loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

تنويه هام

 هذه المادة مضافة بموجب المادة الأولى من القانون رقم 164 لسنة 2019 المنشور في الجريدة الرسمية في تاريخ 12/12/2019 العدد 50 (تابع) وكان النص السابق قد قضي بعدم دستوريته في تاريخ 2018/10/13 حيث حكمت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 17 لسنة 28 قضائية دستورية، بعدم دستورية القانون رقم 34 لسنة 1984 الصادر بتعديل بعض مواد قانون العقوبات والذي تضمن في طياته إضافة مادتين جديدتين إلى قانون العقوبات برقمي: 115 مكرراً و372 مكرراً وتم نشر الحكم في الجريدة الرسمية في تاريخ 22 أكتوبر 2018، العدد رقم 42 مكرر) وقد كان النص السابق للمادة 115 مكرر يجري على أن: 

كل موظف عام تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات بها أو شغلها أو إنتفع بها بأية صورة أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة يعاقب بالسجن متى كان ذلك العقار يتبع الجهة التي يعمل بها أو جهة يتصل بها بحكم عمله، وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا إرتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو إستعمال محرر مزور ارتباطا لا يقبل التجزئة.

ويحكم على الجاني فى جميع الأحوال بالعزل من وظيفته أو زوال صفته وبرد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته وبغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه.

 مركز الراية للدراسات القانونية.

1- لما كان القانون لم يستلزم للجريمة المنصوص عليها فى المادة 115 مكرراً من قانون العقوبات التى دين الطاعن بها قصداً خاصاً وكان الحكم قد أثبت أخذاً بأقوال شاهدى الاثبات وإعتراف الطاعن أنه وهو من العاملين بإحدى شركات القطاع العام تعدى على أرض فضاء مملوكة لها بغير سند وهو ما يكفى فى إثبات توافر عناصر الجريمة التى دان الطاعن بها ومن ثم فإن ما يثيره بشأن قصور الحكم فى إستظهار الركنين المادى والمعنوى لديه يكون فى غير محله .

( الطعن رقم 21073 لسنة 63 ق - جلسة 1995/11/22 - س 46 ص 1248 ق 187 )

2- لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن إختصاصها فى هذا الشأن مطلق لا يرد على القيد إلا إستثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن جريمة التعدى على أرض فضاء مملوكة للشركة التى يعمل بها بإقامة إنشاءات عليها المؤثمة بالمادة 115 مكرراً من قانون العقوبات التى خلت من أى قيد على حريتها فى رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد يكون على غير سند . ولا على الحكم إن هو إلتفت عن دفاعه فى هذا الصدد على فرض إثارته لأنه دفاع قانونى ظاهر البطلان بعيد عن محجة الصواب .

( الطعن رقم 21073 لسنة 63 ق - جلسة 1995/11/22 - س 46 ص 1248 ق 187 )

3- لما كانت الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده بوصف أنه بصفته موظفا عاما ملاحظ مناورة بالهيئة القومية ....... " تعدى على أرض فضاء مملوكة للجهة سالفة الذكر بأن أقام بها انشاءات وشغلها على النحو المبين بالأوراق . ومحكمة الجنايات قضت بحكمها المطعون فيه بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنية و بعزله من وظيفته ، وبرد العقار المغتصب وبوقف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة . لما كان ذلك وكانت المادة 27 من قانون العقوبات توجب توقيت عقوبة العزل بمدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها إذا عومل المتهم بالرأفة وحكم عليه بالحبس بدلا من الأشغال الشاقة المنصوص عليها فى المادة 115 - المنطبق على واقعة الدعوى ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه عامل المحكوم عليه بالرأفة وحكم عليه بالحبس فقد كان من المتعين عليه أن يؤقت عقوبة العزل المقضى بها أما وأنه قضى على خلاف ذلك بعدم توقيتها فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون . لما كان ذلك و كان العيب الذى شاب الحكم قد إقتصر على مخالفة القانون ، فإنه يتعين إعمالا لنص المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - فى شأن حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض - القضاء بتصحيحه بتوقيت عقوبة العزل بجعلها لمدة سنة .

( الطعن رقم 12477 لسنة 59 ق - جلسة 1989/12/12- س 40 ص 1192 ق 191 )

4- لما كانت جريمة إقامة بناء على جسر النيل وجريمة التعدي على أملاك الدولة بالبناء عليها يجمعها فعل مادي واحد وهو إقامة البناء سواء تم على أرض مملوكة للدولة أو أقيم بدون ترخيص، ومن ثم فإن الواقعة المادية التي تتمثل فى إقامة البناء هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطى لها، والتي تتباين صورها بتنوع وجه المخالفة للقانون، ولكنها كلها نتائج ناشئة عن فعل البناء الذي تم مخالفاً له. لما كان ذلك، فقد كان يتعين على المحكمة التزاما بما يجب عليها من تمحيص الواقعة بكافة كيوفها وأوصافها أن تضفي عليها الوصف القانوني الصحيح وهو - أيضا - التعدي على أرض مملوكة للدولة بإقامة بناء عليها. أما وأنها لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون.

( الطعن رقم 2437 لسنة 64 ق - جلسة 2000/01/16 - س 51 ص 55 ق 7 )

5- إن قضاء الدائرة المدنية لهذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 - الذي أضاف للمادة 970 من القانون المدني حكما جديدا يقضى بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم على أنه يشترط لجواز تملك الأموال العامة بالتقادم أن يثبت أولا انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة, إذ من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل فى عداد الأموال الخاصة فتأخذ حكمها, ثم يثبت وضع اليد عليها بعد ذلك المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية. لما كان ذلك, وكان البين من الإطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن - أن الخبير المنتدب فى الدعوى أثبت فى البند ثانيا من تقريره أن الأرض مثار الإتهام واردة بدفتر مساحة الزمام الحديث لسنة 1933 على أنها جرن أهالي, وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية استنادا إلى ما جاء بذلك التقرير من أن المطعون ضده يضع يده على هذه الأرض من خمسة عشر عاما سابقة على 12 من أغسطس سنة 1986 وأن وضع يده هذا امتداد لوضع يد والده منذ عام 1939, دون أن يستظهر ما إذا كانت الأرض موضوع الدعوى قد انتهي تخصيصها للمنفعة العامة كجرن عام وتاريخ هذا الأنتها وما إذا كان وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطه القانونية قد اكتملت مدته للمطعون ضده قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 المشار إليه, فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة لم تمحص الدعوى ولم تحط بظروفها عن بصر وبصيرة, ويصم حكمها بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون, مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على القانون تطبيقا صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم وعن أن تقول كلمتها فى شأن ما يثيره الطاعن بوجه الطعن. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضي به فى الدعوى المدنية - والإعادة .

( الطعن رقم 8587 لسنة 60 ق - جلسة 1999/05/02 - س 50 ص 259 ق 62 )

6- لا يشترط قانوناً لتوافر الجريمة التي دين الطاعن بها (جريمة التعدي على مبان مملوكة لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119عقوبات ) أن يتم الدخول إلى العقار بواسطة الكسر ولكن يكفي أن يشغله أو ينتفع به الموظف العام بأية صورة ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً من أقوال الشهود التي اطمأن إليها ومن كتاب شركة الحديد والصلب أن الطاعن وهو من العاملين بالشركة المذكورة وهي إحدى شركات القطاع العام تعدى على عقار مملوك لها بغير سند وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً فى إثبات توافر عناصر الجريمة التي دان الطاعن بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم فى استظهار أن التعدي على العقار بواسطة الكسر يكون فى غير محله .

( الطعن رقم 5905 لسنة 56 ق - جلسة 1987/01/11 - س 38 ع 1 ص 73 ق 7 )

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من أكتوبر سنة 2018م، الموافق الرابع من صفر سنة 1440 هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى             رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولــــــس فهمــــــــى إسكندر ومحمــــــــــود محمــــــد غنــــــيم وحاتــــــم حمــــــد بجاتــــــــــو والدكتور محمد عماد النجار                         نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى       رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع                            أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

 فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 28 قضائية " دستورية ".

المقامة من منال محمد العراقى

                   ضــــــد

1- رئيس الجمهوريـــــــــــــــــــة

2- رئيس مجلس الـوزراء

3- وزير العـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدل

الإجراءات

بتاريخ الثالث عشر من فبراير سنة 2006، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (372 مكررًا) من قانون العقوبات.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة

 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

 حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعية إلى المحاكمة الجنائية فى الدعوى رقم 4587 لسنة 2005 جنح قسم منشأة ناصر، متهمة إياها بأنها فى يوم 7/3/2005 بدائرة قسم منشأة ناصر: أقامت أعمال بناء بدون ترخيص على أرض مملوكة للدولة؛ وطلبت عقابها بالمادتين (119، 372/1-2) من قانون العقوبات، وبجلسة 2/7/2005، قضت محكمة جنح منشأة ناصر الجزئية غيابيًّا بمعاقبة المدعية بالحبس لمدة سنة، فعارضت المدعية هذا الحكم، وبجلسة 24/12/2005، قدمت المدعية مذكرة دفعت فيها بعدم دستورية نص المادة (372 مكررًا) من قانون العقوبات، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعية برفع الدعوى الدستورية، أقامت الدعوى المعروضة.

 وحيث إن المادة (372 مكررًا) من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 34 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات تنص على أن: " كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيرى أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجانى بـــــــــرد العقـــــــــار المغتصب بما يكـــــــون عليه من مبانى أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته فضلاً عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة.

 فإذا وقعت الجريمة بالتحايل أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

 وتضاعف العقوبة المنصوص عليها فى الفقرتين السابقتين فى حالة العود".

 وحيث إن المدعية تنعى على النص المطعون فيه غموضه وإبهامه، وإخلاله بمبدأ المساواة، وإهداره للحق فى السكن، وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (25، 40، 65، 66، 187) من دستور سنة 1971.

 وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع.

وحيث كان ذلك، وكانت المدعية قــــــد قُدمــــت للمحاكمــــة الجنائيــــــة، بوصف تعديها بالبناء على أرض مملوكة للدولة بإقامة منشآت عليها، وكان ذلك الفعل من بين صور التجريم المنصـــــــوص عليها فى الفقــــــرة الأولــــــى مــــــن المادة (372 مكررًا) من قانون العقوبات المضافـــــة بالقانون رقـــــــم 34 لسنة 1984، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية الفقرة الأولى من النص المطعون فيه، يرتب انعكاسًا أكيدًا ومباشرًا على الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر للمدعية - من ثم - المصلحة الشخصية المباشرة فى الطعن عليه.

وحيث إن الأصل فى الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية النصوص التشريعية أنها رقابة شاملة تتناول كافة المطاعن الموجهة إليها أيًّا كانت طبيعتها، وأنها بالتالى لا تقتصـــــر على العيوب الموضوعية التى تقــــــــوم على مخالفة نص تشريعى للمضمون الموضوعى لقاعــــــــدة واردة فى الدستور، وإنما تمتد هذه الرقابة إلى المطاعن الشكلية التى تقوم فى مبناها على مخالفة نص تشريعى للأوضاع الإجرائية التى تطلبها الدستور، سواء فى ذلك ما كان منها متصلاً باقتراح النصوص التشريعية، أو إقرارها، أو إصدارها.

 وحيث إنه من المقرر - وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يُعَدُّ أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض فى عيوبها الموضوعية، ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هى من مقوماتها، لا تقوم إلا بها ولا يكتمل بنيانها أصلاً فى غيابها، وبالتالى تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافر لها خاصية الإلـــــزام، ولا كذلك عيوبها الموضوعية، إذ يفترض بحثها أن تكون هذه النصوص مستوفية لأوضاعها الشكلية، ذلـــــــــك أن المطاعـــــــن الشكلية - وبالنظـــــر إلى طبيعتهــــــــا - لا يتصور أن يكون تحريها وقوفًا على حقيقتها، تاليًا للنظر فى المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على المحكمة الدستورية العليــــا أن تتقصاها - من تلقاء نفسها - بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها مختصرًا فى المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفًا إليها وحدها.

وحيث إن من المقرر كذلك أن كل قاعدة قانونية لا تكتمل فى شأنها الأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها وإقرارها وإصدارها وشروط نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك، فلا يستقيم بنيانها، وكان تطبيقها فى شأن المشمولين بحكمهــــــــا - مع افتقارهــــــــا لقوالبهـــــا الشكلية - لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التى لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدًا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدًا على كل تصرفاتها وأعمالها.

 وحيث إن من المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية المتصلة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته فى شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها.

متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أضيف إلى قانون العقوبات، بالقانون رقم 34 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، الصادر فى ظل العمل بأحكام دستور سنة 1971، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها الدستورية على استيفاء النص المطعون فيه لأوضاعه الشكلية طبقًا لأحكام ذلك الدستور.

وحيث إن نص المادة (195) من دستور سنة 1971 - المضاف طبقًا لنتيجة الاستفتاء الذى جرى بتاريخ 26/6/1980، قبل تعديله وفق نتيجة الاستفتاء الحاصل فى 26/3/2007 - قد جرى على أن "يؤخذ رأى مجلس الشورى فيما يلى : 1- .......2- مشروعات القوانين المكملة للدستور 3-...... 4-...... 5- ........6-............

ويبلغ المجلس رأيه فى هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب". ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن عرض مشروعات هذه القوانين على مجلس الشورى لقول كلمته فيها لا يكون إلا وجوبيًّا، فلا فكاك منه ولا محيص عنه، ولا يسوغ التفريط فيه أو إغفاله، وإلا تقوض بنيان القانون برمته من أساسه، فإذا تحققت المحكمة من تخلف هذا الإجراء، تعيّن إسقاط القانون المشوب بذلك العــــــــوار الشكلى بكامل النصــــــــوص التى تضمنهـــــــــا، ولبــــــــــات لغوًا - بعدئذ - التعرض لبحث اتفاق بعضهــــــــــا مع الأحكام الموضوعيــــــــــــــة للدستور، أو منافاتها لها.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ثمة شرطين يتعين اجتماعهما معًا لاعتبار مشروع قانون معين مكملاً للدستور (أولهما) أن يكون الدستور ابتداء قد نص صراحة فى مسألة بعينها على أن يكون تنظيمها بقانــــــون، أو وفقًا للقانون، أو فى الحدود التى بينها القانون، أو طبقًا للأوضاع التى يقررها، فإن هو فعل دل ذلك على أن هذا التنظيم بلغ فى تقديره درجة من الأهمية والثقل لا يجوز معها أن يُعهد به إلى أداة أدنى. (ثانيهما) أن يكون هذا التنظيم متصلاً بقاعدة كلية مما جرت الوثائق الدستورية على احتوائها وإدراجها تحت نصوصها، وتلك هى القواعد الدستورية بطبيعتها التى لا تخلو منها فى الأعم أية وثيقة دستورية، والتى يتعين كى يكون التنظيم التشريعى مكملاً لها أن يكون محددًا مضمونها، مفصلاً حكمها، مبينًا حدودها، بما مؤداه أن الشرط الأول وإن كان لازمًا كأمر مبدئى يتعين التحقق من توافره قبل الفصل فى أى نزاع حول ما إذا كان مشروع القانون المعروض يُعَدُّ مكملاً للدستور أو لا يُعد مكملاً له، إلا أنه ليس الشرط الوحيد، بل يتعين لاعتبار المشروع كذلك أن يقوم الشرطان معًا متضافرين استبعادًا لكل مشروع قانون لا تربطه أيــــــة صلة بالقواعــــــــد الدستوريـــــــة الأصلية، بل يكون غريبًا عنها مقحمًا عليها. واجتماع هذين الشرطين مؤداه أن معيار تحديد القوانين المكملة للدستور، والتى يتعين أن يؤخذ فيها رأى مجلس الشورى قبل تقديمها إلى السلطة التشريعية لا يجوز أن يكون شكليًا صرفًا، ولا موضوعيًا بحتًا، بل قوامه مزاوجة    بين ملامح شكلية، وما ينبغى أن يتصل بها من العناصر الموضوعية، على النحو المتقدم بيانه.

 وحيث إن المواثيق الدولية قد اهتمت بالنص على قواعد شرعية النصوص العقابية، ومن ذلك ما نصت عليه المادة (11) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى تمت الموافقة عليه وإعلانه بقرار الجمعية العامـــــة للأمم المتحـــــــدة فى 10/12/1948، من أن "1- كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونًا فى محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه. 2- لا يــــــدان أى شخص بجريمــــــــــة بسبب أى عمـــــــل أو امتناع عن عمــــــل لم يكـــــــن فى حينه يشكل جرمًا بمقتضى القانــــــــون الوطنى أو الدولى، كما لا توقع عليه أى عقوبة أشد من تلك التى كانت سارية فى الوقت الذى ارتكب فيه الفعل الجرمى".

وحيث إن البين من استقراء الدساتير المصرية المتعاقبة أنها حرصت على النص على أن الجريمة لا ينشؤها إلا نص قانونى، فلا يجوز افتراض وجودها، ولا تعيين أركانها بما يجهل بها، وقد صار أصلاً فى تلك الدساتير، أَلاَّ جريمة بغير قانون أو فى حدوده، ويتصل بهذا الأصل أَلاَّ عقاب بغير جريمة، ولا جريمــــــة بغير عقوبــــــة، ولا رجعية للقوانين الجنائية، ولا عقوبة بغير حكم قضائى. وعلى هدى ما تقدم نصت المادة (6) من دستور سنة 1923 على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذى ينص عليها"، وقـــد سايرتهـــــــــــا فى المبنى والمعنى نصوص المــــــواد (6) مـــــن دستـــــــور سنة 1930، و(32) من دستور سنة 1956، و(8) من دستور سنة 1958، و(25) من دستور 1964، كما اعتنق حكمها وأضاف إليها نص المادة (66) من دستور 1971 الذى جـــرى على أن "العقوبة شخصيـــــة، ولا جريمــــة ولا عقوبــــــــــة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون"، وقد تابع نص المادة (76) من دستور سنة 2012، ونص المادة (95) من دستور سنة 2014 النهج الذى سار عليه دستور سنة 1971 فيما سلف بيانه.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان نص القانون المطعون فيه قـــــــد انصرف حكمه إلى إنشاء الجريمة التى انطوى عليها - محددًا أركانها والعقوبة المقررة لها - ومن ثم فإن النص المطعون فيه يكون مرتبطًا بالعديد من الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، أخصها الحرية الشخصية ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، فضلاً عن تنظيم النص المذكور ضوابط توقيع العقوبات الأصلية منها والتبعية، وهو أمر وثيق الصلة بولاية القضاء والحق فى التقاضى، والتى تدخل جميعها ضمن المسائل التى تتصف بالطبيعة الدستورية الخالصة والتى حرصت الدساتير المصرية المتعاقبة على تفويض القانون فى تنظيمها، وهو ما تناوله دستور سنة 1971 فى المواد (66 و67 و68 و165 و167)، التى تقابلها نصوص المواد (94 و95 و96 و97 و168) من دستور سنة 2014، ومن ثَمَّ فإنه يكون قد توافر فى القانون المطعون فيه العنصران اللازمان لاعتباره من القوانين المكملة للدستور، وإذ كان البين من كتاب أمين عام مجلس النواب رقم 823 بتاريخ 3/2/2018، المرفق بالأوراق، أن القانون رقم 34 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات - الذى أضاف النص المطعون فيه - لم يتم عرضه على مجلس الشورى لأخذ الرأى فيه، فإنه يكون مشوبًا بمخالفة نص المادة (195) من دستور سنة 1971.

وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان العيب الدستورى المشار إليه قد شمل القانون رقم 34 لسنة 1984 الذى نص فى مادته الأولى على أن "تضاف إلى قانون العقوبات مادتان جديدتان برقمى (115 مكررًا، 372 مكررًا)"، ونشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية بالعدد 13 (مكرر) فى 31 مارس سنة 1984، وبدأ العمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، فإن القضاء بعدم دستورية هذا القانون برمته يكون متعينًا، وذلك دون حاجة إلى الخوض فيما قد يتصل ببعض نصوصه من عوار دستورى موضوعى.

فلهـذه الأسبـاب

 حكمت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم 34 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

( الدعوى  رقم 17 لسنة 28 ق - دستورية - جلسة 14 / 10 / 2018  ) 

(الطعن رقم 1078 لسنة 53 جلسة 1983/05/30 س 34 ص 700 ق 141)

2- انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها . وكان من المقرر كذلك أن عناصر الركن المادى لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هى التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أنه يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أم اجتماعية أم سياسية وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع . وأن تكون الغاية من هذا التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق ، فإن كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التداخل فى وظيفة عمومية لمجرد انتحاله صفة رئيس نيابة دون أن يستظهر الأعمال الإيجابية التى صدرت من الطاعن والتى تعتبر افتئاتاً على الوظيفة أو يبين ما أتاه الطاعن من احتيال ومظاهر خارجية من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفته وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولم يستظهر كذلك عنصرى التذرع بالنفوذ والسبب لجريمة الاتجار بالنفوذ فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم. (الطعن رقم 30615 لسنة 72 جلسة 2003/07/21 س 54 ص 796 ق 105)

3- استهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية، فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات. وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة.

(الطعن رقم 59 لسنة 38 جلسة 1968/02/19 س 19 ع 1 ص 238 ق 43)

4- متى كانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى على المتهم وجرت المحاكمة على أساسها هي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، والخاصة باستغلال النفوذ وهي تختلف فى أركانها وعناصرها القانونية عن جريمة الرشوة - القائمة على الاتجار بالوظيفة - التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة فى التهمة على النحو المتقدم ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى المتهم فى أمر الإحالة مما تملك محكمة الجنايات إجراءه فى حكمها إسباغاً للوصف القانوني الصحيح لتلك الأفعال، وإنما هو فى حقيقته تعديل فى التهمة ذاتها يتضمن إسناد عنصر جديد إلى الواقعة التي وردت فى أمر الإحالة هو الاتجار بالوظيفة على النحو الوارد فى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وهو تغيير لا تملك المحكمة إجراءه إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى ويشترط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية.

(الطعن رقم 1606 لسنة 38 جلسة 1968/10/07 س 19 ع 3 ص 807 ق 158)

5- لا جدوى مما يثيره الطاعن من خلو التحقيقات من أى دليل على أنه زعم أن له إختصاصا بالعمل الذى طلب الرشوة من أجله ، ذلك بأن ما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى تتوافر به عناصر الجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و لئن أخطأ الحكم فى تطبيقه المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات على واقعة الدعوى ، إلا أن العقوبة التى قضى بها تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره فى هذا الشأن .

(الطعن رقم 1704 لسنة 39 جلسة 1971/11/01 س 21 ع 1 ص 49 ق 11)

6- إستهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعزم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة ، و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً ، و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية ، فإن كان موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات ، و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً من القانون المذكور ، و إذ كان ما تقدم و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .

(الطعن رقم 1131 لسنة 40 جلسة 1970/10/26 س 21 ع 3 ص 1020 ق 244)

7- إن الشارع قد إستهدف بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أيه سلطة عامة - و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً . و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية . فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات ، و ذلك على إعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة و إنما ظرف مشدد للعقوبة .

(الطعن رقم 209 لسنة 58 جلسة 1988/12/06 س 39 ع 1 ص 1227 ق 190)

8- عناصر الركن المادى للواقعة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات الخاصة بإستعمال نفوذ حقيقى أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على حكم أو قرار ، هو التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية فهو يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أن يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانه رياسية أو إجتماعية أو سياسية و هو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع.

(الطعن رقم 3286 لسنة 54 جلسة 1985/11/21 س 36 ص 1035 ق 189)

شرح خبراء القانون

تنويه هام

 هذه المادة مضافة بموجب المادة الأولى من القانون رقم 164 لسنة 2019 المنشور في الجريدة الرسمية في تاريخ 12/12/2019 العدد 50 (تابع) وكان النص السابق قد قضي بعدم دستوريته في تاريخ 2018/10/13 حيث حكمت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 17 لسنة 28 قضائية دستورية، بعدم دستورية القانون رقم 34 لسنة 1984 الصادر بتعديل بعض مواد قانون العقوبات والذي تضمن في طياته إضافة مادتين جديدتين إلى قانون العقوبات برقمي: 115 مكرراً و372 مكرراً وتم نشر الحكم في الجريدة الرسمية في تاريخ 22 أكتوبر 2018، العدد رقم 42 مكرر، وقد كان النص السابق للمادة 115 مكرر يجري على أن: 

كل موظف عام تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة فى المادة 119 وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات بها أو شغلها أو إنتفع بها بأية صورة أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة يعاقب بالسجن متى كان ذلك العقار يتبع الجهة التي يعمل بها أو جهة يتصل بها بحكم عمله، وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا إرتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو إستعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة.

ويحكم على الجاني فى جميع الأحوال بالعزل من وظيفته أو زوال صفته وبرد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته وبغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه.

 مركز الراية للدراسات القانونية.

 

يشترط لوقوع هذه الجريمة توافر عنصرين، أولهما يتعلق بصفة الجاني والثاني يتعلق بالمحل الذي تقع عليه الجريمة.

1- صفة الجاني: 

يشترط لوقوع هذه الجريمة أن تقع من موظف عام في حكم قانون العقوبات. ويشترط فوق ذلك أن يعمل في الجهة التي يتبعها العقار الذي وقعت عليه الجريمة، أو أن يتصل بحكم عمله بالجهة التي يتبعها هذا العقار، ويجب أن تتوافر هذه الصفة وقت ارتكاب الجريمة، فإذا لم تتوافر اعتبرت الواقعة جنحة بالمادة 372 مكرراً عقوبات بشأن التعدي الصادر من الأفراد على عقارات الأوقاف والعقارات المعتبرة أموالاً عامة.

2 - المحل الذي تقع عليه الجريمة :

يشترط في المحل الذي تقع عليه الجريمة أن يكون أرضاً زراعية، أو أرضاً فضاء، أو مباني مملوكة لوقف خيري، أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 وهي الجهات التي تعد أموالها أموالا عامة في حكم قانون العقوبات.

الركن المادي :

يقع الركن المادي لهذه الجريمة بإحدى صورتين :

1-التعدي : ويأخذ صوراً مختلفة حددها المشرع بالزراعة أو الغرس أو إقامة الإنشاءات أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة.

2- تسهيل التعدي للغير : والتسهيل هو من صور المساعدة التي تعد من طرق الاشتراك في ارتكاب الجريمة وقد رأى المشرع باعتباره فاعلاً أصلياً إذا صدر من موظف عام إلى الغير، أسوة بمسلكه في المادة  113/ 1 من قانون العقوبات حين اعتبر الموظف العام فاعلاً أصلياً في الجريمة التي تقع بتسهيل استيلاء الغير بغير حق على مال عام ويترتب على ذلك أن يكون الغير الذي ارتكب التعدي - بناءً على تسهيل الموظف العام - شريكاً في جريمة هذا الأخير.

وإذا وقع الفعل بإحدى الصورتين المتقدمتين وانتهى دون حاجة إلى تدخل جديد من جانب الجاني تكون الجريمة وقتية بغض النظر عن آثارها المستمرة، لأنه لا يعتد بما في تكييف الجريمة من حيث الوقتية أو الاستمرار .

الركن المعنوي :

يتوافر الركن المعنوي في هذه الجريمة بالقصد الجنائي العام الذي يقوم بإرادة ارتكاب الفعل المادي مع العلم به وبالمحل الذي وقع عليه هذا الفعل ولا يشترط لتوافر هذا الركن قيام أي قصد خاص.

العقوبة:

عقوبة هذه الجريمة هي السجن وطبقاً للمادة 29 عقوبات يعد العزل من الوظيفة عقوبة تبعية تترتب بقوة القانون، بحكم أن العقوبة هي عقوبة جناية لكن القانون نص في الفقرة الثانية من المادة 115 مكرراً عقوبات على أن العزل من الوظيفة أو زوال الصفة عقوبة تكميلية وجوبية. وطبقا للمادة 27 عقوبات إذا عاملت المحكمة المتهم بالرأفة فحكمت عليه بالحبس تطبيقا للمادة 17 عقوبات في فإنه يحكم عليه بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه.

وبالإضافة إلى العزل يحكم برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته وبغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه ويعد كل من الرد والغرامة النسبية عقوبة تكميلية وجوبية.

ظرف مشدد: نصت المادة 115 مكرراً عقوبات على ظرف مشدد هو ارتباط هذه الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة، وهو ذات المسلك الذي اتبعه المشرع في المادتين 112 و 113 عقوبات وإذا ما توافر هذا الطرف المشدد تكون العقوبة في السجن المؤبد أو المشدد.  (الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016، الصفحة : 601 )

أركان الجريمة

يتطلب المشرع لقيام هذه الجريمة أركاناً ثلاثة: صفة الجاني، والركن المادي، والركن المعنوي.

صفة الجاني

يتطلب المشرع أن يكون الجاني موظفاً عاماً وفقاً للتحديد الذي نصت عليه المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات، ويجب أن تتوافر الصفة وقت ارتكاب الفعل المادي المكون للجريمة، فإذا انتفت الصفة في هذا الوقت لا تقع هذه الجريمة، وإنما يسأل الفاعل عن جريمة التعدي التي تقع من الفرد العادي والتي نصت عليها المادة 372 مكرراً من قانون العقوبات.

الركن المادي

يتخذ الركن المادي في هذه الجريمة إحدى صورتين :

الصورة الأولى: التعدي على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات، وقد ذكر المشرع عدة صور لهذا التعدي وهي: الزراعة أو غرس الأشجار أو إقامة إنشاءات بها أو شغلها، أو الإنتفاع بها بأية صورة وهذه الصور وردت على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر لأن المادة أضافت بعد ذكر هذه الصور عبارة أو انتفع بها بأية صورة.

الصورة الثانية: تسهيل التعدى للغير، والأصل أن التسهيل يعتبر فعلاً من أفعال الاشتراك في الجريمة، ولو ترك الأمر للقواعد العامة لسئل الغير - إذا لم يكن موظفا عاما - عن جريمة التعدي التي تقع من الأفراد العاديين ، وهي جنحة نصت عليها المادة 372 مكرراً، واعتبر الموظف العام شريكاً بالمساعدة في فعل الشخص الذي سهل له الموظف التعدي ولكن لما كان فعل الموظف العام من الخطورة بحيث يفوق هذا التكييف باعتباره قد استغل موقعه الوظيفي في تسهيل التعدى للغير، فقد رأى المشرع اعتبار الموظف فاعلاً أصلياً في جريمة خاصة هي جريمة تسهيل التعدي، ويترتب على ذلك أن يكون الغير شريكاً في جريمة الموظف العام فيعاقب بالعقوبة المقررة في المادة 115 مكرراً من قانون العقوبات.

ويلاحظ أنه في كلتا الصورتين يشترط أن تكون الأراضي أو المباني محل الجريمة تابعة للجهة التي يعمل بها الموظف العام أو تابعة لجهة يتصل بها بحكم عمله.

ويتضح من صور التعدي التي ذكرها النص على سبيل المثال أن الجريمة قد تكون وقتية وقد تكون مستمرة وفقا لطبيعة الفعل الذي ارتكبه الجاني، وقد قضى بأنه: «إذا كانت الواقعة التي دين بها الطاعن هي أنه تعدى على أرض مملوكة لهيئة الأوقاف المصرية بأن أقام بناء عليها فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإقامة هذا البناء مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة وقتية ولا يؤثر في هذا النظر ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه قانوناً، ومن - ثم فلا يعتد في هذا الشأن ببقاء ذلك البناء، لأن بقاءه يكون في هذه الحالة أثراً من آثار الإنشاء ونتيجة طبيعية له.

- الركن المعنوي :

- يتخذ الركن المعنوي في هذه الجريمة صورة القصد الجنائي وهو قصد عام يقوم على العلم والإرادة، فيجب أن يكون الجاني عالما بأنه موظف عام، وبأن الأرض التي يعتدي عليها أو يسهل لغيره الاعتداء عليها مملوكة الوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 119ع، كما يجب أن يكون عالما بأن هذا العقار يتبع الجهة التي يعمل بها أو يتبع جهة يتصل بها بحكم عمله، كذلك يجب أن تكون إرادته قد اتجهت إلى الفعل المادي المكون للجريمة وهو التعدي على العقار أو تسهيل التعدى للغير.

العقوبة:

يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة السجن، ولما كانت هذه العقوبة عقوبة جناية، فإن الحكم بها يستتبع الحكم بالعزل المؤبد من الوظيفة أو زوال الصفة وهي عقوبة تبعية، أما إذا عاملته المحكمة بالرأفة فحكمت عليه بالحبس إستعمالاً للمادة 17 ع فإنه يحكم عليه بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه، والعزل هنا يكون عقوبة تكميلية (المادة 27 ع)، كما يحكم برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس، أو يحكم برد العقار بعد إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقة المحكوم عليه، كذلك يحكم بغرامة مساوية لقيمة ما عاد على الجاني من منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه.

والشروع في هذه الجريمة جناية تطبق في شأنها العقوبة المنصوص عليها في المادة 46 من قانون العقوبات.

تشديد العقوبة

يقرر المشرع تشديد عقوبة هذه الجريمة فتصبح السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتبطت بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة: 169)

هذه المادة مضافة بالقانون رقم 34 لسنة 4891 الصادر في 27/ 3/ 1984 الجريدة الرسمية في 31/ 3/ 1984 العدد 13 مكرراً .

أركان الجريمة :

1- صفة الجاني

يلزم لتوافر هذه الجريمة أن يكون الفاعل موظفاً عاماً أو من في حكم الموظف العام طبقا لنص المادة 119 مكرر عقوبات ويجب فوق ذلك أن يكون التعدي من الموظف العام أو من في حكمه على عقار يتبع الجهة التي يعمل بها أو جهة يتصل بها بحكم علمه والعلة من النص هي منع الموظف من استغلال وظيفته في التعدي على عقارات تتبع الجهة التي يعمل بها أو أية جهة أخرى يتصل بها بحكم عمله فإذا تخلف ذلك الشرط انتفت الجريمة.

2- الركن المادي :

يشترط أن يكون تعدى الموظف العام أو من في حكمه على أرض فضاء أو مباني مملوكة لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 عقوبات بشرط أن يكون ذلك العقار يتبع الجهة التي يعمل بها الجاني أو أية جهة من الجهات المبينة في المادة 119 عقوبات يتصل بها بحكم عمله ويأخذ صورة التعدی زراعة هذه الأراضي أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة أو يسهل تلك الأفعال للغير ومن ثم فإن فعل التعدي قد يكون من الموظف العام أو من في حكمه وقد يكون من الغير بتسهيل من الموظف وفي هذه الحالة الأخيرة يكون ذلك الغير شريكاً للموظف في الجريمة وذلك عملاً بالقواعد العامة .

3- الركن المعنوي :

هذه الجناية عملية يتعين أن يتوافر فيها القصد الجنائي وهو انصراف الموظف العام أو من في حكمه إلى الاعتداء على عقار مملوك لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 عقوبات مع علمه بأن هذا العقار يتبع الجهة التي يعمل بها أو أية جهة أخرى يتصل بها بحكم علمه فإذا انتفى ذلك العلم تخلف وقوع الجريمة كما حددها النموذج الإجرامي.

العقوبة :

يحكم على الجاني بالسجن. وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة كما يحكم على الجاني في جميع الأحوال بالعزل عن وظيفته أو زوال صفته ويرد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته وبغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه منفعة على ألا تقل من خمسمائة جنيه.

ويجوز للمحكمة أن تستعمل المادة 17 عقوبات إذا رأت مبرراً لذلك وفى هذه الحالة يراعى نص المادة 27 من قانون العقوبات حيث توقيت مدة العزل. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 431)

يتطلب لقيام جريمة التعدي على العقارات العامة توافر ثلاثة أركان: الصفة  الخاصة في الجاني، والركن المادي، والركن المعنوي.

الصفة الخاصة للجاني :

يتعين أن يكون مرتكب جريمة التعدي على العقارات العامة موظفاً عاماً وفقاً للمدلول الذي حددته المادة (119 مكرراً) من قانون العقوبات ويتعين أن تتوافر هذه الصفة وقت ارتكاب الفعل، ولا أهمية بعد ذلك لاستمرارها أو زوالها فإذا لم تكن للمتهم صفة الموظف العام وقت ارتكاب الفعل لا تقوم هذه الجريمة، كما لو كان فرداً عادياً أو مستخدماً في أحد المشروعات الخاصة التي لا يعتبر عمالها من الموظفين العموميين في حكم المادة (119 مكرراً).  

ولم يتطلب المشرع في الموظف العام الذي يرتكب جريمة التعدي أن تكون له صلة وظيفية محددة بالعقار الذي تعدي عليه أو أن يكون مختصة بإدارته والإشراف عليه أو التصرف فيه، ومع ذلك فإن هذه الجريمة لا يرتكبها أي موظف عام متى كان العقار مملوكة لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة (119)، فقد تطلب المشرع قدراً من الصلة بين وظيفة الشخص والعقار الذي تعدي عليه فالموظف العام لا يرتكب جريمة التعدي على العقارات إلا إذا كان العقار الذي وقع عليه التعدي يتبع الجهة التي يعمل بها أو يتبع جهة يتصل بها بحكم علمه وتعني تلك الصلة في مفهوم المشرع أن الصفة الوظيفية قد سهلت تعدي الموظف على العقار، ومن ثم كانت محل تقدير عندما جرم القانون فعل الموظف.

الركن المادي :

يتحقق الركن المادي في جريمة التعدي على العقارات العامة بإتيان فعل التعدي أو التسهيل الذي ينبغي أن يقع على أموال مملوكة لجهة معينة.

أولاً : محل التعدي :

يقع التعدي على عقار مملوك لوقف خيري أو لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (119) من قانون العقوبات والعقار موضوع التعدي حدده المشرع بأنه أرض زراعية أو أرض فضاء أو مباني ويستوي أن يكون العقار مملوكة كله أو بعضه لجهة الوقف الخيري أو لإحدى الجهات التي ورد ذكرها في النص.

ويجب أن تكون ملكية جهة الوقف أو إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (119) من قانون العقوبات للعقار ثابتة وقت ارتكاب فعل التعدي، فإن لم تكن ملكية العقار قد انتقلت إليها وقت ارتكاب الفعل لا تقوم الجريمة التي نحن بصددها، لأن العقار لا يكون مملوكاً لتلك الجهة لكن انتهاء ملكية الجهة للعقار لا يؤثر في مسئولية المتهم إذا كان قد تعدى عليه وقت أن كانت ملكيته ثابتة للجهة التي حددها القانون. وإذا كان المشرع قد حدد نوع الصلة الواجب توافرها بين العقار والجهة التي يوجد تحت يدها بأنها صلة أو علاقة ملكية، فإن حيازة الجهة للعقار أيا كان سببها غير التملك لا تكفي لقيام تلك الجريمة فالموظف الذي يتعدى على أرض فضاء مملوكة لأحد الناس و تستأجرها جهة عامة، أو على مبنى خاص تستأجره هذه الجهة من مالكه لا يرتكب تلك الجريمة والموظف الذي يتعدى على أرض زراعية مملوكة للأفراد ملكية خاصة لا يرتكب الجريمة التي نحن بصددها.

وإذا كان العقار أرضاً زراعية، فلا أهمية لكونها مزروعة أو غير مزروعة.  أما الأرض الفضاء فهي المساحات المخصصة للبناء عليها وإذا كان العقار مملوكاً للدولة فيستوي أن يكون من أملاكها العامة أو من أملاكها الخاصة، فالقانون يحمي حرمة أملاك الدولة من كل انتهاك لها، يستوي أن تكون هذه الأملاك عامة أو خاصة، لأن هيبة الدولة ومصالحها يلحق بها الضرر في الحالتين.

ثانياً : التعدي أو تسهيل التعدي :

يتخذ الركن المادي لجريمة المادة التي نحن بصددها صورتين: تعدي الموظف على العقار أو تسهيل التعديل للغير.

(1) التعدي على العقار :

حدد المشرع فعل الموظف بأنه تعدي على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان وتعبير التعدي يشمل كل صور الاستيلاء على العقار غير تلك المنصوص عليها في المادة (113) من قانون العقوبات ويبدو أن المشرع يقصد من ذلك الاستيلاء على العقار إذا لم يكن مصحوبا بنية تملكه، وإنما بقصد الانتفاع به مع الاعتراف بملكيته للجهة التي تملكه أصلاً ويستفاد هذا المعنى من الصور التي أوردها المشرع للتعدي الذي قد يكون بزراعة الأرض أو غرسها أو إقامة إنشاءات بها، وقد يكون بشغل العقار إذا كان من المباني لكن تعداد صور التعدي لم يرد على سبيل الحصر، وإنما على سبيل المثال بدليل أن المشرع أردف هذا التعداد بعبارة "أو انتفع بها بأية صورة وهذه العبارة تدل كذلك على أن المشرع يجرم التعدي الذي يقتصر على الانتفاع بالعقار ولا تتوافر لدى فاعله نية تملكه. والواقع أن مقارنة النص المستحدث بنص المادة (113) الخاص بالاستيلاء على المال العام تشير إلى أن المشرع أراد تجريم الاستيلاء بغير حق على العقار المملوك لوقف خيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة (119) إذا كان الفعل، الذي عبر بالتعدي غير مصحوب بنية التملك وعلى ذلك يكون نص المادة (115 مكرراً) نصاً خاصاً بالنسبة للمادة (113) فيما يتعلق بالاستيلاء على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة لإحدى الجهات المبينة في المادة (119) عقوبات.

(ب) تسهيل التعدي للغير:

قد لا يتعدى الموظف بنفسه على العقار المملوك للوقف الخيري أو لإحدى الجهات المبينة في المادة (119) وإنما يسهل هذا التعدي لغيره بأي طريقة، أي أنه يستغل وظيفته لتمكين غيره من التعدي على العقار وقد سوى القانون في التجريم والعقاب بين التعدي وتسهيل التعدي، فاعتبر الموظف فاعلاً للجريمة في الحالتين وسواء أن يكون الشخص الذي سهل له الموظف التعدي على العقار موظفاً عاماً أو غير موظف وهذه التسوية بين التعدي وتسهيل التعدي مأخوذة من المادة (113) من قانون العقوبات التي تسوي بين استيلاء الموظف على المال العام أو تسهيل ذلك للغير بأي طريقة.

وقد اكتفى المشرع بتعبير التسهيل للغير بأي طريقة، فلم يحصر بالتالي صور سلوك الموظف الذي يترتب عليه تسهيل تعدي الغير على العقار العام وصور التسهيل عديدة، وهي لدى القانون سواء في قيام الجريمة بأي منها والغالب أن يقع تسهيل التعدي على العقار بسلوك سلبي من الموظف الذي يتغافل عمداً عن مظاهر تعدي الغير على الأرض أو المبنى، فلا يتخذ الإجراءات القانونية أو الإدارية اللازمة لمنعه من الاستمرار في أعمال التعدي.

الركن المعنوي:

هذه الجريمة عملية، يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي.

والقصد يقوم على علم الموظف بصفته كموظف عام، وعلمه بأن العقار الذي يتعدى أو يسهل التعدي عليه للغير يتبع للجهة التي يعمل بها أو جهة يتصل بها بحكم عمله، وتفترض جريمة التعدي على العقار أو تسهيل ذلك التعدي انتفاء نية التملك لدى المتهم، فإذا توافرت هذه النية كانت الجريمة إستيلاء بغير حق على المال العام، واستحق الموظف عقوبة الاستيلاء وهي أشد من عقوبة التعدي في صورته البسيطة.

العقوبة :

جريمة تعدي الموظف العام على العقار أو تسهيل ذلك الغير جناية في كل الأحوال لها صورة بسيطة، كما أن المشرع نص على سبب لتشديد عقابها  وفي الحالتين تسري العقوبات التكميلية والرد باعتباره جزاءً مدنياً.

أولاً : عقوبة جريمة التعدي في صورتها البسيطة :

العقوبة الأصلية للجريمة في صورتها البسيطة هي السجن بالإضافة إلى العقوبات التكميلية والرد.

ولم يحظر المشرع على القاضي إستخدام المادة (17) عقوبات، كما أنه لم يقيد سلطة القاضي المقررة وفقاً لهذا النص كما تسري على هذه الجريمة المادة (118 مكرراً أ) التي تجيز للمحكمة أن تقضي بعقوبة الحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة (118 مكرراً)، بدلاً من العقوبة المقررة أصلاً للجريمة، إذا رأت من ظروف الجريمة وملابساتها ما يبرر ذلك، وكانت المنفعة التي عادت على المتهم لا تتجاوز قيمتها خمسمائة جنيه.

ثانياً : عقوبة جريمة التعدي في صورتها المشددة :

قرر المشرع الجريمة التعدي عقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة والواقع أن التعدي على العقارات غالباً ما يرتبط بالتزوير أو استعمال المحررات المزورة، ويكون الغرض من التزوير تسهيل التعدي أو إخفاء ما يدل عليه حتى لا ينكشف أمر الجاني ويعني ذلك أن الجاني يرتكب جريمتين، مما يجعل سلوكه أكثر خطورة مما لو ارتكب جريمة التعدي وحدها.

والارتباط الذي يؤدي إلى التشديد هو الارتباط الذي لا يقبل التجزئة في مدلول المادة ( 32/ 2) من قانون العقوبات ولا أهمية لكون التزوير قد وقع في محرر رسمي أو عرفي، كما يستوي أن يكون الإستعمال لمحرر رسمي أو عرفي منذ كان كلاهما مزوراً لكن يشترط أن يكون الموظف الذي تعدى على العقار أو سهل ذلك لغيره مسئولاً عن جريمة التزوير بوصفه فاعلاً أو شريكاً، فإن لم يكن كذلك إمتنع تطبيق الظرف المشدد رغم وجود الارتباط، وكونه لا يقبل التجزئة.

ثالثاً : العقوبات التكميلية والرد :

سواء كانت العقوبة الأصلية هي السجن أو كانت هي السجن المؤبد أو المشدد، فقد نصت المادة التي نحن بصددها على عقوبتين تكميليتين وجوبيتين هما العزل أو زوال الصفة، والغرامة النسبية التي تساوي قيمة ما عاد على الجاني من منفعة بشرط ألا تقل عن خمسمائة جنيه والعزل أو زوال الصفة يكون مؤبداً، ولو عومل المتهم بالرأفة فحكم عليه بالحبس، إذ لا يسري في هذه الحالة نص المادة (27) من قانون العقوبات وإنما نص المادة (115 مكرراً) والتي نحن بصددها الذي يقرر العزل كعقوبة تكميلية مؤبدة باعتباره نصاً خاصاً.

أما الغرامة النسبية فتقدر بقيمة ما عاد على المغتصب من منفعة، بشرط ألا تقل عن خمسمائة جنيه، حتى لو كان ما عاد على المغتصب من منفعة أقل من هذا الحد، فإن لم يكن المغتصب قد انتفع مطلقة من العقار، لا يكون هناك مجال للحكم بالغرامة النسبية، لأن المشرع يفترض أن هناك منفعة قد عادت من التعدي علي العقار، وهذه المنفعة تقبل التقويم بالمال حتى يحكم بالغرامة المساوية لقيمتها.

ونصت المادة التي نحن بصددها كذلك على جزاء مدني هو رد العقار المغتصب بما يكون عليه من مباني أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقة الجاني وإذا حكم برد العقار بما يكون عليه من مبان أو غراس، فلا يحق للجاني أن يطالب بتعويض عما أنفقه على المباني أو الغراس، بل يرد العقار بما يكون عليه إلى الجهة المالكة له دون أي تعويض للمغتصب.

ويفترض ذلك أن الجهة مالكة العقار المغتصب ترغب في الإبقاء على المباني أو الغراس التي أضافها الجاني إلى العقار لكن إذا رأت تلك الجهة أن ما أضافه الجاني إلى العقار يتنافى مع الغرض المخصص له أو يقلل من منفعته، كان لها أن تطلب إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة بإزالة ما أضافه الجاني إلى العقار المغتصب من مبان أو غراس، وفي هذه الحالة تحكم المحكمة برد العقار المغتصب مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقة الجاني.

والعقوبات التكميلية الوجوبية والرد يحكم بها على الجاني في جميع الأحوال" أي سواء كم بالعقوبة الأصلية المقررة في نص المادة التي نحن بصددها، أو حكم بعقوبة مخففة في حالة إستخدام المادة (17) من قانون العقوبات، أو بالحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير المقررة في المادة (118 مكرراً) إذا استعملت المحكمة الرخصة المقررة لها بمقتضى المادة (118 مكرراً "أ"). (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 489)

الفقة الإسلامي
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 192 ، 297  
(مادة 382)
 كل موظف عام تعدى بغير حق على أرض زراعية، أو أرض فضاء، أو مبان مملوكة لوقف خيري، أو لإحدى الجهات المبينة في المادة (393) من هذا القانون، وذلك بزراعتها أو غرسها، أو إقامة منشآت عليها أو شغلها، أو انتفع بها بأية صورة، أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة - يعاقب بالسجن متى كان ذلك العقار يتبع الجهة التي يعمل بها، أو جهة يتصل بها بحكم عمله، وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المؤقت، إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير، أو استعمل محرراً مزوراً ارتباطاً لا يقبل التجزئة. 
ويحكم على الجاني في جميع الأحوال بالعزل من وظيفته أو زوال صفته، وبرد العقار المغتصب بما يكون عليه من مبان أو غراس، أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته. 
(مادة 618)
 كل من تعدى على أرض زراعية ، أو أرض فضاء ، أو مبان مملوكة لوقف خيري ، أو لإحدى الجهات المبينة في المادة (393) من هذا القانون ، وذلك بزراعتها أو غرسها ، أو إقامة منشآت عليها ، أو شغلها ، أو الإنتفاع بها بأية صورة - يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات ، أو بإحدى هاتين العقوبتين ، ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بها يكون عليه من مبان أو غراس ، أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته.  
فإذا وقعت الجريمة بالتحايل ، أو نتيجة تقديم إقرارات ، أو الإدلاء ببيانات غير صحيحة مع العلم بذلك - تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ، ولا تزيد على خمس سنوات ، وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين . 
ويحكم بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ، في حالة توافر أحد الظروف المشار إليها فيها . 
إنتهاك حرمة ملك الغير والإعتداء على الحدود 
المواد من (617) - (622) : 
تقابل هذه المواد بصفة عامة نصوص المواد (358) ، (369) ، (387) ، (379)/ (4) من القانون القائم مع إستحداث بعض أحكام لم يكن يشملها التشريع القائم ، وأهم ما إستحدث ما يلي : 
1- إستحدث المشروع في الفقرة الثالثة من المادة (617) منه جريمة البقاء في مكان ما ذکر بالفقرة الأولى من المادة بعد إنتهاء مدة الحيازة أو سندها ، أو بعد فسخ هذا السند أو إبطاله أو إلغائه لأي سبب ، أو تجرد الحيازة من السند القانوني ، ويستوي في هذه الجريمة أن الجزء الرابع يكون الجاني هو صاحب الشأن في الحيازة إبتداء أو من يخلفه . 
2- استحدثت المادة (618) من المشروع جريمة التعدي الذي يحدث من آحاد الناس على عقارات مملوكة لوقف خيري ، أو لإحدى الجهات المبينة في المادة (393) من هذا المشروع ، ووضع المشروع عقوبة تزيد عن العقوبات المنصوص عليها لجرائم الإعتداء على حرمة ملك الغير . 
3- المادة (619) من المشروع إستحدثت جريمة التعدي بأية صورة على أرض أو عقار للغير ، وحددت الفقرات الثانية والثالثة والرابعة الظروف المشددة للجريمة . 
4- المادة (621) من المشروع تقابل المادة (373) مکرراً من القانون القائم ، مضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ، وقد أبقى عليها المشروع دون تعديل ؛ للإعتبارات التي أشارت إليها المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور . 
5- المادة (622) من المشروع اتسع نطاقها ليشمل في الفقرة الثانية منه إلقاء الأحجار أو أشياء أخرى صلبة أو سائلة ، أو مخلفات من أي نوع على عربات،  أو أماكن ، أو عقارات ، أو منقولات ، أو أي شيء متى كانت هذه مملوكة للغير .