loading

موسوعة قانون العقوبات​

المذكرة الإيضاحية

شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية

ورد في المذكرة الإيضاحية انه قد « أقام الشارع قرينة مؤداها مسئولية المورد أو المستعمل ما لم يثبت أنه لم يكن من مقدوره العلم بالغش أو الفساد

(الطعن رقم 1078 لسنة 53 جلسة 1983/05/30 س 34 ص 700 ق 141)

2- انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها . وكان من المقرر كذلك أن عناصر الركن المادى لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هى التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أنه يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أم اجتماعية أم سياسية وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع . وأن تكون الغاية من هذا التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق ، فإن كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التداخل فى وظيفة عمومية لمجرد انتحاله صفة رئيس نيابة دون أن يستظهر الأعمال الإيجابية التى صدرت من الطاعن والتى تعتبر افتئاتاً على الوظيفة أو يبين ما أتاه الطاعن من احتيال ومظاهر خارجية من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفته وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولم يستظهر كذلك عنصرى التذرع بالنفوذ والسبب لجريمة الاتجار بالنفوذ فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم. (الطعن رقم 30615 لسنة 72 جلسة 2003/07/21 س 54 ص 796 ق 105)

3- استهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية، فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات. وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة.

(الطعن رقم 59 لسنة 38 جلسة 1968/02/19 س 19 ع 1 ص 238 ق 43)

4- متى كانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى على المتهم وجرت المحاكمة على أساسها هي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، والخاصة باستغلال النفوذ وهي تختلف فى أركانها وعناصرها القانونية عن جريمة الرشوة - القائمة على الاتجار بالوظيفة - التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة فى التهمة على النحو المتقدم ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى المتهم فى أمر الإحالة مما تملك محكمة الجنايات إجراءه فى حكمها إسباغاً للوصف القانوني الصحيح لتلك الأفعال، وإنما هو فى حقيقته تعديل فى التهمة ذاتها يتضمن إسناد عنصر جديد إلى الواقعة التي وردت فى أمر الإحالة هو الاتجار بالوظيفة على النحو الوارد فى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وهو تغيير لا تملك المحكمة إجراءه إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى ويشترط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية.

(الطعن رقم 1606 لسنة 38 جلسة 1968/10/07 س 19 ع 3 ص 807 ق 158)

5- لا جدوى مما يثيره الطاعن من خلو التحقيقات من أى دليل على أنه زعم أن له إختصاصا بالعمل الذى طلب الرشوة من أجله ، ذلك بأن ما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى تتوافر به عناصر الجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و لئن أخطأ الحكم فى تطبيقه المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات على واقعة الدعوى ، إلا أن العقوبة التى قضى بها تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره فى هذا الشأن .

(الطعن رقم 1704 لسنة 39 جلسة 1971/11/01 س 21 ع 1 ص 49 ق 11)

6- إستهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعزم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة ، و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً ، و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية ، فإن كان موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات ، و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً من القانون المذكور ، و إذ كان ما تقدم و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .

(الطعن رقم 1131 لسنة 40 جلسة 1970/10/26 س 21 ع 3 ص 1020 ق 244)

7- إن الشارع قد إستهدف بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أيه سلطة عامة - و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً . و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية . فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات ، و ذلك على إعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة و إنما ظرف مشدد للعقوبة .

(الطعن رقم 209 لسنة 58 جلسة 1988/12/06 س 39 ع 1 ص 1227 ق 190)

8- عناصر الركن المادى للواقعة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات الخاصة بإستعمال نفوذ حقيقى أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على حكم أو قرار ، هو التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية فهو يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أن يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانه رياسية أو إجتماعية أو سياسية و هو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع.

(الطعن رقم 3286 لسنة 54 جلسة 1985/11/21 س 36 ص 1035 ق 189)

الأحكام

1- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة أسندت إلى الطاعنين ارتكاب الغش فى تنفيذ عقد النقل وعاقبتهما بالمادة 116 مكرراً ج من قانون العقوبات . وكانت هذه المادة قد نصت على أن "كل من أخل عمداً بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التى يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به مع احدى الجهات المبينة فى المادة 119 أو مع احدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم . أو اذا ارتكب أى غش فى تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن .... ويحكم على الجاني بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة . ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الاخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم ". وكان الواضح من سياق هذا النص أنه يعاقب على نوعين من الجرائم الأول هو الاخلال العمدى فى تنفيذ أى من العقود المبينة به على سبيل الحصر وهو يتحقق بالامتناع عن تنفيذ الالتزامات التعاقدية كلها أو بعضها أو تنفيذها على نحو مخالف لنصوص العقد أو قواعد القانون التى تحكمه أو اعتبارات حسن النية التى يلتزم بها المتعاقد . وهذه الجريمة هى التى ربط فيها الشارع الاخلال بجسامة النتيجة المترتبة عليه فاشترط الضرر الجسيم ركناً فى الجريمة دون ما عداها أما النوع الثانى فهو الغش فى تنفيذ هذه العقود وهو ما لم يتطلب فيه الشارع قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب . وأهم تطبيقات الغش - على ما ورد فى المذكرة الايضاحية للنص - الغش فى عدد الأشياء الموردة أو فى مقدارها أو مقاسها أو عيارها أو فى ذاتية البضائع المتفق عليها أو فى حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل فى تركيبها وعلى الجملة كل الغش فى انجاز الأشغال أو فى الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد وكذلك كل تغيير فى الشئ لم يجربه العرف أو أصول الصناعة . وقد اشترط الشارع بقيام أى من هاتين الجريمتين - وهما الاخلال العمدى فى تنفيذ الالتزامات التعاقدية الذى يترتب عليه ضرر جسيم والغش فى تنفيذ تلك العقود - أن يقع الاخلال أو الغش فى تنفيذ عقد من العقود التى أوردتها المادة على سبيل الحصر وأن يكون التعاقد مرتبطاً به مع احدى الجهات التى أشارت إليها المادة المذكورة وأن يكون الجاني متعاقداً مع احدى هذه الجهات أو أن يكون متعاقداً من الباطن أو وكيلاً أو وسيطاً متى كان الاخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعله . كما يشترط لقيام هاتين الجريمتين توافر القصد الجنائي باتجاه اراده الجاني إلى الاخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه مع علمه بذلك . لما كان ذلك ، وكان ما أجرته المحكمة من اسناد فعل الغش إلى الطاعنين - الذى لم يرد فى أمر الاحالة - لم يعد تعديلاً فى وصف التهمة وإنما هو تعديل فى ذات التهمة لا تملك المحكمة اجراءه إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى مما كان يقتضى لفت نظر الدفاع ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك منعاً للافتئات على الضمانات القانونية التى تكفل للطاعنين حق الدفاع عن نفسيهما دفاعاً كاملاً حقيقياً لا مبتوراً ولا شكلياً أمام سلطة القضاء بعد أن يكونا قد أحيطا بالتهمة علما ً وصاراعلى بينة من أمرهما فيها أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون قد بنى على اجراء باطل أخل بحق الطاعنين فى الدفاع 

(الطعن رقم 23905 لسنة 65 جلسة 1998/01/21 س 49 ص 143 ق 19)

2- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد فى مقام تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعنين ارتكبا غشاً فى تنفيذ عقد التزام بالنقل باعتبار الأول مقاولاً ومالكاً للسيارة والمقطورة اللتين أورد رقمهما والثانى سائقاً لهما مع المقاول الأصلى المتعاقد مع شركة مصر للبترول لنقل المواد البترولية إلى وكلاء الشركة بالاستيلاء على جزء من تلك المواد البترولية باحتجازه فى جيب سحرى بخزان تلك السيارة والمقطورة بعد تفريغ حمولتها قاما بتركيبهما لهذا الغرض ثم عاد الحكم فى معرض ادانه الطاعنين وأورد أنهما "أخلا عمداً بإدخال الغش فى تنفيذ بعض الالتزامات التى يفرضها عليهما عقد نقل ارتبط به المقاول ............ مع شركة مصر للبترول لنقل الرسائل إلى وكلاء الشركة حال كون الأول متعاقد معه من الباطن والثانى وكيل عن الأول بأن قاما بالاستيلاء على جزء من المواد البترولية القائمين بنقلها ....... "ولما كان ما تقدم ، فإن اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين للفعل الذى دان الطاعنين بارتكابه ولصفه الطاعن الثانى ودوره فى الجريمة - وهى مناط الثأثيم - يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أى أساس يكونت المحكمة عقيدتها فى الدعوى . فضلاً عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذى يؤمن معه خطؤها فى تقدير مسئولية الطاعنين ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً فى أسبابه متناقضاً فى بيان الواقعة تناقضاً يعيبه ويوجب نقضه .

(الطعن رقم 23905 لسنة 65 جلسة 1998/01/21 س 49 ص 143 ق 19)

3- لما كان نص المادة 116 مكرراً " ج " من قانون العقوبات قد جرى فى فقرته الثانية على أن ، كل من إستعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأى من العقود سالفة الذكر ، و لم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس و الغرامة التى لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين و ذلك ما لم يثبت أنه لم يكن فى مقدوره العلم بالغش أو الفساد و يحكم على الجاني بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة و يعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال ، المتعاقد من الباطن و الوكلاء و الوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الإلتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم " و كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع و القرائن ما تراه مؤدياً عقلاً إلى النتيجة التى إنتهت إليها ، متى أقامت قضاءها على ما إقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت فى الأوراق ، فإن ما تخلص إليه فى هذا الشأن يكون من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يدخل فى نطاق سلطتها و إذ كان مؤدى ما أثبته الحكم المطعون فيه بمدوناته أن الطاعن بصفته متعاقداً من الباطن على توريد لحوم لجهة حكومية قد ورد بالفعل كمية فاسدة منها إلى تلك الجهة إذ تبين من فحص تلك الكمية أنها محمومة و غير صالحة للإستهلاك الآدمى ، و قد كان ذلك راجعاً لفعله دون أن يثبت للمحكمة غشه أو علمه بفسادها ، و كان الطاعن لا يمارى فى أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود و إعترافه بالتحقيقات بتوريدها له معينه الصحيح من الأوراق فلا يعدو ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون - إذ دانه عن جريمة تقع - أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التى إرتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح ، و هو ما لا يقبل لدى محكمة النقض .

(الطعن رقم 604 لسنة 51 جلسة 1981/11/15 س 32 ص 901 ق 155)

4- القصد الجنائي ركن من أركان الجريمة فيتعين أن يكون ثبوته فعلياً، فقد كان على الحكم أن يستظهر صفة الطاعن الثانى والأفعال التى ارتكبها وتعد اخلالاً بتنفيذ الالتزام أو غشاً ويستظهر عناصر مساهمته فى ارتكاب الجريمة وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً واضحاً يكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها. ولا يكفى فى ذلك ما أورده فى معرض استخلاصه ادانة الطاعنين بأن الثانى وكيل عن الأول دون أن يقيم الدليل على ذلك وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى التى أوردها وعول عليها فى قضائه مما يدل يقيناً على توافر هذه الصفة. كما لا يكفى فى ذلك أيضاً ما سطره الحكم فى معرض رده على دفاع هذا الطاعن من أنه والطاعن الأول كان يتداولان ركوب العربة بمقطورتها إذ أن ذلك لا يفيد فى ذاته أن الطاعن الثانى ساهم فى إقامة الخزانين السحريين أو علم بوجودهما أو أنه ساهم فى اقتراف الجريمة - وهو ما لم يدلل الحكم على توافره فى حقه ومن ثم فإن الحكم يكون قاصر البيان. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين أو بحث الطعن المقدمة من النيابة العامة التى تنعى فيه على الحكم الخطأ فى تطبيق القانون إذ أغفل القضاء بالغرامة التى تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة . فلا موجب لبحث هذا الخطأ القانونى. ذلك أن القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع لهما الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون.

(الطعن رقم 23905 لسنة 65 جلسة 1998/01/21 س 49 ص 143 ق 19)

5- لما كانت عقوبة الجريمة المسنده الى الطاعن طبقا لنص الفقرة الاولى من المادة116 مكرراً ج من قانون العقوبات التى طبقها الحكم هى السجن فضلاً عن وجوب الحكم على الجاني بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة عملاً بحكم الفقرة الرابعة من المادة سالفة الذكر وان عقوبتى الرد والغرامة المساوية لقيمة ما أختلس أو استولى عليه ليست واجبة فى هذه الجريمة إذ لم ترد حصرا فى المادة 118من قانون العقوبات وكان الحكم المطعون فيه اذ قضى بتغريم الطاعن-والمتهم الاول-مبلغ6990 جنيها لم يبين ما إذا كان هذا المبلغ يمثل قيمة الضرر الذى تترتب على جريمة الاخلاء التى دانه عنها وسنده فى تقدير قيمة هذا الضرر، أم أن هذا المبلغ والذى الزمه برد مثله-يمثل قيمة ما استولى عليه بغير حق بتسهيل من المتهم الاول وهى جريمة لم يسند اليه الاشتراك فيها ورغم منازعته فى صرف اية مبالغ من حساب المقاوله التى اسند اليه تنفيذها، مما يدل على اختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها فى عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على الاساس التى كونت عليها محكمة الموضوع عقيدتها-وهو ما يعجز محكمة النقض النقض عن اعمال رقابتها على الوجه الصحيح مما يتعين معه نقض الحكم المطعون.

(الطعن رقم 4698 لسنة 61 جلسة 1993/01/03 س 44 ع 1 ص 41 ق 1)

6- جناية الإخلال العمدي فى تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عقد المقاولة أو ارتكاب أي غش فى تنفيذ هذا العقد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرراً (ج) من قانون العقوبات هي جريمة عمدية يشترط لقيامها توفر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه مع علمه بذلك، وكان من المقرر أيضاً أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر هذا الركن الأساسي إذ خلت مدوناته من إيراد الدليل على أن الطاعنين قد عمدوا إلى الإخلال بعقد المقاولة الذي ارتبط به الطاعن الأول مع الوحدة المحلية لمركز ومدينة........... أو الغش فى تنفيذه، فإنه يكون معيباً بالقصور فى البيان.

(الطعن رقم 1887 لسنة 65 جلسة 1997/01/15 س 48 ع 1 ص 107 ق 15)

7- يشترط لقيام أى من الجريمتين اللتين دان الحكم الطاعن بهما وهما الإخلال العمد فى تنفيذ الالتزامات التعاقدية التى يترتب عليه ضرر جسيم والغش فى تنفيذ تلك العقود أن يقع الإخلال أو الغش فى تنفيذ عقد من العقود التى أوردتها المادة 116 مكرراً ج من قانون العقوبات على سبيل الحصر وأن يكون التعاقد مرتبطاً به مع الحكومة أو إحدى الجهات الأخرى التى أشارت إليها المادة المذكورة \

(الطعن رقم 22309 لسنة 70 جلسة 2003/03/26 س 54 ص 506 ق 58)

8- جناية الغش فى عقد التوريد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات هي جريمة عمدية يشترط لقيامها توفر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه مع علمه بذلك ومن المقرر أيضاً أن القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر هذا الركن الأساسي إذ خلت مدوناته من إيراد الدليل على أن الطاعنة قد عمدت إلى غش اللبن المورد إلى المستشفى للإخلال بعقد التوريد أو الغش فى تنفيذه، فإنه يكون معيباً بالقصور فى البيان بما يوجب نقضه والإحالة إذ لا وجه للقول بأن العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعنة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجنحة بيع لبن مغشوش مع العلم بذلك وفقاً لنصوص القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانونين 552 لسنة 1955، 80 لسنة 1961 أخذاً بالقرينة المنصوص عليها بالقانونين الأخيرين التي أفترض بها الشارع العلم بالغش فى حق المشتغل بالتجارة ما لم يثبت حسن نيته ذلك أن مدونات الحكم قد خلت البتة مما يفيد توفر هذا الشرط فى حق الطاعنة .

(الطعن رقم 551 لسنة 46 جلسة 1976/10/31 س 27 ع 1 ص 795 ق 181)

9- تنص المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين كل من أخل عمداً فى تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط بها مع الحكومة أو إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات أو الشركات أو الجمعيات أو المنظمات أو المنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وترتب على ذلك ضرر جسيم أو ارتكب أي غش فى تنفيذ هذا العقد". وواضح من مساق هذا النص أنه يعاقب على الغش فى تنفيذ العقود المبينة به على سبيل الحصر ويدخل فى حكم النص - حسبما جاء بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون - الغش فى عدد الأشياء الموردة أو مقاسها أو عيارها أو فى ذاتية البضاعة المتفق عليها أو فى حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل فى تركيبها، وعلى الجملة كل غش فى إنجاز الأشغال أو الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد وكذلك كل تغيير فى الشيء لم يجر به العرف أو أصول الصناعة.

(الطعن رقم 239 لسنة 43 جلسة 1973/04/29 س 24 ع 2 ص 580 ق 119)

10- التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الأخر، ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه تبرئه الطاعن من تهمة الأضرار العمدى تأسيسا على نفى تواطئه مع المتهم الثالث عشر لا يتعارض البته مع توافر أركان جريمة التربح التى دين بها، ومن ثم فإن ما ينعاه فى هذا الخصوص يكون غير سديد .

(الطعن رقم 6100 لسنة 59 جلسة 1992/07/12 س 43 ع 1 ص 638 ق 96)

11- نصت المادة 116 مكرراً (1) من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 على أنه : " يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين كل من أخل عمداً فى تنفيذ كل أو بعض الإلتزامات التى يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو إلتزام أو أشغال عامة إرتبط بها مع الحكومة أو إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات أو الشركات أو الجمعيات أو المنظمات أو المنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت وترتب على ذلك ضرر جسيم أو إرتكب أى غش فى تنفيذ العقد " . ويبين من سياق النص أنه إشترط لقيام أى من الجريمتين اللتين تضمنهما وهما الإخلال العمدى فى تنفيذ الإلتزامات التعاقدية الذى يترتب عليه ضرر جسيم والغش فى تنفيذ تلك العقود أن يقع الإخلال أو الغش فى تنفيذ عقد من العقود التى أوردتها المادة على سبيل الحصر ، وأن يكون التعاقد مرتبطاً به مع الحكومة أو إحدى الجهات الأخرى التى أشارت إليها المادة المذكورة . وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون سالف البيان عن علة التجريم . ولما كان الحكم المطعون فيه قد حجب نفسه عن بحث توافر تلك العناصر بالتثبت من طبيعة العلاقة بين المطعون ضده والجهة التى تم التوريد إليها مع ما لذلك من أثر فى إسباغ التكييف الصحيح على واقعة الدعوى ، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يستوجب نقضه والإحالة .

(الطعن رقم 1987 لسنة 38 جلسة 1969/04/21 س 20 ع 2 ص 494 ق 103)

12- الواضح من مساق نص المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 أنه يعاقب على نوعين من الجرائم ( الأول ) هو الإخلال العمدى فى تنفيذ أى من العقود المبينة بها على سبيل الحصر ، و هذا النوع هو الذى ربط فيه الشارع الإخلال بجسامة النتيجة المترتبة عليه فإشترط الضرر الجسيم ركناً فى الجريمة دون ما عداه و " الثانى " و هو الغش فى تنفيذ هذه العقود ، و هو ما لم يتطلب فيه الشارع قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة و إستحقاق العقاب .

(الطعن رقم 2152 لسنة 36 جلسة 1967/03/06 س 18 ع 1 ص 308 ق 61)

13- جناية الغش فى عقد التوريد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات هي جريمة عمدية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه مع علمه بذلك، لما كان ذلك، وكان سياق نص المادة السابقة قد خلا من القرينة المنشأة بالتعديل المدخل على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بالقانونين الرقيمين 522 سنة 1955 و80 لسنة 1961 التي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة، ومن ثم فلا تناقض إذ دان الحكم المطعون فيه الطاعن بجنحة بيع لبن مغشوش مع علمه بذلك أخذاً بالقرينة القانونية المنصوص عليها بالقانونين رقمي 522 سنة 1955 و80 لسنة 1961 باعتبار أنه من المشتغلين بالتجارة وأخفق فى إثبات حسن نيته - ذلك لأن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع فى أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ومن ثم فإنه لا يلزم فى توافر أركان جريمة بيع اللبن المغشوش فى حق الطاعن مع علمه بالغش الذي استقاه الحكم من القرينة الواردة بالمادة الثانية من القانون 48 سنة 41 المعدل قيام الجريمة المنصوص عليها فى المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات وللمحكمة مطلق الحرية فى تقدير الدليل على حسن نية الطاعن من عدمه ولا تقبل منه المجادلة فى هذا الشأن أمام محكمة النقض إذ هو أمر من أطلاقات محكمة الموضوع - والجدل الموضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض.

(الطعن رقم 1054 لسنة 46 جلسة 1977/01/17 س 28 ع 1 ص 119 ق 25)

14- لما كان لا محل فى هذا الصدد للتحدي بقانون قمع الغش و التدليس رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1980 و القول بانتفاء مسئولية الطاعن عملاً بالمادة الثانية منه تأسيساً على إثباته حسن نيته و مصدر الأشياء موضوع الجريمة مادام أن نص المادة 116 مكرراً (ج) من قانون العقوبات المنطبق على واقعة الغش فى التوريد المسندة إلى الطاعن قد خلا من مثل هذا الحكم الوارد بقانون الغش و أقام مسئولية المورد عما يقع من الغش فى حالة عدم علمه به على أساس مخالف .

(الطعن رقم 6160 لسنة 56 جلسة 1987/03/05 س 38 ع 1 ص 399 ق 61)

15- لما كان نص المادة 116 مكرراً " ج " من قانون العقوبات قد جرى فى فقرته الثانية على أن ، كل من إستعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأى من العقود سالفة الذكر ، و لم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس و الغرامة التى لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين و ذلك ما لم يثبت أنه لم يكن فى مقدوره العلم بالغش أو الفساد و يحكم على الجاني بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة و يعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال ، المتعاقد من الباطن و الوكلاء و الوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الإلتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم " و كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الوقائع و القرائن ما تراه مؤدياً عقلاً إلى النتيجة التى إنتهت إليها ، متى أقامت قضاءها على ما إقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت فى الأوراق ، فإن ما تخلص إليه فى هذا الشأن يكون من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يدخل فى نطاق سلطتها و إذ كان مؤدى ما أثبته الحكم المطعون فيه بمدوناته أن الطاعن بصفته متعاقداً من الباطن على توريد لحوم لجهة حكومية قد ورد بالفعل كمية فاسدة منها إلى تلك الجهة إذ تبين من فحص تلك الكمية أنها محمومة و غير صالحة للإستهلاك الآدمى ، و قد كان ذلك راجعاً لفعله دون أن يثبت للمحكمة غشه أو علمه بفسادها ، و كان الطاعن لا يمارى فى أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود و إعترافه بالتحقيقات بتوريدها له معينه الصحيح من الأوراق فلا يعدو ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ فى تطبيق القانون - إذ دانه عن جريمة تقع - أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التى إرتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح ، و هو ما لا يقبل لدى محكمة النقض .

(الطعن رقم 604 لسنة 51 جلسة 1981/11/15 س 32 ص 901 ق 155)

16- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده فى بيانة لواقعة الدعوى وتحصيله لأقوال الشهود ، من أن العيوب الإنشائية والمعمارية التى ظهرت فى المبانى التى أقامها الطاعن والمتهم الثالث ، كانت بسبب الغش فى مكونات الخرسانة المسلحة ومخالفتها للمواصفات الفنية والهندسية ، تحقق به جريمة الغش فى تنفيذ عقد المقاولة الذى ارتبط به الطاعن مع مجلس مدينة .............. ، والتى لا يتطلب القانون لتوافرها والعقاب عليها قدرا من الضرر ، فإن الحكم يكون قد استظهر أركان تلك الجريمة ، ودلل على ثبوتها فى حق الطاعن بما يكفى لحمل قضائه بإدانته بالجريمة المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر ( ج ) من القانون العقوبات ، ومعاقبته بالعقوبة المقررة لها .

(الطعن رقم 5738 لسنة 59 جلسة 1996/03/20 س 47 ع 1 ص 378 ق 54)

17- الغش كما عينته المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 قد يقع بإضافة مادة غريبة إلى السلعة، أو بانتزاع شيء من عناصرها النافعة، كما يتحقق أيضاً بإخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأنه غش المشتري، ويتحقق كذلك بالخلط أو الإضافة بمادة مغايرة لطبيعة البضاعة أو من نفس طبيعتها ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن الخليط لا شائبة فيه، أو بقصد إخفاء رداءة البضاعة وإظهارها فى صورة أجود مما هي عليه فى الحقيقة. ولا يشترط فى القانون أن تتغير طبيعة البضاعة بعد الحذف أو الإضافة، بل يكفي أن تكون قد زيفت. ويستفاد التزييف من كل خلط ينطوي على الغش بقصد الإضرار بالمشتري. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن صنع مسحوق شيكولاتة من مسحوق كاكاو ومضاف إليه ما نسبته 15% من مادة نشا الأذرة التي تقل فى التكلفة عن مادة الكاكاو، وأنه عرض هذا المسحوق للبيع بغير أن ينبه إلى أن مادة نشا الأذرة من ضمن عناصر تكوينه الأساسية وذلك بقصد تضليل المشترين وإيهامهم بأن المسحوق من الكاكاو الخالص، فإن الحكم بما أثبته يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الغش المنصوص عنها فى المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941. ولا يقبل من الطاعن التحدي فى هذه الصورة بعدم صدور مرسوم بتعيين مواصفات الكاكاو والحد الأدنى لعناصر تكوينه.

(الطعن رقم 1175 لسنة 32 جلسة 1962/11/12 س 13 ع 3 ص 723 ق 177)

شرح خبراء القانون

الإخلال بتنفيذ بعض الإلتزامات التعاقدية

نصت على جريمة الإخلال العمدي بتنفيذ بعض الإلتزامات التعاقدية المادة 116 مكرراً (ج) من قانون العقوبات ، في قولها « كل من أخل عمداً بتنفيذ كل أو بعض الإلتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو اشغال عامة ارتبط به مع إحدى الجهات المبينة في المادة 119 أو مع إحدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم ، أو إذا ارتكب أي غش في تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الإقتصادي أو بمصلحة قومية لها وكل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذا لأي من العقود سالفة الذكر ، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين ، وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال ، المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الإلتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم .

وقد جرم الشارع في هذا النص الأفعال التالية : الإخلال بتنفيذ بعض الإلتزامات التعاقدية ، والغش في تنفيذها ، واستعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة تنفيذا لها وقد حدد الشارع العقود التي تنشأ عنها الإلتزامات التي يحصل الإخلال أو الغش في تنفيذها ، فحصرها في المقاولة والنقل والتوريد و الالتزام والأشغال العامة والأصل أن يكون تعاقد المتهم مع الدولة ، ولكن الشارع وسع نطاق التجريم ، فمده إلى التعاقد مع إحدى شركات المساهمة وتضمن هذا النص ظرفاً مشدداً في حالتي الإخلال بتنفيذ الإلتزامات أو الغش في تنفيذها وميز الشارع الركن المعنوي في حالة استعمال أو توريد البضاعة أو المواد المغشوشة بأحكام خاصة وتختلف هذه الجريمة عن معظم هذا الباب في أنه لا يشترط في مرتكبها أن يكون موظفاً عاماً .

علة التجريم:

علة التجريم أن من ارتبط بإلتزام إزاء الدولة أو هيئة عامة أو شركة مساهمة قد صار بالضرورة حاملا أمامه الإسهام في تمكينها من النهوض بوظيفتها في المجتمع ، فإن أخل بالتزامه فقد أعاق الدولة (أو ما في حكمها من الهيئات) عن أداء هذه الوظيفة ، إذ جعلها تعتمد على حسن قيامه بواجبه ، ثم خان الثقة التي وضعت فيه .

أركان الجريمة، تتطلب الجريمة صفة خاصة في الجاني ، هو أن يكون مرتبطاً بعقد من العقود التي نص عليها القانون ، وتتطلب بعد ذلك رکناً مادياً ، وركنا معنوياً.

صفة الجاني :

لا يتطلب القانون أن يكون الجاني موظفاً عاماً أو من حكمه ، بل هو فرد عادی ، سواء كان يعمل لحساب نفسه أو باسم مشروع خاص ، ويسأل عما يصدر عنه شخصياً من سلوك لحساب هذا المشروع، وفقاً للقواعد العامة .

ولكن تطلب الشارع في الجاني صفة أخرى ، هي أن يكون « متعاقداً » ، ومرتبطاً على هذا النحو بالالتزامات المتولدة عن هذا العقد .

وقد حدد الشارع هذه الصفة من وجهتين : من حيث نوع العقد ، ومن حيث من يتعاقد معه الجاني .

فمن حيث نوع العقد تطلب الشارع أن يكون عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة وقد نص الشارع على هذه العقود على سبيل الحصر والمقاولة « عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الأخر »وعقد النقل هو صورة من عقد المقاولة يميزه نوع العمل الذي التزم به المقاول ، وهو النقل من مكان إلى آخر ، وسواء أن يرد النقل على أشخاص أو على أشياء وعقد التوريد يربط بين الدولة (أو من في حكمها) ، وبين فرد أو شخص معنوي خاص يتعهد الأخير بمقتضاه بإمداد الدولة (أو من في حكمها) بمنقولات معينة نظير ثمن يتفق عليه وعقد الإلتزام يتولى بمقتضاه الملتزم إدارة مرفق عام اقتصادي واستغلاله خلال أجل معلوم ونظير رسوم محددة يتقاضاها من المنتفعين وعقد الأشغال العامة هو في ذاته عقد مقاولة ، أحد طرفيه الدولة أو شخص معنوي عام وطرفه الثاني فرد أو شخص معنوي خاص ، و موضوعه القيام بعمل مادی متعلق بعقار نظير أجر محدد في العقد، وأهم أمثلته التعاقد على إقامة مبنى أو إنشاء جسر أو تعبيد طريق .

أما من حيث المتعاقد مع الجاني ، فهو إحدى الجهات التي نصت عليها المادة 119 من قانون العقوبات ؛ أو إحدى الشركات المساهمة .

وقد اعتبر الشارع الصفة متوافرة لدى الجاني إذا كان متعاقدا من البطن أو وكيلاً أو وسيطا عن المتعاقد الأصلي ، إذ يكون له ذلك الدور العام الذي للمتعاقد الأصلي ، ويكون لإخلاله أو غشه ذات الإضرار بالمصلحة العامة ويتعين أن يعترف القانون بصلته بالمتعاقد الأصلي ، ويتضح ذلك أن تكون علاقته به صحيحة قانوناً على أنه إذا كانت صلته یه باطلة ، فإن مسئوليته عن فعله لا تنتفي ، ولكنه يعد شريكاً، ولا يحول تون مسئوليته أن يكون المتعاقد الأصلي - وهو الفاعل باعتباره الذي يحمل الإلتزام قبل الدولة أو ما عداها من الهيئات - حسن النية .

الركن المادي للجريمة يتخذ الركن المادي للجريمة إحدى صور ثلاث : الإخلال بتنفيذ كل أو بعض الإلتزامات الناشئة عن العقد؛ والغش في تنفيذ العقد ؛ واستعمال أو توريد بضاعة أو مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً للعقد .

والإخلال بتنفيذ الإلتزامات التعاقدية يعني الإمتناع عن تنفيذها كلها أو بعضها ، أو تنفيذها على نحو مخالف لنصوص العقد أو قواعد القانون التي تحكمه أو إعتبارات حسن النية التي يلتزم بها المتعاقد ويعني ذلك أن الإخلال بالتنفيذ قد يكون عملا إيجابيا وقد يكون امتناعا ، والقول بتحققه يفرض على القاضي تفسير العقد وتحديد الإلتزامات المتولدة عنه ، وتحديد النحو الذي ينبغي أن ينفذ به ، ومقارنته بسلوك الجاني ، فإن كان بينهما إختلاف ، فإن ذلك يعد إخلالاً بتنفيذ العقد وإذا قضى ببطلان العقد أو نسخه أو انقضى لسبب ما الإلتزام المنسوب إلى المتهم الإخلال به ، فإن القول بهذا الإخلال متوقف على الفصل فيما إذا كان السبب لإنقضاء أثر رجعي بحيث ينتج عنه أنه وقت الفعل لم يكن للعقد أو الإلتزام وجود ، ومن ثم لا يتصور أن يتحقق به إخلال ، أم لم يكن له أثر رجعي ، وفي هذه الحالة تظل الفعل الإجرامي و إذا استمال تنفيذ الالتزام لقوة قاهرة أنتقي الإخلال بها أن إذا تغيرت الظروف لسار الوفاء به سرقاً، فإن القول بانتفاء الجريمة يتوقف على احتراف الإدارة أو القضاء بذلك التغير وتحقيقها عباء الإلتزام بحيث يصير مطابقا للنهج الذي سلكه المتهم في تنفيذه ويرتبط بذلك أنه إذا عدل القانون الإلتزام أو عدلته الإدارة - في حدود سلطتها التي خولها لها القانون - فقد صار بعد تعديله هو المتعين الإعدات يد والمقارنة بين أسلوب تنفيذه الجديد و سلوك المتهم.

أما الغش في تنفيذ العقد فأهم تطبيقاته « الغش في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو معیارها أو في ذاتية البضائع المتفق عليها أو في حقيقتها إلى طبيعتها وتقاتها الجوهرية وبما تحتويه من عناصر نافعة لو خصائص المميزة أو عناصر تدخل في تركيبها وعلى الجملة على غش في إنجاز الأشغال او في الأشياء السياقة بالمخالفة للأحكام تلك وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجر به العرق او أصول الصناعة والغش صورة للخال بتنفيذ الإلتزام التعاقد ، ولكن يميزها عن نسات قصيرة أنها تتضمن تحصل التضليل فالجاني ينفذ التزام على نحو مخالف لما كان متوجهاً عليه ولكنه يبرز ذلك في صورة توهم بأنه قد نفذه على النحو الذى التزم به ، فثمة مظاهر الخداع والتمويه يحيط بها الجاني إخلاله بتنفيذ الإلتزام ويفترض الغش عملاً إيجابياً ، ويتميز من هذه الوجهة كذلك عن بعض حالات الإخلال بتنفيذ الإلتزام التي تفترض الإمتناع عن ذلك التنفيذ مطلقاً .

والصورة الثالثة من الركن المادي هي استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً للإلتزام التعاقدي ، وموضع استعمال هذه المواد هو عقود المقاولة والإلتزام والأشغال العامة ، وموضع توريدها هو عقد التوريد .

ولا يعاقب على الإخلال بتنفيذ الإلتزام التعاقدي إلا إذا ترتب عليه ضرر جسيم  أما في الصورتين الأخريين للركن المادي فلم يتطلب الشارع هذا الشرط ويعتبر الضرر الجسيم « شرط عقاب » ، إذ الركن المادي يكتمل كيانه بفعل الإخلال بالتنفيذ ولكن لا يوقع العقاب إلا إذا توافر هذا الشرط ويتعين أن يكون الضرر مادياً ، وهذا اشتراط مستنتج - على الرغم من عدم النص عليه - من طبيعة العقود السابقة وكونها جميعا عقودا ذات طابع مالی وسواء أن يلحق الضرر الجهة المتعاقدة مع المتهم أو أن يلحق المستفيدين من تنفيذ العقد .

وتقدير جسامة الضرر من شأن قاضى الموضوع يقدره تبعاً لظروف الواقعة المطروحة عليه .

الركن المعنوي للجريمة هذه الجريمة عمدية في صورتيها الأولى والثانية ، وقد عبر الشارع عن ذلك حينما تطلب في الإخلال بتنفيذ الإلتزامات أن يكون « عمدا » ، أما الغش فيفترض العمد بطبيعته ويتطلب القصد علم المتهم بالرابطة التعاقدية التي تربطه بإحدى الهيئات التي أشار أنه يستوي في العقاب على الجريمة في هذه الصورة القصد والخطأ، واقتراض الخطأ افتراضاً قابلاً لإثبات العكس .

عقوبة الجريمة، جعل الشارع عقوبة الجريمة في صورتها الأولى والثانية ، أي في حالتي الإخلال بتنفيذ الإلتزامات أو الغش في تنفيذها السجن .

وقرر لها في هاتين الصورتين ظرفا مشددا يقوم على عنصرين : وقوعها في زمن الحرب ؛ وأضرارها بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها ويترتب على توافر هذا الظرف توقيع عقوبة السجن المؤبد أو المشدد .

وتوقع عقوبة العزل باعتبارها عقوبة تبعية وفقاً للمادة 25 من قانون العقوبات وتوقع كذلك عقوبة الغرامة النسبية التي تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة، وقد نصت على هذه الغرامة (المادة 116 مكرراً ج) الفقرة الرابعة .

وإذا ارتكبت الجريمة في صورتها الثالثة ، أي في حالة استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة فقد جعل الشارع عقوبتها الحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين ويحكم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية (ولو كانت الغرامة وحدها) بالغرامة النسبية التي سبقت الإشارة إليها ، أي التي تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة . (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة: 158)

وهذه الجريمة أوسع نطاقا من الجريمة المنصوص عليها في المادة 81 عقوبات بشأن الإخلال العمدي بتنفيذ الإلتزامات التي يفرضها عقد التوريد أو الأشغال مع الحكومة لحاجات القوات المسلحة أو لوقاية المدنيين أو التموينهم، أو الغش في تنفيذ العقد.

الشرط المفترض :

يتمثل الشرط المفترض في عنصرين، أولهما: الجهات المتعاقدة مع الجاني، وثانيهما: هو نوع العقد.

أولاً : الجهات المتعاقدة مع الجاني

لا يشترط في هذه الجريمة أن يكون مرتكبها من هو في حكم الموظف العام، فيستوي أن يكون فردا عاديا أو في حكم الموظف العام طبقاً للمادة 119 مكرراً من قانون العقوبات، وكل ما يطلبه القانون في الجاني أن يكون طرفاً في تعاقد معين مع إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة 119، وهي الجهات التي اعتبر قانون العقوبات أموالها من الأموال العامة، أو مع إحدى الشركات المساهمة وهو تحديد وارد على سبيل الحصر وقد ساوت الفقرة الأخيرة من المادة 116 مكرراً (جـ) بين المتعاقد الأصلي والتعاقد من الباطن والوكيل والوسيط بالنسبة إلى الإخلال بالتنفيذ والغش فيه، فكل من هؤلاء تتوافر فيه الصفة التي تحمله قابلا لارتكاب الجريمة.

ويدق البحث بالنسبة إلى المتعاقدين من الباطن، ففي عقد المقاولة أجاز القانون المدني للمقاول أن يكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول من الباطن إذا لم يمنعه من ذلك شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفايته الشخصية (المادة 661)، أما في العقود الإدارية، فالقاعدة هي شخصية التزامات المتعاقد مع الإدارة، بحيث لا يجوز له أن يحل غيره فيها وأن يتعاقد بشأنها من الباطن إلا بموافقة الإدارة، فإذا وقع التعاقد من الباطن باطلا لعدم موافقة الإدارة فإنه لا يسري في مواجهتها، ونرى أن القانون حين ساءل المتعاقدين من الباطن عن الإخلال بالتزاماتهم التعاقدية سالفة الذكر أو عن الغش في تنفيذها إنما عنى هؤلاء الذين كان تعاقدهم من الباطن صحيحاً نافذاً في حق المتعاقد الآخر، أي ينعقد في ذمتهم التزامات قانونية في مواجهة الطرف الآخر، فإذا لم ينفذ في حق المتعاقد الآخر إذا كان إحدى الجهات المبينة في المادة 119 عقوبات أو مع إحدى شركات المساهمة كان المتعاقد الأصيل هو الذي يظل وحده مسئولا عن تنفيذ الالتزامات الملقاة عليه أما إذا كان صحيحاً ونافذاً فإن المتعاقد من الباطن يعد مسئولاً عن تنفيذ الإلتزام التعاقدي المتولد عن العقد.

وإذا كان القانون قد خلا من النص على حالة التنازل عن التعاقد، إلا أنه يجب مراعاة أنه إذا تم التنازل عن العقد صحيحاً منتجاً لآثاره قبل الجهات المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً (جـ) فإن المتنازل له عن العقد يحل محل المتعاقد الأصلي في التزاماته في مواجهة المتعاقد الآخر، ويتعين مساءلته بوصفه طرفاً في العقد.

والآن، ما المراد بالعقود التي يتعين أن يكون الجاني طرفاً فيها ؟

1- عقد المقاولة : عرفته المادة 646 من القانون المدني بأنه العقد الذي يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر ... ومن المقرر أنه يجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن تقدم الجهة المتعاقدة معه المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله، كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقدم العمل والمادة معاً (المادة 647 مدني)، فإذا تعهد المقاول بتقدم مادة العمل كلها أو بعضها - كان مسئولاً عن جودتها وعليه ضمانتها لرب العمل (المادة 846 مدني)، فإذا كانت الدولة أو إحدى جهات القطاع العام المتعاقدة هي التي قدمت المواد - فعلى المقاول أن يحرص عليها ويراعي أصول الفن في استخدامه لها، وعليه أن يأتي بما يحتاج إليه في إنجاز العمل من أدوات و مهمات إضافية، ويكون ذلك على نفقته هذا ما لم يقض الإتفاق أو عرف الحرفة بغيره (المادة 649 مدني).

ويلاحظ أن هذا العقد هو من العقود المدنية، إلا أنه يتحول إلى عقد إداري إذا أبرمه أحد أشخاص القانون العام، وتوافرت فيه سائر مقومات العقد الإداري، فإذا خلا من أي شرط استثنائي لا تظهر فيه جهة الإدارة بمظهر السلطة العامة، أو لا يتصل موضوع العقد بتسيير مرفق عام - فإنه لا يعد عقدا إدارياً، وفي هذه الحالة يسمى بعقد الأشغال العامة، ولا يخلو النص على عقد المقاولة - رغم النص على عقد الأشغال العامة - من أهمية معينة، هي أن الشركات أو المشروعات التي تسهم فيها الحكومة قد لا تعد من أشخاص القانون العام، وبالتالي فإن العقود التي تبرمها لا ينطبق عليها وصف العقود الإدارية .

2- بعض العقود الإدارية إذا صدرت من الدولة أو غيرها من أشخاص القانون العام: نصت المادة 116 مكرراً «جـ» على بعض هذه العقود على سبيل الحصر، وهي النقل والتوريد والالتزام والأشغال العامة .

وعقد النقل، هو صورة من عقد المقاولة يميزه نوع العمل الذي التزم به المقاول، وهو النقل من مكان إلى آخر، سواء ورد النقل على أشخاص أو أشياء.

أما عقد التوريد، فيتحقق بإتفاق بين شخص معنوي عام وفرد أو شركة يتعهد بمقتضاه بتوريد منقولات معينة لازمة لمرفق عام مقابل ثمن معين وقد تفرعت عن عقد التوريد - نظراً لإنتشار الصناعة - عقود متقاربة، أهمها عقود التوريد الصناعية وعقود التحويل ومقتضى النوع الأول ألا يقتصر المورد على تسليم المنقولات وإنما يقوم بالإضافة إلى ذلك بتصنيع البضائع المتفق على توريدها ويقتضي النوع الثاني أن تسلم الدولة منقولات إلى إحدى الشركات لتحويلها إلى مادة أخرى، ثم يعاد تسليمها إلى الدولة.

أما عقد الإلتزام (أو الامتياز) فكما عرفته محكمة القضاء الإداري هو عقد بمقتضاه يتولى الملتزم إدارة مرفق عام اقتصادي واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين، مع خضوعه للقواعد الأساسية الضابطة لسير المرافق العامة، فضلاً عن الشروط التي تضمنها الإدارة عقد الالتزام .

ويراد بعقد الأشغال العامة: الإتفاق الذي تجريه الدولة أو غيرها من الأشخاص المعنوية العامة مع أحد الأفراد أو الشركات بقصد القيام ببناء أو ترميم أو صيانة عقارات لحساب شخص معنوي عام، وبقصد تحقيق منفعة عامة في نظير المقابل المتفق عليه، ووفقاً للشروط الواردة بالعقد، ويلاحظ على هذا التعريف أن كل اتفاق يرد على منقولات مملوكة للإدارة - ولو كانت من أموال الدومين العام - لا يعد من عقود الأشغال العامة، دون إخلال باعتباره عقد مقاولة.

ويلاحظ أنه لكي تتمتع هذه العقود بالصفة الإدارية فلا يتصور صدورها إلا من الدولة أو غيرها من أشخاص القانون العام بقصد تحقيق منفعة عامة وليس بقصد عمل مشروعات خاصة مهما أسهم فيها بأي نصيب ومن المتصور أن تتعاقد بشأن هذه المشروعات الخاصة سالفة الذكر بعقدي التوريد أو النقل، وعندئذ تزول عنهما الصفة الإدارية ويخضعان لقواعد القانون المدني، أما عقدا الإلتزام والأشغال العامة فهما دائماً من العقود الإدارية التي لا يتصور إبرامها إلا من أشخاص القانون العام.

وقد تطلبت محكمة النقض لصحة الحكم بالإدانة أن يبين تفاصيل العقد الذي ارتبط به الجاني والإلتزامات التي تعاقد على تنفيذها والمواصفات الفنية للأعمال التي تعاقد على تنفيذها والأسس التي يتعين التنفيذ عليها حتى يتبين مدى مخالفة المتهم لهذه المواصفات وتلك الأصول والأسس.

الركن المادي الإخلال بالتنفيذ أو الغش في تنفيذ العقود :

يتوافر الركن المادي لهذه الجريمة في الصور الآتية :

(1) الإخلال العمدي بالتنفيذ .

(2) الغش في التنفيذ.

(3) استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة.

أولاً : الإخلال العمدي بالتنفيذ

يتحقق ذلك بمخالفة أحد الالتزامات التعاقدية التي تتولد عن أحد العقود السالف بيانها فلا تقع هذه الجريمة بالنسبة إلى مخالفة الإلتزامات التي يكون مصدرها القانون، كالتزام الحائزين للقمح بتوريد مقادير القمح المستولى عليه لصالح الحكومة بموجب قرارات وزير التموين، دون إخلال بالمعاقبة على هذا الفعل وفقا لنصوص القانون الأخرى كما يجب أن نستبعد من عداد الالتزامات التعاقدية المشار إليها ما قد تفرضه القوانين واللوائح على المتعاقدين من التزامات تتعلق بأغراض الأمن العام ، أو بتمكين الإدارة من مباشرة سلطتها في الرقابة على الملتزم بالعقد الإداري في أثناء تنفيذ التزامه وقد ذهب الفقه الإداري إلى أن الإدارة سلطة التعديل بإرادتها المنفردة في التزامات المتعاقد معها المتعلقة بتسيير المرفق العام، و اعتنق المشرع المصري هذا المبدأ في الحدود التي نصت عليها المادة 22 مكرراً من قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 وقد تولت محكمة القضاء الإداري أبرز هذه السلطة وإرجاعها إلى فكرة المرفق العام لتأكيد حسن سيره عند تغير الظروف، وهو أمر يتصل به العقد الإداري ومتى جاء هذا التعديل في حدود السلطة المخولة لجهة الإدارة فإنه يدمج في العقد، بحيث يتعين على المتعاقد أن يوفي بما انطوى عليه من التزامات والا وقع تحت طائل المادة 116 مكرراً .

وما دام العقد صحيحاً منتجاً لآثاره، فلا يجوز الإخلال بتنفيذه بدعوى قابلیته للبطلان، طالما لم يتقرر هذا البطلان أولاً ، إلا إذا وقع البطلان مطلقاً بقوة القانون، فإنه في هذه الحالة لا يحتاج إلى تقرير.

ويلاحظ أن القوة القاهرة تؤدي إلى إعفاء المتعاقد من التنفيذ، وبالتالي فلا يمكن نسبة تهمة الإخلال بالتنفيذ إليه، مثال ذلك أن يصدر تشريع يحرم استيراد السلعة التي تم التعاقد على توريدها من الخارج، أو يحدث إضراب لعمال الشحن يؤدي إلى تأخير النقل.

ويدق البحث إذا تعرض المتعاقد لظرف طارئ، وهو حادث استثنائي عام لم يكن في الوسع توقعه، وترتب على حدوثه أن تنفيذ الالتزام التعاقدي - وإن لم يصبح مستحيلاً - جاء مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسائر فادحة (المادة 147/ 2 مدني) مثال ذلك صدور قانون برفع الأجور أو الأسعار أو فرض ضرائب أو زيادة الضرائب على المتعاقد، أو صدور قانون بتخفيض العملة، أو فرض قيود على تداولها، وهذا الظرف إذا لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى جعل تنفيذ الإلتزام مستحيلاً، فإنه يجعله مرهقاً إلى حد كبير، لذا فإنه من المقرر أن الظرف الطارئ لا يحرر المتعاقد من التزاماته مادام لم يتحول إلى قوة قاهرة تحول دون التنفيذ، على أن هذا الإرهاق قد يحول دون توافر القصد الجنائي في حق المتهم عندما يؤدي إلى عدم تمكنه من تنفيذ الإلتزام في موعده المحدد في العقد.

ولا تتوافر الجريمة إذا استخدم المتعاقد حقاً مقرراً بمقتضى القانون، كالحق في الدفع بعدم التنفيذ إذا لم ينفذ الطرف الآخر التزامه.

ولا يكفي مجرد الإخلال بالتنفيذ لوقوع الجريمة، بل يتعين أن يؤدي هذا الإخلال إلى ضرر جسيم وفي هذه الصورة من الركن المادي للجريمة ربط الشارع تجريم الإخلال بالتنفيذ بجسامة النتيجة المترتبة عليه - دون ما عداها من الصور.

ولم يحدد القانون شخصية المضرور، ولذا فإنه يستوي أن يلحق الضرر بالجهة المتعاقدة أو بالمستفيدين من تنفيذ العقد، ويجب على المحكمة أن تدلل في حكمها على توافر الضرر الجسيم، مع مراعاة أن تقدير الأدلة على جسامة الضرر أمر موضوعي يدخل في مطلق تقدير محكمة الموضوع، ولكن وصف الضرر بالجسامة تكييف قانوني يخضع لرقابة محكمة النقض.

ثانياً : الغش في التنفيذ

ساوى القانون بين الغش في التنفيذ والإخلال الضار بالالتزامات العقدية ومن أمثلته: الغش في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو عيارها، أو في ذاتية البضاعة المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية، أو فيما تحتويه من عناصر نافعة وخصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها، وكذا كل تغيير في الشيء لم يجر به العرف أو أصول الصناعة وقد عرفته محكمة النقض عن طريق بيان أهم حالاته.

وتقع الجريمة بأدنى قسط من الغش، ولو لم يكن على درجة كبيرة من الجسامة أو الخطورة. وهذا الغش لا يختلف في طبيعته عن الغش المعاقب عليه بمقتضى القانون رقم 48 لسنة 1941)، إلا أنه متى توافر هذا الغش تعين تطبيق المادة 116 مكرراً بوصفها ذات العقوبة الأشد ولكن مسئولية المتعاقد عن الغش تخضع للقواعد العامة.

ويلاحظ أن القانون يكتفي بمجرد وقوع الغش لقيام الجريمة، ولو لم يترتب عليه ضرر ما، بخلاف الحال بالنسبة للإخلال بالتنفيذ، حيث يتعين توافر الضرر الجسيم.

(ثالثاً) استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسد تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر ولو لم يثبت علمه بالغش أو الفساد :

يتصور استعمال البضاعة أو المواد المغشوشة أو الفاسدة في عقد المقاولة أو الالتزام أو الأشغال العامة أما توريد هذا النوع من البضاعة أو المواد فيكون بطبيعة الحال بناء على عقد التوريد وهذه الحالة من صور التجريم الاحتياطي عند عدم ثبوت الغش في تنفيذه من جانب الجاني.

وتتميز هذه الصورة من الركن المادي بذاتية خاصة في الركن المعنوي، وهو عدم ثبوت العلم بالغش أو الفساد ومقتضى ذلك أن تحريم الاستعمال أو التوريد في هذة الحالة ينصرف إلى عدم الاحتياط وبذل العناية الكافية للتحقق من نوع البضاعة أو المواد محل العقد.

الفاعل والشريك:

يفترض في فاعل هذه الجريمة - كما بينا - أن يكون متعاقداً مع إحدى الجهات المبينة في المادة 116 مكرراً «ج»، سواء كان متعاقداً أصلياً أو من الباطن وإذا كانت المادة سالفة الذكر قد أشارت إلى الوكيل والوسيط بوصفهما قابلين لارتكاب الجريمة، إلا أن مسئوليتهما لا تعدو أن تكون عن اشتراك في جريمة الفاعل الأصلي، وهو المتعاقد، إذا صدر من أحدهما فعل من أفعال الاشتراك في ووقعت الجريمة بناءً عليه، ولا يشترط توافر وصف المتعاقد فيمن يكون شريكاً في الجريمة مثال ذلك: من يساعد المقاول في عمليته فيمده بمواد أو أدوات غير صالحة.

وإذا تعاقد المتعاقد الأصلي من الباطن مع آخر خلافاً للقانون - فإن المتعاقد الأصلي يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً عن إخلال المتعاقد من الباطن بالتنفيذ، وذلك باعتبار أن تنفيذ الالتزام موکول إليه وحده، فإذا ركن إلى غيره دون حق في هذا التنفيذ يعد ذلك إخلالاً منه بالتزامات العقد هذا دون إخلال بإمكان مساءلة المتعاقد من الباطن بوصفه شريكاً بطريق المساعدة إذا توافرت شروط المساعدة كطريق من طرق الاشتراك ولكن إذا ارتكب المتعاقد من الباطن المذكور غشاً في التنفيذ، فإن الفاعل الأصلي لا يسأل عن هذا الغش ما لم يسهم فيه، دون إخلال بمساءلته عن الإخلال بالتنفيذ اعتمادا على أنه لم يقم بنفسه بتنفيذ الالتزامات الملقاة عليه، بشرط أن يترتب على ذلك ضرر جسيم.

الركن المعنوي :

(اولاً) بالنسبة إلى الصورتين الأولى والثانية من الركن المادي: هذه جريمة عمدية يتعين فيها توافر القصد الجنائي العام، وهو اتجاه إرادة الجاني إلى الإخلال بتنفيذ العقد أو الغش فيه، مع علمه بذلك ويتعين على المحكمة استظهار هذا القصد في حكمها وإلا كان قاصراً ولا يجوز افتراض المسئولية في حق الجاني على أساس أنه من العاملين في مجال المقاولات - مثلاً - ومن ذوي الخبرة .

وترتيبا على ذلك، ينتفي هذا القصد إذا ثبت أن الفعل قد وقع بسبب جهل الجاني بالالتزام أو غلطه في فهم مدى ارتباطه به أو كيفية تنفيذه، وذلك بإعتبار أن هذا الجهل أو الغلط قد تعلق بغير قانون العقوبات، وهو ما يصلح عذراً.

كما ينتفي القصد إذا ترك المتعاقد مهمة تنفيذ بعض الالتزامات على عاتق العاملين لحسابه فتهاونوا في عملهم بسبب عدم إحكام الرقابة عليهم.

وقد سبق أن قلنا بأنه إذا تعرض المتعاقد لظروف طارئة تجعل تنفيذ التزامه مرهقا فإن ذلك لا يحول دون توافر الركن المادي طالما أن هذا التنفيذ لا يخرج عن نطاق إمكانه إلا أن عدم قدرته على تنفيذ الالتزام في موعده المحدد يحول دون توافر القصد الجنائي في هذه الحالة، إذ يجب أن يثبت أن الجاني قد أراد الإخلال بالالتزام وعمل على ذلك بحرية كاملة.

ولا يشترط أن يتجه قصد الحالي إلى الإضرار الجسيم بالجهة المتعاقدة معه، ذلك أن القانون وإن كان قد تطلب حصول الضرر الجسيم كنتيجة للإخلال بالتنفيذ، إلا أنه لم يحصر هذا الضرر داخل النطاق الذي يجب أن يشمله القصد الجنائي، وهو ما يبدو في تعبير المادة 119 مکرراً «ج» عن الركن المادي لهذه الجريمة بأنه الإخلال بالتنفيذ إذا «ترتب على ذلك ضرر جسيم». فجريمة الإخلال بالتنفيذ هي من الجرائم المتعدية قصد الجاني، شأنها في ذلك شأن جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة والضرب المفضي إلى الموت، بمعنى أنها تقع بحصول نتيجة جسيمة لم يتجه إليها قصد الجاني هذا دون الإخلال بضرورة توافر علاقة السببية بين الإخلال بالتنفيذ والضرر الجسيم، وهو بحث يدخل في الركن المادي للجريمة على أنه إذا اتجهت نية الجاني إلى الإضرار الجسيم فإن الجريمة لا يتغير وصفها القانوني، كما هو الشأن في جريمة الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة.

وإذا أخطأ المتعاقد في تنفيذ أحد الالتزامات الملقاة على عاتقه لا تتوافر في حقه الجريمة، كما لا تقع هذه الجريمة إذا أخل المتعاقد بتنفيذ بعض الالتزامات الملقاة عليه بسبب أخطاء وقعت ممن أسند إليهم مهمة مساعدته في التنفيذ إلا أنه يلاحظ أنه إذا تعمد هؤلاء الإخلال بالتنفيذ أو الغش دون علم المتعاقد الأصلي، فإنه يتعين مساءلتهم بوصفهم شركاء مع فاعل حسن النية في جريمة الإخلال بالتنفيذ إذا ترتب على ذلك ضرر جسيم بسبب الارتكان إلى مساعدتهم في تنفيذ الإلتزام، أو شرکاء في جريمة الغش إذا كان المتعاقد الأصلي عالما بهذا الغش ولمحكمة الموضوع سلطة تقدير الظروف التي يستفاد منها إمكان العلم بالغش أو تعذر هذا العلم.

ثانيا، بالنسبة إلى الصورة الثالثة: لم يشترط القانون العلم بالغش أو الفساد من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذا لأي من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها. ومفاد ذلك أن القانون ألقي على الجاني واجب العلم بنوع البضاعة أو المواد محل العقد، بأن يبذل العناية الكافية للتحقق من صلاحية الأشياء المستعملة أو الموردة، وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد أما إذا تعذر عليه هذا العلم، سقط عنه هذا الواجب وانهار الركن المعنوي للجريمة وعلى هذا النحو يكون المشرع قد ألقي على المتهم إثبات عدم قدرته على العلم بالغش أو الفساد، مما يعد مخالفة للأصل في المتهم البراءة، مما يعيب النص بشبهة عدم الدستورية .

العقوبة

يعاقب على ارتكاب الصورتين الأولى والثانية من هذه الجريمة بالسجن، هذا دون إخلال بتطبيق عقوبة المصادرة طبقاً للمادة 30/ 1 عقوبات على الأشياء التي كانت موضوعاً للغش في تنفيذ العقود. وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكب الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها.

ويعاقب على ارتكاب الصورة الثالثة من هذه الجريمة بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفي جميع الصور المتقدمة يحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة.

ويلاحظ في هذا الشأن أن المادة 118 عقوبات لم تحز الحكم بالرد أو الغرامة النسبية بالنسبة إلى مرتكبي الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً «جـ»، وهو ما قررته هذه المادة بنفسها فيما نصت عليه من غرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة وهذه الغرامة نوع من الغرامات النسبية، فلها طبيعة مختلطة، أي تجمع بين العقوبة والتعويض وبناءً على ذلك، فإنه إذا قضت المحكمة بالغرامة في الصورة الثالثة من الركن المادي (استعمال بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة) فإن هذه الغرامة - بوصفها عقوبة بحتة - فإن ذلك لا يحول دون الحكم بالغرامة النسبية باعتبار أنها ليست عقوبة أصلية، بل تجمع بين العقاب والتعويض. (الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016، الصفحة : 613 )

ويبين من النص السابق أن المشرع يعاقب على نوعين من الجرائم.

النوع الأول : هو الإخلال العمدي في تنفيذ عقد من العقود الواردة على سبيل الحصر. وقد ربط المشرع في هذا النوع الإخلال بجسامة النتيجة المترتبة عليه باشتراط الضرر الجسيم ركناً في الجريمة.

أما النوع الثاني : فهو الغش في تنفيذ هذه العقود ، ولم يتطلب المشرع فيه قدراً معيناً من الضرر لتوافر الجريمة واستحقاق العقاب.

1- الإخلال العمدي بتنفيذ العقود

الأركان المكونة للجريمة :

أولاً : صفة الجاني :

يلزم أن يتوافر في الجاني صفة خاصة وهي كونه متعاقد مع إحدى الجهات المبينة بالمادة 119 عقوبات أو مع إحدى شركات المساهمة وهذه الجهات هي الدولة ووحدات الإدارة المحلية ، والهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام ، والنقابات والاتحادات والمؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام والجمعيات التعاونية الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات السابقة ، وأي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وقد ساوى المشرع في الحماية من الإخلال بتنفيذ العقود بين الجهات السابقة وبين الشركات المساهمة الخاصة نظراً للدور المنوط بتلك الشركات في التنمية وانعكاس ذلك على الاقتصاد القومى ويستوي أن يكون المتعاقد فرداً خاصاً أو موظفاً عمومياً بصفته ممثلاً لشركة قطاع عام أو جهة من الجهات المعتبرة أموالها أموالاً عامة.

ولا يكفي لتوافر الصفة المتطلبة كعنصر من عناصر الجريمة أن يكون الجاني له صفة المتعاقد ، بل يلزم أن يكون التعاقد قد أخذ شكل عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة وهذه العقود وردت على سبيل الحصر نظراً لأهمية هذه العقود في أداء الدور المنوط بجهات الإدارة والجهات الأخرى المبينة بالمادة 119 وأيضاً شركات المساهمة وتتحدد طبيعة العقود السابقة وفقاً لقواعد القانون الإداري والمدني والتجاري ويأخذ حكم المتعاقد الأصلي المتعاقد من الباطن والوكلاء والوسطاء طالما أن الإخلال بالتنفيذ كان راجعاً إلى فعلهم .

ومن لم يتوافر فيه تلك الصفة فيمكن أن يكون شريكاً في الجريمة إذا ما تحققت أركان الإشتراك وفقاً للقواعد العامة.

ثانياً : الركن المادي : السلوك والنتيجة وعلاقة السببية بينهما :

السلوك الإجرامي : يأخذ السلوك الإجرامي شكل الأخذ بالتنفيذ لكل أو بعض الالتزامات التي يفرضها العقد فأي فعل أو امتناع يقع بالمخالفة للالتزامات المحددة بالعقد والمفروضة على المتعاقد بشكل إخلال بالتنفيذ ، ولا يلزم توافر درجة معينة من الجسامة في الإخلال بالتنفيذ فیستوی الإخلال اليسير والإخلال الجسيم طالما تمثل في فعل متعارض والالتزامات المفروضة على المتعاقد بالعقد ولا يلزم أن يقع الإخلال بالتنفيذ من المتعاقد الأصلي ، فتقوم الجريمة في حق من أخل بتلك الإلتزامات طالما كانت له صفة المتعاقد من الباطن أو صفة الوكيل أو الوسيط دون اعتداد بحدود المسئولية بينه وبين المتعاقد الأصلي.

والإخلال بالتنفيذ هو تكييف ينصب على فعل غير مشروع من وجهة النظر المدنية ولذلك لا يتحقق الإخلال بالتنفيذ إذا كان الفعل أو الإمتناع المخالف في ظاهره للالتزامات المفروضة بمقتضى العقد ، إنما يستند إلى سبب مشروع تعترف به فروع القانون المنظمة للعقد.

النتيجة الإجرامية : اشترط المشرع أن يترتب على الإخلال بتنفيذ العقد ضرر جسيم والضرر هو أي انتقاص لمنفعة أو تفويت للكسب ، غير أنه يلزم في الضرر أن يكون مادياً فالضرر المعنوي يخرج من نطاق الحماية المقررة للأموال العامة والضرر المادي هو الذي يمكن تقويمه بمال.

ولا يكفى تحقق الضرر أياً كان قدره ، إنما يتعين أن يكون الضرر جسيماً وجسامة الضرر تقدرها محكمة الموضوع وفقا لظروف الواقعة.

والجدير بالذكر أن تمام الجريمة يتوافر بالإخلال بتنفيذ الالتزامات المفروضة بالعقد ، أما تحقق النتيجة المتمثلة في الضرر الجسيم فإنما يمثل شرطاً للعقاب ، بمعنى أن الإخلال بالتنفيذ إذا لم يرتب ضرراً جسيما يندرج بدوره تحت نصوص التجريم وكل ما هنالك هو أن العقوبة لا توقع لإنتفاء شروط العقاب.

وسواء كانت النتيجة عنصراً من عناصر الركن المادي أو شرطاً من شروط العقاب فإنه يلزم توافر رابطة السببية المادية بين الإخلال بالتنفيذ وبين الضرر الجسيم الذي تحقق.

ثالثاً : الركن المعنوي :

اشترط المشرع أن يكون الإخلال بتنفيذ الالتزامات المفروضة بمقتضى العقد عمدية ، ومعنى ذلك أن الجريمة تقوم في ركنها المعنوي على القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة والعلم ينصرف إلى العناصر المكونة للواقعة والتي يدخل فيها العلم بالالتزامات المفروضة بمقتضى العقد أما الإرادة فيجب أن تتجه إلى سلوك الإخلال بتنفيذ تلك الإلتزامات ويتوافر القصد الجنائي متى اتجهت إرادة الجاني إلى الإخلال ولو لم تتجه إلى الإضرار ، فلا يلزم لتوافر الركن المعنوي في هذه الجريمة اتجاه نية الجاني إلى الإضرار الجسيم بمصالح الجهة المتعاقد معها ولذلك فقد رأينا أن تحقق الضرر الجسيم هو شرط للعقاب . ذلك أن شروط العقاب هي وقائع لاحقة تخرج عن النموذج التجريمي ويتوقف عليها إنزال العقاب بالجاني ، ولذلك فلا يشترط العلم بها ولا يلزم توافر القصد الجنائي اتجاه الإرادة إلى تحقيقها  وبطبيعة الحال ينتفي القصد الجنائي إذا كان الإخلال نتيجة لخطأ في تفسير نصوص العقد .

العقوبة الأصلية :

العقوبة :

وهي العقوبة المقررة لجريمة الإخلال العمدي بتنفيذ العقود المبينة بالمادة 116 مکرراً (ج) وهي السجن من ثلاث سنين إلى خمس عشرة سنة .

الظرف المشدد:

تشدد العقوبة إلى السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها فلا يكفي للتشديد أن تقع الجريمة في زمن حرب وأن يترتب عليها ضرر جسيم ، بل يلزم أن يتمثل الضرر الجسيم في الإضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها ومركز البلاد الاقتصادي يتحدد بخطة الدولة في أداء التزاماتها الاقتصادية نحو الدول الأخرى ونحو مواطنيها ، أما المصالح القومية للبلاد فتنصرف إلى كل ما يتعلق بسياسة الدولة الداخلة وخططها في النهوض بالمجتمع.

العقوبة التكميلية :

يحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة.

الغش في تنفيذ العقود

تمهيد :

ميز المشرع بين صورتين من صور الغش في تنفيذ عقد من العقود الواردة بالمادة 116 مکرراً (ج): الأولى هي الغش العمدي ، والثانية هي الغش غير العمدي المتمثل في استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً للعقد دون علمه بذلك.

أولاً : الغش العمدي :

رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 116 مکرراً (ج) تنص على نوعين من الجرائم ، الأول : هو الإخلال العمدي بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات الناشئة عن عقد من العقود سالفة الذكر ، والثاني هو الغش في تنفيذ العقد.

ولذلك فإن جريمة الغش في تنفيذ العقد تتطلب كجريمة الإخلال بالتنفيذ صفة خاصة في الجاني وهي كونه متعاقدة مع جهة الإدارة أو إحدى الجهات المبينة بالمادة 116 أو مع إحدى شركات المساهمة ، ويأخذ أيضاً حكم المتعاقد الأصلي المتعاقد من الباطن والوكلاء والوسطاء وكل ذلك على التفصيل السابق بيانه في جريمة الإخلال العمدي .

الركن المادي :

تقوم الجريمة في ركنها المادي على سلوك يتصف بالغش في تنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها على الجاني عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة.

والغش قد يكون في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو عیارها أم في ذاتية البضاعة المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها ، وعلى الجملة كل غش في إنجاز الأشغال أو الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجر به العرف أو أصول الصناعة .

ولا يشترط لتمام الجريمة في ركنها المادي أن يتحقق ضرر عن الغش كما لا يشترط وقوع تدليس أو خداع فالجريمة تقوم بارتكاب الغش ولو لم يرتب عليه أي ضرر ، على عكس الحال بالنسبة لجريمة الإخلال العمدي بتنفيذ العقود وقد راعى المشرع أن الغش في التنفيذ بطبيعته لابد أن ينعكس ضرره على الجبهة المتعاقدة ومصالحها ، ولذا فقد اكتفي بالعقاب على مجرد الغش و مفترضاً وقوع الضرر دون استلزامه كعنصر للجريمة أو كشرط للعقاب عليها .

وجدير بالذكر أن الغش في التنفيذ هو صورة من صور الإخلال العمدي بتنفيذ الالتزامات المفروضة بمقتضى العقد، إلا أن المشرع خصه بالتجريم في ذاته بغض النظر عما يترتب عليه من أضرار ومعنى ذلك أنه لا مجال لإعمال قواعد التعدد المعنوي بين جريمة الإخلال العمدي بالتنفيذ وبين جريمة الغش في التنفيذ لأننا نكون بصدد تنازع ظاهري بين النصوص يتم حله بتقديم النص الخاص على النص العام، والنص الخاص هو ذلك المتعلق بالغش ، أما النص عام ف هو المتعلق بالإخلال العمدي بالتنفيذ  .

الركن المعنوي :

يقوم الركن المعنوي في جريمة الغش على القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة فيلزم أن يكون الجاني عالماً بمقومات الغش ويريد تحقيقه ولا مجال لافتراض العلم بالغش وفقاً لقرينة التي استحدثها المشرع بالقانونين 522 لسنة 1955 و 80 لسنة 1969 والتي افترض بها المشرع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة ، إذ أن تلك القرينة بجد مجالها في محيط جنح الغش في البيع وفقاً للقانون رقم 48 لسنة 1941 والقوانين المعدلة له ، أما في محيط المادة 116 مکرراً (ج) فيتعين إثبات العلم بالغش فإذا استبعدت المحكمة تطبيق المادة 116 مکرراً (ج) على الواقعة وطبقت عليها أحكام الغش في البيع كان الها إعمال القرينة سالفة الذكر .

وقد استقر قضاء النقض على أن جناية الغش في عقد من العقود الواردة بالمادة 116 مكرر (ج) هي جريمة عمدية يشترط لقيامها القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً  .

وغني عن البيان أنه يجب عدم الخلط بين الخطأ الجسيم وبين الغش ، فكل منهما يمثل وجها للإجرام يختلف عن الآخر اختلافا تاما ويناقضه . (قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة: 350)

تحديد أركان الجريمة

يتطلب المشرع لتحقق هذه الجريمة توافر أركان ثلاثة : صفة الجاني، والركن المادي، والركن المعنوي.

صفة الجاني :

و لم يتطلب المشرع لوقوع هذه الجريمة أن يكون الجاني موظفاً عاماً، فهذه الجريمة تقع من فرد عادی تتوافر فيه صفة أخرى هي صفة «المتعاقد» مع إحدى الجهات التي نصت عليها المادة 119 أو مع إحدى شركات المساهمة بمقتضى عقد من العقود التي أوردها المشرع على سبيل الحصر وهي : عقود المقاولة والنقل والتوريد والإلتزام والأشغال العامة.

ويلحق بالمتعاقد كل من المتعاقد من الباطن والوكيل والوسيط فقد أعتبر المشرع الصفة متوافرة لدى الجاني إذا كان واحداً من هؤلاء.

والفرض في هذه الحالة أن صلة المتعاقد من الباطن أو الوكيل أو الوسيط بالمتعاقد الأصلى صلة قانونية صحيحة، فإذا كانت باطلة اقتصرت مسئوليته على مجرد الإشتراك.

الركن المادي

يتخذ الفعل المكون الركن المادي في هذه الجريمة إحدى صور ثلاثة :

1- الإخلال بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها العقد ويتوافر هذا الإخلال بمخالفة الإلتزامات التي تتولد عن أحد العقود المذكورة، سواء في صورة إيجابية أو سلبية، ويتحقق الإخلال ولو كان العقد باطلاً طالما لم يصدر حكم يقرر هذا البطلان والفرض في الإخلال أنه وليد إرادة المتعاقد، فإذا حدث بسبب قوة قاهرة لا تقع الجريمة.

ولا يكتفي المشرع لتوقيع العقاب بوقوع فعل الإخلال، وإنما يشترط أن يترتب على هذا الفعل ضرر جسيم، واعتبار الضرر جسيماً يدخل في تقدير محكمة الموضوع وفقاً لظروف الواقعة، ولم يحدد النص نوع هذا الضرر، ولا من يقع عليه الضرر، وإن كان المفهوم أنه ينال المتعاقد الآخر وهو إحدى الجهات التي نصت عليها المادة 119 وهي التي اعتبر المشرع مالها من الأموال العامة، أو إحدى الشركات المساهمة، أو أحد المستفيدين من العقد.

- الغش في تنفيذ العقد

اعتبر المشرع الغش في تنفيذ العقد صورة للفعل المكون للركن المادي للجريمة، وتتحقق هذه الصورة «بالغش في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو إعتبرها أو في ذاتية البضاعة المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها، وعلى الجملة كل غش في إنجاز الأشغال أو في الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد، وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجر به العرف أو أصول الصناعة».

ومجرد وقوع الغش يكفي لوقوع الجريمة، فلا يشترط أن يكون على درجة من الجسامة، كما لا يتطلب المشرع أن يترتب عليه ضرر ما، خلافاً الصورة الإخلال بتنفيذ الإلتزامات التي يفرضها العقد، حيث يشترط أن يترتب على الإخلال ضرر جسيم.

3- استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر.

أراد المشرع أن يوسع من نطاق التجريم، فاستحدث بالقانون رقم 63 لسنة 1975 الفقرة الثالثة من المادة 116 مكرراً (ج) التي تتضمن صورة ثالثة من صور الركن المادي للجريمة محل البحث، فقرر معاقبة كل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأحد العقود التي ذكرها النص.

الركن المعنوي

يميز المشرع فيما يتعلق بالركن المعنوي بين صور الركن المادي للجريمة، ففيما يتعلق بالصورتين الأولى والثانية وهما الإخلال بتنفيذ كل أو بعض الإلتزامات التي يفرضها العقد، والغش في تنفيذ العقد، يتطلب المشرع لتحقق الركن المعنوي توافر القصد الجنائي، ويستفاد ذلك من استعمال المشرع لفظ عمداً بالنسبة للإخلال، ومن تضمن الغش لمعنى العمد والقصد المتطلب قصد عام يقوم على العلم والإرادة، فيجب أن يكون الجاني عالماً بتعاقده مع إحدى الجهات المبينة في المادة 119 أو إحدى شركات المساهمة وبما نشأ عن هذا التعاقد من التزامات، وبأن من شأن فعله الإخلال بتنفيذ هذه الإلتزامات أو الغش في التنفيذ، ويجب أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الذي يتمثل فيه الإخلال أو الغش.

وعلى ذلك ينتفي القصد الجنائي إذا تخلف لدى الجاني العلم بهذه الأمور أو بأحدها، أو إذا انتفت لديه إرادة الإخلال أو الغش، كما لو تحقق الإخلال نتيجة لإهماله، إذ لا يكتفي المشرع لتحقق الركن المعنوي في هذه الجريمة بمجرد الخطأ.

وتحقق القصد الجنائي على هذا النحو يكفي لقيام الجريمة، فلا يشترط أن تتجه إرادة الجاني إلى إحداث ضرر جسيم في حالة الإخلال بتنفيذ العقد، ذلك أن جريمة الإخلال بالتنفيذ تعتبر من الجرائم المتعدية القصد التي تقع إذا حدثت نتيجة معينة لم يتجه إليها قصد الجاني، سواء كان قد توقعها أو لم يتوقعها طالما أنها متوقعة وفقاً للمجرى العادي للأمور.

وفيما يتعلق بالصورة الثالثة، يتخذ الركن المعنوي إحدى ص ورتيه القصد الجنائي، أو الخطأ غير العمدي، ففي الحالة الأولى يثبت أن من استعمل أو ورد البضاعة أو المواد المغشوشة أو الفاسدة قد اتجهت إرادته إلى غشها، أو على الأقل كان يعلم بغشها أو فسادها، وحينئذ تكون الجريمة عمدية، وفي الحالة الثانية لا يثبت الغش أو العلم به، وإنما يفترض المشرع أن المتعاقد لم يبذل العناية الواجبة للتوصل إلى العلم بحقيقة وضعها، فلم يكتشف غشها أو فسادها بينما كان ذلك واجباً عليه وفي استطاعته، وحينئذ تكون الجريمة غير عمدية، أما إذا انتفى الخطأ بأن ثبت أن المتهم لم يكن في مقدوره العلم بغش البضاعة أو فسادها مهما بذل من العناية، فإن الجريمة لا تقع لإنهيار ركنها المعنوي.

العقوبة

يختلف العقاب باختلاف الصورة التي يتخذها الركن المادي للجريمة.

ففي الصورتين الأولى والثانية وهما: الإخلال العمدي بتنفيذ كل أو بعض الإلتزامات الناشئة عن أحد العقود التي حصرها النص، والغش في تنفيذ هذا العقد، تكون الجريمة جناية عقوبتها السجن (م 1/ 116 مكرراً (ج) ع)، ويشدد المشرع العقاب ليصبح السجن المؤبد أو المشدد إذا توافر شرطان : الأول، أن ترتكب الجريمة في زمن حرب والثاني، أن يترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها (م 116 / 2 مكرراً (ج) ع).

وفي الصورة الثالثة، وهي حالة كل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود المنصوص عليها، فإننا نميز بين وضعين: الوضع الأول، أن يثبت غش المتهم لهذه المواد أو علمه بغشها أو فسادها، ولم يذكر المشرع العقوبة في هذه الحالة، وإن كان سياق النص يمكن أن يؤدي إلى القول بأن المشرع يعتبر هذا الوضع صورة من صور الغش في التنفيذ وبالتالي يعتبر جناية يعاقب عنها بالسجن، أما الوضع الثاني، فهو ألا يثبت غش المتهم للمواد أو علمه بغشها أو فسادها فحينئذ يعتبر الفعل جنحة عقوبتها الحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين، فإذا ثبت أن المتهم لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد لا تقع الجريمة وبالتالي لا توقع أية عقوبة (م 116 / 3 مكرراً (ج) ع).

وإلى جانب العقوبة الأصلية يقرر المشرع لجميع صور الجريمة عقوبة تكميلية هي الغرامة النسبية التي تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة، ولا يحول دون توقيعها أن تكون العقوبة الأصلية هي الغرامة، إذا الغرامة كعقوبة أصلية صفة جنائية خالصة، بينما الغرامة النسبية لها طبيعة مختلطة إذ تجمع بين صفتي العقوبة والتعويض. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة: 182)

أركان الجريمة :

1- صفة الجاني :

يلزم لوقوع الجريمة أن يكون الفاعل ملتزماً بتنفيذ عقد مقاولة أن نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به مع إحدى الجهات التي حددتها المادة 119 أو مع إحدى شركات المساهمة وعلى ذلك فإن الشارع قد حدد صفة الجاني من وجهتين من حيث نوع العقد ومن حيث من يتعاقد مع الجاني.

فمن حيث نوع العقد تطلب الشارع أن يكون هو المتعاقد الأصلي مع جهة من تلك الجهات أو يكون متعاقد من الباطن مع هذا الأخير أو وكيلاً عنه أو وسيطاً بينه وبين غيره ممن يتصل بهم تنفيذ العقد بشرط أن يعترف القانون بصلته بالمتعاقد الأصلى ويقتضي ذلك أن تكون علاقته به صحيحة قانوناً على أنه إذا كانت صلته به باطلة فإن مسئوليته عن فعله لا تنتفي ولكنه يعد شريكاً ولا يحول دون مسئوليته أن يكون المتعاقد الأصلي وهو الفاعل بإعتباره الذي يحمل الالتزام قبل الدولة أو ما عداها من الهيئات حسن النية.

2- الركن المادي :

هو الإخلال أو الغش في تنفيذ العقود المذكورة والفصل في الإخلال بتنفيذ العقد هو فصل في مسألة أولية ترجع فيها المحكمة إلى القانون الذي حكم العقد ومع ثبوت هذا الإخلال فإن المشرع لا يكتفي به لوقوع الجريمة بل يشترط أن يترتب عليه ضرر جسيم وقد جاءت صيغة النص مبهمة لا تحدد نوع الضرر أو مقداره أو المضرور كما لم يرد في المذكرة الإيضاحية ما يفصح عن غرض الشارع من ذلك وينبغي عندئذ الاسترشاد بالغرض الذي استهدفه المشرع من نصوص الباب الذي وردت فيه المادة 116 مكرراً (جـ) والمادة 116 القديمة بوجه خاص فقد ربطت المذكرة الإيضاحية لقانون سنة 1962 بين النصين فالضرر المقصود يجب أن يكون ضرراً مادياً يلحق بالجهة المتعاقدة أما جسامة الضرر فقد ترك تقديرها لمحكمة الموضوع.

وقد ساوى القانون بين الغش في التنفيذ والإخلال الضار بالالتزامات العقدية ومن أمثلته الغش في عدد الأشياء الموردة أو مقدارها أو مقاسها أو عيارها أو في ذاتية البضاعة المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحويه من عناصر نافعة و خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها وكن تغير في الشئ لم يجرى به العرف أو أصول الصناعة، وتقع الجريمة بأدنى قسط من الغش ولو لم يكن على درجة كبيرة من الجسامة أو الخطورة، وهذا الغش لا يختلف في طبيعته عن الغش المعاقب عليه بمقتضى القانون رقم 48 لسنة 1941، إلا أنه متى توافر هذا الغش تعيين تطبيق المادة 116 مكرراً باعتبارها ذات العقوبة الأشد ولاحظ أن القانون يكتفي بمجرد وقوع الغش لتوافر الجريمة ولو لم يترتب عليه ضرر ما بخلاف الحال بالنسبة إلى الإخلال بالتنفيذ حيث يتعين توافر الضرر الجسيم.

والصورة الثالثة من الركن المادي هي استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً للالتزام التعاقدي وموضع استعمال هذه المواد هو عقود المقاولة والالتزام والأشغال العامة وموضع توريدها هو عقد التوريد.

3- الركن المعنوي :

هذه الجريمة عمدية فيلزم قيام توافر القصد الجنائي وهو اتجاه الإرادة إلى الإخلال بتنفيذ العقد أو الغش فيه فلا تقوم الجناية إذا كان عدم تنفيذ العقد راجعاً لمجرد الإهمال وقد وردت كلمة "عمداً" في صورة الإخلال ويستفاد العمد من التعبير بإرتكاب الغش في الصورة الأخرى وقد لايثبت الغش أو العلم به فعندئذ افترض المشرع أن الفاعل قد أهمل في التحقق من سلامة البضاعة وعاقبه بعقوبة الجنحة ولكنه يستطيع أن يدحض هذه العقوبة بأن يثبت أنه لم يكن في مقدوره العمل بالغش أو الفساد.

العقوبة :

عقوبة الإخلال بتنفيذ العقد إذا ترتب عليه ضرر جسيم وكذلك إذا ارتكب أي غش في تنفيذه ولم يترتب على ذلك ضرر ما هي السجن.

وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب وترتب عليها أضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو مصلحة قومية لها.

وكل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذاً لأي من العقود سالفة الذكر ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس وبغرامة لاتجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك كله ما لم يبين أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد ويحكم فضلاً عن ذلك على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة.

ويعاقب بذات العقوبات على حسب الأحوال المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم مع ملاحظة أنه يجوز أن يحكم بالإضافة إلى ما تقدم بكل أو بعض التدابير المنصوص عليها في المادة 188 مكرراً. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 466)

تقوم هذه الجريمة على عنصر مفترض ورکن مادي وركن معنوي.  

العنصر المفترض :

هذه الجريمة ليست من جرائم الموظفين، فلا يشترط أن يكون الفاعل فيها موظفا عاما، فهي تقع من فرد عادي على أنه يشترط أن يكون هذا الفرد قد تعاقد مع إحدى الجهات التي نصت عليها المادة (119) عقوبات والتي اعتبرت أموالها أموالاً عامة أو مع إحدى شركات المساهمة بموجب أحد العقود المبينة على سبيل الحصر في المادة (116 مكرراً "ج") والتي نحن بصددها، وهذه العقود هي: عقود المقاولة، والنقل، والتوريد، والإلتزام، والأشغال العامة.

ويراد بعقد المقاولة هو العقد الذي يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر وقد يقتصر تعهد المقاول على تقديم العمل على أن يقدم له المتعاقد الآخر المادة التي يستخدمها في القيام بعمله، ويجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معاً.

والنقل صورة من صور المقاولة، وهو عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بنقل أشخاص أو أشياء من مكان لآخر.

ويقصد بعقد التوريد في هذه المادة الاتفاق بين إحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (119 عقوبات) وبين فرد أو جهة خاصة يتعهد الأخير بمقتضاه بإمداد الجهة المتعاقدة معها منقولات معينة لقاء ثمن.

أما عقد الالتزام فهو عقد يتولى الملتزم بمقتضاه وعلى مسئوليته إدارة مرفق عام اقتصادي واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين خلال مدة محددة.

ويراد بعقد الأشغال العامة العقد الذي يتم بين الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة مع أحد الأفراد أو الشركات الخاصة للقيام بأعمال مادية تتعلق بعقار، كإقامة مبنى أو تمهيد طريق أو حفر نفق، في نظير المقابل المتفق عليه، وبقصد تحقيق منفعة عامة.

ونصت الفقرة الأخيرة في المادة التي نحن بصددها على أن يأخذ حكم المتعاقد الأصلي المتعاقد من الباطن والوكيل والوسيط إذا كان الإخلال في التنفيذ أو الغش فيه راجعا إلى فعلهم، ويشترط لذلك أن تكون العلاقة القانونية بين المتعاقد الأصلي وبين أحد هؤلاء صحيحة، فإذا كانت باطلة فإنه لا يسأل إلا وفقاً لقواعد الإشتراك، ويظل المتعاقد الأصلي وحده مسئولاً عن تنفيذ الالتزامات الملقاة عليه، ويعد الفاعل الأصلي في الجريمة، ويسأل عنها بهذه الصفة إذا توافر لديه القصد الجنائي.

الركن المادي:

السلوك الإجرامي في هذه الجريمة يقوم بإحدى صور ثلاث :

(1) الإخلال بكل أو ببعض الالتزامات التي يقررها العقد :

يتعين أن يقع الإخلال بأحد الالتزامات المتولدة عن أحد العقود السابق بيانها، سواء كان السلوك الذي تحقق به الإخلال إيجابياً، كالتنفيذ المعيب للالتزام، أو سلبياً كعدم التنفيذ أصلاً.

ولا يستطيع المتهم الاحتجاج بأن العقد باطل لدفع مسئوليته الجنائية مادام لم يصدر حكم يقرر البطلان.

وتؤدي القوة القاهرة إلى إعفاء المتعاقد من التنفيذ، وبالتالي فلا تنسب إليه جريمة، كأن يصدر تشريع يمنع إستيراد السلعة المتعاقد على توريدها من الخارج.

وإذا تعرض المتعاقد لظرف طارئ، لا يجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلاً ولكنه يجعله مرهقا له، مثل صدور قانون برفع الأجور أو بفرض ضرائب جديدة، أو بتخفيض العملة الوطنية، أو برفع قيمة عملة الدولة الأجنبية التي تستورد البضاعة منها، فإن ذلك لا يبرر تحلل المتعاقد من التزامه، ولكنه قد يؤدي إلى انتفاء القصد الجنائي لديه بالدفع بأنه لم يقصد الإخلال بالإلتزام.

ولا يكفي الإخلال بالتنفيذ لوقوع الجريمة، إذ يتعين أن يترتب عليه ضرر جسيم سواء لحق الضرر الجهة المتعاقدة أو المستفيدين من العقد.

الغش في تنفيذ العقد :

يراد بهذه الصورة من صور السلوك الإجرامي الغش في عدد الأشياء الموردة أو في مقدارها أو مقاسها أو عيارها أو في ذاتية البضاعة المتفق عليها أو في حقيقتها أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة أو خصائص مميزة أو عناصر تدخل في تركيبها، وعلى الجملة كل غش في إنجاز الأشغال أو في الأشياء الموردة بالمخالفة لأحكام العقد، وكذلك كل تغيير في الشيء لم يجر به العرف أو أصول البضاعة.

وتقع الجريمة بحدوث الغش ولو لم يكن على درجة كبيرة من الجسامة أو الخطورة، ولا يشترط أن يترتب عليه ضرراً ما، بخلاف حالة الإخلال في التنفيذ فقد اشترط فيها حصول ضرر جسيم، ذلك أن الغش يكشف عن أذناب أشد من الإخلال بالعقد.

إستعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة :

أضاف المشرع بالقانون رقم 63 لسنة 1975 هذه الصورة الثالثة من صور السلوك الإجرامي، فجرم استعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذا لأي من العقود سالفة الذكر.

الركن المعنوي :

يختلف الركن المعنوي إذا اتخذ السلوك الإجرامي صورتي الإخلال في تنفيذ العقد والغش فيه عنه إذا كان السلوك عبارة عن إستعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة، ففي أي من الحالتين تكون الجريمة عمدية يلزم فيها توافر القصد الجنائي، ويستفاد ذلك من إستعمال المشرع كلمة عمداً في حالة الإخلال ومن قيام الغش على العمد بالضرورة، والقصد المتطلب قصد عام يفيد علم، الجاني بأنه تعاقد مع إحدى الجهات المبينة في المادة (119) عقوبات أو إحدى الشركات المساهمة، وبما نشأ عن العقد من التزامات، وبأن سلوكه يؤدي إلى الإخلال في تنفيذ هذه الالتزامات أو الغش فيها، وأن تتجه إرادته إلى القيام بالسلوك بما يتضمنه من إخلال أو غش.

والقصد الجنائي على هذا النحو يكفي لقيام الركن المعنوي، فلا يشترط أن تتجه إرادة الجاني إلى إحداث ضرر جسيم في حالة الإخلال في التنفيذ، فالجريمة من الجرائم المتعدية القصد التي يسألها مرتكبها عن النتيجة التي تحدث، سواء توقعها أو لم يتوقعها، مادامت النتيجة متوقعة وفقاً للمجرى العادي للأمور.

أما في حالة الصورة الثالثة من صور السلوك الإجرامي وهو حالة إستعمال أو توريد بضاعة مغشوشة أو فاسدة، فإن صورة الإرادة المذنبة إما أن تقوم على القصد الجنائي أو على الخطأ غير العمدي.

ففي الحالة الأولى تتجه إرادة الجاني إلى غش البضاعة أو على الأقل يعلم بغشها أو فسادها وتكون الجريمة عمدية.

أما في الحالة الثانية فالجريمة خطيئة، والخطأ مفترض في حق المتعاقد لأنه لم يبذل العناية الواجبة لمعرفة حقيقة حال البضاعة بينما كان ذلك في استطاعته وإذا انتفى الخطأ بأن أثبت المتهم أنه لم يكن في مقدوره العلم بغش البضاعة أو فسادها مهما بذل من عناية فإنه لا يسأل عن الجريمة لتخلف ركن الأذناب.

العقوبة :

إذا اتخذ السلوك الإجرامي إحدى صورتي الإخلال في التنفيذ أو الغش فيه، تكون الجريمة جناية عقوبتها السجن وإذا اقترن بها طرفان مشددان بأن ترتكب في زمن حرب وأن يترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها، فتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد.

وكذلك تكون الجريمة جناية عقوبتها السجن إذا كان السلوك عبارة عن إستعمال أو توريد بضاعة أو مواد مغشه شة أو فاسدة، وثبت غش الجاني لها وعلمه بغشها أو فسادها.

وتصبح الجريمة جنحة عقوبتها الحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا أهمل من إستعمل البضاعة أو وردها فلم يبذل العناية الواجبة لمعرفة ما بها من غش أو فساد.

وفي جميع الأحوال يحكم بعقوبة تكميلية وجوبية، هي الغرامة النسبية التي تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 537)

الفقة الإسلامي
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 194
 
(مادة 387)
 يعاقب بالسجن المؤقت كل من أخل عمدا بتنفيذ كل أو بعض الإلتزامات التي يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو إلتزام أو أشغال عامة، ارتبط به مع إحدى الجهات المبينة بالمادة (393) من هذا القانون، أو مع إحدى شركات المساهمة، وترتب على ذلك ضرر جسيم، أو ارتكب غشاً في تنفيذ هذا العقد. 
ويعاقب بالعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت إذا ارتكب الجريمة فى زمن حرب أو ما في حكمه؛ وفقاً للفقرة (ب) من المادة (315) من هذا القانون، وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي، أو بمصلحة قومية لها. 
ويعاقب بالحبس والغرامة التي لا تجاوز ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين - كل من إستعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة، تنفيذاً لعقد من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها، وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد، ويحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة. 
ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال - المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء، إذا كان الإخلال بتنفيذ الإلتزام أو الغش راجعاً إلى فعلهم.