موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني،
من المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 63 لسنة 1970 تبعاً للتوسعة في مدلول المال العام تضمن المشروع في المادة 119 مكرراً التوسعة في مدلول الموظف العام كذلك في نطاق تطبيق أحكام الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات فلم يقف في شأن تحديد مدلول الموظف العام في نطاق تطبيق القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين في الدولة أو عند التعريف الذي وضعته المحكمة الإدارية العليا للموظف العام بأنه الشخص الذي يعين بصفة مستمرة غير عارضة للمساهمة في خدمة مرفق عام تديره الحكومة المركزية أو السلطات الإدارية اللامركزية بالطريق المباشر ولكن اتجه المشروع إلى التوسع في مدلول الموظف العام في نطاق تطبيق أحكام الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات فحددت المادة (11) مكرراً بالإضافة إلى الموظف العام بالمعنى الضيق كل من اعتبروا موظفين عموميين في نطاق تطبيق أحكام الباب المذكور يستوى في ذلك أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر.
1- لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام استنادا إلى المواد 113 / 1 ، 118 ، 118 مكرر ، 119 / 1 ،119مكرر / ١ من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 16 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بتاريخ 12 من مارس سنة 2015 – بعد صدور الحكم المطعون فيه – نص في المادة الثانية على إضافة المادة 18 مكرراً (ب) إلى قانون الإجراءات الجنائية التي تتضمن النص على أنه يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ، ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى ما زالت قيد التحقيق أو المحاكمة ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم الصلح قبل صيرورة الحكم باتاً .... ، ونص في الفقرة الأخيرة من تلك المادة على أنه وفي جميع الأحوال يمتد أثر التصالح إلى جميع المتهمين أو المحكوم عليهم دون المساس بمسئوليتهم التأديبية ويقدم طلب التصالح من المتهم أو المحكوم عليهم أو وكيله الخاص ويجوز للأخير اتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بإعادة إجراءات المحاكمة في غيبة المحكوم عليه في الأحكام الصادرة غيابيًا . لما كان ذلك ، وكان النص آنف الذكر وإن كان ظاهره إجرائيًا ، إلا أنه يقرر قاعدة موضوعية مفادها تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم ، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح في مفهوم نص المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ما دام قد أنشأ له وضعاً أفضل ، ومن ثم فإنه يسري من يوم صدوره على واقعة الدعوى ، طالما لم تنته بحكم بات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لهذه المحكمة – محكمة النقض – أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانوناً أصلح يسري على واقعة الدعوى ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعن وللمحكوم عليه الآخر ولو لم يُقبل طعنه شكلاً ؛ لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
( الطعن رقم 26635 لسنة 84 - جلسة 2015/6/11 )
2- الموظف او المستخدم العام هو الذى يعهد اليه بعمل دائم فى خدمة مرفق عام تديره الدولة او احد اشخاص القانون العام - عن طريق شغله منصبا يدخل فى التنظيم الادارى لذلك المرفق ، وكان المشرع كلما راى اعتبار اشخاص معينين فى حكم الموظفين العامين فى موطن ما ، اورد به نصا ، كالشأن فى جرائم الرشوة واختلاس الاموال الاميرية والتسبب خطأ فى الحاق ضرر جسيم بالاموال ، وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات حين اورد فى الفقرتين الثالثة والسادسة من المادة 119 مكرراً منه ، انه يقصد بالموظف العام فى حكم هذا الباب افراد القوات المسلحة . وكل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر اليه بمقتضى القوانين او من موظف عام فى حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين او النظم المقررة ، وذلك بالنسبة للعمل الذى يتم التكليف به . ونصت ذات المادة فى فقرتها السابقة على انه يستوى ان تكون الوظيفة او الخدمة دائمة او مؤقتة بأجر او بغير اجر طواعية او جبرا . فجعل هؤلاء فى حكم اولئك الموظفين العامين فى هذا المجال المعين فحسب دون سواه ، فلا يجاوزه الى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما اسبغته من حماية خاصة على الموظف او المستخدم العام . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ان المتهم مجند بالقوات المسلحة ، فإن ما تسبغه الفقرة الثالثة من المادة 63 سالفة الذكر من حماية الموظف العام او المستخدم العام ، بعدم جواز رفع الدعوى الجنائية ضده لجريمة وقعت منه اثناء تأديته وظيفته او بسببها الا من النائب العام او المحامى العام او رئيس النيابة لا تنطبق عليه لانه لا يعد فى حكم الموظفين العامين فى معنى هذه المادة . لما كان ما تقدم ، و كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، فانه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ، ويكون النعى عليه فى هذا الصدد غير سديد
(الطعن رقم 30909 لسنة 59 جلسة 1997/11/04 س 48 ع 1 ص 1193 ق 179)
3- حيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب وقف نظر الدعوى لحين الطعن بعدم دستورية المادتين119 ،119 مكرراً من قانون العقوبات فيما نصتا عليه من اعتبار أموال البنوك أموالاً عامة ، والقائمين بالعمل فيها موظفين عموميين رغم أن البنوك من أشخاص القانون الخاص والمادتين40 ، 41 من ذات القانون لمساواتهما فى العقوبة بين الشريك والفاعل الأصلى ، واطرحه برد سائغ 0 وكان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قد نص فى المادة 29 منه على أن " تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى: (أ) ........ (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة شهور لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن"0 وكان مفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها هى الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازى لها ومتروك لمطلق تقديرها 0 لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنين بعدم الدستورية غير جدى ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير سديد .
(الطعن رقم 39618 لسنة 72 جلسة 2003/01/16 س 54 ص 112 ق 11)
4- لما كانت المادة 8 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز رفع الدعوى الجنائية فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 116 مكرراً (أ) من قانون العقوبات وهى جريمة التسبيب بالخطأ فى الحاق ضرر جسيم بالأموال والمصالح إلا من النائب العام أو المحامى العام وكان المشرع فى البند(ه) من المادة 119 من قانون العقوبات قد اعتبر رؤساء مجالس الادارة والمديرين وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت أموالها أموالاً عامة وفقاً للمادة 119 من ذات القانون ومنها وحدات القطاع العام موظفين عامين فى تطبيق أحكام الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات المتضمن للمادة 116 مكرراً منه المنطبقة على واقعة الدعوى وأراد معاقبة جميع فئات العاملين بالحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً ، مهما تنوعت أشكالها ، وأيا كانت درجة الموظف العام أو من فى حكمه وأيا كان نوع العمل الملكلف به . وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن يعمل رئيساً للقطاع المالى بشركة ......... وهى إحدى وحدات القطاع العام المملوكة للدولة فإنه يدخل فى عداد الموظفين العاملين فى تطبيق أحكام جريمة التسبب بالخطأ فى إلحاق ضرر جسيم بالاموال وترتيباً على ذلك تنعطف عليه الحماية المنصوص عليها فى المادة 8 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن محكمة ثانى درجة إذا لم تفطن لذلك ، وألغيت الحكم المستأنف الذى قضى وبحق بعدم قبول الدعوى لرفعها على خلاف ما تقضى به هذه المادة تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون ، وإذ كان حكمها المطعون فيه منهياً للخصومة على خلاف ظاهره إعتباراً بأن محكمة أول درجة سوف تحكم حتماً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ، فإن الطعن فى هذا الحكم يكون جائزاً، وقد استوفى الشكل المقرر فى القانون. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة قد أخطأت بقضائها سالف الذكر، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بالقضاء بتاييد الحكم المستأنف الصادر بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانونى إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
(الطعن رقم 5085 لسنة 62 جلسة 1995/01/15 س 46 ص 147 ق 19)
5- الموظف العام هو الذى يعهد اليه بعمل دائم فى خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصباً يدخل فى التنظيم الادارى لذلك المرفق.
(الطعن رقم 5486 لسنة 62 جلسة 1995/02/01 س 46 ص 291 ق 41)
6- المؤسسات العامة على ما يبين من قوانين إصدارها رقم 32 لسنة 1957 ورقم 60 لسنة 1963 و 32 لسنة 1966 هى مرافق عامة يديرها أحد أشخاص القانون العام ، ومن ثم فإن العاملين فيها يعدون من الموظفين أو المستخدمين العامين .
(الطعن رقم 1777 لسنة 38 جلسة 1969/01/13 س 20 ع 1 ص 108 ق 24)
7- أمين شونة بنك التسليف فى أداء ما كلف به طبقا للقوانين التموينية إنما يقوم بخدمة عامة تجعله فى حكم الموظفين طبقا للمادتين 111 ، 119 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953 ، وفضلا عن ذلك فإن الأمين المذكور فى ظل القوانين والقرارات الصادرة بتنظيم التموين والاستيلاء على حصة الحكومة من القمح فى بعض السنين وفقا للأوضاع التى رسمتها تلك التشريعات مكلف باستلام ما يرد للشونة من محصول القمح وأن يبقيه فى عهدته إلى أن يتم طلبه والتصرف فيه ، فهو بلا ريب من الأمناء على الودائع المشار إليهم فى المادة 112 من ذلك القانون .
(الطعن رقم 941 لسنة 29 جلسة 1959/10/06 س 10 ع 3 ص 761 ق 163)
8- متى كان المتهم قد تسلم الخبز بوصف كونه باشجاويش الكتيبة ليباشر توزيعه على الجنود، فإنه يكون هو المتسلط بحكم مركزه على ما يوزعه ويكون وقت وقوع الاختلاس المسند إليه مكلفاً بخدمة عمومية عهد بها إليه، ومن ثم فإن الحكم إذ دانه بالمادتين 111، 119 من القانون رقم 69 سنة 1953 يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً لا خطأ فيه .
(الطعن رقم 834 لسنة 27 جلسة 1957/10/28 س 8 ع 3 ص 825 ق 222)
9- إن صفة الجاني أو صفة الوظيفة بالمعنى الواسع الذي أخذ به قانون العقوبات هي الركن المفترض فى جناية الاختلاس تقوم بقيامها فى المتصف بها، ولا يشترط أن يثبت الحكم توافر العلم بها لدى الجاني كيما يكون مستأهلاً للعقاب، اعتباراً بأن الشخص يعرف بالضرورة ما يتصف به من صفات.
(الطعن رقم 759 لسنة 38 جلسة 1968/06/10 س 19 ع 2 ص 679 ق 138)
10- متى كانت المادة 119 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يعد موظفون عموميون فى تطبيق أحكام هذا الباب الأشخاص المشار إليهم فى المادة 111 من هذا القانون". وكانت المادة 111 من القانون ذاته قد نصت فى بندها السادس على أن يعد فى حكم الموظفين العموميين أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت". وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة 113 منه الموظف العام أو من فى حكمه إذا استولى بغير حق على مال مملوك للدولة أو لإحدى الهيئات العامة، فقد أراد على ما عددته المادة 111 منه معاقبة جميع فئات العاملين فى الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً والملحقة بها حكماً أياً كانت درجة الموظف أو من فى حكمه فى سلم الوظيفة وأياً كان نوع العمل المكلف به. ولما كان الطاعن بحكم كونه خفيراً فى شركة تابعة للقطاع العام المملوك للدولة يعد فى حكم الموظفين العموميين، يستوي فى ذلك أن يكون عقد عمله محدد المدة أو غير محدد لها، فإن النعي على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون فى غير محله.
(الطعن رقم 404 لسنة 43 جلسة 1973/05/28 س 24 ع 2 ص 678 ق 141)
11- مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومى و من فى حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 مكرر من ذات القانون يختلس ما لا تحت يده متى كان قد وجد فى حيازته بسبب وظيفته ، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع و سلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان .
(الطعن رقم 374 لسنة 51 جلسة 1981/10/15 س 32 ص 715 ق 125)
12- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت عند تحصيله لواقعة الدعوى أن المطعون ضده الأول أمين للمخزن ثم إنتهى إلى نفى هذه الصفة عنه بقالة عدم توافر ما يؤكدها ، فإن ما أوردته المحكمة فى أسباب حكمها على الصورة المتقدمة يناقض بعضه البعض الآخر بحيث لا تستطيع محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة بخصوص مدى إنطباق الظرف المشدد فى جناية الإختلاس لإضطراب العناصر التى أوردتها المحكمة عنه و عدم إستقرارها الإستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أى أساس كونت المحكمة عقيدتها فى الدعوى ، و من ثم يكون الحكم معيباً بالتناقض .
(الطعن رقم 374 لسنة 51 جلسة 1981/10/15 س 32 ص 715 ق 125)
وكل ما ورد في المادة السابقة يتفق مع مدلول الموظف العام في المادة 111 عقوبات سالفة الذكر إلا في ثلاث حالات:
الأولى: رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة (المادة 119 ). ذلك أن هذه الجهات تشمل أيضاً النقابات والاتحادات، والمؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام، والجمعيات التعاونية، والشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تسهم فيها إحدى هذه الجهات (الفقرات «د»، «هـ»، «و»، «ز» من المادة 119 مكرراً.
الثانية: كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة بناء على تكليف صادر إليه من موظف عام بالمفهوم الوارد في الحالة الأولى (الفقرة «و» من المادة 119 مكرراً).
الثالثة: العاملون في جهات أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة، وكذلك المكلفون من قبل هؤلاء بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة.
أما الحالات الأخرى الواردة في المادة 119 مكرراً فهي تندرج تحت مدلول الموظف العام في المادة 111 عقوبات، فالقائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية (الفقرة أ) هم موظفون عموميون. ورؤساء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين (الفقرة ب) هم موظفون عموميون حكماً طبقاً للمادة 111 عقوبات. وكذلك الشأن بالنسبة إلى أفراد القوات المسلحة (الفقرة جـ)، وكل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين (الفقرة د)، ومن يقوم بأعمال متصلة بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام، يندرج تحت مدلول المكلف بخدمة عامة وهو موظف عام حكماً طبقاً للمادة 111 عقوبات. ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة: 479 )
صفة الجاني :
الموظف العام : تتطلب غالبية هذه الجرائم أن ترى في الجاني صفة « الموظف العام »، وتعتبر هذه الصفة رکنا في جريمة، فإن انتفت تغير بالضرورة الوصف القانوني للفعل وتتماثل هذه الجرائم - من هذه الوجهة - مع الرشوة والجرائم الملحقة بها ، ولكن الشارع لم يوحد معنى الموظف العام في هاتين المجموعتين من الجرائم ، وإنما حدد مدلول الموظف العام في جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر في نطاق أوسع ضمنه المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات .
فقد نصت هذه المادة على أنه «يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب : (أ) القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية . (ب) رؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين . (ج) أفراد القوات المسلحة . (د) كل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين وذلك في حدود العمل المفوض فيه . (هـ) رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة . (و) كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام في حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به . ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة، بأجر أو بغير أجر . طواعية أو جبراً . ولا يحول إنتهاء الخدمة أو زوال الصفة دون تطبيق أحكام هذا الباب منی وقع العمل أثناء الخدمة أو توافر الصفة .
ويلاحظ على هذا التعداد التشريعي أن من ورد النص عليهم في الفقرة (أ) وهم « القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية » هم « موظفون عامون » في التعريف الإداري للموظف العام . ومن ثم لم يضف بيانهم جديداً إلى معنى الموظف العام . أما المنصوص عليهم في الفقرة (ب) . وهم « رؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء أكانوا منتخبين أو معينين » فقد ورد النص عليهم الفقرة (2) من المادة 111 من قانون العقوبات . وأفراد القوات المسلحة إما أنهم موظفون عامون في المدلول الإداري ، وإما أنهم مكلفون بخدمة عامة . ومن فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين (الفقرة د من المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات) ، « ومن يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام ... » (الفقرة «و» من المادة 119 مكرراً يصدق عليهما أنهما مكلفان بخدمة عامة . ويتضح ع الى أن المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات لم تأت بجديد يضاف إلى من ذكرتهم المادة 111 من قانون العقوبات سوی من ورد النص عليهم في الفقرة (هـ) « وهم رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر الدين في الهيئات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة »، أي المادة 119 من قانون العقوبات .
وقد كان الأجدر من حيث السياسة التشريعية أن يتفق مدلول الموظف العام في الرشوة والجرائم الملحقة بها، ومدلوله في اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر، فهذه الجرائم كافة « جرائم وظيفة عامة ». وتجمع بينهما صلات وثيقة. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 91)
وقد حددت المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات المقصود بالموظف العام في جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر فقضت بأنه:
« يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب»:
(أ) القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) رؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية و غيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين.
(ج) أفراد القوات المسلحة.
(د) كل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين وذلك في حدود العمل المفوض فيه.
(هـ) رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة (119 ع).
(و) كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام في حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة. وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به.
ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة، بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً.
ولا يحول انتهاء الخدمة أو زوال الصفة دون تطبيق أحكام هذا الباب متى وقع العمل أثناء الخدمة أو توافر الصفة».
ويلاحظ أن الفئات التي ذكرتها المادة 119 مكرراً قد شملت الفئات التي اعتبرتها المادة 111 في حكم الموظفين العموميين فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في باب الرشوة وإن اختلف تعبير المشرع عنها، ثم أضافت إليها فئات أخرى، تضم - على وجه التحديد - رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرين وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة 119 من قانون العقوبات. فهذه الجهات لم تكن تعتبر أموالها عامة، وبالتالي لم يكن يعتبر العاملون فيها من الموظفين العامين، إلى أن صدر القانون رقم 63 لسنة 1975 الذي اعتبر أموال هذه الجهات أموالاً عامة، واقتضى ذلك اعتبار العاملين فيها من الموظفين. هذه الجهات هي النقابات والاتحادات، والمؤسسات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة، وأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ثانياً - المال العام
القاعدة أن المال العام هو المال الذي تملكه الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة. وكان القانون رقم 69 لسنة 1953 يقصر الحماية على المال العام في هذا المعنى، ثم مد القانون رقم 120 لسنة 1962 نطاق الحماية إلى أموال المؤسسات العامة والشركات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، فاعتبرها أموالاً عامة.
ولم يكتف المشرع بهذا التحديد، وإنما توسع في تحديد مدلول المال العام، فنصت المادة 119 ع المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 على أنه:
يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية، أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها:
(أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية.
(ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام.
(ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له.
(د) النقابات والاتحادات.
(هـ) المؤسسات والجمعيات ذات النفع العام.
(و) الجمعيات التعاونية.
(ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة.
(ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
ويتضح من هذا النص مدى المبالغة في التوسع في تحديد معنی المال العام، فلم يقتصر المشرع على اعتباره المال عاماً إذا كان مملوكاً كله أو بعضه للدولة أو الهيئات العامة، وإنما اعتبره كذلك إذا كان مملوكاً كله أو بعضه للدولة أو إحدى الهيئات التي حددتها المادة 119، إذا كانت الدولة أو إحدى هذه الهيئات تتولى إدارته، بل ولو لم تتول إدارته، وإنما كان لها عليه مجرد الإشراف. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 106)
تنطبق نظرية الموظف الفعلي في صدد جنايات الباب الرابع إذ لا يؤثر في قيامها أن يكون الموظف لم يصدر بعد قرار بتعيينه أو أن يكون هذا القرار قد صدر باطلاً أو أن تتوقف علاقته بالدولة لفترة مؤقتة أو بصورة نهائية مادام هذا الشخص يقوم فعلاً بأعباء الوظيفة ولم يكن العيب الذي يشوب علاقته بالدولة مفضوحاً وعلى ذلك فإنه متى كان الفاعل موظفاً فليس للمحكمة أن تراقب صحة تعيينه في وظيفته إذ يكفي لإدانته أن يكون بالفعل حاملاً صفتها مؤدياً عملاً وقت إسناد الفعل إليه.
- ويجب أن تتوافر صفة المتهم كموظف وقت ارتكاب الفعل وهذا الاشتراط تطبيق للقواعد العامة التي تجعل العبرة في تحديد ما إذا كانت أركان الجريمة متوافرة أم غير متوافرة بوفت ارتكاب العمل الإجرامي.
من الواضح أن المادة 119 مكرراً يقتصر تطبيقها على جرائم الباب الرابع من الكتاب الثاني دون باقي الجرائم وقيل في ذلك بأنه لايجوز أن يختلف معنى الموظف العام في مجال عن أخر من مجالات قانون العقوبات لذلك كان يلزم وضع نص في الأحكام العامة لبيان مدلول الموظف العام في تطبيق أحكام قانون العقوبات .
كما قيل في مدلول الموظف العام أن المشرع أعطي الاصطلاح الموظف العام في نطاق تطبيق أحكام الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات مدلولاً خاصاً يتسع عن مدلوله في القانون الإداري كما يجاوز في أتساعه مدلوله في جريمة الرشوة وملحقاتها وطبقاً للمادة 119 مكرراً عقوبات فإنه يقصد بالموظف العام في حكم الباب المذكور ما نص عليه بالفقرة الست بالمادة سالفة الذكر ويلاحظ في ذلك أن بعض الأشخاص الذين اعتبرتهم المادة 119 مكرراً عقوبات موظفين عموميين لا يعتبرون كذلك طبقاً للمادة 111 عقوبات الخاصة بتحديد مدلول الموظف العام في باب الرشوة والمقصود بذلك الإشارة بصفة خاصة إلى العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالا عامة طبقًا للمادة 119 عقوبات. إذ أن من بين هذه الجهات جهات خاصة لاتساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بأية صورة من الصور. كما هو الشأن بالنسبة لبعض النقابات والاتحادات والجمعيات التعاونية والمؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام. وعليه فإن العاملين في هذه الجهات لايعتبرون موظفين عموميين في تطبيق أحكام الرشوة والجرائم التي وردت في بابها ويعد ارتشاؤهم من قبيل رشوة المستخدم الخاص المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً (أ) من قانون العقوبات ولكنهم يعتبرون مع ذلك موظفين عموميين في تطبيق النصوص الخاصة بالاختلاس والاستيلاء بدون حق على المال العام وغيرها من النصوص التي وردت في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 504)
رأينا عند تعرضنا لجريمة الرشوة أن المشرع توسع في تحديد مفهوم الموظف العام في خصوص هذه الجريمة، حيث نصت المادة (111) عقوبات على إخضاع أشخاص لا يدخلون في المفهوم الإداري الدقيق للموظف العام لنصوص الرشوة باعتبارهم موظفين عموميين حكماً.
ولم يكتف المشرع بالمدلول الجنائي الواسع للموظف العام كما تبناه في ص دد جرائم الرشوة، وإنما أخذ بمفهوم أكثر إتساعاً للموظف العام في خصوص جرائم العدوان على المال العام، متمشياً في ذلك مع التوسعة التي أجراها في مدلول المال العام الذي شملته الحماية الجنائية، لما بين الفكرتين من إرتباط وثيق.
كما أضفت المادة (52) من قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 صفة الموظف العام في خصوص جرائم العدوان على المال العام علی العاملين في هذه الشركات، وذلك بعد أن اعتبرت أموالها في حكم الأموال العامة. وقد كان يكفي لاكتساب صفة الموظف العام بالنسبة للعاملين في شركات قطاع الأعمال العام إعتبار أموال هذه الشركات في حكم الأموال العامة، تطبيقاً لنص الفقرة (هـ) من المادة التي نحن بصددها. لكن المشرع نص صراحة على هذا الحكم، فقررت المادة (52) المشار إليها أن القائمين على إدارة شركات قطاع الأعمال العام، القابضة والتابعة، والعاملين فيها يعدون في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
ويلاحظ أن التعداد الوارد في المادة التي نحن بصددها لا يختلف كثيراً عما يحققه مدلول الموظف العام في صدد جرائم الرشوة، وكل ما حدث في الواقع هو إضافة فئة جديدة من الأفراد الذين اعتبروا في حكم الموظفين العموميين في صدد جرائم العدوان على المال العام، وهم ليسوا كذلك في خصوص جرائم الرشوة. وهؤلاء هم الذين نصت عليهم الفقرة (هـ) من المادة التي نحن بصددها، أي "رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الهيئات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة"، أي المادة (119) من قانون العقوبات التي حددت المقصود بالمال العام. "أما القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية - الفقرة أ - فهم موظفون عموميون طبقاً للمدلول الإداري للموظف العام. ومن ورد ذكرهم في الفقرات (ب، ج، د، و) يستوعبهم نص المادة (111) من قانون العقوبات. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 586)