فإذا استولى مثل هذا الموظف على ما حازه من مال مملوك للدولة، فإن نص الاختلاس لا يطبق عليه.

ويجب أن تتوافر صفة المتهم كموظف مختص وقت ارتكابه فعل الاختلاس ، وهذا الاشتراط تطبيق للقواعد العامة التي تجعل العبرة في تحديد ما إذا كانت أركان الجريمة متوافرة أم غير متوافرة بوقت ارتكاب الفعل الإجرامي.

موضوع اختلاس المال العام

تمهيد: موضوع هذه الجريمة هو مال ، يتعين أن يكون في الحيازة الناقصة للمتهم بسبب وظيفته .

المال : عبر الشارع عن هذا العنصر باشتراطه أن يكون موضوع الجريمة « أموالاً أو أوراقاً أو غيرها ». وهذا البيان وارد على سبيل المثال ، وذلك واضح من لفظ « أو غيرها » الذي أردفه الشارع بهذا البيان، ومن الممكن تأصيل الأمثلة التي وردت في هذا البيان ، وما يمكن أن يشبه بها في لفظ « المال ». ويفهم المال في مدلوله المدني من أنه «كل شيء يصلح محلاً لحق من الحقوق».

ولا يشترط أن تكون للمال قيمة مادية ، فقد تكون قيمته معنوية بحتة : وقد استقر القضاء على أن « عبارة الأموال أو الأوراق أو الأمتعة » الواردة بالمادة المذكورة (أي المادة 112) قد صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية »؛ وتطبيقا لذلك فقد اعتبرت الخطابات التي يسلمها أصحابها إلى طواف البريد بسبب وظيفته موضوعاً صالحاً لإرتكاب الاختلاس ، على الرغم من أنه قد لا تكون لها على الإطلاق قيمة مادية  .

وسواء أن تكون قيمة المال كبيرة أو ضئيلة .

سواء أن يكون المال عاماً أو خاصاً : تفترض جريمة اختلاس المال العام أن المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته، والأصل في هذا المال أن يكون عاماً ، ولكنه قد يكون خاصاً ووجد مع ذلك في حيازة الموظف بسبب وظيفته ، فإن إختلسه طبق عليه نص الاختلاس ، ذلك أن علة التجريم ليست فحسب حماية أموال الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة ، بل حماية الثقة فيها التي يزعزعها أن يستولي موظف خائن على مال سلمه إليه مالكه ثقة فيه وفي الدولة التي يعمل باسمها.

وجود المال في الحيازة الناقصة للجاني بسبب وظيفته : يفترض هذا العنصر أمرين : أن يكون المال في الحيازة الناقصة للجاني ؛ وأن يكون ذلك بسبب وظيفته:

يتعين أن يكون المال موضوع الاختلاس في الحيازة الناقصة للمتهم ، وتعني هذه الحيازة من الوجهة الإيجابية أن له على المال سيطرة فعلية وصفة قانونية، وتتمثل السيطرة في أدنى مظاهرها في المحافظة على المال ورعايته حتى يسلم إلى موظف آخر أو إلى من يعينهم القانون من أصحاب الحق فيه ، وقد تصل هذه السيطرة إلى حد استعماله أو التصرف فيه على الوجه الذي يحدده القانون ؛ أما الصفة القانونية تعني أن ما يمارسه على المال من سلطات هو بناءً على تصريح القانون أو أمره، وتطبيقاً لذلك ، فإنه لا يكفي الإعتبار المال في الحيازة الناقصة للموظف أنه يستطيع مادياً الدخول إلى حيث يوجد ذلك المال والاستيلاء عليه تبعاً لذلك : فالمرءوس الذي يستطيع الدخول دون قيود إلى غرفة رئيسه لا يعد حائزاً لما فيها من مال وتفترض الحيازة الناقصة من الوجهة السلبية أن الموظف لا يعتبر نفسه صاحب صفة أصلية على المال ، وإنما يسلم بأنه يحوزه باسم الدولة ولحسابها ، وأنه ملتزم برده أو بإستعماله أو التصرف فيه على وجه معين .

ولكن لا يشترط أن تكون الحيازة - على فرض أنها لحسابه الخاص - حيازة مشروعة : فالموظف المكلف بمقتضى وظيفته بتسلم مواد مخدرة والمحافظة عليها إلى أن يتم طلبها والتصرف فيها يعاقب على اختلاسها .

وتظل للموظف الحيازة الناقصة للمال ولو نقله خلافاً للقانون إلى مكان آخر، كما لو نقله إلى منزله؛ بل أن هذا النقل قد يقوم به فعل الاختلاس، ومن الجائز أن يتعدد الموظفون الذين يحوزون ذات المال ، كما لو تعدد الصيارفة أو صاحب الصراف مندوبه ، فإن اختلسوه كانوا جميعاً فاعلين لجناية الاختلاس، وتطبيقاً لذلك فإنه لا قيام للاختلاس إن تسلم الموظف المال على سبيل الحيازة الكاملة ، كما لو كان جزءاً من مرتبه أو مكافأته، إذ يعد تصرفه فيه مشروعاً ولا قيام للاختلاس كذلك أن يسلم المال إلى الموظف على سبيل اليد المعارضة ، كما لو كلف الساعي بنقل المال من مكان إلى آخر - ولو تباعد المكانان - وإنما يسأل عن إستيلاء بدون حق على مال للدولة .

ويتعين أن يكون وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته، ولا ضى هذا الشرط أن يكون المال قد سلم إلى الموظف تسليما فعلياً، وإنما يكفي أن يوجد في حيازته بسبب وظيفته ، كما لو استولى عليه عنوة لأن اختصاصات وظيفته قد خولته ذلك ، ومثال ذلك أن يستولى رجل الشرطة على مال وجده أثناء تفتيش شخص المتهم أو بيته، ويعني ذلك إجمالاً وجوب « أن تتوافر صلة سببية مباشرة بين إكتساب الحيازة وممارسة الإختصاصات التي خولت للموظف بناء على القانون » ولا يشترط أن يكون تخويل الإختصاص بمقتضى نص قانوني صريح ، بل يستوي في ذلك النص اللائحي أو القرار الإداري أو مجرد أمر الرئيس الكتابي أو الشفوي، وتطبيقاً لذلك فإنه إذا تسلم الموظف المال بناء على أمر شفوي من رئيسه أعتبر في حيازته بسبب وظيفته.

فإذا ثبت أن المال قد دخل في حيازة الموظف بمناسبة وظيفته - لا بسببها - فإن النص الاختلاس لا يطبق عليه ، ويتحقق هذا الوضع إذا سلم المال بناء على ثقة شخصية وضعها المسلم في المتسلم، كما لو أودع المتعاقدان ثمن المبيع لدى الموثق ، أو أودعت الزوجة المهر لدى المأذون أو أودع الممول مبلغ الضريبة لدى موظف في مأمورية الضرائب لا يختص بتسلمه.

الركن المادي لاختلاس المال العام

فعل الاختلاس

ماهية الاختلاس : الاختلاس في جريمة اختلاس المال العام هو بذاته الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة : فهو فعل يباشر به المختلس على المال سلطات لا تدخل إلا في نطاق سلطات المالك ، أو في تعبير آخر « هو سلوك إزاء الشيء مسلك المالك » . ويعني ذلك أن جوهر الاختلاس أنه « تغيير النية المتهم » ، فنيته تتجه إلى تحويل حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة، ولكن الاختلاس بإعتباره الركن المادي للجريمة لا يقوم بمجرد تغيير النية ، إذ لابد له من ماديات ، ومن ثم فلا بد من صدور فعل عن المتهم يعبر عن هذه النية، ونستطيع إجمال فكرة الاختلاس في أنه « فعل يعبر في صورة قاطعة عن تحويل الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة »، ويعني ذلك أنه استعمال أو تصرف في المال لا يتصور أن يصدر إلا من المالك وأهم أمثلة للاختلاس أن يسحب الموظف المال العام من الخزانة ويودعه باسمه في أحد المصارف ، أو يدعي أنه لم يتسلم المال ، أو أن ينقل الأشياء المؤتمن عليها إلى مسكنه ثم ينكر أنه فعل ذلك حينما يطالب بالرد أو يدعی أنها مملوكة له ، أو يعرض المال للبيع مدعيا أنه ملك له، وقد يصل نشاط الجاني إلى حد تبديده الشيء، والتبديد يتضمن بالضرورة اختلاساً، لأن التصرف لا يباح إلا للمالك أو من يعمل باسمه ؛ فإذا أنفق الموظف النقود أو أقرضها أو باع أثاث مكتبه أو وهبه فهو مختلس له .

أما إذا كان السلوك لا يكشف في صورة قاطعة عن إرادة تغيير الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة ، فلا يقوم به الاختلاس، وأهم تطبيق لذلك أنه إذا تأخر الموظف في الرد حينما طولب به، أو ظهر عجز في حساباته فإن ذلك لا يعد اختلاساً، ما لم يستطع القاضي القطع بأن ذلك يكشف عن النية السابقة في صورة قاطعة : فمن المحتمل أن يكون تفسير التأخر في الرد أو العجز في الحساب هو تكاسل الموظف أو اضطراب حساباته.

ولا ينفي الاختلاس رد المال بعد اختلاسه ، وذلك تطبيق للقاعدة التي تقضي بأنه إذا توافرت الجريمة نشأت المسئولية عنها واستحق عقابها ، ولا يتأثر ذلك بما يمكن أن يعرض من وقائع لاحقة، على أن رد المال فور المطالبة به قد يكون قرينة على إنتفاء القصد ، إذ قد يفسر ذلك في معنى أنه لم يرد الإستيلاء عليه ، مما ينفي الاختلاس ذاته.

لا شروع في الاختلاس و الشروع في الاختلاس غیر متصور ذلك أن أي فعل يكشف على نحو قاطع عن اتجاه النية إلى إكتساب الحيازة الكاملة تقع به الجريمة تامة ، فإن لم تكن للفعل هذه الدلالة فالجريمة لا ترتكب أصلاً فالاختلاس إما أن يقع وإما ألا يقع على الإطلاق ، وليس بين الوضعين وسط : وتطبيقاً لذلك فإنه إذا سلك الموظف تجاه المال سلوك المالك فقد وقع الاختلاس بذلك تاماً ولو لم يتصرف بعد فيه ، فإذا عرض الموظف المال للبيع فلم يجد مشترياً فجريمته تامة ، لأن مجرد العرض للبيع يكشف في صورة قاطعة عن إرادة تغيير الحيازة، ولا يعفيه من المسئولية عدوله عن البيع ، إذ العدول اللاحق على تمام الجريمة لا يحول دون العقاب عليها.

الركن المعنوي لاختلاس المال العام

تمهيد: اختلاس المال العام جريمة عمدية في كل حالاتها، ويتخذ القصد المتطلب فيها صورة القصد الخاص، ولا يرقي الخطأ مهما كان جسيماً إلى مرتبة العمد : فإذا قصر الموظف في المحافظة على المال الذي يحوزه بسبب وظيفته فهلك أو سرق فلا يطبق عليه نص الاختلاس.

عناصر القصد العام: يتطلب القصد العام علم المتهم أن المبال في حيازته الناقصة ، وأن ذلك بسبب وظيفته ، وأنه في غير ملكيته ، وأن القانون لا يجيز له أن يسلك إزاءه على النحو الذي فعله ؛ ويتطلب القصد العام كذلك إتجاه إرادته إلى فعل الاختلاس : فإذا جهل المتهم أن المال في حيازته الناقصة كما لو اعتقد أن النقود جزء من مرتبه الذي وضعه مع النقود المؤتمن عليها في خزانة واحدة ، أو اعتقد أن المال في حيازته الناقصة لسبب لا يتصل بوظيفته كما لو ظن أن صاحب المال قد أعطاه له كوديعة خاصة ، وإذا أنفقه في مصرف عام معتقداً أن القانون يأمره أو يرخص له بذلك، ففي جميع هذه الحالات لا يتوافر القصد، ولا يتوافر القصد كذلك إذا اعتقد أن أمر الرئيس له بالتصرف في المال على وجه معين هو أمر مشروع ، ولا عبرة بكون ذلك منطوياً على غلط في القانون ، طالما أنه ليس قانون العقوبات.

عناصر القصد الخاص : يعني القصد الخاص نية تملك المال المختلس ، أي نية المتهم إنكار حق الدولة على المال ونيته أن يمارس عليه جميع سلطات المالك  ولا ينفي هذا القصد نية الجاني أن يرد المال فيما بعد ، أو أن يعوض الدولة تلقائياً عن كل ما أصابها من ضرر نتيجة لفعله ، أو - من باب أولى - أن يحرر على نفسه إقرارا يلتزم فيه بذلك .

ويتلازم القصد والاختلاس في منطق الأشياء : فإذا كان الاختلاس يعني سلوك المتهم إزاء المال مسلك المالك ، فإن ذلك يفترض بالضرورة اتجاه نيته إلى هذا المسلك ، وهو ما يعنيه بالذات القصد الخاص في هذه الجريمة.

ويخضع القصد في جريمة اختلاس المال العام القاعدة أن البواعث ليست من عناصره : فإن كانت نبيلة ، كما لو استهدف المتهم بالإستيلاء على المال إعانة محتاج او مساعدة مشروع خيري ، فالقصد يعد مع ذلك متوافراً لديه.

عقوبة جريمة اختلاس المال العام

عقوبة جريمة اختلاس المال العام في صورتها البسيطة : قرر الشارع لجريمة اختلاس المال العام في صورتها البسيطة عقوبة السجن المشدد ، وقد أطلق هذه العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى العامين .

وألحق الشارع بهذه العقوبة الأصلية عقوبتي العزل أو زوال الصفة والغرامة النسبية المساوية لقيمة المال المختلس على ألا تقل عن خمسمائة جنيه، وأحق بها كذلك جزءاً مدنياً هو الرد (المادة 118 من قانون العقوبات).

عقوبة جريمة اختلاس المال العام في صورها المشددة : نصت المادة 112 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية والثالثة والرابعة والخامسة على أن تكون العقوبة السجن المؤبد في الأحوال الآتية :

(أ) إذا كان الجاني من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة . (ب) إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو إستعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة . (ج) إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الإقتصادي أو بمصلحة قومية .

وقد قرر الشارع لهذه الجريمة ظروفاً مشددة ثلاثة : أولها مستمد من صفة الجاني؛ وثانيها مرجعه إلى إرتباطها بتزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة ؛ وثالثها يتصل بزمن الجريمة وأثرها .

صفة الجاني : يفترض هذا الظرف أن الجاني يحمل إحدى الصفات التالية : أنه مأمور تحصيل ، أو أنه مندوب تحصيل ، أو أنه أمين على الودائع ، أو أنه صراف، ويشترط أن يكون المال قد سلم إليه بناءً على هذه الصفة.

وعلة التشديد أن المنصب الذي يشغله الجاني بناءً على إحدى الصفات السابقة يلقى على عاتقه تبعات ثقيلة إزاء المال الذي أؤتمن عليه ، وهي تزيد في ثقله عن التزام أي موظف آخر لا يحمل هذه الصفة، وقد أراد الشارع أن يقابل الزيادة في الخيانة بتشديد في العقاب .

ونحدد فيما يلي المراد بكل صفة من هذه الصفات .

مأمور التحصيل ، هو كل موظف مكلف بتحصيل أموال باسم الدولة ولحسابها ، مما يفترض أنه ملزم بعد ذلك بتوريدها إلى الخزانة العامة  وأهم أمثلته الموظف المختص بتحصيل ضريبة الأطيان أو ضريبة المباني ، أو المأذون باعتباره مختصاً بتحصيل رسوم الزواج .

مندوب التحصيل ، هو مساعد مأمور التحصيل ، فهو موظف لا يختص أصلاً بجباية أموال لحساب الدولة ، ولكن « يوكل إليه ذلك عادة أو عرضاً»، أي يخول التحصيل بإعتباره نائباً عن مأموره في نطاق معين، ومثاله كاتب السجن أو كاتب المحكمة فيما يختص بتحصيل الغرامات ورسوم القضايا.

الأمين على الودائع ، هو كل موظف يختص بالمحافظة على أموال للدولة أو الأفراد وصيانتها لتبقى تحت تصرف أصحاب الحق فيها ومثاله الموظف في مكتب البريد بالنسبة لودائع صندوق التوفير ، والأمين في دار الكتب أو أية مكتبة عامة بالنسبة لما يؤتمن عليه من كتب .

الصراف ، يراد به الموظف الذي يختص بإستلام نقود للدولة وحفظها ثم إنفاقها في أوجه معينة يحددها القانون ، وأهم مثال له الموظف الذي تسلم إليه نقود لكي يعطيها لأصحاب الحق في المرتبات أو المعاشات أو التعويضات .

إرتباط جريمة اختلاس المال العام بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور إرتباطاً لا يقبل التجزئة : يعني الشارع بذلك وحدة الغرض في جريمتي الاختلاس والتزوير واستعمال المحرر المزور وارتباطهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة في المدلول الذي تعنيه المادة 32 من قانون العقوبات (الفقرة الثانية)، وأهم تطبيق لهذا الظرف أن يرتكب الموظف العام التزوير أو الإستعمال إخفاء للاختلاس .

إرتكاب جريمة اختلاس المال العام في زمن حرب واضرارها بمركز البلاد الإقتصادي أو بمصلحة قومية لها: يقوم هذا الظرف على عنصرين : زمن الجريمة ، وكونه « زمن حرب » ؛ وأثرها ، وكونه الإضرار بمركز البلاد الإقتصادي أو مصلحة قومية لها، ويفهم « زمن الحرب » في مدلوله المستقر في القانون الدولي العام ، وتحسب فيه فترة الهدنة، إذ الحرب لا تنتهي إلا بالصلح )، وإضرار الجريمة بالمركز الإقتصادي للبلاد يعني المساس بطاقتها الإنتاجية أو ميزانها الحسابي أو قيمة نقدها، أو أي عنصر آخر من عناصر الاقتصاد القومي، أما المصلحة القومية ، فيراد بها أية مصلحة تمس الشعب أو قطاعا منه ، أي لا تقتصر أهميتها على فرد أو فئة محدودة من الأفراد.

مدى التشديد : يترتب على توافر أحد الظروف السابقة توقيع عقوبة السجن المؤبد، ويضاف إلى ذلك العزل ، والغرامة النسبية ، والرد وفقاً للقواعد السابقة . (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة: 103)

أراد المشرع بنص المادة 112 عقوبات تأمين أموال الدولة وأموال الأفراد المسلمة إلى الموظف العام أو التي وجدت في حيازته بسبب مباشرة الوظيفة العامة . كما أراد المشرع حماية واجب الأمانة والثقة في الموظف العالم كي يتسنى لجهة الإدارة العامة بالوظيفة المنوطة بها .

وإذا كانت المصلحة المحمية في جرائم الموظفين العموميين ضد الإدارة العامة هي ضمان حسن سير الوظيفة العامة، فإن المصلحة التي أراد المشرع التركيز عليها بنص المادة 112 عقوبات هي المحافظة على الأموال التي تحوزها الإدارة بواسطة موظفيها من الإعتداء عليها من قبل القائمين عليها وتوجيهها للمصلحة الخاصة بدلا من المصلحة العامة المرصودة لها، ولا شك أن قيام الموظف العام الذي توجد الأموال في حوزته بتوجيهها للصالح الخاص دون الصالح العام ، ينطوي على إخلال بواجب الثقة والأمانة الذي تفرضه الوظيفة العامة على القائمين بمباشرته، وبهذا فإن فعل الاختلاس يتضمن بالضرورة إخلالاً بواجبات الوظيفة فضلا عن ضياع تلك الأموال في غير الأغراض المرصودة لها، ولعل الإخلال بواجبات الثقة والأمانة هو أيضاً الذي دعا المشرع إلى التسوية بين أموال الدولة وأموال الأفراد التي توجد في حيازة الموظف بسبب الوظيفة لفعل الاختلاس فمما لا شك فيه أن قيام الموظف باختلاس أموال الأفراد التي توجد في حوزته بسبب الوظيفة ينطوي على إخلال بواجب الثقة والأمانة وبالتالي يؤثر على حسن سير العمل بالوظيفة العامة، فضلاً عن أن ضياع تلك الأموال من شأنه إلزام الجهة الإدارية بتعويض الأفراد عن فعل الاختلاس ، وهذا التعويض لا شك أنه يدفع من أموال الدولة بالمعنى الدقيق .

وعليه فإن المصلحة المحمية في جريمة الاختلاس تنحصر في أمرين: الأول : هو المحافظة على مصالح الدولة المالية .

الثاني : هو ضمان عدم الإخلال بواجبات الوظيفة الخاصة بالأمانة والثقة العامة ومعنى ذلك أن المصلحة المحمية ليست فقط مصلحة مالية وإنما أيضاً روعي فيها ضمان تأدية النشاط الوظيفي بالشكل الذي يتفق وأهداف الوظيفة العامة ذلك أن هذا النشاط الوظيفي يتأثر من فعل الاختلاس بإعتبار أنه يتطلب حيازة تلك الأموال ومن ثم فإن اختلاسها ينعكس بالضرورة على حسن سير العمل ويعرقل النشاط الوظيفي للجهة الإدارية .

من استقراء نص المادة 112 عقوبات يبين أن جناية الاختلاس لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة :

الأول : يتعلق بصفة الجاني وهو كونه موظفاً عمومياً أو من فى حكمه.

والثاني : هو الركن المادي الذي تقوم على عناصر ثلاثة .

(أ) السلوك الإجرامي .

(ب) موضوع السلوك الإجرامي .

(ج) حيازة موضوع السلوك الإجرامي بسبب الوظيفة .

والركن الثالث والأخير : هو القصد الجنائي .

وذلك على التفصيل التالي:

أولاً - صفة الجاني:

استلزم المشرع في مرتكب جريمة الاختلاس المنصوص عليها بالمادة 112 صفة معينة وهي كونه موظفاً عمومياً فالجاني في جناية الاختلاس هو دائماً موظف عام ومن حكمه، ومعنى ذلك أن تلك الصفة لا تقتصر فقط على الموظفين العموميين بمفهوم القانون الإداري وإنما أيضاً تشمل كل من يباشر وظيفة عامة أو خدمة عامة باسم الجهة الإدارية ولحسابها ، بغض النظر عن العلاقة التنظيمية التي تربطه بجهة الإدارة، وعليه فقد عددت المادة 119 مكرر المقصود بالموظف العام في حكم جرائم العدوان على المال العام والغدر وهم : القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية ، ورؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين ، أفراد القوات المسلحة ، كل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين وذلك في حدود العمل المفوض فيه، رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالا عامة طبقاً للمادة 119 ، كل من يقوم بأداء عمل يتحمل بالخدمة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو النظم المقررة ، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به، ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أوجبراً.

ومادام المشرع قد استلزم صفة خاصة في الجاني وهي صفة : الموظف، فمعنى أن جناية الاختلاس هي من جرائم اليد الخاصة التي لا تقوم إلا إذا كانت تلك الصفة قد لازمت الفاعل الأصلي في الجريمة، وبعبارة أخرى يلزم أن يكون مرتكب السلوك الإجرامي المكون للجريمة هو موظف عمومي ومن في حكمه، ويترتب على ذلك أن غير الموظف العمومي يستحيل عليه أن يدون فاعلاً في الجريمة وإنما مساهماً تبعياً حتى ولو كان قد أتى سلوكاً يمكن أن يتصل به بصفة الفاعل مع غيره وفقا لقواعد المساهمة الجنائية، كذلك أيضاً مساهمة الموظف العمومي التبعية في الجريمة مع فاعل لا يتصف بصفة الموظف العمومي تستبعد قيام الجريمة التي نحن بصددها وإن كان يمكن أن يكون الفعل أركان جريمة أخرى كالسرقة مثلاً والتي لا تستلزم صفة في فاعلها أو جناية تسهيل وفقاً للمادة 113 عقوبات .

غير أن صفة الجاني باعتبارها ركناً في الجريمة لا تقف فقط عند حد صفة الموظف العمومي ، بل يشترط فوق ذلك أيضاً أن يكون الجاني الذي هو موظف عمومي يتصل بالشئ موضوع الاختلاس اتصالاً وظيفياً بمعنى أن تكون الوظيفة العامة التي يباشرها تتطلب وجود اتصال معين بين الجاني والشئ موضوع الاختلاس، وإذا انتفت تلك الصلة فإنه ينتفي أحد عناصر الجريمة وهي صفة الجاني ، وهذا الشرط مستفاد من أن المشرع اشترط في جريمة الاختلاس أن يكون المال المختلس قد وجد في حوزة الموظف بسبب الوظيفة .

وعليه فيشترط أذن شرطان لتوافر الركن الأول من أركان الجريمة وهو صفة الجاني , وهذان الشرطان هما :

أولاً : كون الجاني موظفاً عمومياً أو من في حكمه .

ثانياً : أن يكون الجاني يباشر نشاطا وظيفيا يستلزم وجود علاقة وظيفية بينه وبين الشيء المختلس .

ومن هنا كانت جريمة الاختلاس المنصوص عليها بالمادة 112 عقوبات هي من جرائم اليد الخاصة بالمعني الضيق تمييزاً لها عن جرائم اليد الخاصة بالمعنى الواسع، فهي تندرج تحت النوع الأول من هذه الجرائم الان المشرع لا يكتفي فيها بتوافر صفة الموظف العمومي في الجاني وإنما يستلزم فوق هذه الصفة أخرى وهي العلاقة بين الخاصة بالمعنى العام يكتفي فيها باشتراط صفة الموظف العمومي في الجاني فقط.

وغني عن البيان أن اشتراط هذين الشرطين إنما يتفق والمصلحة التي أراد المشرع حمايتها بالمادة 112 عقوبات وهى المحافظة على المصلحة المالية لجهة الإدارة وعدم الإخلال بواجب الثقة والأمانة ف ي الموظف الذي يباشر الوظيفة العامة أو الخدمة العامة .

- ثانياً - الركن المادي في الجريمة :

الركن المادي في الجريمة هو عبارة عن سلوك إجرامي يأخذ شكل الاختلاس الأموال أو أوراق أو أمتعة أو غيرها تكون قد وجدت في حوزة الموظف بسبب وظيفته، ولذلك فهو يقوم على عناصر ثلاثة : السلوك الإجرامي ، موضوع السلوك الإجرامي ، الحيازة بسبب الوظيفة .

(1) السلوك الإجرامي ، فعل الاختلاس :

أن السلوك الإجرامي المكون الركن المادي في الجريمة التي نحن بصددها يأخذ صورة الاختلاس، وفعل الاختلاس هنا نأخذه في مفهومه الخاص أي الذي يفترض حيازة سابقة للجاني ، وليس في مفهومه العام أي انتزاع الحيازة المادية للشيء ، ومباشرة ما كان يباشره المالك عليه من حقوق أو بالظهور عليه بمظهر المالك وإن لم يتم التصرف فيه فعلاً .

وقبل أن نبين جوهر فعل الاختلاس نود أن ننبه إلى أن إستعمال عبارة الاختلاس للتعبير عن السلوك الإجرامي في هذه الجريمة ليس دقيقاً ، لأن المعنى الدقيق للاختلاس هو المعنى العام السابق بيانه وهو انتزاع الحيازة فإذا كانت الحيازة قائمة فعلا للجاني فالأصل أننا لا نكون بصدد اختلاس، ولكن نظراً لإستعمال تلك العبارة من قبل المشرع فأنا أطلقنا على فعل الاختلاس هنا اصطلاح الاختلاس بمعناه الخاص تمييزاً له عن الاختلاس بمعناه الدقيق أو العام .

وما دامت الحيازة قد تثبيت للجاني فإن فعل الاختلاس المكون للجريمة التي نحن بصددها أن يكون إلا بمخالفة الغرض من الحيازة إلى غرض أخر متعارض معها بنية تملك الشئ موضوع الحيازة، كأن تكون الحيازة للمال هي بقصد توريد رسوم لصالح الخزانة العامة فيحرزه الجاني بقصد استعماله في منافع شخصية له .

ومعنى ذلك أن الاختلاس هو عبارة عن سلوك بمقتضاه يتم توجيه المال موضوع الحيازة إلى غاية أو هدف يختلف عن الغاية أو الهدف الذي كان المال موجها له من قبل بحكم تعلقه بشخص معين أو جهة معينة، وذلك بنية تملكه .

ولذلك فالاختلاس يفترض أن الشيء أو المال موضوع الحيازة قد سبق توجيهية لغرض معين بمقتضى علاقة قانونية، وهذه العلاقة القانونية قد تجد مصدراً لها في قاعدة قانونية في أي فرع القانون سواء أكانت تشريعية أم عرفية، بمعنى أن الحيازة من قبل الموظف العمومي يجب أن تستند إلى علاقة قانونية يحميها النظام القانوني، ولعل هذا هو الذي يقدم اشتراط أن يكون التسليم قد تم بسبب الوظيفة كما سنرى بعد قليل .

يترتب على ذلك أن الاختلاس ما هو إلا السلوك الذي يغير به الجاني المال المرصود لغاية معينة إلى غاية أخرى متعارضة مع الغاية الأولى ، ومثال ذلك أن يقوم محصل الكهرباء بتغيير وجهة المال المسلم إليه لصالح الإدارة العامة سداداً لقيمة استهلاك الكهرباء إلى غرض يتعارض تماماً وهو المنفعة الشخصية المعارضة بالضرورة مع المصلحة العامة لجهة الإدارة .

وإذا كان الاختلاس هو سلوك يغير به الجاني من وجهة المال أو الشئ التحقيق غرض معين إلى وجهة أخرى لتحقيق آخر خلاف، ما رصد لسه المال أو الشئ أصلاً ، فلكي يتوفر لهذا السلوك وجوده ومقوماته لابد من توافر عنصرين : الأول سلبي ، والثاني إيجابي .

ويتحقق العنصر السلبي بقيام الجاني باحتباس الشيء ومنعه من الهدف الأساسي الذي رصد له أصلاً، أما العنصر الايجابي للسلوك فهو عبارة عن التوجيه الفعلي للشئ أو المال لغرض آخر متعارض م ع الغرض الأول للمال محل الاختلاس و الذي يجب أن يكون بالضرورة لمصلحة الجاني أو لمصلحة الغير .

وتوافر هذين العنصرين أمر لازم لتوافر الاختلاس كسلوك إجرامي ، سواء تشكل الاختلاس في صورة امتلاك للشئ ومباشرة ما للمالك على الشيئ من حقوق أو تشكيل في صورة الإستفادة الشخصية عن طريق توجيهه لغرض آخر يحقق منفعة الجاني أو للغير ، ومثال ذلك قيام موظف بإحدى الجمعيات التعاونية الزراعية باستلام أسمدة كيماوية بأسماء وهمية وبيعها لحسابه أو قيامه بصرف أسمدة لغير المستحقين .

وجدير كان سلوى الاختلاس يتطلب توافر عنصرين أحدهما سلبي والآخر إيجابي فإن تخلف أحد هذين العنصرين ي ترتب عليه تخلف الاختلاس كسلوك إجرامي . فلو تخلف العنصر الإيجابي وهو التوجيه الفعلي للمال لغرض خاص متعارض مع الغرض العام فلن نكون بصدد سلوك اختلاس، مثال ذلك فقد المال أو الشئ بسبب إهمال الموظف، فالفقد هنا يحقق العنصر السلبي، إلا أنه نظراً لعدم وجود عنصر إيجابي فلا نكون بصدد سلوك اختلاس، كذلك أيضاً لو قصد الجاني إخفاء المال المالي أو الأوراق التي بحوزته كي يتفادى القيام بعمل معين في لحظة معينة أو للإيقاع بأحد زملائه في العمل لا يعتبر اختلاساً نظراً لأن المال أو الشئ لم يتم توجيهه لتحقيق غرض آخر متعارض مع الأول ولمصلحة الجاني .

وتظهر أهمية اللحظة الإيجابية في التفرقة بين الاختلاس كسلوك إجرامي للجريمة التي نحن بصددها وبين الإتلاف، ففي الإتلاف يتحقق العنصر السلبي للسلوك وهو حرمان جهة الإدارة من المال أو الشيء ومنافعه التي رصد لها دون توجيه إيجابي لتلك المنافع لتحقيق غرض خاص بالجاني متعارض مع الغرض الأول، ولذلك فالإتلاف يقوم فقط بالعنصر السلبي للاختلاس يتطلب لحظة إيجابية تتواجد بالضرورة إلى جانب اللحظة السلبية ، اللهم إلا إذا أمكن الاستخلاص من ظروف الواقعة أن فعل الإتلاف إنما يعبر عن العنصر الإيجابي للاختلاس بإعتبار أن به يحقق الجاني منفعة له من الشئ متعارضة مع الغرض الأصلي منها، مثال ذلك أن يقوم الجاني بإتلاف مستند يثبت إدانته أو يثبت خطأ إدارياً وقع فيه، وذلك طالما أن الإتلاف هو الوسيلة الوحيدة الاستفادة الموظف من المال أو الشئ .

الاختلاس لنفس الموظف أو لغيره :

إذا كان الاختلاس هو ذلك السلوك الإجرامي الذي به يغير الجانى الغرض المرصود له المال أو الشيء محل الحيازة إلى غرض خاص وذلك عن طريق التوجيه الفعلي للمال لتحقيق الغرض الخاص ، فإن الغاية من هذا السلوك ، وهي تحقيق الغرض الخاص ، هي التي تحدد توافر أو عدم توافر الاختلاس كسلوك إجرامي، ذلك أن الاختلاس بالتحديد السابق معناه حرمان المالك من الشيء أو المال موضوع الحيازة، ذلك أن توجيه المال لغرض آخر متعارض مع الغرض الأول مفاده سلب منافع الشيء من صاحب الحق فيها وتوجيهها لآخر ليس له مثل ذلك الحق .

وعلى ذلك الاختلاس يفترض دائماً أن التوجيه الثاني للشيء إنما هو لمصلحة شخص آخر خلاف صاحب الشأن في التوجيه الأول، ولذلك لا نكون بصدد اختلاس إذا كان توجيه المال لغرض أخر إنما هو لمصلحة جهة الإدارة ذاتها التي كان المال موجها لصالح أغراضها منذ البداية.

فالضرر المكون النتيجة غير المشروعة في الاختلاس ينحصر في حرمان جهة الإدارة من المنافع التي رصد المال لتحقيقها، ويقابل هذا الضرر العائد على جهة الإدارة منفعة لشخص آخر أو لجهة أخرى خلاف جهة الإدارة صاحبة الشأن، وهنا يثور السؤال الآتي : هل يلزم أن تكون المنفعة الناتجة عن الاختلاس في فقط للموظف الجاني ، أم أنه يكفي أن يكون الموظف قد ارتكب سلوكه الإجرامي بقصد تحقيق منفعة خاصة لشخص أخر خلافة ؟ .

لم يرد بنص المادة ما يفيد الإجابة على هذا السؤال، وفي رأينا أنه يستوي لتوافر الاختلاس أن يكون الفعل قد ارتكب للحصول على فائدة النفس الجاني أو غيره. فالنتيجة غير المشروعة في جريمة الاختلاس هي حرمان جهة إدارة من المال أو الشئ موضوع الاختلاس أو الناتج عنه، ويستوي بعد ذلك أن تكون الفائدة المقابلة للضرر العائد على جهة الإدارة قد اختص بها الموظف نفسه أو انه منحها لغيره، فيرتكب جناية الاختلاس المنصوص عليها بالمادة عقوبات موظف حسابات وزارة الشئون الاجتماعية الذي يصرف إعانة لشخص لم يرد اسمه في كشوف المستحقين للإعانات الشهرية، وكذلك رئيس الحسابات الذي بأمر بصرف استمارة مكافأة لأحد الموظفين عن عمل وهمي مع علمه بذلك يرتكب جناية الاختلاس المنصوص عليها بالمادة السابقة . 

الاختلاس ونية التملك والتلازم بينهما :

يشترط للوجود القانوني الاختلاس أن يكون هناك تلازم بين الاختلاس ونية التملك . بمعنى أنه لا يتصور فعل الاختلاس ، دون نية التملك ، أي نية إضافة الشئ إلى ملك الجاني والتصرف فيه تصرف المالك، يترتب على ذلك أنه لكي يقوم فعل الاختلاس يجب أن يكون توجيه المال للغرض الخاص معبراً عن نية التصرف فيه تصرف المالك .

فنية التملك في الاختلاس هي عنصر نفسي من عناصر السلوك الإجرامي ذاته ، فالفعل المادي الذي يغير به الجاني الغرض من الشيء أو المال إلى غرض آخر متعارض مع الأول يجب لكي يمكن اعتبره اختلاساً أن تكون نية التملك هي المرافقة لذلك منذ اللحظة السلبية عنه حتى تمام لحظته الإيجابية، و عدم توافر هذه النية يبنى عليه عدم توافر الركن المادي الجريمة وليس الركن المعنوي ، فنية التملك ليست قصد خاصا يتواجد إلى جانب القصد العام الجنائي وإنما هي عنصر نفسي من عناصر السلوك، وتفصيل ذلك هو أن سلوك الاختلاس هو من تلك الطائفة من السلوك التي تقوم بعد إجراء عملية تكييف قانوني، فالسلوك المادي المجرد لا يمكن تكييفه بأنه اختلاس من عدمه لأنه يحمل أكثر من ذلك مثلاً حمل الأشياء والسير بها، مثل هذا السلوك المادي لا يمكن أن يستشف منه صفة الاختلاس كسلوك إجرامي إلى أن هذه الصفة لا تأتي إلا بعد إجراء عملية تكييف يدخل في تكوينها الاتجاه النفسي للشخص ، فإذا كان الجاني يحمل هذه الأشياء بنية تملكها كان اختلاساً ، وإن كان بنية استعمال لم يكن بصدد جريمة كما سنرى ، وإذا كان بنية إعدامها وتلافها كنا بصدد سلوكها إجرامي آخر.

من هذا ينتج أن نية التملك هي عنصر نفسي يدخل في تركيب السلوك الإجرامي الذي نطلق عليه اختلاساً .

نخلص مما سبق أن نية التملك وتوجيه المال أو الشئ لتحقيق غاية خاصة متعارضة مع الغاية المرصود لها المال اصلاً يجب توافرهما معاً قيام الاختلاس كسلوك إجرامي للجريمة التي نحن بصددها.

فتوجيه المال إلى غرض خاص وحده لا يكفي ، كما أن نية التملك وحدها لا يكفي لتوافر الاختلاس طالما أن هذه النية جاءت عارية من أي مضمون مادي يعبر عنها في العالم الخارجي، ومن ثم فيلزم أن يباشر الجاني فعلاً من أفعال السيطرة على الشئ يتعارض مع سند الحيازة.

وهذا الذي نقول به يخالف الإتجاه السائد فقها وقضاء في مصر والذي بمقتضاه يتوافر الإخلاص بمجرد تغيير النية، والواقع أن هذا الاتجاه يتعارض مع مبدأ أساسي وجوهري في التشريع الجنائي والذي مؤداه أنه لا جريمة دون سلوك مادی يأخذ شكل الفعل الإيجابي أو الإمتناع، والنية الإجرامية وحدها لا تكفي لتكوين جريمة معاقب عليها إلا إذا تمثلت هذه النية في شكل سلوك مادی خارجی سواء أكان فعلاً إيجابياً أم امتناعاً وعلى ذلك فإنه بمجرد تغيير الموظف نيته من الحيازة الناقصة للشئ إلى الحيازة  الكاملة لا يعتبر اختلاساً طالما أنه لم يرتكب سلوكا يعبر به عن تلك النية ، ويعتبر مظهراً من مظاهر السيطرة على الشئ كما لو كان المالك له، فالموظف المختص بتحصيل رسوم الإشتراك التليفونی بمصلحة التليفونات الذي ينوي اختلاس الأموال التي يحصلها وذلك عند انتهاء مواعيد العمل بامتناعه عن توريدها للخزانة والخروج بها من المصلحة ، هذا الموظف لا يمكن اعتباره مختلساً لمجرد أنه غير نيته منذ مجيئه إلى عمله في الصباح فعلاً، فلا يوجد سلوك يعتبر اختلاسه حقيقة وجدت النية إلا أن اللحظة السلبية واللحظة الإيجابية للسلوك المادي ل م يتوافر أي منها فالمال مازال في حوزة الإدارة فلم تحرم منه بعد ، كما أن الجاني لم يباشر عليه أي سلوك يفيد السيطرة عليه ويوجهه إلى غرض آخر خلاف ما هو مرصود له، وإنما هذا الموظف يعتبر مختلساً إذا قام فعلاً بدفع دين عليه لأحد زملائه من المال المحصل أو إذا امتنع عن توريد الحصيلة إلى الخزينة في اللحظة التي يتعين عليه فيها ذلك، فهنا يكون السلوك المادي للاختلاس قد توافر ورافقته نية التملك ، وبالتالي يعتبر الفعل في مجموعة مكوناً للاختلاس .

ولعل الذي أثار هذا الإختلاف في وجهات النظر هو أن الموظف الحائز للشئ حيازة ناقصة ويغير نيته إلى الحيازة الكاملة أو التملك إنما يرتكب في الكثير من الأحيان سلوكاً سلبياً يتمثل في الإمتناع عن الرد أو التوريد، وهذا السلوك السلبي هو الذي أدى إلى وجود هذا الغموض لأن الظاهر في العالم الخارجي هو نية التملك حقيقة، ولكنا ن رى أن هذا السلوك السلبي المتمثل في الإمتناع عن الرد أو التوريد هو نفسه السلوك الذي يغير به الجاني من الغرض المرصود له المال إلى غرض آخر خاص بنية تملكه، هذا السلوك السلبي بعبارة أخرى هو المظهر المادي للسيطرة على الشئ والذي يكون اختلاساً ما رافقته نية التملك فالجريمة في مثل تلك الفروض تعتبر من جرائم الإرتكاب بالامتناع .

(ب) موضوع السلوك الإجرامي :

الموضوع المادي للسلوك الإجرامي يشمل أية أموال أو أوراق أو غير ذلك من المنقولات التي وجدت في حيازة الموظف بسبب الوظيفة ، ويستوي أن يكون المال أو الأوراق مملوكة للدولة أو لأفراد.

لذلك يمكن أن يندرج تحت الموضوع المادي للسلوك الإجرامي الأموال سواء أكانت نقوداً أم منقولات قابلة للتقويم النقدي، كذلك أيضاً المنقولات سواء بطبيعتها أو بصيرورتها كذلك بالإنفصال وينسحب ذلك على القوى المختلفة والطاقة الكهرباء، ولا يلزم أن يكون الموضوع المادي للسلوك الإجرامي له قيمة حالية ، بل يكفي إمكان اكتساب تلك القيمة مستقبلاً .

ويندرج تحت الموضوع المادي للسلوك الأوراق أيا كانت والمستندات والقرارات ، أما الحقوق والخدمات فلا تندرج تحت الاختلاس و إنما يشكل الإعتداء عليها جريمة أخرى، فعبارة الأموال والأوراق يدخل شی مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية .

ج) حيازة الموضوع المادي للسلوك بسبب الوظيفة :

يشترط لتوافر الركن المادي في جناية الاختلاس أن يكون المال أو الأوراق موضوع السلوك الإجرامي قد وجدت في حيازة الجاني بسبب الوظيفة، وقد اختلف الفقه حول مفهوم الحيازة بسبب الوظيفة، غير أن الراجح هو أن الحيازة تنصرف إلى مدلولها القانوني الدقيق كما تنصرف إلى مجرد السيطرة المادية التي تسمح بتوجيه الشئ إلى الأغراض التي من أجلها وجد في حوزة الموظف، ومعنى ذلك أن الحيازة تحمل على مفهومها العام الواسع والذي بمقتضاه يملك الجاني السلطة أو المكنة التي تسمح له بالتصرف فيه بمقتضى عمل داخل في اختصاصه الوظيفي، ولذلك إذا وجد المال تحت يد الموظف ولكنه لا يستطيع توجيهه بمقتضى عمل داخل في نطاق اختصاصه الوظيفي فلا يوجد تسليم بسبب الوظيفة، فمن يأنس إلى رجل شرطة بمحطة السكك الحديدية ويسلمه حقيبته ريثما يجري اتصالاً تليفونياً فلا يتوافر التسليم بسبب الوظيفة، ومعنى ذلك أن التسليم بسبب الوظيفة ينصرف إلى تواجد المال في حوزة جهة الإدارة بمقتضى رابطة قانونية تحقق التعلق بجهة الإدارة للمال، ويستوي أن يكون المال أو الشئ قد سلم إلى الموظف تسليماً مادياً أو وجد بين يديه بمقتضى وظيفته، ومعنى ذلك أن الحيازة قد تتحقق بالتسليم المادي للشئ كما قد تتحقق بإتخاذ إجراء من قبل الموظف المختص بمقتضاه تنتقل الحيازة قانوناً إلى جهة الإدارة التي تحوزه بواسطة موظفيها، ولذلك قضى بأن أمين شونة بنك التسليف المكلف بمقتضى وظيفته استلام ما يرد الشونة من محاصيل الحساب الحكومة وإبقائها في عهدته إلى أن يتم طلبها والتصرف فيها إذا أثبت في دفاتر الشونة قيام أخر بتوريد البضائع وادخلها بذلك في ذمة الحكومة وأصبحت في عهدته فإن اختلاسها يقع تحت نص المادة 112 عقوبات ولو لم تدخل الشونة فعلاً .

ولا يكفي وجود المال أو الشيء في حيازة الموظف الجاني ، بل يلزم أن تكون تلك الحيازة بسبب الوظيفة، ويتحقق سبب الوظيفة إذا كانت حيازة الشيء من مقتضيات العمل أو أنها تدخل في اختصاص الموظف استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمداً من القوانين واللوائح، وقد جرى قضاء النقض على أن وجود المال موضوع الاختلاس في حوزة الجاني بمناسبة الوظيفة وليس بسببها لا يكفي لقيام جناية الاختلاس .

النتيجة غير المشروعة تتحقق بتغيير العلاقة الخاصة بالشئ بالنسبة للجاني وذلك بتصرف في الشئ ، كما لو كان مالكه أو بنقصان التوريد في الموعد المحدد دون تبرير قانونی .

ولذلك فإن الجريمة تعتبر تامة بالتصرف في الشئ تصرف المالك سواء بالتصرف الفعلي بنقل حيازته إلى الغير أو بحجبه عن جهة الإدارة وقد ذهبت بعض أحكام النقض إلى أن الاختلاس يتم متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوز بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له ، وإن لم يتم التصرف فعلاً فيه . غير أن هذا القضاء محل نظراً بإعتبار أن السلوك المادي هو الأساس الذي تبنى عليه أية جريمة ، ولا يكفي مجرد تغيير النية طالما أن المال أو الشئ ما زال تحت سيطرة الإدارة ، ذلك أن الحيازة بالمعنى الدقيق لا تثبت للموظف وإنما لجهة الإدارة التي تحوز بواسطة موظفيها ، ومن ثم فلا يكفي مجرد تغيير النية ، ولذلك فإن الحق في جانب قضاء النقض الذي ذهب إلى أن التصرف في المال الذي يقوم به الاختلاس هو معنى مركب من فعل مادی - وهو التصرف في المال ومن عامل معنوى يقترن به ، وهو نية إضاعة المال على ربه .

الشروع في الاختلاس :

يذهب الفقه الغالب والقضاء إلى أن الشروع في الاختلاس غیر منصور وذلك استنادا إلى أن جريمة الاختلاس تتم بمجرد تغيير النية، غير أننا نرى أنه طالما قام الاختلاس على سلوك مادی بمقتضاه يتم تغيير الغرض المرصود له المال من المصلحة العامة إلى المصلحة الخاصة ، فإن الشروع متصور، ومثال ذلك قيام أمين المخزن بالاتفاق مع آخرين على إحضار سيارة لتحميل بضائع في عهدته وضبط الجريمة أثناء تحميل السيارة وقبل خروجها من سيطرة الجهة الإدارية .

- الركن المعنوي :

جريمة الاختلاس هي من الجرائم العمدية التي تقوم على القصد الجنائي بعنصرية : العلم والإرادة، والعلم ينصرف إلى العنصر المكونة للواقعة، فيلزم أن يعلم الجاني بصفة المال وكونه في حيازته بسبب الوظيفة، أما بالنسبة للعلم بصفة الجاني وكونه موظفاً عمومياً فقد قضت محكمة النقض بأن صفة الجاني أو صفة الوظيفة بالمعنى الواسع الذي أخذ به قانون العقوبات هي الركن المفترض في جناية الاختلاس تقوم بقيامها في المتصف بها، ولا يشترط أن يثبت الحكم توافر العلم بها لدى الجاني كما مستاهل للعقاب، اعتباراً بأن الشخص يعرف بالضرورة ما يتصف به من صفات .

وهذا محل نظر بإعتبار أن الفقه الراجح يرى أن مفترضات الجريمة ما هي إلا أركان للواقعة محل التجريم فينبغي العلم بها . وليس بمستغرب أن يجهل الجاني صفته الوظيفية كما لو كان قد فصل وتظلم من قرار الفصل وأعيد إلى الخدمة بقرار من الجهة المختصة وارتكب الجريمة قبل إخطاره بسحب قرار الفصل، وكانت هناك أموال في عهدته اختلسها، ولذلك فإن العلم بالصفات المتطلبة كعناصر للواقعة محل التجريم هو شرط لتوافر القصد الجنائي.

نص المشرع على العقوبة المقررة للجريمة في صورتها العادية ، كما نص على عقوبة مغلظة في صورتها المشددة و أخرى مخفضة جوازية في صورتها المخففة حسب التفصيل الأتي :

أولاً - العقوبات المقررة لجريمة الاختلاس في صورتها المادية :

1- العقوبات الأصلية :

هي السجن المشدد، ونظراً لعدم تحديد العقوبة في حدها الأدنى والأقصى فيكون للمحكمة سلطتها التقديرية بين الحدين الأدنى والأقصى العامين أي من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة، ويجوز للمحكمة أن تنزل عن الحد الأدني بالتطبيق للمادة 17 عقوبات إذا رأت معاملة المتهم بالرأفة.

2- العقوبات التكميلية :

أ) الرد :

يجب الحكم على الجاني برد الأموال والأشياء المختلسة ، إذا لم يكن قد ردها قبل الحكم ، فإذا حدث الرد قبل الحكم فلا موجب للحكم بالرد.

ب) الغرامة النسبية :

يجب الحكم على الجاني بغرامة نسبية تساوي قيمة ما اختلسه وبحمد أنني خمسمائة جنيه، بمعنى أنه لو كانت قيمة المختلس أقل من خمسمائة جنيه فيتعين الحكم بغرامة خمسمائة جنيه، والغرامة النسبية يجب الحكم بها حتى ولو كانت المحكمة قد نزلت بالعقوبة عن حدها الأدنى إستعمالاً للمادة 17 عقوبات، ويجب الحكم بالغرامة النسبية ولو تم ضبط الأشياء المختلسة.

ويلاحظ أن الغرامة النسبية هي عقوبة ذات طبيعة خاصة لا يحكم بها وفقاً للمادة 918 إلا على الموظف العمومي ومن في حكمه أو بناءً على نص خاص كما هو الحال بالنسبة للشريك في بناية إذا توافرت شروط المادة 44 عقوبات.

3- العقوبة التبعية :

يترتب على الحكم بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد عزل الجاني وظيفته أو زوال صفته النيابية .

ثانياً : العقوبة المقررة للجريمة في دورتها المغلظة : شدد المشرع في المادة 2/ 112 العقوبة الأصلية المقررة للجريمة بأن جعلها السجن المؤبد إذا توافر في الجريمة ظرف من الظروف الآتية :

1- إذا كان الجاني من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة، وتتحدد تلك الصفة بمقتضى القوانين اللوائح أو القرارات أو الأوامر الصادرة من الرؤساء، ويشترط لتوافر الظرف المشدد أن يكون المال المختلس قد سلم إلى الجاني ليس فقط بوصفه موظفاً عمومياً وإنما بوصفه موظفاً مكلفاً بالتحصيل أو أمينا على الودائع أو صرافاً .

2- إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة التزوير أو استعمال محرر مزوراً ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ويتحقق الارتباط غير القابل للتجزئة إذا كانت جريمة التزوير ما كانت لترتكب لولا إرتكاب الاختلاس، بمعنى أن تكون جريمة التزوير أو الإستعمال قد وقعت الإخفاء جريمة الاختلاس، ويستوى، أن تكون لاحقة لها أو سابقة عليها.

3- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن الحرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها، ولا يكفي للتشديد وقوع الجريمة في زمن الحرب وإنما يلزم أن يكون ارتكابها قد أضر فعلاً بمركز البلاد الاقتصادي أما بتحميلها بأعباء اقتصادية أو بإخلالها بخطتها الاقتصادية، ويتساوى مع الإخلال بالمركز الاقتصادي الإضرار بمصلحة قومية للبلاد، والمصالح القومية هو اصطلاح يتسع ليشمل ما يتعلق بالدولة كتنظيم سياسي و اجتماعي و اقتصادي.

ويحكم إلى جانب الأشغال الشاقة المؤبدة بالعقوبات التكميلية المتمثلة في الرد والغرامة النسبية ، كما تطبق أيضاً العقوبات التبعية للحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، كما يجوز للمحكمة أن تقضي بكسل أو بعض التدابير المنصوص عليها في المادة 118 مكرر والسابق بيانها.

وغني عن البيان أن جريمة الاختلاس في صورتها المغلظة لا تحول دون سلطة المحكمة في استعمال ظروف الرأفة بالتطبيق للمادة 17 عقوبات. (قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة: 255)

 

أركان الجريمة

تقوم هذه الجريمة على أركان أربعة: صفة الجاني، ومحل الجريمة، .

والركن المادي، ثم الركن المعنوي.

صفة الجاني

لا تقع الجريمة إلا من شخص توافرت فيه صفة الموظف العام في معنى المادة 119 مكرراً، والذي يضم القائمين بأعباء السلطة العامة، والعاملين في الدولة ووحدات الإدارة المحلية، ومن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، وأفراد القوات المسلحة، والمفوضين من إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين، والعاملين في الجهات التي تعتبر أموالها أموالاً عامة وفقاً للمادة 119 ع، والمكلفين بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة.

ويشترط أن تكون الصفة قائمة وقت وقوع الفعل ولو انحسرت عنه بعد ذلك، وإذا تحقق هذا الشرط فإنه يستوي بعد ذلك أن تكون الوظيفة دائمة أو مؤقتة، بأجر أو بدون أجر، طواعية أو جبراً (م 119 مكرراً).

فإذا انتفت صفة الموظف العام لدى الجاني لا تقع الجريمة محل البحث، فإن كان الجاني فرداً عادياً، وكان المال في حوزته بناءً على عقد من عقود الأمانة وقعت جريمة خيانة الأمانة، أما إذا كان الجاني رئيساً أو عضواً لمجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو مديراً أو عاملاً بها خضع لنص المادة 113 مکرراً ووقعت عليه عقوبة أخف من العقوبة المقررة للموظف العام. 

محل الجريمة

يجب أن يكون محل الجريمة أموالاً أو أوراقاً أو غيرها وجدت في حيازة الموظف بسبب وظيفته، ويقتضي ذلك البحث في أمرين: طبيعة المال محل الجريمة، ووجوده في حيازة الموظف بسبب وظيفته.

- أولاً - طبيعة المال محل الجريمة :

يقصد بالأموال أو الأوراق أو غيرها كل «مال» أي كل شيء يصلح محلاً لحق من الحقوق.

ويستوي أن يكون للمال محل الاختلاس قيمة مادية أو معنوية، وبناء على ذلك قضى باعتبار الخطابات الموجودة في حيازة طواف البريد محلاً لجريمة الاختلاس على الرغم من أن قيمتها قد تكون معنوية فحسب كذلك يستوي أن تكون قيمة المال كبيرة أو ضئيلة.

ولم يتطلب المشرع أن يكون المال من الأموال العامة في المعنى الذي حددته المادة 119 من قانون العقوبات، كما فعل في جريمة المادة 113 عقوبات، فيستوي أن يكون محل الجريمة مالاً عاماً أو مالاً خاصاً مملوكاً للأفراد وتفسير ذلك أن المشرع لا يستهدف بالتجريم في هذا النص حماية الأموال العامة فحسب، وإنما برمی، فضلاً عن ذلك، إلى حماية الثقة في أمانة الموظف الذي يعمل باسم الدولة  وعلى ذلك تقع الجريمة إذا اختلس معاون محطة السكة الحديد الأخشاب الخاصة بأحد المسافرين التي سلمت إليه بعد سقوطها من القطار ، أو إذا اختلس موظف بقلم تمغة المصوغات بعض المصوغات التي سلمها إليه الصياغ لمراجعتها قبل تمغها.

- ثانياً : وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته :

يشترط المشرع لوقوع الجريمة أن يكون المال موجوداً في حيازة الموظف بسبب وظيفته. ويقتضي ذلك توافر شرطين: الأول، أن يكون المال في حيازة الموظف، والثاني، أن يكون ذلك بسبب وظيفته.

1- وجود المال في حيازة الموظف: يكتفي المشرع - وفقاً للتعديل الذي أدخل على نص المادة 112 بمقتضى القانون رقم 63 لسنة 1975- بأن يكون المال موجودا في حيازة الموظف، ولا يشترط أن يكون ذلك بناءً على تسليمه له فيستوي أن يكون المال قد سلم إليه تسليما مادياً، أو وجد بين يديه بمقتضى وظيفته إذ تقوم الجريمة ولو كان الموظف هو الذي أخذ الشيء دون إرادة صاحبه، طالما أن ذلك كان أداء الأعمال وظيفته، مثال ذلك مأمور الضبط القضائي الذي يقوم بتفتيش منزل متهم، فيضبط أشياء تفيد في كشف الحقيقة، فإذا اختلس هذه الأشياء وقعت بفعله الجريمة.

والمقصود بالحيازة في هذا النص الحيازة الناقصة التي تفترض التزام الموظف بالمحافظة على المال وتسليمه إلى من يعينه القانون، أو استعماله أو التصرف فيه على النحو الذي يحدده القانون ويترتب على ذلك أن الجريمة لا تقع إذا كان المال في حيازته الكاملة، كالموظف الذي يتسلم مالاً كمرتب أو مكافأة له، أو كان تحت يده العارضة، كالساعي الذي يكلف بنقل المال من مكان إلى آخر، أو كان في متناول يده، كالمرؤوس الذي يدخل غرفة رئيسة فيستولي على بعض ما فيها .

ولما كان شرط حيازة الموظف الناقصة للمال شرطاً ضرورياً لقيام الجريمة فإن دفع الموظف المتهم بالاختلاس بعدم حيازته للمال يعتبر دفعاً جوهرياً يجب أن ترد عليه المحكمة، وإلا كان حكمها بالإدانة مشوباً بالقصور.

2- أن تكون حيازة الموظف للمال بسبب وظيفته :

تشترط المادة 112 من قانون العقوبات لقيام جريمة الاختلاس أن تكون الأموال محل الجريمة موجودة في حيازة الموظف بسبب وظيفته، فلا تتحقق الجريمة إلا إذا كان وجود المال المختلس في حيازة الموظف من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص المتهم الوظيفي، استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه، أو مستمداً من القوانين واللوائح .

وإذا تحققت صلة السببية بين الحيازة ومقتضيات وظيفة المتهم، فإن الجريمة تقع ولو كانت حيازة المال بسبب الوظيفة قد انطوت على مخالفة - للقانون، كما لو كانت الحيازة بناء على أمر صدر من موظف غير مختص، أو كانت بناءً على تفتيش أجراه مأمور الضبط دون صدور إذن من النيابة كذلك تتحقق الجريمة ولو كان الموظف لم يقيد المال الذي يحوزه في دفاتره الرسمية  أو كان قد تسلم المال دون أن يعطى عنه إيصالاً، أو أعطى عنه إيصالاً عرفياً، أو كانت الحكومة قد حصلته مرة أخرى على أساس أنه لم يصل خزانتها.

الركن المادي:

يقوم الركن المادي لهذه الجريمة بفعل الاختلاس، وهو يتحقق بكل سلوك يعبر عن تغير نية الموظف من نية حيازة الشيء حيازة ناقصة إلى نية تملكه، فيستوي في وقوع الاختلاس أن يتصرف الجاني في المال بإعتباره مالكاً له، كما لو باعه أو رهنه أو استهلكه، أو أن يضيفه إلى ملكه ويظهر عليه بمظهر المالك دون أن يتصرف فيه فعلاً، كما لو أخفاه وأنكر تسلمه، أو ادعى ضياعه أو سرقته، أو عرضه للبيع أو الرهن، أو أودعه بإسمه في أحد المصارف، ويتضح من ذلك أن هناك ارتباطاً بين فعل الاختلاس ونية التملك وقد عبرت محكمة النقض عن هذا المعنى في تعريفها للاختلاس بأنه «تصرف الجاني في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال، ومن فعل قلبي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه» وتطبيقاً لذلك قضت بتحقق الاختلاس إذا كان المتهم وزميله - وهما مستخدمان بإدارة البوليس الحربي - قد نقلاً جزءاً من البطاريات المسلمة إليهما بسبب وظيفتهما إلى منزل شقيق المتهم الأول، إذ أن هذا التصرف يكفي لثبوت التغيير الطارئ على نية الحيازة من نية الحيازة الناقصة إلى نية التملك.

ولما كان الاختلاس يقع بكل سلوك يعبر عن تحول نية الموظف إلى تملك الشيء، فالشروع لا يتصور فيه، لأن الفعل إما أن يدل على هذا التحول فتقع الجريمة تامة، وأما ألا يدل على ذلك فلا تقع الجريمة إطلاقاً .

- الركن المعنوي

يتخذ الركن المعنوي في جريمة الاختلاس صورة القصد الخاص، وهو يتكون من عنصري العلم والإرادة، فيجب أن ينصرف علم الجاني إلى أن الشئ محل الاختلاس مملوك للغير، وإلى أنه قد تسلمه بسبب وظيفته، وأن تتجه إرادته إلى تملك هذا الشيء وحرمان مالكه منه  وعلى ذلك ينتفي القصد الجنائي إذا كان الجاني معتقداً وقت تصرفه في الشيء أنه مملوك له، أو كان يجهل أنه قد تسلمه بسبب وظيفته، أو كانت نيته قد انصرفت إلى إستعمال الشيء ثم رده.

ولا تأثير للباعث على القصد الجنائي، فالباعث ولو كان نبيلاً لا ينفي توافر القصد.

ومن المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن نية الاختلاس، بل يكفي أن يورد الحكم الوقائع والظروف التي تدل على توافر القصد الجنائي.

العقوبة:

جعل المشرع العقوبة الأصلية لجريمة الاختلاس هي السجن المشدد المادة 1/ 112 ع)، وقرر بالإضافة إليها وجوب توقيع عقوبتين تكميليتين هما عزل الموظف العام أو زوال صفته، والغرامة النسبية، فضلاً عن وجوب الحكم بالرد وهو جزاء مدنی (م 118 ع).

والعزل قد يكون مؤبدا وذلك إذا حكم على الموظف بعقوبة جناية (م 25ع)، كما إذا حكم عليه بالعقوبة المقررة في نص المادة 112 وهی السجن المشدد، أو إذا اقتضت أحوال الجريمة رأفة القضاء فبدلت هذه العقوبة بعقوبة السجن وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات، أما إذا هبطت المحكمة، إعمالاً للمادة 17، بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة الحبس الذي لا ينقص عن ستة أشهر فإن العزل يكون لمدة مؤقتة لا تقل عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه (م 27 ع).

أما زوال الصفة فيوقع على الأشخاص الذين لا يعتبرون موظفين عموميين في المعنى الدقيق، ومع ذلك أدخلهم المشرع في نطاق الفئات التي أدرجها في عداد الموظفين العامين في حكم الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون (العقوبات وفقاً للمادة 119 مکرراً ع) من ذلك رؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، والمفوضون من إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين.

وفيما يتعلق بالغرامة، فقد حددها المشرع في (المادة 118 ع) بأن تكون مساوية لقيمة ما اختلسه الموظف بشرط ألا تقل عن خمسمائة جنيه، وهي غرامة نسبية، فلا تتعدد بتعدد المتهمين وإنما يكون المتهمون متضامنين في الإلتزام بها ما لم يقض الحكم بإلزام كل منهم بنصيب معين منها (م 44 ع) .

أما الرد فهو ليس عقوبة، وإنما جزاء مدنی، فهو تعويض للمجني عليه أوجب المشرع على المحكمة الجنائية الحكم به من تلقاء نفسها تيسيراً للإجراءات، وذلك خلافاً للقاعدة العامة التي تفرض المطالبة بالتعويض الإمكان الحكم به، ولذلك فإنها لا تحكم به إذا كان الشيء المختلس قد تم ضبطه، أو كان الجاني قد قام برده وإذا تعدد الجناة وجب الحكم عليهم بالرد على سبيل التضامن (م 169 من القانون المدنى).

الظروف المشددة

نصت المادة 112 من قانون العقوبات على ثلاثة ظروف يترتب على توافر أي منها تشديد العقوبة الأصلية إلى السجن المؤبد، مع بقاء العقوبات التكميلية والرد دون تغيير إذا كان الجاني من مامورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة، وسلم إليه المال بهذه الصفة .

مأمور التحميل: يقصد بمأمور التحصيل كل موظف مختص تحصيل أموال لحساب الدولة، مثال ذلك الموظف المختص بتحصيل رسوم الزواج، وليس بشرط أن يكون مصدر هذا الاختصاص هو القانون، وإنما قد يكون مصدره اللائحة أو الأمر الكتابي أو الشفهى الصادر من الرئيس، بل إنه يكفي عند توزيع الأعمال في المصلحة الحكومية أن يقوم الموظف بعملية التحصيل إذ أن في قيامه بذلك وتسلمه دفاتر قسائم التحصيل ما يكسبه هذه الصفة، ما دام لم يدع بأنه أقحم نفسه على العمل وأنه قام به متطفلاً أو متفضلاً أو فضولياً، سواء بتهاون من رؤسائه أو زملائه أو بإعفاء منهم.

المندوب للتحصيل: هو موظف ليس مختصاً أصلاً بتحصيل الأموال الحساب الدولة، وإنما يوكل إليه ذلك عادة أو عرضاً باعتباره نائباً عن مأمور التحصیل مثال ذلك مساعد الصراف، وكاتب الإدارة بالمركز، وكاتب السجن، وكاتب الجلسة بمحكمة الجنح بالنسبة لتحصيل الغرامات ورسوم القضايا .

الأمين على الودائع: يقصد به الموظف الذي يختص بحفظ وصيانة الأموال المملوكة للدولة أو للأفراد، أي الموظف المؤتمن بحكم وظيفته على مال معین، سواء أكان هذا هو اختصاصه الوحيد أو كان واحداً من عدة اختصاصات له، وسواء كان يتولى هذا العمل بصورة أصلية أو بصورة تبعية عارضة  مثال ذلك وكيل مكتب البريد فيما يتعلق بالأموال التي تودع في صندوق التوفير، وأمين المكتبة الحكومية، أو أمين شونة بنك التسليف الزراعي بإعتباره مكلفاً بإستلام ما يرد للشونة من محصولات وإبقائها في عهدته إلى أن يتم طلبها والتصرف فيها، وأمين المخازن بالمصانع التابعة للحكومة.

الصراف: هو الموظف الذي يختص يتسلم نقود وحفظها ثم إنفاقها في الأوجه المحددة قانوناً مثال ذلك الموظف المختص بصرف المرتبات أو المعاشات في مصلحة حكومية.

- (ب) إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو إستعمال محررمزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة :

- (ج) إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد -الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها

(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة: 119)

أركان الجريمة :

المادة 112 من قانون العقوبات تتناول جناية اختلاس الموظف للأشياء المسلمة إليه أو التي يحوزها بمقتضى وظيفته وهي صورة خاصة من خيانة الأمانة (المادة 341) يميزها أنها لا تقع إلا من موظف عام أومن في حكمه على أموال في عهدته بحكم وظيفته وقد جعل المشرع منها جناية لأنها تنطوي على خيانة الأمانة بالمعنى العام وعلى الإخلال بمقتضيات الوظيفة معاً أما أركان هذه الجريمة فهى ثلاثة الأول توافر صفة الموظف أو من في حكمة بالجاني والثاني وقوع فعل الاختلاس منه على مال مسلم إليه أو متواجد في حيازته بسبب وظيفته والثالث هو القصد الجنائي.

الركن الأول : صفة الموظف العام :

وهذا الركن هو العنصر المفترض إذ بصريح نص المادة 112 عقوبات فإن جناية الاختلاس لا تقع إلا من موظف عام، وقد كانت المادة 119 من قانون العقوبات رقم 69 لسنة 1953 تنص على أنه " يعد موظفون عموميون في تطبيق أحكام هذا الأشخاص المشار إليهم في المادة 111 من هذا القانون" ثم صدر القانون رقم 63 لسنة 1975 فألغى هذه المادة وأضاف مادة جديدة تحت رقم 119 مكرراً عرفت المقصود بالموظف العام في حكم الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات (اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر) أن الشارع حدد مدلول الموظف العام في جرائم اختلاس المال العام في نطاق أوسع من مدلول الموظف العام في نطاق الرشوة المنصوص عليه بالمادة 111 عقوبات ذلك أن الشارع في الاختلاس أطلق حكم النص ليشمل كل موظف أو مستخدم عمومى يختلس - مالاً مما تحت يده متى كان المال المختلس مسلماً إليه بسبب وظيفته.

ويشترط أن تكون صفة الوظيفة قائمة لم تزل عن الجاني وقت ارتكاب الحادث بعزل أو نحوه واستمرار الجاني في مباشرة أعمال وظيفته بالفعل بعد انتهاء عمله لا يدرجه في عداد المكلفين بخدمة عامة ما لم يثبت أنه كلف بالعمل ممن يملك هذا التكليف إذ لايكفي أن يكون الشخص قد ندب نفسه لعمل من الأعمال العامة، ونظراً لأن صفة الجاني شرط مفترض لوقوع الجريمة فيجب على المحكمة أن تستظهر هذه الصفة في حكمها وإلا كان معيباً بالقصور في التسبيب إلا أنه لا يشترط أن يثبت الحكم توافر العلم بها لدى الجاني كما يكون متساهلاً للعقاب اعتباراً بأن الشخص يعرف بالضرورة ما يتصف به من صفات.

الركن الثاني : الركن المادي :

الفعل المادي المكون للجريمة هو اختلاس أموال أو أوراق أم غيرها وجدت في حيازة الموظف أو من في حكمه بسبب وظيفته فعناصر الركن المادي ثلاثة :

1- فعل الاختلاس.

2- محل الاختلاس وكونه أموالاً أو أوراقاً أو غيرها مملوكة للدولة أو لغيرها.

3- كون هذه الأشياء وجدت في حيازة الموظف أو من في حكمه بسبب وظيفته.

1- فعل الاختلاس :

المقصود بفعل الاختلاس عموماً هو تصرف الحائز في الشيء المملوك لغيره منتویاً إضافته إلى ملكه، ويقع الاختلاس تاماً متى وضحت نية المختلس في أنه يتصرف في الشيء الموكل بحفظه تصرف المالك لحرمان صاحبه منه وعلى ذلك يقع الاختلاس بكل فعل أو تصرف يدل على أن الشخص قد غير حيازته من ناقصة إلى تامة واعتبر المال ملكا له. ومتى توافرت الجريمة حق العقاب ولو رد المختلس الشئ أو قيمته لأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لاتنفي قيامها ولا تؤثر في كيانها ويلاحظ أن فعل الاختلاس لا يكون له محل في حق الموظف إذا كان اختفاء الشئ أو عجزه راجعاً إلى قوة قاهرة أو سبب أجنبي لابد له فيه.

وتميل محكمة النقض إلى الأخذ بمبدأ تصور الشروع في جريمة الاختلاس فقضت بأن المشرع أعلن صراحة بإيراد المادة 46 من قانون العقوبات أنه يرى عقاب الشروع في الجريمة بعقوبة غير الجريمة الأصلية ولو شاء أن يلحق بالمحكوم عليه في الجريمة المشروع فيها عقوبة الغرامة النسبية التي يقضي بها في حالة الجريمة التامة لنص على ذلك صراحة في المادة 46 سالفة الذكر، ومن ثم فإن جريمة الشروع في الاختلاس لا تقتضي توقيع عقوبة الغرامة على مرتكبها كما قضت في حكم آخر بأن شرعية العقاب تقضي بأن لا عقوبة بغير نص - ولم تنص المادة 46 من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة على عقوبة الغرامة النسبية التي يحكم بها في حال الجريمة التامة في جرائم الاختلاس والحكمة من ذلك ظاهرة وهي أن تلك الغرامة يمكن تحديدها في الجريمة التامة على أساس ما اختلسه الجاني أو استولى عليه من مال أو منفعة أو ربح وفقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات - أما في حالة الشروع فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتية الجريمة.

المدة المسقطة للدعوى :

لما كانت هذه الجريمة جريمة وقتية فإنه ينتج عن ذلك أن المدة المسقطة للدعوى منها تبدأ من يوم الاختلاس ولكن تنص المادة 15 من قانون الإجراءات فقرة ثالثة على أن " لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والتي تقع من موظف عام إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك" فاستثناء من القاعدة العامة الواردة في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية لا تبدأ المدة من يوم وقوع الجريمة بل تبدأ من تاريخ انتهاء الوظيفة أو من آخر عمل من أعمال الإتهام أو التحقيق إذا كان ذلك قد بدأ قبل انتهاء الخدمة ومعنى هذا أن الدعوى لاتنقضي ولو مضت مدة التقادم قبل انتهاء الخدمة أو قبل التحقيق ولعل الشارع قد لاحظ في ذلك أن الوظيفة قد تسهل على القائم بها إخفاء الاختلاس مدة قد تستغرق المدة المقررة لإنقضاء الدعوى الجنائية مما يدعو إلى تقرير استثناء من القاعدة العامة في هذا الخصوص رعاية للمصلحة العامة.

2- محل الاختلاس :

محل الاختلاس هو مال أو ورقة أو غير ذلك مما سلم إلى الموظف فهو أي شئ ذو قيمة مالية مملوك لسلطة عامة في الدولة مركزية كانت أو محلية أو مملوك لأحد من الناس فلم يشترط النص أن يكون المال أو الورقة مملوك للدولة.

ويلاحظ أن صيغة عبارة " الأموال أو الأوراق أو غيرها " قد جاءت بألفاظ، عامة دخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية - وبناءً عليه فإن الخطابات التي يسلمها أصحابها إلى طواف البريد بسبب وظيفته هي من الأوراق المشار إليها في المادة 112 لما لها من القيمة الاعتبارية.

3- وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته :

لا تتوافر جناية الاختلاس في كل استيلاء يقع من موظف عمومي على مال تحوزه السلطة العامة حتى ولو كان هذا الموظف أميناً على الودائع، فقد اشترط النص عنصراً هاماً يجب توافره في فعل الإستيلاء کی تتوافر في هذا الفعل جناية الاختلاس هذا العنصر هو أن يكون المال محل الإستيلاء من جانب الموظف قد وجد في حيازة هذا الموظف بسبب وظيفته فيلزم أولاً أن يكون هناك وجود للمال في الحيازة ويلزم ثانياً أن يكون هذا الوجود في الحيازة بسبب الوظيفة وبالنسبة للشرط الأول وهو ضرورة وجود المال في حيازة الجاني فإنه إذا كان الأساس في جريمة الاختلاس هو تملك المال فإنه بطريق اللزوم العقلي لابد أن يكون المال بيد الجاني بسبب سبق تسليمه إليه فإذا انتفى التسليم انتفى تبعاً لهذا الحد أركان الجريمة، وقد يكون تسليم المال مادياً بطريق مناولته من يد إلى يد، وهو الأمر الغالب ولكن قد يتوافر التسليم حكمياً بكل تصرف يفترض فيه وجود المال بين يدي الشخص على سبيل الحيازة المؤقتة ويستكشف هذا من أن المشرع استعمل عبارة وجد في حيازته بدلاً من عبارة "تسلم إليه" وذلك في التعديل الذي تم بموجب القانون رقم 63 لسنة 1975 وقيام الدليل على حصول التسليم حقيقة أو حكماً مسألة يرجع فيها إلى وقائع كل دعوى على حد.

يلاحظ أنه لاقيام للاختلاس أن تسلم الموظف المال على سبيل الحيازة الكاملة كما لو كان جزءاً من مرتبه أو مكافأة إذ يعد تصرفه فيه مشروعاً و لا قيام للاختلاس كذلك أن سلم المال إلى الموظف على سبيل اليد العارضة كما لو كلف الساعي بنقل المال من مكان إلى آخر ولو تباعد المكانان وإنما يسأل عن استيلاء بدون حق على مال للدولة.

وبالنسبة للشرط الثاني فإنه حتى يدخل المال في حيازة الموظف عن طريق يد سلمته هذا المال تعين أن يكون هذا التسليم بسبب الوظيفة والتسليم بسبب الوظيفة معناه أن تقضى القوانين أو اللوائح أو النظم الخاضعة لها والوظيفة بأن يحوز الموظف المال الذي تسلمه وأن يقدم عنه الحساب أمام السلطة العامة أي أن يكون من خصائص الوظيفة ومن أعمالها حيازة الموظف مادياً للمال الذي سلمه إليه، ومن ثم فإن الوجود في الحيازة بسبب الوظيفة يكفي إذن لتوافره بالنسبة لموظف أن يكون من خصائص وظيفته وجود المال في متناول حيازته المادية فلا يلزم أن يكون المال بين يديه هو وإنما يكفي أن يكون من اختصاص وظيفته وصول يديه إلى المال ولاتهم الوسيلة التي تم بها تسليم المال في البداية فقد يكون المال مسلماً إلى الموظف قهراً عن صاحبه بمقتضى سلطة تبرر ذلك كتفتیش المتهم بجريمة مثلاً وقد يكون المال مسلماً إلى الموظف من صاحبة مباشرة أو عن طريق الإدارة التي يعمل بها هذا الموظف وكل ما يلزم هو أن تكون الحيازة المادية للمال من مقتضيات وظيفة الحائز فهذا هو المقصود من وجود المال في الحيازة بسبب الوظيفة.

ويلاحظ أن المشرع استخدام عبارة بسبب وظيفته الحكمة مفهومه هي أنه لم يرد أن يقصر العقاب على الصورة التي يوجد فيها المال بين يدي الموظف لدخوله فقط في اختصاصه الوظيفي المحدد بالقوانين واللوائح، فتنتفي هذه الجريمة إذا لم يكن مختصاً أصلاً بإبقاء المال بين يديه ولكن الشارع قد ابتغى توسعة مقصوده لتشمل الحماية كل مال يصل إلى يد الموظف لتوافر صفة الوظيفة فيه، وأنه ما كان يصل إليه لولا تلك الصفة ولأن هذه الصفة هي التي تعطي الاطمئنان للأفراد بوجود المال بين يديه دون تكليفهم جهد بحيث ما إذا كان الأمر يدخل في اختصاصه الوظيفي ولكن حدث هذا بتكليف من يملكه ولو لم يكن أصلاً في نطاق اختصاصه الوظيفي فإن هذا الشرط يعد متوافراً في الجريمة و بصريح نص المادة 119 مكرراً عقوبات.

أما إذا كان الشئ لم يسلم إلى المختلس أو لم يوجد في حيازته بسبب وظيفته فإنه لايرتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 112 ولكنه يعاقب بالمادة 113 إذا كان المال الذي استولى عليه بغير حق من الأموال العامة بمقتضى نصوص السرقة وخيانة الأمانة إذا كان المال المختلس أو المبدد من الأموال الخصوصية.

الركن الثالث : القصد الجنائي :

يتحقق القصد في الاختلاس بتصرف الجاني في الشي أو ظهوره عليه بمظهر المالك بنية إضاعته على صاحبه نهائياً وبعبارة أخرى فإنه يجب أن يكون عالماً بحقيقة الواقع وهو أن المال ليس ملكاله وأنه تسلمه بمقتضى وظيفته وأن يكون غرضه ضم المال إلى ملكه فإذا كان يجهل بعض عناصر الركن المادي أو إذا كان غرضه مجرد الانتفاع مؤقتا بالمال فإن القصد ينتفى ولا يؤثر في هذه النية رد المتهم ما اختلسه كما وأنه لا عبرة ببواعث الجاني سواء كانت طيبة أو شريرة وإن جاز أن ينظر إليها في ملاءمة العقاب.

عقوبة الجريمة :

كما تنص المادتين 112/ 1 ، 118 عقوبات فإن عقوبة الاختلاس في السجن المشدد والحق الشارع بها عقوبتي العزل أو زوال الصفة و الغرامة النسبية المساوية لقيمة المال المختلس على ألا تقل عن خمسمائة جنيه والحق بها كذلك جزاءً مدنياً هو الرد وذلك على التفصيل التالي:

أولاً: السجن المشدد : والأصل أنها مؤقتة أي من ثلاث سنين إلى خمس عشرة سنة وقد أطلق المشرع هذه العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى، ويلاحظ أنه إذا رأت المحكمة تطبيق نص المادة 17 عقوبات فإنه يجوز أن تنزل بالعقوبة إلى السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر.

ثانياً: الغرامة : تقدر الغرامة بقيمة ما اختلسه الجاني على ألا تقل عن خمسمائة جنيه (المادة 118 عقوبات) حتى ولو قل المال المختلس عن هذا الحد.

وتعتبر الغرامة من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 عقوبات فلا تتعدد بتعدد الجناة وإنما يكون الجناة متضامنين في الإلتزام بها ما لم يخص الحكم كلاً منهم بنصب ما و يتعين الحكم على جميع المساهمين في الاختلاس بهذه الغرامة سواء كانوا فاعلين أو شركاء.

ثالثاً: العزل : العزل هو عقوبة لم يكن توقيعها بحاجة من المشرع إلى نص خاص (م 118 ع) يقررها اكتفاء بالمادة 25 التي تجعل العزل عقوبة تبعية مؤبدة على المحكوم عليه بعقوبة جناية فإذا استخدم القاضى المادة 17 وقضى بالحبس أو المادة 118 ع مكرراً (أ) وقضى بالحبس فلا بد أن يكون العزل مؤقتاً لمدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس كما تقضى المادة 27 من قانون العقوبات.

أما إذا قضى بأحد التدابير المنصوص عليها في المادة 118 مكرراً (أ) فلا تثور المشكلة حيث أن جوهر هذه التدابير هو العزل من الوظيفة، والعزل عقوبة وجوبية يتعين القضاء بها ولو كان الموظف قد سبق فصله من جانب الإدارة ولو أن هذا الفصل يأتي على غير محل.

ويثور البحث عما إذا كان يتعين الحكم بعقوبة العزل على المجند بالجيش إذا ارتكب جناية الاختلاس والراجح هو أن المحكمة يتعين الحكم عليها بهذه العقوبة في هذه الحالة نظراً لعموم النصوص مع ملاحظة أن هذا الحكم لا يخل بسلطة إدارة التجنيد في إعادة تجنيده وفقاً للقانون ويلاحظ أن المادة 118 عقوبات قد نصت على عزل الجاني من وظيفته أو زوال صفته وينصرف زوال الصفة إلى الفئات المنصوص عليها في المادة 119 عقوبات والتي لا تعتبر من الموظفين العموميين بالمعنى الدقيق وإن كانت تعتبر بهذا المعنى في حكم تطبيق الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.

و يتعين أخيراً ملاحظة أن العزل لا يجوز أن يقل عن سنة واحدة في أية حالة من الأحوال وذلك عملاً بالأصل العام المقرر بالمادة 26 عقوبات ولا أن يزيد على ست سنين.

رابعاً : الرد : الرد هو من قبيل التعويض تقضي به المحكمة الجنائية إذا حكمت بإدانة المتهم وقد رأى الشارع من باب الاختصار في الإجراءات أن لا ضرورة لدخول صاحب المال مدعيا بحق مدني بسبب هذا التعويض وأن كلف القاضي بالحكم به من تلقاء نفسه وذلك على خلاف القاعدة العامة التي تقضي بضرورة المطالبة بالتعويض للحكم به، على أن إيجاب الحكم بالرد محله ألا يكون المبلغ المختلس قد حصل رده قبل صدور الحكم بالعقوبة، فإذا كان المتهم قد رد المبلغ المختلس إلى المجنى عليه قبل صدور الحكم فلا محل لإلزامه برده مرة أخرى وإذا تعدد المسئولون عن الجريمة كانوا متضامنين في التزامهم بالرد وفقا للمادة 169 من القانون المدني وفي هذا يتفق الرد مع الغرامة النسبية.

تشديد العقوبة :

نصت المادة 112 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية على أنه :

وتكون العقوبة السجن المؤبد في الأحوال الآتية :

(أ) إذا كان الجاني من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة.

(ب) إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة.

(ج) إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد

الاقتصادي أو بمصلحة قومية.

ومفاد ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 112عقوبات قد شددت العقوبة الأصلية فجعلتها السجن المؤبد في الأحوال الآتية :

أولاً : إذا كان الجاني من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء

على الودائع أو الصيارف وسلم إليه المال بهذه الصفة.

1- مأمور التحصيل :

يراد بمأمور التحصيل كل شخص مكلف بتحصيل أموال أميرية أو غيرها بمقتضى القوانين أو اللوائح أو الأوامر أو بحسب توزيع الأعمال مثل الصراف الذي يقوم بتحصيل ضريبة الأطيان والكاتب الذي يحصل عوائد الأملاك والمأذون الذي يحصل رسوم عقد الزواج ومحصل المجلس البلدي الذي يقوم بجباية الرسوم المقررة، ومأمور التحصيل يصدق عليه هذا الوصف سواء بأمر كتابي أم بأمر شفوی عهد إليه بمهمة التحصيل، وكذلك فإن صفة مأمور التحصيل تتحقق متى كان تسليم المال للموظف حاصلاً بمقتضى وظيفته لتوريده لحساب الحكومة ولو كان في إجازة مرضية.

2- مندوب التحصيل :

أما مندوب التحصيل فيراد به مساعد مأمور التحصيل نيابة عنه فمساعد الصراف يسري عليه حكم المادة 112 وكذلك كاتب السجن أو الإدارة بالمركز الذي يباشر بحكم وظيفته تحصيل الغرامات وغيرها من المبالغ التي تدفع على ذمة القضايا لتوريدها إلى خزانة المحكمة أو المركز ولكن إذا كان الثابت أن المتهم لم يكن إلا موظفاً كتابياً بحسابات الحكمدارية ولم يكن بمقتضى عمله صرافاً أو مساعداً أو منتدباً للصرف مستمداً هذه الصفة من القوانين أو اللوائح أو منوطاً به رسمياً من رئيس أو أي جهة حكومية مختصة بل كان الثابت أنه تدخل في عمل صيارف الخزانة و أقحم نفسه فيما هو خارج عن نطاق أعمال وظيفته تهاونا من هؤلاء الصيارف أو تغاضياً منهم عنه فإنه لا يمكن أن تضفي عليه صفة الصراف أو مساعده مهما استطال به الزمن وهو موغل في هذه الفوضى، وأذن فالمادة المنطبقة على فعله هي المادة 113 من قانون العقوبات التي تعاقب كل موظف استولى بغير حق على مال للدولة أو لإحدى الهيئات العامة أو سهل ذلك لغيره ولا تطبق المادة 112 التي يتطلب القانون لتطبيقها أن تكون الأشياء المختلسة قد أودعت في عهدة الموظف المختلس أو سلمته بسبب وظيفته.

3- التأمين على الودائع :

في مفهوم النص هو كل موظف يختص بالمحافظة على أموال الدولة أو للأفراد وجدت في حيازته بسبب وظيفته لتبقى تحت تصرف أصحاب الحق فيها.

4- الصيارفة :

يراد بالصيارفة كل من يكلف بمقتضى وظيفته بإستلام نقود أو أشياء أخرى لحفظها وإنفاقها أو توزيعها في الوحدة المقررة لها وأهم مثال له الموظف الذي تسلم إليه نقود لكلى يعطيها لأصحاب الحق في المرتبات أو المعاشات أو التعويضات .

ويلزم بالنسبة لهؤلاء جميعاً أن يكونوا أولاً موظفين عموميين فإذا أناب صراف أبنه لتحصيل الضرائب المقررة على الأطيان من ممولى القرية فلا يتوافر الظرف المشدد بل لاتقوم جريمة الاختلاس على الإطلاق لكنه لا يلزم التحقيق تلك الصفات أن يكون الموظف مختصاً بهذا العمل وحده بل يكفي أن تكون تلك الصفة من مقتضيات وظيفته كما يكفي لتوافر تلك الصفة مجرد الأمر الشفهي أو محضر توزيع العمل في المصلحة لكن يلزم أن يكون المال قد سلم إلى الموظف بصفته أميناً ومأموراً أو مندوباً أو صرافاً .

ثانياً : إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو إستعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة :

يعنى الشارع بذلك وحدة الغرض في جريمتي الاختلاس والتزوير واستعمال المحرر المزور وارتباطهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة في المدلول الذي تعنيه المادة 32 من قانون العقوبات (الفقرة الثانية) وأهم تطبيق لهذا الظرف أن يرتكب الموظف العام التزوير أو الاستعمال إخفاء للاختلاس إذ غالباً ما يرتبط الاختلاس بجريمة تزوير في الأوراق أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لايقبل التجزئة، وهو ما يستوجب تطبيق المادة 32/ 2  من قانون العقوبات بأعمال العقوبة المقررة لأشد الجريمتين و عمومية عبارة الورقة المزورة تنصرف إلى الورقة الرسمية أو الورقة العرفية ومؤدي هذا أن أعمال الأحكام العامة في قانون العقوبات يجعل أقصى العقوبات هو الأشغال المؤقتة بإعتبارها العقوبة الأشد في جريمتي الاختلاس والتزوير أو الاستعمال وهو ما دعا المشرع إلى رفع العقاب المقرر في صورة الإرتباط المشار إليها بأن جعله الأشغال الشاقة المؤقتة باعتبارها العقوبة الأشد في جريمتي الاختلاس والتزوير أو الإستعمال وهو ما دعا المشرع إلى رفع العقاب المقرر في صورة الإرتباط المشار إليها بأن جعله الأشغال الشاقة المؤبدة نظراً لما رآه من خطورة النشاط الإجرامي فيها .

ثالثاً : إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها :

ويقتضي توافر هذا الشرط المشدد تحقيق شرطين معاً هما :

(1) زمن الحرب.

(2) أن يترتب على الجريمة إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها - أما عن زمن الحرب فينصرف إلى زمن الحرب بمعناها الفعلي أو القانوني وقد أضاف قانون العقوبات بما له من ذاتية خاصة إلى معنى الحرب حالتين طبقاً للمادة 85 عقوبات هما الخطر الوشيك بوقوع الحرب متى انتهى فعلاً بوقوعه و حالة قطع العلاقات السياسية.

ومن قبيل الإضرار بمركز البلاد الاقتصادى أن تكون الأموال الأميرية المختلسة على ضخامة كبيرة وأن يكون فقدانها قد أحدث خللا في ميزانية الدولة لا يستهان به ومن قبيل الإضرار بمصلحة قومية للدولة أن يكون المال المختلس نقد أجنبياً تعذر على الدولة بفقدانه أن تفي بالتزامه قبل دولة أخرى وهي أن تسدد في ميعاد السداد ثمن واردات جاءتها من هذه الأخيرة وكان من شأن التواني عن سداد هذا الثمن في الميعاد أن أنذرت الدولة الأجنبية مصر بعدم التعامل معها من جديد . (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 316)

والجريمة المنصوص عليها بالمادة (112) من قانون العقوبات والتي نحن بصددها تعني قيام موظف عام بتغيير نية حيازته لما يحوزه بسبب وظيفته ، فبدلا من حيازته حيازة ناقصة لحساب صاحبه فإن يحوزه حيازة كاملة لحسابه كما لو كان مالاً خاصاً له.

أركان الجريمة:

تقوم الجريمة على أركان ثلاثة: ركن شرعي يتضمن عنصراً مفترضاً، ورکن مادي يتمثل في اختلاس مال يحوزه الموظف بسبب وظيفته، وركن معنوي يقوم على القصد الجنائي.

العنصر المفترض :

هذه الجريمة من جرائم ذوى الصفة ، فيتعين أن يكون الجاني موظفاً عاماً كما حددته المادة (119) مكرراً، ويجب أن تتوافر صفة الموظف العام وقت ارتكاب الجريمة ، فإذا نازع في توافرها بأن ذكر المتهم بأنه فصل من وظيفته قبل إرتكابها، تعين على المحكمة استجلاء حقيقة الأمر وإلا كان حكمها معيبة، حيث أن هذه الصفة عنصراً في الجريمة لا تقوم إلا به.

الركن المادي:

يتكون هذا الركن من العناصر الآتية : فعل الاختلاس، المال محل الاختلاس، وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته.

فعل الاختلاس: يتحقق فعل الاختلاس بمجرد تغيير نية حيازة المال من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة وكل فعل أو تصرف يقوم به الحائز في الشئ المحمول الغيره منتوياً إضافته إلى ملكه يتوافر به الاختلاس، وثبوت التغيير الطارئ على نية الحيازة تقوم به جريمة الاختلاس كاملة وإن لم يتم التصرف فعلاً، وعلى ذلك فلا يتصور الشروع في هذه الجريمة، فإن كان المتهم وهو أمين مخزن بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد نقل الأسمدة التي كانت في عهدته إلى سيارة توطئة لنقلها فإن جريمة الاختلاس تكون قد تمت بذلك وإن كان التصرف في الأسمدة لم يتم.

ويثبت الاختلاس بكل فعل يكشف عن تغيير نية الحيازة ، فيصح للمحكمة أن تقتنع بقيامه من عجز الموظف عن تسليم المال عند مطالبته بذلك.

ولا يشترط لتوافر الاختلاس أن يحقق الجاني مصلحة مالية له أو أن يصيب صاحب المال ضرر فعلي ، فإذا كان الجاني قد اختلس مبلغا من المال الذي سلم إليه لتغطية نقص في عهدته تعيين معاقبته بالمادة التي نحن بصددها، ولا تنتفي الجريمة برد الموظف الشئ المختلس بعد أن تصرف فيه تصرف المالك، فكل ما يعرض بعد توافر كافة عناصر الجريمة لا يؤثر في قيامها وقد يكون لذلك أثره في العقوبة التي يحكم بها في حدود سلطة المحكمة التقديرية.

وبداهة لا يتوافر الاختلاس إذا كان عجز الموظف عن رد المال الذي يحوزه راجعاً إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي كالحريق أو السرقة أو الضياع.

ولا يقبل من المتهم دفع تهمة الاختلاس بالمقاصة بين النقود التي استولى عليها وبين دين له في ذمة الدولة، إذ يتعين عليه اللجوء إلى الوسائل القانونية لإستيفاء دينه، كما لا يقبل منه الاحتجاج بأن التأمين الذي أودعه عند تعيينه يعادل أو يزيد على قيمة المال المختلس.

ويثبت الاختلاس بأية طريفة تكون منها المحكمة عقيدتها، فلا يشترط لإثباته طريقة خاصة غير طرق الإثبات العامة.

المال محل الاختلاس :

كل شئ يصلح لكي يكون محلاً لحق من الحقوق يعد محلاً للاختلاس فبعد أن نصت المادة التي نحن بصددها على أن محل الاختلاس قد يكون أموالاً أو أوراقا، أضافت أو غيرها، مما يدل على أن هذا البيان إنما ورد على سبيل المثال.

ويستوي أن يكون للمال المختلس قيمة كبيرة أو قليلة، على أنه لا يعتبر اختلاساً ما جرى عليه العرف من استهلاك الموظفين لأغراض خاصة بعض أوراق الكتابة الموضوعة تحت تصرفهم للأعمال المصلحية مثلاً .

ولا يشترط أن يكون للشئ المختلس قيمة مادية فيكفي أن تكون قيمة أدبية، وأكدت محكمة النقض هذا النظر.

ولا يتطلب القانون أن يكون المال محل الاختلاس مالاً عاماً بالمعنى الذي حددته المادة (119) عقوبات، فقد يكون مالاً خاصاً حازه الموظف بسبب وظيفته، ذلك أن محل الحماية هو المال العام فقط، بل حماية الثقة والأمانة في الموظف العام حتى لا يستغل المال الذي يحوزه بسبب وظيفته في غير الأغراض المخصصة له، أياً كان صاحب المال.

ولا يعيب الحكم عدم التحدث استقلالاً عن ملكية المال محل الاختلاس، وما إذا كان مالاً عاماً أو خاصاً ، فيكفي أن يثبت أن المال في حوزة الموظف بسبب وظيفته.

وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته :  

كانت المادة (112) قبل تعديلها بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تشترط أن يكون المال قد سلم للموظف بسبب وظيفته، غير أنه بموجب التعديل رؤى الإكتفاء بأن يكون المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته ضماناً لقيام الجريمة في حق الموظف الذي يأخذ المال دون إرادة صاحبه طالما كان ذلك أداء الأعمال وظيفته کرجل الشرطة الذي يضبط شيئاً أثناء تفتيش منزل متهم فيأخذه لنفسه، فإنه يسأل عن جريمة اختلاس.

وفي الواقع فإن هذا التعديل ليس تقنيناً لما كان يأخذ به الفقه والقضاء، فقد كانا مستقرين على عدم تطلب حدوث تسليم للمال، اكتفاء بوجود المال بين يدي الموظف بسبب الوظيفة.

على أنه يتعين أن تكون حيازة المال بسبب الوظيفة، ويعني لك أن تقضى القوانين أو اللوائح أو النظم الخاضعة لها الوظيفة أو ما جرى عليه العمل أو أوامر الرؤساء المختصين الكتابية أو الشفوية بأن يحوز الموظف المال، ولا ينفي كون الحيازة بسبب الوظيفة أن المتهم لم يدخله في خزانة الدولة بعد تحصيله أو لم يودعه في الشونة المخصصة لتخزينه، أو كانت حيازة المال بغير إيصال أو بمقتضى إيصال عرفي أو أنه لم يثبته في دفاتره الرسمية.

وإذا لم يكن المال في حوزة الموظف بسبب وظيفته، فلا يكفي لتحقيق الاختلاس أن تكون وظيفته قد يسرت له حيازته، ويعني ذلك أنه يشترط أن يكون المال قد دخل في حيازة الموظف بسبب الوظيفة لا بمناسبتها، ومن أمثلة تسليم المال بمناسبة الوظيفة أن يستأمن أحد المجوزين في قسم الشرطة جنديا يعمل به فيسلمه ما معه من المال إلى حين إطلاق سراحه.

ووجود المال في حيازة الموظف بسبب الوظيفة عنصر في الجريمة يتعين على المحكمة إستظهاره وإلا كان حكمها معيباً .

القصد الجنائي: يتحقق القصد في الاختلاس بتصرف الجاني في الشئ أو ظهوره عليه بمظهر المالك بنية إضاعته على صاحبه نهائياً، وبعبارة أخرى فإنه يجب أن يكون عالماً بحقيقة الواقع وهو أن المال ليس ملكاً له وأنه تسلمه بمقتضی وظيفته، وأن يكون غرضه ضم المال إلى ملكه.

فإذا كان يجهل بعض عناصر الركن المادي أو إذا كان غرضه مجرد الإنتفاع مؤقتاً بالمال، فإن القصد ينتفى.

ولا يؤثر في هذه النية إذا توفرت رد المتهم مقابل ما اختلسه ولا عبرة بالبواعث التي حدت بالجاني إلى الاختلاس فقد تكون طيبة وقد تكون شريرة ولكنها لا تؤثر في وجود الجريمة، وإن جاز أن ينظر إليها في ملاءمة العقاب.

العقوبة :

يعاقب على الاختلاس إذا لم يتوافر أحد الظروف المشددة المنصوص عليها في المادة التي نحن بصددها بعقوبة أصلية هي السجن المشدد.

ويتعين الحكم بالجزاءات التكميلية الوجوبية وفقاً لما تقرره المادة (118) عقوبات وهى الغرامة النسبية المساوية لقيمة المال المختلس على ألا تقل عن خمسمائة جنية والعزل أو زوال الصفة كما يتعين على المحكمة أن تأمر برد المال المختلس (المادة 118 عقوبات) ويجوز للمحكمة فضلاً عن ذلك أن تحكم بكل أو بعض التدابير التي عددتها المادة (118 مكرراً عقوبات كما يجوز لها إذا كان المال المختلس لا يتجاوز قيمته خمسمائة جنيه ورأت أن ظروف الجريمة وملابساتها تستدعي تخفيف العقوبة أن تحكم على الجاني بالحبس أو بواحد أو أكثر من هذه التدابير، وإذا استعملت المحكمة سلطتها في التخفيف فإن أثر ذلك ينصرف إلى العقوبة الأصلية فقط ، إذ يتعين عليها أن تقضى بالمصادرة والرد إن كان لها محل وبغرامة مساوية لقيمة ما تم اختلاسه (المادة 118 مكرراً "أ").

ويعفى الشريك غير المحرض من العقاب إذا بادر بالإبلاغ عن الجريمة بشرط أن يؤدي ذلك إلى رد المال المختلس.

عقوبة الاختلاس إذا توافر ظرف مشدد :

نصت المادة التي نحن بصددها على تشديد العقوبة الأصلية للاختلاس، فجعلتها السجن المؤبد في الحالات الآتية :

1) إذا كان الجاني من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة.

2) إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو إستعمال محرر مزور إرتباطا لا يقبل التجزئة.

3) إذا ارتكبت الجريمة في زمن الحرب وترتبت عليها أضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها.

1- إرتباط التشديد بصفة خاصة في الموظف :

يتحقق هذا الشرط بتوافر شرطين، أن يكون الجاني أحد الموظفين الذين عددهم النص، وأن يكون المال قد سلم إليه بهذه الصفة، والمراد بمأمور التحصيل هو كل شخص يكلف بصفة أصلية بتحصيل أموال وتوريدها لحساب الدولة، مثل الصراف الذي يحصل ضريبة الأطيان الزراعية والمأذون الذي يحصل رسوم عقد الزواج.

ومندوب التحصيل هو من يقوم بالتحصيل بصفة تبعية مثل مساعد الصراف، وكاتب السجن وكاتب الإدارة بالمركز بالنسبة لتحصيل الغرامات المحكوم بها وتوريدها إلى خزانة المحكمة أو المركز.

والأمين على الودائع هو الشخص الذي يؤتمن بموجب وظيفته على المال، كوكيل البريد ومخزنجي السكة الحديد وأمين المكتبة وأمين شون بنك التسليف.

ويقصد بالصراف الشخص الذي يكلف بمقتضى وظيفته بإستلام النقود وحسابها وصرفها في الوجوه المقررة.

2- ارتباط جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محررمزور :

كثير ما يلجأ الموظف إلى تزوير محرر أو إستعماله لإخفاء الاختلاس وكان من المتعين وفقاً للمادة 32/ 2 عقوبات التي تقرر أنه في حالة وقوع عدة جرائم لغرض واحد وتكون مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة فإن الجاني يعاقب بعقوبة الجريمة الأشد وهي هنا جريمة الاختلاس.

لكن المشرع استبعد حكم هذه المادة كمظهر من مظاهر التشدد حيال الجاني في هذه الحالة ففرض عليه عقوبة السجن المؤبد بدلاً من السجن المشدد.

3- إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد :

ويتعين لتطبيق هذا الظرف المشدد توافر شرطين أولهما أن تقع الجريمة في زمن الحرب، والشرط الثاني يترتب على جريمة الاختلاس الإضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني،  الصفحة : 400)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني  ، الصفحة /  288

اخْتِلاَسٌ

التَّعْرِيفُ:

الاِخْتِلاَسُ وَالْخَلْسُ فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ مُخَادَعَةً عَنْ غَفْلَةٍ. قِيلَ الاِخْتِلاَسُ أَسْرَعُ مِنَ الْخَلْسِ، وَقِيلَ الاِخْتِلاَسُ هُوَ الاِسْتِلاَبُ . وَيَزِيدُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَنَّهُ: أَخْذُ الشَّيْءِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ جَهْرًا مَعَ الْهَرَبِ بِهِ سَوَاءٌ جَاءَ الْمُخْتَلِسُ جِهَارًا أَوْ سِرًّا  مِثْلُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مِنْدِيلِ إِنْسَانٍ فَيَأْخُذَهُ .

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

- أ - الْغَصْبُ أَوْ الاِغْتِصَابُ: هُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا وَعُدْوَانًا.

ب - السَّرِقَةُ: هِيَ أَخْذُ النِّصَابِ مِنْ حِرْزِهِ عَلَى اسْتِخْفَاءٍ.

ج - الْحِرَابَةُ: هِيَ الاِسْتِيلاَءُ عَلَى الشَّيْءِ مَعَ تَعَذُّرِ الْغَوْثِ. 

د - الْخِيَانَةُ: هِيَ جَحْدُ مَا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ .

هـ - الاِنْتِهَابُ: هُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا، فَالاِنْتِهَابُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِخْفَاءٌ مُطْلَقًا، فِي حِينِ أَنَّ الاِخْتِلاَسَ يُسْتَخْفَى فِي أَوَّلِهِ .

الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ فِي الاِخْتِلاَسِ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلاَ مُنْتَهِبٍ وَلاَ مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ»  وَلأِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ بِالاِسْتِغَاثَةِ بِالنَّاسِ وَبِالسُّلْطَانِ فَلَمْ يَحْتَجْ فِي رَدْعِهِ إِلَى الْقَطْعِ .

مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:

يُفَصِّلُ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الاِخْتِلاَسِ فِي السَّرِقَةِ عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنِ الأْمُورِ الَّتِي فِيهَا قَطْعٌ وَمَا لاَ قَطْعَ فِيهِ، وَفِي الْغَصْبِ عِنْدَ الْحَدِيثِ عَمَّا يُغَايِرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ أَخْذِ الْحُقُوقِ مِنَ الْغَيْرِ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 308

هـ - الْحَبْسُ لِلاِخْتِلاَسِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ :

ذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ إِلَى حَبْسِ مَنِ اخْتَلَسَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مَعَ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 191

(مادة 377) 

يعاقب بالسجن المؤقت كل موظف عام اختلس أموالاً أو أوراقاً أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته. 

وتكون العقوبة السجن المؤبد في الأحوال الآتية: 

(أ) إذا كان الجاني من مأموري التحصيل أو المندوبين له، أو الأمناء على الودائع، أو الصيارفة، وسلم إليه المال بهذه الصفة. 

(ب) إذا ارتبطت جريمة الإختلاس بجريمة تزوير، أو إستعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة. 

 

(جـ) إذا ارتكبت الجريمة في زمن حرب أو ما في حكمه وفقاً للفقرة (ب) من المادة (315) من هذا القانون، وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الإقتصادي، أو بمصلحة قومية لها.